24 - 05 - 2014, 12:58 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
بين المبتدع والمرتد إن المبتدعين والمنشقين -محتقرين ومزدرين بتقليد الله God’s tradition- يسعون وراء تعاليم غريبة ويدخلون تعاليم فضولية استعراضية بشرية (اختبارات)، وهؤلاء يوبخهم الرب في إنجيله قائلاَ: (رفضتم وصية الله لتحفظوا تقليدكم) {مر 7:9}ـ إنها جريمة وخطية أردأ من تلك التي يسقط فيها المرتدون الذين تركوا الإيمان، الذين برغم جحودهم وارتدادهم، عندما يتوبون عن جريمة ارتدادهم، يتضرعون لله بندم تام وكامل، فالمرتد يترك الكنيسة بإنكاره للإيمان ولا يؤذى إلا نفسه، أما المبتدع الذي يحدث انقسام، فيخدع كثيرين بأن يدفع بهم إلى خارج، وفي بعض الأحيان يضعف المرتد ويُجبر على إنكار الإيمان، أما المبتدع فيصنع الشر بإرادة حرة، ومن ناحية أخرى الذي يصنع الهرطقة ويحدث البدع فيخدع الكنيسة، وفي حالة المرتد خسارة نفس واحدة، وفي حالة المبتدع خسارة وضلال نفوس كثيرة تنشق عن الكنيسة الأم. والمرتد ينوح ويندم على خطيئته ويستعطف الكنيسة تائباَ، أما المبتدع -وهو مغرور ومنتفخ، ظانًا الشيطان تحت قدميه، مرضياَ ذاته في جريمته- يظن أنه أصول من الكنيسة بطغماتها وشهدائها وقديسيها ومدافعيها وكل معلميها. إن المبتدع يفصل أبناء عن أمهم، ويضلل قطعياَ عن راعيه ويشوش ويزعج أسرار الله، بنما المرتد قد أخطأ مرة في حق نفسه، لذلك المرتد الذي استشهد بعد توبته ورجوعه للكنيسة ينال مواعيد الملكوت، بينما المبتدع والمنشق فحتى لو ذُبح وهو خارج الكنيسة without the church فلا يمكن أن ينال جعالات وبركات الكنيسة. |
||||
24 - 05 - 2014, 12:59 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
موقف الكنيسة من الهراطقة يقول القديس كبريانوس الأسقف والشهيد (ما الذي تفعله شراسة الذئاب في القلب المسيحى؟ ما الذي تفعله همجية الكلاب وسم الحيات المميت والقسوة الدموية التي للحيوانات المتوحشة؟ يجب أن نتلقى التهاني We are to be congratulated عندما ينفصل مثل هؤلاء عن الكنيسة لئلا يضيعوا ويضللوا حمام وخراف المسيح بقسوتهم وبعدواهم المسمومة، فالمرارة لا يمكن أن تتوافق أو تجتمع مع الحلاوة، ولا الظلام مع النور، ولا المطر مع الصفاء، ولا الحرب مع السلام، ولا العقم مع الخصوبة، ولا الجفاف مع الينبوع، ولا العاصفة مع السكون والهدوء، ويجب أن لا يظن أحد أن الإنسان الصالح يمكن أن يترك الكنيسة، فالرياح لا تطير الحنطة ولا تعصف بها، والأعاصير لا تنتزع الشجرة المرتكزة على جذر قوى متأصل وثابت، بل القش الخفيف هو الذي تطيره الرياح، والأشجار الضعيفة هي التي تقتلع في بداية الأعاصير، والرسول يوحنا اللاهوتي يدين هؤلاء المنشقين بشجبه عندما يقول (منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا) {1 يو 2: 19}. وكنيستنا لا تقف سلبية تجاه هذه الفئة التي تشوش التعليم وتحدث الخلط في الإيمانيات، لأنه يليق بكنيسة الله المقدسة ألا يكون بها منحرفون، بل يلزم أن تعزل الخميرة الفاسدة {1كو 5: 7} لكن تبقى هي خميرة مقدسة قادرة أن تقدس الكثيرين في الرب، وينبغي على الكنيسة أن تعتزل الشر {أش 52: 11}، ويوصى معلمنا بولس الرسول قائلا (اعزلوا الخبيث من بينكم) (حتى يرفع من وسطكم الذي فعل هذا الفعل) {1كو 5: 13} إنه لمرعب ورهيب حقا هو انشقاق المتعاظمين المبتدعين، لأن وباءهم ينتقل ويستشرى على من يتعاملون معهم كمن هم مرضى (عدوى المرض)، ليته لا يكون لأحد صديق منشق ولا صاحب بدعة. إن الكنيسة تقاوم الهراطقة وتحذرنا من خيانتهم- وإن كانت تحزن من أجلهم- وقد قال يهوذا وهو يخون سيده (السلام يا سيدي) {مت 26: 49}، هكذا لا نهتم بقبلاتهم بل نحذر سم تعاليمهم التي تجمع تارة بين الـanti-orthodox (ضد الأرثوذكسية) وتارة أخرى بين الـnot-orthodox (عدم الأرثوذكسية) لينسى بها الذين في داخل الكنيسة، الكنيسة نفسها وينفصلون عنها وهم فيها، وفي النهاية يصيرون جميعهم خارجًا، ويصنعون رمادا، إذ يهلكون وهم في الخارج، فكيف لخروف أن يحيا خارج حظيرة، وكيف لمسيحي أن يحيا خارج الفلك، خارج الكنيسة التي كل من بداخلها ينجو ومن خارجها يهلكه الطوفان؟ وما يؤسف له أن المنشقين يجترعون شر الهراطقة، فينشقون على الكنيسة ويتحولون إلى ذئاب، يشتغلون بحرفة الشيطان ويعضون لرعاة الحقيقيين، لذا لابد أن نحذر انحرافاتهم، لئلا كما تطير العصافة التي تنثرها الريح وتحمل بسهولة إلى مسافات طويلة،هكذا نساق أمام هذه المهاترات المضللة، فالذين خارج الكنيسة هو أشبه بالعصافة تحملهم الرياح حيث تشاء، وتتخذ الكنيسة من التأديب صمام أمان للرجاء ورباط للإيمان، لأنه نافع جدا وإهماله وإدارة الظهور له هو موت، إذ أنه نوع من الحماية والدفاع عن كل ما يضر الكنيسة. والمواجهة الفكرية للانحرافات تهشم أسنان الخطاة المفترسة وتنتزع المؤمنين من الأخطار الهرطوقية المضادة التي تحطم زهور الفضائل وتبدد ثمر وزهر الإيمان الأرثوذكسي خلال الأفكار الفاسدة والمفاهيم المضلة والاجتماعات المضيعة وقد علم القديس يوحنا فم الذهب بمقاومة الهراطقة فكريًا. تلك المواجهة التي تمسك وتقتنص الثعالب الصغار المفسدة، إذ هي تزحف بخفة وتدخل من الثقوب الصغيرة لتفسد الكروم، لذا لابد من انتهارها وهى بعد صغيرة، وفي سفر القضاة وجعل ذنبا إلى ذنب ووضع مشعلا بين كل ذنبين في الوسط، ثم أضرم المشاعل نارا وأطلقها بين زروع الوثنيين الغرباء فأحرق الأكداس والزروع وكرم الزيتون {قض 15: 3-5} فهو يمثل المعلم المدقق والراعي الحقيقي الأمين الذي يعرف كيف يجمع الهرطقات ويربط أذيالها مع بعضها البعض مظهرا تعارض الهرطقات مع بعضها بعض، وإذ يلهب فيها نار الحق تحترق حقول الشر والبدع والهرطقات. |
||||
24 - 05 - 2014, 01:00 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
