27 - 09 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
بعض رفاق فرنسيس:
أول رفيق معروف لفرنسيس هو برناردو دي كوانتافالي وهو أحد وجهاء أسيزي وأثريائها, وقد حصل على شهادة دكتوراه في الحقوق من جامعة بولونيا الإيطالية. وكان قد اشتهر بسداد رأيه وحرصه على تمحيص الأمور, واستقراء أسبابها وعواقبها. حيث غدا مرجعا للكثيرين في النهج الذي يتوجب عليه سلوكه. الرفيق الثاني يدعى بييترو دي كاتانيا, صديق لبرناردو, وهو أيضاً حقوقي ووجيه وكان المستشار القانوني العلماني لأبرشية أسيزي. لم يكن يلزمهما سوى التخلي عن كل شيء وارتداء ثوب الرعاة الخشن مثل فرنسيس كي يصبحا الأخ بيرناردو والأخ بييترو, بعد أن مات فيهما الوجيه والثري و العالم. أما الثالث فهو سلفستر, كاهن بخيل, سبق وأن باع فرنسيس حجارة لترميم كنيسة داميانس, ولكن عندما رأى فرنسيس يوزع قطع ذهبية متبرع بها على المعوزين والفقراء في ساحة جاورجيوس في أسيزي ( في نيسان عام 1208 ) يومها دنا هذا الكاهن من فرنسيس وادعى أنه تلقى ثمنا بخسا لتلك الحجارة... إلا أنه بعد محاورة بينه وبين فرنسيس أصبح سلفستر هو الكاهن الأول في جماعة فرنسيس بعد أن ترددت في حنايا صدره كلمات المسيح: "لا يستطيع الإنسان أن يعبد ربين.. الله والمال". ألبس فرنسيس جماعته زيا من النسيج الخشن ذي اللون المُغبَر لون العصفور الدوري الذي كان أثيراً على قلب فرنسيس. وحتى الآن لا يزال الفرنسيسكان يلبسون ما يشبه هذا الزي. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
في عام 1211 بلغ العدد نحو أربعين أتوا من شتى المنابت والطبقات وكل منهم احتفظ بأسلوبه الخاص في ممارسة حياته الفرنسيسكانية, وفي الإسهام في شؤون الأخوية, فموريكو كان حطاباً، وإيجيديو كان صانع سلاسل, و انجيلو كان صياد سمك يستبدل حصيلة صيده بالخبز والزيت لإطعام إخوته, في حين كان الطويل يساعد الفلاحين في الحصاد ويعود كل يوم بشيء من الحب يطحنه أحدهم و يخبزه آخر. أما ساباتينو فكان يعمل كرّاماً, و فرنسيس أيضا كان يساعد الفلاحين في القطاف أو أي عمل يدوي آخر ... وهكذا بقية الجماعة.
ومن أعجب من جاؤوا إلى فرنسيس فتاة من أسيزي تدعى كلارا, كانت غنية وجميلة ومن أسرة شريفة, وكان في وسعها أن تحظى بمنزلة عالية في الحياة, ولكن ما إن سمعت ذات يوم عظات فرنسيس في الله حتى استقر رأيها على أن تتبع فارس المسيح البطل. ففي 1211 بادرت إلى سلوك سبيل الفقر والتواضع والعمل, ووقفت حياتها على خدمة الله. وهكذا كانت "كلارا" النواة لنشوء "الرهبانية الثانية" التي لقبها فرنسيس برهبانية "السيدات الفقيرات" ومهدها كنيسة القديس داميانس (19).. أجل كن فقيرات, ولكنهن سيدات, فالسيادة الحق سيادة الروح... |
||||
27 - 09 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
