منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17 - 02 - 2025, 06:06 PM   رقم المشاركة : ( 187801 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يا مؤمن اشهد وسط العالم خبر واحكي بلدك فين
مجد وفرحة وهنا في بلادك عمره ما شافته العين
ارفع صوتك واهتف نادي أنا في الأرض سفير
واسم مليكنا دايمًا عالي اسم مليكنا يسوع
سلوكك يبقى حقيقي مراية وكل الناس يبقوا شاهدين
لما يشوفوا إنك فعلا هنا في الأرض أمين
روح اشهد نادي قول دا الفادي قاللي يا عبادي انا جاي قوام
واللي هايسهر يستناني يلقى فرح وسلام
 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:09 PM   رقم المشاركة : ( 187802 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يا لَنَدَمِي عَلَى مَا فَاتْ مِنْ زَمَانٍ مَضَى في سُبَاتْ
غَيْرُ حَافِلٍ بِمَنْ قَدْ مَات عَلَى الصَلِيب
يَا لَعُظْمِ رَحْمَةِ الإلَهْ مَنْ مَحَا اسْمِي مِنْ سِفْرِ الخُطَاهْ
وَاهِبًا لِي البِرَّ والحَيَاهْ عَلَى الصَلِيبْ
نَفْسِي مِنَ الشَرِ تَعِبَتْ مِنْ هَوْلِ الجَحِيمِ ارْتَعَدَتْ
بَعْدَ ذَا بِحُزْنٍ رَجِعَتْ إلَى الصَليبْ
كُلَّ مَا لِي أُعْطِي ليَسُوعْ أرْفَعُ اسْمَهُ وَسْطَ الجُمُوعْ
لَذَّتي أنْ أجْثُو بِالخُشُوعْ عِنْدَ الصَّلِيبْ
كُنْتُ عَبْدًا فِي أيدِي العِدَى فَانْتَشَلني مِنَ الرَّدَى
وَبِمَوْتِهِ تَمَّ الفِدَا عَلَى الصَّلِيبْ
 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:11 PM   رقم المشاركة : ( 187803 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يا له من منظر سام عظيم
يجذب الابصار حبا واشتياق
اذ تراءى ربنا الفادي الكريم
صاعدا بالمجد يوم الافتراق
يا له من منظر سام عظيم يجذب الابصار حبا واشتياق
قد علا كي يلبس الاكليل في
حضرة القدوس بالسحب علا
سار والابصار راحت تقتفي
نوره الاسنى الى دار العلا
حيث اضحى جالسا طول المدى
عن يمين الاب في اسمى مقام
وله الابرار تجثو سجدا
بوقار وخشوع واحترام
سار والاملاك وافت اذ صعد
تنشر البشرى باصوات الطرب
وتعزي رسله في ما وعد
انه ياتي نعم كما ذهب
قد مضى حتى يعد المنزلا
في ديار المجد يا نعم الديار
فاحمدوه واهتفوا بين الملا
سنلاقي الرب في دار القرار
 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:13 PM   رقم المشاركة : ( 187804 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يالسر فائق كل مديح سام في الكمال الكنيسة عروس للمسيح صاحب الجلال
هوذا العريس آتٍ من سماء السموات للمستعدين والمستعدات
بصوت بوق بقيم الراقدين ويغير الأحياء ونلاقيه جميعًا في الهواء
والعروس ستزف للعريس بمجد بهي في إحتفال رائع سام نفيث باهر زهي
وهناك لا نعود نذكر أتعاب الحياة بل ونرنم من حول فادينا صاحب النجاة
وختامًا نترجى أجمعين أكمل الصفاء عندما يأتي عريسنا العظيم من أوج السماء
 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:17 PM   رقم المشاركة : ( 187805 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يا غربة ولى زماني طال يا غربة ياللي ما ليكى حال
ق: ده جاي تاني.اللي مات عشاني ها أروح مكاني . مع الحبيب
+يا غربة روحي . ملاني شوق يا أرض نوحي . فرحنا فوق
+يا غربة زايد فيكي العذاب ما عدت رايد و لا الصحاب
+يا غربة رايح مالي عود مالي مطارح و ليه أعود
+يا غربة خطى سكتي ليه قولي إن شطي قربنا ليه
+يا غربة مدي تهدي ليه سيبيني بدي أطل فيه
 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:18 PM   رقم المشاركة : ( 187806 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






يا عطش الأرواح أَرِنا مُحيَّاكَ قلبُنا لن يرتاح إلاّ بلقياك
حُبُّكَ يكفينا دربك يهدينا عينك تحمينا نورك يغنينا.
ترنيم الأنهار من لحنك نغمة، إشراق الأنوار من وجهك بسمة.
دعنا نصغي إليك عبر هدوء الهياكل دعنا نصغي إليك عبر ضحيح المعامل.
خبزك يحيينا خمرك يروينا حبُّك يعطينا نورًا وحياة.
صوتك يدعونا نورك يهدينا عفوك يكفينا شكرًا يا يسوع.


 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:42 PM   رقم المشاركة : ( 187807 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


عودة إلى أورشليم


ما ورد في هذا الأصحاح لم يرد في الأسفار الأخرى، بما فيه لقاء يهوشافاط مع ياهو النبي [1-3]، وإصلاحاته القضائية، بجانب تعليم الشعب شريعة الرب بواسطة اللاويين تحت إشراف رئيس الكهنة.
لم يذكر أخبار الأيام العمل الثاني الخطير في عدم أمانته، فبعد اتحاده مع أخآب ضد آرام، يعود فيتَّحِد مع يهورام بن أخآب ضد موآب (2 مل 3).
يا له من قلب أمين ليهوشافاط، فقد طلب أن يستشير الله بعد ما سلك حسب إرادته الذاتية في تحالفه مع أخآب ومصاهرته له دون استشارة الرب.
حلَّ الغضب على يهوشافاط، لكنه في حُبِّه لشعبه لم يرد أن يحلَّ الغضب عليهم. هذا يُذَكِّرنا بكلمات داود النبي عند بيدر أرونا اليبوسي (1 أي 21: 17).




1. رجوعه بسلام إلى أورشليم

وَرَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ. [1]

إن كان يهوشافاط قد أخطأ، لأنه صاهر أخآب الشرير، وتحالف معه، فقد أَدَّبه الرب، وتَعَرَّضت حياته للخطر، لكن الله تعطَّف عليه، ورَدَّه إلى أورشليم سالمًا. لقد حدث له أفضل مما كان يتوقَّع، لأجل نقاوة قلبه، وشوقه الحقيقي للالتصاق بالرب، وجهاده من أجل خلاص شعبه.
هكذا يليق بنا بالرغم من ضعفاتنا أن نشتهي اللقاء مع الله، ونطلب منه أن يجعل الخطية مُرَّة في فمنا حتى بالتأديبات الصادرة عنه كمحبٍ لخلاصنا ومجدنا، فتقود قلوبنا إلى أورشليم العليا في سلامٍ حقيقيٍ، تمارس عربون السماء.
من يقدر أن يصف مشاعر يهوشافاط وقد عاد إلى أورشليم مدينة الله، حاسبًا إيَّاها مدينته وبيته.
يشتهي الله أن يُقِيمَ من أعماقك، ليس فقط فردوسًا سماويًا، وإنما مدينة مُقَدَّسة له، وهيكلاً خاصًا به، فيجعل من أعماقك أورشليم جديدة، بها هيكل ليس من صُنْعِ يدٍ بشريةٍ، بل من عمل يديه هو.
في كل العصور صارت زيارة أورشليم والأراضي المقدسة التي سار فيها السيد المسيح وتَمَّم عمله الخلاصي شهوة قلب المؤمنين، غير أن القديس جيروم، وهو لا يُقَلِّل من قُدْسِية هذه الأماكن المقدسة ينطلق بأنظارنا نحو أورشليمنا الداخلية.
v بلوغ القصر السماوي أسهل من الوصول إلى بريطانيا أو أورشليم، لأن ملكوت الله داخلكم.
أنطونيوس وطغمات رهبان مصر وما بين النهرين وبنطس وكبادوكية وأرمينيا لم ينظروا أورشليم، لكن انفتح لهم باب الفردوس.
الطوباوي هيلاريون مع كونه من مواطني فلسطين وسكانها لم ينظر أورشليم سوى يومًا واحدًا، إذ لم يرغب وهو قريب من الأماكن المقدسة أن يتجاهلها، وفي نفس الوقت لم يرد أن يحصر الله بحدود مكانية محلية.
v تأمل كيف أن هذا الهيكل هو مثال للهيكل السماوي، لأن نجمًا يفضل عن نجمٍ في المجد، هكذا أيضًا في القيامة من الأموات (1 كو 15: 41،42). طوبى للإنسان الذي يستحق أن يوجد على الدرجة الخامسة عشرة في أورشليم السماوية في الهيكل، فإن هذا العلو سام، أظنه هو موضع الرسل والشهداء.
إذن لنُصَلِّ لكي نتأهَّل فنوجد على الأقل على أقل درجات هيكل الرب.
إنهم يقفون على درجات الهيكل المختلفة لكي يترنموا معًا في وحدة بمزمورٍ واحدٍ وتشكراتٍ واحدة للرب.
الأماكن مختلفة، لكن تسبيح الرب (تمجيده) واحد.
هذا بخصوص أورشليم السماوية، أما بالنسبة للحاضر، فإننا قد وُجِدنا في هذا العالم لكي نتأدَّب كما أظن كل يومٍ من أيام حياتنا.
يوجد أحدنا على الدرجة الأولى، فليتشجَّع ليبلغ الدرجة التالية. يوجد آخر على الدرجة الثانية، لا يفقد رجاءه في بلوغ الدرجة الثالثة!
طوبى للشهداء الذين تأهَّلوا أن يصعدوا أعلى الدرجات في القمة عينها، أما نحن إذ نعيش في هذا العالم لا نقدر أن نصعد كل الدرجات دفعة واحدة من أسفل الدرجات إلى أعلاها، إنما يليق بنا ألا نتوقَّف عند البقاء على الدرجة الأولى، بل لنصارع لنبلغ الدرجات العليا...
أظن هذا هو معنى سلم يعقوب الذي رآه حينما هرب يعقوب من عيسو أخيه.
القديس جيروم
v أغلقي أبوابك يا أورشليم، وليبقَ عريسك في داخلك.
سدِّي نوافذك، لتستمر رائحة أطيابه.
عندما تُفتَح أبوابكِ وتنظرين إلى هنا وهناك، تطلبينه وليس هو (نش 3: 2). تصبغين وجنتيك بالدموع فلا تجدينه...
احرسي أبوابك باحتراز، لئلا يعرض لكِ ثانيةً ما حلَّ بكِ سابقًا (يو 19: 17). فإن لم تفعلي هذا تُسَلِّميه إلى أيدي الوقحين.
v طوبي لمن كان مذبحه في ذاته، وقدس أقداسه في داخله؛ هناك يسمع الله الذي يخيف كل العصاة بحركة منه ويرعبهم.
هناك يُرَى الغمام ذو النور الوفير الإشراق. ففيه هو مختبئ عن كل رؤية وعن كل الناظرين.
ذاك هو البلد المقدس، حيث يُرَى قدوس القديسين أحيانًا بإشراق إشعاعاته، ويخفي رؤيته أحيانًا في ظلمة مجده بتلك الرؤية التي هي أرفع من كل رؤية ومعرفة.
الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي)

2. توبيخه على تحالفه مع أخآب

2 وَخَرَجَ لِلِقَائِهِ يَاهُو بْنُ حَنَانِي الرَّائِي وَقَالَ لِلْمَلِكِ يَهُوشَافَاطَ: «أَتُسَاعِدُ الشِّرِّيرَ وَتُحِبُّ مُبْغِضِي الرَّبِّ؟ فَلِذلِكَ الْغَضَبُ عَلَيْكَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. 3 غَيْرَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيكَ أُمُورٌ صَالِحَةٌ لأَنَّكَ نَزَعْتَ السَّوَارِيَ مِنَ الأَرْضِ وَهَيَّأْتَ قَلْبَكَ لِطَلَبِ اللهِ».

وَخَرَجَ لِلِقَائِهِ يَاهُو بْنُ حَنَانِي الرَّائِي،
وَقَالَ لِلْمَلِكِ يَهُوشَافَاطَ:
أَتُسَاعِدُ الشِّرِّيرَ، وَتُحِبُّ مُبْغِضِي الرَّبِّ؟
فَلِذَلِكَ الْغَضَبُ عَلَيْكَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. [2]
إن كان يهوشافاط قد أخطأ بمصاهرته لأخآب الذي يُوصَف بأنه عدو الله، فإن ياهو النبي مُصَمِّم أن يَرُدَّه للسلوك بحكمةٍ وتقوى. لقد أَكَّد له النبي أن الغضب الإلهي سيحلُّ ببيته بسبب تحالفه مع أخآب الشرير.
لماذا لم يرسل الله ياهو للملك يهوشافاط قبل أن يصاهر أخآب ويلتصق به؟ لكي يؤكد لنا أنه يقدس حرية إرادة الإنسان، ولكي بتذوقه مرارة الالتصاق بالأشرار يتعلَّم درسًا، ويكون مثالاً للشعب. هذا وأراد الله أن يؤكد أن رجال الله مثل يهوشافاط لهم أخطاؤهم.
وَبَّخ حناني والد ياهو الملك آسا (2 أخ 16: 10)، فأمر الملك بسجنه، ورأى ياهو أباه في السجن، ومع هذا لم يخف أن يوبخ يهوشافاط الملك، فكلمة الله لا تُقَيَّد. سمع الملك له، لكنه شرب من مصاهرته لأخآب.
v"المُساير الحكماء يصير حكيمًا، ورفيق الجهال فيُعرف (يُضر)" (أم 13: 20). إذ يليق بنا ألا نجري مع لصٍ، ولا نجعل نصيبًا مع زانٍ، إذ يقول داود: "ألا أبغض مبغضيك يا رب، وأمقت مقاوميك، بغضًا تامًا أبغضتهم، صاروا لي أعداء" (مز 139: 21، 22). يُوَبِّخ الله يهوشافاط لصداقته مع أخآب، وتحالفه معه ومع أخزيا بواسطة ياهو النبي: "أتساعد الشرير وتحب مبغضي الرب، فلذلك الغضب عليك من قبل الرب".
الدسقولية
للأسف لم يقطع يهوشافاط علاقته بأخآب وأهل بيته. لقد كشف لنا سفرا الملوك ما حَلَّ بأخآب وكل أهل بيته.
غَيْرَ أَنَّهُ وُجِدَتْ فِيكَ أُمُورٌ صَالِحَةٌ،
لأَنَّكَ نَزَعْتَ السَّوَارِيَ مِنَ الأَرْضِ،
وَهَيَّأْتَ قَلْبَكَ لِطَلَبِ الله. [3]
حقًا لقد أخطأ يهوشافاط، لكن ليس لنا أن ندين، فقد رجع يهوشافاط عن خطئه، وضاعف جهاده لخدمة الرب.
يُحَذِّرنا الرسول بولس من إدانة الساقطين، قائلاً: من أنت الذي تدين عبد غيرك. هو لمولاه يثبت أو يسقط، ولكنه سيثبت، لأن الله قادر أن يثبته" (رو 14: 4).
كما انتفع يهوشافاط من توبيخ النبي، انتفع أيضًا من مدحه له، فازداد في عمل الإصلاح.
بالرغم من أن الله لم يُسرّ بما فعله يهوشافاط، غير أنه لم يطرحه خارجًا، إذ يذكر له أنه أزال العبادة الوثنية بقلبٍ ملتهبٍ غيرة على عبادة الله، وأنه طلب الله.
v الله وحده يدين، له أن يُبَرِّرَ وله أن يدين، هو يعرف حال كل واحدٍ منا، وإمكانياتنا وانحرافاتنا ومواهبنا وأحوالنا واستعداداتنا، فله وحده أن يدين حسب معرفته الفريدة. إنه يدين أعمال الأسقف بطريقةٍ، وأعمال رئيسٍ بطريقةٍ أخرى، يحكم على أب دير أو تلميذ له بطريقة مغايرة، الشخص القديم (الذي له خبراته ومعرفته) غير طالب الرهبنة، والمريض غير ذي الصحة السليمة. من يقدر أن يفهم كل هذه الأحكام سوى خالق كل شيءٍ والعارف بكل الأمور؟
الأب دوروثيؤس
v سيحكم الله في الوقت المناسب. فإن القاضي يُهَان متى نطق خادم بحكم قبل معرفة قرار الحكم الذي للقاضي.
v ابسط رداءك على المُذنِب واستره، إن كنت لا تقدر أن تحتمل وتضع أوزاره على نفسك.
مار إسحق السرياني
v جلب حام بن نوح على نفسه اللعنة، لأنه ضحك عندما رأى عورة أبيه. أما اللذين سترا عورة أبيهما فنالا البركة.
القديس أمبروسيوس

3. اهتمامه بإصلاح المملكة

4 وَأَقَامَ يَهُوشَافَاطُ فِي أُورُشَلِيمَ، ثُمَّ رَجَعَ وَخَرَجَ أَيْضًا بَيْنَ الشَّعْبِ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ وَرَدَّهُمْ إِلَى الرَّبِّ إِلهِ آبَائِهِمْ.

