وبناء على ذلك، فلغة الإنجيل هيَّ لغة حوار بين طرفين، أي بين شخصين، الطرف الأول أو الشخص الأول هوَّ الله صاحب المبادرة، والطرف الثاني صاحب الاستجابة هوَّ الإنسان أي أنا على المستوى الشخصي، وكما يقول القديس تيخون من زادونسك من الناحية الاختبارية العملية: [كلما تقرأ الإنجيل فالمسيح نفسه هوَّ الذي يُكلمك. وبينما أنت تقرأ، أنت تصلي وتتحدث معه].
فأي حوار عموماً يتطلب طرفين وليس طرف واحد، أي شخصين، وحوار الله حوار مُلزم، أي يُعطي ويأخذ: فالله يعطي كلمته للإنسان، ودور الإنسان أن يتجاوب مع كلمة الله المعطاة لهُ؛ ففي لغة الحوار بين الله والإنسان: الله يتكلم والإنسان يسمع أولاً ثم يُجيب، وأيضاً الإنسان يتكلم والله يسمع ويُجيب؟؟ وأي جواب يطلب الله، سوى جواب الإيمان؟ فبدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه، بل يستحيل على الإطلاق إرضاؤه (عبرانيين 11: 6)، وأي جواب يطلب الإنسان، إلا استجابة الله لصلاته، وبدون إيمان أيضاً تستحيل استجابة الصلاة مهما كانت حسب قصد الله في نظرنا.
=====
وأبسط معنى للإيمان، هوَّ التصديق، أي تصديق الله بكل بساطة مثل بساطة الأطفال، أي تصديق كلمته كما هي، تصديق مطلق بلا مناقشة أو حوار، أو تفسير أو فلسفة أو تأويل أو تحوير أو حتى تأمل من جهة فكري وتصوري الشخصي عنها، أي ينبغي قبولها وتصديقها كما هيَّ في ذاتها، أي كما قالها الرب بنفسه، فالله يتكلم والإنسان يسمع ويؤمن، أي يُصدق ويثق فيه كالأطفال، فينطق بعد سماع الكلمة قائلاً ببساطة: آمين = "حقاً هكذا يكون" أو "بالحقيقة هذا سيكون فعلاً"، وطبعاً ذلك لأن الله الحق تكلم، ومعنى الله تكلم = فعل، لأن منذ البدء مكتوب: "قال الله.. فكان كذلك" (أنظر سفر التكوين الإصحاح الأول)