الكنيسة والهراطقة ويروى التاريخ الكنسي، كيف أن الرسل والآباء واجهوا الهراطقة، ومن بين ما رواه عن القديس يوحنا الحبيب أنه دخل ذات مرة حماما ليستحم وإذا به يعلم بوجود كيرنيثوس المبتدع فيه، فخرج مسرعا إلى خارج لأنه لم يطق البقاء معه تحت سقف واحد، ونصح مرافقيه أن يقتدوا به قائلا لهم (لنهرب لئلا يسقط الحمام، لأن كيرنيثوس عدو الحق موجود داخله). وتكشف لنا رسائل القديس كلمنضس الروماني (92 م.) عن حزمه الشديد ضد الهرطقات ومقاومتها ومواجهة أصحاب البدع والمنشقين على الكنيسة، مع فتح باب التوبة أمام الراغبين منهم في العودة إلى الأحضان الكنسية. كذلك جاهد القديس أغناطيوس الأنطاكى ضد الهراطقة بكل حزم، محذرا أولاده من المنحرفين لكونهم ذئاب ترتدي ثياب الحملان، يتسللون إلى الكنيسة للخطف والهدم، وقد طالب شعبه أن يلتف حول الاكليروس بروح الحب والطاعة لأجل سلامة الكنيسة الواحدة الوحيدة. ويؤكد أن الأسقف يمثل المسيح نفسه وانه مسئول عن المؤمنين، والشركة معه ابتعاد عن الخطأ والوقوع في الهراطقة، وعلى الأسقف أن يقود قطيعه، ويكونون هم معه برأي واحد، مرتبطين معه ارتباط الأوتار بالقيثارة "صلاة واحدة، توسل واحد، ذهن واحد". ويحذرنا الشهيد الأنطاكي من الناس الذين يتلفظون باسم الله رياءًا وخداعًا ويقومون بأعمال لا ترضيه (يجب أن تبتعدوا عن هؤلاء كابتعادكم عن الوحوش المفترسة، إنهم كلاب إستكلبت تعض غدرًا، تجنبوهم لان الشفاء من عضهم عسير، لا تخدعنَّكُم طرقهم ولا التعاليم الغريبة لأنكم أبناء الله، ولا تسمحوا للذين يزرعون زرعا فاسدا أن يلقوا بِذارهم).. وقد شبه الهراطقة بحيوانات شريرة، فحيث الانقسام والانشقاق هناك لا يسكن الله، ومن يصنع الانقسام في الكنيسة لن يرث ملكوت السموات. ومن المعروف أيضا أن القديس بوليكاربوس أسقف سميرنا كان يقاوم بشدة، لأنه تلميذ يوحنا الحبيب الذي حذر من السلام عليهم، وأوصى بعدم قبولهم في البيوت.. ويذكر التاريخ أن القديس بوليكاربوس التقى بالهرطوقي مرقيون، فسأله الأخير "أتعرفني؟" أجابه "أعرفك، أنت بكر الشيطان". يشهد التاريخ أيضًا أن القديس بوليكاربوس رد كثيرين من الذين انحرفوا وراء الهراطقة، ورجع على يديه بعض المنشقين الذين انزلقوا وراء الهراطقة المعاندين. وقد صاحب الهرطقات والبدع ازدهار في الكتابات اللاهوتية والعقيدية، وهى ظاهرة طبيعية تحدث عندما تستجيب النفوس لعمل روح الله في أزمنة الاضطهاد والانحرافات الهرطوقية، التي تصبح بمثابة معصرة العنب أو فرك الزهور ذات الرائحة الطيبة، فهي تسفر عن معرفة إلهية حقيقية غير كاذبة ودفاعيات وكتابات تكشف لنا الكثير من أعماق الإيمان المسيحي المستقيم، وفي هذا المجال نجد العديد من الكتاب الذين يطلق عليهم اسم "الآباء الملتمسون أو المدافعون" (Apololgists)، الذين كرسوا أقلامهم للدفاعيات، كذا الآباء العظام أعمدة الإيمان ومعلمي المسكونة البابا بطرس خاتم الشهداء والبابا اثناسيوس حامى الايمان، والبابا كيرلس عمود الدين والبابا ديسقوروس بطل الأرثوذكسية، الذين دافعوا عن الإيمان في الصراعات العقيدية لأجل الحق في زمن المجامع المسكونية.،لم يدافعوا عن معرفة مجردة منفصلة عن تدبير الخلاص. بل جاهدوا لكي يحددوا بدقة شديدة التعليم بمعناه العام وفي إطاره المتكامل. فالعقائد التي صاغتها الكنيسة في مجامعها المسكونية لم تكن أراء فردية، بل هي إيمان وحياة وخبرة قديسي الكنيسة الذين حملوا المسيح والروح {1كو 2: 16} وهكذا بقيت الكنيسة دائما ثابته على اساسها الأول حافظة هويتها الذاتية فتستمر وحدة إيمانها عبر الدهور حسب مشيئة الرب {يو 17: 20}. وللقديس ايريناؤس رؤيته المتميزة في هذا المنحى فيرى أن الكنيسة هي نبع الحق الوحيد وذخيرته، وقانو الحق أي الإطار التعليمي الكنسي الذي تسلمته الكنيسة والذي يختلف تماما ويُضاد تعليم الهراطقة هو نفس التعليم في كل مكان، إذ أن الذين يرغبون في رؤية الحق يمكنهم أن يلاحظوا التسليم الرسولي المُسْتَعْلَن في العالم كله، وكل الذين يساموا أساقفة في الكنيسة على أيدي الرسل القديسين والذين خلفوهم حتى يومنا هذا لم يعملوا أبدا ولم يعرفوا أبدا تلك السخافات التي يصنعها الهراطقة وسط الكنيسة. ويركز على أن الكنيسة كلها تؤمن إيمانا واحدا لأن لها قلبا واحدا، وفي وحدة تكرز بإيمانها وتعلم وتسلم، لأن لها فما واحد one mouth لأنه على الرغم من تعدد اللغات في العالم إلا أن التقليد الكنسي هو هو نفسه لا يتغير. وقد كان للقديس إيرنياؤس أبو التقليد وقفته الدفاعية عن سلامة التعليم، فيعرف اللاهوتي الموهوب بين الذين لهم سلطان التعليم في الكنيسة، بأنه هو الذي لا يقول شيئا مختلفا عن التقليد الذي استلمته (ليس التلميذ أفضل من المعلم {مت 10: 24}، فالتلميذ الروحي هو الذي تسلم بالحق روح الله، وهو الذي سوف يقاضى الذين يسببون الانقسامات، الذين ليس فيهم أثر من محبة الله، الذين تنفتح عيونهم على منافعهم الذاتية دون النظر إلى وحدانية الكنيسة، ومثل هؤلاء الناس لأي سبب تافه يقسمون جسد المسيح ويمزقونه ويبذلون قصارى جهدهم لتمزيقه، يتحدثون عن السلام وهو صناع حروب. وينصح القديس إيريناوس بوجوب الابتعاد عن الهراطقة وعدم عقد الخدمات غير القانونية، لأنها تستعفي عن التقليد الرسولي وخلفاء الرسل، ولا تملك النعمة. ويوصى بمقاومة الهراطقة لأنهم كالحيات الناعمة يحاولون أن يفلتوا من أيدينا، وعلينا أن نحاصره من كل جهة حتى إذا قطعنا عليهم منافذ الهروب نستطيع أن نجتذبهم إلى الحق مرة أخرى.. ولا ينبغي قط أن نفتش عن الحق أو نطلبه من الخارجين عن الكنيسة، لان في الكنيسة استودع الرسل وديعتهم، كما يصنع الأغنياء، إذ هي باب الحياة والآخرون هم سُرَّاق ولصوص، علينا أن نتجنبهم ونلتصق بغيرة الحب لكل شيء داخل الكنيسة. ويؤكد العلامة الافريقى ترتليان على أن الكنيسة مستودع الإيمان وحامية الإلهام وهو وحدها وريثة الحق وصاحبة الأسفار المقدسة وحافظة العقيدة، وهى وحدها وريثة الرسل الشرعية، كنيسة الروح القدس. ويقول العلامة أوريجين أن كنزه هو كنيسته، وأن في هذا الكنز يوجد رجال هم آنية غضب لذلك يأتي وقت يفتح الرب فيه كنز الكنيسة لان الكنيسة الآن مغلقة وآنية الغضب فيها مع آنية الرحمة {رو 9: 22} والزوان مع الحنطة، ومع السمك الطيب هناك السمك الذي لابد أن يطرح بعيدًا للهلاك. |
