12 - 05 - 2014, 03:38 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
6. دهن طالبي العماد بالزيت
لم يذكر العلامة ترتليان شيئًا عن المسح بالزيت قبل التغطيس، لكن الشهيد يوستين [358] تحدث عنه، كما أشارت إليه قوانين القديس هيبوليتس حيث ذكرت أن أحد الكهنة يقوم بمسح طالبي العماد بعد جحدهم الشيطان وقبل تغطيسهم وإعلان الإيمان، يدهنونهم بزيت لإخراج الشياطين [359]. وقد أشارت الدساتير الرسولية إلى هذا الطقس [360]. المسح بالزيت قبل التغطيس وبعد جحد الشيطان أو قبله إنما يحمل عملين: التطعيم في الكنيسة شجرة الزيتون الدسمة عوض الزيتونة البرية، والتمتع بقوة لمحاربة الشياطين وقوات الظلمة. هذا ما أكده الآباء القديسون وأيضًا الطقس ذاته. ففي الطقس القبطي يُدهن طالب العماد مرة قبل جحد الشيطان خلالها يؤكد الكاهن تطعيمه في الكنيسة، قائلًا: "أدهنك يا (فلان) باسم الآب والابن والروح القدس الإله الواحد. زيت عظة (لفلان) في كنيسة الله الواحدة والوحيدة المقدسة الجامعة". ويدهن مرة أخري بعد جحد الشيطان وقبل تغطيسه، خلالها يؤكد تمتعه بقوة لمحاربة الشيطان المضاد: "أدهنك يا (فلان) بدهن الفرح، مضادًا لكل أفعال المضاد. لتغرس في شجرة الزيتون اللذيذة، في كنيسة الله المقدسة الجامعة الرسولية". وفي خولاجي eu,ologion القديس سرابيون: [ندهن بهذا الزيت الذين يقتربون إلى الميلاد الجديد، سائلين الرب يسوع المسيح أن يهبه سلطانًا للشفاء وإعطاء قوة لجسد الذين يعتمدون ونفوسهم وأرواحهم، لتتحرر أرواحهم من كل أثر للخطيئة والشر، وتكون لهم قوة الغلبة على الأرواح المضادة.] * عندما خلعتم ثيابكم مُسحتم بالزيت المصلى عليه من أعلى رؤوسكم إلى أقدامكم، وصرتم شركاء في الزيتونة الحقيقية التي هي يسوع المسيح. لقد قطعتم من الزيتونة البرية، وطُعّمتم في الشجرة المقدسة، وأصبحتم شركاء في دسم الزيتونة الحقيقية. بهذا يبطل كل أثر لقوة الشر... وذلك بالتوسل باسم الله كأشد اللهب قوة، تلفح الأرواح الشريرة وتطردها. هكذا أيضًا يأخذ هذا الزيت قوة بالتوسل إلى الله والصلاة، فيحرق الخطيئة وينظف آثارها، كما يطرد قوات الشرير غير المنظورة [361]. القديس كيرلس الأورشليمي * إذ خلعت ثيابك بحق يُدهن كل جسدك بالدهن المقدس كعلامة ووسم أنك تتقبل غطاء الخلود الذي أوشكت أن تلبسه خلال المعمودية. * العلامة التي تُوسم بها تعني أنك قد خُتمت كحمل المسيح وجندي للملك السماوي [362]. الأب ثيؤدور * يدهن الله ملامحكم ويختم عليها بعلامة الصليب. بهذه الطريقة يكبح الله كل جنون الشرير، فلا يجسر إبليس أن يتطلع إلى منظر كهذا، إذ يصيب عينيه العمى بالتطلع إلى وجوهكم، فيكون كمن يتطلع إلى أشعة الشمس فيثب هاربًا... المسحة هي خليط من زيت الزيتون ودهن، الدهن هو للعروس والزيت للمصارعين. لتعرفوا مرة أخري أن الله بنفسه هو يدهنكم خلال يد الكاهن، وليس إنسان. أصغِ إلى كلمات بولس القائل: "الله هو الذي يثبتكم في المسيح، الذي مسحنا". بعد أن يدهن كل أعضائكم بهذا الدهن تصيرون في أمانٍ وقادرين أن تفحموا الحية ولا يصيبكم ضرر [363]. * في كمال ظلمة الليل يخلع الكاهن ثوبك كمن يقودك إلى السماء عينها خلال الطقس ويدهن كل جسدك بزيت الزيتون الذي للروح لكي تكون أعضاؤك قوية لا تغلبها السهام التي يوجهها العدو ضدك. بعد هذه المسحة ينزل بك الكاهن إلى المياه المقدسة [364]. القديس يوحنا الذهبي الفم |
