مُعَلِّم مصري، ومنه اشتق اسم الهراطقة Hieracitae. عاش في أوائل القرن الرابع الميلادي، وكان معاصرًا للأسقف المصري ميليتيوس Meletius والبابا بطرس السكندري وذلك أثناء اضطهاد دقلديانوس Diocletian. ويقول عنه أبيفانيوس الذي كتب سيرته، أنه عاش متوحدًا في ليونتوبوليس Leontopolis بمصر ممتنعًا عن الأكل الحيواني والخمر، وأنه بسبب نسكه الشديد وصفاته الشخصية كانت كتاباته تلاقي قبولًا وبالذات بين المتوحدين المصريين الآخرين.
ثقافته وكتاباته:
كان هيراكس ذا ثقافة عالية وبالذات في اليونانية والآداب المصرية والعلوم، فكتب كتبًا كثيرة باللغتين، ويتكلم أيضًا عنه أبيفانيوس كخبير في الطب وصاحب معرفة في علميّ الفلك والسحر. وقد عاش حتى سن التسعين واحتفظ بقوة بصره حتى وفاته. بالإضافة لكتابة العديد من الترانيم فقد كتب أيضًا شروحات للأسفار المقدسة.
تطرفه:
كتب في أحدها رفضه للفردوس المادي material Paradise. وقد ربط موسهيم Mosheim بين هذه الوثيقة وبين فكره في رفض الزواج، متصورًا أنه قد انقاد إلى ذلك في محاولة للرد على اعتراض القائلين بأن الزواج إنما هو وضع قد أقامه وأسسه اللَّه في الفردوس. في كتاباته يتكلم هيراكس عن الفردوس المذكور في سفر التكوين كعَالَمٍ روحيٍ سامٍ، سقطت منه الروح لتنغمس في الأمور الأرضية، وبالتالي فإن القيامة في المستقبل سوف تكون للروح فقط وليس للجسم المادي، إذ اعتبر الموت وسيلة لتحرر الروح من رباطات الجسد وبالتالي فمن الصعب الاعتقاد بأنها ستعود للسجن المادي مرة أخرى بالقيامة. أما أهم تعاليم هيراكس فكانت أنه حرَّم الزواج تحريمًا قاطعًا، موضحًا أنه مع كونه مسموحًا به في القديم، إلا أنه بمجيء السيد المسيح لا يستطيع الإنسان المتزوج أن يرث ملكوت السموات. وأن التعليم الجديد الذي أتى به السيد المسيح مختلفًا عما في العهد القديم وهو ضرورة حياة العفة والقداسة التي بدونها لن يعاين أحد اللَّه. في كلامه عن أمثال السيد المسيح، قال هيراكس أن السيد تكلم عن عشرة: بعضهن جاهلات وبعضهن حكيمات، إلا أن كلهن كن عذارى. كانوا يعترضون على كلامه بقولهم أن "الزواج مكرّم"، فكان يرد بأن نفس الرسول ردَّ بعد ذلك بقليل في (1كو7) متمنيًا أن يكون الجميع مثله وأن يقبلوا الزواج فقط خوفًا من الفتنة، أي باعتباره أقل الحالتين شرًا. بالإضافة إلى هذا فقد أنكر الخلاص على الأطفال الذين ماتوا قبل أن يصلوا إلى سن الإدراك، معتبرًا عدم أحقيتهم فيه على اعتبار أنهم لا يمكن أن يكلّلوا إن لم يجاهدوا قانونيًا. وقد تكلم نياندر Neander عن هيراكس معتبرًا أنه في الواقع ليس من الهراطقة، إذ كان يتمشى مع ما كان يُعتَبَر في زمانه رأيًا مستقيمًا، وأن الذين اعتبروه من الهراطقة من حكموا على آرائه في أحقاب تالية. إلا أنه يبدو أنه حتى أثناء حياته كان محرومًا من شركة الكنيسة، فإن كتاباته عن الزواج كانت كفيلة بعزله وانفصاله. ولهيراكس أيضًا كتابات وآراء خاطئة في موضوعات أخرى مثل طبيعة السيد المسيح ولاهوته، ولاهوت الروح القدس معتبرًا أنه غير مساوٍ للآب في الجوهر.
