منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10 - 05 - 2014, 12:39 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية


الفصل الثاني
نجاسـة الخطيـة
" من أجل نجاسة تهلك والهلاك شديد "
(مي10:2)
الخطية شيء قذر إذا سقط علي ثوب الحياة لوّثه وشوّه جمال منظره، هي الفساد الذي نجّس صورة أولاد الله.. والدنس الذي حط من قيمة النفس الطاهرة العاقلة، وأنزلها إلي مستوي الحيوانات التي لا عقل لها ولا فهم.
والخطية نجاسة في أصغر صورة لها، وقد قال السيد المسيح له المجد: " إِنَّ كُلَّ مَنْ يَنْظُرُ إِلَى امْرَأَةٍ لِيَشْتَهِيَهَا فَقَدْ زَنَى بِهَا فِي قَلْبِهِ " (مت 28:5)، فإن كان الزني نجاسة قذرة، فإطلاق الرجل الحرية لعينيه، لتنظر نظرات دنيئة هو أيضاً نجاسة قذرة، وإن لم يتعد الأمر النظرة، إذ في النظرة ما يكفي لتلويث العينين والذهن..
أيضاً استباحة المرأة لنفسها أن تلبس الثياب الخليعة، وسماح البعض منهن للذهاب إلي الأماكن الدنسة، تحت اسم المدنية ومجاراة الوسط نجاسة، وإن حاول البعض قدر استطاعتهم أن يبرروها!!
هكذا يري الله الخطية في السماء، وهكذا سجل لنا في كتابه المقدس، إذ قال له المجد مخاطباً حزقيال النبيّ: ” يَا ابْنَ آدَمَ, إِنَّ بَيْتَ إِسْرَائِيلَ لَمَّا سَكَنُوا أَرْضَهُمْ نَجَّسُوهَا بِطَرِيقِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ. كَانَتْ طَرِيقُهُمْ أَمَامِي كَنَجَاسَةِ الطَّامِثِ " (حز17:36).
وهكذا أيضاً يراها البشر، ألا تري الإنسان عندما يُخطيء، يكون محتقراً وسط كل من يعيش وسطهم؟! وأنَّ كثيراً من الآباء ينبذون أولادهم ويتبرؤن منهم لِما هم فيه من طياشة وفساد؟!
وليس الله والناس هم الذين يرون أنّ الخطية نجاسة، بل حتى النفس تراها أيضاً هكذا، ولنا في حياة داوود النبيّ مثل يؤكد ذلك، إذ بعدما استيقظ من سقطته وتأمل في ثوبه فرآه ملطخاً بأوزار الخطية، صرخ لوقته مشمئزاً من نفسه، ونادي الرب قائلاً: " طَهِّرْنِي بِالزُوّفَا فَأَطْهُرَ، اغْسِلْنِي فَأَبْيَضَّ أَكْثَرَ مِنَ الثَّلْجِ " (مز50).
وهكذا فعل إشعياء النبيَّ، عندما ظهرت أمامه صورة حياته القذرة، بإزاء قداسة الله، إذ صرخ قائلاً: " وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ " (إش5:6).
والخطية نجاسة واضحة، وإن كان الخطاة يلوثون أعضائهم بين جدران صامتة لا تتكلم، وفي ظلام الليل بعيداً عن عيون الناس، إلاَّ أنَّ جباههم التي تلوّثت بالخطية تتكلم وتخبر بكل ما يفعلونه في الخفاء، لأنَّ الحياة النجسة من الداخل، تظهرها لغة الشفاه وحركة العيون من الخارج " لُغَتَكَ تُظْهِرُكَ! " (مت73:26)، وكما يقول الكتاب: " فَلَيْسَ مَكْتُومٌ لَنْ يُسْتَعْلَنَ وَلاَ خَفِيٌّ لَنْ يُعْرَفَ " (لو2:12).
وإن كانت الخطية نجاسة فالخاطيء إذن يكون نجساً، فقديماً كان الله يضرب الخطاة بالبرص، فالأبرص أعتُبر نجساً بسبب خطاياه، ولهذا كان ينادي (نجس نجس)، حتى لا يتدنس أحد باقترابه إليه أو لمسه، فكل من يخالط الأبرص، كان يعتبر نجساً، وأي بيت كان يدخله أبرص كان يتنجس بكل ما فيه (لا46،45:13).
ولأنَّ البرص كان مرتبطاً بالخطية، فبُرء الأبرص منه، لم يدعَ شفاء بل تطهيراً، فعندما ضرب الله نعمان السريانيّ بالبرص وأرسل إلى أليشع النبيّ لكي يشفيه من برصه " َأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَلِيشَعُ رَسُولاً يَقُولُ اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ فِي الأُرْدُنِّ فَيَرْجِعَ لَحْمُكَ إِلَيْكَ وَتَطْهُرَ " (2مل5: 10).
ولم يقل السيد المسيح عن إبرائه للبرص إنَّهم يشفون، بل قال: " وَالْبُرْصُ يُطَهَّرُونَ " (مت5:11)، كما قال لتلاميذه حينما أرسلهم: " طَهِّرُوا بُرْصاً " (مت8:10).
والأبرص توسّل إلي السيد المسيح قائلاً: " يَا سَيِّدُ إِنْ أَرَدْتَ تَقْدِرْ أَنْ تُطَهِّرَنِي "، يقول مُعلمنا متى الرسول: " فَمَدَّ يَسُوعُ يَدَهُ وَلَمَسَهُ قَائِلاً: أُرِيدُ فَاطْهُرْ، وَلِلْوَقْتِ طَهُرَ بَرَصُهُ " (مت8: 2،3)، وتطهير المسيح للبرص دليل علي أُلوهيته، لأنَّه لم يكن أحد يستطيع أن يطهر البرص إلاَّ الله وحده.
يعلمنا الكتاب المقدس: إنَّ كل عضو يخطيء يتنجس، فيتكلم عن الشفاه النجسة قائلاً: " وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ لأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ " (إش5:6)، والأصابع النجسة، كما في قول النبي: " لأَنَّ أَيْدِيكُمْ قَدْ تَنَجَّسَتْ بِالدَّمِ وَأَصَابِعَكُمْ بِالإِثْمِ " (إش3:59)، كما يتكلم عن العيون الشريرة، إنَّها تظلم الجسد كله فيقول: " وَإِنْ كَانَتْ عَيْنُكَ شِرِّيرَةً فَجَسَدُكَ كُلُّهُ يَكُونُ مُظْلِماً " (مت 23:6)..
وهذا يعني: إنَّ العضو الذي يُخطيء لا يتنجس وحده، بل هو يُنجس الجسد كله.. وهذا هو معنى قول معلمنا بولس الرسول: " كُلُّ شَيْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ، وَأَمَّا لِلنَّجِسِينَ وَغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَيْسَ شَيْءٌ طَاهِراً، بَلْ قَدْ تَنَجَّسَ ذِهْنُهُمْ أَيْضاً وَضَمِيرُهُمْ " (تي15:1).
ومعلمنا يعقوب الرسول يوضح لنا أنَّ دنس اللسان فقط يدنّس الجسم كله فيقول: " فَاللِّسَانُ نَارٌ! عَالَمُ الإِثْمِ، هَكَذَا جُعِلَ فِي أَعْضَائِنَا اللِّسَانُ، الَّذِي يُدَنِّسُ الْجِسْمَ كُلَّهُ، وَيُضْرِمُ دَائِرَةَ الْكَوْنِ، وَيُضْرَمُ مِنْ جَهَنَّمَ " (يع6:3).
ويهوذا الرسول في كلامه عن الاحتلام قال: " كَذَلِكَ هَؤُلاَءِ أَيْضاً، الْمُحْتَلِمُونَ، يُنَجِّسُونَ الْجَسَدَ " (يه8:1).
بل إنَّ القديس بولس الرسول ، يذهب إلي أبعد من ذلك، فيعلمنا أنَّ الخطية لا تنجس العضو الذي يُخطيء أو الجسد فقط، بل هي تنجس أشياء مقدسة في الإنسان وتهينها، فتهين هيكل الله الذي هو جسده: " أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ؟ إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُفْسِدُ هَيْكَلَ اللهِ فَسَيُفْسِدُهُ اللهُ لأَنَّ هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ" (1كو16:3،17)
فالذي يُخطيء لا يفسد جسده إنما يفسد هيكل الله، والذي يزني لا يدنس أعضائه، بل يدنّس أعضاء المسيح: " أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ أَجْسَادَكُمْ هِيَ أَعْضَاءُ الْمَسِيحِ؟ فَهَلْ يَجُوزُ أَنْ آخُذَ أَعْضَاءَ الْمَسِيحِ وَأَجْعَلُهَا أَعْضَاءَ زَانِيَةٍ؟ حَاشَا! " (1كو15:6)..
ويدنّس دمه الطاهر الذي سُفك علي الصليب لأجل مغفرة خطايانا: " كَمْ يَكُونُ أَشَدَّ كَثِيراً ذَلِكَ الْعِقَابُ الَّذِي يَسْتَحِقُّهُ مَنْ يَدُوسُ ابْنَ اللهِ، إِذْ يَعْتَبِرُ أَنَّ دَمَ الْعَهْدِ، الَّذِي يَتَقَدَّسُ بِهِ، هُوَ دَمٌ نَجِسٌ، وَبِذَلِكَ يُهِينُ رُوحَ النِّعْمَةِ؟ " (عب29:10)، ويدنّس اسم الله القدوس " دَنَّسُوا اسْمِي الْقُدُّوسَ بِرَجَاسَاتِهِمِ الَّتِي ارْتَكَبُوهَ " (حز8:43).
وقد وصف السيد المسيح أيضاً خطايا الفم واللسان بالنجاسة إذ قال: " لَيْسَ مَا يَدْخُلُ الْفَمَ يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ، بَلْ مَا يَخْرُجُ مِنَ الْفَمِ هُوَ الَّذِي يُنَجِّسُ الإِنْسَانَ " (مت 11:15).
وأيضاً خطية كسر السبت اعتُبرت نجاسة، ففي سفر حزقيال النبيّ يقول: نَجَّسُوا أَيَّامَ سُبُوتِي كَثِيراً فَقُلْتُ: سَأَسْكُبُ غَضَبِي عَلَيْهِمْ فِي الْبَرِّيَّةِ لأُمِيتَهُمْ " (حز13:20).
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:40 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

