29 - 09 - 2016, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
الكرم حتى الإهانة:
وآخر جاء شحّاذاً فأمر له يوحنا بعشر نحاسيات فاغتاظ الشحّاذ وأهان البطريرك في وجهه لأنه لم يعطه كما أراد. وإذ تحرّك الحاضرون وأزمعوا أن يلقوا بهذا الوقح بعيداً وبخّهم القديس وقال لهم: "بل دعوه، يا إخوتي. ها أنا قد بلغت الستين من عمري وما أزال أهين المسيح. أكثير عليّ أن أهان مرة من هذا الصديق؟" ثم أن القديس الذي اعتاد أن يدعو نفسه "يوحنا الوضيع" فتح للشحاذ كيس المال وقال له: "خذ ما تشاء يا صاح". |
||||
29 - 09 - 2016, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
حتى نكران الجميل:
وآخر أيضاً جاءه مستعيناً. ولما كان القول الإلهي: "من أراد أن يقترض منك فلا تردّه" (مت42:5) فقد سأله الرجل عشرين ليرة ذهبية فكان له ما أراد. ثم أن الرجل أنكر، بعد حين، أن يكون قد أخذ من الكنيسة شيئاً. ولما رغب إداريو البطريركية وحفظة المال أن يلاحقوه ويسجنوه ويصادروا ممتلكاته، تصدّى لهم رجل الله قائلاً: "كونوا رحماء كما إن أباكم أيضاً رحيم... فإنه يشرق شمسه على الأشرار والصالحين ويمطر على الأبرار والظالمين" (لو36:6 ومت45:5). ولم يسمح القديس لعمّاله بأن يزعجوا الرجل. وإذ أصرّوا لأن هذا المشعوذ يأكل مال الفقر، أجابهم: "ألم يقل السيّد من أخذ الذي لك فلا تطالبه؟" (لو30:6). فلا تتعدوا الوصية! ثم أليس خليقاً بنا يا أولادي أن نكون للناس مثالاً في الصبر، وأيضاً قال الرسول المصطفى: "لماذا لا تظلمون بالحري، لماذا لا تسلبون بالحري؟!" (1كور7:6). إذا كان حسناً أن نعطي من يسألنا فأحسن منه وأكرم أن تعطي الذين لا يسألون. أما الذين يريدون أن يأخذوا ثوبنا فلنعطهم الرداء أيضاً (مت40:5) فإننا بذلك نقتدي بالملائكة، لا بل بالله عينه. أما ما نعطيه للفقراء من الخير الذي عندنا لا من مال السوء الذي نحصّله بالنزاع والمشاحنة. |
||||
29 - 09 - 2016, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
فقير مع الفقراء:
وبقدر ما كان القديس يوحنا رحيماً كان فقيراً لا يطيق أن ينعم هو بما ينقص أسياده، أخوة المسيح الفقراء. من ذلك مثلاً أن أحد الأثرياء لاحظ مرة رتاتة ملحفة القديس فاشترى له واحدة بالغة الجودة، غالية الثمن، فقبلها يوحنا محبة بالمعطي. لكنه أبى أن يلتحف بها أكثر من ليلة واحدة. والحق أن عينيه لن تعرفا طعم النوم تلك الليلة لأن أفكاراً موجعة كانت تقضّه: كيف أنعم أنا بالدفء وإخوتي في الخارج يرتجفون؟! كيف أنعم أنا بما غلا وفقراء المسيح مطروحون؟! هذا اللحاف كان يمكن أن يتغطى بثمنه مئة وأربعة وأربعون برداناً. ويحي أنا الشقي! إذا كنت لأحيا في هذا البذخ فلن أذوق ما أعده الله للذين يحبونه وسيقال لي كمثل الغني: "لقد استوفيت خيراتك في حياتك والفقراء بلاياهم، والآن فهم يتعزّون وأنت تتعذّب". وما أن أطل الصباح حتى بعث قديسنا باللحاف إلى السوق ليباع. ولكن، لاحظه الثري معروضاً للبيع فاشتراه