منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25 - 01 - 2013, 09:12 AM   رقم المشاركة : ( 11 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

ويستتبع ذلك ان يتم خلاص الانسان ـ من الجانب الالهي ـ من خلال الاتحاد بالمسيح فقط، هذا الاتحاد الذى يتم بعمل الروح وحفظه، وذلك بالكلمة، وبالايمان من جانب الانسان ( أف 2 : 8، 3 : 17 ـ مع يو 3 : 2 ـ 13 ).

وانه لامر بالغ الاهمية من الناحية العملية ان النجاح الاعجازى الذي احرزه بولس كرسول وكارز، وراع، ومدبر، وقائد، انما ينسب إلي وعيه الدائم باقنومية الروح القدس وحضوره الدائم، وثقته الوطيدة في معونة الروح. وقد اجريت الابحاث عن مدى ايمان المسيحيين بالروح، فكشفت عن ميل لديهم ـ ربما عن غير وعي ـ إلي الاعتقاد بان الروح اقل في الجوهر من الاب والابن، وللاشتراك في الاعمال الروحية دون الاعتماد الواعي على الروح بل وحتى دون محاولة طلب معونته. ولم يكن الايمان بالروح القدس مجرد جزء من الفكر اللاهوتي عند بولس فحسب، بل كان مبدا حياته الروحية والسر الحقيقي في قوته من نحو الله ومن نحر البشر.

4- الخلاص : يعرض بولس فى رسالتيه إلي رومية وغلاطية تعليم الخلاص. فالناس يحتاجون بالضرورة إلي الخلاص، وذلك بسبب الخطية.

(1) الحاجة والخطية : لم تكن الخطية في فكر بولس اللاهوتي نتيجة لظروف غير مواتية، او نقص في التعليم او بسبب أي نقص او خلل في عملية التطور، كما انها ليست تراث اسلاف متوحشين يمكن القضاء عله بمزيد من الثقافة. فكل هذه التفسيرات قاصرة وعاجزة عن تعليل سيادة الخطية وسيطرتها وبشاعتها اخلاقيا.

ويستخدم بولس كلمات كثيرة للتعبير عن رايه في طبيعتها الحقيقية، وكل كلمة من هذه الكلمات تتضمن الفشل في بلوغ النموذج الالهي.

والخطية في راي بولس هي ان تخطىء الهدف، هي عمل شرير، هي التعدي والحيدان عن الاستقامة، وارتكاب الخطا من نحو الله او الانسان، وعدم التقوى وعدم النقاء، والفجور والعصيان والتمرد والخطا ..

وفى رسالته إلي رومية ( 1 : 18 ـ 3 : 20 ) يدين اليهود والامم على الخطية، فكل العالم قد اخطا، واصبح العالم مذنبا او تحت قصاص من الله ( رو 3 : 19 ).

والذنب معناه التعرض للوقوع تحت عقوبة القانون ، وهذا التعريف بناء على القانون البشري كاف، لانه برغم تعرض المذنبين للعقاب الا انهم كثيرا ما ينجون من العقوبة، اما في الحكم الالهي فانه لا ذنب بلا عقاب، ولذلك فان مفهوم الخطية فى الفكر اللاهوتي عند بولس هي حتمية الوقوع تحت عقاب القانون، واجرة الخطية هى الموت . اما ان يخطىء الانسان ولا يعاقب فذلك تشويه لعداله الله ( رو 1 : 18 ).

اما بولس فانه يرى ان الناس مذنبون وفاسدون، عبيد تحت سلطة الخطية، فالانسان الطبيعي عبد للخطية ( رو 6 : 17 و 19 و 20، 7 : 16 )، ضحية لعواطف دنسة، مذنب، عاجز، فاسد، في حاجة إلي مخلص. وينسب بولس هذه الحالة من الفساد والذنب إلي ادم بانسان واحد دخلت الخطية إلي العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلي جميع الناس اذا اخطا الجميع . وهذه الكلمات تؤكد فقط حقيقة خطية الانسان، ولكنها لا تحدد اذا ما كان ادم هو السبب كمثال، او السبب الشرعي لشمولية الخطية والموت، ولكن الامر الواضح الجلي هو ان ادم كان سبب الخطية بنفس معنى ان المسيح هو سبب البر ( كما يقول هودج في تعليقة على رؤ5 : 11 ـ 10 ـ انظر : يو 12 : 32 ).

(2) الاداة اى الانجيل : ان الوسيلة لخلاص البشر من هذه الحالة هي انجيل الله الذي وعد به من خلال انبياء تدبير العهد القديم، واعلنه لنا من خلال رسل العهد الجديد. هذا الانجيل جزء من الاخبار الفائقة عن تجسد ابن الله، وارساله إلي هذا العالم لخلاص الخطاة، وقد جاء ليؤسس جنسا جديدا، صار ادم الاخير روحا محييا ( اكو 15 : 45 ـ انظر ايضا يو 5 : 21، يو 6 : 36، يو 6 : 39 و40و54و57 ). هذا الانجيل عن ربنا يسوع المسيح هو الوسيلة التي يباشر الله من خلالها قوة الخلاص، فهو قوة الله للخلاص وهو ملائم تماما لاتمام قصد الله، ولايقدر احد ان يقاومه متى عمل فيه روح الله، وقد تاكد قول بولس ان انجيل المسيح قوة الله للخلاص من خلال خبرة تسعة عشرة قرنا وكل محاولة لاستبدال قصة الصليب البسيطة باي شيء اخر لخلاص الانسان قد باءت بالفشل.

(3) الاسلوب أي التبرير : ان البر الالهي هو الوسيلة المعلنة في الانجيل لخلاص البشر. وهو يعلن بر الله من ايمان إلي ايمان كما هو مكتوب اما البار فبالايمان يحيا ، وقد كان معنى كلمة البر هنا موضوع جدل كبير. فبولس ـ حسب راي البعض ـ يقصد ان الانجيل يعلن عدل الله وبره ( رو 3 : 5و25و26)، فيزعمون انه يريد ان يقول انه لا يستحي بالانجيل لانه يعلن عدل الله، لكن اخبار العدالة التي تدين، ليست اخبارا سارة للخطاة.

ويقول البعض الاخر ان بر الله يعنى الفضيلة الاصيلة التى تحصل عليها الانسان بجهده بالارتباط مع عمل الروح القدس في النفس. ولا يمكن ان يكون بولس قد قصد ذلك لتيقنه من انه ليس ساكن.. في جسدى شىء صالح ( رو 7 : 18 )، وكل راي يجعل هذا البر بشريا ـ في مجموعة او في جزء منه، انما يناقض كل تعليم بولس ( رو 3 : 20 و 28، انظر ايضا : يو 5 : 46، مت 20 : 28 ).

وقد تعلم بولس عند تجديده ان اعظم المحاولات التي يبذلها الانسان لخلاص نفسه عقيمة، ومن خلال تجربته الشخصية قال في رسالته إلي تيطس : لا باعمال في بر ( أي افضل ما يستطيعه الانسان ). عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس ( تي 3 : 5 ). والانسان الذي خاض صراعا مكثفا ومريرا لينال الخلاص باعماله حتى ظن ان له حياة، وفجاة وجد نفسه محكوما عليه بالموت ـ كما حدث لبولس فى طريقه إلي دمشق ـ لهو الجدير بان يتكلم بكل سلطان وقوة عن نوع البر الذي يخلص حقا، وينسب هذا البر إلي الله لانه هو الذي دبره وهو الذي يمنحه ( رو 1 : 17، 3 : 21و 22 ).

هذا البر ليس هو العدل ولكنه الشيء الذي يتطلبه العدل ( رو 4 : 6و11، 2 كو 5 : 21، في 3 : 9 ) هذا البر هو فى المسيح ( رو 10 : 4، 1 كو 1 : 30، 2 كو 5 : 21، في 3 : 9 ـ انظر ايضا : مت 5 : 17 ). ومضمونه هو طاعة المسيح الكاملة سلبا وايجابا.

وهذا البر قد رسمه ودبره واعلنه الله، واعطاه لنا متوجا اياه، وهو يشمل كل احسانات الله في المسيح لخلاص الخطاة.

وهو يوفي كل متطلبات الشريعة وعدل الله، واعمق احتياجات الانسان، وقد اعده الله في ابنه الوحيد، وهو لا يقدمه للبشر فى الانجيل فحسب، بل ويعطيه لهم، فالمسيح وبره هما عطية الله العظمى للبشر ( رو 5 : 8، انظر ايضا يو 3 : 16، يو 6 : 32 و 33 ).

وهو الاساس الراسخ لتبرير الانسان امام الله ( رو 3 : 21 ـ 24، 14 : 1 ـ 8، 10 : 1 ـ 10، نظر ايضا مت 3 : 9، 5 : 17، 10 : 32، لو 12 : 8 ).

لم يستخدم بولس الفعل يبرر بمعنى يجعله بارا بل استخدمه بمعنى يعلن انه بار فهو لفظ قضائي يقصد به ما يعلنه القاضي ان الانسان بار او مطابق للقانون. ويمكن ان يكون هذا الاعلان على اساس البر الشخصي الذاتي او البر المكتسب او باسلوب بولس بر الناموس او بر الايمان .

ولايمكن ان يتبرر انسان على اساس البر الشخصي الذاتي اذ اخطا الجميع. اما عن البر المكتسب فان المؤمنين يتبررون اذ يحسبون انفسهم بر المسيح ( 2كو 5 : 18 و 19 ).

(4) الوسيلة : الايمان : يؤكد بولس على ان الايمان هو الوسيلة الوحيدة لضمان نوال بر المسيح الذي قدمه لنا كفارة بالايمان بدمه ( رو 3 : 25 ).

وهذا الايمان اكبر من مجرد التصديق بشهادة انجيل المسيح، انه الثقة واليقين الشخصي، او بالاحرى الوثوق في المسيح وتسليم النفس تسليما لا رجوع فيه، مع التاكد ضمنيا من انه سيخلصنا.

