07 - 03 - 2016, 07:27 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
ثانيًا : وهنا تأتي التجارب
ويتقدم المجرب لأن التجارب في حياة أولاد الله حتمية ولا مفر لأن العدو متربص ويوم أن ننحاز إلى المسيح فقد أعلنا الحرب عليه. إن بداية معموديتنا أننا جحدنا الشيطان وكل قواته الشريرة وكل نجاساته وكل حيله الردية والمضلة. فبعد أن خرج الشعب مع موسى من أرض العبودية واعتمدوا جميعهم في البحر الأحمر صارت الحرب مع عماليق. فالحرب بعد أن استعلن المسيح ابن الله بصوت الآب وحلول الروح صارت الحرب والتجارب وانتصب المجرب للصراع. • إذن التجربة نتيجة طبيعية لالتصاقنا بالمسيح واتحادنا معه ودخولنا إلى شركة معه وفيه بالروح القدس. • لم تخل حياة أحد من القديسين على مر العصور من التجارب، فتش في حياة القديسين جميعًا، هل خلت حياة أحدهم من التجارب؟ "جميع الذين يريدون أن يعيشوا بالتقوى في المسيح يضطهدون". فالرسل الأطهار كم قاسوا من التجارب والتشريد والحبس والسجون الاضطهادات والضيقات والأحزان... شيء مهول ولكن في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي أحبنا. وهكذا الشهداء والأبرار الصديقين والنساء سكان البراري ورجال الإيمان والآباء، كم قاسوا وحملوا الصليب وتجربوا وطافوا معتازين مذلين مكروهين من العالم مجربين. ولكن الذي يحلو لنا أن نتفكر فيه أن النصرة في المسيح وبالمسيح شيء أكيد لا يقرب منه الشك. فالمسيح سحق الشيطان وأذل فخره، ورجع الشيطان مكسورًا مهانًا مذلولاً خائبًا. فالتمسك بالمسيح والحياة فيه، يزكي فينا الشعور بالنصرة ووعد المسيح قائم أنه أعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوة العدو الشرير. وهكذا ندرك أنه مهما طالت التجارب وتنوعت ومهما بدا أن الشيطان متقوٍ علينا ولكن الغلبة النهائية هي لحساب المسيح. وما بناه الشيطان في سنين وسنين يهدمه المسيح بكلمة، لأن ابن الله قد جاء لكي ينقض أعمال إبليس. وهكذا يدخل أبناء الله التجارب وهم حاملون للنصرة في داخلهم كتلميذ يدخل الامتحان ونتيجة الامتحان والفوز في جيبه. "ثقوا أنا قد غلبت العالم"، "وخرج غالبًا ولكي يغلب". وهذا الشعور في القديسين هو الذي قادهم إلى الاتضاع الحقيقي، لأنهم أدركوا أن النصرة ليست بقوتهم ولا بذراع البشر، ولا اعتمدوا على عملهم ولا على قدرتهم بل على الله وحده. فكان إذا انتصروا على الشيطان وأذلوا فخره، كانوا يزدادون اتضاعًا وإنكارًا لذواتهم ويزدادون ثقة في الذي يقويهم "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني"، "أنا ما أنا ولكن نعمة الله التي معي". |
||||
07 - 03 - 2016, 07:28 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
ثالثًا: كان مع الوحش