من جديد وقدّمه إلى البطريرك فعاد البطريرك وباعه ثانية. وأيضاً اشتراه الثري للمرة الثالثة فعاد يوحنا وباعه وقال للمعطي: "سنرى من يتعب أولاً أنا أم أنت". قال ذلك ليتحداه لأنه حسن في عيني يوحنا أن يأخذ مالاً من الغني، بهذه الطريقة، ليعطيه للفقراء. وقد اعتاد أن يقول أنه إذا عمد الواحد منا إلى الأخذ من الأغنياء دونما بغض لهم ليعطي الفقراء، فحتى ولو انتزع منهم الأقمصة فإنه لا يرتكب إثماً، لاسيما إذا كانوا بخلاء بلا قلب. فإن فعل ذلك أحسن الصنيع مرتين لأنه يخلص نفوس الأغنياء ويقتني لنفسه جزاء حسناً. ولكي يدعم قوله اعتاد أن يذكّر بما فعله القدّيس ابيفانيوس لينتزع فضة البطريرك يوحنا الأورشليمي بالحيلة ويعطيها للفقراء. |
||||
29 - 09 - 2016, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
القديس والمديح:
وغالباً ما كان القديس يوحنا يتعرض للمديح. فكان يحرص على مقاطعة المتحدث بالقول: "ولكنني لم أهرق دمي عنك، بعد، يا أخي كما أوصى المسيح إلهنا، ربي وربنا جميعاً". وفي مناسبة أخرى، عندما حلّ الخراب بأورشليم بعد غزوة الفرس لها بادر إلى إرسال الأموال والمؤن والعمال والعدد إلى بطريركها مودستوس ليعيد بناء الكنائس فيها، لاسيما كنيسة القيامة قائلاً له: "ألا ثق يا أخي أنه لو أمكن لكنت آتي إليك وأعمل بنفسي في إعادة بناء كنيسة القيامة المقدسة لربنا وإلهنا يسوع المسيح. وأيضاً التمس منك ألا تخط اسمي على الألواح، أياً تكن، بل أن تسأل المسيح أن يكتب اسمي هناك حيث للكتابة بركة حقّانية". |
||||
29 - 09 - 2016, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
انتظر الرب:
وكان طبيعياً أن تنقص الموارد وترتفع أصوات الاستغاثة وتشتد الأزمات والتجارب من وقت لآخر. جواب القديس حيال ذلك كان أبداً: "جيّد أن ينتظر الإنسان ويتوقّع بسكوت خلاص الرب" (مرا26:3). ولعل التجربة إذ ذاك هي أن يدخل المرء في مساومات وألاعيب ويهبط، بحجّة الاهتمام بالفقير، إلى دركات لا تجيزها الشريعة. وما كان القديس ليتزحزح عن الثقة بالله. فلا مساومة عنده ولا تبرير لما يخالف الشريعة. في هذا الإطار ثمّ قصة تفيد أن المجاعة حلّت يوماً ببلاد مصر بعدما هبط مستوى نهر النيل وتدفّق على الإسكندرية سيل من المهجّرين إثر هجمات الفرس على البلاد السورية وفينيقيا وفلسطين. فما كان من القديس يوحنا سوى أن اقترض مالاً من بعض الصالحين هنا وهناك آملاً في أن تنحل الأزمة في غضون أسابيع أو أشهر قليلة. ولكن، تفاقمت المجاعة ولم تبلغ البلاد سفن إمدادات كان متوقعاً وصولها. فأقام يوحنا صائماً مصلياً يتوقع بصمت خلاص إلهه. وإذ بواحد من الأثرياء يبعث إليه برسالة يقول فيها: "...بعدما انتهى إليّ أنك تعاني من النقص في المؤن بسماح من الله أو ربما بسبب خطايانا، فإني أنا خادمك، قوزما، لا يسعني، بعد، أن أكون في الراحة وسيّدي في العوز الدائم. لذلك أعلمك، أنا عبدك غير المستحق، أن عندي مئتي ألف كيس من الذرة ومئة وثمانين وزنة من الذهب. هذه التمس تقديمها إلى الرب يسوع المسيح من خلالك. فقط هبني، أنا غير المستحق، أن أنعم بخدمة الشموسية لديك لأطهر من خطاياي. والرسول بولس قال: "...بالضرورة يصير تغيّر للناموس أيضاً" (عبر12:7). قال الثري ذلك لأنه تزوّج مرتين وما كان يجوز له أن يصير شماساً. |
