ربنا باعتلك رسالة ليك أنت
الرسالة دى تحطها فى قلبك طول سنة 2025
يالا اختار رسالتك من الهدايا الموجودة وشوف ربنا هايقولك ايه
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
31 - 12 - 2013, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
النار من رموز الروح القدس واضح في يوم البند كنسي أن حل الروح القدس على التلاميذ كألسنة كأنها من نار" (أع2: 3). وحينئذ " امتلأ الجميع من الروح القدس، وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطلقوا" (أع2: 4). وليس هذا الأمر غريبًا، فالكتاب يقول " إلهن آكله" (عب12: 29). " والله روح" (يو4: 24). ونزول النار على الذبيحة، كان شاول إشارة إلى أن الله قد قبلها، كما حدث مع ذبيحة إيليا النبي التي أخزى بها أنبياء البعل وأنبياء السواري. يقول الكتاب في ذلك: " فنزلت نار الرب، وأكلت المحرقة والحجرة" (1مل18: 38). ونلاحظ أن النار كانت لا تفارق بيت الله إطلاقًا. كانت النار دائمة على مذبح المحرقة، إشارة إلى قبول الله للذبائح " النار على المذبح تتقد عليه. لا تطفأ عليها الكاهن حطبًا كل صباح. ويوقد عليها شحم ذبائح السلامة. نار دائمة تتقد على المذبح. لا تطفأ" (لا6: 12، 13). وفي المجمرة ترمز النار إلى اللاهوت، والفحم إلى الناسوت. ولعل الجمرة التي أخذتها أحد السارافيم من على المذبح (اش6: 6، 7). وطهر بها شفتيّ إشعياء تحمل نفس الرمز.[اقرأ في هذا الكتاب بموقع الأنبا تكلا عن الروح الناري]. وكانت النار أيضًا في السراج. هذه السرج كانت تملأ الزيتون النقي للضوء (خر27: 20) " يرتبها هرون وبنوه من المساء إلى الصباح أمام الرب فريضة دهرية في أجيالهم" (خر27: 21). وهنا نجد الرمزين متحدين معًا: الزيت والنار، أمام الرب فريضة دهرية. وفي الكنيسة حاليًا الشموع إلى جوار السرج. وفي الشموع أيضًا نجد الأمرين معًا: الزيت والنار. وكذلك القناديل: زيت ونار . ونفس هذا الأمر نكرره في الاحتفال بليلة أبو غلمسيس. سبعة قناديل، زيت ونار ... (لو دخل الناس إلى عمق الطقس، لاستطاعوا أن يروا الحكمة فيه، والروح الذي وضع به. ونفس القنديل، الزيت والنار، نجده في سر مسحة المرضى، الذي يعمل فيه الروح القدس. تري ما هو الدروس الروحية واللاهوتية التي تأخذها باستمرار من الزيت والنار، سواء في الشموع أو في السراج أو في القناديل، في طقس الكنيسة المقدس؟ ليتنا ندخل هذه المعنى إلى عقول أولادنا من سن طفولتهم، حتى لا يكتفوا بالشكل دون الجوهر، في كل ما يرونه في الكنيسة. كلمة سرج هي جمع سراج. والمزمور يقول: "سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي" (مز9: 1). فهل نتذكر هذا أثناء قراءة أو سماع الكتاب المقدس... فالكتاب هو ما كتبه رجال الله القديسون مسوقين من الروح القدس (2بط 1: 21) ). والروح القدس الناطق في الأنبياء. لذلك نتذكر السراج والنور وما في السراج من زيت ونار، وكل ما في ذلك من رموز الروح القدس. ويدعونا الرسول أن نكون " حارين في الروح" (رو12: 11)، ليذكرنا بنار الروح القدس في القلب [ أنظر فصل: الروح الناري ]. |
||||
31 - 12 - 2013, 04:35 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
الريح من رموز الروح القدس في الواقع أن الكلمة اليونانية "ابنفما" تعنى الريح والروح في نفس الوقت... فنقول: "الريح تهب حيث تشاء" أو "الروح يهب حيث يشاء" (يو3: 8). ومع ذلك نرى حلول الروح القدس في يوم الخمسين، قيل في مقدمته " وصار بغتة من السماء من السماء صوت كما من ريح عاصفة، وملأ كل البيت... وظهرت لهم ألسنة منقسمة كأنها من نار، واستقرت على كل واحد منهم. وامتلأ الجميع من الروح القدس" (أع2: 2 4). ومن الأمثلة الواضحة إحياء العظام في سفر حزقيال إذ "قال السيد الرب لهم يا روح من الرياح الأربع، وهب على هؤلاء القتلى فيحيوا.. فدخل فيهم روح" (حز37 : 9، 10). ونلاحظ أن السيد المسيح منح الروح القدس للتلاميذ في سلطان الكهنوت، بأن نفخ في وجوههم وقال "اقبلوا الروح القدس" (يو20: 22). وهذه النفخة هي ريح. وهذا ما نفعله أثناء رسامة الكاهن. ينفخ الأسقف في فمه ويقول له اقبل الروح القدس.. وهو يردد ما قيل في المزمور "فتحت فمي واقتبلت لي روحًا" (مز119). |
||||
31 - 12 - 2013, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
الروح القدس في العهد القديم إن المعرفة الواسعة التي أخدناها في العهد الجديد عن الروح القدس ولاهوته وصفاته وعمله، لا تعني أن الروح القدس ولاهوته وصفاته وعمله، لا تعني أن الروح القدس خاص فقط بالعهد الجديد، أو أن علاقة البشر به بدأت منذ حلوله يوم عيد البندكستى (العنصرة)... إنما الروح القدس، روح الله القدوس موجود منذ الأزل وللبشر علاقة به في العهد القديم أيضًا... وسنورد هنا بعض معلومات عنه في العهد القديم، وفي فترة ما بين العهدين: 1 منذ بدء الخليقة، وفي أول اصحاح من سفر التكوين، يقول الكتاب: " روح الله يرف على وجه المياه" (تك1: 2). 2 وقد اشترك الروح في عملية الخلق، إذ يقول المزمور " ترسل روحك فتخلق، وتجدد وجه الأرض" (مز104: 30). 3 وروح لله هو الذي تكلم من أفواه الأنبياء. كما تقول عنه في قانون الإيمان "الناطق في الأنبياء". وكما يقول القديس بطرس الرسول "لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21). ويقول القديس بولس الرسول "حسن كلم الروح القدس آباءنا بإشعياء النبي قائلًا..." (أع28: 25). وحزقيال النبى يتكلم كثيرًا عن تحريك الرب له، وعن وحى الرب إليه (حز2: 2) (حز37: 1) ( حز8: 3). ما أجمل قول نحميا، وهو يتذكر عمل روح الرب مع شعبه في إرشادهم عن طريق الوحي فيقول "وأعطيتهم روحك الصالح، لتعليمهم" (نح9: 20). 4 مقاومة اليهود للأنبياء كانت مقاومة للروح القدس: وهكذا وبخهم القديس اسطفانوس رئيس الشمامسة قائلًا "أنتم. أي الأنبياء لم يضطهده آباءكم؟!" (أع7: 51، 52). 5 "قال الرب لزربابل ومن معه على فم حجي النبي " تشدد يا زربابل... وتشددوا يا جميع شعب الأرض... فإنى معكم يقول رب الجنود، حسب الكلام الذي كلمتكم به عند خروجكم من مصر، وروحي قائم في وسطكم" (حج2: 4، 5). إذن روح الله كان قائمًا في وسطهم، سواء أحسوا بهذا أم لا. وهو الذي كان يقودهم ويقويهم ويشجعهم في غربتهم. 6 قال الرب لموسى النبي أن يجمع سبعين شيخًا لكي يساعدوه في الخدمة. ثم يقول الكتاب "فنزل الرب في سحابة وتكلم معه. وأخذ من الروح الذي عليه، وجعل على السبعين رجلًا الشيوخ. فلما حل عليهم الروح تنباوا" (عد11: 24، 25). إذن روح الرب كان على موسى، وانتقل من موسى إلى الشيوخ، فحل عليهم روح الرب فتنبأوا. ويحكى الكتاب أيضًا عن رجلين آخرين بقيا في المحلة اسم الواحد ألداد، واسم الآخر ميداد. " فحل عليهما روح الرب... فتنبآ في المحلة" (عد 11: 26). وهنا يبدو أن روح الرب قد عمل في كثيرون، ومنحهم موهبة النبوة، ولو لوقت محدود. أما الشيوخ فاستمر فيهم روح الرب ليمنحهم الحكمة في القيادة. 