26 - 12 - 2013, 05:11 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
قصص إيمان في خدمة الفقراء نصلى لكي يرسل الله: عندما كنت أذهب إلى أبي القديس القمص ميخائيل، واحكي له بأن [الفلوس خلصت] وبأن المحتاجين كثيرون، ويريدون مساعدات عاجلة، كان يقول لي: [تعال نصلى علشان ربنا يبعت]. الصندوق فارغ في ليلة رأس السنة: أذكر على وجه التحديد أن صندوق الخدمة الاجتماعية كان فارغًا مساء الخميس 31/12/1959. وفى هذا اليوم كانت الكنيسة تحتفل برأس السنة الميلادية، وكان أبى القديس حاضرًا في الكنيسة يصلى. وعندما حضر إخوتي وأخواتي أعضاء، على الرغم من أن توزيع الإعانات الشهرية باكر الجمعة 1/1/1960، فنحن مرتبطون مع (إخوة يسوع بيوم الجمعة الأولى من كل شهر).. فأسف الكل لهذه الحالة. وعندما عرضت الأمر على أبينا القمص ميخائيل، قال عبارته المشهورة: [تعال نصلى لأبوهم الغنى إللى يهتم، وربنا يبعت]. وصلى وقال لي: [ما تخافشى، ربنا هايبعت].. وعلى هذا، انصرفت من عنده وكلى إيمان بأن الله سيرسل معونة.. وأثناء خروجي من الكنيسة، تقابلت مع أخي الحبيب ورفيق العمر، زميلي في مكتب الخدمة الاجتماعية، الدكتور جورج عطاالله. كان ينوى التغيب خوفًا من الإحراج مع (إخوة يسوع).. فقلت له: [الصندوق فاضي، وأبونا ميخائيل صلى لأجل الموضوع]. وفى صباح الجمعة بعد القداس، تلاقت نظراتنا، فكلا الدكتور جورج أن ينصرف، فقلت له: [خذ مفتاح الصندوق وافتحه] فتراجع، فألححت عليه، وذهبنا معه، وفتحنا الصندوق الصغير الوحيد المخصص للخدمة الاجتماعية. وإذا بنا نجد فيه ظرفًا وبداخله مبلغ 300 جنيه. وقد كنت المتبرع المجهول (الله يعوضه خيرًا)، توزيع المبلغ كالآتي: [200 جنيه للفقراء، و100 جنيه للكنيسة]. صبري عزيز مرجان الحاج متنازل: قابلته على باب الكنيسة الخارجي. وكنت متوجهًا لدفع إيجار سكن أرملة متأخر عليها الإيجار لمدة شهرين. فسألني أبونا ميخائيل إلى أين أنا ذاهب فأخبرته، وكان في يدى سبعة جنيهات (إيجار الشهرين). فأخذ النقود، ورشم عليها بعلامة الصليب، وقال: [روح يا سيدي، وبنا معاك]. ذهبت إلى صاحب البيت (الحاج فلان)،، وأخبرته أنى قادم كنيسة مارمرقس لدفع إيمار مسكن الأرملة عن شهرين. فلما علم بذلك، طلب أن يساهم بشهر من عنده، وأعطاني إيصالات بنصف القيمة، وعدت فرحًا لأن الله حنن قلب الحاج بصلوات أبينا القمص ميخائيل. وبمجرد وصولي إلى الكنيسة، جلست مع زملائي وإخوتي في الخدمة أحكى لهم ما حدث.. وإذا بصاحب البيت، وكان صاحب ورشة خشب نعم يرسل خادمه ومعه إيجار الشهر الذي استلمه منى، وطلب الإيصال. وأخبرني أن الحاج متنازل عن الإيجار كله.. فرفعت عيني إلى السماء، وتعجبت كيف أن صلوات أبينا ميخائيل أرجعت النقود كاملة. د. جورج عطاالله ملابس المعمدين في أحد التناصير: تعودت كنيستنا المحبوبة أن توزع ملابس العماد على الأطفال الفقراء الذين يعمدون يوم أحد التناصير. فكان على الخدمة الاجتماعية إعداد هذه الملابس فجلس أعضاء المكتب لمناقشة الإمكانيات. فقال أحدهم: نشترى القماش ونقوم بتفصيلة، فرد آخر بأنه لا يوجد وقت، حيث لم تبق سوى خمسة أيام على حد التناصير. وأهم من ذلك أنه لا توجد نقدية في الصندوق.. وقال البعض: نشترى من تاجر القماش (بجوار الكنيسة) على الحساب: عندما يرسل الله نسدد الثمن. وأخذ أعضاء المكتب يفكرون للوصول إلى حل. وبصفتي أمين الخدمة، ومسئولًا عن تدبير المبلغ بأسرع وقت، لم أجد سوى الذهاب إلى أبينا القمص ميخائيل، وعرضت عليه الأمر. فإذا به يرفع عينيه نحو السماء، ويصلى صلاة غير مسموعة. ثم يرفع يده اليمنى على رأسي ويقول لي: [الله يبعت يا سيدي ما تفكرش، هو إللي يدبر]. وفى عشية أحد التناصير، أمر على الكنيسة، فإذا بالخفير يقول لي: [واحد حضر وساب اللفة دي]. وافتح اللفة، فأجد فيها أطقم كاملة لعماد الأطفال، ومن ضمنها طقم ملابس لطفلة عروسة (طرحة، وفستان طويل، وملابس داخلية). واقترح أحدنا بيع هذا الطقم، وتوزيع ثمنه على الفقراء. وبعرض هذا الاقتراح على أبى القديس القمص ميخائيل، رفض وقال: [دا جاى لصاحبة نصيبها.. والحاجة إللي تيجى، مهما كانت غالية، توزع على إخوتنا الفقراء، وما تتباعشى أبدأً]. واستمر صرف هذه الملابس بمعرفة آبائنا الموقرين لتناصير الأطفال لمدة تزيد عن ثلاث سنوات. صبري عزيز مرجان قصة توزيع الأرز في عيد الميلاد: أما عن مشكلة الحصول على الأرز في ديسمبر 1973 للتوزيع منه في عيد الميلاد، فكانت لا تجدي معها وفرة المال، فالمشكلة كانت عدم وجدود الأرز ذاته..! فما الذي حدث؟ حضر أعضاء مكتب الخدمة للتفكير في كيفية الحصول على الأرز. وحتى ساعة متأخر من الليل، لم نصل إلى حل. فذهب أحدنا إلى أبينا القمص ميخائيل في بيته، وعرض عليه الأمر، فرد عليه: [ربنا يبعت].. وحدث أثناء وجودي بالمنزل. أن حضر إلى فراش الكنيسة منتصف الليل، وقال لي: [تعال حالًا دلوقتي للكنيسة، علشان فيه عربة كارو محملة بالأرز (500 كيلو) حضرت للكنيسة]. وكان المطلوب منى، فتح مكتب الخدمة الاجتماعية لتشوين الأرز.. وفعلًا ذهبت إلى الكنيسة، وتسلمت الكمية وأندهش الخدام وآمنوا بعمل الله.. وبالاختبارات العديدة، أصبحنا نؤمن أن الله يدبر كل الاحتياجات، ويرسلها في حينها، كل ذلك بفضل صلوات أبينا القمص ميخائيل. صبري عزيز مرجان |
||||
26 - 12 - 2013, 05:12 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
أبونا ميخائيل: رجل الرحمة، حبيب الفقراء والمحتاجين لا يرد أحدًا: 1- لم يكن يقصده أي شخص لطلب المساعدة ورده خائبًا. بل كان يقدم المساعدة حسبما تيسر له. وطالما سأله أفراد الشعب قائلين: هل يصح تقديم المساعدة لكل من يطلب، حتى وأن كانت حالته الصحية تمكنه من الاشتغال بأي عمل، فإن تقديم المساعدة في هذه الحالة قد تشجعه على التمادي في الكسل اعتمادًا على عطف الناس؟ فكان رده بصفة دائمة مستمدًا من قول الرب: "من طلب منك، فلا ترده". 2- كانت تأتيه مبالغ كثيرة من أبنائه المهاجرين ومن غيرهم. فكان يسلم الجزء الأكبر منا لقسم الخدمة الاجتماعية بالكنيسة، والباقي يقدمه للكنيسة دون أن يحتفظ بقرش واحد لنفسه. يعطى أفضل ما عنده: 3- في بعض الأحيان كان يأتيه فقير معدم، ثيابه رثه وممزقة. فكان يعطيه، لا من ملابسه المستعملة، بل من ملابسه الجديدة. معتبرًا أنه لا يقدم المساعدة لأحد أخوة المسيح فحسب، بل من ملابسه الجديدة. معتبرًا أنه لا يقدم المساعدة لأحد أخوة المسيح فحسب، بل للمسيح نفسه الذي قال: "بما أنكم فعلتموه بأحد إخوتي هؤلاء الأصاغر نعم فبي قد فعلتم" (مت 25: 40). القمص مرقس داود في إحدى المرات قلت له: [هناك أفراد واخدين منى سلفة. فكيف أطلبها؟] فقال لي: [عندما يطلب منك شخص سلفية، لا تفكر في أن تطلبها منه، إن لم يدفعها من نفسه. وأنت تدفع، ضع أمامك أنها ليست ملكًا لك لحين ردها إليك. وإن لم يردها، فاتركها]. [لأنه في الوقت الذي تطلبها منه، من الجائز أن يكون غير مستعد، فيكون إحراجا لك وله].. المهندس زاهر فرح يعطى في الخفاء: ذهبت لاعترف عنده. وفى منزله قال لي: [خذ هذا الطرد، واذهب إلى الفجالة بهذا العنوان. واخبط على الباب. وسلم الطرد لفلان الفلاني. وإن قال لك: "مين اللي باعته؟ "قل له: "يسوع "ولا تذكر أسم أحد]. وعندما ذهبت إلى العنوان، قال لي الرجل: [ما فيش غير أبونا ميخائيل غبراهم، هو إللي بيعمل كده].. وفتح الطرد أمامي. وكان بهد قمصان جديدة، وفانلات جديدة، وغيارات جديدة، بكميات وأعداد وفيرة.. وعدت إلى أبينا القمص ميخائيل، فقال لي: [إيه إللى خلاك تفضل لحد ما يفتح الطرد؟! الله يسامحك]. ولم أكن طبعًا قد قلت له شيئًا. القس أنسطاسي شفيق عطاياه في الأعياد: + كان من عادته في الأعياد أن تكون له: "ذبيحة خاصة"، يجتمع حولها أفراد أسرته جميعًا. ولم يكن ينسى بقية الأسرة من إخوة المسيح الذي يعرفهم شخصيًا. فكان يقوم بتوزيع قسط كبير من الذبيحة عليهم. +وكان يهتم بإخوة المسيح في بلدته (كفر عبده)، ويقوم بتدبير المال والأقمشة وتوزيعها عليهم في الأعياد،وذلك كجزء من اهتماماته بتدبير الكنيسة في تلك القرية. + وكم كان منشغلًا بأمور مكتب الخدمة الاجتماعية بكنيسة مارمرقس متفحصًا كل نشاط هذه الخدمة. وما أكثر القصص والذكريات التي يرويها خدام الخدمة الاجتماعية عن الحب العميق الذي كان في قلبه نحو إخوة المسيح. القس اسطفانوس عازر الفقراء إخوته: عرف عنه الفقراء -وهو علماني- أنه رجل بار عطوف، فكانوا يترددون على منزله، فيقابلهم بترحاب، ويقدم لهم الطعام، ويحسن عليهم، ويأويهم في منزله، فيبيتون فيه. وكثيرًا ما كانوا يتركون الأغطية متسخة جدًا وعليها حشرات، مما يتعب السيدة زوجته في في تكرار الغسيل يوميًا. ولما زاد العبء عليها من قذارة هؤلاء الغرباء الوافدين وحشراتهم، طلبت إليه أن يبتوا في حجرة الضيافة بالكنيسة. ولذلك لما طرقه أحد الفقراء بعد ذلك، أخذه، وأخذ معه اللحاف واللمبة، وذهب بع إلى أن أراحه، واطمئن أنه نام، وغطاه، ورجع إلى منزله. وكانت زوجته قد نامت. فرقد هو بملابسه على الأرض، على الكليم الموجود بصالة الشقة. فلما استيقظت زوجته، ورأته راقدًا على الأرض ظنت أنه وقع على الأرض مريضًا أو متعبًا، فسألته تطمئن عليه فأجابها: [زى ما أخويا الفقير نايم في البرد، أنا انثي كمان نايم زيه]..! كامل عبد الملك لا يرد أحدًا مهما كان مزعجًا: رأيته لا يرد سائلًا مهما كان طلبه، ومهما تكرر هذا الطلب. فكان لا يتضجر ولا يتململ من أحد، حتى لو وصل الأمر بأحد السائلين إلى حد إزعاجه في البيت، وفى وقت راحته الخاصة، وفى شدة مرضه.. فكان يعطيه بلا تذمر.. ثم يتصل بى تليفونيًا بمكتب الخدمة الاجتماعية بالكنيسة. ويقول لي: [أراضي الأخ فلان، ربنا يرضيني ويرضيك يا حبيبي]. فعندما كنت أوضح له الأمر، وأقول لقدسه إن مكتب الخدمة الاجتماعية قدم له ما يريد، كان يرد يرد على: [إرضية تانى يا سيدي صبري، وربنا يرضينا جميعًا]. صبري عزيز مرجان اهتمامه بالغرباء كان محبًا للغرباء، حتى أنه كان يقوم بتنظيف ملابسهم بيده، ويعمل على إراحتهم، ويستقبلهم بصدر رحب، ويستضيفهم في كل حين، ويضحى براحته من أجل راحتهم. شقيق إبراهيم يوسف حضر أبونا ميخائيل مرة إلى مكتب الخدمة الاجتماعية، وقال لنا: عاملوه بطول البال، يكفيهم قسوة الزمن.. ثم طلب منا أن نتحمل ضعفهم، وقبل رؤوسنا وقال: [نشكر الله، الذي أعطانا أن نخدم إخوته]. د. جورج عطاالله تضحياته في محبته للفقراء: في مرة، اشترى كيلتين حبوب وأرسلهما للمنزل لعملها خبزًا.. في المساء جاء إليه أحد الفقراء يقول له: أريد ثمن كيلة حبوب لعمل الخبز اللازم لأولادي، وليس عندنا ما يسد الرمق. فأعطاه الكيلتين، وترك منزله دون خبز. شفيق إبراهيم يوسف احتياجات الطلبة والعائلات المستورة: حدث هذا منذ 15 عامًا، جاءني أبونا ميخائيل يومًا في حجرة الخدمة الاجتماعية، وأغلق الباب، وقال لي: [نقف نصلى يا سيدي جورج]. وصلى بهدوئه المعهود. وبعد الصلاة قال لي: [هات دفتر الايصالات، واستخرج إيصالات بالمبالغ الآتية، وسلمني مبلغًا بحوالي ثمانين جنيها للطلبة الفقراء.. وكانت هذه الهدية تتكرر شهريًا، وتتزايد باستمرار. وكانت وصيته لي في كل مرة: اهتم بالطلبة المحتاجين، وأعطهم كل احتياجاتهم. وكل ما تريده من نقود لهم، ربنا هايبعته لهم. وكانت هناك بعض هناك يغض العائلات الفقيرة، التي كانت غير معروفة لنا، ورفض أن يعلن عن عنا وينها. وكان يعطيها دون علم أحد. وكان دائمًا يأخذ لهم قماش العيد، ليسلمه لهم بنفسه. وكانت هذه العائلات في حدود 12 عائلة، مسجلة في دفتر الخدمة الاجتماعية على أنها (عائلات أبونا ميخائيل). د. جورج عطاالله يدفع للفقراء، ثم يقترض: كان معتادًا أن يرسل لي خطابًا مسجلًا به حِوالة بريدية بمبلغ خمسة جنيهات كل شهر، لتوزيعها على بعض العائلات في البلد. وفى أحد الشهور أرسل خطابًا مسجلًا، به المبلغ المعتاد توزيعه. وقال لي وزعه ثم قال لي: [أرسل لي خمسة جنيهات لأنها لازمة له للضرورة].. فأخذتني الدهشة: لماذا لم يرسل لي أن أدفع المبلغ للفقراء ثم أحاسبه، ويوفر مصاريف تسجيل ورسم الحوالات؟ وبعد مدة عرفت أنه يعطى عطاياه من تعبه في حينها ولا يؤجل. وكانت هذه الحادثة درسًا لي. شفيق إبراهيم يوسف |
||||
26 - 12 - 2013, 05:16 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
أبونا ميخائيل: المرشد الروحي، وأب الاعتراف لقد جرب جيل شبابنا حنو الأبوة في الأب المُحِب القمص ميخائيل.. يقابلنا بالبسمة الحانية، والتحية الرقيقة، التي سرعان ما يتحول فيها ضيقنا إلى سلام، وحزننا إلى فرح.. كنا نلتقي أسبوعيًا مساء كل خميس بجزيرة بدران بهذا الأب المحب: يأتينا خصيصًا ليقضى ما لا يقل عن خمس ساعات، يستمع إلى اعترافاتنا. كان يصلى مع كل منا قبل أن يبدأ، وكأنه يستدعى الروح القدس ليتكلم ويرشد ويعمل. ومع أن صلاة واحدة في بدء الجلسة كانت تكفى، لكنه كان يكرر الصلاة مع كل شاب.. ولمس الشباب في ذلك معنى هامًا: جدية الرجل في فهم السر، ووعيه بخطورته وفاعليته. بل أنهم اكتشفوا بعد ذلك، أنه يكتب أسماءهم ليضعها أمامه على المذبح، حتى يذكرهم كلًا باسمة فلا ينسى أي واحد منهم. وتناهى الأب الحنون في حبه وحدبه، فإذا به يرحب في هدوء ووداعة بأسماء أصحاب المشكلات من عائلاتنا وأربنا وأقاربنا وأصدقائنا، يقابلهم ويصلى من أجلهم. وهكذا تحول الوقت إلى دوحة كبيرة تظلل طالبي الفضيلة، بل تمتد أغصانها إلى أنحاء بعيدة فتنقى الهواء الروحي. سليمان نسيم قال لى أمين التربية الكنسيّة في يوم ما، قبل سيامتي: [أحب أقول لك حاجة. أبونا ميخائيل إبراهيم مش ها ينفعك في الاعتراف أنت محتاج إلى واحد شديد..] وكم أتعبني هذا الكلام، وتعثرت بسببه كثيرًا. ولم اذهب فعلًا لأبينا ميخائيل مدة طويلة زادت عن الأربعة شهور بسبب هذه النصيحة. وأخيرًا ذهبت إلى الكنيسة. وإذا أبونا ميخائيل يقابلني ويقول لي: [تسمح أقعد معاك]. وبكى، وبكيت لبكائه. وقال لي: [يا ابني أنا حاسس إنك بتهرب منى..]