||||
12 - 05 - 2014, 03:38 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
7. جحد الشيطان
إذ يخلع طالب العماد ثوبه يتجه نحو الغرب، أو تقف الأم أو الأب أو الإشبين حاملًا على ذراعه الأيسر الطفل، ويبسط طالب العماد أو إشبينه يده اليمنى كأنما يحدث الشيطان معلنًا جحده له ورفضه مملكة الظلمة بجسارة وعلانية. هذا الرفض كما يقول العلامة ترتليان يتم داخل جرن المعمودية [365]، أما حسب التقليد الرسولي للقديس هيبوليتس فيتم قبل دخول المياه [366]. أما مصدر هذا الطقس فكما يقول القديس باسيليوس الكبير هو التقليد، إذ يقول: [إننا نبارك مياه المعمودية وزيت المسحة كما نبارك المُعمد نفسه أيضًا. أي وصايا مكتوبة علمتنا أن نفعل هذا؟! ألم نتعلم هذا من التقليد السري المقدس؟! وأيضًا الدهن بالزيت، أي كلمة في الإنجيل علمت به؟! أين ورد تغطيس الإنسان ثلاث مرات؟ أي كتاب جاء بكل الأمور اللازمة للعماد وجحد الشيطان وملائكته؟! ألم يأت إلينا من التعليم السري الذي حافظ عليه آباؤنا في صمت دون أن (يكتب) كتعليمٍ عام؟! إذن لا تبحثوا الأمر بتطفل... لأنه كيف يحق تعميم تعليم الأسرار كتابة، هذه التي لا يسمح لغير المعمدين حتى يتطلعوا عليها؟! [367]] يعتبر هذا الأمر جزءً أساسيًا في طقس العماد، أشارت إليه كثير من كتابات الكنيسة الأولى وكشفت أيضًا عن مفهومه اللاهوتي الروحي. * في الكنيسة تحت يد الأسقف نشهد أننا نجحد الشيطان وكل موكبه pomp وكل ملائكته [368]. العلامة ترتليان * عندما يمسك الكاهن بمن يتقدم للعماد يأمره أن يجحد قائلًا: أجحدك أيها الشيطان وكل خدمتك وكل أعمالك [369]. التقليد الرسولي للقديس هيبوليتس وجاء في قوانين القديس هيبوليتس أن طالبي العماد يتجهون نحو الغرب ويقولون: [اجحدك أيها الشيطان وكل موكبك pomp [370].] أما كلمة "pomp" التي يجحدها المسيحي فقد ترجمت عن اليونانية كما هي إلى اللاتينية، وهي في رأي العلامة ترتليان تشير إلى عبادة الأصنام [371]. ويرى جنجمان J. Jungmann أنها تشير إلى الموكب الخاص بأعياد الآلهة في القرون الأولى حيث كانت الأصنام تُحمل في موكب نصرة، فيظهر إبليس كغالب للعالم، وكأن الذين يعيشون في الخطيئة يسيرون في هذا الموكب كجنود له، وكأن طالب العماد يعلن تركه هذا المعسكر الشيطاني مجندًا لخدمة ملكوت الله [372]. ويترجم البعض كلمة "pomp" "بالمناظر الفخمة والمجد الزمني"، أو "المجد الباطل"، وقد شرح القديس يوحنا الذهبي الفم هذه الكلمة بقوله: [إذا قلت من كل قلبك أجحدك أيها الشيطان وكل مجدك الباطل، فإنك سوف تعطي حسابًا عن ذلك في يوم الدينونة... والأمجاد الباطلة الخاصة بالشيطان التي هي المسارح والملذات الشريرة، والتفاؤل بالأيام وبالفرص، وبالكلمات العفوية التي تقال للغير، وهي في الأصل لا تخصنا، وأيضًا التشاؤم من النذير. وإنني أسألكم ماذا يُعد في العالم فألًا؟! أحيانًا عندما