03 - 11 - 2014, 03:58 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
يا أخانا، يا ابن المسيح، لا تفضل الزمنيات على الأبديات. لا يسودنّك الإهمال والكسل فتستهين بجهادك الروحي الذي سيملأك من محبة المسيح. لا تؤثر محبة العالم الكاذب التي ستقودك الى الخطيئة والتي، بدورها، ستفضي بك الى الجحيم، وترمي بك في حضن رئيس الشر، الشيطان، حيث تحترق أبديا في تلك الظلمة. لا يحق لك أن تحيا هكذا، لا أنت ولا أي مسيحي آخر. فإن السيد قد اشترانا بدمه الكريم الكلي القداسة الذي أهرقه على الصليب. لاتُحزن إلهَنا المخلص والفادي وتُسِّر الشيطان مدمر حياة البشر ومهلك النفوس.
إن شئتنا ان لا نكف، نحن ايضا، عن التضرع الى الإله المثلث الأقانيم من أجل خلاصك وخلاص سائر البشر إخوتك، أصلحْ سيرتك لترضي الله وإيانا، نحن الذين نحب كل البشر ونريدهم أن يرثوا ملكوت السموات." ثم توجهوا الى مرشد الراهب إواصاف بقولهم: "يا جاورجيوس، يا حبيب المسيح وحبيبنا، خذ على عاتقك الاهتمام بهذه النفس لتمثل أمام ملك الكل لأن دالتك عظيمة أمامه". في هذه الأثناء عرف الأخ إواصاف قائده بأنه شفيعه القديس جاورجيوس، وتذكر كلامه في بدء لقائهما "أنا من سيقودك لأنك تحبني محبة خاصة ". كما تذكر أيضا كيف أنه عند وصوله الى الجبل المقدس بغية الترهب، كان قد جعل من القديس نفسه وسيطا عند الله لأجل خلاصه. وكم من المرات جرت معه عجائب عديدة عندما كان يدعو باسم الشهيد. فأحس عندئذ بمحبة روحية فائقة تغمر روحه فاقترب من مرشده وعانقه طويلا. |
||||
03 - 11 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
رتبة أخرى من الرهبان تسمو على الأولى
في ذلك السهل الكلي جماله صادفا جمعا آخر من الرهبان يشبهون الأولين إلا انهم كانوا أقل عددا إنما أكثر مجدا. فدار بينهما هذا الحوار: - يا قديس الله، من هم هؤلاء؟ وما هي مآثرهم في الحياة حتى انهم ينعمون بمجد أكثر من أولئك الرهبان الذين رأيناهم اولاً ؟ - يا أخي، هؤلاء هم الرهبان الحاليون، رهبان هذا العصر الذين يجاهدون بملء اختيارهم رغم عدم وجود مرشد يقودهم ، مقلدين حياة الرهبان الأوائل ومرضيين لله كما أولئك تماما. لذا مُجدّوا هنا أبديا. - في أيام كهذه زال فيها كل أثر للفضيلة، هل وجود مثل هؤلاء المختارين في العالم ممكن بعد؟ - إن هؤلاء المختارين قليلون جدا في هذه الأيام. بيد أن كل من يمارس ولو أصغر الفضائل ويحتمل، حسب استطاعته، أخاه ولا يدين أحدا، يرضي الله ويُدعى عظيما في ملكوت السموات. وحيث أنه قد ضاع المثال الصالح ولم يبق إلا المثال السيء، فقد تكاثرت الأنانية وتعظم المعيشة والفساد والوقاحة، واضمحلت الحقيقة وساد الكذب. تفاقم الظلم وأفرخت كل أنواع الفسق والمكائد، ولم تعد افواه البشر وقلوبهم تلهج باسم الله، لذا أنى توجهت صادفت الشر أمامك.. فُقدت محبة الانسان لأخيه الانسان، وحلّ محلها الحسد والكراهية وبقية الأهواء الاخرى المشابهة. وكذلك قلْ عن الرحمة والحق والاهتمام بالاخر. بناء على ما تقدم، قليلون جدا هم العاملون بالفضيلة اليوم. إنهم يمارسونها بسبب صلاحهم الخاص ونيتهم الخالصة. هؤلاء يكافأون أبديا، ويمجَّدون من قِبل إلهنا الكلي صلاحه أكثر من أولئك القديسين القدماء، الذين كانوا ممتلئين إيمانا حارا، ولم تتسنى لهم مواجهة الشر وجها لوجه، كما هو حاصل اليوم. |
||||
03 - 11 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
لذا كل الذين يؤثرون خلاص نفوسهم، وبالأخص أولئك الذين، لأجل محبة المسيح، تركوا العالم وخيراته الآنية، واعتنقوا حياة الرهبنة المثالية، عليهم أن يقرنوا الصلاة بذكر الموت. يجب أن لا تغيب صلاة يسوع عن شفاههم بل أن تكون متحدة بنفسِهم. كما عليهم أيضا أن يدعو اسم السيدة والدة الإله مع جميع القديسين ليل نهار، لكي يتوسطوا في خلاص نفوسهم، لأن "وسائل الأم تستطيع كثيرا ان تستعطف السيد." و "طلبة الصدّيق تقتدر كثيرا في فعلها".
