24 - 03 - 2013, 01:24 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
الفرق في التجربة بين آدم والمسيح 1- آدم وهو أحد مخلوقات الله، بدأ حياته بأن منحه الله صورته ومثاله منذ خلقه.. بينما السيد المسيح، وهو إبن الله الوحيد، وبهاء مجده ورسم جوهره (عب 1: 3) بدأ خدمته في رسالة تجسده بأن أخلى ذاته وأخذ شكل العبد ووجد في الهيئة كإنسان" (فى 2: 7، 8). 2- بدأ آدم حياته في جنة فيها كل أنواع الخيرات هي جنة عدن (تك 2). أما السيد المسيح فبدأ خدمته في برية قاحلة، في قفر، على الجبل.. كما كان ميلاده بقر. 3- بدأت تجربة الشيطان للإنسان الأول بأن أغراه بالأكل. وهكذا فعل مع السيد المسيح. غير أن الإنسان الأول قبل إغراء الشيطان وأكل، وهو غير جائع. أما السيد المسيح فرفض الأكل وهو في قمة الجوع.. 4- الإنسان الأول أكل من شجرة محرمة، وقد سمع عقوبة من الله بخصوص أكلها. أما السيد المسيح فرفض الأكل من خبز هو محلل للجميع. 5- الإنسان الأول أطاع الشيطان في مشورته، من أول تجربة. أما السيد المسيح فرفض كل مشورات الشيطان، ثلاث مرات على الجبل، ومرات عديدة فيما بعد (لو 4: 13)، بالإضافة إلى تجارب أخرى خلال الأربعين يومًا (مر1: 13). 7- الإنسان الأول وقع في الكبرياء، وحينما اقتنع أنه سيصير مثل الله (تك 3: 5). أما السيد- هو الله الظاهر في الجسد (1تى 3: 16). فقد أخلى ذاته. وسلك باتضاع أمام يوحنا المعمدان، حينما تقدم ليقبل معمودية التوبة، وهو غير محتاج إلى توبة. كما أنه تواضع أيضًا إذ سمح للشيطان أن تجربة، وأن يختار ميدان المعركة معه كما يشاء.. 8- الإنسان الأول اشتهى سلطاننًا ليس له. أما السيد المسيح فقد تنازل عن استخدام سلطانه الخاص، ورفض أن يستخدم لاهوتيه من أجل راحة ناسوته، ومن أجل نشر رسالته بالمعجزات.. 9- الإنسان الأول - في تجربته. سقط في الخطية، واستحق حكم الموت. أما السيد المسيح فاستطاع أن "يكمل كل بر" (مت 3: 15). استطاع أيضًا أن يخلص الإنسان من الموت ومن الهلاك. 10- الإنسان سلك بطريقة جسدية، فيها أكمل شهوة الجسد في الأكل، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أما السيد المسيح، فإنه سلك بطريقة روحية، تتغذى بكل كلمة تخرج من فم الله (مت 4: 4). 11- الإنسان الأول جعل هدفه ذاته وكيف تزيد. فكانت النتيجة أنه فقد كل شئ. أما السيد المسيح، فلم يهدف إلى علو الذات. بل سلك بإخلاء الذات. وهكذا أعاد للإنسان ما فقده. 12- الإنسان الأول، بسقوط في التجربة، أدخل إلى العالم الموت والفساد، كما قال القديس بولس الرسول: "كأمنا بإنسان واحد، دخلت الخطية إلى العلم، وبالخطية الموت. وهكذا أجتاز الموت إلى جميع الناس.." (رو 5: 12). أما السيد المسيح فبانتصار في كل تجربة وبقدسية حياته البشرية التي بلا خطية، وليست تحت حكم الموت، استطاع أن يفدى البشرية كلها، وينقذها من الموت، ويهبها التبرير، منقذًا إياها من الفساد. |
||||
24 - 03 - 2013, 01:26 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