يترك إنسان منزله يرى رجلًا بعين واحدة أو أعرج فيتشاءم. هذه هي أمجاد الشيطان الباطلة لأنها ألاعيبه، فإن لقاء البشر لا يجعل يومنا سيئًا، وإنما ارتكاب الخطيئة هو الذي يجعله هكذا [373].] وأيضًا القديس كيرلس الأورشليمي يرى ذات الأمر: [مجد الشيطان هو الاشتياق للمسارح وسباق الخيل وسباق المركبات وألعاب السيرك وكل الأباطيل التي من نفس النوع. أيضًا المآدب الخاصة بأعياد الأوثان وما فيها من طعام وخبز وكل ما تدنس باستدعاء الشياطين النجسة. الأطعمة والخبز في ذاتها طاهرة لكن استدعاء الشياطين ينجسها [374].] ويقول الأب ثيؤدور: [أن حيل الشيطان هي المسرح والسيرك والألعاب الرياضية والأغاني والرقص. هذه كلها زرعها الشيطان في العالم تحت ستار اللهو، لكي يثير النفوس ويسرع بها إلى الهلاك، لذلك يليق بكل من يشترك في سرّ العهد الجديد أن يحفظ نفسه منها [375].] لقد امتنع المسيحيون عن كل أنواع اللهو إذ قدمت في ذلك العصر تكريمًا للآلهة الوثنية، حتى الألعاب الرياضية كان أبطالها يتوجون باسم الآلهة. |
||||
12 - 05 - 2014, 03:39 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
أما كلمة "ملائكته"، فتعني رفضنا للشيطان وكل أتباعه:"هؤلاء الملائكة ليسوا شياطين بل أناس يخضعون للشيطان الذي يستخدمهم آلات له، إذ يجعلهم يسقطون الآخرين [376]". وقد قدم الأب ثيؤدور المصيصي قائمة بهؤلاء الملائكة ضمت الذين يستخدمون التعاليم الزمنية الخاطئة لنشر الوثنية وتغلغلها في العالم، والذين يقدمون الأشعار لحساب عبادة الأصنام، وقادة الهرطاقات أمثال ماني ومرقيون وفالنتينوس وبولس السومسطائي وأريوس وأبوليناريوس الذي أدخلوا شرورهم تحت اسم المسيح [377]. يشرح القديس كيرلس الأورشليمي هذا الطقس للمعمدين حديثًا، قائلًا: [ومع ذلك تؤمرون بالقول وذراعكم ممدود نحوه كأنه حاضر، قائلين: نجحدك أيها الشيطان. أريد أن أقول لكم إنكم تقفون ووجوهكم نحو الغرب فهذا أمر ضروري، مادام الغرب منطقة الظلام المحسوس، ومادام هو في الظلمة فتكون سيطرته على الظلمة... لقد وقف كل واحد منكم وقال: "أجحدك أيها الشيطان"، أيها الظالم القاسي الشرير. بمعنى إني لا أخاف قوتك بعد الآن، فقد قهرك المسيح، إذ شاركني في اللحم والدم. بالموت داس الموت حتى لا أكون تحت العبودية إلى الأبد. أجحدك أيتها الحية الخبيثة الماكرة. أجحدك بمؤامراتك التي تختفي تحت قناع الصداقة، إذ اخترعتِ كل مخالفة وكل عمل مارق لأبوينا الأولين. أجحدك أيها الشيطان الصانع لكل شر والمحرض عليه. وفي عبارة ثانية تقول: "وكل أعمالك"، لأن كل أعمال الشيطان هي خطيئة، يلزمنا أن ننبذها كمن يهرب من الظالم وأسلحته... ثم نقول: "وكل قوتك"، والآن فكل قوة الشيطان هي جنون المسارح وسباق الخيل والصيد وكل أمثال هذه الأمور الباطلة... بعد هذا نقول: "وكل خدماتك"، فخدمات الشيطان هي الصلاة في هياكل الأصنام وما يقدم من كرامات للأوثان التي بلا حياة... [378]] ويرى الأب ثيؤدور المصيصي أن طالب العماد إذ يقف هكذا ليجحد الشيطان في حضرة الأسقف يكون كالمتهم الذي يعلن براءته أمام القاضي. فإن الشيطان يحاول أن يقيم الدليل ضدنا مدعيًا