والمسيح هو موضوع الايمان المباشر، اما الله فهو الموضوع النهائي للايمان. فنحن نتصل بالاب من خلال الابن ان الله كان فى المسيح مصالحا العالم لنفسه ( 2 كو 5 : 19 ).

لذلك فان الايمان هو الذي يجعلنا واحدا مع المسيح. فيحدث تبادل، فتوضع خطايانا عليه، ويحسب بره لنا فالمؤمن يعتبر واحدا مع المسيح، اذ قد مات مع المسيح وقام معه، وفي المسيح دفع عقوبة الناموس، وفي المسيح اوفي مطالب الناموس تماما، فلذلك بالايمان ينال بر المسيح الذي يبرره امام الله ( كلوج ـ في رسائل بولس ).

(5) التقديس : ان الفكر اللاهوتي عند بولس لا يعتبر الانسان المذنب مبررا، مغفور الخطية ومقبولا عند الله فحسب، لكن الخاطىء يصبح قديسا او مقدسا ( رو 5 : 1 ).

وهذه الكلمة ـ التقديس ـ تستخدم احيانا بالمعنى الطقسي، لكن عند استعمالها للتعبير عن المؤمنين فانها تعني النقاء او الطهارة الادبية ( اكو 1 : 2 ـ مع اكو 6 : 11 )، ليس فقط بالتكريس لله ـ بل بانسكاب النعمة التي تحررهم من سلطان وفساد الخطية، وتجددهم في المعرفة والبر والقداسة الحقيقية ( أف 4 : 24، كو 3 : 10 ). ان التبرير عملية تتم مرة واحدة فقط، اما التقديس فعلمية مستمرة تبدا متزامنة مع التجديد، وتنتهى برقاد المؤمن. بالتجديد تولد الخليقة الجديدة، ورغم كونها كاملة في كل جوانبها الا انها صغيرة وضعيفة. وبالتقديس تنمو في جميع نواحيها وتكتسب قوة ونشاطا وتتقدم إلي الانسان الكامل، إلي قياس قامة ملء المسيح ( أف 4 : 13، في 1 : 6 ).

ويعتبر التقديس امتيازا وواجبا، وهو باعتباره امتيازا كان موضوعا للنبوة ( حز 36 : 25 ـ 27 )، والصلاة (يو 17 : 17 )، لقد صلى المسيح ليتقدس المؤمنون. اما باعتبار التقديس واجبا، فهذا عمل الانسان ( 2كو 7 : 1 ) ليس لانه قادر ان يبلغ كمال القداسة بل لانه يقدر ان يستخدم الوسائط المتاحة له واثقا في نعمة الله ان تعمل فيه. تمموا خلاصكم بخوف ورعدة، لان الله هو العامل فيكم ان تريدوا وان تعملوا من اجل المسرة ( فى 2 : 12و13 ).
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:13 AM   رقم المشاركة : ( 12 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

فى عملية التقديس يخضع الذهن للاستنارة المتزايدة بالكلمة وروح الحق ( أف 1 : 17 و 18 )، وتتطابق مشيئة الانسان مع مشيئة الله ( رو 12 : 1 ـ 2 )، وتزداد المحبة لله وللانسان ( غل 5 : 22، أف 1 : 4، 4 : 2 و 15، 5 : 2، اتس 3 : 12، 4 : 9، 2 تس 3 : 5 )، ويضعف تاثير العالم بينما تقوى المباديء والممارسات المقدسة ( غل 6 : 14 )، وينمو الايمان فيصير اكثر حيوية وقوة كلما اكتسب فهما اعمق واوضح واشمل للحق كما هو فى يسوع ( رو 1 : 8، 2كو 10 : 15، كو 2 : 5 ـ 7، 1 تس 1 : 8، 1 تس 3 : 2 و 5 و 6 و 7 و 10، 2 تس 1 : 3 )، ويزداد الرجاء توهجا بتوقيع الحياة الابدية التي وعد بها الله المنزه عن الكذب قبل الازمنة الازلية ( تيطس 1 : 2 ).

ويشمل عمل التقديس الانسان كله، وينسب إلي كل اقانيم الثالوث. فنجد بولس يضرع إلي الله ليقدس اهل تسالونيكى بالتمام ( اتس 4 : 3، 5 : 23 )، وفي موضع اخر ينسب عمل التقديس إلي يسوع المسيح ( أف 5 : 26 و 27، يتطس 2 : 14 )، كما ينسبه ايضا للروح القدس ( اكو 6 : 11، 2 تس 2 : 13 ).

وللجسد نصيب فى هذا التقديس لانه هيكل الروح القدس ( اكو 6 : 19 )، وعضو في المسيح ( اكو 6 : 15 ). ومن صميم طبيعة تقديس الانسان كله ان يخضع الجسد بالضرورة لقيادة النفس التي تقدست، وان يستخدم لخدمة الله ومجده ( رو 6 : 3، 12 : 1 ).

ويعلن بولس ان الجسد سيقام في مجد ( اكو 15 : 43و44) وان الله سيغير شكل جسد ( طبيعة الجسد الفاني ) تواضعا ( المؤقت ) ليكون على صورة جسد مجده ( الابدي ) ( وسيتم هذا ) بحسب عمل استطاعته ( الالهية) ان يخضع لنفسه كل شيء . ( في 3 : 21 ) وهكذا تتحقق النهاية المجيدة لعملية التقديس. واي شيء مفرح وبهيج وكله تفاؤل للمسيحيين مثل هذه الصورة التى يرسمها بولس لرجاء المؤمن ؟

ولما كان التقديس امرا واجبا، لذلك كان لزاما على الانسان ان يتعاون مع الروح في ذلك، اولا بممارسة الايمان، باعتباره وسيلة تبريرنا ( رو 5 : 1 ) واتحادنا بالمسيح ( كو 2 : 7 و 12 )، والعامل الداخلي في تقديسنا ( أع 15 : 9، 26 : 18 )، لانه يثمر خضوعا تاما لتعليم المسيح الذى هو اساس القداسة ( أع 20 : 32، رو 6 : 7 و 18، 15 : 4 ). ويرى في حياة المسيح المتجسد مثالا وحافزا له ( اكو 11 : 1 )، يسعى إلي شركته وعونه في الصلاة ( أف 6 : 18، في 4 : 6 و 7 )، ويدرك كل احداث العناية الالهية التي تستهدف صالح الانسان روحيا، وخيره الابدي ( رو 8 : 28 ).

وان كان المؤمنون لا تنقصهم النعمة، الا انهم غير مكملين، وبالرغم من ان الخطية قد نزلت عن عرشها، الا انها لم تبطل نهائيا، ومازالت تبذل كل حيلة لاستعادة سلطانها. وتلك الحرب مريرة لا تنتهي، ويصفها بولس فى الاصحاح السابع من رسالته إلي رومية بصورة حية، حتى انك لتلمح فيها تجربة الشخصية. ولعل كل مسيحى فى حاجة إلي ان يتعلم عمليا ـ فى وقت من الاوقات ـ عدم جدوى محاولته قهر الخطية اعتمادا على قوته الذاتية. واذا حاول أي مسيحي ان يصير قديسا يحفظه الشريعة معتمدا على قوته الذاتية، فانه سرعان ما يدرك عمليا وبعمق معنى ما ورد في الرسالة إلي رومية ( 7 : 14 ـ 25 ).

ان تقديسنا ـ مثل تبريرنا ـ هو في ربنا يسوع المسيح وبروحة القدوس. وقد تحقق بولس من ذلك فقال : اشكر الله بيسوع المسيح ربنا ( رو 7 : 25 ) وحتى بعد انتصاره بالرب يسوع يقول : اذا انا نفسي بذهني اخدم ناموس الله، ولكن بالجسد ناموس الخطية ( رو 7 : 25 ).

وما تعلمه بولس بالخبرة، وبالاعلان ايضا، قد حرره بالفعل من المخالب الخانقة لحرفيه الناموس، واقنعه ان غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن ( رو 10 : 4 )، وجعله الرسول الكارز بالمخلص حيث ليس يوناني ويهودي، ختان وغرلة، بربري، سكيثي، عبد، حر ( كو 3 : 11 ). فكل هؤلاء وجدوا نفس الترحيب والقبول، كما وجدوا سد كل حاجة روحية، ورابطة اخوية حية جديدة، تمحو كل الاحقاد والفوارق الناشئة بسبب الجنس او التعليم او المستوى الاجتماعي او الديني.

6- الفداء :

يحمل الفداء احيانا معنى النجاة او الخلاص ـ الذي حققه موت المسيح ـ من غضب الله اللقدوس عقابا للانسان، ومن الجزاء العادل للخطية ( رو 3 : 24، أف 1 : 7، كو 1 : 14 ).

والفداء ـ بتميزه عن التبرير والتقديس ـ لا يشير إلي النجاة في الماضي، بل إلي الخلاص النهائي في المستقبل، الخلاص من كل شر، هذا الخلاص الذي سيتم بمجىء المسيح ثانية، وهذا هو المعنى المقصود في ( اكو 1 : 30 )، حيث يذكر الفداء كاخر حلقة في سلسلة امتيازات الاتحاد بالمسيح.

والروح القدس يعطي كعربون للميراث الكامل، وسكناه فينا يؤكد حقيقة مركزنا فيه، وهو ضمان لخلاصنا النهائي ( أف 1 : 14، 4 : 3 ).

ويرسم بولس صورة حية ليوم الفداء في رسالته إلي رومية ( رو 8 : 18 ـ 25 ). لان الالام ستنتهى والمجد يستعلن، فالخليقة كلها ـ الحية وغير الحية ـ تتطلع إلي ذلك اليوم بشوق وحماس واصرار. وحينئذ لا يستعلن ابناء الله فحسب، بل وبنوتهم ايضا وكل امتيازاتهم حين يقوم جسد كل مؤمن ويلاقي الفادي. وحيئذ سيبطل انين الخليقة اذ تتحرر من كل ضعف وفساد وانحلال، وتستعيد مجدها العتيد. وان كانت الخليقة قد لعنت بسبب الانسان، فانها بالتاكيد ستشاركه فى الفداء.

