14 - 01 - 2014, 03:59 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
الغضب الغضب طاقة، مهما أستخدمه الإنسان كخطية. * يعتبر خطية إن أخذ طابعًا جسدانيًا نفسانيًا. جسدانيًا: إن تحول إلى نرفزة، بتوتر الأعصاب وثورتها، وعلو الصوت وهياجه، وعدم انضباط الملامح والحركات، مع أخطاء اللسان وعنف وقساوة الألفاظ.. ونفسيًا من حيث الغيظ والكراهية، والانتقام للنفس، وثورة القلب والفكر بأسلوب غير روحي، وربما يصل إلى أخطاء أشنع كالشتائم والإهانات وجرح إحساس الآخرين أو إلى الضرب.. * ومع ذلك فالغضب طاقة يمكن استخدامها للخير. وقد شرحت لكم في كتابي عن (الغضب) كيف يكون الغضب أحيانًا غضبًا مقدسًا.. وكيف أن موسى النبي الذي قيل عنه "وكان الرجل موسى حليمًا جدًا، أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (عد12: 3).. موسى هذا لما رأى الشعب يعبد العجل الذهبي، "حمى غضبه"، وأخذ هذا العجل الذهبي، وحرقه بالنار، وطحنه حتى صار ناعمًا، وذراه، وانتهر هرون رئيس الكهنة ووبخه (خر32: 19-21). إذن الطاقة الغضبية يمكن تحويلها إلى الخير. ونلاحظ أن يوحنا كاسيان كتب بابًا عن الغضب في كتابه (المعاهد) وشرح فيه أقوال الآباء في شرح الآية "اغضبوا ولا تخطئوا" (مز4). وقال في ذلك: يمكنكم أن تغضبوا ولا تخطئوا، إذا غضبتم على خطاياكم. أي أن الإنسان إذا غضب على خطاياه ونقائصه وضعفاته وسقطاته، لا يكون مخطئًا أثناء غضبه،كما أن هذا الغضب المقدس يقوده إلى أنه لا يخطئ في المستقبل. وهكذا يكون قد قام بتوجيه الطاقة الغضبية في اتجاه سليم، ضد نفسه، لإصلاح نفسه وليس ضد غيره.. ألا يدخل في هذا قول الرب أيضًا "إن كانت عينك اليمنى تعثرك، فاقلعها والقها عنك" (مت 5: 29). نحن لا نحطم الطاقة الغضبية، إنما نحسن توجيهها. الطاقة الغضبية يمكن أن تنتج الحماس، والغيرة المقدسة، والنخوة. وإن تحطمت، صار الإنسان خاملًا. بها يغضب الإنسان على الشر، كما غضب فينحاس الكاهن، وطوبة الرب وكافأه" (عد25: 6-13). وكما غضب داود ووقف ضد جليات يقاومه. وأراح الأرض من غروره وتحدياته(1صم17: 26-51). ولا يمكن للإنسان الروحي أن يرى الشر أمامه، ولا يتحرك قلبه من الداخل! فقد قيل عن القديس بولس الرسول إنه لما ذهب إلى أثينا "احتدت روحه فيه إذ رأى المدينة مملوءة أصنامًا" (أع17: 16). ولكن إذا غضب الإنسان من أجل هدف روحي، ينبغي أن تكون وسيلته روحية. لأن الهدف المقدس تناسبه وسيلة مقدسة. فلا يشتم، ولا يتكبر ويتعالى على غيره، ولا يتجاوز حدوده ولا ينساب لسانه أو قلمه بغير انضباط وفى أسلوب خارج عن الأدب واللياقة..!! وهكذا كما وجه هدف الغضب توجيها مقدسًا، يوجه وسيلته أيضًا توجيهًا مقدسًا.. |
||||
14 - 01 - 2014, 04:00 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
الطموح ليس الطموح خطية. بل هو طاقة مقدسة. به يتجه الإنسان إلى الكمال كصورة لله. لقد خلقنا الله على صورته ومثاله (تك1: 26)، والله غير محدود. لذلك وضع فينا الاشتياق إلى غير المحدود. وقال لنا "كونوا كاملين، كما أن أباكم الذي في السموات هو كامل" (مت5: 48). ويمكن توجيه الطموح في مسار روحي. وهكذا فأن بولس الرسول الذي صعد إلى السماء الثالثة (2كو12: 2-4). والذي تعب في خدمة الرب أكثر من جميع الرسل (1كو15: 10).. بولس هذا يقول "أنا لست أحسب نفسي أن قد أدركت. ولكنى أفعل شيئا واحدًا: إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام. أسعى نحو الغرض.." (فى 3: 13). هذا الامتداد إلى قدام، مصدره الطموح الروحي. الطموح إذن يؤدى إلى النمو الروحي. والطموح