في الواقع أن المسيح استعاد لنا صورتنا الأولى ومجدنا الأول وأعادنا إلى الفردوس حيث كانت الوحوش أليفة صديقة للإنسان من غير أذى... فلما سقطنا من رتبتنا صارت العداوة و استعلن الطبع الوحشي في حيوانات البرية. فإن كان بالفعل قد استؤنست الوحوش وخضعت للقديسين في المسيح، مثل ما نرى في أيقونة مارمرقس وكيف أن الأسد تحت رجليه، والقديس بولس الرسول نفض وحش الثعبان في النار ولم يتأذ بشيء، والقديس برسوم العريان عاش مع ثعبان كبير والبابا زخارياس لما أُلقي للسباع لم تؤذه مثل دانيال في جب الأسود. هذا هو زمن المسيح يرعى الأسد مع الخروف... وهذا هو قول المسيح "أرسلكم كحملان في وسط ذئاب". في المسيح يسوع، وفي صوم المسيح عنا، تذلل الطبع الوحشي. على أن ليس المسيحي هو الذي يخضع وحوش الأرض مثل مروّضي الوحوش بل هناك في إنساننا العتيق ما يماثل الوحوش في طباعها مثل الغضب والاحتداد والعنف والانتقام والشراسة والمكر والخبث ومحبة الزنى والأنانية... كلها طباع حيوانية وحشية. ويمكننا بالمسيح وبشركة صومه أن نصير مع الوحوش بغير أذى. لقد تذلل الطبع الوحشي، فلم تعد هذه الطبائع الوحشية تسود علينا، بل على العكس صرنا بالروح نُميت أعمال الجسد ونخضع أجسادنا ونستعبدها كقول الرسول. |
||||
07 - 03 - 2016, 07:28 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
رابعًا: صارت الملائكة تخدمه
صوم المسيح أدخلنا إلى هذه الشركة الروحية مع الملائكة... صارت الملائكة بالنسبة لنا أرواحًا خادمة للعتيدين أن يرثوا الخلاص. صحبة الملائكة في الصوم هي الحياة السماوية بكل ما تعني. كأن الإنسان الصائم مع المسيح برغم التجارب الكائنة يشعر أنه يحيا حياة ملائكية سماوية. ويحيا معانا من القوات السماوية، مثلما أعلن الملاك إيليا النبي حينما صام أربعين نهارًا فقد أيقظه من نومه وأطعمه، فسار بقوة هذه الأكلة أربعين يومًا. إنها أسرار مخفية عن الحكماء ولكنها تعلن للبسطاء و أنقياء القلب. إنجيل عشية الأحد الثالث من الصوم الكبير(مت 15: 10– 20) 10 ثم دعا الجمع وقال لهم: "اسمعوا وافهموا. 11 ليس ما يدخل الفم ينخس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الإنسان"،. 12 حينئذ تقدم تلاميذه وقالوا له: "أتعلم أن الفريسيين لما سمعوا القول نفروا؟" 13 فأجاب وقال: "كل غرس لم يغرسه أبي السماوي يُقلع. 14 اتركوهم. هم عميان قادة عميان. وإن كان أعمى يقود أعمى يسقطان كلاهما في حفرة". 15 فأجاب بطرس وقال له: "فسر لنا هذا المثل". 16 فقال يسوع: "هل أنتم أيضًا حتى الآن غير فاهمين؟ 17 ألا تفهمون بعد أن كل ما يدخل الفم يمضي إلى الجوف ويندفع إلى المخرج؟ 18 وأما ما يخرج من الفم فمن القلب يصدر، وذاك ينجس الإنسان، 19 لأن من القلب تخرج أفكار شريرة: قتل، زنى، فسق، سرقة، شهادة زور، تجديف. 20 هذه هي التي تنجس الإنسان. وأما الأكل بأيد غير مغسولة فلا ينجس الإنسان". |
||||
07 - 03 - 2016, 07:28 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
عشية أحد الابن الضال
