![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() أمّا إذا أتينا نقيض هذا فإنّنا نسيء إلى الله وقداسته، 'أي إنّ كلّ الغرباء عن إيماننا يقولون عنّا، وهم يشاهدوننا منصرفين إلى أعمال سيئة: ليسوا أهلاً لأن يكونوا أبناء الله'، كما يقول أيضًا ثيودوروس أسقف المصيصة. لقد أوحينا أنّ موقف يسوع الذي قاده إلى الصليب هو أكمل إعلان لقداسة الله، ولعلّ هذا يكشف لنا السبيل الحقّ الذي يجب أن يسلكه المؤمنون ليقدّسوا اسم الله. فالموت عن كلّ إثم هو نوع من أنواع الإخلاص الذي يُظهر، بقوّة، هذه القداسة. فالله، في الأخير، يُعرَف وتظهر قداسته في المؤمنين الذين لا يساومون على محبّته. ويبقى هذا، في سياق تنازل الله، دلالة ساطعة، في التاريخ، على أن الله حيّ ومخلّص كل الذين يمجّدونه ويشكرونه، وانه قدّوس في ذاته وفي الذين يعملون بحبّهم ودمهم 'من أجل خلاص العالم'. ليأتِ ملكوتك أو ' ليأتِ روحك القدّوس'، كما يقول نصّ قديم لإنجيل لوقا. وملكوت الله هو قوّة الله ونوره وفرحه ونعمته وملكه.... ولقد بدأ حقًّا، حسب شهادات الكتب المقدّسة، في التاريخ الخلاصيّ (ولو أنّ الشرور، في كلّ وجوهها، مازالت موجودة في العالم)، وهو سيُعلَن كاملاً في اليوم الأخير، وفق الوعد الصادق. في الطلبة الأولى صلّينا ' ليتقدّس اسمك'، وتقديس اسم الله، كما بيّنا معنى العبارة في مقالة آنفة، هو الذي يحضّ المؤمنين على أن يستعجلوا حلول ملكوته كاملاً. غير أنّ هذا لا يعني، حصرًا، أنّ إخلاص المخلصين هو الذي يدفع الله إلى أن ينهي 'أزمنة الناس'، فقد يكون العكس هو الصحيح (أنظر: لوقا 8: 18؛ متّى 24: 12)، بل إنّ حياتهم الصادقة هي، في جوهرها، كشف لهذا الملكوت العظيم وامتداد له. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() والواقع أنّ يسوع ردّد، في بدء كرازته، ما قاله يوحنّا المعمدان قبله ( والأنبياء عمومًا تناولوا، بوجه خاصّ، موضوع 'مُلك الله'...)، وهو: ' توبوا فقد اقترب ملكوت الله' (متّى 3: 2-4: 17 وما يوازيها). وهذا - في نداء يسوع - يعني أنّه حضر. أن نؤمن بحضور الملك يعني أن نقبل ملكوته وننتسب إليه. فليس ملكوت الله أرضًا أو سماء، ولكنّه شخص المسيح الذي 'فيه صرنا أبناء'، كما يقول أوريجانس. وليس هو، تاليًا، حدثًا أخرويًّا فحسب، وذلك أنّ 'ما لم تره عين أو تسمع به أذن أو يخطر على بال بشر' (1كورنثوس9: 2)، يمكن أن يذوق المؤمنون ومضاته هنا في هذا الدهر، وأن يمتشقوا إلى كماله، وذلك في طاعتهم برَّ الله وفي نشوة الأسرار المقدّسة وحياة الشركة. لقد ظنّ بعض الناس أنّ يسوع جاء ليؤسّس مملكة أرضيّة. وفي الواقع أراد بعضهم أن يختطفوه ليقيموه ملكًا (يوحنّا 15 :6). المفاهيم القديمة (الحروب والويلات والاستعمار الرومانيّ...) ساهمت في هذا التفكير واستعجال اليوم الأخير. وذلك أنّ الناس الأتقياء تجعلهم الأزمنة الرديئة أن ينتظروا تغيير أوضاعهم، أو أن يُبطل الله، بحضوره، الزمان والمكان ليحلّ عدله. والعبرانيّون ذاقوا قديمًا خبرة حكم الله، وقد أعطاهم الله - بعد أن ألحّوا عليه - أن تكون أرض إسرائيل مملكة زمنيّة يحكمها ملك يمثّل الله. وكانت السقطة. وتتالت الخيبات. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() فزاد شغفهم بالرجاء الآتي، وانتظار ذلك اليوم الذي يكون فيه الله 'الكلّ في الكلّ'، يوم يعود ويحكم هو نفسه ملكًا على شعبه ويوفّر لهم حياة ملؤها الخير والبركات. جاء يسوع، وأسقط كلّ المفاهيم المغلوطة. ورفض رفضًا قاطعًا اقتراح إبليس الذي عرض عليه أن يملك على 'جميع ممالك الدنيا ومجدها' (متّى8: 4 و9). وكشف أنّ 'مملكته ليست من هذا العالم'(يوحنّا 18: 36). وأدان كلّ تحريف أو ترقّب للملكوت الأخير ليس مؤسّسًا على 'السهر' (اليقظة) وطاعة الله. وذلك أنّه أراد أن يكشف مرّة وإلى الأبد أنّ الملكوت فيه، وليس هو شيئًا آخر. ولعلّ أصرح تعبير عن حقيقة الملكوت الذي أتى يسوع يعلنه 'ومكانه' (إذا جاز التعبير)، هو قول الربّ في إنجيل لوقا: 'ملكوت الله في داخلكم' (17 : 21)، وهو يريد أن يقول إنّ المؤمنين بي يشدّهم حبّهم إلى الملكوت الآتي، أو إنّ حبّهم ذاته يجعلهم يذوقون، في هذا الدهر، ما يرجونه في اليوم الأخير، أو، بلفظٍ آخر، هم الذين يدركون أنّ الهدف الرئيس في حياتهم هو أن 'يمتلكوا الله في نفوسهم'، وهذا، كما يقول الأب ليف (جيله)، لا يعني أن يحتجزوه 'في حياتهم الشخصيّة الضيّقة'، ولكن أن يعملوا ويناضلوا 'لكي ينشروه في ما حولهم'، وذلك أنّ الله الذي لا تهمّه الممالك والسلاطين يطلب قلوب البشر، فهو جاء من أجل البشر ومات عنهم لمّا أسلمه اليهود للصلب، وحكم عليه العالم، وهزأ به وعيّره، والحقّ أنّ العالم قضى على نفسه لمّا مات ابن الله على الخشبة. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ما من شكّ في أنّ نصر يسوع كان فيه، هو مَلَكَ لمّا 'ذُبح'، وأضاء سلطانه نورًا ساطعًا وخبت كلّ أنوار العالم، وكان مكتوبًا فوق رأسه علّة الحكم: 'هذا يسوع ملك اليهود' (متّى 27: 37). لقد حكى يسوع الملك قصّته في هذه الطلبة وكشف سرّه. وهل أحلى من الصلاة عندما تكون حكاية؟ تكلّم يسوع كثيرًا، في أمثاله، على هذا الملكوت المدهش الذي فيه (استعمل يسوع عبارة 'ملك الله' 90 مرّة من أصل 120 في العهد الجديد)، وكشف أنّه عطيّة الله (يسوع هو عطيّة الله) وأنّه موهبة مجّانيّة يغدقها الله بابنه على الذين يوافقون بطاعتهم إرادة الروح ويحيون بعمقٍ فاعلٍ شركة الكنيسة (محبّة الله و الأخوة). نعم، إنّ يسوع حقّق ملكوته بإتمامه تدبير أبيه، ونحن ننتظر أن يظهره تامًّا في يومه، ولهذا نصلّي برجاء كبير: ' آمين! تعال أيّها الربّ يسوع' (رؤيا يوحنّا 22: 20). غير أنّ تعاليم يسوع حول الملكوت تبيّن، تاليًا، أنّ أنوار هذا الملكوت المدهش تضيء في العالم الذي مازال البشر فيه يريدون للشيطان سلطة، وذلك ليعرف الجميع أنّ كلّ إنسان - مهما عظمت خطاياه - قادر، إذا شاء حرًّا أن يرمي عنه رداء العار، على القيام والتجدّد، وذلك لأنّ نور الربّ يشرق على 'المقيمين في بقعة الموت وظلاله'. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() حين يصلّي المسيحيّون 'ليأت ملكوتك' فهم يوجّهون أبصارهم نحو اكتمال الملكوت راجين اعتلانه هنا بتقويض سلطة إبليس وخلاص البشر. ولكنّ هذا، في كلّ حال، لا يعني أنّ هذا الاكتمال المجيد يتعلّق بجهود البشر المخلصين الذين لا يحكمهم، في الدنيا، شرّ أو صنم، ولا يقبلون أن يلطّخوا شرف الآب وحكاية ابنه. فهؤلاء يعرفون أنّ اكتمال الملكوت سرّ يحفظه الله، وهم في وسعهم، بالشوق، أن يرجوا حضوره كاملاً، وأن يهيّئوا قلوبهم، بودّهم وإخلاصهم، لاستقبال هذا الملكوت الأخير الذي افتتحه يسوع بمجيئه وقيامته. لتكن مشيئتُكَ كما في السماء كذلك على الأرض ليست مشيئة الله في السماء 'إرادة حقوقيّة'، بل هي 'خلاص العالم' (راجع: يوحنّا 6 : 39- 40؛ وأفسس 1: 3 - 10)، أو كما يقول اللاهوتي الأرثوذكسيّ المعاصر أوليفييه كليمان: هي 'دفع تدفّق حياة، ما يعطي الوجود ويجدّده عندما يتيه'. وهذه المشيئة كشفها الله الآب، في ملء الزمان، في ابنه يسوع الذي لم يكن فيه 'نعم ولا، بل نعم وآمين' (2 كورنثوس 1 : 19)، وهي التي تطيعها الملائكة في السماء (مزمور 103: 20)، وتعلّيها صلوات القدّيسين (رؤيا 11: 4)، وهي، في الأخير، ما يريد الله أن تظهر في الكنيسة المجاهدة قبل أن يستقبلها في ملكوته الأخير بعد أن تكون قد تخلّصت من كلّ ما يناهض مشيئته. والله الذي بيّن صدقه وحبّه علانيةً يفعل ما يشاء باستقلاليّة تامّة وقدرة مطلقة. غير أنّ قصده يتحقّق، في العالم، من خلال جوابنا نحن البشر وطاعتنا له كأبناء أحبّاء. فهو يريدنا قدّيسين (1تسالونيكي 4 : 3). ولقد أعطانا روحه ليقوّم تقاعسنا ويقوّي فينا كلّ عزم لنكون موافقين وعاملين 'في سبيل رضاه' (فليبي 2: 13؛ عبرانيّين 13: 21). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لقد رأينا في طلبتَيْ: 'ليتقدّس اسمك' و'ليأتِ ملكوتك'، أهمّيّة أن يكون الإنسان منفتحًا على متطلّبات الله في حياته. وهنا، في هذه الطلبة، نجد المعنى عينه، وذلك أنّ مشيئة الله لا تتمّ في الأرض كلاميًّا فحسب، ولكن بالفعل أيضًا، أي بطاعة الحياة. هذا ما أظهره يسوع 'في ضيعة يقال لها جثمانيّة' (متّى 26: 42 وما يوازيها)، إذ صلّى قبل آلامه بثقة كاملة واستسلام كامل وحرّ لمشيئة الله أبيه، استسلام هو، في حقيقته، تعبير عن خضوعه لأبيه وتواضعه أمامه (قال: لتكن مشيئتك لا مشيئتي). الربّ، في هذا النزاع الأخير، لم يطلب أن ينجّيه أبوه من الموت القريب، بل أراد أن يدلّ على تجاوبه وإرادةَ أبيه. وهذا ما يطلبه الربّ من الذين يرغبون بأن يعرفوا الله مخلّصًا وقدّوسًا: أن يتشبّهوا بيسوع فيثقوا بالله مهما كانت ظروفهم صعبة، ويبتعدوا عن كلّ شرّ يهاجمهم ويصلحوا أنفسهم دائمًا على ضوء رحمته ومحبّته (أنظر: رومية 12 : 1- 2). ما يبيّن، إذًا، أنّنا قَبِلْنا هذه الطلبة هو أن نتخلّى عن مشيئتنا. وذلك لأنّ 'من يتخلَّ عن مشيئته فهو قدّيس'، كما يقول أبونا البارّ يوحنّا السلّميّ (المقالة 9/17). وهذا (أن نتخلّى عن مشيئتنا) لا يعني، بالطبع، أن نكون بلا مشيئة، ولكن أن تصبح مشيئة الله هي إيّاها مشيئتنا. فالذين يطلبون مشيئة الله حقًّا هم أولئك الذين لا يقيمون وزنًا لما في هذا العالم من مغريات، وهم الذين مهما اشتدّت عليهم التجارب والمحن، لا يهادنون ولا يساومون على الحقّ، بل يقبلون النعمة التي أعطيت لهم بالمسيح الذي خلّص العالم من كلّ شرٍّ وموت لمّا استسلم كلّيًّا لمشيئة أبيه. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يقول القدّيس كيرلّس الإسكندريّ: 'أولئك الذين يتوسّلون في صلواتهم أن تتمّ مشيئة الله على الأرض، ينبغي بالضرورة أن يحيوا هم أنفسهم بلا لوم، وألاّ يبالوا بالأمور الأرضيّة، بل أن يتحرّروا من كلّ دنس، ويقفزوا خارجًا من حفرة الإثم 'مكمّلين القداسة في خوف الله' (2 كورنثوس 7: 1). لا يُكرهنا يسوع على شيء، فهو لا يطلب منّا أن نقبل إرادته غصبًا عنّا، ولكن بحرّيّة تامّة. والحرّيّة هي صورته فينا. يريدنا أن ننفذّ إرادته لأنّه ربّنا، ولأنّه يعرف مصلحتنا أفضل منّا. لا يُكرهنا الله على شيء، لأنّنا أبناؤه، ولسنا عبيدًا. العبد ( قد) لا يقتنع دائمًا بما يريده سيّده، ولو نفّذ إرادته. أمّا الابن فيعرف أنّ أباه يحبّه فيطيعه في كلّ حال، ولو قسا عليه يعرف أنّ قسوته وجه من وجوه حبّه إيّاه. صحيح أنّ الأبرار يستعبدون أنفسهم لله (لوقا 17: 10)، ولكنّه هو لا يراهم عبيدًا، بل أبناء، يقول يسوع: 'لا أدعوكم عبيدًا بعد اليوم، لأنّ العبد لا يعلم ما يعمل سيّده. فقد دعوتكم أحبّائي لأنّي أطلعتكم على كلّ ما سمعته من أبي' (يوحنّا 15: 15). ولعلّه من المفيد أن نذكر أنّ بعض علماء التفسير رأوا أنّ عبارة 'كما في السماء كذلك على الأرض' لا ترتبط بهذه الطلبة حصرًا، ولكن بما سبقها أيضًا. وهذا ما أوحى به قديمًا العلاّمة أوريجانس بقوله: 'يمكننا أن نفهم عبارة متّى (كما في السماء كذلك على الأرض) بمعنى أوسع. فالصلاة المطلوبة منّا هي كالتالي: ليتقدّس اسمك كما في السماء كذلك على الأرض، ليأت ملكوتك كما في السماء كذلك على الأرض، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. فاسم الله قدّسه سكّان السماء؛ وملك الله أقيم فيهم؛ وإرادة الله تحقّقت فيهم. فكلّ هذه الأشياء التي هي ناقصة لسكّان الأرض، بوسعها أن تتحقّق إذا عرفنا أن نكون أهلاً لأن يستجيب الله لنا'. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() غير أنّ هذا التوسّع، يجب أن لا يولّد لنا، كما يقول الأب ليف (جيله)، فيما نتلو هذه الطلبة 'تأثيرات خاطئة'... لأنّه لا يمكن أن تجري مشيئة الله على الأرض تمامًا وكمالاً كما هي في السماء، وذلك لسبب بسيط، وهو أنّ الأرض ليست كاملة، أبديّة، نهائيّة كما هي السماء. الأرض مسيرة أمّا السماء فغاية. الأرض مؤقّتة تتكامل باستمرار وتتحسّن بغير انقطاع. أمّا السماء فهي نهاية، تكميل، كلّيّة. ولكن بين تحقيق المشيئة الإلهيّة في السماء وتحقيقها على الأرض تجاوب وتناظر وتقابل. إنّ السماء نموذج الأرض، أو بكلمة أصحّ هي إكمال وتتميم ذلك الذي يبدأ على الأرض'. في الأخير، تكشف لنا هذه الطلبة خلاص الله الـذي صالح، بمـوت ابنه وقيامته، السماء والأرض (السماويّين والأرضيّين) ووحّدهما به. هذه هي مشيئته التي خالفها الجـدّان الأوّلان في الفـردوس فأُخرجا خارجه بعيدًا عـن الله، والتي جاء يسوع متجاوزًا كلّ حدودٍ ومسافةٍ وضعتهما الخطيئة ليعيدنا إلى الله أبيه. وهو ينتظـر دائمًا أن نعمل نحن رضاه لتسـود مشيئته فـي الأرض، ليكون في الأرض نور السماء وحبّها وإخلاصها. خبزنا الجوهريّ أعطنا اليوم ثمّة جدل كبير ومعقّد بين علماء التفسير حول ما تعنيه لفظة 'جوهريّ' (epiousios) في هذه الطلبة. والواقع أنّ هذه اللفظة، التي استعملت في العهد الجديد حصرًا في الصلاة الربّيّة، يمكن أن تعني، في أصلها اليونانيّ، حسب اشتقاقاتها المتنوّعة: الخبز الضروريّ للعيش ( خبزنا اليوميّ )، الخبز من أجل المستقبل، أو خبز الغد...