17 - 01 - 2014, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
عمق الإيمان الإيمان العادي يدعيه الكل. ولكن ليس كل مؤمن عميق في إيمانه. بطرس الرسول آمن إلى حين ومشى مع المسيح الماء. ثم ضعف إيمانه فسقط. ووبخه الرب قائلا "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟!" (متى 14: 31). الإيمان العمق لا يشك ولا يخاف، بل يمكن أن ينقل الجبال (مت 17: 20). بل أعظم ما قيل عن الإيمان العميق، قول الرب: كل شيء مستطاع للمؤمن (مر 9: 23). إيمان له قوته،و له نصرته، وله فاعليته حتى يشمل الحياة كلها. |
||||
17 - 01 - 2014, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
العمق في الصداقة والحب قد يوجد صديق لك، تدوم صداقته عشرين عاما، ثم بسبب لفظة معينة، أو وشاية، أو خبر غير صحيح قد سمعه، ينقلب ويتغير. وتقول له "عندي عليك أنك تركت محبتك الأولى" (رؤ 2: 4). أما المحبة العميقة فيقول عنها الكتاب: "مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة" (نش 8: 7). "المحبة قوية كالموت" (نش 8: 6)، "المحبة تسقط أبدًا" (1كو13: 8) سواء كانت محبة نحو الله أو الناس. عميقة مثل محبة الأم لرضيعها.. مثل المحبة بين داود ويوناثان. محبة تتبع إلى الصليب، مثل محبة يوحنا للمسيح. محبة "ليست بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (1يو 3: 18). اعمق محبة هي التي تبذل، حتى ذاتها. كمحبة الرب على الصليب. أحب جتى بذل (يو3: 16) |
||||
17 - 01 - 2014, 05:17 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
عمق الشخصية هناك أشخاص يتميزون بالعمق، وآخرون بالسطحية. فالشخصية العميقة، لها عمق في التفكير والتدبير، عمق في الذكاء والفهم الشخص منهم له ذكاء شمولي، يشمل كل شيء. إذا بحث موضوعا، يفكر فيه من جميع زواياه، ويعمل حسابا لكل النتائج وردود الفعل. وإذا تكلم يتكلم بعمق.. كذلك في العمل والمسئولية، يتناول كل شيء بعمق، مثل يوسف الصديق وهو وزير تموين لمصر. ومثل يوكابد في عمق تربيتها لابنها موسى النبي.. فمثلا التلميذ الذي يذاكر بعمق، يذاكر بفهم وتركيز، وبعقل منتبه، لا ينسى. ليس المهم عدد ساعات مذكراته، إنما عمق الفهم والحفظ. |
||||
17 - 01 - 2014, 05:20 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي قلبه مع الله الإنسان الروحي، حياته ليست مظهرية من الخارج، ولا هي مجرد ممارسات يمارسها، ولا مجرد ناموس (أى وصايا تنفذ حرفيًا)، إنما حياته الروحية قبل كل شيء، هي "حياة القلب مع الله". لأن الرب يقول: "يا ابنى اعطنى قلبك، ولتلاحظ عيناك طرقى" (أم 23: 26). المهم أن تعطينى قلبك. وإن أعطيتنى هذا القلب، سوف تلاحظ عيناك طرقى. ويقول الوحى الإلهي في سفر الأمثال أيضًا "فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة" (أم 4: 23).. حياة الإنسان الروحية كلها تخرج من هذا القلب. لذلك على الإنسان أن يهتم بقلبه ونقاوته. ومن اهميته قال الرب في تطويباته في العظة على الجبل: "طوبى لأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله" (مت 5: 8) حقا ما أعظم مكافاة القلب النقى.. إنه يرى الله!! فليست الحياة الروحية كلاما، ولا مظهرية خارجية.. فإن المرتل يقول في المزمور "كل مجد ابنة الملك من داخل "على الرغم من أنها "مشتملة بأطراف موشاة بالذهب، ومزينة بأنواع كثيرة" (مز 45: 13). "ولتكن هذه الكلمات التي انا أوصيك بها اليوم على قلبك" (تث 6: 6). وقال المرتل في ذلك "خبأت كلامك في قلبى، لكي لا أخطئ إليك" (مز 119). وحينما تكون وصية الله داخل القلب، تكون مختلطة بالمشاعر والعواطف والأحاسيس. وتكون أيضًا مرتبطة بالمحبة التي في القلب، كما قال داود في المزمور "أحببت وصاياك جدا"، "ممحص قولك جدًا. عبدك أحبه" (مز 119).. القلب هو مركز المشاعر. والله يريد مشاعر قلبك.. يريد محبتك. ولذلك قال: تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل فكرك.." (مت 22: 37) وكذلك: "تحب قريبك كنفسك". وقال الرب عن هذه المحبة، إنه بها "يتعلق الناموس كله والأنبياء" (مت 22: 40). وعبارة "من كل قلبك "تعنى أنه لا يوجد في القلب أي شخص أو أي شيء ينافس الله في محبة القلب له. ولهذا قال الرب "من أحب ابا أو أما أكثر منى، فلا يستحقنى. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى، فلا يستحقنى" (مت 10: 37).. كل القلب لله. والله يطلب هذا، فيقول في سفر النشيد: "اجعلنى كخاتم على ساعدك" (نش 8: 6). كخاتم على قلبك من جهة الحب، وعلى ساعدك من جهة العمل. وهكذا يكون العمل الذي يقوم به الإنسان الروحي، هو نتيجة طبيعية لمحبته لله وللناس.. وكلما كان القلب عميقا في محبته، فعلى هذا القدر يكون عمله لأجل الله قويا.. والقلب النقى يكون كلامه نقيا، ويكون فكره أيضًا نقيا، لأن الفكر يصدر عن القلب، والكلام يصدر عن القلب، والكلام يصدر عن القلب. وقد قال الرب في ذلك.. "الإنسان الصالح، من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح" (لو 6: 45). "والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر". إذن المهم هو القلب، "لأن منه مخارج الحياة". هو النبع الذي يخرج منه الفكر والكلام والعاطفة، بل هو المؤثر على الحواس أيضًا.. إن البعض قد يدافع عن إنسان غضوب تخرج من فمه ألفاظ قاسية شديدة، فيقول "على الرغم من غضبه، فإن قلبه أبيض "! كلا، فالقلب الأبيض تخرج منه الفاظ بيضاء مثله. وقد قال الرب "من فضلة القلب يتكلم الفم" (لو 6: 45) (مت 12: 34) (مت 15: 18). ولذلك فخطية اللسان هي خطية ثانية تابعة. أما الخطية الأولى السابقة لها فهى في القلب فيه نفاق تخرج منه ألفاظ نفاق. القلب فيه غضب، تخرج منه ألفاظ غضب. القلب فيه حنو وعطف.. وهكذا مع باقى الأمور.. وهكذا