|
رقم المشاركة : ( 1 )
|
|||||||||||
|
|||||||||||
روح الشباب الشباب روح وفكر وليس سنًا معينًا، فقد تجد صبيًا صغيرًا حطمته شيخوخة النفس الداخلية بروح يائسة، بينما تجد شيخًا تمتلئ حياته شبابًا وحيوية. سيرة القديس إكليمندس -من رجال القرن الثاني- في شبابه متعطشًا إلى ما يروي أعماقه ويشبع فكره وأحاسيسه وعواطفه. قام برحلات باهظة يطلب الشبع في كثير من دول العالم، وأخيرًا أستقر في الإسكندرية حيث ألتقي بالقديس بنتينوس الفيلسوف، خلاله أدرك "سر الشبع الحقيقي، إذ وجد السيد المسيح مُشبعًا لحياته الشابة الطموحة، فقال: (يحتاج المرضى إلى طبيب، والضالون إلى مرشد، والعميان إلى من يقودهم إلى النور، والعطاش إلى الينبوع الحيّ الذي من يشرب منه لا يعطش أبدًا، والموتى إلى الحياة، والخراف إلى راع، والأبناء إلى معلم؛ تحتاج كل البشرية إلى يسوع (1)). بلقائه مع السيد المسيح أحسّ هذا الفيلسوف الطموح في مسيحه سر شبع داخلي مع تجديد في المفاهيم، نذكر منها: 1- روح الفرح بلا تشاؤم صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع 2- كل شيء جميل لم ير القديس إكليمندس شيئًا شريرًا في ذاته، بل كل ما خلقه الله حسن ومتناغم معًا. فالغنى والممتلكات والفلسفة والمعرفة الخ... هذه جميعها هبات إلهية، إن تقدست قادت الإنسان إلى فرح حقيقي في الرب. ما أجمل عباراته: "الله يحب كل ما خلقه"، "الله لا يبغض شيئًا، ولا يحمل عداوة ضد شيء ما". هكذا الشاب الحيّ الذي يسلك بروح مسيحه يحمل نظرة قدسية مفرحة نحو كل ما في العالم: نحو الجسد وأحاسيسه وعواطفه وطاقاته؛ نحو الزواج بعلاقاته القلبية والجسدية، نحو الحياة الاجتماعية الخ... هذا ما يؤكده القديس إكليمندس بقوة بفكر إنجيلي. 3- الحرية الإنسانية حدثنا القديس إكليمندس عن "الحرية الإنسانية" وتقديس الله لها، فقد خلق الإنسان كائنًا حرًا. قدم له الحرية في أكمل وجه. لا يُلزمه بعمل ما أو يمنعه عن تصرف معين، حتى ترك للإنسان الحرية إن أراد أن يقاوم الله نفسه أو يهاجمه أو ينكر وجوده. يتركه في كمال حريته، لكنه كأب محب يوجهه دون أن يُلزمه، يقدم له نعمته المجانية وإمكانياته القادرة على تجديد طبيعته حتى إرادته دون قهر. شبابنا يطلب الحرية التي يحطمها أحيانًا حتى الآباء ورجال الدين بينما يبقى مسيحنا يطلب حريتهم! شبابنا في عوز إلى قوة تسندهم، ومسيحنا يترفق بهم في ودٍ يسندهم! 4- أبّوة! أما ما سحب قلب القديس إكليمندس فهو "أبّوة الله" الفائقة، فنحن بالطبيعة غرباء عن اللاهوت، لكنه يحبنا، ويبقى في حبه يضمنا، ليقيمنا أبناء له، نقتنيه بالحب إذ يقتنينا هو أولا بحبه، نحمله فينا إذ يحملنا نحن إلى أحضانه، ينزل إلى قلوبنا ليعلن أبوته وصداقته ويرفعنا إلى أمجاده لنبقى معه أحبا إلى الأبد. أيها الشاب، أيتها الشابة، مسحينا محب للشباب، لا ليكتم أنفاسهم أو يحكم حريتهم، بل ليقيمهم بالحق أبناء الله الأحرار (يو36:8)، يعاملهم كأشخاص لهم كيانهم وشخصياتهم ومواهبهم وقدراتهم الخاصة، يكشف لهم عن أبوته الحانية، يملأهم طموحًا، ويشبع حياتهم، ويروى كل ظمأ فيهم. حقًا لقد كشف كثير من علماء النفس والمهتمين بشئون الشباب عن ما يتعرض له الشباب من متاعب خاصة من البالغين الذين لا يدركوا نفسية الشباب ورغبتهم في النمو المستمر والتمتع بالحرية الشخصية،أقول إن شبابنا في حاجة إلى شخص السيد المسيح نفسه القريب إلى كل نفس، أقرب إليها من كل صديق. هو سند لكل شاب، مُفرح القلوب، ومُقدس للطموح، ومُشبع لكل مطلب خفي وظاهر. __________________ (1) Paedagogus 2:9. (2) See our book: The Divine Providence, Ottawa 1987. |
12 - 12 - 2013, 01:36 PM | رقم المشاركة : ( 2 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا تهدروا كرامتي! إذ يبلغ الإنسان مرحلة المراهقة المبكرة يبدأ يودع الطفولة بلا أسف، لا لشيء إلا لأنه يود أن يمارس حياة البلوغ كما يراها هو. إنه يود تأكيد شخصيته أمام نفسه وعائلته وأصدقائه. فحين يُطالب المراهقون بالالتزام بموعد معين للعودة إلى المنزل أو يتدخل الآباء في اختيار الأصدقاء أو الحدّ من الإطالة في المكالمات التليفونية أو الحث على الدراسة أو اختيار موديلات معينة للملابس أو صف الشعر الخ... مثل هذه التصرفات يحسبها الآباء علامة حب واهتمام بأبنائهم بينما يراها المراهقون إهدارًا لكرامتهم وكيانهم الشخصي، يحسبونها تحطيمًا لحريتهم بل وانتحارا اجتماعيا أقسى من موت الجسد. هذا ما يدفعني للحديث عن "شخصية الشاب"، خاصة في سن المراهقة، وتكامل جوانبها، مع استمرارية نموها. هنا أود توضيح أن شخصية المراهق هي محصَّلة عوامل كثيرة، أهمها: الطبيعة الإنسانية ذاتها خاصة في سن المراهقة، وظروف المجتمع الذي يعيش فيه المراهقون. فمن جهة العامل الثاني، نجد الاختلاف واضحًا بين شخصية المراهق الذي ينشأ في مصر مثلًا عنه في شمال أمريكا. ففي مصر