19 - 06 - 2014, 12:47 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في الطاعة والخضوع 1 – إنه لأمر عظيمٌ جدًّا، أن يعيش الإنسان في الطاعة خاضعًا لرئيس، وغير مالكٍ زمام نفسه. إنَّ الخضوع لآمن، بكثيرٍ، من الرئاسة. كثيرون هم تحت الطاعة عن اضطرار، أولى ممَّا عن محبَّة، فهؤلاء هم في عذاب، وبسهولةٍ يتذمرون. ولن يحصلوا على حرّيَّة الروح، ما لم يخضعوا، من كل قلوبهم، لأجل الله. جُل حيثما شئت: فإنك لن تجد الراحة، إلاَّ في الخضوع، بتواضع، لتدبير الرَّئيس. كثيرون ظنُّوا أنَّ تبديل الأماكن يفيدهم، فغرهم ظنُّهم. 2 – لا شكَّ أن كلَّ واحدٍ يحبُّ العمل بحسب رأيه، ويميل بالحري إلى الذين يرون رأيه. ولكن، إن كان الله في ما بيننا، فمن الضَّروريّ، أحيانًا، أن نتخلَّى حتى عن آرائنا الذَّاتية، لأجل السلام. ومن تراه صار من العلم، بحيث يعرف كلَّ شيء تمام المعرفة؟ فلا تثق إذن برأيك بإفراط، بل أصغ أيضًا بارتياحٍ لرأي الآخرين. إن كان رأيك صائبًا، وتركته لأجل الله، واتبعت رأيًا آخر، فإنك تجني من ذلك فائدةً أعظم. 3 – كثيرًا ما سمعت أنَّ الإصغاء وقبول المشورة، آمن من إسدائها. وقد يتفق أيضًا أن تكون آراء كلّ واحدٍ حسنة، ولكنَّ رفض مجاراة الآخرين، عندما يقتضيها العقل أو الأحوال، لدليلٌ على الكبرياء والعناد. |
||||
التعديل الأخير تم بواسطة Mary Naeem ; 19 - 06 - 2014 الساعة 01:01 PM |
|||||
19 - 06 - 2014, 01:01 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في تجنب الكلام الناقل 1 – إجتنب، ما استطعت، جلبة الناس، فإنَّ الأحاديث عن الشؤون العالميَّة تعوق كثيرًا، وإن كانت على نيةٍ سليمة. سرعان ما تدنسنا الأباطيل وتأسرنا! أود لو أني، مرَّاتٍ كثيرة، حفظت الصمت ولم أكن بين الناس. ولكن لم نرتاح جدًا إلى الكلام والتحدث بعضنا إلى بعض، ونحن قلَّما نعود إلى الصمت، من غير انثلامٍ في الضَّمير؟ إنَّا لنرتاح جدًّا إلى الكلام، لأنَّا، بتبادل الحديث، نبتغي التعزية بعضنا من بعض، ونرغب أن ننعش قلبنا، المتعب بمختلف الأفكار. وأكثر ما نرتاح إليه في الحديث والتأمل، إنمَّا هو الأُمور التي نحبها أو نشتهيها بالأكثر، أو تلك التي نراها معاكسة لأميالنا. 2 – ولكن -يا للأسف!- كثيرًا ما يكون ذلك عبثًا وباطلًا. فإنَّ هذه التَّعزية الخارجَّية، إنمَّا تلحق ضررًا جسيمًا بتعزيات الله الدَّاخلية. فيجب إذن السهر والصلاة، لئلاَّ يمرَّ الزَّمن في البطالة. إذا كان الكلام جائزًا ونافعًا، فتكلَّم بما هو للبنيان. إنَّ العادة الرَّديئة، والتَّهاون في أمر تقدُّمنا، لمن أكبر الموانع لنا عن ضبط أفواهنا. على أنَّ المذاكرة التقويَّة في الأمور الرُّوحيَّة، تفيد كثيرًا للتَّقدُّم الرُّوحي، ولا سيما إذا اجتمع في الله قومٌ، قد تماثلوا في القلب والرُوح. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:03 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في تحصيل السلام وفي الغيرة على التقدم 1- لولا رغبتنا في الاهتمام بأقوال الآخرين وأفعالهم وبالأمور التي لا تعنينا، لكان في استطاعتنا أن نتمتع بسلام وافر. كيف يستطيع البقاء طويلا في السلام، من يتدخل في مهام الآخرين، أو من يطلب فرص الاندفاع إلى الخارج، ولا يختلي في نفسه إلا قليلا أو نادرا؟ طوبى للسذج! فإنهم يحصلون على سلام وافر. 2- لم بلغ بعض القديسين درجة سامية من الكمال والمشاهدة؟ لأنهم اجتهدوا في إماتة أنفسهم، إماتة كاملة، عن جميع الشهوات الأرضية، فاستطاعوا أن يتحدوا بالله من صميم قلوبهم، ويتفرغوا لذواتهم بحرية. أما نحن، فشغلنا الشاغل في أهوائنا الذاتية، واهتمامنا المفرط في الأمور الزائلة. إنه لمن النادر أن نقمع تمامًا، ولو رذيلة واحدة، ثم إننا لا نضطرم غيرة على تقدمنا اليومي، ولذلك نبقى باردين، لا حرارة فينا. 3- لو كنا أمواتا عن أنفسنا بالتمام، وأقل ارتباكًا في دواخلنا، إذن لاستطعنا أن نتذوق حتى الأشياء الإلهية، ونخبر شيئا من المشاهدة السماوية. إن العائق الأعظم بل الوحيد، هو أننا غير أحرار من الأهواء والشهوات، ولا نجتهد أن نسلك طريق القديسين الكامل. فإذا عرضت لنا شدة طفيفة، فشلنا في الحال وعمدنا إلى التعزيات البشرية. 4- لو اجتهدنا أن نثبت كرجال بأس في القتال، لرأينا بلا ريب، معونة الرب، تنحدر علينا من السماء. فإنه مستعد لنصرة المجاهدين، والمتوكلين على نعمته، لأنه هو الذي يوفر لنا أسباب الجهاد، كيما ننتصر. إن حصرنا تقدمنا الروحي في الممارسات الخارجية فقط، فتقوانا صائرة سريعًا إلى الزوال. ولكن لنضع الفأس على أصل الشجرة، حتى إذا تطهرنا من أهوائنا، نحصل على سلام الروح. 5- لو كنا في كل سنة نستأصل رذيلة واحدة لصرنا سريعا رجالا كاملين. لكننا نشعر غالبا أن الأمر على عكس ذلك: أي أننا في بدء حياتنا الرهبانية قد كنا أفضل وأطهر مما نحن عليه الآن، بعد سنين كثيرة قضيناها في تلك العيشة. لقد كان من الواجب أن تنمو حرارتنا وتقدمنا كل يوم، أما الآن فيحسب أمرا عظيما أن يحافظ أحدنا على شيء من حرارته الأولى. لو كنا، في البدء نغضب أنفسنا قليلا، إذن لكان بوسعنا في ما بعد، أن نضع كل شيء بسهولة وفرح. 6- إنه لأمر شاق الإقلاع عن العادات وأشد مشقة منه، مخالفة الإرادة الشخصية. فإن لم تذلل الآن الصعوبات الصغيرة الطفيفة، فمتى تنتصر على ما هو أشد منها؟ قاوم ميلك في بدئه، واقلع عن العادة الرديئة لئلا تستدرجك رويدًا، إلى صعوبة أشد. آه! لو كنت تدرك أي سلام تجني لنفسك، وأي فرح تجلب للآخرين، إن أحسنت سيرتك، لكنت في ما أظن أكثر اهتماما بشأن تقدمك الروحي. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:04 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في منفعة الشدة 1 – حسنٌ لنا أن تنتابنا، أحيانًا، بعض الشدائد والمعاكسات، لأنَّها كثيرًا ما تردُّ الإنسان إلى نفسه، لكي يعرف أنه في المنفى، فلا يجعل، من بعد، رجاءه في شيءٍ من العالم. حسنٌ لنا أن يعاكسنا الناس أحيانًا، وأن يظنوا فينا السُّوء والنقَّص -وإن كانت أعمالنا ونيَّاتنا صالحة- فكثيرًا ما يعود علينا ذلك بالخير، لحفظ التواضع، والوقاية من المجد الباطل. فإنَّنا، إذا استحقرنا الناس في الخارج، ولم يحسنوا بنا الظَّنّ، فحينئذٍ نؤثر أن نتَّخذ الله شاهدًا على دواخلنا. 2 – فعلى الإنسان إذن، أن يوطد نفسه في الله، بحيث لا تعود به حاجةٌ لالتماس كثيرٍ من التَّعزيات البشريَّة. إنَّ الرَّجل الصَّالح الإرادة، إذا حصل في ضيقٍ أو تجربة، أو عنّي بالأفكار الشّرّيرة، فحينئذٍ يدرك شدَّة احتياجه إلى الله، ويرى أنَّه، بدونه، لا يستطيع شيئًا من الصلاح. وحينئذٍ أيضًا، يحزن ويئن ويتضرع، لما أصابه من الشَّقاء. "حينئذٍ يملُّ طول الحياة" (2كورنثيين 1: 8)، ويتمَّنى دنو أجله، لكي "ينحلَّ فيكون مع المسيح" (فيليبيين 1: 23). وحينئذٍ أيضًا، يدرك تمام الإدراك، أنه لا يمكن أن تدوم في العالم طمأنينةٌ كاملة، او سلامٌ تامّ. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:05 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في مقاومة التجارب 1 - ما دمنا في هذه الحياة، لا يمكن أن نخلو من الضِّيق والتَّجربة. ولذلك قد كتب في سفر أيُّوب:" تجربةٌ هي حياة الإنسان على الأرض" (أيوب 7: 1). فعلى كلّ واحدٍ أن يجعل همَّه في مجابهة تجاربه، وأن يسهر ويصلّي، لئلاَّ يجد إبليس موضعًا لإغوائه، فإنَّه لا ينعس أبدًا، بل "يجول ملتمسًا من يفترسه" (1 بطرس 5: 8). ما من أحدٍ، أيًّا كان كماله وقداسته، إلاَّ وتهاجمه التجارب أحيانًا، فمن المحال أن نخلو منها تمامًا. 2 – على أنَّ التَّجارب أحيانًا -وإن عنيفةً مرهقة- كثيرًا ما تكون جزيلة الفائدة للإنسان، أنها تذلّله وتنقّيه وتؤدّبه. فالقدِّيسون جميعًا جازوا في المضايق والتَّجارب، فافلحوا. أمَّا الذين لم يقووا على احتمال التجارب، فرذلوا وسقطوا. ما من رهبنةٍ، أيًَّا كانت قداستها، ولا موضعٍ، أيًّا كانت خلوته، إلاَّ وهناك تجارب وشدائد. 3 – ما دام الإنسان في الحياة، فليس له تمام الأمن من التَّجارب، لأن مصدر تجاربنا هو فينا، إذ نحن في الشهوة مولودون. فإن بارحتنا تجربةٌ أو شدَّة، حلَّت مكانها أُخرى، وسيبقى لنا أبدًا مضايق نعانيها، لأنَّ خير سعادتنا قد خسرناه. كثيرون يطلبون الهرب من التَّجارب، فيقعون فيها وقوعًا أشد. بالهرب وحده لا نستطيع الغلبة، لكن الصبر والتواضع الحقيقيّ، يجعلاننا أقوى من جميع الأعداء. 