06 - 10 - 2017, 05:01 PM | رقم المشاركة : ( 19051 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الفرح ... ما هو؟ الفرح هو تيار من المشاعر يتدفَّق داخل الكيان البشري في ظروف معيَّنة، يجعل الشخص يُحبّ اللحظة التي يحدث فيها هذا، ويتمنى استمراره. وهو رد الفعل الإنساني مع الأشياء المُحبَّبة والمرغوبة، سواء محسوسة أو مرئية أو مُدرَكة بالذهن. أفراح وهمية وأفراح حقيقية ما أدخلته الخطية من الحزن وأسبابه الكثيرة جعل الإنسان يسعى جاهدًا لإزالة الغَمّ الذي أحاطه، ويحاول ملء فراغه النفسي وشعوره بالخواء؛ فأصبح يبحث عن الفرح، بكل الطرق، للتعويض عن بؤس الخطية. الأفراد يبحثون والمجتمعات تبحث، والعالم أصبح ممتلئًا من الدعاية عن طرق اللهو والترويح عن النفس، وهناك قطاع كبير في الحياة مخصَّص للبحث عن هذه المتع وتجهيزها واستحضارها له، وتجديدها بين الحين والآخر حتى لا تكون مملة. والأفراح أنواع: 1. أفراح إنسانية مؤقتة متزعزعة فيها يفرح الإنسان بعطايا الله له: زوجة، أولاد، صحة، ممتلكات، مواهب. كما يفرح بإشباع احتياجاته الضرورية: أكل، شرب، جنس، قبول الآخرين له، علاقات اجتماعية. ويفرح باجتهاده وتحقيق طموحاته ونجاحه، وهذا حقه الشرعي؛ إلا أن جميع هذه الأفراح مؤقَّتة يتبعها مزيد من الشعور بالاحتياج. ولعل أقرب النماذج لهذا النوع من الفرح نجده في سليمان الملك، الذي أخذ من عطايا ومباهج الحياة أقصاها، وقرَّر أن يمتِّع نفسه حتى آخر الشوط منها، وعمل لنفسه ما لم يعمله آخر قبله أو بعده، مستخدمًا ما عنده من إمكانيات لم يكن لها نظير. إلا أن تقريره النهائي بعد كل هذا «ثُمَّ الْتَفَتُّ أَنَا إِلَى كُلِّ أَعْمَالِي الَّتِي عَمِلَتْهَا يَدَايَ، وَإِلَى التَّعَبِ الَّذِي تَعِبْتُهُ فِي عَمَلِهِ، فَإِذَا الْكُلُّ بَاطِلٌ وَقَبْضُ الرِّيحِ (يبعث على الانقباض والخواء)، وَلاَ مَنْفَعَةَ تَحْتَ الشَّمْسِ!» (جا2: 11). وهذه هي النتيجة الحتمية لكل مَن يجعل الأفراح الإنسانية هدفه. 2. أفراح وهمية غير مشروعة عندما تسيطر رغبة اللذة على الإنسان، ويكون هدفه الحصول على الفرح بأي ثمن، وعندما لا تكفيه الوسائل الإنسانية المؤقَّتة والمشروعة التي أشرنا إليها، تدفعه هذه الرغبة إلى الوصول للفرح ولو بطرق غير مشروعة، حتى وإن جعله هذا يتخلى عن بعض القيم والمبادئ؛ فإلحاح رغبة الحصول على المتعة يكون أقوى في تأثيره من قوة الإدراك الروحي لخطورة ما يفعل. هذا ما حدث مع شمشون في تاريخه (قض14-16)، وهو ما أشار إليه الكتاب بالقول: «الْمِيَاهُ الْمَسْرُوقَةُ حُلْوَةٌ، وَخُبْزُ الْخُفْيَةِ لَذِيذٌ» (أم9: 17). وهذا يحدث مع الكثيرين من علاقات، ومكالمات، ومناظر، وربما قرارات غير مشروعة تُمَارَس في الظلام بعيدًا عن الأعين. لكن هذه الأفراح ليست فقط وهمية لكنها أيضًا مُكلّفة جدًا «فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ» (أم23: 32). 3. الفرح الحقيقي هو تيار الفرح الذي يتدفَّق في كيان الشخص الداخلي الممتلئ والذي لا ينقصه شيء. هو الحالة المزاجية الدائمة للشخص، وهي تختبئ في كيانه الداخلي، تحت أي نوع من التفاعل الخارجي، سواء ابتسامات أم دموع، ينام الشخص ويستيقظ بها. ليست هي بالضرورة رد فعل لشيء مُفرح ظاهر، بل هي مبنية على إدراكٍ واعٍ ليقينيات ثابتة لا تتزعزع تملأ كيانه. وتجعل الروح مستقرة، وكل الكيان يتجاوب معها، فيقول: «قَلْبِي وَلَحْمِي يَهْتِفَانِ بِالإِلَهِ الْحَيِّ» (مز84: 2). كل سُحب الحياة وضبابها تعبر سريعًا ولا تزيلها. إنه حقيقة «اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ» (في4: 4). ينابيع الفرح الحقيقي واضح أن هذا الفرح هو فقط من نصيب المؤمن المسيحي الذي وُلِد من الله وقَبِل المسيح مخلِّصًا شخصيًا له، ومن وقتها تم فيه القول: «ذَهَبَ فِي طَرِيقِهِ فَرِحًا» (أع8: 39). هذا الفرح هو نفس نوع فرح المسيح الذي عاش به على الأرض «لِكَيْ يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ» (يو15: 11). وبالتالي هو فرح سماوي في نوعه، فيه يتذوق المؤمن عيّنات من الأفراح التي ستغمره في السماء. المؤمن ليس مستودع لهذا الفرح، لكن المسيح هو المستودع، والمؤمن يحصل عليه على قدر حجم اتصاله بهذا المستودع غير المحدود. جميع عطايا الدنيا ومسرَّاتها بدون المسيح لا تأتي بهذا الفرح. وحرمان المؤمن من كل العطايا في الوجود، لا ينزع هذا الفرح، طالما أن المسيح آخذ مكانه في الحياة. بل حتى المرض والألم والظلم والحرمان أو التجارب المتنوعة، لا تعيق سريان هذا الفرح. لقد جُلِد التلاميذ قديمًا «أما هم فذَهَبُوا فَرِحِينَ» (أع5: 41). هذه الأشياء تمنع الأفراح الإنسانية المؤقَّتة العادية، لكنها لا تمنع فرح السماء. الأفراح الإنسانية يحاول الشخص الحصول عليها، ويتعب في طريق ذلك ويُنفق، أما هذا الفرح فهو يتدفق تلقائيًا في كيان المؤمن الروحي طالما المسيح أمام القلب، ويجدِّد القوة في كيان المؤمن «لأَنَّ فَرَحَ الرَّبِّ هُوَ قُوَّتُكُمْ» (نح8: 10). سبيكة الفرح عرفنا أن هناك ثلاثة أنواع من الفرح. فهل أفراح المؤمن هي من النوع الروحي الحقيقي فقط، ولا علاقة له ببقية الأفراح؟ المؤمن إنسان وله حياة إنسانية، وهذه الحياة تفرح بكل عطايا الله. ومَن مِن المؤمنين لا يفرح في نجاحه أو زفافه؟ لكن المؤمن فيه حياة الله، والمسيح في حياته هو محور الأفراح الحقيقية. كما أن فيه أيضًا الجسد، الذي يسعى أحيانًا لرغبات ممتعة، ليست بريئة. إذًا فأفراح المؤمن هي سبيكة من كل أنواع الفرح. ونسبة كل نوع مِن هذه الأفراح الثلاثة يتناسب مع حالته الروحية، ووجود المسيح أمام قلبه. كلما ارتفعت حالته وثبَّت عينه على المسيح، كلما زاد الفرح الروحي لديه، وبالتالي انخفضت بقية أنواع الفرح؛ والعكس صحيح. وعندما تسمو حالته فحتى أفراحه الإنسانية تكون مطبوعة بالطابع الروحي، ففي نجاحه لا يفرح فقط كإنسان نجح، بل أيضًا لأنه مؤمن مجد الله في نجاحه. كما يُسر في كل أموره الزمنية لأن الله هو الذي أعطاها له ويشكره عليها. |
||||
06 - 10 - 2017, 05:07 PM | رقم المشاركة : ( 19052 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الفرح الحقيقي للخليقة الجديدة «يَسُوعَ الْمَسِيحِ ... إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَرَوْنَهُ الآنَ لَكِنْ تُؤْمِنُونَ بِهِ، فَتَبْتَهِجُونَ بِفَرَحٍ لاَ يُنْطَقُ بِهِ وَمَجِيدٍ» (1بط1: 8) إن فرح المؤمنين الحقيقي هو فرح القيامة التي فرَّحت البشرية المفدية كلها. إنه فرح مرتبط بالخليقة الجديدة ولا انفصال بينهما. وهذا الفرح قد ملأ حياة التلاميذ ووِجدانهم يوم القيامة. وهو فرح بأثر رجعي، يوم غطى على كل ما تركه الصليب وآلام المسيح والموت والإنكار والهروب من جروح دامية في قلوب التلاميذ. ولا زال أثره الرجعي يعمل في قلوب التائبين كل يوم لأكثر من ألفي عام، إذ يُنسيهم ماضيهم الأثيم. إنه فرح مُستمر فوق الزمن والخليقة الحاضرة، وهو الذي يعوِّضنا عن كل خسارة في طريق ربحنا للمسيح. وهو القوة الدائمة والمشجِّعة والدافعة لجهادنا اليومي، كما أنه عربون لأفراح كنعان الأبدية. أولاً: فرح الروح بين الأفراح الفرح الذي يهَبه لنا الرب من لحظة إيماننا (1بط1: 8) ليس على مستوى الجسد أو النفس فقط، ولكنه أساسًا على مستوى الروح. إنه فرح في الإنسان الباطن. أما الفرح الجسدي فهو نتاج إشباع شهوات الجسد، وكل مُتعقِّل يتذوَّق هذا الفرح بكل انضباط. والفرح على مستوى النفس هو حصاد زرع وتعب وكَدّ، وتحت مظلة هذا النوع يندرج كل فرح لأي نجاح زمني مشروع (جا2: 10). ومصادر هذا الفرح زمنية وقتية. وكِلا الفَرحين: الجسدي والنفسي، طبيعي، وفي محله، طالما في نطاق مشيئة الله. وأما فرح الروح (غل5: 22)، وهو نفسه فرح الملكوت (رو14: 17)، فهو فرح لا يُنطَق به ومجيد (1بط1: 8)، وهو ذاته الفرح في الرب (في4: 4). وهو ما أطلق عليه - تبارك اسمه - «فَرَحِي» (يو15: 11). وبواعث الفرح الروحي إلهية وروحية، ترتبط بالخليقة الجديدة، ومصدره المسيح في المجد (رأس الخليقة الجديدة)؛ لذلك فتأثيره أسمى جدًا من تأثير كل الأرضيات الباعثة للفرح النفسي. وفرح الروح عادةً ما يفرغنا من ذواتنا ويُنسينا أنفسنا. بينما أسمى فرح على مستوى النفس يشغلنا بأنفسنا وبما حقَّقناه، ويعظِّم ذواتنا وما أنجزناه. ثانيًا: تعريف فرح الروح وتكوينه يصعب تعريف فرح الروح، ولكن يسهل تذوُّقه. وللتبسيط أقول: إنه الهدوء الجليل لقلب نقي. والقلب النقي لا بد قد تدَّرب أن يُثبِّت عينه على المسيح في المجد، مصدر الفرح. ومن المجد ينساب السلام في القلب. واذ لا يجد هذا النبع السماوي ما يعيق جريانه (خطية)، فإنه يفيض في القلب بفرح غامر، وسلام عميق كالنهر. ثالثًا: طابع الفرح الحقيقي الفرح في الرب لا علاقة له بالضحك، ولم يُذكر إطلاقًا عن رب المجد (مصدر الفرح) أنه ضحك، ولم يذكر ذلك عن الرسول بولس رسول الفرح. والضحك ليس خطأ، طالما في وقتهِ، وفي حدود ووقار؛ ولكنه ليس تعبيرًا عن فرح الروح، والذي يتميَّز بأنه: 1- لا يُنطَق به ومجيد: (1بط1: 8). فإيماننا الحقيقي (منذ لحظة تسليم الحياة للمسيح) يبتهج بفرح تعجز الكلمات عن وصفه. إنه فرح مُمتلئ بالأمجاد السماوية. وبفرح الإيمان هذا وقوَّته، بدأ كل مؤمن طريقه مع المسيح. 