05 - 11 - 2013, 03:38 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التأله والمتألهون
هذا النص، الذي يمثل إيمان الكنيسة الراسخ، يظهر أن الله يعطينا بالنعمة ما هو عليه بالطبيعة. إنه يجددنا من خلال الروح القدس ويعطينا ملكوته من الآن.
يضع القديس مكسيموس المعترف ذلك كما يلي: "إنه يؤلهنا بالنعمة بنفس الدرجة التي صار بها إنساناً بتدبيره". يقول القديس غريغوريوس اللاهوتي أن المسيح في العلية جعل تلاميذه شركاء في السر لكي يظهر "من جهة، أن الله نزل إلينا...ومن جهة أخري أنه ينبغي علينا ان نرتفع إليه، بالتالي توجد شركة الله مع الناس، من خلال مزج الكرامة". ثالثاً، إمكانية التأله موجودة لأن الكنيسة، جسد المسيح الإلهي والإنساني، موجودة. لقد منح الله الكنيسة كل معرفة وقوة. يكتب بولس الرسول قائلاً: "لكي يُعرف الآن عند الرؤساء والسلاطين في السماويات بواسطة الكنيسة بحكمة الله المتنوعة... له المجد في الكنيسة في المسيح يسوع إلي جميع أجيال دهر الدهور. أمين" (أف21،10:3). إن حياتنا داخل الكنيسة واشتراكنا في حياة الكنيسة الأسرارية والنسكية تمدنا بمتطلبات الوصول إلي التأله. تنقي المعمودية المقدسة الصورة الإلهية داخلنا، وتجعلنا أعضاء في جسد المسيح. من خلال الميرون نتلقى مواهب الروح القدس، ومن خلال المناولة المقدسة نشترك في التأله حيث أننا نتلقى جسد المسيح ودمه. ينبغي علينا لكي نصل للتأله من خلال المناولة المقدسة أن نختبر اولاً كل المنهج النسكي للحياة. بدون النسك والتحول الداخليين يقودنا الاشتراك في جسد ودم المسيح إلي الدينونة والحكم. إننا إذ نضع في أذهاننا شرط النسك، نستطيع أن نلتفت إلي نص القديس نيكولاس كاباسيلاس القائل: "ما هو الدليل علي الصلاح والخير أعظم من تحرير النفس من النجاسة بغسلها بالماء(المعمودية المقدسة)؛ ومنحها أن تملك في ملكوت السموات بدهنها بالميرون؛ وإعطائها جسده ودمه مأكلاً؟". ماذا يضاهي حقيقة أن البشر صاروا آلهة وابناء الله، وأن طبيعتنا تمجدت بمجد الله، وأن التراب رُفع لمثل هذا العلو من المجد بحيث مساوياً للطبيعة الإلهية في المجد والألوهية؟. إننا من خلال الأسرار المقدسة والحياة النسكية نشترك مع المسيح ونكتسب ملكوته. هذا هو التشبه بالمسيح. المسيحي الذي يحيا داخل الكنيسة لا يتشبه بالمسيح خارجياً أو اخلاقياً، ولكن أسرارياً ونسكياً. إذ يتحدث القديس مكسيموس المعترف عن التشبه بالله يقول أن هذا التشبه يحدث داخلياً، بمعني أن المسيح يولد داخلنا وأننا نولد بحسب المسيح. يولد المسيح كنتيجة للإيمان، ويصبح متجسداً في الفضائل، ويصلب من خلال الفلسفة العملية، ويقوم من خلال الثايوريا (رؤية الله) الروحية، ويتجلى في نفوس المؤمنين من خلال تحولهم، ويصعد ‘لي السموات من خلال اللاهوت السري. يعني التشبه بالمسيح العبور خلال المراحل المتتالية من حياة المسيح. علي الرغم من أنذلك هو حقاً التشبه بالمسيح، إلا أنه غير قابل للتشبه به. يشير القديس ديونيوسيوس الأريوباغي إلي "التشبه غير القابل للتشبه". الذي يعني أننا لا نستطيع ابداً الوصول لجوهر الله. إننا نشترك في قواه. هذه الأسباب الثلاثة – حقيقة أن الإنسان علي صورة الله، وأن المسيح صار إنساناً والَّه الطبيعة البشرية، وأن الكنيسة موجودة كجسد المسيح الإلهي والإنساني – تخلق إمكانية التأله أثناء فترة حياة الكنيسة. يستطيع الشخص أن يتأله، وأن يصير إنساناً بالنعمة "دون هوية الجوهر". |
||||
05 - 11 - 2013, 03:39 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التأله والمتألهون