وما من احد يعلم إلي أي مدى تاثرت الارض نفسها بالخطية، لكن بولس كان يعتقد جليا انها ستشارك فى النهاية ـ بطريقة ما ـ في استعلان المجد الذى سيستعلن عند ظهور الفادي، حين ينمحي كل اثر لسلطان الخطية والاثم.

7- الكفارة :

ان مبدا الكفارة لهو احد اسس الفكر اللاهوتي عند بولس، ففى رسالته إلي رومية ( 3 : 25 ) يدعو المسيح كفارة او ذبيحة كفارية بالايمان بدمه ، فاعداء الله قد تصالحوا معه بموت ابنه، والذين تصالحوا معه، يخلصون بحياته ( رو 5 : 10 ) كما اننا به نلنا المصالحة ( رو 5 : 11 ).

وفى رسالته الثانية إلي كورنثوس ( 5 : 18 ـ 20 ) استخدم بولس حجتين ليبرهن لنا ان الله قد قبلنا في نعمته. اولا : لا يحسب الله للبشر خطاياهم، وثانيا : انه وضع كلمة ( تعليم ) المصالحة في نفوس الكارزين بالانجيل.

وفى رسالته إلي افسس ( 2 : 16 ) نجد الكلمة المترجمة يصالح تعني المصالحة الكاملة، هي نفس الكلمة المستخدمة في الرسالة إلي كولوسي ( 1 : 20 ـ 22 ).

وهناك سلسلة اخرى من الشواهد تؤكد قيمة دم المسيح ( وحياته المسكوبة ). ففي سفر الاعمال ( 20 : 28 ) نجد ان دمه هو ثمن شراء الكنيسة، كما ان الكفارة بالدم ( رو 3 : 25 ). والرحمة الالهية لا تعنى عدم المبالاة بناموس الله. ونقرا فى الرسالة إلي افسس ( 1 : 7 )، وان الذين كانوا بعيدين صاروا قريبين بدم المسيح ( أف 2 : 13 ).

وبدراسة هذه الايات واخرى كثيرة مشابهة لها، يتاكد لنا تعليم الكفارة يتحلل كل تعليم بولس، وان هذه الكفارة كانت ضرورية ليس فقط بسبب خطية الانسان، لكن ايضا بسبب طبيعة الله ذاته، فعدالة الله حتمت عليه ان يدبر طريقا يستطيع من خلاله ـ بتبرير الاشرار ـ ان يرضى طبيعته وناموسه.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:13 AM   رقم المشاركة : ( 13 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

فى عملية التقديس يخضع الذهن للاستنارة المتزايدة بالكلمة وروح الحق ( أف 1 : 17 و 18 )، وتتطابق مشيئة الانسان مع مشيئة الله ( رو 12 : 1 ـ 2 )، وتزداد المحبة لله وللانسان ( غل 5 : 22، أف 1 : 4، 4 : 2 و 15، 5 : 2، اتس 3 : 12، 4 : 9، 2 تس 3 : 5 )، ويضعف تاثير العالم بينما تقوى المباديء والممارسات المقدسة ( غل 6 : 14 )، وينمو الايمان فيصير اكثر حيوية وقوة كلما اكتسب فهما اعمق واوضح واشمل للحق كما هو فى يسوع ( رو 1 : 8، 2كو 10 : 15، كو 2 : 5 ـ 7، 1 تس 1 : 8، 1 تس 3 : 2 و 5 و 6 و 7 و 10، 2 تس 1 : 3 )، ويزداد الرجاء توهجا بتوقيع الحياة الابدية التي وعد بها الله المنزه عن الكذب قبل الازمنة الازلية ( تيطس 1 : 2 ).

ويشمل عمل التقديس الانسان كله، وينسب إلي كل اقانيم الثالوث. فنجد بولس يضرع إلي الله ليقدس اهل تسالونيكى بالتمام ( اتس 4 : 3، 5 : 23 )، وفي موضع اخر ينسب عمل التقديس إلي يسوع المسيح ( أف 5 : 26 و 27، يتطس 2 : 14 )، كما ينسبه ايضا للروح القدس ( اكو 6 : 11، 2 تس 2 : 13 ).

وللجسد نصيب فى هذا التقديس لانه هيكل الروح القدس ( اكو 6 : 19 )، وعضو في المسيح ( اكو 6 : 15 ). ومن صميم طبيعة تقديس الانسان كله ان يخضع الجسد بالضرورة لقيادة النفس التي تقدست، وان يستخدم لخدمة الله ومجده ( رو 6 : 3، 12 : 1 ).

ويعلن بولس ان الجسد سيقام في مجد ( اكو 15 : 43و44) وان الله سيغير شكل جسد ( طبيعة الجسد الفاني ) تواضعا ( المؤقت ) ليكون على صورة جسد مجده ( الابدي ) ( وسيتم هذا ) بحسب عمل استطاعته ( الالهية) ان يخضع لنفسه كل شيء . ( في 3 : 21 ) وهكذا تتحقق النهاية المجيدة لعملية التقديس. واي شيء مفرح وبهيج وكله تفاؤل للمسيحيين مثل هذه الصورة التى يرسمها بولس لرجاء المؤمن ؟

ولما كان التقديس امرا واجبا، لذلك كان لزاما على الانسان ان يتعاون مع الروح في ذلك، اولا بممارسة الايمان، باعتباره وسيلة تبريرنا ( رو 5 : 1 ) واتحادنا بالمسيح ( كو 2 : 7 و 12 )، والعامل الداخلي في تقديسنا ( أع 15 : 9، 26 : 18 )، لانه يثمر خضوعا تاما لتعليم المسيح الذى هو اساس القداسة ( أع 20 : 32، رو 6 : 7 و 18، 15 : 4 ). ويرى في حياة المسيح المتجسد مثالا وحافزا له ( اكو 11 : 1 )، يسعى إلي شركته وعونه في الصلاة ( أف 6 : 18، في 4 : 6 و 7 )، ويدرك كل احداث العناية الالهية التي تستهدف صالح الانسان روحيا، وخيره الابدي ( رو 8 : 28 ).

وان كان المؤمنون لا تنقصهم النعمة، الا انهم غير مكملين، وبالرغم من ان الخطية قد نزلت عن عرشها، الا انها لم تبطل نهائيا، ومازالت تبذل كل حيلة لاستعادة سلطانها. وتلك الحرب مريرة لا تنتهي، ويصفها بولس فى الاصحاح السابع من رسالته إلي رومية بصورة حية، حتى انك لتلمح فيها تجربة الشخصية. ولعل كل مسيحى فى حاجة إلي ان يتعلم عمليا ـ فى وقت من الاوقات ـ عدم جدوى محاولته قهر الخطية اعتمادا على قوته الذاتية. واذا حاول أي مسيحي ان يصير قديسا يحفظه الشريعة معتمدا على قوته الذاتية، فانه سرعان ما يدرك عمليا وبعمق معنى ما ورد في الرسالة إلي رومية ( 7 : 14 ـ 25 ).

ان تقديسنا ـ مثل تبريرنا ـ هو في ربنا يسوع المسيح وبروحة القدوس. وقد تحقق بولس من ذلك فقال : اشكر الله بيسوع المسيح ربنا ( رو 7 : 25 ) وحتى بعد انتصاره بالرب يسوع يقول : اذا انا نفسي بذهني اخدم ناموس الله، ولكن بالجسد ناموس الخطية ( رو 7 : 25 ).

وما تعلمه بولس بالخبرة، وبالاعلان ايضا، قد حرره بالفعل من المخالب الخانقة لحرفيه الناموس، واقنعه ان غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن ( رو 10 : 4 )، وجعله الرسول الكارز بالمخلص حيث ليس يوناني ويهودي، ختان وغرلة، بربري، سكيثي، عبد، حر ( كو 3 : 11 ). فكل هؤلاء وجدوا نفس الترحيب والقبول، كما وجدوا سد كل حاجة روحية، ورابطة اخوية حية جديدة، تمحو كل الاحقاد والفوارق الناشئة بسبب الجنس او التعليم او المستوى الاجتماعي او الديني.

6- الفداء :

يحمل الفداء احيانا معنى النجاة او الخلاص ـ الذي حققه موت المسيح ـ من غضب الله اللقدوس عقابا للانسان، ومن الجزاء العادل للخطية ( رو 3 : 24، أف 1 : 7، كو 1 : 14 ).

والفداء ـ بتميزه عن التبرير والتقديس ـ لا يشير إلي النجاة في الماضي، بل إلي الخلاص النهائي في المستقبل، الخلاص من كل شر، هذا الخلاص الذي سيتم بمجىء المسيح ثانية، وهذا هو المعنى المقصود في ( اكو 1 : 30 )، حيث يذكر الفداء كاخر حلقة في سلسلة امتيازات الاتحاد بالمسيح.

والروح القدس يعطي كعربون للميراث الكامل، وسكناه فينا يؤكد حقيقة مركزنا فيه، وهو ضمان لخلاصنا النهائي ( أف 1 : 14، 4 : 3 ).

ويرسم بولس صورة حية ليوم الفداء في رسالته إلي رومية ( رو 8 : 18 ـ 25 ). لان الالام ستنتهى والمجد يستعلن، فالخليقة كلها ـ الحية وغير الحية ـ تتطلع إلي ذلك اليوم بشوق وحماس واصرار. وحينئذ لا يستعلن ابناء الله فحسب، بل وبنوتهم ايضا وكل امتيازاتهم حين يقوم جسد كل مؤمن ويلاقي الفادي. وحيئذ سيبطل انين الخليقة اذ تتحرر من كل ضعف وفساد وانحلال، وتستعيد مجدها العتيد. وان كانت الخليقة قد لعنت بسبب الانسان، فانها بالتاكيد ستشاركه فى الفداء.

