10 - 01 - 2017, 05:01 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
الموضوع، بالنسبة للقديس أثناسيوس، كان موضوع الخلاص برمّته. قول آريوس يتعدّى كونه مجرّد رأي لأن اقتباله معناه ضرب المسيحية في الصميم. فلا مجال للمساكنة أو المهادنة. الزغل في الآراء، في هذا الشأن، قضاء على الكنيسة. أثناسيوس وعى دقّة المسألة وخطورتها حتى العظم، فأتت حياته، في كل ما عانى على مدى ست وأربعين سنة، تعبيراً عن تمسّك لا يلين بكلمة حقّ الإنجيل والإيمان القويم. |
||||
10 - 01 - 2017, 05:01 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
أثناسيوس بطريرك إثر انفضاض مجمع نيقية، عاد ألكسندروس الإسكندري إلى دياره فسام أثناسيوس كاهناً وسلّمه مقاليد الإرشاد والوعظ وشرح تعاليم المجمع النيقاوي. ثم بعد ثلاث سنوات رقد ألكسندروس (328) فاختير أثناسيوس ليحلّ محلّه. لم يكن الاختيار من دون صعوبات. أثناسيوس كان له مناهضوه، لأسباب عديدة بينها أسباب شخصية كفتوّته. كان في الثلاثين يومذاك. ثم إن البعض اعتبروه متصلباً قاسياً تنقصه المرونة في التعاطي مع الآخرين. أنّى يكن الأمر فقد ورد أن قديسنا لجأ إلى أحد الديورة هرباً من الأسقفية لكنه رضخ، بعد لأي، للأمر الواقع. أولى مهام أثناسيوس كرئيس أساقفة على الإسكندرية وتوابعها، كانت استعادة الوحدة والنظام في أبرشيته الشاسعة التي عانت لا من الهرطقة الآريوسية وحسب بل من جماعة ملاتيوس المنشقّة أيضاً وكذلك من الانحطاط الخلقي وانحلال الانضباط الكنسي. وعلى مدى سنوات جال أثناسيوس في كل الأنحاء المصرية، حتى الحدود الحبشية، يسيم الأساقفة ويختلط بالمؤمنين الذين اعتبروه، إلى النهاية، أباً لهم. كما تفقّد الأديرة، حتى التي في برّية الصعيد، وأقام، لبعض الوقت، في دير القديس باخوميوس (15أيار). باخوميوس كان يقدّر أثناسيوس كثيراً، وقد سمّاه "أب الإيمان الأرثوذكسي بالمسيح". أقام أثناسيوس الأسقف في شيء من الهدوء يرعى شعبه سنتين. ثم انفجر الصراع مع الآريوسية من جديد وعلى أخطر مما كان قبل مجمع نيقية. |
||||
10 - 01 - 2017, 05:01 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
مسلسل النفي: الحلقة الأولى فيما كان القديس أثناسيوس يتابع اهتمامه بشعبه كأسقف جديد عليهم، كان الآريوسيون يحيكون خيوط المؤامرة عليه. حقدهم تفاقم وكيدهم لم يخبُ. أفسافيوس النيقوميذي كانت له معارفه في البلاط. أبرز معارفه قسطنسيا، أخت قسطنطين الملك. فسعى لديها لتسعى لدى أخيها لردّ الاعتبار لآريوس. وكان أن صوّر المصوِّرون لقسطنطين أن قرارات مجمع نيقية لم تأتِ بالثمار المرجوّة لها لا على صعيد استتباب الأمن ولا على صعيد شيوع السلام والاتفاق. لذلك من الأوفق للعرش أن يكون متسامحاً ويدعو إلى التسامح. هذا يهدِّئ النفوس ويساهم في الحفاظ على وحدة الشعب بشكل أفضل. تبنى قسطنطين هذا المنطق وأعاد لآريوس الاعتبار وسمح له بمزاولة نشاطاته من جديد. إزاء هذا الموقف الإمبراطوري المفاجئ، كان رد أثناسيوس فورياً وحاسماً: لا! هذا مرفوض! في جوابه إلى الإمبراطور قال: "من المستحيل للكنيسة أن تستعيد من يقاومون الحقيقة ويشيِّعون الهرطقة وقد سبق لمجمع عام أن قطعهم". قسطنطين استاء لأنه ظنّ أن كلمته لا ترد، بالنسبة للدولة كما بالنسبة للكنيسة. أما أثناسيوس فلم يكن همّه الطاعة لقيصر دون قيد أو شرط بل الطاعة لله أولاً وأخيراً. كان مستعداً للتعاون مع القيصر طالما كان قيصر في خط الحقيقة الإلهية. أما وقد حاد عنها فهو الملوم. ليس أثناسيوس مستعداً للرضوخ للأمر الواقع. الحقيقة الإلهية فوق كل اعتبار. |
||||
10 - 01 - 2017, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