. ولأن الأمر محرج جدًا بالنسبة له، لم أرد أن أخبره بما حدث. وأخيرًا قال لي: [قل يا ابني. أنت لا تعلم كم أتعذب عندما يغيب عنى أبن من أولادي].. فقلت له.. فأجاب: [أنا فعلًا يا أبنى ما انفعشي. وهذا صوت الرب لي] وبكى بكى كثيرًا.. ثم قال: [ولكن الله يكمل عدم نفعي]. وأخذ اعترافي، وحاللني، وعلى وجهة ابتسامة. ولما مرض هذا الأمين، كان أول أب زاره. وكان في منتهى الحب. وكنت واقفًا في ذلك الوقت. إنه قلب لم يكن فيه مكان للذات، ولا للكراهية والحقد. القس أنسطاسى شفيق المكان منزل "أبونا ميخائيل". وأنا رقمي في الاعتراف الـ17، حيث كان المعترفون يدخلون إليه بالدور.. بعد ثلاث ساعات جاء دوري. فقال لي: [هل عندك استعداد تنتظر شوية، علشان تتغدى معاي..؟] ووفقت. الساعة الثالثة بعد الظهر. حضر معلم ضرير من انثي (ياف، وكنا على مائدة الطعام. وأبونا أمامه نصيبه من الحمام (واحدة). ولم يكن يريد أن يأكلها. وعندما كنا نقول له: [لماذا لا تأكل يا ابنا؟]. كان يضحك ويقول: [حاضر]. ولما حضر المعلم، أجلسه بجواره، وقال: [أصل أم المرحوم إبراهيم (زوجته) كانت محمرة دية علشان المعلم. وإحنا كان لازم نستناه]. وأعطى المعلم الحمامة التي أمامه، اكتفى بقطعة جبنة وخبزة صغيرة.. القس أنسطاسى شفيق صلاة أثناء الاعتراف: من عادة أبينا القديس القمص ميخائيل إبراهيم، أنه كان لا يبدأ أي اعتراف، ولا يقبل أي كلام، إلا إذا صلى أولا مع المعترف. وكنت عندما ابدأ الكلام في الاعتراف، وأقص عليه مشكلة مثلًا، يستمع وهو مغمض العينين. وأشعر أنه يصلى في التو واللحظة من أجل هذا الموضوع. وفعلًا كانت المشكلة تحل سريعًا، وعلى الوجه الأكمل، بأبسط قدر من الإرشاد والتوجيه منه. دكتور رمسيس فرج يرشد الموظفين معه في العمل: عندما التحقت بخدمة الشرطة، كان تعييني بمركز شرطة ههيا في 13/4/1939. وكان وقتها القمص ميخائيل يعمل كاتبًا للخفر بالمركز المذكور. لقترة لا تتعدى الشهور. كان سنى وقتئذ لا يتجاوز العشرين. فلم يرض بسكناي إلا لدى أسرة مسيحية متدينة.. وفى الأسابيع الأولى لتعارفنا، أهداني كتابًا مقدسًا كان باكورة قراءتي. ومن بين ما جاء بإهدائه في الصحيفة الأولى من كلمات المحبة.. [أهديكم كتاب العهد الجديد لربنا ومخلصنا يسوع المسيح، راجيًا قبوله: ليكون لك قوة في وقت الشدة، وغنى في وقت الحاجة، وصحة في وقت المرض، نورًا في وقت لظلمة، وفرحًا في وقت الضيق،فأرجو أن تفتش فيه في كل وقت فتجد فيه حياة لنفسك، خلاصًا في كل أوقاتك.. الخ] كنت أرى يد الله الحانية تمسح دموعي خلال صفحات الكتاب، عندما استشهد ابني البكر في حرب اليمن. حقًا إن الله الصبر والتعزية لا يتركنا يتامى. ميشيل بشارة جرجس مقدم شرطة بالمعاش فى عام 1956 حينما بدأت مع جماعة الخدام أن نمارس سر الاعتراف على يديه كنا نحمل هم كيفية البدء، وكيف سيتعامل معنا.. وإذا بنا نجد فيه أبوة كلها محبة ولطف.. وكان يبدأ جلسة الاعتراف بصلاة قصيرة تجعل الإنسان في سلام، وكأنه جالس مع الله. وكلما يعترف المعترف بخطية، كان يرد بساطة واتضاع [الله يسامحني ويسامحك].. [الله يغفرلى ويغفرلك].. [الله يحاللنى ويحاللك].. وكأنه يسترك مع الخاطئ في حمل الخطية.. وأثناء قراءة التحليل يقول للمعترف: [صل "نعظمك يا أم النور "في سرك]. بالحق أن جلسة الاعتراف كانت كأنها حلقة صلاة أو خلوة مع المسيح، يخرج الإنسان منها مزودًا ببركات روحية. لذلك بعد المرة الأولى لنا في الاعتراف عليه، كنا نتسابق في الجلوس معه، ونعترف بخطايانا، لنرجع فرحين مزودين بالسلام.. القمص إشعياء ميخائيل كان أبا روحيًا للكثيرين من كهنة القاهرة والجيزة والإسكندرية وطنطا وبلاد أخرى، ومرشدًا لهم في الكثير من شئون حياتهم. وكانوا يتكبدون مشقة الانتقال إليه حتى من الإسكندرية ليتقبل اعترافاتهم. ولهذا فقد حضر إلى كاتدرائية مارمرقس الجديدة يوم تشييع جثمانه نحو 150 من الآباء كهنة القاهرة وغيرها. وكان الجميع يذرفون الدموع حزنًا من أجل الخسارة التي حلت بهم، بل بالكنيسة بصفة عامة، وبكنيسة مارمرقس بشبرا وبكهنتها وشعبها بصفة خاصة. أما أفراد الشعب الذين اتخذوه أبًا روحيًا لهم، فكانوا يعدون بالمئات. وكان الجميع يجدون فيه الصدر الحنون الذي يعطف عليهم، ويسدى إليهم النصائح في محبة وشفقة وحنان. وفى بعض الأحيان كان يسهر في الكنيسة إلى منتصف الليل أو إلى ما بعد ذلك ليتقبل الاعترافات. ولما كان بعض المعترفين لا يجدونه في الكنيسة، كانوا يقصدونه في بيته. فيتقبلهم بالترحيب وسعة الصدر، على الرغم من حاجته إلى الراحة والاستجمام في بيته. وأحيانًا كان يسهر إلى ما بعد منتصف الليل في حل المشاكل العائلية التي كانت تشغل الكثير من أوقاته ومن تفكيره. وأينما ذهب، حتى وقت أن كان موظفًا في الحكومة، كان يلتف حوله الكثيرون فيرشدهم إلى الحياة الطاهرة التي تليق بأولاد الله. وذلك بقدوته وسيرته المباركة وبإرشاداته الصالحة المرفقة. القمص مرقس داود إرشاد من الله، بالصلاة: كان أبى القديس لا يفتح فاه، قبل أن يصلى ويطلب إرشاد الروح القدس. وبهذه الحكمة صار أبًا لكثيرين. فكنت أجد في حضرته العالم الحاصل على أرقى الشهادات، والرجل البسيط، الغنى والفقير. والكل سواء أمامه، يلتمسون منه المشورة والحكمة والبركة وحل المشاكل. صبري عزيز مرجان اعترافات في دائرة الصلاة: التلمذة لآباء الاعتراف الروحانيين، هي أسلوب الحياة المسيحية الأرثوذكسية. ولقد كان أبونا الطوباوي المتنيح القمص ميخائيل إبراهيم من أعظم مرشدي الجيل الروحانيين. وسر عظمته لم يكن في الحكمة البشرية أو المعرفة العلمية، وإنما يكمن في استنارته بالروح القدس الساكن فيه.. يتلخص إرشاده في كلمة واحدة هي (الصلاة): فهي الحل الذي يقدمه الكل مشكلة. ونادرًا ما كان يضيف إلى جوارها أو إرشاد آخر.. وكانت صلاته تقتدر كثيرًا في فعلها. كان يبدأ بالصلاة مع المعترف. ثم يستمع إلى مشاكله، وهو مستمر في روح الصلاة. ومن ثم فلا يخرج الإرشاد الذي للمعترف عن دائرة الصلاة. مهما كانت المشاكل عويصة أو معقدة، لا ينسى أن يسألك: هل صليت لأجلها؟ ولماذا لا؟ ثم ينصح بالصلاة. ويشترك بنفسه في حل المشاكل بصلاته.. كنا ننعم بأبوته ساكنين في صلواته. كان يصلى دائمًا من أجل أولاده، ويذكرهم بأسمائهم. مجلة (كرمة الأصدقاء) نموذج حي للأبوة الحانية الأصيلة: أبونا المتنيح المحبوب القمص ميخائيل إبراهيم، كان نموذجًا حيا للأبوة الأصيلة: فقد يكون لنا ربوات من المرشدين في المسيح، لكي ليس آباء كثيرون، وقد كانت أبوته الحانية هي المحور الذي تدور عواطف الكثيرين ممن تتلمذوا عليه. وأشكر الله أن افتقدني بنعمته، فكنت واحدًا ممن تمتعوا بهذه الأبوة العالية العزيزة. كانت أبوة ولودة. فكنا نشعر في كل مرة مرة نجلس غليه، أنه يفيض علينا بشيء جديد. وكانت كلمات النعمة من فمه. كالبطن الولودة غير العاقرة تخرج بنين صالحين. لم يقف لسانه مرة، ولم يفتقر فمه إطلاقًا عن أن يخرج إلينا جددًا وعتقاء، مع عمق حكمة وبساطة حملان. وكانت أبوة مميزة: وكأن النفس التي تجلس أمامه تطالع حياتها في مرآة صافية كالبللور. فبالحكمة التي تصدر عنه، تنقشع غيوم الجهالة والسحب التي فينا، وتنجلي الحقائق، وتكشف الأسرار. و كانت أبوة مميزة: وكأن النفس التي تجلس أمامه تطالع