فقال له الشيخ:
“امض يا ولدي وأعطه للاخوة”. فقال له: “لقد طفت به عليهم جميعاً، فلم يأخذوا منه شيئاً، كما أن بعضهم لم ينظر اليه البتة”. فلما سمع الشيخ فرح وقال له: “ارجع يا ابني بمالك الي العالم وأهله، لأننا نحن أناس أموات”. فلم يقبل المحتشم ذلك. فقال له القديس: “اصبر قليلاً”. ثم أخذ المال وأفرغه علي باب الدير وأمر بأن يضرب الناقوس، فحضر سائر الأخوة وكان عددهم 2400، ثم وقف الأب وقال: “يا أخوة من أجل السيد المسيح، ان كان أحدكم محتاجاً الي شئ فليأخذه بمحبة من هذا المال”، فعبر جميعهم ولم يأخذ أحد منه شيئاً.
فلما رأي الدوقس منه ذلك صار باهتاً متعجباً متفكراً، ثم ألقي بنفسه بين يدي الأب وقال:
“من أجل الله رهبني” فقال له القديس: “انك انسان كبير ذو نعمة وجاه ومركز، وشقاء الرهبنة كثير، وتعبها مرير، فجرب ذاتك ثم خبرني). فقال: “وبماذا تأمرني أن أفعل من جهة هذا المال؟” فقال له: “عمر به موضعاً بالأديرة” ففعل، وبعد قليل ترهب.
+وقيل أنه بينما كان أنبا مقاريوس سائراً في البرية وجد بقعة جميلة مثل فردوس الله وبها ينابيع ماء ونخيل كثير وأشجار من أنواع مختلفة ذات ثمار. ولما أخبر الأخوة بذلك الحوا عليه أن يقودهم للإقامة في ذلك المكان، فرد مع الشيوخ عليهم قائلاً: ان وجدتم اللذة والراحة في ذلك المكان، واذا عشتم هناك بلا متاعب ومضايقات فكيف تتوقعون الراحة واللذة من الله، أما نحن فيليق بنا أن نحتمل الآلآم لكي نتمتع بالسرور في الحياة الأبدية. ولما قال هذا سكت الاخوة ولم يرحلوا.