يشعر الآباء بالضرورة الملحة أن يحصل الأبناء على درجات علمية جامعية حتى يستطيعوا اقتحام الحياة العملية، فيدفعونهم على الدراسة ربما على حساب طاقتهم الصحية أو تنمية مواهبهم الفنية وقدراتهم الخاصة، أما في شمال أمريكا حيث إمكانية العمل متوفرة للمواطنين دون الحاجة إلى درجات علمية لذا يعطى الآباء اهتماما خاصًا بتنمية مواهب أبنائهم من سباحة وموسيقى وحب القراءة الخ... الأمور التي تسند أولادهم في سن المراهقة من الانحراف إلى حد ما. هذا الاختلاف بين التربية في البلدين ينعكس على حياة المراهق وتكوينه الشخصي. غير أن عاملًا آخر يشترك فيه المراهقون في العالم كله له أثره العميق على شخصية المراهق، ألا وهو الطبيعة الإنسانية بسمِاتها الخاصة بهذه المرحلة. أقصد بذلك نمو الجسد السريع، وظهور عواطف ومشاعر جديدة، ورغبة في الاستقلال وممارسة الحرية. حقًا يختلف المراهقون فيما بينهم من جهة الدرجة، لكن هذه السَّمات أمر حيوي يمس غالبًا حياة كل المراهقين، حتى ليحسب المراهقون أن الحياة كلها جنس وعاطفة. قبل الحديث عن الجنس في نظر المراهق أود توضيح أهمية تكامل شخصية المراهق من كل جوانبها. لقد نوقش هذا الموضوع في خلوة مبسطة مع بعض شبابنا القبطي من أتاوا ومسيساج بكندا في أغسطس 1987، لهدفين: الأول: يمثل هذا الشباب الجيل الأول الذي نشأ في الكنيسة القبطية خارج مصر يلزم أن يتهيأ هذا الجيل ليتخرج منه بعض القيادات الكنسية القبطية بالخارج، من أسقف وكاهن وراهب وراهبة وشماس وخدام وخادمات تربية كنسية أو من الشعب. هؤلاء يلزمهم أن يحملوا رسالة الشهادة للروحانية الأرثوذكسية في الغرب. يليق بهذه الشخصيات أن تكون متكاملة وقوية، تعرف كيف توازن بين احتياجات الطبيعة البشرية المتجددة من كل جوانبها بدون تطرف. الثاني: يحتاج هذا الجيل إلى مناقشة صريحة عن الحياة المسيحية، فهو جيل يعيش في الغرب بكل ثقافته وفكره بينما يتربى على أيدي والدين مصريين جاءوا إلى أرض المهجر من أجل مستقبل أفضل لأبنائهم، لكنهم في تخوّف شديد على روحانية أولادهم،يستخدم البعض أسلوب الحزم الشديد مع أبنائهم خشية انحلالهم وانحرافهم عن الحياة الإنجيلية المقدسة، بينما يستخدم البعض أسلوب التهاون الشديد حتى لا يفلت زمام سلطانهم على توجيههم. وفريق ثالث يقف في حيرة بين الحزم والتهاون! على أي الأحوال، أود الحديث الآن لا مع الوالدين وإنما مع الجيل الجديد نفسه ليدرك سر نمو شخصيته، فيحقق رسالته. ما أود أن أكرره هو أن هذا الحديث موجه لكل شبابنا في مصر كما في الخارج. فإنه وإن اختلفت البيئة، لكن يبقى الشباب في كل المجتمعات وعبر كل الأجيال له طبيعته الفريدة واحتياجاته التي تختلف في المظهر الخارجي لكنها واحدة في داخل النفوس. |
||||
12 - 12 - 2013, 01:38 PM | رقم المشاركة : ( 3 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
تحمل جنسًا... لكنك لست جنسًا مجردًا! صورة: مثل الخمس عذارى الحكيمات و الخمس الجاهلات - العذارى الحكيمات والعذارى الجاهلات إن كان الجنس بما يضمه من عواطف يمثل الدور الرئيسي في حياة الشباب، حتى يصير أحيانًا القائد الأوحد لكل أفكارهم ورغباتهم وسلوكهم. فنجد البعض في مبالغة وتطرف ينغمسون في ممارسة الجنس ويُبتلعون في العاطفة، كأن هذه الأمور تمثل حياتهم كلها، وذلك على حساب دراستهم أو تنمية مواهبهم، وعلى حساب علاقاتهم الأسرية والاجتماعية، متجاهلين أيضًا علاقات الودّ مع الله والتمتع بالشركة معه، والدخول في الصداقة الإلهية، غير مبالين بمستقبلهم الأبدي وميراثهم السماوي. هذا ويلجأ آخرون أحيانًا إلى تطرف آخر، متطلعين إلى "الجنس" كنجاسة يجب الخلاص منها، والعواطف كخطايا يجب كتم أنفاسها، فيحطم الإنسان كل حيوية فيه وكل نمو تحت ستار العفة الظاهرة وشكليات الطهارة غير الصادقة. أما الشباب الروحي فهم الذين ينعمون بروح التمييز، يسلَّمون كل حياتهم وطاقاتهم وغرائزهم وعواطفهم بين يدي الروح القدس، لا لتحطيمها وإنما لتقديسها، فيدركون سرُ تكامل الشخصية ونموها، ناظرين إلى حياتهم ككل في قدسية وتقدير، فلا ينقسم الإنسان على نفسه، ولا يعيش بروح الدمدمة القاتل. يليق بنا جميعًا أن ندرك أن لكل إنسان حياته الواحدة المتكاملة بلا تجزئة، إذ لا نستطيع أن نقسم حياتنا إلى أجزاء مستقلة: حياة بدنية، وأخرى سيكولوجية، وثالثة عقلانية، ورابعة اجتماعية ثم عاطفية وجنسية وروحية. إنما هي حياة واحدة تمس كياننا كله، نعيشها في البيت كما في المدرسة أو العمل أو في الكنيسة. نعيشها حين نختلي بأنفسنا أو كنا في صحبة الغير، حين نأكل أو ننام أو نفكر أو نمارس رياضة أو ننشغل ببحث علمي أو نتعبد لله،هذه الحياة الواحدة لها جوانبها المتباينة، لكنها جوانب متكاملة ومتلاحمة معًا كما في نسيج واحد، يستحيل تجزئتها. كل جانب له فاعليته على الجوانب الأخرى، بل على الحياة ذاتها في مجملها. لهذا فكل نمو متزن في جانب ما يعكس في الغالب نموًا وتقدمًا على الجوانب الأخرى. ما دمنا نتحدث عن الحياة البشرية المتكاملة يليق بنا أن نشير إلى كلمة الله الذي صار إنسانًا كاملًا يمارس حياتنا البشرية الكاملة، حمل طبيعتنا في جملتها لكي يُصلح حياتنا من كل جوانبها، مٌقدسًا الجسد بكل حواسه والنفس بكل طاقاتها والروح بكل إمكانياتها. وكما يقول القديس كيرلس الكبير إنه مخلص الطبيعة البشرية كلها، نفسًا وجسدًا. |