ومن جهة القتل يقول الكتاب: " لأَنَّ أَيْدِيَكُمْ تَلَوَّثَتْ بِالدَّمِ وَأَصَابِعَكُمْ بِالإِثْمِ " (إش3:59).
وعن الزني يقول إرميا النبيّ: " وَدَنَّسْتِ الأَرْضَ بِزِنَاكِ وَعَهَارَتَكِ " (إر2:3).
كما أنَّ خطايا الكهنة اعتبرت تنجيساً للكهنوت، ففي سفر نحميا النبيّ يقول: " فَاذْكُرْهُمْ يَا إِلَهِي لأَنَّهُمْ دَنَّسُوا الْكَهَنُوتَ وَعَهْدَ الْكَهَنُوتِ وَاللاَّوِيِّينَ " (نح 29:13).
وفي سفر الرؤيا يمثل النفس بثوب أبيض، وبياضه يُحفظ بحفظ الإنسان من النجاسة، فيقول الله: " عِنْدَكَ فِي سَارْدِسَ قَلِيلِينَ لَمْ يُلَوِّثُوا ثِيَابَهُمْ بِالنَّجَاسَةِ هَؤُلاَءِ سَيَسِيرُونَ مَعِي لاَبِسِينَ ثِيَاباً بَيْضَاءَ " (رؤ4:3).
هؤلاء هم المؤمنون، أمَّا الخطاة، فيصفهم في سفر إرميا النبيّ قائلاً: وَأَتَيْتُ بِكُمْ إِلَى أَرْضِ خَيْرَاتٍ لِتَسْتَمْتِعُوا بِأَكْلِ ثِمَارِهَا وَطَيِّبَاتِهَا وَلَكِنَّكُمْ عِنْدَمَا دَخَلْتُمُوهَا نَجَّسْتُمْ أَرْضِي وَجَعَلْتُمْ مِيَراثِي رِجْساً " (إر7:2).
ولأنَّ الخطية نجاسة، فإنَّ الملائكة الذين قد خلقوا طاهرين، عندما سقطوا دعوا بـ " الأَرْوَاحِ النَّجِسَةِ " (مر7:6)، لأنَّهم تنجّسوا بالخطية، وفي نفس الوقت ينجسون كل الذين يخضعون لهم ولرغباتهم الشريرة.
أمَّا النجسون فلا يدخلون السماء،
لأنَّ السماء طاهرة وليس فيها شيء نجس،
وبالتالي لا يدخلها كل من تنجس بالخطية (رؤ4:3).
وهل يمكن للظلمة أن تلتقي بالنور؟!
أعتقد أن النور لا يلتقي بالظلمة إلاَّ ليبددها.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:40 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