وما من احد يعلم إلي أي مدى تاثرت الارض نفسها بالخطية، لكن بولس كان يعتقد جليا انها ستشارك فى النهاية ـ بطريقة ما ـ في استعلان المجد الذى سيستعلن عند ظهور الفادي، حين ينمحي كل اثر لسلطان الخطية والاثم.

7- الكفارة :

ان مبدا الكفارة لهو احد اسس الفكر اللاهوتي عند بولس، ففى رسالته إلي رومية ( 3 : 25 ) يدعو المسيح كفارة او ذبيحة كفارية بالايمان بدمه ، فاعداء الله قد تصالحوا معه بموت ابنه، والذين تصالحوا معه، يخلصون بحياته ( رو 5 : 10 ) كما اننا به نلنا المصالحة ( رو 5 : 11 ).

وفى رسالته الثانية إلي كورنثوس ( 5 : 18 ـ 20 ) استخدم بولس حجتين ليبرهن لنا ان الله قد قبلنا في نعمته. اولا : لا يحسب الله للبشر خطاياهم، وثانيا : انه وضع كلمة ( تعليم ) المصالحة في نفوس الكارزين بالانجيل.

وفى رسالته إلي افسس ( 2 : 16 ) نجد الكلمة المترجمة يصالح تعني المصالحة الكاملة، هي نفس الكلمة المستخدمة في الرسالة إلي كولوسي ( 1 : 20 ـ 22 ).

وهناك سلسلة اخرى من الشواهد تؤكد قيمة دم المسيح ( وحياته المسكوبة ). ففي سفر الاعمال ( 20 : 28 ) نجد ان دمه هو ثمن شراء الكنيسة، كما ان الكفارة بالدم ( رو 3 : 25 ). والرحمة الالهية لا تعنى عدم المبالاة بناموس الله. ونقرا فى الرسالة إلي افسس ( 1 : 7 )، وان الذين كانوا بعيدين صاروا قريبين بدم المسيح ( أف 2 : 13 ).

وبدراسة هذه الايات واخرى كثيرة مشابهة لها، يتاكد لنا تعليم الكفارة يتحلل كل تعليم بولس، وان هذه الكفارة كانت ضرورية ليس فقط بسبب خطية الانسان، لكن ايضا بسبب طبيعة الله ذاته، فعدالة الله حتمت عليه ان يدبر طريقا يستطيع من خلاله ـ بتبرير الاشرار ـ ان يرضى طبيعته وناموسه.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:16 AM   رقم المشاركة : ( 14 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

وما تعلمه بولس بالخبرة، وبالاعلان ايضا، قد حرره بالفعل من المخالب الخانقة لحرفيه الناموس، واقنعه ان غاية الناموس هي المسيح للبر لكل من يؤمن ( رو 10 : 4 )، وجعله الرسول الكارز بالمخلص حيث ليس يوناني ويهودي، ختان وغرلة، بربري، سكيثي، عبد، حر ( كو 3 : 11 ). فكل هؤلاء وجدوا نفس الترحيب والقبول، كما وجدوا سد كل حاجة روحية، ورابطة اخوية حية جديدة، تمحو كل الاحقاد والفوارق الناشئة بسبب الجنس او التعليم او المستوى الاجتماعي او الديني.

6- الفداء :

يحمل الفداء احيانا معنى النجاة او الخلاص ـ الذي حققه موت المسيح ـ من غضب الله اللقدوس عقابا للانسان، ومن الجزاء العادل للخطية ( رو 3 : 24، أف 1 : 7، كو 1 : 14 ).

والفداء ـ بتميزه عن التبرير والتقديس ـ لا يشير إلي النجاة في الماضي، بل إلي الخلاص النهائي في المستقبل، الخلاص من كل شر، هذا الخلاص الذي سيتم بمجىء المسيح ثانية، وهذا هو المعنى المقصود في ( اكو 1 : 30 )، حيث يذكر الفداء كاخر حلقة في سلسلة امتيازات الاتحاد بالمسيح.

والروح القدس يعطي كعربون للميراث الكامل، وسكناه فينا يؤكد حقيقة مركزنا فيه، وهو ضمان لخلاصنا النهائي ( أف 1 : 14، 4 : 3 ).

ويرسم بولس صورة حية ليوم الفداء في رسالته إلي رومية ( رو 8 : 18 ـ 25 ). لان الالام ستنتهى والمجد يستعلن، فالخليقة كلها ـ الحية وغير الحية ـ تتطلع إلي ذلك اليوم بشوق وحماس واصرار. وحينئذ لا يستعلن ابناء الله فحسب، بل وبنوتهم ايضا وكل امتيازاتهم حين يقوم جسد كل مؤمن ويلاقي الفادي. وحيئذ سيبطل انين الخليقة اذ تتحرر من كل ضعف وفساد وانحلال، وتستعيد مجدها العتيد. وان كانت الخليقة قد لعنت بسبب الانسان، فانها بالتاكيد ستشاركه فى الفداء.

وما من احد يعلم إلي أي مدى تاثرت الارض نفسها بالخطية، لكن بولس كان يعتقد جليا انها ستشارك فى النهاية ـ بطريقة ما ـ في استعلان المجد الذى سيستعلن عند ظهور الفادي، حين ينمحي كل اثر لسلطان الخطية والاثم.

7- الكفارة :

ان مبدا الكفارة لهو احد اسس الفكر اللاهوتي عند بولس، ففى رسالته إلي رومية ( 3 : 25 ) يدعو المسيح كفارة او ذبيحة كفارية بالايمان بدمه ، فاعداء الله قد تصالحوا معه بموت ابنه، والذين تصالحوا معه، يخلصون بحياته ( رو 5 : 10 ) كما اننا به نلنا المصالحة ( رو 5 : 11 ).

وفى رسالته الثانية إلي كورنثوس ( 5 : 18 ـ 20 ) استخدم بولس حجتين ليبرهن لنا ان الله قد قبلنا في نعمته. اولا : لا يحسب الله للبشر خطاياهم، وثانيا : انه وضع كلمة ( تعليم ) المصالحة في نفوس الكارزين بالانجيل.

وفى رسالته إلي افسس ( 2 : 16 ) نجد الكلمة المترجمة يصالح تعني المصالحة الكاملة، هي نفس الكلمة المستخدمة في الرسالة إلي كولوسي ( 1 : 20 ـ 22 ).

وهناك سلسلة اخرى من الشواهد تؤكد قيمة دم المسيح ( وحياته المسكوبة ). ففي سفر الاعمال ( 20 : 28 ) نجد ان دمه هو ثمن شراء الكنيسة، كما ان الكفارة بالدم ( رو 3 : 25 ). والرحمة الالهية لا تعنى عدم المبالاة بناموس الله. ونقرا فى الرسالة إلي افسس ( 1 : 7 )، وان الذين كانوا بعيدين صاروا قريبين بدم المسيح ( أف 2 : 13 ).

وبدراسة هذه الايات واخرى كثيرة مشابهة لها، يتاكد لنا تعليم الكفارة يتحلل كل تعليم بولس، وان هذه الكفارة كانت ضرورية ليس فقط بسبب خطية الانسان، لكن ايضا بسبب طبيعة الله ذاته، فعدالة الله حتمت عليه ان يدبر طريقا يستطيع من خلاله ـ بتبرير الاشرار ـ ان يرضى طبيعته وناموسه. [/color][/size][/font]
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:17 AM   رقم المشاركة : ( 15 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

ثم ان بولس يعلم بكل يقين ان المسيح يخلص البشرية ليس بمثاله، ولا بتعليمه، ولا بتاثيره الاخلاقي لكنبذبيحته:المسيح مات من اجل خطايانا حسب الكتب ( اكو 15 : 3 )، وكيف اذ يمكن تفسير السلطان الهائل للتعليم الرسولي والكرازة في كل الاجيال منذ ذلك الوقت حتى الان ـ ان لم يكن على اساس ذبيحة المسيح التى قدمها نيابة عن البشر ( يو 10 : 15، 15 : 3، 1 : 29 ).

8- الكنيسة :

ان تعليم بولس عن الكنيسة على جانب كبير من الاهمية العملية، وقد كان للقادة المسيحيين الاوائل نظرة رفيعة عن الكنيسة، وكانت تعاليمهم تدعو إلي احترام ذلك المجتمع الذي يطلق عليه فى رسالة تيموثاوس الاولى ( 3 : 15 ) بيت الله او عائلة الله ، كنيسة الله الحى، عمود الحق ( لاعلانه ) وقاعدته ( او دعامته ) للحفاظ عليه.

وكانت الكنيسة في تنظيمها الاولى ممثلة للديموقراطية ( أع 6 : 3 ـ 6، 15 : 22 ). والمسيح هو راس الكنيسة التي هى جسده، وهو مصدر كل سلطة وكل قوة روحية ( أف 1 : 22 و 23، 5 : 23، كو 1 : 18 ـ 24 ). وبالكنيسة تعرف حكمة الله، وفى الكنيسة يتمجد الله ( أف 3 : 10 و 21 )، وهي عائلة وبيت الله ( أف 2 : 19 ـ 22 )، والمسيح هو حجر الزاوية، ويمدها بالخدام ( أف 4 : 11 و 12 )، وهي موضوع محبته فقد بذل نفسه لاجلها ( أف 5 : 25 )، والمسيح يريد ان يحضرها لنفسه كنيسة بلا عيب. (أف 5 : 26 و 27 ).

والكنيسة هى مجتمع الله الخاص، لنشر الحق المتعلق بالخلاص، وهي ليست مرادفة للملكوت، لكنها تمهد الطريق له، يمكن اعتبارها بحق جيش جنود الملكوت الذي يرسلهم الملك للمناداة بغفرانه وسلامة للعصاة وهى تستهدف الاصلاح بالتجديد بالكرازة ببشارة ابن الله الابدية.