||||
12 - 12 - 2013, 01:40 PM | رقم المشاركة : ( 4 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
أرع جسدك ولا تؤلهه! 1- قبل التجسد الإلهي وُجد في العالم اتجاهان متطرفان من جهة النظرة للجسد، فقد أحتضن بعض الفلاسفة الاتجاه الغنوسي، متطلعين إلى الجسد كعنصر ظلمة، لذا نادوا بضرورة تحطيمه. آخرون أقاموا من الجسد إلهًا يتعبدون له، خاصة للأعضاء التناسلية إذ وُجدت ديانات تتعبد للأعضاء التناسلية للرجل Phallic religions يكون مصدر الحياة وأخرى ديانات نسائية تجعل من رحم المرأة وصدر الإلهة مصادر الحياة (1). لقد أُقيمت تماثيل لرجال ونساء في حالة عري، كما مارست بعض الكاهنات الزنا في المعابد باسم الآلهة. جاء رب المجد يسوع، خالق الجسد ومخلصه، يرفع من شأن الجسد إذ لم يستنكف منه بل تأنس وتجسد. حمل ناسوتنا ككل ليخلصه، وليس ليخلص النفس وحدها. بهذا وهبنا مخلصنا نظرة قدسية لأجسادنا كما لأجساد الغير. ففي المسيح يسوع نعتني بالجسد ونربيه (أف7:5)، هذا الذي سيقوم ويشارك نفس الأمجاد السماوية. بهذه النظرة يتطلع الإنسان إلى غيره لا كأجساد جميلة تحقق له لذة مؤقتة وإنما بالأحرى هم أعضاء جسد المسيح (1كو15:6) وهيكل للروح القدس (1كو19:6؛ 16:2، 17). 2- جاء كلمة الله المتجسد، خالق الإنسان، إلى عالمنا يشفى الأجساد كما النفوس والأرواح. لقد صنع أشفية بلا حصر، واهبًا تلاميذه سلطانًا وقوة لشفاء الأمراض باسمه (مت1:10). طلب القديس يعقوب من المؤمن في مرضه أن يستدعي قسوس الكنيسة للصلاة من أجله ودهنه بالزيت المقدس لشفاء جسده، جنبًا إلى جنب مع شفاء نفسه باعترافه عن خطاياه (يع14:5-16). القديس يعقوب الرسول صورة رائعة تكد نظرة السيد المسيح وكنيسته للمؤمن لا كنفس تلبس جسدًا كأنه غريب عنها، وإنما الجسد يمثل جزءًا لا يتجزأ من كيان الإنسان، له دوره ومطالبه، يتفاعل مع النفس في وحدة وتناغم. إذن، فالشاب الحيّ الذي يبغي شخصية سوية متكاملة ونامية يلزمه أن يتطلع إلى جسده كما إلى أجساد الغير في قدسية، كهيكل الرب نفسه، يهتم به ويربيه في أتزان وتقدير. لا ينظر إلى جسده كمصدر شر بل كعطية إلهية صالحة، بدونه يفقد الإنسان حياته على الأرض، من خلاله يمارس أعماله اليومية المادية والفكرية والروحية والاجتماعية والأسرية. من خلاله تعمل النفس كما الفكر والقلب في انسجام متناغم معًا، ليصدر كل عمل أو قول أو فكر أو عاطفة عن الإنسان بكليته. إن أردت أيها العزيز أن تكون شخصية قوية، لا تحتقر جسدك، ولا تستخف بدوره، ولا تتجاهل قدراته، فإنه لا وجود لك هنا بدونه، وليس لك القدرة على التعامل حتى مع الله غير المنظور بدونه. اهتمامك به هو اهتمام بشخصك ما دمت تسلك بروح الحكمة والاتزان. لا نعجب إن رأينا القادة الروحيين أنفسهم يهتمون بأجسادهم في الرب. ينصح القديس بولس تلميذه تيموثاوس: "الرياضة الجسدية نافعة لقليل" (1تي8:4). قيل أيضًا أن صيادًا شاهد الإنجيلي يوحنا يداعب حمامًا زاجلًا فدُهش. لكن القديس أمسك بقوس الصياد وصار يشد وتره حتى اضطر الصياد أن يطلب منه التوقف عن ذلك حتى لا ينقطع الوتر. عندئذ قال له القديس بأنه هكذا يخشى هو أيضًا من أن يشد على جسده لئلا يتحطم، إذ يليق بالإنسان الروحي ألا يتجاهل راحة جسده؛ هذا ما دفعه لمداعبة الحمام الزاجل. وفى العصر الحديث رأينا قداسة البابا كيرلس السادس -نَّيح الله نفسه- الذي عُرف بجديته في الحياة الروحية، ممارسًا التسبحة كل صباح والقداس الإلهي غالبًا كل يوم، ومع ذلك كثيرًا ما كان يذهب إلى دير القديس مارمينا العجايبى بمريوط حيث كان يخرج عند الغروب ليتمشى في الصحراء بمفرده وقتًا ليس بقليل، يَسبَح في تأملاته الروحية وصلواته، ممارسًا رياضتي الجسد (المشي) والروح. 3- إذ تتطلع الكنيسة الأرثوذكسية إلى الجسد في قدسية خاصة لا تحرمه من مشاركته الروح والنفس في العبادة،.فالإنسان الروحي وهو يعبد الله بالروح (يو24:4) يمارس هذه العبادة بكل طاقاته: بجسده وروحه وعقله وعواطفه الخ... مثل هذه العبادة ترفع من شأن الجسد ليمارس الروحيات بروح الله الساكن في الإنسان بكليته، وليس في النفس وحدها. هذه العبادة الروحية التي يساهم فيها الجسد في تناغم مع النفس تحت قيادة روح الله لها فاعليتها حتى على سلامة الجسد نفسه. كلنا نعلم ما للأصوام والمطانيات مع بهجة القلب الداخلي أثناء العبادة من انعكاسات طيبة على الجسد نفسه. يقول الحكيم: "القلب الفرحان يطيب الجسم، والروح المنسحقة (المحطمة) تجفف العظم" (أم22:17). 