4 – من لم يحد عن الشَّرّ إلاَّ في الخارج فقط، دون أن يقتلعه من أُصوله، فقلَّما يتقدَّم، بل سرعان ما تعاوده التَّجارب، فتزداد حاله سوءًا. الغلبة بالتَّمهُّل والصبر وطول الأناة، أيسر عليك منها بالقسوة واللجاجة. أكثر من طلب المشورة إبَّان التَّجربة، ولا تعامل بقسوةٍ من كان مجرَّبًا، بل عزه كما تودّ أن يصنع لك. 5 – أوَّل جميع التَّجارب الشّريرة، تقلُّب النَّفس وقلَّة الثّقة بالله، فكما أنَّ السَّفينة التي بلا دفَّة، تتقاذفها الأمواج من كل جهة، كذلك الإنسان المتراخي، النَّاكص عن قصده، يمتحن بتجارب مختلفة. "النَّار تمتحن الحديد" (ابن سيراخ 31: 31)، والتَّجربة الرَّجل الصّدّيق. كثيرًا ما نجهل مقدار قوَّتنا، لكن التَّجربة تظهر ما نحن عليه. بيد أن السهر واجبٌ خصوصًا في أول التَّجربة، لأنَّ العدَّو يغلب بسهولةٍ أكبر، إذ منعناه منعًا باتًا عن ولوج باب النفس، وبادرنا، حال قرعه له، نلاقيه خارج العتبة. وقد قال أحدهم في ذلك:" قاوم الدَّاء في أوله، لئلاَّ يزمن بتأخُّر الدَّواء" (اوفيديوس: دواء الحب 91). ففي البدء يخطر على البال فكرٌ بسيط، ثم تصوُّرٌ قوي، ثم اللَّذَّة، فالحركة الرديئة، فالرضى. وهكذا يتغلغل العدو الخبيث، تدريجًا، إلى النَّفس كلّها، إن لم يردَّ من أول أمره. وبقدر ما يتأخر المرء ويتوانى في المقاومة يزداد كل يومٍ ضعفًا في نفسه، فيما عدوُّه يزداد قوةً عليه. 6 – إنَّ بعضًا يقاسون أشدَّ التَّجارب في بدء اهتدائهم، وبعضًا في النهاية، وغيرهم لا تكاد المحن تفارقهم، حياتهم كلها. وهناك أيضًا مَنْ يجربون برفقٍ، على حسب الحكمة والعدل في ترتيب الله، الذي يروز أحوال البشر واستحقاقاتهم، ويسبق فيدبر كل شيءٍ لخلاص مختاريه. 7 – ولذلك ينبغي أن لا نيأس عند التَّجربة، بل نتضرع إلى الله بحرارةٍ أعظم، ليرتضي ويساعدنا في كل ضيقة، فإنه، حقًا، على حد ما يقول بولس، "يجعل مع التَّجربة مخرجًا، لنستطيع احتمالها" (1 كورنثيين 10: 13). " فلنضع إذن تحت يد الله" (1 بطرس 5: 6) في كلّ تجربة وضيق، لأنه "يخلص ويرفع المتواضعين بالروح" (مزمور 33: 19). 8 – في التَّجارب والمضايق يختبر كم تقدَّم الإنسان، وفيها يعظم استحقاقه، وتتضح فضيلته بجلاء أوفر. ليس بعظيمٍ أن يكون الإنسان متعبدًا حارًا، ما دام لا يشعر بعناء، لكنه إن ثبت على الصبر في أوان الشدَّة فله الأمل بتقدُّم عظيم. من الناس من يصانون من التَّجارب الكبيرة، وهم كثيرًا ما يغلبون في التَّجارب الصغيرة اليوميَّة، وذلك لكي يتَّضعوا، فلا يثقوا بأنفسهم في الأمور الخطيرة، حال كونهم يضعفون عن أُمور طفيفة جدًّا. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:06 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في اجتناب الدينونة الباطلة 1- حول عينيك إلى نفسك، واحذر أن تدين أفعال الآخرين. عبثا يتعب الإنسان بدينونته الآخرين، وكثيرًا ما يضل، وما أسهل ما يخطأ! أما إذا دان نفسه وناقشها، فتعبه يكون أبدًا مثمرًا. كثيرا ما نحكم في الأمور بحسب قلبنا منها، وما أسهل ما نفقد الحكم الصوابي، بسبب حبنا لذواتنا! لو كان الله، دائما الغاية الخالصة لأمانينا، لما كنا نضطرب بمثل هذه السهولة، إذا قاوم أحد رأينا. 