يقول المرتل في المزمور: "فاض قلبى بكلام صالح" (مز 45: 1) هذا يكون مع الصالحين، الذين قلوبهم والسنتهم في مجرى واحد، كما نقول في التسبحة "قلبى ولسانى يسبحان القدوس". وعكس ذلك المراءون الذين قلوبهم غير ألسنتهم! أولئك الذين وبخهم الرب قائلا".. كيف تقدرون أن تتكلموا بالصالحات وأنت أشرار؟!" (مت 12: 34). هذا المرائى الذي يتكلم بغير ما في قلبه، قد تكشفه نظرات عينيه 9 فإن العين كثيرا ما تكون مرأة للقلب، تظهر فيها أحاسيسه كلها.. وقد تكشفه ملامح وجهة، أو نبرات صوته. والإنسان الروحي بسيط القلب، لا يضمر غير ما يظهر! هو إنسان صريح. ما يقوله بلسانه هو نفس الذي في قلبه. إذا امتدح إنسانا، فهو يثق به هكذا في قلبه. وإن اعتذر لإنسان عن خطأ، يكون هذا الاعتذار صادرا حقا من قلبه.. بينما غيره قد يعتذر، ولا يكون اعتذاره مقبولا، لأنه لم يصدر من القلب! وقد يقول لشخص "الله يسامحك"، وهو يقصد "الله يجازيك حسب عملك"..!! إن الله أعلم بما القلب، فهو وازن القلوب (أم 21: 2). وقد قال الكتاب عن الله إنه "فاحص القلوب الكلى" (أر 11: 20) "هو يعرف خفيات القلب" (مز 44: 21) "الرب يعرف أفكار والإنسان" (مز 94: 11). وقيل "القلب أخدع من كل شيء، وهو نجس من يعرفه؟! أنا الرب فاحص القلب مختبر الكلى لأعطى كل واحد حسب طرقه.." (أر 17: 9).. أما الإنسان الروحي، فقلبه مستقيم أمام الله. والرب يعرف القلوب المستقيمة، والقلوب الملتوية. ويقول الكتاب "نور أشرق للصديقين، وفرح للمستقيمى القلب" (مز 97: 11). ويقول "كراهة الرب ملتوو القلب" (أم 11: 20). والمستقيمون بقلوبهم يقول عنهم الكتاب إنهم "يدعون الرب من قلب نقى" (2تى 2: 22). وعن هذا القلب يقول داود النبى في مزمور التوبة: "قلبا نقيا أخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في أحشائي" (مز 51: 10). وهذه النقطة تنقلنا إلى التوبة وعلاقتها بالقلب.. التوبة الحقيقية ليست هي مجرد ترك الخطية بالفعل، إنما ترك الخطية من القلب. أي أن القلب لم يعد يحبها. وكمال التوبة هو كراهية الخطية. وإذا كره الإنسان الخطية، فلن يعود إليها مرة أخرى. وهكذا تصبح توبته هي خط فاصل بين حياة بعيدة عن الله، وحياة مع الله. وهكذا قال الرب في التوبة: "ارجعوا إلى بكل قلوبكم" (يوء 2: 12). " مزقوا قلوبكم لا ثيابكم، وارجعوا إلى الرب إلهكم" (يوء 2: 13). فالتوبة هي اشتياق للرجوع إلى الله، واستجابة لصوته ولعمل نعمته في القلب. أما الإنسان الذي لا يستجيب لصوت الله، فهو إنسان قاسى القلب. وفي ذلك يقول الرسول: "إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (عب 3: 8، 15). ويكرز ذلك في (عب 4: 7). وهذا نفس ما قيل قديما في المزمور "ليوم إن سمعتم صوته، فلا تقسوا قلوبكم" (مز 95: 7، 8). إذن فالله ينظر إلى عدم التوبة، من خلال القلب الرافض، قبل العمل العاصى. ولذلك فهو في قيادتنا إلى التوبة، يعدنا بتغيير هذا القلب. فإن تغير، يتغير السلوك طبقًا لذلك. وهكذا يقول الرب: "اعطيكم قلبا جديدًا، واجعل روحًا جديدة داخلكم" (حز 36: 26). "أنزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم". فهو يعتبر التوبة تبدأ من القلب. والقلب التائب هو قلب حجر، قلب صخر، قلب قاس، كما كان قلب فرعون قلبا قاسيا. ويكرر الرب نفس الكلام في سفر ارمياء النبى فيقول "وأعطيهم قلبا ليعرفونى أنى أنا الرب، فيكونوا لي شبعا، وأنا أكون لهم إلها. لأنهم يرجعون إلى بكل قلوبهم" (أر 24: 7). ورجوع الإنسان معناه ان ارادة قلبه تتحد مع ارادة الله. الله يعمل في قلبه، وهو يرجع بقلبه إلى الله. وهكذا يقول الرب في سفر يوئيل لنبى "ارجعوا إلى بكل قلوبكم" (يؤ 2: 12). ويقول في سفر حزقيال النبي "اطرحوا عنكم كل معاصيكم التي عصيتم بها. واعملوا لأنفسكم قلبا جديدا وروحا جديدة" (حز 18: 31)،وعن نتائج هذا القلب الجديد، يقول القديس بولس الرسول".. تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم" (رو 12: 2). فإن القلب إذا تغير من الداخل، تتغير افكاره ايضًا. لأن الأفكار الشريرة تخرج من القلب، كما قال الرب (مت 15: 19). إذن لابد من تغيير القلب. عيب الكثيرين أنهم يظنون التوبة مجرد الاعتراف بالخطايا، ويستبقون خطية محبوبة في القلب. وبسبب هذه الخطية المحبوبة يرتدون عن توبتهم، ويسقطون مرارا كثيرة، لأن القلب ليس كله الله، ولأنهم لم يرجعوا إلى الله بكل قلوبهم.. ولم تتجدد أذهانهم، إذ لا يزال الفكر متعلقا بالخطية، كالقلب ايضًا.. هؤلاء توبتهم من الخارج وليس من الداخل. وينظر الله إلى الداخل ويقول "يا ابنى اعطنى قلبك".. حنانيا وسفيرا وضعوا المال تحت أقدام الرسل. ولكن لم يضعوا الله في قلوبهم. كانت في قلوبهم محبة المال، ولو بعض المال (أع 5: 1 – 4). كثيرا من ندعو أولادنا إلى الحشمة في ملابسهم، دون أن ندخل الحشمة إلى قلوبهم! بينما لو دخل الله إلى قلوبهم، لاقتنعوا بالحشمة قلبا وفكرًا. وحينئذ تأتى الحشمة في الملابس والزينة كعمل تلقائى طبيعى، دون ضغط من الخارج، يكون فيه القلب مشتاقًا إلى غير ذلك! ينبغى أن نسمو عن مستوى الأعمال الظاهرة، إلى مشاعر القلب من الداخل. يوجد إبن قد طيع أباه خوفا أو لمجرد فضيلة الخضوع، بينما قلبه متمرد من الداخل على أوامر أبيه، ولم يخضع بعد قلبا ولا فكرا.. وقد إنسان العشور، وقلبه غير مستريح. فهو قد دفعها من جيبه، وليس من قلبه.. أما الإنسان الروحي إذا أعطى، يعطى، يعطى من قلبه، برضى وسرور، حسب قول الكتاب "المعطى بسرور يحبه الرب "0 وقد يصوم إنسان عن الطعام بفمه، وقلبه غير زاهد في هذا الطعام، ويتحايل على الطعام بألوان وطرق شتى، فيبحث عن المسلى الصيامى، والجبنة الصيامى، والشيكولاته الصيامى. كما يبحث عن طريقة الطهى التي تجعل الطعام الصيامي شهيًا..!! أين جوهر الصوم هنا؟ وما علاقته بالقلب؟! وقد يضرب إنسان مطانية بجسده، بينما قلبه لم ينحن مثل انحناءة رأسه. ولا نكون في مطانياته روح الندم، ولا روح الخشوع، ولا روح التوبة. ولذلك حينما بتعذر لغيره بمطانية، لا تكون مقبولة منه.. وقد يعترف إنسان بخطاياه، وقلبه غير نادم عليها! وقد يصمت إنسان عن الكلام بلسانه، ويكون في فكرة كلام كثير! وقد يتكلم إنسان بكلام إتضاع، ولا يكون قلبه متضعًا، وقد تكون كلماته ألين من الزيت، وهى سهام (مز 55: 21). وفى كل ذلك يقول الرب "يا ابنى اعطنى قلبك". الإنسان الروحي يعطى القلب لله، لأن القلب فيه كل المشاعر والروحيات. خذوا الإيمان مثلا: فرق كبير بين المؤمن اسما، وبين المؤمن من أعماق القلب، الذي يظهر إيمانه في كل اعماله (يع 2: 18).. المؤمن الذي يرى الله أمامه في كل حين. ووجود الله بالنسبة اليه، ليس مجرد عقيدة، بل هو حياة يحياها ويحسها.. والغيرة المقدسة ليست مجرد عمل أو كلام، بل من القلب تصدر والوداعة والإتضاع وباقى الفضائل، ليست هي مجرد أعمال ظاهرية. فهناك فرق كبير بين المتواضع بلسانه، والمتواضع بقلبه المقتنع في داخله بأنه خاطئ وضعيف، ولولا نعمة الله التي تسنده لسقط كغيره.. والقلب أيضًا هو مصدر الأحلام والظنون والأفكار والشكوك.. وهو أيضًا مصدر كل ثمار الروح (غل 5: 22، 23). المحبة مثلا، والفرح، والسلام.. كلها صادرة من القلب.. وطول الأناة واللطف والصلاح والتعفف.. كلها صادرة عن القلب، إلا فإنها تفقد معناها وما فيها من بر.. الصلاح ليس قبورا مبيضة من الداخل (مت 23: 27)، وإنما هو صلاح القلب. الطهارة ليست مجرد الهرب من الخطية، وإنما هي نقاوة قلب.. الإنسان الروحي في كل عمل يعمله، يدرك أن الله ناظر إلى قلبه وإلى نيته وقصده. ومن كنز قلبه الطاهر، يخرج كل عمل طاهر. حيث يكون كنزه، يكون قلبه أيضًا (مت 6: 21). وكنزه الوحيد هو الله.. وهو في كل حين يقول للرب "مستعد قلبى يا الله مستعد قلبى" (مز 57: 1). حتى إن نام، تقول نفسه لله "أنا نائمة، وقلبى مستقيظ" (نش 5: 2). الإنسان الروحي في صلاته، تكون خارجة من قلبه. وليس مثل أولئك الذين قال عنهم الرب "هذا الشعب يكرمنى بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عنى بعيدًا" (أش 39: 12) (مت 15: 8).. إنما قلبه متصل بالله تماما. وهو يتكلم ويشعر بوجوده في حضره الله، وأنه يكلم الله. ويقول "قلبى ولسانى يسبحان القدوس "ويردد مع داود قوله في المزمور: "من كل قلبى طلبتك" (مز 119). حتى في القداس، وفي التسبحة، ولا تكون صلاته مجرد لحن، أو مجرد ألفاظ يرددها، أو تلاوة، إنما هي مشاعر قلب انسكب أمام الله.. في انسحاق، في خشوع، في إيمان، في حب، في فهم في تأمل، في حرارة والتهاب قلب. ويتقدم واحد من الأربعة والعشرين قسيسًا ويأخذ صلاته في مجمرته الذهبية، ويصعد بها إلى فوق. |
||||
17 - 01 - 2014, 05:22 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
الإنسان الروحي إنسان قوي الإنسان الروحي هو إنسان قوى. ونقصد قوة الروح.. كما أن القوة غير العنف. هو إنسان قوى، لأنه صورة الله ومثاله (تك 1: 27)، والله قوى. وهو كابن لله، من المفروض أن يكون قويا في الروح.. الإنسان الروحي هو هيكل للروح القدس (1كو 6: 19). والروح القدس ساكن فيه (1كو 3: 16). وهكذا ينال قوة من الروح الذي يعمل فيه بقوة.. ويتحقق فيه وعد السيد المسيح الذي قال: "ولكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم" (أع 1: 8). وقد قال عنها إنها قوة من الأعالي" (لو 24: 49). وظهرت هذه القوة في كرازة الآباء الرسل. وهكذا ورد في سفر أعمال الرسل "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (أع 4: 33). وبذلك أيضًا تحقق قول الرب "إن من القيام ههنا قومًا لا يذوقون الموت، حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مر 9: 1). قوة الإنسان الروحي هي من الله نفسه: كما قال داود النبي في المزمور "قوتى وتسبحتى هو الرب. وقد صار لي خلاصًا" (مز 118: 14). وكما قال القديس بولس الرسول "تقووا في الرب وفي شدة قوته." (أف 6: 10). وقال أيضًا "أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقوينى" (فى 4: 13). وعبارة "استطيع كل شيء "تدل على مدى القوة التي يحصل عليها الإنسان الروحي في المسيح يسوع حتى أن الرب يقول: "كل شيء مستطاع للمؤمن" (مر 9: 23). ومادام كل شيء مستطاعًا له، إذا لا يجوز أن يقع إنسان روحي في اليأس أو الانهيار أو صغر النفس. لأنه بإيمانه يصير قويا في الداخل، قوى النفس قوى الروح. لا يضعف ابدا، ولا، ولا يقلق ولا يضطرب، ولا يقف عاجزا. إنه قوى بالله الذي يعمل فيه، الله الذي يقوبه.. هذه القوة تنطبق على الافراد والجماعات: تنطبق على الانسان الروحي كمؤمن، وعلى الكنيسة كجماعة مؤمنين. وهكذا ورد في سفر النشيد عن تخت سليمان الذي يرمز إلى الكنيسة "تخت سليمان حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل" (نش 3: 7، 8). وفي سفر النشيد أيضًا من أوصاف القوة التي وصفت بها الكنيسة والنفس البشرية: "شبهتك يا حبيبتى بفرس في مركبات فرعون" (نش 1: 9). الفرس – وأيضًا الفرسان – رمز إلى القوة (أش 31: 1) والفرس في مركبات فرعون هو "فرس معد ليوم الحرب" (أم 21: 31). ولم يكن فرعون يختار لمركباته إلا أقوى الأفراس واشدها. وبهذا التشبيه يصف الرب بالقوة كنيسته التي تحبها.. ولعل هذا التشبيه دليل على أن سفر النشيد له رموزه الروحية، وليس مجرد أغنيات متبادلة بين حبيب وحبيبته كما يتهمه البعض!! لأنه لا توجد فتاة تقبل أن يصفها حبيبها بفرس في مركبات فرعون. وبنفس المنطق نتحدث عن قول الرب في سفر النشيد عن حبيبته الكنيسة بأنها: "مرهبة كجيش بألوية" (نش 6: 4). وكلمة ألوية هي جمع لواء من