أيضًا يشمل الحياة كلها.. فى كل عمل تمتد أليه يد الإنسان: في دراسته، وفى وظيفته، وفى كل مسئولياته العالمية والعائلية، وكما قال القديس يوحنا الحبيب "في كل شيء أروم أن تكون ناجحًا وصحيحًا، كما أن نفسك ناجحة" (3يو2).. "في كل شيء "كما يقال أيضًا في المزمور الأول عن الإنسان المطوب "وكل ما يعمله ينجح فيه" (مز1: 3)،ونفس الكلام قيل عن يوسف الصديق (تك39: 3). والطموح روحيًا، ليس معناه أن تتفوق على الآخرين، إنما أن تتفوق موضوعيًا. ليس أن تتغلب على غيرك في العمل، إنما أن تتقن العمل إتقانًا مثاليًا. وفى نفس الوقت تتمنى أن كل منافسيك يتقنون نفس الإتقان المثالي. فالطموح لا يضيع فيك محبتك للناس. الطموح إذن هو طموح روحي، يشمل النمو الروحي المستمر في كل فضيلة. وهو أيضًا طموح روحي، يشمل النمو الروحي المستمر في كل فضيلة. وهو أيضًا طموح في كل أعمالك ومسئولياتك لتصل فيها إلى كل كمال ممكن، دون أن تصطدم بعوامل شخصية. ولا يأخذ الطموح أسلوبًا ماديًا أو عالميًا. كالطموح في الغنى والمناصب والألقاب والسلطة، ومحبة العالم، وتعظم المعيشة. |
||||
14 - 01 - 2014, 04:01 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
القوة أولاد الله ينبغي أن يكونوا أقوياء،لأنهم صورة الله القوي على أن تتجه القوة اتجاها روحيًا.. وما أجمل قول الرب "ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهودًا" (أع1: 8). وقال الكتاب: "وبقوة عظيمة كان الرسل يؤدون الشهادة بقيامة الرب يسوع. ونعمة عظيمة كانت على جميعهم" (أع4: 33). فإن كان واحد من أولادك يريد أن يكون قويًا، لا تحطم فيه هذه الرغبة..إنما وجهها توجيهًا سليمًا بأن يكون قويًا في خدمته، في إقناعه، في معلوماته، في محبته، في بذله، في تأثيره على الآخرين.. قويًا في تداريبه الروحية، في صلاته، في تأملاته.. ولا تأخذ قوته أسلوبًا شمشونيًا أو عالميًا. ولا تعنى قوته انتصاره على غيره، إنما كسبه للغير.. |
||||
14 - 01 - 2014, 04:02 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
محبة النفس هل محبة النفس خطية؟ كلا، فقد قال الكتاب "تحب قريبك كنفسك" (مت21: 39). ولكن المهم أن تتجه محبتك لنفسك اتجاها روحيًا. فتحب لنفسك النقاوة والقداسة. وتحب لنفسك أن تكون هيكلًا مقدسًا للروح القدس، وأن تنال نصيبها في الملكوت، وتكون بلا لوم أمام الله.. نفسًا منتصرة، تنضم إلى جماعة الغالبين، ويقودها الله في موكب نصرته (2كو2: 14). ولا تكون محبتك لنفسك، أن تتركها لتسلك حسب هواها. أو أن تقول كما قال سليمان "ومهما اشتهته عيناي، لم أمنعه عنهما" (جا2: 10). فمن الفضائل المعروفة، ضبط النفس. وأيضًا محاسبة النفس ولوم النفس أي تبكيتها على أخطائها.. بهذا تظهر محبتك الحقيقية لنفسك.. وليست محبة النفس هي الأنانية، أو تفضيل نفسك على غيرك. فالرب يقول "من يرفع نفسه يتضع. ومن يضع نفسه يرتفع" (مت23: 12). ويقول الكتاب "مقدمين بعضكم بعضًا في الكرامة" (رو12:10). أتحب نفسك؟ حسنًا تفعل. بهذه المحبة، قومها لترجع كما كانت صورة لله. واحترس من أن تحب نفسك محبة خاطئة..! إن كنت تحبها، أصعدها على الصليب، حتى كما تتألم معه، تتمجد أيضًا معه (رو8: 17)، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في أقسام أخرى.وحتى تستطيع أن تتغنى قائلة "مع المسيح صُلبت. فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا في" (غل2: 20). إذا أحببت نفسك، أوصلها إلى إنكار الذات، فتكون مثل المسيح الذي "أخلى ذاته" (فى 2: 7). فليست محبة النفس أن تدللها. بل أنت بهذا تضيعها. بينما العكس هو الصحيح، كما قال المسيح: "من وجد نفسه يضيعها. ومن أضاع نفسه من أجلى يجدها" (مت10:39). |
