أسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك أستعجبك
مثل عامي مصري شهير، يُقال فيمن يردد أقوالاً عظيمة بينما أفعاله وسلوكياته عكس ذلك على خط مستقيم. وما أكثر من ينطبق عليهم هذا المثل في أيامنا هذه، فترى الناس تتغنى بالأخلاقيات والمًثل العليا وأحلى الكلمات، في أقوالهم ومناقشاتهم على الفيسبوك، ويرصِّعون كلامهم وصفحاتهم بأحلى الآيات الكتابية، فتترجى من خلال ذلك أن ترى عالمًا فاضلاً يكون هؤلاء سببًا فيه بحياتهم اليومية، لكن سرعان ما تُصدم من واقع أفعال وتصرفات في أماكن الدراسة والعمل أو في البيوت والتعاملات اليومية؛ فتندهش: هل من قال هو من فعل؟! وكَم من أناس نصّبوا أنفسهم قضاة للحق ثائرين له، يقرِّرون ما هو صواب ويًدْلون بدلوِهم في بئر الحق، ويعود الزمن فيكشف عكس ذلك. كان كذلك يهوذا بن يعقوب ولكنه انفضح بالدليل (تكوين 38)، وبالأسف يومًا فعل داود كذلك (2صموئيل12: 7) حتى كشف له الرب قلبه بوضوح وقاده للتوبة الحقيقية بدلاً من إدانة آخر، الأمر الذي نحتاجه اليوم جميعًا.
في الأساس، كلمة الله تعلمنا أن «كَثْرَةُ الْكَلاَمِ لاَ تَخْلُو مِنْ مَعْصِيَةٍ» (أمثال10: 19)، وليتنا نعي هذا المبدأ قبل أن نتفوَّه بكلمة. وكلمة الله، الكتاب المقدس، تمتدح وتعتبر من الأبطال من هو «كَثِيرُ الأَفْعَالِ» (2صموئيل23: 20)، وهذا ما ينتظره الرب منا أن نفعل أكثر مما نتكلم. ويكفي أن سيدنا الكريم علّمنا «إِنْ عَلِمْتُمْ هذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ» (يوحنا13: 17). فالله يريد أن الناس «يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (متى5: 16) قبل أن يسمعوا أي أقوال.
وعلينا ألا ننسى مبدأ «مِنْ فَمِكَ أَدِينُكَ» (لو19: 22) ونتحذر من الكلام الذي لا نعيشه، متذكرين أن الله يرى القلب ويحكم عليه، وأن الناس ترى الأفعال قبل الكلام. «وَأَمَّا مَنْ عَمِلَ (أولاً، ثم) وَعَلَّمَ (ما يتطابق مع سلوكه وأفعاله)، فَهذَا يُدْعَى عَظِيمًا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ (إذ سيمجد الله ويوصل للناس بركة بلا حدود)» (مت5: 19). فليتنا نكون من هذا النوع!