2- كاملٌ: «وَأَمَّا شَرِكَتُنَا نَحْنُ فَهِيَ مَعَ الآبِ وَمَعَ ابْنِهِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ. وَنَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ يَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلاً» (1يو1: 3، 4). وسر كماله إنه نتاج الشركة مع الله، وهي قمة ما يتمنَّاه القلب البشري فيكمُل فرحه بها. 3- دائم: فأمر الوحي لنا من الرسول الأسير أن «اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ كُلَّ حِينٍ» (في4: 4). 4- مرتبط برؤيتنا للرب: فغياب المسيح ولَّد البكاء والنوح للتلاميذ (يو16: 20، 22). وإذ رأوا الرب فرحوا فرحًا عظيمًا (لو24: 41؛ يو20: 20). 5- ثابت في قلوبنا، ولا يمكن لأحد أن ينزعه منا (إلا بغباوتنا وخطايانا): إنه فرح المسيح ليلة صليبه، والقوة الساندة له في مُحاكمته؛ عبرَ الدينونة الإلهية، فأخرج لنا فرح القيامة، والذي يستمد مصادره من المجد. ولا يمكن لظرف أن يزحزحه طالما المؤمنون يرونه بعيون إيمانهم. رابعًا: مصدر الفرح الرب وحده «اِفْرَحُوا فِي الرَّبِّ» (في4: 4). والطبيعة الساقطة فينا لا تؤمن بهذا ولا تصدِّق هذا. وفي إشراقة وجه الابن الكريم، نجد الفرح الذي لا تُفسده الأحزان. وفي الملء بالروح القدس، تفيض ينابيع الفرح، وتخفِّض كل مقاييس لأفراح مُغايرة. وهذا الينبوع الإلهي للفرح كافٍ لكل وقت، ولكل الظروف. إن الله فيه كل الكفاية ليغمر بالفرح الكامل كل نفس لا تبغي إلا مشيئته ومشيئته فقط، وخلاص نفسها والآخرين، بكل هدوء، وكفى. |
||||
06 - 10 - 2017, 05:09 PM | رقم المشاركة : ( 19053 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل الله يفرح؟ «هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ، حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي» (مت12: 18) كي لا نتسرع في الإجابة عن هذا السؤال، علينا أن نفهم أولاً معناه، فنحن هنا أمام سؤالين لا سؤال واحد، وهما: 1. هل الله عنده مشاعر تمكنه أن يشعر بالفرح؟ 2. وإذا كانت إجابة السؤال السابق بنعم؛ فهل هناك أمر ما يمكن أن يجعل الله يفرح؟ ولعلَّ إجابة السؤال الأول واضحة، حيث إن المشاعر التي توجد في الإنسان، بل وحتى في الحيوان، اللذان خلقهما الله، تُبرهن على وجود خالق يتمتع - على الأقل - بمثل هذه المشاعر؛ كما أن الإعلان الذي قدَّمه الله للبشرية وضَّح هذه الحقيقة مرارًا كثيرة عندما نقرأ أن الله يحب (يو3: 16)، ويكره (أم6: 16)، ويحزن (تك6: 6)، ويَغِير (خر20: 5)، ويغضب (مز7: 11)، ويضحك (مز2: 4)، ويُشفق (يونان 4: 11)... إلخ، وهذا ما أكَّده لنا أيضًا ”كلمة الله“، شخص ربنا يسوع المسيح في حياته على أرضنا. إذًا، نعم الله عنده مشاعر. ولكن علينا أن نُفرِّق جيدًا بين مشاعرنا التي تلوَّثت بالخطية، وبين مشاعر الله القدوس. فيمكن لمشاعرنا أن تتدخَّل في حكمنا على الأمور، بل وتحل تمامًا محل البِرِّ والعدل؛ فالإنسان في غضبه - على سبيل المثال - كثيرًا ما يُخطئ في الحكم على الأمور، وفي حجم العقوبة، فلا يصنع بالتالي بر الله (يع1: 20)، بعكس الله تمامًا الذي غضبه على أساس العدل الإلهي وليس على أساس المشاعر. كما أن الله لا يختبر تقلباتنا المزاجية، فهو لا يتغيَّر، وأفعاله تتوقَّف على ثبات شخصه وعلى صدق مقاصده، ووعوده التي بلا ندامة (رو11: 29)، وليس على أساس مشاعره؛ وإلا كان أمر خلاصنا هو المستحيل بعينه! وهذا ما أعلنه الله «لأَنِّي أَنَا الرَّبُّ لاَ أَتَغَيَّرُ فَأَنْتُمْ ... لَمْ تَفْنُوا» (ملا3: 6). وعلى هذا الأساس وعد الرب بعدم هلاك المؤمن (يو10: 28)، بالرغم من إحزاننا المتكرر لروحه (أف4: 30). ولكي نجيب عن السؤال الثاني، دعنا نعطي تعريفًا بسيطًا عن الفرح كما جاء في موسوعة الوكيبيديا (www.wikipedia.org): ”هو حالة عقلية أو عاطفية، تتميَّز بالمشاعر الإيجابية التي تتراوح بين الرضا إلى السعادة الشديدة“. أي أن أولى درجات الفرح هو الشعور بالرضا، وآخره هو الشعور بالسعادة الشديدة. وهنا يأتي التساؤل: ما هو الأمر الذي يتناسب مع إله عظيم غير محدود، كلي القدرة والعلم والحكمة والجبروت حتى يستطيع أن يُفرحه؟! إذا نظرنا للإنسان – تاج خليقة الله - نجد أنه فشل تمامًا في تحقيق هذا القصد، إذ إن أيوب وهو «كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ ... وأَعْظَمَ كُلِّ بَنِي الْمَشْرِقِ»، فشل، لا في إسعاد الله فحسب، بل حتى في إرضائه (أي9: 2، 3). ولا غرابة فإن الرجل «فَارِغٌ عَدِيمُ الْفَهْمِ، وَكَجَحْشِ الْفَرَا يُولَدُ الإِنْسَانُ» (أي11: 12). وهنا يثبت فشل الإنسان في أن يُفرح الله. ولكننا نتفاجأ بهذا الإعلان: «هُوَذَا عَبْدِي الَّذِي أَعْضُدُهُ، مُخْتَارِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي (ولهذا نراه يذكر صفاته). وَضَعْتُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْرِجُ الْحَقَّ لِلأُمَمِ» (إش42: 1-4). وهنا لم يعلن الله رضاه فقط، بل سروره، وهو ما لا ينطبق إلا على ابنه، الرب يسوع المسيح (مت12: 17، 18). ولهذا لا نتعجَّب عندما يُعلن الله بنفسه، مرتين، عن سروره بابنه قائلاً: «هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ» (مت3: 17؛ 17: 5)؛ فهو الوحيد الذي استطاع أن يصل إلى مطاليب الله. ولكيلا يظل هذا الأمر مقتصرًا على ابنه الوحيد فقط، نرى الله - في غنى نعمته - قصد بأن يجعلنا أبناء لنفسه (أف1: 5)، لنكون «مُشَابِهِينَ صُورَةَ ابْنِهِ» (رو8: 29). وهذا معناه أنه لكي نُفرح الله يجب - عمليًّا - أن نكون مشابهين للمسيح. ولهذا حزن الرسول بولس بشدة من حال المؤمنين في غلاطية، فعاتبهم قائلاً: «يَا أَوْلاَدِي الَّذِينَ أَتَمَخَّضُ بِكُمْ أَيْضًا إِلَى أَنْ يَتَصَوَّرَ الْمَسِيحُ فِيكُمْ» (غل4: 19). فإذا عرفنا أن سلوكنا يؤثِّر في مشاعر الله، فهذا يجعلنا نهتم جدًّا به، لا لكي نخلص وندخل السماء، لأن هذا الأمر يتوقف - كما سبق وذكرنا - على ثبات مقاصد الله وبره، ولكن لأن رضاه أصبح غايتنا، وسروره هو أقصى أمانينا. • عندما يتقاسم عدد كبير من الناس فرحتهم، فإن فرحة كل فرد ستكون مضاعفة؛ وكأن الكل يضيف وقودًا إلى لهب الآخر. (أغسطينوس) |
||||
06 - 10 - 2017, 05:17 PM | رقم المشاركة : ( 19054 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فرح المسيح في الحياة تأملوا ذلك الفريد المجيد، في متى11: 16-30، مُجرَّبًا، مرفوضًا، مُهانًا من ذلك الجيل المتقلِّب الذي لم يؤمن به بعد كل أعمال محبته ومعجزات قوته، مما يعني أن كل أتعابه ضاعت سدى بحسب الظاهر. فكيف تصرَّف الرب إزاء هذا؟ «فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ» (مت 11: 25، 26). وبحسب لوقا 10: 21 يرد القول: «فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ». وهكذا كان للمسيح فرح بمسرة الآب، وبالذين أعطاهم الآب له. وثمة سبب آخر ارتبط بفرح المسيح في حياته، وهو أنه كان رجل الاتكال على الله، وهو ما أشار إليه المزمور في المقتبسة عالية. كان المسيح هو النموذج الكامل لشخص وضع اتكاله وثقته غير المحدودة في الآب، لذلك يستطرد المزمور قائلاً: «لِذَلِكَ فَرِحَ قَلْبِي، وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا». أي أن قلبه وروحه وكيانه الإنساني كله امتلأ بالسرور والرجاء. |
||||
06 - 10 - 2017, 05:18 PM | رقم المشاركة : ( 19055 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فرح المسيح في الموت والقيامة في الليلة التي أُسْلِمَ فيها، كان الرب يتطلَّع إلى الوقت القريب الذي فيه يجمع خاصته من حوله في ملكوت الآب ليحتفل معهم بنتيجة الفداء العظيم، وكان المسيح واضعًا أمامه مشيئة الآب، وطاعته حتى الموت. ومعرفة المسيح المسبقة بالآلام والأحزان التي كان سيواجهها، وبالكأس المريرة الرهيبة التي كان سيتجرعها، لم تُثنِ عزمه عن أن يستمر في إتمام قصد الآب، وعبَّر عن ذلك قائلاً: «وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي. ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ» (مت26: 29-30). خرج الرب إلى بستان جثسيمانى، حيث بدأ مشواره المرتقب إلى الصليب، عابرًا وادي قدرون، مُثبِّتًا وجهه نحو أورشليم، وهو عَالِمٌ بكل ما يأتي عليه من خيانة وإنكار وترك من المقرَّبين، ومحاكمات ظالمة، وإهانات نفسية وآلام جسدية، وفوق الكل، الترك الإلهي الرهيب وهو فوق الصليب، عندما اكتنفته الظلمة الدامسة؛ ولكنه قابَل كل ذلك بكل الرضا «الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ» (عب12: 2). كان سروره في أن يُمجِّد الآب، ويرفع آثار الخطية من أمام وجهه، ويضمن مكانًا في المجد لهؤلاء الذين أحبهم وفداهم. لقد قام المسيح من الأموات في اليوم الثالث، فتمَّت كلماته «تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ». بعد ذلك نقرأ عن ارتفاع المسيح ومجده حيث يقول: «أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ» (مز16: 11). لقد عرف «سُبُلَ الْحَيَاةِ» (مز16: 11؛ أع2: 28)؛ الحياة في ملئها وغمرها هناك في قمة المجد المجيد. إن أسمى قمة في سرور المسيح ليس المجد في ذاته، بل محضر الله! |
||||