7 قال الرب لموسى النبى " خذ يشوع بن نون رجلًا فيه روح. وضع يدك عليه... واجعل من هبيتك عليه، لكي يسمع له كل جماعة بنى إسرائيل" (عد27: 18). وهنا نرى أن يشوع بن نون كان فيه روح الرب، ولكنه احتاج لوضع يد موسى لكي ينال من الروح موهبة القيادة وطاعة الشعب له... 8 نسمع أيضًا أن روح الرب يحل على بعض الحرفين ليعطيهم حكمة في الصناعة الخاصة بالكنيسة والكهنوت. مثال ذلك بصلئيل الذي امتلأ من روح الله بالحكمة والفهم لعمل كل ما يلزم لخيمة الاجتماع (خر31: 3). وكذلك حكماء القلوب الذين ملأهم الرب من روح الحكمة لكي يصنعوا ثياب الكهنوت لهرون (خر28: 3). 9 سمعنا أيضًا عن شمشون الجبار، وكان نذيرًا للرب من بطن أمه (قض13: 5)، وقد بشر ملاك الله بولادته. هذا قيل عنه إن الرب باركه " وابتدأ روح الرب يحركه في محله دان..." (قض13: 25) وقيل أكثر من مرة إن روح الرب حل عليه ( قض4: 6، 19) (قض15: 14). 10 كذلك حل روح الرب على شاول الملك لما مسحه صموئيل النبى "وأعطاه الله قلبًا آخر". ولما حل عليه روح الرب تنبأ، حتى تعجب جميع الذين عرفوه من قبل وقالوا: "أشاول أيضًا بن الأنبياء؟!" (1صم10: 9 11). 12 وبنفس الوضع حل روح الرب على الصبى داود، لما مسحه صموئيل النبي ملكًا على إسرائيل. وقال الكتاب في ذلك "فأخذ صموئيل قرن الدهن، ومسحه في وسط أخوته. وحل روح الرب على داود من الآن فصاعدًا" (1صم16: 13) وقال داود للرب في المزمور "روحك الصالح هدينى" (مز143: 10). |
||||
31 - 12 - 2013, 04:50 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
دهن المسحة المقدسة 13 هذه المسحة المقدسة، التي كان يحل بها روح الرب، وكان يمسح بها الكهنة والملوك والأنبياء (خر30: 30) (لا8: 30) (1مل19: 15). وتجلت مسحة هرون الكهنة في سفر المزامير: إذ يقول المرتل "هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الأخوة معًا، مثل دهن الطيب الكائن على الرأس، النازل على اللحية لحية هرون، النازل إلى طرف قميصه"... (مز133). استخدمت المسحة المقدسة في مسح بيت الله ولعلنا نجد أصداء لهذا الأمر في تدشين يعقوب أبى الآباء لأول بيت لله في التاريخ (تك28: 10 19). وهكذا كان يمسح بيت الرب. كل مذابحه، فتتقدس بروح الرب وتتكرس لخدمته. (لا8: 10، 11). 14 نلاحظ هنا أن الله كان يعطى الروح القدس عن طريق أولاده وبطقس وضعه هو لهم. فموسى النبى يأخذ الروح مباشرة من الله، ثم يمنحه لهرون وبنيه، عن طريق المسحة التي من وضع الله نفسه. كان ممكنًا لله أن يمنح الكهنوت لهرون وبنيه، بروحه القدوس، مباشرة. ولكنه لم يشأ ذلك، وإنما أراد أن يكون ذلك عن طريق عبده موسى الذي جعله أمينًا على كل بيته، وفمًا إلى فم يتكلم معه (عد12: 7، 8). وكان ممكنًا أن يمنح الله الروح القدس لداود مباشرة. ولكنه شاء أن يكون ذلك عن طريق عبده صموئيل، وبواسطة المسحة المقدسة التي هي من وضع الله نفسه. علينا إذن من هذا الأمر، أن نفهم طريقة الله في التعامل مع البشر، وخطة الله في اتخاذ وكلاء له من البشر، يأتمنهم على الأمور المختصة بملكوته. كذلك نلاحظ أمرًا هامًا جدًا في إقامة السبعين شيخًا. لم يمنحهم الله الروح من عنده مباشرة. إنما أخذ من الروح الذي على موسى وجعله عليهم، فحل عليهم الروح (عد11: 24). وأنا أقف متعجبًا أمام عبارة " أخذ الرب الروح الذي على موسى". إنه وكيله، ويريد أن الشيوخ يعترفون بمصدره الإلهي. 18 ولعله بهذه المسحات الثلاث قد مسح السيد المسيح. مسح من روح ملكًا وكاهنًا ونبيًا. فهو الذي قيل عنه في سفر إشعياء النبي " روح السيد الرب على. لأنه الرب مسحني لأبشر المساكين. أرسلني لأعصب منكسري القلوب .." (اش61: 1). وهو الذي قصده الرب بقوله"... مختاري الذي سرت به نفسي. وضعت روحي عليه، فيخرج الحق للأمم. لا يصيح... ولا يسمع أحد في الشوارع صوته ..." (اش42: 1، 2). وقد شرح القديس بطرس الرسول هذه المسحة بقوله: " يسوع الذي من الناصرة، كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة" (أع10: 38). إنه هذا الذي مسح بزيت البهجة أفضل من رفقائه (عب1: 9) تحقيقًا لنفس هذه النبوة التي وردت في المزمور (مز44). وكانت المسحة وقت العماد، حين حل الروح عليه. وبهذه المسحة دعى اسمه مسيحه أزليه، كانت في فكر الله منذ الأزل. ولذلك قال في سفر الأمثال " منذ الأزل مسحت، منذ البدء" (أم8: 23). إن علاقة السيد المسيح بالروح القدس علاقة مزدوجة: إحداهما علاقة أقنومية أزليه، هو في الروح القدس، والروح القدس فيه منذ الأزل . إنه روحه. وعلاقة مسحه للخدمة في وقت العماد، والتي أشير إليها في (اش61: 1). وسنشرح هذا الأمر عند حديثنا عن الزيت كرمز للروح القدس. 16 كان روح الرب في العهد القديم يحل على أفراد. كما حل على الأنبياء، وعلى بعض الملوك فتنبأوا، وعلى السبعين شيخًا وغيرهم فتنبأوا. وحل على البعض فأعطاهم مواهب، كما أعطي شمشون قوة خارقة. وكما أعطى بصالئيل حكمة ومعرفة في صنع كل ما يحتضن خيمة الاجتماع... إلا أنه لم يكن عامًا كحلوله في العهد الجيد يصير جميع المؤمنين هياكل للروح القدس، وهو يسكن فيهم. 17 وعن هذا الحلول العام، وردت نبوءة في العهد القديم. مثل قول الرب في سفر حزقيال النبى "وانزع قلب الحجر من لحمكم، وأعطيكم قلب لحم. واجعل روحى في داخلكم. واجعلكم تسلكون في فرائضى" (حز36: 26-27). وكذلك النبوءة التي وردت في سفر يويل النبي وتحققت في يوم الخمسين (يو2: 28). ولكن لعل الجميع في العهد القديم لم يكونوا مستحقين لحلول روح الله فيهم بصفه عامة، لا نحرافهم عن الإيمان، ولقسوة قلوبهم، ووقوعهم أحيانًا في الوثنية. 18 وكان روح الرب في العهد القديم، يفرق أحيانًا من يحل عليهم: + وهذا واضح في قصة شاول الملك الذى رفضه الرب، وقال عنه الكتاب "وذهب روح الرب من عند شاول، وبغته روح ردئ من قبل الرب" (1صم16: 4). هذه المفارقة يشابهها قول داود في المزمور "روحك القدوس لا تنزعه منى" (مز50). 19 وكان الروح القدس في العهد القديم، يقود أحيانًا بعض الملوك الأمميين، لصالح شعبه. ونذكر من بين هؤلاء ثلاثة من ملوك فارس: كورش وداريوس وأرتحشستا، وما فعلوه من أجل إعادة بناء بيت الله وبناء سور أورشليم مما ورد في سفر عزرا ونحميا "ففي بدء السنة الأولى لكورش ملك فارس "نبه الرب روح كورش ملك فارس" (عز1: 1)، فإمر ببناء بيت الله في أورشليم، وأعاد آنيه بيت الرب التي أخرجها نبوخذ نصر من أورشليم (عز1: 7)، مع الإنفاق على كل هذا. وهكذا فعل داريوس الملك ( عز6: 3-12). وكذلك فعل أرتحشستا الملك في خطابه إلى عزرا الكاهن (عز7: 11 25). |
