![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 19171 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() فرح يونان من أجل اليقطينة ![]() «فَفَرِحَ يُونَانُ مِنْ أَجْلِ الْيَقْطِينَةِ فَرَحًا عَظِيمًا!» (يون4: 6) بَعد أن قَضَى يُونانُ النبيُّ ثلاثةَ أيامٍ وثلاثَ ليالٍ في جوفِ الحوت نتيجة عدم طاعته، ظانًّا بأنه يمكنُهُ الهروب إلى ترشيش، حتَّى لا تصلَ رسالةُ الخلاصِ إلى نينوى المدينةِ الأمميةِ العظيمةِ، إذْ بالحوتِ يقذفُهُ إلى البَرِّ، استجابةً لأمرِ الرَّبّ. ثم كرَّر الرَّبّ قولَهُ ليونان: «قُمِ اذْهَبْ إِلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ، وَنَادِ لَهَا الْمُنَادَاةَ الَّتِي أَنَا مُكَلِّمُكَ بِهَا» (3: 1، 2). وكانتِ المناداةُ هي هَذه الكلمات القصيرة الَّتي تَحملُ إنذارًا إلهيًّا: «بَعْدَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا تَنْقَلِبُ نِينَوَى» (3: 4)، وكانت هذه الرسالة كافية لخلاص تلك المدينة. وبهذه المناداة تَحقَّقَ هدفُ اللهِ المنشود؛ فيونانُ الخارجُ من جوفِ الحوت والكارزُ لأهلِ نينوى كانَ آيةً (مت16: 4). فآمنَ أهلُ نينوى باللهِ وتابوا ورجِعوا كلُّ واحدٍ عن طريقِهِ الرديئةِ وعنِ الظُّلمِ الَّذي في أيديهِم. فلمَّا رأى اللهُ أعمالَهم أنَّهم رجِعوا عن طريقهم الرديئة، ندِمَ اللهُ على الشَّرِّ الَّذي تكلَّمَ أن يصنعَه بهِم فلم يصنعْه (3: 5-10). تجاوَب أهل نينوى مع رسالة الله لهم على الرغم من ضعفِ خادمِهِ الذي كان ينتظر قضاءَ الله السريع عليهِم، وليس رأفتَه ورحمتَه وإشفاقَه. لقد كانت هَذه التَّوبةُ الجماعيَّةُ عملاً إلهيًّا مُعجزِيًّا، الأمرُ الَّذي جعَلَ يونانَ يَغتمَّ غما شديدا ويغتاظَ (4: 1)، وَصَلَّى إِلَى الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا رَبُّ، خُذْ نَفْسِي مِنِّي، لأَنَّ مَوْتِي خَيْرٌ مِنْ حَيَاتِي» (4: 3). ثم خرجَ وجلسَ شرقِيَّ المدينة، وصنعَ لنفسِهِ هُناكَ مظلَّةً، وجلسَ تحتها في الظِّلِّ، حتَّى يرى ماذا سيحدُثُ في المدينةِ! ولكنَّ الرَّبَّ الرؤوفَ والرحيمَ، في رأفتِهِ بِنَبيِّهِ، رأى غمَّه الشديد وغيظَه بسبب أن الله أشفقَ على هذه المدينة العظيمة، وأرادَ أن يعلِّمَهُ درسًا يكشف له من خلاله عن قلبِهِ المليء بالحنان والرحمة، فبينما كان يونانُ يجلس شرقي المدينة خارجًا، تحت مظلة صنعها لنفسه، أعدَّ الربُّ الإلهُ له يقطينةً ، فظلَّلتِ اليقطينةُ رأسَهُ الذي عانى كثيرًا في بطن الحوت من عُشب البحرِ الذي كان مُلتفًّا عليهِ (2: 5)، ففرِحَ يونانُ من أجلِ اليقطينةِ فرَحًا عظيمًا (4: 6)، وهذه تُعَدُّ من أعمالِ الرَّحمةِ الَّتي يعملها الرَّبُّ نحوَ عبيدِهِ وأتقيائِهِ (مز145: 8، 9). لكن لم يدُمِ الحالُ طويلاً؛ فعندَ طُلُوعِ الفَجرِ أعدَّ اللهُ دودةً فضربتِ اليقطينةَ فيبستْ. وحدثَ عندَ طلوعِ الشَّمسِ أنَّ اللهَ أعدَّ ريحًا شرقيَّةً حارةً، فضربتِ الشمسُ على رأسِ يونان فذبُلَ، مثل اليقطينة، فطلبَ لنفسهِ الموتَ وقال: إنَّ موتَه خيرٌ من حياتِهِ!! ما أشبه حياة الإنسان باليقطينة أو الشجرة؛ يقول عنها موسى في صلاته: «بِالْغَدَاةِ كَعُشْبٍ يَزُولُ. بِالْغَدَاةِ يُزْهِرُ فَيَزُولُ. عِنْدَ الْمَسَاءِ يُجَزُّ فَيَيْبَسُ» (مز90: 5، 6). ويقول داود أيضًا: «الإِنْسَانُ مِثْلُ الْعُشْبِ أَيَّامُهُ. كَزَهَرِ الْحَقْلِ كَذلِكَ يُزْهِرُ. لأَنَّ رِيحًا تَعْبُرُ عَلَيْهِ فَلاَ يَكُونُ، وَلاَ يَعْرِفُهُ مَوْضِعُهُ بَعْدُ» (مز103: 15، 16). فاليقطينة لم تدُم طويلاً، بل بنت ليلة كانت، وبنت ليلة هلكت. وكما فعلتِ الدودةُ في اليقطينةِ هكذا يفعلُ الزمنُ في أعمارِنا «أَفْنَيْنَا سِنِينَا كَقِصَّةٍ ... تُقْرَضُ سَرِيعًا فَنَطِيرُ» (مز90: 9، 10) وَمِنَ الملفتِ للنَّظرِ أنَّه في أصحاح 4 نَقرأ عِبارتَينِ علَى طرفَيْ نقيضٍ عَنْ غَمِّ يونان وغيظِهِ، ثم فرحه الشَّدِيد؛ غَمٍّ وغيظٍ لأنَّ الرَّبَّ ندِمَ على الشَّرِّ وأظهَرَ رأفتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَفرحٍ لأجلِ اليقطينة الَّتي لم يتعبْ فيها. فاتَّخذَ الرَّبُّ من هذا الأمرِ عظةً ليونان قائلاً له: «أَنْتَ شَفِقْتَ عَلَى الْيَقْطِينَةِ ... أَفَلاَ أَشْفَقُ أَنَا عَلَى نِينَوَى الْمَدِينَةِ الْعَظِيمَةِ؟» (4: 10، 11). ليتَ درس اليقطينة يترك أثرَهُ العميق فينا فندرك أن الوقتَ القصيرَ المتاح الآن هو لكي ننقذَ نفوسًا من حولِنا في طريقِهَا للهلاكِ. وليتنا نستمع لقول سليمان الحكيم: «أَنْقِذِ الْمُنْقَادِينَ إِلَى الْمَوْتِ، وَالْمَمْدُودِينَ لِلْقَتْلِ. لاَ تَمْتَنِعْ» (أم24: 11). وليت الرب يعطينا هذا الإشفاق الذي كان ولا يزال في قلبه على النفوس الغالية والخالدة التي من حولنا. |