لم يُسَجِّل لنا السفر رد فعل يهوشافاط للتحذير النبوي، غير أن يوسيفوس يعتقد بأن إصلاحاته الأخيرة تُعلِن إيجابيًا عن قبوله للتحذير، ومحاولة إصلاح ما سقط فيه.
يقول يوسيفوس [عندئذ لجأ الملك إلى تقديم الشكر وذبائح لله، كما انطلق إلى كل البلاد التي تحت سلطانه، وعَلَّمَ الشعب الشرائع التي أعطاها الله لموسى، وأيضًا العبادة الواجب تقديمها لله.]
وَأَقَامَ يَهُوشَافَاطُ فِي أُورُشَلِيمَ.
ثُمَّ رَجَعَ وَخَرَجَ أَيْضًا بَيْنَ الشَّعْبِ مِنْ بِئْرِ سَبْعٍ إِلَى جَبَلِ أَفْرَايِمَ،
وَرَدَّهُمْ إِلَى الرَّبِّ إِلَهِ آبَائِهِمْ. [4]
تلامس يهوشافاط مع حنو الله عليه بالرغم من أخطائه، لذلك قَبِلَ التوبيخ برضى، ولم يتذمر ولا قاوم الله كما فعل أبوه، بل حسب تأديب الرب وتوبيخه له نوعًا من الرحمة الإلهية، لهذا عاد إلى أورشليم، ثم خرج إلى الشعب وردهم إلى الرب إله آبائهم. انطبق عليه قول سليمان الحكيم: "وَبِّخْ حكيمًا فيزداد حكمه، ويقبل التحذير" (أم 9: 8-9). إن كان قد طلب من الكهنة واللاويين والرؤساء تعليم الشعب، فقد خرج بنفسه ليطمئن أن العدالة تُطَبَّق عمليًا في كل مكانٍ. انطلق من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال.
لعله بذل كل جهده أن يرد الشعب من بئر سبع في الجنوب إلى جبل أفرايم في الشمال إلى الرب إله آبائهم، وحسب ذلك تكفيرًا عن زيارته لأخآب.
ربما تَعثَّر الشعب من مصاهرة يهوشافاط الصالح لأخآب الشرير، فانحرف البعض إلى عبادة الأوثان، لذلك وضع في قلبه أن يضاعف مجهوداته لإرجاعهم للرب. هكذا يليق بنا إن سبَّبنا عثرة لأحدٍ أن نبذل كل الجهد لإصلاح هذا الخطأ.
v إنه يحثنا ألا نترك الأمر كله للصلوات المُقَدَّمة عنا دون أن نساهم نحن في شيءٍ من جانبنا.
انظروا كيف يبرز دوره هو، ألا وهو الرجاء مصدر كل صلاح. وكما يقول النبي: “لتكن رحمتك يا رب علينا، إذ نترجاك" (مز 33: 22). وكتب في موضع آخر: “اعتبروا الأجيال القديمة وانظروا، هل تَرَجَّى أحد الرب فخزي؟ (ابن سيراخ 2: 10). مرة أخرى يقول الطوباوي نفسه: “الرجاء لا يخزي" (رو 5: 5). هذا هو رجاء بولس، الرجاء الذي لن يخزي قط!...
ألا تنظروا عظمة الرجاء في الله؟ يقول: مهما حدث لن أخزى، فإنهم لن يسودوا عليٌ، بل بكل جرأة كما في كل حينٍ كذلك يتعظَّم المسيح في جسدي".
حقًا لقد توقَّعوا أن يُسقِطوا بولس في هذا الفخ، وأن يُطفِئوا كرازة الإنجيل كما لو كان لمكرهم أية قوة.
القديس يوحنا الذهبي الفم

4. تعليماته للقضاة في المحاكم الصغرى

5 وَأَقَامَ قُضَاةً فِي الأَرْضِ فِي كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا الْمُحَصَّنَةِ فِي كُلِّ مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ. 6 وَقَالَ لِلْقُضَاةِ: «انْظُرُوا مَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ، لأَنَّكُمْ لاَ تَقْضُونَ لِلإِنْسَانِ بَلْ لِلرَّبِّ، وَهُوَ مَعَكُمْ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ. 7 وَالآنَ لِتَكُنْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمُ. احْذَرُوا وَافْعَلُوا. لأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الرَّبِّ إِلهِنَا ظُلْمٌ وَلاَ مُحَابَاةٌ وَلاَ ارْتِشَاءٌ».

وَأَقَامَ قُضَاةً فِي الأَرْضِ فِي كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا الْمُحَصَّنَةِ،
فِي كُلِّ مَدِينَةٍ فَمَدِينَةٍ. [5]
سبق أن أرسل يهوشافاط مُعَلِّمين للشعب من رؤسائه كما من الكهنة واللاويين (2 أخ 17: 7-9)، الآن أقام قضاة جددًا، ربما بسبب وجود عجز في عددهم، وأرسل هيئات قضائية ثابتة في المدن الصغيرة والقرى، وأيضًا في أورشليم والمدن الكبيرة. غاية هذه الهيئات، الإشراف على تنفيذ الشرائع التي تَعَلَّمها الشعب، وردع فاعلي الإثم.
ربما وُجِدَ قبل ذلك قضاة، لكنهم أهملوا واجباتهم، أو استخف الشعب بهم، لذلك وضع نظامًا جديدًا للقضاء بمهامٍ جديدةٍ. فكانت مسئولية القضاة:
أ. حِفْظُ الشعب في عبادة الله.
ب. معاقبة الذين يكسرون الشريعة والقوانين.
ج. فض النزاعات بين الشعب.
وَقَالَ لِلْقُضَاةِ: انْظُرُوا مَا أَنْتُمْ فَاعِلُونَ،
لأَنَّكُمْ لاَ تَقْضُونَ لِلإِنْسَانِ بَلْ لِلرَّبِّ،
وَهُوَ مَعَكُمْ فِي أَمْرِ الْقَضَاءِ. [6]
حَذَّر الملك القضاة من الحُكْمِ حسب هواهم، وليس حسب الرب: "انظروا ما أنتم فاعلون، لأنكم لا تقضون للإنسان بل للرب، وهو معكم في القضاء".
طلب منهم أن يسلكوا بروح التقوى: "لتكن هيبة الرب عليكم". كما طلب منهم العدالة، فليس عند الرب ظلم ولا محاباة ولا رشوة. أَكَّد لهم الملك الالتزام بالأمانة وذلك للآتي:
أ. إنهم مُفوَّضون من الله لا الناس، فهم خُدَّامه [6].
ب. عَين الرب عليهم، وهو معهم في أمر القضاء [6].
ج. الله هو قائدهم، ومثلهم الأعظم في العدالة، فليس عنده ظلم ولا محاباة ولا رشوة [7].
د. كل خطأ يرتكبونه في القضاء، يُحسَب إثمًا ضد الرب نفسه [10].
وَالآنَ لِتَكُنْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَيْكُمُ.
احْذَرُوا وَافْعَلُوا.
لأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ الرَّبِّ إِلَهِنَا ظُلْمٌ وَلاَ مُحَابَاةٌ وَلاَ ارْتِشَاءٌ. [7]
اختبر يهوشافاط كيفية التعامُل مع الله. فإن من يكرم الرب يكرمه الرب، ومن يهابه يعطيه مهابة أمام الآخرين. ومن يقرض الرب خلال المساكين يرد له القرض مضاعفًا. بهذا المبدأ طلب الملك من القضاة أن يسلكوا بمهابةٍ، لا باستخدام سلطانهم البشري وإصدار أوامر مُشَدَّدة، إنما إذ يخافون الرب تحلُّ مهابة الرب عليهم.
يكشف حديث الملك للقضاة عن قلبه المملوء حبًا وإخلاصًا للرب مع مخافة الرب.
v تحوي مخافة الرب كل تلك المتطلبات (للفرح المستمر). لأن الإنسان الذي يخاف الرب كما يليق، ويثق فيه، يجمع كل مصادر السعادة، ويقتني الينبوع الكامل للبهجة. كما أن نقطة ماء تسقط في محيط مُتَّسِع سرعان ما تختفي، هكذا مهما حلَّ بمن يخاف الرب يتبدد ويزول في محيط الفرح الهائل. حقًا إنه لأمر عجيب للغاية، فإنه مع وجود ما يُسَبِّب الحزن، تجد الإنسان متهللاً. فإنه إذ لا يوجد شيء ما يجلب حزنًا، فإن هذا المُرّ يكون بلا قيمة عنده مقابل تمتعه بالفرح الدائم.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v لأن قايين لم يخف الله طوعًا،
ملكت المخافة عليه كرهًا،
وأصبح مرتعبًا، هائمًا على وجه الأرض،
وتحت عذاب الخوف، كان يرجو الله أن يسمح لأي إنسان يقتله،
لكي يتخلَّص من هذه الحياة المملوءة خوفًا ورعبًا!
القديس مار فيلوكسينوس

5. تعليماته للقضاة في المحاكم العليا

8 وَكَذَا فِي أُورُشَلِيمَ أَقَامَ يَهُوشَافَاطُ مِنَ اللاَّوِيِّينَ وَالْكَهَنَةِ وَمِنْ رُؤُوسِ آبَاءِ إِسْرَائِيلَ لِقَضَاءِ الرَّبِّ وَالدَّعَاوِي. وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. 9 وَأَمَرَهُمْ قَائِلًا: «هكَذَا تَفْعَلُونَ بِتَقْوَى الرَّبِّ بِأَمَانَةٍ وَقَلْبٍ كَامِل. 10 وَفِي كُلِّ دَعْوَى تَأْتِي إِلَيْكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمُ السَّاكِنِينَ فِي مُدُنِهِمْ، بَيْنَ دَمٍ وَدَمٍ، بَيْنَ شَرِيعَةٍ وَوَصِيَّةٍ مِنْ جِهَةِ فَرَائِضَ أَوْ أَحْكَامٍ، حَذِّرُوهُمْ فَلاَ يَأْثَمُوا إِلَى الرَّبِّ فَيَكُونَ غَضَبٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَى إِخْوَتِكُمْ. هكَذَا افْعَلُوا فَلاَ تَأْثَمُوا. 11 وَهُوَذَا أَمَرْيَا الْكَاهِنُ الرَّأْسُ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ أُمُورِ الرَّبِّ، وَزَبَدْيَا بْنُ يَشْمَعِئِيلَ الرَّئِيسُ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا فِي كُلِّ أُمُورِ الْمَلِكِ، وَالْعُرَفَاءُ اللاَّوِيُّونَ أَمَامَكُمْ. تَشَدَّدُوا وَافْعَلُوا، وَلِيَكُنِ الرَّبُّ مَعَ الصَّالِحِ».

وَكَذَا فِي أُورُشَلِيمَ، أَقَامَ يَهُوشَافَاطُ مِنَ اللاَّوِيِّينَ وَالْكَهَنَةِ،
وَمِنْ رُؤُوسِ آبَاءِ إِسْرَائِيلَ لِقَضَاءِ الرَّبِّ وَالدَّعَاوِي.
وَرَجَعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. [8]
أقام الملك محكمة عليا في أورشليم العاصمة، تُرفَع إليها الحالات المستعصية أو من يشعر بظلمٍ أو جورٍ حَلَّ به في محكمة صغرى. أقامها في أورشليم حتى يمكنه التدخُّل بنفسه فيها إن كان الأمر خطيرًا.
يُمَيِّز الملك بين "قضاء الرب" و"الدعاوي"؛ ولعلَّه يقصد بالأولى الأمور الخاصة بشريعة الرب مباشرة، والثانية تخص الخلافات بين الأفراد.
وَأَمَرَهُمْ: هَكَذَا تَفْعَلُونَ بِتَقْوَى الرَّبِّ بِأَمَانَةٍ وَقَلْبٍ كَامِلٍ. [9]
مع اهتمام الملك بانتشار العدل في مملكته، ورفع كل ظلمٍ ومحاباةٍ، رَكَّز في حديثه مع القضاة على التقوى بأمانة ونقاوة القلب أو كماله.
مع سقوط الملك في ضعفات خطيرة، مثل مصاهرته لأخآب ملك إسرائيل الشرير، غير أن تصرُّفاته وأحاديثه مع القضاة تكشف عن سمو حياته الروحية واستقامة مفاهيمه ونقاوة قلبه.
v إنه ليس دنس الجسد بل دنس النفس الذي ينفر الله منه. إذ يقول: "طوبى للأنقياء"، فهل يقول هذا عن الجسد؟ لا بل "أنقياء القلب، فإنهم يعاينون الله" (مت 5: 8). وماذا يقول النبي: "قلبًا نقيًا أخلقه فيّ يا الله" (مز 51: 10). وأيضًا: "أغسل قلبي من الشر" (إر 4: 14)[11].
v إني أرى كثيرين يقرعون صدورهم قائلين: أخطأنا، ويظنون أن قلوبهم تنطق معهم بهذا اللفظ. أقول لهم ولأمثالهم: إنه ليس كل من يقول أخطأت، أخطأت، ينال الغفران، كما أنه ليس كل من يقول يا رب يا رب يرث ملكوت السماوات (مت 7: 21).
لأني أرى في الكتاب المقدس أن يهوذا قال أخطأت أمام كهنة اليهود وشيوخهم (مت 27: 3). كما قالها شاول الملك أمام صموئيل (1 صم 15: 24-34)، وقالها أيضًا داود النبي أمام ناثان، إلا أن واحدًا من هؤلاء فقط سمع الجواب الصريح بالغفران وهو داود (2 صم 12: 13). وذلك لأن داود قالها من القلب حقًا (مز 51: 1)، وهو ثابت في صلواته ونسكه كما هو واضح في سفر المزامير.
v "طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله" (مت 8: 6). لاحظوا هنا أيضًا أن المكافأة روحية، فهو يدعو من بلغوا قمة الفضائل ولم يُضمِروا في نفوسهم أي شر "أنقياء"، وكذلك من يضبطون أنفسهم في كل شيءٍ، ويَتَعَفَّفون عن الشهوات. لأنه ما من شيءٍ نحتاج إليه بالأكثر لنُعَاين الله مثل هذه الفضيلة الأخيرة. حيث يقول القديس بولس الرسول أيضًا: "اتبعوا السلام مع الجميع، والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب" (عب 12: 14).
القديس يوحنا الذهبي الفم
v لا تجعل فمك مستعدًا، بل قلبك... إذ نقبله نعرف ما نفكر فيه. نقبل فقط القليل، وننتعش في القلب. ما يقوتنا ليس ما نراه بل ما نؤمن به. لهذا فنحن لا نطلب ما يمسُّ حواسنا الخارجية، ولا نقول: "ليؤمن الذين يرون بأعينهم ويلمسون بأيديهم الرب نفسه بعد قيامته إن كان ما يُقَال هو حق إننا لم نلمسه، فلماذا نؤمن؟"
v غَيّرْ القلب، فتتغيّر الأعمال! اقتلع الشهوات واغرس المحبَّة، فكما أن الشهوة (محبّة المال) أصل كل الشرور (1 تي 6: 10) هكذا المحبّة أصل الصلاح.
القديس أغسطينوس
v قلب الإنسان ليس بالأمر الصغير؛ فإنه يقدر أن يحتضن هذا كله.
العلامة أوريجينوس
وَفِي كُلِّ دَعْوَى تَأْتِي إِلَيْكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمُ السَّاكِنِينَ فِي مُدُنِهِمْ بَيْنَ دَمٍ وَدَمٍ.
بَيْنَ شَرِيعَةٍ وَوَصِيَّةٍ مِنْ جِهَةِ فَرَائِضَ أَوْ أَحْكَامٍ حَذِّرُوهُمْ.
فَلاَ يَأْثَمُوا إِلَى الرَّبِّ، فَيَكُونَ غَضَبٌ عَلَيْكُمْ وَعَلَى إِخْوَتِكُمْ.
هَكَذَا افْعَلُوا فَلاَ تَأْثَمُوا. [10]
أعطى اهتمامًا خاصًا بالحكم في قضايا القتل، أو سفك الدم لخطورتها.
لا يقبل الله سفك دم إنسان، خاصة إن كان بريئًا. فإن من يسفك دم أخيه في البشرية، يكون كمن أساء إلى قلب خالقه مُحِب البشرية.
لا يطيق الله أن يرى الدم البريء مسفوكًا بلا ذنبٍ، إذ يقول لقايين: "صوت دم أخيك صارخ من الأرض" (تك 4: 11)، ولا يحتمل حتى سفك دم الشرير، إذ يقول: "كل من قتل قايين فسبعة أضعاف ينتقم منه، وجعل الرب لقايين علامة، لكي لا يقتله كل من وجده" (تك 4: 14-15). تظهر كراهيته لسفك الدم قوله لداود النبي المحبوب لديه: "قد سفكت دمًا كثيرًا وعملت حروبًا عظيمة، فلا تبني بيتًا لاسمي" (أي 22: 8).
في شريعة مدن الملجأ (عد 35: 29-34) أراد الله حماية من يتسبَّب في قتل إنسانٍ عن غير عمدٍ، وهذا لا يعني التهاون مع جريمة القتل، لذلك أوضح جريمة القتل وخطورتها.
‌أ. إن جريمة القتل لا تثبت بشهادة إنسانٍ واحدٍ، بل أكثر من شاهد، وعقوبتها الإعدام.
‌ب. لا يمكن قبول فدية عن نفس القاتل المُذنِب للموت، حتى لا يظن الغني بأمواله قادر أن يقتل ويدفع فدية، إنما من يَقتِل يُقتَل.
‌ج. التهاون في عقاب القاتل، يُحسَب تدنيسًا للأرض التي يقيم فيها، والرب نفسه ساكن في وسطها.
وَهُوَذَا أَمَرْيَا الْكَاهِنُ الرَّأْسُ عَلَيْكُمْ فِي كُلِّ أُمُورِ الرَّبِّ،
وَزَبَدْيَا بْنُ يَشْمَعِئِيلَ الرَّئِيسُ عَلَى بَيْتِ يَهُوذَا فِي كُلِّ أُمُورِ الْمَلِكِ،
وَالْعُرَفَاءُ اللاَّوِيُّونَ أَمَامَكُمْ.
تَشَدَّدُوا وَافْعَلُوا،
وَلْيَكُنِ الرَّبُّ مَعَ الصَّالِحِ. [11]
أقام رئيس الكهنة رئيسًا للمحكمة العليا، غالبًا في الشرائع الدينية وأمور العبادة، ورئيس الوزراء زبديا في الأمور الخاصة بالملك.
من السمات الجميلة التي تَزيَّن بها يهوشافاط، تشديد النفوس وتشجيعها للعمل بروح القوة والرجاء في الله الصالح العامل فيهم وبهم.
لقد تَعَلَّم من الرب نفسه أن يسند العاملين معه بقوله: تشدَّدوا، اعملوا، فإن الرب الصالح يعمل بكم. حديثه هذا يحمل دعوة الرب ليشوع، قائلاً له: "تَشدَّد وتَشَجَّع لا ترهب ولا ترتعب، لأن الرب إلهك معك حيثما تذهب" (يش 1: 9).
وبنفس الروح يقول لإرميا النبي: "لا تَقُل إني وَلَد... لا تخف من وجوههم لأني أنا معك لأنقذك يقول الرب... فيحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك يقول الرب لأنقذك" (إر 1: 7-8، 19). بقدر ما يختفي الخادم في الله لا يخاف غيره، إذ يبقى مطمئنًا فيه
وكما يقول القديس يوحنا الدرجي: [الذي صار خادمًا لله يخاف سيده وحده، أما من لا يخاف سيده، فغالبًا ما يخاف حتى من خياله.]