لما انتهى القديس جاورجيوس من مقولته هذه، دعا الراهب إواصاف لمتابعة طريقهما. وفيما هما متوجهان نحو الشرق، ظهر أمامهما في المدى البعيد مبنى ضخم. كان قصرا فخما جدا تحيط به أسوار ذهبية عالية، تتوهج مضيئة بنورها ذلك السهل كله. ذهل الأخ إواصاف من جمال ذلك النور وحلاوته وسأل مرشده: " يا قديس الله جاورجيوس، ما هو هذا القصر البادي أمامنا؟ " فأجابه القديس بأنه " قصر للملك الأوحد" وبأنهما سيصلان إلى هناك بعد قليل. لما قربا من مدخل القصر، استقبلهما رجال نيّرون ذوي طلعة ملائكية، فحيّوهما مقبّلين إياهما في المسيح. ثم قادوهما عبر قاعة تشعشع من وفرة الحجارة الكريمة والذهب. كانت الدرر والألماس ينثرون نورا حلوا جميلا. في الجهة اليمنى من القاعة علقت أيقونة للسيد المسيح، وفي الجهة الشمالية عُلقت أيقونة أخرى للسيدة والدة الإله وهي جالسة على العرش. وفي تلك القاعة عينها اجتمع عدد غفير في ثيابهم الرهبانية، يرفلون بمجد لا يوصف ويلتحفون بنور باهر، يحملون في أيديهم صلبانا مع أغصان يضوع منها شذا ذكي يسكر من يتنشقه. |
||||
03 - 11 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
هؤلاء جميعا، مع القديس جاورجيوس والأخ إواصاف، رنموا امام الإيقونتين ترتيلة " بواجب الاستئهال "، فأتى الترنيم عذبا ساحرا تتمنى لو أنه لا ينتهي. بعد ذلك رسموا إشارة الصليب ساجدين لصورتي السيد والسيدة. ثم استداروا نحو الراهب إواصاف قائلين:
"يا أخانا، إن كل ما رأيته انما كان من اجلك فانتبه واصطلح، واجتهد لتستحق المجيء الى هنا في أقرب وقت". انسحبوا كلهم بعد هذا وتركوا القديس جاورجيوس وحده مع الراهب، فانفتح لهما باب كبير وسمعا صوتا لذيذا من الداخل يقول: "عظيمة هي رأفاتك يا رب على بني البشر". ورأى الأخ إواصاف ما كان القديس بولس الرسول قد سبق فكتب عنه: "ما لم تره عين ولم تسمع به أذن ولم يخطر على قلب بشر، ما قد أعد الله للذين يحبونه ". رأى كنيسة كبيرة جدا ذات تصميم غريب لا يُفقه: كان يرتفع في وسطها عرش وضاء وافر المجد كأنه جمر مشتعل، يشع أكثر من الشمس. فوق هذا العرش استوى "ملك المجد" وعلى رأسه اكليل من الحجارة الكريمة المتلألئة، تماما كما في ايقونة السيد المسيح، يحيط به جمع لا عدَّ له في ثياب عسكرية تلمع كالبرق. |
||||
03 - 11 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
ليس عليه لباس العرس
وقف الأخ إواصاف خارج الباب يتطلع بنهم دون شبع. إذ ذاك دخل القديس جاورجيوس، وبعد أن رسم إشارة الصليب وصنع ثلاث مطانيات للملك، خرج ثانية ليُدخل الأخ إواصاف فسمع صوتا يأمره: "دعه، إنه غير مستحق أن يلج الى هنا، لانه لا يملك لباس العرس". ارتجف الأخ إواصاف لدى سماعه هذا، وخشي أن يحكم عليه الملك. لكنه عاد الى نفسه حالا، وشرع يردد بحرارة كبيرة "ربي يسوع المسيح يا ابن الله ارحمني واصنع معي حسب رحمتك." أما القديس جاورجيوس فدخل مجددا الى حضرة السيد ووقع على قدميه مسترحما: "إذكر يا رب الدم الذي أهرقته على الصليب لأجل