||||
31 - 12 - 2013, 04:52 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
فترة ما بين العهدين كانت فترة عمل عميق من الروح القدس، وبخاصة في الأحداث التي عاصرت البشارة والتجسد. وسنخلصها في النقاط الآتية: 1 أهم عمل للروح القدس، كان عمله في التجسد الإلهى: فقد قيل عن القديسة مريم العذراء إنها "وجدت حبلى من الروح القدس" (متى1: 18). وكان جبرائيل الملاك قد بشرها قائلًا " الروح القدس يحل عليك، وقوة العلى تظللك. فذلك أيضًا القدوس المولود منك يدعي أبن الله" (لو1: 35). وعندما راودت الأفكار يوسف النجار من جهة حبل مريم، وقال له ملاك الرب " الذي حبل به فيها، هو من الروح القدس" (متى1: 20). الروح القدس ساعد على تكوين جسد المسيح في بطن العذراء بدون زرع بشر، لذلك نقول في القداس الإلهى عن السيد المسيح الرب " الذي من الروح القدس ومن مريم العذراء، تجسد وتأنس". ونقول في قانون الإيمان " نزل من السماء، وتجسد من الروح القدس ومن مريم العذراء وتأنس". والروح القدس أيضًا قدس مستودع السيدة العذراء أثناء الحبل الإلهى، حتى أن المولود منها لا يرث شيئًا من الخطية الجدية الأصلية. 2 قال ملاك الرب لزكريا في البشارة بميلاد يوحنا المعمدان: ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس" (لو1: 15). ولعل هذه أول إشارة في الإنجيل عن الامتلاء من الروح القدس. ولعله بسبب امتلاء يوحنا بالروح القدس وهو في بطن أمه، أن أمه قالت للقديسة العذراء لما زارتها "هوذا حين صار صوت سلامك في أذنى، ارتكض الجنين بابتهاج في بطني" (لو1: 44) . ارتكض بابتهاج، لأنه أحس بالروح وهو جنين، أنه أمام جنين آخر في بطن العذراء هو المسيح، فإبتهج بلقائه، وارتكض متحركًا لهذا اللقاء...! 3 امتلاء أليصابات من الروح القدس: لما دخلت القديسة العذراء بيت زكريا، سلمت على زوجة أليصابات. وهنا يقول الكتاب " فلما سمعت أليصابات سلام مريم، ارتكض الجنين في بطنها، وامتلأت اليصابات من الروح القدس" (لو1: 41))... ترى أية قوة روحية كانت في هذا السلام؟! 4 امتلاء زكريا الكاهن من الروح القدس: بعد ولادة يوحنا المعمدان، انفتح فم زكريا أبيه وتكلم وبارك الرب "وامتلأ زكريا أبوه من الروح القدس وتنبأ قائلًا.." (لو1: 64 67). وهنا نرى أسرة بأكملها تمتلئ كلها من الروح القدس: الأب، والأم والإبن وهو جنين. ومع الأب موهبة النبوة، ومع الأم موهبة الكشف الروحى الذي عرفت به أن مريم هي أم الرب، وأنها آمنت "أن يتم ما قيل لها من قبل الرب" (لو1: 43 45). 5 عمل الروح القدس في سمعان الشيخ: يقول افنجيل المقدس إن " الروح القدس كان عليه " وكان " قد أوحي إليه بالروح القدس "إنه لا يرى الموت قبل أن يرى مسيح الرب. وإنه أتى "بالروح" إلى الهيكل (لو3: 25 27). ولذلك أمكنه بالروح أن يتعرف على المسيح وهو طفل، ويتنبأ نبوءات بشأنه... ولا شك أن حنة النبية كانت بنفس الوضع في تسبيحها وكلامها عن الرب (لو2 ك 38). 6 الروح القدس قبيل العماد وأثناءه: حل الروح القدس على السيد المسيح بهيئة حمامة (لو3: 22) (متى3: 16). والروح القدس هو أيضًا الذي أرشد يوحنا المعمدان إلى معرفة المسيح. وهو نفسه قال " وأنا لم أكن أعرفه. لكن الذي أرسلنى لأعمد بالماء، ذاك قال لي: الذي ترى الروح نازلًا ومستقرًا عليه، فهذا هو الذي يعتمد بالروح القدس" (يو1: 23). |
||||
31 - 12 - 2013, 05:12 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
أهمية حلول الروح القدس في كنيسة الرسل حلول الروح القدس كان بدء عمل الكنيسة المسيحية. لقد بدأ السيد المسيح في تكوين الكنيسة حينما اختار الرسل الاثني عشر وأرسلهم ( متى10: 1 16). ثم أختار سبعين آخرون وأرسلهم (لو10: 1-20)، مع مجموعات متفرقة من أحبائه وتلاميذه هنا وهناك. ولكنه على الرغم من اختيار الرسل لم يسمح لهم بأن يبدأوا الكرازة إلا بعد حلول الروح القدس عليهم. فكان ذلك الحدث العظيم هو نقطة التحول العظيم في بدء الكرازة على أوسع نطاق. فالروح القدس هو الذي منح القوة اللازمة للعمل الكرازي. كان إرسال الروح القدس هو وعد من الرب" (يو14: 26) (يو15: 26) (يو16: 7). ولكنه مع ذلك قال لهم "ها أنا أرسل إليكم موعد أبى. فأقيموا في مدينة أورشليم، حتى تلبسوا قوة من الأعالي" (لو24: 49). فمن أين تأتيهم تلك القوة؟ قال لهم عن هذا "لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكوون لي شهودًا وفي كل اليهودية والسارة وإلى أقصى الأرض" (أع1: 8).. كان روح الله لازمًا جدًا لهم، وبدونه لا يعملون: وسنرى كيف عمل الروح القدس معهم في الكرازة والتعليم. فانتظروا حسب أمر الرب. وكل أعدادهم السابق للخدمة على مدي أكثر من ثلاث سنوات، لم يكن يغنيهم عن الروح القدس وعمله وبهم. ولعل هذه الأيام العشرة التي أنتظروها كانت أيام صلاة ورجئ واستعدادًا من القلب للعمل المقبل... الروح القدس يعمل في الخدام. وهو الذي يعينهم: هو الذي حل على الرسل في يوم الخمسين، ولم يبدأوا خدمتهم إلا بعد حلوله عليهم . وكان الامتلاء من الروح القدس شرطًا للخدمة، ليس فقط لدرجة الرسولية، إنما حتى للشمامسة إذ قال الرسول للشعب حينما أرادوا سيامة الشمامسة "انتخبوا أيها الرجال الاخوة سبعة رجال منكم مشهودًا لهم ومملوئين من الروح القدس والحكمة، فنقيهم على هذه الحاجة" (أع6: 3). وكان الروح القدس هو الذي يدعو ويختار الخدام، كما قال "افرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما لإليه" (أع13 :2) وهذان بعد وضع الأيدى عليهما، قيل أنهما " أرسلا من الروح القدس" (أع13 : 4). وقد قال القديس بولس الرسول لأساقفة أفسس "احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة" (أع20: 28). والروح القدس كان هو الذي يحرك الخدام: ففي قصة عماد الخصى الذي كان يقرأ نبوءة اشعياء في مركبته "قال الروح لفيلبس: نقدم ورافق هذه المركبة" (أع8: 28، 29). وفي قصة عماد كرنيليوس لما وصل رجاله إلى بطرس " قال له الروح: هوذا ثلاثة رجال يطلبونك. قم وانزل واذهب معهم غير مرتاب في شيء. لأنى أنا قد أرسلتهم" ( أع 10: 19، 20). وفي خدمة بولس وسيلا ومن معهم "منعهم الروح أن يتكلموا بالكلمة في آسيا. فلما أتوا إلى ميسيا، حاولوا أن يذهبوا إلى بيثينية فلم يدعهم الروح" (اع16: 6، 7). وأخيرًا دعاهم لتبشير مكدونية... وفي رؤيا يوحنا يقول "فمضى إلى جبل عظيم عال، ورأيت المدينة العظيمة أورشليم..." ( رؤ21: 10). والقديس بولس الرسول يقول " والآن ها أنا اذهب إلى أورشليم إلى مقيدًا بالروح، لا أعلم ماذا يصادفني هناك" (أع20: 21، 22). وفي العهد القديم قيل عن شمشون " وابتدأ روح الرب يحركه في محله دان" (قض13: 25). |