||||
29 - 09 - 2016, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
وأرسل يوحنا في طلب الرجل وأخرج الحاضرين خارجاً لأنه لم يرد أن يذلّه. ثم قال له: "لاشك أن تقدمتك غاية في السخاء ونحن محتاجون إليها في الوقت الحاضر، ولكنها تقدمة معيوبة، وأنت تعلم أن الحمل في الشريعة، بغض النظر عن حجمه، كبيراً أو صغيراً، ما كان ليقبل قرباناً إلا خالياً من العيب. لذا لم ينظر الله إلى قايين عندما قرّب ذبيحته. أما بعد، فما قلته يا أخي بشأن ما ذكره الرسول أنه بالضرورة يصير تغيّر للناموس أيضاً فإنما كان بشأن شريعة العهد العتيق وإلا لما قال يعقوب، أخو الرب: "من حفظ كل الناموس وإنما عثر في واحدة فقد صار مجرماً في الكل". (يع10:2). أما ما يختص بأخوتي الفقراء، وبالكنيسة المقدّسة، فإن الله الذي أعالهم قبل أن نولد، أنا وأنت، سيعولهم اليوم أيضاّ، ولكن، فقط، إن حفظنا وصاياه غير منثلمة. فإن من كثّر الأرغفة الخمسة قديماً قادر أن يكثّر الأكياس العشرة الباقية في أهرائنا. لذلك أقول لك، يا بني، ما هو مكتوب في سفر أعمال الرسل: "ليس لك نصيب ولا قرعة في هذا الأمر". (أع21:8).
وما كاد يخرج من عند يوحنا حتى جاءه خبر أن سفينتين محمّلتين بالذرة قادمتين من صقلية قد رستا لتوّهما في الميناء. إذ ذاك وقع يوحنا على ركبتيه وشكر العليّ وقال: "أشكرك، يا معلم، أنك لم تسمح أن يبيع خادمك نعمتك بفضّة. والحق، الحق أن من يلتمسونك ويحفظون أحكام كنيستك المقدّسة لا ينقصهم أي خير". |
||||
29 - 09 - 2016, 06:42 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
مستشفيات:
وكان مجال اهتمام القدّيس يوحنا بالفقراء واسعاً حتى أنه استحدث خانات لإيواء الذين لا مأوى لهم، لاسيما خلال أشهر الشتاء، والغرباء والمهجّرين. كما فتح المستشفيات واهتمّ بالحالات الصحية التي يمكن اعتبارها من وجوه الاختصاص. مثلاً حلّت بالمدينة مرة المجاعة وعمل خدّام البطريركية على توفير بعض المال والمؤن للمحتاجين. وإن بعض النسوة الحديثات الوضع اضطررن اتقاء للجوع أن يغادرن أسرتهن وهنّ بعد ضعيفات تقضهن آلام الحشى. فلما بلغ القدّيس خبرهن بادر للحال إلى فتح سبعة مستشفيات في أنحاء مختلفة من المدينة وزوّد كلاً منها بأربعين سريراً لاستقبال حالات النسوة الحديثات الوضع والعناية بهن سبعة أيام كاملة ثم إرسالهن إلى بيوتهن مزودات ببعض المال والحاجيات. |
||||
29 - 09 - 2016, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
ضبط المقاييس والأوزان:
إلى ذلك سعى القدّيس يوحنا إلى ضبط المقاييس والأوزان في المدينة حيث بدا أنه كان للبطريرك بعض السلطان في أمور نعتبر اليوم أنها من اختصاص الإدارات العامة. وقد ورد في القرار البطريركي في هذا الشأن: "...أما وقد أصدرنا هذا القرار فإن من تثبت مخالفته له يكون ملزماً بتوزيع ممتلكاته على المحتاجين، شاء أم أبى، ولن يتلقى مقابل ذلك أي تعويض". |
||||
29 - 09 - 2016, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
مع السلطة المدنية:
وكانت للقدّيس يوحنا مواقف في التعاطي مع السلطة المدنية ينبغي تسجيلها. لا نعرف ما عمق دور البطريرك في السياسة العامة، ولكن ورد في ترجمته بالإضافة إلى ما ذكرناه بشأن ضبط المقاييس والموازين أنه أمر مرة بضرب امرأة وجلد راهب وإيداعه السجن الانفرادي. كما نعرف أن قديسنا دخل في نزاع مرة مع نيقيتا الحاكم في شأن من الشؤون العامة. فلقد شاء نيقيتا أن يضبط حركة السوق العامة بحيث يضمن دخلاً لصندوق الولاية بغض النظر عما يمكن أن يسبب ذلك من إرهاق للفقراء، فأبى عليه يوحنا ذلك. ومرة ثانية جاء الحاكم إلى القدّيس قائلاً: "الإمبراطورية في ضيق وتحتاج إلى مال. وأنت، يبدو أنك تنفق ما يأتيك وهو كثير، بلا حساب، فهات ما عندك لتغذية صندوق الولاية". فأجابه يوحنا: "ليس جائزاً، بحسب فهمي، يا سيدي، أن نعطي للملك الأرضي ما هو للملك السماوي. ولكن حتى ولو كان في نيتك أن تأخذ ما ليس لك فليكن في علمك أن "يوحنا الوضيع" ليس مستعداً أن يعطيك قرشاً واحداً من مال الله. ومع ذلك أقول لك، دونك صندوق المال تحت السرير، فافعل ما تراه مناسباً". إلى ذلك اهتم يوحنا بلفت الحاكم إلى أمورٍ كعدم قبول الوشايات بحق الناس على علاتها والتأني في الحكم عليهم، عدلاً وإنصافاً، وأيضاً أن من ينقل خبراً كاذباً عن آخر يجب أن يعاقب بما كان يمكن أن يعاقب به من وجهت التهمة إليه وثبتت براءته. |
||||
29 - 09 - 2016, 06:43 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القدّيس يوحنا الرحوم بطريرك الإسكندرية
إصلاح الناس:
وكانت للقدّيس يوحنا، فوق ذلك، مزايا ملفتة، لم يقسم مرة في حياته. وإذا ما شاء أن يصلح عيباً في إنسان نسبه إلى نفسه. فإذا ما شاء أن يصلح مستكبراً منتفخاً قال: "أنا متعجّب، يا سادتي، أن نفسي الشقية لا تذكر فضيلة الاتضاع التي أظهرها ابن الله على الأرض، بل تراني انتفخ وأتعالى على أخي، ربما لأن مظهري أفضل من مظهره أو لأني أغنى منه أو بسبب منصبي، أو لأني أمتاز عنه بأمر من الأمور، وأنسى الصوت الإلهي القائل: "تعلّموا مني فإني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت29:11)، ولا أتأمل في أقوال القدّيسين. فهذا يقول عن نفسه أنه "تراب ورماد" (يشوع بن سيراخ 32:17) وآخر أنه دودة لا إنسان" (مز6:21)، وآخر أنه "ثقيل الفم واللسان" (خر10:4). حتى أشعياء النبي قال عن نفسه أنه "نجس الشفتين" (أش5:6) مع أنه عدّ مستأهلاً أن يعاين الله. وأنا من أنا؟ مجرد رجل وضيع. ألم أُصنع من طين كما القرميد؟ ثم كل هذا المجد الذي أظنه يخصني أليس "كزهر العشب" (1بط24:1) ييبس؟!". |
||||
|