نشأت في مدينة طامية بالفيوم عند حدود الصحراء الليبية، وكانت ابنة لكاهن ولأمٍ محبة للسيد المسيح، فامتلأ قلبها منذ صباها رغبة في التبتل، ومنحها اللَّه تحقيق رغبتها وهي بعد في سن الثانية عشر من عمرها.
استشهادها:
خرجت ذات يوم مع أخواتها الراهبات ليستقين ماء، وشاهدن في طريقهن موكبًا من الكهنة والرهبان قبض عليهم جنود الوالي، وكانوا سائرين بهم إلى قاعة المحاكمة. وكان اضطهاد دقلديانوس قد بلغ منتهى العنف، إذ كان الشهداء يتساقطون بالمئات يوميًا. وأمام مشهد الكهنة والرهبان المقيّدين بالسلاسل يحيط بهم الجنود امتلأ قلب هيرايسي غيرة على ما سيقاسيه هؤلاء الأبطال من عذابات وعلى المجد الذي سينالونه. فألقت بجرّتها على الأرض وجرت وراءهم وهي تهتف: "وأنا أيضًا مسيحية. اقبضوا عليَّ مع هؤلاء". للفور أمسكوا بها وساروا بها خلفهم، وإمعانًا في السخرية برجال اللَّه سار بهم الجنود من مدينة إلى مدينة ومن قرية إلى قرية، بينما تسلَّت الجماهير عليهم بالشتائم وبقذفهم بالحجارة أو غيرها. وفي النهاية أخذوهم إلى الإسكندرية وهناك استجوب الوالي هيرايسي وحاول دفعها إلى التبخير للأصنام. وأخيرًا قطعوا رأسها ثم ألقوا بجسدها في النار. العيد يوم 27 أمشير.
أسقف تنيسيس Thennesus في مصر، والتي تقع إلى الشمال من تانيس Tanis. كان حاضرًا مجمع خلقيدونية سنة 451 م، حيث دافع عن القديس ديسقورس وكان من المعترضين على الحكم عليه ونفيه.
أسند الإمبراطور دقلديانوس حكم إقليم كبادوكية بآسيا الصغرى إلى حاكمين قويين ليشكما المسيحيين، هما ليسياس واجريكولا. وكانت هناك تعبئة للجيش. وحاول بعض عملاء ليسياس أن يزجّوا بشابٍ مسيحيٍ اسمه هيرو في صفوف المجندين. وكان هذا الشاب يمقت فكرة العمل في الجندية الوثنية لما فيها من أمور تتنافى مع ضمير المسيحي. حاول أن يختبئ غير أن أخاه جاءه برسالة من الوالي ليسلم نفسه.
محاكمة هيرو:
ودّع أمه الضريرة وسار إلى مدينة ميليتين حيث كان الوالي، وهناك وجد نفسه رهين السجن مع واحد وثلاثين مسيحيًا، قد قطعوا على أنفسهم عهدًا ألا يتقدم أحد منهم إلى تقديم القربان للأوثان إذا دُعي إلى ذلك. عند محاكمة هيرو اعترف بأنه هو الذي قاوم فرقة التعبئة. ورأى الوالي أن يجعل منه عبرة لغيره، فأمر بأن تُقطع يداه عند المعصم، وأن يُضرب الآخرون بالسياط، وألقى الجميع في السجن. وتقدم مسيحي ثري يساوم الوالي على رأس هيرو، أما يداه المقطوعتان فقد أوصى هيرو بأن تسلَّم يده التي قطعت أولًا لأمه الضريرة.
