17 - 05 - 2012, 10:32 AM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
5- الغلاطيون:
جاء الغلاطيون – وهم قبيلة كلتية – من أوربا في 278 / 277 ق. م. ليستقروا نهائيا في شرقي فريجية القديمة وعلى جانبى نهر الهالز (قيزل) وطريقة دخولهم إلى أسيا الصغرى واستقرارهم بها وطبعها بطابع شخصيتهم القوية، إنما تذكرنا بالملامح الأساسية لهجرة الفريجيين إليها قبل ذلك بألف عام. " إن منطقة غلاطية التي كانت في عصور سحيقة المركز الرئيسي لحكم الشرقيين للمناطق الداخلية في أسيا الصغرى – والتى مازالت تحتفظ (فى تماثيلها الصخرية الشهيرة الموجودة في " بوغازكيوي " التي هي مدينة بتريا الملكية القديمة) بالمجد القديم الذي كاد ينسى – صارت على مر القرون جزيرة كلتية – لغة وحضارة – وسط أمواج من الشعوب الشرقية، وظلت هكذا في نظامها الداخلى حتى في أيام الإمبراطورية الرومانية ". ولكن هؤلاء الغاليين وقعوا تحت تأثير شرقي قوي، فطوروا – إلى حد ما – الديانة المحلية واعتنقوها تماما حتى أنه لم يظهر في كل نقوشهم وآثارهم سوي اسم واحد لإله كلتى، كما أنه لم تكتشف فيها مطلقا أي كتابة باللغة الغلاطية، مع أننا نعلم أنها ظلت لغة الطبقات الدنيا حتى القرن الرابع الميلادى. ويبدو أن الغلاطيين قد قضوا على اللغة الفريجيية في الجزء من غلاطية الذي كان قبلا فريجيا، فلم تكتشف إطلاقا أي كتابة أو نقوش فريجية في غلاطية، ورغم وجودها بكثرة في المناطق المتاخمة لها من الجنوب والغرب ولكن اللغة الغلاطية لم تستطع منافسة اليونانية كلغة للطبقة المثقفة، بل حتى الطبقات الأدنى التي كانت تعرف الكتابة، كانت تكتب باليونانية. كما حل نظام المدن الإغريقو رومانى محل النظام الكلتى القبلى في وقت مبكر وبصورة أكمل مما حدث في بلاد الغال نفسها، ورغم ذلك ظل الغلاطيون بمعزل عن اليونانيين والشرقيين ، وقد أدركت الدبلوماسية الرومانية ذلك، حتى إنه في صراع روما ضد الشرقيين واليونانيين في عهد ميثرادتس، وجدت لها في الغلاطيين حليفا قويا. وكان الغلاطيون يعتبرون أفضل الجنود في عصر الإمبراطورية. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:33 AM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
6- الرومان في أسيا الصغرى:
أصبح للرومان نفوذ قوى في شئون أسيا الصغرى بعد هزيمتهم لأنطيوكس الكبير في 189 ق. م ولكن لم يبدأ احتلال الرومان لها إلا بعد أن أوصى أتالس ملك برغامس بمملكته " أسيا " للدولة الرومانية، فكانت هذه المملكة هي ولاية أسيا، ثم أضافت إليها ولاية بيثينية عند موت نيكوميدس الثالث في 74 ق. م.، وإليها أضيفت بنطس فيما بعد، كما ألحقت بها في عام 100 ق. م. كيليكية التي أهدت للإمبراطورية وللكنيسة الرسول بولس، وأعيد تنظيمها في عهد بومبي في 66 ق. م وكان الحكم الرومانى قد أستقر في هذه الولايات عند تأسيس الأمبراطورية، وبناء على مبدأ أن كل منطقة يستتب فيها السلام تخضع لإدارة مجلس الشيوخ ، بينما يحكم الأمبراطور بصورة مباشرة المناطق التي كانت في حاجة لوجود جيوش رومانية فيها، بناء على ذلك خضعت كل هذه الولايات الأسيوية باستثناء كيليكية – لمجلس الشيوخ، بينما بقيت كل منطقة في أسيا الصغرى – أضيفت بعد ذلك – في يد الأمبراطور، ونظمت كل هذه المناطق التي خضعت لروما في ولايات تحت حكم الامبراطور، ومن بينها كانت غلاطية التي أضيف إليها، في أيام ملكها الأخير أمينتاس ، جزء من فريجية وليكأونية وبيسيدية وبمفيلية، وأصبحت ولاية رومانية عند موته في 25 ق. م. (واستيلاء غلاطية في عهد أمينتاس على أنطاكية وإيقونية ولسترة ودربة، وادماج هذه المناطق في ولاية غلاطية، وهو الأساس التاريخى لنظرية " غلاطية الجنوبية ")، كما ضمت إليها بافلاجونيا في 7 ق. م. وكبدوكية في 17 م وليكأونية في 43 م ، وفي 63 م أضيف من بنطس الجزء المحصور بين أريس وأرمينية. وكانت أسيا الصغرى الرومانية في عهد الرسول بولس تشمل كل هذه المناطق. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:33 AM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