اختار الآباء معلمو الكنيسة هذا الفصل من الإنجيل ليُقرأ في عشية الأحد الثالث تمهيدًا لإنجيل القداس... فقد بكت الرب الكتبة و الفريسيين الذين داسوا الوصية "أكرم أباك وأمك" وأبطلوها بفتوى أنه ممكن للإنسان أن يتبرع بقيمة ما يعطيه لأبيه يتبرع به للهيكل ويتحلل من أن يعول أبيه وأمه أو يكرمهما . وهكذا أعاد الرب– واضع الوصية– أعاد هيبتها و مفعولها الذي يجب أن يكون لها ككلمة الله. والواقع أن رباط البذرة والأبوة هو غاية قصد المسيح، فإما طاعة وخضوع للأب أو خروج عن الطاعة. على أن فهم هذه العلاقة فهمًا صحيحًا والدخول إلى سرها تتوقف عليه الحياة كلها. فكل منا ابن لأبيه وقد مارسنا حياة البنوة و عشناها والذين صاروا آباء لأبناء أدركوا ما هي الأبوة. فمن جهة البنوة فكل إنسان مارسها نحو أبيه فيعرف ما عليه كابن وكيف يرضي الرب. والعجيب جدًا أن هذا الرباط لا يمكن وصفه بالكلام ولا باللسان. هل يستطيع أحد أن يعبر عما في قلبه نحو أبيه أو يصف ما يربطه مع أبيه من مشاعر؟ يستحيل لأن الشعور الحقيقي للابن أن أباه هو مصدر حياته، لقد أخذ حياته ووجوده في العالم من أبيه، فهو الأصل. كلمة أب كلمة سريانية معناها أصل. فالابن مرتبط بأبيه برباط حياة... حياة من حياة. فهي ليست علاقة رئيس بمرؤوس، أو سيد وعبد، أو مدير وموظف، إنها صلة أب بابن. لذلك ما يعمله الابن الحكيم الخاضع لأبيه لا يعمله حبًا في أجر، حاشا، فالابن يعمل مسرة أبيه ولا يطمع في أجر أو ثواب لأن كل ما للآب له... إنه ابنه. ولا يعمل إرادة أبيه خوفًا من عقاب... فهذا شأن العبيد بل كل مسرة الابن تكمن في تكميل مشيئة أبيه وحفظ كلامه... لا توجد راحة للابن الفطن إذا كسر كلمة أبيه أو خالف وصيته... نفسه تصير في حزن لا ترتاح حتى يكمل مشيئة أبيه. "أكرم أباك وأمك هي أول وصية بوعد". هكذا يطلب منا الرب نحو آباء أجسادنا... فكم بالحري أبوكم الذي في السموات. لقد قالها الرب في القديم "إن كنت أبًا فأين مهابتي" |
||||
07 - 03 - 2016, 07:28 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
وصايا الآب ليست ثقيلة
الآباء الخطاة يعرفون أن يعطوا أولادهم عطايا جيدة... فكم بالحري الآب السماوي. لا يوجد أب في الوجود يوصي أولاده وصايا تضر بمصلحتهم... أو تؤذيهم أو تكون ثقيلة عليهم. وإن كل وصايا الإنجيل... هي كلمات الأب لأبنائه... تحوي كل الحب وكل النصح للحياة... كلها في مصلحتنا وكلها لراحتنا وحفظنا. لا توجد وصية ثقيلة... وصاياه ليست ثقيلة... نير المسيح هيّن. هلم نأخذ الإنجيل بفهم... إنه كلام الأب لابنه... من يرفض كلمة أبيه ووصاياه ويترك بيته لا يجني سوى التعب والهم والضياع... وحتى خرنوب الخنازير لا يجده. أكرم أباك بحفظ وصاياه. أكرم الرب من كل قلبك لأنه يعرف مكنونات قلبك. • لا حياة ولا راحة ولا سلام لك بعيدًا عن حضن أبيك ولا شبع لنفسك بعيدًا عن مائدة غنى المسيح. • الرجوع والتوبة معناها أن الإنسان عاد إلى طاعة أبيه بعد زمن جهالة وعصيان... وعرف أن وصايا أبيه ليس كما ظن أنها قيود وعبودية. • إن عقوبة عدم إكرام الرب كانت الموت بدون رحمة. "من شتم أبًا أو أمًا يموت"... كانت ترجمة كل الجماعة إن كان ابنًا معتنفًا لا يكرم أباه. فماذا نقول عن من يهين الآب السماوي ولا يكرمه في حياته، بل يكسر وصاياه ويستهين بحبه ولا يعمل له حسابًا في حياته؟ ترى ماذا يكون لمن يحتقر حب الآب السماوي ويخرج عن طاعته ويطلب أن يحيا لذاته في كورة بعيدة... وتحلو له حياة الخطايا. • وماذا نقول عن الذين يكرمونه بشفتيهم كقول إشعياء وقلبهم مبتعد عنه بعيدًا. • وماذا عن الذين يحفظون كلام الناس ويعملون حساب للناس ولكنهم داسوا وصاياه... ولكن على كل حال قلب الآب نحونا وحنانه الإلهي يغلب تجبرنا ويجذبنا من كل الكورة البعيدة. هو ينظر وينتظر رجوعنا، ففرحه برجوعنا لا يوصف... عيناه تترقبان خطانا ونحن نقترب إليه... وينتظر اللحظة التي فيها سيركض لاستقبالنا ويضمنا مرة أخرى إلى صدره ليشفي ارتدادنا... ويخلع عنا ثوب نجاساتنا ليلبسنا الحلة الأولى... فهل نرجع إليه؟ |
||||
07 - 03 - 2016, 07:30 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
"ليس ما يدخل الفم ينجس الإنسان"
كثيرًا ما يقول البعض كلمة المسيح هذه عن الصوم ولكن لم يكن حديث الرب عن الصوم بل عن الأكل بأيدي غير مغسولة. وكان الفريسيون يعترضون أن تلاميذ الرب يأكلون دون أن يغسلوا أيديهم وهم بذلك يكسرون تقليد الشيوخ. فغار الكتبة و الفريسيون على كسر تقليد الشيوخ بينما أصابتهم البلادة حينما كسرت وصايا الله. وهذا ما نفعله كثيرًا حينما نغار على أشياء كثيرة أصبحت ذات اهتمام كبير في حياتنا... بينما لا نحرك ساكنًا حينما نكسر وصايا المسيح أو نتهاون... لا نغار على الفضيلة بقدر غيرتنا على بعض عاداتنا أو تقاليدنا أو العرف السائد بين الناس. لتكن وصية المسيح هي الشغل الشاغل، وهي تأتي دائمًا قبل كل شيء وأول الاهتمامات. ولكن حين تحيز الكتبة و الفريسيون وتعصبوا للتقاليد التافهة أكثر مما انحازوا لوصايا الله أصابهم عمى القلب وفقدوا التميز... لذلك قال الرب عنهم "هم عميان قادة عميان". لقد أغمضوا عيونهم عن الحق وقادوا الناس بعيدًا جدًا حتى أسقطوهم في حفرة الهلاك. |
||||
07 - 03 - 2016, 07:30 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
إنجيل عشية الأحد الرابع من الصوم الكبير(لو 12 : 22 – 31)
22 وقال لتلاميذه: "من أجل هذا أقول لكم: لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون، ولا للجسد بما تلبسون. 23 الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس. 24 تأملوا الغربان: أنها لا نزرع ولا تحصد، وليس لها مخدع ولا مخزن، والله يُقيتها. كم أنتم بالحري أفضل من الطيور! 25 ومن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحد؟ 26 فإن كنتم لا تقدرون ولا على الأصغر، فلماذا تهتمون بالبواقي؟ 27 تأملوا الزنابق كيف تنمو: لا تتعب ولا تغزل، ولكن أقول لكم: إنه ولا سليمان في كل مجده كان يلبس كواحدة منها. 28 فإن كان العشب الذي يوجد اليوم في الحقل ويطرح غدًا في التنور يلبسه الله هكذا، فكم بالحري يلبسكم أنت يا قليلي الإيمان؟ 29 لا تطلبوا أنتم ما تأكلون وما تشربون ولا تقلقوا، 30 فإن هذه كلها تطلبها أمم العالم. وأما أنتم فأبوكم يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه. 31 بل اطلبوا ملكوت الله، وهذه كلها تزاد لكم. |