||||
|
|||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19172 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لا تفرح بسقوط عدوك ![]() إن المحبة الإلهية الحقيقية لا تفرح ولا تشمت في أحزان الآخرين، ولو كانوا يستحقونها، أو كان الشخص المتألم عدوًا لدودًا. لكن المؤمن الحقيقي، الوديع والمتواضع القلب - إذ يذكر أنه ربيب النعمة - فهو يسلك هادئًا، وله دموعه، لا تهكماته، من أجل ضيقات أعدائه. وإلا فإن عين الرب تلاحظ، وهو يعاقب ذلك الشخص الذي يفرح بالبلايا والنكبات «لاَ تَفْرَحْ بِسُقُوطِ عَدُوِّكَ، وَلاَ يَبْتَهِجْ قَلْبُكَ إِذَا عَثَرَ، لِئَلاَّ يَرَى الرَّبُّ وَيَسُوءَ ذَلِكَ فِي عَيْنَيْهِ، فَيَرُدَّ عَنْهُ غَضَبَهُ» (أم24: 17، 18). لقد نال أَخْآبُ - بالكذب والشهادة الزور - شهوة نفسه، وجرَّد جاره ”نَابُوت الْيَزْرَعِيلِيِّ“ مِن مُلكه، بل وقتله. وقام ونزل بقلبٍ مبتهج ليَرث مُلكِهِ الجديد، لكن في لحظة تبدَّدت كل أفراحه وسعادته! فلقد كان إيليا ينتظره في كَرْم نَابُوتَ، وقد أمره الرب أن يُخبر الملك بالعقاب الذي ينتظره: «هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هَلْ قَتَلْتَ وَوَرِثْتَ أَيْضًا؟ ... فِي الْمَكَانِ الَّذِي لَحَسَتْ فِيهِ الْكِلاَبُ دَمَ نَابُوتَ تَلْحَسُ الْكِلاَبُ دَمَكَ أَنْتَ أَيْضًا» (1مل21: 19؛ 22: 38). ولقد فرح ”هَامَان بْنَ هَمَدَاثَا الأَجَاجِيَّ“ باستصدار مرسوم الملك الذي يقضي بإبادة كل شعب اليهود «فَخَرَجَ السُّعَاةُ وَأَمْرُ الْمَلِكِ يَحِثُّهُمْ ... وَجَلَسَ الْمَلِكُ وَهَامَانُ لِلشُّرْبِ» (أس3: 15). وازدادت فرحة هَامَان عندما «قَالَتْ لَهُ زَرَشُ زَوْجَتُهُ وَكُلُّ أَحِبَّائِهِ: «فَلْيَعْمَلُوا خَشَبَةً ارْتِفَاعُهَا خَمْسُونَ ذِرَاعًا، وَفِي الصَّبَاحِ قُلْ لِلْمَلِكِ أَنْ يَصْلِبُوا مُرْدَخَايَ عَلَيْهَا، ثُمَّ ادْخُلْ مَعَ الْمَلِكِ إِلَى الْوَلِيمَةِ فَرِحًا. فَحَسُنَ الْكَلاَمُ عِنْدَ هَامَانَ وَعَمِلَ الْخَشَبَةَ» (أس5: 14). وظنَّ هَامَان أن كل مشكلاته حُلَّت، وسيبدأ يتمتع بالنعيم الذي هو فيه، ولم يَدرِ أن الموت كان يقترب منه بأسرع مما يظن! لقد دارت الدائرة «فَصَلَبُوا هَامَانَ عَلَى الْخَشَبَةِ الَّتِي أَعَدَّهَا لِمُرْدَخَايَ» (أس7: 10)، وتحقق مُرْدَخَاي من صدق كلمات الحكيم: «اَلصِّدِّيقُ يَنْجُو مِنَ الضِّيقِ، وَيَأْتِي الشِّرِّيرُ مَكَانَهُ» (أم11: 8). وشَمْعِي بْنُ جِيرَا الْبِنْيَامِينِيُّ الذي كان من عائلة شاول، ظل يُضمر الحقد والمرارة لداود طيلة سني مُلكِهِ، وخرج لمقابلة الملك المُطارَد من ابنه أبشالوم، وبدأ في إهانة داود وقذفه بالشتائم واللعنات، ورَشَقه هو وعبيده بالحجارة «وَهَكَذَا كَانَ شَمْعِي يَقُولُ فِي سَبِّهِ: اخْرُجِ! اخْرُجْ يَا رَجُلَ الدِّمَاءِ وَرَجُلَ بَلِيَّعَالَ! قَدْ رَدَّ الرَّبُّ عَلَيْكَ كُلَّ دِمَاءِ بَيْتِ شَاوُلَ الَّذِي مَلَكْتَ عِوَضًا عَنْهُ، وَقَدْ دَفَعَ الرَّبُّ الْمَمْلَكَةَ لِيَدِ أَبْشَالُومَ ابْنِكَ، وَهَا أَنْتَ وَاقِعٌ بِشَرِّكَ لأَنَّكَ رَجُلُ دِمَاءٍ!» (2صم16: 5-14). وكم هو حقير أن يلعن شَمْعِي داود وهو في مثل هذا الموقف هاربًا من تمرد ابنه أبشالوم، غير مراعيًا لظروفه، بل مُضيفًا حزنًا على حزنه «لأَنَّ الَّذِي ضَرَبْتَهُ أَنْتَ هُمْ طَرَدُوهُ، وَبِوَجَعِ الَّذِينَ جَرَحْتَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ» (مز69: 26). وبعد أن انتهت الفتنة ومات أبشالوم، تصرَّف داود كالمنتصر مع أولئك الذين لم يتبعوه، فعفا عن شَمْعِي بْنُ جِيرَا الذي سقط أمام المَلك، ملتمسًا الغفران منه، وقد حصل عليه، لا