||||
24 - 05 - 2014, 01:01 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
المنحرفين والكنيسة فالكنيسة جسد المسيح المنظور هي مدينة الله القائمة على الأرض التي لا خلاص بدونها، لان الخلاص لا يوجد إلا في الكنيسة حيث دمه الذي أهرق لأجل خلاصنا، ولهذا لا يقوم إيمان خارجها، إذ أن إيمان الهراطقة ليس إيمان.. ويقول القديس كيرلس السكندري أن الكنيسة تستمد وحدتها من انسجام التعليم الحقيقي الذي يوحد كل الكنائس، دون أية انقسامات في العقيدة بين المؤمنين، ولا رحمة ننالها خارج المدينة المقدسة. ولا يستطيع أحد أن يضع أساسا آخر غير الذي وضع، لذلك يقول القديس إغريغوريوس النيصى (نحن نبتعد عن أولئك الذين يحيون في الهراطقة ونرتبط بالمحبة بأولئك الذين يحيون في النقاوة، لكي يكون ثوب الكنيسة مقدسا وحتى لا يكون لنا أي شركة مع الهراطقة). إذ أن كل من أقامه الله لخدمة الكنيسة يشبه الحمامة، ويجب أن يغسل نفسه، لأنه صار عين الكنيسة التي لا تنجذب قط للأشياء الخادعة الغير موجودة والتي هي باطلة. ويؤكد القديس هيلارى أسقف بواتيه، أن الكنيسة هي وحدة المؤمنين المتناغمة المجانسة، التي أسسها المسيح ثم الرسل، هي كنيسة واحدة تعلم الحق في سلطان وحدتها التي هي وحدة الجسد المتكامل وليست وحدة الأجساد المتناثرة، تلك الوحدة التي تتأسس على الإيمان الواحد ورابطة الحب وإجماع واتفاق الإرادة والفعل. قد يتساءل البعض لماذا تتأنى الكنيسة في قطع المنحرفين؟ يجيبنا القديس جيروم (سمح الله بالزمن لأجل التوبة.. انه يحذرنا لئلا نقطع أخا قبل الوقت المناسب، فمن يكون اليوم مصابًا بالتعاليم السامة قد يعود غدا إلى صوابه). ولكن هل تترك الكنيسة فساد البدع؟ الكنيسة تتأنى وتصحح عوض أن تقتلع فإن لم ينصلح المبتدع بالتوبة يطرد ويقطع بإرادته من شركة الكنسية متى كانت هرطقته وانحرافاته واضحة، ويظهر للكل انه ليس من حجة لبقائه. ومهمة الكنيسة هي الحفاظ على الوديعة واجتناب كلام الهراطقة الفاسد المتلبس بالبدع {1 تيم 6: 20} لذلك وهب وإنما لتحكم في داخلها روحيا، فتعزل الهراطقة لكي لا يفسدوا أذهان الأنقياء بالعوسج المحاط بالأشواك الذي يفسد فلاحة الله. وعن يقظة الأساقفة لفساد البدع، يقول القديس جيروم عن الزوان الذي يدخل الكنيسة خلسة (ليت الأسقف يسهر لئلا يأتي مبتدع ويلقى بالزوان الذي هو تعليم الهراطقة) فلنسهر حتى لا يمكن لباذر الزوان أن يجد وسيلة يلقى بها زوانه المستحق للنار. وتكلم أيضا القديس أغسطينوس عن الانشقاقات قائلا (بالروح القدس تتطهر النفس وتقتات، هذا هو روح الله الذي لا يمكن أن يكون للهراطقة والمنشقين عن الكنيسة، كذلك بالنسبة للذين لم ينفصلوا عنها علانية، لكنهم انفصلوا بعصيانهم، هؤلاء صاروا قشا لا قمحا رغم وجودهم فيها. ومن هم أولئك الذين يتعثرون أو يضعون عثرة، إنهم الذين يصطدمون بالمسيح والكنيسة، فالذين يصطدمون بالمسيح يكونون كمن احترق بالشمس، ومن يصطدم بالكنيسة كمن احترق بالقمر، لان المزمور يقول (لا تضربك الشمس في النهار ولا القمر بالليل) {مز 121: 6}. إن التاريخ يسرد لنا أن الكنيسة بكل فئاتها كانت تمارس مسئوليتها عن قيام الحق وعن سلامة التعليم فيها، ومقاومة محاولات فرض عقيدة منحرفة عليها، أيام جهاد البابا الكسندروس الذي قال أمام المجمع (إننا نموت من أجل العقيدة الرسولية) وكذلك البابا اثناسيوس الرسولي (ق 4)،وأيام البابا ديسقورس (ق 5)، الذي عندما سقط شعر لحيته وأسنانه أثناء تألمه من أجل الحفاظ على الإيمان، أرسلهم لأولاده من منفاه ليثبتهم في الإيمان المستقيم، ورهبان مصر كانت لهم مسئوليات، سجلها لهم التاريخ في الدفاع عن الإيمان والانتباه للانحرافات العقيدية قبل أن تستشري وكان ذلك أيام آريوس ونسطور أو مجمع خلقدونية، ولا ينسى التاريخ نزول العظيم الأنبا أنطونيوس والقديس باخميوس أب الشركة لمساندة الكنيسة في مواجهة الهرطقات. ويذكر التاريخ حراسة الآباء لتعليم الرسل (الإنجيل)، وتقليد التعليم الذي تسلموه على تعاقب الأجيال، ولم يعترفوا بأي تعليم أو سلوك أو فكر غير إنجيلي تقليدي، بل كانوا يقاوموه حتى الموت والتاريخ الكنسي ملئ بالأمثلة والعبر. لقد زرع الآباء في حقل الكنيسة البكر المعرفة الصادقة التي تستقر على إيمان مسيحي واقعي عملي صادق، بعيد عن التزييف والمساومة في نقاوة التعليم بمهادنة المنحرفين. وأكد الآباء أن الكنيسة تضم أولادها الذين يطلبون أمهم عروس المعلم، التي يسكن فيها أنقياء القلب الذين سلموا أنفسهم للتعليم النقي. |
||||
24 - 05 - 2014, 01:02 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