من وحي 2 أي 19

رُدِّني إلى أورشليم العليا!

v كم تهلَّلتْ نفس يهوشافاط حين رجع إلى مدينتك المقدسة،
حسب مدينتك أورشليم بيتًا له، يستريح فيه.
فإنه لن يستريح إلا في أحضانك.
في غباوة صاهر أخآب الشرير.
تُرَى هل أَغْرَته انتصاراته، أم أراد اتِّحاد المملكتين؟!
صداقته مع الشرير كادت تقضي عليه.
لكن من أجل بساطته ونقاوة قلبه أَنقذتَه،
وعاد إلى أورشليم سالمًا!
v من أجل محبتك له ولأجل خلاصه،
أرسلت إليه ياهو بن حناني يُوبِّخه،
في تواضعٍ سمع له، لأنه إنسان الله.
بذل كل الجهد، لنزع السواري من البلاد.
وسَلَّمك قلبه، لكي تُهَيّئه، فيطلبك!
v أقام قضاة، لا ليُنَفِّذوا أوامره،
إنما ليقضوا لك وليس لإنسانٍ ما.
دعاهم إلى مخافتك المقدسة،
ليَتَمتَّعوا بهيبتك عليهم!
سألهم أن يقتدوا بك، يا أيها العجيب في برِّه!
فلا يظلموا أحدًا، ولا يُحابِوا ولا يَقْبَلوا رشوة!
v سألهم أن يسلكوا بالتقوى والأمانة وكمال القلب.
فتعمل أنت فيهم وبهم، وتسود مخافتك وسط الشعب.
شدَّد عليهم أن يحفظوا شريعتك،
ودعاهم للطاعة لوصيّتك.
وحَذَّرهم من الإثم والمعصية!
v كما شدَّدت يشوع ودعوته ألا يرهب إنسانًا.
أعلنت له مَعِيَّتك أينما ذهب.
هكذا شدَّد يهوشافاط العاملين معه.
أَكَّد لهم أنك تشتاق أن ترافقهم يا أيها الصالح!
v هَبْ لي يا رب قلبًا نقيًّا كداود وحفيده يهوشافاط.
ليعمل روحك فيَّ، فأشتهي أن يكون الكل قادة.
تملأ قلبي رجاءً وفرحًا وسلامًا،
فأُقدِّم مما لك لإخوتي!
v أعمالك يا سيدي عجيبة.
تُقِيم من الخطاة قدّيسين،
ومن الضعفاء جبابرة بأس.
وترفعهم من المزبلة، ليجلسوا مع أشراف أشراف شعبك.
v لك المجد يا من تعمل في كل الأجيال،
لتُقِيم بقية مُقدَّسة تشهد لك.
وسفراء لك يسلكون بروحك القدوس!
لك المجد يا من أَعدت يهوشافاط إلى أورشليم سالمًا!
هَبْ لقلبي أن يرجع إلى أورشليمك العليا نقيًا!


الغزو الأجنبي والخلاص منه بالتسبيح


يُعتبَر هذا الأصحاح مقالاً عمليًا عن النصرة على عدو الخير بكل طاقاته التي تبدو جبارة وعنيفة خلال التسبيح لله. وفي نفس الوقت يُقَدِّم لنا مفهومًا سليمًا للتسبيح، ألا وهو:
1. مع كل جهادٍ ونصرةٍ، نتوقَّع هياج العدو بلا سببٍ.
2. التسبيح ليس عملاً روتينيًا جافًا، إنما يصدر عن قلبٍ مُلتهبٍ بحُبِّ الله، يطلب الله نفسه ليَتمتَّع بالشركة معه.
3. التسبيح، حتى في الحجرة الخاصة، يحمل تناغمًا وحبًا للجماعة المقدسة.
4. نُسَبِّح الله في إيمان ويقين بعمل الرب بنا وفينا.
5. يليق التسبيح والشكر بعد نوال النصرة أيضًا.

الحرب مرة أخرى

تَوَقَّفنا في الأصحاح السابق عند انشغال الملك يهوشافاط بإصلاح مملكته، إذ نزع الأوثان والمرتفعات، واهتم بتعليم الشعب وصايا الله وناموسه، وتزويدها بأجهزة العدالة، وتقويم العبادة، فحلَّ السلام والرخاء في مملكته، وخضعت الممالك المجاورة له.
لكن إذ سلك في غير أمانة لله، حيث تحالف مع أرام ضد إسرائيل أخيه، أعلن له ياهو النبي أن غضب الله سيحلُّ عليه. استغل عدو الخير فرصة سقوطه في عدم الأمانة، فأثار عليه موآب يقاومه لأنه صاهر إسرائيل، وكانت هناك عداوة بين موآب وإسرائيل.
دخل في ضيقةٍ شديدةٍ بسبب تَكَاتُف بعض الأمم الوثنية ضده، لكن الله تَمَجَّد في وسط الضيق، وتبعه خلاص مجيد كجزاءٍ جزيلٍ لتقواه واتِّكاله على الله مُخَلِّصه بالرغم من ضعفاته.
أخيرًا، انتهت حياته، ولكن ليست بدون شوائب.
كل ما ورد في هذا الأصحاح باستثناء الآيات 21-24، ورد في الملوك الأول.
1. الغزو الأجنبي

1 ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ أَتَى بَنُو مُوآبَ وَبَنُو عَمُّونَ وَمَعَهُمُ الْعَمُّونِيُّونَ عَلَى يَهُوشَافَاطَ لِلْمُحَارَبَةِ. 2 فَجَاءَ أُنَاسٌ وَأَخْبَرُوا يَهُوشَافَاطَ قَائِلِينَ: «قَدْ جَاءَ عَلَيْكَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ عَبْرِ الْبَحْرِ مِنْ أَرَامَ، وَهَا هُمْ فِي حَصُّونَ تَامَارَ». هِيَ عَيْنُ جَدْيٍ.

ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَى بَنُو مُوآبَ وَبَنُو عَمُّونَ وَمَعَهُمُ الْعَمُّونِيُّونَ،
عَلَى يَهُوشَافَاطَ لِلْمُحَارَبَةِ. [1]
فوجئ يهوشافاط بتحالُف هذه الأمم ضده ودخولهم بلاده، ولا نَعْلَم سبب هذه الخصومة المفاجئة. غالبًا لم يحتمل عدو الخير ما فعله يهوشافاط بكل جدية للإصلاح.
اتَّحد مع بني موآب في الحرب بنو عمون الذين أَذلَّهم داود وكسرهم قبلاً، كذلك بعض من أدوم [الإيميون Meunim, Moanites الذين من منطقة أدوم أي جبل سعير (تث 2: 10)].
فَجَاءَ أُنَاسٌ، وَأَخْبَرُوا يَهُوشَافَاطَ:
قَدْ جَاءَ عَلَيْكَ جُمْهُورٌ كَثِيرٌ مِنْ عَبْرِ الْبَحْرِ مِنْ أَرَامَ،
وَهَا هُمْ فِي حَصُّونَ تَامَارَ (هِيَ عَيْنُ جَدْيٍ). [2]
قيل إنهم جاءوا من عَبْرِ البحر، أي البحر الميِّت، حيث توجد سدوم، ويبدو أنهم مَرُّوا على مملكة الشمال المقيمين في عبر الأردن، وسمحوا لهم بالسير عبر حدودهم.
يرى البعض أن ما ورد في (ع 2) "أرام" جاء في بعض النسخ "أدوم". ففي العبرية الكلمتان "أرام" و"أدوم" يقتربان جدًا، ويسهل على الناسخ أن يمزج بينهما. ذكر "عين جدي" يجعل أدوم هي أقرب إلى الصحة.
لقد مدَّ يهوشافاط يده لاسترداد راموت جلعاد لمملكة الشمال، وتَعَرَّض هو نفسه للقتل.
كانت الأمم المجاورة تخاف يهوشافاط (2 أخ 17: 10)، غير أن تحالفه مع أخآب هزَّ شخصيته أمامهم، وشعروا أن إلهه لا يعود يسنده، لأنه لا يُسَر به بسبب التصاقه بأخآب الوثني. وربما هذا حدث بعد موت أخآب مباشرة، واستلام أخزيا عرش مملكة الشمال.
حصون تامار: اسم قديم لعَيْن جدي، وكانت في يهوذا بقرب بحر لوط عند منتصف البر الغربي على بعد نحو ميل من الشاطئ.

2. الالتجاء إلى الله

3 فَخَافَ يَهُوشَافَاطُ وَجَعَلَ وَجْهَهُ لِيَطْلُبَ الرَّبَّ، وَنَادَى بِصَوْمٍ فِي كُلِّ يَهُوذَا. 4 وَاجْتَمَعَ يَهُوذَا لِيَسْأَلُوا الرَّبَّ. جَاءُوا أَيْضًا مِنْ كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا لِيَسْأَلُوا الرَّبَّ. 5 فَوَقَفَ يَهُوشَافَاطُ فِي جَمَاعَةِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ أَمَامَ الدَّارِ الْجَدِيدَةِ 6 وَقَالَ: «يَا رَبُّ إِلهَ آبَائِنَا، أَمَا أَنْتَ هُوَ اللهُ فِي السَّمَاءِ، وَأَنْتَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى جَمِيعِ مَمَالِكِ الأُمَمِ، وَبِيَدِكَ قُوَّةٌ وَجَبَرُوتٌ وَلَيْسَ مَنْ يَقِفُ مَعَكَ؟ 7 أَلَسْتَ أَنْتَ إِلهَنَا الَّذِي طَرَدْتَ سُكَّانَ هذِهِ الأَرْضِ مِنْ أَمَامِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ وَأَعْطَيْتَهَا لِنَسْلِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ إِلَى الأَبَدِ؟ 8 فَسَكَنُوا فِيهَا وَبَنَوْا لَكَ فِيهَا مَقْدِسًا لاسْمِكَ قَائِلِينَ: 9 إِذَا جَاءَ عَلَيْنَا شَرٌّ، سَيْفٌ قَضَاءٌ أَوْ وَبَأٌ أَوْ جُوعٌ، وَوَقَفْنَا أَمَامَ هذَا الْبَيْتِ وَأَمَامَكَ، لأَنَّ اسْمَكَ فِي هذَا الْبَيْتِ، وَصَرَخْنَا إِلَيْكَ مِنْ ضِيقِنَا فَإِنَّكَ تَسْمَعُ وَتُخَلِّصُ. 10 وَالآنَ هُوَذَا بَنُو عَمُّونَ وَمُوآبُ وَجَبَلُ سَاعِيرَ، الَّذِينَ لَمْ تَدَعْ إِسْرَائِيلَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ حِينَ جَاءُوا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ، بَلْ مَالُوا عَنْهُمْ وَلَمْ يُهْلِكُوهُمْ، 11 فَهُوَذَا هُمْ يُكَافِئُونَنَا بِمَجِيئِهِمْ لِطَرْدِنَا مِنْ مُلْكِكَ الَّذِي مَلَّكْتَنَا إِيَّاهُ. 12 يَا إِلهَنَا أَمَا تَقْضِي عَلَيْهِمْ، لأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا قُوَّةٌ أَمَامَ هذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ الآتِي عَلَيْنَا، وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ وَلكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا». 13 وَكَانَ كُلُّ يَهُوذَا وَاقِفِينَ أَمَامَ الرَّبِّ مَعَ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَبَنِيهِمْ.