2- ولكن ما يحملنا على العمل هو في الغالب دافع خفي في داخلنا، أو جاذب يأتينا من الخارج أيضًا. كثيرون يطلبون أنفسهم سرًا في أعمالهم وهم لا يعملون. لا بل يبدون موطدين في سلام حقيقي، ما دامت الأمور تجري وفق إرادتهم ورأيهم. فإذا حدث أمر على خلاف ما يشتهون، اضطربوا في الحال واكتأبوا. إن اختلاف الآراء والأفكار، هو الذي كثيرا ما يولد الخصومات بين الأصدقاء، وبين المواطنين بل بين الرهبان وأهل العبادة. 3- العادة القديمة تترك بصعوبة، وما من احد يرضى بالانقياد لما يتجاوز مدى نظره. إن اعتمدت على عقلك ودهائك أكثر من اعتمادك على قوة يسوع المسيح القاهرة، فقلما تبلغ الاستنارة -وإن بلغتها، فبعد الأوان- لأن الله يريد أن نخضع له خضوعًا كاملًا، وأن نتعالى فوق كل عقل باضطرام الحب. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:07 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في الأعمال الصادرة عن المحبة 1 – لا يجوز أبدًا فعل شيءٍ من الشَّرّ، لأيّ علَّةٍ كانت، ولا جبًّا لأي أحدٍ من الناس. على أنه يسوع أحيانًا، لأجل فائدة المحتاج، أن يرجأ العمل الصَّالح، بل يبدَّل بعملٍ أفضل. إذ بذلك لا ينقَّض العمل الصَّالح، بل يبدَّل بما هو خيرٌ منه. العمل الخارجيُّ، بدون محبَّة، لا يفيد شيئًا، أمَّا ما يعمل عن محبَّة، فمهما صغر وحقر، فإنه بجملته يصبح مثمرًا، لأنَّ الله يقدر الباعث على العمل، أكثر من العمل نفسه. 2 – إنه ليعمل كثيرًا، من يحبُّ كثيرًا. إنه ليعمل كثيرًا، ذاك الذي يحسن عمله، وإنه ليحسن العمل، ذاك الذي يقدّم خير الجمهور، على إرادته الذَّاتيَّة. كثيرًا ما يبدو لنا عمل محبَّة، ما هو بالحري وليد الشهوة، فإن أعمالنا قلَّما تخلو من الميل الطَّبيعيّ، والإرادة الشخصيَّة، وأمل المكافأة، والطَّمع في المنفعة. 3 – من كانت فيه المحبة الحقيقيَّة الكاملة، لا يطلب نفسه في أمرٍ البتَّة، بل رغبته الوحيدة، أن يتمجد الله في كل شيء. وهو لا يحسد أحدًا، لأنه لا يحب أن يختصَّ نفسه بفرحٍ ما، أو يجعل فرحه في ذاته، بل ما يتوق إليه، إنَّما هو التنعم في الله، فوق جميع الخيرات. لا ينسب من الصَّلاح شيئًا لأحد، بل يعيد كل شيءٍ إلى أصله وينبوعه، إلى الله هو غاية القديسين جميعهم، وراحتهم ونعيمهم. آه! من كانت فيه شرارةٌ من المحبة الحقَّة، فإنه يشعر، دون ما ارتياب، أنَّ جميع الأرضيات ملأى من الباطل. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:07 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في احتمال نقائص الآخرين 1 – ما لا يقو الإنسان على إصلاحه، في نفسه أو في غيره، فعليه أن يحتمله بصبر، ريثما يدبر الله خلاف ذلك. فكّر أن هذا قد يكون خيرًا لك، لامتحانك في الصبر، إذ ليس لاستحقاقاتنا، بدون الصبر، كبير قيمة. ولكن عليك أن تتضرع إلى الله بشأن تلك العوائق، ليتنازل ويساعدك، فتستطيع أن تحتملها بوداعة. 