، أو الخبز الجوهريّ. |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() وهذا المعنى الأخير هو الذي تستعمله كنيستنا الأرثوذكسيّة وتجده أكثر توافقًا وسياق الصلاة الربّيّة. ومع أنّ كلّ حصر لا يرى في هذه الطلبة سوى طلب الحاجات الأرضيّة هو ناقص، فإنّ طلبة الخبز الجوهريّ لا تهمل طلب حاجات الإنسان الضروريّة للحياة. وذلك أنّ الله الذي يحضّ المؤمنين على أن يطلبوا أوّلاً ملكوت الله وبرّه (متّى 6: 33)، يحمل أتباعه على أن يدركوا جوده وإحسانه هنا في حياتهم دائمًا، وأن ينتظروا منه كلّ شيء بثقةٍ لا تتزعزع. فإذا قال الربّ صلّوا: 'خبزنا... أعطنا'، فهو يريد منهم أن يتوجّهوا إليه معترفين به إلهًا وسيّدًا على حياتهم، وأن يثقوا بفعله وخلاصه في زمانهم الحاضر. يعلّمنا يسوع، في إنجيله، أن نتّكل على الله وحده في كلّ شيء (اطلبوا تجدوا، اقرعوا يُفتح لكم...). أن نتّكل عليه في كلّ شيء، أو أن نسلّم حياتنا له، هو أن نستلمها منه. نقول 'خبزنا... أعطنا'، والخبز هو من ضرورات هذه الحياة. هو، كما ترى التوراة، عطيّة من السماء وكرمًا من الله يتوّج عمل البشر. يسوع يريدنا دائمًا أن نطلب الخبز، في صلواتنا، من الله أبينا لنتعلّم أن نكون أمامه كالأطفال الذين ينتظرون كلّ شيء منه (متّى 7: 9 وما يوازيها). |
||||
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() يقول القدّيس كيرلّس الإسكندريّ في شرحه هذه الطلبة: 'إنّه من الأليق جدًّا بالقدّيسين (أي المسيحيّين) أن يسعوا بكلّ جهد ليحسبوا مستحقّين العطايا الروحيّة. ولكن من جهة أخرى ينبغي لنا أن نفهم أنّه حتّى إذا ما كانوا يطلبون مجرّد الخبز العاديّ، إلاّ أنّه لا لوم عليهم البتّة في ذلك إذا كانوا يسألونه من الله حسبما يدعوهم المخلّص أن يفعلوا هكذا، لأنّ هذا يليق بتقوى حياتهم'. أن نطلب، إذًا، من الله خبز اليوم أمر يقينا من الاتّكال على ذواتنا حصرًا، أو أن ' ننهك أنفسنا باهتمام اليوم التالي'. فيسوع لا يريدنا أن نهتمّ بالغد أو بأيّ ملك أرضيّ، بل أن نؤمن بعناية الآب المطلقة (متّى 6: 25- 34)، بعنايته بنا 'اليوم'. وهذا ما يؤكّده أيضًا القدّيس كيرلّس بقوله: ' فالربّ إذ أوصاهم أن يسألوا من أجل الخبز، أي من أجل خبز يوم واحد. فهذا برهان واضح على أنّه لا يسمح لهم بامتلاك أيّ شيء، بل يطلب منهم أن يمارسوا الفقر اللائق بالقدّيسين'. ويقول أيضًا: 'إذًا فلنسأله ونحن ' ملقون كلّ همّنا عليه' (1بطرس 5: 7) ما يكفي لحياتنا، أي الطعام والكساء وكلّ ما يقوم بأود الحياة متجنّبين كلّ رغبة في الغنى. لأنّ ذلك يهدّد حياتنا بالدمار، وإن كانت هذه هي إرادتنا فإنّ المسيح يقبلنا ويباركنا'. عناية الله الآب بنا حقًّا 'اليوم' بيّنها يسوع بخاصّة في حادثة تكثير الخبز في البريّة (متّى 14: 14- 21)؛ الخبز الذي قدّمه أصلاً أناس من أجل غيرهم؛ فتكون، تاليًا، إرادة يسوع في تعليمنا أن نطلب الخبز هي أن نتحسّس جوع الآخرين وقلقهم وأن نطعمهم من 'خبزنا'، أن نسدّ جوع أخوتنا المنتشرين حولنا وفي العالم من عطايا الله. |
||||
![]() |
![]() |
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
يّذكرنا يسوع الصلاة الربية ان يغفر كُلَّ واحِدٍ مِنكم لأَخيهِ |
أهمية الصلاة الربية |
الصلاة الربية |
الصلاة الربية |
الصلاة الربية ابانا الذى وتفسيرها |