06 - 10 - 2017, 05:19 PM | رقم المشاركة : ( 19056 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فرح المسيح في مجيئه ثانية في حديثه الأخير في العلية، وعد الرب أن يأتي ثانية ليأخذ كنيسته، فقال: «أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» (يو14: 2، 3). وسيكون مجيئه مصحوبًا بفرح عظيم؛ فكما يفرح العريس بعروسه، هكذا سيكون فرح المسيح بالكنيسة، عروسه السماوية، لكن على قياس أعظم «لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ» (1تس4: 16). سوف يأتي الرب بموكب فرح عظيم، بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، والهتاف يدل على الفرح والسرور. وعن ظهور المسيح لعروسه الأرضية نقرأ قول العروس الأرضية: «صَوْتُ حَبِيبِي. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى الْجِبَالِ، قَافِزًا عَلَى التِّلاَلِ» (نش2: 8). ففي الظهور سيكون المسيح: «طَافِرًا» من شدة الفرح، «قَافِزًا» أي مُسرعًا، «عَلَى الْجِبَالِ ... عَلَى التِّلاَلِ» أي منتصرًا. «آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ» |
||||
06 - 10 - 2017, 05:20 PM | رقم المشاركة : ( 19057 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح وأفراحه «جَعَلْتُ الرَّبَّ أَمَامِي فِي كُلِّ حِينٍ، لأَنَّهُ عَنْ يَمِينِي فَلاَ أَتَزَعْزَعُ. لِذَلِكَ فَرِحَ قَلْبِي وَابْتَهَجَتْ رُوحِي» (مز16: 8، 9) أولاً: فرح المسيح في الحياة تأملوا ذلك الفريد المجيد، في متى11: 16-30، مُجرَّبًا، مرفوضًا، مُهانًا من ذلك الجيل المتقلِّب الذي لم يؤمن به بعد كل أعمال محبته ومعجزات قوته، مما يعني أن كل أتعابه ضاعت سدى بحسب الظاهر. فكيف تصرَّف الرب إزاء هذا؟ «فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ: أَحْمَدُكَ أَيُّهَا الآبُ رَبُّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لأَنَّكَ أَخْفَيْتَ هَذِهِ عَنِ الْحُكَمَاءِ وَالْفُهَمَاءِ وَأَعْلَنْتَهَا لِلأَطْفَالِ. نَعَمْ أَيُّهَا الآبُ لأَنْ هَكَذَا صَارَتِ الْمَسَرَّةُ أَمَامَكَ» (مت 11: 25، 26). وبحسب لوقا 10: 21 يرد القول: «فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَهَلَّلَ يَسُوعُ بِالرُّوحِ». وهكذا كان للمسيح فرح بمسرة الآب، وبالذين أعطاهم الآب له. وثمة سبب آخر ارتبط بفرح المسيح في حياته، وهو أنه كان رجل الاتكال على الله، وهو ما أشار إليه المزمور في المقتبسة عالية. كان المسيح هو النموذج الكامل لشخص وضع اتكاله وثقته غير المحدودة في الآب، لذلك يستطرد المزمور قائلاً: «لِذَلِكَ فَرِحَ قَلْبِي، وَابْتَهَجَتْ رُوحِي. جَسَدِي أَيْضًا يَسْكُنُ مُطْمَئِنًّا». أي أن قلبه وروحه وكيانه الإنساني كله امتلأ بالسرور والرجاء. ثانيًا: فرح المسيح في الموت والقيامة في الليلة التي أُسْلِمَ فيها، كان الرب يتطلَّع إلى الوقت القريب الذي فيه يجمع خاصته من حوله في ملكوت الآب ليحتفل معهم بنتيجة الفداء العظيم، وكان المسيح واضعًا أمامه مشيئة الآب، وطاعته حتى الموت. ومعرفة المسيح المسبقة بالآلام والأحزان التي كان سيواجهها، وبالكأس المريرة الرهيبة التي كان سيتجرعها، لم تُثنِ عزمه عن أن يستمر في إتمام قصد الآب، وعبَّر عن ذلك قائلاً: «وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي مِنَ الآنَ لاَ أَشْرَبُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ هَذَا إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيدًا فِي مَلَكُوتِ أَبِي. ثُمَّ سَبَّحُوا وَخَرَجُوا إِلَى جَبَلِ الزَّيْتُونِ» (مت26: 29-30). خرج الرب إلى بستان جثسيمانى، حيث بدأ مشواره المرتقب إلى الصليب، عابرًا وادي قدرون، مُثبِّتًا وجهه نحو أورشليم، وهو عَالِمٌ بكل ما يأتي عليه من خيانة وإنكار وترك من المقرَّبين، ومحاكمات ظالمة، وإهانات نفسية وآلام جسدية، وفوق الكل، الترك الإلهي الرهيب وهو فوق الصليب، عندما اكتنفته الظلمة الدامسة؛ ولكنه قابَل كل ذلك بكل الرضا «الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ» (عب12: 2). كان سروره في أن يُمجِّد الآب، ويرفع آثار الخطية من أمام وجهه، ويضمن مكانًا في المجد لهؤلاء الذين أحبهم وفداهم. لقد قام المسيح من الأموات في اليوم الثالث، فتمَّت كلماته «تُعَرِّفُنِي سَبِيلَ الْحَيَاةِ». بعد ذلك نقرأ عن ارتفاع المسيح ومجده حيث يقول: «أَمَامَكَ شِبَعُ سُرُورٍ. فِي يَمِينِكَ نِعَمٌ إِلَى الأَبَدِ» (مز16: 11). لقد عرف «سُبُلَ الْحَيَاةِ» (مز16: 11؛ أع2: 28)؛ الحياة في ملئها وغمرها هناك في قمة المجد المجيد. إن أسمى قمة في سرور المسيح ليس المجد في ذاته، بل محضر الله! ثالثا: فرح المسيح في مجيئه ثانية في حديثه الأخير في العلية، وعد الرب أن يأتي ثانية ليأخذ كنيسته، فقال: «أَنَا أَمْضِي لأُعِدَّ لَكُمْ مَكَانًا، وَإِنْ مَضَيْتُ وَأَعْدَدْتُ لَكُمْ مَكَانًا آتِي أَيْضًا وَآخُذُكُمْ إِلَيَّ، حَتَّى حَيْثُ أَكُونُ أَنَا تَكُونُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا» (يو14: 2، 3). وسيكون مجيئه مصحوبًا بفرح عظيم؛ فكما يفرح العريس بعروسه، هكذا سيكون فرح المسيح بالكنيسة، عروسه السماوية، لكن على قياس أعظم «لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ» (1تس4: 16). سوف يأتي الرب بموكب فرح عظيم، بهتاف، بصوت رئيس ملائكة، والهتاف يدل على الفرح والسرور. وعن ظهور المسيح لعروسه الأرضية نقرأ قول العروس الأرضية: «صَوْتُ حَبِيبِي. هُوَذَا آتٍ طَافِرًا عَلَى الْجِبَالِ، قَافِزًا عَلَى التِّلاَلِ» (نش2: 8). ففي الظهور سيكون المسيح: «طَافِرًا» من شدة الفرح، «قَافِزًا» أي مُسرعًا، «عَلَى الْجِبَالِ ... عَلَى التِّلاَلِ» أي منتصرًا. «آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوعُ» |
||||
06 - 10 - 2017, 05:24 PM | رقم المشاركة : ( 19058 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فرح المسيح ليس بالعنوان خطأ! نعم إنه رجل الأوجاع ومختبر الحزن أو الخبير بكل أنواع الحزن والألم، نعم هو الذي نراه باكيًا المرة تلو المرة، وينظر حوله حزينًا على غلاظة قلوب البشر وهو الذي نسمعه يئن. بل إن المزامير والنبوات، التي تكشف لنا عن مشاعره الباطنية، ترينا كم كانت أحزانه عميقة وآلامه عظيمة «أما إليكم يا جميع عابري الطريق تطلعوا وانظروا إن كان حزن مثل حزني الذي صنع بي الذي أذلني به الرب يوم حمو غضبه» (مرا 1: 12). فكيف إذن نتحدث عن فرح المسيح! نعم كان هناك فرح للمسيح، لكنه ليس كفرح العالم ولا كفرح الناس. وكما كان حزنه عميقًا كان أيضًا سروره عظيمًا، وهذا التباين الملحوظ في حياة المسيح نستطيع أن نتتبعه في كل أدوار حياته. إنه التباين بين الظاهر والباطن، وبين الخارج والداخل. كان فقيرًا معدمًا، وكان يُخدم من أموال نساء فُضليات كن يتبعنه؛ لكنه الغني القادر أن يغني كثيرين. قال عن نفسه: «للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه» (لو9: 58). لكنه وعد تلاميذه قائلاً «في بيت أبي منازل كثيرة وإلا فإني كنت قد قلت لكم» (يو14: 2). عطش إلى الماء، وعلى الصليب قال: «أنا عطشان»؛ ولكنه وقف يومًا ونادى قائلاً: «إن عطش أحد فليقبل إلي ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حي» (يو7: 37، 38). وكما المسيح.. هكذا أيضًا أتباع المسيح «كحزانى ونحن دائما فرحون. كفقراء ونحن نغني كثيرين. كأن لا شيء لنا ونحن نملك كل شيء» (2كو6: 10). أولاً: فرح الشركة مع الآب كان يستطيع دائمًا، إذا ما خذله البشر وتخلّى عنه الناس، أن يحوِّل وجهه نحو الله، وفي ثقة يطرح نفسه في حضنه الرحيب، وينهل من مورد المحبة الإلهية كما يشاء. لأنه كان يعلم أن كل ما يعمله أو يتألم به كان وفق إرادة الله، وكانت مشاعره متفقة تمامًا مع قلب الآب. لذلك استطاع أن يقول بكل هدوء، وهو يعلم كيف سيتركه تلاميذه: «هوذا تأتي ساعة وقد أتت الآن تتفرقون فيها كل واحد إلى خاصته وتتركونني وحدي. وأنا لست وحدي لأن الآب معي» (يو16: 32). ثانيًا: فرح فعل مشيئة الآب «أن أفعل مشيئتك يا إلهي سُررت» (مز40: 8). كان هذا هو شعار حياته كلها. وعند بئر سوخار بعد حديثه مع السامرية لما قدم له تلاميذه طعامًا ليأكل، قال لتلاميذه: «طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله» (يو4: 34). ثالثًا: الفرح عند الصليب هنا يصل التناقض إلى ذروته، وتبلغ المفارقة قمتها التي لا نستطيع سبر أغوارها. فما أدراك ما الصليب وأهوال الصليب! إن مجرد تصوُّر هذه الأهوال في جثسيماني جَعَلَتهُ يحزن ويكتئب ويقول لتلاميذه: «نفسي حزينة جدًا حتى الموت»؛ ثم «يصلي بأشد لجاجة وصار عرقه كقطرات دم نازلة على الأرض» (لو22: 44)، فهل هناك فرح بالصليب؟! نعم! بل إننا لا نقرأ عن المسيح مسبِّحًا إلا وهو بصدد الذهاب إلى الصليب «ثم سبحوا وخرجوا إلى جبل الزيتون» (مت 26: 30)! ونقرأ في رسالة العبرانيين: «من أجل السرور الموضوع أمامه احتمل الصليب مستهينًا بالخزي» (عب12: 2). إنه سروره بتتميم مشيئة الله وإكمال العمل الذي أعطاه ليعمل (يو17: 4). وهو السرور أن يأتي بنا أبناء كثيرين إلى المجد، ثمرًا لجهاده وآلامه على الصليب (عب2: 10). رابعًا: فرح القيامة إنه فرح القائد المنتصر وقد عاد من المعركة مظفَّرًا وغانمًا. لقد غَلَبَ الموت والقبر والشيطان وكل قوى الجحيم. إنه رجل مزمور 16 الذي يقول: «لأنك لن تترك نفسي في الهاوية. «لن تدع تقيك يرى فسادًا. تعرِّفني سبيل الحياة (بالقيامة). أمامك شبع سرور. في يمينك نِعَم إلى الأبد» (مز16: 10، 11). وعن القيامة أيضًا نقرأ في المزمور الأربعين: «أصعدني من جب الهلاك من طين