||||
07 - 03 - 2016, 07:30 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
الطعام الباقي الذي للحياة الأبدية
في إنجيل القداس يتقابل الرب يسوع مع المرأة السامرية بينما يذهب التلاميذ ليبتاعوا طعامًا ولما عادوا إليه وطلبوا قائلين: "يا معلم كل"... فقال لهم "لي طعام آخر لستم تعرفونه... طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله"... ويتساءل التلاميذ في براءة "ألعل أحدًا قد أتاه بطعام؟، إذ لم يكونوا بعد يدركون كمال تدبيره الإلهي. لذلك يجيء إنجيل العشية كمقدمة لهذا الحوار وهو يبين قصد المسيح ويكشف عن الاهتمام بالطعام الباقي الذي للحياة الأبدية. فقول الرب لتلاميذه هنا "لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون"... عندما نقرئه بإنجيل السامرية يأخذ كما معناه الإلهي. الحياة أفضل من الطعام... أعني الحياة الأبدية التي لا تستمد وجودها ولا قوتها من هذا الطعام البائد. يوجد طعام آخر... هل ذقته؟ لقد شغل طعام هذا العالم قلب الإنسان وعقله من يوم أن وطأت قدماه أرض الشقاء لكي يفلحها بعرق الجبين وصار كل سعيه محصورًا في الحصول على قوت الجسد وبسبب لعنة الخطية صارت تنبت له شوكًا و حسكًا يوخز الجسد فيئن مدى الحياة. وقد دعا الرب يسوع هذا الطعام... الطعام البائد... بالمقارنة بالطعام الباقي الذي للحياة الأبدية. وفي التجربة على الجبل عندما قال المجرب للرب، قل لهذه الحجارة أن تصير خبزًا، ضاربًا سهمه نحو جسد الرب الجائع... فكان أن الرب رد سهمه إليه وأخرج الرب من كنف المقلاع درة من سفر التثنية كانت مخزونة لليوم والساعة وهي المكتوب "أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله". فارتكزت في جبين العدو الشرير فسقط صريعًا كجليات في القديم. لقد جاء الوقت الذي فيه يقدم المسيح للبشرية الجائعة خبز الحياة الأبدية لكي يأكله الإنسان ولا يموت... إنه طعام آخر... غير الذي يعرفه الناس. الخبز النازل من السماء لكي يأكله الإنسان ولا يموت... ليس هذا الخبز سوى المسيح نفسه... المأكل الحقيقي هو جسده الذي بذله عنا. • المسيح طلب من السامرية أن يشرب وكان وقت الساعة السادسة وقت الصليب الذي كان حاضرًا في المسيح... لأن المسيح غير زمني، فليس عنده مستقبل ولا ماضي بل هو أزلي أبدي حاضر دائمًا فكان الصليب ماثلاً في ذلك الساعة السادسة. ووقتها على الصليب أظهر عطشه مرة أخرى وقال "أنا عطشان" ولما قدموا له خلاً ليشرب لم يرد أن يشرب لأنهم لم يفهموا أن عطش المسيح لا يرويه ماء هذا العالم، وجوع المسيح لا يشبعه خبز هذا العالم. قال اللص على الصليب للمسيح "اذكرني" وكانت يد المسيح ممدودة إليه وهو معلق إلى جانبه، وحين صلى اللص يطلب الخلاص ارتاح قلب يسوع وارتوى إذ وجد ثمار دمه المبذول لأجل الخطاة... كان اللص أول من ارتمى تحت قدمي الصليب ليفيض عليه رشاش الدم