لأنه يستحقه، بل لأن الملك لم يكن في الحالة التي تسمح بتوقيع الدينونة التي يستحقها شَمْعِي، وأوكل هذه المهمة فيما بعد لسليمان (2صم19: 16-23؛ 1مل2: 8، 9، 36-46). وعلى العكس من أَخْآبُ وهَامَان وشَمْعِي، كان داود، فلم يفرح بسقوط شاول عدوه، ولم يبتهج قلبه إذ مات. إن القلب المليء بالمحبة لا مكان فيه للشماتة أو الحقد. لقد نسى كل ما سبَّبه له شاول. ولكن مجرد النسيان لا يكفي الرجل الذي حسب قلب الله؛ إنه يُحبّ أن يذكر أن شاول كان مسيح الرب، ويذكر المواهب الطبيعية التي جعلته محبوبًا في حياته، وجذبت إليه أنظار الشعب وعواطفهم، فيودعه باكيًا بِمَرْثَاة ”نَشِيدَ الْقَوْسِ“ الذي يفيض بعبارات الاحترام لذاك الذي كرهه واضطهده دائمًا، ولكنه ها هو بالنعمة يذرف عليه الدمع سخينًا. لقد كانت فرصة لِبَنَاتُ الْغُلْفِ أن تفرحن وتشمتن، أما داود فلم يشاركهن هذا الفرح. إننا نشتم في مرثاة داود لشاول رائحة المسيح الذَّكية، الذي علَّمنا بحياته وكلماته، ليس فقط ألا نفرح بسقوط عدونا، بل «أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ، لِكَيْ تَكُونُوا (لكي تُبرهنوا أنكم فعلاً) أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ» (مت5: 44، 45). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19173 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفَرْحَانُ بِبَلِيَّةٍ (أم17: 5) ![]() تحذير يبدو لأول وهلة غريب، إذ كيف يفرح أحد ببليَّة؟ الكلمتان متنافرتان. معنى الأولى بحسب الأصل العبري: ”فرحان، مبتهج، سعيد“، والثانية: ”مصيبة، كارثة، ضيق، حزن“، فكيف تتَّفق الكلمتان؟! في الواقع تتَّفق الكلمتان تمامًا مع قلب الإنسان ”النجيس“؛ قلب يهوى الشماتة، يستمتع بمصائب الغير، يشفي غليله ويتلذَّذ بضيق أعدائه، بل وأحيانًا إخوته! لذلك لزم التحذير من هذا الفرح. لكن تعلن باقي الآية إن مثل هذا الشخص ”لاَ يَتَبَرَّأُ“، أي أنه لن يفلت من العقاب، لن يتحرَّر من ذنبه، ويُوقِع الكآبة في نفسه. دعونا من هذا المنطلق نرى ثلاثة أمثلة توضح ذلك، الأول يعلن شدة العقوبة، الثاني سرعة العقوبة، والثالث إشراف الرب نفسه على العقوبة: أولاً: شدَّة العقوبة وهذا ما حدث مع الرب والذين عادوه، أعني اليهود. كان هو الوديع الذي جاء إليهم بكل محبة، وقال: «أمَّا أَنَا فَفِي مَرَضِهِمْ كَانَ لِبَاسِي مِسْحًا. أَذْلَلْتُ بِالصَّوْمِ نَفْسِي ... كَمَنْ يَنُوحُ عَلَى أُمِّهِ انْحَنَيْتُ حَزِينًا، وَلكِنَّهُمْ فِي ظَلْعِي (عرجي أي سقطتي) فَرِحُوا وَاجْتَمَعُوا» (مز35: 13-15). ما أردأ القلب حين يُجازي عن الخير شرًّا، هل يوجد شيء أبشع من فرحتهم وشماتتهم فيه وهم حوله عند الصليب؟ يفغرون الشفاه ... يتفرسون ببليته ... يشمتون ويشتمون ... يستهزئون بشخص اجتمعت فيه كل معاني الرقة والمحبة، يستمتعون بعذابه وضيقته الشديدة! ولكن لم يمضِ على فرحهم هذا ثلاثة أيام حتى محاه القبر الفارغ، وحل محلَّه قلق ورعب، ولم يتبرؤوا. فما أشد الأهوال التي لحقت بهم ولازمتهم! حين ننظر إلى تاريخ الشعب اليهودي حتى الآن، نعجز عن حصر عقوبة فعلتهم، فقد حصدوها حصادًا مريرًا، شمتت بهم شعوب، تمعَّن الكثيرون في إهانتهم، حلَّت بهم مصائب وكوارث لا حصر لها، وما زال أمامهم أهوال أقصى وأمَّر ستنصب عليهم. ثانيًا: سرعة العقوبة فرح أقطاب الفلسطينيين بسقوط شمشون وأسره؛ فذبحوا ذبائح لداجون إلههم، أكلوا حتى طابت قلوبهم، طلبوه ليلعب لهم، ليفرحوا بحزنه. اجتمعوا معًا في بيتٍ ليستمتعوا بمشاهدته وهو مبتلى، ليتلذذوا بمصيبته. لكن سرعان ما ”أَتَتْ بَلِيَّتُهُمْ كَالزَّوْبَعَةِ“ (أم1: 27)؛ انطبقت السماء على رؤوسهم، مات جميع من كانوا في البيت، بالإضافة إلى ثلاث آلاف رجل وامرأة على السطح كانوا ينظرون لعب شمشون، كل من اشترك في تلك الجريمة. إنهم بحق لم يفرحوا إلا للحظة! ثالثًا: إشراف الرب بنفسه فرح أدوم وشمت ببلية إسرائيل أخيه، الأمر الذي ساء في عيني الرب جدًّا، حتى إنه أشار إلى هذا الأمر في أكثر من موضع: «وَلاَ تَشْمَتَ بِبَنِي يَهُوذَا يَوْمَ هَلاَكِهِمْ، وَلاَ تَفْغَرَ فَمَكَ يَوْمَ الضِّيقِ ... كما فَعَلْتَ يُفْعَلُ بِكَ» (عو12-15)، «اِطْرَبِي وَافْرَحِي يَا بِنْتَ أَدُومَ ... عَلَيْكِ أَيْضًا تَمُرُّ الْكَأْسُ» (مرا4: 21)، «كَمَا فَرِحْتَ عَلَى مِيرَاثِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ لأَنَّهُ خَرِبَ، كَذلِكَ أَفْعَلُ بِك. تَكُونُ خَرَابًا يَا جَبَلَ سَعِيرَ أَنْتَ وَكُلُّ أَدُومَ بِأَجْمَعِهَا، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ» (حز35: 15). هنا نرى الرب بنفسه يوبِّخ أدوم، يحمل القضية محمَل الجَدِّ، بل يبرهن عن ذاته بأنه هو الرب «فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ»، حين يوقع بأدوم جزاءهم، ويحقِّق فيهم ما شمتوا به، ويؤكد أنهم سيحصدون البلايا التي فرحوا لوقوع أخيهم بها من خراب وضيق. سيشربون من الكأس نفسه. ليتنا نرهب؛ فالرب نفسه يشرف ويتمِّم عقاب الفرحين ببلايا الغير، وخاصة الفرحين ببلايا إخوتهم! حذار من هذا الفرح! واسمع صوت الحكمة محذِّرة «الْفَرِحِينَ بِفَعْلِ السُّوءِ، الْمُبْتَهِجِينَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ» (أم2: 14). نجِّ نفسك وتبرَّأ منهم قبلما ينطبق عليك القول: ”لاَ يَتَبَرَّأُ“. ولنطلب من الله أن يُغيِّر قلوبنا، فالشماتة ليست خاضعة كلية لإرادتنا، بل هي رغبة قلبنا الشرير، نابعة من داخلنا. ليت قلوبنا تتشبَّه بقلب داود الذي حزن على موت عدوه شاول الذي اضطهده بلا سبب، طارده وكدَّر حياته، أذاقه طعم التشرُّد. لكن في النهاية نرى داود باكيًا نائحًا على موت شاول، والذي كان عقابًا من الله له (2صم1: 11، 12)! حقًّا إنه رجل بحسب قلب الله. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19174 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() «تَارِكِينَ سُبُلَ الاِسْتِقَامَةِ لِلسُّلُوكِ فِي مَسَالِكِ الظُّلْمَةِ» ![]() إن الطريق الصحيح للفرح الحقيقي واضح، لكن الإنسان بطبيعته يحب أن يبعد عنه. قال المسيح عن نفسه: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يو14: 6). لقد كان الطريق واضحًا جدًا أمام بيلشاصر، فقد كان ما حدث لأبيه نَبُوخَذْنَصَّر نفسه هو رسالة واضحة. لقد رأى أباه عندما صار كالحيوانات، ورآه مرة أخرى عندما رجع عقله إليه، وشهد عن الرب شهادة عظيمة: «أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ، أُسَبِّحُ وَأُعَظِّمُ وَأَحْمَدُ مَلِكَ السَّمَاءِ، الَّذِي كُلُّ أَعْمَالِهِ حَقٌّ وَطُرُقِهِ عَدْلٌ، وَمَنْ يَسْلُكُ بِالْكِبْرِيَاءِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُذِلَّهُ» (دا4: 37). ومع ذلك اختار بيلشاصر أن يبتعد عن الرب ويسلك طريقًا آخر، ظانًا أنه سيجد الفرح فيه، حتى إن دَانِيآل قال له: «أَنْتَ يَا بَيْلْشَاصَّرُ ابْنَهُ لَمْ تَضَعْ قَلَبَكَ مَعَ أَنَّكَ عَرَفْتَ كُلَّ هَذَا» (دا5: 22). وهؤلاء الناس لم يتركوا الطريق المستقيم فقط، بل أيضًا أحبوا الظلمة، فدائمًا ترتبط أفعال السوء بالظلام «أَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً» (يو3: 19)، وفي حياتنا اليومية نرى المجرمين يفعلون أعمالهم الإجرامية في الظلام لئلا يراهم أحد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19175 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() «طُرُقُهُمْ مُعَوَّجَةٌ، وَهُمْ مُلْتَوُونَ فِي سُبُلِهِمْ» ![]() اختار هِيرُودُسُ أن يسير هذا الطريق المُعوَّج، عندما أراد أن تكون له امرأة أخيه، ففي قدرته، كملك، أن يتزوَّج من يشاء مِن كل نساء المملكة، لكن الشيطان دائمًا يريد من الإنسان أن يسلك في طريق لا يرضي الرب، ويقنعه أن هذا الطريق سيجد فيه سروره «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ» (أم9: 17). فأصرّ هِيرُودُسُ على سلوك هذا الطريق الملتوِ بالرغم من أن «يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ» (مت14: 4). وللأسف كثيرون يسلكون هذا الطريق الملتويِ ناسين أن هذا الطريق أصله الحية القديمة (إبليس الملتوِ). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19176 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() «فَرِحِونَ بِفَعْلِ السُّوءِ ... مُبْتَهِجِونَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ»