خلاص البشر. لقد تجسدت لتشفي الخطأة وتخلصهم. لذا أضرع إليك متوسلا: سامح يا رب هذه النفس الخاطئة، وأرشدها في طريق الخلاص، فإني عارف يا رب أن لجة رحمتك لا تحد". فرد عليه السيد: "يا جاورجيوس أنت تعرف جيدا المحبة التي أظهرتها له، والنعمة الكبيرة التي حبوته بها ليدرك أسرار محبتي الإلهية، التي يجاهد الكثير من العظام المتوحدين في سبيلها دون أن يصيبوا منها ما قد أصابه هو. إن محبتي الخاصة لا مكان لها في نفسه. فهو يحتقرني مفضلا الأمور العالمية الخدّاعة مهملا إياي. لذا فهو غير أهل للمسامحة". |
||||
03 - 11 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
تابع القديس جاورجيوس تقبيل قدمي السيد متوسلا: " نعم يا رب، أعرف جيدا انه غير مستحق للمسامحة فقط بل مستأهل للعقاب أيضا. غير أني أسألك مجددا أن تسكب نعمتك عليه. أنظر يا رب إلى نيته، فخفاياه واضحة امامك. حقق رغبات قلبه وخلصه كملك مقتدر أيها السيد الكثير الرحمة.
أنت تعلم يا رب أن "العالم قائم بالمكر". فقد تكاثرت الخطيئة اليوم وفُقد المثال الصالح. فلتفض نعمتك يا رب ولتخلص عبدك هذا فإن نيته صالحة وان كان يغلب من الشر بسبب العادة. خلصه أرجوك." |
||||
03 - 11 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
طول أناة المسيح السيد
وعلى هذا أجاب السيد:"يا جاورجيوس الحبيب، إني لعالم بحالة العالم الراهنة، وعارف جيدا بمخالفة وصاياي وغياب الفضيلة وسيادة الشر. إن العالم قد تلوث بالزنى والفسق والظلم، وبكل نوع من أنواع التهتك والفحش والدسائس. ليس رجال ونساء العالم الذين لا يعرفوني هم من يمرمروني فقط. بل أيضا كل المسيحيين: الرهبان، والكهنة، ورؤساء الكهنة والعلمانيين، كلهم معا يغيظون أحشائي يوميا، ويصلبونني مجددا بمخالفتهم نواميسي. هذا كله احتملته بحلم وصبر، وأنا أطيل أناتي منتظرا أن يتوب ويصطلح أحدهم. أشتهي خلاص البشر بأسرهم ولا أشاء هلاك واحد منهم، لذا أرقت دمي على الصليب، غير أنهم عوض أن يصطلحوا يجدفون عليّ كل يوم. وهذا الذي تسأل من أجله، لم يتوقف حتى الآن عن تتميم مشيئته الخاصة. لم أكف يوما عن إظهار طريق الخلاص الصحيح له من خلال آباء روحيين عديدين. ومع هذا فهو يخالف مشيئتي ويحتقر وصاياي. يهمل وينكر المحبة والتضحية التي أبذلها كل حين من أجله ومن أجل كل إنسان، إن جميع هؤلاء يحتقرونني." انطرح القديس جاورجيوس مجددا على قدمي السيد يقبلهما بتواضع كبير ويقول: "أذكر يا رب دمي الذي سفكته حبا بك وهبني هذه النفس. نعم أيها السيد أرجوك أن تسامحه وتؤهله لارتشاف كأس محبتك، كأس التنقية، والتي يشتهي هو أن يشرب منها كي يتمم مشيئتك المقدسة." |
||||
03 - 11 - 2014, 04:00 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
كأس الخلاص