الإلهي... هذه كانت أول ثمرة... تشبع قلب يسوع وتروي عطشه... يا للسرور الذي كان موضوعًا أمامه وهو على الصليب!. وهكذا السامرية لم تعطه ليشرب من ماء بئر، بل حينما مد يده وأخرجها من عمق بئر الخطايا وظلمة ماضيها... ارتوت نفسه وارتاحت إلى خليقته الجديدة إذ رأى أنها وهي مفدية بدمه صارت حسنة جدًا جدًا. • تُرى متى يبطل اهتمامنا بالطعام البائد وإن كان هذا كثيرًا نقول تُرى متى نهتم بالطعام الآخر ونسعى إليه وما هو مقدار سعينا نحوه؟. وأين العرق الجديد للخبز الجديد؟ أين أتعابنا وسهرنا وكدنا في طلب خبز الحياة؟. • قال الرب للرسل: "ارفعوا عيونكم... الحقول ابيضت للحصاد". ظاهرًا حقول القمح هي خبز الجسد، ولكن المسيح يتكلم عن الحصاد الكثير. وقلة الفعلة، وينقل الذهن إلى حبات حنطة الحياة الجديدة التي تلدها حبة الحنطة التي ماتت وأتت بثمر كثير... كان باكورة هذا الحصاد هي السامرية. لقد حان أوان قطافها... ووقعت في يد المسيح. نفوس كثيرة تحتاج كلمة... نفوس كثيرة جاهزة للخلاص. اطلبوا إلى رب الحصاد أن يرسل فعلة إلى حصاده، فالحصاد كثير جدًا. إن الوقت والجهد الذي نبذله من أجل خبز الحياة ضئيل جدًا جدًا إذا ما قورن بما نبذله من أجل لقمة العيش وخبز الجسد. • أين ما علمنا إياه الرب في الصلاة أن نطلب خبز الغد (خبز الحياة الأبدية لأننا لا نعرف لنا غدًا سوى حياتنا في المسيح إلى الأبد). لكي يعطيه لنا اليوم نذوقه ونتمتع به ونتغذى عليه كمن يحيا الحياة الأبدية وهو بعد على الأرض. • لا يُفهم هذا على أنه تقليل من شأن الجهاد والعمل في العالم بحسب ما أعطى الله، وزنات لكل واحد إن كان للطالب في جهاده في دراسته أو عامل في عمله أو موظف في وظيفته أو مزارع في زراعة أو أم في تربية أولادها. وكل هذه أعمال واجبة وممدوحة نؤديها بالأمانة المسيحية في كل إخلاص ونجني ثمرها ونشكر الله على عمله معنا وسنده إيانا. لكن الرب ينبه الذهن إلى عدم الهم وعدم القلق التي تعمل بها هذه الأعمال "لا تهتموا... لا تقلقوا". لأن من منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟ يستحيل فالهم علاوة على أنه لا يغير شيئًا فهو مؤذٍ للنفس "الهم في قلب الرجل يحني ظهره" (أمثال). والاهتمام تدبير أما الهم فهو عدم اتكال على الله. • والأمر الثاني هو تحويل مركز اهتمامنا من الأرضيات إلى السماويات ومن خبز الجسد و ضرورياته إلى خبز الحياة الأبدية والسعي الدائم نحوه. ففيما نحن نمارس أعمالنا اليومية يكون شغل قلبنا هو سماوي. |
||||
07 - 03 - 2016, 07:31 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
تدريب:
تدرب على أكل الكلمة الإلهية "وُجد كلامك فأكلته" قال الرب لحزقيال حين عرض عليه الكلمة الإلهية مكتوبة في درج كتاب قال له: "كُل ما تجده، فأكله فصار في فمه كالعسل حلاوة". تدريب على التلذذ بأكل الكلمة الحية... فتحيا بها كطعام يومي. • تدرب على التناول بوعي روحي وإدراك وحاسة مقدسة و مذاقة روحية... لا تنسى أنك أخذت المسيح نصيبك وحين تأكله أقضي اليوم كله متأملاً فيه، كيف أعطانا جسده لنأكله... الأمر الذي تشتهي الملائكة أن تطلع عليه. • كرر قول المسيح "لي طعام آخر" مرات كثيرة في اليوم ليدفعك للسعي نحو الحياة الفضلى والشبع بما هو نازل من فوق. إنجيل عشية الأحد الخامس من الصوم الكبير(لو 18: 1– 8) 1 وقال لهم أيضًا مثلاً في أنه ينبغي أن يُصلى كل حين ولا يمل. 2 قائلاً: "كان في مدينة قاضٍ لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا. 3 وكان في تلك المدينة أرملة. وكانت تأتي إليه قائلة: انصفني من خصمي!. 4 وكان لا يشاء إلى زمان. ولكن بعد ذلك قال في نفسه: وإن كنت لا أخاف الله ولا أهاب إنسانًا، 5 فإني لأجل أن هذه الأرملة تزعجني، أنصفها، لئلا تأتي دائمًا فتقمعني!". 6 وقال الرب: "اسمعوا ما يقول قاضي الظلم. 7 أفلا ينصف الله مختاريه. الصارخين إليه نهارًا وليلاً، وهو متمهل عليهم؟ 8 أقول لكم: إنه ينصفهم سريعًا! ولكن متى جاء ابن الإنسان، ألعله يجد الإيمان على الأرض؟". إنجيل القداس : شفاء الرجل المريض الراقد 38 سنة بجوار بركة بيت حسدا. إنجيل العشية : قاضي الظلم عنصر الزمن بالنسبة للإنسان يساوي الشيء الكثير ولكن في تدبير المسيح لكل شيء تحت السماء وقت... وميعاد وموسم... فهو ينضج الثمار في حينها ويعطي كل شيء في حينه الحسن. فبعد 38 سنة أشرق المسيح على هذا المريض البائس شبه اليائس وقال له: "أتريد أن تبرأ". لما وجد بصيصًا من إرادة شفاه بعد طول انتظار... فكثيرًا ما يأتي المسيح في الهزيع الرابع... ولكن مجيئه يكون كإشراق النور بعد طول ظلام وظلمة. ويهتف الإنسان هل يوجد رجاء؟... هل ربنا مازال يسمع الصلاة؟... هل؟ وأسئلة كثيرة. ولكن بمثل قاضي الظلم يلقي الرب ضوءًا على أن الله مستعد دائمًا ومستجيب دائمًا وهو يعطي أكثر مما نسأل. ولكن قال عن قاضي الظلم لم يكن يشأ إلى زمن، ولكنه عاد فأنصفها وقضى حاجتها لأجل لجاجتها. قال الرب يسوع: "اسمعوا ما يقول قاضي الظلم... أفلا ينصف الله مختاريه الصارخين إليه نهارًا وليلاً وهو متمهل عليهم. نعم أقول لكم أنه ينصفهم سريعًا". والحق يقال إن المسيح تكلم عن النقيض ولكن مع هذا النقيض كشف لنا عن مكنونات أسرار الله وقلبه نحونا. • فالقاضي الظالم لا يخاف الله ولا يهاب إنسانًا، التجأت إليه الأرملة فهل يقارن بالآب السماوي الحنون الذي نطرح أمامه توسلنا وهو كليّ الحب والحنان. • والقاضي لا يربطه بالأرملة رباط ما. أما نحن فنلجأ إلى أبينا السماوي ونسكب توسلنا لديه بدالة البنين وثقة أعطاها لنا المسيح في شخصه. • والقاضي ظالم لا يعرف العدل. أما ربنا فهو الحق والعدل ذاته وعدله رحيم ورحمته عادلة، لا يقرب إليه الظلم وليس عنده تغير أو شبه ظل يدور... ساكن في النور الذي لا يُدنى منه. والقاضي لا يشاء أن يسمع، أما مسرة ربنا ولذته في أن يسمع لنا فهو سامع الصلاة الذي إليه يأتي كل بشر. • لم يعط القاضي الظالم المرأة الأرملة أذنًا صاغية بل كان كأنه لا يسمع ولا يرى... إلى أن ضج من لجاجتها، أما ربنا