4- ما دمنا نتحدث عن دور الجسد في نمو شخصية الإنسان أو تكاملها بكونه عنصرًا حيويًا في الكيان الإنساني، يلزمنا أن نشير هنا إلى ما يصيب بعض المراهقين -حتى في البلاد المتقدمة- من شعور داخلي بالذنب حين يجدون تغيرات سريعة تحدث بالنسبة لأجسادهم تصحبها عواطف جديدة ومشاعر تجاه الجنس الآخر. يشعر المراهقون أحيانًا بالخجل من مناقشة هذه الأمور في صراحة ووضوح مع والديهم أو مرشديهم. هنا يجب أن تدرك الأسرة والمدرسة كما الكنيسة دورهم في تأكيد أن هذه التغيرات هي عطية إلهية صالحة، خلالها يودع المراهقون الطفولة، وينعمون بالنمو، ويتقبلون نوعًا من النضوج أو البلوغ يتحقق على مراحل وليس دفعة واحدة. هذه التغيرات تهيئ الجنسين لإقامة عائلات جديدة وممارسة الحياة الوالدية (الأبوة والأمومة)، متى وُجهت بروح الله القدوس، الذي لا يحطم هذا النمو الجسدي والعاطفي بل يقدسه ويوجهه للبنيان. ما أحوج أن يدرك الشباب في دور المراهقة غاية هذه التغيرات، فيتقبلونها بفكر متسع وقلب منفتح، يرون فيها علامة البدء في نمو شخصياتهم ككل وليس إشباعًا للذات الجسدية في استهتار بلا تدبير. |
||||
12 - 12 - 2013, 01:41 PM | رقم المشاركة : ( 5 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لست قبيحًا... أهتم بنموك النفسي جاءتني فتاة في حالة تعب نفسي مُر وقد اتسمت بشيء من الجمال، وغذ أخذتُ أحاورها في محبة الله ورعايته في كل جانب من جوانب حياتنا... إذ بها في خجل قالت لي إن هناك أمرًا يصعب عليّ أن أتحدث فيه مع أحد... وبعد لحظات، في صوت خافت قالت: إنني أُعاني من الشعور بالقبح... هذه ليست حالة فردية لكننا نجدها متكررة بين الشباب من الجنسين، فكثيرًا من الفتيات الجميلات يشعرن في أعماقهن أن الشباب يتملقهن لكنهن لسن جميلات، وأيضًا بالنسبة للياقة البدنية للشبان أو القدرة على الذكاء أو ممارسة الملاطفة الخ... هذه المشاعر تحطم نفسية الشباب. تحدثنا في مقدمة هذا الكتاب عن الضغوط النفسية التي يتعرض لها المراهقون، خاصة شعورهم بالنقص وإحساسهم بالعزلة القاتل. هذه الضغوط تصيب الغالبية العظمى من المراهقين في البلاد المتقدمة كما النامية أيضًا، لا أبالغ إن قلت إنها تصيب الإنسان بوجه عام من فترة إلى أخرى بدرجات متفاوتة، لكنها تقسو جدًا على المراهقين. يقول الدكتور دوبسون James Dobson في تسجيلاته وفي كتابه عن "الإعداد للمراهقة" بأن الشعور بالنقص أو بالإرجاء أو بالفشل أو بالتفاهة مُدمَّر للشخصية. ثمانون في المائة من المراهقين ساخطون على بعض ملامحهم البدنية، إذ يشعرون أنهم غير جذابين بل وقبحاء، هذا الأمر يمثل مشكلة تشغلهم غالبية الوقت (2). يظن هؤلاء المراهقون بأن الجنس الآخر لا يحبهم. وقد قدم الدكتور دوبسون عاملين آخرين يثيران هذا الشعور هما إحساسهم بقلة الذكاء أو نقص مواردهم المادية. هذه المشكلة التي تبرز بقوة في أعماق المراهقين يعاني منها حتى الإنسان البالغ مهما كان مركزه الأدبي أو العلمي أو المادي أو البدني إذ يشعر دائمًا بالعَوَز، لأنه مخلوق إلهي يطمح إلى اللانهائيان. قد يعتز الإنسان بذاته أو قدراته أو مواهبه أو سطوته، وربما يعشقه الملايين أو يحترمونه ويكرمون فّنه أو علمه... لكنه يتصاغر جدًا في عيني نفسه، إذ يشعر بفراغ شديد في داخله لا يستطيع أحد أن يملأه. هذا ما يدفع بعض مشاهير الفنانين أحيانًا إلى الانتحار. على أي الأحوال، اهتم الله منذ بدء خلقة الإنسان أن يهبه نموًا لنفسيته، ليعيش بشخصية سوية، لا يحطمه الشعور بالنقص، إنما على العكس يعتز بنفسه بكونه قد وُهب الكثير من القدرات ولم يُترك في عوز إلى شيء. يذكر سفر التكوين أن الله وهب الإنسان سلطانًا على كل الأرض (تك26:1)، كما وهبه القدرة على التعقل والتفكير مع الحرية، فأعطى آدم أسماء لكل الخليقة دون خبرة سابقة له (تك19:2). عندما سقط موسى النبي تحت هذا الشعور بالنقص وهو في حوالي الثمانين من عمره، إذ أراد التنحي عن العمل القيادي بسبب ثقل لسانه، مرددًا: "استمع أيها السيد، أرسل بيد من ترسل" (خر13:4)، لم يتركه الله يتحطم بهذا الشعور، بل قدم نفسه عونًا له، قائلًا: "أنى أكون معك... وأنا أكون في فمك وأعلمك ما تتكلم به" (خر12:13). إذ شعر بالنقص بسبب ثقل لسانه، تقدم الله نفسه خالق اللسان ليكون في فمه يتكلم فيه! وعندما عانى إرميا من ذات الشعور تدخل الله، قائلًا: "لا تقل إني ولد... لأني أنا أكون معك لأنقذك" (إر7:1،8). صديقان مسيحيان، الصداقة المسيحية، صداقة روحية، بجانب الصليب والكتاب المقدس - رسم أمجد وديع يظهر اهتمام الله بنفسية شعبه بتقديمه المن في البرية لإشباع جسدهم، "والفرح" لإشباع نفوسهم حتى يستطيعون مجابهة المصاعب بنفس متهللة سوية، إذ قيل "أشبعنا بالغداة من رحمتك فنبتهج ونفرح كل أيام حياتنا" (مز14:90). أما علاجنا النفسي فجاء متكاملًا مع العلاج الروحي بتجسد كلمة الله، إذ صار واحدًا منا، يحمل ذات طبيعتنا، ويشاركنا حياتنا على الأرض. بهذا أعاد الخالق للبشر ثقتهم في أنفسهم وتقديرهم لإنسانيتهم، فأدركوا في كلمة الله المتجسد أنهم ذوو شأن. حلَّ ابن الله القدير بيننا وفينا، واهبًا إيانا -خلال المعمودية- التبني للآب، فكيف نشعر بعد بالنقص؟ أعطانا الحب كله على الصليب، فماذا يعوزنا بعد؟ يقول الرسول بولس: "الذي لم يشفق على أبنه بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء؟!" (رو32:8). في اهتمامه بنفسية كالإنسان جاء يترفق بالمطرودين والمرذولين من برص ولصوص وزناة وعشارين ومجانين،حقًا إنه يبغض الخطية ولا يطيقها، لكنه يحب الخطاة والمرضى ليشفيهم. رفع أيضًا من نفسية الأطفال والنساء، كأشخاص لهم حقوقهم كأعضاء في الكنيسة على قدم المساواة مع الرجال البالغين، لهم حق العمل لتحقيق أهدافهم بما يناسب قدراتهم ومواهبهم. حين كان صبيًا قال لأمه: "لماذا كنتما تطلبانني؟! ألم تعلما أنه ينبغي أن أكون في ما لأبي؟! (لو49:2) يرى بعض الدارسين في هذه الكلمات ثورة في عالم الطفولة. فالطفل شخص له كيانه وشخصيته ودوره في الحياة. لقد خضع السيد لأمه (لو51:2)، وفي نفس الوقت يحقق رسالته. ليت كل شاب يدرك أن الله الذي خلقه يهتم بحياته ليس فقط من الناحيتين البدنية والروحية بل وأيضًا النفسية، إذ يريده عضوًا حيًا، ذا نفس سوية. الله لن يترك المراهقين يحطمهم الشعور بالنقص، ويقتلهم الشعور بالعزلة، إذ يقدم لهم الكثير، منه: (أ) يقدم نفسه صديقًا شخصيًا ملاصقًا لكل أحد، حتى يبدو للإنسان كأن الله لا ينشغل إلا به كما شعر القديس أغسطينوس حين دخل دائرة حب الله. بثقة وفرح يترنم الإنسان، قائلًا: "حبيبي لي وأنا له" (نش 16:2). جاءنا كلمة الله متأنسًا ليقيم صداقة إلهية على مستوى فريد مُشبع لكل شخص، إنه الصديق الذي يدخل إلى الأعماق ويدرك حقيقة أحاسيسنا، لا يتجاهل مشاعرنا ولا يهيننا مهما كانت ضعفاتنا. على العكس نراه دائمًا يشجع ويسند مؤكدًا تقديره لشخصية كل أحد. (ب) جاء ينتزع روح اليأس وعدم الرجاء، إذ يُبرر ما هو صالح وجميل في حياة الإنسان مهما بلغ شرَّه. فلا يشعر الإنسان أنه في عوز إلى جمال أو حكمة بطريقة محطمة، كما لا يشعر أنه في عوز إلى من يرد إليه الثقة في نفسه. (ج) بكونه الخالق يمسك بأيدينا ليسحبنا من الانشغال بالظروف الخارجية موجهًا إيانا إلى كياننا "core self" أو إلى إنساننا الداخلي "inner man"، ليعلن ملكوته المفرح فينا، نعتز بالمجد الداخلي الذي يقيمه في أعماقنا، والتجديد الداخلي الذي يحققه بروحه القدوس (كو 10:3، 2كو16:4). ليت كل البشرية -بما فيها من مراهقين- يدركوا حب الله للإنسان، إذ يهتم حتى باحتياجاته النفسية. يقابل هذا الحب بالحب فيراعي نفسية الآخرين. بمعنى آخر إن كان الله يهتم بنفسيتنا هكذا يليق بنا أن نهتم بنفسية إخوتنا. فالشاب (أو الشابة) الذي يلهو بمشاعر آخر من ذات الجنس أو من الجنس الآخر لإشباع عاطفته الذاتية وتحقيق الأنا ego تحت ستار الحب أو الصداقة، على حساب مستقبل الغير وسلامته الداخلية، إنما يعزل نفسه بنفسه عن روح مسيحه. جاءت فتاة إلى كنيستنا بلوس انجلوس لتتعرف علينا، إذ سمعت الشعب يتحدث العربية، وهي من أصل عربي وُلدت في أمريكا. لم تكن تؤمن بالله لأنها لم تجده في قلبي والديها أو قلوب من التقت بهم. عاشت مع أكثر من شاب لسنوات أحيانًا ولشهور أحيانًا أخرى، في حياة لهو مستمر، سألتها عن شعورها الداخلي من جهة حياتها، فأجابت في صراحة إنها لا تشعر بالطمأنينة والضمان، فهي تعيش مع شاب لسنوات قد يتركها أو تتركه. حياتها في الظاهر مملوءة بهجة تلاطف الغير والغير يلاطفها، لكن بحسب كلماتها الصريحة إن أعماقها مملوءة سًا وقلقًا. حين تحدثت معها عن أبّوة الله دُهشت لسماعها عبارة "الأبوة"، فإنها لم تذقها قط؛ والدها مطلق يعيش في ولاية لا تعرفها، وأيضًا لا تعرف أين والدتها. سألتها أما تسأل عنهما؟ أجابت: ولمَ أسأل، إن كان أحدهما مريضًا توجد مستشفيات. مسكينة مثل هذه الفتاة التي لم تختبر صدق الحب الباذل في والديها ولا في أصدقائها، ولم تلتقِ بالسيد المسيح القادر وحده أن يشبع النفس، ويقدّر حياتها كشخص له كيانه! أحبائي، ليتنا نلتقِ بمسيحنا الذي يهتم بدقائق مشاعرنا، تحمله فينا، ونقدمه إلى كل قلب ليتمتع معنا بالحياة المفرحة الداخلية. |
||||