اجتماعات الهراطقة والمنشقين لا يخدعن أحد نفسه بتفسير خاطئ لقول الرب (حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم) {مت 18: 20}. فالمفسدون والمفسرون الكذبة للإنجيل يستشهدون بالكلمات الأخيرة ويتركون الكلمات الأولى، يستخدمون الآية الواحدة، يتذكرون جزء وبمهارة يطمسون الجزء الآخر، ولأنهم هم أنفسهم منفصلون عن الكنيسة، لذا يفصلون جزء جوهري من الآية، فكيف يمكن لاثنين أو ثلاثة أن يجتمعوا معا باسم المسيح، بينما هم منفصلون عن المسيح والإنجيل والكنيسة.. لأننا لم ننفصل عنهم بل هم الذين انفصلوا عنا، ونتيجة لانشقاقهم ظهرت البدع والأفكار الخاصة، وأقاموا لأنفسهم أماكن متعددة للاجتماعات وترويج الهرطقات. هل يعتقدون أن المسيح يكون في وسطهم عندما يجتمعون في هذه الأماكن، بينما هم يجتمعون خارج كنيسة المسيح؟! لذلك فلنحذر منهم ونعرض عن اجتماعاتهم حتى لا ندع إبليس يفسد إيماننا ويبتلعنا. ينبغي أن نتسلم الإيمان من الكنيسة بيت الإيمان الثابت التي هي وحدها تعمل في وحدة الإيمان الواحد، بعيدًا عن زلات الهراطقة وعناد المنشقين، ولا نقترب من أماكن المبتدعين لأنه يوجد بيت واحد للخلاص ولا خلاص لأحد خارجه، إذ ليس لنا نحن والهراطقة إله واحد، ولا رب واحد ولا كنيسة واحدة، ولا إيمان واحد، ولا جسد واحد، فليس بيننا وبينهم شيء مشترك. وكيف يجرؤ أحد على حضور اجتماعات الهراطقة؟ من لا يشترك في عمل الكنيسة لا يشارك الروح القدس.. إذ حيث توجد الكنيسة يوجد روح الله، وحيث روح الله توجد الكنيسة وكل نوع من النعمة. ويحذر القديس كيرلس الأورشليمي من حضور المنشقين فيقول (ليته لا يجتمع أحد مع أتباع ماني مهلكي النفوس)، (هوذا الكنيسة تنصحك وتخبرك عن هذه الأمور المملوءة وحلا حتى لا تتوحل) وهى دعوة لنميز مراعى التعليم، وننبذ المبتدعين ونبتعد عن هؤلاء الذين يبتعد الرب عنهم، ولنقل نحن أيضا بكل شجاعة إلى الله عن الهراطقة (ألا أبغض مبغضيك يا رب وأمقت مقاوميك) {مز 139: 21}، فلا يمكن أن نخالط المنشقين أو نذهب إلى قاعاتهم إذ ليس هناك صداقة مع الحية. ولنستقي من ينبوع فردوس الكنيسة التي نشرب من مياها الحية التي تنبع إلى حياة أبدية، نتمسك بالتقاليد بلا دنس ولا نحرم أنفسنا من الشركة ولا ننفصل عن الأسرار الإلهية. قد ينجذب بعض البسطاء أحيانا إلى الأساليب الناعمة، التي تدهش البعض وتسحرهم، كما استعمل سيمون الساحر سحره ليدهش الشعب فتبعه الصغير والكبير معتبرين أن ما يصنعه شيء عظيم، لكن بطرس الرسول انتهره قائلًا له (ليس لم نصيب ولا قرعة في هذا الأمر لان قلبك ليس مستقيما أمام الله) {أع 8: 9}. ويعتبر التاريخ الكنسي أن سيمون رأس الهراطقة ومنشئ كل بدعة، لذلك لا شركة لنا مع غير المستقيمين الذين لا نصيب لهم، خلفاء الأخوة الكذبة {2كو 11: 26، غل 2: 4}، الذين أقلقوا سلام الكنيسة وقاوموا قانونية تعاليمها ببدعهم التي هي نتاج فكرهم البشرى، إذ ليس لهم المسيح الحق على شفاههم، لأنهم لا يحملونه في قلوبهم الباطلة، ينطقون بتعليم ويخفون ضده، عالمين أنهم لن ينجحوا في غوايتهم قط إن جاهروا بضد التعليم السليم، فيخفون الظلمة التي فيهم.. لذلك نهتم أن نجتمع لتقديم الشكر في الاجتماع الافخارستي، الذي فيه تضمحل قوى الشيطان، وتنحل قوته أمام اتفاق إيمان وتألف الوحدة، لان الإنسان خارج الهيكل يحرم من خبز الله، ومن لا يأتي إلى الاجتماع الافخارستي ويتكبر، يقطع نفسه من الشركة ومن الانتساب الروحي لله في كنيسته المقدسة. كيف نذهب لنجتمع في قاعات ليست موضع للذبيحة وليس بها جرن معمودية وليس بها هيكل الله؟ تعالوا لنسمع كلمات القديس أغناطيوس الشهيد الأنطاكي الذي يقول (حيث يكون المسيح تكون الكنيسة) (أطيعوا الأسقف ملازمة المسيح لأبيه) (اتبعوا لفيف القساوسة مثل إتباعكم للرسل). تلك النصائح الآبائية تدعونا أن نتمسك بكنيستنا الأم التي لا مكان للمبتدعين فيها، وإن نبتعد عن اجتماعاتهم التي تأخذ شكل المسيح، بينما غايتها الخفية هي مقاومة الكنيسة ومجد المبتدعين الذين يستأجرون القاعات ويعقدون اجتماعات غير شرعية ولا مطابقة لوصية الرب. ولعلنا نسأل المنخدعين بتيار البدع الغريب كيف لا تطيعون الكنيسة؟ كيف لا تأتلفون مع بقية أعضاء الجسد؟ كيف تصنعون عملا بدون الأسقف والكهنة والشمامسة؟ كيف تتبعون خرافات مصطنعة وضعها منشق يتحدى وحدة الكنيسة ولا يبالى بسلامها؟ كيف لا تحذرون الذين يسبونكم بفلسفتهم؟ ويجب أن لا ندع عدم التقوى وعدم الإيمان الذي للمنخدعين يحركنا أو يزعجنا، بل على العكس يقوى إيماننا في ملء الحق، ولنحذر ن العميان قادة العميان ونبتعد عنهم ونتجنب الاتصال بهم، طالما هم خارج الكنيسة، لان مثل هؤلاء يصلون ويخطئون ويدانون من أنفسهم، وامتناعنا عن الشركة معهم وحضور اجتماعاتهم ليس كراهية لهم، إنما لعلاجهم. بهذه الروح كتب البابا كيرلس الأول عمود الدين إلى نسطور المبتدع يؤكد له أنه يحبه أكثر من جميع من حوله، وإنه إن كان يخالفه في انحرافاته، فإنما ذلك لأجل خلاص نفسه وسلا الكنيسة، دون أن يحمل له عداء شخصيًا. ولينتبه الذين خدعوا بسبب بساطتهم أو بسبب حيل المخادع المضل، ليحرروا أنفسهم من شباك الخداع، ويحرروا أقدامهم من الخطأ، ويعرفوا الطريق الحقيقي المستقيم المؤدى إلى الطريق السمائي، ولنتجنب كل من يسلك بلا ترتيب وليس حسب التعليم الذي تسلمناه {2 تسا 3: 46}، ولا يغرينا أحد بكلام باطل لان بهذا السبب يأتي غضب الله {أف 5: 6}. ويحذرنا الرب من الذائب الخاطفة، الذين يغيرون شكلهم إلى شبه رجال الله، كالوحوش لها قرنان شبه الخراف.،وهم ذئاب ينطقون بتجاديف ضد الحق والاعتراف السليم بالإيمان.. هؤلاء هم الهراطقة الذين يظهرون لابسين العفة كزى للتقوى أما روحهم فمملوءة سما، وبهذا يخدعون البسطاء من الأخوة، فلنبتعد عن هؤلاء المخالفين الذين يرفضون الكنيسة التي لا خلاص لأحد خارجها، ولنرفض اجتماعاتهم الهرطوقية.. يجب أن لا نخالط هؤلاء الذين ينكرون الكنيسة ولا يتمتعون بالأسرار ولا يتلذذون بالليتروجيا ولا يداومون على التوبة والجهاد القانوني مبتعدين عن الروحانية الأرثوذكسية، مدعين أنه يوجد خلاص بالمسيح من غير الكنيسة (خارج الكنيسة)، فهل يمكن أن نجتنى من الشوك عنبا؟!!! أو من الحسك تينا؟!!! لا تقدر الشجرة الرديئة أن تصنع أثمارا جيدة، وما الشوك والحسك إلا الهراطقة المبتدعين الذين يحملون الأشواك من كل جانب، يعملون لحساب ذواتهم ولخدمة الشياطين مملوئين بالمخاطر من كل ناحية، مثل هذا الشوك والحسك لا يقدم للكنيسة ثمارا.. ولا يوجد فيهم أي جزء من الحلاوة، بل كل ما هو مر ومن سماته الانقسام، فالتين لا ينمو من الأشواك والعليق لا ينتج عنبا. |
