29 - 07 - 2020, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 11 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 11 - الإيمان أعظم من الهروب
البر ونفوسنا:
يجيب المرتل أصدقاءه ذوي القلوب المرتجفة: "على الرب توكلت". هذه الثقة يليق أن تُستعلن خلال الحياة البارة، أعني خلال تمتعنا ببر المسيح. فهو وحده القدوس، الساكن في هيكل قدسه، أي في قلوبنا التي يجب أن تتقدس بروحه القدوس، عندئذ ينظر إلينا بكوننا مساكينه، ويصير ملجأ لنا: "عيناه إلى المساكين تنظران، أجفانه تفحص بني البشر". الله قائم في سمواته بكونها هيكل قدسه، نحن لا نراه بعيوننا الجسدية أما هو فيرانا. نحن قد ننشغل عنه وسط إرتباكات هذه الحياة الزائلة أما هو فمشغول بكل واحد منا، ينظر إلينا ويفحص حياتنا بأجفانه، خلال عذوبة مواعيده. يسكن الله السماء وعيناه تنظران مساكينه، لأنهم أولاده، لهم موضع في قلبه. هم يعيشون على الأرض حيث ينتشر حولهم الأشرار الذين يضغطون عليهم ويمارسون ضدهم أشد أساليب الظلم، لكنه ما من مكان لا يطاوله عدل الله وعنايته بشعبه. إنه يسمح حقًا بتجربة أولاده في كل مكان وزمان، لكن سرعان ما تحتضنهم نعمته ورحمته أينما وحيثما وجدوا. عينا الرب اللتان تتطلعان إلينا هما رحمته ونعمته؛ أو حبه ورعايته؛ وربما تشيران إلى الكتاب المقدس بعهديه خلالهما يعلن الله عهده الأبدي وسكناه وسط شعبه ووعوده الإلهية وشركة أمجاده السماوية. خلال كلمته نراه يتطلع إلينا بنظرات الحب الحانية والأبوة العملية ليرفعنا إلى سمواته، نعيش معه في هيكل قدسه أبديًا أو يعيش داخلنا كهيكله المقدس (1 كو 3: 17)، نصير "أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" (أف 5: 30). بينما البار تحوطه وترعاه عينا الرب، إذا بالشرير تبغضه حتى نفسه: "والذي يحب الظلم فلنفسه أبغض" [6]. يفقد الظالم شركته مع الله القدوس، الحب ذاته؛ فيضيق قلبه جدًا حتى لا يطيق نفسه، ويضطرب ضميره، كما أقلق الضمير هيرودس بعد قتله القديس يوحنا المعمدان. * أتوسل إليكم ألا نبغض نفوسنا ولا نحب الظلم؛ فإنه بالتأكيد نفع الظلم في هذا العالم الحاضر قليل أو معدوم، أما في العالم الآتي فيجلب دمارًا أعظم[274]. القديس يوحنا الذهبي الفم |
||||
|
|||||
29 - 07 - 2020, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 12 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 11 - الإيمان أعظم من الهروب
ليس عجبًا أن تصير عدوًا لنفسك، لأن "محب الظلم تبغضه نفسه". فإن كنت تبغض نفسك بمحبة الظلم، فهل تعجب أنك تكره كلمة الله التي تريد خير نفسك؟
* حقًا إذا أحببت نفسك بطريقة شريرة تهلكها، لكن إن ابغضتها بالحق فأنت تحفظها. إذن هناك حب شرير للنفس وبغضه صالحة لها. * إن كان بحب الظلم ليس فقط أنت لا تحب نفسك بل تبغضها، فكيف تقدر أن تحب الله أو تحب قريبك[275]؟! الأب قيصريوس آرل |
||||
29 - 07 - 2020, 06:04 PM | رقم المشاركة : ( 13 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 11 - الإيمان أعظم من الهروب
نصيب الأشرار:
"يمطر على الخطاة فخاخًا؛ نارًا وكبريتًا وريحًا عاصفًا. هذا هو حظ كأسهم" [7]. الأشرار ليس فقط تبغضهم أنفسهم بل والله ذاته، الذي يكره الخطية جدًا، يتركهم ينالون ثمار شرهم طالما يرفضون التوبة. ينصب الأشرار فخاخهم خِفيةً وفي خداع لاصطياد المساكين، أبناء الله، ظانين أنه لن يلحقهم شر ما (مز 10: 6)، لكنهم لا يسقطون فقط في مصائدهم (مز 10: 2)، وإنما يمطر الله عليهم فخاخًا علانية كما من سحابة ظاهرة، ينصب لهم شراكًا لا يستطيعون أن يفلتوا منها، في طول أناته ينتظرهم مقدمًا لهم العديد من فرص التوبة، فإذا بهم يتوهمون أنهم فوق عدل الله وأحكامه، فيصيرون كجيادٍ جامعة إنفلت زمامها وإنطلقت من معاقلها إلى فضاء فسيح. لكن في إنتظارهم كمّ هائل من الفخاخ التي يمطرها الله عليهم من السماء قبلما يمطر عليهم نارًا وكبريتًا. وكأن الله يشل حركتهم أولاً بالقاء الشباك من السماء ليقبض عليهم في فخاخه، وحينما تنغلق أمامهم كل المنافذ وتوصد كل أبواب الهرب، تأتي اللحظة الرهيبة المخوفة، لحظة إستعلان غضب الله بالنار والكبريت المنهمر عليهم مطرًا من السماء، كما حدث في سدوم وعمورة، اللتين هلكتا وفنيت من الأرض ذكراهما! * لأنه كما يقول المرتل: نار وكبريت ورياح مسمومة هي نصيب كأسهم؛ ولماذا هكذا؟ لأنهم - كما قلت - رفضوا النعمة التي بالإيمان، لذا كان إثم خطيتهم لا يُمحى، وناسبهم أن يحملوا عقاب محبة الخطية الذي يستحقونه[276]. القديس كيرلس الاسكندري |
||||
29 - 07 - 2020, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 14 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 11 - الإيمان أعظم من الهروب
* إن كنا نفهم بالسحب الأنبياء عمومًا، سواء الصالحين منهم أم الأشرار الذين دعوا أنبياء كذبة. فقد سخر الرب الإله الأنبياء الكذبة لكي يمطر بهم فخاخًا على الخطاة (مت 24: 24). لأنه ما من أحد سوى الخاطي هو الذي يسقط في اتباعهم بإعداده للهلاك الأخير إن اختار الإصرار على الخطية، وإما أن ينصرف عن الكبرياء ويرجع في وقت ما يطلب الله بأكثر إخلاصًا.