||||
14 - 01 - 2014, 04:03 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
المواهب لنفرض أن إنسانًا له موهبة في الرسم أو النحت أو الشعر أو الموسيقى أو التلحين، أو حتى في التمثيل أو الغناء أو ما أشبه.. هل نكبت عنده هذه الموهبة، ونقول له اتجاها روحيًا، على رغم أن هذه الموهبة تبعده عن الله!! كلا، بل يمكن توجيه كل هذه المواهب توجيهًا روحيًا. ونحن نحتاج إليها كلها داخل الكنيسة. نحتاج إلى أشخاص يؤلفون لنا تراتيل، وإلى آخرين يتقنون التلحين لكي يلحنوا هذه التراتيل، وأشخاص لهم مواهب صوتية وآخرين لهم قدرة على العزف، لتكوين كورال روحي.. بل نحتاج إلى إنشاء مسرح قبطي. ينتج لنا مسرحيات جميلة عن سير الشهداء وآباء البرية وباقي القديسين. ويجسم لنا تاريخنا بأسلوب مؤثر. ويمكن تسجيل ذلك كله على أفلام أو أشرطة فيديو، تعرض على الشباب والعائلات، وعلى القرى في الخدمة الريفية. وكل ذلك يلزمه مواهب التأليف والتمثيل والتلقين والإخراج، وفى المكياج والتصوير، وفى دراسة ملابس العصر وتصنيعها.. ولا نحسب أن في ذلك شيئًا من الخطأ.. إنما الخطأ هو في سوء استخدام الموهبة.. أما استخدامها بأسلوب روحي، وبهدف إنجاح الخدمة، وجذب أولادنا من حول الأفلام تتعبهم إلى أفلام أخرى تشبعهم بمشاعر روحية.. كل ذلك نافع ومفيد، وليس فيه أي خطأ،بل الخطأ هو في نقص هذا المجال.. الخطأ ليس في الفن، وإنما في الانحراف بالفن. إذن نحارب الانحراف، ولا نحارب الفن، ولا نكتب المواهب. وفى كل ذلك، فلنتذكر قول الرسول "كل شيء طاهر للطاهرين" (تى1: 15). |
||||
14 - 01 - 2014, 04:04 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
كل شيء طاهر للطاهرين نستخدم كل موهبة بطهارة، وكل صفة بطهارة. نستخدم الفن بطهارة، فيصير طاهرًا معنا. ونستخدم الغضب بطهارة، فيتحول إلى حماس روحي، وإلى غيرة مقدسة. حتى المخدرات يستخدمونها في العمليات الجراحية، فتصير في هذا المجال الطبي طاهرة للطاهرين. الخوف قد يكون نقصاَ، وقد يتحول إلى مرض نفسي. ولكن إذا حولناه إلى مخافة الله، صار طاهرًا للطاهرين. وهكذا يتحول الخوف إلى فضيلة تقي من السقوط في الخطية. الذكاء أيضًا يكون طاهرًا للطاهرين. أما لغير الطاهرين فيتحول إلى طاقة مدمرة، وإلى دهاء ودسيسة وتأمر، الحب يكون طاهرًا للطاهرين، ويتميز بالوفاء والعطاء وبالإخلاص والبذل ولكنه لغير الطاهرين قد يتحول إلى دنس، أو إلى تدليل، أو إلى أنانية مدمرة.. كل شيء نحكم عليه حسب استخدامه وحسب هدفه ووسيلته. ويمكننا بالهدف الروحي والوسيلة الخيرة، تحويل جميع الطاقات إلى الخير، وإلى بناء الإنسان وبناء الملكوت. |
||||
14 - 01 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 17 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
ما الذي يقود الإنسان في حياته في الإنسان طاقات كثيرة تتحكم في تصرفاته: منها العقل والروح والجسد والنفس والضمير والأعصاب والمواهب والقدرات والإمكانات. والمفروض في الإنسان السوي أن تتعاون فيه كل الطاقات معًا، بلا تعارض ولا تناقض. وإن كان قد قيل في الرسالة إلى غلاطية أن "الجسد يشتهي ضد الروح، والروح تشتهي ضد الجسد. وهذان يقاوم أحدهما الآخر، حتى تفعلون ما لا تريدون" (غل5: 16،17).. فإن المقصود بهذا الإنسان الروحي المبتدئ في حياة الجهاد. ولكنه حينما ينتصر في جهاده، لا يصبح في حياته صراع بين الجسد والروح، بل يتعاون الاثنان معا في عمل واحد لأجل الله.