الفصل الثالث
خطية آدم (الخطية الأصلية)
" بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم وبالخطية الموت
وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس إذ أخطأ الجميع "
(رو12:5)
لقد خلق الله أبوينا الأولين مزينين بالبر والقداسة وكل ما هو طاهر وجليل.. لأنَّه علي صورته ومثاله خلقهما " لِنَصْنَعِ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا " (تك26:1).
ولكن سرعان ما سقط آدم عندما أكل من الشجرة، التي نهاه الله أن يأكل منها (تك2: 16،17)، فسقطت البشرية كلها في الخطية بسقطته " فَكَمَا أَنَّهُ بِعِصْيَانِ الإِنْسَانِ الْوَاحِدِ جُعِلَ الْكَثِيرُونَ خَاطِئِينَ، فَكَذلِكَ أَيْضاً بِطَاعَةِ الْوَاحِدِ سَيُجْعَلُ الْكَثِيرُونَ أَبْرَاراً " (رو19:5)، ولهذا دُعيت خطية أبينا آدم بالخطية الجدية أو الخطية الأصلية، لأنَّها أصل كل الخطايا التي يرتكبها البشر.
وعلي الرغم من أنَّ آدم هو الذي قد أخطأ، إلاَّ أنَّ خطيته لم تبقَ عالقة به وحده، بل انتقلت منه إلي أبنائه ميراثاً مشئوماً، فأصبح السقوط لا سقوط إنسان، بل سقوط البشرية بأكملها في الخطية التي كان الموت ثمرة من ثمارها.
وقد مات آدم بالفعل تِبعاً لحكم الله " بِعَرَقِ جَبِينِكَ تَكْسَبُ عَيْشَكَ حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ فَمِنْ تُرَابٍ أُخِذْتَ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ " (تك19:3)، كذلك وبالتبعية ماتت في آدم ومعه كل ذريته، وطُردت معه من فردوس النعيم (رو14:5) (1كو 22:15).
يقول القديس مقاريوس
" إن العالم الذي تراه حولك ابتداء من الملك حتى الشحاذ، جميعهم في حيرة واضطراب وفتنة، وليس أحد منهم يعرف السبب في ذلك، مع أن السبب هو ظهور الشر الذي دخل داخل الإنسان، عن طريق معصية آدم ".
الفرق بيننا وبين آدم من حيث الخطية الأصلية
علي أن خطية آدم تختلف عن خطية ذريته، إذ أنَّ خطيته فعلاً قد ارتكبه عندما أكل من الشجرة، أمَّا خطية أبنائه فهي حالة قد وجدوا فيها.
ويمكن تشبيه ذلك بسيد أعطى بيتاً لرجل بشرط أن يُحافظ عليه ويُحسن خدمته، لكن حدث أنَّ الرجل أساء استخدام البيت فاسترده السيد، بحكم الشرط الذي اشترطه عليه، فصار أبناء هذا الرجل لا يملكون البيت.
فالفرق بين الاثنين هنا:
إنَّ الرجل فقد البيت لذنب ارتكبه بالفعل، أمَّا الأبناء فحُرموا منه لا لذنب ارتكبوه. إنَّما لذنب ارتكبه أبوهم، لكنَّهم وجدوا في وضع كان والدهم لا يملك فيه البيت.
كما أنَّ خطية آدم كانت خطية فعلية إذ خالف وصية الله، فالخطية خرجت عن ذات آدم، أمَّا فينا نحن فليست هي إلاَّ عدوى من شر خطيته، ومخالفة متعدية منه لنا لأنَّه خلفها لنا.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:40 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

حقيقة وجود الخطية الأصلية
لا شك أنَّ وجود الخطية الأصلية وانتقالها من آدم إلي ذريته، حقيقة من حقائق الإيمان التي تسلمتها الكنيسة من الكتاب المقدس ومن التقليد.
ففي العهد القديم
يقول معلمنا داود: " هَا إِنِّي بِالإِثْمِ قَدْ وُلِدْتُ وَفِي الْخَطِيئَةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي " (مز5:51)، " زَاغَ الأَشْرَارُ وَهُمْ مَا بَرِحُوا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَضَلُّوا نَاطِقِينَ بِالْكَذِبِ مُنْذُ أَنْ وُلِدُو " (مز 3:58).
وأيوب الصديق يقول: " مَنْ يَسْتَوْلِدُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ ! " (أي4:14).
وإشعياء النبيّ يقول: " مِنَ الْبَطْنِ سُمِّيتَ عَاصِياً " (إش 8:48).
وفي العهد الجديد
نجد تعاليم السيد المسيح واضحة بشأن العماد، كشرط أساسي لتجديدنا ودخولنا ملكوت الله.. فيقول: " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ " (يو5:3)، فإن كان المولود بالجسد لا يرث الخطية الجدية فما الداعي إذن للعماد؟!
أمَّا معلمنا القديس بولس الرسول فقد زاد الأمر وضوحاً بقوله: " لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ " (1كو 22:15)، " لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ وَاحِدٍ مَاتَ الْكَثِيرُونَ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً نِعْمَةُ اللهِ وَ الْعَطِيَّةُ بِالنِّعْمَةِ الَّتِي بِالإِنْسَانِ الْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ قَدِ ازْدَادَتْ لِلْكَثِيرِينَ " (رو15:5)، " لأَنَّهُ إِنْ كَانَ بِخَطِيَّةِ الْوَاحِدِ قَدْ مَلَكَ الْمَوْتُ بِالْوَاحِدِ فَبِالأَوْلَى كَثِيراً الَّذِينَ يَنَالُونَ فَيْضَ النِّعْمَةِ وَعَطِيَّةَ الْبِرِّ سَيَمْلِكُونَ فِي الْحَيَاةِ بِالْوَاحِدِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ.. " (رو5: 17-19).
أمَّا التقليد
فيُعلمنا أنَّ الكنيسة في مجمع أفسس الأول (431م)، حاربت بدعة بيلاجيوس الذي نادي بأنَّ خطية آدم قاصرة عليه وحده، وأنَّ كل إنسان يولد يكون مثل آدم قبل السقوط.. وهو يهذا قد هرطق.. لماذا؟
لأنهَّ إن كان كل إنسان يولد بلا خطية فكيف نفسر قول معلمنا داوود النبيّ: " هَا إِنِّي بِالإِثْمِ قَدْ وُلِدْتُ وَفِي الْخَطِيئَةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي " (مز5:51)، وقول معلمنا بولس الرسول: " لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ " (1كو 22:15).
هذا بالإضافة إلي أنَّ الكنيسة منذ القديم.. تسلَّمت تعميد الأطفال لغفران الخطايا، مع أنَّهم لم يرتكبوا خطية بعد.. فهي إذن تعمّدهم لغفران الخطية الأصلية التي قد توارثوها عن جدّهم الأول آدم.
يقول القديس ديديموس الضرير
" إنَّ خطية الأبوين الأولين هي الخطية القديمة التي طهّرنا منها يسوع المسيح في معموديته.. إنَّ جميع أولاد آدم قد ورثوها وانتقلت إليهم بالخلفة عن طريق المعاشرة الجنسية من الوالدين، وهذا هو السبب في أنَّ المسيح ولد من عذراء لم تتلوّث أو تتلطّخ بها.. وبالمعمودية يتطهّر الإنسان من الخطية الأصلية وكل نتائجها ".
فمبدأ انتشار أو سريان الخطية الأصلية في جميع بني آدم، عقيدة من عقائد ديانتنا المسيحية الأساسية، وعلي أساسها يقوم عمل الفداء والخلاص بموت المسيح بدلاً من آدم وبنيه.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:41 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

