أمثلة من ضيقات أعادت إلى الله في الكتاب المقدس
والقصة في سفر القضاة تتكرر..
أخطأ الشعب وفعلوا الشر، وعبدوا البعليم، فباعهم الرب بيد كوشان ملك اَرام (قض 3: 8) فصرخوا إلي الرب، فأقام لهم مخلصًا فخلصهم. كان عليهم روح الرب. ودفع الرب ليده كوشان.. "وإستراحت الأرض أربعين سنة" (قض 3: 19: 11).
في كل مرة كانت تشتد عليهم الضيقة، كانوا يرجعون إلي الله، فيرجع ويخلصهم. ثم يرجعون إلي خطاياهم وإلي عبادة الأصنام، فتعود ضيقاتهم. ويصرخون إلي الرب فيرجع ويخلصهم.
ونسير مع التاريخ، فنسمع عن السبي إلي بابل وأشور..
كان أيضًا بسبب الشر وعبادة الأصنام. وبكي أولاد الله علي أنهار بابل، وعلقوا قيثاراتهم علي أشجار الصفصاف (مز 137). وفيما هم مسبيون، كانت ترن في اَذانهم عبارة "إرجعوا إلي، فأرجع إليكم". وظهر في السبي قديسون مثل دانيال النبي، والثلاثة فتية، وحزقيال النبي. وظهر رجال إيمان لهم غيرة مقدسة مثل نحميا وعزرا وزر بابل..
ورجع الرب عن حمو غضبه، ورد سبي شعبه..
وكيف رجع الرب إليهم؟ ورجع بدموع نحميا وعزرا..
لما سمع نحميا أن سور أورشليم منهدم، وأبوابها محروقة بالنار، إلتهب قلبه، وقال "جلست وبكيت، ونحت أيامًا وصليت.. وقلت أيها الرب.. أنا وبيت ابي قد أخطانا، وقد أفسدنا أمامك.. يا سيد، لتكن أذنك مصغية إلي صلاة عبدك.." (نح 1: 3 - 11).
ورجع الرب. وأعطي نعمة لنحميا في عيني كورش ملك فارس. واستطاع أن يبني أسوار أورشليم.
وعزرا: بكي بسبب أخطاء الشعب، ومزق ثيابه..
وفي وقت المساء، قام من تذلله، وجثا علي ركبتيه في ثيابه الممزقة، وبسط يديه إلي الرب وقال:
اللهم إني أخجل وأخزي من أن أرفع يا إلهي مجهي نحوك. لأن ذنوبنا قد كثرت فوق رؤوسنا، واَثامنا تعاظمت إلي السماء.. قد جازيتنا يا إلهنا أقل من اَثامنا، وأعطيتنا نجاة كهذه. وأفنعود ونتعدي وصاياك..؟!.. أيها الرب.. أنت بار، لأننا بقينا ناجين إلي هذا اليوم" (عز 9: 3 - 15).
وصار عزرا وصام الشعب معه (عز8: 21). وبكي، وأبكي الشعب معه بكاء عظيمًا (عز 10: 1).وسمع الرب وعاد إلي شعبه.
واستطاع عزرا بصومه وصلاته وبكائه، أن يرجع الشعب كله إلي الله، ويرجع الله إلي الشعب.
في القصص السابقة، خطية الشعب كله أغضبت الله، فتخلي عنهم. وصلاة وبكاء إنسان واحد، أرجعت الله إلي شعبه..
وقد تكون خطية إنسان واحد هي سبب الضيقة كلها، مثل خطية عخان بن كرمي (يش 7). ومثل هروب يونان من الله (يو 1).
إذن إرجع إلي الله، ليس من أجل نفسك فقط، إنما أيضًا من أجل كل المحيطين بك..
وفي كل تعب يحيط بك وبهم، فكر أن ترجع إلي الله..
لا تفكر في الأناس المتعبين المحيطين بك، إنما فكر في نفسك أنت، في علاقتك بالله، في رجوعك إليه..
وثق أن أقسي الأعداء وأشدهم بطشاَ، لا يحتملون عينًا طاهرة، مبللة بالدموع، مرتفعة إلي الله.. ولا يحتملون قلبًا نقيًا يتكلم مع الله، ولا أيادي طاهرة مبسوطة أمامه..
إن علاقتنا مع الناس، مجرد علاقات جانية سطحية..
المهم كله هو في علاقتنا مع الله. أما علاقاتنا مع الناس، فهي مجرد نتيجة لعلاقتنا مع الله.. تتغير، بتغير العلاقة معه..
أيوب الصديق أخذ السبئيون بقره وأتنه، وأخذ الكلدانيون جماله (أي 1: 14 - 17) فلم يقل أنهم أخذوها، إنما قال "الرب أخذ" (أي 1: 21). إرجع إذن إلي الله، فيرد لك كل شيء..
إن رجعت إلي الله، لا يقوي عليك الشر، ولا الأشرار.
ليس فقط لا يقوي عليك أعداؤك الذين يتهللون إن أنت سقطت (مز 12). وإنما حتى الشياطين لا يقدرون عليك، مهما أحاطوا بك مثل النحل حول الشهد والتهبوا كنار في شوك (مز 117). فكما قال داود "مرارًا كثيرة حاربوني منذ صباي.. مرارًا كثيرة قاتلوني منذ شبابي.. وإنهم لم يقدروا علي" (مز 129).
ولا خطية ولا شهوة، تقدر عليك..
لأن الرب معك. يعطيك القوة والمعونة، ويقودك في موكب نصرته (2 كو 2: 14). أما إن تخلت عنك النعمة، فإن أقل فكر بقدر عليك، وتضعف مقاومتك. حينئذ تسمع قول الرب في أذنيك "إرجعوا إلي، أرجع إليكم "لذلك ارفع قلبك إلي الله، وإرجع إليه، لترجع إليك القوة.
ما معني عبارة "أرجع إليكم"؟
معناها: أرجع إليكم بكل قوتي ومعونتي. وأرجع إليكم بكل حبي. ونعود كما كنا. كأن خطاياكم لم تكن "لا أعود أذكرها بعد" (أر 31: 34).
وبإختصار:
أرجع إليكم أي أصطلح معكم..