أنه ليس من حقنا أن نهرب من مملكته، مدعيًا أننا ملك له، ننتمي إليه لأننا نسل آدم الذي سقط تحت سلطانه. [لهذا يليق بنا أن نسرع ونقف أمام القاضي ونقيم دعوانا أنه من حقنا ألا ننتمي للشيطان بل لله الذي خلقنا منذ البداية على صورته [379].] جحد الشيطان في نظر الأب ثيؤدور المصيصي يدخل بنا إلى الشركة مع السيد المسيح في تجربته على الجبل حين حاول الشيطان أن يضلله بحيله الخبيثة وتجاربه [380]، كما فعل مع آدم الأول حين كان في الفردوس. فإن كان قد غلبَ في الفردوس، إلا أنه صار هنا مغلوبًا من آدم الثاني، الذي حكم الوحوش وجاءت الملائكة تخدمه (مر 1: 13). ونحن أيضًا الذين غلبَنا العدو في شخص أبينا الأول ندخل مع آدم الثاني مياه المعمودية، ونتحد معه لكي نغلب ذاك الذي سبق فغلبنا، هذا الذي يشتكي ضدنا. هذا ما لمسه الرسول بولس حين تحدث عن المعمودية، إذ رأى فيها اتحادًا مع السيد المسيح، الذي حطّم بعماده شكوى الشيطان ضدنا [381]، قائلًا: "محا الصكَّ الذي علينا في الفرائض الذي كان ضدًّا لنا وقد رفعهُ من الوسط مسمّرًا إياهُ بالصليب. إذ جرَّد الرياسات والسلاطين أشهرهم جهارًا ظافرًا بهم فيهِ". (كو 2: 14-15) لعله لهذا السبب وضعت الكنيسة إنجيل الأحد الأول من الصوم الكبير عن "تجربة السيد المسيح"، وهو أول أحد يحضره طالبو العماد في الصوم الكبير في قداس الموعوظين. إنه أول درس لهم عن المعمودية كغلبة على إبليس وتحرر من سلطانه. |
||||
12 - 05 - 2014, 03:39 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
ولهذا السبب أيضًا كان طالبو العماد يُمسحون بالزيت بعد جحدهم الشيطان وقبل دخولهم مياه المعمودية، كعلامة على أنهم قد مُسحوا جنودًا ومحاربين ضد عدو الخير إبليس. إن كان الاعتراف بالإيمان كما سنرى هو دخول مع الله في ميثاق أو عهد جديد، فإنه يلزم أولًا جحد الشيطان، أي تمزيق العهد الذي أقمناه مع إبليس خلال الخطيئة. * حينما يقودونكم إلى الداخل (في الكنيسة) يلزمكم جميعًا أن تحنوا ركبكم ولا تقفوا منتصبين. يلزم أن تبسطوا أيديكم نحو السماء وتشكروا الله على هذه العطية... وبعد أن تحنوا ركبكم يُطلب منكم أن تنطقوا بهذه الكلمات: "أجحدك أيها الشيطان"... ماذا حدث؟ ما هذا التغير المفاجئ الغريب؟ أنتم الذين كنتم ترتعشون بخوف، هل تثورون ضد سيدكم؟ هل تتطلعون إلى مشورته بازدراء؟ ما الذي جاء بكم إلى هذا الجنون؟ متى حلت بكم هذه الجسارة؟ تقولون: "لديَّ سيف، سيف قوي". أي سيف هذا؟ أي حليف لكم؟ أخبروني. تجيبون: إني أدخل في خدمتك أيها المسيح، لهذا فإني جريء وثائر. لأن لي ملجأ قويًا. هذا جعلني فوق الشيطان، أنا الذي كنت قبلًا اَرتعب منه وأخاف، لهذا لست أجحده وحده بل ومعه كل مواكبه. * يطلب منكم الكهنة أن تقولوا: "أجحدك أيها الشيطان وكل مواكبك وكل خدمتك وكل أعمالك". الكلمات قليلة لكنها عظيمة القوة! الملائكة تقف بجواركم، والقوات غير المنظورة تفرح بتغييركم، ويتقبلون الكلمات من ألسنتكم ويحملونها إلى سيد كل الخليقة، لتنقش هناك في كتب السماء! * هل رأيتم صيغة الاتفاق؟ فإنكم بعد جحد الشرير وكل ما له يطلب منكم الكاهن أن تقولوا: "أدخل في خدمتك أيها المسيح". أترون غنى صلاحه؟! فإنه ما أن يتقبل هذه الكلمات حتى يودع فيكم مخزن جواهره هذه! إنه ينسى كل جحودكم القديم، ولا يذكركم بأفعالكم الماضية، مكتفيا بهذه الكلمات القليلة... * إذ يعرف الكاهن أن العدو يصير بهذا ثائرًا ضدكم، يُصرّ بأسنانه، ويصبح كأسدٍ ثائرٍ، إذ يرى الذين كانوا قبلًا خاضعين لسطوته صاروا فجأة ثائرين عليه، ليس فقط يجحدونه، وإنما ينطلقون إلى جانب المسيح. عندئذ يدهنكم الكاهن على رؤوسكم ويضع عليكم العلامة (الصليب)، حتى يحوّل العدو عينيه عنكم، فلا يجسر أن يتطلع إلى وجوهكم إذ يراها تضيء مُشعَّة، فيثب هاربًا منها ويصيب العمى عينيه. لهذا فإنه منذ ذلك اليوم تقوم حرب وصراع ضده. على هذا الأساس يقودكم الكاهن إلى حلبة الصراع الروحية كمصارعين لحساب المسيح بفضل هذه المسحة [382]. القديس يوحنا الذهبي الفم أما اتجاه طالب العماد نحو الغرب أثناء جحد الشيطان إنما تأكيد لسلطان المؤمن، أن ينظر إلى مملكة إبليس بقوة، جاحدًا إيّاه وكل موكبه وجنوده وأعماله. يقول القديس غريغوريوس النيسي: [أن الغرب هو الموضع الذي يسكنه سلطان الظلمة [383].] ويعلق القديس هيلاري أسقف بواتييه على إحدى فقرات المزمور 47 مؤكدًا أنه يشير إلى نصرة السيد المسيح على سلطان الظلمة [384]. وكأن النفس لا تعود ترهب الشيطان الظالم المملوء قسوة، لأن [المسيح حطم سلطانه وأباد الموت بموته بطريقة بها انسحب تمامًا من مملكته [385].] هذا ما يؤكده الأب ثيؤدور المصيصي قائلًا: [مادام الشيطان الذي أطعتموه مرة خلال رأس جنسكم هو علة كل الشرور التي تلحق بكم لهذا يجب أن تتعهدوا بتركه [386].] أما بسط اليدين أو اليد أثناء جحد الشيطان فكان يستخدم قديمًا حينما يقسم الإنسان أو يجحد قسمًا. وكأن طالب العماد يجحد العهد الذي أقامه آدم مع الشيطان بسقوطه في الخطيئة [387]. ومما يجدر ملاحظته أن حربنا مع الشيطان لا تقف بجحدنا إياه وكل موكبه وجنوده وأعماله، وإنما نُمسح بالزيت المقدس لننال قوة ضده، وبعد المعمودية مباشرة نتمتع بمسحة الميرون لكي نحمل في داخلنا الروح القدس روح المسيح الغالب، يسندنا في جهادنا كل أيام غربتنا ضد الشيطان. * إن اسم "المسيح" جاء من المسحة. كل مسيحي يقبل المسحة إنما يدل بهذا ليس فقط أنه قد صار شريكًا في الملكوت وإنما صار من المحاربين ضد الشيطان. القديس أغسطينوس |
||||
12 - 05 - 2014, 03:39 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
* بعد ذلك تُمسحون على صدوركم لكي تلبسوا درع العدل، وتثبتوا ضد حيل الشيطان. وكما أن المسيح بعد المعمودية وحلول الروح القدس خرج وحارب المعاند، هكذا أنتم أيضًا بعد المعمودية المقدسة والمسحة السرية تثبتون ضد القوة المضادة، لابسين سلاح الروح القدس الكامل، وتحاربونها قائلين مع الرسول: "أستطيع كل شيءٍ في المسيح الذي يقوّيني" (في 4: 13) [388]. القديس كيرلس الأورشليمي * النفس بطول إقامتها في نار الروح وفي النور الإلهي لا يصيبها أي أذى من الأرواح الشريرة، بل إن اقترب أحدها منها يحترق بنار الروح السماوي... وكما إذا طار طير عاليًا لا يبالي بالصيادين والوحوش