طبيعة الخطية الأصلية
يري البعض أنَّها (الكبرياء)، فأبوينا لم يعصيا لمجرد تحصيل لذة محسوسة، لأنَّهما كانا مُبرَّأين من الشهوة والدليل: إنهما " َكَانَا كِلاَهُمَا عُرْيَانَيْنِ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ وَهُمَا لاَ يَخْجَلاَنِ " (تك25:2)، لكنهما أرادا قبل كل شيء أن يصيرا " كَاللهِ عَارِفَيْنِ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ " (تك5:3).
وهذه الكبرياء قادتهما إلي العصيان، وهنا فقط جاءت الشراهة إذ " َرَأَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّ الشَّجَرَةَ جَيِّدَةٌ لِلأَكْلِ وَأَنَّهَا بَهِجَةٌ لِلْعُيُونِ وَأَنَّ الشَّجَرَةَ شَهِيَّةٌ لِلنَّظَرِ، فَأَخَذَتْ مِنْ ثَمَرِهَا وَأَكَلَتْ وَأَعْطَتْ رَجُلَهَا أَيْضاً مَعَهَا فَأَكَلَ (تك6:3)، فلعبت الشهوة دورها والسبب في ذلك: إنَّ الخطية كانت قد دخلت قلب حواء بسقوطها في الكبرياء.
نتائج الخطية الأصلية
فقدان الصورة الإلهية
بالخطية فقد آدم والبشرية معه حالة النعمة والبر التي خلق عليها، لأنَّه كما يقول معلمنا بولس الرسول: " أَيَّةُ خِلْطَةٍ لِلْبِرِّ وَالإِثْمِ؟ وَأَيَّةُ شَرِكَةٍ لِلنُّورِ مَعَ الظُّلْمَةِ؟ " (2كو14:6).
قبل السقوط كان آدم صورة الله ومثاله، لكنه مجرد أن سقط قال له الرب: " بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ " (تك19:3).
كما أنزلته الخطية إلي مستوي الحيوان ولهزا عندما اشتهى أن يأكل أعطاه الله أن يأكل العشب " وَتَأْكُلُ عُشْبَ الْحَقْلِ " (تك18:3)، الذي كان قبلاً طعام الحيوان (تك30:1).
لقد فقد الصورة الإلهية وبالتالي فقد كرامته واحترامه...
فقدان البساطة والنقاوة
كان آدم وحواء قبل السقوط عريانين ومع ذلك لم يخجلا من بعضهما البعض (تك25:2)، لأنَّهما كانا كطفلين وشحتهما السماء بملابس الطهارة.
وكانا يعيشان في نقاوة وبساطة قلب، إذ لم يكن للدنس مكاناً بينهما، لكنهما بالخطية فقدا بساطتهما، حتى إنَّ آدم حاول أن يُبرر خطيته بأن يُلقى بالمسئولية على حواء، التي ألقت مسئوليتها هى الأُخرى على الحيّة (تك12:3، 13).
ولأنَّهما فقدا حياة النقاوة والبساطة اضطرا أن يصنعا لأنفسهما مآزر لكي يسترا عورتهما، يقول الكتاب المقدس: " فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ " (تك7:3).
الخوف
قبل السقوط كان آدم وحواء يحيان مع الله في فرح وسلام، ولكن ما أن سقطا فسرعان ما تحول السلام إلي خوف واضطراب، ولهذا عندما " َسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلَهِ مَاشِياً فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلَهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ " (تك8:3).
وعندما نادي الرب الإله آدم وسأله: " أيْنَ أَنْتَ؟ " قال آدم: " سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ " (تك10:3).
وإلى الآن لازلنا نشعر جميعاً بخوف مريع عندما نسقط،
ولهذا نهرب كثيراً من أنفسنا خوفاً من صوت ضمائرنا!
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:41 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

آلام الحياة
كان من نتائج خطية آدم أن الله حكم عليه بأن يأكل خبزه بعرق جبينه " مَلْعُونَةٌ الأَرْضُ بِسَبَبِكَ بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ " (تك3: 17-19).
أما حواء فقال لها: " تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً، وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ اشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ " (تك16:3).
الموت
خلق الرب الإله آدم " وَوَضَعَهُ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ لِيَعْمَلَهَا وَيَحْفَظَهَا "، ثم أوصاه قائلاً: " مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ الْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلاً وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ فَلاَ تَأْكُلْ مِنْهَا لأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتاً تَمُوتُ " ( تك2 :15-17).
لكنَّ آدم لم يحفظ الوصية فأكل من الشجرة التي نهاه الله عن أن يأكل منها، فكان لابد أن يموت لأنَّه خالف قول الرب، فالله الرحوم هو نفسه الله العادل، وقد استطاع الله بحكمته أن يجعل الرحمة والعدل يلتقيا في شخص المسيح، فيموت البار لتحيا البشرية المائتة بموته!
كيف تنتقل الخطية الأصلية من آدم إلي ذريته؟
عن طريق الولادة التي من خلالها يرث البشر طبيعة المولودين منه، وطبيعة آدم بعد الخطية قد تلوثت، وأصبحت تحمل الثنائية: الخير والشر، وصار محكوم عليه بالموت، فالإنسان بحسب حكم الوراثة يرث من أبويه المنظر والشكل الخارجي، كما يرث الاستعداد للصفات النفسية والأخلاقية والميول العقلية والذهنية، ويرث صفات أخري جسمية ونفسية.. تنحدر إليه من جميع الآباء السابقين علي أبويه القريبين، أيّ من جميع أصول الشجرة البشرية وأفرعتها موصولة بالأب الأول للجنس البشري آدم الذي منه تفرّع الناس، ومنه ولدوا وتوالدوا، فانتشر فيهم جميعاً دمه وبالتالي صفاته وميوله.
ولذلك صارت لجميع الناس صفات وخصائص مشتركة يشترك فيها جميعهم، وبحسب قانون الوراثة، الذي هو قانون طبيعيَّ مثل جميع القوانين الطبيعية، في ثباتها وحتميتها وعدم تخلّفها، لا يخلق الإنسان خلقاً مباشراً منفصلاً عن أبويه، كما خلق الأب الأول آدم.
وإنَّما يخلق كل بشر نتيجة للتزاوج بين الرجل والمرأة، ويولد منهما معاً، فيكتسب طبيعتهما ويتّصف بصفاتهما، وفي هذا يقول الكتاب: " وَعَاشَ آدَمُ مِئَةً وَثَلاَثِينَ سَنَةً وَوَلَدَ وَلَداً عَلَى شَبَهِهِ كَصُورَتِهِ وَدَعَا اسْمَهُ شِيثاً " (تك3:5).
ولمَّا تم التوالد في الجنس البشري بعد أن سقط الأبوان الأولان في الخطية (تك1:4)، فكان ولابد لأولاد آدم أن يرثوا حالته الساقطة، لأنَّهم ولدوا منه بعد سقوطه، ولو كانوا ولدوا منه قبل السقوط لكانوا قد ورثوا حالته السامية التي كان عليها قبل السقوط، فلا عجب أن يرث الابن أو الابنة.. حالة المرض أو الضعف أو الاستعداد لمرض انحدر إليه من أحد جدوده لأبيه أو لأمه، فمثل هذا ما يعرف بالأمراض الوراثية، كالسكر أو عمي الألوان... ولهذا يقول داوود النبيّ: " هَا إِنِّي بِالإِثْمِ قَدْ وُلِدْتُ وَفِي الْخَطِيئَةِ حَبِلَتْ بِي أُمِّي " (مز5:51)، " زَاغَ الأَشْرَارُ وَهُمْ مَا بَرِحُوا فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِمْ، وَضَلُّوا نَاطِقِينَ بِالْكَذِبِ مُنْذُ أَنْ وُلِدُو " (مز 3:58)، وإشعياء النبيّ يقول: " مِنَ الْبَطْنِ سُمِّيتَ عَاصِياً " (إش 8:48)، أمَّا أيوب الصديق فيقول: " مَنْ يَسْتَوْلِدُ الطَّاهِرَ مِنَ النَّجِسِ؟ لاَ أَحَدٌ ! " (أي4:14).
تلك النصوص وغيرها تشهد بأنَّ جرثومة الخطية تغلغلت في كيان الجنس البشري، وكل إنسان يولد عليه أن يحملها! ومثل الإنسان في ذلك، النبات والشجر، فكل نبات وشجر يُثمر ثمراً كصنفه: " وَقَالَ اللهُ: لِتُنْبِتِ الأَرْضُ عُشْباً وَبَقْلاً يُبْزِرُ بِزْراً وَشَجَراً ذَا ثَمَرٍ يَعْمَلُ ثَمَراً كَجِنْسِهِ بِزْرُهُ فِيهِ عَلَى الأَرْضِ وَكَانَ كَذَلِكَ " (تك1 :12،11)، ولهذا يقول رب المجد يسوع: " مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ. هَلْ يَجْتَنُونَ مِنَ الشَّوْكِ عِنَباً أَوْ مِنَ الْحَسَكِ تِيناً؟ " (مت16:7) (لو6: 44،43) (يع12:3).
من هنا نفهم السبب الذي من أجله ولد المسيح من عذراء بغير زواج.. عذراء لم يعرفها رجل معرفة الأزواج.. لأنَّ هذا هو الطريق الأوحد الذي يضمن عدم سريان الخطية الجدية إلي المسيح يسوع، الذي حملت به العذراء وولدته مثلنا تماماً في كل شيء إلاَّ في خلوة من لوثة الخطية الأصلية، فجميع الأولاد يولدون ملوثين بالخطية الأصلية، إلاَّ يسوع المسيح وحده (مت 18:1) ، ولهذا قال مرّة لليهود: " مَنْ مِنْكُمْ يُبَكِّتُنِي عَلَى خَطِيَّةٍ؟ " (يو46:8) فهو الوحيد الذي " الَّذِي لَمْ يَفْعَلْ خَطِيَّةً، وَلاَ وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ " (ابط22:2).
وكون المسيح لم يرث الخطية الجدية، أهّله ليكون دون غيره من بين من أخذوا طبيعة الإنسان أن يقوم بعملية الفداء ويتمم لنا الخلاص، كما قال معلمنا بطرس الرسول: " وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ نَخْلُصَ " (أع12:4)، " لأَنَّهُ يُوجَدُ إلَهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللهِ وَالنَّاسِ الإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ " (1تي5:2).
المعمودية: طريق الخلاص من الخطية الأصلية
أخطأ آدم بأكله من الشجرة المنهي عنها، فصدر عليه الحكم بالموت عقاباً له، لكن آدم لم يمت وحده، وإنّما ماتت معه كل ذريته لأنَّها كانت في صلبه عندما أخطأ، فلا مفر من الموت إذن، لكن المسيح مات بدلاً من المحكوم عليهم بالموت وعوضاً عنهم، ففداهم بموته وصار هو الفاديّ والمخلص... ثم بعد قيامته رسم لنا طريق المعمودية، لتكون الطريق البديل الذي به يتم الحكم علينا بالموت.. فالموت يتم فعلاً في المعمودية بطريقة سرية روحانية غير منظورة، بفعل الروح القدس الذي ينحدر علي مياه المعمودية.
يقول معلمنا بولس الرسول: " مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا أُقِمْتُمْ أيْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي أقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، وَإِذْ كُنْتُمْ أمْوَاتاً فِي الْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، أحْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحاً لَكُمْ بِجَمِيعِ الْخَطَايَا (كو2: 13،12)، (رو6 : 3-8)، فالمعمودية إذن موت مع المسيح ودفن معه في الماء بدلاً من القبر، هي موت لطبيعتنا الأولي، أو إنساننا العتيق، وقيامة حقيقية بطبيعة جديدة، وكل من الموت والقيامة، يتم بطريقة روحانية خفية غير خاضعة لحواسنا البشرية.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:41 PM   رقم المشاركة : ( 17 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