12 - 12 - 2013, 01:42 PM | رقم المشاركة : ( 6 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لتهتم بنموك العقلي! ماذا بداخل رأسك؟- رجل يفكر - أفكار كثيرة داخل الرأس الله حبه للإنسان وهبه سلطانًا على كل الخليقة (تك28:1)، لكي يتعرف على قوانينها وطاقاتها وأسرارها، مستخدمًا هذا كله لبنيانه ونموه لتقدم الحياة البشرية. خلقه كائنًا عاقلًا لكي يحسن استخدام العقل لحساب البشرية، وليس لكي يوقف عمله أو يسيء استخدامه. الشاب الروحي يعرف بروح الله كيف ينمو في قدراته العقلية بنجاح. يوسف تدرب بحكمة أن يدير بيت فوطيفار، وأن يقود المساجين وهو سجين معهم، وأيضًا أن يدبر توزيع الغلال لا على مستوى مصر جميعها بل والبلاد المحيطة بها أيضًا. وداود أيضًا كان ناجحًا ليس فقط كنبي بل وكقائد مدبر للجيش وملك وقاضٍ. وهبه الله حكمة واتزانًا وبركة في كل عمل تمتد إليه يداه. إذن، إيماننا ملتحم بحيوية الفكر ونمون، نلتزم حتى في العبادة أن نمارسها بالروح كما بالذهن (1كو15:14). يمكننا القول بأن نمو شخصية الإنسان -خاصة في سن المراهقة- تستلزم النمو العقلي جنبًا إلى جنب مع الجوانب الأخرى، فإن كانت العاطفة تتجلى بكل قوتها في هذه المرحلة، وهو أمر طبيعي، لكن يليق بالمراهقين أن يقرنوا العاطفة المتأججة بالحكمة والتفكير النامي الناضج، ليس فقط في علاقتهم بالمراهقين أصدقائهم من كلا الجنسين، وإنما أيضًا في حياتهم الروحية والأسرية، العقل المتزن هبة إلهية، يسند العواطف ويكملها وينميها، فلا تنحرف عن غايتها لتصير علّة تحطيم لشخصياتهم ولعواطفهم ذاتها. مرحلة المراهقة فرصة ذهبية، يتعلم خلالها الإنسان وسط عنف العواطف وجبروتها كيف تمتد يد الله لتهب الإنسان حكمًة واتزانًا ليعيش بعقله مع قلبه، يعملان بالنعمة الإلهية في تناغم بلا نشاذ. |
||||
12 - 12 - 2013, 01:44 PM | رقم المشاركة : ( 7 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النمو العاطفي القديس أغسطينوس و القديسة مونيكة إذ تظهر العواطف والشاعر متزايدة في سن المراهقة يظن الإنسان في نفسه كأنه قد صار بكليته عواطف مجردة. يشعر بعض المراهقين -حتى في أمريكا الشمالية- بأن هذه العواطف كما لو كانت خطايا، الأمر الذي يدفعهم إلى إساءة استخدامها. هذه العواطف النامية في هذه المرحلة هي عطايا إلهية توهب للإنسان لأجل نمو شخصيته ودخوله إلى مرحلة النضوج، بها يمكن أن يتسع قلبه بالحب لا لشخص واحد من الجنس الآخر لإشباع لذة مؤقتة، ولا لتكوين صداقات على فئة مغلقة من سنه، وإنما لقبول الإنسانية كلها في أعماقه، فيمارس الحب لله وللناس عمليًا هذا ما يقدمه لنا القديس أغسطينوس خلال خبرته الشخصية، موضحا أن الذين يتمتعون بعواطف قوية وعميقة، وإن كانوا عرضة للانحراف بشدة، لكنهم أقدر من غيرهم على ممارسة الحب لله وللناس بالنعمة الإلهية. العواطف التي يرذلها البعض إن تقدست تصير أساسًا صالحًا لحياة مبهجة، ولزيجات مباركة ناجحة، كما لحياة بتوليه متسعة. كيف تتقدس عواطف المراهق لنمو شخصيته؟ هذا ما أرجو الحديث عنه في مقال مستقل إن شاء الرب. |
||||
12 - 12 - 2013, 01:45 PM | رقم المشاركة : ( 8 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النضوج والحياة الجنسية
كما سبق فقلت أن كثيرًا من الشباب يظنون أن نضوجهم يكمن في إدراكهم للجنس وإحساسهم به وممارسته حتى ليتخيل البعض أنهم لن يفارقوا الطفولة ما لم يمارسوا الحياة الجنسية بصورة جسدانية. مع النضوج البدني والسيكولوجي والعاطفي.... ينمو أيضًا إدراكنا للجنس... لذا وجب على المراهقين أن يدركوا أهم حقائقه، مثل: 1- أعطيت المسيحية كرامة وتقديسًا للزواج والعلاقات الزوجية، معلنةً أن الجنس كركن من أركان الزواج، في مفهومه الواسع يمثل حياة تُمارس بقدسية ووقار، وليس بمشلة تحتاج إلى علاج. : كلمة الشهوة باللغة العربية والإنجليزية 2- العلاقات الجسدية في الحياة الزوجية أمر صالح تعبر عن الوحدة لا على مستوى الجسد والعواطف فحسب وإنما على مستوى النفس أيضا. يرى القديس أغسطينوس أن الخطيئة في الجنس ليس مصدرها لذة الجسد بل انحراف "الإرادة" التي تقيد الإنسان وتحوّل الجنس عن غايته الصالحة إلى شهوة شريرة (3). 3- سعادة الزوجين حتى في اتصالهما الجسدي لا يقوم على الشهوة concupiscence وإنما على البهجة pleasure. فالإنسان العفيف يجد بهجة pleasure في عفته أحيانًا تفوق ما يجده الإنسان المنغمس في الشهوات، وذلك كالإنسان المعتدل في طعامه يجد في الطعام بهجة تفوق تلك التي يجدها الإنسان النَهِم أثناء أكله بشراهة،إذن للجنس في الحياة الزوجية بهجته الطبيعية الصالحة، أما انحراف الجنس عن غايته فيحوّله إلى شر كما يحول النَهِم الطعام إلى خطية، مع أن الأكل في ذاته أمر صالح (4). هنا يميز القديس أغسطينوس بين الرغبة الطبيعية natural desire وما يصحبها من بهجة صالحة وبين الشهوة concupiscence القائمة على فساد الإرادة وانحلالها. كما يميز بين الحب وما يصحبه من عذوبة، والشهوة وما يصحبها من انحلالات disorders (5). |
||||
12 - 12 - 2013, 01:46 PM | رقم المشاركة : ( 9 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