المفترسة، ولا يخافهم، لأنه في العلو في أمان من الجميع، هكذا النفس متى نالت أجنحة الروح (مز 55: 6) وطارت إلى السماوات العليا تستهزئ بمن هم تحتها لعلوها فوق الجميع. * كل نفس لا تُصلح بالروح القدس ولا تملح بالملح السماوي، أعني قوة الله تفسد في الحال وتمتلئ برائحة الأفكار الشريرة الرديئة الكريهة، فيتحول وجه الله عن الرائحة الدنسة التي لأفكار الظلمة الخبيثة وفساد الشهوات الساكنة في هذه النفس، والدود الشرير اللعين يعني أرواح الشر وقوات الظلمة يتمشى فيها ويتحول ليجد فيها مرعى وقبولًا، فيدبّ فيها ويأكلها ويفسدها كقول المزمور: "قد أنتنت وفاحت جراحاتي" (مز 38: 5) [389]. القديس مقاريوس الكبير |
||||
12 - 05 - 2014, 03:39 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
8. سرّ الانفتاح
يروي لنا القديس أمبروسيوس طقسًا يسميه "الانفتاح" يتممه الكاهن قبيل دخول طالب العماد الجرن، فيه يلمس الكاهن أذني طالب العماد وأنفه، وقد شرح لنا بنفسه ما يعنيه هذا الطقس: [أي سرّ للانفتاح قد تحقق عندما لمس الكاهن آذانكم وأنوفكم؟ إنه بهذا يُشار إلى ما فعله ربنا يسوع المسيح في الإنجيل حين قُدم إليه إنسان أصم وأخرس (مر 7: 32)، فقد لمس أذنيه وفمه. لمس أذنيه لأنه أصم، والفم لأنه أخرس، وقال: إفثا التي تعني بالعبرية "انفتح"... لهذا يلمس الكاهن آذانكم حتى تنفتح لسماع مقال الكاهن وحديثه [390].] [تقول: ولماذا يلمس الأنف؟ لكي تتقبلوا رائحة الصلاح الأبدي الذكية، فتقولون ما قاله الرسول: "إننا رائحة المسيح الذكيَّة لله" (2 كو 2: 15). بهذا يكون فيكم كمال رائحة الإيمان والتكريس الذكية [391].] |
||||
12 - 05 - 2014, 03:39 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
9. الاعتراف بالإيمان
يحوّل طالب العماد وجهه من الغرب إلى الشرق، معلنًا قبوله الانتساب لمملكة النور بعد جحده مملكة الظلمة، أي قبوله السيد المسيح بعد رفضه إبليس. وكما يقول القديس أمبروسيوس: [أنكم تتجهون نحو الشرق، فإن من يجحد الشيطان يتجه نحو المسيح ويراه وجهًا لوجه [392].] لقد نُسب للشيطان الغرب، إذ يملك في الظلمة. وكما يقول السيد المسيح نفسه: "هذه ساعتكم وسلطان الظلمة" (لو 22: 53). ويقول الرسول بولس: "فإن مصارعتنا ليست مع دمٍ ولحمٍ بل مع الرؤَساءِ مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشرّ الروحيَّة في السماويَّات" (أف 6: 12)، ودُعيت جهنم الموضع الذي يستقر فيه إبليس وجنوده بالظلمة الخارجية. وعلى العكس نُسب للسيد المسيح الشرق، إذ هو شمس البرّ الذي ينير على الجالسين في الظلمة (ملا 4: 1، مت 1: 16)، وقد دُعي الرب باللابس النور كثوبٍ (مز 104: 2)، وهو سرّ استنارتنا (مز 27: 1، 43: 3)، ودُعي أولاده "أبناء النور" (لو 16: 8)، كما دُعيت وسائط الخلاص بأسلحة النور (رو 13: 12). أما من جهة الشرق فله مدلولاته الإيمانية العميقة التي سبق الحديث عنها بفكر إنجيلي آبائي [393]، فطالب العماد إذ ينظر إلى الشرق إنما ينظر إلى السيد المسيح نفسه الذي دُعي بالشرق (زك 6: 12) وشمس البرّ والعدل (ملا 4: 2). وبالنظر إلى الشرق نتطلع إلى الفردوس القديم