|
||||
14 - 01 - 2014, 04:05 PM | رقم المشاركة : ( 18 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
العقل قد يقول البعض إن الإنسان يقوده عقله.. ولكن العقل ليس هو الموجه الوحيد للإنسان. فالإنسان قد توجهه عوامل نفسية، أو عوامل عصبية، أو عوامل عاطفية.. ومن الجائز أن يوجهه الضمير. وقد يفكر العقل في اتجاه، ويكون ضميره في اتجاه آخر.. والإنسان قد تقوده طباعه وتوجهه.. وقد تكون هذه الطباع راسخة منذ الطفولة، لا تتغير، ربما يعترف الشخص، ويتناول، ويصلى ويصوم، ويقرأ ويتأمل. وتبقى طباعه كما هي، أو يبقى مقودًا بعادات معينة تطغى عليه، أيًا كان اتجاه عقله أو ضميره. وقد يخطئ عقل الإنسان أحيانًا في إرشاده وحكمه على الأمور، كما يخطئ ضميره. وفى ذلك قال الكاتب: "توجد طريق تظهر للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت" (أم12:14). ومن أهمية هذه الحكمة، كررها الكتاب مرة أخرى في (أم 25:16). هذه الطريق المهلكة التي عاقبتها طرق الموت، ويكون العقل بلا شك موافقًا عليها، ويكون الضمير موافقًا عليها أيضًا، لأنها تبدوا للإنسان مستقيمة. إن سلك الإنسان حسب العقل، فأي عقل هو؟ المفروض أن يكون عقلًا سليمًا، لآن العقول تختلف في نوعيتها. قد يكون العقل أحيانًا خادمًا مطيعًا لرغبات النفس. فإن أرادت النفس شيئا، تجد العقل يزودها بأدلة وبراهين وإثباتات. ومن الجائز أن يأتي لها بأدلة أخرى من الكتاب المقدس، يفسرها بطريقة تريح نفسه بل وتريح ضميره أيضًا.. وما أسهل أيضًا أن يذكر أقوالا للآباء ربما قيلت في مناسبة معينة، ولكنه يقصها قصًا ويفصلها تفصيلًا لتناسب ما تريده نفسه،أن غضبت النفس يسير العقل في تيارها، وإن رضيت يسير أيضًا في تيارها..! لذلك فعقل الإنسان يحتاج إلى توعية. هناك أشخاص عقلهم هو الذي يتعبهم، كما أن عقل البعض يريحهم. إنسان عقلة يتعبه نتيجة لما يقدمه له هذا العقل من شكوك وظنون وأفكار، أو ما يقدمه له من مخاوف. أو نتيجة لأن عقله لا يفكر بطريقة سليمة، أو لا يضع في اعتباره نتيجة ما يطرحه من أفكار.. عقلة عبارة عن دوامة، أن دخل فيها يغرق، ولا يقر له قرار.. وعقل الإنسان قد يتعبه، إذا كان في طبعه شيء من التشاؤم أو القلق، أو تصور الضرر حيث لا يوجد ضرر، أو التفكر في الضياع أو الموت أو المستقبل المظلم بغير ما سبب يدعو إلى ذلك. هناك أشخاص يعمل عقلهم على تكبير المشاكل. بحيث تأخذ حجمًا أكثر من حجمها الطبيعي، وبحيث تشكل خطورة موهومة.. أو أن عقلهم يخلط الأمور معًا، ويربط بين الأحداث وبعضها بطريقة تعقد الأمور وتسئ إلى العلاقات..! ويجمع بين أحداث مضت من زمن طويل، يضيف إليها تخوفات من مستقبل مبهم. وفى كل ذلك يضغط على نفسيته بطريقة تفكيره. أو إنسان يتعبه عقله من عقدة اضطهاد موجودة عنده، يتصور فيه أن كل الذين حوله لا يحبونه. كأن تتخيل ابنة أن أبويها يحبان أختها أكثر منها.. أو إنسان يتعبه عقله لارتباطه بالخيال. إما