على هذا نجح الآريوسيون في نقل الصراع من المستوى اللاهوتي إلى المستوى السياسي. لم ينجحوا في محاربة أثناسيوس باللاهوت فتحوّلوا إلى محاربته بالسلطة السياسية. أخذوا يصوّرونه كمشاغب، كمن يشكّل خطراً على أمن الدولة. فلا عجب إن قال عنه قسطنطين الملك إنه "رجل وقح ومتعجرف ومفسِد". وطبعاً عرف الآريوسيون بما أوتوه من حقد وكيد كيف يغيرون صدر قسطنطين عليه بالأكثر. قالوا عنه إنه يعرقل نقل القمح المصري إلى القسطنطينية، وقالوا إنه يفرض الضريبة على السفن المسافرة إلى هناك ليدفع لكهنته. وإمعاناً في تشويه صورة أثناسيوس أمام القيصر والعامة، وجّهوا إليه تهماً عدّة بينها الزنى والسِحر والقتل. قالوا إنه اغتصب امرأة واستبدّ بعفافها. وقالوا إنه قتل أسقفاً من المنشقّين الملاتيين يدعى أرسانيوس. والآريوسيون تظاهروا وهم يحملون ذراعاً سوداء يابسة قالوا إنها لأرسانيوس. وإذ صادف مرور ثلاثين سنة على تولي قسطنطين العرش، أراد الاحتفال بالمناسبة بتكريس كنيسة القيامة في أورشليم. ثم تمهيداً لذلك دعا الأساقفة إلى مجمع يُعقد أولاً في صور للنظر في التّهم الموجّهة إلى أثناسيوس. لم يكن أمام أثناسيوس أي خيار، فركب إلى صور هو وخمسون من أساقفته. لكن المجمع لم يكن مجمعاً بل محكمة. لذلك لم يسمح للأساقفة المصريين بالدخول. فقط أثناسيوس دخل، ودخل كمتّهم وعومل كذلك. كل أعدائه اجتمعوا عليه. وُجّهت إليه شتّى التّهم. ظنّوا أنهم قضوا عليه. الخناق كان شديداً. لم يأتوا به ليستمعوا إليه بل ليدينوه. |
||||
10 - 01 - 2017, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
لكن نعمة الله أعانته. قالوا إنه زان وأتوا بامرأة قالت إنه اعتدى عليها. لكن المرأة فشلت في الدلالة عليه، وتبيّن أنه لم يسبق لها أن شاهدته في حياتها. قالوا إنه قتل أرسانيوس، فإذا بأرسانيوس الذي وصل إلى صور في اليوم السابق لانعقاد المحكمة، يظهر ذاته فتظهر التهمة باطلة. قالوا إن اليد اليابسة التي حملوها هي يد أرسانيوس، فإذا بأرسانيوس يظهر كامل اليدين. إزاء هذه الشهادات انحلّ عقد المجتمعين على أثناسيوس دون أن ينحل حقدهم. وهكذا تمكّن قدّيسنا من التواري قبل أن يصدروا في شأنه حكمهم الأخير.
واختفى أثناسيوس. ثم فجأة ظهر في القسطنطينية. أقام في منزل في الشارع المؤدّي إلى القصر الملكي. وإذ كان قسطنطين عائداً، ذات يوم، إلى قصره، نزل أثناسيوس إلى الشارع وتقدّم منه، وقسطنطين غير منتبه، وقبض على زمام الجواد الذي امتطاه وأوقفه عن سيره. لم يكن قسطنطين معتاداً أن يوقفه أحد، فنظر مستغرباً متعجباً منزعجاً، فإذا به أمام الرجل القصير القامة الذي لم يعرفه أول الأمر يقول له: "الله يحكم بيني وبينك بعدما انضممت إلى صفوف المغترين عليّ!" وبدا قسطنطين كأنه لا يريد أن يسمع المزيد لكن، أردف أثناسيوس: |
||||
10 - 01 - 2017, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
"أطلب منك فقط إما أن تدعو إلى مجمع شرعي أو أن تدعو محاكميّ إلى مواجهتي في حضورك". وانصرف قسطنطين. بعد أيام طلب ملف القضية على أثناسيوس ومعرفة الحكم الصادر في حقّه، كما دعا عدداً من متّهميه لمواجهته لديه، فحضروا وحضر أثناسيوس. أكالوا له تهماً عدّة لاسيما فيما يختص بالقمح والسفن المسافرة إلى القسطنطينية. دافع أثناسيوس بمنطق رجل الله لا بمنطق أهل العالم. ولكن بدا قسطنطين أكثر استعداداً للإصغاء لمنطق من يتحدثون بلغة السياسة والأمن والدولة وما إلى ذلك. موقف أثناسيوس بان ضعيفاً. لم يرد قسطنطين أن يبتّ في أمره بصورة نهائية، فأبقى عليه أسقفاً للإسكندرية لكنه حكم بنفيه إلى "تريف" عاصمة بلاد الغال (فرنسا) حيث بقي إلى أن رقد قسطنطين في أيار 337م. يذكر أن آريوس، أثناء غياب أثناسيوس عن الديار المصرية، حاول العودة إلى الإسكندرية فصدّه الشعب الحسن العبادة فتحوّل إلى القسطنطينية. هناك رغب أفسافيوس النيقوميذي ومن لفّ لفّه في حشد الجموع احتفالاً بإعادة الاعتبار لآريوس. وإذ خرج آريوس وأصحابه إلى الشارع قاصدين الكنيسة بزهو وأبّهة وحماس، حدث فجأة ما لم يكن في الحسبان. شعر آريوس بألم في أحشائه، فانتحى جانباً لقضاء حاجة نفسه فوقع مغشياً عليه ومات.