فَخَافَ يَهُوشَافَاطُ، وَجَعَلَ وَجْهَهُ لِيَطْلُبَ الرَّبَّ،
وَنَادَى بِصَوْمٍ فِي كُلِّ يَهُوذَا. [3]
لم يذكر عنه أنه حشد قواته، الأمر الذي يُحتمَل أنه قام به، لكن اهتمامه كان بالأكثر هو حصوله على تأييد الله وتَدَخُّله ووقوفه بجانبه، لأنه كان قد أُخبِرَ من النبي عن غضب الله بسبب تصرُّفاته، وقد أظهر ندمًا على ذلك. لقد خشي لئلا يسقط تحت التأديب، وكأنه صرخ مع أبيه داود طالبًا أنه يقع في يد الله ولا يقع في يد إنسان.
كان من ثمر أخطائه أنه خاف، خاصة وأن الهجوم جاء مُفاجِئًا له.
عالج يهوشافاط المَوْقِف بحكمة، فقد جعل في المقام الأول الالتصاق بالرب والدخول معه في صداقة. لذلك طلب الرب بمثابرة، واثقًا أن من يطلبه يجده. نادى يهوشافاط بصومٍ في كل يهوذا، وعيَّن يومًا للتذلُّل والصلاة، لكي يشترك الكل، قادة وشعب، في الاعتراف بخطاياهم، وطلب معونة الله. الصوم في مِثْلِ هذه المواقف تعبير عن إدانة الإنسان نفسه عمَّا ارتكبه من خطايا، حيث يشعر الإنسان أنه غير مستحق للخبز الذي يأكله، وأن الله بار وعادل حتى إن حرمه منه. كما يُعَبِّر الصوم عن الرغبة الجادة في الامتناع عن الملذَّات والخطايا.
ربما ما شغل قلب الكاتب ليس ما قام به من حشد جيشه، بل استعداداته الروحية.
v الصوم يجعل العاقر تلد أولادًا.
الصوم يصنع الأقوياء.
الصوم يجعل المُشرِّعين حكماء.
الصوم حارس للنفس.
الصوم رفيق أمين للجسد.
الصوم سلاح الشجعان.
الصوم تدريب الرياضيين.
الصوم يصد التجارب.
الصوم يُمَهِّد الطريق للتقوى.
إنه رفيق الهدوء وصانع العفة.
الصوم يعمل أعمالاً باهرة في الحروب.
الصوم يُعلَّم السكينة في وقت السلام
الصوم يُقدِّس النذير ويجعل الكاهن كاملاً. لأنه كيف يمكن للكاهن أن يُصَلِّي بدون صومٍ؟ لقد كانت ممارسة الصوم أمرًا ضروريًا، ليس فقط في عبادة العهد الجديد السرائرية، ولكن أيضًا بالنسبة للعبادة الناموسية.
v الصوم هو الذي يقود القدِّيسين إلى الحياة مع الله...
الصوم هو جناح الصلاة لترتفع إلى السماء، وتخترق إلى عرش الله...
هو عماد البيوت؛ حاضن الصحَّة، مُعلِّم الشباب، زينة الشيوخ، صديق الأرواح.
لا تستقيم الفضيلة إلاَّ بالنُسْكِ، لأن النُسْكِ يلجم الشهوات. والطعام لا ينفع الجاهل، هكذا قال سليمان الحكيم. "لا تهتموا لأجسادكم بما تأكلون" هكذا قال السيِّد أيضًا.
ولست أعني بالصوم ترك الطعام الضروري، لأن هذا يؤدِّي إلى الموت. ولكن أعني ترك المأكل الذي يجلب لنا اللذَّة، ويُسَبِّب تمرُّد الجسد.
الصائم الحقيقي هو الذي يتغرَّب عن كل الآلام الجسديَّة حتى الطبيعيَّة.
القديس باسيليوس الكبير
وَاجْتَمَعَ يَهُوذَا لِيَسْأَلُوا الرَّبَّ.
جَاءُوا أَيْضًا مِنْ كُلِّ مُدُنِ يَهُوذَا لِيَسْأَلُوا الرَّبَّ. [4]
إذ خاف يهوشافاط من تحالف الجيوش الثلاثة ضده، جعل وجهه ليطلب الرب. اقتدى الشعب به، فجاءوا من كل مدن يهوذا يسألون الرب [4].
جاءوا من كل مدن يهوذا مع عائلاتهم، يعترفون بخطاياهم، ويطلبون الرحمة. جاءوا بأطفالهم الصغار الأبرياء كي ينظر الرب إليهم، كما نظر إلى أطفال نينوى فيما بعد (يون 4: 11).
جاءوا إلى بيت الرب، مُتطلِّعين إلى الوعد الإلهي "أذناي تكونان مصغيتين إلى صلاة هذا المكان" (1 مل 7: 15).
لا يكف رجال الله عن حثنا على سؤال الرب وطلبه. فهذه هي غاية كل عبادتنا، أن نلتقي مع ربنا يسوع ونطلبه من كل القلب كسرِّ حياتنا.
"لك قال قلبي: قلت اطلبوا وجهي، وجهك يا رب أطلب" (مز 27: 8).
"اطلبوا الرب وقدرته التمسوا، وجهه دائمًا" (مز 105: 4).
"اطلبوا الرب ما دام يوجد، ادعوه وهو قريب" (إش 55: 6).
"اطلبوا الرب فتحيوا، لئلا يقتحم بيت يوسف كنار تحرق ولا يكون من يطفئها من بيت إيل (عا 5: 6).
"اطلبوا الرب يا جميع بائسي الأرض الذين فعلوا حكمه، اطلبوا البرَّ، اطلبوا التواضع لعلكم تسترون في يوم سخط الرب" (صف 2: 3).
يرى القديس كبريانوس في النداء "اطلبوا الرب" دعوة لترك كل شيءٍ لنطلب الرب وملكوته وبِرَّه عندئذ كل شيءٍ يزداد لنا كقول السيد المسيح نفسه (مت 6: 31-33).
v كيف أطلبك يا رب، فإنني إذ أطلبك يا إلهي أطلب الحياة السعيدة. أطلبك فتحيا نفسي، لأن جسدي يحيا بنفسي ونفسي تحيا بك.
v "لا ترفضني يا الله مخلصي" (مز 27: 9). لا تستخف بجسارة مائت يطلب الأبدي، لأنك أنت يا الله تشفي الجرح الذي تركته خطيتي.
القديس أغسطينوس
v حيث يوجد زمن، تطلعوا إلى الخلاص الحقيقي الأبدي، وإذ صارت نهاية العالم على الأبواب حَوِّلوا أذهانكم بمخافة الرب إلى الله. لا تبتهجوا بسلطانكم الباطل الذي بلا قوةٍ يسيطر في هذا العالم على الأبرار والودعاء... "اطلبوا الرب فتحيوا" (عا 5: 6). اعرفوا الرب حتى إن كان الوقت متأخرًا... آمنوا به، هذا الذي لن يخدعكم. آمنوا بذاك الذي سبق فأخبركم بحدوث كل هذه الأمور. آمنوا بالذي سيهب الحياة الأبدية للذين يؤمنون. آمنوا بذاك الذي بنيران جهنم يوقع عقوبة أبدية على غير المؤمنين.
الشهيد كبريانوس
v "لتفرح قلوب الذين يلتمسون الرب" (مز 105: 4). ليفرح الرهبان، لأن القلوب التي تطلب الرب تفرح. إن كانت قلوب الذين يلتمسون الرب مملوءة فرحًا، فكم بالأكثر تكون قلوب الذين يجدونه؟ حقًا إن الذين يجدونه لن يدعوه يذهب عنهم.
القديس جيروم
لم يكن من حق الملك أن يُقَدِّمَ بخورًا أو ذبائح، لكن كان الملوك يُصَلُّون باسم الشعب، ويُعلِّمون الشعب كما فعل سليمان ويهوشافاط.
فَوَقَفَ يَهُوشَافَاطُ فِي جَمَاعَةِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ،
أَمَامَ الدَّارِ الْجَدِيدَةِ [5]
وقف يهوشافاط في الهيكل نيابةً عن جميع يهوذا. أخذ يُذَكِّرَ الله بمعاملاته معهم في أيام إبراهيم.
الدار الجديدة: كان للهيكل داران، أي دار الكهنة والدار العظيمة، وكان الاجتماع في الدار العظيمة، وربما سُمِّيَت الدار الجديدة لأن آسا أصلحها. وقف أمام الدار، أي عند فاصل الدارين.
مع بلوغ المؤمنين إلى بيت الرب يتوسل كل منهم إلى الله مترقبًا الفرج. يعلن المؤمن باسم الجماعة أنهم جميعًا موالون وخاضعون. عيونهم إلى يد الرب الحانية، التي لا تكف عن أن تعمل خيرًا.
وَقَالَ: يَا رَبُّ إِلَهَ آبَائِنَا، أَمَا أَنْتَ هُوَ الله فِي السَّمَاءِ؟!
وَأَنْتَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى جَمِيعِ مَمَالِكِ الأُمَمِ، وَبِيَدِكَ قُوَّةٌ وَجَبَرُوتٌ،
وَلَيْسَ مَنْ يَقِفُ مَعَكَ؟ [6]
اعترف الملك بأن كل ما يحدث على الأرض هو بسماح من الله، قائلاً: "أما أنت هو الله في السماء؟" [6] أليس سلطانك فوق كل سلطان، حتى فوق الممالك الوثنية؟
يطلب من أن الله أن يتدخَّل بنفسه، ويضع حدودًا لشتائم الأشرار وتصرُّفاتهم الشريرة. فبيده القوة والجبروت، ولا يستطيع أحد أن يقف أمامه.
يُذَكِّر الله بعهده مع الآباء: "أما أنت إله آبائنا؟" [7]
يُذَكِّر الله بأن الأرض التي في أيديهم هي هبة من عنده، وعد بها إبراهيم خليله. فهي وديعة بين أيديهم. وكأنه يقول: احفظ يا رب وديعتك، وحَصِّنها ضد كل الدعاوي الظالمة، ولا تسمح بطردنا منها، أو ضياعها من أيادينا. نحن وكلاء وأنت هو المالك، احفظ ما هو ملكك [11]. يليق بنا أن ندرك أن كل ما في أيدينا مِلْك الله، ونحن وكلاء.
بالإيمان ترتفع نفوسنا كما إلى الله الساكن في السماء، في مدينة الله، أورشليم العليا، وبالإيمان يسكن السيد المسيح في قلوبنا، فيجعل منها سماءً جديدةً.
v ليصعد هذا المُسبَّح. ليُسَبَّح هذا في قلب كل واحدٍ منكم، وليكن كل واحدٍ منكم هو هذا الإنسان، لأنه عندما يقول كل واحدٍ منكم هذا، حيث أنكم جميعًا واحد في المسيح، إنسان واحد ينطق بهذا، فلا يقول: "إليك يا رب نرفع أعيننا"، وإنما "إليك يا رب رفعتُ عينيَّ"، يلزمكم أن تتصوروا أن كل واحدٍ منكم بالحقيقة يتكلم، ولكن الواحد هذا بمعنى خاص يتكلم وهو منبسط في الأرض كلها
v أنتم تسكنون في بيت (الله السماوي)، فإن سُحِبَ البيت تسقطون. والله يسكن في القديسين، فإن فارقهم يسقطون!
القديس أغسطينوس
أَلَسْتَ أَنْتَ إِلَهَنَا الَّذِي طَرَدْتَ سُكَّانَ هَذِهِ الأَرْضِ،
مِنْ أَمَامِ شَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ،
وَأَعْطَيْتَهَا لِنَسْلِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِكَ إِلَى الأَبَد؟! [7]
في اجتماع الأمة للصلاة [3-12]، جاءت صلاة يهوشافاط تقترب جدًا من صلاة سليمان عند إقامة الهيكل (2 أخ 6: 12-40). يعتبر البعض صلاة يهوشافاط امتدادًا وتطبيقًا لصلاة سليمان[10].
في هذه الصلاة يذَّكر الرب أن المقاومين لهيكله هم أنفسهم الأمم الذين طلب الرب عدم إبادتهم [10-11: عد 20: 21: تث 2: 1، 4، 5، 8، 19).
دُعي إبراهيم خليل الله في (إش 41: 8؛ يهوديت 8: 19؛ يع 2: 3). يقول القديس إكليمنضس الروماني: [إبراهيم الذي دُعِي "الخليل"، وُجِدَ أمينًا إذ أطاع كلمات الله.]
فَسَكَنُوا فِيهَا،
وَبَنُوا لَكَ فِيهَا مَقْدِسًا لاِسْمِكَ قَائِلِينَ: [8]
يذكر أيضًا الهيكل المقدس الذي بنوه باسم الرب، وقَدَّموه له مما أعطاهم، فلا فضل لهم فيه.
يشتكي يهوشافاط من الأشرار، الذين يكافئونه شرًا عن الخير.
اعترف يهوشافاط باعتماده الكُلي على الله، فبالرغم من الجيش العظيم والمُدَرَّب، قال: ليس فينا قوة أمام هذا الجمهور. نعم لا نتوقع نصرة إلا بحضورك وبركتك. ليس لنا ما نفتخر به ونثق فيه سواك. أعيننا نحوك، وإليك نتطلع.
امتاز يهوشافاط عن أبيه بأنه انتفع من معاملات الله الماضية، وألقى بكل كيانه ومشاعره ومملكته وشعبه في يديّ الله.
إِذَا جَاءَ عَلَيْنَا شَرٌّ، سَيْفٌ قَضَاءٌ أَوْ وَبَأٌ أَوْ جُوعٌ،
وَوَقَفْنَا أَمَامَ هَذَا الْبَيْتِ وَأَمَامَكَ،
(لأَنَّ اسْمَكَ فِي هَذَا الْبَيْتِ)
وَصَرَخْنَا إِلَيْكَ مِنْ ضِيقِنَا،
فَإِنَّكَ تَسْمَعُ وَتُخَلِّصُ. [9]
إذ يقف المؤمن أمام بيت الرب الذي دُعِي عليه اسم الرب، يحسب نفسه في حضرته الإلهة، فيطلب بإيمان وثقة. لقد أعلن الله عن مجده وجلاله عند تدشين الهيكل، علامة سكناه فيه وتكريسه، ليمارس المؤمنون فيه العبادة له. لهذا صراخه وقت الضيق هو علامة التجائه إلى الله لا إلى الأذرع البشرية.
وَالآنَ هُوَذَا بَنُو عَمُّونَ وَمُوآبُ وَجَبَلُ سَاعِيرَ،
الَّذِينَ لَمْ تَدَعْ إِسْرَائِيلَ يَدْخُلُونَ إِلَيْهِمْ حِينَ جَاءُوا مِنْ أَرْضِ مِصْرَ،
بَلْ مَالُوا عَنْهُمْ وَلَمْ يُهْلِكُوهُمْ [10]
فَهُوَذَا هُمْ يُكَافِئُونَنَا بِمَجِيئِهِمْ لِطَرْدِنَا مِنْ مُلْكِكَ الَّذِي مَلَّكْتَنَا إِيَّاهُ. [11]
لقد أوصى الرب شعبه وهم في البرية: "أنتم مارون بتخم إخوتكم بني عيسو الساكنين في سعير، فيخافون منكم، فاحترزوا جدًا. لا تهجموا عليهم، لأني لا أعطيكم من أرضهم ولا وطأة قدم. لأني لعيسو قد أعطيت جبل سعير ميراثًا" (تث 2: 4-5). كما أمرهم "لا تعادِ موآب، ولا تثر عليهم حربًا" (تث 2: 19). وأيضًا: "فمتى قربت إلى تجاه بني عمون، لا تُعادهم ولا تهجموا عليهم " (تث 2: 19). الآن ها هم الثلاثة يتحالفون ضد شعب الله، ويردُّون السلام بالحرب، والخير بالشر. ها هم قادمون ليطردوهم من أرض الموعد.
كأن الشعب يقف ليُذَكِّرَ الله بوصاياه لهم ألا يهجموا على هذه الشعوب، وها هي الشعوب تهجم عليهم بلا سببٍ!
يَا إِلَهَنَا، أَمَا تَقْضِي عَلَيْهِمْ،
لأَنَّهُ لَيْسَ فِينَا قُوَّةٌ أَمَامَ هَذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ الآتِي عَلَيْنَا،
وَنَحْنُ لاَ نَعْلَمُ مَاذَا نَعْمَلُ،
وَلَكِنْ نَحْوَكَ أَعْيُنُنَا. [12]
وَكَانَ كُلُّ يَهُوذَا وَاقِفِينَ أَمَامَ الرَّبِّ مَعَ أَطْفَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَبَنِيهِمْ. [13]
يقف الشعب من رجال ونساء وأبناء في تَذَلُّل أمام الرب كمن في ضعفٍ يقرعون طالبين الرحمة. وكما يقول المرتل: "هوذا كما أن عيون العبيد نحو أيدي سادتهم، كما أن عيني الجارية نحو يد سيدتها، هكذا عيوننا نحو الرب إلهنا حتى يتراءف علينا" (مز 123: 2).
v ليس لهم رجاء في العون والمساعدة من أي مكان آخر، ولا يتطلعون نحو أي مصدر آخر، وذلك كالأَمَةِ والخادم اللذين ليس لهما قوت أو مَلْبَس وكل بقية مستلزمات الحياة، إلاَّ بحفظ أعينهما على سادتهما، إنهما لا يكفان عن ذلك، بل يبقيان هكذا حتى ينالا، فيشكرا. إنها ممارسة يفعلانها على الدوام.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v يلزم كل أحدٍ أن ينتبه لعمله الخصوصي، ويهتم به برغبةٍ، ويُتَمِّمه بدون ملامة بغيرةٍ ونشاطٍ وعنايةٍ وسهرٍ، لئلا يستحق اللعنة، إذ قيل ملعون من يعمل عمل الرب باسترخاء (إر 48: 10). كما يلزمه أن يعمله على مرأى من الله، وذلك لكي يتهيأ له أن يقول بدالة كل حين: "كما أن عيون العبيد إلى أيدي مواليهم، كذلك عيوننا إلى الرب إلهنا" (مز 123: 2).
القديس باسيليوس الكبير

3. إرسال نبي يؤكد النصرة

14 وَإِنَّ يَحْزَئِيلَ بْنَ زَكَرِيَّا بْنِ بَنَايَا بْنِ يَعِيئِيلَ بْنِ مَتَّنِيَّا اللاَّوِيِّ مِنْ بَنِي آسَافَ، كَانَ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ فِي وَسَطِ الْجَمَاعَةِ، 15 فَقَالَ: «اصْغَوْا يَا جَمِيعَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، وَأَيُّهَا الْمَلِكُ يَهُوشَافَاطُ. هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لَكُمْ: لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا بِسَبَبِ هذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ، لأَنَّ الْحَرْبَ لَيْسَتْ لَكُمْ بَلْ للهِ. 16 غَدًا انْزِلُوا عَلَيْهِمْ. هُوَذَا هُمْ صَاعِدُونَ فِي عَقَبَةِ صِيصَ فَتَجِدُوهُمْ فِي أَقْصَى الْوَادِي أَمَامَ بَرِّيَّةِ يَرُوئِيلَ. 17 لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحَارِبُوا فِي هذِهِ. قِفُوا اثْبُتُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ مَعَكُمْ يَا يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمُ. لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا. غَدًا اخْرُجُوا لِلِقَائِهِمْ وَالرَّبُّ مَعَكُمْ».

وَإِنَّ يَحْزَئِيلَ بْنَ زَكَرِيَّا بْنِ بَنَايَا بْنِ يَعِيئِيلَ بْنِ مَتَّنِيَّا اللاَّوِيَّ مِنْ بَنِي آسَافَ،
كَانَ عَلَيْهِ رُوحُ الرَّبِّ فِي وَسَطِ الْجَمَاعَةِ [14]
إذ تحدث يهوشافاط بقلبه، كما بلسانه، بكل كيانه أمام الله، جاءت الاستجابة سريعة للغاية. بينما كان يتحدث مع الله، وقبل أن يصرف الشعب أرسل الله إليه رسالة بالنصرة.
استجابة لهذه الطلبة التي ليهوشافاط، انسكب روح الرب على يحزئيل ليُقَدِّمَ منطوقًا نبويًا [14-17]. رسالته نوعًا من النبوة الليتورجية. كانوا يطلبون من أجل العون في المعركة، فإذا بالله يكشف أنه لا حاجة للحرب.
تحدَّث الله في هذه المَرَّة على لسان أحد اللاويين الحاضرين في وسط الجماعة، ولم يكن له امتياز خاص. لم يُقَدِّمْ الله علامة لتأكيد النصرة، لأنها ستتم في اليوم التالي.
فَقَالَ: اصْغُوا يَا جَمِيعَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ وَأَيُّهَا الْمَلِكُ يَهُوشَافَاطُ.
هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ لَكُمْ: لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا بِسَبَبِ هَذَا الْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ،
لأَنَّ الْحَرْبَ لَيْسَتْ لَكُمْ بَلْ لله. [15]
يودّ الله في كل الأجيال أن يسند الراجعين إليه بكل قلوبهم. قال لهم يحزيئيل بن زكريا... [15-17]. لقد كَرَّر مرّتين: "لا تخافوا ولا ترتاعوا"، دون أدنى عتاب على عدم أمانتهم سواء بالنسبة للملك أو الشعب.
يؤكد الرب أنه عارف بأن شعبه ليس في إمكانياته أن ينتصر، لكن الحرب ليست لهم بل لله نفسه. وضع لهم الخطة، وكشف لهم عن المكان الذي فيه العدو، ولم يطلب منهم أن يحاربوا، بل يقفوا ويثبتوا ويروا بأعينهم خلاص الرب معهم. لقد حَدَّد لهم تحرُّكاتهم، وعَيَّن لهم المكان والزمان.
طلب منهم أن يقفوا ويثبتوا وينظروا خلاص الله العجيب، كما سبق فقال موسى عند عبورهم البحر الأحمر (خر 14: 13).
الحرب ليست لكم بل لله: في بعض الأحيان حارب الله أعداء شعبه دون أن يحاربوا هم، كما حدث عند شق البحر الأحمر، وسقوط أسوار أريحا، ومع جدعون والمديانيين، ومع حزقيا الملك حين حاصره سنحاريب الأشوري الخ. وأحيانا يهب شعبه النصرة وهم يحاربون بقليل القليل.
غَدًا انْزِلُوا عَلَيْهِمْ.
هُوَذَا هُمْ صَاعِدُونَ فِي عَقَبَةِ صِيصَ،
فَتَجِدُوهُمْ فِي أَقْصَى الْوَادِي أَمَامَ بَرِّيَّةِ يَرُوئِيلَ. [16]
لَيْسَ عَلَيْكُمْ أَنْ تُحَارِبُوا فِي هَذِهِ.
قِفُوا اثْبُتُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ مَعَكُمْ يَا يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمُ.
لاَ تَخَافُوا وَلاَ تَرْتَاعُوا.
غَدًا اخْرُجُوا لِلِقَائِهِمْ، وَالرَّبُّ مَعَكُمْ. [17]
بكل قوةٍ، قال لهم: "غدًا اخرجوا للقائهم والرب معكم" [17].