الذي غرسه الله لنا في عدن نحو الشرق [394]، كما يلهب قلبنا بالشوق نحو مجيء السيد المسيح الذي صعد في المشارق ويأتي هكذا (مت 24: 27، أع 1: 11)، قائلين مع الأب ميثودسيوس من أولمبيا: [هلم نسرع جميعًا نحو الشرق، لنلتحف بالثياب البيضاء، ولنحمل مصابيحنا في أيدينا [395].] ويلاحظ أن هذا الطقس بشقيه: التطلع إلى الغرب لجحد الشيطان ثم التطلع نحو الشرق لقبول السيد المسيح هو الخط الرئيسي الواضح في كل ليتورجيات العماد في الكنيسة الأولى. والاعتراف بالإيمان له مفاهيمه اللاهوتية الأساسية في التمتع بالعماد المقدس. |
||||
12 - 05 - 2014, 03:40 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
أولًا: دُعيت المعمودية المسيحية بالمعمودية باسم الرب يسوع (أع 8: 16؛ 19: 5)، حيث يلتزم المعمَد -أو إشبينه إن كان طفلًا- بإعلان إيمانه بربنا يسوع المخلص، "لكي يقدر أن يقترب من سرّ الصليب ويدخل إلى شركة دفنه والتمتع بقوة قيامته. لهذا جاء الاعتراف بالمسيح يسوع ربنا المصلوب والقائم من بين الأموات كعنصرٍ أساسيٍ في كل "قوانين الإيمان للمعمودية" منذ نشأة الكنيسة. وكما يقول الرسول: "إن اعترفت بفمك بالربّ يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامهُ من الأموات خلصت" (رو 10: 9). واعتبر الرسول هذا الأمر هو حجر الزاوية في الإيمان المُسلم له: "فإنني سلَّمت إليكم في الأوَّل ما قبلتهُ أنا أيضًا أن المسيح مات من أجل خطايانا حسب الكتب. وأنهُ دُفِن وأنهُ قام في اليوم الثالث حسب الكتب" (1 كو 15: 3). وقد عرف الوثنيون ذلك، لهذا كان كل همهم أن يُلزموا المؤمنين أن يجحدوا مسيحهم. ففي محاكمة الشهيد بوليكاربوس طلب منه الوالي أن يلعن المسيح، فأجابه: "كيف ألعن ملكي؟" وفي خطاب بليني Pliny يقول للإمبراطور تراجان: "إني أحاول أن أجعلهم يلعنون المسيح". ثانيًا: لما كانت المعمودية هي الباب المفتوح للدخول إلى العضوية في الجماعة المقدسة، لهذا يلزم الاعتراف بالإيمان الذي هو حجر الزاوية في بناء الجماعة المقدسة وسرّ وجودها، إذ يخاطبها الرسول قائلًا: "قبلتم المسيح يسوع الرب" (كو 2: 6)، كما يصفها هكذا: "لكي تجثو باسم يسوع كلُّ ركبةٍ مِمَّنْ في السماء ومَنْ على الأرض ومَنْ تحت الأرض، ويعترف كلُّ لسانٍ أن يسوع المسيح هو ربّ لمجد الله الآب" (في 2: 11). إنه يدخل إلى العضوية في الكنيسة التي تسلمت الإيمان وتسلمه من جيل إلى جيل. ثالثًا: الاعتراف بالإيمان هو دخول في ميثاق إلهي أو توقيع عقد مع الله، يُسجل في سفر السماء. وفي هذا يقول الأب ثيؤدور المصيصي: [أن نقيم العقود والمواثيق مع الله ربنا بالاعتراف بالإيمان، خلال وساطة الكاهن نصير مؤهلين للدخول في بيته والتمتع برؤيته ومعرفته وسكناه وأن نُسجل في المدينة ونُحسب مواطنين فيها ونصير أصحاب ثقة عظيمة [396]]، كما يقول: [بالاعتراف بالإيمان تربط نفسك بالله بواسطة الأسقف، وتقيم ميثاقًا تتعهد فيه أن تثابر في محبة الطبيعة الإلهية [397].] |
||||
12 - 05 - 2014, 03:40 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
كيف يتم الاعتراف بالإيمان؟
يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [إن كان المعمدون أطفالًا أو صمًا لا يستطيعون الاستماع للتعلم يجاوب أشابينهم عنهم، هكذا يُعمدون حسب العادة [398].] في الطقس القبطي الحالي يرد المعمد أو إشبينه بنود الإيمان علنًا وراء خادم السرّ، وذلك قبيل تغطيسه، أما في الكنيسة الأولى فكان المُعمد يُعلن إيمانه وهو واقف داخل مياه المعمودية، في شكل أسئلة يقدمها الكاهن أو الأسقف ويجيب عليها المعمد، كما ورد في قوانين القديس هيبوليتس [399]. |
||||
12 - 05 - 2014, 03:40 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: العماد المقدس
بنود الاعتراف بالإيمان للمعمودية[400]
الاعتراف بالإيمان هو البذرة الأصيلة التي نشأ عنها قانون الإيمان بصورته الحالية. هذا الاعتراف وإن اختلفت صيغته وطريقة عرضه من بلد إلى آخر، لكنه ركز على الإيمان بالآب والابن والروح القدس كما شمل غالبًا الاعتراف بالكنيسة الجامعة ومغفرة الخطايا. وإنني اكتفي هنا بعرض سريع للاعتراف بالإيمان كما يظهر في بعض كتابات الآباء. ربما لخص القديس أغناطيوس الأنطاكي الاعتراف بالإيمان بقوله: [اثبتوا إذن على تعليم الرب والرسل، لكي تنجحوا فيما تعملون بالجسد والروح في الإيمان والمحبة في الابن والآب والروح القدس [401].] وجاء في مقدمة "شرح الإيمان الرسولي Epideixis" الذي كتبه القديس إيريناؤس لصديقه مرقيانوس: [هنا ما يقره الإيمان بالنسبة لنا، حسب ما نقله القدماء -تلاميذ الرسل- إلينا. أول كل شيء يلزمنا أن نتذكر أننا قبلنا المعمودية لمغفرة الخطايا باسم الله الآب، وباسم يسوع المسيح ابن الله الذي تجسد ومات وقام وباسم روح الله الروح القدس... لذلك فالمعمودية التي تُجددنا تُمنح لنا بنور خلال الثالوث، وتضمن ميلادنا الثاني لله الآب خلال ابنه بواسطة الروح القدس. الذين يتقبلون روح الله ينقادون للكلمة، أي للابن، وأما الابن فيتقبلهم ويقدمهم للآب، والآب يمنحهم عدم الفساد. هكذا بدون الروح لا يقدر أحد أن يعاين كلمة الله، وبدون الابن لا يقدر أحد أن يقترب من الآب، لأن الابن هو معرفة الآب، ومعرفة الابن إنما تكون خلال الروح. إنه الابن، الذي حسب مسرة الآب يوزع الروح كعطية، كما يريد الآب منه هكذا أيضًا، وللذين يريد أن يعطيهم الروح [402].] وفي الفصل السادس من ذات المقال يقول: [هذا هو ترتيب قاعدة إيماننا، وهو أساس البناء الثابت الذي عليه شُيّد تجديدنا: الله الآب ليس مخلوقًا ولا محسوسًا (ماديًا)، غير منظور، إله واحد، خالق كل الأشياء. هذا هو أول موضوع في إيماننا. والموضوع الثاني هو كلمة الله، ابن الله، المسيح يسوع ربنا، الذي أُعلن للأنبياء بطريقة نبوية حسب تدبير الآب الذي به كل الأشياء خلقت، هذا الذي تجسد في آخر الأزمنة لكي يكمل ويجمع كل شيء، وصار إنسانًا وعاش مع البشر بل صار ظاهرًا ومحسوسًا لكي يبيد الموت ويُظهر الحياة ويقيم شركة بين الله والبشر. والموضوع الثالث هو الروح القدس الذي به تنبأ البطاركة وعلموا ما يخص الله، والذي قاد الأبرار في طريق البر. هذا الذي سُكب على البشرية عي آخر الأزمنة في كل أنحاء المسكونة بطريقة جديدة لكي يجدد الإنسان [403].] |
||||
|