سـؤال
والآن نتساءل: ألم يكن في وسع الله أن يمنع سقوط الإنسان؟!
الجـواب
كان يمكن لله أن يوقف هذه المهزلة بطريقة أو بأُُخرى، لكنَّ الله " محبة " وقد خلق الإنسان لكي يحيا في دائرة المحبة، والمحبة والحرية لا ينفصلان فحيثما توجد محبة توجد أيضاً حرية، أمَّا الإكراه فهـو يلغي المحبة! والسيد لا يعرف حُب عبده وإخلاصه له، إلاَّ إذا أعطاه حريته!
كما أنَّ الإنسان بدون الحرية لا يكون إنساناً، كائن عاقل بدون حرية لم يوجد بعد، ونحن نعرف أنَّ الحيوانات ليس لها مصير سوى الرعي والذبح والموت، أمَّا الإنسان فهو صاحب مصير، بل ينسج مصيره بنفسه، وهذا لا يتم إلاَّ في وجود الحرية.
بدون حرية لا توجد خطية، نعم، ولكن بدون الحرية لا يصير الإنسان على صورة الله ومثاله، وبدون الحرية لا يقدر أن يدخل في شركة حُبّه! ولهذا لم يتدخّل الله لكي يمنع الإنسان من السقوط رغم عِلمه السابق بسقوطه! فالله كان يعلم بسقوط الإنسان، وكان أيضاً يعرف وسيلة خلاصه! وقد ارتضى الله أن يتجسد ابنه الحبيب ويموت ليُخلّص الإنسان بموته! ولكنَّه رفض أن يمنع الإنسان من السقوط! لأنَّ المنع هنا مناقض لمفهوم الحرية، وطعن في احترام الله للإنسان! ولهذا عندما عصت الملائكة تركها أيضاً تسقط، وحتى الآن رغم أنَّ الله يُعلن عن حقيقة وجوده بوسائل عديدة، ورغم أنَّه يُريدني أن أختـاره إلهاً وأحيا معه.. إلاَّ أنَّه سمح لي بأن: لا أرفضه بل وأُنكر وجوده أيضاً!
نستطيع أن نقول:
إنَّ معرفة الله بخطية آدم وخطايانا، لا تلعب دوراً في الحد من حرية الإنسان، إن سمح بالتجربة فيجعل معها المخرج (1كو10: 13) ويترك الأمر في النهاية لحرية الإنسان!
أخيراً وختاماُ لهزا البحث المتواضع نقول:
إنَّ بعض الناس ينظرون إلي عقيدة الخطية الجدية نظرة قاتمة، إذ يقولون: إنَّ وراثة الخطية الأولي ونتائجها فكرة قاسية تجعل الإنسان يؤخذ بذنب لم يقترفه بالفعل، لكن إن كنّا قد ورثنا حالة آدم الساقطة فحُسبنا فيه أمواتاً لأنَّه أبونا، فلا نحتج ولا نتذمر، لأننا قد نلنا أيضاً بر المسيح الذي بالإيمان، ونعمة التعميد " لأَنَّهُ كَمَا فِي آدَمَ يَمُوتُ الْجَمِيعُ هَكَذَا فِي الْمَسِيحِ سَيُحْيَا الْجَمِيعُ " (1كو22:15) وقد أخذنا في المسيح يسوع بركات عظيمة لا يُعبّر عنها، وقد طعّمنا ونحن أغصان في زيتونة برية، طعمنا في جسد المسيح، فصار لنا خلاصاً وقوتاً وثباتاً..
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:42 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