ذات ليلة من عام 1216 وفي معبد سيدة الملائكة, حيث كان فرنسيس يضطرم حباً في الله تراءى له يسوع ومريم يحف بهما العديد من الملائكة, فأوعز إليه يسوع بأن يسأله ما يشاء لخير النفوس فأجابه فرنسيس: "أسألك أنا الخاطئ المسكين غفراناً كاملاً لكل تائب اعترف وتناول وزار هذه الكنيسة"، فقال يسوع: "طلبتك عظيمة جدا وإني لمجيبك إليها, فاذهب إلى نائبي على الأرض و اسأله باسمي هذا الغفران".. وفي فجر الغد، اصطحب فرنسيس أحد الرهبان وذهب إلى البابا في بروجيا حيث كان يومئذ "هونوريوس الثالث" فوقفا بين يديه طالباً منه فرنسيس الغفران لكل تائب، و أخذ البابا العجب من طلب فرنسيس فسأله: إلى كم سنة تريد هذا الغفران؟.. فأجابه فرنسيس: "أيها الأب الأقدس: أنا لا أطلب السنين, وإنما أطلب النفوس".. ثم ردد فرنسيس قول يسوع، فأجابه البابا بأنه لم يسبق له أن منح مثل هذا الغفران.. أجاب فرنسيس: "أيها الأب الأقدس لست أنا الذي أطلب هذا الغفران, إنما يسوع المسيح أوفدني إليك" , فتأثر البابا تأثراً بالغاً .. ثم قال ثلاثا: "باسم الله أمنحك هذا الغفران للأبد, فيمكن اكتسابه مرة في السنة, من العصر إلى غروب اليوم التالي, .." وقد مدَّ الأحبار الأعظمون هذا الإنعام إلى جميع أيام السنة. (20)
|
||||
27 - 09 - 2014, 05:06 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
توجه أبناء الرهبانية الجديدة لفتح العالم من غير غنىً أو سلاح.
يقول أنطوان دي سانت اكسو بيري: "يبغض الناس بعضهم بعضا لأنهم يعانون من البرد" (21)، وكان فرنسيس، وهو الرقة المتجسدة, يعرف سر بعث الدفء في الآخرين ومن ثم حملهم على المصالحة, فالقلب الذي يسودّ فيه السلام يصالح من يلامسه، أي عدوى، وقد ذكرت في موضوع الثقافة بأن الثقافة طهر والطهر يعدي .(22).. القداسة تثير إعجاب الكثيرين, بيد أنّ عدواها لا تصيب سوى القلة. وقداسة فرنسيس سرعان ما عمت واعترفت بها الجماهير في أسيزي و جوارها, أما الرغبة في احتذائها, فكانت بادئ الأمر نادرة بطيئة ومبعثرة. والجدير بالذكر أنّ إيطاليا التي كانت حقلاً لتبشير فرنسيس الإنجيلي كانت في الوقت ذاته ساحة تتصارع عليها شتى البدع والمذاهب, فلم يقاومها فرنسيس بالعنف أو الشتيمة أو الجدل العقيم والحُرم الكنسي على نحو ما فعل رجال الأكليروس آنذاك, بل أشاع روحا جديدا, جعل كل البدع تتلاشى, و تتوارى تلقائيا كما تتوارى الخفافيش لدى شروق أشعة الشمس الساطعة. فالمحبة, ومثال الحياة خير عظة. وثورة القدوة أبلغ أثرا وأبقى بما لا يقاس من الثورات العنيفة.(23) كان فرنسيس يرفض كل مال وكل امتلاك, ويتوخّى فقراً مطلقاً, وعليه هو وأخوته أن يعملوا لقاء بُلغة العيش, ولا يقبلوا من أجر سوى طعام يومهم, وأن يرفضوا المال رفضاً مطلقاً, إلا ما كان منه لازماً لابتياع الدواء لأخٍ مريض. فالمال كالدود في الثمر يفسد العلاقات بين البشر. ويبرر فرنسيس عدم الامتلاك بقوله: "لو كان لدينا ممتلكات لكان لزاماً علينا أن نمتلك أيضا أسلحة للدفاع عنها، ويسوع ينهى عن الحرب ويأمر بالسلام بين البشر, فكل امتلاك يولد لا محالة خصومة مع القريب, من شأنها النيل من محبة الله و محبة الناس. ومن ثم لكي نحتفظ بهذا الحب نقياً وسليماً فنحن عازمون عزماً مطلقاً على ألا نملك شيئا في هذا العالم". أذكر قولاً لبوذا: "إنّ همّ الإنسان فيما يملك, فمن كان بلا ملك كان بلا هم (25)". |
||||
27 - 09 - 2014, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
يمتاز الفرنسيسكانيون عن سائر الرهبان ورجال الكنيسة بالمساواة فيما بينهم وانعدام الألقاب, والطبقات والسلطات وبتسميتهم "أخوة" وبتسمية جمعيتهم "أخوية". والحقيقة أنّ هذا النهج يعتبر فتحاً في الكنيسة والمجتمع.