فأجاب السيد بوجه باش: "ليكن لك ما تريد يا جاورجيوس". ثم أمسك كأسا بيده اليمنى قائلا: "خذ هذه الكأس وأعطه ليحتسيها كلها، فهذه هي كأس محبتي، التي سبق لكل القديسين أن شربوا منها، والتي قد اضحت في هذه الحياة الخداعة، كأسا مملوءة قلقا ومرارات وتنهدات وأمراضا ومصائب، وهي تفضي في النهاية الى استشهاد الجسد وموته من اجل تنقية النفس وخلاصها، ومن أجل أن يفرح أبديا معي ومع الآب والروح القدس، ذاك الذي يتجرعها كلها حتى الثمالة". تناول القديس جاورجيوس الكأس من يد السيد، والشكر والبهجة يعلوان وجهه. كانت الكأس ملأى من النبيذ الأحمر الذي باركه السيد. فأعطاها القديس للأخ إواصاف الذي شربها كلها بشوق كبير بعد أن رسم إشارة الصليب. فكان الشراب في حلقه شديد الحلاوة لذيذ المذاق، مما جعل شعلة العشق الإلهي تلتهب في داخله فورا، فلم يستطع أن يمسك نفسه، بل اندفع داخل تلك الكنيسة، واختطف قدمي السيد محتضنا إياهما وهو يغمرهما بقبلاته الملتهبة حبا وفرحا. لم يكن ليطق أن يترك ذلك المكان او أن يبتعد عن الملك. حينئذ سمع صوتا يقول: "يا جاورجيوس، خذ الاخ إواصاف ليذهب ويجاهد بغية اقتناء محبتي الأولى التي قد فقدها بسبب اهماله. وعندما يستعد جيدا، وفي الوقت المناسب، سيكون اهلا لشرب الكأس التي قد شربتها أنا". |
||||
03 - 11 - 2014, 04:00 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
نبه القديس جاورجيوس الأخ اواصاف، فضرب كل منهما ثلاث مطانيات وسجدا عند قدمي السيد الطاهرتين وشكراه بحرارة. ثم خرجا من تلك الكنيسة المنيرة وهم يصافحان أولئك الذين قد صادفوهما على التوالي، في الباحة الأمامية، في "ديار بيت الرب" مقبّلين إياهم.
وبعد ذلك انطلقا في طريق العودة، فقال الأخ لمرشده: "يا قديس الله، ألا يمكنني البقاء هنا حيث نحن الآن دون ان اضطر الى العودة للعالم؟" فأجابه القديس: "هذا غير ممكن، يا عزيزي، فإن إرادة السيد، كما سمعتها، هي أن أعيدك الى العالم لكي تستعد وتجاهد لاكتساب سائر الفضائل ولتحفظ وصايا السيد. كما أنه عليك أن تُجرَّب بالآلام لتتنقى كالذهب بالنار، وتنصهر في شدائد وصعوبات الحياة. وبعد هذا، برحمة السيد وإرادته، تأتي لتستقر هنا بحق، وتتمتع بمجد المسيح الى الأبد. |
||||
03 - 11 - 2014, 04:00 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: (القديس جاورجيوس)
توصيات القديس جاورجيوس الأخيرة
وهكذا عبرا ثانية ذلك السهل الجميل، ممتعين ناظريهما بكل ما سبق لهما أن رأياه قبلا. أخيرا وصلا الى سفح الجبل، فأمسك الشهيد بيد الأخ إواصاف وتقدما الى وسط الجسر حيث توقف قائلا: "يا أخي المحبوب، (إن ملكوت السموات يُغصب والغاصبون يختطفونه). ها قد مستك نعمة الله، فلا تكن ناكرا لنعمته تعالى. جاهد لتكتسب المحبة الأولى مجددا، وعندها تأكد، أن نعمة الله وستر سيدتنا والدة الإله ومعونتها سيكونوا دوما معك. كما أني، أنا أيضا، لن أكف عن مساعدتك". من ثم ختمة ثلاثا بإشارة الصليب واختفى عن ناظريه. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
طروبارية القديس جاورجيوس من كنيسة القديس جاورجيوس |
أسطورة القديس جاورجيوس |
القديس جاورجيوس |
القديس البار ديودوروس جبل القديس جاورجيوس (+1633م) |
القديس جاورجيوس |