حياتها البائسين. فلقد كان صورة عملية للخادم الأصيل، الذي يقدم أولاده لحضن المسيح، فيجعل من الزناة بتوليين، فيترنم لسان الأخرس، وتشتد الأيادي المسترخية، وتستقيم الركب المخلعة. كان أبوته لطيفة هادئة: وكان لطفه طبيعيًا بغير كلفة. فقد امتلك قلبًا كبيرًا، عامرًا بالفضائل وثمار الروح القدس. ولم يحدث أن فرغ هذه القلب من فيض الهدوء واللطف على الإطلاق. وكانت أبوته تحلق في السماء، وفى تحلق بها، تصعد بأبنائها إلى العلاء.. كم كانت مفاهيمه كلها سمائية.. وكم كان يلذ له أن يرتفع بأفكار أبناءه إلى المجد الأسمى، ليهون عليهم أتعاب هذا الزمان. هكذا عاش أبونا ميخائيل إبراهيم شفيعًا من أجل أبنائه، ليرفعهم إلى الملكوت. ولما ارتقى إلى هذا المجد عينه، كسبناه شفيعًا خالدا لنا هناك، مع سحابة الشهود الأمناء.. القمص بيشوي وديع قلب مستريح.. يريح غيره: .. أضحى بهذه البركات المتدفقة نتيجة لعمل النعمة فيه، موضوع ثقة الكثيرين من شباب الكنيسة، يلتمسون منه الراحة والإرشاد الروحي.. فوجدوا فيه ضالتهم المنشودة، وأضفى عليهم من مسكنته الروحية وودعته وتواضعه الكثير فاستراحت نفوسهم، هدأ اضطراب قلوبهم. إن السعادة التي نالها بالشركة العميقة مع الله، حررته من كل المشكلات.. فأضحى رأسيًا، صالحًا، وأبًا حنونًا عطوفًا ومرشدًا روحيًا حكيمًا.. فاستراحت إليه النفوس، تلك التي هلعت إليه طالبة الراحة والاطمئنان، فنهض بها من الأرضيات إلى السماويات، وأنار لها الطريق لمعرفته الحق والحياة.. مختار فايق أب مريح: من ضمن صفات الله الحلوة، أنه مريح، مريح لجميع الناس. فهو صاحب النداء الخالد: "تعالوا إلى يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أريحكم" (مت 11: 28). ورجل الله تظهر فيه بعض صفات الله، فهو أيضًا مريح. وأبونا ميخائيل إبراهيم كان هذا الرجل، مريحًا لكل من يتصل به، سواء في كلامه أو صمته، وفي صلاته أو تلقى الاعترافات، وتوجيهاته وإرشاده، في أبوته وفى كهنوته. نجيب بطرس كانت مقابلة واحدة معك، كافية لأن تعيد إلى الإنسان رجاءه، مهما كانت سقطاته.. الرجاء مهما كانت الصورة قاتمة. وكنت تقول دائمًا: [عندي رجاء في ربنا، يصنع كذا..] القس يوسف أسعد مشاكل الناس: علمتني أنه ليس الواجب على الآب الروحي أن يستمع إلى اعترافات أولاده ومشاكلهم فحسب، ولكن أن يتعايش معهم في هذه المشاكل، مجاهدا أن يخلصهم.. ويمد يد المساعدة لكل إنسان متضايق.. علمتني أن نلقى بهذه المشاكل على المسيح، الذي يرفعها عن كاهلنا وعن كاهلهم، برفع صلوات عنها. القس اسطفانوس عازر موهبة النسيان: علمتني في مدرسة الإرشاد التي لك، ألا يسقط الإنسان من نظرك مهما كانت خطاياه.. علمتني أن الأب المرشد يطلب من الله أن يعطيه موهبة النسيان. وكم كنت تشكر الله كثيرًا من أجل هذه الموهبة. القس اسطفانوس عازر أب اعتراف ملهم: كان أبونا ميخائيل ملهمًا، يدرك بروحانية فائقة أعماق المعترف، ويغوص داخل قلوب الشباب، ويخرج منها كل حيرة وضياع. بساطة إرشاده تتحطم أمامها تعقيدات الحياة، نظراته الحلوة المتفائلة، تتبدد معها شحنات اليأس والقنوط.. قلبه المنسكب دومًا بالصلاة، يحول مئات القلوب إلى الطهارة والعفة. إداورد غالب بابه مفتوح للمعترفين، وقلبه مفتوح للصلاة: كان منزلة مفتوحًا على الدوام في أي وقت، ولا يعتذر عن قبول الناس في أي وقت مهما كان مرهقًا. ولا أنسى كيف كان يرشم ذاته بعلامة الصليب، ويصلى قائلًا: [أشكرك يا رب لأنك سمحت لي أن أقعد معاك أنا وأخويا فلان. يا رب ارحمني وارحمه، وسامحني وسامحه]. ثم يصلى الصلاة الربانية بكل تأمل وكل هدوء.. وعندما كنت أذهب غليه للاعتراف في حوالي ليقول لنا: [يا أولادي، إللي جاي من بلد وعنده سفر، ييجي الأول]. فيسمع اعتراف هؤلاء، ثم الذين من خارج شبرا، ثم المعترفين من شبرا. وكنت كلما أذهب إليه محملًا بمتاعب كثيرة، أجد الراحة، وأخرج وأنا مبتهج. وكل موضوع أستشيره فيه أجد الرد في كلمات قليلة، بابتسامة مريحة، بعدها لا أجد في نفسي أي سؤال أو مناقشة. مهندس زراعي ميشيل رزق سعد منزله مكان عام: كان منزله مكانًا عامًا للجميع.. وكان ينام فيه كثيرون من المتعبين بالروح والجسد.. أذكر أنني مرة ذهبت إليه وكنت متعبًا، فصمم أن أبيت في منزله حتى الصباح، كي لا يتركني انزل في ذلك الوقت المتأخر من الليل. كان منزل أبينا ميخائيل كنيسة: كان بابا مفتوحًا، قلبًا مفتوحًا، وسماءًا مفتوحة لسماع كل الصلوات والطلبات.. كان يوصيني خيرًا بكثير من المرضى، حتى أنني كنت أخجل من نفسي عندما أراه يرسل لي خطاب توصية فيه رجاء من أجل أحد المرضى. وكم كانت البركات تعمني بسبب ذلك. دكتور رمسيس فرج رعاية المغتربين والمهاجرين: وعلى الرغم من مشاغله الكثيرة والمتعددة، كان لا ينسى أن يواصل رعايته للمغتربين من أبنائه في الخارج، ويساندهم بصلواته، ويتعهدهم بالإرشاد في خطاباته. تلقيت منه ستة خطابات في فترة وجودي بالخارج، آخرها تاريخه 9/2/75 أي قبل وفاته بـ45 يومًا.. وفى رسالة منه في 10 /1/74 كتب يقول: [تأخرت في الكتابة لك يا عزيزي. سامحني وصل عنى كي يعينني الرب، ويجعلني أقبل بفرح كل ما تسمح به إرادته لي. فالشكر لله لازمت الفراش منذ أربعة أسابيع، والحمد لله اليوم هو أول يوم أمكنني أن أكتب.. الآن يدي ثقيلة، وأرجلي ضعيفة عن أن تحملني، والآن في تحسن، فشكرًا لإلهنا الذي أعانني أن أكتب لك..] وفى رسالة أخرى، كتب في اتضاع عجيب: [.. كسلان جدًا في الكتابة، وأشعر أنها خطية، وطلب من الله أن يرفعها عنى ويعفيني منها، حتى لا أكون عثرة للمحبين في تأخيري عليهم في الكتابة إني متيقن أنك تسامحني وتصلى من أجلى، كي الرب يجعل أيامي التي أعيشها منتظرًا الرحيل السعيد للقاء الحبيب، من اجتهاد للخلاص من كل ما لا يليق..] مجلة (كرمة الأصدقاء) أماكن عديدة للاعترافات وسهر طويل: كان منزله مفتوحًا للجميع، في جميع الأوقات. كل ينتظر دورة في الاعتراف والإرشاد. ومنذ عشر سنوات، كانت له حجرة خاصة بمنزل نسيبي الأستاذ بسالي تادرس (والد الدكتور ميخائيل، وطبيب بسالى بالخارج) لأخذ اعترافات شبان وخدام منطقة جزيرة بدران وعياد بك شبرا. وكان يسهر لمنتصف الليل. وكثير من أولاده أصبحوا كهنة وخدامًا. ولا أنسى تلك الأيام التي كنت أوصله فيها إلى الترام أو الأتوبيس، حيث يعود بعد هذا المجهود المضني وينحفنى في الطريق بكلمات النعمة التي لازالت أصداؤها تتردد في قلبي حتى الآن.. القس يوحنا اسكندر أرشدني بعد وفاته: منذ أن عرفت سر الاعتراف بحق، كان هو أبى في الاعتراف على مدى عشرين عامًا. وقد بكيت كثيرًا ذات ليلة، حينما فقدته بالجسد. وقلت لإلهي: على من أعترف يا ربى..؟ وحينما نمت في تلك الليلة، إذا بى أسمع صوت أبى الحنون في حلم، يجيبني على كل ما سألته من ربى في ليلتي الماضية. فعرفت أنه معنا بروحه. القس يوحنا اسكندر بشاشته ومحبته للجميع كان وجهة دائم البشر، بشوشًا يقابل أولاده بابتسامة الفرح والترحاب والرضى في أي مكان، سواء في الكنيسة أو البيت، وفى أي وقت: في الصباح الباكر، أو وقت الظهيرة، أو في ساعات متأخرة من الليل. وذلك دون تذمر أو استياء. وكان شخصية مرحة، دائم الفرح والسرور. ولم يعرف طريق التزمت أو العنف. فكان إذا جلس بين أبنائه الشبان، وحى احدهم قصة طريفة أو قفشة ظريفة أو نكته خفيفة، في دائرة السلوك المسيحي الكامل، كانت يضحك من عمق القلب، ويدلى بتعليقاته اللطيفة على ما سمع. فكان مجلسه يبعت في النفس الهدوء والسكينة والانشراح. صبري عزيز مرجان ما أحلى حياة التجرد التي كان يعيشها هذا الأب القديس. ولعلى لا أتجاوز إذا قلت إنه من بين أسباب شفافيته وعمق روحانيته، هذه الحياة التي كان يحياها.. ومن أجل هذا، كان دائما فرحًا فرح الروح، ذلك الفرح يخترق قلوب الآخرين. ويعطيهم من فرحه فيفرحون معه. وما أحلى كلمته المأثورة عن [لقمة العيش، هدمة الخيش]! يقولها ببساطة عجيبة متناهية، تجعلنا نحس تمامًا بصدقها، وتحلو أمامنا حياة التجرد في هذا العالم العجيب، المملوء بالأطماع.. كان إذا قابل ابنا من أبنائه، يرشم جبهته بعلامة الصليب، ثم يمد يده بالتحية والسلام. ويضع يمينه على كتف ابنه، ويضمه إلى صدره المحب. وبصوته الهادئ الرزين الذي يفيض أبوة حقة، يقول له عبارته المشهورة: [إزيك يا حضرة الأخ]. وكان كل ابن من ألوف أبنائه يعتقد ويؤمن أنه الابن الوحيد الذي يحظى بكل اهتمام ورعاية وحنان أبينا القديس القمص ميخائيل. صبري عزيز مرجان محبته لأولاده: في مرضك، كان الأطباء يمنعون دخول الزائرين إليك، فكنت تصدر أوامرك للبيت ألا يمنعوا أحدًا. كنت في أشد المرض، ومع ذلك تستمع إلى شكوى الآخرين.. لذلك بكتك عيون كثيرة، وانفطرت على رحيلك قلوب عديدة.. تركت بالنسبة إليها فراغًا، لا يستطيع غير الله أن يملأه. وداد نخلة كان مجاملًا للناس.. كان أبونا ميخائيل مجاملًا لأولاده جميعًا، يشعر كل ابن من أولاده أنه له وحده، وأنه يحبه وحده.. وكما كان يشارك في أفراحهم، كان يشاركهم أيضًا في أحزانهم.. وفى مرة كنت ذاهبًا لعزاء في مصر الجديدة، وقابلته، فعرض أن يذهب معي. ولما رأيت المترو أخذت أبانا ميخائيل من يده، وأردت أن أسرع به لألحق المترو قبل أن يتحرك. فقال لى: [على مهلك يا بطرس. ما تخافشى، المترو مش هايتحرك قبل ما نوصل]. وفعلًا لم يتحرك إلا يتحرك إلا بعد ركوبنا. وعندما وصلنا إلى الكنيسة، لم يذهب إلى صفوف الأممية، بل أخذني وجلسنا في أحد الصفوف الخلفية. اغنسطس عقيد بالمعاش بطرس صليب بطرس إنني أسكن بجوار كنيسة مارمرقس بشبرا، وأبنى شماس في الكنيسة. وفى يوم عيد، ذهب أبنى إلى الكنيسة متأخرًا، وكان يود أن يخدم شماسًا، ولم يجد تونية ليلبسها فبكى وخرج. وعند الباب قابلة أبونا ميخائيل، وسأله عن سبب بكائه، فلما عرفه أخذه بيده الرحيمة، ثم دخل وأخرج تونيته الخاصة، وقال لابني: [عليك بركة البسها واخدم، وناتزعلشى].. فلما امتنع ابني، قال له: [عليك بركة ألبسها آدم، وافرح، لأنه لا يصح أن نحزن في هذا اليوم]. أغنسطس عقيد بالمعاش بطرس صليب بطرس كان محبوبًا من الجميع أينما حل.. وكما كان محبوبًا من جميع رؤسائه وزملائه وكان موضع ثقتهم لما كان في خدمة الحكومة، هكذا كان محبوبًا من جميع زملائه في خدمة الكهنوت، ومن جميع شعب الكنيسة، الرجال والسيدات، الشبان والشابات. وكان محبوبًا من أصحاب النيافة الأحبار الأجلاء المطارنة والأساقفة، الذين عرفوه والذين لم يعرفوه إلا بمجرد السماع عنه. كذلك كان محبوبًا من المتنيح صاحب القداسة الأنبا كيرلس السادس البطريرك السابق وكان موضع ثقته. ومن حضرة صاحب القداسة البابا المعظم الأنبا شنوده الثالث البطريرك الحالي، وكان موضع ثقته وحبه وتقديره. تعبه في الخدمة: حقًا لقد عاش في جندية روحية صادقة، لا تعرف التأجيل، ولا عامل السن.. لا يمكن أن يتذوق الراحة، بينما أحد أولاده غير مستريح. يهتم بكل الناس والأمور والمشاكل، حتى الصغير منها، ولو أدى أن يقضى مع المشكلة أو الشخص ساعة أو أكثر. القس مرقس بشارة كان يلقى سلامة لكل من يقابله، القريب والغريب، المؤمن وغير المؤمن ومن أجل ذلك كان يحبه الجميع. القس اسطفانوس عازر |
||||
27 - 12 - 2013, 03:51 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
قصص عن حياة الفاضلة المقدسة حياته فيها الحكمة، وفيها البساطة، وفيها التواضع، الحب والبذل.. وفيها إيمانه العجيب بعلامة الصليب وعزاؤه الكامل في أصعب الحالات.. مع فضائل أخرى كثيرة..
|
||||
27 - 12 - 2013, 03:53 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
إيمانه بعلامة الصليب يرشم علامة الصليب باستمرار: كان إيمانه برشم علامة الصليب إيمانًا عجيبًا، حتى وهو علماني قبل أن يرسم كاهنًا: كان يرشم علامة الصليب على كل شيء، وهو جالس، وهو سائر، باستمرار، على أي شيء يشربه أو يأكله. وكنت وأنا جالس معه، أرى أصبعه يمتد إلى جبهته، ويرشم علامة صليب صغيرة دون يراه أحد يقدس بها فكره. عرفته من عام 1944 ببلدة ههيا شرقية، حيث كان يعمل في عمل مدني كما كنت أنا كذلك.. وكان قديسًا عجيبًا، لم يزده الكهنوت فيما بعد إلا قداسه ومواهب.. قصدته في مكان عمله بعد ظهر أحد الأيام. جلست إليه. وبعد أن انتهى من عمله، انحنى إلى المكتب الذي يجلس غليه، وصلى بخشوع. ورشم ذاته والمكتب والدواليب وكل شيء بعلامة الصليب. قبل أن يغادر المكان. وكانت هذه هي عادته دائما في بداية العمل وختامه. الأنبا يؤنس أسقف كرسى الغربية علامة الصليب في سنة 1950 انتقلت إلى الجيزة مدرسًا بالمدرسة السعيدية الثانوية، وكان أثناءها المتنيح يعمل (كاتب إدارة) بقسم أول الجيزة. وكنت -لصداقتنا القديمة- أتردد عليه في مكتبه بالقسم.. فرأيته يرشم الصليب عدة مرات على كل شيء على المكتب، وينظر إلى ويقول: [قوة الصليب]. إن مد يده على فنجان القهوة ليشرب، يرشم، يرشم عليه علامة الصليب قبل أن يتناوله. وإن مد يده على ورقة في العمل أو دوسية، تناول أي دفتر أو كتاب من دولابه، يرشم عليه علامة الصليب. وإن خرج من غرفته، يرشم الصليب على مكتبه وعلى دولابه قبل أن يذهب. وعندما ينتهي من عمله في الساعة الثانية بعد الظهر يسير مسرعًا، ويعبر كوبري الجيزة إلى كنيسة مارمينا بمصر القديم، حيث كان يقيم المتنيح مثلث الرحمات القمص مينا المتوحد قبل سيامته بطريركًا، للاشتراك في الصلاة معه في القداس الذي ينتهي حوالي الخامسة مساء. القمص ميخائيل إبراهيم (1899-1975) وكان أثناء سيرة يرشم الصليب. واستمر على الحال حتى سيم قسًا سنه 1951 ورقى قمصًا، بقوة الصليب.. عزيز عازر إبراهيم (أحد أقاربه) علامة الصليب في حياته: +لم يكن يدبر قرص التليفون قبل أن يرشمه بعلامة الصليب، لكي يستخدم الرب المكالمة التليفونية من أجل البركة. + عندما يغادر الترام أو الأتوبيس، كان يتجه بنظره إليه ويرشم علامة الصليب، شاكرًا الله، وداعيًا إياه أن يحفظ كل من في وسائل المواصلات. + كان يرشم بالصليب جبهة أي الإنسان يأتي إليه في انفعال، أو غضب، ويضغط بإصبعه ثلاث مرات، ليرجع الإنسان إلى هدوئه، ويأخذ قوة وإيمانًا. القس اسطفانوس عازر في مقابلة رؤسائه: قص علينا زميلة الأستاذ لبيب عوض روج شقيقتي، أنه حينما كان يدخل لتقديم أوراق مصلحية للسيد مأمور المركز، كان دائمًا يرشم علامة الصليب بوضوح، قبل دخوله. وحينما يسأله المأمور عن ذلك، يجيبه بمنتهى البساطة: [لكي أجد نعمة في عينيك يا سيادة المأمور] فيشجعه المأمور على شدة إيمانه بإلهه. وأراد بعض الناس أن يشوا به لدى مأمور آخر، فطلب منه عدم رشم الصليب أثناء دخوله. وحاول أن يلقى عليه مسئوليات ضخمة، لكي يقع في أي خطأ فيجازيه ويتسبب في نقله وتشريده. ولكن المأمور حينما ذهب إلى منزله، مرض ابنه الوحيد مرضًا شديدًا ورأت زوجته في منامها سيدة تلبس ثيابًا بيضًا نورانية تقول لها: [مالكم وما لميخائيل؟!] وتقوم الزوجة مذعورة لتسال زوجها من هو هذا الإنسان الذي تظلمه؟ ومالك به. فيستدعيه المأمور ليلًا، لكي يصلى على ابنه، ويقوم الابن معافى، ويتمجد الله في قديسيه. القس يوحنا اسكندر |