بخيال أثيم يتأمل فيه صورًا من الخطايا يلذذ بها مشاعره، أو خيال حالم يسمونه (أحلام اليقظة)، يعيش به في الأماني والرغبات بعيدًا عن الواقع الذي يحققها. ويكتفي بالخيال يسعد به نفسه -دون عمل- ويضيع به وقته! بشهوة في المناصب، أو في الألقاب، أو الغنى.. وهناك إنسان يسد العقل له أمامه الطريق. ويخيل أحيانًا أنه لا خلاص (مز3)، وربما يقوده إلى الانتحار نتيجة لليأس، وعجز العقل عن الوصول إلى حل، مع رفض العقل أيضًا أن يكشف مشاكله إلى مرشدين لحلها. عكس ذلك إنسان عقله يريحه. فيحل له مشاكله بأسلوب سليم، وبذكاء وحكمة. بل أيضًا يساعده على حل مشاكل الآخرين. حتى الفلاسفة!! أحيانًا تكون نقطة البدء عند بعضهم خاضعة لتأثيرات عديدة!! وربما لا تكون فلسفة بعضهم عقلية خالصة، إنما متأثرة في أساسها بعوامل عائلية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، شكلت عقله تشكيلًا خاصًا بنى عليه كل فلسفته. يندر أن يكون العقل عند الغالبية عقلًا مجردًا. فالعقل لا يعمل وحده، بل تتداخل معه عوامل أخرى. منها التقاليد مثلًا، والبيئة، والعادات الموروثة. |
||||
14 - 01 - 2014, 04:06 PM | رقم المشاركة : ( 19 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
التقاليد هذه التقاليد ترغم العقل على تصرفات معينة. مثال ذلك تزويج الابنة الكبرى قبل أخوتها مهما عرضت على هؤلاء الأخوات من زيجات ممتازة. فتجد الأب يرفض بغير سبب عقلي، إلا خضوعه للتقاليد! وهكذا فعل لابان في تزويج ليئة قبل راحيل (تك29: 22-27). ضميره وعقله دفعاه أن يفعل هكذا، ولو بالغش والخداع!! وكثيرًا ما تكون الأخت الصغيرة ضحية لخضوع عقل أبيها للتقاليد، وبخاصة لو كانت أجمل من أختها الكبرى. وما أكثر ما يضيع الناس أموالًا بسبب التقاليد المتبعة في حفلات الخطوبة والزواج، أو في التقاليد الخاصة بالجنازات، أو الأعياد.. الخ. وقد ينصح العقل بغير ذلك ولا يستطيع لأنه خاضع للتقاليد.. لهذا كله قال الكتاب "وعلى فهمك لا تعتمد" (أم5:3). من أجل هذا أوجد الله المرشدين الروحيين والقادة. وأصبح العقل محتاجًا أن يخضع إلى الإرشاد لقيادته. |
||||
14 - 01 - 2014, 04:07 PM | رقم المشاركة : ( 20 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب من هو الإنسان؟ - البابا شنوده الثالث
الإرشاد قد لا يستطيع الإنسان أن يخضع تمامًا لفهمه الخاص في قيادته، ولا حتى لضميره، لنقص في قدرة كل منهما أو لأنه يحاول أن يشكل عقله وضميره بالطريقة التي تريحه. فهو يحتاج إلى عقل آخر إلى جوار عقله غير خاضع للتأثيرات النفسية. كذلك يحتاج إلى ضمير صالح إلى جوار ضميره، إن كان ضميره ليس خالصًا في أحكامه، لذلك يقال: الذين بلا مرشد يسقطون مثل أوراق الشجر. فالإرشاد لازم لإنقاذ الإنسان من خضوع عقله لرغباته! فالعقل ورغبات النفس يتعاونان بطريقة (شلني وأشيلك).. فكل منهما يسند الآخر في الوصول إلى ما يريد. |
||||
|