ان اهم علاقة بين بولس والكنيسة هي الخدمة التي اداها لها بتوضيحه انجيل ابن الله، والتعليم المختص بالكنيسة.

ويرفض بعض النقاد كتابات بولس ويوحنا، بل وكل اصحاب الرسائل تقريبا، فيما يطلقون عليه حركة العودة ليسوع . ومثل هذا الاسلوب النقدي المدمر لكل خطة الوحي، فهو يقيم معيارا غير موضوعي، يعني ببساطة ـ فى التحليل النهائي ـ ان ما لا يتفق وفلسفتي عن الدين ليس وحيا .

وباتباع هذا الاسلوب، فانه حتى كلمات المسيح تخضع لنفس المعيار لتحديد ما هو صحيح وما هو غير صحيح حسب مزاعمهم !.

وفى الحقيقة ان تطور التعليم في كتابات بولس واصحاب الرسائل الاخرين، هو جزء لا يتجزا من تقدم التعليم الذي هو الاختبار النهائي والشامل للاشراف الالهي، الذى يطلق عليه اسم وحي الكتب المقدسة ، والمسيح ذاته قال انه ما جاء الا ليكمل .

وهذا الاكمال ـ الذي يظهر بوضوح ويتجلى فى تجسد رسالة الاخبار الطيبة ـ انما يسري في كل الكتاب المقدس ، بداية من بذرة الانجيل في سفر التكوين إلي الاسرار التي في سفر الرؤيا.

فى البدء كان الوحي برعما من وعد، كان برعما مغلقا يشبه برعم الوردة، الذي لا يسفر سوى عن لمحة باهتة من الجمال، ونفحة من الرائحة الذكية الكامنة في الداخل. وكان الإعلان في الوعد. وفي زمان البرية تفتح برعم الإعلان متمثلا في إعلان عناية الله التى بدت في صور متحركة. ثم جاء الإعلان بالنبوة عندما قام إصحاب المزامير والأسفار التاريخية والحكم والأمثال ورجال الدولة، والأنبياء، بالمقارنة والمناقشة والشرح. وبذلك بدأت الوردة تتفتح شيئا فشيئا لتسفر عن جمالها.

وفي المسيح جاء الإعلان في شخصه، فلقد مثل في نفسه المثل الأعلى للمسيحي _ في كل ما كانت تزمر إليه الطقوس في خيمة الاختماع والهيكل. ثم يزداد الإعلان وضوحا في سفر الأعمال والرسائل، وذلك من خلال الكرازة شفاها وبالرسائل، حتى نبلغ الذروة في الرسالة إلي العبرانيين وسائر كتابات بولس ويوحنا.

وأخيرا، فإن الذي ما كان إلا برعما من وعد في البداية، قد صار زهرة الإنجيل اليانعة المكتملة التفتح.

وإنما يواصل بولس تعليم المعمدان حين أشار إلي يسوع قائلا : هو ذا حمل الله ويواصل تعليم ربنا نفسه حين يقول بعد أن اشترك في خروف الفصح : هذا هو جسدي معلنا بذلك الكفارة البديلة عن البشر، وهو ما يوضحه بولس تماما في رسائله.

والأن، فإن استمرار هذا التعليم طوال فترة زمنية تقرب من ألفي عام، من خلال ستة وستين سفرا، كتبها نحو أربعين كاتبا مختلفا، في بلدان متفرقة، مستخدمين لغات متبانية، هذا الاستمرار لا يمكن تعليله إلا من خلال قوة عليا قادرة، ولا يمكن أن تكون تلك القوة العليا القادرة في مثل هذه الأحوال، إلا القوة الإلهية.

ولذلك فإن تعليم بولس للكنيسة، الذي أسهم به من خلال رسائله العظيمة، يعتبر من أهم البراهين القاطعة لإثبات أن الكتاب المقدس موحى به من الله .
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:18 AM   رقم المشاركة : ( 16 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

رحلات بولس الرسول التبشيرية

الرحلة التبشيرية الأولى :

كثيراًما ينظر إلى رحلة بولس التبشيرية الأولى كمجرد حادثة عارضة، ذكرها لوقا لينتقل بها من الأحوال فى أورشليم تحت حكم هيرودس أغربياس الأول ( أع 12 ) إلى مجمع أورشليم ( أع 15 )، ولكن النظر إلى هذه الفترة من حياة بولس على أنها فترة قليلة الأهمية، إنما يتجاهل التقدم الهام الذي حدث فى الكرازة بالإِنجيل، ويهدم الأساس المنطقي للأحداث التي أعقبت ذلك.

أ- خط سير الرحلة : بينما كان بولس وبرنابا يخدمان فى أنطاكية سورية، أمر الروح القدس أن يتركا خدمتهما فى الكنيسة هناك، وأن ينطلقا إلى مجال أوسع ( أ ع 13 : 2، 3 ). ولا يذكر الكتاب كيف أصدر الروح القدس هذا الأمر، ولو أن هناك بعض التلميحات التي تدل على أن ذلك تم من خلال ثلاثة عوامل :

1- اقتناع عند الرسل أنفسهم لأنهم كانوا صائمين فى ذلك الوقت الذي وصلهم فيه هذا الأمر الواضح.

2- إعلان نبوي على فم أحد أعضاء الكنيسة شبيه مثلاًبما قاله أغابوس من قبل.

3-اقتناع جماعة المؤمنين أن هذه مشيئة الله بعد أن صاموا وصلوا. وليس من السهل تحديد من يعود عليهم ضمير الفاعل في صاموا وصلوا فى العدد الثالث، فقد بعود على الأنبياء والمعلمين المذكورين فى العدد الأول، وفى هذه الحالة يكون القادة الثلاثة الآخرون فى كنيسة أنطاكية، هم الذين ـ بعد أن صاموا وصلوا ـ وضعوا عليهما الأيادي ثم أطلقوهما. ولكن قياساًعلى ما جاء في سفر الأعمال حيث نجد صيغة مشابهة لاستخدام ضمير الفاعل في رتبوا ( 15 : 2 ) دون تحديد من يعود عليهم الضمير، ولكن يتضح من العدد الثالث أنه يعود على الكنيسة. وعليه فالأرجح أن كل جماعة المؤمنين إشتركت فى تنفيذ الأمر ووضع الأيادى عليهما واطلاقهما. ويقطع العدد الرابع من الأصحاح الثالث عشر بأنهما أرسلا من الروح القدس . وقد أخذ معهما الشاب يوحنا مرقس من أورشليم ( أ ع 12 : 12 ) وابن عم برنابا ( كو 4 : 10 ـ انظر ابن الأخت ).

فانحدر الثلاثة من أنطاكية إلى مينائها في سلوكية، وسافروا فى البحر إلى قبرس، موطن برنابا ـ ومن سلاميس شرقاًإلى بافوس غرباً، كرزوا بالإِنجيل في كل الجزيرة، في مجامع اليهود فحسب ( أع 13 : 5 )، ولكن في بافوس، دعاهما الوالي سرجيوس بولس والتمس أن يسمع كلمة الله منهما، ولعله كان يهدف إلى معرفة طبيعة كرازتهم لئلا يكون فيها ما يثير الاضطراب فى المجتمع اليهودي في الجزيرة وبالرغم من مقأومة باريشوع الساحر، آمن سرجيوس بولس بعد أن رأي ما جرى لعليم الساحر بناء على لعنة الرسول بولس لهذا الساحر ابن إبليس ( أع 13 : 6 ـ 12 ). وكان هذا أمراًبعيد الاحتمال، إذ يبدو أن الوالي الروماني، لم تكن له علاقة بالديانة اليهودية ومؤسساتها. وهنا نشا موقف لا يختلف في نظر الرسل، عن الموقف الذي حدث عقب تجديد قائد المئة كرنيليوس(أع10:1-11: 18 ),بل إنه ليتجاوز موضوع كرنيليوس في بعض النواحي. ومع أن الكينسة في أورشليم-كما يبدو-لم تحمل تجديدكرنيليوس على أنه يعتبر سابقة تحتذي فى خدمتها، لأن خدمتها كانت لإسرائيل، فإن بولس ـ الذى كانت خدمته أساسا موجهة للأمم ـ رأي فيما حدث في بافوس شيئا أبعد فىإرساليته للأمم. ومن هذه النقطة، نجد سفر الأعمال يستخدم اسمه الروماني بولس وليس اسمه اليهودي شأول ( أع 13 : 9 )، إذ أصبح مستعداًـ من هذه النقطة ـ أن يتقابل مع أي أممي في الأمبراطورية، دون التقيد بالخدمة في المجمع. ولايذكر إسم شاول بعد ذلك إلا في مناسبتين لهما دواعيهما الخاصة ( اع 14 : 12، 15 : 12 ). كما بدأ اسم بولس يسبق اسم برنابا.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:19 AM   رقم المشاركة : ( 17 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

ثم أقلع بولس ومن معه من قبرس إلى برجة بمفيلية فى أسيا الصغرى (أع 13 : 13 ). ولايذكر الكاتب شيئاًعن كرازتهم في برجة فى تلك المرة. وأن كان بولس وبرنابا ـ عند عودتهما إليها ـ قد تكلما بالكلمة ( أع 14 : 25 ). ولعل السبب في مرورهما الخاطف ببرجة فى ذلك الوقت، وانتقالهما إلى أنطاكية بيسيدية، هو مرض بولس بالملاريا ـ كما هو المرجح ـ مما اضطره إلى الالتجاء إلى المنطقة المرتفعة في الشمال.