2- إذا نصحت لأحدٍ مرَّة أو مرَّتين، ولم ينتصح، فلا تخاصمه، بل فوض كل شيءٍ إلى الله، لتتَّم إرادته، ويبدو مجده في جميع عباده، فإنَّه يعرف جيدًا أن يحول الشَّرَّ إلى خير. اجتهد أن تحتمل بصبرٍ نقائص الآخرين وأوهانهم، أيًّا كانت، فإنَّ فيك، أنت أيضًا، عيوبًا كثيرة، يجب على الآخرين احتمالها. إن كنت لا تقدر أن تجعل نفسك كما تريد، فكيف يمكنك أن تجعل الآخرين وفق مرامك؟ نحبُّ أن يكون الآخرون بلا نقص، أما نحن، فلا نصلح عيوبنا الخاصَّة! 3 – نريد أن يؤدَّب الآخرون بشدَّة، أما نحن، فنأبى التَّأديب! يسوءنا ما للآخرين من حريةٍ واسعة، أمَّا نحن، فنأبى أن يرفض لنا ما نطلب! نريد أن يتقيد الآخرون بالقوانين، أمَّا نحن، فلا نحتمل أن يضيَّق علينا بشيءٍ البتَّة! وهكذا يتَّضح جليًّا، أنَّنا قلَّما نكيل بالمكيال عينه، لأنفسنا وللقريب. لو كان الجميع كاملين، إذن فأيَّ شيءٍ كنَّا نحتمل من قبل الآخرين، لأجل الله؟ 4 – أمَّا الآن، فقد دبر الله الأمور على هذا النَّحو، لكي نتعلَّم أن "نحمل بعضنا أثقال بعض" (غلاطيين 6: 2).إذ لا أحد بغير نقص، ولا أحد بغير ثقل، ليس لأحدٍ كفايةٌ بنفسه، ولا أحد في غنىً عن حكمه الآخرين، بل ينبغي لنا أن نحتمل بعضنا بعضًا، ونعزي بعضنا بعضًا، وأن يساعد أحدنا الآخر، ويرشده وينصح له. فمقدار فضيلة المرء، إنما يتضح بجلاء عند الشدَّة، لأنَّ هذه الفرص لا توهن الإنسان، بل تظهره كما هو. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:08 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في السيرة الرهبانية 1- عليك أن تتعلم قمع نفسك في أمور كثيرة، إن ابتغيت حفظ السلام والوئام مع الآخرين. ليس باليسير الإقامة في دير أو في جماعة رهبانية والعيش هناك من غير لوم، والثبات على الوفاء حتى الموت. طوبى لمن عاش هناك عيشة صالحة، وختمها بنهاية سعيدة. إن شئت أن تثبت وتتقدم كما ينبغي في هذه السيرة فاحسب نفسك منفيا وغريبا على الأرض. إن شئت أن تعيش العيشة الرهبانية، فعليك أن تصبح جاهلا من أجل المسيح. 2- الثوب الرهباني، وإكليل شعر الرأس، قلما يفيدان، لكن تغيير السيرة، وإماتة الأهواء إماتة كاملة هما اللذان يجعلان الراهب راهبًا حقًا. من طلب شيئا آخر سوى الله وخلاص نفسه فلن يجد غير الضيق والوجع. ومن لا يجتهد أن يكون أصغر الجميع وخاضعا للجميع، فلا يستطيع البقاء طويلا في السلام. 3- أنت ما جئت إلى الدير إلا لكي تخدم لا لكي تحكم. واعلم أنك للظالم والعمل قد دعيت، لا للبطالة والثرثرة. فهنا يمحص الناس، تمحيص الذهب في الكور، هنا ما من أحد يستطيع الثبات، إلا إذا رضي أن يخضع من كل قلبه لأجل الله. |
||||
19 - 06 - 2014, 01:09 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الاقتداء بالمسيح - الراهب توماس أكيمبيس
في قدوة الآباء القديسين 1- إعتبر قدوة الاباء القديسين الحية، الذين تلألأ فيهم الكمال والسيرة الرهبانية الحقة، تر كم هو قليل ما نفعله نحن حتى كأنه لا شيء. آه! ما حياتنا إذا قيست بحياتهم؟ إن القديسين وأحباء المسيح، قد خدموا الرب قي الجوع والعطش في البرد والعريفي التعب والكد في الأسهار والأصوام، في الصلوات والتأملات المقدسة في الاضطهادات والتعييرات الكثيرة. 2- آه! ما أكثر وما أشد المضايق، التي قاساها الرسل والشهداء، والمعترفين، وسائر الذين أرادوا أن يقتفوا آثار المسيح! " فإنهم قد أبغضوا نفوسهم في هذا العالم ليحفظوها للحياة الأبدية. آه! ما أضيق وأقشف العيشة التي عاشها الآباء القديسون في القفر! ما أطول وأشد ما قاسوا من التجارب! ما أكثر ما ضايقهم العدو، ما أوفر وأحر ما قدموا لله من الصلوات! ما أشد ما كان إمساكهم! ما أعظم ما كانت غيرتهم ونشاطهم للتقدم الروحي، ما أشد ما كان جهادهم في قهر الرذائل! ما أخلص وأقوم ما كان توجيه نيتهم إلى الله! في النهار كانوا يشتغلون، وفي الليل يتفرغون للتهجد الطويل، وإن لم يكونوا ليكفوا عن الصلاة العقلية أثناء العمل. 3- لقد كانوا يقضون وقتهم كله في ما هو نافع، وكل ساعة يتفرغون فيها لله كانت تبدو لهم قصيرة، ولعذوبة المشاهدة، كانوا ينسون حتى ضرورة القوت الجسدي. لقد زهدوا في جميع الثروات والرتب والكرامات، وفي الأصدقاء والأقارب، ولم يشتهوا امتلاك شيء في العالم، بالجهد كانوا يتناولون ضروريات المعيشة، بل كانوا يغتمون لخدمة الجسد، حتى في ضرورياته. لقد كانوا فقراء في الأرضيات، ولكن أغنياء جدا في النعمة والفضائل. لقد كانوا بالظاهر في عوز، أما في الداخل فنعمة الله وتعزيته كانتا تنعشانهم. 4- كانوا غرباء عن العالم ولكن مقربين إلى الله، وأصدقاء له مؤالفين. كانوا في أعين أنفسهم كلا شيء، وفي نظر العالم محتقرين، أما في عيني الله فكانوا كراما ومحبوبين. كانوا ثابتين في التواضع الحقيقي، عائشين في الطاعة الساذجة سالكين في المحبة والصبر، فكانوا يتقدمون كل يوم بالروح، وينالون حظوة عظيمة لدى الله. لقد أعطوا كقدوة لجميع الرهبان، ومن الواجب ان تستحثنا سيرتهم على التقدم في الكمال، أكثر مما أن يستدرجنا إلى التراخي عدد الفاترين. 5- ما أعظم ما مانت حرارة جميع الرهبان عند تأسيس رهبانيتهم المقدسة! ما أعظم ما كان ميلهم إلى الصلاة، وتنافسهم في الفضيلة! ما أدق ما كان حفظهم للنظام! كم ازدهر احترامهم وطاعتهم، في كل شيء لقانون معلمهم! إن ما بقي من آثارهم يشهد إلى الآن أنهم كانوا في الحقيقة رجالًا قديسين، جاهدوا ببأس عظيم، فداسوا العالم بأرجلهم. أما الآن، فيحسب عظيما من لا يتعدى القوانين، ومن يستطيع أن يحتمل، بصبر، النير الذي قد رضي به من قبل. 6- يا لفتورنا وتوانينا! يا لسرعة انحطاطنا عن حرارتنا الأولى! فقد أصبح العيش نفسه لنا سأما لكلسنا وفتورنا! أما أنت فبعد ما رأيت من قدوة ذوي الورع الكثيرة، فعسى أن لا ترقد فيك تمامًا، الغيرة على التقدم في الفضائل! |
||||
|