رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
المزمور الخامس عشر ضيوف الله همسات الروح- تأمل في سفر المزامير المزمور الخامس عشر المؤمن في ضيافة الله يُعتبر هذا المزمور تسبحة تكشف عن سمات المؤمن الحقيقي الذي يسَرُّ الرب أن يقيم عنده ويكون في خدمته. يتلوا الحجّاج القادمون إلى أورشليم هذا المزمور وينشدون آياته العذبة عند الوصول إلى باب الهيكل. ونجد فيه تطبيقاً عملياً للوصايا العشر محفورة هذه المرة، لا على ألواح حجرية كما في سيناء، بل في قلوب أبناء الله الصديقين الوافدين إلى مدينة صهيون ليقفوا بخشوع في هيكل الله وليسجدوا أمامه في حضرته ومقر سكناه. يبدو من المناسب جداً وجود هذا المزمور عقب المزمور السابق (الرابع عشر) مباشرة، فبعد أن تنهد النبي وزفر من عالم فاسد يكاد يزهق أنفاسه، ها هوذا يقترب ويكشف عن خصال الإنسان التقي والنفس المستقيمة التي تنعم بالسكني مع الله. وكما تطلع الرب إلى الأرض في المزمور السابق فلم يجد سوى فساداً ومفسدين، نجده في هنا يستقبل في هيكل بيته جماعة الأبرار الذين وضعوا الرب أمام عيونهم وراحوا يفتشون عنه بكل قلوبهم، وخرجوا من ديارهم وموضع راحتهم يقصدون ديار الرب على جبل صهيون في هيكل قدسه، فهداهم إليه وصاروا عنده ضيوفاً يرتقون سلالم المجد. يعتقد الكثير من المفسرين أن هذا المزمور مع المزمور الرابع والعشرين قد أُلهم بهما داود النبي أثناء إصعاد تابوت العهد إلى مدينة أورشليم. حيث كان داود قد أخفق في نقل تابوت العهد إلى أورشليم في المرة الأولى إذ لم يعهد بذلك إلى اللاويين حسب الشريعة، أما في المحاولة الثانية، فقد حرص ليس فقط أن يُسند العمل إلى اللاويين الذين عينهم الرب لحمل التابوت وخدمته وخدمته (1 أخبار الأيام 15: 2)" ثم قال داود لا يحمل تابوت الرب غير اللاويين لأن الرب اختارهم ليحملوه ويخدموه" ، بل ورتب أن يكون التابوت في عُهدة الرجل الذي بارك الرب بيته عندما أقام التابوت عنده، فكان عوبيد آدوم وبنوه الكثيرون يخدمون في بيت الرب (راجع 1 أخبار الأيام 26) ويتحدث عن" البوابون المختارون لحراسة بيت الرب" وفرقهم. ربما يعبر المزمور عن أعماق داود وهو في المنفى في مرحلة فرار من قصره، حيث كان يشعر بالحرمان من العبادة في بيت الرب، وللمزمور صلة بالفصل الثالث والثلاثين من سفر إشعياء النبي الذي يتحدث عن الرجاء في الرب والغد المجيد الذي ستعيشه أورشليم معه. هكذا صار هذا المزمور جزءاً من مزامير الاحتفال عند باب الهيكل، بيت الله الذي لا يمكن دخوله إلا في أوقات معينة وبشروط خاصة، والمزمور يقدم جواباً عن هذه الشروط. فهو يحوي النص الذي يجب أن يُتلى عند الدخول للعبادة. وقد كان يتحتم على الزائر الحاج إلى هيكل المقدس بأورشليم، أن يستأذن الكاهن حارس البيت متى رغب في الدخول، فيسأل بصوت عالِ: "يارب من يسكن في مسكنك؟ أو من يحل في جبل قدسك؟" ويجيبه الكاهن المختص مقدّماً السمات المطلوبة للدخول، وهي لا تقتصر على قائمة التزامات وطقوس خارجية وإنما تتمحور حول التذكير بما يمس طهارة القلب والضمير من التزامات. في هذا المزمور يعدّد الكاهن الوصايا العشر، وهي تتعلّق في اغلبها بالقريب: ممارسة العدالة، التكلّم بقلب صادق، عدم الاغتياب؛ فالمؤمن الحقيقي لا يفعل سوءاً، ولا يُلقي لوماً على أحد، كما يمتنع عن كل ضرر بالجار والقريب.ويتابع المزمور رسم صورة الإنسان محبّ الله: فهو يحتقر السافل، يكرّم من يخاف الرب، لا يرجع عن حلفه ولو لحقه الضرر من جرّاء ذلك. وبعد أن يذكر خطايا اللسان، يتوقّف عند الخطايا المتعلّقة بالمال: المال لا نعطيه بالربا فنسرق القريب (تثية 32: 19)، والرشوة لا نقبلها من القويّ فنقتل البريء.مثل هذا البار يكون ضيفَ الله في خيمته، ويقبله الرب في مسكنه. يرى البعض أن هذا المزمور هو جزء من الليتورجية الخاصة بالاحتفال بالله "يهوه" وقد دعاه بعض الآباء ب"سلم يعقوب"، يرتقيه الإنسان التقي ليصعد إلى الله تدريجياً. وهو بالتالي أشبه بصلاة توبة ومحاسبة النفس قبل الاشتراك في العبادة. |
|