||||
27 - 12 - 2013, 03:55 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
حياة التدقيق عنده تدقيق في الكلام 1- لم ينطق قط بكلمة نابية، بل كان لا يتكلم إلا بقدر الحاجة حسب تعليم الكتاب "لا تخرج كلمة ردية من أفواهكم، بل كل ما كان صالحًا للبنيان، حسب الحاجة كي يعطى نعمة للسامعين" (أف 4: 29). قصة المكوجي: 2- قبل أن يتقبل نعمة الكهنوت، أرسل مرة بدلة إلى المكوجى (الكواء) فتأخر في إرجاعها أياما، ولما سئل عنها قال إنها سرقت. فذهب إليه (ميخائيل أفندي) وسأله: [هل سرقت منك قبل أن تكويها أم بعد كيها؟]. فلما علم أنها سرقت بعد كيها، أعطاه أجرة الكي. فذهل الرجل من هذا التصرف، لأنه كان ينتظر أن يطالب برد البدلة أو بتقديم ثمنها، ورفض قبول الأجرة، ولكي (ميخائيل أفندي) قال له: [إنك تعبت وكويت البدلة. وأنا لا أستحل لنفسي أن أحرمك من أجرة تعبك]. تدقيقه في النواحي المالية: 3- كان يقيم قداسين يومي 6، 26 من كل شهر، يطلب الرحمة في الأول لروح زوجته، وفى الثاني لروح ابنه إبراهيم. وعلاوة على التبرع الذي كان يدفعه للكنيسة في كل قداس، فإنه كان يحضر من بيته البخور والأباركة. إذ كان لا يستحل لله ذبيحة مجانية!! تدقيقه في الخدمة الطقسية: 4- كان يحرص على إتمام خدمة القداس وكل طقوس الكنيسة كاملة دون أن يترك منها كلمة واحدة. فمثلًا في القداس، يقول الكثيرون من الكهنة بعض الأواشي سرًا، أما هو فكان يصر على أن يقولها جهرًا. وفى خدمة الإكليل يترك الكثيرون من الكهنة بعض الطلبات، أما هو فكان يصر على أن يقولها كلها. وإن كان هناك كاهن أو كهنة آخرون يشتركون معه في صلاة الإكليل، أو كان هو يشترك معهم، فإنه يقول سرًا ما تركه الكهنة من الصلوات. ومهما كان الوقت يدعو للاستعجال في الصلاة، فإنه لم يكن يبالى بالوقت قط، بل كان يصر على إتمام كل خدمة كاملة. القمص مرقس داود تدقيقه في عمله: كان وهو في عمله الوظيفي، حريصًا على عهدة المكتب "اسلكوا بتدقيق" كما كان حريصًا على الوقت، لا يسمح لنفسه أن يضيع دقيقة واحدة، بل كان يطلب عمل إخوانه ليتممه نيابة عنهم، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.لذلك كان محبوبًا من الجميع. القس يوحنا إسكندر تدقيقه في مواعيد العمل: حينما كان يعمل في ههيا، كان إذا تصادف وانصرف من الكنيسة بعد العاشرة صباحًا، فانه يتأخر في عمله بعد الظهر في المكتب، بقدر المدة التي تأخرها في الصباح. وهكذا كان يعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله. وهكذا لم يسمع عنه في مرة أنه جوزي بأي نوع من الجزاء، ولم يسال مرة بسبب تقصير أو إهمال في العمل. عدلي عبد المسيح وفى وقت العمل: والحق أن أمانة الرجل في عمله كانت مضرب المثل. فحتى إن وصله خطاب خاص، ما كان ليقرأه أثناء العمل نعم لأنه يشعر أن وقت العمل يجب أن يكون للعمل فقط. أما تقديسه ليوم الأحد، واحترامه للأب الكاهن، فكان نموذجًا حيًا لما يجب أن يكون عليه سلوك المؤمنين. كمال عبد الملك (عن كتاب "رحلة إلى قلوبهم "للأستاذ سليمان نسيم). تدقيق في تذاكر الركوب: + في عطلة صيفية، حضر إليه ابناه من مصر. وعند محاسبتهما، علم أنهما لم يدفعًا ثمن تذاكر السفر. فأخذهما إلى محطة ههيا، واشترى تذكرتين من ههيا إلى مصر، ومزقهما على الرصيف أمام ولديه نعم ليعرفهما أن عدم دفع أجرة السفر حرام. + في أحد الأيام ركبت معه الترام. وعند حضور الكمساري، لم يشأ أن يقطع له تذكرة (ربما كان يعرفه). فلم يقبل ذلك، وأصر على دفع ثمن التذكرة. وقال له: [ليس من حقك عدم تحصيل الثمن، وليس من حقي عدم دفع ثمن التذكرة]. شفيق إبراهيم يوسف |
||||
27 - 12 - 2013, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
عزاؤه في وفاة ابنه البكر لما توفى ابنه المرحوم الدكتور إبراهيم ميخائيل سنة 1956، اشترك مع الآباء الكهنة في الصلاة على جثمانه. وهذه مقدرة عجيبة في ضبط النفس. ولما ذهبنا إلى المدافن في كفر عبد، وانتهت عملية الدفن، أمر المشيعين بالانتظار قليلًا حتى يرفع شكره لله، وصلى. فجاءني وقتئذ أحد الإخوة الغيورين (الأستاذ/ ميلاد غرباوي) وقال لي: [لعل الرب سمح بوفاة الدكتور إبراهيم نعم لكي يقدم لنا أبونا ميخائيل هذا الدرس الروحي العميق في كيف يكون القلب ممتلئًا بالسلام حتى في أعنف الظروف].. كانت الوفاة يوم جمعة. وظنت أنه قد يتعذر عليه الحضور إلى الكنيسة الصلاة القداس يوم الأحد (اليوم الثالث للوفاة)، وعلى الأقل لانشغاله في استقبال المعزين القادمين من القاهرة أو من البلاد. فرجوت أحد الآباء الكهنة الحضور إلى الكنيسة يوم أحد بدلًا من أبينا ميخائيل. وفى نفس الوقت ذكرت هذا لقداسته، لكي يطمئن بأن هناك من سوف يحل محله في خدمة القداس. لكنه رفض. وصلى القداس بنفسه في اليوم الثالث لوفاة ابنه البكر. القمص مرقس داود نمتلئ عزاءًا لنعزى غيرنا: أذكر وقت أن انتقل إلى السماء المرحوم الدكتور إبراهيم ميخائيل نجل المتنيح، أن حضر والدي "القس يوحنا شنوده" من البلد (قلوصنا) بمحافظة المنيا، خصيصًا للعزاء. وعند مقابلته للب القمص ميخائيل غلبته العاطفة، فبكى ولم يتفوه بكلمة واحدة. فما كان من الأب القمص إلا أن أسكته قائلًا: [مش إحنا إللي نعمل كده.. لو أن أبنى انتدب في بعثة علمية لأمريكا، مش كنت افرح؟ إذا أفرح أكثر لما راح السماء.. إحنا إللى نعزى الناس. علشان كده لازم قلوبنا تكون مليانة من العزاء.. ولو أن منك نستمد البركة، إلا أنى أتجرأ وأقول لك، عليك بركة تسكت، وتبطل بكا..]. وكانت بنت المرحوم واقفة، وهى طفلة صغيرة، فقال له: [باركها يا أبونا]. وتأثر والدي كثيرًا. وكانت عظة عملية له لم ينسها حتى الآن. وكلما تزعزع من تجربة بسيطة يتذكر تجربة أبينا القمص ميخائيل الشديدة نعم فيتعزى وتهدأ نفسه، ويحل السلام في قلبه. بولس القس يوحنا بيت ومجلة مدارس الأحد لقد شاهدته صامتًا أمام الرب، واضعًا كفيه فوق نعش ابنه.. عيناه لا تدمعان. وأما قلبه فقد ارتفع في تسليم كامل، في غير اعتراض أو عتاب.. كان ابنه شابًا في الثلاثين، عريسًا لم يكتمل على زواجه عام واحد، ولدت ابنته وهو أسير في أرض العدو، كضابط طبيب.. وشيع جثمانه عسكريًا، تصحبه دموع من عرفوه ومن لم يعرفوه.. وكان مجرد سرد القصة سببًا كافيًا لكل فرد كي بنتحب، وإلا الأب..! إن العيون جميعها تشخص إليه، ثم تعود مطرقة تنهمر منها دموع ساخنة قد ترتفع أحيانًا إلى صوت انتحاب وبكاء.. إلا أنه كان ينظر إلى من حوله وكأنه يعزيهم.. فما هو السبب؟ وعند القبر وقف يصلى على جثمان ابنه في خشوع وتعبد. وقال: [أشكرك يا رب لأنك أخذت وديعتك.. "الرب أعطى، والرب أخذ. فليكن اسم الرب مباركًا.." وفى اليوم التالي، خدم القداس كعادته، كأنه لم يحدث شيء. إنه الإيمان العملي، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.طوباك ثم طوباك، يا رجل إيمان. المهندس وليم وليم نجيب سيفين الله هو يعزينا: ذهبنا لزيارته ثاني يوم انتقال ابنه الدكتور إبراهيم. وكنا مجموعة من مدارس أحد العذراء بعياد بك. فقال لنا: [انتو جيتوا تعزوني. تعالوا نشوف الرب يعزينا بإيه؟] وفتح الكتاب. وكان سفر أيوب، الآية التي تقول: "الرب أعطى، الرب أخذ. فليكن اسم الرب مباركًا "وتعزينا تعزية ليست بقليلة. لما توفى ابنه البكر، الدكتور إبراهيم، لم أكن في القاهرة. فلما حضرت ذهبت إلى منزلة للتعزية. وفى حجرة الصالون رأيت صورة المرحوم إبراهيم، فظللت أبكى. ولما حضر أبونا ميخائيل ورآني أبكى، ربت على كتفي وقال لي: [مش أنت بتحب إبراهيم يا بطرس؟ مادام بتحبه، تزعل ليه؟! إبراهيم دلوقتي في السما. ما تزعلشي. وهو الآن يصلى من أجلنا]. اغنسطس عقيد بالمعاش بطرس صليب بطرس اهتمامه بالمصير الأبدي لابنه: موقفان كبيران جمعاني به وعلى أصالة الأبوة فيه، وعلى عمق تفهمه لمعنى الحب والتناهي فيه: أما الموقف الأولى، فحين كان ابنه الدكتور إبراهيم في المستشفى عقب إطلاقه من الأسر بعد حرب 1956 لم يكن يهم هذا الأب العظيم -وقد عرف أن ابنه يعانى من مرض خطير يسير به وئيدا إلى العالم الآخر- إلا أن يطمئن على مصيره الأبدي.. فرأيته في لهفة يسرع إلى أحد الآباء يستدعيه إلى المستشفى ليستمع إلى اعتراف ابنه حتى يأخذ الأسرار المقدسة إليه. فلما أتم هذا كله استراح ضميره. وحينئذ لم يكن عجبًا أن نراه وقد سار خلف نعش ابنه متعزيًا. سليمان نسيم عزاؤه في وفاة ابنيه: بعد ستة أشهر من استلامه عمله الجديد في ههيا، مرض له ولدان، وتوفيا في يوم واحد، وخرج الصندوقان خلف بعضهما. أمر كان يفتت القلب. فلما علمت بهذا الخبر المزعج، وأنا في مركز بلبيس، سافرت إلى ههيا للعزاء. فلما رأيت "ميخائيل أفندي"، قويت نفسي، أخذت في تعزيته. فقال لي: [أحمدك الله يا أخ كامل إللي لي ولدين في السماء ياريتني أحصلهم. وأكون معهم في فردوس النعيم]. فبينما أنا كنت مكسوف وزعلان وخجلان بالنسبة إلى الحادث الفظيع، وغير أنى لم انطق، وملعثم، إذا هو يجاوبنا بما يفيد انبساطه ورضاه عما حصل، حتى أني انكسفت أن أتكلم بعد ذلك. كامل عبد الملك الرب أعطى، الرب أخذ: لما كان في ههيا، مرض أحد أبنائه الصغار، وكان يسمى فليمون، وشاءت إرادة الله أن ينتقل إلى السماء في مساء أحد الأيام وكان ذلك الابن في سن الثامنة تقريبًا. فحمله على ذراعية، وسبح الله قائلًا: "الرب أعطى، والرب أخذ، فليكن اسم الرب مباركًا". وجلس مع أفراد أسرته يواسيهم ويعزيهم طوال الليل، بكلمات النعمة التي كانت تتدفق من فمه. عدلي عبد المسيح مدرس أول بههيا عزاؤه في وفاة ابنيه فليمون وجرجس: في يوم أرسل له المرحوم والدي خطابًا يعزيه لانتقال ولديه: فيلمون (وكان سبيهًا بالملائكة)، وجرجس الذي كان طفلًا صغيرًا. وقد توفيا خلال شهر واحد منذ أكثر من 35 سنة وكان خطاب والدي في مظروف بحرف اسود. فرد عليه ميخائيل يعاتبه على هذا المظروف، وبخبره أنه مسرور لانتقال ولديه للسماء.. القس يوحنا اسكندر تعزيته لغيره من خبرته: لازلت أحتفظ بخطابك الذي أرسلته لي، كي تعزيني في انتقال ابنتي الصغيرة سوسنة إلى السماء، بعد أن علمت بتأثري الشديد لفراقها، ودموعي التي لم تجف.. وقلت لي كنيسة مارجرجس [إن لي في السماء ثلاثة أولاد وأمهم، يصلون من أجلى هناك].. والآن وقد صرت معهم في السماء، فصل من أجلنا نحن أيضًا لكي نقضى أيام غربتنا في خوف الله ومرضاته. القس يوحنا اسكندر يا بخته.. وصل، عقبالنا: كان أبونا ميخائيل لا يتكلم عن إنسان قد أنتقل، إلا ويقول أن فلان قد وصل.. وفى احد الأيام ذهبت إليه منفعلًا وأنا أبكى لانتقال أحد الخدام في الكنيسة، وكان شابًا في كلية الطب، ومحبوبًا من الجميع.. فكانت كلمة التعزية من فم أبينا ميخائيل بسيطة، ولكنها أثرت في نفسي كثيرًا.. قال: [يا بخته، لقد وصل، عقبالنا..] د. جورج عطاالله |
||||
27 - 12 - 2013, 04:01 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
حكمته جلس إليه ذات مرة شخص غير مسيحي، وكان يعمل صرافًا، وأخذ يبدى إعجابه به. ثم قال له: [آه يا ميخائيل أفندي (اسمه قبل الكهنوت)، آه لو تيجي عندنا].. فسأله وماذا يعجبك في شخصي؟ وحالما سمع الرجل هذا السؤال، طفق يعدد فضائله وحسناته، التي كان فعلًا يتحلى بها. وبعد أن انتهى من سرد نواحي إعجابه، قال له: (ميخائيل أفندي): [أنت عارف الحاجات دي أنا جبتها منين؟] فقال له: [منين؟] أجابه: [من عند المسيح بتاع النصارى، يوم ما أسيبه تسيبني]. وكان جوابًا روحيًا عميقًا ومفحمًا في نفس الوقت.. الأنبا يؤانس أسقف الغربية فهم روحي عميق: كان فهمه الروحي للأمور عجيبًا: زرته مرة في منزله، وكان كاهنًا، وكنت في ذلك الوقت علمانيًا لم التحق بعد بالرهبنة. ولما هممت بالانصراف، قال لي: [آنستنا وباركتنا وشرفتنا]. فقلت له [العفو يا قدس أبونا، أنا الذي نلت بركه. فكيف تقول عنى: باركتنا؟!] فقال لي: [اسمع يا ابني. أنا كنت جالسًا بمفردي. ولما أتيت أنت، جاء المسيح معك ليصبح ثالثًا لنا. لأنه قال: "حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي، هناك أكون في وسطهم". أليس هذا صحيحًا]؟! حينئذ صمت، ولم استطع أن أتكلم. الأنبا يؤانس أسقف الغربية حكمة وصبر في حل المشاكل: لقد منح الرب لخادمة الأمين المتنيح القمص ميخائيل قدرًا كبيرًا جدًا من الحكمة في معالجة المشاكل التي كانت تعرض عليه، وقدرًا كبيرًا من الشجاعة. فيقول للمخطئ أخطأت مهما كان مركزه كبيرًا. كما كان ينصف المظلوم ويعيد السلام إلى البيوت الكثيرة التي كانت تلجأ إليه. وكم من بيوت عمرت بعد أن كادت تحزب. فى بعض الحالات كان يبدو لنا أنه من المستحيل أن يعود السلام إليها، لأن شقة الخلاف متسعة جدًا. أما فكان يتولى علاجها بما حباه الله من حكمة وطول أناة. أذكر أنه قضى عدة سنوات في إعادة السلام لإحدى العائلات، دون أن يكل أو يمل أو ييأس. فنجحت مساعيه أخيرًا، وعادت الزوجة إلى زوجها، وعاش الاثنان في محبة ووئام. القمص مرقس داود هل تعمقت في المشكلة: خدمت في حقل عداد الخدام بمدارس الأحد، وكان هناك شاب في الثانوية العامة يشكو لى مرارًا من عدم تمكنه من مواصلة استذكار دروسه لأن هناك خلافات ومشاحنات كبيرة بين والدته وزوجة أخيه، إذ تعيشان معًا في بيت واحد، والوالد متوفى. وكانت الأسرة لها إيراد كبير من محل تجارى. وفى أحد الأيام أخبرني الشاب أن المشكلة ستحل باستئجار شقة منفصلة وجدتها أمه لتسكن فيها. سالت أبانا القمص ميخائيل في هذا الموضوع، وكنت موافقًا على الحل. ولكن أبونا انتقدني وعنفني لأني لم أتعمق في حل المشكلة وذلك بعد أن جلس مع الشاب.. وسألني: هل تعلم كم عمر الأم؟ ومن أحضر لها الشقة وأين تقع؟ و تبين لأبينا بالحكمة التي أعطاها الله له، أن عمر الأم حوالي الأربعين وأن الذي أحضر لها الشقة هو الشاب الذي يستأجر منهم المحل التجاري، وهو غير مسيحي، وشاب غير نتزوج، وعمره ثلاثون سنة. وهو أيضًا يسكن في نفس العمارة.. وأوصى أبونا ميخائيل أن تبقى العائلة معًا، هو سيذهب لحل هذه المشكلة بنفسه.. وقد كان. وصارت المحبة تربط بينهم بقوة، وزادت بمرور الأيام. وذلك بعد أن بارك أبونا ميخائيل هذه العائلة وصلى لها.. والآن بعد حوالي 15 سنة من المشكلة لم يحدث خلاف مطلقًا.. د. جورج عطا الله |
