منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10 - 02 - 2014, 03:30 PM   رقم المشاركة : ( 11 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

ها أنتِ جميلة يا حبيبتي، عيناك حمامتان
(نش 1: 15)
قال الرب للكنيسة, وللنفس البشرية القديسة:
ها أنت جميلة يا حبيبتي,
عيناك حمامتان (نش1: 15)
شهادة من الله:

هوذا الرب يقول في سفر النشيد للكنيسة وللنفس البشرية القديسة " ها أنت جميلة يا حبيبتي. ها أنت جميلة. عيناك حمامتان (نش1: 15).
ها أنت جميلة:


تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
St
أول ما ملاحظة هنا أن الله يشهد للنفس البشرية, وهي شهادة صادقة, عكس شهادات الناس التي قد تكون باطلة.
البعض قد يمدحونك تملقا, ورياء, ومجاملة, وكذب, وإرضاء, وتشجيعا, ولغرض, وبدافع الحب.
وقد لا يكون المديح صادقا. أما شهادة الله فصادقة.
السيد المسيح قال" مجدا من الناس لست أقبل". ولكنه لم يقبل إلا شهادة الأب. لذلك ما أجمل قول الكتاب عن يوحنا المعمدان إنه "يكون عظيما أمام الله".. فالمهم أن يكون الإنسان عظيما في نظر الله وليس في نظر الناس.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كل ما نرجوه أن يقول الله لنفس كل واحد منا في اليوم الأخير "ها أنت جميلة يا حبيبتي" أدخلي إلي فرح سيدك (مت25: 21،23).
كثيرون سيقولون له " يا رب. أليس باسمك تنبأنا، وباسمك أخرجنا شياطين, وباسمك صنعنا قوات وعجائب" فيقول لهم " اذهبوا عني يا ملاعين، لا أعرفكم". شهاداتهم عن أنفسهم لم تكن تكفي ولا تنفع. المهم إذن هو شهادة الرب الذي قال لكل ملاك من ملائكة الكنائس السبع "أنا عارف أعمالك" (رؤ2: 3).
أنظروا إلي شهادة الرب لملاك كنيسة أفسس "أنا عارف أعمالك وتعبك وصبرك.. وقد احتملت ولك صبر, وتعبت من اجل أسمي ولم تكل (رؤ2: 2, 3).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الفريسي لام المرآة التي غسلت قدمي المسيح بدموعها ومسحتها بشعر رأسها، أما الرب فقال لها "ها أنت جميلة يا حبيبتي" إيمانك قد خلصك" (لو7: 50). وقال عنها أيضا " إنها أحبت كثيرا. لذلك غفرت لها خطاياها الكثيرة" (لو7: 47). وقال الرب مثل هذه العبارة للمرآة الكنعانية التي قالت إن الكلاب تأكل من الفتات الساقط من مائدة أسيادها. قال لها " عظيم هو إيمانك" (مت15: 28).
بعد أن تكمل النفس أيام غربتها على الأرض. بعد أن تكمل أيام جهادها, يقول لها الرب " ها أنت جميلة يا حبيبتي" وبهذه العبارة نطمئن على مصيرها الأبدي.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ومقياس الجمال عند الرب, غير مقاييسه عند البشر.
العروس التي قال عنها الرب إنها جميلة, كانت سوداء. ومع ذلك " سوداء وجميلة". كإنسان أنهكه الصوم والنسك، وبدا نحيلآ ضعيفآ, تبكي أمة على ضعفة, وبينما يقول عن نفس هذا الإنسان "ها أنت جميلة يا حبيبتي".
القديسون الذين شوهتهم عذابات الاستشهاد, فقطعوا أعضائهم, وفقأوا عيونهم, يراهم الناس مشوهين, بينما يقول الله لنفس كل واحد منهم " ها أنت جميلة يا حبيبتي"
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إنسان يعترف بخطاياه, فيقول كلاما قد يظهر نفسة بشعة يشمئز منها الناس, أما الله فينظر إلي هذه النفس المنسحقة الباكية المذلولة ويقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي".
النفس التي تلطم على خدها فتحول الأخر، ويسخرونها ميلا فتمشي في الصخرة ميلين, قد يراها الناس ذليلة مسكينة مهانة. أما الله فيقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لاحظوا إن الرب كرر العبارة تأكيدا لشهادته بجمال النفس.
فقال: ها أنت جميلة يا حبيبتي، ها أنت جميلة" بينما لفظة واحدة من الله تكفي. ولكنه يجد لذة في التحدث عن جمال أبنائه.
كان أيوب مملوء بالقروح من قمة رأسة إلي أخمص قدمية. قد أصبحت رائحته كريهة عند إمراتة, وهرب منه عبيدة وإمائه. وأما الله فكان ينظر إلي هذه النفس الصبورة ويقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إن مقاييس الناس في الجمال لا تهمنا، المهم مقاييس الله.
الله ينظر لجمال النفس المتواضعة, فيقيم المسكين من التراب, والبائس من المزبلة. ليجلسه مع رؤساء شعبة. ينظر إلي أتضاع أمتة.. وقد نظر إلي القديسة الهبيلة, التي كانت تتظاهر بإهمال العبادة والكسل والتراخي أمام الراهبات فإذا نمن جميعا تقوم في منتصف الليل تصلي بحرارة عجيبة.
فكانت الراهبات يلقبنها بالهبيلة. أما الله فيقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي"
وبنفس الوضع كانت القديسة مارينا..
في نظر الناس كانت تعتبر راهبا زانيا مطرودا من الدير، بينما كانت فتاة، وكانت جميلة أمام الله الذي يعرف حقيقتها.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ونفس الوضع ينطبق على يوسف الصديق وهو كمذنب في السجن.
في نظر الناس كان مذنبا, وفي نظر فوطيفار كان مذنبا، ولكن الله العارف بحقيقة نفسه البارة, كان يقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي" إذن المهم أن نعرف حكم الله علينا لا حكم الناس..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
عيناك حمامتان:

الحمامة ترمز للروح القدس, والعينان ترمزان للرؤية.
أي إنه لك رؤية روحية, تبصرين بالروح القدس.
والحمامة عمومآ لها مكانة عجيبة في الكتاب المقدس كما سنرى:
من أجل صفات الحمامة الجميلة, لقبت العذراء بالحمامة الحسنة.
يبخر الكاهن على يمين المذبح, حيث توجد أيقونة العذراء, وهو يقول " السلام لك أيتها الحمامة الحسنة". فما هو حسنها؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الحمامة من الطيور الطاهرة التي دخلت إلي الفلك, وهي التي هنأت أهل الفلك بانحسار الماء على الأرض، ورجوع الخضرة..
وحملت في فمها غصن الزيتون, رمز إلي السلام..
فكأن العذراء بهذا الرمز كانت تمثل السلام الأتي على الأرض, وزوال غضب الطوفان ورجوع الحياة إلي العلم.. وهكذا كانت العذراء بشيرًا بالخلاص الذي يتمتع به العلم..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
"عيناك حمامتان" كل عين منها بشرى طيبة, تبشر بالسلام، تبشر بالخلاص, تحمل غصن زيتون لكل أحد, إنها النفس المسالمة.
إنسان خاطئ, كاد أن يحطمه اليأس, يأتي إلي أحد الآباء الروحيين, يشرح له يأسه, فيطيب هذا الأب خاطرة, ويفتح له نافذة من رجاء, ويحدثه عن محبة الله وغفرانه فينظر هذا الخاطئ إلي الأب الحنون, ويقول له " عيناك حمامتان".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الحمامة أيضا ترمز إلي البساطة" كونوا بسطاء كالحمام"..
العين البسيطة – التي كالحمامة – تمثل البراءة, ولهذا يقول السيد المسيح " إن كانت عيناك بسيطة, فجسدك كله يكون نيرا" (مت 6: 22).
عندما خلق الله النفس البشرية قال لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي"
كانت طاهرة لا تعرف شرا ولا خبثا, ولا تنظر بشهوة, بل تنظر إلي كل شيء في براءة," كل شيء طاهر للطاهرين" (تي1: 15).
أما الأن فقد فسدت العين, وأصبحت تنظر نظرات أخرى, فقدت بساطتها وبرائتها, وفقدت مشابهتها للحمامة.. هناك عيون كلها مكر ورغبة, وحسد وغيرة, وغضب, وشهوة.
هناك إنسان عينة كالصقر, مخيفة لا وداعة فيها.. أما هذه فقال لها " عيناك حمامتان".
أي تمثلان اللطف والوداعة والطيبة والود.. تمثلان النفس الجميلة الهادئة البسيطة الروحية الحرة.. محال أن يكون أحد فيكم رأى حمامة عابسة متجهمة!
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الحمام أيضا يهدل دائما، فيرمز إلي حياة التسبيح الدائمة, حتى كنا نشبهه مساكن الرهبان الدائمي الصلاة بأبراج الحمام.
لذلك فرح داوود وقال إن " الحمامة وجدت لها عشا, مذابحك أيها الرب إله القوات".. والحمام أيضا كان يسكن المغارات وشقوق الجبال, فهو بهذا يرمز إلي حياة الوحدة والعبادة, ولهذا قال داوود النبي: " ليت لي جناحا كالحمامة فأطير وأستريح.. وأبعد هاربا وأسكن البرية". فالحمام يرمز للوحدة والعبادة.
والله ينظر إلي كل حمامة في مغارتها وجحرها ويقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
والعجيبة إن الحمامة ترمز إلي الجماعة الناجحة كما ترمز إلي حياة الوحدة.
ونجاح الحمامة في حياة المجتمع, ترمز إليه أسراب الحمام
أسراب الحمام التي تطير متآلفة, متضامنة, في اتجاه واحد. ينظر الله إلي الكنيسة في أسرابها المتآلفة التي تعمل معا في محبة وتضامن وإتجاة واحد, ويقول لها " ها أنت جميلة يا حبيبتي". نقول هذا لئلا يظن أحد أن الحمامة ترمز للمتوحدين فقط..
بل إن الرب قال عن الكنيسة أيضا عبارة جميلة في المزامير وهي " كأجنحة حمامة مغشاة بالفضة, ومنكباها بصفرة الذهب. "
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الحمامة أيضا ترمز إلي المحرقة وإلي الذبيحة.
كان الفقير يقدم فرخي حمام, أحدهما محرقة لإرضاء قلب الله, والثاني ذبيحة خطية يمثل المغفرة. وكان الرب ينظر إلي هاتين الذبيحتين ويقول للنفس " عيناك حمامتان".
لذلك فان الرب عندما طهر الهيكل, لم يقلب أقفاص الحمام مثلما قلب موائد الصيارفة, وإنما قال " ارفعوا هذه من هنا" (يو 2: 16). ليس فقط من أجل عملية البيع في الهيكل.. وإنما أيضا تقديرا للحمام كرمز..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كملخص لما قلناه: يرمز الحمام للبساطة، وللسلام، وللوداعة، وللتسبيح، والذبيحة، والوحدة, والود في حياة المجتمع, كما يرمز للروح القدس الذي حل كحمامة وقت العماد.
لذلك هناك أشخاص لا يأكلون الحمام أبدآ نظرا لرموزة وصفاتة, لذلك لم يكن غريبا في ظهور العذراء في كنيسة الزيتون أن يبصر الناس الحمام يطير بالليل، رمزا للحمامة الحسنة (السيدة العذراء).
وعندما يقول الله للنفس البشرية " عيناك حمامتان "، إنما يقصد كل هذه الصفات معا, وربما غيرها أيضا.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:33 PM   رقم المشاركة : ( 12 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

شفتاك يا عروس تقطران شهدًا
(نش 4: 11)
قال الرب للكنيسة، وللنفس البشرية القديسة:
شفتاكِ يا عروس تقطران شهدًا (نش 4: 11)
كثير من الناس، تكمن متاعبهم في ألسنتهم، لذلك يفضلون الصمت:
يجعلون أمامهم قول الحكيم "كثرة الكلام لا تخلو من معصية" (أم 10: 19)، و قول يعقوب الرسول "اللسان نار، عالم الإثم.. هو شر لا يضبط، مملوء سمًا مميتًا.. يدنس الجسم كله" (يع 3).
ويحب هؤلاء قول القديس أرسانيوس "كثيرًا ما تكلمت فندمت، و أما عن سكوتى فما ندمت قط". لذلك يرون الصمت أفضل..
حقًا إن الصمت أفضل من الكلام الردىء، وحقًا إن اللسان غير المنضبط هو سم مميت. و لكن هناك كلام طيب..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ليس كل صمت فضيلة، فأحيانًا نُدان على صمتنا.
وليس كل كلام خطيئة. فهناك نفس تتكلم، فيقول لها الرب: "شفتاك يا عروس تقطران شهدًا". قال الرب أيضًا:
"بكلامك تتبرر، وبكلامك تُدان" (مت 12: 37). إذن يمكن أن تتبرر بالكلام.
ولذلك قال الكتاب "شفتا الصديق ينبوع حياة" "شفتا الصديق تهديان كثيرين" (أم 10: 2). هناك إذن شفاه مقدسة، تخرج منها كلمة حياة، وكلمة منفعة..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كان المسيح يتكلم، والناس يبهتون من كلامه (مت 7: 38)، ويقولون "ما سمعنا أحدًا تكلم مثل هذا".. كان كلامه روحًا وحياة (يو 6: 63 ).
وقد قدم لنا مثالًا للكلام، إذ كانت شفتاه تقطران شهدًا. لذلك لا نعجب إن رأينا مريم أخت مرثا، تحرص أن تجلس عند قدميه، لكي تسمع وتتأمل (لو 10: 39). كانت كل كلمة تخرج من فمه، تدخل إلى قلبها، وتحرك مشاعرها وتبنيها، وتشبعها..
وقد قال داود عن كلام الرب، إنه "أحلى من العسل وقطر الشهاد" (مز 19: 10).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
القديس يوحنا ذهبى الفم، منحته الكنيسة هذا اللقب، إذ كانت كلماته كالدر والجوهر، كانت شفتاه تقطران شهدًا.
القديس أثناسيوس قيل عنه "إن سمعت كلمة لأثناسيوس، و لم تجد ورقًا تكتبها عليه، فاكتبها على قميصك".. وما أجمل اللقب الذي أعطى للقديس غريغوريوس، إنه ناطق الإلهيات".
فما هى إذن صفات الكلام، الذي تقطر به الشفاه شهدًا؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ألوان من شهد الكلام:

قال سليمان الحكيم: "الكلام الطيب شهد عسل، حلو للنفس" (أم 16: 24).
فما هو هذا الكلام الطيب الذي يقصده؟
إنه الكلمة الرقيقة العطوفة، التي تفيض حبًا وعطفًا وحنانًا، ككلمات السيد المسيح للمرأة التي ضبطت في ذات الفعل..
وقفت المرأة أمامه ذليلة محطمة، يجرها أناس قساة، أشبعوها إهانة وتحقيرًا وتشهيرًا، و هى تنتظر مصيرها من شفتيه.. فإذا بالمسيح الكلى الطهر، يصرف الرجال الذين أدانوها وأذلوها، ثم يقول لها " وأنا أيضًا لا أدينك، إذهبى ولا تخطىء أيضًا" (يو 8: 11).
لم يخجلها، لم يوبخها، لم يجرحها، لم يحكم عليها، إنما بكل عطف نشلها من الوحل ومن العار، وصرفها بسلام، وهى متعجبة من هاتين الشفتين اللتين تقطران شهدًا..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
بأسلوب رقيق، شبيه بهذا، تحدث السيد مع المرأة السامرية.
حدثها – وهى خاطئة – عن الماء الحى، وعن السجود بالروح والحق، وبلطف زائد اقتادها إلى الإعتراف، دون أن يريق ماء وجهها. فتركت جرتها، ونادت المدينة: تعالوا أنظروا، إنسانًا قال لي كل ما فعلت.. (يو 4: 39) دون أن يجرحنى بكلمة وبنفس الرقة تحدث عن المدينة التي أغلقت أبوابها في وجهه.
قال التلميذان اللذان معه "أتشاء يا رب أن تنزل نارًا من السماء فتحرق هذه المدينة؟ " فأجابهما: "لستما تعلمان من أي روح أنتما؟! لأن ابن الإنسان لم يأت ليهلك أنفس الناس بل ليخلص " (لو 9: 55، 56).
أنا قد جئت لأرفع القلوب المنكسرة، أقوم الركب المخلعة، وأشدد الأيدى المسترخية، جئت لأنادى لليائس بالرجاء، وللخاطىء بالتوبة.
لا دينونة في فمى. إنما في فمى كلمة حب، وكلمة خلاص.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هناك أشخاص كلامهم كرجم الحجارة، قسوة وعنف، وفيه أتهام ونقد وتجريح، ولكنه لا يبنى إنما تبنى الكلمة الحلوة. الشفتان اللتان تقطران شهدًا، تكسبان حب الناس، وبالحب تبنيهم.
وهذا الشهد في نوع الكلام، ولهجة الكلام وروحه وأسلوبه.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ومن أنواع هذه الكلمات التي تقطر شهدًا، كلمة المنفعة:
عظة الرب على الجبل، في تقديمها أسمى تعاليم سمعتها البشرية. وكلمات آباء البرية التي كان الناس يأتون في طلبها من أقاصى الأرض ليسمعوا كلمة منفعة. من أجلها قصد البابا ثاوفيلس القديس أرسانيوس والقديس بفنوتيوس. وبها كُتب بستان الرهبان. ومن أمثلتها أيضًا أقوال الآباء التي جمعها العلماء في مجموعات الباترولوجيا، ومنها أيضًا أقوال المرشدين الروحيين النافعة لهداية النفس.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ومن الكلمات التي تقطر شهدًا، كلمات البركة:
مثل البركة التي بارك بها الرب نوحًا (تك 9) وإبراهيم (تك 12)، و البركات التي وردت في سفر التثنية (ص 28)، و مثل بركة إسحق ليعقوب (تك 27)، وبركة يعقوب لأفرايم ومنسى (تك 48)، ومثل البركة التي تمنحها الكنيسة لأبنائها في كل قداس، في نهاية كل أجتماع.
لذلك أمرنا الكتاب قائلًا: "باركوا ولا تلعنوا" (رو 12: 14)، باركوا كل أحد، حتى أعدائكم "باركوا لاعنيكم" (مت 5: 44).. كل شخص يقابلك، قل له كلمة بركة، كلمة دعاء، تفرح قلبه، و تشعره بمحبتك، فتهتف الملائكة قائلة لنفسك: "شفتاك يا عروس تقطران شهدًا"..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
والشفاه التي تقطر شهدًا تنطق بكلام مريح فيه طمأنينة وتعزية.
مثل كلمة الطبيب التي تريح المريض، و تدخل الرجاء إلى قلبه.. وكلمة أب الاعتراف الذي يقدم حلًا لمشكلة، ويريح قلب خاطىء يائس، ويعطيه حلًا من خطاياه.. ومن أمثلتها ما طلبه قائد المئة من السيد المسيح "قل كلمة فقط.. فيبرأ غلامى" (مت 8: 8) ومثل كلمات التعزية المريحة تسمعها فتقول "شفتاك يا عروس تقطران شهدًا".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
شفتا أصحاب المواهب، هى أيضًا تقطران شهدًا..
أولئك الذين أعطاهم الرب قوات وعجائب، وائتمنهم على عطاياه.. يأتى الشخص إلى واحد من هؤلاء القديسين، ويسأله قائلًا: قل إننى سأنجح، قل إن الله سيعطينى ابنًا.. قل إن مشكلتى ستحل.. فإن قال تمتلأ النفس فرحًا بالرجاء، متيقنة أنها ستأخذ.. إنها كلمات تسعد سامعها، من شفاه تقطر شهدًا..
حنة-و هى صائمة – تصلى في الهيكل بحرارة وانسكاب ودموع، تطلب نسلًا.. فظنها عالى الكاهن سكرى، وكلمها كلامًا قاسيًا، فلما شرحت له حالها، دعا لها أن يعطيها الله سؤل قلبها..
فمضت من عنده فرحة.. لقد أسعدتها الكلمة الطيبة، كلمة الدعاء من الكاهن العظيم، الذي عادت شفتاه تقطران شهدًا..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الكلمة التي تقطر شهدًا، كلمة باقية خالدة. لا تنسى..
تمتد جذورها في أعماق القلب، وفي أعماق النفس من الداخل، يسترجعها الإنسان بين الحين والآخر، لا ينساها. إنها تعمر قلبه، وترسخ في ذاكرته، إنها كلمة حية، غير عادية باقية..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
من الكلمات التي تقطر شهدًا أيضًا: كلمات التشجيع والمديح.
صغار النفوس، والضعفاء، والمبتدئون، والاطفال يحتاجون إلى كلمة تشجيع، تقوى معنوياتهم، وتطمئن نفوسهم، وتدفعهم إلى قدام.. إن سمعوها من إنسان ، يقولون "شفتاك يا عروس تقطران شهدًا.. " بل صدقونى حتى الكبار أيضًا، تسرهم كلمة التشجيع وكلمة المديح، مادامت صادقة بعيدة عن الملق.. إنها تفعل في النفوس مفعول السحر، وتملأ القلب حبًا ورضى.. لذلك يقول الكتاب "شجعوا صغار النفوس. إسندوا الضعفاء.." (1 تس5: 20)
استخدموا هذا الأسلوب باستمرار، وانظروا نتيجته..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ومن الكلمات التي تقطر شهدًا، كلمات الدفاع:
تصور إنسانًا كل الناس ضده، يتكلمون عليه، ويتهمونه.. ثم يجدك واقفًا تدافع عنه.. ماذا يكون شعوره نحوك؟ تصور طفلًا يجدك واقفًا تدافع عنه.. ماذا يكون شعوره نحوك؟ تصور طفلًا توبخه أسرته، ثم تحتضنه أنت، وتقول فيه كلمة طيبة، إنه لا ينساها لك، ويقول لك:
شفتاك تقطران شهدًا..
السيد المسيح دافع عن المرأة الخاطئة التي بللت قدميه بدموعها، بينما اتهمها الفريسى. ودافع عن المرأة التي سكبت على قدميه طيبًا غالى الثمن، ولامها التلاميذ، ودافع عن العشارين، وعن السامريين، وعن الأطفال، وعن الأمم.. وفي دفاعه كانت شفتاه تقطران شهدًا..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ومن الكلمات التي تقطر شهدًا: عبارات الشكر وعبارات الاعتذار.
إن الشكر دليل على التقدير، والعرفان بالجميل، وعدم نسيان الخير. وقد قال الآباء "ليست موهبة بلا زيادة، إلا التي بلا شكر". ونحن نبدأ صلواتنا بصلاة الشكر. فإن كان هذا مع الله الذي لا يحتاج إلى شكرنا، فكم بالأولى مع الناس.
فيما تشكر، شفتاك تقطران شهدًا، وأيضًا فيما تعتذر.. لأن اعتذارك يدل على حرصك على شعور من أسأت إليه، ورغبتك في أن تطيب قلبه. ونحن بعد صلاة الشكر، نتلو المزمور الخمسين، وكله أعتذار.. ليتك تجرب الإعتذار إلى كل من أسأت إليه، وحينئذ شفتاك تقطران شهدًا، أمامه وأمام الله.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ومن الكلمات التي تقطر شهدًا، عبارات التقدير والاحترام.
تكلم مع الكل باحترام، تنل محبة الكل. يرون كلامك كالشهد. تكلم باحترام مع الكبار ومع الصغار أيضًا. وقل كلمات تقدير لكل من هو أكبر منك سنًا ومقامًا، وأكثر منك علمًا، كما توقر أباءك الروحيين والجسدانيين، وكل من يقدم خدمة لك ولغيرك. بل إن عبارة احترام تقولها لمن هو أقل منك، تستعبد بها قلبه لك.
إن الشفاه العفة الألفاظ، التي تحترم الناس، تفيض شهدًا.
هذا الاحترام والتوقير نردده لله في صلوات التسبيح والتمجيد، تسمعها الملائكة فتقول:
شفتاك يا عروس تقطران شهدًا.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ماذا أقول أيضًا عن الكلمات التي تقطر شهدًا. إن منها:
كلمات الحب التي تدل على عاطفة صادقة، وكلمات الترحيب التي تدل على فرحك بلقاء غيرك، وكلمات النزاهة والشجاعة، وكلمات الصدق في أحرج الأوقات، وكلمات الحكمة المملوءة عمقًا، وكلمات الاتضاع المملوءة حياء..
كلها تصدر من شفاه تقطر شهدًا..
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:35 PM   رقم المشاركة : ( 13 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

اسمك طيب مسكوب..
لذلك أحبتك العذارى..
اجذبني وراءك فنجري
(نش 5: 10)


إسم الرب:

من إعجاب الكنيسة بهذه العبارة تذكرها في رفع بخور عشية " طيب مسكوب هو أسمك القدوس. وفي كل مكان يقدمون بخورا لإسمك القدوس وصعيدة طاهرة".
اسم الرب له رائحة طيبة تنعش النفوس، وتنتشر في كل مكان كما ينتشر الطيب. لذلك أحبته العذاري.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
اسم الرب اسم حلو، يفرح به اولاد الله لذلك نقول له في الإبصلمودية " إسمك حلو، مبارك في أفواه قديسيك".
ويقول له داود النبي في المزمور: " محبوب هو إسمك يا رب، فهو طول النهار تلاوتي" (مز 119).
أي أنه من محبتي لاسمك، أظل أردده طوال اليوم..
تماما مثلما يحب إنسان شخصا ما، فيظل يتكلم عنه: ويردد اسمه في كل مناسبة، ويجد لذة في ترداد اسمه..

تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هذا الإسم يملأ عقله وفكره وحواسه، ولا يفارق شفتيه..
ومن حلاوة اسم الرب، نقول له " إسمك طيب مسكوب". ويقول الكتاب "اسم الرب برج حصين، يركض إليه الصديق ويتمتع" (أم 18: 10) يطلبه في كل ضيقة ويحتمي به.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
اسم الرب يرعب الشياطين، ويعطي القديسين طمأنينة..
وهكذا نري داود النبي حينما وقف أمام جليات الجبار، قال له "أنت تأتيني بسيف ورمح، وأنا أتيك باسم رب الجنود" (1 صم 17: 45) مجرد دخول اسم الرب، قادر ان يهزم جليات.. وبنفس الوضع قال بطرس للرجل المقعد علي باب الهيكل "ليس لي ذهب ولا فضة. ولكن الذي معي إياك أعطيه. باسم يسوع المسيح قم وأمش" (أع 3: 6).. وباسم الرب قام ومشي، كما باسمه انتصر داود علي جليات.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ونحن لذلك نستخدم اسم الرب في كل اعمالنا وحياتنا:
في الأكل، في المذاكرة، في العمل، في دخولنا وخروجنا، نبدأ كل هذا باسم الله. نضع اسم الرب في كل عمل، لكي يتبارك هذا العمل باسم الرب.. وبهذا تشعر أن الله أمامك باستمرار.
اسم ربنا مخيف بالنسبة الي الخطاة لأنه " مخيف هو الوقوع في يدي الرب الحي" (عب 10: 31)، لكن بالنسبة للقديسين اسم الرب محبوب.
اسمك يا رب موسيقي في أذني، حلو في فمي.. هو في صلواتنا في عبادتنا، في قراءتنا، في حياتنا اليومية..
في قصة كبريانوس الساحر، مجرد اسم يوستينه جعل الشيطان ينحل ويمشي، فكم بالأولي إذن اسم الله وتأثيره وقوته.. !
اسمك طيب مسكوب، لذلك أحبتك العذاري.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أحبتك العذاري:

و عبارة (أحبتك العذاري) تدل علي ان الحب المذكور في سفر النشيد، هو حب إلهي وليس حبا بشريا وجنسيا.
الحب العالمي , الحب الجنسي، الحب الجسدي، تسوده الأنانية والرغبة والأمتلاك. لذلك إذا أحبت واحدة شخصا، قد تغار عليه جدا، فإن رأت فتاة أخري تحبه، تموت من الغيرة.. لكن في النشيد تقول له " أحبتك العذاري".. كلهم يحبونك.. نفرح ونبتهج بك.. " بالحق يحبونك" (نش 1: 4).
" بالحق يحبونك " أي كل الناس يحبونك. وأنا أفرح بهذا.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
حقا إن النفس التي تحب الله، تود أن يحبه الجميع.
الإنسان الروحي يريد أن كل أحد يحب الله معه..
المرأة السامرية لما تعرفت علي المسيح، ذهبت تدعو الناس " تعالوا أنظروا إنسانا قال لي كل ما فعلت" (يو 4). وملأت المدينة حديثا عنه، وأحضرت الناس إليه.. وهكذا الرسل لما أحبوا المسيح، ملأوا المدينة كرازة باسمه.
وبولس الرسول لما عرف الرب، حاول بأسفار كثيرة، وبتعب اكثر من الجميع، أن يخلص عل كل حال قوما.. (1 كو 9: 22).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
وهكذا كل العذاري اللاتي أحببن الرب، فمن هن العذاري؟
العذراء هي النفس التي أحبت الرب، وليس في قلبها اخر يشغلها اقترنت بالله وحده، وليس اخر يشغلها..
وهكذا قال بولس الرسول عن الكنيسة " خطبتكم لاقدم عذراء عفيفة للمسيح". فأصبحت كلمة (عذراء) رمزا للكنيسة. ولهذا أيضا نري أم جميع الذين ينالون الخلاص قد شبههم الرب بخمس عذاري حكيمات. (مت 25: 5).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هؤلاء الخمس العذاري رمز لجميع المختارين، رجالا ونساء, بتوليين ومتزوجين.
في الكنيسة العذراء يوجد إبراهيم وإسحق ويعقوب، المتزوجون.
كانوا متزوجين , ولكن نفوسهم كانت عذراء.. لأنها لم تعط ذاتها لاخر، لا تحب شيا إلي جوار الله.
النفس العذراء تحب الله من كل القلب ومن كل الفكر..
لا يوجد أحد الي جوار الله ينافسه في قلبها، ولا توجد في داخلها محبة أخري تتعارض مع محبة الله.
لذلك فإن كلمة (عذراء) استخدمت مجارا في الشعر أيضا، فقال أحدهم عن أمانيه التي لم تخطر بقلب أحد أخر:
أمان عذاري لم يجلن بخاطر وبعض أماني القوم شمطاء ثيب
القلوب العذراي هي التي تفرغت لمحبة لله وحده..
وقد يسأل البعض: أليس كل إنسان يحب أباه وأمه وأولاده وأصدقاءه وتلاميذ، نقول أنها محبة داخل محبة الله لا تتعارض معها لا تنافسها ولا تنقصها..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أحبتك العذاري , لأنها أشتمت من أسمك رائحة الطيب..
كذلك نري أن أرواح القديسين رائحتها طيبة، قد تصعد روح إنسان فيمتلئ المكان برائحة بخور، فيشعر الناس بأنها روح طاهرة.. كذلك صلوات القديسين تصعد كرائحة بخور إلي الرب. والمحرقات أيضا كانت رائحة سرور للرب.. كطيب مسكوب..
فإذا كانت المحرقات رائحة سرور، فكم يكون الرب نفسه..
إن العروس عندما تزف إلي عريسها يضمخونها بالعطور، كعروس مهيئة لعريسها (رؤ 21: 2)، وفي سفر أستير نسمع ان الملكة كانت تضمخ بالطيب والعطور مدة سنة كاملة قبل أن يقدموها للملك (إس 2: 12).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إن الجسد يعطر بالطيب. أما النفس فتتعطر بالفضائل.
أما اسم الله فإنه لا يتعطر، وإنما هو العطر ذاته.
لا يسكب عليه طيب، وإنما هو ذاته طيب مسكوب.
كل من يدعي عليه هذا الاسم يتعطر وتنتشر رائحته.. لذلك أحبت العذاري.. فما معني هذه العبارة؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إن الحياة الروحية بكل تفاصيلها، تتركز في عبارة " أحبتك العذاري".. والملكوت هو نفوس عذاري، تحب الله وحده..
لا يوجد في الحياة الروحية سوي الحب.. البعض يظن أن التدين هو العبادة. والبعض يظن أن الحياة الروحية هي الإيمان، وهي أعمال الرحمة، وهي نقاوة القلب. أما الكتاب فيعلمنا إن الحياة الروحية هي الحب وليس غير.. " الله محبة: من يثبت في المحبة , يثبت في الله والله فيه" (1 يو 4: 16).
إن كنت لم تحب الله، فأنت لا تعيش في الروح بعد..
إن شغلت يومك وليلك بالصلاة، وانت لا تحب الله، فصلاتك ليست شيئا. وإن ملأت الدنيا كرازة وخدمة وتعليما، وأنت لا تحب الله، فقد صرت نحاسا يطن وصنجا يرن.. (1 كو 13: 1). وإن عشت في النسك وأسلمت جسدك حتى يحترق دون ان تذوق محبة الله، فأنت لست شيئا. الله لا يريد غير الحب فقط، من نفوس العذاري..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
تقول له أحبك يا رب، وأحب العالم معك. يقول لك: نفسك ليست عذراء،لأن كل من يحب العالم ليست فيه محبة الأب (1 يو 2: 15).
أما النفس التي تحب العالم والجسد والمادة والشيطان والذات، فإنها ليست عذراء، بل مقترنة بخمسة أزواج.. ومحبة العالم تلد أولادا كثيرين من شهوات متنوعة..
أمامك اذن سؤلان: هل تحب الله؟ وهل نفسك عذراء؟
فإن لم تكن نفسك عذراء، فكيف تصير كذلك؟ تصير بقولك:
اجذبني وراءك فنجري:
أجذبني وراءك فنجري.. اجذبني فأجري، ويجري الكل معي.
سوف لا أمشي وراءك بل سأ جري، بكل قوتي، كما قال رسولك بولس " أركضوا لكي تنالوا" (1 كو 9: 24) وسوف لا أجري وحدي وإنما سأحضر معي لك ثلاثين وستين ومائة هم ثمرة حبي لك.
إنما المهم يا رب ان تجذبني وراءك، بدلا من أن يجذبني هذا التراب الذي أخذت منه، لانني من التراب وربما إلي التراب أعود.. فإجذبني، إلي محبتك وإلي خدمتك، قل لي " هلم ورائي" (مت 4: 19) كما قال لبطرسواندراوس.. ولا شك إن كلمتك ستكون لها قوة عجيبة لا يستطيع ان يقاومها قلبي..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
عندما قال الله لمتي العشار " أتبعني" (مت 9: 9) لم يكن ذلك مجرد أمر ودعوة، إنما كانت قوة جاذبية عجيبة شدته من مكان الجباية.
فقام وراءه يجري، كما جري وراءه كل التلاميذ.
كلمة الرب قوية وفعالة، ومثل سيف ذي حدين، أستطاعت أن تقطع كل الروابط التي تربطه بالعالم، فوجد نفسه قد ترك كل شيء، حتى مسئولياته في مكان الجباية.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أجذبني يا رب وراءك بنعمتك، بروحك القدوس، بقوتك، بملائكتك، بكل ما عندك من وسائط روحية..
وأنا سأجري كما جري أوغسطينوس الذي تحول من ملحد إلي أسقف قديس، ومثل كثير من الخاطئات اللائي تحولن مرة واحدة لا إلي تائبات فقط وإنما إلي قديسات..
لما جذب السيد المسيح إليه التلاميذ الأثني عشر، جروا وراءه ومعهم في أول يوم ثلاثة ألاف (أع 2: 41)، ثم بعد معجزة شفاء الأعرج صار الذين وراءهم خمسة ألاف (أع 4: 4)، ثم أنضمت للرب جماهير من رجال ونساء. ثم أنضمت إلي الإيمان مدن وقري (أع 8). وكانت عدد الكنائس تنمو وتزداد، والرب في كل يوم يضم للكنيسة الذين يخلصون (أع 2: 48)..
كانت الكنيسة الأولي تجري في طريق الملكوت، لأن الرب كان قد قال: وأنا إن أرتفعت أجذب إلي الجميع (أع 5: 14).
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:38 PM   رقم المشاركة : ( 14 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

حبيبي أبيض وأحمر
(نش 5: 10)
إنها أكثر عبارة في سفر النشيد تناسب "يسوع المصلوب".
كلمة "أبيض" تمثل النقاوة الكاملة والقدسية المطلقة التي يتصف بها هذا الفادي الذي يموت عن العالم كله. بينما كلمة "أحمر" تعبر عن دمه المسفوك على الصليب.
ولنحاول أن نتتبع كلمة (أبيض) ودلالتها.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أبيض:

تدل على مجد الرب، كما ظهر في التجلي.

تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
يقول الإنجيل عنه في قصة التجلي "وتغيرت هيئته قدامهم. وصارت ثيابه تلمع بيضاء جدًا، كالثلج، لا يقدر قصار على الأرض أن يبيض مثل ذلك" (مر 9: 2، 3).
أما في إنجيل متى فيقول "فتغيرت هيئته قدامهم. وأضاء وجهه كالشمس. وصارت ثيابه بيضاء كالنور" (مت 17: 2).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
"حبيبي أبيض". أبيض كالنور. وأبيض لأنه نور..
ويقول الكتاب إن "الله نور" (1يو 1: 5). "إن جلست في الظلمة، فالرب نور لي" (مي 7: 8). وهو نفسه قال "أنا نور العالم" (يو 8: 12). وقيل عنه في إنجيل يوحنا أنه "النور الحقيقي الذي يضئ لكل إنسان" (يو 1: 9).
لذلك فالمؤمنون به يدعون "أبناء النور" (يو 12: 36).
عبارة "حبيبي أبيض" حينما تُقال عن الله، إنما ترمز إلى طبيعته إذ هو نور، وكذلك ترمز إلى قداسته. كذلك إلى خدامه من الملائكة، وأبنائه من البشر الصالحين المفديين، والبشر من الكهنة ومن التائبين.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كذلك اللون الأبيض يرمز إلى وقار الله وإلى أزليته.
يقول دانيال النبى في إحدى الرؤى "وجلس القديم الأيام: لباسه أبيض كالثلج، وشعر رأسه كالصوف النقي، وعرشه كلهيب نار." (دا 7: 9). نلاحظ هنا ورود اللونين الأبيض والأحمر معًا، لأن النار حمراء.
ونلاحظ نفس الوصف تقريبًا في رؤيا يوحنا اللاهوتي، إذ يقول في ظهور الرب له "وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف النقي كالثلج. وعيناه كلهيب نار. ورجلاه شبه النحاس النقي، كأنهما محميتان في أتون" (رؤ 1: 14، 15).
حقًا "حبيبي أبيض وأحمر". في التجلي، على الصليب، في الرؤيا..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الملائكة أيضا يتصفون باللون الأبيض كملائكة من نور (2كو 11: 14).
قيل عن ملاك القيامة الذي دحرج الحجر "كان منظره كالبرق، ولباسه أبيض كالثلج" (مت 28: 3). وقيل عن ملاك آخر أنه كان "لابسًا حلة بيضاء" (مر 16: 5). وفي وعد الرب في سفر الرؤيا أنه قال "من يغلب، فذلك سوف يلبس ثيابًا بيضًا، ولن أمحو اسمه من سفر الحياة (رؤ 3: 5).
اللون الأبيض هو أيضًا يميز القديسين وخدمة الكهنوت:
لأنه يدل على النقاوة والقداسة. فالكهنة والشمامسة في خدمة المذبح يلبسون ملابس بيضاء. وقال الرب عن المفديين أنهم "بيضوا ثيابهم في دم الخروف". أنهم "المتسربلون بثياب بيض" الذين أتوا من الضيقة العظيمة (رؤ 7: 14، 9، 13). وقيل نفس الوصف أيضا عن الأربعة والعشرين قسيسًا حول عرش الله، أنهم كانوا "متسربلين بثياب بيض" (رؤ 4: 4).
نضم إلى كل أولئك التائبين.
الذين وعدهم الرب قائلا "إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيض كالثلج" (أش 1: 18).
هؤلاء الذين ينطبق عليهم قول المرتل في مزمور التوبة "إغسلني، فأبيض أكثر من الثلج" (مز 51: 7). التائب هو أيضًا "حبيب أبيض".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
فإن كنت تحب الله، كن أبيض مثله، بقلب أبيض..
بفكر أبيض، وألفاظ بيضاء، ومشاعر بيضاء. إن كنت بهذا الوصف الأبيض يمكنك أن تتناول من الأسرار المقدسة.
القديس موسى الأسود: لما سيم كاهنًا، ولبس ملابس الخدمة البيضاء، قالوا له "ها قد صرت أبيض كلك". فأجابهم "حبذا لو كان هذا من الداخل أيضًا".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لذلك حذر الكتاب من الإقتصار على البياض الخارجي وحده!
فالكتبة والفريسيون المراؤون شبههم الرب بقبور مبيضة تبدو من الخارج جميلة، ومن الداخل عظام نتنة (مت 23: 27).
وقد قال القديس بولس الرسول لرئيس كهنة اليهود الذي أمر بضربه مخالفًا للناموس "سيضربك الله أيها الحائط المبيض" (أع 23: 3).
تحدثنا عن كلمة (أبيض). فلنتدرج إذن إلى كلمة (أحمر).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أحمر:

حبيبي أحمر: أحمر لأنه نار، كما قيل "إلهنا نار آكلة" (عب 12: 29). كذلك قد شبّه الروح القدس بالنار، وقد حلّ على التلاميذ يوم الخمسين بألسنة كأنها من نار (أع 2: 3).
إلهنا نور، ونار. أبيض وأحمر.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
والسيد المسيح كان أبيض في وداعته، وأحمر في حزمه.
كان أبيض، وهو القدوس المولود من العذراء (لو 1: 35). وأحمر وهو الحمل المذبوح عن العالم، بثياب محمرة، قد داس بها المعصرة وحده (أش 63: 2، 3).
رآه يوحنا في أول سفر الرؤيا "رأسه وشعره أبيضان كالصوف الأبيض كالثلج، وعيناه كلهيب نار" (رؤ 1: 14). ولعل يوحنا قال في قلبه حينا رآه "حبيبي أبيض وأحمر".
أنا يا رب أتحير: كيف تجمع وداعتك المحببة إلى النفس، وبين عينيك اللتين كلهيب نار، اللتين – كما روى التقليد – قال عنهما بيلاطس البنطي في وصف يسوع الناصري "ما كان أحد يستطيع أن ينظر طويلًا إلى عينيه" من عمق هيبتهما..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
صفاتك يا رب لا تتناقض.. في رحمتك أبيض، وفي عدلك أحمر. ورحمتك وعدلك لا ينفصلان. أنت رحيم في عدلك، وعادل في رحمتك.
فيك يمتزج اللونان الأبيض والأحمر، كالخمر..
لذلك قيل أيضا في سفر النشيد أن "حبك أطيب من الخمر" (نش 1: 2). يمتزج فيه الحنو الأبيض بالحزم الأحمر، الجاذبية بالهيبة، العطف بالتأديب.. مثلما وبخ بطرس بعد القيامة، في حنو عجيب: يناديه باسمه العلماني "سمعان بن يونا"، وفي نفس الوقت يقول له "إرع غنمي" "إرع خرافي". ويسأله ثلاث مرات "أتحبني أكثر من هؤلاء؟!" حتى حزن بطرس. وفي نفس الوقت يمنحه عمل الرعاية.. (يو 21: 15 – 17).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أنت يا رب أبيض على الصليب.. أبيض في قداستك، لا تستحق الموت. وأنت أحمر في دمك المراق عنا، كحامل لخطايانا.
وهذا الفداء العظيم تظهر له صورتان: إحداهما في المعمودية في العهد الجديد، والأخرى في خيمة الاجتماع في العهد القديم.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
في المعمودية نرى المعمدّ بملابس بيضاء مع شريط أحمر (الزنّار).
فالملابس البيضاء تشير إلى الحياة الجديدة التي نالها في المعمودية (رو 6: 4) "بغسل الميلاد الثاني، وتجديد الروح القدس" (تي 3: 5). أما الشريط الأحمر (الزنار) فيشير إلى دم المسيح، الذي باستحقاقه ينال المعمد التبرير وغفران الخطايا (أع 2: 38) (أع 22: 16).
أما في خيمة الاجتماع، فكان الدم يرش على جدرانها وعلى مذابحها، دليلًا على أنه بهذا الدم الأحمر ينال مقدم الذبيحة الحياة البيضاء بالتوبة. وهو نفس معنى قول المزمور "إنضح علي بزوفاك فأطهر. واغسلني فأبيض أكثر من الثلج" (مز 51: 7).
الزوفا كانت نوعًا من العشب، يرُش به الدم الأحمر. فتصير الحياة بيضاء بالمغفرة. وهكذا يُولد الأبيض من الأحمر.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
والذي يرشه الرب بزوفاه، يقول عنه "حبيبي أبيض وأحمر".
هذا ما قصده المرنم في مزمور التوبة (مز 51). وهو نفس المعنى الذي كُتب في سفر الرؤيا "بيضوا ثيابهم في دم الخروف" (رؤ 7: 14).
هذا الدم الأحمر، جعل ثيابهم بيضاء. يغتسل الخاطئ في الدم الأحمر (أي في الفداء)، فيصير أبيض (أي نقيًا من كل خطاياه).
حياه كل إنسان فينا، هي قصة الأبيض والأحمر معا.
صار كل منا أبيض نقيًا، بواسطة الدم الأحمر الذي يطهره. كما قال القديس يوحنا الرسول في رسالته الأولى عن الله الآب "ودم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية" (1يو 1: 7).
كل تائب بيّض ثيابه في دم الخروف، ونضح الله عليه بزوفاه فصار أبيض من الثلج.. هو أبيض بالمغفرة التي نالها، وأحمر في الدم المسفوك عنه، الذي اغتسل به. يراه الرب من على الصليب ويقول "حبيبي أبيض وأحمر".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كانت الخطية في العهد القديم تُشبه أحيانًا اللون الأحمر:
وهكذا قيل في سفر اشعياء النبي "إن كانت خطاياكم كالقرمز، تبيض كالثلج. وإن كانت حمراء كالدودي، تصير كالصوف" (أش 1: 18). إذن الخطية حمراء كالقرمز الأحمر، الذي يظهر في عين الغضوب المملوءة دمًا..
ونجد أن عيسو الخاطئ خرج من بطن أمه "أحمر كله" (خر 25: 25).
لون الخطية الأحمر، حمله المسيح نيابة عنا. إذ "ألبسوه رداء قرمزيًا" (مت 27: 28) بلون الخطية القرمزي (أش 1: 18).
وإذ نراه في نقاوته البيضاء يحمل عارنا، نقول عنه "حبيبي أبيض وأحمر". لقد صار القدوس الذي بلا خطية حاملا لكل خطايانا، وغطاه بالدم الكريم الأحمر.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
وكان اللون الأحمر يرمز أحيانًا إلى ثياب الملوك.
وإذ ألبسوه في صلبه ثياب الملوك – سخرية منهم – فأنه في الحقيقة صار في صلبه ملكًا علينا. امتلكنا إذ اشترانا بدمه (1كو 6: 20). في دمه رآه اللص التائب ملكًا. فقال له "اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك" (لو 23: 42).
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:44 PM   رقم المشاركة : ( 15 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

هوّذا تخت سليمان، حوله ستون جبارًا
(نش 3: 7)
هوذا تخت سليمان Solomon's couch حوله ستون جبارا (نش 3: 7)
نود ان يكون تأملنا اليوم في قول الوحى في سفر النشيد: تخت سليمان حوله ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل (نش 3: 7, 8)
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
سليمان رمز المسيح:

تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لان كلمة (سليمان) معناه "رجل سلام". وقد قيل عن السيد المسيح انه "رئيس السلام" (أش 9: 6) وانه هو سلامنا (أف 2: 4) وهو الذي قال "سلامي اترك لكم. سلامي أنا أعطيكم" (يو 14: 27) وهو الذي صنع سلاما بين السماء والارض، ونقض الحائط المتوسط أي العداوة (أف 2: 14،17)
وسليمان كان يمثل الحكمة والمسيح هو اقنوم الحكمة. هو "حكمة الله وقوة الله" (1كو1: 24). سليمان هو ابن داود البانى للهيكل والمسيح هو ابن داود، وهو ابن الله الذي بنى الكنيسة هيكل الله القوس (1كو3: 16)
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
† عبارة " تخت سليمان " تعنى عرشه، ويرمز الى عرش المسيح.
حولة ستون جبارا من جبابرة إسرائيل. وكلمة (إسرائيل) هنا ترمز الى الكنيسة المقدسة.
عرش الله اذن حوله الجبابرة، أي النفوس القوية.
التى حاربت حروب الرب، وانتصرت على العالم والجسد والشيطان.
اما النفوس الضعيفة التي لم تتثبت في حروبها الروحية، فليس لها نصيب حول عرش الله. الإنسان الضعيف الذي مجرد شهوة تحطم قلبه وارادته وفكره. هذا لا يمكن ان يكون من الجبابرة المحيطين بعرش الله.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
† العجيب ايها الاخوة الاحباء ان سفر العدد الذي أمر الله فيه بعد خاصته، لم يدخل في ذلك التعداد والاحصاء جميع الناس.
انما أمر الله بإحصاء النفوس القادرة على القتال، القادرة على حمل السلاح، أي "كل خارج للحرب" (عد1: 2, 3) هؤلاء هم الجبابرة. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب. كل رجل سيفه على فخذه من هول الليل. من هول الظلام، من هول الأخطار. من هول الشهوات ومحبة العالم.
فان حاربك في احد الايام فكر من الأفكار، واستسلمت له، لا تكون حينئذ جبارا متعلما الحروب. بل تكون إنسانا قد ألقى سلاحه وانطرح أمام العدو على الأرض.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
† الإنسان المتعلم الحرب، هو إنسان خبير بالافكار، خبير بحروب العدو، كما قال القديس بولس الرسول "نحن لا نجهل أفكاره" (2كو 2: 11).
بل نعرف خداع الشيطان، ونميز الارواح (1كو 4: 1) هل هى من الله ام من العدو..
وهذه الحرب قد شرحها القديس بولس في رسالته الى اهل أفسس فقال "ان مصارعتنا ليست مع لحم ودم.. بل مع اجناد الشر الروحية" (أف 6: 12). مع الشياطين، مع الجسد، مع كل قوة العدو.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ما أجمل قول ملاك الرب لجدعون " الرب معك يا جبار البأس" (قض 6 " 12)
حقا ان السماء لا يصل اليها فيما بعد إلا جبابرة البأس الذين انتصروا في الحروب.
الذين يرتلون مع جموع الغالبين: شكرا لله الذي يقودنا في موكب نصرته (2كو 2: 14)
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ستون جبارا:

لماذا اختار هذا الرقم (60)؟ والى أي شيء يرمز؟
ستون = 6 *10. والرقم 10 يرمز الى الكمال، والى الوصايا.
والرقم 6 يرمز الى تمام العمل. فالله قد أتم عمله في الخلق في ستة أيام. والسيد المسيح أتم عمله في الفداء في اليوم السادس. وفي الساعة السادسة. والإنسان يتمم كل عمله في ستة ايام، ويستريح في اليوم السابع حسب الوصية..
* فمادام الرقم 6 يرمز الى أتمام العمل والرقم 10 يرمز الى الكمال والوصايا اذن الرقم 60 يرمز الى كل من تمموا عملهم في وصايا الرب في الكمال.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
فان سالت وقلت: هل حول عرش الله ستون جبارا فقط؟
نجيب انما هذا الرقم هو رقم رمزى، يرمز الى كل جبابرة الروح الذين كملوا في الايمان، الكاملين في قوتم، الكاملين في جهادهم وفي انتصارهم.. لا نقصد الجبابرة فى اجسادهم وفي قوتهم الجسدية، بل الجبابرة في ارواحهم، حتى لو كانوا صغارا.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
*داود النبى – امام جليات – كان جبارا وهو فتى صغير.
كل الجيش خاف. ولكنه كان الوحيد الذي لم يخف، وتقدم لمحاربة جليات في جبروت في الوقت الذي خاف فيه شاول الملك (1صم 17: 11) وكان اطول من جميع الشعب (1 صم 10: 23).
شاول الملك الذي كان جبارا في جسده، لم يكن جبارا في روحه "فبغته روح ردئ من قبل الرب" (1صم 16: 14) وكان يصرعه. والذي كان ينقذه من ذلك الروح الردئ كان داود الصغير أحد الجبابرة الذين حول العرش. كان داود جبار بأس وفصيحا ورجلا جميلا والرب معه (1صم 16: 15) وهذه العبارة الاخيرة كانت سر جبروته.
داود الجبار كانت تخافه الشياطين. يكفى ان يضرب على عوده ويصلى مزاميره، حتى لتهرب الشياطين مرتعبة..
جبار له سلطان على الشياطين!!
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
· نريد في الكنيسة مجموعة من هؤلاء الجبابرة الذين تخافهم الشياطين. ليتكم تستعرضون في تاريخ الكنيسة القديسين الذين كان لهم سلطان على الشياطين.. تذكروا قصة ذلك القديس الذي أتى شيطان لمحاربته، فربطه خارج القلاية.. تذكروا القديس ايسوذورس الذي قالت له الشياطين: اما يكفيك اننا لا نستطيع أن نمر على قلايتك، ولا على القلاية التي جوارك. وأخ واحد في البرية، جعلته بصلاتك يتعدى علينا النهار والليل؟!
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
و انت يا أخى أن كنت تخاف الشياطين، اتستطيع أن تحسب نفسك من الجبابرة المحيطين بالعرش الذين لهم سلطان على كل قوة العدو؟! (لو 10: 19)
هل تكون جبارا , ان أمتلك الشيطان إرادتك وكان يقدر أن يغريك بخطية ويستولى على نفسك؟! لا تظن أن الشيطان كريما في عطائه، يعطى بلا مقابل!! كلا فهو يعطيك ما تشتهيه في مقابل ان يأخذ كل ما عندك، وأسمى ما عندك: روحك وأبديتك.. !
الشيطان لا يقبل على نفسه ان يدخل في صفقة خاسرة. انه يأخذ دائما اكثر مما يعطى.
أرباحه أكثر من مصروفاته.. وهكذا يفعل مع الذين يلجأون الى السحر مثلا..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
· عجيبة هى صورة الملاك ميخائيل، وسيفه في يده، وهو يدوس على الشيطان بقدمه.. لاشك أنه أحد الجبابرة الذين حول العرش..
و انت، اتريد أن تكون جبارا في محاربة الشياطين؟
انك تكون كذلك , ان لم تكن الشهوة يحاربك الشيطان بها.
ان الشيطان يتحسس حياتك الروحية، محاولا ان يعرف نقط الضعف فيك لكي يحلربك بها. انه يختبر الارض وصلابتها التي سيضرب فيها بمعوله. يرى أين توجد الأرض الرخوة واللينة التي يتخذها ميدانا لعمله فيشققها كما يشاء. اما الصلبة فلا يقترب منها.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
· هناك جبابرة وقفوا ضد الشيطان في قتالهم لأجل الفضائل
خذوا فضيلة العفة مثلا. وكيف كان من جبابرتها يوسف الصديق، وسوسنة العفيفة وأمثالهما.. دانيال النبى والثلاثة فتية كانوا في قصر الملك، ورفضوا أن يأكلوا من أطيابه ومن خمر مشروبه (دا 1: 8)، بل ورفضوا معبوداته. ولم يخف دانيال من أن يلقى في جب الأسود (دا 6: 16) ولا الثلاثة فتية خافوا من إلقائهم في أتون النار (دا 3: 17).
انهم الجبابرة لا يعرفون الخوف. كلهم قابضون سيوفا ومتعلمون الحرب.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
*الشهداء القديسون أيضآ كانوا جبابرة لا يعرفون الخوف.
وقفوا أمام الأباطرة والملوك والولاة والحكام. وقفوا أمام الحرق والشنق والعصر والجلد والتمزيق والتعذيب وكل صنوف الاضطهاد، ولم يبالوا-كان إيمانهم وثباتهم أقوى من العذاب.
هناك جبابرة آخرون في عالم النسك: في الصلاة والسهر والوحدة،فى العبادة وفي التجرد، مثل سكان البرية من المتوحدين والنسك والسواح..
أرسانيوس الجبار، كان يقف متجها للشرق، والشمس وراؤه وقت الغروب.
و يظل ساهرا طول الليل حتى تظهر الشمس أمامه في اول النهار.. انه جبار. بينما آخرون لا يستطيعون أن يصمدوا في السهر، وحالما يحاربهم النوم يتركون صلاتهم. أين هؤلاء من الجبابرة الذين حول العرش, الذين مثلهم: القديس مكاريوس الاسكندرانى، الجبار في سهره. الذي تحدث عن حروبه من جهة السهر فقال: حوربت مرة بالنوم ونمت. فصممت أن أقاتل النوم. وبقيت 21 يوما لا أبق جفنا على جفن, حتى شعرت أن مخى قد نشف.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
جبابرة آخرون لم يسمحوا لأية قوة أن تفصلهم عن الرب.
مثل القديس بولس الرسول الذي قال "من سيفصلنا عن محبة المسيح؟.. اننى متيقن أنه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا أمور حاضرة ولا مستقبلية،ولا علو ولا عمق، ولا خليقة أخرى، تقدر أن تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا (رو 8: 25 – 29)
إن ملكوت السموات، لا يدخله إلا جبابرة الروح.
+ ولكننا للأسف الشديد،كثيرا ما نحاول أن نكون جبابرة على الناس، ولا نكون جبابرة في تعاملنا مع أنفسنا!!
بينما يقول الكتاب " مالك روحه خير ممن يملك مدينة" (أم 16: 32)
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أنبا بولا كان جبارا في الوحدة. قضى ثمانين سنة لا يرى فيها وجه إنسان، ولا يتعزى بكلام الناس، إنما عزاؤه بالله وحده.
* هناك أشخاص آخرون كانوا جبابرة في الصوم،منهم من عاش ثلاثين سنة لا تبصره الشمس آكلا. ومنهم من عاش عمره كله نباتيا، لا يأكل لحما طول حياته ومنهم من كان يطوى الأيام لا يأكل شيئا فيها ولا يشرب.
هكذا عاش جبابرة الصوم. أما في جيلنا هذا فما أكثر الكنائس التي خفضت الأصوام أو كادت تلغيها، بحجة الإشفاق على الناس!!
آباؤنا كانوا أيضا جبابرة في حفظ آيات الكتاب المقدس.
كانت الآيات تجرى على ألسنتهم بمنتهى السهولة. لدرجة أن احد العلماء قال: "لو ضاع الكتاب المقدس، لأمكن جمعه من كتابات الآباء"..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كانوا جبابرة في الصمود. لا يستطيع أحد أن يثيرهم …
يوجد أشخاص ضعفاء، يثارون بسرعة. تثيرهم أية كلمة يظنون أنها تجرح مشاعرهم. بل حتى كلمات المديح والإعجاب، فتحرك فيهم محبة المجد الباطل. يثيرهم أي منظر جنسي.. اقل شيء يعتبرونه عثرة!
مساكين هؤلاء – إنهم ليسو من النوع الذي يقف حول عرش الله.. ليسوا كالجبابرة الذين حول تخت سليمان.
اننى أريدكم يا أخوتي أن تكونوا جبابرة في حروب الرب.
لاشك أن الملائكة عندما تصف الكنيسة المقدسة، وما فيها من أبرار لم تهزهم مغريات العالم، ولم تتعبهم حروب الشياطين، يقف ميخائيل رئيس الملائكة، وفي يده قيثارة ذهبية وينشد مع ملائكته: "تخت سليمان حوله ستون جبارا.. "
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:46 PM   رقم المشاركة : ( 16 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