||||
24 - 05 - 2014, 01:02 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
مصير المبتدعين والهراطقة حتى لو ذبح هؤلاء من أجل اعترافهم باسم المسيح، فلن يغسل إثمهم هذا بالدم، إذ أن خطأ الانقسام الخطير الذي لا مبرر ولا تفسير له، لا يمحى ولا حتى بالدم ولا حتى بالآلام، ولا يمكن أبدا لذاك الذي ليس داخل الكنيسة أن يكون شهيدًا أو ابنًا للمسيح، ولا يمكن أن ينال الملكوت من يهجر الكنيسة، تلك التي ستحكم وتملك هناك. ولا يمكن للمنشقين والمخادعين أصحاب البدع والهرطقات أن ينالوا الملكوت وجعالة السيد المسيح، ولا يمكن للذي دنس وانتهك محبة المسيح بانقسامه العديم الإيمان أن ينال جعالات المسيح، ومثل هؤلاء يتعبون لا لأجل المسيح ولكن لأجل ذاتهم ومجدها الفارغ، يجمعون حولهم لا حول المسيح، يجوبون البحر والبر لكنهم لا يكللون، يدعون أنهم مرشدون بنفس الطريقة التي يزعم بها الشيطان ويدعى أحيانا أنه هو المسيح، مثلما حذرنا الرب نفسه مسبقا وقال (كثيرين سيأتون باسمي قائلين إني أنا هو ويضلون كثيرين) {مز 13: 6}. وكما أنه ليس المسيح -رغم أنه يخدع بهذا الاسم- هكذا أيضا لا يمكن لمنشق أن يعلم، لأنه بعيد عن صراحة الإيمان، لا يحفظ الوحدة بل يزعج السلام ليفت المحبة ويدنس الأسرار. هل نعلم مصير داثان وابيرون اللذين قاوما موسى؟ لقد ابتلعتهما الأرض، وقورح أيضًا والمئتين وخمسين الذين كانوا معه لما قاموا هارون، ماذا كان ينتظرهم؟ لقد أكلتهم النار، وأيضا عندما تجاسر عوزيا أزاريا وأخذ لنفسه الكهنوت وأراد أن يرفع البخور، وحاول رئيس الكهنة ومجمع الآباء أن يثنوه، ولم يسمع منهم، ظهر البرص في جبهته. فإن كان الذي يقوم على الملوك يستوجب العقوبة، فكم بالحري الذي يقوم على الكنيسة ويتحدى الآباء، وكما أن الكهنوت أرفع من المملكة ينبغي بالمثل أن تثقل العقوبة، وكلنا يعلم كيف كانت نهاية المارق آريوس!! إنهم يجلبون على أنفسهم نارا يحترقون بها إذ يقدمون تعاليم غريبة، كالنار التي احترق بها ناداب وأبيهو، فكثير من الهراطقة الخادعين النفوس تحملوا أتعابا كثيرة إلا أنهم لم ينالوا مكافأة. والكنيسة في موقفها من الهراطقة المبتدعين، تستر على خطاياهم وتعطيهم فرصة وفرص للتوبة مرة ومرات، لكنها إن وجدت أن علاجهم في فضحهم تعلن تأديباتها،وبعد أن عالجت بالحب والنصح والستر، تؤدب علانية من أجل خلاص أولادها، تؤدب لا الذين أخطأوا، بل تؤدب بالأكثر الذين عاندوا ولم يتوبوا، وأصروا على انحرافاتهم. وحينما تضطر الكنيسة إلى قطع هرطوقي مصر على نشر تعاليمه الغريبة، لا تغلق أمامه باب التوبة، إنما تريد بالقطع دفعه إلى التوبة ورجوعه عن شر انحرافه، وقطع التعاليم الفاسدة حتى لا تتسرب للبسطاء، وهى تفعل ذلك بروح أمومة الكنيسة وأبوة الكهنوت وحراسة الرعاة، حتى أنها في صلواتها تصلى من أجل السلامة والوحدة وزوال فساد البدع، لكنها لا تذكر حرمان مبتدع باسمه، إنما تقدم غنى وشبع الكنيسة في إيجابية بناء العقيدة السليمة ممتدحة الآباء الحافظين الإيمان. لذلك نقول في ذكصولوجية القديس الأنبا شنودة رئيس المتوحدين (بالحقيقة ارتفعت جدًا في وسط مجمع آبائنا الأرثوذكسيين في مدينة أفسس وأخزيت نسطور المنافق واعترفت الاعتراف الحسن). ونقول في ذكصولوجية القديس الأنبا صموئيل المعترف (السلام لأنبا صموئيل الذي مزق طومس لاون وثبت إخوته في الإيمان الأرثوذكسي)، وفي ذكصولوجية الأنبا ساويرس الأنطاكي نقول (المنادى بالأرثوذكسية هو ساويرس البطريرك معلم القطيع الناطق الذي للمسيح، اعتقاداتك المستقيمة ضربت قلوب الهراطقة مثل سيف). |
||||
24 - 05 - 2014, 01:03 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
البدع المُقَنَّعة والخلط في التعليم (أنظروا أن لا يكون أحد يسبيكم (يفسدكم) بالفلسفة وبغرور باطل حسب تقليد الناس حسب أركان العالم) [كو8:2]. هكذا تجول الذئاب في ثياب الحملان، نعم ثيابها ثياب حملان وليس أظافرها أو أسنانها، وإذ هم يتسترون في الجلد الناعم، يخدعون بمظهرهم وزيهم ويبثون من أنيابهم سم البدع والأفكار الغريبة. يسحبون البسطاء بلسانهم اللين وفكرهم الغريب في خلط وتخبط، وهذا هو السبب لتحذيرات الكنيسة التي تملك كل الحق ولا تحتاج إلى اختراعات وتصحيحات البشر، فلن تكون التعاليم مقبولة ما لم نستلمها من الكنيسة وفي الكنيسة، لأنها بمقتنيات ثمينة للغاية، وتحتاج منا إلى نفس متيقظة ونعمة إلهية وذهن علوي وبصيرة نفاذة حتى نميز فساد الفلسفات المدسوسة والتعاليم الباطلة، عندئذ لا نأكل الزوان على أنه حنطة فيصيبنا ضررا من الجهل، ونسقط فريسة الذئاب التي حسبناها حملان ويبيدنا الشيطان المهلك الذي نظنه ملاكا من نور. أما المنشقين، ففي خداع يتسللون تحت ستار التعليم الأرثوذكسي، ويدسون سمومًا هي تعاليمهم الجاهلة والمملوءة فسادًا، وعن هؤلاء يقول الرب (أنظروا لا يضلكم أحد) [مت 24: 4] هؤلاء الذين ينتسبون إلى الأرثوذكسية وهم أصحاب بدع مقنعة واتجاهات منحرفة، يلبسون صورة الأرثوذكسية وهم يتجاسرون عليها ويشككون في التعليم السليم، ويتأرجحون من تعليم إلى آخر ويتقبلون مبادئ متضاربة. ولعلنا في هذا الجيل نذكر هذه المحاولات التي تستهدف تشويه الإيمان الأرثوذكسي بحيلة خبيثة هي أساس كل هرطقة معاصرة ذلك أن يقوم مبتدعين مرتدين ثياب الأرثوذكسية بينما داخلهم مملوء انحراف وتعاليم مضللة (منا خرجوا لكنهم لم يكونوا منا لأنهم لو كانوا منا لبقوا معنا) [1 يو 2: 19]. أفواههم أفواه شر لأنها تتعمد إغفال دور الكنيسة في الخلاص، مدعين تعاليم ضالة مؤداها انك تستطيع أن تخص بدون الكنيسة، وهم في هذا يقاومون روح الله الذي أسس الكنيسة والذي يقدس الأسرار. أنها تعاليم مدسوسة ليس فيها سمو الكنيسة وقداسة الأسرار وثبات العقيدة وتكريم القديسين والتمسك بالتقليد، تارة بالإغفال وتارة أخرى بالمغالطة، وفي أحيان كثيرة توضع باهتة لتوظف فيما بعد للدفاع عن ضلالات كاتبيها. هذه الكتابات المضيعة تقسم الإيمان وتغير التعليم وتشوش العقيدة، لذلك ترتد أقوالهم على رؤوسهم، بعد أن خلطوا التعاليم النقية وسنوا ألسنتهم وأقلامهم ضد الإكليروس anti-clerical وضد الرؤساء anti-hierarchical وضد الأسرار anti-sacramental وضد الكنيسة والليتورجيا anti-liturgical. هل هذه كلها ليست هرطقات؟ أنها تمثل هوة الدمار التي تجمع سقطات البدع وتنفث سموم أخطاء كثيرة، فهل يتجاسر أحد ويدعى زورا أن هناك خلاص بدون الكنيسة؟ كيف يكون ذلك والكنيسة مرتبطة بالمسيح ارتباط الجسد بالرأس، وهو الذي يجمعها من أربعة رياح الأرض ليجمع أعضاءها موحدا إياهم في جسد واحد، في وحدة الفهم والفكر والإيمان والمحبة، جسده الممجد، أم جميع المسيحيين، التي صارت المجال والوسط الفريد للروح القدس الذي أؤتمن بالحق عليها، التي لا نصيب لأحد مع المسيح إلا فيها،فهي الجسد الملتحم برباط التقوى ووحدانية التعليم ويقينية الرجاء، بيت واحد له الخلاص في المسيح، أعطيت الوعد بالغلبة على كل قوى الشر مجتمعة. وكل من لا يكرم الكنيسة أم جميع المسيحيين في تعليمه عن عمد ويطمس دورها في الخلاص، إنما يقد الرؤية ويدفع بنفسه ومن معه إلى خارج البيعة حيث الطوفان والغرق، إذ هي فلك النجاة الحقيقي، الذي كل من داخله ينجو. |
||||
24 - 05 - 2014, 01:04 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
أصحاب الأفكار المنحرفة وتعليم الكنيسة الإيماني العقيدي ليس جزءًا من تعاليمها أو صورة من صور حياتها، بل هو كل الكنيسة وكل حياتها وتقليدها الكامل الذي لا يتجزأ ولا يتغير ولا يختزل منه أو يضاف عليه، والذين يحاولون شرح العقيدة وتفسيرها بفكر ذاتي بشرى، إنما يخلطون التعليم ويشوهون الإطار الشامل للعقيدة التي لا تتجزأ إلى وحدات منفصلة، وهم مسئولون لا عن ما يقولوه فقط بل أيضًا عن ما لم يقولوه وتعمدوا إغفاله. ولا يخفى على أحد أن شرح العقيدة وتقديم التعليم الأرثوذكسي لابد أن يتأسس على ما يحدث في الليتورجيا، لأنها التطبيق العملي للعقيدة، خلال الخبرة السرائري، وهناك فرق كبير بين الذين يحفظون الإيمان بغير دنس ولا غش، وبين الذين تسلموه ذهبا وسلموه قشا. لذلك نقول لأصحاب الأفكار المنحرفة: كيف تستهينون بكنيسة الله (1كو 11: 22) كما ولابد أن ننذرهم لأنهم بلا ترتيب (1 تس 5: 14) يسلكون بلا ترتيب وليس حسب التقليد (2 تس 3: 6)، ولعلنا نسأل هنا المنشقين وتابعيهم: أين الكنيسة التي تنقل لنا ليتورجيا السماء (سفر الرؤيا)؟ وأين سر الحضور الإلهي؟ أين الاهتمام بالعمق الداخلى والتكريس لله خلال صلوات الأجبية؟ أين الروح الوديع الهادئ في الترنيم وفي العبادة؟ أين الخشوع الواقعي من التشنجات العاطفية والأفعال النفسانية؟ أين وسائط النعمة التي بها تنسكب نعمة الروح القدس في حياتنا؟ هل الإيمان الذي تؤمنون به مجرد إيمان عقلي وكلام روحي يقال في قاعات؟ أم أن الإيمان حياة وتقديس؟ أين الاجتهاد والتغصب والممارسات والتداريب الروحية؟ وأين الأسرار الإلهية النابعة من جنب المخلص؟ أين المعمودية التي بها نولد من رحم الكنيسة؟ وأين الميرون الذي به نختم بمسحة القدوس؟ وأين الإفخارستيا الذي به يتم الثبوت المتبادل فنكون نحن في المسيح والمسيح ربنا فينا؟ أين شركة السمائيين؟ وأين شفاعة القديسين؟ وأين الأصوام والتضرعات والفضائل؟ أين تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات؟ أين سلطان الكهنوت؟ وبالجملة أين الاعتزاز بالكنيسة؟ وهكذا في هذا التعليم الغريب تطلب التقوى خارج الليتورجيا فتنعزل عن رجال الكهنوت، وتنفصل الروحانية الشخصية عن ينبوع الكنيسة ليبرز اتجاه " التقوى الحديثة "Moder Piety" التي تقوم على الآهات والإيحاءات العاطفية والنفسية، التي تجعل التقوى والروحانية تقوم على أساس شخصي فرداني، هذه التقوى المودرن modern التي يسمع فيها عن المسيح بدون اتحاد حقيقي معه أو ثبات سرائري فيه. والأمر المحير أن هذه الأفكار الحديثة تخالف الوديعة التي لا تخضع للاقتراحات لأنها ما تعلمناه وليس ما نبتكره بأفكارنا وقراءاتنا، فهى (الوديعة) فكر الكنيسة العام وليس ما يخترعه أحد، هي ما تسلمناه وليس ما نجتهد فيه ونؤلفه، لكي نبقى تلاميذ للكلمة. تلك الأفكار الغريبة لم تأت بين ليلة وضحاها بل كانت نتيجة لعدم طاعة وتلمذة وخضوع أصحابها، الذين انشغلوا بإبراز البطولات البشرية Super-human دون الالتزام بمعيار سلامة التعليم ونقاوته مستهينين بطول أناة آباء الكنيسة الذي كان ينبغي أن يقتادهم للتوبة والرجوع للمنهج الإنجيلي الرسولي الآبائي الليتورجى العقيدي والإيماني. هذه الأفكار هي صورة ممسوخة ومشوهة للتعليم المسيحي، "كاركاتير" للمعتقدات السليمة،ويمكن حصرها في صورة بدع تتجدد وتعاود الظهور، مع بعض التحويرات والخداعات التي تدفع أصحابها في النهاية إلى أن يعلنوا أنهم ليسوا أرثوذكس لكنهم لا طائفيين. ولا نعجب ان اتبع هؤلاء المنشقون حكمة العالم، لكننا لا نجهل حيلهم إذ هم يتبعون منشقين سابقين لهم، ويختفون وراء ثيابهم الهرطوقية، وهكذا انتشرت بدعهم لابسة عباءة أرثوذكسية، لكن ان تطلعنا في داخلهم نجد ترابا ورمادا، كل تعاليمهم دود مملوء فساد ورياء، لأنهم لم يوقروا ما وقره الآباء ولم يكرموا ما كرمه الآباء، ناقلين التخم القديم. وليس خفيا على أحد ما اتسمت به بعض التعاليم الفاسدة، التى تجعل الباب الضيق باب واسع، وتجعل الشيطان تحت الأقدام، ومن ثم لا ضرورة للجهاد الروحي ولا حاجة اذن للسلوك بتدقيق أو تكميل خلاصنا بخوف ورعدة..!! لم نسمع في هذه التعاليم أن الإيمان بدون أعمال ميت (يع 2:20)، وأنه لا منفعة ولا خلاص للايمان بدون أعمال (يع 2: 14)، وأن الإيمان وحده لا يبرر الإنسان بل الأعمال (يع 2: 24)، لم نسمع عن الأصوام والمطانيات والدموع والجهاد حتى الدم ضد الخطية، أليس الذي يسمع الكلمة ولا يعمل بها يشبه رجلا ناظرا وجه خلقته في مرآة، فانه نظر ذاته ومضى وللوقت نسى ما هو (يع 1: 23).. |