الفصل الرابع
سلطان وقيود وسلسلة الخطية
للخطية سلطان، وسلطانها قوي، فأمام سلطان الخطية يخر الأبطال لأجل سيجارة يدخنونها، أو لأجل كأس خمر يرتشفونه، أو لأجل لذة يطفئون بها نار شهواتهم!!
فالخطية هي التي جرحت وأذلت كثيرين، ولهذا لم يفلت منها أحد، وكم من العشاق سكبوا أنفاسهم بين طيات أثواب الخطاة، وعلى أقدمهم هرق جبابرة قطرات دموعهم، وبين أيديها المُعطّرة بكل ما هو فاسد وضع رجال تنهدات أشواقهم، وهكذا صـاروا يتنقلون من شـهوة إلى شهوة حتى انتهت حياتهم بالفناء!!
كما أنَّ الخطية تغري محبيها، وتعدهم بآمال كثيرة.. حتى إذا سقطوا تُقيدهم بقيودها الآثيمة، أمَّا قيودها فكثيرة ومتنوعة، فهناك من تقيَّده بحبال الزني كالمرأة السامرية، وآخر تقيَّده بحبال البخل ومحبة المال كالشاب الغنيّ، وثالث تقيّده بقيود العظمة والكبرياء كهيرودس الملك، هؤلاء غير الذين تُقيّدهم بقيود السرقة أو القتل أو إدمان المسكرات.. وهى قيود تبدوه أنّها ضعيفة في نظر كثيرين، ولكن ما أصعب فك قيود الخطية!!
وغالباً ما تقود الخطية الخاطيء إلي خطايا أُخري، لأنَّ الخطايا سلسلة متماسكة، فكل خطية تسلّم الخاطيء إلي الأُخري، فمثلاً: السكر يقود إلي الزنى.. والزنى يقود إلي الخيانة والغدر الذي يقود إلي القتل أحيانا، وهكذا...



" من يعمل الخطية هو عبد للخطية "
(يو 34:8)
إنَّ سلطان الخطية حقيقة لا يُنكرها أحد.. وكل من ينظر إلي سيرة بني جنسه، ويفحص بدقة قلبه.. يقر أنَّ الخطية تملّكت علي جميع بني البشر، لأنَّها تغلغلت وتسلسلت في ذرية آدم.
لقد صار الجميع عبيداً لها، وأسري يخضعون لأوامرها، لأنَّهم قد زاغوا وفسدوا، ولم يعد أحد منهم يفعل الصلاح( رو12:3)، وقد برهن السيد المسيح علي ذلك بقوله: " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ " ( يو34:8).
يقول القديس مكاريوس
" إنَّ العالم مستعبد لشهوة الخطية وهو لا يدري بها، وهناك نار نجسة تشعل القلب وتنتشر إلي كل الأعضاء، وتحث الناس علي فعل الشهوات وعلي أُلوف خطايا أُخري ".
يحق لنا أن نقول: إنَّ شوكة الخطية قوية جداً، ولم تقدر أي قوي علي ردعها، ولهذا قال البعض:
غمر الطوفان العالم الأول ولم يغرقها!
ونزلت النار علي سدوم وعمورة وأحرقتها ولم تحرقها!
فتحت الأرض فاها وابتلعت القوم الأشرار ولم تبتلعها!
انفجرت البراكين وأخرجت مقذوفاتها ولم تقذفها!
وبالإجمال
فإنَّ كل الطرق والمحاربات معها لم تغلبها.
لأنَّها تملّكت علي قلب الإنسان وتحصّنت فيه.
وصيرته منبعاً لكل إثم حتى إنّه صرخ متأوّهاً بألم شديد قائلاً:
" وَيْحِي أَنَا الإِنْسَانُ الشَّقِيُّ! مَنْ يُنْقِذُنِي مِنْ جَسَدِ هَذَا الْمَوْتِ؟ "
(رو24:7).
ويُعلن لنا سليمان الحكيم سلطان الخطية في آية شهيرة له إذ قال: " طَرَحَتْ كَثِيرِينَ جَرْحَى وَكُلُّ قَتْلاَهَا أَقْوِيَاءُ " ( أم26:7)، ولهذا لم يفلت منها أحد، فالملوك كفرعون، والجبابرة كجليات، والمشيرين كأخيتوفل، والأنبياء كداود، والحكماء كسليمان، والرسل كيهوذا... كلهم سقطوا تحت نيرها.
وليس البشر هم فقط الذين سقطوا في الخطية، بل الملائكة الروحانيين، منهم من غلبتهم وأسقطتهم من رتبتهم، وصاروا يحملون اسم الشياطين أيّ المقاومين أو المعاندين، وقد كان سقوط الملائكة هو ميلاد الشر في العالم!!
ومن شدة تسلّطها علي الإنسان، جعلته يكره القداسة، ويحب حياة النجاسة، يستثقل الوصايا، ويستخف الأفعال الشهوانية، كما أنّه يستصعب السير في طريق البر، في الوقت الذي يستسهل فيه الجري في طريق الإثم.
قد يُستعبَد إنسان لسيد ما، ولكن قد يأتي يوم ويُعطيه هذا السيد حريته.. أمَّا الخطية فهي السيد الوحيد الذي لا يقبل أن يُحرر عبيده لأنَّه سيد شرير وظالم، مهما خدمته وأوفيته مطالبه لن يتركك! وإن هربت منه سيلاحقك أينما ذهبت!
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:42 PM   رقم المشاركة : ( 19 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية

يقول القديس أُغسطينوس
" يا له من استعباد مُذل هو استعباد الخطية، إنَّ معظم الذين يتألّمون من استبداد أسياد ظالمين، يتمنّون لو يباعون لكي يُغيّروا علي الأقل مواليهم، ولكن ماذا يستطيع أن يعمل عبد الخطية؟! وبمن يستجير؟! ومِنْ مَنْ يباع؟! وأخيراً نري العبد وقد مل مطلب سيده، وهو يرغب أن يتخلّص منه، ولكن إلي أين يهرب عبد الخطية؟! إن هرب جر وراءه خطيته.. "
إعلم أنَّ الخطية في بدايتها سهلة، وفي نفس الوقت تبدو لذيذة، هذا ما يقوله سليمان الحكيم: " الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ " (أم17:9).
كما يظن البعض، ويتوهّم كثيرون، أنَّ التخلص منها أمر سهل يمكن تحقيقه في أي وقت يرغبون، لكنَّ الحقيقة إنَّ كثيرين عاشوا في الخطية سنينَ بهذا الفكر من أجل تحقيق لذة جسدية توهّموا فيها سعادة!! ولكن علي الرغم من أنَّ اللذة أنقضت إلاَّ أنَّ الأسر مازال كما هو، لقد انتهت اللذة وبقيت الخطية تطل بوجهها القبيح علينا، وكنير قاس يحني ظهورنا، أليس هذا قمة العبودية؟!
لا تظن أنك ستجني سعادة من الخطية، لأنَّ آلامها تفوق أفراحها، فبقدر ما تشعر بسعادة تجد أنَّك مشدود ومُقيّد برباطات كثيرة، تجعلك عبداً للخطية، ذليلاً لتلك العادات الرديئة التي تملّكت عليك، فالخطية إذا تملّكت علي إنسان أضعفته بدنياً وروحياً وعاطفياً..
وكلَّما زادت الخطية جعلت صاحبها عاجزاً عن مقاومة الضغط المُصاحب لها، فتراه بالنتيجة ينهار تحت ثقلها، وكثيراً ما ينتهي به الأمر إلي أن يُصبح مُصاباً عصبياً أو عقلياً أو ينتحر.. وتستطيع أن تتحقق من هذا لو تفحصت حياة المجرمين والسكّيرين..
يقول القديس مكاريوس
إنَّ الخطية هي كجبال ثقيلة لا تُحتَمل، وفي وسطها توجد تنانين ووحوش سامة، وكما يبتلع الحوت إنساناً في بطنه هكذا تبتلع الخطية النفوس، إنَّها لهيب نار حارقة وسهام ملتهبة من الشرور.
ولا تنظر إلي الخطاة ولا إلي طريقهم.. لأنَّ طريق الخطاة رحب والسائرون عليه كثيرون، وإن أردت أن تنظر فلا تنظر إلي بدايته بل إلي نهايته تطلع، لأنَّ في نهايته هوة عميقة سيقع فيها كل السائرين عليه.