فهو يسمع حتى أنات القلوب ويقول: "من أجل شفاء المساكين وتنهد البائسين الآن أقوم يقول الرب أصنع الخلاص علانية"... فهو مصغ لتنهد البائسين!!. لكن الأمر كما شرح المسيح أن الله "متمهل". صراخ المساكين داخل إلى قدام رب الصباؤوت. و مختارو الله الذين يسبحونه النهار والليل ويسألونه يسمع تضرعهم ويخلصهم ولا يتغاضى عن طلبتهم. • إما أن يتمهل عليهم فهذه حكمة عالية عن فهم البشر، وإدراكهم. ولكن الثابت عندنا أنه يتمهل لأجل خيرنا ومصلحتنا. • تمهّل على إبراهيم أبي الآباء ولكن بالنهاية أعطاه النسل الموعود به الذي فيه تتبارك جميع قبائل الأرض. وكانت صلوات إبراهيم قد بلغت مسامع القدير منذ البدء، وحين قال له إبراهيم "ماذا تعطيني؟" قال له الرب: "لا تخف أنا ترس لك... أنا أجرك العظيم جدًا". • وتمهل على حنة أم صموئيل وحين جاء الوقت أنعم عليها بصموئيل النبي الذي صار نبيًا للرب وهو بعد صبي صغير. وتمهل على زكريا و اليصابات ولكن في الوقت المعيّن أرسل له جبرائيل رئيس الملائكة قائلاً: "طلبتك سُمعت". فالطلبة تُسمع حين نرفع قلوبنا إلى فوق وفي حال سؤال الصلاة ندخل طلبتنا إلى القدير. ولكن يوجد ميعاد وميقات للتنفيذ وحين يحل الميعاد تكمل الطلبة. هذا ما يتوازى مع الـ 38 سنة التي ظل فيها هذا الإنسان راقدًا... وليس له إنسان وقد حطم المرض ليس أعضاء جسده فقط بل وحتى نفسه أيضًا. ولكن منتظري الرب يجدون قوة... ولا يخزى منتظروه. لذلك يجب أن نركز رجاءنا في المسيح. مع المسيح لا مكان لليأس، ومهما تأخر لكنه حتى في الهزيع الرابع يأتي... ومتى جاء ينحسر المرض وتهرب الأوجاع. |
||||
07 - 03 - 2016, 07:31 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تأملات في أحاد الصوم
فإن كان الرب يتمهل علينا... ولكن لنتمسك بالرجاء كمرساة مؤتمنة للنفس وثابتة.
كيف نطلب وماذا نطلب؟ نطلب بإيمان... لنطلب أولاً ملكوت الله وبره... لنطلب بحسب مشيئته الله وإرادته. قال الرسول يعقوب: "تطلبون ولستم تأخذون لأنكم تطلبون رديًا"، وقال الرب: "إلى الآن لم تسألوا شيئًا باسمي... اطلبوا تأخذوا لكي يكون فرحكم كاملاً". وحين نطلب... نطلب بلا ملل... "صلوا ولا تملوا". ولتكن طلبتنا برجاء وثقة أنه مهما طلبنا ننال "كل ما تطلبونه في الصلاة آمنوا أنكم تنالونه". ونحن نطلب باسم يسوع متمسكين بوعوده "كل ما تسألونه من الآب باسمي يعطيكم إياه". ولسنا نطلب بحسب استحقاقنا ولكن من أجل احتياجنا وأمامنا هذه المرأة الأرملة وكيف نالت طلبتها. لذلك نطلب بلجاجة وبإلحاح عالمين أنه ليس لنا آخر سواء وأنه لا سبيل للحصول على النعمة التي تنقصنا سوى سؤال الصلاة والطلب والإلحاح... ونحن لا نكف عن الصلاة حتى نأخذ. لأننا نعرف أنه لا يتركنا نجرب فوق ما نحتمل بل يعطي مع التجربة المنفذ. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
تأملات في آحاد الخمسين المقدسة |
أحاد الصوم الكبير فى صور |
قديسو آحاد الصوم |
تأملات فى أناجيل آحاد الأربعين المقدسة |
آحاد الصوم |