||||
31 - 12 - 2013, 05:14 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
كيف حلَّ الروح القدس؟ حل الروح القدس عليهم بهيئة ألسنة من نار. وكان نتيجة ذلك أن "امتلأ الجميع من الروح القدس" (أع2: 4). وصاروا يتكلمون بألسنة كل الشعوب المجتمعة في ذلك اليوم العظيم (حوالي 15 شعبًا) متحدثين بعظائم الله (أع2: 9 11). وألقى بطرس كلمة، كانت نتيجتها أن نخس السامعون في قلوبهم، وقبلوا الكلام بفرح، واعتمد في ذلك اليوم ثلاثة آلاف نفس (أع2: 37، 41). 2 ولكنهم فيما بعد كانوا يمنحون الروح القدس بوضع اليد. كما حدث لأهل السامرة، إذ يقول الكتاب إن الرسل أرسلوا إليهم بطرس ويوحنا "اللذين لما نزلا ، صليا لأجلهم لكي يقبلوا الروح القدس"، "حينئذ وضعا الأيادي عليهم، فقبلوا الروح القدس" (أع8: 15، 17). وكما حدث أيضًا لأهل أفسس، إذ يقول سفر أعمال الرسل "فلما وضع بولس يديه عليهم، حل الروح القدس عليهم، فطفقوا يتكلمون بألسنة ويتنبأون" (أع19: 6). 3 ثم صار منح الروح القدس بالمسحة المقدسة. ولذلك لم تكن هناك فرصة لوضعه أيدي الرسل، بعد انتشار المسيحية في بلاد عديدة . لذلك استخدمت المسحة التي هي حاليًا الميرون المقدس. وقد أشار القديس يوحنا الرسول إلى هذه المسحة فقال "وأما أنتم فلكم مسحة من القدوس..." (1يو12: 20) وأيضًا " وأما أنتم فالمسحة التي أخذتموها منه ثابتة فيكم..." (1يو2: 27) [ أنظر أيضًا 2كو1: 31 ]. 4 أما الكهنوت فقد أخذه الرسل بالنفخة المقدسة. إذ أن السيد المسيح نفخ في وجوههم "وقال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه تغفر له. ومن أمسكتمم خطاياه أمسكت" (يو20: 22، 23). فالروح القدس الذي فيهم كان يغفر الخطايا أو ممسكها. عن طريقهم. على أن الرسل كانوا فيما بعد يمنحون الروح القدس في سر الكهنوت بوضع اليد. ونذكر في ذلك قول القديس بولس الرسول لتلميذه تيموثاوس أسقف أفسس " أذكرك أن تضرم أيضًا موهبة الله التي فيك بوضع يدي" (2تى1: 6). وقال له عن رسامته للآخرين " لا تضع يدك على أحد بالعجلة. ولا تشترك في خطايا الآخرين" (1تى5: 22). وهكذا نرى في إرسالية وشاول إنهم "صاموا حينئذ وصلوا. ووضعوا عليهما الأيادي. فهذان إذ أرسلا من الروح القدس انحدرا إلى سلوكية.." (أع13: 3، 4). فبوضع الأيدي أرسلًا من الروح القدس. وفي سيامة الشمامسة السبعة نفس الوضع "أقاموها أمام الرسل. فصلوا ووضعوا عليهم الأيادي" (أع6: 6). + وهكذا نرى أن وضع اليد كان مصحوبًا بصلوات معينة، هي حاليًا طقس السيامة. كما نرى أن الروح القدس قد حل على التلاميذ من الله مباشرة، إذ ليس هناك من هو أعلى منهم يمنحهم إياه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). ولكن بعد أن صار الرسل "وكلاء سرائر الله" (1كو4: 1).. صار وكلاء الله هؤلاء هم الذين يمنحون الروح القدس. بوضع أيديهم وصلواتهم، كما في إقامة الأساقفة والقسوس والشمامسة، أو بوضع اليد أولًا ثم استخدام المسحة، كما في منح الروح لعامة المؤمنين. وبهذا صار الروح الذي فيهم، ينتقل منهم إلى غيرهم بالطريقة التي ذكرناها... حاليًا نحن نمارس سر الميرون المقدس أو سر المسحة المقدسة بعد العماد. وفي طقس هذا السر نرشم الطفل بالميرون في مواضع كثيرة من جسده، وأيضًا نضع اليد على رأسه وننفخ في وجهه ونقول له "اقبل الروح القدس..." وبالنسبة إلى السيدات الكبار أن يضع الأسقف يده على المرأة بالصلوات لتقبل الروح القدس. ويرشم الأجزاء الظاهرة من جسدها... وكان الروح هو الذي يتكلم على أفواه الخدام: وفي ذلك قال السيد المسيح للتلاميذ حينما أرسلهم "..لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت10: 20). وقال القديس بطرس الرسول "لم تأت نبوءة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" ( 2بط1: 21). لذلك نقول في الإيمان عن الروح القدس: "الناطق في الأنبياء". وقيل عن الرسل في يوم الخمسين " وابتدأوا يتكلمون بألسنة أخرى، كما أعطاهم الروح أن ينطقوا" (أع2: 4). وقد تنبأ أغابيوس عن بولس الرسول بدأهل بقوله " هذا يقوله الروح القدس.." (أع21: 11). وقال القديس بولس الرسول " لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلم بها أيضًا، لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية، بل بما يعمله الروح القدس" (1كو2: 12، 13). |
||||
31 - 12 - 2013, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
الروح القدس المُعطي الروح القدس هو دائم العطاء، منذ بدء الخليقة... ولا تزال يعطى باستمرار. ونلمس عطاءه في الكنيسة كل يوم. ولكي نتبع هذا العطاء، نذكر النقاط الآتية: · الروح القدس هو أقنوم الحياة في الثالوث القدوس. فطبيعي إذن أنه يعطينا الحياة . لولاة كنا لا نزال على الأرض. ولكنه منحنا الحياة. " جبل الرب الإله آدم ترابًا من الأرض ونفخ في أنفه نسمة حياة. فصار آدم نفسًا حية" (تك2: 7). وكانت هذه أول عطية نلناها من الروح القدس، أعني الروح، عطية الحياة. وإن كان روح الله قد وهبنا الروح والحياة، فطبيعي كذلك أنه وهبنا ما لهذه الروح من عقل وفهم وضمير وخلود، وباقي صفات الروح. والروح القدس لم يهب الحياة لنا فقط، بل لكل الكائنات الحية أيضًا. كانت الأرض خربة وخاليه ومظلمة " وروح الله يرف على وجه المياه" (ك1: 2). ثم " قال الله لنفض المياه زحافًا ذات نفس حية، وليطير طير فوق الأرض..." ( تك1: 20). وهكذا فإن روح الله الذي كان يرف على وجه المياه، اخرج منها هذه الكائنات الحية. وهذه الكائنات الحية، يحفظ روح الله وجودها، فيجدده على الأرض. ويقول عنها المرتل في المزمور " كلها إياك تترجى، لترزقها قوتها في حينه... تنوع أرواحها فتموت، وإلى ترابها تعود. ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الأرض" (مز104: 27 30). · روح الله يعمل أيضًا في القيامة، فيعيد الحياة للبشر. حسب قول الرب للعظام في سفر حزقيال " هاأنذا داخل فيكم روحًا فتحيون... واجعل روحي فيكم فتحيون" (حز37: 5، 14)... تقال هذه عن القيامة الجسدية، وعن القيامة الروحية أيضًا. · الروح القدس يعمل إذن في التوبة. يقول الرب في ذلك "أعطيكم قلبًا جديدًا، واجعل روحًا جديدة في داخلكم... واجعل روحي في داخلكم، وأجعلكم تسلكون في فرائضي، وتحفظون أحكامي وتعلمون بها " (حز36: 26، 27). الروح القدس هو الذي يبكينا على خطية (يو16: 8). وتبكيت الروح القدس أقوى جدًا من تبكيت الضمير البشرى العادي. ولا يقتصر عطاء الروح على تبكيتنا، وإنما يقودنا في الحياة الروحية. وقد قال الرسول في ذلك "لأن كل الذين ينقادون بروح الله، فأولئك هم أبناء الله" (رو8: 14). التفاصيل كثيرة جدًا ولكي ألخصها في عبارة قصيرة وشاملة وهي: · الله يعطينا روحه القدوس ليسكن فينا. وروح الله يعطينا كل شيء... لقد أعطى الروح القدس للتلاميذ في يوم الخمسين (أع2: 2، 3). والتلاميذ أعطوا الروح للناس أولًا بوضع اليد (أع8: 17، 18) ثم بالمسحة المقدسة ( 1يو2: 20، 27). ويعطينا الله روحه حاليًا بسر المسحة، سر الميرون المقدس. وكما يقول الرسول "أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم" (1كو6 : 19). والله يعطينا روحه بسخاء، كما قال المعمدان: " لأنه ليس بكيل يعطى الله، الروح" (يو3: 34). أي أن عمل روح الله فينا، يكون بوفرة كبيرة. والروح يعطينا كل شيء، لأن "كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق نازله من عند أبى الأنوار" (يع1: 17) . والعطايا التي يعطيها الروح، بعضها طبيعية، وبعضها فائق للطبيعة لذلك نقول: · الروح القدس هو مصدر جميع المواهب ومعطيها: جميع المعجزات والمواهب الفائقة للطبيعة، وجميع العجائب والقوات، كلها بعمل الروح القدس في الإنسان، وليس بقوة بشرية خاصة. وقد شرح القديس بولس ذلك في إصحاح كامل من رسالته إلى كورنثوس (1كو12) فقال في ذلك: "أنواع مواهب موجودة، ولكن الروح واحد... ولكنه لكل واحد يعطى إظهار الروح للمنفعة، فإنه لواحد بالروح يعطى بالروح كلام حكمة. ولآخر كلام علم بحسب الروح الواحد. ولآخر إيمان بالروح الواحد. ولآخر مواهب شفاء بالروح الواحد ولآخر عمل قوات. ولآخر نبوة ولآخر تمييز أرواح. ولآخر أنواع السنة ولآخر ترجمة ألسنة ولكن هذه كلها يعملها الروح الواحد بعينه، قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو12 4: 11). وغرض هذه المواهب هو المنفعة الروحية. حسب قول الرسول " يعطى إظهار الروح للمنفعة" (1كو12: 7)، وحسب قوله لتبنى الكنيسة" (1كو14: 4). وكما قال أيضًا " لأجل تكميل القديسين، لعمل الخدمة ، لبنيان جسد المسيح، إلى أن ننتهي جميعنا إلى وحدانية الإيمان ومعرفة ابن الله" (أف4: 12، 13). فالمواهب التي يعطيها الروح القدس، ليست للافتخار والمجد الباطل، إنما لبنيان الكنيسة. وأعظم العصور التي مرت على الكنيسة، هي العصور التي كان يعمل فيها الروح القدس بهذه المواهب. فنمو الكنيسة وانتشار الإيمان، لم يكن نتيجة للنشاط البشرى أو الجهاد الفردي أو يكرز، والراعي يرعى. ولكن الروح القدس هو الذي كان ينخس القلوب، وبغيرها ويجددها ويعطيها حرارة... فالرسل كانوا يبشرون " شاهدًا الله معهم بآيات وعجائب وقوات متنوعة، ومواهب الروح القدس حسب إرادته" (عب2: 4). وحتى في الوعظ والتبشير، نقول: · كان الروح القدس هو الذي يعطى الكلمة. وفي هذا يقول القديس بولس الرسول "مصلين بكل صلاة وطلبة... لأجل جميع القديسين ولأجلى، لكي يعطى لي كلام عند افتتاح فمي، لأعلم جهارًا بسر الإنجيل" (اف6: 18، 19). وهذا ما قاله السيد المسيح لتلاميذه "لأن لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت10: 20). فها في كل خدمة تقوم بها، تكون أنت المتكلم أن تطلب من الروح القدس أن يعطيك كلمة، ويعطى السامعين تأثرًا؟! ويقول السيد الرب لتلاميذه عن هذه النقطة من عمل الروح القدس: وأما المعزى الروح القدس. فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم" ( يو14: 26). ويقول القديس يوحنا الرسول في ذلك "وأما أنتم، فلكم مسحه من الروح القدس، وتعلمون كل شيء"، "كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء" (1يو2: 20، 27) . الروح القدس يعلمنا، ويرشدنا، ويذكرنا... كل هذه عطايا من عنده... وفي عصور الأنبياء، كانت النبوة أيضًا هي عطية من الروح القدس. وفي ذلك يقول معلمنا القديس بطرس الرسول " لأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان، بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس" (2بط1: 21). ويقول، الرب في سفر يوئيل النبي "اسكب روحي على كل بشر. فيتنبأ بنوكم وبناتكم. ويحلم شيوخكم أحلامًا. ويرى شبابكم رؤى" (يو24: 28). ولعله بسبب هذا، قيل عن الروح القدس في قانون الإيمان "الناطق في الأنبياء". إنه مصدر النبوءة والتبشير والتعليم. وهكذا يقول معلمنا بولس الرسول عن كرازته "ونحن لم نأخذ روح العالم، بل الروح الذي من الله، الأشياء الموهوبة لنا من الله، التي نتكلم بها أيضًا، لا بأقوال تعلمها حكمة إنسانية، بل بما يعلمه الروح القدس، قارنين الروحيات بالروحيات" (1كو2: 12، 13). الروح القدس أيضًا يعطى قوة. ولذلك سمي روح القوة (2تى1: 7)، (أش11: 2) وهكذا قال الرب لتلاميذه "ولكنكم ستنالون قوة، متى حل الروح القدس عليكم، وحينئذ تكونون لي شهودًا" ( أع1: 8). وقال لهم في ذلك لا تبرحوا أورشليم إلى أن "تلبسوا قوة من الأعالي" (لو24: 49). ويقول القديس بولس الرسول " لكي يعطيكم بحسب غنى مجده أن تتأيدوا بالقوة بروحه" (أف3: 16). وما أجمل كلمة الرب إلى زربابل "لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود" (زك4: 6). · الروح القدس يعطى أيضًا ثمر الروح. · إنه الثمر الذي بنتيجة لانقياد روح الإنسان بالروح القدس. وعنه قال القديس بولس الرسول "وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام، طول أناة، لطف صلاح إيمان، وداعة تعفف" (غل5: 22، 23). وعن المحبة التي هي أولى ثمار الروح يقول "لأن محبة الله قد انسكبت في قلوبنا، بالروح القدس المعطى لنا" (رو5: 5). بل الفضائل كلها بلا استثناء، ننالها عن طريق شركتنا مع الروح القدس. فهو العامل فينا. · حتى الإيمان، هو من الروح القدس: وفي ذلك يقول الرسول "ليس أحد يقدر أن يقول يسوع رب، إلا بالروح القدس" ( 1كو12: 3). ولعله بعمل الروح القدس، استطاع كرنيلوس أن يؤمن (1كو12: 9) . ولعله يقصد هنا الإيمان الذي يقول عنه الرب " كل شيء مستطاع للمؤمن" (مز9: 23). · الروح القدس هو الذي يعطى العزاء. ولذلك سمى البارقليط، الروح المعزى. وعنه يقول السيد الرب لتلاميذه " ومتى جاء المعزى... روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي" (يو15: 26 ) وأيضًا " وأنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيًا آخر ليمكث معكم إلى الآبد، روح الحق..." (يو14: 15). وأما المعزى الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء" (يو14: 26). والمقصود طبعًا أنه مصدر كل تعزية روحية. أو هو الذي يعطى العزاء الروحي. · الروح القدس هو معطى القداسة: ولذلك سمى أيضًا " روح القداسة" (رو1: 4). ولا يمكن لإنسان أن