جبابرة.. متعلمون الحرب.. قابضون سيوفًا..
من هول الليل
(نش 3: 7، 8)
جبابرة.. متعلمون الحرب، قابضون سيوفا.. من هول الليل (نش 3: 7-8)
جبابرة الروح:

الذين يحبون حياة الروح، ينبغي أن يكونوا جبابرة فيما يخوضونه من حروب روحية، ضد الشيطان وكل قواته الشريرة.
يخيل إلي أنه حينما يرسل الشيطان واحدا من جنوده ليحارب أحد هؤلاء الجبابرة القديسين، يصرخ ذلك الشيطان في فزع:
أتريد أن يحرقني بنار؟! لست أستطيع أن اذهب لمقاتلة هذا الإنسان الذي سيقابلني بسلاح الله الكامل.. بسيف الروح، وخوذة الخلاص، ودرع البر، وترس الإيمان.. بكلمة الله، وما يرفعه من صلاة وطلبة بكل مواظبة (أف 6: 13-18). إبعدوني عن محاربة أمثال هذا الجبار، فلست كفؤا له..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إنهم جبابرة، كلهم حاملون سيوفا، ومتعلمون الحرب. وفي استعداد كامل ليستل كل واحد سيفه من علي فخذه من هول الليل.

تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
وقد شرح القديس بولس الرسول هذه الحرب الروحية، ودعا إلي الإستعداد لها في رسالته إلي أفسس فقال:
أخيرا يا أخوتي، تقووا في الرب، وفي شدة قوته. ألبسوا سلاح الله الكامل، لتقدروا أن تثبتوا ضد مكايد الشيطان. فإن مصارعتنا ليست مع لحم ودم.. بل مع أجناد الشر الروحية في السماويات.. من أجل ذلك أحملوا سلاح الله الكامل، لتقدروا أن تقاوموا في اليوم الشرير. وبعد أن تتمموا كل شيء أن تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق.." (أف 6: 10- 14).
ومن أهمية هذه النصيحة الرسولية، يقرأ هذا الفصل من رسالة معلمنا بولس، في طقس رسامة الرهبان الجدد الذين يستعدون لخوض حرب روحية ضد الشيطان بكل حيله الرديئة، الماكرة والعنيفة. علي أن هذه النصيحة التي يقولها القديس بولس تصلح لجميع الناس في حياتهم الروحية.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
حاملون سيوفا:

مادام الشيطان لا يترك اولاد الله في هدوء، بسبب حسده لهم علي سلوكهم الطريق الروحي، إذن ينبغي أن يكونوا ساهرين باستمرار ومستعدين لقتاله. وهم يحملون سيوفهم الروحية. فشيطان يحاول أن يضللك، تحاربه بسيف الحكمة. وإن أنتصرت عليه وحاربك بالكبرياء, تلاقيه أنت بسيف الإتضاع. وفي كل ما يقدمه لك من أفكار، تحاربها بسيف كلمة الله في إفراز، وأيضا بأقوال القديسين وخبراتهم في مقاتلة الشياطين.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
عموما يمكنك ان تستخدم سيف الصلاة ففيه قوة الله. وكذلك سيف الجهاد والتغصب، ففيه رفضك للخطية ومصارعتك ضدها. وتذكر قول المزور:
"تقلد سيفك علي فخذك أيها الجبار. استله وأنجح وأملك" (مز 45: 3). وعبارة "سيفك علي فخذك" تعني الإستعداد.
ليس هو سيف معلقا في خزانة الأسلحة، وإنما هو علي فخذك، كهؤلاء الجبابرة. تستطيع أن تستله في أي وقت، وتحارب حروب الرب في يقظة دائمة واستعداد.. فمثلا كلمة الله التي ترد بها علي كل حرب روحية، ليست هي في كتبك ومكتبك، إنما هي ذهنك، وفي ذاكرتك باستمرار، تستخدمها وأنت تتذكر قول داود النبي للسيد الرب "لو لم تكن شريعتك هي تلاوتي، لهلكت حينئذ في مذلتي" (مز 119).. إنها سيف علي فخذك..
إنك لا تسمح للخطية أن تحاربك، وأنت في حالة غفلة وتهاون.
فاولاد الله: كل واحد سيفه علي فخذه، من هول الليل.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هول الليل:

والليل يشير إلي الظلام، كرمز إلي الخطية وحروبها الخفية، حيث لا نور ولا حرارة. فيكون هذا وقتا مناسبا لعدو الخير يهجم فيه. وقد يعني الليل وقت النوم، حيث لا يكون الإنسان منتبها لحرب تأتيه وهو غير منتبه لها وغير مستيقظ. هذا هو هول الليل، هول الخطايا التي تأتي في الظلام ولا تنتبه النفس لها، لأن البصيرة الروحية غير قوية.
أما أولئك الجبابرة، فهم ساهرون، متنبهون، كل واحد سيفه علي فخذه من هول الليل. كالرعاة في قصة ميلاد الرب، الذين قيل عنهم إنهم:
"يحرسون حراسات الليل علي رعيتهم" (لو 2: 8).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لذلك لا تطمئن من جهة الحرب الروحية، بل تقلد سيفك علي فخذك.
لا تهمل في احتياطاتك. لا تقل إنك الان في حالة قوة، وقد مرت عليك أسابيع لا تسقك خلالها!! فأنت لا تعرف متي يحاربك الشيطان، وفي أية خطية، وكيف؟!
ليكن سيفك إذن علي فخذك من خوف الليل، من الحرب المجهولة في نوعها وفي موعدها. لتكن صلاتك باستمرار في قلبك وعلي لسانك. ولتكن كلمة الله في ذهنك وذاكرتك. ولتكن تداريبك الروحية سائرة في حزم كل حين. لا تلق سلاحك عنك..
بل كن قابضا علي سيفك من هول الليل..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ليتنا نكون من هؤلاء الحبابرة، القابضين علي سيوفهم، حتى يمكن أن يقودنا الله في موكب نصرته (2 كو 2: 14) متجاوبين مع نعمته.
ليتنا نكون من أولئك الغالبين الذين طوبهم الرب وأعطاهم وعوده (رؤ 2، رؤ 3).. لا ننهزم في الحروب. وإن انهزمنا في معركة، ننتصر في المعركة التي تليها، قائلين مع النبي " لا تشمتي بي يا عدوتي. فإني إن سقطت، أقوم" (مي 7: 8) و"الحرب للرب" (1 صم 17: 47). " وليس عند الله مانع من أن يخلص بالكثير وبالقليل" (1 صم 14: 6).
و الله قادر أن ينصرنا علي الرغم من ضعفنا..
غير أنه يجب أن تكون لنا خبرة بالحروب الروحية.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
فقد قيل عن أولئك الجبابرة القابضين علي سيوفهم إنهم:
متعلمون الحرب:

أي أن لهم دراية بالحروب الروحية. لا يجهلون حيل الشيطان، بل يعرفون أفكاره (2 كو 2: 11). يعرفون من أين تأتي الخطية؟ وما وسيلة مقاومتها؟
إن حاربك الشيطان بالكسل، تقاتله بالتغصب. وإن حاربك بالمجد الباطل، ترد عليه بتذكر خطاياك وضعفاتك. وإن حاربك باليأس، تتذكر مراحم الله التي لا تحصي. وإن حاربك بصعوبة الطريق. تذكر عمل الروح القدس، والمعونة الإلهية التي تمنحها النعمة. وأنت لست وحدك.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أحد القديسين كان – إذا حاربه الشيطان بالمجد الباطل - يقول: ألعلي بلغت ما بلغه الأنبا أنطونيوس والأنبا بولا؟! إنني إنسان خاطئ مهمل في روحياتي.. وإن قال له الشيطان: " أنت إنسان خاطئ، وأجرة الخطية هي موت".. يجيبه: "وأين مراحم الله الذي يغفر للخطاة؟!". فكانوا يتعجبون منه قائلين: "إن رفعناك، اتضعت، وإن وضعناك ارتفعت!!".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إنه واحد من المتعلمين الحرب. يعرف نوع السلاح الصالح لاستخدامه في كل نوع من أنواع الحروب.
الإنسان المتعلم الحرب, يعرف ضربات اليمين وضربات الشمال..
يعرف متى يصمت ومتى يتكلم؟ متى يأكل ومتى يصوم؟ يعرف الطريق الوسطي التي خلصت كثيرين. ومتي يقف في موقف سليم، بين الإفراط والتفريط.
يقول القديس بولس الرسول "في كل شيء وفي جميع الأشياء، قد تدربت أن أشبع وأن أجوع. أن استفضل وأن أنقص" (في 4: 12).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هناك أشخاص ليسوا فقط متعلمين الحرب، وإنما صاروا بالأكثر قادة في الحروب. يشرحون لغيرهم الطريق، ويرشدونهم فيه.
القديس مار أوغريس له كتاب عن محاربة الأفكار، يشرح فيه أنواع الأفكار: التي من الله، والتي من النفس، والتي من الشيطان. ويشرح طريق الرد علي كل فكر خاطئ مستخدما آيات الكتاب.
وثيؤفان الناسك له كتاب عن "الحروب الروحية". والقديس يوحنا الأسيوطي له مقالات عديدة في هذا المجال. وكذلك مار اسحق، والشيخ الروحاني لهما ميامر كثيرة تحت عنوان "رؤوس المعرفة " يشرحان فيها معرفة الطريق الروحي، ويعلمان أولادهما الحرب.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
والقديس الأنبا أنطونيوس كان يعلم أولاده " الإفراز".
أي التمييز والمعرفة، لكي يتعلموا الحرب. و في إحدي المرات قال لتلميذه القديس بولس البسيط الذي كان يسكن بجواره " اذهب واسكن إلي بعيدا في مغارة وحدك، لكي تختبر حروب الشياطين". والقديس يوحنا الرسول يكتب لنا ويقول " لا تصدقوا كل روح. بل إمتحنوا الأرواح هل هي من الله." (1 يو 4: 1). وكذلك القديس بولس الرسول نصح الناس ألا ينخدعوا بحيل الشياطين ومناظرهم. " لأن الشيطان نفسه يغير شكله إلي شبه ملاك نور.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
وكان هذا هو عمل المرشدين الروحيين واباء الإعتراف:
يجلس معهم المبتدئ لكي يتعلم الحرب، ويميز الأرواح، ويفصل الجداء من الخراف" (مت 25: 32). ويعرف صوت الله من صوت عالي (1 صم 3: 4- 10). بل يعرف أيضا الأحلام والرؤي: وهل هي من الله؟ أم من الشيطان؟ أم من مصدر اخر؟ ويعرف نوع السلاح الذي يستخدمه في كل حرب روحية..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الإنسان المتعلم الحرب، يتفادي السقوط. وإن سقط بسرعة. بل بسرعة يقوم. ولا يتكرر سقوطه. ويكتسب درسا من كل سقطة.
كما قال أحد القديسين: "لا أتذكر أن الشياطين أطغوني في خطية واحدة مرتين".. والتعلم الحرب له خبرات في الحيلة الروحية. لقد درس الطريق وعرف علاماته ومعالمه. ويستطيع أن يرشد غيره في الطريق.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الشيطان حيله كثيرة وماكرة. ولكنها مكشوفة أمام المتعلمين الحرب.
إنهم لا يجهلون حيله، بل يدركونها من بعيد مهما لبست ثياب الحملان (مت 7: 15). يعرفون وسائله وطرقه وأساليبه. ويستنتجون مواعيد هجومه. كل خططه مكشوفة أمامهم. مخابراتهم الحربية تدرك كل أعماله, وتعرف كل جنوده. هؤلاء هم المتعلمون الحرب, الذين يربطون الشيطان ويطردونه. ولا يكون له موضع فيهم.
و القديسون يتعلمون الحرب: لا بطول مدتها، وإنما بعمق خبرتها:
يتعلمون الحرب بالحرب, وبالتدقيق والحرص، وبالمعرفة والحكمة. وبما يكشفه لهم الرب. وبما يمتصونه من روح الاباء والمعلمين والمرشدين, بكثرة المشورة. وبما يأخذونه من التأمل. وبما يمنحهم الرب من حكمة نازلة من فوق (يع 3: 17).
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:49 PM   رقم المشاركة : ( 17 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟
(نش 1: 7)
أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟
إنه نداء من النفس البشرية، التي بعدت عن حظيرة الرب، ولكنها ما تزال تحبه وتبحث عن طريقه..
فهى تناديه قائلة: أين ترعى؟ أين اجدك؟ أين الطريق إليك " يا من تحبة نفسى".
أنا وإن بعدت عنك بالعمل لم أبعد عنك بالحب.
ما أزال احن إليك، وأشتاق إلى الأيام التي عشتها معك، واسأل أين أنت؟ كيف أصل إليك؟ أين ترعى؟ وأين تربض وقت الظهيرة.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
وقت الظهيرة:

" وقت الظهيرة "، عندما تشتد حرارة الحر، ولا تستطيع الطبيعة أن تحتمل، أين أجدك لتحمينى من ضربة الشمس بالنهار؟ هذه الشمس التي لوحتنى، فصرت سوداء، أين ظللك الذي يحمينى منها، لنه " تحت ظلك أشتهيت أن أجلس" (نش 2: 3). أنا أعرف أنك تحمى رعيتك في ذلك الوقت، فلا تضربها الشمس، فأين تربض وقت الظهيرة.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إنها نفس بعيدة عن الله، ولكن تشتاق إليه..
هناك نفوس متمتعة بالرب ولذة عشرته، تقول في غمرة الحب الإلهى " شماله تحت رأسى ويمينه تعانقنى" (نش 2: 6)، أنا لحبيبى وحبيبى لى" (نش 2: 6)، " أنا لحبيبى وحبيبى لي " (نش 6: 3). وهناك نفوس أخرى بعيدة عن الرب، ولكنها غير مهتمة، لا تشتاق إلى الله، وإن اشتاقت إلى الله، وإن اشتاقت يدركها اليأس..
أما هذه فتشتاق إلى الرب، على الرغم من الخطية.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هذه النقطة تجعلنا لا ندين الآخرين، ولا ننظر في إشمئزاز إلى البعدين عن الرب.
فهناك نفوس تحبه على الرغم من بعدها.
مثل بطرس الذي أنكر الرب ثلاث مرات، ومع ذلك قال له " انت يا رب تعلم كل شيء، انت تعلم انى احبك " (يو 21: 17). كذلك هذه النفس تقول " يا من تحبه نفسى".
كيف تحبه وهى بعيده والرب يقول " من يحبنى يحفظ وصاياى".
إن الخطية عندها قد يكون سببها الضعف، وليس عدم الحب.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أين تربض وقت الظهيرة، عندما أحتاج إلى ظلك، انا الذي قد يفرحنى ظل يقطينه (يون 4: 6)، فكم بالأولى ظلك أنت؟!
أولادك في وقت التجربة ولهيبها، أنت تظلل عليهم بجناحيك فيستريحون في كنفك. كيف أستريح أنا ايضا؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هذه العذراء بعدت عن الرب بالجسد، ولم تبعد بالروح، بعدت بالعمل ولم تبعد بالعاطفة.
الأخطاء التي تقع فيها دخيلة عليها، وليست في طبيعتها.
إن طبيعتها على صورة الله ومثاله، لذلك تشتاق إلى الله بالطبع، وإن كانت تخطئ بالضعف وبالضغط الخارجى.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
حسن أن الإنسان في فترات فتوره وضعفه، يتذكر أيامه الجميلة الحلوة مع الله، ويقول له أين ترعى؟
أنت يا من ترعى الكل، ارعانى أنا أيضا معهم.
هناك أشخاص في حالة الخطية يقطعون صلتهم بالله، ويبعدون عنه، ويهربون منه، فلا كنيسة، ولا صلاة، ولا إجتماعات، ولا أية واسطة من وسائط النعمة. وحجة الواحد منهم بأى وجه أكلم الله في خطيتى؟
مثال ذلك آدم الذي هرب من الله عندما أخطأ..
إختفى وراء الشجرة، وقال له " سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأنى عريان فأختبأت" (تك 3: 10).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أين ترعى؟

أما هذه النفس ففى بعدها تبحث عن الرب: أين يرعى؟
نسمع إجابة عن هذا السؤال في آيات كثيرة من سفر النشيد تقول "الراعى بين السوسن" (نش 2: 16)، " حبيبى نزل إلى جنته، إلى خمائل الطيب، ليرعى في الجنات ويجمع السوسن" (نش 6: 2).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أنا عارف يا رب أنك نزلت إلى خمائل الطيب، وسط قديسيك.
هؤلاء الذين لحياتهم رائحة ذكية، نشتم منهم رائحة المسيح. خميلة منهم اسمها " خميلة التأمل والعبادة " نزلت إليها. وأخرى اسمها " خميلة التعب والجهاد " نزلت إليها. وثالثة إسمها " خميلة الخدمة والسعى وراء النفوس الضائعة". وخمائل أخرى خاصة بالفضائل الجميلة.
أنت يا رب وسط قديسيك، في خمائل الطيب ، ترعى في الجنات. كل قديس منهم عبارة عن شجرة موثقة ثمرا، تطرح ثلاثين وستين ومائة (مت 13: 23).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ولكن ماذا عن شخص مثلى، يعيش في الأشواك؟ هل تنزل إلى أشواكه يا رب كما نزلت إلى الجنات وخمائل الطيب؟
أم هذا الإنسان لا نصيب له عندك، إذ ليس في حياته شيء من السوسن؟
أنا أومن يا رب أنك في بحثك عن الخروف الضال مشيت على الجبال والتلال والأشواك (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)..
أنا لست في مستوى الجنات وخمائل الطيب. ربما اصل إليها عندما أصطلح معك، وأتحول إلى خميلة طيب، وإلى غصن في شجرة مثمرة في جناتك. اما الآن، فكيف الطريق إليك! أين ترعى؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
يجيب الرب في محبته: أننى ارعى في كل مكان..
كنت في أتون النار، أرعى الثلاثة فتية، في أرض بابل.
اهتممت بهم، فلم تحترق شعرة من رؤوسهم، ولم تدخل رائحة النار في ثيابهم، ولم ينزعجوا. ام ير الناس مع الثلاثة فتية شخصا رابعا شبيهاَ بأبن الآلهة؟! (دا 3: 25).
لا تخف إذن يا حبيبى إن كنت في أتون النار، كم بالأولى إن كانت مجرد ضربة شمس وقت الظهيرة.. !
إننى أرعاك وسط النار. ولست أرعى فقط وسط السوسن.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
قيل عن يهوشع في سفر زكريا إنه " شعلة منتشلة من النار" (زك 3: 2). كاد يحترق وسط النار، ولكن يد الله الذي يرعى وسط النار انتشلته..
مبارك أنت يا رب، حتى الذين يقعون في النار ويشتعلون، لا تتركهم، بل ترعاهم هناك وسط النار، وتنتشلهم.. !
وليس وسط النار فقط، بل أيضا وسط الوحوش..
قال بولس الرسول " حاربت وحوشا في افسس". ووسط الوحوش قال له الرب " لا تخف. لا يقع بك أحد ليؤذيك" (أع 18: 10).
إن الله يقوم بعمله الرعوى في جب الأسود أيضا، كما قام به في أتون النار، كما كان يرعى يونان النبى حتى وهو في بطن الحوت (يون 2)!! أتسأل أين ترعى؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إننى أرعى حيثما توجد أنت. حيث الرعية هناك الراعى.
كنت في أتون النار، في جب الأسود، في جوف الحوت، أنا معك، أرعاك، " لا أهملك ولا أتركك".
" ها أنا معكم كل الأيام، وإلى إنقضاء الدهر".
في وسط البحر الهايج، السفينة تلاطمه الأمواج، وتكاد تغرق. ولكن الرب أيضا يرعى وسط الأمواج، ينتهرها، وينتهر البحر والرياح، وينقذ التلاميذ (مت 14: 24 33)..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الله كان يرعى في وسط البحر الأحمر، وفي البرية، وفي أرض السبى. أتسأل أين يرعى؟ هناك في قلبك..
إنه يبحث عنك، أكثر مما تبحث عنه. وفيما ترفع صوتك، هو يستجيب ومهما كنت مغتربا، هو يرعاك في أرض غربتك، كما رعى يوسف في أرض مصر، ودانيال وحزقيال في أرض السبى. كل الأرض هى له..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أين ترعى؟ سؤال تسأله نفس تريد الوصول إلى الله. هل أصل إليك بالمعرفة، بالقراءة، بالصلاة، بالطقس، بالألحان، بالأجتماعات؟..
أين ترعى؟ أين تربض وقتق الظهيرة؟ لقد جربت كل هذه الوسائل ولم أصل إليك! فما السبب؟
غالبا تكون قد طلبت الطريق، ولم تطلب الله الذي يوصل إليه هذا الطريق ّ طلبت العبادة والمعرفة ولم تطلب الله!
كثير من الناس ينشغلون بالوسيلة عن الهدف! يصلون ويصومون ويرنمون ويقرأون، ولكن الله ليس في قلوبهم، وليس في أهدافهم. فاطلب الله وحده، حينئذ تجده..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
يقول الرب للنفس التي تبحث عنه " إن لم تعرفى أيتها الجميلة بين النساء فأخرجى على أثار الغنم" (نش 1: 8).
تتبعى آثار الغنم التي مشت قبلك في الطريق نحوى.
القديس موسى الأسود، كان واحدًا من الغنم التي تاهت، ثم عرفت الطريق فتتبعى آثاره. كذلك أوغسطينوس وبلاجيوس، ومريم القبطية.
هناك غنيمات سارت في طريق التأمل ووصلت، وأخرى في طريق الخدمة ووصلت.. كل طريق روحى تحبينه ستجدين آثار الغنم فيه، فتتبعيها. وسير القديسين لا تنتهى..
كما سلك هؤلاء، فلنسلك نحن أيضًا..
" إخرجى على آثار الغنم، ارعى جداءك عند مساكن الرعاة".
قال لها جداءك ولم يقل خرافك، لأنها نفس خاطئة. ثم حولها إلى مساكن الرعاة، لأنه أقام قادة روحيين لشعبه..
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:53 PM   رقم المشاركة : ( 18 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟
(نش 1: 7)
قالت العروس للرب، الذي هو الراعي الصالح: " أخبرني يا من تحبه نفسي: أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة؟. فأجابها إن لم تعرفي أيتها الجميلة بين النساء, فأخرجي على أثار الغنم, وأرعى جداءك عند مساكن الرعاة" (نش1: 7،8).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أين ترعى؟

هنا نجد نفسا تبحث عن الله, وتسأل عن طرقة, وتقول له: " أين أنت يا رب؟" إنني أبحث عنك؟ أين أجدك؟".
العجيب إن هذه النفس التي تبحث عن الله، ليست باستمرار نفسا خاطئة، إنما هي نفس تحب الله وقد دعاها " الجميلة بين النساء". إنها تذكرني بداود النبي الذي قال الرب: " عرفني يا رب طرقك, فهمني سبلك,، أين تربض وقت الظهيرة؟ طلبت وجهك, ولوجهك يا رب ألتمس. لا تحجب عني"..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هذا النداء. هو نفس نداء النفس التي في مفترق الطرق.

تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أخبرني يا من تحبة نفسي, أين ترعى؟ أين أجدك؟ هل في البتولية أم في الزواج؟ في العمل أم في التكريس؟ في الخلوة أم في الخدمة؟ في الدير أم في العالم؟ أين تربض.. ؟ أين ألتقي بك. في الصلاة؟ في الصوم؟ في التداريب الروحية؟ في التناول؟ في الكنيسة؟ أين ترعى.. ؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
وقد تقول هذا الكلام النفس البعيدة عن الله.
إنها تذكرني بأوغسطينوس الذي كان بعيدا لفترة طويلة، ثم أخذ يبحث عن الله، أين يجدة؟ هل بالعقل؟ بالفلسفة بالمنطق؟ أم بالإيمان, بالقلب؟ أين ترعى؟ فأجابه الرب: هناك في داخلك, تجدني. وأعترف أغسطينوس قائلا: نعم لقد كنت معي، ولكني من فرط شقاوتي لم أكن معك..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
حقآ هناك أشخاص يسألون أين الرب. وهو معهم.
كان المسيح مع تلميذي عمواس, ولم تكن عيونهما منفتحة لمعرفتة, كذلك ظهر لمريم المجدلية، وهي لا تزال تسأل عنة: أين هو. وقيل عن معاصري السيد وقت ميلادة أن " النور أضاء في الظلمة، والظلمة لم تدركة".. حقآ, كثيرآ ما تسأل الرب (أين ترعى), ويكون الرب في داخلنا ونحن لا ندري!
ما أعجب قول المسيح لفيلبس " أنا معكم زمانا هذه مدتة, ولم تعرفني يا فيلبس"؟ وكذلك المولود أعمى قال له السيد " أتؤمن بأبن الله؟ فأجابه " من هو يا سيد؟. كان الرب يكلمه, وقد شفاه, ومع ذلك لم يكن يعرفه, ويسأل أين يرعى؟ (يو9).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟

لوط لم يقل للرب أين ترعى؟ وإنما إختار لنفسه مكانًا معشبًا يعيش فيه, لذلك ضاع منه كل شئ, بعكس إبراهيم الذي ترك للرب أن يختار له، فقال له " أترك أهلك وعشيرتك, وأذهب للأرض التي أريك إياها (تك 12: 1). سأذهب إليه يا رب, مادمت سترعاني هناك. نعم هناك " أباركك وتكون بركة, وبك تتبارك جميع قبائل الأرض" (تك12: 2, 3).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
حينما تسأل عن الله أين ترعى؟ يقول أحيانًا: هناك عند الجلجثة. ويرينا طرقًا ما كنا نظن إطلاقًا إنه سيرعانا فيها..
وكأنه يقول ليوحنا الحبيب: أتسألني أين أرعى.. هناك في المنفى في جزيرة بطمس, سأرعاك, وسأكشف لك بابًا مفتوحًا في السماء, وأريك العرش الإلهي والقوات السمائية, وما لابد أن يكون.
وكأني بالثلاثة فتية قد سألوه أين ترعى؟ فقال لهم هناك في أتون النار.. وفرحوا بالأتون, وعندما ألقوهم فيه رأوا معهم رابعًا شبيهاُ بأبن الآلهة, يتمشى معهم في الأتون. وشعرة من رؤوسهم لم تحترق, ولا رائحة النار كانت في ثيابهم.. (دا 3).
وبنفس الوضع كان جب الأسود بالنسبة إلي دانيال النبى. رعاه الله هناك، وأرسل ملاكة فسد أفواة الأسود. (جا 6).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
في إحدى المرات أثناء المجاعة, لم يقل إبرام للرب " أين ترعى؟ أين تربض وقت الظهيرة؟" بل ذهب من تلقاء نفسه إلي مصر يلتمس المعونة. وهناك أخذوا إمرأتة سارة, وكاد يضيع لولا تدخل الرب لإنقاذه..
ونفس الوضع عندما سكن بين قادش وشور وتغرب في جرار (تك 20: 1) دون أن يسأل هل يرعى الرب هناك فكانت النتيجة أنه وقع في تجربة ثقيلة, وأخذوا إمرأته سارة. لأن ذلك الموضع لم يكن فيه خوف البتة" (تك 20: 1).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هناك عبارة جميلة في سفر النشيد، يقول فيها الرب: " تعال يا حبيبي لنخرج إلي الحقول, ونبيت في القرى".. هناك أريك حبي (نش2: 12).
نعم هناك وليس في أي مكان أخر.. إذن يا رب فليكن لي كقولك سأذهب إلي الحقول وإلي القرى وإلي أقاصي الأرض, مادمت هناك ستريني حبك. سأدخل إلي أتون النار, وسأنزل إلي جب الأسود, مادمت أعرف أين ترعى..
سأسير بمبدأ " حيث قادني أسير" سأترك كل شيء من أجلك, وأتبعك حيثما كنت.. مثلما تركت رفقة بلادها وأهلها وذهبت وراء إسحق (تك24: 58), وكما يقول المزمور للنفس البشرية: أسمعي يا ابنتي، وأصغي, وإنسي شعبك وبيت أبيك, فأن الرب قد أشتهى حسنك, وله تسجدين (مز 45: 10،11).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى, لأنك في مراع خضر تربضني, وإلي ماء الراحة توردني. ترد نفسي وتهديني إلي طرق البر (مز 23).. لقد التحقت نفسي وراءك فقل أين ترعى, وأنا سأتبعك حتى إن سرتُ في وادي ظل الموت لن أخاف شرًا، لأنك ستكون معي, هناك تريني حبك..
أخبرني يا من تحبه نفسي أين ترعى أين تربض وقت الظهيرة؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أين تربض وقت الظهيرة؟