( ز ) التأله البادئ من هذه الحياة إنني أعتقد أن تحليلنا حتي الآن أظهر أن الإنسان يتلقى "موهبة التأله" بدءاً من هذه الحياة. ما لم يصبح المرء متألهاً بدرجة كبيرة أو صغيرة بداية من الآن، فإنه لن يتمتع بملكوت السموات في الحياة الآتية. من بين النصوص العديدة التي كنت أستطيع الإشارة إليه، سوف أشير إلي نصفين مهمين للقديس غريغوريوس السينائي. في النص الأول يقول القديس غريغوريوس السينائي: "لو حدث أنك، من خلال العبور بالمراحل المختلفة للنمو الروحي، أصبحت كاملاً في الفضيلة أثناء هذه الحياة، فإنك سوف تصل لحالة معادلة من التأله في الحياة التالية". الشخص المتأله في المسيح في هذه الحياة، والذي يشترك في قوي الله سوف يزداد في التاله في الحياة الآتية، لأنه سوف يكون هناك نمواً مستمراً في التأله. يشير القديس غريغوريوس النيصي إلي ذلك كما يلي: "الاشتراك في البركات الإلهية يجعل الإنسان أكثر اتساعاً ورحابة؛ إنه يزيد من قدرة المتلقي وعظمته، بحيث لا يكف أبداً عن النمو". يُعلم القديس غريغوريوس السينائي نفس التعليم، أن المتأله لن يكف أبداً عن النمو في التقدس والتأله: "يُقال أنه في الحياة الآتية يزداد الملائكة والقديسون في مواهب النعمة ولا يخفت أبداً اشتياقهم لبركات إضافية. لا يحدث أبداً في هذا الدهر انحطاط أو انحراف من الفضيلة إلي الرذيلة". إننا نجد نفس التعليم لدي القديس يوحنا السلمي، الذي يقول أنه طالما أن الحب لا يكف أبداً، فإن الثايوريا (معاينة الله) ليس لها حدود. بالتالي "لن نكف في الثايوريا، سواء في الحياة الحاضرة أو المستقبلة، مستمرين في إضافة نور إلي نور". حيث أن الثايوريا تزداد باستمرار، يوجد نمو في التأله حتي في الدهر الآتي. علي كل حال، يبدأ تألهنا في هذه الحياة. النص الثاني من القديس غريغوريوس السينائي يقول: "لن يصير أحد واحداً مع المسيح أو عضواً في المسيح ما لم يصل في هذه الحياة إلي الاشتراك في النعمة الإلهية، وما لم يقتنِ شكل الحقيقة والمعرفة في ذاته، كما يقول الرسول". ما لم يبدأ المرء في تلقي نعمة الله في هذه الحياة، فلن يكون عضواً في المسيح. كلمات القديس غريغوريوس مميزة. إنها تعني أن من تعمل فيه نعمة الله بأية درجة – أي الشخص المتأله - يكون عضواً في المسيح، وبالتالي عضواً فعالاً في الكنيسة، التي هي جسد المسيح. يشير القديس نيكولاس كاباسيلاس في الكتاب الأول عن "حياة المسيح" إلي أننا ما لم نكتسب أعيناً، وقدرات إدراكية بوجه عام، هنا في هذه الحياة، لن نكون قادرين علي معاينة الله في الحياة الآتية. بالتأكيد، نحن لا نكتسب فقط قدرات إدراكية في هذه الحياة، ولكن أيضاً حالة من حياة الدهر الآتي. من الممكن استنتاج أن المتألهين هم أؤلئك الذين يختبرون التأله بدرجات مختلفة. التأله هو الاشتراك في النعمة الإلهية المانحة الاستنارة والمؤلهة. التأله هو معاينة الله، وهذه المعاينة هي الاتحاد بالله، التي هي لا شيء سوي ملكوت الله. إنني أعرف بالطبع أن الناس اليوم لا يحبون السماع عن التأله ومعاينة النور غير المخلوق. تبدو مثل هذه الأمور غير عملية وغير واقعية بالنسبة لهم. إنهم يتصرفون بتفسير أخلاقي للحياة المسيحية. إلا أننا لو أهملنا التعليم المختص بالتأله وتغافلنا عن غرض الإنسان، الذي هو الوصول إلي شبه الله وتحقيق التأله، فإن كل الحياة الكنسية تصير ذات طابع علماني. يقول القديس غريغوريوس بالاماس أن أياً من لا يؤمن بسر النعمة الجديدة، ولا يتقدم نحو رجاء التأله، لن يستطيع أن يجد التحرر من أهواء محبة اللذة، ومحبة المال، ومحبة المديح. ولو حدث أن تصرف بطريقة تحقق له أي شيء، فإنه يفتخر وبالتالي يقع ثانية في نفس الأهواء. إنه يكتب قائلاً: "لو أنه يوجد من لا يؤمن بالسر العظيم الذي للنعمة الجديدة أو التطلع لرجاء التأله، فإنه سوف يكون أيضاً غير قادر علي احتقار اللذة الجسدية، والمال، والمقتنيات، والمجد الذي يأتي من الآخرين. ولو حدث أن احتقرها لوقت قصير، فإنه ينحدر ثانية في مجال الأهواء الدنسة بكليته". |
||||
05 - 11 - 2013, 03:39 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: التأله والمتألهون
إنه يكتب أيضاً أن من يتطلع إلي الكمال غير المنتهي، حتي لو فعل شيئاً، فإنه لن يظن أنه حقق أي شيء وسوف يتواضع.