ثالثاُ – أسيا الصغرى في القرن الأول:
1- سكان آسيا الصغرى: إن تقسيم أسيا الصغرى إلى ولايات رومانية لم يتبع التقسيمات العرقية، بل إن هذه الاقسام نفسها لم تكن واضحة على الدوام وكما هو واضح من الموجز التاريخى السابق، كان سكان أسيا الصغرى من أجناس مختلفة جاءت جنسا بعد جنس، وتخلوا – إلى حد ما – عن شخصياتهم، وتطبعوا بالطابع الأناضولي. وتجاوبا مع ما ذكرناه سابقا عن انقسام أسيا الصغرى إلى اقليمين متميزين، واعتبارها ملتقى الشرق والغرب، نستطيع أن نستنتج من هذا الخليط من الأجناس والثقافات، وجود نظامين اجتماعيين متزاتمنين هما النظام القومى والنظام الهيلينى. وقد امتزج هذان النظامان واختلط أحدهما بالآخر (وبخاصة كنتيجة للحكم الرومانى)، ولكنهما يتجاوبان – بصورة عامة – مع التمييز بين نظام المدن، والحياة بمقتضى الأسلوب القروى (كما لاحظ سترابو) فقد كانت هناك هوة عميقة تفصل بين هاتين الصورتين للمجتمع. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:33 AM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
2- النظام الاجتماعى القومى في آسيا الصغرى:
كان الاتجاه العام في أيام الحكم الرومانى، هو امتصاص الأناضوليين الأصليين في المدن اليونانية والمواطنة الرومانية، ولكن في العصر الرسولي، لم تكن هذه العمليات قد تعمقت في داخل الاقليم، وكان النظام الأجتماعى القومى مازال قائما يعيش في ظله قطاع كبير من السكان، وكان يجمع بين الشكل الثيوقراطى (حكم رجال الدين) للحكومة وأنماط مشتقة من مجتمعات منقرضة كانت السيادة فيها للأم. وكان مركز المجتمع القومى هو معبد الإله بمجموعته الكبيرة من الكهنة الذين يعيشون من موارد المعبد، وسائر الشعب الذين كانوا خداما أو عبيدا للإله يعملون في مزارع المعبد، وكانت القرى التي يعيش فيها هؤلاء العمال ملاصقة للمعبد. وكان للكهنة (أو الكاهن) السلطة المطلقة على الشعب. وكانت هناك طبقة " مقدسة " تقوم بخدمات خاصة (ربما لفترة محددة) في المعبد، وكانت هذه تتضمن أحيانا – في حالة النساء – ممارسة الدعارة الدينية. ففى أحد النقوش تفخر امرأة من ليديا (من طبقة رفيعة كما بيدو من أسمها الرومانى) بأنها من سلالة خدمت الآلهة بهذه الطريقة وأنها هي نفسها قد مارستها، وكانت أولئك النسوة يتزوجن فيما بعد من طبقتهن دون أن يكون في عملهن هذا أي عار. وكثير من النقوش تدل على أن الإله (عن طريق كهنته) كان له الاشراف الدقيق على كل الحياة الأدبية واليومية لشعبه، لقد كان حاكمهم وقاضيهم ومعينهم وشافيهم. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:33 AM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
3- عبادة الأمبراطور في آسيا الصغرى:
لقد حدث تطور في مفهوم الحكومة الدينية (الثيوقراطية) بدخول عبادة الأمبراطور، لقد أصبح الولاء للإله مرادفا للولاء للامبراطور، فملوك السلوقيين ومن بعدهم أباطرة الرومان – على أرجح الآراء – أصبحوا ورثة ممتلكات الكهنة الذين جردوا منها، فقد ظهر إلى جانب الإله الأناضولى إله آخر هو الامبراطور الإله، وهكذا شارك الامبراطور الإله أو حل محل الإله القديم مثل زيوس وأبولو الخ. وهناك نقوش تسجل تكريس المعابد للإله القديم وللامبراطور معا. واقيمت في كل مكان وبخاصة في المدن، معابد جديدة لعبادة