لواءات الجيش. واللواء يضم عددا كبير من الكتائب والسرايا والأليات. وقد تكرر وصف الكنيسة أو النفس البشرية بانها مرهبة كجيش بألوية في نفس الاصحاح من سفر النشيد (نش 6: 10). وطبعًا من المستحيل أن تقبل حبيبة أن يصفها حبيبها بأنها مرهبة..! وأنها مرهبة كجيش من عدة لواءات..! إذن الحديث رمزى عن الكنيسة أو النفس البشرية. هذه هي النفس التي عاشت مع الله، وأخذت من قوته قوة لحياتها. فالإنسان الروحي تأخذ روحه قوة من الروح القدس الساكن فيه. إنه عضو في جماعة الغالبين المنتصرين، الذين يحاربون حروب الرب بقوة. ويدعوهم الكتاب المقدس بأنهم "جبابرة باس " نقرأ في سفر القضاة أن ملاك الرب خاطب جدعون بقوله "الرب معك يا جبار البأس" (قض 6: 12). وداود النبي قيل عنه إنه يحسن الضرب بالعود وأنه جبار بأس وفصيح والرب معه (صم 16: 18).. وقيل عن البنين الصالحين إنهم "كسهام بيد جبار" (مز 128: 4). وقيل أيضًا عن رجال يشوع الذين دخل بهم أرض الموعد إنهم كانوا جبابرة بأس (يش 8: 3).. كل هذ وغيرها رموز للذين يدخلون الحروب الروحية ضد "أجناد الشر الروحية". إنه الأقوياء في الروح يحملون سلاح الله الكامل، ودرع الإيمان، وترس البر، وخوذة الخلاص وسيف الروح (أف 6: 11-17). وقد ضرب الكتاب أمثلة كثيرة من أولئك الأقوياء. مثال ذلك إيليا النبى، الذي طهر البلاد من كل أنبياء البعل وأنبياء السوارى (1مل 18: 19، 40). وكذلك يوحنا المعمدان الذي قال عنه الملاك المبشر به إنه "يتقدم أمام الرب بروح إيليا وقوته.. لكي يهيئ للرب شعبا مستعدًا" (لو 1: 17). واسطفانوس الشماس الذي كان مملوءا من الروح القدس والإيمان. وقد وقف أمامه ثلاثة مجامع يحاورنه "ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به" (أع 6: 9، 10). وقد سرد بولس أسماء سلسلة من هؤلاء الأقوياء. وقد ختمها بقوله "و ماذا أقول أيضًا لأنه يعوزنى الوقت عن.. الذين بالايمان قهروا ممالك، صنعوا برًا، نالوا مواعيد، سدوا أفواه أسود، أطفأوا قوة النار، ونجوا من حد السيف، تقووا من ضعف، صاروا أشداء في الحروب، هزموا جيوش غرباء.. عذبوا ولم يقبلوا النجاة، لكي ينالوا قيامة أفضل.. وهم لم يكن العالم مستحقا لهم" (عب 11: 23-38). وشرح لنا تاريخ الكنيسة أمثلة كثيرة من الأقوياء. وأمثال أولئك الشهداء، الذين كانوا أقوياء في إيمانهم، أقوياء في احتمالهم، أقوياء أيضًا في العجائب والآيات التي أجراها الله على أيديهم.. وهناك أمثلة أخرى من أبطال الإيمان الذين وقفوا بكل قوة ضد البدع والهرطقات، ودافعوا عن الإيمان بقوة في الفهم وقوة في الاقناع، وفي الصمود. ومن أمثلة أولئك القديس أثناسيوس الرسولى، الذي وقف ضد الهرطقة الأريوسية، واحتمل العزل والنفى والمؤامرات والاتهامات. وقيل له "العالم كل ضدك يا أثناسيوس"، فقال "وأنا ضد العالم". لذلك أسموه: Athanasius Contramondum أي أثناسيوس ضد العالم. لقد خلق الإنسان قويا. له سلطان: وقال الله "أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض، واخضعوها، وتسلطوا على سمك البحر وعلى طير السماء، وعلى كل حيوان يدب على وجه الأرض" (تك 1: 28، 26). ولكن الإنسان فقد قوته الطبيعية حينما أخطأ، وبدأ يشعر بالخوف.. وعاد الله يقوى الإنسان بعمل النعمة فيه، بقوة الروح القدس.. ويقويه بوعوده، وبأنه معه.. الإنسان الروحي يذكرنا بالأرواح، بالملائكة. أولئك الذين قال عنهم داود النبي "باركوا الرب يا ملائكته المقتدرين قوة" (مز 103: 20). هؤلاء الملائكة الذين قال دانيال النبى عن واحد منهم "إلهى أرسل ملاكه، فسد أفواه الأسود" (دا 6: 22). وقيل في سفر الملوك: ملاك الرب خرج وضرب من جيش سنحاريب 185 ألفًا (2مل 19: 35، 36). قوة الملائكة مصدرها أنهم أرواح قريبون من روح الله. يتشبه بهم كل من يسلك بطريقة روحية، ويدخل في شركة الروح القدس، ويعمل الله فيه. لذلك فالإنسان الروحي الذي يعمل فيه روح الله، لابد أن يكون قويا. داود النبي الذي حل عليه روح الرب (1صم 16: 13) كان قويا. وكان أقوى من شاول الملك. وكان حينما يتعب شاول من الروح الشرير، يهدئه داود بعوده، ويذهب عنه الروح الردئ (1صم 16:23)، لأن روح الله الذي في داود هو الذي يطرده.. بل كان داود أقوى من الجيش كله الذي خاف من جليات،أما داود فتقدم لمحاربة جليات وقال له "في هذا اليوم يحبسك الرب في يدى.." (1صم 17: 46). الإنسان الروحي لا يخاف، لأن الله معه: وهكذا قال داود النبي للرب راعية "إن صرت في وادى ظل الموت، لا اخاف شرًا، لأنك أنت معى" (مز 23: 4). واستطاع أن يغنى أنشودته الجميلة "إن يحاربنى جيش، فلن يخاف قلبى. وإن قام على قتال، ففى ذلك أنا مطمئن" (مز 27: 3). وقال أيضًا "هولاء بمركبات، وهولاء بخيل، ونحن باسم الرب ننمو. هم عثروا وسقطوا، ونحن قمنا واستقمنا" (مز 20: 7). هنا قوة قلب الإنسان الروحي المستمدة من الله. إنه لا يخاف، لأن الله معه. الله الذي قال ليشوع "تشدد وتشجع. لا ترهب ولا ترتعب، لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب"، "لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك. كما كنت مع موسى أكون معك. لا أهملك ولا أتركك. تشدد وتشجع" (يش 1: 9، 5). هو أيضًا الذي قال لبولس الرسول في رؤيا بالليل "لا تخف، بل تكلم ولا تسكت. لأنى أنا معك، ولا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 18: 9، 10). وهو أيضًا الذي لإرميا النبى "هانذا قد جعلتك اليوم مدينة حصينة، عمود حديد، وأسوار نحاس على كل الأرض.. فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأنى أنا معك يقول الرب لأنقذك" (أر 1: 18، 19) لذلك أنا أعجب، حينما يضعف الخير، ويقوى الشر أمامه!! أعجب حينما أرى أهل العالم أقوياء، ولهم شخصية وثقة، ويجاهرون بآرائهم، ويصلون