ينبغي إذاً أن يكون رجاء التأله هو غرضنا الرئيسي. عندئذ سوف نكون قادرين علي أن نجد التحرر والخلاص من الأهواء الكاملة. ينبغي علينا أن نجاهد بشدة لكي نتغير عن شكلنا ونختبر المراحل المتتالية لحياة المسيح، لأن الخلاص "يمكن أن يحدث فقط مع تأله الحاصل علي الخلاص"، كما يقول القديس ديونيسيوس الأريوباغي. لا يمكن لأحد أن يؤكد علي أن الوصول للتأله هو أمر مستحيل. يقول القديس غريغوريوس بالاماس: "جوهر الله موجود في كل مكان"، وبالمثل "التأله موجود في كل مكان"، طالما أنه قوة طبيعية لهذا الجوهر، وأنه يبقي غير منفصل عنه بطريقة لا يمكن التعبير عنها. تكون النار غير مرئية لو لم توجد مادة لتحرقها وما لم توجد أعضاء حسية لنستقبل لمعانها، "وبنفس الطريقة، يكون التأله غير مرئي لو لم توجد مادة لتتلقي الظهور الإلهي". إلا أننا عندما نظهر طبيعتنا، فإن هذه الطبيعة المتطهرة "تعاين نوراً روحياً، أو بالأحرى، تجعلنا نوراً روحياً". لا يستطيع أي أحد أن يدعي أنه لا يستطيع أن يصل للتأله، لأن كل الكائنات البشرية كانت قد خُلقَت لكي تصل إلي التشبه بالله. بالتالي، لا يُحرم أي أحد من هذه البركة. يكفينا أن نريدها وأن نجاهد لكي نصل لهذه الغاية. يقول القديس [(65, 105, 225)]يوحنا السلميأنه ينبغي علينا أن نستعمل كل الوسائل لكي نصل للتأله لأن الباب مفتوح ولا يستطيع أي أحد أن يدعي أنه لا يستطيع الدخول. "ينبغي علي الإنسان أن يستعمل كل الوسائل الممكنة لكي نرفع التراب إلي عرش الله ولكي نثبته هناك. بالتالي، لا يتعللن أحد لكي يتجنب الصعود، لأن الطريق والباب قد فُتحا". إنه أمر رئيسي أن نتحدث عن التأله. نحتاج لأن نتشجع لكي نصبح متألهين. حتي وجود أولئك المتالهين اليوم يجعل هذا التعليم ضرورياً. إننا لم نُخلق من أجل هدف عابر، ولكن لكي نصبح آلهة بحسب النعمة. أود أن أختم بعظة القديس غريغوريوس اللاهوتي: "لقد أوضحت لك ألقاب الابن. فلنسلك بحسبها: اقترب من أولئك النبلاء بطريقة إلهية؛ إلي أولئك المنتمين للجسد بمشاعر أخوية. أو بالأحرى، فلتمضِ خلالها جميعها بطريقة إلهية، بحيث تصبح إلهاً، صاعداً من أسفل، علي حساب ذاك الذي نزل من علوه لأجلنا. فلتحفظ ذلك فوق كل شيء، ولن تخطئ، لا في الأسماء الأكثر نبلاً ولا الأكثر وضاعة. يسوع المسيح هو هو أمس واليوم في الجسد، وفي الروح القدس إلي أبد الآبدين. آمين". مجداً للثالوث القدوس _____________________________________ المصدر (كتاب علم الطب الروحي - تفعيل الطب النفسي الأرثوذكسي- إيروثيئوس مطران نافباكتوس- ترجمة د/ نيفين سعد) من صفحة 367 إلي 384 |
||||
|
قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً |
الموضوع |
التأله |
كن إنساناً أولاً قبل طلب التأله |
التأله _ أنتوني كونياريس |
الجسد بين التأله والبغضة |
متى يبدأ التأله ؟ |