أما إن كانت السحب يُقصد بها الأنبياء الأبرار وحدهم، فبهؤلاء أيضًا يمطر الله فخاخًا على الأشرار، لكن بهم يروي الصالحين إلى حياة مثمرة. إذ يقول الرسول: "لهؤلاء رائحة موت لموت، ولأولئك رائحة حياة لحياة" (2 كو 15: 11). ليس فقط الأنبياء بل وكل الذين يُرْون النفوس بكلمة الله يمكن دعوتهم "سحبًا"... وأيضًا من سحب الكتاب المقدس، ووفقًا لاستحقاق كل إنسان، تسقط أمطار فخاخ نار وكبريت ورياح مسمومة على الخاطي، وأمطارًا مثمرة على البار. "نارًا وكبريتًا وريحًا عاصفة؛ هذا هو حظ كأسهم". هذه عقوبة ونهاية الذين يجدفون على اسم الله، تحرقهم نيران شهواتهم، وسموم أعمالهم الشريرة وتطردهم من شركة الطوباويين، وتدخل بهم إلى المعاناة من أشد العقوبات التي لا يُنطق بها... إنني أظن أن الكأس قد وردت هنا لهذا السبب: ألا نظن بأن أمرًا ما حتى في عقوبات الأشرار يتم بدون إعتدال أو قياس... "لأن الرب بار وللبر أحب" [7]... "نظر وجهه العدل" [7]، كأنه يقول: يُرى العدل في وجهه، أي في التعرف عليه؛ لأن وجه الله هو المسكين الذي به يصير الله معروفًا للذين هم مستحقين ذلك. أو على الأقل يقصد بالقول "نظر وجهه العدل" أنه لا يسمح لنفسه أن يعرفه الأشرار بل الأبرار؛ وهذا عدل! القديس أغسطينوس |
||||
29 - 07 - 2020, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 15 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 11 - الإيمان أعظم من الهروب
إذ يلتصق أولاد الله بأبيهم البار وحده والعادل، يتمتعون بروحه الناري يلهب أعماقهم بالحب، أما الأشرار فيشربون كأسهم نارًا قاتلة تفقدهم الحياة والسلام!
ربما عنى المرتل بحظ كأسهم هنا بما ورد في سفر العدد حيث يشرب المُتهم كأسًا من سائل مقدس، فإن كان مجرمًا يهلك ويموت (عد 5: 23-28). |
||||
29 - 07 - 2020, 06:05 PM | رقم المشاركة : ( 16 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: تفسير سفر المزامير - مزمور 11 - الإيمان أعظم من الهروب
الختام:
كما بدأ المزمور هكذا ينتهي بكلمة "الرب" الذي سمته أنه "بار"، يجيب على كل مخاوف المؤمن المُضطهد. علمني أن أهرب إليك * إن كنت قد صرت كعصفور وحيد يحوط به أعداء أقوياء وأشرار، فأنت يا رب هو ملجأ لي... إليك أطير، وفي حضنك ألتجئ! * لست أُريد أن أهرب إلى جبال الحكمة البشرية ولا السلطان الزمني ولا الإمكانيات العالمية وإنما إليك أيها الجبل القدوس. هب لي روحك كجناحي حمامة فأطير إليك وأسكن في أحضان أبيك! * هب لي روحك القدوس فأحب برك... بل أحب نفسي وأحب أخوتي كنفسي! * انزع عني حب الظلم حتى لا أبغض أعماقي! * لتمطر عليّ روحك القدوس الناري يطهر أعماقي، أما النار والكبريت والريح العاصف فلا تكون حظ كأسي |
||||
|