يصل إلى القداسة، إلا بعمل الروح القدس فيه... والأمر لا يقتصر على البشر فقط، وإنما أيضًا: الروح القدس يقدس كل المقدسات: الروح القدس بمسحة الميرون المقدس، يقدس الكنائس والمذابح، يدشنها. ويمنح القداسة لأواني الخدمة المقدسة، وللمعموديات والأيقونات... وكل ما ندهنه بزيت الميرون المقدس. · والروح القدس يمنح الميلاد الجديد في سر المعمودية: · إنه يقدس ماء المعمودية، ويمنح من يغطسه الكهنة فيه نعمة الميلاد الجديد أو الميلاد الثاني. ولذلك قال الرب لنيقوديموس "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله" (يو3: 5) "المولود من الجسد، جسد هو. والمولود من الروح هو روح" (يو3: 6). وعن هذا الميلاد الثاني قال القديس بولس الرسول"... بل بمقتضى رحمته خلصنا، بغسل الميلاد الثاني، وتجديد الروح القدس" (تى3: 5). · تذكرنا هذه الآية، بأن الروح القدس يمنح التجديد أيضًا: · ولذلك فإن الذي يولد من الماء والروح في المعمودية يسلك "في جدة الحياة" ( رو6: 4)، أي في الحياة الجديدة في المسيح يسوع " عالمين هذا. أن إنساننا العتيق قد صلب معه" (رو6: 6) " وفي هذه الحياة الجديدة نلبس المسيح" (غل3 : 27) أي نلبس البر الذي من المسيح. والروح القدس يمنح أيضًا الكهنوت وسلطانه، بوضع اليد. ويمنح الدعوة الإلهية: أما عن الدعوة الإلهية فواضحة من قول الروح القدس "افرزوا لي برنابا وشاول، للعمل الذي دعوتهما إليه" (أع13: 2) فلما وضعوا عليهما الأيادي "هذان إذ أرسلا من الروح القدس.. انحدروا إلى سلوكية" (أع13: 4). ويقول القديس بولس الرسول لأساقفة أفسس "احترزوا إذن لأنفسكم ولجميع الرعية التي أقامكم الروح القدس فيها أساقفة لترعوا كنيسة الله التي اقتناها بدمه" (أع20: 28) . ويقول عن ذلك في رسالتيه إلى تيموثاوس الأسقف "موهبة الله التي فيك، بوضع يدي" (2تى1: 6). "والموهبة التي فيك" (1تى4: 14). · والروح القدس هو الذي يمنح المغفرة، عن طريق الكهنوت: · ولهذا لما منح الرب تلاميذه سلطان الكهنوت، نفخ في وجوههم، وقال لهم: اقبلوا الروح القدس. من غفرتم خطاياه، غفرت له، ومن امسكتموها عليه امسكت" (يو20 : 22، 23). فبالروح القدس الذي أخذوه يغفرون الخطايا. وهكذا يقول الأب الكاهن في صلاة سرية في أواخر القداس عن الشعب "يكونون محاللين من فمى، بروحك القدوس". في كل سر من أسرار الكنيسة، الروح القدس يمنح نعمة سرية: فكما تحدثنا عما يمنحه في المعمودية والميرون، وسر التوبة وسر الكهنوت، نتحدث عن باقى أسرار الكنيسة أيضًا. على أنه في سر الكهنوت لا يمنح فقط سلطان المغفرة، سلطان الحل والربط (مت18: 18)، إنما يمنح أيضًا سلطانًا آخر لممارسة المقدسة، وسلطانًا في الرعاية أيضًا. وفي مسحة الملوك بواسطة الأنبياء في العهد القديم، كان أيضًا يمنح سلطانًا مدينًا. في سر مسحة المرضى يمنح الشفاء. وفي سر الزواج، يمنح شريعة الحياة شرعية الحياة الزوجية، ويمنح الوحدة بين الزوجين، فلا يكونان اثنين بل واحد (مت19: 6). وهذا هو الفرق بين الزواج الكنسى، والزواج المدنى الذي لا نستطيع أن نقول فيه "ما جمعه الله". * أننا لا نستطيع أن نحصى كل ما يعطيه روح الله: فكل عطية صالحة، وكل موهبة تامة، هي نازلة من عنده... لذلك لست استطيع أن أدعي أننى استوفيت هذا الموضوع، أو قلت فيه كل ما ينبغي أن يقال. · على أننى أريد أن أختم بكلمتين: 1 إن كان روح الله، هكذا في عطائه، فليتنا نقابل عطاءه بالشكر. 2 إن كنا نحن قد خلقنا على صورة الله، والله هكذا في عطائه، فلنتعلم منه العطاء في النطاق المتاح لنا كبشر. وهو نطاق واسع بلا شك. |
||||
31 - 12 - 2013, 05:23 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
الروح القدس روح القوة قبل أن يصعد السيد المسيح إلى السماء، أوصى تلاميذه أن لا يبرحوا أورشليم "إلى أن يلبسوا قوة من الأعالي" (لو24: 49). فلماذا كانت تلك القوة؟ لقد قال لهم: " ولكنكم ستنالون قوة، متى حل الروح عليكم. وحينئذ تكونون لي شهودًا" (أع1 : 8). وقد أخذوا هذه القوة في اليوم الخمسين، وانتشر بها الملكوت. ويقول سفر الأعمال عن كرازته "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. وتحقق قول السيد المسيح لهم "إن من القيام عهنا قومًا لا يذوقون الموت حتى يروا ملكوت الله قد أتى بقوة" (مز9: 1). حقًا، كان ملكوت الله قد أتى بقوة. في حوالي ثلاثين سنة فقط، كانت البشارة بالملكوت قد ملأت كل البلاد اليهودية والسامرة، وانتقلت إلى أنطاكية، وإلى قبرص وآسيا الصغرى، وإلى مصر وليبيا وإلى بلاد اليونان، وايطاليا، وإلى بلاد الشرق... بقوة... بقوة في قلوب التلاميذ، الذين ما كانوا يخافون الموت ولا السجن ولا الجلد أو التهديد... وقوة أخرى في تأثير كلامهم على السامعين، وأيضًا قوة آيات ومعجزات وعجائب. قوة ساعدت على انتشار الإيمان. نسمع مثلًا عن كرازة القديس اسطفانوس أول الشمامسة أنه وقف أمام ثلاثة مجامع يحاورنه، " ولم يقدروا أن يقاوموا الحكمة والروح الذي كان يتكلم به" (أع6: 9، 10)... فليس من السهل مقاومة الكلام الصادر من الروح "الروح القدس الناطق في الأنبياء". نفس الوضع يقال على بولس الرسول: أنه نفسه يقول "وكلامي وكرازتي لم يكونا بكلام الحكمة الإنسانية المقنع، بل ببرهان الروح والقوة. لكي لا يكون إيمانكم بحكمة الناس، بل بقوة الله" (1كو2: 4)... ولهذا استطاع القديس بولس الرسول أن يأتي بثمر كثير في خدمته، وأن ينشر الإيمان في أقطار عديدة... ونفس الكلام يقال عن باقي القديسين. وكلمهم قد بدأوا رسالتهم بعد أن حل الروح القدس عليهم "وامتلأ الجميع من الروح القدس" (أع2: 4). ولذلك قيل "وكانت كلمة الله تنمو، وعدد التلاميذ يتكاثر جدًا في أورشليم. وجمهور كثير من الكهنة يطيعون الإيمان" (أع 12: 24). وقيل أيضًا " وأما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة، فكان لها سلام وكانت تبنى وتسهر في خوف الله، وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر" (أع9 : 31). وقبل رسل السيد المسيح، كانت كرازة يوحنا المعمدان بنفس قوة الروح. هذا الذي قال عنه الملاك المبشر به، إنه " يتقدم بروح إيليا وقوته" (لو1: 17).. وكيف أتيح له ذلك؟ السبب هو أنه من بطن أمه امتلأ من الروح القدس ( لو1: 15). وهكذا كانت خدمته قوية، بعمل الروح القدس فيه ومعه... واستطاع في شهور قليلة أن يقود الآلاف إلى التوبة، ويمهد الطريق أمام المسيح، ويهيئ للرب شعبًا مستعدًا" ((لو1: 17). لهذا كان الامتلاء من الروح القدس شرطًا لجميع الخدام في الكنيسة أيام الرسل. حتى الشمامسة... ففي اختيار الشمامسة السبعة قال الآباء الرسل لجمهور الشعب " انتخبوا أيها الرجال الأخوة سبعة رجال منكم مشهودًا لهم، ومملوءين من الروح القدس والحكمة، فنقيمهم على هذه الحاجة" (أع6: 3). "فاختبروا اسطفانوس ، فإذ كان مملوءًا إيمانًا وقوة، كان يصنع عجائب وآيات عظيمة في الشعب" (أع6 : 8). كذلك كانت خدمة برنابا في أنطاكية. يقول عنه سفر الأعمال أنه " كان رجلًا وممتلئًا من الروح القدس، فانضم إلى الرب جمع غفير" (أع11: 24). حتى الرسل الذين امتلأوا من الروح القدس في يوم الخمسين، كانوا في مناسبات معينة تحتاجون إلى دفعة خاصة من الروح. فنسمع أنه لما اجتمع رؤساء اليهود وكهنتهم القوا الأيادي على بطرس ويوحنا. وجعلوا يسألونهما بأية قوة صنعتما هذا "حينئذ امتلأ بطرس من الروح القدس وقال لهم ..." (أع4: 7، 8). الروح القدس هو الذي كان يعمل في كنيسة الرسل. لذلك كانت كنيسة قوية. وكان حلول الروح القدس عليهم، هو نقطة التحول في حياة الكنيسة. فبعد أن كان الرسل خائفين ومختبئين في العلية، أخذوا قوة في الكرازة وخدمة الكلمة. وقوة في نشر الإيمان والاعتراف به أمام الكل... أخذوا قوة في الكرازة وخدمة الكلمة. وقوة تقف أمام الفلسفات والأديان والبدع، وأمام الولاة والحكام والسلاطين. أخذوا أيضًا قوة في الصلاة، وقوة في الاحتمال وقوة في العمل والسهر والجهاد... على أن عمل الروح القدس لم تظهر قوته العجيبة في عصر الرسل فقط. إنما نرى مثالًا رائعًا لقوة الروح القدس في القرن الرابع الميلادي وامتداده. نرى ذلك واضحًا في ثلاث نقاط أساسية: 1 عمل الروح في الشهداء واحتمالهم العجيب من أجل الإيمان، وقوتهم في مواجهة الأباطرة والولاة. بل فرحهم في مواجهة الموت، وقدرتهم على احتمال ألوان التعذيب البشعة. وتراتيلهم وهو في الطريق إلى المحاكمات أو إلى الحبس. وتسابيحهم وألحانهم داخل السجون... أية قوة هذه التي أذهلت الناس؟ أنها قوة الروح القدس. 2 قوة الروح القدس العاملة في أبطال الإيمان: هؤلاء الذين شهد عصرهم المجامع المسكونية المقدسة أمثال مجمع نيقية سنة 325م، ومجمع القسطنطينية سنة 381م... ثم في الأول من القرن الخامس. مجمع أفسس سنة 431م، وكيف شهدت تلك الفترة أبطالًا عظامًا عمل فيهم الروح القدس بكل قوة سواء من جهة المعرفة اللاهوتية، أو القوة في الإقناع، أو القوة في مواجهة أعداء الإيمان وفي مواجه الاضطهادات والنفي والعزل وسائر الاتهامات... ونذكر في مقدمة هؤلاء القديس أثناسيوس الرسولي، والقديس باسيليوس الكبير، والقديس غريغوريوس الناطق بالإلهيات، والقديس كيرلس عمود الدين في القرن الخامس... وعدد كبير من هؤلاء القمم، كان الروح القدس يعمل فيهم ومعهم للقضاء على الهرطقات ولولاة قوة الروح فيهم، ما وصل إلينا الإيمان كما نؤمن به الآن. وتظهر قوة الروح القدس أيضًا في تلك الفترة في عمله في حياة الرهبنة والنسك. في حياة الرهبان والمتوحدين والسواح الذين امتلأت بهم البراري والقفار، والجبال وشقوق الأرض، في صلوات وتسابيح وأصوام، وانتشرت وأصوام، وانتشرت رائحتهم الزكية العطرة في كل أرجاء المسكونة. وأتى السائحون من كافة الأقطار ليسمعوا كلمات منفعة ينطقها الروح على أفواه هؤلاء النساك. لكي يروا نماذج عالية من أناس عاشوا في حياة الروح، في شركة كاملة مع الروح القدس، يقدموا صورًا مثالية لحياة القداسة، في الهدوء والوداعة والتأمل والسكون والصلاة الدائمة. إنه عمل ثلاثي عجيب للروح القدس، في الاستشهاد والأيمان والنسك. ظهرت قوة الروح في أوجها: في احتمال الموت والتعذيب، وفي الدفاع عن الإيمان السليم وفي حياة الوحدة والصلاة... كل ذلك في جيل واحد... كما قدم لنا مارجرجس ومارمينا والأمير تادرس ودميانة في مجال الاستشهاد قدم لنا أثناسيوس في اللاهوتيات وذهبي الفم في التفسير، ومارافرام في الشعر، وأغسطينوس في التأمل ... وقدم لنا أيضًا قديسي الرهبنة العظام: الأنبا أنطونيوس والثلاث مقارات والأنبا باخوميوس والأنبا شنوده والأنبا بيشوي والأنبا موسى الأسود، وعشرات القديسين العظام... وظهرت قوة الروح القدس فيما أجراه على أيدي القديسين من آيات ومعجزات. ما أكثر العجائب التي كانت تحدث على أيدي القديسين، وللقديسين... ليس فقط في العصر الرسولي، وفي القرنين الرابع والخامس، وإنما في كل العصور بلا استثناء . ويحدثنا القديس بولس الرسول في رسالته الأولى إلى كورنثوس عن مواهب الروح القدس التي يهبها "قاسمًا لكل واحد بمفرده كما يشاء" (1كو12: 11)... في قوات وعجائب ونبوءة ومواهب متعددة، كلها تدل على القوة العجيبة التي للروح، والتي يمنحها للمؤمنين والخدام. وبواسطة هذه الآيات والعجائب انتشر الإيمان وليس بالتعليم وحده... كانت المعجزات برهانًا على صحة الكرازة والتعليم، وعلى أن الله يسند الإيمان بقوة روحه. مشكلتنا الحالية أن خدامًا كثيرين يخدمون بكل نشاط وباتساع في المعرفة ولكنهم لا يخدمون بقوة الروح القدس فيهم. ربما يعتمدون على الذكاء البشرى، أو على المعرفة التي من الكتب ليس على الروح. وقد ينطقون عليهم بكلام الحكمة الإنسانية المقنع، ولكن لا ينطق الروح على أفواههم. ولا ينطبق عليهم قول الرب لتلاميذه " لستم أنتم المتكلمين، بل روح أبيكم الذي يتكلم فيكم" (مت10: 20). فإن تكلم الروح فيكم، حينئذ ستظهر القوة في كلماتكم. وكمثال لذلك: عظة واحدة ألقاها بطرس الرسول، وهو ممتلئ بالروح، جذبت ثلاثة آلاف نفس إلى الإيمان (أع2: 41). لأن الروح حينما يعمل، إنما يعمل بقوة... بقوة ليست عادية، إنما هي قوة إلهية. ماذا نقول إذن: إن كان خادم لا يخدم بقوة الروح القدس، ولا حتى بروحه البشرية، وإنما بطرق عالمية، فيها الحلية والأسلوب العلماني وربما فيها أيضاُ أخطاء أهل العالم!! هل يمكن لمثل هذا الخادم أن ينجح في خدمته أو ينشر الملكوت؟ كم بالأكثر لو دخل في الخدمة لون من الروتين أيضًا! لكي تنجح الكنيسة، ولكي تكون قوية، ينبغي أن يعمل فيها الروح القدس. من نقطة البدء، إذ يكون الخادم نفسه فيه روح الله، كما كان الشمامسة السبعة (أع6). وأيضًا يستمر عمل الروح مع الخادم في كل مراحل الخدمة، فيدخل في شركة الروح القدس، ويعمل الروح القدس فيه وبه ومعه... وهكذا تكون لخدمته قوة... لا قوة الفصاحة والبلاغة. ولا قوة المعرفة والقراءة... إنما قوة الروح. وقوة الروح ليست فقط في الخدمة، إنما في الحياة الشخصية أيضًا. من صفات أولاد الله أنهم دائمًا أقوياء. على الأقل لأنهم صورة الله ومثاله، والله بطبيعته قوى. وثانيًا لأن أولاد الله هم الذين يعمل فيهم روح الله القدوس. وهو روح القوة (أش11: 2)... وهذه القوة التي لأولاد الله، لا تغنى بها قوة جسدية، إنما قوة في الروح وفي الفكر، قوة في الإرادة وفي العمل . قوة في حياة القداسة وفي الانتصار على حروب الشياطين. قوة في النفس والصعود ، لا نعرف الخوف ولا القلق. وكل هذا يمنحه الروح القدس للإنسان. فإن كنت ضعيفًا، تأكد تمامًا أنك لا تشترك مع الروح القدس الساكن فيك. ولا أقول أن ضعفك يدل على أن الروح القدس لا يعمل فيك... كلا فالروح يعمل. إنما المهم هو تجاوبك أنت مع الروح، هل تعمل معه؟