|
||||
10 - 01 - 2017, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
الحلقة الثانية في غضون سنة من وفاة قسطنطين عاد أثناسيوس إلى كرسيّه. القديس غريغوريرس اللاهوتي كان حاضراً ووصف ما جرى. كل الإسكندرية استقبلته. مشى على السجّاد. اشتعلت أمام البيوت قناديل الزيت. صدحت المدينة بالعيد والتمجيد. "لا شيء يفصلنا عن المسيح". هكذا علّق أثناسيوس. الصلاة والعبادة اجتاحت مدن مصر في حركة عفوية جامعة شاملة. وفي طفرة الحماس مئات وآلاف الإسكندرانيين خرجوا ليترهّبوا. الجيّاع أطعموا. اليتامى احتُضنوا. واستحال كل بيت كنيسة. ومع ذلك، وفي أقل من ثلاث سنوات (340م)، عاد أثناسيوس إلى المنفى من جديد. فإثر وفاة قسطنطين الملك توزّعت الإمبراطورية على أولاده الثلاثة، فملك قسطنطين الثاني على بريطانيا وغاليا وأسبانيا، وقسطنس على اليونان وإيطاليا وإفريقيا وقسطنديوس على آسيا وسوريا ومصر. الأولان مالا إلى الأرثوذكسية والأخير إلى الآريوسية. وقع تحت تأثير أفسافيوس النيقوميذي الذي جرى نقله إلى القسطنطينية وصار أسقفاً عليها. قسطنديوس كان شاباً في العشرين ملأته شهوة السلطة. قال عنه مرسلّينوس المؤرّخ أنه كان يربك الكنيسة بخرافاته وأوهامه. وقال عنه أثناسيوس: "إنه قُلَّب لا رأي له من ذاته. يأخذ بنصيحة الخصي إذا حدث إن كان قريباً منه. لذلك لا أظنه سيّئاً. فقط عاجز وسخيف". |
||||
10 - 01 - 2017, 05:02 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
وصدر لأثناسيوس من القسطنطينية أمر بمغادرة الإسكندرية، كما جرى تعيين أسقف آريوسي جديد محلّه هو غريغوريوس الكبّادوكي. دخل غريغوريوس بمواكبة عسكرية. وصل في آذار 340م. وبوصوله شاع جو إرهابي. فدُنِّست الكنائس ولُوِّثت المذابح وأُوقف رهبان وعذارى وأودعوا السجون وعُذِّبوا. الإسكندرية الكنيسة خضعت للاحتلال العسكري. أما أثناسيوس فتوارى. استقل سفينة برفقة أمونيوس وإيسيدوروس الراهبين وارتحل. إلى أين؟ إلى رومية حيث استقبله يوليوس الأول أسقفها استقبالاً طيّباً. هذا فيما أُوعز لحكّام الإسكندرية أن يقطعوا رأس أثناسيوس إذا تجرّأ فعاد إلى الديار المصرية. بقي قدّيسنا في المنفى ست سنوات. تلك كانت سنوات مخصبة. أخذ ينتقّل في الغوب بحرّية. كان محترماً ومقدَّراً من الجميع. وعظ، خاطب الأساقفة، علّم عن نيقية، وقيل كتب، آنذاك، سيرة القديس أنطونيوس الكبير التي كان لها أثر بارز على الغرب وعلى شيوع الرهبنة فيه. وتأكيداً لدعم يوليوس الأسقف لأثناسيوس، دعا إلى مجمع في رومية في تشرين الثاني 342 زكّى الإيمان النيقاوي وأعلن أنه لا يعترف بغير أثناسيوس أسقفاً على الإسكندرية. ولم يطل رد فعل الآريوسيين حتى ورد، فعقدوا مجمعاً مضاداً في أنطاكية وضع دستور إيمان جديد واتخذ تدابير قانونية خاصة للحؤول دون إمكان عودة أثناسيوس إلى كرسيّه. على هذا بدا العالم المسيحي مقسّماً إلى غرب أرثوذكسي وشرق يرزح تحت نير الآريوسية. أخيراً، سنة 345، اندلعت الثورة في الإسكندرية وقُتل غريغوريوس المغتصب. وإذ تنبّه قسطنديوس إلى خطر اندلاع حرب أهلية هناك تراجع وسمح لأثناسيوس بالعودة، فعاد خلال العام 346م وقيل 348م. |