4. التسبيح سلاح النصرة

18 فَخَرَّ يَهُوشَافَاطُ لِوَجْهِهِ عَلَى الأَرْضِ، وَكُلُّ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ سَقَطُوا أَمَامَ الرَّبِّ سُجُودًا لِلرَّبِّ. 19 فَقَامَ اللاَّوِيُّونَ مِنْ بَنِي الْقَهَاتِيِّينَ وَمِنْ بَنِي الْقُورَحِيِّينَ لِيُسَبِّحُوا الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ جِدًّا. 20 وَبَكَّرُوا صَبَاحًا وَخَرَجُوا إِلَى بَرِّيَّةِ تَقُوعَ. وَعِنْدَ خُرُوجِهِمْ وَقَفَ يَهُوشَافَاطُ وَقَالَ: «اسْمَعُوا يَا يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ، آمِنُوا بِالرَّبِّ إِلهِكُمْ فَتَأْمَنُوا. آمِنُوا بِأَنْبِيَائِهِ فَتُفْلِحُوا». 21 وَلَمَّا اسْتَشَارَ الشَّعْبَ أَقَامَ مُغَنِّينَ لِلرَّبِّ وَمُسَبِّحِينَ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ أَمَامَ الْمُتَجَرِّدِينَ وَقَائِلِينَ: «احْمَدُوا الرَّبَّ لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ».

فَخَرَّ يَهُوشَافَاطُ لِوَجْهِهِ عَلَى الأَرْضِ،
وَكُلُّ يَهُوذَا وَسُكَّانُ أُورُشَلِيمَ سَقَطُوا أَمَامَ الرَّبِّ سُجُودًا لِلرَّبِّ. [18]
لم يَقُلْ يهوشافاط كما سبق فقال في الحرب السابقة مع زارح الكوشي: "تشدَّدوا وافعلوا" (2 أخ 19: 11)، بل قال: "ليس فينا قوة أمام هذا الجمهور الكثير الآتي علينا. شتَّان ما بين موقفه وهو أمين في علاقته مع الرب وبين موقفه الآن بعد فقدانه أمانته، وإن كان قد رجع إلى الله بالتوبة.
برجوعه مع الشعب إلى الله بروح التواضع اغتصب المراحم الإلهية. هذا ذُكِرَ في (2 مل 8). أعلن الملك وكل القادة والشعب ثِقَتهم في هذا الوعد الإلهي، وقَدَّموا له الشكر بروح التواضع قبل أن يتحقَّق الخلاص، إذ حسبوه كأنه قد تمَّ ورأوه.
فَقَامَ اللاَّوِيُّونَ مِنْ بَنِي الْقَهَاتِيِّينَ وَمِنْ بَنِي الْقُورَحِيِّينَ،
لِيُسَبِّحُوا الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ جِدًّا. [19]
لقد سبَّحه اللاويون بصوتٍ عظيمٍ جدًا، وأعلنوا بهجتهم بالخلاص الذي حسبوه قد تَحَقَّق، ما دام الرب أعلن عنه. وكما يُرَنِّم المرتل: "الله قد تكلم بقدسه، أبتهج" (مز 60: 6).
يليق بالعاملين في كَرْمِ الرب أن يذكروا أن الكرم هو للرب نفسه، ويثقوا أنه هو الذي يحلّ كل متاعب ومشاكل الخدمة، فلا يقلقوا ولا يضطربوا، مُلْقِين همهم عليه.
v عندما تَغَنَّى يهوشافاط بتسابيح الرب، وهب الرب عابده نصرة.
مرة أخرى عندما حارب موسى عماليق، غلب لا بالسيف بل بالصلاة (خر 11:17). لهذا إن أردنا أن نرتفع يلزمنا أولا أن ننبطح!
القديس جيروم
وَبَكَّرُوا صَبَاحًا، وَخَرَجُوا إِلَى بَرِّيَّةِ تَقُوعَ.
وَعِنْدَ خُرُوجِهِمْ وَقَفَ يَهُوشَافَاطُ، وَقَالَ:
اسْمَعُوا يَا يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ،
آمِنُوا بِالرَّبِّ إِلَهِكُمْ فَتَأْمَنُوا.
آمِنُوا بِأَنْبِيَائِهِ فَتُفْلِحُوا. [20]
بروح القوة والشكر والتسبيح لله، وقف يهوشافاط أمام الشعب يَعِظهم، فقال: "آمنوا بالرب إلهكم فتأمنوا، آمنوا بأنبيائه فتفلحوا". عجيب أن يقف الملك وهو في نفس الوقت قائد الجيش ليعظ قبل المعركة.
جاءت المعركة فريدة وعجيبة، فقد انطلق الجيش وهم رجال حرب جبابرة، لكننا لم نسمع شيئًا عن معداتهم الحربية من سيوفٍ ورماحٍ وسهامٍ، إنما تَقَدَّمَ الملك، وقَدَّم لهم السلاح في ميدان المعركة ألا وهو الإيمان والتسبيح، إذ قال لهم، "آمنوا بالرب إلهكم فتأمنوا. آمنوا بأنبيائه فتفلحوا".
ليس من سلاحٍ في وقت الشدة أعظم من الإيمان الثابت في قوة الله ورحمته ووعوده وتدابيره. إنه يُرَكِّز أنظارهم على الإيمان بالله، والإيمان بكلمته ووعوده التي ينادي بها أنبياؤه.
وَلَمَّا اسْتَشَارَ الشَّعْبَ، أَقَامَ مُغَنِّينَ لِلرَّبِّ،
وَمُسَبِّحِينَ فِي زِينَةٍ مُقَدَّسَةٍ عِنْدَ خُرُوجِهِمْ أَمَامَ الْمُتَجَرِّدِينَ،
وَقَائِلِينَ: احْمَدُوا الرَّبَّ، لأَنَّ إِلَى الأَبَدِ رَحْمَتَهُ. [21]
كان طليعة الجيش هو التسبيح لله والحمد والشكر، وكان المُغَنُّون للرب في زينة مقدسة. كانوا يُرَنِّمون: "احمدوا الرب، لأن إلى الأبد رحمته" [21].
هكذا أعلن الملك ومشيروه عن صدق اعتمادهم على الله. طُلِبَ من المُغَنِّين أن يرتدُّوا زينة مقدسة، لأنهم يقفون أمام الله القدوس، ويُسَبِّحون الله، لأن الله يَقْبَلُ التسبيح أكثر من الذبائح، امتلأ الجيش بروح البهجة والفرح، وارتبك العدو.

5. هزيمة الأعداء

22 وَلَمَّا ابْتَدَأُوا فِي الْغِنَاءِ وَالتَّسْبِيحِ جَعَلَ الرَّبُّ أَكْمِنَةً عَلَى بَنِي عَمُّونَ وَمُوآبَ وَجَبَلِ سِعِير الآتِينَ عَلَى يَهُوذَا فَانْكَسَرُوا. 23 وَقَامَ بَنُو عَمُّونَ وَمُوآبُ عَلَى سُكَّانِ جَبَلِ سِعِير لِيُحَرِّمُوهُمْ وَيُهْلِكُوهُمْ. وَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ سُكَّانِ سِعِير سَاعَدَ بَعْضُهُمْ عَلَى إِهْلاَكِ بَعْضٍ. 24 وَلَمَّا جَاءَ يَهُوذَا إِلَى الْمَرْقَبِ فِي الْبَرِّيَّةِ تَطَلَّعُوا نَحْوَ الْجُمْهُورِ وَإِذَا هُمْ جُثَثٌ سَاقِطَةٌ عَلَى الأَرْضِ وَلَمْ يَنْفَلِتْ أَحَدٌ. 25 فَأَتَى يَهُوشَافَاطُ وَشَعْبُهُ لِنَهْبِ أَمْوَالِهِمْ، فَوَجَدُوا بَيْنَهُمْ أَمْوَالًا وَجُثَثًا وَأَمْتِعَةً ثَمِينَةً بِكَثْرَةٍ، فَأَخَذُوهَا لأَنْفُسِهِمْ حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَحْمِلُوهَا. وَكَانُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَنْهَبُونَ الْغَنِيمَةَ لأَنَّهَا كَانَتْ كَثِيرَةً.

وَلَمَّا ابْتَدَأُوا فِي الْغِنَاءِ وَالتَّسْبِيحِ،
جَعَلَ الرَّبُّ أَكْمِنَةً عَلَى بَنِي عَمُّونَ وَمُوآبَ وَجَبَلِ سَاعِيرَ الآتِينَ عَلَى يَهُوذَا،
فَانْكَسَرُوا. [22]
لم تتم هزيمة العدو بالرعد أو البَرَدْ أو بسيف ملاك أو بحد السيف أو بأية مفاجأة مزعجة كالتي حلَّت على المديانيين في أيام جدعون، لكن الرب جعل أكمنة عليهم. ما هذه الأكمنة سوى قوات سماوية، أو من العدو نفسه، حيث حدث ارتباك فيما بينهم، حتى قام الحلفاء على بعضهم البعض، وتَحَوَّلوا إلى أعداء، كل منهم يود تحطيم الآخر حتى لا ينفلت من يده، وبدون سبب.
لقد بدأ يهوذا بالتسبيح والفرح والتهليل، وفي نفس الوقت بدأ العدو يضرب بعضه البعض.
قد نسمع عن غضب الله على صلاة شعبه، إذ قيل: "يا رب إله الجنود إلى متى تُدخّن على صلاة شعبك؟! (مز 80: 4)، لكننا لم نسمع عن غضبه على تسبيحهم.
تحققت نبوة يحزئيل عندما سار اللاويون في موكبٍ دينيٍ متهللٍ، قدام جيش يهوذا. حَلَّ تسبيحهم محل المعركة، إذ انقلب الأعداء على بعضهم البعض.
عندما صَلَّى الشعب وسَبَّح الله على الأرض تَدخَّل إله السماء، وحدث ما لم يكن في الحسبان.
وَقَامَ بَنُو عَمُّونَ وَمُوآبُ عَلَى سُكَّانِ جَبَلِ سَاعِيرَ لِيُحَرِّمُوهُمْ وَيُهْلِكُوهُمْ.
وَلَمَّا فَرَغُوا مِنْ سُكَّانِ سَاعِيرَ سَاعَدَ بَعْضُهُمْ عَلَى إِهْلاَكِ بَعْضٍ. [23]
تَحَوَّلت المعركة من مقاومة العدو ليهوذا إلى مقاومتهم لسكان جبل ساعير (أدوم)، فغلبوا، لكن عوض الانطلاق نحو جيش يهوذا، ساعد بعضهم على إهلاك بعض. فالفساد يُحَطِّم نفسه، والشر يُفسِد ذاته!
وَلَمَّا جَاءَ يَهُوذَا إِلَى الْمَرْقَبِ فِي الْبَرِّيَّةِ،
تَطَلَّعُوا نَحْوَ الْجُمْهُورِ،
وَإِذَا هُمْ جُثَثٌ سَاقِطَةٌ عَلَى الأَرْضِ، وَلَمْ يَنْفَلِتْ أَحَدٌ. [24]
المرقب: بناء كبرجٍ في البرية مُرتفِع، يشرف الرقيب منه على القتال.


فَأَتَى يَهُوشَافَاطُ وَشَعْبُهُ لِنَهْبِ أَمْوَالِهِمْ،
فَوَجَدُوا بَيْنَهُمْ أَمْوَالاً وَجُثَثًا وَأَمْتِعَةً ثَمِينَةً بِكَثْرَةٍ،
فَأَخَذُوهَا لأَنْفُسِهِمْ حَتَّى لَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَحْمِلُوهَا.
وَكَانُوا ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ يَنْهَبُونَ الْغَنِيمَةَ، لأَنَّهَا كَانَتْ كَثِيرَةً. [25]
لم نسمع قط عن تقسيم غنيمة كما حدث في هذه المعركة، إذ لم يقدروا أن يحملوها، وصاروا ينهبونها لمدة ثلاثة أيام، لأنها كانت كثيرة جدًا. كثرة الغنيمة دليل على كثرة القتلى والهاربين من أرض المعركة.
لم يكن لجيش يهوشافاط ومن معهم عمل ما، إذ لم يستخدموا أسلحة، ولم يفعلوا شيئًا سوى التسبيح والحمد بفرحٍ وتهليلٍ، ويحملوا الغنائم.
أعطاهم الرب أكثر مما طلبوا، وفوق ما تَخَيَّلوا. كانوا يطلبون النصرة على الأعداء، وكانوا يخشون أن يُدَمِّرهم العدو تمامًا. أما أن يروا العدو جُثثًا مُلقاة على الأرض قاموا بقتل بعضهم البعض، دون أن يموت أحد منهم أو يخسروا سلاحًا، بل يكرّسون طاقاتهم في نهب الغنائم، فهذا ما لم يكن في تصوُّرهم قط!

6. ذبيحة الشكر

26 وَفِي الْيَوْمِ الرَّابعِ اجْتَمَعُوا فِي وَادِي بَرَكَةَ، لأَنَّهُمْ هُنَاكَ بَارَكُوا الرَّبَّ، لِذلِكَ دَعَوْا اسْمَ ذلِكَ الْمَكَانِ «وَادِي بَرَكَةَ» إِلَى الْيَوْمِ. 27 ثُمَّ ارْتَدَّ كُلُّ رِجَالِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ وَيَهُوشَافَاطُ بِرَأْسِهِمْ لِيَرْجِعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ، لأَنَّ الرَّبَّ فَرَّحَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ. 28 وَدَخَلُوا أُورُشَلِيمَ بِالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ وَالأَبْوَاقِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. 29 وَكَانَتْ هَيْبَةُ اللهِ عَلَى كُلِّ مَمَالِكِ الأَرَاضِي حِينَ سَمِعُوا أَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ أَعْدَاءَ إِسْرَائِيلَ. 30 وَاسْتَرَاحَتْ مَمْلَكَةُ يَهُوشَافَاطَ، وَأَرَاحَهُ إِلهُهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ.

وَفِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ اجْتَمَعُوا فِي وَادِي بَرَكَةَ،
لأَنَّهُمْ هُنَاكَ بَارَكُوا الرَّبَّ،
لِذَلِكَ دَعَوُا اسْمَ ذَلِكَ الْمَكَانِ وَادِي بَرَكَةَ إِلَى الْيَوْمِ. [26]
إن كانوا قد سَبَّحوا الله أثناء الضيقة، فإن النصرة وجمع الغنائم لم يشغلهم عن التسبيح والحمد والشكر لله.
لقد وضح الآن لماذا سمح الله لهم بهذه الضيقة:
1. دخلوا في علاقة صداقة قوية ومصالحة عجيبة مع الله نفسه.
2. تمجَّد الله فيهم، وتَقَدَّم بنفسه إلى المعركة، وحسبها معركته هو.
3. وهبهم روح الفرح والتسبيح في وسط الضيق، فنالوا بركة الإيمان العملي الحقيقي.
4. انهارت الأمم المتحالفة ضدهم، لا بمقاومتهم، بل بمقاومة الأمم لنفسها بنفسها.
5. جاءت الجيوش العظيمة المتحالفة، لا لتحارب، بل لتصير جثثًا مُلقاة على الأرض في عارٍ وخزيٍ.
6. جاءت الجيوش لتُسَلِّمَ غنائمها في يد يهوذا.
7. دُعِي الوادي "وادي بَرَكَة"، لكي تذكر الأجيال القادمة بركة الرب.
8. منح الرب هيبته لشعبه، فارتعبت كل ممالك الأرض حين سمعوا أن الرب حارب أعداءهم [29]، ولم تعد الشعوب تهددهم.
9. استراحت مملكة يهوشافاط، وأراحه الله من كل جانب [30]. ربما كان البعض قد استاءوا حين أنزل الملك تماثيلهم وحسبوا ذلك خسارة، الآن استراحوا للغاية.
v لتشكر الله ولتُسَبِّح ذاك الذي يختبرك في الأتون. لتنطق بالتسبيح عوض التجديف هذا هو الطريق الذي به عبَّر ذاك الطوباوي عن نفسه.
v إن كنا نمارس هذه الحكمة الروحية (الشكر الدائم)، لن نختبر أي شرٍ، حتى إن سقطنا تحت آلام لا حصرَ لها، بل يكون الرِبْح أعظم من الخسارة، ويطغي الخير على الشر. بهذه الكلمات تجعل الله رحومًا نحوك، ويدافع عنك ضد طغيانإبليس. ما أن ينطق لسانك بهذه الكلمات، حتى يهرب الشيطان منك سريعًا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
v سَبَّحوا الرب على القيثارة. إن صار لكم فيض من الأرضيات قَدَّموا شكرًا للعاطي. إن كان هناك عوز أو سُلِبتم مما لكم، اعزفوا على القيثارة بفرحٍ. لأنكم لم تُحرَموا من العاطي، وإن كنتم قد حُرِمتم من العطية التي وهبكم إياها. هكذا أُكَرِّر، اعزفوا ببهجةٍ. بثقةٍ كاملة في إلهكم، امسكوا بأوتار قلوبكم كما بقيثارة لتدوي أصواتكم إلى أعماقها صارخين: "الرب أعطى، الرب أخذ".
v هذا هو الطريق الذي به قَدِّم أيوب ذبيحة (تسبيح) بالرغم من الأحزان المُرعِبة التي فوق الطاقة البشرية قد حلَّت به.
القديس أغسطينوس
v كيف أَتأهَّل أن أكون في صُحْبَةِ أيوب، أنا الذي لا أَقْبَلُ المِحَن العادية بشكرٍ؟
القديس غريغوريوس النزينزي
ثُمَّ ارْتَدَّ كُلُّ رِجَالِ يَهُوذَا وَأُورُشَلِيمَ وَيَهُوشَافَاطُ بِرَأْسِهِمْ،
لِيَرْجِعُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ بِفَرَحٍ،
لأَنَّ الرَّبَّ فَرَّحَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ. [27]
لم تشغلهم الغنائم عن تمجيد الله، إذ دخلوا أورشليم إلى بيت الرب يُسَبِّحونه.
وَدَخَلُوا أُورُشَلِيمَ بِالرَّبَابِ وَالْعِيدَانِ وَالأَبْوَاقِ إِلَى بَيْتِ الرَّبِّ. [28]
وَكَانَتْ هَيْبَةُ الله عَلَى كُلِّ مَمَالِكِ الأَرَاضِي،
حِينَ سَمِعُوا أَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ أَعْدَاءَ إِسْرَائِيلَ. [29]
حين كان الملك أمينًا نسمع: "وكانت هيبة الله على كل ممالك الأراضي"، وتَكَرَّرَ الأمر عندما أعلن الله أمانته للراجعين إليه بالتوبة (2 أخ 17: 10؛ 20: 29).
وَاسْتَرَاحَتْ مَمْلَكَةُ يَهُوشَافَاطَ وَأَرَاحَهُ إِلَهُهُ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. [30]