أثناء الاضطهاد الروماني للكنيسة اتفق ثلاثة من الأساقفة هم هيزيكيوس وباخوم وثيؤدورس مع الأنبا فيلياس أسقف اتمي (وهي الآن تمي الأمديد) شريكهم في الخدمة الرسولية وكتبوا رسالة إلى ميليتيوس الليكوبولي، حين أحدث الشغب أيام الأنبا بطرس خاتم الشهداء، يرجون منه أن يحافظ على وحدة الكنيسة. وقد نال هؤلاء الأساقفة الأربعة إكليل الشهادة حين اندلعت نار الاضطهاد، وكذلك استشهد الأنبا أنطونيوس أسقف بنا والأنبا أمونيوس أسقف إسنا والأنبا هيلينيوكوس أسقف أوسيم (وقد وردت سيرة الأخيرين في السنكسار الإثيوبي).
حَدَّثَنَا القديس جيروم عن الترجمة السبعينية المستخدمة في مصر كعمل هيسيخوس (حوالي عام 300 م.). تمت مراجعة هامة لنصوص الكتاب المقدس في مصر حوالي بداية القرن الرابع. لكن جيروم قدم تعليقات رديئة عما وضعه هيسيخوس مما أثار التساؤل هل يوجد شخص واحد أم شخصان يحملان نفس الاسم. يوجد شك في أنه هو الأسقف الذي استشهد في عصر دقلديانوس (يوسابيوس 13:8:7) أو أحد الأربعة أساقفة المصريين الذين كتبوا رسالة يوبّخون فيها ميليتوس Melitius. أما هيسخيوس الواضع القاموس، والذي عاش في وقت متأخر، فيحتمل أن يكون وثنيًّا.
لا يُعرف إلا القليل عن حياته. وُلد في أورشليم، في النصف الأخير من القرن الرابع. وتتلمذ علي يدي القديس غريغوريوس النزينزي. كان راهبًا، وربما كان كاهنًا في كنيسة أورشليم. تطلع إليه معاصروه كلاهوتي عظيم. أحب حياة الوحدة فترهب في البرية، جمع الفضائل من قديسي البرية كما تجمع النحلة العسل من رحيق الزهور. سامه بطريرك أورشليم قسًا رغمًا عنه. في عام 412 م.، نال شهرة فائقة ككاهن وكارز كنيسة أورشليم كما يقول ثيوفان المعترف. امتدحه كيرلس كمعلم الكنيسة ولاهوتي وصاحب شهرة فائقة، وقال أنه رافق جوفنال بطريرك أورشليم في تكريس كنيسة دير اوثايموس عام 428 أو 429 م.، وتتيّح في منتصف القرن الخامس الميلادي.
كتاباته:
كان مولعًا بالتأمل في الكتاب المقدس، فنال معرفة واسعة في الإلهيات. اشتهر بتفسيره للكتاب المقدس، قيل أنه كتب تفاسير على كل الكتاب المقدس، أسفار العهدين القديم والجديد. أعماله الموجودة حاليًا عبارة عن تفاسير لأسفار اللاويين وأيوب والمزامير ودراسات على إشعياء والأنبياء الصغار. اتبع منهج العلامة أوريجينوس في استخدام التفسير الرمزي لكل عبارة في الكتاب المقدس ورفض التفسير الحرفي. كان يعادي الفلسفة لأن الهراطقة استخدموها لإفساد تعاليم الكنيسة. وضع عظات كثيرة، وسجل التاريخ الكنسي (حوالي عام 428 م.)، وقد فُقدت هذه كلها، فيها هاجم نسطور.ووضع مجموعة من الأسئلة العويصة وحلولها. دافع حزقيوس عن الإيمان ضد الآريوسيين والأبولوناريين وتعليم الإنطاكيين الخاصة بانفصال الطبيعيتين. في حواراته الخاصة بطبيعة السيد المسيح (خريستولوجي) اعتمد على القديس كيرلس السكندري، فتبني الفكر اللاهوتي السكندري خاصة في طبيعة المسيح لكنه لم يستخدم التعبيرات اللاهوتية الخاصة بالإسكندرية. مثله مثل الإسكندرية لم يقبل الطبيعة الواحدة بالفكر الأوطاخي، لكنه تحدث عنها كاتحاد بين الطبيعيتين. في مجمع القسطنطينية الثاني عام 553 م. قُرأ فصل من كتابه "تاريخ الكنيسة" الخاص بثيئودور المبسويستي. وهو يكشف عن عداوته الشديدة للنسطورية ومقاومته لثيؤدور.