![]() كان يمكن أن يقضي بَيْلْشَاصَّر ليلته الماجنة - وهو يشرب الخمر ويسكر- ولا يمد يده إلى أواني بيت الله، لكنه أراد أن يزداد سروره في تلك الليلة بتحدي الله نفسه، ففكَّر كيف يتباهى أمام عظمائه، فجاءته تلك الفكرة الجهنمية: أن يأتوا إليه بتلك الأواني، ويشربون فيها جميعًا الخمر. ويا للعجب على كل من يفرح بتعديه وصايا الله وفعل الخطية!! أما الأعجب فهو أنهم عندما أتوا بالآنية «كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيُسَبِّحُونَ آلِهَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالْخَشَبِ وَالْحَجَرِ» (دا5: 4). إنهم ليسوا فقط «فَرِحِينَ بِفَعْلِ السُّوءِ»، ولكنهم أيضًا «مُبْتَهِجِونَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ»؛ كانوا يعلمون تمامًا أن هذه الآلهة هي من صنع أياديهم، فيمكنهم تكسيرها وإعادة صنعها، أو حتى حرقها وإبادتها، فهم يعلمون تمامًا أنها كذبة كبيرة، لكنهم يصدقونها ويبتهجون بها! وإني أتعجب من أناس في أيامنا هذه يبتهجون بأكاذيب الشر، عندما يسيرون وراء فكر أو تعليم كاذب لا يمت بصلة لكلمة الله، حتى يصدقوه، ويعيشون في خداع مستمر! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19177 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الْفَرِحُونَ بِفَعْلِ السُّوءِ ... الْمُبْتَهِجُونَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ! ![]() إنَّ فعل الشر هو عارٌ، لكن من أعجب العجائب أن الشيطان يستطيع أن يُوهم أتباعه أن في ذلك فخرًا! فتجدهم يلهثون وراء فعل السوء، بل تجدهم في مجالسهم وفي سهراتهم يتبارون في إظهار كمّ الشرور التي يفعلونها سرًا وعلنًا. حقًا «مجدهم في خزيهم» (في3: 19). وفي أمثال 2: 13-15 نجد أن هذه النوعية من البشر تنطبق عليهم ثلاث صفات: 1. «تَارِكِينَ سُبُلَ الاِسْتِقَامَةِ لِلسُّلُوكِ فِي مَسَالِكِ الظُّلْمَةِ» ![]() إن الطريق الصحيح للفرح الحقيقي واضح، لكن الإنسان بطبيعته يحب أن يبعد عنه. قال المسيح عن نفسه: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ» (يو14: 6). لقد كان الطريق واضحًا جدًا أمام بيلشاصر، فقد كان ما حدث لأبيه نَبُوخَذْنَصَّر نفسه هو رسالة واضحة. لقد رأى أباه عندما صار كالحيوانات، ورآه مرة أخرى عندما رجع عقله إليه، وشهد عن الرب شهادة عظيمة: «أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ، أُسَبِّحُ وَأُعَظِّمُ وَأَحْمَدُ مَلِكَ السَّمَاءِ، الَّذِي كُلُّ أَعْمَالِهِ حَقٌّ وَطُرُقِهِ عَدْلٌ، وَمَنْ يَسْلُكُ بِالْكِبْرِيَاءِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُذِلَّهُ» (دا4: 37). ومع ذلك اختار بيلشاصر أن يبتعد عن الرب ويسلك طريقًا آخر، ظانًا أنه سيجد الفرح فيه، حتى إن دَانِيآل قال له: «أَنْتَ يَا بَيْلْشَاصَّرُ ابْنَهُ لَمْ تَضَعْ قَلَبَكَ مَعَ أَنَّكَ عَرَفْتَ كُلَّ هَذَا» (دا5: 22). وهؤلاء الناس لم يتركوا الطريق المستقيم فقط، بل أيضًا أحبوا الظلمة، فدائمًا ترتبط أفعال السوء بالظلام «أَحَبَّ النَّاسُ الظُّلْمَةَ أَكْثَرَ مِنَ النُّورِ، لأَنَّ أَعْمَالَهُمْ كَانَتْ شِرِّيرَةً» (يو3: 19)، وفي حياتنا اليومية نرى المجرمين يفعلون أعمالهم الإجرامية في الظلام لئلا يراهم أحد. 2. «فَرِحِونَ بِفَعْلِ السُّوءِ ... مُبْتَهِجِونَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ» ![]() كان يمكن أن يقضي بَيْلْشَاصَّر ليلته الماجنة - وهو يشرب الخمر ويسكر- ولا يمد يده إلى أواني بيت الله، لكنه أراد أن يزداد سروره في تلك الليلة بتحدي الله نفسه، ففكَّر كيف يتباهى أمام عظمائه، فجاءته تلك الفكرة الجهنمية: أن يأتوا إليه بتلك الأواني، ويشربون فيها جميعًا الخمر. ويا للعجب على كل من يفرح بتعديه وصايا الله وفعل الخطية!! أما الأعجب فهو أنهم عندما أتوا بالآنية «كَانُوا يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيُسَبِّحُونَ آلِهَةَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَالْخَشَبِ وَالْحَجَرِ» (دا5: 4). إنهم ليسوا فقط «فَرِحِينَ بِفَعْلِ السُّوءِ»، ولكنهم أيضًا «مُبْتَهِجِونَ بِأَكَاذِيبِ الشَّرِّ»؛ كانوا يعلمون تمامًا أن هذه الآلهة هي من صنع أياديهم، فيمكنهم تكسيرها وإعادة صنعها، أو حتى حرقها وإبادتها، فهم يعلمون تمامًا أنها كذبة كبيرة، لكنهم يصدقونها ويبتهجون بها! وإني أتعجب من أناس في أيامنا هذه يبتهجون بأكاذيب الشر، عندما يسيرون وراء فكر أو تعليم كاذب لا يمت بصلة لكلمة الله، حتى يصدقوه، ويعيشون في خداع مستمر! 