يُحكي عن شاب تعلق قلبه بفتاة تعلُّقاً شديداً، حتى أخذها لتعيش معه في قصره دون أن يتزوجها، وحدث بعد مدة لمَّا اشتد عليه المرض، وازدادت ديونه أن زاره أحد أصدقائه، وقد كان خادماً تقياً، فسأله: ماذا أعمل لأنجو بحياتي وأخرج من هذه التجارب التي حاصرتني، ففرح الخادم بسؤاله وطلب منه أن يسدد ديونه، ويطرد هذه المرأة الزانية التي كانت السبب في فقره ومرضه..
فلمَّا سمع الشاب المطلب الأخير تنهد ثم قال: كل ما طلبت مني أستطيع أن أعمله، أمَّا طرد حبيبتي فلا أستطيع! فأخذ الخادم يشرح له أن طرد المرأة أفضل له، فخير للرجل أن يخسر امرأة من أن يخسر حياته وأبديته.. فأجابه: لا أستطيع!! فأخذ تارة يُهدده بعذاب جهنم وتارة أُخري يُشوّقه إلي أمجاد السماء، وهكذا أخذ يعده ويتوعده، أمَّا هو فكان يجاوبه في كل مرّة: لا أستطيع!! إلي أن قال بلهجة الإصرار: قلت ولا زلت أقول: لا أستطيع!! ثم جمع قواه الضعيفة الباقية وقبض علي ذراعي تلك الشقية وقال لها بصوت مرتفع كما لو كان يلفظ أنفاسه الأخيرة: كنت عزي في حياتي وستكونين كذلك في مماتي: ثم اجتذبها بعنف وضمها إلي صدره واحتضنها، وفي الحال اشتد عليه المرض، واضطربت حركة قلبه وأسلم روحه الهالكة إلي الجحيم.
لقد مات الرجل وهو يحتضن الخطية بين ذراعيه!!
ولكن إن كان للخطية سلطان إلاَّ أنَّ الله قد أعطانا قوة، يمكن بها أن نتحرر منها، ونتخلّص من سلطانها، فقد ظهر المُحَرر الأعظم، خرج الأسد الغالب من سبط يهوذا، جاء نسل المرأة ليسحق رأس الحية.. يسوع الذي داس الموت بموته وأبطل سلطانه.
فإن آمنت به " آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ " (أع31:16)، وأعطيته قلبك " يَا ابْنِي أَعْطِنِي قَلْبَكَ " (أم26:23)، وصرت في نور وصاياه المقدسة " احْفَظْ وَصَايَايَ فَتَحْيَا " (أم2:7).. تستطيع أن تفك كل قيود الإثم، وتتحرر من سلطان الخطية..
لأنَّ ابن الله هو الوحيد الذي يستطيع أن يُحرر، كما قال: " فَإِنْ حَرَّرَكُمْ الاِبْنُ فَبِالْحَقِيقَةِ تَكُونُونَ أَحْرَاراً " ( يو36:8)، وعندما أراد توما أن يعرف الطريق " يَا سَيِّدُ لَسْنَا نَعْلَمُ أَيْنَ تَذْهَبُ فَكَيْفَ نَقْدِرُ أَنْ نَعْرِفَ الطَّرِيقَ؟ " (يو5:14)، أعلن له المسيح أنَّه هو الطريق المؤدي إلى السماء: " أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ، لَيْسَ أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِي " {(يو6:14).
فاقترب منه واعلم أنَّ كل من يُقبل إليه لا يلقي به خارجاً ( يو37:6)، لأنَّ مشيئة الله: " أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الاِبْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ " (يو40:6).
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 05 - 2014, 12:42 PM   رقم المشاركة : ( 20 )
Ramez5 Male
❈ Administrators ❈

الصورة الرمزية Ramez5

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر : 51
الـــــدولـــــــــــة : Cairo - Egypt
المشاركـــــــات : 43,203