إلى أغراضهم، ولا يهتزون أمام العواصف.. بينما رجال الله يقفون كضعفاء ولا يصمدون! كما لو كان الشر أقوى من الخير! أو الشر هو الذي يغلب!! فلماذا هذا الضعف؟! ولماذا لا يقف الخير صامدًا، يعلن عن البر ويدعو إليه، كما كان الرسل "بكل مجاهرة وبلا مانع" (أع 28: 31). إن القوة الروحية، ليست مطلقا ضد الوداعة والتواضع. كثيرون يحبون الوداعة، ولكنهم يفهمونها بأسلوبًا خاطئ.. الوداعة تتصف بالطيبة والهدوء. ولكنها لا تمنع مطلقا أن يكون الإنسان قويا في شخصيته، ومع ذلك يكون وديعا ومتواضعا.. وهنا التكامل والفضائل، وليس التناقض.. والسيد المسيح كان مثالا لهذا التكامل. فهو الذي قال "تعلموا منى، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). وفي نفس الوقت كان قويا في شخصيته، قويًا في حواره مع كل معارضيه من الكتبة والفريسيين والكهنة والشيوخ والصدوقيين. وكان يفحمهم، وينشر رسالته في قوة.. وهو الذي قيل عنه "لبس الجلال. لبس القوة وتمنطق بها" (مز 93: 1) وقيل له أيضًا: "تقلد سيفك على فخذك أيها الجبار. أستله وانجح واملك" (مز 45:3).. له القوة والمجد. إذن من الممكن أن يكون الإنسان وديعا وقويا. والمهم ما هو مفهوم القوة؟ وما هو أيضًا مفهوم الوداعة والتواضع؟ ما هو مفهوم القوة؟ وما الفرق بين القوة الزائفة والقوة الحقيقية؟ القوة هي قوة الروح في الداخل، تعبر عن ذاتها في الخارج بأسلوب روحي. القوة ليست هي العنف. فالمسيحية ضد العنف. وليست هي حب السيطرة وإخضاع الآخرين. وليست هي التهور والاندفاع والجرأة على كل ما هو كبير.. كتلميذ يتحدى معلمه، أو ابن يتجرأ على أبيه.. وليست القوة هي قوة شمشونية، في الجسد والعضلات.. ولا هي الاعتداد بالنفس بأسلوب خاطئ، والافتخار بهزيمة الآخرين، ولا هي استخدام السلطان في غير موضعه.. ولا هي الإدعاء باللسان، كما قال بطرس "لو أنكرك الجميع، فأنا لا أنكر". "ولو اضطررت أن أموت معك، لا أنكرك "مت 26: 33، 35).. ولما دخل إلى الواقع العملي، لم تظهر هذه القوة!! والقوة ينبغى أن تكون دائما ومستمرة. فما أسهل أن يظهر الإنسان قويا في موقف معين. ثم ما يلبث أن يفقد قوته في موقف آخر. كما أثبت شمشون قوته في مواقف عديدة. ثم ضعف أخيرا أمام دليلة (قض 16). وما أكثر الأسباب التي يضعف بها الإنسان ويفقد قوته. فقد يضعف الإنسان أمام رجاء من يحب، أو يضعف أمام دموع البعض.. وقد يضعف أمام كثرة الألحاح، أو أمام ضغط عاطفي أو مادي.. وقد يضعف إذا ما أشتد الاغراء، كما حدث مع داود النبي.. وعمومًا يضعف في الخارج، إذا ضعف من الداخل. والإنسان الروحي يصمد أمام كل هذه الأسباب. وإن حدث أنه ضعف وسقط، سرعان ما يقول. ويردد ما قيل في سفر ميخا النبى "لا تشمتي بى يا عدوتي. فإنى إن سقطت أقوم" (مى 7:8). الإنسان الروحي، قوته قوة روحية. ولهذه القوة أسباب عديدة: ما هي تلك الأسباب التي هي مصدر قوته؟ وما هي أيضًا عناصر تلك القوة في روحه ونفسه وفكره؟ وما مظاهرها في حياته وفي خدمته وفي فضائله؟ |
||||
17 - 01 - 2014, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
مصادر القوة الروحية: وأسبابها ومظاهرها وعناصرها مصادر القوة عناصر القوة |
||||
17 - 01 - 2014, 05:25 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
مصادر القوة لاشك أن مصدر القوة الروحية، هو الله نفسه. ولذلك يقول المرتل في المزمور "أحبك يا الله يا قوتى" (مز 18: 1) ويقول "قوتى وتسبحتى هو الرب" (مز 118: 14). ويقول أيضًا "الله ملجأ لنا وقوة (مز 46: 1). وكما يقول القديس بطرس الرسول عن القوة في الخدمة "إن كان أحد يخدم، فكأنه من قوة يمنحها الله، لكي يتمجد الله في كل شئ" (1بط 4: 11). ويترنم داود بقوة الله العاملة فيه فيقول "الله الذي يمنطقنى بالقوة.. الذي يعلم يدى القتال" (مز 18: 32، 34). لذلك فإن كل قوة، ليس الله مصدرها، هي قوة باطلة، ومصيرها إلى الزوال. كقوة فرعون مثلا، وكقوة الشيطان.. وقوة آخاب الذي قتل نابوت اليزرعيلى.. وقوة مشورة أخيتوفل..! ومثل قوة جليات.. وكل الأقوياء بدهائهم أو بكبريائهم. أما الإنسان الروحي ففوته من الله العامل فيه. وعن هذا يقول القديس بولس الرسول: الأمر الذي لأجله أتعب أنا أيضًا مجاهدًا، بحسب عمله الذي يعمل في بقوة" (كو 1: 29) "بحسب القوة التي تعمل فينا" (أف 3: 20).. إنها قوة الروح القدس. * مادامت القوة من الله، فنحن نطلبها بالصلاة، وننالها بالإيمان ونعمة الله. الإنسان الروحي يقف أمام الله ضعيفا، يلتمس منه القوة يصلى قائلا "أعطنى يا الله قوتك"، "فأنا بدونك لا أستطيع شيئًا" (يو 15: 5). وبالصلاة يمنحه الله قوة مثل آخر صلاة صلاها شمشون، واستجاب الرب له (قض 16: 28، 30). والإيمان يمنح الإنسان قوة، لأن كل شيء مستطاع للمؤمن (مر 9: 23). حتى إن أدركه ضعف في وقت ما، فإن الإيمان يعيد غليه قوته. ألم يقل الرب "لو كان لكم إيمان مثل حبه خردل، لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل" (مت 17: 20).. وإن شعر الإنسان الروحي أن إيمانه قد ضعف، يصرخ إلى الرب قائلا أؤمن يا رب: فأعن ضعف إيمانى.. (مر9: 24). وهكذا نجد أن الإيمان والصلاة يعملان معا في جلب القوة للإنسان. وبالصلاة يصارع الله مع الإنسان، ولا يتركه حتى ينال منه القوة. يصلى وهو مؤمن أن القوة ستأتيه.. * وينال الإنسان قوة بعمل الروح القدس فيه. وهكذا فإن الذي يشترك مع الروح القدس في العمل، لابد أن يكون قويا.. فإن وجدت نفسك ضعيفا في وقت ما، راجع شركتك مع الروح القدس.. إن سبب فقد شمشون لقوته، هو أن روح الرب فارقه (قض 16: 20). تمسك إذن إلى أبعد حد بعمل الروح فيك. وهيئ نفسك بالنقاوة والقداسة، حتى يكون هيكلك مستحقًا لسكنى روح الله فيك.. فتستمر قويا. * والإنسان يحتفظ بقوته الروحية بثبات