7. ختام حياة يهوشافاط

31 وَمَلَكَ يَهُوشَافَاطُ عَلَى يَهُوذَا. كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، وَاسْمُ أُمِّهِ عَزُوبَةُ بِنْتُ شَلْحِي. 32 وَسَارَ فِي طَرِيقِ أَبِيهِ آسَا وَلَمْ يَحِدْ عَنْهَا إِذْ عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. 33 إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ، بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لَمْ يُعِدُّوا بَعْدُ قُلُوبَهُمْ لإِلهِ آبَائِهِمْ. 34 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوشَافَاطَ الأُولَى وَالأَخِيرَةِ، هَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي أَخْبَارِ يَاهُوَ بْنِ حَنَانِي الْمَذْكُورِ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. 35 ثُمَّ بَعْدَ ذلِكَ اتَّحَدَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا مَعَ أَخَزْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِي أَسَاءَ فِي عَمَلِهِ. 36 فَاتَّحَدَ مَعَهُ فِي عَمَلِ سُفُنٍ تَسِيرُ إِلَى تَرْشِيشَ، فَعَمِلاَ السُّفُنَ فِي عِصْيُونَ جَابِرَ. 37 وَتَنَبَّأَ أَلِيعَزَرُ بْنُ دُودَاوَاهُو مِنْ مَرِيشَةَ عَلَى يَهُوشَافَاطَ قَائِلًا: «لأَنَّكَ اتَّحَدْتَ مَعَ أَخَزْيَا، قَدِ اقْتَحَمَ الرَّبُّ أَعْمَالَكَ». فَتَكَسَّرَتِ السُّفُنُ وَلَمْ تَسْتَطِعِ السَّيْرَ إِلَى تَرْشِيشَ.

وَمَلَكَ يَهُوشَافَاطُ عَلَى يَهُوذَا.
كَانَ ابْنَ خَمْسٍ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ خَمْسًا وَعِشْرِينَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ،
وَاسْمُ أُمِّهِ عَزُوبَةُ بِنْتُ شَلْحِي. [31]
وَسَارَ فِي طَرِيقِ أَبِيهِ آسَا، وَلَمْ يَحِدْ عَنْهَا،
إِذْ عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. [32]
إِلاَّ أَنَّ الْمُرْتَفَعَاتِ لَمْ تُنْتَزَعْ،
بَلْ كَانَ الشَّعْبُ لَمْ يُعِدُّوا بَعْدُ قُلُوبَهُمْ لإِلَهِ آبَائِهِمْ. [33]
حسن أن يزيل يهوشافاط المرتفعات التي كانت بها مذابح للأوثان، لكنه أخطأ إذ ترك تلك التي كان بها مذابح للرب.
وَبَقِيَّةُ أُمُورِ يَهُوشَافَاطَ الأُولَى وَالأَخِيرَةِ،
مَكْتُوبَةٌ فِي أَخْبَارِ يَاهُوَ بْنِ حَنَانِي الْمَذْكُورِ فِي سِفْرِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. [34]
ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اتَّحَدَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا مَعَ أَخَزْيَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ،
الَّذِي أَسَاءَ فِي عَمَلِهِ. [35]
للأسف بعد أن قَدَّم لنا يهوشافاط صورة غاية في الجمال والإيمان واختبار معاملات معه، عاد فأقام اتِّحادًا مع أخزيا بن أخآب، لا في حرب كما حدث مع أخآب بل في علاقات تجارية بحرية. اشترك معه في تكوين أسطول بحري يسير إلى شرق الهند شرقًا وترشيش غربًا [35-36].
للأسف بعد هذا كله تحالف يهوشافاط مع مملكة الشمال. إنها كارثة خطيرة!
فَاتَّحَدَ مَعَهُ فِي عَمَلِ سُفُنٍ تَسِيرُ إِلَى تَرْشِيشَ،
فَعَمِلاَ السُّفُنَ فِي عِصْيُونَ جَابِرَ. [36]
وَتَنَبَّأَ أَلِيعَزَرُ بْنُ دُودَاوَا مِنْ مَرِيشَةَ عَلَى يَهُوشَافَاطَ، قَائِلاً:
لأَنَّكَ اتَّحَدْتَ مَعَ أَخَزْيَا، قَدِ اقْتَحَمَ الرَّبُّ أَعْمَالَكَ.
فَتَكَسَّرَتِ السُّفُنُ، وَلَمْ تَسْتَطِعِ السَّيْرَ إِلَى تَرْشِيشَ. [37]
يُسَجِّل لنا هذا السفر حلفًا تجاريًّا بين يهوشافاط وأخزيا. وإذ انكسر أسطوله في عصيون جابر، أدرك يهوشافاط تحذيرات الرب له، ورفض تجديد مشروعه السابق ومغامراته مع أخزيا.

من وحي 2 أي 20

هَبْ لي روح الفرح بك وسط المعركة!

v تُبَارِكُك نفسي يا أيها القدوس،
إذ تسمح لي أن أنطلق من معركةٍ إلى معركةٍ.
تُرافقني، فتتهلل نفسي بك على الدوام،
قبل المعركة وأثناءها وبعد النصرة فيها.
كيف أخشي إبليس وقواته ما دمتَ في داخلي!
v هَبْ لي روح التواضع في مواجهتي لعدو الخير.
أطلبك بكل قلبي، صائمًا عن كل شيءٍ،
لأنك أنت تُشبِعُ كل كياني.
أؤمن بك، وأثق في وعودك الإلهية،
وأنطلق إلى المعركة، مختفيًا فيك!
أنت سرُّ فرحي وقوتي ونصرتي!
v أعماقي تتحوَّل بك إلى سماء جديدة.
أُسَبِّحُك مع إخوتي وفي رفقة السمائيين.
أطلب مجدك، وأسألك خلاص كل إخوتي.
أنت هو قائدي وسلاحي ونصرتي وإكليلي.
أية غنائم أطلبها في كل معركة،
سوى أن أَتَدَرَّب مع كل معركة على الالتصاق بك؟!
وماذا أُقَدِّم لك، سوى قلبي المتهلل بك؟!
لك الحمد والشكر والتسبيح يا شهوة قلبي!



يهورام: ذهَبَ غير مأسوفٍ عليه


باستثناء ما ورد في الأعداد 5-10، فإن كل ما ورد في هذا الأصحاح عن يهورام لم يُذكَر في (2 مل 8).
تُرَى هل أخطأ يهوشافاط الذي عمل المستقيم في عينيّ الرب (2 أخ 20: 32)، إذ سمح لابنه يهورام أن يتزوج ابنة أخاب وإيزابل الشريرين، أم هي خطية الابن الذي أَصَرَّ على الزواج منها. على أي الأحوال تَعَلَّم يهورام الشرَّ من زوجته الذي تشرَّبته من والدتها إيزابل. لقد انحرف بمملكة يهوذا لتسلك في طريق مملكة إسرائيل، وبلغ إلى أسوأ حال.
يهورام الذي تزوج ابنة أخاب الشرير وإيزابل الشريرة [1-6]، قاد بيت داود إلى أقصى مراحل الخطورة، لكن الله بقي أمينًا في وعده مع داود ونسله.
يرى البعض أن الله سمح للشعب أن يُمَلِّكَ هذا الملك الشرير، كعقابٍ لهم أو لتأديبهم، إذ لم ينتفعوا بحركة الإصلاح في أيام أبيه يهوشافاط الصالح. إذ قيل: "إلا أن المرتفعات لم تنتزع، بل كان الشعب لم يعدُّوا بعد قلوبهم لإله آبائهم" (2 أخ 20: 33).

1. اعتلاء يهورام العرش

1 وَاضْطَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَعَ آبَائِهِ فَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَمَلَكَ يَهُورَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. 2 وَكَانَ لَهُ إِخْوَةٌ، بَنُو يَهُوشَافَاطَ: عَزَرْيَا وَيَحِيئِيلُ وَزَكَرِيَّا وَعَزَرْيَاهُو وَمِيخَائِيلُ وَشَفَطْيَا. كُلُّ هؤُلاَءِ بَنُو يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. 3 وَأَعْطَاهُمْ أَبُوهُمْ عَطَايَا كَثِيرَةً مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَتُحَفٍ مَعَ مُدُنٍ حَصِينَةٍ فِي يَهُوذَا. وَأَمَّا الْمَمْلَكَةُ فَأَعْطَاهَا لِيَهُورَامَ لأَنَّهُ الْبِكْرُ.

وَاضْطَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَعَ آبَائِهِ،
فَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ،
وَمَلَكَ يَهُورَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ. [1]
أخذ يهورام موقفًا مضادًا تمامًا لموقف أبيه يهوشافاط.
وَكَانَ لَهُ إِخْوَةٌ بَنُو يَهُوشَافَاطَ:
عَزَرْيَا وَيَحِيئِيلُ وَزَكَرِيَّا وَعَزَرْيَاهُو وَمِيخَائِيلُ وَشَفَطْيَا.
كُلُّ هَؤُلاَءِ بَنُو يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ إِسْرَائِيلَ. [2]
في الحقيقة أن يهوشافاط كان ملك يهوذا وليس ملك إسرائيل، غير أن البعض يرى أن كاتب سفري أخبار الأيام يتطلع إلى مملكة يهوذا أنها مملكة إسرائيل الأصيلة حيث يتربَّع على عرشها بيت داود، أما مملكة الشمال فهي مملكة مُنْشَقَّة ومُتَمَرِّدة، لذلك كثيرًا ما يتجاهلها.
وَأَعْطَاهُمْ أَبُوهُمْ عَطَايَا كَثِيرَةً مِنْ فِضَّةٍ وَذَهَبٍ وَتُحَفٍ،
مَعَ مُدُنٍ حَصِينَةٍ فِي يَهُوذَا.
وَأَمَّا الْمَمْلَكَةُ فَأَعْطَاهَا لِيَهُورَامَ، لأَنَّهُ الْبِكْرُ. [3]
يبدو أن إخوة يهورام كانوا أكثر حكمة منه، والتصقوا بالرب لا بالعبادة الوثنية، لكن يهوشافاط التزم بالعُرْفِ السائد، وهو تسليم العرش للابن البكر. لقد قَدَّم عطايا كثيرة من فضةٍ وذهبٍ تحفٍ ومدنٍ حصينة حتى لا يثوروا على أخيهم. لكن هذا التصرُّف لم يُحَقِّق ما كان في فكر يهوشافاط. أقامه والده شريكًا معه في المملكة لمدة حوالي ثلاث سنوات قبل موته، ولذلك فقد ملك منفردًا لمدة خمس سنوات[1].

2. تثبيت عرشه بقتل إخوته

فَقَامَ يَهُورَامُ عَلَى مَمْلَكَةِ أَبِيهِ،
وَتَشَدَّدَ وَقَتَلَ جَمِيعَ إِخْوَتِهِ بِالسَّيْفِ،
وَأَيْضًا بَعْضًا مِنْ رُؤَسَاءِ إِسْرَائِيلَ. [4]

محبة السلطة تُحَوِّل الإنسان إلى وحشٍ كاسرٍ، تُحَطِّم فيه كل محبة وتُفسِد إنسانيته، بل تُقِيم منه شيطانًا. فقد أراد يهورام أن يثبت مملكته بسفك دم إخوته.
إذ لم يعطِ يهوشافاط المكانة الأولى لمصلحة الشعب وعلاقتهم بالله وتقديسهم، بل انحاز نحو ابنه الشرير في تدليلٍ، كان ثمرة ذلك أن الابن لم يحترم فكر أبيه ومحبته له وتصرفه نحوه. إنما في وحشيةٍ قتل إخوته وبعض رؤساء إسرائيل، غالبًا ما توخَّى فيهم ميلهم لعبادة الله الحيّ.
لم يكن يوجد ما يدعو يهورام للتخوُّف من إخوته وهؤلاء القادة، إنما غالبًا ما حمل مشاعر قايين الذي حسد أخاه هابيل، لأن تقواه ونقاوة قلبه وعبادته الصالحة لله صارت شهادة ضده. غالبًا ما فعل هذا بتأثير من زوجته عثليا، فقد كان هذا تمهيدًا لإقامة عبادة البعل. هذا وقد كان قتل إخوة الملك والتخلُّص من بعض الرؤساء المحبوبين من الشعب عادة منتشرة في الأمم الوثنية. هذه العادة لم تبطل تمامًا، فإنها لا تزال توجد حتى في بعض البلاد المتحضرة، وإن كانت بطرق مخفية. كثيرًا ما يُحَذِّرنا آباء الكنيسة من تحوُّل بعض قادة الكنيسة عن روح الأبوة خلال حُبِّ السلطة.
يرى القديس باسيليوس الكبير أن ملكة النحل التي تقود الكل أمًا مثالية، أمًا للجميع، لا تُنتخَب من بقية النحل الذين يختارون أسوأ شخص لينال السلطة، ولا بالوراثة لكي تغتني.
v لا تدع رتبة الكهنوت تجعلك في خيلاء، بل بالحري تجعلك متواضعًا، فإن الانحلال والخزي يُولدان من التشامخ.
كلما اقتربت من الرتب العليا للنظام الكهنوتي المقدس، يليق بك بالأكثر أن تتواضع، متذكرًا بخوفٍ مثال أولاد هرون معرفة الحياة المقدسة هي معرفة وداعة وتواضع.
التواضع هو اقتداء بالمسيح. التعالي والتجاسر والوقاحة هو اقتداء بالشيطان.
كن مُتمثِّلاً بالمسيح، لا بضد المسيح، بالله وليس بالمقاوم لله، بالسيد لا بالعبد الشارد، بالرحوم لا بالذي بلا رحمة، بالمُحبِّ للبشرية لا بعدوها، بشريكك في حجال العرس لا بساكن الظلمة. لا تكن توَّاقًا لاستغلال السلطة على الجماعة، حتى لا تضع على عنقك أثقال خطايا الآخرين.
v ليست الطبيعة، بل محبة السلطة، هي التي قسمت البشرية إلى عبيد وسادة.
v الذين يحصلون على سلطة لأنفسهم خلال إحسان البشر، هم عبيد لأولئك الذين منحوهم الإحسان.
v الله هو الذي يرفع الملوك، وهو الذي يُنزِلهم عن عروشهم.
v الويل لذاك الرئيس الذي يحاول استغلال السلطة والإسراف في غيِّه وأنانيَّته، فإن القصاص ينتظره من قِبَل الديَّان العادل، ويكون له بمقدار القسوة التي عامل بها قدِّيسي الله.
v ليت ذاك الذي هو رئيس لا ينتفخ بسبب عمله، لئلا يسقط من طوباويَّة التواضع، وإنَّما يليق به أن يعرف التواضع الحقيقي كخدمة للكثيرين... ليت الأعظم يكون كالأصغر.
v يليق بالذين يحتلُّون المراكز الرئيسيَّة أن يكونوا مستعدِّين أن يقدِّموا حتى الخدمة الجسديَّة على مثال الرب الذي غسل قدميّ تلاميذه. لذا قيل "(ليكن) المتقدِّم كالخادم".
v لكي نتجنب الارتباك الناتج عن تدبير كل إنسانٍ أموره حسب هواه الشخصي، لذا يليق بمن يوضع في مركز المسئولية عن الغير والذي يُعلن بحكم الكل عن سموه الفكري واستقراره وحزمه في الحياة، أن تكون كل مقتنياته ملكًا مشاعًا لكل الذين يتمثلون به.
القديس باسيليوس الكبير

3. سلوكه في طريق إسرائيل

كَانَ يَهُورَامُ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ. [5]
وَسَارَ فِي طَرِيقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ كَمَا فَعَلَ بَيْتُ أخاب،
لأَنَّ بِنْتَ أخاب كَانَتْ لَهُ امْرَأَةً.
وَعَمِلَ الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ. [6]

كما للزواج قدسيته، فله أيضًا خطورته وفاعليته في حياة الإنسان، إذ استطاعت زوجة يهورام الشريرة أن تجتذب زوجها الملك ليسلك في طريق أبيها وأمها على حساب المملكة كلها وخلاص نفسه وأنفسهم.
تحدَّث القدّيس إيرونيموس عن أهميّة اختيار الزوجة، مستشهدًا بأقوال الحكيم سليمان صاحب الخبرة بوحي الله، إذ يقول: "لأنه بسبب المرأة الغبيَّة والجسورة يفتقر المرء إلى الخبز" (راجع أم 6: 26). إنه بالتأكيد يفتقر للخبز النازل من السماء!
v الزواج عطية روحية، ولكن لا تكون هكذا إن تمَّت مع غير المؤمنين. لا يُعطَى روح الله ليسكن في هؤلاء الذين هم غير مؤمنين.
v الزوج والزوجة هما واحد كما أن الخمر والماء هما واحد عند امتزاجهما معًا. كما أن الشريك غير المؤمن يفسد المؤمن. لهذا فإن الذي لم يتزوج بعد يلزمه بكل حرصٍ، إما أنه لا يتزوج نهائيًا أو يتزوج في الربِّ.
العلامة أوريجينوس

4. غلبته على أدوم كعطية إلهية

7 وَلَمْ يَشَإِ الرَّبُّ أَنْ يُبِيدَ بَيْتَ دَاوُدَ لأَجْلِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَ دَاوُدَ، وَلأَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ يُعْطِيهِ وَبَنِيهِ سِرَاجًا كُلَّ الأَيَّامِ. 8 فِي أَيَّامِهِ عَصَى أَدُومُ مِنْ تَحْتِ يَدِ يَهُوذَا وَمَلَّكُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَلِكًا. 9 وَعَبَرَ يَهُورَامُ مَعَ رُؤَسَائِهِ وَجَمِيعُ الْمَرْكَبَاتِ مَعَهُ، وَقَامَ لَيْلًا وَضَرَبَ أَدُومَ الْمُحِيطَ بِهِ وَرُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ. 10 فَعَصَى أَدُومُ مِنْ تَحْتِ يَدِ يَهُوذَا إِلَى هذَا الْيَوْمِ. حِينَئِذٍ عَصَتْ لِبْنَةُ فِي ذلِكَ الْوَقْتِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ لأَنَّهُ تَرَكَ الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِ. 11 وَهُوَ أَيْضًا عَمِلَ مُرْتَفَعَاتٍ فِي جِبَالِ يَهُوذَا، وَجَعَلَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ يَزْنُونَ، وَطَوَّحَ يَهُوذَا.