تجربة الخبز (أ) إن الشيطان لا يمل من "الجولان في الأرض والتمشي فيها" (أى 1: 7) (أى 2: 2). إنه يجول في الأرض كزارع يلقى البذار. فهو أيضًا يلقى الأفكار، ويلقى الأخبار. ويفرح إن أتت بثمار. ولأعاد إليها بعد حين في إلحاح صامد لا يلين..! أمران أزعجا الشيطان: صوت الآب وصوم المسيح سببان لجرأة الشيطان: إخلاح المسيح لذاته، ومبدأ تكافؤ الفرص بنوة المسيح لله |
||||
24 - 03 - 2013, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
أمران أزعجا الشيطان: صوت الآب وصوم المسيح وفيما يجول في الأرض، أزعجه أمران: أزعجه صوت الآب، يقول وقت العماد عن يسوع الناصرى "هذا هو لإبنى الحبيب الذي به سررت" (مت 3: 17). فأى ابن تراه هذا..؟! وأزعجه أيضًا أن يسوع هذا، في وحدة مع الآب على الجبل وهو صائم.. والشيطان بطبيعته يكره توجد الأبرار وصومهم، ويضايقه ما ينالونه في خلواتهم من روحانية، وما يهبهم الله من نعمة.. لذلك قرر التدخل. وكأنه يقول للسيد المسيح: لماذا تجلس وحدك على الجبل؟ لقد جئت لكى أجلس معك.. إن أردت أن تنشر الملكوت، فإن في جعبتى نصائح ومقترحات كثيرة لأقدمها لك.. هي من ثمار شجرة المعرفة، التي قدمت ثمرة منها لحواء وآدم من قبل.. دعنا نتفاهم: أنت تريد أن تنتصر. وأنا أيضًا أريدك أن تنتصر، على يدى!! إن الشيطان يحب جدًا عمل المرشد.! فإن لم يقبل البعض إرشاداته، فعلى الأقل يدخل معهم في حوار. وفي هذا الحوار يحاول أن يدخلهم في ميدانه. نعم ما أحلى الحوار بالنسبة إلى الشيطان..! وحواره كله شباك.. فلما رأى السيد المسيح وحيدًا مع الآب على الجبل، قال في نفسه: هلم بنا نشغله. نقطع تأملاته. ونحاول أن ننزله من مستوى الإلهيات والسماويات، إلى الأرضيات، أو إلى أي مستوى آخر، ولو بدا من الظاهر روحيًا!! المهم أنه لا يتفرغ للجلوس مع الآب نشغله بالخبز، بالمناظر الروحية بكل ممالك الأرض ومجدها، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. وكانت للشيطان خبرة سابقة مع آدم وحواء، حينما شغلهما بالشجرة الشهية للنظر وبالثمرة الجيدة للأكل، وبالمعرفة: معرفة الخير والشر، وبالمجد الذي يصيران فيه مثل الله..! |
||||
24 - 03 - 2013, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
سببان لجرأة الشيطان: إخلاء المسيح لذاته، ومبدأ تكافؤ الفرص على أن الجرأة التي بها تقدم الشيطان لمحاربة المسيح، كلن لها سببان: أولهما إخلاء السيد لذاته. ولم يكن إخلاؤه لذاته هو فقط حينما تجسد "وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان" (فى 2: 7). وإنما هذا الإخلاء كان سياسة عامة أنتجها إلى وقت صعوده إلى السماء. بهذا الإخلاء تقدم إلى معمودية التوبة، وهو غير محتاج إلى معمودية، ولا إلى توبة. بل بهذا إخلاء سمح للكتبة والفريسيين أن يجادلوه وأن يتهموه. وسمح لرؤساء الكهنة أن يحاكموه.. وبهذا الإخلاء جربه الشيطان. كذلك منح للشيطان مبدأ تكافؤ الفرص. منحة الفرصة أن يجربه كما يشاء، وأيضًا أن يختار مكان التجربة، سواء على جبل التجربة، أو على جناح الهيكل، أو على جبل عال.. كل ذلك لكى لا يقول الشيطان: لو أننى منحت الفرصة لأجربه وهو يعرف قوته، ولا يعرف فيه أية نقطة ضعف. ولكن الشيطان شغوف بتجربة الأقوياء. |
||||
24 - 03 - 2013, 01:28 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