كلمة الله فيه. طالما تضع وصية الله أمامك، وتحب كلمة الله وتخبئها في قلبك، وترددها بلسانك، ستجد أن كلمة الله ستمنحك قوة، تمنحك استحياء من الخطية، لأن "كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين" (عب 4: 12)،وما أجمل قول القديس يوحنا الرسول للشباب "كتبت إليكم أيها الأحداث، لأنكم أقوياء وكلمة الله ثابتة فيكم، وقد غلبتم الشرير" (1يو 2: 14). *وينال الإنسان قوة من الله، عن طريق الإتضاع. لأن "الرب يقاوم المستكبرين، أما المتواضعون فيمنحهم نعمة" (يع 4: 6). المتكبر يطن أنه بقوته البشرية سينتصر، فيعتمد على قوته فيفشل. أما المتواضع، فإن يشعر بضعفه، يعتمد على قوة الله، فيمنحه الله هذه القوة "ليكون فخر القوة لله، لا منا" (2كو 4: 7). أنظروا كيف قال الشياطين للقديس مقاريوس الكبير "بتواضعك وحده تغلبنا". وكيف قال القديس الأنبا أنطونيوس: أبصرت فخاخ الشيطان مبسوطة على الأرض كلها. فقلت يا رب من يفلت منها؟ فقال: المتواضعون يفلتون منها.. إن المتواضعين الذين يقفون أمام الله كضعفاء، هم الذين قال عنهم الوحى الإلهي "اختار الله ضعفاء العالم، ليخزى بهم الأقوياء" (1كو1: 27) "لكى لا يفتخر كل ذى جسد أمامه".. المتواضع لا يخاف، لأن الله معه. ولكن متى يخاف الإنسان بحق؟ يخاف عندما يتعجرف قلبه، ويظن أنه قوى، وأنه قد ارتفع إلى السماء، وجلس على عرش الله، وأصبح الشيطان تحت قدميه. انظروا إلى قول القديس العظيم بولس الرسول "لأني حينما أنا ضعيف، فحينئذ أنا قوى" (2كو 12: 10). *الإنسان الروحي يصير أيضًا قويا، بنقاوة القلب. فالقلب النقى هو حصن لا ينال، ومنه مخارج الحياة" (أم 4: 23). والقلب النقي هو الذي ارتفع عن شهوات العالم. وفى هذا المجال، ما أجمل قول القديس أوغسطينوس "جلست على قمة العالم، حينما أحسست في نفسي أنى لا اشتهى شيئا ولا أخاف شيئا".. حقا إن القلب الزاهد هو قلب قوى، لا توجد شهوة تغلبه، ولا يوجد شيء يخيفه. وبهذا الزهد وعدم الخوف جاءت قوة الشهداء وقوة الرهبان. تعرض الشهداء لكل الإغراءات والتهديدات، ولكل ألوان التعذيب، وبقوا صامدين في قوة عجيبة، لأنه لم تكن هناك أية شهوة في قلوبهم تستجيب للإغراءات، ولا أي خوف تزعجه التهديدات، ولم يكن فيهم خوف الموت أيضًا. فاحتفظوا بقوتهم أمام كل الملوك والولاة والقضاة. كانوا أقوى من مضطهديهم. كذلك الرهبان، لأنهم تجردوا من الشهوات، أمكنهم أن ينتصروا على العالم، وكانوا أقوياء في احتمال الوحدة وسكنى الجبال والبرارى، بل وسكنى المقابر أيضًا وكانوا أقوياء في حروب الشياطين. كانوا أقوياء أيضًا في تأثيرهم الروحي على الآخرين. أمراء صاروا رهبانا، لأنهم كانوا أقوى من شهوة الملك. القديس الأنبا أنطونيوس حاول الشياطين أن يخيفوه بكل المناظر المفزعة، ولكنه كان أقوى منهم. وأمكنه أن يغلبهم باتضاعه وبإيمانه. والقديس مقاريوس لم يخف، حينما بات في مقبرة وقد أسند رأسه على جمجمة، وتحدث الشياطين معها. ولكن قلبه كان قويا بالإيمان لا يخاف.. *هناك أيضًا أشخاص اقوياء بطبيعتهم. شاء الله أن يولدوا هكذا، بقلب قوى، وعقل قوى، وشخصية قوية.. مثال ذلك شمشون ويوحنا المعمدان وإيليا وداود. ننتقل إلى نقطة أخرى وهى عناصر القوة: |
||||
17 - 01 - 2014, 05:28 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
عناصر القوة 1- قوة الحب والبذل تحدث سفر النشيد عن قوة الحب فقال "المحبة قوية كالموت.. مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة، والسيول لا تغمرها" (نش 8: 6، 7). وقال القديس بولس الرسول "المحبة لا تسقط أبدًا" (1كو 13: 8). هذه هي المحبة الحقيقية، التي ليست بالكلام واللسان، بل بالعمل والحق (1يو 3: 18). ولعل من أعمقها محبة الأم لرضيعها، ومحبة داود ليوناثان (2صم 1: 26). بل محبته لابنه أبشالوم الذي خانة، وكيف بكى عليه بمرارة لما سمع بموته (2صم 18: 33). وتظهر قوة المحبة في البذل. وأقوى بذل هو بذل الذات. ظهر هذا الأمر واضحا في سيرة الشهداء، وكيف بذلوا كل شيء حتى الحياة، من أجل محبتهم لله. وكذلك ظهرت قوة هذه المحبة في حياة الآباء الرهبان والسواح، الذين تركوا العالم وكل ما فيه. "وسكنوا الجبال والبراري من أجل عظم محبتهم للملك المسيح". كذلك محبة الآباء الرسل الذين من أجل محبتهم للرب وملكوته، احتملوا الجلد والسجن والرجم والتشريد والموت أيضًا.. وقالوا للرب أيضًا "تركنا كل شيء وتبعناك" (مت 19: 27). وفي ذلك يقول بولس الرسول أيضًا "خسرت كل الأشياء وأنا أحسبها نفاية لكي أربح المسيح" (فى 3: 8). وقوة المحبة تظهر إن كانت من كل القلب. وفى ذلك قال الكتاب "تحب الرب إلهك من كل قلبك، ومن كل نفسك، ومن كل فكرك". (تث 6: 5) (مت 22: 37). وعبارة "كل "تعنى أنه لا توجد محبة أخرى تنافس محبة الله في قلبك. وفي ذلك قال السيد الرب "من أحب أبًا أو أمًا أكثر منى فلا يستحقنى. ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فلا يستحقنى" (مت 10: 37). بل من أحب حياته أكثر من الرب، لا يستحقه. وفي ذلك قال "من وجد حياته يضيعها. ومن أضاع حياته لأجلى يجدها" (مت 10: 39). المحبة تقود إلى البذل، وقوة البذل لها أسباب. يوجد بذل سببه الحب كما قيل "هكذا أحب الله العالم، حتى بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16). وكما بذل الشهداء لأجل محبتهم للرب. وهناك قوة في البذل سببها الطاعة، كما رفع أبونا ابراهيم السكين ليبذل ابنه وحيده ذبيحة للرب. توجد قوة في البذل سببها الزهد، كآبائنا الرهبان. *ننتقل إلى قوة الإيمان: قوة الإيمان تظهر في أنه يصدق كل شيء. يؤمن أن الرب يمكن أن يشق طريقا في البحر، وأن يفجر من الصخرة ماء، وأن يصنع المعجزات والعجائب.. الإيمان الذي جعل بطرس يمشى على الماء (مت 14: 29). الإيمان