وفى برجة تركهما يوحنا مرقس ورجع إلى أورشليم، ربما خشية ردود الفعل عند الكنيسة أورشليم إذا علمت بكرازتهم بالإِنجيل للأمم مباشرة، ولم يشأ أن يزج بنفسه في مثل هذا المازق، بينما رأى بولس فيما حدث في بافوس تحقيقاًلإِرساليته. أما تفسير مفارقة مرقس لهما على أساس حنينه إلى وطنه، أو لمتاعب الترحال، أو للتغيير الذي حدث فى قيادة المجموعة، أو لمرض بولس الذي استدعى تغيير البرنامج، فهذه كلها ليست سوى افتراضات لا تكفي لتبرير موقف بولس، هذا الموقف العنيد، من مرقس كما سجلة سفر الأعمال ( 15 : 37 ـ 39 )، وهو ما يدل على أن مفارقة مرقس لهما كانت لسبب أهم من مجرد هذه الأسباب الشخصية.

وفي أنطاكية بيسيدية خاطب بولس اليهود ومن يتقون الله من المتهودين، الذين كانوا مجتمعين في المجمع في يوم السبت مبيناًلهم أن يسوع هو المسيا والمخلص الموعود به في الكتب المقدسة ( أع 13 : 14 ـ 43 ).

وفى السبت التالي، اجتمع عدد كبير من الأمم لسماع كلمة الله على فم بولس، فامتلأ اليهود غيرة وجعلوا يقأومون ما قاله بولس، فتحول بولس إلى الأمم مبإشرة مواصلاًالمناداة برسالته فى المدينة، ووجد ترحيباًواسعاً( أع 13 : 44 ـ 49 ). ونتبين من هنا أسلوب بولس في الكرازة، فقد كان يبدأ أولاًبالكرازة بالإِنجيل إلى اليهود والأمم المتهودين، سواء كانوا قد أصبحوا دخلاء فعلا أو مجرد متشيعين لليهودية. ولما منع من الحديث في المجامع،توجه إلى الأمم رأساً. وقد سار بولس على هذا النهج فى كل مدينة وجد بها جالية يهودية، فيما عدا أثينا.

وفى أنطاكية بيسيدية تجدد ـ أيضاًـ منهج مقاومة اليهود لبولس ( أع 13 : 50 ) على أساس أن بولس يكرز للأمم بما لايتفق مع إيمان الآباء. وقد رأي بولس أن عناد اليهود يجعل من الضرورى الكرازة للأمم مبإشرة إذا كان لابد أن يسمعوا الإِنجيل ويأتوا إلى الله الحقيقى. اما بالنسبة لليهود فإنهم كانوا يرون في ذلك نقضاًلدعوى أن في يسوع الناصري، تتحقق جميع الوعود التي أعطاها الله للآباء. وأصبح الأمر واضحاًأمام قادة اليهود، وهو أن المسيحية تختلف تماماًعن اليهودية وكتبها، طالما أن بولس مستعد أن يعمل خارج مؤسساتها، وبذلك لا يدخل تحت مظلة حماية القانون الروماني للديانة الواحدة للشعب الوأحد. وبينما أرادت المسيحية أن تجد الشرعية في أعين روما باحتمائها تحت جناحي اليهودية، فإن أسلوب الكرازة بها، رأي فيه اليهود غزوة تستلزم المقا ومة، وهكذا اهاج اليهود النساءالمتعبدات الشريفات ( الداخلات للديانة اليهودية، من زوجات الحكام الرومان ؟ )، فحرضن أزواجهن على اعتبار بولس وجماعته سبب تعكير لسلام روما . وبناء على ذلك ثار الاضطهاد عليهما في أنطاكية، وطردا منها. وقد تكرر هذا الأمر وعلى هذا النمط كثيراًفى رحلات بولس التبشيرية.

وقد أسفرت الكرازة فى إيقونية عن إيمان جمهور كثير من اليهود واليونانيين بالمسيح ( أع 14 : 1 ). وثارت مرة أخرى قضية دعوى المسيحية بأنها امتداد لديانة إسرائيل، لها حق الحماية كديانة شرعية. وعندما انحازت السلطات المحلية لوجهة النظر اليهودية، وأصبح الاضطهاد لا يحتمل، هرب الرسولان إلى لسترة ودربه ( أع 14 : 2 ـ 6 ). والإِشارة إلى دربة ولسترة بأنهما مدينتا ليكأونية، توحى بأن إيقونية كانت تنتمي إلى مقاطعة أخرى. ولوقوع هذه المدن الثلاث في منطقة جغرافية وأحدة، ظن البعض ـ فيما مضى ـ أن لوقا قد خانته الدقة في هذا الصدد، ولكن أبحاث سير وليم رمزي أثبتت أنه في الفترة ما بين 37 ـ 72م ـ وفى تلك الفترة فقط ـ كانت دربة ولسترة تحت الحكم المبإشر لروما، بينما كان يحكم إيقونية أنطيوكس، وبينما كانت المنطقة التي تقع فيها دربة ولسترة، تسمى رسمياًليكأونية الغلاطية، كانت إيقونية في منطقة تسمى ليكأونية الانطيوكسية، وكانتا تشتهران باسم ليكأونية وفريجية، وكان خضوع مدينتي لسترة ودربة لسلطة غير السلطة التي تخضع لها إيقونية، أمراًهاماًللرسولين بولس وبرنابا، لأنهما بعبورهما الحدود تخلصا من سلطات فريجية.

وقد أثبتت لسترة ودربة أنهما منطقتان خصبتان لغرس بذرا الإِنجيل ( أع 14 : 21 )، وإن لم يخل الحال من الصعاب والمتاعب. وكان تيموثأوس أحد المتجددين فى لسترة فى هذه المرحلة الأولى ( أع 16 : 1، 20 : 4 ) وقد ضمه بولس فيما بعد إلى فريقة الكرازي. ولكن حدث في لسترة ما ضايقهما بعض الشيء، وذلك لتقلب مزاج الناس في تجأوبهم مع قوة الله وكرازة بولس. فعندما شاهدوا المقعد يمشي عندما أمره بولس بذلك، أظهروا استعدادهم لتقديم العبادة لهما باعتبارهما الإِلهين زفس ( جيوبتر عند الرومان )، وهرمس ( عطارد عند الرومان ) قد نزلا إليهما في صورة الناس، فاضطر الرسولان إلى إسكات الجموع، وتكلما إليهم بشدة محأولين تحويل عبادتهم إلى الإِله الحي ( أع 14 : 8 ـ 18 )، ومن الناحية الأخرى، عندما عرفوا أنهما ليسا آلهة، وأنهما قد يكونان مجرد مضللين، وبتحريض من اليهود الذين جاءوا من أنطاكية وإيقونية، تحول احترامهم إلى كراهية حتى انهم رجموا بولس ( أ ع 14 : 19 ).
يتبع
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:19 AM   رقم المشاركة : ( 18 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

ويمكن ـ إلى حد ما ـ فهم استحابتهم الأولي المتهورة في ضوء أسطورة قديمة ذكرها أوفيد، والتي يحتمل أنها كانت معروفة لكثيرين من سكان المنطقة فى جنوبي أسيا الصغرى. وتقول الأسطورة إن زفس وهرمس جاءا مرة إلى تلك المنطقة فى صورة رجلين ملتمسين ملجأ لهم، ورغم أنهما طرقا أبواب ألف منزل، لم يقبلهما أحد، وأخيراًوصلا إلى منزل صغير حقير مشيد من الأعواد والقش، فقبلهما زوجان عجوزان هما فليمون وزوجته بوكيس، اللذان أقاما لهما مأدبة أمتصت مواردهما المحدودة، ولكنهما قدماه بكل رضى. وتقديرا من الإِلهين لذلك، حولا كوخهما إلى معبد سقف من الذهب وأعمدة من الرخام كما عينا فليمون وزوجته كاهنين للمعبد. وعوضاًعن أن يموت فليمون وزوجته، تحولا إلى بلوطة وزيزفونة، ودمر زفس وهرمس بيوت الناس الذين رفضوا استضافتهما انتقاماًمنهم. ولكن أوفيد لم يذكر متى حدث ذلك، واكتفى بالقول انه حدث فى منطقة تلال فريجية. ويبدو أن أهل لسترة، تذكروا هذه الأسطورة وهم يرون شفاء الرجل المقعد من بطن أمه، فاعتقدوا أن زفس وهرمس قد عادا مرة أخرى، فأرادو أن يقدموا لهما الإِكرام الواجب حتى لا يتعرضوا للعواقب الوخيمة.

والأرجح أن هذه الرحلة التبشيرية الأولى تمت فيما بين 46 ـ 48 م.، وإن كان هذا مجرد تخمين على أساس الأحداث السابقة والتالية. وبعد أن صرف الرسولان حوالي سنتين فى الكرازة فى قبرس وأسيا الصغرى، رجعا لزيارة الكنائس التي أسساها، يشددان أنفس التلاميذ ويعظانهم أن يثبتوا فى الإِيمان رغم الضيقات الشديدة، وأقاما شيوخاًفى كل كنيسة لمواصلة الخدمة ( أع 13 : 21 ـ 23 ). وبعد أن تكلما بالكلمة فى برجة رجعا إلى أنطاكية فى سورية، وهناك جمعا كل الكنيسة وأخبرا بكل ما صنع الله معهما وأنه فتح للأمم باب الإِيمان ( أ ع 14 : 27 ).

ب- أهمية هذه الرحلة التبشيرية : لقد ورد مراراًفى العهد القديم أن الأمم سيكون لهم نصيبهم فى بركات إسرائيل ( مثل : تك 22 : 18، 26 : 4، 28 : 14، إش 49 : 6، 55 : 5و6، صفنيا 3 : 9 و 10، زك 8 : 22 ). وكان هذا هو الدافع وراء كل جهود كسب دخلاء ( مت 23 : 15 )، وكما تضمنه عظات بطرس فى يوم الخمسين وفي بيت كرنيليوس ( أع 2 : 39، 10 : 35 ). كما أنه من الواضح أن الكنيسة قد قبلت المؤمنين من الأمم فى حالة كرنيليوس والمتقين الله من الأمم فى أنطاكية سورية، ولكن القناعة اليهودية ـ ككل ـ كانت أن إسرائيل هو الشعب الذى عينه الله وسيلة لهذه البركات فعن طريق إسرائيل كأمة، وخدمات مؤسساتها،سيكون للأمم نصيب فى برنامج الله للفداء والاستمتاع ببركاته، ويبدو أن المسيحيين الأوائل لم يكونوا يتوقعون تغييراًجدياًفى هذا المجال، مع أنه فى تلك الأيام الأخيرة كان الله يعمل بالكنيسة كإسرائيل الحقيقي والبقية الأمينة فى الأمة.