هل تشترك معه في العمل؟ هل تقاومه؟! إن سكنى الروح القدس فيك عبارة عن قوة جبارة. ولكن هل أنت تستخدم هذه القوة أو لا؟ إن حبة القمح فيها قوة الحياة. تظهر هذه القوة، إن وجدت ظروف إنبات مواتية. إن وجدت هذه الظروف من أرض وماء وحرارة وضوء، نبت. وإلا فإن الحياة التي فيها تبقى كاملة أو معطلة. مثال آخر، كالقوة في الذرة، إن وجدت ظروفًا مساعدة، تفجرت أو استخدمت كطاقة معينة. وإلا بقيت حيث هي، طاقة غير مستخدمة. كم من الناس فيهم قوى معطلة؟ قوة الروح فيهم لا تعمل، لأنهم لم يستخدموها. أو لأنهم أحزنوا روح الله الذي فيهم (أف4: 30). أو أطفأوا الروح (1تس5: 19). هذا الذي يضعف أمام أية خطية ويسقط، ما عمل الروح فيه؟ هل هو يستخدم قوة الروح الذي في مسحة الميرون المقدسة؟! أم قوة الروح فيه طاقة معطلة؟! على أية الحالات، لا تحزن على الماضي، إنما استمع في رجاء إلى قول الكتاب: "أما منتظروا الرب فيجدون قوة. يرفعون أجنحة كالنسور، يركضون ولا يتعبون. يمشون ولا يعيون" (أش40: 31). إن فقدت قوة الروح، يمكنك أن تجدد عملها فيك مرة أخرى... أطلب من روح الله أن يعطيكم قوة على التوبة، وقوة على العمل. واشترك أنت في العمل معه... وستنال هذه القوة... لأنه "يعطى المعيي قدرة يكثر شدة" (أش40: 29). وحينما يمنحك الروح هذه القوة ، يمكنك أن تسبح وتغنى مع المرتل وتقول: "قوتي وتسبحتي هو الرب وقد صار لي خلاصًا" (مز118: 14). أخيرًا يا أخوتي... تقووا في الرب، وفي شدة قوته (أف6: 10). |
||||
31 - 12 - 2013, 05:26 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب الروح القدس وعمله فينا لقداسة البابا شنودة الثالث
الروح القدس روح ناري، إن حلَّ في أحد يلتهب الروح القدس هو روح الله. والكتاب يقول "إلهنا نار آكله" (عب12: 29) ( حز24: 17). وهكذا يكون الروح القدس روحًا ناريًا، بكل ما تتميز به النار من حرارة ونور. ونقصد الحرارة الروحية والنور الروحي. وعندما حل الروح القدس على التلاميذ القديسين، حل كألسنة من نار (أع 2: 3) . وهذه النار ألهبت قلوبهم وأرواحهم. ألهبتهم للخدمة ومنحتهم قوة. وتحولوا جميعًا إلى شعلات من نار، انتشرت في العالم، فاشتعل العالم بنار الكرازة وبنورها... وكان الروح القدس يعمل فيهم، إذ "امتلأ الجميع من الروح القدس" (أع2: 4). وكانت النار تعمل فيهم... لعلها النار التي قال عنها السيد الرب: "جئت لألقى نارًا على الأرض... فماذا أريد لو اضطرمت" (لو12: 49). كل من تدخل هذه المار إلى قلبه، يلتهب في الداخل، ويصبح حارًا في الروح (رو12: 11). هذا هو الروح الناري الذي اختبره التلاميذ في الخدمة، حينما تلامسوا مع النار وصاروا نارًا. اشتعلت فيهم نار الغيرة المقدسة، فلم يهدأوا مطلقًا حتى بنوا ملكوت الله في قوة عجيبة ونشاط لا يفتر. وعن مثل هذا قال القديس بولس: " من يعثر وأنا لا ألتهب؟!" (2كو12: 29). إنه التهاب بمحبة الله والناس بالروح القدس العامل فيه، الذي يلهبه بالغيرة الروحانية . فمحبة الإنسان لله تجعله يغار على ملكوت الله، ويلهب حماسًا ونشاطًا من أجل خلاص نفس كل أحد. إنها نار مشتعلة في القلب والروح، إن حاول أحد إطفاءها، لا يستطيع. هل أخذت هذه النار من الروح القدس؟... هذه النار هي الدرس الذي نأخذه من يوم الخمسين. ويقول المرتل أيضًا في المزمور " غيرة بيتك أكلتني" (مز119)... داود النبي حينما اشتعلت فيه نار الغيرة المقدسة، لم يستطيع أن يصبر على تعيير جليات، وتقدم الصفوف وهو صبى صغير، ولكنه ملتهب بالروح. ولم يرجع إلا وقد أصمت صوت ذلك المعير (1صم17)... إن نار الروح إذا اشتعلت في القلب، لا يستطيع أحد إطفاءها. وبهذه النار فإن القديس بطرس ويوحنا لما طلب منهما رؤساء اليهود أن لا ينطقا البتة ولا يعلما باسم الرب، قالا بكل قوة " نحن لا يمكننا أن لا نتكلم " (أع4: 18، 20)... إن عدم الكلام عن المسيح أمر مستحيل لا نستطيعه... حقًا إنها نار.. الروح القدس يعمل كنار... داود النبي، لما حل روح الرب، اشتعل قلبه بالنار. لذلك لما سمع جليات الجبار يعير صفوف الله الحي، تحرك الروح فيه. كان الكل يسمعون التعييرات وهم صامتون فلم يستطيع أن يصمت. وقرر أن يتدخل ويريح الشعب من تعبيرات جليات، وقد كان ... ولم يهدأ داود حتى اسكت صوت ذلك المعير... كانت غيرته النار أقوى من أن يحتملها... وبطرس الرسول الذى كان خائفًا من قبل، لما حل عليه روح الرب، أزال منه الخوف ، فملأ الدنيا تبشيرًا، ولم يستطيع أن يصمت. وقال لرؤساء كهنة اليهود "نحن لا نستطيع أن لا نتكلم" (أع4: 20). لقد ألقوا بطرس في السجن، وهددوه وأهانوه... ولكنه احتمل ولم يستطيع أن يصمت... كانت كنيسة الرسل كنيسة نارية ملتهبة بالروح... كانت قوية، كانت كنيسة الألسنة النارية والكلمة الملتهبة التي قال عنها الرسول "كلمة الله حية وفعالة، وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح" (عب4: 12). ذلك لأنها كانت كلمة صادرة من اللسان الناري، الملتهب بالروح منذ يوم الخمسين. هناك إنسان يكلمك كلامًا كثيرًا لا يحدث فيك أثرًا ... بينما إنسان روحي يقول لك كلمة روحية تظل تدوي في البيت، وفي مكان العمل وفي مكان العمل وفي الطريق، وفي قيامك وتعودك، وفي دخولك وخروجك. وتحفر آثارًا عميقة في قلبك، وتعمل فيك عملًا. إنها كلمة نارية. بولس الرسول وهو أسير تكلم عن البر والتعفف والدينونة: فارتعب فيلكس الوالي من كلمة هذا الأسير (أع24: 25). كانت كلمة نارية، صادرة من عمل الروح الناري. نلاحظ أيضًا أن كلام الله كان يشبه بالنار، بما يحدثه من حماس في القلب والإرادة: ولذلك قال الرب لأرمياء النبي "هأنذا جاعل كلامي في قلبك نارًا" (أر5: 14) . وقال له أيضًا "أليست هكذا كلمتي كنار يقول الرب" (ار23: 29). وفي وقت من الأوقات، تعب أرميا من كلمة الرب، التي كان يوبخ بها الناس، فيستهزئون به ويثورون عليه عن الرب " قلت لا أذكره ولا أنطق بعد باسمه، فكان في قلبي كنار محصورة في عظامي، فمللت من الإمساك ولم استطيع" (أر20: 9). حقًا إن كلمة الرب نار تلهب القلب، فيشعر أنه مشتعل من الداخل، ويقول "غيرة بيتك أكلتني" (مز69: 9). لأن الغيرة نار، مادام روح الله يدفعها... هذا إذا أخذ إنسان الروح الذي في الكلمة، والروح يشبه بالنار. وهكذا لم يستطيع إرمياء أن يصمت، على الرغم من الضيقات التي صادفها. |
||||
|