من كلماته:
كما يستحيل علي الإنسان أن يطارد عصفورًا طليقًا في الهواء لأن ذلك ليس في طبيعة الإنسان، هكذا لا يمكننا بمجهودنا البشري أن نهزم أفكارنا الجسدية وطياشتها في الشر، أو نلزم عين العقل علي الثبوت في اللَّه...
يلزمنا أن نستخدم الصلاة ونطلب العون بلا انقطاع.
فإذا حاولت بمجهودك وحدك أن تهزم أفكارك فأنت لا تزال تجري وراء عصفورٍ عبثًا! الرب قادم علي سحابة سريعة يدخل مصر... إنه المسيح في ذراعي العذراء.
أسقف على أحد كراسي مصر، ويُذكَر باعتباره مشترِكًا في كتابة رسالة مع فيلياس Phileas وثيؤدوروس Theodorus وباخوميوس Pachumius إلى أسقف ليكوبوليس Lycopolis في مصر، وذلك حوالي سنة 296 م. كانت هذه الرسالة عبارة عن وثيقة مُرسَلة إلى ميليتيوس Meletius بخصوص تَعَدّيه برسامة البعض على كراسي خارج إيبارشيته، وقد كتبوها من السجن وذلك في زمن البابا بطرس خاتم الشهداء، وقد نالوا بعد ذلك إكليل الشهادة على يد غالريوس Galerius. اشتهر هيسيخوس بسبب مراجعته للعهد الجديد أو على الأقل الأناجيل الأربعة، وهي التي انتشرت في أنحاء مصر. وقد أشار إليها جيروم، ذاكرًا أنها قد انتشرت في مصر كما انتشرت نسخة زميله لوسيان الإنطاكي Lucian of Antioch في آسيا الصغرى وبقية أنحاء المشرق.
عاش هذا الراهب القديس في القرن الرابع الميلادي، وكان تلميذًا مخلصًا للقديس هيلاريون Hilarion، حيث صاحَب معلمه في سفره من فلسطين إلى مصر. وإذ لم يُرِد القديس هيلاريون العودة مرة أخرى إلى غزة حيث بلغت شهرته الآفاق، هرب سرًا عبر البحر إلى جزيرة صقلية Sicily. ظل هيسيخوس يبحث عن معلمه مدة ثلاث سنوات، ولما لم يرد إليه أي خبر عنه، لا من الصحاري ولا في المواني المصرية ذهب للبحث عنه في اليونان. هناك وردت إليه أخبار أن أحد القديسين يصنع العجائب والمعجزات موجود في صقلية، فسافر إليها وذهب إلى القديس هيلاريون في مكان وحدته، حيث سقط أمامه على ركبتيه وأخذ يبل قدميّ معلمه بدموع. أراد المعلم وتلميذه التمتع بحياة الوحدة، فذهبا إلى دلماطيا Dalmatia، ومنها إلى جزيرة قبرص Cyprus، وبعد سنتين أرسل هيلاريون تلميذه هيسيخوس إلى فلسطين ليفتقد سلامة الإخوة ويتابع أحوالهم، ويزور ديرهما القديم قرب غزه. عند عودته إلى معلمه وجده متضايقًا من كثرة الزوار عازمًا على الهروب إلى بلدة أخرى، ولكن نظرًا لتقدم سنه أقنعه هيسيخوس بالاكتفاء بالدخول إلى عمق الجزيرة حيث يتمتعا بحياة الخلوة، فسكنا هناك فترة ثم تنيّح القديس هيلاريون، تاركًا لتلميذه كتابه المقدس وبعض الملابس. بعد مدة طويلة حمل هيسيخوس رفات معلمه، رغم معارضة أهل الجزيرة، وعاد بها إلى فلسطين، حيث استقبلتها جموع الرهبان والشعب بأصوات التسبيح، ودفنوها في الدير الذي أنشأه في ماجوما Majuma، وهناك بعد عدة سنوات تنيّح هيسيخوس نفسه. العيد يوم 3 أكتوبر.