3. «طُرُقُهُمْ مُعَوَّجَةٌ، وَهُمْ مُلْتَوُونَ فِي سُبُلِهِمْ» ![]() اختار هِيرُودُسُ أن يسير هذا الطريق المُعوَّج، عندما أراد أن تكون له امرأة أخيه، ففي قدرته، كملك، أن يتزوَّج من يشاء مِن كل نساء المملكة، لكن الشيطان دائمًا يريد من الإنسان أن يسلك في طريق لا يرضي الرب، ويقنعه أن هذا الطريق سيجد فيه سروره «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ» (أم9: 17). فأصرّ هِيرُودُسُ على سلوك هذا الطريق الملتوِ بالرغم من أن «يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ» (مت14: 4). وللأسف كثيرون يسلكون هذا الطريق الملتويِ ناسين أن هذا الطريق أصله الحية القديمة (إبليس الملتوِ). نهاية هذا النوع من الأفراح في نفس الساعة التي كان هِيرُودُسُ مسرورًا جدًا من رقص ابنه هِيرُودِيَّا بعدما طلبت منه رأس يوحنا على طبق، انقلب سروره إلى غم «فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ» (مت14: 9). وفي نفس الساعة التي كان بَيْلْشَاصَّرُ الملك يشرب هو وعظمائه وزوجاته وسراريه الخمر في آنية بيت الرب «ظَهَرَتْ أَصَابِعُ يَدِ إِنْسَانٍ، وَكَتَبَتْ بِإِزَاءِ النِّبْرَاسِ عَلَى مُكَلَّسِ حَائِطِ قَصْرِ الْمَلِكِ ... حِينَئِذٍ تَغَيَّرَتْ هَيْئَةُ الْمَلِكِ وَأَفْزَعَتْهُ أَفْكَارُهُ، وَانْحَلَّتْ خَرَزُ حَقَوَيْهِ، وَاصْطَكَّتْ رُكْبَتَاهُ. فَصَرَخَ الْمَلِكُ بِشِدَّةٍ» (دا5: 5-7). فهذا النوع من الأفراح لا يمكن أن يدوم أبدًا (أي20: 4-7). أيها الأحباء: «هَذِهِ ... يُبْغِضُهَا الرَّبُّ ... قَلْبٌ يُنْشِئُ أَفْكَارًا رَدِيئَةً، أَرْجُلٌ سَرِيعَةُ الْجَرَيَانِ إِلَى السُّوءِ» (أم6: 16-18)، «لأَنَّهُ هُوَ يَعْلَمُ أُنَاسَ السُّوءِ، وَيُبْصِرُ الإِثْمَ، فَهَلْ لاَ يَنْتَبِهُ؟» (أي11: 11). فيا ليتنا ننتبه، فلا تكون سعادتنا في السُّوءِ، بل بالعكس نكون متمثلين بسيدنا المجيد الذي قال: «أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلَهِي سُرِرْتُ. وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي» (مز40: 8). |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19178 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() الفرح عندما يدعو الله إلى التوبة!! ![]() «وَدَعَا السَّيِّدُ رَبُّ الْجُنُودِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إِلَى الْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ وَالْقَرْعَةِ وَالتَّنَطُّقِ بِالْمِسْحِ، فَهُوَذَا بَهْجَةٌ وَفَرَحٌ، ذَبْحُ بَقَرٍ وَنَحْرُ غَنَمٍ، أَكْلُ لَحْمٍ وَشُرْبُ خَمْرٍ! لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ» (إش22: 12، 13). لكي يتمتع الإنسان بسلام النفس وراحة الضمير، وبالتالي بالفرح الحقيقي الذي مصدره الرب، لا بد أن يأتي أولاً إلى الرب، تائبًا وحزينًا على حالته التي لا تتوافق مع قداسة الله، معترفًا بخطاياه واستحقاقه للدينونة، وفي الوقت ذاته مؤمنًا بكفاية عمل المسيح على الصليب، وتسديده لديونه الثقيلة. عندئذ يتمتع بغفران خطاياه، والحياة الجديدة، وبالفرح الحقيقي في الرب. لكن للأسف هناك مِن يبحث عن الفرح الزائف الوقتي بعيدًا عن الرب، وبذلك يخدع نفسه ويخدِّر ضميره، مع «الَّذِينَ يَحْسِبُونَ تَنَعُّمَ يَوْمٍ لَذَّةً» (2بط2: 13). في سفر إشعياء 22 نجد مثالاً لذلك. فلقد حاصر سنحاريب ملك أشور مدينة أورشليم، التي تسمى هنا ”وَادِي الرُّؤْيَا“ (ع1)، وأصبحت كل المدينة في حالة من الضوضاء والتشويش، وصعد الناس فوق الأسطح ليروا العدو القادم، والجيوش وهي تحاصر المدينة المنكوبة، إذ كان الشعب مبتعدًا عن الرب، ولم يكن الرب راضيًا على شعبه. ولقد بكى النبي إشعياء على ما أصاب الشعب، وقال: «اقْتَصِرُوا عَنِّي، فَأَبْكِي بِمَرَارَةٍ. لاَ تُلِحُّوا بِتَعْزِيَتِي عَنْ خَرَابِ بِنْتِ شَعْبِي» (ع4). جاء الأعداء