الحمأة وأقام على صخرة رجلي. ثبَّت خطواتي، ووضع في فمي ترنيمة جديدة تسبيحة لإلهنا» (مز40: 2، 3). الصخرة هي صخرة القيامة. والترنيمة الجديدة هي ترنيمة القيامة. كانت الترنيمة القديمة هي ترنيمة الخليقة القديمة «عندما ترنمت كواكب الصبح معًا وهتف جميع بني الله» (أي38: 7). أما الترنيمة الجديدة فهي ترنيمة القيامة «أخبر باسمك إخوتي، وفي وسط الكنيسة أسبحك» (عب2: 12). خامسًا: فرح المجيء الثاني عندما يأتي ثانية ليأخذ عروسه إليه، سيجيء فَرِحًا بل هاتفًا مهلِّلاً «لأن الرب نفسه بهتاف، بصوت رئيس ملائكة وبوق الله، سوف ينزل من السماء، والأموات في المسيح سيقومون أولاً. ثم نحن الأحياء الباقين سنُخطف جميعًا معهم في السحب لملاقاة الرب في الهواء، وهكذا نكون كل حين مع الرب» (1تس4: 16، 17). • الفرح المجيد الذي لا يُنطَق به، هو نصيب قلب استراح تمامًا على ما صنعه المسيح. وهو متيقِّن تمامًا من راحة المسيح في قلبهِ وكفى. • بعض المؤمنين رجعوا إلى الله، ولكنهم لم يختبروا مجد الفرح الذي لا يُنطَق به. وذلك لأنهم لم يُقدِّروا عظمة الخلاص وكُلفته. • إن الفرح الحقيقي بالخلاص، ولو من خطية واحدة في الحياة، لا توازيه كل أفراح الدنيا. |
||||
06 - 10 - 2017, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 19059 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أساس الفرح في إحدى المدن اشترى الأب بيتًا جديدًا ليجمع أبناءه معًا فيه، وقرَّر أن يشهد البيت أولى أفراحه، بعقد قران ابنه الأصغر. وجاء اليوم المُحدَّد، وقُربَ انتهاء العُرس، سقط البيت على كل من فيه، ومات الجميع تحت الأنقاض. وبعد التحقيقات أشار تقرير الخبراء بأن المنزل بُنيَ على أساس هش، وأن المقاول لم يكن أمينًا في نوعية الخامات التي استخدمها، وهكذا تحوَّلت الأفراح إلى أحزان؛ والسبب ضعف البناء وهشاشته. البشر يبحثون عن الفرح، وما زال بحثهم جاريًا، وبعضهم وجد الأفراح ولكنهم بنوها على أسس واهية، سرعان ما تنهار؛ فتذهب أفراحهم أدراج الريح، وتحل الأحزان. ولذا لزم أن يضع الله بنفسه أساسًا ثابتًا وأكيدًا للفرح، لا تزعزعه الأيام، ولا تبدده الظروف. هناك أربعة أعمدة للفرح مرتبطة بشخص المسيح في ميلاده، وموته، وقيامته، وأخيرًا مجيئه الثاني: أولاً: ميلاد المسيح بعد سني الأحزان الطوال، صار للأرض نصيب في الأفراح نتيجة لميلاد المسيح. ولعلنا لا نندهش أن نجد الفرح في عدة دوائر بالارتباط بتجسد المسيح، تبدأ بطفل يبتهج، وتمتد لتشمل كل البشر بمختلف ظروفهم وأعمارهم ونوعياتهم. ففي البداية، نقرأ عن فرح المعمدان وهو ما زال جنينًا في بطن أمه «حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِي أُذُنَيَّ، ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِي بَطْنِي» (لو1: 44). ثم نقرأ عن الفرح الذي جاء ملاك الرب مبشِّرًا الرعاة به «هَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ» (لو2: 9، 10). ثم اتَّسعَت الفرحة لتشمل كل الناس، كقول جمهور الجند السماوي الذي ظهر مع الملاك للرعاة: «الْمَجْدُ للهِ فِي الأَعَالِي، وَعَلَى الأَرْضِ السَّلاَمُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ» (لو2: 13، 14). وأخيرًا نقرأ عن فرح المجوس بعد فترة من ميلاد الرب، عندما وصلوا إلى أورشليم، وإذا بالنجم الذي رأوه قبلاً في بلادهم، يعاود الظهور لهم مرة أخرى «فلَمَّا رَأَوُا النَّجْمَ فَرِحُوا فَرَحًا عَظِيمًا جِدًّا» (مت2: 10). ثانيًا: موت المسيح يرتبط الفرح بموت المسيح على الصليب على الأقل في صورتين رمزيتين، ثم في سفر نبوي في العهد الجديد (سفر الرؤيا). الصورة الأولى نجدها في هلاك فرعون وكل جنوده المركبية في البحر الأحمر. وموت فرعون يذكِّرنا بما عمله المسيح مع الشيطان في الصليب «لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ» (عب2: 14). ولذا لم يكن أمرًا غريبًا أن امتلأت قلوب الشعب بالفرح عندما رأوا المصريين أمواتًا على الشاطئ، وكان أبلغ تعبير عن هذا الفرح هو الترنيم «حِينَئِذٍ رَنَّمَ مُوسَى وَبَنُو اسْرَائِيلَ هَذِهِ التَّسْبِيحَةَ لِلرَّبِّ» (خر15: 1). الصورة الثانية نراها في انتصار داود على جليات الذي ظل يُعيِّر شعب الرب لمدة 40 يومًا، ولكن داود ذهب وحاربه، وتمكَّن منه وقتله، «وَكَانَ عِنْدَ مَجِيئِهِمْ حِينَ رَجَعَ دَاوُدُ مِنْ قَتْلِ الْفِلِسْطِينِيِّ أَنَّ النِّسَاءَ خَرَجَتْ مِنْ جَمِيعِ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ بِالْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ لِلِقَاءِ شَاوُلَ الْمَلِكِ بِدُفُوفٍ وَبِفَرَحٍ وَبِمُثَلَّثَاتٍ» (1صم18: 