||||
24 - 05 - 2014, 01:05 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
البدع المُقَنَّعة هذه البدع المقنعة التي تضع السم في العسل، تطمس الاتجاه العملي في الحياة الروحية (عاملين بالكلمة) (يع 1: 22)، (التصرف الحسن) (يع 3: 13)، مدعين أن النعمة قد عملت كل شيء!! أنها فلسفة غربية مزيفة أكثر منها منهج روحي، تعطى طريقة سهلة للحياة مع الله بنوع من الاصطياد العقلي، لكي تصل إلى هدف بعيد كل البعد عن الإيمان المسيحي الأرثوذكسي، فيفقد البعض اتزانه الإيماني، وفكره الروحي السليم. ولا يغيب عن بالنا التعاطف الفكري بين هذه الأفكار وبين البروتسانتية التي تلغى دور الجهاد في الحياة الروحية، وتركز على النعمة فقط وهو اتجاه بيلاجي، ولكن الآباء علمونا أن الحياة الروحية هي التحقيق الكامل والفعال للنعمة الإلهية مع تعاون واستجابة الإنسان، وهو ما يسمى السينرجى Synergy أي تقابل عما النعمة الإلهي مع إرادة الإنسان واستجابته بالجهاد والمواظبة وطاعة الوصية باستعداد قلب لقبول الألم وحمل الصليب وحياة التقديس بمخافة، أنها اندماج الفعل الإلهي والفعل الإنساني في حياة روحية واحدة، هناك تقبل لفعل النعمة وهناك الإرادة البشرية الحرة المتناغمة. فالبقاء في النعمة يقول عنه العلامة ترتليان: (أن الأفاعي والحيات توجد في الأماكن المقفرة التي ليس فيها ماء، أما نحن الأسماك الصغيرة فقد ولدنا في الماء تابعين مثال سمكتنا يسوع المسيح ابن الله المخلص، كما ولا يمكن أن نخلص إلا إذا بقينا دائما في ماء المعمودية حيث البقاء في حالة النعمة والغلبة والنصرة والخليقة الجديدة التي حصلنا عليها بالمعمودية). ومن بين الخلط في التعليم والبدع المقنعة المعاصرة، شرح العقيدة بفكر غربي، بينما ينبغي أن تفسر العقيدة على أساس ما استقر في التقليد الرسولي الكنسي وما يحمله من قوة روحية وخبرة آبائية وتدريبات معاشة وهى في النهاية خلاص النفس، فيصب الشرح والتفسير في ما يمارس في الحياة اليومية، ليكون تعليم مستقيم مؤدى إلى حياه مستقيمة، وإلا جعلنا من إيماننا مجرد فكرة ولاهوت مزيف New theology. والبعد عن المنهج المتكامل في التعليم والاتجاه إلى الكتابات الغربية، جعل للأفكار المنحرفة سمة ممسوخة (لغتك تظهرك)، بعيدة عن روح ومنهج وحياة الآباء، بعيدة عن القانون الكنسي، بعيدة عن المنهج النسكي، بعيدة عن الليتورجيا والأسرار، بعيدة عن تاريخ الآباء (التاريخ الكنسي والمجامع) والتي هي في الواقع المدخل والطريق الأرثوذكسي، في الجوهر والممارسة والمنهج الروحي. لذلك لا يجعل الفكر الذاتي الأحادي المنحرف، منهم إنجيليين بالروح والسلوك ولا يمتعهم بروح وخبرة آبائنا التي بها نعيش بطريقة عملية غير عقلانية، هذا الفكر المنحرف الذي يدعمونه بالنقل الخاطئ والفهم الملتوي لأقوال الآباء وتوظيفها لإثبات أفكار غريبة عن الآباء أنفسهم، إذ أن التقليد الأرثوذكسي الحي لا يقوم على اقتباس أقوال الآباء، لأنهم ليسوا دكاترة لكنهم قديسون، فكيف إذن نقتص قولًا دون حياة وسلوك وجهاد قائله؟ وكيف نفصل القول عن العمل والخبر عن الخبرة والحياة؟ لذلك نقول للمبتدعين المودرن، ألم يتكلم القديس البابا أثناسيوس والبابا كيرلس والأنبا أنطونيوس عن الكنيسة التي صنعتهم قديسين وآباء؟ ألم تكن حياتهم توبة وجهادا وبذلا وصلوات وسهرًا وأصوامًا وشركة وشهادة؟ فلماذا إذن كل هذا ماداموا قد جلسوا في السماويات؟!! ليست المسألة تطاولا وردا مغلوطا من أقوال الآباء، لتأييد أفكار لم يقصدها الآباء قط، يستخدمها المبتدعون دون أن يكون لهم روح وطاعة وقدوة وانسكاب وجهاد هؤلاء الكاملين المغبوطينفالاستشهاد بأقوال الآباء ينبغي أن لا يخالف في مظهره وجوهره منهج التقليد العام، والأصالة العقيدية كما تعرفها الكنيسة. فرق كبير بين الذين عاشوا في شركة مع الآباء وأحبوهم وعشقوهم وتشفعوا بهم بعد أن تمثلوا بإيمانهم، وبين الذين يدعون انتسابهم للآباء معتبرين أنهم فلاسفة وعلماء، وفرق كبير بين توظيف أقوال الآباء لإثبات فكرة منحرفة فتصبح مجرد جمل وكلمات، وبين التفسير الكنسي الأصيل الذي صار على مدى الزمن وقبله الجميع في كل مكان، والذي هو فكر الكنيسة الشامل الذي صار في كل مكان وكل زمان والذي يعرض عن الكلام الباطل الدنس الزائغ من جهة الإيمان (1تى 6: 20)، ويؤكد القديس أثناسيوس الرسولي في دفاعه عن الإيمان، أنه حتى الإنجيل والتقليد يمكن أن يكون مرجعا للهراطقة، حتى يخلطوا الحق بالباطل. والأمر العجيب أن أصحاب البدع المنحرفة كسابقيهم من الهراطقة فالنتينوس ومارقيون وكيرنثوس، يدعون أنهم أكثر حكمة من الآباء ومن الرسل أيضا، متوهمين أنهم قد وجدوا الحق الأصيل، بينما هم بإبتداعاتهم ومغالطاتهم إنما يتحدون إيمان الكنيسة كلها، التي تجمع فيها كل الحق عبر الرسل، والتي خارجها لا يوجد إنجيل إلهي، بل ضعفات البشر المستحدثة. يريدون بأفكارهم الذاتية أن يزعجوا الكنيسة ويحولوا إنجيل المسيح (غل 1: 7) لذلك سيحملون الدينونة (غل 5: 20)، لأنهم فعلة ماكرون، يكتبون عن الآباء ولا يعيشون بحسب الآباء، منكرين الكنيسة ودورها في الخلاص، جاعلين للمنهج الروحي طريق حسب هواهم، منكرين الجهاد والأعمال، ولا عجب فطالما أن الشيطان يتغير في شكله إلى ملاك فماذا في أن خدامه أيضا يغيرون شكلهم إلى خدام البر؟ وهم لا يعترفون بدور الكنيسة في الخلاص، بالرغم من أن الذي يسقط، يسقط وحده لكن ما من أحد يستطيع أن يخلص وحده. وكأن العقيدة والإيمانيات تحتاج إلى وجهة نظر هؤلاء المنشقين، يرفضون ما يعن لهم رفضه ويقبلون ما يقبلونه (أنصاف أرثوذكس)، وبالتالي أخذوا في التدرج حتى أنكروا الأسرار وابتعدوا عن الكنيسة، وصارت التوبة في مفهومهم مجرد مشاعر وعواطف واختبارات نفسية فيختفي دور الكنيسة والمفهوم الحقيقي للتوبة (الميطانيا) عنهم كمنهج وطريق تعلمنا الكنيسة إياه.. |