ينقبون سور المدينة، وتحالف عيلام (فارس) وقير (موآب)، مع ملك أشور في حصار أورشليم (ع5، 6). ولم تكن هناك أسلحة كافية لمحاربة الجيوش المُحاصِرة (ع8). وقام الملك حزقيا بترميم السور، وإصلاح كل نقاط الضعف. لكن الأهم من ذلك أنه لبس مُسحًا ودخل بيت الرب وصلى. لكن ماذا كانت حالة الشعب؟! لقد انطبقت عليهم كلمات النبي: «لَكِنْ لَمْ تَنْظُرُوا إِلَى صَانِعِهِ، وَلَمْ تَرُوا مُصَوِّرَهُ مِنْ قَدِيمٍ» (ع11). لقد دعا السيد الرب في ذلك اليوم الشعب إلى البكاء والنوح، ليتواضعوا ويتوبوا عن حالتهم الردية، وإذا الشعب على العكس من ذلك تمامًا يُجيب على هذه الدعوة بالبهجة والفرح، وذبح البقر ونحر الغنم، وأكل لحم وشرب خمر، ولسان حالهم: «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ» (ع13)، متجاهلين كلام الرب. لذلك حكم الرب عليهم: «لاَ يُغْفَرَنَّ لَكُمْ هَذَا الإِثْمُ حَتَّى تَمُوتُوا» (ع14). «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ»! ما أخطر هذه الكلمات! وهذه الفلسفة المادية عديمة الإيمان لا زالت شائعة في الوقت الحاضر. والجهلاء يلهون أنفسهم بأفراح العالم الكاذبة، والتي تلهي الناس عن الله والأبدية. يقول الحكيم: «أَعْطُوا مُسْكِراً لِهَالِكٍ، وَخَمْرًا لِمُرِّي النَّفْسِ. يَشْرَبُ وَيَنْسَى فَقْرَهُ، وَلاَ يَذْكُرُ تَعَبَهُ بَعْدُ» (أم31: 6، 7). هذا هو العلاج الذي يُقدّمه العالم، لمثل هؤلاء، للتخدير والنسيان. فهم إذ يلهثون وراء المسرات والملاهي، وهم في حالة البعد عن الله، ينطبق عليهم قول الرسول: «الَّذِينَ نِهَايَتُهُمُ الْهَلاَكُ، الَّذِينَ إِلَهُهُمْ بَطْنُهُمْ وَمَجْدُهُمْ فِي خِزْيِهِمِ، الَّذِينَ يَفْتَكِرُونَ فِي الأَرْضِيَّاتِ» (في3: 19). «لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ»: ولكن هل الموت هو نهاية المطاف؟ لقد «وُضِعَ لِلنَّاسِ أَنْ يَمُوتُوا مَرَّةً ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الدَّيْنُونَةُ» (عب9: 27). فالخاطئ بعد موته سوف يواجه دينونة الله العادلة إزاء كل الخطايا التي فعلها (رو2: 6). وهكذا، فبدلاً من أن يبكي أهل هذا العالم ويتواضعون ويتوبون، نجدهم يبتهجون ويفرحون بأفراح خادعة. «لِنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ، لأَنَّنَا غَدًا نَمُوتُ»: اقتبس الرسول بولس هذا التعبير حين كان يشرح للمؤمنين حقيقة القيامة، فقال: «إِنْ كَانَ الأَمْوَاتُ لاَ يَقُومُونَ، فَلْنَأْكُلْ وَنَشْرَبْ لأَنَّنَا غَداً نَمُوتُ!» (1كو15: 32). أي أنه إذا لم يكن هناك قيامة أموات فلنعش كالبهائم، ولنتمتع بكل مباهج الحياة الباطلة والوقتية. فإنكار حقيقة قيامة المسيح يؤدي إلى إطلاق العنان لشهوات الجسد، والانحلال والفساد، كَمَا كَانَ الناس فِي أَيَّامِ نُوحٍ (لو17: 26، 27). يقول الرب في الموعظة على الجبل: «طُوبَى لِلْحَزَانَى، لأَنَّهُمْ يَتَعَزَّوْنَ» (مت5: 4). فالشخص الذي ينظر إلى نفسه، وينوح على حالته، ويقول في انكسار أمام الرب: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ»، ينشئ حزنه هذا فيه «تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ» (2كو7: 10). وهكذا تحذر كلمة الله غير المؤمنين: «نَقُّوا أَيْدِيَكُمْ أَيُّهَا الْخُطَاةُ، وَطَهِّرُوا قُلُوبَكُمْ يَا ذَوِي الرَّأْيَيْنِ. اكْتَئِبُوا وَنُوحُوا وَابْكُوا. لِيَتَحَوَّلْ ضِحْكُكُمْ إِلَى نَوْحٍ، وَفَرَحُكُمْ إِلَى غَمٍّ. اِتَّضِعُوا قُدَّامَ الرَّبِّ فَيَرْفَعَكُمْ» (يع4: 8-10). ليت كل مَن لا يزال بعيدًا عن الله يسمع نداء الرب: «ارْجِعُوا إِلَيَّ بِكُلِّ قُلُوبِكُمْ، وَبِالصَّوْمِ وَالْبُكَاءِ وَالنَّوْحِ. وَمَزِّقُوا قُلُوبَكُمْ لاَ ثِيَابَكُمْ. وَارْجِعُوا إِلَى الرَّبِّ إِلَهِكُمْ لأَنَّهُ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ، بَطِيءُ الْغَضَبِ وَكَثِيرُ الرَّأْفَةِ وَيَنْدَمُ عَلَى الشَّرِّ» (يؤ2: 12، 13)، وسوف يتحول النوح إلى فرح لا ينطق به ومجيد. |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19179 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() لا تبحث عن الله ![]() لا تبحث عن الله! إذا بحثت عنه لا تجده. بحثك نفسه هو ما يبعدك عنه. بحثك نفسه هو ما يحجبه. بحثك يعني ضمنا أنه مفقود، من ثم فإنك مهما بحثت لا تصل. تخيل أنك تبحث عن نظارة هي بالفعل فوق رأسك، أو عن قلادة هي بالفعل في عنقك: هل يمكن أن تعثر عليها؟ إن العقل محموما بالبحث يتوجه كله خارجا بينما غاية المطلوب هو بالعكس أن يسكن هذا العقل تماما وأن يستريح ويطمئن! عندئذ لن تعثر فقط على ما تريد ولكنك ستدرك أيضا أنك في الحقيقة لم تفقده ابتداء ولم تفارقه أبدا! بالمثل متى غاب الله حقا أو فـُقـد؟ فقط ضع عقلك جانبا، ضع ذاتك كلها جانبا، وسترى عندئذ الحقيقة! ليس هنا أي ظل حقا سوى ظلك أنت، لأنك ببساطة تقف في طريق الشمس! لا تحدق إذاً بالظل ثم تشكو غياب النور أو تذهب باحثا عنه! فقط تنحّ جانبا يتنحى الظل معك! أنت تخدع نفسك حين تجعل من "بحثك" ذاته مبررا لبقائك بينما ليس هناك ابتداء ما يدعو لأي بحث! تريد أن تكون أنت بذاتك الذي "يحب" أو "يعطي" أو "يغفر" وهيهات "أنت" لا تملك ذلك أبدا! تبذل قصارى ما تستطيع كي تكون "وعاء" جديرا بالنعمة ويفوتك أن المقصود أولا وآخرا ليس الوعاء وإنما النعمة ذاتها! ضع من ثم نفسك اللاهثة وضع عقلك المحموم وكل أفكارك جانبا، وليسكن فلبك تماما ويطمئن، عندئذ ترى أنه ليس سوى النور هنا حقا، بحار من النور في كل مكان! عندئذ تدرك أن ما كنت تبحث عنه لم يغب في الحقيقة أبدا، لأنه ليس بكل الوجود سواه أصلا! عندئذ ـ وقد غابت ذاتك كليا ـ يتجلى الله من ثم كليا، وها أنت ـ في لحظة ـ تحلق عاليا بمدارات الشموس في أفلاك المجد على باب العظمة والبهاء والجلال عند عتبات عرش الجمال في قلب الحضرة الإلهية ذاتها! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 19180 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() مـــــن يــزرع الأمـــل ...
![]() في احدى البلدات الصغيرة كان هنالك أختان يتيمتان سارة و ريتا يحبان بعضيهما كثيراً في احد الايام مرضت سارة الاخت الصغيرة بمرض خطير جداً وظلت هذه الفتاة تعاني من الالام يوماً بعد يوم وظلت حزينة جداً ... وبقيت سارة ممدة على فراشها تعاني كثيراً من مرض خطير.واصبحت لا تقوى على التحرك من فراشها الا الشيء القليل .. حيثُ كانت أختها الكبيرة ريتا تهتم فيها كثيراً • ففي يوم من الايام سألت سارة أختها الكبيرة ريتا وهي تراقب شجرة بالقرب من نافذة غرفتها : كم ورقــة مُتبقية على الشجرة ؟ فأجابت الأخت الكبيرة وعينيها تملئها الدموع والحزن الشديد ..! لماذا تسألين ذلك يا حبيبتي ؟! أجابت البنت الصغيرة سارة : لأنني أتوقع أن أيامي سوف تنتهي بعد وقوع اخر ورقة !! ردت ريتا أختها الكبيرة وقالت لها وهي مُبتسمة : إذن حتى ذلك الوقت سوف نستمتع بحياتنا ونعيش أياماً جميلة ورائعة. • مرت أيام عديدة .. وتساقطت الأوراق الواحدة تلو الأخرى تباعاً وبقيت ورقة واحدة فقط ............... ظلت الأخت الصغيرة المريضة ( سارة ) تُراقب هذه الورقة الأخيرة !! ظناً منها بأنه بوقوع هذه الورقة المُتبقية سوف ينهي المرض حياتها نهائياً • انقضى فصل الخريف بأكمله .... وجاء بعده الشتاء وانقضى ايضاً .... ومرت سنه .... ولم تسقط هذه الورقة !! وأثناء ذلك الفتاة كانت سعيدة جداً مع أختها ظناً منها بأن تلك اخر ايامها .... ولكن بعد مرور تلك الفترة الطويلة بدأت سارة تستعيد عافيتها من جديد !! الى ان شُفيَت تماماً من مرضها الخطير واستطاعت بعدها التحرك بشكل افضل بكثير فكان أول شيء فعلتهُ هو الذهاب الى تلك الورقة العجيبة ظناً منها بأنها معجزة حصلت لها الى ان شفيت تماماً ولم تسقط تلك الورقة ؟! فحصلت المفاجأة التي لم تكُن تتوقعها ابداً ... • اثناء وصولها للمكان رأت ورقة بلاستيكية ثبتتها أختها جيداً على الشجرة.. لأنها كانت تحبها كثيراً ولا تريد أن ترى خوف أختها و لكي يبقى الأمل عند أختها المحبوبة سارة بالشفاء ... نتعلم يا أخوتي وأخواتي من هذه القصة المؤثرة بأنَ : الأمــــــــل ... هــو روح أخــرى إن فقــدتهُ يوما من الأخرين ... لا تحرم غيرك منه .. مـــــن يــزرع الأمـــل فــي قلـــوب الأخــرين يستحــق كــل التقــدير والاحـترام والإكــرام * * * أشكرك أحبك كثيراً... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||