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Ramez5 غير متواجد حالياً

افتراضي رد: كتاب شوكة الخطية




" الشرير تأخذه آثامه وبحبال خطيته يُمسك "
( أم5: 22)
لا شك أنَّ عدونا الأول والأشد هو الخطية، لأنَّ أي عدو مهما كانت قوته يمكنك أن تصالحه في يوم ما، وقد تصيرا أصدقاء فيما بعد، وتنقلب العداوة التي كانت بينكما إلي محبة!!
أمَّا الخطية فهي العدو الوحيد الذي لا يقبل أن يصطلح معك أو يصير لك صديقاً، وإن ظهر هكذا فهذا هو ثوب الرياء الذي يرتديه، فمن الخارج يبدو حسناً، أما الداخل فيحمل خبثاً وانتقاماً.. فهو بمداومة يخطط لهلاكك ويسعي لفنائك.
ولهذا كثيراً ما أُشبه الخطية بعدو قاسٍ لا يشفق ولا يرحم، إذا انتصر عليك ووقعت تحت أسره، يُقيّدك بأغلال، وإذا أردت أن تهرب منه سيلاحقك في كل مكان أينما ذهبت.
يقول إشعياء النبيّ: " وَيْلٌ لِلْجَاذِبِينَ الإِثْمَ بِحِبَالِ الْبُطْلِ وَالْخَطِيَّةَ كَأَنَّهُ بِرُبُطِ الْعَجَلَةِ " (إش18:5)، وهذا يعني: إنَّ الذين يسعون إلي الخطية بإرادتهم أو يسحبونها بقوة نحوهم، يصنعون لأنفسهم حبالاً وربطاً تسحبهم أو تجرهم كالعجلة نحو الشر، وتقيدهم بقيود الإثم.
وكثيراً ما يدّعي الخاطيء أنَّه حر، ولكن هذا في الواقع رياء، لأنه لا شيء أقرب منه إلي الأسر والعبودية والمهانة.. ومن الذي يزله ويستعبده؟ إنها الخطية، العدو القاسي الذي لا يشفق ولا يرحم، وإذا حاول أن يُناقض نفسه أو يبرر ذاته، فصوت رب المجد يسوع سيظل يطارده قائلاً: " الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ " ( يو34:8).
يقول القديس أغسطينوس
" لكي تصنع لك حبلاً لابد أن تجمع خيوطه خيطاً خيطاً، ثم تشدها شداً قوياً، هكذا الحال في الخطايا التي تتجمّع وترتبط الواحدة بالأُخرى، لتؤلّف حبلاً قوياً طويلاً، وما الغاية من هذا الحبل إن لم يكن لربط رجلي الخاطيء ويديه وطرحه في الظلمة الخارجية ".
حقاً إنَّها مُرّة وقاسية هي عبودية الخطية، وويل للذين يقعون تحت نيرها، فكثيرون ظنوا في البداية أنهم مهما فعلوا الخطية يستطيعون في أي وقت أن يتخلّصوا منها، حسبما يريدون، ولكن سرعان ما وجدوا أنفسهم مقيدين بأغلال يصعُب فكها!!
في البداية تملّكهم الوهم واقتنعوا أنَّ بإمكانهم أن يقذفوا بذلك الصنم ويحطموه وقت ما شاءوا، ولكن بعد أن تذوقوا خمر اللذة وجدوا أنفسهم عبيداً لصنم الخطية، يُلّبون رغباته ويعملون كل ما يأمرهم به، أين إرادتهم؟ سلبتها الخطية!
ويجب أن نعلم أنَّ قيود الخطية كثيرة ومتنوعة.. فهناك من يتقيّد بحبال الزنا والنجاسة، كما تقيّدت السامرية والمرأة الخاطئة وأهل سدوم وعمورة.. وآخر تُقيّده حبال البخل ومحبة المال، كالشاب الغني والغني الغبي.. وثالث يتقيّد بقيود العظمة والكبرياء مثل هيرودس الملك، الذي عندما رقصت ابنة هيروديا في يوم مولده وأعجبته، وعدها بقسم أنَّها مهما طلبت يُعطيها، وعندما طلبت رأس يوحنا المعمدان كرغبة أمّها. يقول الكتاب: " فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ " (مت9:14)، وهناك من تقيده بقيود المسكرات.. أو القتل.. أو السرقة..
وكلّما تعمّقت في الخطية تأصلت فيك جذورها وبالتالي ازدادت قيودها، ولهذا قيل: إنَّ ما يحدُث مع الخاطيء تجاه شهواته المسيطرة عليه، كالذي يحدّث مع البرابرة تجاه أسراهم، فلكي لا يهرب الأسري يفقئون أعينهم ويقطعون أيديهم وأرجلهم.. وهكذا الخطية تفقأ عيني الخاطيء، فلا يري سوي الدنس والنجاسة، وتقطع رجليه فتعوق سيره في طريق الأبدية.
جاء الشاب الغني إلي السيد المسيح قائلاً: " مَاذَا أَعْمَلُ لأَرِثَ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ؟ "، فأجابه رب المجد: " نْتَ تَعْرِفُ الْوَصَايَا: لاَ تَزْنِ، لاَ تَقْتُلْ، لاَ تَسْرِقْ، لاَ تَشْهَدْ بِالزُّورِ، لاَ تَسْلِبْ، أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ "، فلمَّا أجاب الشاب وقال: ¬" هَذِهِ كُلُّهَا حَفِظْتُهَا مُنْذُ حَدَاثَتِي "، يقول الكتاب المقدس: " فَنَظَرَ إِلَيْهِ يَسُوعُ وَأَحَبَّهُ وَقَالَ لَهُ: يُعْوِزُكَ شَيْءٌ وَاحِدٌ. اذْهَبْ بِعْ كُلَّ مَا لَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِي السَّمَاءِ وَتَعَالَ اتْبَعْنِي حَامِلاً الصَّلِيبَ " (مر10: 17-22).
وكأنَّ السيد المسيح أراد أن يقول له: إن أردت أن تتبعني فلابد أولا أن تحل قيودك التي أنت مقيد بها، لأنّك لا تستطيع أن تتقيّد بقيودي إن لم تحل قيود الشيطان أولاً، ولا تستطيع أن تتقيّد بقيود البر إن لم تنحل من قيود الإثم.. وها أنت مُقيّد بحبال الغني ومحبة المال،فحلها لتتقيد بقيود الجوهرة الثمينة.
وفي حديثه مع المرأة السامرية أراد أن يُلفت نظرها إلي قيد قيّدها سنينَ، ألا وهو: الزني، فقال لها: " اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ وَتَعَالَيْ إِلَى هَهُنَا أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، قَالَ لَهَا يَسُوعُ: حَسَناً قُلْتِ لَيْسَ لِي زَوْجٌ لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هَذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ " (يو4: 16-18)، ولكي تدخلي معي في زيجة روحية، وتصيري عروس للعريس السماويّ، لابد أن تتخلصي من قيود الزنى التي استعبدتك وأذلتك.. لابد أن تحليها وتقطعي حبالها وتلقيها بعيداً عنك، حتى لا تتقيدي بها ولا يستطيع أحد أن يُقيدك بها مرَّة أُخرى، حينئذ أربطك بحبال لا تنقطع وأقيدك بقيود حُبي التي لا تنفك.
وهكذا استحوذ يسوع على قلب السامرية، فاعترفت بخطيتها وأنّه نبي، فشعاع الحب قد اخترق قلبها، فتحول ماضيها الخريفيّ إلى ربيع دائم تفتحت زهوره وفاحت رائحة عبيره.. فتركت عند البئر جرتها وهى في الحقيقة فقد تركت خطيتها لتبشر بعريسها السماوي، الذي معه تذوّقت طعم الحُب الروحانيّ، بعد أن رأت الطهارة تتكيء في عينيه كطفل بريء.
عندما حاد صدقيا الملك عن طريق الرب، ولم يصغ هو ولا شعبه إلي كلمة الرب التي تكلم بها علي فم إرميا النبيّ (إر37: 2،1)، ونجس الهيكل بالعبادة الوثنية (2أخ36: 14)، ولم يقضِ بالعدل (إر21: 12،11). قيّدته شروره هذه بسلاسل من نحاس وقادته إلي بابل مسبياً: " فَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ بَنِي صِدْقِيَّا فِي رَبْلَةَ أَمَامَ عَيْنَيْهِ وَقَتَلَ مَلِكُ بَابِلَ كُلَّ أَشْرَافِ يَهُوذَا، وَأَعْمَى عَيْنَيْ صِدْقِيَّا وَقَيَّدَهُ بِسَلاَسِلِ نُحَاسٍ لِيَأْتِيَ بِهِ إِلَى بَابِلَ " (إر39: 7،6).
وفي قصة الإنسان الذي كان به شياطين كثيرة في كورة الجدريين: نري أن الخطية إذا قيّدت إنساناً، لا تقبل أن يُقيّد بقيود أُخري سواها. ولهذا قيل: " كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلاَ بِسَلاَسِلَ لأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيراً بِقُيُودٍ وَسَلاَسِلَ فَقَطَّعَ السَّلاَسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ " (مر5: 3-5).
ولكن غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله، الذي أمامه تخضع وتسجد كل الأرواح، وتنحل وتذوب كل القيود. فذلك الإنسان الذي كان به شياطين كثيرة، نراه أمام رب المجد يسوع يخر ويسجد، ويتوسل إليه ألاَّ يُعّذبه، يقول الكتاب: " فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللَّهِ الْعَلِيِّ! أَسْتَحْلِفُكَ بِاللَّهِ أَنْ لاَ تُعَذِّبَنِي! ( مز5: 7،6).
فاصرخ إليه أيها الخاطيء..
واطلب منه أن يحل قيودك..
لتذبح له ذبيحة التسبيخ..
وأن يربطك برباط حُبّه المقدس..
حتى لا تتقيد بقيود الخطية..
وتأكد أن الله إذا ربطك بقيوده..
سيقودك لا إلي العبودية أو المذلة..
بل إلي الحرية الحقيقية..
حرية مجد أولاد الله.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
حمل في جسده دينونة الخطية، أبطل شوكة الموت
لأن شوكة الموت هي الخطية
كتاب شوكة الخطية للراهب كاراس المحرقي
شوكة الخطية
كتاب شوكة الخطية للراهب كاراس المحرقي


الساعة الآن 04:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025