وَلَمْ يَشَأ الرَّبُّ أَنْ يُبِيدَ بَيْتَ دَاوُدَ لأَجْلِ الْعَهْدِ الَّذِي قَطَعَهُ مَعَ دَاوُدَ،
وَلأَنَّهُ قَالَ إِنَّهُ يُعْطِيهِ وَبَنِيهِ سِرَاجًا كُلَّ الأَيَّامِ. [7]
لا نجد في حُكْمِ كل من يهورام وابنه أخزيا صورة واحدة لا تستدعي القضاء النهائي على يهوذا. وبالرغم من ذلك يبقى الرب أمينًا لمواعيده. فلم يشأ أن يزيل كرسي داود حتى يأتي المسيَّا ابن داود الذي يملك على القلوب إلى الأبد (مز 89: 30-37).
فِي أَيَّامِهِ عَصَى أَدُومُ عَلَى يَهُوذَا،
وَمَلَّكُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مَلِكًا. [8]
أدوم الذي في جنوب شرق يهوذا خضع ليهوشافاط ، كما رأينا في الأصحاح السابق، تمرَّد الآن ونجح في تمرُّده، وصار الوضع سيئًا للغاية [8-10].
إذ عصى يهورام الرب إلهه، وتنكَّر له، عصاه أدوم، وأقام الأدوميون لأنفسهم ملكًا حسب هواهم، كما أقام يهورام لنفسه آلهة وثنية حسب هواه. مع هذا من أجل وعد الله لداود أعطى ليهورام فرصة لمراجعة نفسه، إذ وهبه النصرة على أدوم إلى حين.
لم يفقد يهورام أدوم إلى ما بعد نهاية حكمه، وإنما فقد أيضًا إحدى مدن مملكته "لبنة"، فعصته، "لأنه ترك الرب إله آبائه". وقد كان للبنة ملكها منذ القديم (يش 12: 15).
عندما يلتصق الإنسان بالله في محبة وإخلاص مع مخافة وتكريم للرب، يلتصق به الكثيرون، ويهابه حتى المُقاوِمين له.
وَعَبَرَ يَهُورَامُ مَعَ رُؤَسَائِهِ وَجَمِيعُ الْمَرْكَبَاتِ مَعَهُ،
وَقَامَ لَيْلاً وَضَرَبَ أَدُومَ الْمُحِيطَ بِهِ وَرُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ. [9]
فَعَصَى أَدُومُ عَلَى يَهُوذَا إِلَى هَذَا الْيَوْمِ.
حِينَئِذٍ عَصَتْ لِبْنَةُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَيْهِ،
لأَنَّهُ تَرَكَ الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِ. [10]
تمرَّدت لِبنة مدينة الكهنة كاحتجاج على رجاسات الملك، وتمرَّدت أدوم على يهوذا، إذ كانت تحت الجزية، ولم يكن فيها ملك بل وكيل أو حاكم (1 مل 22: 47),
لم ينتفع يهورام من الفرصة التي أعطاها له الله، إذ وهبه نصرة على أدوم، لذلك عاد أدوم يعصى يهورام، وانهارت يهوذا أمام أدوم!
وَهُوَ أَيْضًا عَمِلَ مُرْتَفَعَاتٍ فِي جِبَالِ يَهُوذَا،
وَجَعَلَ سُكَّانَ أُورُشَلِيمَ يَزْنُونَ وَطَوَّحَ يَهُوذَا. [11]
فشل الملوك السابقون في تدمير المرتفعات التي في جبال يهوذا، أما يهورام فقد أقام مرتفعاته، الأمر الذي لم يفعله أحد من ملوك يهوذا قبله.
ارتبطت خطية الزنا بالعبادة الوثنية من جانبين:
1. غالبًا ما كانت عبادة الأوثان مرتبطة بالانحلال الأخلاقي خاصة الزنا. فكان معبد أفروديت يضم حوالي ألف كاهنة، يُقَدِّمن أجسادهن للخطية، مُقابِل مبالغ مالية، تُستخدَم في صيانة الهيكل.
2. كانت عبادة الله الحي تُحسَب كأنها دخول في علاقة أسرية، حيث تلتصق النفس به كعروسٍ مقدسة، فالانحراف إلى عبادة الأوثان يُحسَب ممارسة للزنا. فقد قيل: "هكذا قال الرب أين كتاب طلاق أمكم التي طلقتها؟ أو من هو من غرمائي الذي بعته إياكم هوذا من أجل آثامكم قد بعتم ومن أجل ذنوبكم طلقت أمكم" (إش 50: 1).
"وقال الرب لي في أيام يوشيا الملك: هل رأيت ما فعلت العاصية إسرائيل؟ انطلقت إلى كل جبلٍ عالٍ، وإلى كل شجرة خضراء وزنت هناك" (إر 3: 6).
"فرأيت انه لأجل كل الأسباب، إذ زنت العاصية إسرائيل فطلقتها وأعطيتها كتاب طلاقها لم تخف الخائنة يهوذا أختها، بل مضت وزنت هي أيضًا" (ار 3: 8).
"وكان من هوان زناها أنها نجست الأرض وزنت مع الحجر ومع الشجر" (ار 3: 9).
"وزنت أهولة من تحتي، وعشقت محبيها أشور الأبطال" (حز 23: 5).
"وأكثرت زناها بذكرها أيام صباها التي فيها زنت بأرض مصر" (حز 23: 19).
"لأنهما قد زنتا وفي أيديهما دم، وزنتا بأصنامهما، وأيضا إجازتا بنيهما الذين ولدتاهم لي النار أكلاً لها" (حز 23: 37).
"أول ما كلم الرب هوشع قال الرب لهوشع: اذهب خذ لنفسك امرأة زنى وأولاد زنى، لأن الأرض قد زنت زنى تاركة الرب" (هو 1: 2).



5. نبوة إيليا ضده

12 وَأَتَتْ إِلَيْهِ كِتَابَةٌ مِنْ إِيلِيَّا النَّبِيِّ تَقُولُ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ دَاوُدَ أَبِيكَ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَسْلُكْ فِي طُرُقِ يَهُوشَافَاطَ أَبِيكَ وَطُرُقِ آسَا مَلِكِ يَهُوذَا، 13 بَلْ سَلَكْتَ فِي طُرُقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ، وَجَعَلْتَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ يَزْنُونَ كَزِنَا بَيْتِ أَخْآبَ، وَقَتَلْتَ أَيْضًا إِخْوَتَكَ مِنْ بَيْتِ أَبِيكَ الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ مِنْكَ، 14 هُوَذَا يَضْرِبُ الرَّبُّ شَعْبَكَ وَبَنِيكَ وَنِسَاءَكَ وَكُلَّ مَالِكَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً. 15 وَإِيَّاكَ بِأَمْرَاضٍ كَثِيرَةٍ بِدَاءِ أَمْعَائِكَ حَتَّى تَخْرُجَ أَمْعَاؤُكَ بِسَبَبِ الْمَرَضِ يَوْمًا فَيَوْمًا». 16 وَأَهَاجَ الرَّبُّ عَلَى يَهُورَامَ رُوحَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَالْعَرَبَ الَّذِينَ بِجَانِبِ الْكُوشِيِّينَ، 17 فَصَعِدُوا إِلَى يَهُوذَا وَافْتَتَحُوهَا، وَسَبَوْا كُلَّ الأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الْمَلِكِ مَعَ بَنِيهِ وَنِسَائِهِ أَيْضًا، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ ابْنٌ إِلاَّ يَهُوآحَازُ أَصْغَرُ بَنِيهِ.

وَأَتَتْ إِلَيْهِ كِتَابَةٌ مِنْ إِيلِيَّا النَّبِيِّ تَقُولُ:
هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلَهُ دَاوُدَ أَبِيكَ:
مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ لَمْ تَسْلُكْ فِي طُرُقِ يَهُوشَافَاطَ أَبِيكَ وَطُرُقِ آسَا مَلِكِ يَهُوذَا [12]
أخذ يهورام موقف التحدِّي ضد الله، مُفَضِّلاً الفساد والنجاسة عن قداسة الله. أرسل إليه إيليا النبي متنبأً له عن نهاية يهورام المُحزِنة. تُعتبَر هذه الرسالة أول مثال للرسائل النبوية، قرن كامل قبل كتابات عاموس وإشعياء. خصَّص سفر الملوك ستة أصحاحات عن إيليا لم تُوجَد فيها أية إشارة إلى هذه الرسالة المُوَجَّهة ليهورام.
لا نسمع عن أنبياء يهوذا يُوبِّخون الملك، إنما نسمع عن كتابة من إيليا نبي إسرائيل [12-15]، يُعْلِنُ فيها أنه سيُضرَب بمرضٍ رديء. دانه إيليا على ثلاثة تصرفات:
أ. تركه الرب. ب. نشره الفساد.
ج. تمرُّده على الله.
كيف أرسل إيليا رسالة ليهورام خليفة يهوشافاط، بينما يبدو أن إيليا صعد إلى السماء قبل أن يملك يهوشافاط (2 مل 1-3)؟ هل كتب إيليا هذه الرسالة قبل ذلك بمدة ووصلت إليه بعد موت يهوشافاط؟ أو هل كتب إيليا الرسالة ليهورام قبل اعتلائه العرش كنوع من النبوَّة لما سيحدث معه؟ هذا ما نادى به بعض الربييّن القدامى، حاسبين أن إيليا قد وُهِبَ معرفة الكثير من الأمور المُقْبِلَة. أو هل بعد صعود إيليا في المركبة النارية أرسله الله إلى الأرض إلى حين ليرعى هذا الأمر.
يرى البعض أن هذه الرسالة أبلغها إيليا النبي لتلميذه إليشع قبل إصعاده في المركبة النارية. وغالبًا ما بعث بها إليشع إلى يهورام الملك كي يرجع عن طريقه الشرير، ويقتدي بأبيه الصالح يهوشافاط وجدِّه آسا، اللذين عاشا في سلام وتقوى وماتا مُكَرَّمين.
على أي الأحوال كثير من تصرُّفات إيليا حتى وهو على الأرض كانت فائقة، ولا يمكن تصوُّر أي تحليل لأعماله. لهذا يمكن قبول أي احتمال بالنسبة لإيليا في تصرُّفاته.
بَلْ سَلَكْتَ فِي طُرُقِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ،
وَجَعَلْتَ يَهُوذَا وَسُكَّانَ أُورُشَلِيمَ يَزْنُونَ كَزِنَا بَيْتِ أخاب،
وَقَتَلْتَ أَيْضًا إِخْوَتَكَ مِنْ بَيْتِ أَبِيكَ الَّذِينَ هُمْ أَفْضَلُ مِنْكَ [13]
وَجَّه إيليا للملك اتِّهامين خطيرين هما:
أ. اقتداءه بأخاب الشرير عوض اقتدائه بأبيه وجدِّه، فانحرف إلى العبادة الوثنية.
ب. وحشيته حتى مع إخوته وبعض القادة، فقتلهم بدون ذنبٍ مع أنهم أفضل منه.
لهذا صدر الحكم عليه بسبب تعدِّياته وخطيته.
هُوَذَا يَضْرِبُ الرَّبُّ شَعْبَكَ وَبَنِيكَ وَنِسَاءَكَ وَكُلَّ مَالِكَ ضَرْبَةً عَظِيمَةً. [14]
صدر الحكم بضربةٍ شديدةٍ تحلُّ بشعبه وبنيه ونسائه، إذ انحرفوا معه في العبادة الوثنية، كما كانت نساؤه عِلَّة انحرافه.
وَإِيَّاكَ بِأَمْرَاضٍ كَثِيرَةٍ بِدَاءِ أَمْعَائِكَ،
حَتَّى تَخْرُجَ أَمْعَاؤُكَ بِسَبَبِ الْمَرَضِ يَوْمًا فَيَوْمًا. [15]
لم تقف الضربة الشديدة عند السقوط على شعبه وأسرته، وإنما حلَّت بصحته، فأُصيب بأمراضٍ قاسيةٍ حتى خرجت أمعاؤه من بطنه. لقد أراد الرب أن يؤكد له أن ما حلَّ به وبأسرته وشعبه ليس مصادفة، ولكنه تأديب من قبل الرب بسبب إصراره على خطاياه بدون توبةٍ ورجوعٍ إلى خالقه.
تعلَّم يهورام الشر من أخاب وابنته، وكان يلزم أن يتعلم من أخاب التواضع حين تبلغ إليه رسالة إلهية عن طريق نبيِّه (1 مل 21: 27)، إذ شق ثيابه ولبس مُسحًا وصام. لكن يهورام لم يُبدِ اهتمامًا بإنذارات الرب، إنما ألقى برسالة إيليا النبي كما في سلة المهملات.
هذا وليس كل من يحلُّ به مرض، يُحسَب هذا بسبب خطية ارتكبها. فقد أُصيب أيوب بمرضٍ خطير، لا كثمرةٍ لخطاياه، وإنما لأجل تزكيته. فقروحه ولَّدَت دودًا ملأ جسمه، وصار الدود حول جسمه في جروحه أشبه برداء يلبسه، ولا يقدر الخلاص منه. وقشور القروح صارت مثل أكداس التراب، أما جلده فتقلَّص وتمزق. هكذا من يقدر أن يصف منظر أيوب الذي صار أشبه بكومة تراب مشحونة بالدود، رائحتها كريهة للغاية، دبَّ الفساد فيها، من ينظر إليه يشمئز تمامًا.
v كانت قروح جسمه تعد له إكليل السماء.
القديس جيروم
v أي ضرر أصاب لعازر بسبب مرضه وقروحه وفقره وعدم وجود من يحميه؟ ألم تكن هذه الأمور تُضَفِّر له إكليلاً من زهور النصرة؟!
القديس يوحنا الذهبي الفم

6. هزيمته أمام الأمم

وَأَهَاجَ الرَّبُّ عَلَى يَهُورَامَ رُوحَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ وَالْعَرَبَ،
الَّذِينَ بِجَانِبِ الْكُوشِيِّينَ [16]
فَصَعِدُوا إِلَى يَهُوذَا وَافْتَتَحُوهَا،
وَسَبُوا كُلَّ الأَمْوَالِ الْمَوْجُودَةِ فِي بَيْتِ الْمَلِكِ،
مَعَ بَنِيهِ وَنِسَائِهِ أَيْضًا،
وَلَمْ يَبْقَ لَهُ ابْنٌ إِلاَّ يَهُوآحَازُ أَصْغَرَ بَنِيهِ. [17]
يُختَم الأصحاح بهياج الفلسطينيين والعرب مع الكوشيين ضد يهورام. لقد حَلَّت أكثر الساعات ظلمة على يهوذا. إذ لم يبالِ يهورام بإنذارات الرب وتأديباته، أهاج عليه روح الفلسطينيين والعرب والكوشيين، وتحالف الثلاثة ضده، وصعدوا إلى يهوذا، وسلبوا كل الأموال التي في بيت الملك مع بنيه ونسائه. وبعد سبيهم قتلوهم جميعًا (2 أخ 22: 1)، كما قتل هو إخوته، ولم يُترَك سوى ابن واحد.
كما قتل إخوته، سمح الله للفلسطينيين والعرب أن يذبحوا أولاده، ولم يترك من ذريته سوى يهوآحاز المعروف باسم أخزيا (2 أخ 22: 1) وهو عزريا (2 أخ 22: 6)، لأن الرب أراد أن يبقى سراجًا لداود وبنيه.