النمو الاجتماعي نزل ربنا يسوع المسيح إلى عالمنا لكي يُجدَّد مجتمع الإنسانية وينمَّيه، لا بالثورة، ولا بإصدار قوانين حازمة، بل بالأحرى بتجديد حياتنا الداخلية. نذكر على سبيل المثال كيف واجهت الكنيسة مشاكل المجتمع مثل مشكلة العبيد. لم تثر القيادات الكنسية على السادة ولا أثارت العبيد ضدهم، لكنها في حب قبلت العبيد أعضاء في الكنيسة لهم ذات حقوق سادتهم، حتى سيم منها أساقفة وكُرَّم الشهداء منهم. بهذه الروح قام كثير من السادة بتحرير عبيدهم أو معاملتهم بروح الأخوة، واستطاع بعض العبيد بالطاعة القائمة على الحب أن يجتذبوا سادتهم للإيمان. بالروح الهادئ الوديع قدمت الكنيسة حلولًا للمشاكل الاجتماعية عالجت الجذور الدفينة، من خلال تجديد الحياة الداخلية للإنسان، حتى يلتقي الكل معًا على صعيد الحب، فيهتم كل عضو بالجماعة، مشتاقًا أن يقدم حياته فدية عن الغير، خلال اتحاده بالمخلص الذبيح. إن عدنا إلى المراهقين على وجه الخصوص نجدهم فغي حيويتهم يمتلئون في داخلهم ثورة ضد الطبقية في المجتمع الإنساني، أو في عالم البالغين. إنهم يسعون إلى خلق عالم خاص بهم ثائر ضد كل طبقية. فلا نعجب إن رأينا فتاة تضرب بغنى أسرتها ومركزها الاجتماعي عرض الحائط لتدخل في حب مع مراهق فقير يقل عنها جدًا من جهة المستوى الثقافي أو الاجتماعي؛ وأحيانًا تصرّ فتاة بيضاء على الدخول في علاقة حب مع شخص قمحي أو أسمر اللون، ويطلب فتى متعلم الزواج من فتاة غير متعلمة، ويتاق فتى أن يتزوج فتاة تخالفه إيمانه. لا أريد هنا تقديم تعليلات نفسية لكثير من مثل هذه التصرفات. لكن بلا شك إذ يعاني غالبية المراهقين من الشعور بالنقص يحاولون معالجة المشاكل -أيا كان نوعها- بالثورة والعنف والتمرد، الأمر الذي له أثره السيئ على نمو شخصية المراهق، خاصة إن تجاهل دراسة الأمور بتعقل وتروٍ. صورة عائلة مسيحية إن كان المراهقون يطلبون نمو شخصياتهم، يليق بهم أن يهتموا بالنمو الاجتماعي جنبًا إلى جنب مع نموهم البدني والنفسي والروحي والجنسي. يليق بهم أن يدركوا أن ما يمارسوه من تصرفات تبدو في ظاهرها عنيفة إنما هي في الغالب ثورة داخلية في النفس وفقدان لسلامهم القلبي والفكري. إنهم يُعبِّرون عن ثورتهم الداخلية بثورة ضدّ قيم المجتمع والأسرة! يطلب المراهق الدخول في علاقة مع آخر من الجنس الثاني يختلف عنه ربما في الفكر والثقافة والظروف الاجتماعية حتى في الإيمان، لا لشيء إلى لينفِّس عن ثورته ضد أسرته أو المجمع. مثل هذه العلاقات لن تدم طويلًا، بل تنتهي بتحطيم حياة الطرفين، لأنها لا تحمل جذور محبة صادقة على أسس سليمة. التقيت مع شاب مراهق أصرّ أن يضع الكتاب المقدس على الأرض ويطأ عليه بقدمه أمام زملائه، ولما حاول زملاؤه المسيحيون التفاهم معه بصق على أيقونة السيد المسيح والعذراء مريم، مطالبًا إياهم أن يثبتوا له وجود الله. في جلسة هادئة مملوءة حبًا لم تزد عن دقائق أدرك الشاب أنه فعل هذا كله ليس عن جحد للإيمان وإنما كان أسير مشاعره الخفية الخاطئة، فهو ابن وحيد لوالدين شيخين، في حبهما الشديد له حطماه نفسيًا، إذ أراد أن يجعلاه أداة طيعة تتحرك حسب هواهما، متجاهلين إنسانيته وإرادته وشخصيته، لقد أحس الشاب بفقدانه لكيانه في البيت. وقد أثر ذلك على قدرته في تكوين صداقات مع زملائه، حاول علاج ذلك بالثورة على القيم الروحية والاجتماعية، حاسبًا أنه بتصرفاته الشاذة يستطيع أن يركز الأنظار عليه ويتسلم مركزًا قياديًا وسط زملائه. لكنه إذ وضع يده على جراحات نفسه الخفية بكى وعاد برجاءٍ إلى الله محب البشر. هذه الصورة تتكرر بطرق متنوعة ودرجات مختلفة، تحتاج في معالجتها إلى حكمة الروح من جانبنا، وإلى تفهُّم الشباب للنفس الداخلية، ليدركوا أن الحياة الاجتماعية بقيمها، والروحية بإمكانياتها هما سند لشخصياتهم ولنموهم وليس سجنًا يحطم نفوسهم ويقيّد أفكارهم وحريتهم. هذا وكثيرًا ما تحدث ثورة المراهقين ضد المجتمع بعاداته وقيمَه ثمرة خبرات خاطئة عاشوها أثناء طفولتهم سواء في البيت أو المدرسة أو الكنيسة،فالطفل الذي لا يختبر دفء الحب الداخلي العميق المتبادل بين والديه لا يستطيع أن يسترح لأسرته بل وأحيانًا لا يسترح للكنيسة ولا للمجتمع كله ولا لله نفسه، إذ ينظر إلى الكل من خلال عائلته الفاقدة للحب والحياة. هذه المشكلة يعاني منها أيضًا من لا يلمس أمومة الكنيسة الحانية التي تتجلى في أبوة الكاهن وحبه الروحي الهادف لبنيان كل نفس عوض تمسكه بالسلطة وحب الرئاسة وإصدار الأوامر. كثيرًا ما يترك المراهقون الإيمان في العالم كله لا لسبب آلا لفقدانهم الحب الحقيقي في حياة الوالدين أو الرعاة. إن تركنا جانبًا مسئولية الأسرة والكنيسة والمجتمع عن ثورة بعض المراهقين ضد الحياة الاجتماعية والإيمانية السائدة، نود من أبنائنا أن يدركوا عضويتهم في الجماعة، فيأخذون قراراتهم التي تمس حياتهم ونمو شخصياتهم من خلال النظرة الحكيمة القادرة على بنائهم ونموهم في كل جوانب الحياة. وهم بهذا يساهمون أيضًا في نمو الجماعة وتقدمها، عوض الثورة عليها بتصرفات تحطمهم وتهدم الجماعة. |
||||