في وقت الظهيرة, حيث يريد كل إنسان أن يستظل, وأنا تحت ظللك أشتهيت أن أجلس, وأخشى من شيطان الظهيرة (مز 91: 6), وأتعب من هذا اللهيب, لأن الشمس قد لوحتني وقت الظهيرة.
أحيانًا يستغيث الإنسان بهذه العبارة, أين ترعى؟ يقولها في أوقات الفتور والجفاف, وفترات تخلي النعمة الإلهية..
يشعر الإنسان إن نفسه ليست كما كانت قبلًا، لم تعد لهل الحرارة الأولى, ولا الصلة ولا الدالة الأولى, ولا الحب القديم, فتقول نفسه للرب: " لماذا أكون كمقنعة عند قطعان أصحابك" (نش1: 7)
أين أيام شبابي الروحي, حينما كنت أقول" شمالة تحت رأسي ويمينة تعانقني".. أين الأيام التي كنت أصلي فيها بعمق وكلماتة حلوة في حلقي (نش2: 3), كالعسل والشهد في فمي. أيام كنت أرفع يدي, فتشبع نفسي كما من لحم ودسم (مز63: 4).. أشعر كما لو كنت ضللت الطريق, فاخبرني يا من تحبه نفسي: أين ترعى؟ أين تربض؟..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أريد يا رب أن أرجع إليك, فأخبرني أين ترعى؟
أنا بعيد عنك, ولكني أحبك, بعدت عنك سلوكًا, ولم أبعد عنك قلبًا "أنت تعلم يا رب كل شئ, أنت تعلم إني أحبك".. من الجائز أنني تركت نشاطي, وتركت ممارستي, وعباداتي، وخدمتي, ولكني لم أترك محبتك.. ربما تكون صورتي قد تشوهت, ولكن لا تزال تشتاق إلي شبهك ومثالك, أنا أحبك على الرغم من خطيئتي, ليتك تردني إليك, وتخبرني أين ترعى..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ربما تقول هذه العبارة "نفوس في السبي، قد جلست على أنهار بابل، ولكنها تبكي كلما تذكرت صهيون" (مز 137: 1).
لم تعد تستطيع أن تسبح تسبحة الرب في أرض غريبة، قيثارتها على الصفصاف (مز 137: 2, 4). وهي تصرخ من عمق القلب, ومن عمق الرغبة, إستغاثة غريق إلي قارب النجاة, تقول اخبرني يا من تحبه نفسي, أين ترعى؟ أين تربض عند الظهيرة..
أريد أن أدخل إلي هيكلك, إلي مذابحك, لكي تنضح عليَ بزوفاك فأطهر، وتغسلني فابيض أكثر من الثلج..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أين ترعى أيها الراعي الصالح؟ ضللت مثل الخروف الضال, فأطلب عبدك (مز 119: 176).
أسرع وأعني, لأنه على ظهري جلدني الخطاة وأطالوا إثمهم (مز 129: 3).. أحاطوا بي مثل النحل حول الشهد, والتهبوا كنار في شوك (مز 118: 12).. في الطريق التي أسلك أخفوا لي فخًا (مز140: 5)..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
ولكنني مشتاق إليك, أريد أن أصل إليك, ولا أعرف..
ما أعجب الله ال1ي لا يشاء موت الخاطئ مثلما يرجع إليه, الذي كل من يقبل إليه، لا يخرجه خارجًا, إنه يقول لهذه النفس الباحثة عنه, على الرغم من إن الشمس قد لوحتها: إن لم تعرفي أيتها الجميلة بيت النساء, فأخرجي على أثار الغنم, وإرعي جداءك عند مساكن الرعاة..
عجبًا يا رب أن تسميها " جميلة " وهي خاطئة! أنا أسميها جميلة, ليس من أجل خطيئتها, وإنما من اجل توبتها.. من أجل سعيها وطلبها, من أجل عبارة أين ترعى؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أخرجي على أثار الغنم:

غنيمات كثيرة, سرن في طريقي من قبل, ووصلن إليَ, أثار هذه الغنيمات لا تزال ثابتة على الطريق, فتتبعيها (ومن سار على الدرب, وصل).
وما أثار الغنم, سوى سير القديسين.. وقت ترك لنا القديسين نموذجًا في كل مجال لكي نحتذي به. متشبهين بأعمالهم.
وقد يجد إنسانًا نفسه بلا مرشد في الطريق, والذين بلا مرشد يسقطون كأوراق الشجر.. هذا الإنسان لا ييأس، هناك أثار الغنم إن تعذر وجود الرعاة..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لم يطلب إلينا الرب أن نقبع في مكاننا, وندرس سير القديسين, إنما أن نخرج ونسير متبعين أثارهم.
لا تجلسي في مكانك متأملة وتقولي ما أجمل الغنيمات القديسات, وما أحلى طرقها, كلها بر وكمال, وتعب وجهاد.. ! كلا, بل أخرجي على أثار الغنم, وأرعى جداءك عند مساكن الرعاة.. جداءك هي خطاياكِ, إذهبي إلي مساكن الرعاة, تجدي هناك حلًا وحلًا.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أخرجي على أثار الغنم, لا تبتدعي طريقًا جديدًا, ولا تنقلي التخم القديمة, وإنما إتبعي ما رسمه الآباء من طرق..
" إن بشرناكم نحن وملاك من السماء, بغير ما بشرناكم به, فليكن أناثيما" (غل1: 8).
" إن كان احد يأتيكم ولا يجئ بهذا التعليم, فلا تقبلوه في البيت, ولا تقولوا له سلامًا, لأن من يسلم عليه, يشترك في أعماله الشريرة (2يو1: 11).
إذن ماذا نفعل. ؟ " كونوا متمثلين بيَ, كما أنا أيضًا بالمسيح" (1كو11: 1). نعم أيتها الجميلة " أخرجي على أثار الغنم".
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
وإن لم تسيري على أثار الغنم, لا تكوني جميلة بين النساء.
" إن لم تعرفي أيتها الجميلة.. فأخرجي على أثار الغنم". ترينا هذه العبارة, أنة حتى النفس الجميلة, هناك أشياء لا تعرفها, هناك جداء قد اختلطت بغنمها, تحتاج أن تذهب بها إلي مساكن الرعاة. لا تعتمدي على نفسك, فهؤلاء الرعاة قد أقامهم الرب, لأجلك.
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:55 PM   رقم المشاركة : ( 19 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

خذوا لنا الثعالب، الثعالب الصغار المُفسِدة للكروم
(نش 2: 15)
ما هى الثعالب الصغار المفسدة للكروم التي قصدها سفر النشيد، وما هى هذه الكروم أيضًا؟
الكرمة هي الكنيسة، وهى النفس البشرية:
وفى هذا يقول الرب في سفر اشعياء النبى "غنوا للكرمة المشتهاة. أنا الرب حارسها، اسقها كل لحظة.. احرسها نهارًا وليلًا" (أش 27: 2، 3). ونحن نقول عنها للرب في ألحاننا "هذه الكرمة التي غرستها يمينك " وهى المقصودة بمثل الكرم والكرامين في (مت 21)، و في (مت 20) وأيضًا في (إش 5).
الثعالب الصغار تفسد ثمر الكرمة، أي أنها تفسد ثمر الكنيسة، وثمر الروح في النفس البشرية (غل 5: 22، 23).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
الثعالب الصغار ربما تكون خطايا تبدو بسيطة.


تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لا يلتفت إليها الإنسان، ولا يشعر بخطورتها.. مجرد أفكار ومشاعر قد لا تتخذ في بادئ الأمر صورة الخطية، ولا هى تتعب الضمير.
وفى هذا المجال أحب أن أقول لكم قاعدة هامة وهى:
إن الخطوة الأولى المؤدية إلى الخطية، ربما لا تكون خطية.
مثال ذلك علاقة نجسة جدًا، بدأت بصداقة بريئة، وربما بريئة جدًا! ثم تطورت ودخلها الشيطان، فصارت خطية.
الأمر إذن يحتاج إلى تدقيق واحتراس..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
هذه الخطايا الصغيرة هي التي قيل عنها في المزمور "يا بنت بابل الشقية، طوبى لمن يكافئك مجازيتك التي جازيتنا.. طوبى لمن يمسك أطفالك، ويدفنهم عند الصخرة" (مز 137).
بابل حيث كان السبي، هي رمز لسبى الخطية. فيقصد أن يقول: طوبى لمن يمسك الخطية، و هى في حالة الطفولة، قبل أن تنمو، ويدفنها عند الصخرة. ويقول الكتاب "و الصخرة كانت المسيح" (1 كو 10: 4). أي يتخلص من الخطية بمعونة من السيد المسيح.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
خطورة هذه الخطايا الصغيرة، أن الإنسان قد لا يهتم بها!
يهملها، يتركها فتكبر وتتطور، دون أن يحسّ، وقد يحسّ متأخرًا، عندما تكون قد أفسدت الكروم.. !
إن ثقبًا صغيرًا في مركب، قد يؤدى – بمرور الزمن – إلى كارثة غرق. لأجل هذا يقول داود النبي "الهفوات من يشعر بها؟! من الخطايا المستترة يا رب أبرئنى" (مز 19).
إذن هناك خطايا مستترة، وهفوات يشعر بها الإنسان.
هناك خطايا لا تبدو خطايا، ولا يأبه بها من يرتكبها. من هنا ينبغي أن نتعلم حياة التدقيق.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
حياة التدقيق:

لماذا شبهت هذه الخطايا بالثعالب، وبالثعالب الصغار؟
لأن الثعلب مشهور بالمكر. ولأن الثعلب الصغير يمكنه أن يتسلل من أية فجوة صغيرة في أسوار الكرم. كما أن الكرامين قد لا يحسبونه خطرًا. وفي نفس الوقت هو قادر على إفساد الكروم..
إنك قد تهتم بالخطية الكبيرة الظاهرة، وتستعد لمقاومتها. بينما الخطايا (الصغيرة) تعبر بك دون أن تلتفت إليها. ولهذا فإن السيد له المجد أظهر خطورة وأهمية كلمة رقا، وكلمة يا أحمق، (مت 5: 22). وأظهر أيضًا أهمية مجرد النظرة الخاطئة ولو أدى الأمر إلى قلع العين بسببها (مت 5: 28، 29). ولهذا فإن الآباء الروحيين علموا أبناؤهم أن يدققوا كثيرًا.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
قالت القديسة سارة: إن فمًا تمنع عنه الخبز، لا يطلب لحمًا، و إن منعت عنه الماء، لا يطلب خمرًا.
أحد الرهبان وهو سائر في الطريق، عثر على قطعة نطرون. فلما جاء إلى الأنبا أغاثون ومعه قطعة النطرون، قال له القديس"إن أردت أن تعيش مع أغاثون، ففي المكان الذي وجدت فيه هذا النطرون أرجعه". إلى هذا الحد كان الآباء يعلمون أولادهم أنهم حتى لو وجدوا قطعة حجر ملقاة في الطريق لا يأخذونها.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
مار اسحق دقق على وجوب الحشمة داخل الغرفة الخاصة..
فالشخص الذي يجلس في غرفته الخاصة بحشمة وأدب، لا يترك جزءًا من جسمه معرى ومكشوفًا بطريقة غير لائقة، هذا الشخص لا يمكن أن يفقد الحشمة في الخارج أمام الناس. إذ قد تعودها فيما بينه وبين نفسه
حقًا إن الذي يدقق في الشيء الصغير، لا يمكن أن يقع في الكبير.
ولعل هذا هو الذي قصده المثل الإنجليزى السائر:
Take care of the penny، and the pound will take care of itself.
أي اهتم بالمليم (البنس)، و حينئذ الجنيه يهتم بنفسه.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لا تظن أن الشيطان في بادئ الأمر سيطلب أن تفتح له بابًا واسعًا يدخل منه إلى قلبك. إنه لن يطلب سوى ثقب إبرة..
إنه يبدأ بهذا الثقب، ثم يتسع، حتى يملك القلب كله.
إن الشيطان لا يكشف أوراقه، لا يكشف حيله. لا يطلعك على الخطوات المقبلة في خططه، أو عن مدى تطور الخطوة الأولى التي تبدو بسيطة.
لا يأتيك في كل مرة كأسد زائر، يلتمس ابتلاعك (1 بط 5: 8)، و إنما قد يأتي كثعلب صغير، يتسلل إلى كرمتك دون أن تشعر.
فما هى إذن هذه الثعالب الصغار المفسدة للكروم؟
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أمثلة مِن الثعالب الصغار:

قد تكون مثلًا، قليلًا من الكسل والتهاون والتراخي:
تصحو من النوم. وبدلًا من أن تبدأ يومك بالصلاة، تتراخى قليلًا. تؤجل الموضوع دقائق قليلة، ريثما تفيق.. في هذه الدقائق يكون الشيطان قد قدم لك مجموعة من الأفكار تشغلك. إما أن تعطلك عن الصلاة، وتجعل فكرك يطيش فيها..
لماذا نقول إذن في صلواتنا "يا الله، أنت إلهي، إليك أبكر، عطشت نفسي إليك"؟ (مز 63: 1)
لأجل الشوق إلى الله، وأيضًا لنهرب من هذا الثعلب الصغير، ثعلب التراخي والكسل..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
مثال آخر: خطية الكبرياء، قد تبدأ هى الأخرى بثعلب صغير:
قد تبدأ برغبة في الدفاع عن النفس، وربما يتطور الدفاع عن النفس إلى إدانة الغير..
و قد تبدأ بأن يتعود الإنسان الإجابة على سؤال وجه إلى غيره، وبأن يسمح لنفسه بمقاطعة غيره في الحديث ولو بأدب واستئذان. وقد تبدأ بابتسامة رضى وشعور بالرضى عند سماع كلمة مديح..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كل مشاكل يوسف الصديق بدأت بشيء بسيط، بأنه كان يتحدث عن أحلامه في مسمع أخوته، ولو ببساطة..
هذا الحديث كان يثير فيهم عوامل الحسد والغيرة. وما لبثت هذه الغيرة أن نمت، ووصلت إلى درجة من الخطورة أدت إلى إلقائه في البئر، وإلى بيعه كعبد.
إن السيدة العذراء بحكمتها وروحانيتها نجت من هذا الثعلب الصغير الذي أفسد العلاقة بين يوسف وأخوته. إذ أنها ظلت صامتة في كل ما أحاط بها من رؤى وعجائب وأمجاد.
لم تتحدث إطلاقًا، وإنما "كانت تحفظ كل تلك الأمور متأملة بها في قلبها" (لو 2: 51).
إن قصة يوسف تقدم لنا ثعلبًا صغيرًا آخر، ربما لم يلتفت إليه إطلاقًا أبو الآباء يعقوب. وهو القميص الملون الذي خص به ابنه يوسف، و سبب كثيرًا من الغيرة لاخوته.
هذا الثعلب الصغير (القميص الملون). يلعب دورًا خطيرًا في علاقتنا:
ربما تقابل مجموعة من الناس فتحييهم تحية عادية، بينما تخص واحدًا منهم بابتسامة خاصة، وعبارة اشتياق، وتنتحي به جانبًا لتحدثه على انفراد.. وقد يحدث كل ذلك تأثيره فيما بعد..
لذلك ينبغي أن نسلك بتدقيق، ونراعى شعور الكل. و نترك ثقبًا ولو ضئيلًا في معاملاتنا للناس، يتسلل منه ثعلب صغير، فيفسد الكروم..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
قد يكون الثعلب الصغير المفسد للعلاقات، هو مجرد إهمال –و لو عن غير قصد – إهمال لمجاملة ينبغي أن تؤدى في إحدى المناسبات فرحًا وحزنًا. ويستغل الشيطان ذلك لإحداث مشكلة، كان يمكن أن تعالج بزيارة وبخطاب وبمكالمة تليفونية.
فإن كانت الصغائر – وما تبدو صغائر – ينبغي أن نحترس منها، فكم وكم بالأكثر الكبائر من الخطايا والأغلاط!!
  رد مع اقتباس
قديم 10 - 02 - 2014, 03:57 PM   رقم المشاركة : ( 20 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,253

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث

صوت حبيبي
(نش 2: 8)
تقول العذراء في سفر النشيد "صوت حبيبي. هوذا آتٍ طافرًا علي الجبال، قافزًا علي التلال" (نش2: 8).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
تمييز صوت الرب:

أول ما تطلبه من النفس الروحية أن تميز صوت حبيبها.
تعرفه من بين كل الأصوات كلها. وكما قال الرب عن الراعي الصالح "الخراف تتبعه، لأنها تعرف صوته. وأما الغريب فلا تتبعه، بل تهرب منه، لأنها لا تعرف صوت الغرباء" (يو10: 4، 5).
إن النفوس المشتاقة إلي الرب، تعرف صوت حبيبها. ومجرد سماعه يشعلها بالحب.. إذا كان صوت مريم العذراء لما طرق أذني أليصابات، امتلأت أليصابات من الروح القدس، وارتكض الجنين بابتهاج في بطنها (لو1: 41). فكيف بالحري صوت الرب في آذان قديسيه..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كثيرون سمعوا صوت الرب، ولكنهم لم يميزوا..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
صموئيل الطفل، سمع صوت الرب مرتين، وهو يظنه صوت عالي الكاهن. ولكنه ميزه أخيرًا، فقال "تكلم يا رب فإن عبدك سامع" (1صم3: 9، 10).. ومريم المجدلية وهي مضطربة لم تستطع أن تميز صوت الرب، وظنته صوت البستاني، ولكنه أعلن لها صوته، فصرخت في حب "ربوني" الذي تفسيره "يا معلم" (يو20: 15، 16).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إن صوت الرب مميز من الكل، معلم بين ربوة..
صوته في حبه. وعاطفته، وعمقه، وتأثيره "لأن حلقه حلاوة، وكله مشتهيات" (نش5: 16).
كان صوت الرب يتميز بجاذبية خاصة..
تصوروا متي العشار، وقد سمعه مرة يقول له "اتبعني"، فترك مكان الجباية، والمال، والمسئوليات، فتبعه (مت9: 9) وهو لا يدري إلي أين يذهب، كما فعل أبونا إبراهيم لما سمع صوت الرب (عب11: 8).
وسمعان واندراوس، لما سمعا صوته يقول لهما "هلم ورائي فأجعلكما صيادي الناس، تركا الشباك والسفينة للوقت، ولم يستطيعا أن يقاوما جاذبية ذلك الصوت.. (مت4: 18-20).
وهكذا كلمة واحدة قالها لزكا رئيس العشارين، جعلته يقول "هوذا نصف أموالي أعطيه للفقراء. وإن كنت قد ظلمت أحدًا في شيء أرده خمسة أضعاف" (لو19: 8).
أحد الذين وصفوا المسيح في فترة تجسده، قال:
كان نظره قويًا، لا يستطيع أحد أن يطيل النظر إلي عينيه بل يخفض بصره. وكان صوته عميقًا ومؤثرًا وحلوًا..
إنه "صوت حبيبي" للأسف الشديد لم تكن هناك أجهزة تسجيل للصوت Recorders في أيام المسيح بالجسد حتى تحتفظ لنا بهذا الصوت، مدي الأجيال، تتذوقه الآذان.
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
في الواقع ليس كل إنسان مستحقًا لسماع ذلك الصوت.
إن الذين كانوا مع شاول الطرسوسي في طريق دمشق، حينما ظهر له السيد المسيح قال عنهم بولس الرسول إنهم رأوا النور ولكنهم لم يسمعوا الصوت الذي كلمني" (أع22: 9). إنهم لم يكونوا مستحقين: لذلك نقول في أوشية الإنجيل، ونحن نستعد لسماع كلمات الرب "اجعنا مستحقين أن نسمع ونعمل بأناجيلك المقدسة" فنطلب أن نستحق..
"صوت حبيبي"، كلم الآباء منذ البدء، بأنواع وطرق شتي. أول صوت سمعناه خالقًا، قال الرب: ليكن. فكان.. ثم سمعنا صوته معلمًا يقول لأبوينا الأولين ماذا ينبغي لهما أن يفعلا، ويقدم لهما الوصية، ثم سمعنا صوت الله مباركًا، أثمروا وأكثروا واملأوا الأرض"..
وظل صوت الله يتابع الإنسان في أغراض شتي..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
المهم أن نميز صوت الرب أيًا كان مصدره.
القديس الأنبا أنطونيوس سمع آية من قراءات الكنيسة، سمعها كل الشعب معه، ولكنه أدرك أنها صوت الله إليه هو بالذات فذهب ونفذها وباع كل ماله وأعطاه للفقراء..
وسمع صوت امرأة تقول له "إن كنت راهبًا، فاذهب إلي البرية الجوانية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكني الرهبان". فأدرك أن هذا صوت الله إليه علي لسان المرأة، ونفذه..
متي؟ وكيف؟
هل تسمع أنت صوت الله وتميزه؟ سواء سمعته في الكنيسة، وفي الشارع، ومن فم صديق وزميل، ومن فم من يوبخك، ومن أي مصدر كان.. ؟
ربما مرض يصيبك، ويصيب أحد أحبائك، يكون هو صوت الله إليك، أن تتوب وأن تستعد..
ربما ضيقة من الضيقات، تجربة، مشكلة، تسمع فيها صوت الله إليك، كما حدث لأخوة يوسف، لما وقعوا في يد حاكم مصر، ذكرهم صوت الله بأخيهم الذي استرحمهم فلم يرحموه (تك42: 21)..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
إنه صوت الله، قد يتكلم في أذنيك وأعماق قلبك:
تسمعه في داخلك يقول لك: لا تفعل هذا الأمر. حذار من هذا الطريق.. كفاكم قعودًا بهذا الجبل فتميزه وتقول: هذا صوت حبيبي، يرشدني إلي طريقه..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
كل إنسان في الدنيا وصله صوت الله، حتى الخطاة..
قايين أول قاتل، جاءه صوت الله "أين هابيل أخوك"؟. (تك4: 9).
ويهوذا الخائن جاءه صوت الرب أيضًا موبخًا. "أبقبلة تسلم ابن الإنسان؟!" (لو22: 48) وظل صوت الرب يرن في أذنه، حتى أرجع المال وقال "أخطأت إذ أسلمت دمًا بريئًا" (مت27: 4).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
أحيانًا، يأتي صوت الرب في حب وفي رفق ورسالة عزاء:
مثلما قال ليشوع "كما كنت مع موسى عبدك، أكون معك. لا أهملك ولا أتركك" (يش1: 5). وكما جاء هذا الصوت لأبينا يعقوب وهو هارب من عيسو "ها أنا معك، وأحفظك حيثما تذهب، وأردك إلي هذه الأرض" (تك28: 15).
صوت حبيبي جاء إلي التلاميذ والسفينة مضطربة، ليقول لهم "أنا هو، لا تخافوا". وهو يأتي في المزمور لكل نفس ليقول "الرب يحفظك، الرب يظلل علي يدك اليمني، فلا تضربك الشمس بالنهار ولا القمر بالليل. الرب يحفظ دخولك وخروجك" (مز121).
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لاحظوا أن العروس سمعت صوت حبيبها آتيا من بعيد:
لم يكن أمامها يكلمها، وإنما كان لازال يبدو بعيدًا قافزًا علي الجبال، طافرًا علي التلال".. ولكنها أحست به من بعيد، فقالت "صوت حبيبي. هوذا آت.. "
بالإيمان، تسمع صوت الرب، ولو من بعيد، لابد سيأتي.
سيأتي سريعًا، قافزًا علي الجبال، ولو في الهزيع الأخير من الليل. يأتي ليمسح كل دمعة من عيونكم.. بالإيمان تري ما لا يري، وتوقن بالأمور غير الموجودة كأنها موجودة، وتسمع صوت الرب ولو كان بعيدًا..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
لماذا صوت الرب؟

صوت الرب يأتي للمعونة، وللتعزية، وللبركة، وللمكافأة..
وقد يأتي أحيانًا للعقوبة "مخيف هو الوقوع بين يدي الرب" (عب10: 31)..
جميل أن تسمع صوت الرب وهو يقول "نعمًا أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينًا في القليل، فسأقيمك علي الكثير. أدخل إلي فرح سيدك" (مت25: 21، 23). ولكن صوت الرب قال للغني الغبي "في هذه الليلة تؤخذ روحك منك. فهذا الذي أعددته لمن يكون؟ (لو13: 20). وكان صوتًا مخيفًا..
إن كنت تحب الرب، حينئذ ستفرح بسماع صوته.
عذراء النشيد فرحت بصوت الرب، لأنها كانت تحبه. وآدم قبل الخطية كان يفرح بالرب وصوته. ولكنه لما أخطأ وسمع صوت الرب، خاف واختبأ وراء الأشجار. ولما كلمه الرب أجاب "سمعت صوتك في الجنة فخشيت، لأني عريان فأختبأت" (تك3: 10).
فهل إذا جاءك صوت الرب يجدك عريانًا؟! وخائفًا!
ما أصعب قول الرب لآخاب علي لسان إيليا النبي "في المكان الذي لحست فيه الكلاب دم نابوت اليزرعيلي، تلحس دمك أيضًا" (1مل21: 19).. بل ما أصعب صوت الرب في اليوم الأخير حينما يعلن حكمه علي بعض الخطاة فيقول "الحق أقول لكم أني لم أعرفكم قط، اذهبوا عني يا فاعلي الإثم" (مت7: 23)..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
علي أن صوت الرب قد يأتيك معاتبًا، لتغير طريقك:
كما قال لشاول الطرسوسي، شاول شاول، لماذا تضطهدني؟" (أع9: 4)..
أو كما قال لإيليا "مالك ههنا يا إيليا؟" (1مل19: 9)..
أو كما قال ليونان "هل أغتظت بالصواب؟" (يون4: 4)..
إن حبيبك يعاتبك أحيانًا، لكي ترجع إليه "هلم نتحاجج يقول الرب" (أش1: 18). إن عاتبك فلا تقس قلبك..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
قد يكلمك الله "بصوت منخفض خفيف". وقد يأتيك صوت الرب، والرب ممسك بسوط.. لأجل منفعتك.
والأبرار يفرحون بصوت الرب علي الدوام، ويجدون متعة في سماع كلامه، ويقولون مع المرتل "فرحت بكلامك كمن وجد غنائم كثيرة. وجدت كلامك كالشهد فأكلته"..
وإن كنت تخشي صوت الرب إليك، فتب، لأنك بالتوبة، سيتحول حزنك إلي فرح بالرب..
تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنوده الثالث
سيأتي لك صوت الرب، في وقت قد لا تتوقعه..
ذلك لأن ملكوت الله لا ياتي بمراقبة. موسى النبي أتاه صوت الله وهو سائر في البرية، فكلمه من العليقة دون أن يتوقع (خر3). وهكذا جاء صوت الرب لصموئيل الطفل، ولإرمياء الصبي، دون أن يتوقعاه (1صم3)..
إجعل إذنيك مفتوحتين لسماع صوت الرب، وافرح بصوته الحلو، ونفذ كلامه، واعتبره حبيبًا لك. وكلما سمعت صوته قل له مع عذراء النشيد "صوت حبيبي"..
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنودة الثالث
كتاب تأملات في سفر نشيد الأناشيد - البابا شنودة الثالث
أين ترعى ؟أين تربض وقت الظهيرة؟ تأملات في سفر نشيد الأناشيد - للبابا شنودة الثالث
أين تربض وقت الظهيرة؟ تأملات في سفر نشيد الأناشيد - للبابا شنودة الثالث
تأملات فى سفر نشيد الأناشيد لقداسة البابا شنودة الثالث


الساعة الآن 03:16 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024