وقد حدث دائماًفى بداية الكنيسة، أن المؤمينين من الأمم ( باستثناء حالة وأحدة ) اعترفوا أولاًبيسوع كالمسيا من اتصالهم باليهودية، وإما كدخلاء ( مثل : نيقولأوس فى أعمال 6 : 5، ويحتمل الخصي أيضاًفى أعمال 8 : 26 ـ 39 ـ أو اليونانيين فى أعمال 11 : 20 ـ 26 )، ولم يشذ عن هذا النهج سوى كرنيليوس، وهذه حالة كانت تعتبر شاذة وليست دليلاًعلى تغيير هذا النمط، وإن كان بطرس قد استند إليها بعد ذلك لتأييد منهج بولس ( أع 15 : 7 ـ 11 ). ومع أن بولس سبق أن ناقش ـ مع قادة كنيسة أورشليم ـ الإِرسالية التي كلف بها ـ وهي الكرازة للأمم ـ إلا أنه يبدو أنه كان فى ذهنهم أن يتم ذلك عن طريق المجامع بلا استثناء.

ولكن النهج الذى سار عليه بولس فى رحلته التبشيرية الأولي قد تجأوز هذه المفاهيم. لقد رأى بولس فى تحديد سرجيوس بولس ـ دون أن تكون له علاقة سابقة بالمجمع ـ ما لم تستطيع كنيسة أورشليم أن تراه فى تجديد كرنيليوس. لأن بولس رأى الله ـ فى عنايته ـ يبين له بكل وضوح معنى إرساليته إلى الأمم. علأوة على ذلك، لقد وضع الله خاتم رضاه ـ بصورة عجيبة ـ على هذا النهج يتكاثر عدد الأمم الذين لمس الله قلوبهم. ومع أن المجمع كان المكان المناسب ليبدأ منه خدمته فى كل مدينة، حيث يوجد مستمعون من اليهود والأمم مستعدون لسماع كلمة الله، إلا أن المجمع لم يكن المكان الوحيد لمواصلة خدمته. فاليهود والأمم أمام الله سواء ( رو 2 : 1 ـ 3 : 20 )، ولاختلاف خلفياتهم وحساسياتهم، أصبح من الممكن مخاطبتهم بأساليب مختلفة.
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:20 AM   رقم المشاركة : ( 19 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم

هذا هو إنجيل بولس الذي كتب عنه فى رسالته إلى غلاطية ( 1 : 11 ـ 2 : 10 )، فهو لم يكن يختلف فى محتواه، ولكنه كان متميزاًفى أساليب تبليغه. لقد أعلن له الله طبيعة خدمته، وقاده بعنايته، وأوضح له مميزات دعوته. وإن اليهود والأمم أمام الله سواء من جهة الدينونة والحاجة الروحية، ووضعهم الشرعى أمام الله عند تجديدهم فى المسيح. وكما كتب بولس فيما بعد ذلك : أنه بإعلان عرفني بالسر.. الذي فى أجيال أخر لم يعرف به بنو البشر كما قد أعلن الآن لرسله القديسين وأنبيائه بالروح، أن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال موعده فى المسيح بالإِنجيل (أف 3 : 3 ـ 6 ).

جـ - إستجابة اليهود لخدمته : واضح من الرسالة إلى الكنيسة فى غلاطية أنها كتبت قبل انعقاد المجمع فى أورشليم المذكور فى الأصحاح الخامس عشر من سفر أعمال الرسل، وبذلك تكون الرسالة إلى غلاطية هى أولى الرسائل التي كتبها الرسول بولس. والأرجح أنه كتبها فى نحو عام 49 م. فى أنطاكية سورية، أو لعله كتبها وهو فى طريقه من أنطاكية إلى أورشليم. وقد نرى فى الرسالة إلى غلاطية، ردود فعل اليهود من نحو بولس وخدمته للأمم، ممثلة فى ثلاث فئات :

1- اليهود غير المؤمنين فى أورشليم.

2- قادة الكنيسة فى أورشليم.

3-التهوديين.

ان تفسير ما جاء فى الأصحاح الثاني من الرسالة إلى غلاطية ( 2 : 11 ـ 21 ) يتوقف إلى مدى بعيد على معرفة المقصودين بعبارة الذين هم من الختان ( عدد 12 ) الذين خاف منهم بطرس، فالمألوف أن تفسر العبارة على أنها تشير إلى المؤمنين من اليهود المتزمتين والمتمسكين بالناموس الذين جاءوا إلى انطاكية من عند يعقوب ، وعلى هذا الأساس يكون الفرقاء فى تلك المواجهة هم :

(1) - يعقوب ومبعوثوه الذين يمثلون جماعة التهوديين فى كنيسة أورشليم.

(2) - بطرس والمسيحيون من اليهود فى أنطاكية ومعهم برنابا، والذين لم يكونوا شديدي التمسك بالناموس مثل الفريق الأول، ولكنهم كانوا يفضلون الادعان لسلطة الكنيسة فى أورشليم الممثلة فى يعقوب.

(3) - بولس، المدافع عن حرية الأمم ومسأواتهم.

(4) - المؤمنون من الأمم فى أنطاكية، الذين وقفوا موقف المتفرج.

ومع أن لوقا يستخدم نفس العبارة الذين من أهل الختان فى سفر الأعمال ( 10 : 45، 11 : 2 ) عن المسيحيين من إليهود، إلا أن بولس لايستخدمها مطلقاًبهذا المعنى، فهو يستخدم فى كتاباته، الختان ، والذين هم من الختان في معناهما المطلق دائماً، للإشارة إلى اليهود بوجه عام ( رو 3 : 30، 4 : 9 و 12، 15 : 8، غل 2 : 7 ـ 9، أف 22 : 11، كو 3:11، 4 11 ـ وان كان لا يمكن الجزم بالمقصود بعبارة الذين من الختان في تيطس ( 1 : 10 ). فبالإِتساق مع استخدامه لكلمة الختان فى الأعداد السابقة ( غل 2 : 7 ـ 9 ) يجب أن نفهم كلمة الختان فى نهاية العدد الثاني عشر من الأصحاح الثاني من غلاطية ـ كما يترجمه ج.ب. فيلبس ترجمة صائبة ـ أن بطرس : انسحب وأكل منفصلاًعن الأمم، خشية ما يمكن أن يظنه اليهود . ومن هنا نستنتج أن يهود أورشليم غير المؤمنين وقفوا موقف العداء من مساعي بولس، كما فعل السواد الأعظم من إخوتهم فى الشتات.

وأمام ردود الفعل عند اليهود فى أورشليم، أدرك الرسل فى أورشليم حتمية تخفيف الصراعات التي لا داعي لها، التي يمكن أن تثور بين اليهود والكرازة المسيحية، لذلك يحتمل أن الذين جاءوا من عند يعقوب لم يأتوا بإنذار من جماعة من المتطرفين، ولكنهم جاءوا بتحذير بأن الإشاعات المتزايدة عن تآخي المؤمنين من اليهود مع الأمم غير المختونين فى أنطاكية وجنوبي أسيا الصغرى، قد وضع كل كنائس اليهودية فى موضع الخطر. ولعل بطرس رأي ـ أمام هذا الموقف ـ أنه من الأفضل أن يخفف من اختلاطه بالأمم فترة من الزمن إلى أن تهدأ العاصفة، وأن المؤمنين من اليهود فى أنطاكية مع برنابا ( غل 2 : 13 ) قد رأوا رأية أيضاً. ويجب ملاحظة أن بولس لم يتهم بطرس بخطأ فى المباديء، بل بعدم التزامه بالمبادىء التي ينادي بها ( غل 2 : 14 ـ 16 ). ويكون معنى هذا، أن تصرف بطرس ـ فى نظر بولس ـ حدث من قبيل المواءمة، وليس طوعاًلمبدأ، كما كان ينادي التهوديون. ولكن مع أن تصرف بطرس حدث من قبيل المواءمة فقط، إلا أن بولس رأى أنه يمس جوهر المبدأ، لأن التمييز بين المؤمنين من اليهود والمؤمنين من الأمم على هذا الأساس، ـ ولو وقتياًوتحت ضغط خارجى ـ معناه الشك فى حقيقة ايمان هؤلاء المسيحيين من الأمم، ودق اسفين بين الكنائس اليهودية والكنائس الأممية، لا يمكن إزالته..

وقد تبع بعض المؤمنين من اليهود فى جنوبي غلاطية رأي بولس ونادوا بأن المتجددين من الأمم لا يلزمهم أن يختتنوا وأن يحفظوا ناموس موسى، بينما جاء آخرون من أورشليم إلى أنطاكية سورية مؤكدين أنه إن لم تختتنوا حسب عادة موسى لا يمكنكم أن تخلصوا ( أ ع 15 : 1 ). أما القول بأن يعقوب وبطرس قد وقفا وراء أولئك التهوديين، فهو محض خيال لا سند له من الحقائق التاريخية، لأنه بينما كان الرسل فى أورشليم يهتمون بشدة بتخفيف التوتر بين اليهود والمسيحيين من اليهود، بقدر ما يمكنهم، فإنهم لم يكونوا مستعدين للتضحية بمباديء الإِنجيل بهدف المواءمة، إذ أدركوا ما يمكن أن يتأتى عن ذلك. وما كتبه الرسول إلى كنيسة تسالونيكى ( اتس 2 : 14 ـ 16 ) يدل على أنه اعتبر غير المؤمنين من اليهود، أشد الناس مقاومة للكرازة للأمم، وعندما يقول للغلاطيين إن هؤلاء التهوديين يريدون أن تختتنوا أنتم لكى يفتخروا فى جسدكم ( غل 6 : 13 )، فالأرجح أنه قصد أنه يصبح باستطاعتهم أن يظهروا لغير المؤمنين من اليهود أن الإِنجيل يجعل الأمم يمتون للعالم اليهودي بصلة. ولا شك فى أن أولئك التهوديين كانوا يعتقدون أنهم بذلك يرضون ضمائرهم، ولكن بولس رأى أنهم كانوا يريدون أن يعملوا منظراًحسناًفى الجسد.. لئلا يضطهدوا لأجل صليب المسيح فقط ( غل 6 : 12 ).
  رد مع اقتباس
قديم 25 - 01 - 2013, 09:21 AM   رقم المشاركة : ( 20 )
كيلارا Female
..::| مشرفة |::..


الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 1049
تـاريخ التسجيـل : Jan 2013
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : مصر
المشاركـــــــات : 10,034

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

كيلارا غير متواجد حالياً

افتراضي رد: بحث متكمل عن بولس رسول الأمم



رابعاًـ مجمع أورشليم :

إن الأسلوب الذى بدأه بولس فى رحلته الكرازية الأولي، بتبشيرة للأمم مبإشرة، أثار اهتماماًبالغاًفى أورشليم، كما أن الأمر كان يحتاج إلى توضيح فى كنائس الأمم وبخاصة فى ضوء نشاط التهوديين ودعأواهم، ولم يُحسَم الأمر إلا فى مجمع أورشليم الذي يرجح أنه انعقد فى عام 49 م، حيث صدرت قرارات كان لها أثرها الكبير سواء فى الكرازة لليهود أو كرازة بولس للأمم.

(أ) ـ القضايا إلى نظر فيها المجمع : كانت الكنيسة فى أورشليم ـ باعتبارها إسرائيل الحقيقي والبقية الأمينة ـ تتوقع أن تسير الإِرسالية المسيحية على الخطوط التي رسمها الله منذ القديم، وأن كل وجودها قائم على هذا الأفتراض، وأن تعاليمها تتضمن تلك الحقيقة، أن الإِيمان بالمسيح لا يجعل اليهودي أقل يهودية ـ فيما عدا القليل ـ بل بالحري يجعل الأمم المنتمين إلى المجامع، أقوى شبهاًبالمثل الأخلاقية اليهودية. على أي حال، لقد أكدت المسيحية ـ على الدأوم ـ ارتباطها الجوهري بديانة إسرائيل والامة الإِسرائلية، مهما تنوعت الارآء داخل الحركة ومهما اكتنفها من غموض،لذلك اعتقد الكثيرون أن أسلوب بولس الجديد ـ رغم دعواه فى أن إرساليته للأمم كما كلفه بها المسيح، وكما أقرها الرسل أنفسهم فى أورشليم ـ يضعف من الأسس التي تقوم عليها خدمة الكنيسة فى أورشليم، فأسلوب بولس لا يتمشى مع ادعائه باستمرارية إيمان إسرائيل، وموافقة المؤمنين من اليهود على شرعية هذا الأسلوب، يعَّرض جهودهم التبشيرية لنفس الاتهام أمام عيون مواطنيهم من اليهود.

وبعد مباحثات كثيرة بين بولس وبرنابا من جانب، وجماعة التهوديين الذين كانوا يدَّعون أنهم مؤيدون من الرسل فى أورشليم، من جانب آخر (أع 15 : 1و 2 )، وإذ أدركت الكنيسة فى أنطاكية أن هذه المباحثات قائمة أيضاًفى الكنائس التي تأسست فى جنوبي أسيا الصغرى، أرسلت بعثة ـ على رأسها بولس وبرنابا ـ إلى أورشليم لاستجلاء الأمور مع الرسل والمشايخ هناك. ووصل الفريق القادم من أنطاكية ومعه أخبار عن نجاح الإِرسالية المسيحية، بعد أن اجتازوا فى فينيقية والسامرة وأخبروهم برجوع الأمم (أع 15 : 3 )، أى رجوعهم على أساس الخدمة المبإشرة لهم، لأن وجود الدخلاء والمتجددين من الأمم الذين يتقون الله، لم يكن أمراًجديداًيستحق الإِخبار به فى عام 49 م. وكان هدف الوفد الأنطاكي هو استجلاء العلاقة بين سياسة الرسل فى أورشليم، سياسة المواءمة، وبين المبادىء التي ينادي بها التهوديون، لأنه قد حدث خارج أورشليم اضطراب كثير نتيجة لما كان يشيعه التهوديون بأنهم وكل الكنيسة فى أورشليم على رأي وأحد. وكان المؤمنون فى أورشليم ـ من جانبهم ـ يريدون استجلاء ملابسات الإِتصال المبإشر بالأمم، وأن يواجه بولس وبرنابا المأزق الذي وضعا فيه كنيسة أورشليم بسياستهم الجديدة.

ويبدو ان القضايا المختلفة قد تبلورت فى قضيتين :

1- شرعية الخدمة المبإشرة للأمم.

2- العلاقة بين السياسة المبنية على المواءمة، وتلك المبنية على المبدأ في مواصلة حفظ ناموس موسى.

أما القضايا الأشمل فيما يتعلق بصواب الكرازة للأمم مبإشرة بوجه عام، وضرورة التزام المؤمنين من اليهود بالحفاظ على العوائد اليهودية وعلى علاقتهم بالمؤسسات اليهودية كطريق للحياة، فيبدو أنهم اعتبروها أموراًقد سبق أن تقررت من قبل، ولو أن البعض رأوا طرحها من جديد على بساط البحث.

(ب) مسار الحوار : نجد أن الحوار المسجل في سفر الأعمال قد أقتصر على أربعة فرقاء أو بالحري أربعة أشخاص. فقال بعض المؤمنين من الفريسيين أصلاًـ دفاعاًعن وجهة نظر التهوديين ـ إنه ينبغي أن يُختنوا ( الأمم ) ويوصوا بأن يحفظوا ناموس موسى ( أع 15 : 5 ).

ويبدو من رواية لوقا أن كلمة ينبغي كانت تعني أنه أمر لائق عملياًومطلوب لاهوتياً، فالقضيتان ـ عندهم ـ صنوان لا ينفصمان. وكان جواب بطرس على ذلك أن ذكر تجديد كرنيليوس كدليل على موقف الله من قبول الأمم، وكسابقة قوية لسياسة بولس ( أع 15 : 6 ـ 11 )، فكانت حجته هي أنه حيث أن سابقة الكرازة المبإشرة للأمم قد حدثت فى داخل دائرة الخدمة المسيحية اليهودية ـ رغم أن كنيسة أورشليم لم تواصل السير على ذلك النهج ـ فإن نهج بولس ـ من جهة المبدأ ـ لم يكن شططاًثورياً.

ثم تحدث برنابا وبولس عن شهادتهما للامم فى رحلتهما البتشيرية الأولى، وبخاصة كيف وضع الله ختم رضاه بالأيات والعجائب التي صنعها الله بواسطتهم ( أع 15 : 12 ). ولابد أنهما شرحا وجوه الشبه الواضحة بين حالتي كرنيليوس وسرجيوس بولس. وممايستلفت النظر هنا هو أن برنابا يذكر قبل بولس، فلعله هو الذى تولى شرح ماقاما به في هذا المجال، إذ يحتمل إنه كان أكثر قبولاًمن بولس عند الكثيرين منهم.

ثم وقف يعقوب وبِّين انه من ناحية القضية اللأهوتية المتعلقة بصلة المؤمنين من الأمم بناموس موس : أن لا يثقل على الراجعين إلى الله من الأمم ( أع 15 : 19 )، حيث انه قد حدثت سابقة لذلك في دائرتهم هم أنفسهم، كما أن النبي عاموس ( 9 : 11و12 ) سبق وأنبأ بوضوح عن شمول البركة للأمم ( أع 15 : 13 ـ 19 ).

ومن جهة الأثر العملي لكرازة بولس، على شهادة المسيحيين فى أورشليم، وخشية أن يستخدم المؤمنون من الأمم حريتهم لزعزعة المؤمنون من اليهود، رأى أن يُطلب من المؤمنون من الأمم أ ن يحفظوا أنفسهم من :

1-نجاسات الأصنام وكل ما يتصل بها.

2-الزنا بجميع صوره.

3-الأكل من الحيوانات التي قتلت خنقاً.

4-أكل الدم ( أ ع 15 : 20 - 29 ).

وقد وافقت الكنيسة على رأي يعقوب، وأرسلت مع بولس وبرنابا يهوذا الملقب برسابا وسيلا لشرح معنى القرار للمؤمنين في أنطاكية.

( ج ) _ طبيعة القرار : كان هذا القرار متمشياًمع مبادىء يعقوب والرسل فى أورشليم كما نراها في سائر أجزاء سفر أعمال الرسل وفى الرسالة إلى غلاطية. فلم يكن ممكناًلهم أن يتجاهلوا سياق تعليم الأسفار المقدسة، ولا قبول الله القبول الواضح للأمم كما ظهر في الآيات والعجائب. ومن الجانب الآخر لم يستطيعوا تجاهل المقتضيات العملية في الكرازة لإسرائيل، دون الانحياز إلى أقول التهودين الداعية إلى الأنقسام والفرقة، فكان القرار ذا أهمية بالغة لمواصلة الكرازة للأمم.
  رد مع اقتباس
إضافة رد


الانتقال السريع

قد تكون مهتم بالمواضيع التالية ايضاً
الموضوع
(معلمنا بولس رسول الأمم) 💛
صورة بولس رسول الأمم
نقطة تحول في حياة وبشارة الكنيسة الاولى... بولس رسول الأمم
بولس رسول الأمم وبطرس رسول الختان
القديس مار بولس (رسول الأمم).


الساعة الآن 10:01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024