||||
24 - 05 - 2014, 01:06 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الأمانة في التعليم - القمص أثناسيوس فهمي جورج
المنحرفون عقيديًا أين الاعتراف؟ وأين الحل؟ وأين التداريب الروحية؟ وهل التوبة لا علاقة لها بالكنيسة؟ وهل سر التوبة مجرد كلمات نقولها وصلاة نرددها ومشاعر؟ أم أنها تغيير للذهن والقلب والتصرف؟! وهل الخلاص مجرد اختبار شخصي، وصلاة عند قدمي الرب يسوع، وعندئذ يكون الشيطان تحت الأقدام! لقد دأب أصحاب البدع المعاصرة على استخدام هذه العبارات (هل اتخذت القرار.. ثق أن إبليس تحت الأقدام.. أننا لا نحارب إبليس لكي ننتصر.. كلا إننا نحاربه لأننا انتصرنا فعلا.. نحاربه لا لننتصر بل لنتمتع بالغنائم.. لابد أن نعلن سلطاننا)، بقصد تسهيل الخلاص للناس، وتوسيع الباب، وتغير الطريق المؤدى إلى الحياة (مت 7: 14). وقد وضع هؤلاء الأخوة الكذبة معالم جديدة للحروب الروحية مؤداها أنه لا توجد حروب روحية لأن الشيطان تحت الأقدام!! إذن فلماذا علمنا الرب أن نقول في الصلاة الربانية (نجنا من الشرير)، ولماذا قال لنا الآباء الرسل (أن عدونا إبليس يجول مثل أسد زائر يلتمس من يبتلعه) (1 بط 5: 8) (سيروا زمان غربتكم بخوف) (1 بط 1: 17) (لم تقاوموا بعد حتى الدم،مجاهدين ضد الخطية)(عب 12: 4)، (فليحذر من هو قائم لئلا يسقط) (1 كو 10: 12)، ولماذا نصلى في القداس لكي لا يقوى علينا موت الخطية، ولكي نتعرى من الإنسان العتيق وأعماله الرديئة، ومن أجل عتق عقولنا من كل اختلاط هيولي، ولماذا نصلى لله لكي ينجينا من الأعمال غير النافعة وأفكارها وحركاتها ومناظرها ومجساتها، ومن أجل طرد المجرب وقطع الأسباب المؤدية للخطية لكي ينجينا الرب منها بقوته المقدسة. أنها دعوة كاذبة للاستهتار بالشيطان الكذاب أبو الكذاب وعدم الجهاد واليقظة والصحو الروحي، ومادام الشيطان تحت الأقدام فلماذا إذن نصلي ونتوب ونصوم ونجاهد ونخدم؟ لقد انتهى الأمر!! لقد اتبع المنحرفون عقيديًا أسلوب عدم مهاجمة الاعتراف ولا الكهنوت ولا التناول، لكنهم حرصوا على تنسيتها للناس، بعدم الحديث عنها، وبخبث شديد يصنعون بدائل لها، وهو أسلوب جديد، لابد أن نحترس منه ونكشفه للذين لا يعرفون أساسيات التعليم الكنسي الأرثوذكسي الذي هو تعليم إنجيلي كنسي سرائري ليتورجي آبائي، وذلك بالدفاع عن تعليم كنيستنا التقليدية وحفظها من خطر التلوث البروتستانتي، وجنون وشطط الهراطقة، وأخطاء المتقلبين الذين يقاومون صورة التعليم الصحيح،مستخدمين التأثير العاطفي على القارئ واحتواء فكر السامع، دون شرح الحق أو حتى تقديمه، محاولين بالتحايل والغش وتضليل البسطاء، وكأن لاهوت الكنيسة يحتاج إلى تطوير، غير ثابت الأصول. أن مشكلة الهراطقة وأساس نكبتهم أنهم قد يملكون معرفة مسيحية، ولكنهم لم يملكوا أخلاقا مسيحية، فالطاعة غائبة، والتعليم تغيب عنه التقوى والفطنة الروحية والروح الكنسية العالية، وهناك انفصال بين العقيدة والتقوى لأنهم ورثة وملوك وبلا لوم يرعبون مملكة الظلمة، ويصنعون المعجزات البهلوانية!! أليست هذه البدعة، هي نفس البدع التي ظهرت في جيلنا المعاصر والتي ابتدعها المعاندون، فكثير من البدع تترك خطوطا من الأفكار المنحرفة التي تهيء الجو لبدع جديدة، تعمل على مسخ العقيدة وتفريغها من محتواها (أي تجريدها) بتسطيح التعليم الكنسي وتشويهه بفكر غريب ومشوش. لقد تسر الفكر الغربي خلال كتابات المبتدعين، فابتدعوا عن أصالة الخبرة والتذوق والممارسة، وأفرغوا المنهج الروحي من مضمونه، متبعين الاتجاه البروتستانتي الذي يبتعد عن عمل وشركة الثالوث القدوس، وصارت مناداتهم لله بعبارة (يا يسوع) في حين أن الخبرة الأرثوذكسية تجعلنا نتلامس مع الثالوث القدوس، وهو ما يسميه الآباء "الإيمان الثالوثي" ونصلى كي نكمل في الإيمان الثالوثي إلى النفس الأخير، لأن لاهوتنا الأرثوذكسي هو لاهوت الثالوث القدوس، لاهوت الوحدة والشركة. ولا يلمس القارئ أو السامع الروح الخشوعية التعبدية المنسحقة، سواء في كتابات أو كلمات هؤلاء المبتدعين (هذا الكتاب ليسوع.. لمجد يسوع، لقد أخفقت كل محاولات إبليس في منع هذا الكتاب من الظهور)، ناسيين أن لاهوت الكنيسة لاهوت اتضاع وإخلاء، فيقولون (أنا بلا لوم أنا وريث أنا.. أنا)، بينما الكنيسة تعلمنا (أنا ما أنا) ويقول الكتاب (قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح) (أم 16: 18) معتمدين على فهمهم الخاص، ظانين أنهم يفهمون أكثر من ضمير الكنيسة وكأنهم اكتشفوا ما لم تعرفه الكنيسة كلها، يفلسفون المعلومات ليسبوا تابعيهم، ويكتبون الكلمات بالعبرية واليونانية، بقصد الإبهار والاصطياد العقلي، أين هذا من منهج الرسل الكرازي؟ ومن منطق العشار في التوبة!! نصلى إليك يا رب لتحفظنا في إيمانك الأرثوذكسي غير عاثرين إلى النفس الأخير، وتنجينا من كل ملاقاة الهراطقة، وكل فكر لا يرضى صلاحك يا الله محب البشر فليبعد عنا.. نصلى إليك يا رب أن تفرق أعداء الكنيسة، حصنها فلا تتزعزع إلى الأبد، وارزقنا الرأي الواحد الذي للفضيلة والإيمان الثابت المستقيم الذي بلا فحص، لك المجد مع أبيك الصالح والروح القدس إلى الأبد آمين. |
||||
|