بأن الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون (خر 14: 14).. الإيمان الذي يجعلك تقدم الحياة لأجل الرب، وتقدم عشورك وأنت تدفع من أعوازك.. الإيمان الذي يقول "إن سرت في وداى ظل الموت، لا أخاف شرأ لأنك أنت معى" (مز 23).. الإيمان بأن كل لأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الرب" (رو 8: 28).. الإيمان القوى بالأبدية الذي يجعل الإنسان يستعد لها بكل قوته.. *من عناصر القوة أيضًا قوة الصلاة: الإنسان الروحي إذا أخطأ وتاب، تظهر قوة توبته في انسحاقه العميق، وندمه ودموعه، كما حدث مع داود النبي الذي قال "تعبت في تنهدى. أعوم في كل ليلة سريرى، وبدموعى أبل فراشى" (مز6). وتوبة الإنسان الروحي تظهر قوتها في استمرارها، وعدم عودته مطلقا إلى حياة الخطية بل أكثر من هذا يظل ينمو في الحياة الروحية سائرا نحو الكمال. ومن أمثلة ذلك توبة أوغسطينوس وموسى الأسود، ومريم القبطية وبيلاجية. توبة تحولوا بها من خطاة إلى قديسين. *قوة الإنسان الروحي تظهر في انتصاره على المحاربات الروحية وعلى الإغراءات. كما ظهرت قوة يوسف الصديق في انتصاره العجيب على اغراءات زوجة فوطيفار (تك 39: 9) قوله في حزم عملى "كيف أصنع هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله؟!" الإنسان الروحي لا تظهر قوته في انتصاره على غيره، إنما في انتصاره على الخطية، مهما كانت الحروب شديدة، سواء من الشيطان، أو من الناس الأشرار، أو من أخوة كذبة (2كو 11: 26) أما الذي يضعف ويسقط فينطبق عليه قول الكتاب "وزنت بالموازين، فوجدت ناقصًا" (دا 5: 27). الإنسان الروحي إذا أخطأ، له القوة على الاعتراف بخطئه. كثيرون يجدون صعوبة بالغة في الاعتراف بأخطائهم.. أما القديس أو غسطينوس، فقد نشر اعترافاته في كتاب قرأه كل أهل جيله. وما تلته من أجيال.. والإنسان الروحي ايضًا، إذا أحس أنه آساء إلى أحد، تكون له القوة على الاعتذار إليه والاعتراف بإساءته، دون محاولة للتبرير أو المجادلة.. وإذا أحس أن رأيه مخطئ، يكون قادرا بسهولة أن يتنازل عن راية، بغير عناد كما يفعل البعض. *القوة في ضبط النفس: الإنسان الروحي قوى من الداخل. يستطيع أن يضبط نفسه، كما قال الكتاب "مالك نفسه خير ممن يملك مدينة" (أم 16: 22). فهو يضبط أفكاره فلا تسرح فيما لا يليق، متبعا قول الرسول "مستأثرين كل فكر إلى طاعة المسيح" (رسالة بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس 10: 5). يضبط أيضًا حواسه، فلا يخطئ بالنظر ولا بالسمع ولا باللمس. كذلك يضبط مشاعر قلبه وعواطفه. ويضبط لسانه أيضًا، فلا تخرج من فمه كلمة خاطئة، ولا كلمة زائدة،وفي ذلك قال القديس يعقوب الرسول "إن كان أحد لا يعثر في الكلام، فذاك رجل كامل قادر أن يلجم كل الجسد أيضًا" (يع 3: 2) هنا القوة الداخلية في ضبط النفس، وضبط الفكر والحواس والمشاعر، وضبط اللسان ايضًا. الإنسان الروحي يضبط أيضًا غرائزه وانفعالاته، ويرفع فوق مستوى الإثارة.. الإثارة الخارجية لا تثيره من الداخل، بل يكون أقوى منها. لا ينفعل مثلا إذا تعرض لإساءة ما، ولا يقاوم الشر بالشر (رو 12: 17). ولا يرد على الكلمة الخاطئة بمثلها. لا يغلبه الشر، بل يغلب الشر بالخير (رو 12: 21). ويستطيع أن يسيطر على الغضب. ويكون قويا في أعصابه، لا تفلت منه. *الإنسان الروحي يتميز بقوة الاحتمال: يستطيع أن يحتمل الشدائد والضيقات. وإن أصابته تجربة، لا تهزه من الداخل، بل يصمد. ويمكنه أن يحتملها، كما فعل أيوب الصديق. كما يحتمل أيضًا أخطاء الآخرين. إن المخطئ هو الضعيف الذي لم يضبط نفسه. والمحتمل هو القوى. لأجل هذا قال الرسول "يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء، ولا نرضى أنفسنا" (رو 15: 1).. الشخص القوى من الداخل، يستطيع أن يغفر للمسيء أي له القدرة – ليس فقط على الاحتمال بل على المغفرة، وعلى الإحسان إلى المسيئين (مت 5: 44). الإنسان الضعيف يحتاج إلى من يحتمله. أما القوى فيحتمل غيره، يحتمل طباعه السيئة وأخطاءه، وألفاظه وتصرفاته.. هنا تظهر القوة الروحية، في القدرة على تحويل الخد الآخر، ومشى الميل الثانى، والصبر على كل شيء.. *الإنسان الروحي يتميز بقوة لشخصية: إنه إنسان قوى في عقله، فهمه، في قدرته على الاستيعاب وعلى الاستنتاج، قوى في ذاكرته، في سرعة بديهته، في حكمته وحسن تصرفه. هو أيضًا قوى الإرادة، قوى العزيمة، قوى في حكمة تصرفه، حسن إراداته للأمور. وقوى أيضًا في أنه لا يهتز أمام أي تهديد أو تخويف. ينطبق عليه قول الكتاب "من أنت أيها الجبل العظيم؟! أمام زربابل تصير سهلا" (زك 4: 7). تظهر قوته أيضًا في كل عمل يعمله، وكل مسئولية يحملها. هو إنسان قادر على تحمل المسئوليات، مهما بدت كبيرة أو خطيرة، ويقوم بعمله بكل جدية، وبكل أمانة ودقة والتزام، ويأتى بالنتائج المرجوة في انجاز سليم. وهو أيضًا حازم، ولا يتردد. ومهما حدثت من عوائق، ولا يلق ولا يضطرب ولا يخاف.. بل يقف كالجبل الراسخ، واثقًا بأن كل مشكلة لها حل. وواثقا بالله يعمل معه ويعمل به.. له تأثير المجتمع الذي يعيش فيه، ربما يمتد إلى أجيال. إن الروحيين الأقوياء لا يتأثرون باخطاء البيئة التي يعيشون فيها "ولا يشاكلون أهل هذا الدهر" (رو 12: 2). بل لهم القدرة التأثير في المجتمع، في فكره. واتجاهه وروحياته، كما فعل الآباء الأول، حتى ليقال: عصر أثناسيوس، عصر أنطونيوس.. يؤثرون بقدوتهم، أو بكتاباتهم التي يمتد تأثيرها إلى أجيال وأجيال.. ننتقل إلى نقطة أخرى وهى: *القوة في الكلمة والخدمة والكرازة: الإنسان الروحي، كل كلمة تخرج منى فمه تكون قوية وفعالة، ولا ترجع فارغة، بل تعمل عمل الرب (أش 55: 11). كلماته قوية في تأثيرها على الآخرين، وخدمته ملتهبة ومثمرة. بولس الرسول، وهو أسير في سلاسل أمام فيلكس الوالى، حينما تحدث عن البر والدينونة والتعفف، ارتعب فيلكس (أع 24: 25). ولما تحدث أمام أغريباس "بقليل تقنعنى أن أصير مسيحيا" (أع 26: 28). ويعوزنا الوقت أن تحدثنا عن خدمة القديس بولس فو قوتها وانتشارها. وكذلك قوة الخدمة في ايام الآباء الرسل.. في قوة خدمة الآباء، وقفت المسيحية العزلاء أمام الإمبراطورية الرومانية بكل سلطتها وقسوتها. وأمام اليهود بكل دسائسهم ومؤامرتهم. ووقفت أمام فلسفات العصر. وبعظة واحدة من القديس بطرس إنضم إلى الإيمان ثلاثة آلاف، نالوا نعمة العماد في نفس اليوم (أع 2: 41). وإنها قوة الروح القدس العاملة في الكلمة. وبقوة (كو1: 29). إنه قوى في شهادته للرب، يقول مع داود النبي "تكلمت بشهاداتك قدام الملوك ولم أخز" (مز 119). |