أما ميزتهم الرئيسية فتعبر عنها التسمية التي أطلقها عليهم فرنسيس "الإخوة الأصاغر" وذلك على حد قوله: "لكي لا يتطلعوا يوماً إلى أن يصبحوا كبارا ًويرتقوا فوق الآخرين, فهم مدعوون إلى أن يبقوا في الأسفل وأن يقتدوا بتواضع المسيح ". وحظر عليهم قبول أية وظيفة يمارس فيها الأخوة إدارة أو سلطة على أي كان, بل على كل منهم أن يكون الأصغر. .. كتب فرنسيس في نظام الأخوية عام 1221: "على الأخوة أن يكونوا سعداء عندما يجدون أنفسهم في صحبة صغار القوم الوضيعين والمحتقرين والفقراء وذوي العاهات والبرص والمتسولين ".(26).. أي ما يطلق عليهم في الهند "المنبوذين" و"الأندبور" (أندبور جمع، مفردها أندبوري أي فقير هندي). وأذكر هنا قولاً لـ "طاغور": "إنّ قلبي لن يجد سبيله نحو من ترافقهم, بل نحو من لا رفيق لهم من الفقير والحقير والضائع والمسكين" .(27) لم يكن فرنسيس لاهوتياً ولا رجل قانون, ومن ثم لم يكن بوسعه الدفاع عن قضية الإنجيل والفقر المطلق, إلا بصفته صوفيا ينفّذ بفرح جميع وصايا المسيح .(28).. وبالفعل كان فرنسيس الأنموذج والمثل لمجموعة "الأخوة الصغار". وقد ورد في الموسوعة العالمية (29): "أنه من المحتمل ألا يكون أي فرد في التاريخ قد قام بنفسه كما فعل فرنسيس في تقليده حياة المسيح و ما أمر به حرفيا, حيث تحول من حياة الدير التنسكية الآمنة إلى تتبع حياة المسيح, وكان ذلك مفتاحا لأسلوب حياته كمحب للطبيعة وفاعل اجتماعي ومحب للفقر وواعظ جوال . |
||||
27 - 09 - 2014, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
وبالتأكيد فالفقر ومحبته تبدوان جزءاً من روحه وفخره, واعتبر أنّ الطبيعة مرآة لله وأنها خطوات إليه, ودعا جميع المخلوقات أخوته, ففي كتاب: تسبيحات الخلائق أشار إلى أختنا الشمس, وإلى أخينا القمر, وإلى أخوينا الريح والمطر, وحتى إلى أخينا الموت.. (30)"..