||||
27 - 12 - 2013, 04:02 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
تواضعه كانت المطانية عندك سهلة لأي إنسان، مهما كانت صفته أو سنه. القس يوسف اسعد كنت تخدمني، وأنت أب وأنا ابنك، أنت قمص وأنا قس..! وعندك كنت أقول لك: [الطقس يا أبى!]، كنت تقول لي: [الطقس هو المحبة].. القس اسطفانوس عازر علمتني يا أبى كيف يكسب الإنسان بالاتضاع، أكثر مما يكسبه بالكرامة والدفاع عن نفسه.. الاتضاع ليس مع الكبير، ولكن مع الصغير أيضًا. فكثيرًا ما كنت تطأ من رأسك لفراش، لمجرد أنك انتهرته لأنه أهمل في واجبه وخدمته.. علمتني كيف تكون الطلبة للآخرين تعبيرًا صادقًا عن حالة الإنسان الحقيقية، لا تمثيلًا، ولا تصنعًا.. القس اسطفانوس عازر مطانية لرجل فقير: تقدم أحد المنتفعين من الخدمة الاجتماعية إلى أبينا يشكو له، فرد عليه ردًا بدا في نظره بعد قليل أنه جاف. فذهب إلى الدكتور جورج في مكتب الخدمة، يسأله إن كان يعرف منزل ذلك الشخص، فأجابه بالإيجاب. فقال له: [تعال يا خويًا، روح معايا..]. وذهبا سويًا. وعندما وصلا وفتح لهما الباب، عمل له أبونا ميخائيل مطانية، وقدم من جيبه له مبلغًا من المال. فتعجب الرجل من هذا التواضع النادر. ميلاد غرباوي إنكاره لذاته: لعل المثال الذي تركه في الخدمة مثالًا كاملًا في (إنكار الذات). وما أكثر ما رأيناه مقدمًا إخوته الكهنة على نفسه، في التواضع قلبًا وقالبًا.. ما سمعته يذكر اسمه إلا (ميخائيل) فقط) فقط. ما رايته في مظهر إلا ملؤه التواضع والقداسة والورع في محبة الجميع.. ما سمعته مشتكيًا من إنسان.. خدمته كانت مثل سيده: "لا يخاصم، ولا يصيح، ويسمع أحد في الشوارع صوته.. " صلاح يوسف يعتذر للخدم: كان الأب الوديع المتواضع. فكم من مرة اعتذر لكثير من خدام الكنيسة، لأنه وبخهم من أجل خطأ ارتكبوه.. وكان يعود يقول للواحد منهم: [سامحني يا ابني. هات راسم أبوسها] دكتور رمسيس فرج لا أنسى يا أبى تواضعك، الذي هو سر عظمتك الحقيقية حين قلت لي: [يا ابني، معظم أولادي من المتعلمين وأساتذة الجامعة. ولكن اشكر الله -أنا البسيط- أعطاني نعمة في أعينهم. ولكنى لا أنسى في تواضعك، السلطان الروحي الذي أعطيته، فكان الجميع يهابونك ويطيعونك. إسحق فيلبس ينظف لنا حجراتنا: كان ذلك قبل رسامته (حوالي عام 1945).. وكنت أسكن في فترة الدراسة الجامعية في سكن مشترك مع طلبة آخرين بالجيزة، كان منهم إبراهيم بكلية طب الأسنان، وبطرس بالثانوية. وفى أحد الأيام حضر والدهما الأستاذ ميخائيل للاطمئنان عليهما ومعاونتهما. ولما رجعنا من الكلية، لاحظنا أن كل حجراتنا قد نظفت بدقة، ومكاتبنا قد رتبت بعناية. وذلك بمعرفة ذلك الوالد الطيب الذي اعتبرنا كلنا أولاده، وتعب في الاهتمام بحجراتنا وخدمتنا. وهكذا كان القديس المتواضع. القس متى باسيلي من يقدم الذبيحة: في إحدى المرات، ذهب لأخذ مشورته في موضوع: من الذي يقدم الذبيحة، إذا كان هناك أكثر من كاهن؟ لأن البعض حاولوا أن يوقعوا في هذا الأمر بيني وبين زملائي. وحينما ذهبت إليه كان عنده قداس، فقال لي: [هل أنت مستعد للصلاة؟] فقلت: [إنني صائم]. فقال لي: [ادخل البس معي وصل]. ولما جاء وقت تقديم الحمل، إذا به يعطيني أمرًا حازمًا لا يقبل النقاش، إنني أنا الذي أقدم الذبيحة (و هو قمص وأنا قس وابنه). فتضاءلت نفسي جدًا من اتضاع هذا الشيخ الوقور، الذي يخدم معي كشريك فقط. وبعد القداس تحدثت معه في هذا الأمر، فقال لي: [أنا يا ابني، لما أصلي مع كهنة آخرين، لا يمكن أن أقدم الذبيحة أبدًا. وغدا شعرت أن الآباء سيضغطون على، أهرب حتى تقدم الذبيحة].. القمص إشعياء ميخائيل يضرب المطانية لخادم الكنيسة: رأيته مرة، وهو يعمل مطانية ثلاث مرات لخادم الكنيسة، لأنه كان قد عنفه على حق أمامي.. وكان يقول له: [سامحني يا لبيب، لأني زعقت لك أمام الناس]. ويقول هذا ثلاث مرات، ويطلب الصفح.. إنها أسمى صور التواضع. د. جورج عطاالله كان أبى القديس جم الأدب، يحترم الصغير والكبير. فكان إذا لمح أحد أبنائه مقبلًا عليه، ينهض واقفًا وهو الشيخ الوقور. صبري عزيز مرجان حل المشكلة بالتواضع: تقدم شاب لأبينا ميخائيل، يطلب منه إتمام عقد قرانه مع فتاة. وكان والده متوفيًا، فقام عمه بالموافقة على الزواج وتمت الزيجة بسلام. ولكن أبانا القمص ميخائيل لم يكن يعلم أن والدة الشاب غير موافقة على هذه الزيجة. فحضرت أخت الشاب إليه، أخبرته أن الأم تلبس ملابس سوداء منذ يومين وتجلس في حجرة الصالون بمفردها، وهى ممتنعة عن الأكل. فذهب أبونا في اليوم الثالث صباحًا. وبدًا يكلم الأم ويبكى، ويقول لها: [هذه خطيتي أنا، لأني قمت بإتمام عقد الزواج].. وظل يبكى، ويقبل رأس الأم، طالبًا الصفح.. ولم يتركها إلا بعد أن خلعت ثوب الحداد، وأكلت وأكل معها. وأحضر زوجة الابن، وتصافحت معها الأم، وصار سلام بينهما، حتى أن الأم قالت إنها الآن تحب زوجة ابنها أكثر من ابنها د. جورج عطاالله |
||||
27 - 12 - 2013, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب القمص ميخائيل إبراهيم - البابا شنوده الثالث
بساطته لما كنت أعمل معه في ههيا سنة 1944، كنا نسير معًا. فلما وصلنا إلى منزله، دعاني إلى تناولي العشاء معه. ولما رآني ممتنعًا، قال لي: [أنت مش عاوز تيجي ليه؟ إللي هاكل منه، راح تأكل منه]. وإزاء محبتي للرجل نعم تشجعت وصعدت معه إلى مسكنه في الطابق الثاني. ثم جاءني ببعض خبز مرحرح على عادة الريفيين، ثم طبق مش وبه قطعة جبنة قديمة. وقال لي: [اتفضل كل. هو ده الأكل إللي كنت راح آكل منه]. كانت هذه بداية الحب العميق والثقة الكبيرة التي ربطتني به مدى أكثر من ثلاثين عامًا، إذا شعرت أنه صادق. ولم يأخذه الحياء في أن يقدم لضيف يأتيه الأنبا يؤانس أسقف الغربية أعجبني فيه روح البساطة. فهو إنسان مسيحي، لا يتكلف ولا يرائي. ولا يحاول الظهور بمظهر آخر غير طبيعته الأصلية. فهو صادق مع نفسه، كما هو صادق مع غيره.. الأنبا بيمين أسقف ملوى أذكر أنه حينما كان يزفه الأطفال أحيانًا بالكلمات المعهودة الشائعة، أثناء سيره في الطريق، كان يبدى فرحًا ومحبة إذ يقول: [لقد تسببت في فرح ومسرة هؤلاء الأطفال..] القس اسطفانوس عازر |
||||
|