||||
17 - 01 - 2014, 05:29 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أنواع الضعف: أسبابها وعلاجها تحدثنا كثيرا عن القوة، وعن أن الإنسان الروحي ينبغى أن يتصف بالقوة.. ومع ذلك لا ننكر أن هناك ضعفات. حتى أن بعض الروحيين على الرغم من قوتهم العامة توجد في حياتهم ضعفات.. راينا هذا في حياة إيليا النبى العظيم (1مل 19)، وفى حياة داود النبي والملك (1صم 25)، (2صم 11). وأيضًا رأينا هذا الضعف في حياة شمشون الجبار (قض 16)، وفي حياة سليمان الحكيم (1مل 11)، وفي حياة بطرس الرسول (مت 26)، (غل 2: 11).. وغير هؤلاء كثيرون. ما هي إذن أنواع الضعف؟ وكيف نتخلص منه؟ وما هي نظرتنا إلى الضعفاء، وما أسلوب معاملتنا لهم؟ أنواع من الضعف موقفنا من الضعفاء معالجة الضعف |
||||
17 - 01 - 2014, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الإنسان الروحي - البابا شنوده الثالث
أنواع من الضعف 1- قد يوجد عند إنسان ضعف، لا ذنب له فيه. مثال ذلك ضعف وصل إليه عن طريق الوراثة، سواء في جسده، أو في قواه العقلية. ولد بصحة ضعيفة، أو في مستوى اجتماعي ضعيف، أو شاء الله له هذا، كما قال عن المولود أعمى "لا هذا أخطأ ولا أبواه، ولكن لتظهر أعمال الله فيه" (يو 9: 3). ضعف الجسد قد يقاسى الإنسان الروحي منه أيضًا. وعن ذلك قال الرب لتلاميذ في بستان جثسيمانى "أما الروح فنشيط. وأما الجسد فضعيف" (مت 26: 41). وقد يقف ضعف الجسد عائقًا أمام بعض الممارسات الروحية. وعلى الإنسان الروحي ألا يتضايق من هذا، إنما يعمل ما يستطيعه على قدر ما يحتمل جسده. المهم أن تكون روحه قوية وصالحة.. 2- وقد يوجد إنسان أعصابه ضعيفة: وهو من هذه الناحية ضعيف احتمال، يثور ويغضب بسرعة، ويحتاج إلى إنسان قوى ليحتمله.. كما قال الرسول "يجب علينا نحن الأقوياء أن نحتمل ضعفات الضعفاء" (رو 15: 1). وإذن الإنسان القوى هو الذي يستطيع أن يحتمل. أما الغضوب الذي يخطئ إلى غيره في غضبه، فهو الضعيف.. على أن هذا الغضوب يلزمه أن يعالج الضعف الذي فيه فيه، أعنى الغضب. وذلك بأن يبعد عن أسباب الغضب، وعن المجاملات التي تجعله يقع في النرفزة يمارس تداريب روحية في البعد عن الغضب،يقوى أعصابه من الناحية الجسدية. يتأنى في تصرفاته وفي ثورته، ويفكر في النتائج السيئة للغضب، قبل أن يغضب. يقرأ كثيرا عن الودعاء والهادئين. ولا يترك نفسه إلى هذا الضعف. وليس مقبولا منه أن يقول "طبعى هكذا"! فالمفروض أن ينتصر على طبعه. 3- هناك نوع آخر من الناس ضعيف في إرادته. ضعيف في تنفيذ ما يريده من الخير، كما يقول الرسول بلسان هذا النوع "لست افعل الصالح الذي أريده، بل الشر الذي لست اريده، إياه افعل"، "حينما أريد ان أفعل الحسنى، أجد أن الشر حاضر عندي" (رو 7: 19، 21) أو قد يكون هذا الإنسان، من طبعة التردد. فإرادته لا تستطيع أن تقرر ما ينبغي أن يفعله. وإن قرر شيئا، لا يستطيع أن يثبت، تراوده أفكار أخرى. على أن هناك تداريب كثيرة لتقوية أفراده. ومنها أن يستشير أبا روحيا موثوقا به، وينفذ ولا يبطئ. ومنها تقوية الإرادة عن طريق الصوم، وعن طريق التغصب، وعن طريق الفهم السليم والاقتناع القوى. وإن كان خاضعا لعادة تسيطر عليه، يقاومها بكل قوته ولا يستسلم لها، لأن هذا الاستسلام يزيده ضعفا على ضعف.. 4-إنسان آخر يتعبه ضعف إيمانه: له إيمان نظري. ولكن هذا الإيمان من الناحية العملية يضعف. وإن تعرض لمشكله ينهار أمامها ويخاف. ويدل خوفه على ضعف إيمانه في الله الذي يحفظه ويحميه. وبينما الإنسان القوى لا يضعف مطلقا، ولا ينهار ولا يخاف أمام المشاكل. لقد خاف بنو إسرائيل أمام البحر الأحمر بسبب ضعف إيمانهم. اما موسى النبي فلم يخف، بل كان إيمانه قويا، وأدخل القوة في نفوس هؤلاء الضعفاء الخائفين. وقال لهم "لا تخافوا. قفوا وانظروا خلاص الرب الذي يصنعه لكم اليوم.. الرب يقاتل عنكم، وأنتم تصمتون" (خر 14: 13، 14). لذلك، حاول أن تقوى إيمانك.. إقرأ كثيرًا عن الأشخاص الذين لهم إيمان قوى.. واقرأ عن تدخل الله في مشاكل ومتاعب أولاده، وعن آياته ومعجزاته. وأن طلبت من الله طلبًا، لا يضعف إيمانك أن تأخرت استجابة صلاتك. بل ثق أن الله لابد سيعمل، ولابد سيأتي لإنقاذك ولو في الأخير من الليل. في إحدي المرات ضعف إيمان بطرس الرسول، وهو يمشي مع الرب فوق البحر لأنه نظر إلي الأمواج الشديدة، ولم ينظر إلي الرب، فخاف وصرخ. فأنقذه الرب ووبخه بقوله "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟" (مت 14: 31). وإن ضعف إيمانك، اصرخ إلي الرب مع ذلك الإنسان الذي قال: "أؤمن يا رب، فأعن عدم إيماني" (مر 9: 24). 5- نوع آخر من الضعف هو ضعف النفسية. ربما يوجد إنسان نفسيته ضعيفة، من النوع الذي يسميه الكتاب"، "صغار النفوس".. يمكن أن يقلق بسرعة ويضطرب وينهار، ويشك. إنه لا يستطيع أن يحتمل، ويحتاج باستمرار إلى من يسنده. وقد يكون كبيرا في السن، ولكن له نفسية الصغار. فما هو موقفنا من أمثال هذا النوع الضعيف؟ |
||||
|