استطاع فرنسيس بفضل التنكر عن الشهوات إقامة علاقات سلام مع الجسد المروض الذي استغنى عن كل مطلب خاص, فبات بإمكانه أن يدعوه "أخانا الجسد". وبالتالي استبعد واستنكر أساليب تعذيب الذات التي يلجأ إليها بعض النساك (31). وكان يؤكد على جماعته بأنه على كلٍٍٍٍٍٍٍّ منهم أن يعطي جسده حاجته لكي يجد فيه خادماً قادراً على تلبيته. ومع أنه يتوجب عليهم الحذر من الإفراط في الطعام الذي لا يقل ضرراً بالجسد عن ضرره بالنفس, إلا أنه يتحتم عدم الإفراط في التقشف. في أحد الأيام كان على سفر مع الأخ ليون الذي خارت قواه فجأة, وكان إلى جانب الطريق كرم عنب, فانسل إليه فرنسيس واقتطف منه بعض عناقيد أعادت للأخ ليون نشاطه ولكن ما لبث أن انقض صاحب الكرم على السارق وهو فرنسيس فأوسعه بعصاه ضرباً وكانت مناسبة كي يشكر فرنسيس للرب امتحانه له, ولشدة فرحه ظل طوال الطريق يمازح الأخ ليون منشداً ومكرراً : "الأخ ليون أكل ما لذ وطاب.. وفرنسيس هو الذي أدى الحساب... الأخ ليون تمتع.. وفرنسيس هو الذي توجع. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
لقاء مع أمير المؤمنين:
استغل فرنسيس هدنة عقدت بين فريديريك الثاني والملك الكامل (السلطان الأيوبي في مصر), فعزم على المثول إلى ديار المسلمين لمحاورتهم عوضاً عن مقاتلتهم, رغم معارضة القادة العسكريين والأساقفة. فاصطحب أحد الإخوة ومضى, ولم يكن يعتبر أحداً عدواً بل كان يرى في كل إنسان صديقاً محتملا ً؟ وما لبث أن اعترضه ورفيقه، جنود الملك، فهتف بأعلى صوته "سلطان ! سلطان!"، فأوثقهما الجنود ومضوا بهما إلى المعسكر, حيث أوضح فرنسيس رغبته في محاورة السلطان.. وكان الملك الكامل من سعة الفكر والتسامح, والاهتمام بالنقاش حيث رحب بالراهبين, وسرعان ما أخذت السلطان بالراهب مشاعر المحبة والإعجاب وانعقدت بينهما وشائج صداقة حميمة, ودعا السلطان فرنسيس إلى البقاء بجواره.. فاعتذر فرنسيس, فأغدق الملك الهدايا على فرنسيس الذي رفضها كلها رغم حث السلطان له على أخذها وإنفاقها على الفقراء, ويقال إنه اقتصر من كل تلك الهدايا على بوق بات يستعين به على دعوة الناس إلى سماع عظاته. ويُقال إن الملك الكامل قد دعا فرنسيس للصلاة معه في أحد المساجد فلم يتردد القديس في الاستجابة لتلك الدعوة, وقال: "إنني سأدعو, .. ربي, فالله في كل مكان"!.. ولا ريب أن ذلك اللقاء قد قوم لدى كل من الرجلين فكرة مسبقة خاطئة عن معتقد الآخر, فاتضح لفرنسيس أنه يمكن أيضا عبادة الله الواحد خارج المسيحية, كما تبين للملك الكامل أنّ المسيحيين الحقيقيين هم دعاة حب وسلام. وبالإجمال كانت تلك حقاً خطوة "مسكونية" قبل الأوان. وقد شقّ فراق الرجلين على كليهما, وأنفذ الملك مشيعين واكبوا فرنسيس ورفيقه حتى مخيم المسيحيين. اضطر فرنسيس للعودة إلى إيطاليا مسرعا إثر خلاف نشب بين أتباعه، حيث تنازل في عام 1221 عن رئاسة الرهبنة تواضعاً وتيسيراً للأمور, ثم واصل وعظه, ومضى في حياة التقشف.(33) باذراً أينما حل كنوز كلامه وفضيلته. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
مجمع الحُصر:
مما ينطق بصلاح الرهبانية الفرنسيسكانية المجمع المسمى بمجمع الحصر (بسبب الحصر التي أعدها فرنسيس لسكن الرهبان) حيث بلغ عدد الذين استطاعوا الحضور نحو خمسة آلاف أخ قدموا من إيطاليا ومن أقطار عديدة . قام فرنسيس في المجمع وخطب في الإخوة قائلا ً: "قصيرة هي لذة الدنيا!! أبدي العقاب الذي يليها!! الألم وقتي, أما مجد الحياة الأخرى فلا حد له "(34) في سنة 1221 أخذ غصنا جديدا ينمو على الجذع الأصيل، إلى جانب الأخوة الأصاغر وراهبات كلارا (الرهبانية الثانية)، وهذا الغصن هو الرهبانية الثالثة: وهذه الرهبانية أنشأها فرنسيس للعلمانيين من كلا الجنسين, ووضع لها قانونا يرمي إلى تقديس حياة أولئك, من غير أن يتركوا العالم . وفي سنة 1223 أقر البابا (هونوريوس الثالث ) رسميا الرهبانية الفرنسيسكانية . |
||||
27 - 09 - 2014, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
مغارة عيد الميلاد
لما اقترب ميلاد سنة 1223 راودت فرنسيس فكرة بأن يعيد ذكرى ولادة يسوع الطفل كما ولد في بيت لحم , حيث عثر على مغارة واسعة فأقام فيها مذودا ونثر على الأرض تبنا وأحضر ثورا وحمارا, وأعد كل ما يلزم للاحتفال، وتوارد المسيحيون من الضياع القريبة, وبأيدي بعضهم المشاعل, وألفوا شبه إكليل ضمن المغارة. وعند منتصف الليل أقيم القداس الإلهي, وخدم فيه فرنسيس كشمّاس إنجيلي, وألقى على الحاضرين خطبة في سر الميلاد. ومنذ ذلك الحين جرت العادة أن تقام مغاور الميلاد, لتدخل السرور على قلوب الملايين من الصغار, وتحرر من الجمود قلوب ملايين الكبار (35).. |
||||
27 - 09 - 2014, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: القديس فرنسيس.. حياة كالصلاة
مصالحة
يروى عن فرنسيس أنه صالح أهالي ( جوبيو ) مع الذئب الذي كان يروعهم حيث عاش الذئب سنتين بعد ذلك، يُقدم الأهالي له الطعام دون أن يؤذيهم (36) ولا عجبَ أن يأنس فرنسيس بالحيوانات , ولا سيما بالطيور ويشغف بها , ويحبها ويخاطبها، وهو القديس الشاعر يرى ما بين الإنسان والحيوان والنبات والبحر والطبيعة كلها من قرابة وثقى متأتية من الأصل الواحد , فيحس في كل جوارحه وأعماق نفسه بما يربط الخلائق بعضها ببعض ويربطها جميعها بالله. وفي كتاب "الزهيرات" أمثلة كثيرة ومنها عظته للعصافير.. بلغ فرنسيس في تجواله بقعة من الأرض كثيرة الطير حتى لتغدو جنة غناء . فكانت العصافير تتطاير وتتلاحق وتسعى إلى قوتها وهي تزقزق .فوقف يتأملها , وقد أخذ منظرها بمجامع قلبه فقال لرفيقه: دعني أعظ اخوتي العصافير!.. وغادر الطريق إلى حيث العصافير. وما أن بدأ بالكلام حتى حطت حوله ساكنة, كمن يصغي ويفهم , وهو يروح ويجيء, وهي لا تنفر: "عليكم، لله أيتها العصافير , أن تعرفوا جميله وتسبحوا بحمده في كل آنٍ ومكان، لقد أعطاكم أن تطيروا حيث شئتم, وكساكم من الكسوة ثوبين أو ثلاثة, ووفر لكم من الطعام ما لا تتعبون فيه, وعلمكم أن تغنوا وبارككم بكثرة النسل".. وتابع وعظه لهم إلى أن قال: "حذارِ، إخوتي العصافير , من نكران جميل الله وجحد آيات فضله والتقصير في حمده ".. وقامت للطيور على هذا الكلام ضجة ففغرت المناقير وخفقت الأجنحة, واهتزت الرؤوس, وسرت موجة الطرب حتى إلى فرنسيس, فبارك الطيور وأطلقها فانطلقت..(37).. |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
حياة القديس فرنسيس الأسيزي |
حياة القديس فرنسيس الأسيزي |
قصة حياة وصلوات القديس فرنسيس الأسيزي |
قصة حياة وصلوات القديس فرنسيس الأسيزي |
حياة القديس فرنسيس الأسيزى |