بنوة المسيح لله المسألة التي كانت تحير الشيطان هي بنوة المسيح لله العبارة التي سمعها وقت العماد (مت 3: 17). والتى سمعها أيضًا وقت البشارة بميلاده. وذلك حينما قال الملاك للعذراء "الروح القدس يحل عليك، وقوة العلى تظللك. لذلك فالقدوس المولود منك يدعى ابن الله" (لو 1: 35). ولكن بشرى الميلاد هذه، غطى عليها أمران: أولهما: ميلاده في مزود بقر من أم فقيرة.. والثانى هربه إلى مصر. وليس من المعقول -في فكر الشيطان- أن ابن الله يكون فقيرًا وأن يهرب! أما الشهادة له بأنه ابن الله -في المعمودية- فيغطى عليه أنه جوعان على الجبل، فهل يعقل أن يكون ابن الله جوعانًا؟! إنه أمر يثير التساؤل.. وهنا ارتبك الشيطان.. وأراد أن يتأكد: لو كان هو ابن الله فيجب بذل كل الجهد حتى لا يتم الفداء على يديه. ولو كان ابن الله، فكيف يجوع: ولماذا لا يبعد الجوع عن نفسه؟ إذن فليتقدم ويسأل لعله يفهم! ولا مانع من أن يقدم أفكاره ويرى ماذا تكون النتيجة.. ويحاول أن يختبر هذا الذي أمامه، ليرى ما هو عنصره، وهكذا كانت التجربة الأولى وهى تجربة الخبز.. يقول الإنجيل عن المسيح أنه جاع أخيرًا (لو 4: 3) "جاع أخيرًا، فتقدم إليه المجرب" (مت 4: 2، 3). لاشك أنه كان جوعًا من نوع قاس غير عادى.. طبيعي أن فترة الأربعين يومًا، كانت كلها جوعًا. ولكن الجوع في نهايتها، كان قد وصل إلى قمته، وصار جوعًا لا يحتمل. وهذا الجوع يدل على أن ناسوته كان مثلنا قابلًا للجوع. كما يدل أيضًا على أن لاهوته لم يمنع الجوع عن ناسوته. ذلك لأن السيد المسيح كان قد أتخذ مبدأ ثبت عليه، وهو أنه: قرر أن لا يستخدم لاهوته لأجل راحة ناسوته. فلاهوته لا يمنع عن ناسوته التعب ولا الألم، ولا الجوع ولا العطش.. وإلا فإن التجسد يكون صوريًا أو شكليًا، حاشا. لذلك فهو على الصليب أيضًا قال "أنا عطشان" (يو 19: 28). وهنا على الجبل قيل إنه جاع.. نلاحظ إنه في صوم القديس بطرس الرسول قيل عنه إنه "جاع كثيرًا واشتهى أن يأكل" (أع 10: 10). أما بالنسبة إلى السيد المسيح، فلم يذكر أنه اشتهى أن يأكل وهنا تقدم له الشيطان وقال له: إن كنت ابن الله، فقل أن تصير هذه الحجارة خبزًا (مت 4: 3). "إن كنت.." عبارة تحمل الشك. إما أنه - أي الشيطان - في شك من هذه البنوة، وهذا هو المعنى الأكثر إحتمالًا، وإما أنه يريد أن يقدم هذا الشك لسامعه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى. أو هو يقدم الشك لهذا الصائم، لكى يعالج شكًا له هو - أي الشيطان - في قلبه: أين محبة الآب، حتى يترك الآبن في جوع، على الجبل وحده، وأين سلطان الأبن؟ ألا يستطيع أن يحول الحجارة إلى خبز ويأكل؟ إن الشك والتشكيك هما من طبائع الشيطان. وضع هذا بالمثل قديمًا أمام آدم وحواء.. لو كان الله يحبكما، فلماذا يمنعكما عن المعرفة؟! "هل حقًا قال لكما الله.." (تك 3: 1). ومن جهة الموت، "لن تموتا". كله أسلوب تشكيك. إن الشك عكس الإيمان. والشيطان ضد الإيمان. وهنا يسأل عن بنوة المسيح لله. ويقينا إنه لا يقصد البنوة العامة التي لجميع المؤمنين.. بل البنوة التي تستطيع أن تحول الحجارة إلى خبز.. أى البنوة التي لها القدرة على الخلق، وليست البنوة التي نقول بها جميعًا "أبانا الذي في السموات". ولا هي البنوة التي قال عنها الوحى الإلهى عما قبل الطوفان "رأى