7. تأديبه بالمرض

وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ، ضَرَبَهُ الرَّبُّ فِي أَمْعَائِهِ بِمَرَضٍ لَيْسَ لَهُ شِفَاءٌ. [18]
وَكَانَ مِنْ يَوْمٍ إِلَى يَوْمٍ وَحَسَبَ ذِهَابِ الْمُدَّةِ عِنْدَ نَهَايَةِ سَنَتَيْنِ،
أَنَّ أَمْعَاءَهُ خَرَجَتْ بِسَبَبِ مَرَضِهِ،
فَمَاتَ بِأَمْرَاضٍ رَدِيئَةٍ،
وَلَمْ يَعْمَلْ لَهُ شَعْبُهُ حَرِيقَةً كَحَرِيقَةِ آبَائِهِ. [19]

سبق فهددت الشريعة الذين لا يخافون الرب ويُصرُّون على مقاومته، أنهم يسقطون تحت أمراض مؤلمة ومزمنة (تث 28: 58-59)، هكذا كان مرض يهورام ثقيلاً للغاية. استمر لمدة سنتين دون تذوُّق طعم الراحة، وهو في ريعان شبابه، لم يكن بعد قد بلغ الأربعين من عمره.
حقًا لقد سمح الله لآسا الملك الذي كان قلبه مستقيمًا في عينيّ الرب أن يُجَرَّب بالمرض، لكن في قدميه فقط. أما يهورام الذي لم يكن له أحشاء رأفة حتى تجاه إخوته، ضُرِبَت أمعاؤه حتى انسكبت، حتى يدرك ما حلَّ بأحشائه الروحية، فيرجع إلى الرب.
كثير من القديسين مثل الرسول بولس جُرِّبوا بالأمراض، إما لتزكيتهم، أو لحفظهم من الكبرياء. فيقولون "أما الروح فنشيط، وأما الجسد فضعيف" (مر 14: 38)، ويجدون تعزيتهم في إدراكهم قول الرسول: "مع المسيح صُلِبتُ، فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيَّ" (غل 2: 20).

لقد حَلَّت التأديبات بيهورام تدريجيًا ليعطيه الرب فرصة للتوبة:
1. أرسل له عن طريق إليشع إنذارًا مكتوبًا من إيليا النبي [12].
2. سمح أن يُهَيِّج عليه الفلسطينيين والعرب والكوشيّين ويتحالفون معًا ضده [16].
3. نهب هؤلاء المتحالفون كل ما وجدوه في بيت يهورام، مع بنيه ونسائه.
4. أُصِيب بالمرض ففقد طاقته، وتحطَّمت نفسه، لأنه لم يعد فيه قوة ليكون له رجاء في استرجاع عائلته وكنوز قصره.
5. ما أضاف لهذا المرض الشديد مرارة أكثر، حرمانه من رفقة نسائه وأولاده له لمواساته، والعناية به وخدمته في مرضه.
لقد أراد الله أن يكشف عن عينيه ليلمس بنفسه ثمار الخطية، فقد صار مريضًا وفقيرًا ووحيدًا ومحرومًا من رضا الله ونعمته، ومع هذا كله للأسف لم يرجع إلى نفسه.
وَلَمْ يَعْمَلْ لَهُ شَعْبُهُ حَرِيقَةً كَحَرِيقَةِ آبَائِهِ: يترجمها البعض "لم يقيموا له جنازة كجنازة آبائه. فقد كانت العادة أن تُحرق أطياب ثمينة أثناء إقامة الجنازة.

8. ذَهَب غير مأسوف عليه

كَانَ ابْنَ اثْنَتَيْنِ وَثَلاَثِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ،
وَمَلَكَ ثَمَانِيَ سِنِينَ فِي أُورُشَلِيمَ،
وَذَهَبَ غَيْرَ مَأْسُوفٍ عَلَيْهِ،
وَدَفَنُوهُ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ وَلَكِنْ لَيْسَ فِي قُبُورِ الْمُلُوكِ. [20]

حَلَّ بيهورام العار والخزي حتى في لحظات موته، بل وحتى بعد موته، إذ لم يحزنوا عليه لكثرة شروره.
1. مع أنه لم يملك سوى ثمانٍ سنوات، إذ حلَّ به الموت: "ذهب غير مأسوف عليه". لم يحزن أحد لموته، إذ شعر الكل بأنه لن تحلَّ بأورشليم خسارة أكثر مما حلَّ بها في أيامه.
2. عَبَّر الكل قادة وشعب عن مرارة نفوسهم بسبب فساده، لذا لم يدفنوه في مقابر الملوك، إذ حسبوه ليس أهلاً لذلك.
3. لم يعملوا له حريقة كحريقة آبائه [19].
يرى البعض أنهم لم يُكرّموا الجثمان بدهنه بحنوطٍ ثمينة أو سكب روائح عليه، مع أن جثمانه كان يتطلب ذلك، لأن الأمراض التي حلَّت به بعثت من الجثمان رائحة لا تُطَاق.
العجيب أن الشعب الذي سمع ليهورام وترك عبادة الله، وانحرف إلى العبادة الوثنية، ازدروا به من أجل شروره وفساد حياته واستخدامه للعنف.

من وحي 2 أي 21

هَبْ لي روح الملوكية الحقيقية

v أَقمتَ أبويّ آدم وحواء ملكًا وملكة،
وهبتهما سلطانًا على الحيوانات والطيور والأسماك،
وعلى كل الخليقة غير العاقلة.
لم تُقِمهما ليتسلَّطا على بني البشر.
لم تخلق إنساناً ليكن عبدًا لأخيه.
v هَبْ لي سلطانًا بنعمتك على أفكاري وحواسي وعواطفي.
أَقِمْ ملكوتك في داخلي،
فلا تتسلَّل محبة السلطة إلى أعماقي.
حتى لا أحمل روح إبليس المُتسلِّط.
بل أسلك بروحك يا أيها العجيب في تواضعك.
v لأَتَّحِد بك، فيصير لي الحق في الانطلاق لأكون آخر الكل.
أحمل حُبَّك للبشرية،
فأشتهي أن أغسل أقدام الجميع.
أُكرِّمك في كل فقيرٍ وصغيرٍ.
ليس بين البشر من تزدري به.
بذلتَ ذاتك لأجل الجميع،
فتُقِيم من البشر ملوكًا عظماء في عينيك.
v قتل يهورام إخوته من أجل تثبيت كرسيه.
لطخ يديه بدم إخوته،
وأفسد قلبه بمحبة السلطة.
سَلَّمه كبرياؤه للأعداء، فقتلوا نساءه وأبناءه.
v لم يسمع لصوت إيليا نبيك،
فلم يسمع له شعبه، ولا احترموه كمَلِكٍ.
تسلَّل المرض إلى أمعائه يومًا فيومًا.
فقد نساءه وأبناءه وأمواله وصحته.
v صار درسًا لكل من يحثه حُبُّ السلطة على الشرِّ.
لم يهتم شعبه به في مرضه.
وإذ مات لم يُدفَن في مقبرة الملوك.
ذهب غير مأسوف عليه!
 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:44 PM   رقم المشاركة : ( 187808 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


عودة إلى أورشليم


ما ورد في هذا الأصحاح لم يرد في الأسفار الأخرى، بما فيه لقاء يهوشافاط مع ياهو النبي [1-3]، وإصلاحاته القضائية، بجانب تعليم الشعب شريعة الرب بواسطة اللاويين تحت إشراف رئيس الكهنة.
لم يذكر أخبار الأيام العمل الثاني الخطير في عدم أمانته، فبعد اتحاده مع أخآب ضد آرام، يعود فيتَّحِد مع يهورام بن أخآب ضد موآب (2 مل 3).
يا له من قلب أمين ليهوشافاط، فقد طلب أن يستشير الله بعد ما سلك حسب إرادته الذاتية في تحالفه مع أخآب ومصاهرته له دون استشارة الرب.
حلَّ الغضب على يهوشافاط، لكنه في حُبِّه لشعبه لم يرد أن يحلَّ الغضب عليهم. هذا يُذَكِّرنا بكلمات داود النبي عند بيدر أرونا اليبوسي (1 أي 21: 17).




1. رجوعه بسلام إلى أورشليم

وَرَجَعَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ إِلَى أُورُشَلِيمَ. [1]

إن كان يهوشافاط قد أخطأ، لأنه صاهر أخآب الشرير، وتحالف معه، فقد أَدَّبه الرب، وتَعَرَّضت حياته للخطر، لكن الله تعطَّف عليه، ورَدَّه إلى أورشليم سالمًا. لقد حدث له أفضل مما كان يتوقَّع، لأجل نقاوة قلبه، وشوقه الحقيقي للالتصاق بالرب، وجهاده من أجل خلاص شعبه.
هكذا يليق بنا بالرغم من ضعفاتنا أن نشتهي اللقاء مع الله، ونطلب منه أن يجعل الخطية مُرَّة في فمنا حتى بالتأديبات الصادرة عنه كمحبٍ لخلاصنا ومجدنا، فتقود قلوبنا إلى أورشليم العليا في سلامٍ حقيقيٍ، تمارس عربون السماء.
من يقدر أن يصف مشاعر يهوشافاط وقد عاد إلى أورشليم مدينة الله، حاسبًا إيَّاها مدينته وبيته.
يشتهي الله أن يُقِيمَ من أعماقك، ليس فقط فردوسًا سماويًا، وإنما مدينة مُقَدَّسة له، وهيكلاً خاصًا به، فيجعل من أعماقك أورشليم جديدة، بها هيكل ليس من صُنْعِ يدٍ بشريةٍ، بل من عمل يديه هو.
في كل العصور صارت زيارة أورشليم والأراضي المقدسة التي سار فيها السيد المسيح وتَمَّم عمله الخلاصي شهوة قلب المؤمنين، غير أن القديس جيروم، وهو لا يُقَلِّل من قُدْسِية هذه الأماكن المقدسة ينطلق بأنظارنا نحو أورشليمنا الداخلية.
v بلوغ القصر السماوي أسهل من الوصول إلى بريطانيا أو أورشليم، لأن ملكوت الله داخلكم.
أنطونيوس وطغمات رهبان مصر وما بين النهرين وبنطس وكبادوكية وأرمينيا لم ينظروا أورشليم، لكن انفتح لهم باب الفردوس.
الطوباوي هيلاريون مع كونه من مواطني فلسطين وسكانها لم ينظر أورشليم سوى يومًا واحدًا، إذ لم يرغب وهو قريب من الأماكن المقدسة أن يتجاهلها، وفي نفس الوقت لم يرد أن يحصر الله بحدود مكانية محلية.
v تأمل كيف أن هذا الهيكل هو مثال للهيكل السماوي، لأن نجمًا يفضل عن نجمٍ في المجد، هكذا أيضًا في القيامة من الأموات (1 كو 15: 41،42). طوبى للإنسان الذي يستحق أن يوجد على الدرجة الخامسة عشرة في أورشليم السماوية في الهيكل، فإن هذا العلو سام، أظنه هو موضع الرسل والشهداء.
إذن لنُصَلِّ لكي نتأهَّل فنوجد على الأقل على أقل درجات هيكل الرب.
إنهم يقفون على درجات الهيكل المختلفة لكي يترنموا معًا في وحدة بمزمورٍ واحدٍ وتشكراتٍ واحدة للرب.
الأماكن مختلفة، لكن تسبيح الرب (تمجيده) واحد.
هذا بخصوص أورشليم السماوية، أما بالنسبة للحاضر، فإننا قد وُجِدنا في هذا العالم لكي نتأدَّب كما أظن كل يومٍ من أيام حياتنا.
يوجد أحدنا على الدرجة الأولى، فليتشجَّع ليبلغ الدرجة التالية. يوجد آخر على الدرجة الثانية، لا يفقد رجاءه في بلوغ الدرجة الثالثة!
طوبى للشهداء الذين تأهَّلوا أن يصعدوا أعلى الدرجات في القمة عينها، أما نحن إذ نعيش في هذا العالم لا نقدر أن نصعد كل الدرجات دفعة واحدة من أسفل الدرجات إلى أعلاها، إنما يليق بنا ألا نتوقَّف عند البقاء على الدرجة الأولى، بل لنصارع لنبلغ الدرجات العليا...
أظن هذا هو معنى سلم يعقوب الذي رآه حينما هرب يعقوب من عيسو أخيه.
القديس جيروم
v أغلقي أبوابك يا أورشليم، وليبقَ عريسك في داخلك.

سدِّي نوافذك، لتستمر رائحة أطيابه.
عندما تُفتَح أبوابكِ وتنظرين إلى هنا وهناك، تطلبينه وليس هو (نش 3: 2). تصبغين وجنتيك بالدموع فلا تجدينه...
احرسي أبوابك باحتراز، لئلا يعرض لكِ ثانيةً ما حلَّ بكِ سابقًا (يو 19: 17). فإن لم تفعلي هذا تُسَلِّميه إلى أيدي الوقحين.
v طوبي لمن كان مذبحه في ذاته، وقدس أقداسه في داخله؛ هناك يسمع الله الذي يخيف كل العصاة بحركة منه ويرعبهم.
هناك يُرَى الغمام ذو النور الوفير الإشراق. ففيه هو مختبئ عن كل رؤية وعن كل الناظرين.
ذاك هو البلد المقدس، حيث يُرَى قدوس القديسين أحيانًا بإشراق إشعاعاته، ويخفي رؤيته أحيانًا في ظلمة مجده بتلك الرؤية التي هي أرفع من كل رؤية ومعرفة.
الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي)

 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:47 PM   رقم المشاركة : ( 187809 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أغلقي أبوابك يا أورشليم، وليبقَ عريسك في داخلك.
سدِّي نوافذك، لتستمر رائحة أطيابه.
عندما تُفتَح أبوابكِ وتنظرين إلى هنا وهناك، تطلبينه وليس هو (نش 3: 2). تصبغين وجنتيك بالدموع فلا تجدينه...
احرسي أبوابك باحتراز، لئلا يعرض لكِ ثانيةً ما حلَّ بكِ سابقًا (يو 19: 17). فإن لم تفعلي هذا تُسَلِّميه إلى أيدي الوقحين.
v طوبي لمن كان مذبحه في ذاته، وقدس أقداسه في داخله؛ هناك يسمع الله الذي يخيف كل العصاة بحركة منه ويرعبهم.
هناك يُرَى الغمام ذو النور الوفير الإشراق. ففيه هو مختبئ عن كل رؤية وعن كل الناظرين.
ذاك هو البلد المقدس، حيث يُرَى قدوس القديسين أحيانًا بإشراق إشعاعاته، ويخفي رؤيته أحيانًا في ظلمة مجده بتلك الرؤية التي هي أرفع من كل رؤية ومعرفة.
الشيخ الروحاني (يوحنا الدّلياتي)
 
قديم 17 - 02 - 2025, 06:47 PM   رقم المشاركة : ( 187810 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,299,719

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


توبيخه على تحالفه مع أخآب

2 وَخَرَجَ لِلِقَائِهِ يَاهُو بْنُ حَنَانِي الرَّائِي وَقَالَ لِلْمَلِكِ يَهُوشَافَاطَ: «أَتُسَاعِدُ الشِّرِّيرَ وَتُحِبُّ مُبْغِضِي الرَّبِّ؟ فَلِذلِكَ الْغَضَبُ عَلَيْكَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. 3 غَيْرَ أَنَّهُ وُجِدَ فِيكَ أُمُورٌ صَالِحَةٌ لأَنَّكَ نَزَعْتَ السَّوَارِيَ مِنَ الأَرْضِ وَهَيَّأْتَ قَلْبَكَ لِطَلَبِ اللهِ».

وَخَرَجَ لِلِقَائِهِ يَاهُو بْنُ حَنَانِي الرَّائِي،
وَقَالَ لِلْمَلِكِ يَهُوشَافَاطَ:
أَتُسَاعِدُ الشِّرِّيرَ، وَتُحِبُّ مُبْغِضِي الرَّبِّ؟
فَلِذَلِكَ الْغَضَبُ عَلَيْكَ مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ. [2]
إن كان يهوشافاط قد أخطأ بمصاهرته لأخآب الذي يُوصَف بأنه عدو الله، فإن ياهو النبي مُصَمِّم أن يَرُدَّه للسلوك بحكمةٍ وتقوى. لقد أَكَّد له النبي أن الغضب الإلهي سيحلُّ ببيته بسبب تحالفه مع أخآب الشرير.
لماذا لم يرسل الله ياهو للملك يهوشافاط قبل أن يصاهر أخآب ويلتصق به؟ لكي يؤكد لنا أنه يقدس حرية إرادة الإنسان، ولكي بتذوقه مرارة الالتصاق بالأشرار يتعلَّم درسًا، ويكون مثالاً للشعب. هذا وأراد الله أن يؤكد أن رجال الله مثل يهوشافاط لهم أخطاؤهم.
وَبَّخ حناني والد ياهو الملك آسا (2 أخ 16: 10)، فأمر الملك بسجنه، ورأى ياهو أباه في السجن، ومع هذا لم يخف أن يوبخ يهوشافاط الملك، فكلمة الله لا تُقَيَّد. سمع الملك له، لكنه شرب من مصاهرته لأخآب.
v"المُساير الحكماء يصير حكيمًا، ورفيق الجهال فيُعرف (يُضر)" (أم 13: 20). إذ يليق بنا ألا نجري مع لصٍ، ولا نجعل نصيبًا مع زانٍ، إذ يقول داود: "ألا أبغض مبغضيك يا رب، وأمقت مقاوميك، بغضًا تامًا أبغضتهم، صاروا لي أعداء" (مز 139: 21، 22). يُوَبِّخ الله يهوشافاط لصداقته مع أخآب، وتحالفه معه ومع أخزيا بواسطة ياهو النبي: "أتساعد الشرير وتحب مبغضي الرب، فلذلك الغضب عليك من قبل الرب".
الدسقولية
للأسف لم يقطع يهوشافاط علاقته بأخآب وأهل بيته. لقد كشف لنا سفرا الملوك ما حَلَّ بأخآب وكل أهل بيته.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:06 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025