||||
10 - 01 - 2017, 05:03 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
الحلقة الثالثة ولم ينم الآريوسيون على الضيم ولا نام قسطنديوس الملك. خيوط المؤامرة كانت ما تزال بعد قيد الحياكة. همّ الفريق الآريوسي ما فتئ تصوير أثناسيوس كعنصر شغب وأن استمراره في سدّة المسؤولية الكنسية خطر على أمن الدولة. فبقي قسطنديوس مشدوداً. سنة 353م أُطيح بقسطنس، الإمبراطور في الغرب، وكان قد أًطيح بقسطنطين الثاني قبله، فخلت الساحة لقسطنديوس بالتمام والكمال. أضحى إمبراطور الشرق والغرب معاً. هاجسه كان أن يحفظ الوحدة السياسية للإمبراطورية بأي ثمن. هذه الوحدة، بنظره كانت آريوسية الطابع، وأثناسيوس أحد الذين يتهدّدونها. فجأة وجّهت التهمة إلى أثناسيوس بالتآمر على سلامة الدولة من جديد. فلقد زعموا أن أثناسيوس كاتب أحد الساعين إلى اغتصاب إمبراطورية الغرب، وأن رسالة، في هذا الشأن، وقعت في أيدي عملاء قسطنديوس. عليه وصل، صيف العام 355م، إلى الإسكندرية مبعوث ملكي وطلب من أثناسيوس تسليم سلطاته فرفض. استمرّت محاولات إقناعه ستة أشهر من دون نتيجة. قالوا لأثناسيوس: اخرج لتسلم مصر، فأجاب: لن يكون لها سلام إذا غادرتها! أخيراً وصلت الأزمة إلى حد المواجهة العسكرية. دخل الجنرال سيريانوس الإسكندرية على رأس خمسة آلاف عسكري. جاء ليخرج أثناسيوس بالقوة. وفي 9شباط 356م كان أثناسيوس ورعيته يقيمون السهرانة في كنيسة القديس ثيوناس استعداداً لسر الشكر في اليوم التالي. فجأة أحاط العسكر بالكنيسة واقتحموها. كان أثناسيوس في كرسيِّه والترانيم تملأ المكان. انبعثت الأصوات. تعالى الصراخ. التمعت السيوف. |
||||
10 - 01 - 2017, 05:03 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس أثناسيوس الكبير معلّم المسكونة (+373م)
وسقط قتلى وجرحى وديسوا. وقف سيريانوس أمام الهيكل فيما انتشر عسكره بين الناس يميناً ويساراً. همّهم الأوّل كان التعرّف إلى أثناسيوس والقبض عليه. لكن الجند استباحوا سرقة الأواني الذهبية وتعرّضوا للعذارى. أما أثناسيوس فإذ كان صغير القامة فقد غطّاه عدد من الرهبان والإكليروس وحملوه ثم خرجوا به من الباب دون أن يلاحظهم العسكر وسط المعمعة واختفوا تحت جنح الظلام. خرج أثناسيوس إلى الصحراء. الرهبان حفظوه، وعامة المؤمنين أيضاً. لكنه أخذ يظهر من وقت إلى آخر في الإسكندرية طلباً لرعاية شعبه بصورة خفيّة. في تلك الفترة بدا كأن الكنيسة، شرقاً وغرباً، وقعت تحت نير الآريوسية بالكامل لاسيما وأن قسطنديوس كان قد سعى إلى عقد مجمع لصالحها في ميلان ونفى، على أثره، 147 أسقفاً أرثوذكسياً رفضوا الرضوخ له. القديس إيرونيموس كتب عن تلك المرحلة قائلاً: "العالم كلّه كان يئن ويعجب لأنه ألفى نفسه آريوسياً!".
|
||||
|