6). وأخيرًا نقرأ في سفر الرؤيا «وَلَمَّا أَخَذَ السِّفْرَ خَرَّتِ الأَرْبَعَةُ الْحَيَوَانَاتُ وَالأَرْبَعَةُ وَالْعِشْرُونَ شَيْخاً أَمَامَ الْحَمَلِ ... وَهُمْ يَتَرَنَّمُونَ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً قَائِلِينَ: مُسْتَحِقٌّ أَنْتَ أَنْ تَأْخُذَ السِّفْرَ وَتَفْتَحَ خُتُومَهُ، لأَنَّكَ ذُبِحْتَ وَاشْتَرَيْتَنَا لِلَّهِ بِدَمِكَ» (رؤ5: 8، 9). ثالثًا: قيامة المسيح يرتبط الفرح بقيامة المسيح ارتباطًا وثيقًا جدًا، فقبل الموت أشار الرب إلى هذه الحقيقة في حديثه مع التلاميذ في العلية، فرحيله عنهم كان سيسبب لهم الحزن الشديد، ولكن سرعان ما كان سيتحوَّل هذا الحزن لأفراح برؤيتهم للرب مرة ثانية بعد قيامته «اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ (عندما يتركهم الرب ويمضي إلى الموت). أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ، وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ (نتيجة قيامته) ... سَأَرَاكُمْ أَيْضًا (بعد القيامة) فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ، وَلاَ يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ» (يو16: 20، 22). ولقد فرحت مريم المجدلية ومريم الأخرى التي صاحبتها عند ذهابهما إلى قبر الرب، عندما عَلِمَتَا بقيامته من الأموات «خَرَجَتَا سَرِيعاً مِنَ الْقَبْرِ بِخَوْفٍ وَفَرَحٍ عَظِيمٍ، رَاكِضَتَيْنِ لِتُخْبِرَا تَلاَمِيذَهُ» (مت28: 8). وأيضًا يسجِّل يوحنا أن التلاميذ في العلية «فَرِحَ التّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوُا الرَّبَّ» (يو20: 20). والشيء ذاته يسجله لوقا عن هذا اللقاء «وَبَيْنَمَا هُمْ غَيْرُ مُصَدِّقِين مِنَ الْفَرَحِ» (لو24: 41). وبعد ذلك كان لقاء جبل الزيتون، حيث باركهم وأُصْعِدَ إلى السماء «فَسَجَدُوا لَهُ وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ» (لو24: 52). رابعًا: مجيء الرب الثاني إن كان ميلاد الرب وموته وقيامته هي أُسس أكيدة للأفراح حدثت في الماضي، فإن مجيء الرب أساس آخر للأفراح، يرتبط بالمستقبل. وما مِن مرة تذكَّر القديسون حقيقة مجيء الرب إلا وامتلأت قلوبهم بالتعزية والأفراح وامتلأت أفواههم بالتسبيح والترنيم، ولذا شجَّعنا بولس أن نكون «فرحين فِي الرَّجَاءِ» (رو12: 12). صديقي العزيز: وُلد المسيح فأعلنت السماء الفرح الذي صار من نصيب الأرض، فهل قبلت المسيح في قلبك ليكون على أرضك المسرة؟ ثم مات المسيح فحمل الخطايا ودفع ثمنها، فهل قبلته كمخلِّصك الشخصي؟ ثم قام المسيح فكانت قيامته دليل إكمال العمل، فهل سَعِدتَ بهذا؟ وأخيرًا سيأتي المسيح ثانية، فهل سيكون مجيئه سبب هلاك لك، حيث يُغلق الباب أمامك للأبد، أم سيكون بداية لأفراح السماء التي لن تنتهي؟ |
||||
06 - 10 - 2017, 06:03 PM | رقم المشاركة : ( 19060 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هل يحق للمؤمن ان يشترك في مائدة طعام مُعدّة بمناسبة دينية غير مسيحية؟. جواب: في (1كورنثوس10: 14-22), يعالج الرسول بولس مسألة اشتراك المؤمن في الموائد المُعدّة داخل هياكل وثنية, أي المرتبطة بمناسبة دينية, فيقول للبعض من المؤمنين الذين قُدمت لهم الدعوة من اصدقائهم او جيرانهم غير المؤمنين للمشاركة في احتفال ديني تتخلله مائدة طعام, وقد أعطوا موافقتهم تجنباً للإحراج او على اعتبار ان الطعام لا يقدم ولا يؤخر من جهة ايمانهم وعلاقتهم بالمسيح, فيقول لهم: انتم لا تفهمون حقيقة ما تفعلون !!! وللتأكيد على شناعة خطيتهم يجري مفارقة بين نوعين من الموائد الدينية المرتبطة بطعام, الأولى هي مائدة الرب, والثانية هي المائدة الوثنية. فيقول: ان اشتراكنا كمؤمنين في مائدة الرب له مدلول روحي عميق, إذ يعني اننا نشترك في جسد المسيح ودمه أي نشترك في علاقة خاصة معه. وكذلك اشتراك غير المؤمن في مائدة طعام مرتبطة بمناسبة دينية خاصة به يعني اشتراكه في علاقه خاصة مع الهه. وباعتبار انه لا يوجد سوى اله واحد حقيقي والبقية هم شياطين, فهذا يعني ان غير المؤمن عندما يشترك في مائدة طعام دينية خاصة به, انما يشترك في علاقة مع الشياطين حتى لو كانت التسمية ظاهريا هي الله. لذلك يقول للمؤمنين اذا دُعيتم لمثل هذه الموائد فاهربوا ...لأن اشتراككم بها يعني انكم قد صرتم شركاء الشياطين.(فلست اريد ان تكونوا انتم شركاءَ شياطين). ان الطعام بحد ذاته لا يوجد فيه مشكلة. فنحن نأكل الطعام مع غير المؤمنين, ونأكل أحيانا في المطاعم ما اعده أناس غير مؤمنين, هذه ليست مشكلة. المشكلة تقع عندما نأكل طعاماً قد أُعدّ لمناسبة دينية غير مسيحية,,, عندها نصير شركاء شياطين!!! |
||||