12 - 12 - 2013, 01:47 PM | رقم المشاركة : ( 10 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: كتاب دعوني أنمو القمص تادرس يعقوب ملطي
لا تتجاهل روحك! في سن المراهقة إذ يمر الجسد بمرحلة حرجة خلالها تبلغ سرعة نمو الجسد أقصاها، ومعها تتزايد العواطف والأحاسيس والشعور بالجنس، ويشعر الإنسان بضرورة تأكيد شخصيته في المجتمع والتمتع بالحرية الخ... وسط هذه الدوامة ينسى الإنسان أحيانًا روحه ذاتها أو إنسانه الداخلي. لنمو شخصية الإنسان المستمر، خاصة في سن المراهقة، يحتاج الأمر إلى الاهتمام بالنمو في كل جوانب الحياة السابق الإشارة إليها، الأمر الذي لن يتحقق بدون التجديد المستمر للحياة الداخلية، بكونها الجذور الخفية التي تسند الحياة كلها من كل جوانبها. لقد جاء ربنا يسوع المسيح إلينا لنقبله كمصدر تجديد مستمر في داخلنا، يمنحنا روحه القدوس لننال الطبيعة الجديدة والحياة المتجددة في داخلنا. يرى البعض أن الإنسان يحمل ثلاثة أبعاد لكيانه "his self" (6): الكيان الاجتماعي social self، حيث يجد الإنسان كيانه خلال علاقاته بالغير، نظرتهم إليه وآرائهم في شخصه، وسلوكهم تجاهه. الكيان المحيط oceanic self، أي ما تضم شخصيته من قدرات ومواهب كثيرة ومتنوعة. والكيان الجوهري core self، والذي يدعوه الرسول: "الإنسان الداخلي". يا يسوع، أسألك فتعلمني يمكن للمراهق -خل إرشاد ذوي الخبرة- أن يجتاز من الكيان الأول الخارجي، أي من الانشغال بما يقوله الناس عنه إلى ما هو أهم وأعمق، أي إلى الكيان المحيط. حيث لا يلهيه مديح ولا يحطمه ذمّهم، بل يهتم كيف يضرم مواهبه ويستغل طاقاته لبنيان نفسه وتقدم الإنسانية. وقد دُعي بالكيان المحيط لأنه يضم مواهب وطاقات وقدرات بلا حصر، إن أكتشفها الإنسان يشعر أن أيامه كلها مقصرة للغاية لإضرام كل مواهبه، وأيضًا كالمحيط عميقة للغاية في داخله. أما ربنا يسوع المسيح فهو وحده أرسل لنا روحه القدوس ليدخل بنا إلى ما هو أعمق بكثير من الكيان المحيط، يدخل بنا إلى جوهر كياننا لنستنير داخليًا ونكتشف حقيقة إنساننا الداخلي inner man أو جوهر الكيان core self، بكوننا أشخاصًا لنا رسالتنا وغايتنا على مستوى فائق. بهذا يدرك كل إنسان -خاصة في مرحلة المراهقة- أنه ليس واحدًا بين البلايين من البشر، لكنه إنسان الله، مدعو باسمه الشخصي لممارسة بنّوته لله والدخول معه في صداقة شخصية، لينعم بالميراث الأبدي في حضن الآب السماوي. هكذا فتح ربنا يسوع المسيح مجالًا جديدًا للروحانية، إذ يدخل بنا إلى كياننا لنمارس حق الحياة والتعامل مع الله كأشخاص لهم تقديرهم، وذلك بالتجديد المستمر لحياتنا الداخلية وفكرنا، عوض التوقف عند الممارسات التعبيرية الخارجية وحدها بلا روح. هذا لا يعني ممارسة العبادة الداخلية الروحية دون مشاركة الجسد، بل بالحري يصير كل كياننا بأبعاده متعبدًا معًا خلال التجديد المستمر، بهدف نمونا دون مبالغة أو تطرف في جانب على حساب الجوانب الأخرى. هذه الحياة المتجددة الروحية لها انعكاساتها الفعّالة في نمو شخصية المراهق من كل الجوانب. فهي من جانب تسند البدن حيث يلتزم المؤمن بالاعتناء به في اعتدال دون مبالغة بجانب ما للحياة الداخلية الصادقة من أثر حتى على سلامة البدن. لها أيضًا أثرها على سيكولوجية المراهق، إذ تهبه سلامًا وبهجة وفرحًا كطعام حقيقي للنفس، خلاله يتخلص المراهق من كل شعور بالنقص أو بالعزلة loneliness، إذ يجد أن الخالق نفسه يهتم به شخصيًا، يرفعه إلى البنّوة، ويهبه ثقة بالنفس وتقديرًا للحياة الإنسانية. غني عن البيان ما للروحانية المتفتحة الحكيمة من أثر فعّال على نضوج الفكر، حيث تدفعه نحو البحث عن المعرفة السماوية والزمنية بروح التواضع،خلالها أيضًا يتذوق أبناؤنا الحياة الأسرية في جو من عذوبة الحب الخفي فيرفع نظرتهم الداخلية نحو الزواج والأسرة والجنس، ليجدوا شعبهم الداخلي في البيت المسيحي المتفتح بالحب، فلا يلجئون إلى الانحراف كوسيلة للهروب أو لنوال لذة منحرفة وإشباع عواطفهم بطرق ملتوية. خلال سنوات الخدمة القليلة التي عشتها لم أجد إنسانًا استمر في انحرافه مادامت أسرته مملوءة ببهجة الروحانية الحقة وليست بشكليات العبادة أو الخدمة بلا روح. أخيرًا أقول ما أحوجنا جميعًا، خاصة بالنسبة للمراهقين، أن نتقبل الحياة الروحية الملتهبة حبًا، القادرة على تقديم نمو وتوازن في كل جوانب شخصياتنا. ________________________ (1) J.C. Wynn: Sexual ethics & Christian responsibility, 1976, p102. (2) Dr. James Dobson: Preparing for adolescence, 1984, p.16 (The Agony of Inferiority). (3) See John J. Hugo: St. Augustine on Nature, Sex & Marriage, part 2, ch 2. (4) Rev. E. C. Messenger: The mystery of sex & marriage, p 22 ff. (5) Tohn J. Hugo, p 79 ff. (6) Young Adult Living, Paulist Press, N. Y. 1980, p. 73 ff (Identify of self & growth, by John McCall). |
||||
|