أولاد الله بنات الناس أنهن حسنات" (تك 6: 2). ولا هي البنوة التي قال فيها القديس يوحنا الحبيب فيما بعد عن المسيح "وأما كل الذين قبلوه، فأعطاهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه" (يو 1: 12). وأيضًا "انظروا أية محبة أعطانا الآب: أن ندعى أولاد الله" (ايو3: 1). إنما هي البنوة القادرة على كل شئ، التي نستطيع أن تصنع المعجزات بمجرد أن تأمر. وهكذا قال للمسيح "قل أن تصير الحجارة خبزًا". لم يقل له: إن كنت ابن الله، يمكنك أن تصلى إلى أبيك السماوي، فيحول لك الحجارة إلى جبز. وإنما قال له: قل أن تصير الحجارة خبزًا.. إذن فهو يسأل عن طبيعة المسيح ما هى؟ ونفس السؤال قدمه إلى المسيح فيما بعد، على لسان البعض "إن كنت ابن الله، انزل من على الصليب" (مت 26: 40). إن البنوة والصليب معًا، هما اللذان يزعجان الشيطان في اجتماعهما، لأنهما يحطمان دولته وكل تعبه. سأل أحدهما في بداية استعداد المسيح لخدمته على الأرض. يسأل الآخر للمسيح، وهو في طريقه إلى عبارة "قد أكمل" (يو 19: 30). هنا على جبل التجربة، قال للسيد المسيح- وهو صائم وجائع: إن كنت ابن الله، قل أن تصير الحجارة خبزًا".. وكان المسيح قادرًا على ذلك، ولكنه لم يفعل. |
||||
24 - 03 - 2013, 01:29 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
تجربة الخبز (ب) قال الشيطان للسيد المسيح "إن كنت ابن الله، قل أن تصير الحجارة خبزًا" (مت 4: 3). وهنا قدم الشيطان مفهومًا للبنوة التي ترضى ذاتها باستخدام حقوقها وسلطتها.. حقوق البنوة استخدام الخبز لنشر رسالته لاهوته لصالح ناسوته |
||||
24 - 03 - 2013, 01:30 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
حقوق البنوة إنه لا يفهم البنوة التي تخلى ذاتها، وتأخذ شكل العبد، وتطيع حتى الموت، موت الصليب (فى 2: 7، 8). لا يفهم البنوة التي تبذل، بل التي تأخذ، ولا يقبل أن تجوع. تمامًا مثل تفكير الابن الكبير، في خطيئته إذ قال لأبيه "ها أنا أخدمك سنين هذا عددها.. وجدي لم تعطني قط، لأفرح مع أصدقائي" (لو 15: 29). ولكن السيد المسيح لم يطلب لنفسه حقوقًا كابن..! وهنا أعجب من الذين يقولون لكل مؤمن مبتدئ يجب أن تطالب بحقوقك كابن ووريث وشريك مع المسيح!! من نحن الذين نطالب لأنفسنا بحقوق، بينما الابن الوحيد للآب السماوى المساوى له في الجوهر، رفض أن يستخدم حقوقه الطبيعية كابن، أو رفض استخدام طبيعته كابن، أو أقنومه كابن حقًا، كان جادًا في إخلائه لذاته. كان بإمكانه أن يحول الحجارة إلى خبز، بل أن يقدم الخبز، حتى بدون حجارة، كما في معجزة اشباع الجموع. استطاع أن يخلق الخبز، الذي أشبع خمسه آلاف والذى امتلأت بما فضل منه إثنتا عشرة قفة (مر6: 35: 44). فعل نفس الوضع في معجزة إشباع الجموع الأخرى من السبع خبزات (مر 8: 2-9). فعل ذلك من أجل غيره، وليس من أجل نفسه. وكان الدافع هو الإشفاق. إذ قال لتلاميذه في ذلك "إنى أشفق على الجمع، لأن لهم الآن ثلاثة أيام يمكثون معى وليس لهم ما يأكلون. وإن صرفتهم إلى بيوتهم صائمين، يخورون في الطريق" (مر 8: 2، 3). إذن بإمكانه أن يوجد الخبز، ولو يخلقه خلقًا. ولكنه لم يفعل. فلماذا؟ أولًا: لأنه كما قلنا، كان قد وضع مبدأ لنفسه أنه لا يستخدم لاهوته لأجل راحة ناسوته. ثانيًا: لأنه لا يليق به أن يسمع لمشورة الشيطان، كما فعلت حواء وآدم من قبل، وهذا يذكرنا بقصة قيلت عن القديس أنطونيوس الكبير: إن الشيطان أيقظه ذات ليلة من النوم لكي يصلي. ولكن القديس رفض مشورة الشيطان، حتى لو اتخذت أسلوبًا روحيًا. وقال له "إني أصلى متى أريد. ولكن منك أنت لا أسمع"... ثالثا: إن الشيطان لا يمكن أن تكون له نية سليمة في أية مشورة يقدمها..! فهو لم يقل ذلك إشفاقًا على السيد من الجوع. وإنما كان يريد أولًا أن يعرف طبيعته هل هو ابن الله حقًا؟ لا ليؤمن به، بل ليحارب الإيمان به، ويحارب رسالته في الفداء.. كما كان يريد أن يتدرج في التجربة. وكيف؟ |
||||
24 - 03 - 2013, 01:31 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
استخدام الخبز لنشر رسالته يمكن بتحويل الحجارة إلى خبز، أن يتبعه الناس كمصلح اجتماعي يشبعهم، وليس كمخلص يفديهم. وكأنه يقول للسيد: إنك لا تريد أن تستخدم الخبز لأجل نفسك، لتشبع من جوع. حسنًا تفعل. وكن ما أسهل أن تستخدم الخبز لأجل نشر ملكوت الله. وهذا حل سهل. فقل أن تصير الحجارة خبزًا.. هوذا العالم كله يحتاج الخبز. العلم كله يجرى وراء -لقمة العيش- فلو حولت الحجارة إلى الخبز، سوف تصير مصلحًا اجتماعيًا، تكفى احتياجات الناس المادية. وإذ تشبع الناس، يلقون حولك، وبهذا يمكنك أن تؤدى رسالتك.. وتسهل مهمتك. ولكن السيد المسيح رفض هذا الطريق السهل.. إنه جاء يدعو إلى مملكة روحية، طريقها أيضًا طريق روحي، ليس هو الطريق الخبز المادي وإنما كل كلمة تخرج من فم الله.. إن السيد المسيح لم يأت لكي تكون بطون الناس ملآنة، إنما لكي تكون قلوبهم نقية، وأرواحهم ملتصقة بالله.. إنه يعرف حاجة الناس إلى الخبز ويعطيهم إياه، لكنه لا يجعله هدفًا لهم. بل يقول لهم: اطلبوا أولًا ملكوت الله وبره.. ثم هذه كلها تزدادونها" (مت 6: 33). لهذا قال للناس "لا تهتموا بما تأكلون وبما تشربون.. الحياة أفضل من الطعام" (مت 6: 25). يا قليلي الإيمان.. أبوكم السماوي يعلم أنكم تحتاجون إلى هذه كلها" (مت 6: 32). وقال لهم أيضًا "اعملوا لا للطعام البائد، بل للطعام الباقي الذي للحياة الأبدية" (يو 6: 27). السيد المسيح لا يريد أن يتبعه الناس من أجل الخبز، إنما حبًا للملكوت.. وكانت مشورة الشيطان هي التركيز على الخبز! وإن أحبوا الملكوت، وجاءوا من أجله وعطشوا، حينئذ سيمنحهم كل احتياجهم المادي، دون أن يطلبوا، كذلك فإن الخبز، الذي هو رمز للمادة لا يجوز أن يكون هدفًا لحياتهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.. هنا نتذكر أمثلة خاطئة. إن الشيطان لا يقترح أبدًا للخير. ولا يجوز السماح له، مهما بدا اقتراحه خيرًا. ولكنه هنا، كان يقصد ما هو أخطر. فماذا يقصد؟ |
||||
24 - 03 - 2013, 01:32 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