الامبراطور، وأصبحت أسيا الصغرى موطنا لعبادة الامبراطور، فقد وافقت النظام الدينى الذي كان موجودا فيها عنه في أى مكان آخر. وقد كشفت النقوش حديثا عن وجود جماعة " الرفقاء الضيوف من ذوى العلامة السرية " كانوا يعيشون في إحدى مزارع المعابد بالقرب من أنطاكية بيسيدية، وأصبحت في يد الأمبراطور الرومانى. وكان يدير المزرعة وال (لعله رئيس كهنة المعبد المحلى) نيابة عن الامبراطور. وهذه الجماعة صورة لجماعات مماثلة كثيرة في داخل أسيا الصغرى لم تكتشف إلا حديثا. كانت هذه الجماعات هي التي أيدت عبادة الامبراطور في مجتمعاتها، كما أنها كانت هي التي أثارت رجال الحكومة الرومانية ضد المسيحيين في أوقات الأضطهاد. وبمرور الوقت أصبح الناس في المزارع الامبراطورية مستعدين للبقاء رقيقا للامبراطور ولكنه كثيرا ما رفع الامبراطور بعضها أو جزءا منها إلى مرتبة المدينة. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:33 AM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
4- النظام الهيلينى في آسيا الصغرى:
لقد كانت تحكم أغلب المناطق الداخلية في أسيا الصغرى حكومات ثيوقراطية ، أما المدن اليونانية فقد تعدت شيئا فشيئا على ممتلكات وامتيازات المعبد القديم. وقد أسس السلوقيون والأتاليديون الكثير من هذه المدن، وكان معنى ذلك – أحيانا – إقامة نظام جديد، أي إقامة حكومة مدنية يونانية في المدينة القديمة مع إضافة سكان جدد، وفي أغلب الأحيان كان هؤلاء السكان الجدد من اليهود الذين كان السلوقيون يعتبرونهم أهلا للثقة، والأرجح أن اليهود في أنطاكية بيسيدية (أع 13: 14) كانوا من هذه الطبقة وكان الغرض من هذه المدن صبغ البلاد بالصبغة الهيلينية وأن ينتقل تأثيرها إلى المدن المجاورة. وكان التناقض واضحا بين نظام الحكم الشرقى المطلق ونظام المدن الإغريقية والرومانية. وفي القرون الأولى من تاريخ الامبراطورية الرومانية، كانت هذه المدن تتمتع بنوع من الحكم الذاتى، وكان القضاة ينتخبون، وكان الأغنياء في نفس المدينة ينافسون بعضهم بعضا، كما كانت كل مدينة تنافس الأخرى، في إقامة المبانى العامة الفخمة وإنشاء المدارس ونشر التعليم وكل ما تعنيه الأمم الغربية بالحضارة. ودخل – عن طريق المدن الإغريقية – البانثيون (مجمع معابد الآلهة) اليونانى، واقتصر دور آلهة هلاس على مجرد إضافة أسمائهم إلى أسماء آلهة البلاد، فحيثما نجد تفصيلات عن عبادة في داخل الأناضول نرى على الفور الملامح الأساسية للإله الأناضولى القديم تحت ستار الإله اليوناني أو الرومانى. لقد احتقر الإغريق على الدوام تطرف الديانات الأسيوية، كما أن ثقافة اليونانيين من أهل الأناضول، الأكثر تقدما، لم تستطع أن تقبل هذه الديانات المنحطة التي سعت للحفاظ على الأوضاع الاجتماعية التي قامت في ظلها، في أقبح صورها وأحطها. " لكن المجتمع في الريف كان أفضل من ذلك بينما ظل النظام الاجتماعى البدائي سائدا في المعابد العظيمة كواجب دينى ملزم للطبقة المقدسة في فترات خدمتهم في المعبد.. وكانت الفجوة التي تفصل الحياة الدينية عن حياة الثقافة تزداد باستمرار اتساعا وعمقا. كانت هذه هى الأحوال السائدة عندما دخل الرسول بولس إلى هذه البلاد، فحيثما كان التعليم قد أنتشر فعلا، فإن الرسول كان يجد أناسا مستعدين وتواقين لقبول رسالته " ويفسر لنا هذا " التأثير العجيب السريع لكرازة الرسول في غلاطية، كما جاء في سفر الأعمال" ( سير وليم رمزى: مدن وأسقفيات فريجية – ص 96). |
||||
17 - 05 - 2012, 10:34 AM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
5- المستعمرات الرومانية في آسيا الصغرى:
نستطيع أن نلحظ تطورا تدريجيا في تنظيم المدن على النمط الرومانى للبلديات، وكان من العوامل الرئيسية في ذلك انشاء مستعمرات رومانية في جميع الجهات الداخلية في أسيا الصغرى، التي كانت " قطعا من روما " في تلك الولايات، فقد انشئت هذه المستعمرات على المثال الرومانى تماما، وكانت أشبه بمعسكرات من المحاربين للمحافظة على استتباب الأمن في بعض المناطق المتمردة. وعلى هذا المثال كانت أنطاكية ولسترة (وأيقونية التي كانت تعتبر مستعمرة أقامها كلوديوس، ولكن المعروف الآن أن الذي رفعها إلى هذه الدرجة هو هارديان). وفي القرن الأول كانت اللاتينية هي اللغة الرسمية في المستعمرات ولكنها لم تتغلب مطلقا على اليونانية في الاستخدام العام، وسرعان ما حلت محلها اليونانية في المستندات الرسمية. وقد بلغ التعليم أعلى المستويات في المدن اليونانية والمستعمرات الرومانية، وهى التي توجه إليها الرسول بولس للكرازة بالإنجيل. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:34 AM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رابعًا – المسيحية في أسيا الصغرى:
لقد رسخت أقدام المسيحية – في حياة الرسول بولس – في الكثير من المراكز الكبرى للثقافة اليونانية الرومانية في أسيا وغلاطية. وقد كان التبشير بالإنجيل في أفسس – عاصمة أسيا، وإليها كانت تنتهى إحدى الطرق العظيمة التي كانت تخترق شبه الجزيرة – عاملا كبيرا في نشر المسيحية في المناطق الداخلية من أسيا وبخاصة في فريجيه، وبناء على خطة الرسول بولس، رسخت المسيحية أولا في المدن ومنها انتشرت إلى كل مناطق الاقليم. النقوش المسيحية: وأول مقر لها كان في فريجية حيث نجد الكثير من الوثائق التي ترجع إلى نهاية القرن الثانى وبداية القرن الثالث الميلادى. وأهم ما يميز هذه النقوش القديمة هو خلوها – بعامة – من أي شيء يدل بوضوح على مسيحيتها، وهي ظاهرة تجعل من الصعب تمييزها، وكان الهدف من ذلك تجنب استلفات أنظار أشخاص قد يثيرون السلطات الرومانية لاتخاذ اجراءات ضدهم وترجع النقوش الليكأونية إلى نحو قرن بعد ذلك، ولم يحدث هذا لأن المسيحية لم تنتشر من إيقونية ولسترة وغيرها بنفس السرعة التي انتشرت بها من المدن الأسيوية، ولكن لأن الثقافة اليونانية استغرقت وقتا أطول في الوصول إلى السهول قليلة السكان في الهضبة الداخلية عنها في المناطق الغنية بمدنها. ويتضح من رسائل بلينى إلى الامبراطور تراجان (111 – 113 م) أن الديانة الجديدة كانت قد رسخت في بيثينية في أوائل القرن الثانى، ولكن كان تقدم المسيحية أبطأ في الجهات الشرقية حيث كانت المعابد العظيمة مازال لها تأثيرها الكبير. ولكن في القرن الرابع أنتجت كبدوكية رجالا عظاما من أمثال باسيليوس والجريجوريين. وقد اشتعلت الاضطهادات بعنف – كما تثبت الكتابات والنقوش الكثيرة – في أسيا الصغرى. ويبدو تأثير الكنيسة في أسيا الصغرى في القرون الأولى من الامبراطورية من تلك الحقيقة: أنه لا يكاد يوجد أثر لديانة مثرا – المنافس الرئيسي للمسيحية – في كل الاقليم. ومنذ مجمع نيقية (325 م) أصبح تاريخ أسيا الصغرى هو تاريخ الامبراطورية البيزنطية، فتوجد أطلال الكنائس من العصر البيزنطى في كل نواحى شبه الجزيرة، وتكثر بصورة خاصة في المناطق الوسطى والشرقية، وقد نشر سير وليم رمزى ومس ج. بل كتابا مفصلا عن مدينة ليكأونية التي كان بها عدد كبير جدا من الكنائس، بعنوان " ألف كنيسة وكنيسة " . وظلت القرى المتحدثة باليونانية في أجزاء كثيرة من أسيا الصغرى على اتصال دائم بالامبراطورية الرومانية. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:34 AM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
أسيا الصغرى – أركيولوجيتها:
إنه لمن الصعوبة بمكان أن نوفى هذا الموضوع حقه حيث أن المنقبين مازالوا يكتشفون كل يوم جديدا، ويبذلون جهودا جبارة لفك رموز النقوش البالية. ويجمعون الوثائق، وأصبح من الواضح الآن أنه قد انفتح في أسيا الصغرى مجال واسع للاكتشافات الأثرية لايقل إغراء عما في وادى الفرات ووادى النيل. 1- التأثير المبكر من بلاد بين النهرين: كتب بروفسور سايك في 1907 ليذكر قراءه بأن علماء الجغرافيا الإغريق كانوا يقولون إن كبدوكس هو ابن نينياس، أي أنهم رجعوا بأصل الثقافة الكبدوكية إلى نينوى، كما أنهم رجعوا بأصل أسرة المرمناديين ملوك ليديا إلى نينوس بن بيلو أي من بابل عن طريق أشور. والأرجح أن هذه الأساطير تحمل شيئا من التاريخ الحقيقى ، فجدول الأمم (تك 10: 22) يؤيد ذلك حيث نجد أن لود (ليديا) كان ابنا لسام وأخا لأشور، ولكن ليس معنى هذا أن أعدادا كبيرة من نسل سام قد استوطنوا أسيا الصغرى، وإن كان بروفسور ونكلر وآخرون يرون أن اللغة والكتابة والأفكار والقوانين المتميزة للحضارة البابلية كانت واسعة الانتشار بين شعوب أسيا الغربية، وأنه منذ العصور القديمة تأثرت أسيا الصغرى بها. ويسجل سترابو تقاليدا يقول إن "زيل وتيانا" قد شيدتا "فوق ركام سميراميس" وبذلك ربط بين هذين الموقعيين القديميين وثقافة بلاد بين النهريين. كما يرجح دكتور دافيد روبنسون أن أساسات سينوب القديمة هي أساسات أشورية، ولو أن التاريخ لايقول لنا بالتفاصيل كيف استقر الميليزيون في هذا المكان الواقع في أقصى شمالى شبه الجزيرة وأفضل ميناء فيها. كما لم يستطع سترابو أن يعود بتأسيس سمسون – (أميزوس القديمة) والميناء التجارية الهامة شرقى سينوب - إلى الميليزيين، ولكن الصورة رقم 1 على هذه الصفحة تبين بوضوح التأثير الأشورى وهى تمثال خزفى اكتشف حديثا في سمسون القديمة. وهكذا يبدو أن التأثير الدينى والثقافى لبلاد بين النهرين قد صبغ بلونه أسيا الصغرى – على الأقل في بعض النقاط – حتى شواطئ البحر الأسود، وفى الحقيقة أن أسيا الصغرى تبدو في شكلها كأنها يد صديقة تمتد من قارة أسيا نحو قارة أوربا. |
||||
17 - 05 - 2012, 10:34 AM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
2- الألف الثالثة قبل الميلاد:
لقد بنى بروفسور سايك أراءه المذكورة سابقا على الألواح المسمارية التي اكتشفت في " كارا إيوك " أو " الركام الأسود "، وهو موقع قديم داخل منحنى نهر الهالز (قيزل) بالقرب من قيصرية مازاكا. وقد فك رموز هذه الألواح بروفسور سايك نفسه ومعه بروفسور بنشر، وثبت أنها من عهد إبراهيم – أو حمورابي (حوالى 2250 ق. م.). وقد كتب بلهجة أشورية، فقد كان المستوطنون في المكان جنودا من القسم الأشورى من الإمبراطورية البابلية، يعملون في المناجم والتجارة، وكانت أهم المعادن التي يستخرجونها الفضة والنحاس وربما الحديد أيضا " وكان الزمن يحسب كما في أشور بواسطة موظفين يطلق عليهم أسم " ليمى " ومنهم أخذت السنة اسمها. وكان لهؤلاء المستعمريين معبد له كهنته، وكان التبادل المالى يتم تحت الأشراف الدينى. وكانت هناك طرق وعربات بريد تمتلئ بالرسائل المكتوبة بالخط المسماري على ألواح من الطوب، وبالتجار المتجوليين بالثياب الفاخرة، مما يجعل من الطبيعى أن يجد عخان رداء شنعاريا فاخرا بين غنائم مدينة عاى (يش 7: 21). كما كان الرق أمرا معترفا به، كما نرى صبيا يرسل للحلاق لختانه، وبيتا وزوجة وأطفالا يرهنون ضمانا لدين، وشخصا " يقسم على رأس عصاه " مما يلقى ضوءا على الأعداد التي تصف يعقوب وهو على فراش الموت يبارك أولاده (تك 47: 31، عب 11 : 21). وهكذا نرى أن أسيا الصغرى منذ العصور قد استضاءت – في نواح كثيرة – بحضارة ما بين النهرين كما بعثت ببعض الأشعة المتفرقة إلى العالم اليونانى. |
||||
|