لاهوته لصالح ناسوته إن استخدام السيد المسيح لاهوته من أجل التخلص من ألم الجوع، فالتدرج الذي يريده الشيطان هو أن يتخلص المسيح بلاهوته من كل ألم، بما في ذلك آلام الصلب. ويتحول التجسد والفداء إلى شكليات.. أما السيد المسيح فاستطاع أن يبت في الموضوع من أوله. ولم يستخدم لاهوته مطلقًا لأجل راحة ناسوته. لا على جبل التجربة، ولا على الصليب، ولا كل فترة تجسده على الأرض. وهكذا جاع وعطش وتعب ونام. وتصبب عرقه كقطرات دم (لو 22: 44).. إذن لم تكن التجربة هي مجرد استخدام لاهوته لمنع الجوع، إنما لمنع الفداء كلية. لأنه لو لم يتألم لأجلنا، ما كان فداء.. بل لتحول الأمر إلى خدعة كبرى. لكن السيد المسيح كما جاع على جبل التجربة، كذلك فإنه على الصليب قال أنا عطشان (يو 19: 28). كان ناسوته يدفع الثمن كله.. وكانت نار العدل الإلهي تشتغل في المحرقة، حتى تحولها إلى رماد (لا 6: 10). من أجل هذا قال: "إلهى إلهى، لماذا تركتنى" (مت 27: 46). أي أن لاهوته تركه للألم، لم يتدخل لمنع الألم عنه، ليتم الفداء. إن السيد المسيح يمكن أن يستخدم لاهوته من أجل راحة الناس، وليس من أجل راحته هو.. وهكذا كان يشفى المرضى البرص، ويفتح أعين العميان، ويخرج الشياطين من المصروعين.. يجول يصنع خيرًا. ولكن لا يستخدم المعجزة ليشبع حسده.. لقد رفض السيد المسيح استخدام معجزة الخبز لأجل نفسه. ورفض أيضًا استخدام الخبز للكرازة ونشر الإيمان. فهذا هبوط بمستوى وسائل الإيمان. فالإيمان يتعلق بالروح والقلب والفكر. وليست وسيلته الجسد والطعام.أنه يمكن أن يقدم الخبز بدافع الحب والإشفاق عليهم كجياع. ولكن ليس ثمنًا للإيمان. كان الشيطان يهدف في استخدام الخبز لنشر الإيمان، إنما يغرى بسهولة الخدمة. أنه فيما يتحدث عن الخبز، إنما يريد أن يلبس المادة ثوبًا روحيًا من حيث أهميتها في جذب الناس ونشر الملكوت، . فتصبح الخدمة سهلة وأكثر قبولًا وكأنه يقول "لو ملأتم الدنيا خبزًا، لأحبكم الناس وساروا وراءكم، فينتشر الملكوت، ويقبل الناس الإيمان. ولكن هذا الأمر كانت له مساوئه بلاشك. فإن الذين يقبلون إلى الإيمان عن طريق الخبز، لاشك أنهم سيتركون الإيمان إذا انقطع الخبز عنهم كذلك فإن السيد رفض فكرة سهولة الخدمة.. فالذي يتعب في نشر الملكوت، إنما يدل على محبته للملكوت وبذله من أجله، وسوف يكافئه الرب على بذله وجهده "وكل واحد سيأخذ أجرته بحسب تعبه" (اكو 3: 8). ولابد أن يحمل كل إنسان صليبه في طريق الملكوت (مت 10: 38) (مت 16: 24). أما من جهة رد المسيح على تجربة الخبز، فهي أنه قال للشيطان: مكتوب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله (مت 4: 4). إنه لم يرد على الشيطان ردًا مباشرًا. لم يرد على عبارة "لو كنت ابن الله". لم يقل للشيطان: ما هدفك من السؤال؟ لماذا تسأل؟ هل أنت في شك؟ ولماذا تحتاج إلى معجزة بينما أنت قد رأيت المعجزة وقت العماد وسمعت شهادة الآب وشهادة يوحنا؟ وبالمثل، لم يرد أيضًا على اقتراح تحويل الحجارة إلى خبز. إن الشيطان يريد أن ينقله بالحديث عن الخبز، إلى ميدانه المادي. فتجاهل المسيح هذا، ونقله إلى الميدان الروحي. نقله إلى الطعام الروحي الذي تحيا به الأرواح، فقال له "مكتوب ليس بالخبز يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله". وإن الطبيعة البشرية ليست مجرد جسد، بل هي جسد، وأيضًا روح. فإن كان الجسد يحتاج إلى الخبز، فالروح تحتاج في فدائها إلى كل كلمة تخرج من فم الله.. وهنا أيضًا وضع الرب أمامنا غذاء للروح هو الكتاب المقدس. أما بالنسبة إلى الشيطان، فكأن الرب يوبخه بطريقة هادئة وهى: لماذا تركز على الجسد والخبز، وتنسى الروح، بينما أنت روح؟ ثم هل يليق بنا أن نتكلم عن الخبز وعن طعام الجسد، بعد أربعين يومًا من الصوم. وإنفراد مع الآب؟ أين هي ثمرة الصوم إذن؟ أتريده صومًا بلا ثمر؟ أم تريد أن تعكر روحياته بالحديث عن الخبز فلنحول الحديث إذن إلى الروحيات، لأن الحديث عن الخبز والجسد لا مجال له معي. موضوع الخبز والمادة والجسد، سد المسيح أبوابه أمام الشيطان. ولم يفتح له مجالًا للحديث فيه. نسد الأبواب أمام الشيطان في كل موضوع غير روحي يقترحه. إننا لسنا ملزمين أن نتناقش معه في أي موضوع يعرضه. بل ينبغى أن نسكته. فلا يستمر أو يتمادى في موضوع مادي، بأن نحول كلامه أو أفكاره إلى موضوع روحي. أما الآية التي قالها السيد المسيح، فقد اقتبسها من سفر التثنية (تث 8: 3). (وتحمل دروسًا روحية لنا): 1- نتذكر الآباء والأمهات الذين يكون كل اهتمامهم لطعام أبنائهم وتربية أجسادهم، دون أن يهتموا مطلقًا بأرواحهم. كما لو كانوا قد أنجبوا أجسادًا فقط بدون أرواح، شاعرين أن واجبهم الأساسي هو إطعام هؤلاء الأولاد.. وفي سبيل ذلك قد يمنعونهم عن الصوم خوفًا على صحتهم الجسدية.. 2- مثال آخر: مكاتب الخدمة الاجتماعية في الكنائس، التي تبذل كل جهدها في طعام الفقراء، دون أي اهتمام بأرواحهم... 3- مثال ثالث: وهو أنه بسبب الاهتمام بالخبز يكسرون وصايا الله. قد لا يدفعون العشور ولا البكور ولا كل حقوق الله في أموالهم، لأنهم محتاجون إلى هذه النقود من أجل لقمة العيش. وقد يشغلون أنفسهم مشغولية تأخذ كل الوقت من أجل الحصول على أجور أضافية لازمة للقمة العيش.. وهكذا يمنعون أنفسهم عن الكنيسة والإجتماعات والقراءات والتأمل والخلوة وكل الوسائل الروحية في سبيل الحصول على المال. كل هؤلاء يقول لهم السيد المسيح ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان. وهنا يضع أمامنا السيد المسيح أسلوبًا روحيًا في محاربة الشيطان وهو: الرد على المحاربة بآية: جميل أن ترد على الشيطان بآيات من الكتاب، لأن "كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين" (عب 4: 12) لذلك إن كنت مُحَارَبًَا بالغضب، اجمع كل الآيات التي هي ضد الغضب وضعها في ذهنك، واحفظها، ورددها كلما حوربت.. وإن كنت محاربًا بأخطاء اللسان افعل هكذا أيضًا. وكذلك في كل حروبك الروحية. المسيح رد على الشيطان بآية فأسكته. لذلك انتقل الشيطان إلى تجربة أخرى محاولًا أن يستخدم الآيات أيضًا. |
||||
24 - 03 - 2013, 01:35 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
❈ Administrators ❈
|
رد: كتاب التجربة على الجبل ( البابا شنوده الثالث )
تجربة جناح الهيكل هنا كان ميدان الحرب في المدينة المقدسة وعلي جناح الهيكل. حيث قال له الشيطان "إن كنت ابن الله، فأطرح نفسك إلي أسفل. لأنه مكتوب إنه يوصي ملائكته بك. فعلي أيديهم أيديهم يحملونك، لكي لا تصطدم بحجر رجلك" (مت 4: 6)... مازالت مشكلة الشيطان قائمة "أن كنت ابن الله" ومازال المسيح لا يجيبه عليها!! في المواضع المقدسة هدف التجربة المحاربة بالآيات استخدام خاطئ للآيات مكتوب أيضًا لا تجرب الرب إلهك أمثلة في تجربتنا لله |
||||
|