![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رقم المشاركة : ( 187221 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب عوض شهوات الجسد ألهب فيَّ شهوات الروح آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187222 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب ألهب قلبي بحُبِّك وقدَّس حواسي بنعمتك آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187223 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب انقش وصاياك في قلبي، فأَتلذَّذ بها وتتزيَّن أعماقي ببهائك آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187224 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب أجعل روحك القدوس يُجَدِّدُ أعماقي كل صباح. فتشتهي القوات السماوية أن تفرح بعملك فيَّ. آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187225 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب يثر العدو بكل قوته. بك نُحَطِّمُ كل حيله وأعماله الشريرة. بك ننال النصرة، ونتكلل بك. آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187226 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() يارب ساعدنا ان ننطلق إلى السماء فلا يقدر العدو أن يصطادنا في شباكه! لك المجد يا واهب النصرة آمين |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187227 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() إصلاحات آسا الداخلية: الدخول في عهد مع الله الآن إذ عاد آسا إلى أورشليم، مُحمَّلاً بالغنائم، ومتهللاً بالنصرة، شعر أن الله هو سرّ نصرته، ولعلّه كان يفكر ماذا يرُدٌّ للرب من أجل كثرة إحساناته. شعر آسا أن الإصلاح الذي قام به لم يكتمل بعد. لقد قهر بالرب أعداءه الذين في الخارج، لكن يوجد أعداء أكثر خطورة لم يُقهَروا بعد، وهم أوثان يهوذا وبنيامين وبعض بلاد من إسرائيل كانت تكنُّ له تقديرًا وتسمع وتخضع له. انتصاره في الخارج حَثَّه على العمل في الداخل لتكملة المسيرة المقدسة في الرب. 1. رسالة إلهية له على فم نبي 1 وَكَانَ رُوحُ اللهِ عَلَى عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ، 2 فَخَرَجَ لِلِقَاءِ آسَا وَقَالَ لَهُ: «اسْمَعُوا لِي يَا آسَا وَجَمِيعَ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ. الرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ، وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ، وَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَتْرُكْكُمْ. 3 وَلإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ بِلاَ إِلهٍ حَقّ وَبِلاَ كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ وَبِلاَ شَرِيعَةٍ. 4 وَلكِنْ لَمَّا رَجَعُوا عِنْدَمَا تَضَايَقُوا إِلَى الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ. 5 وَفِي تِلْكَ الأَزْمَانِ لَمْ يَكُنْ أَمَانٌ لِلْخَارِجِ وَلاَ لِلدَّاخِلِ، لأَنَّ اضْطِرَابَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرَاضِي. 6 فَأُفْنِيَتْ أُمَّةٌ بِأُمَّةٍ وَمَدِينَةٌ بِمَدِينَةٍ، لأَنَّ اللهَ أَزْعَجَهُمْ بِكُلِّ ضِيق. 7 فَتَشَدَّدُوا أَنْتُمْ وَلاَ تَرْتَخِ أَيْدِيكُمْ لأَنَّ لِعَمَلِكُمْ أَجْرًا». وَكَانَ رُوحُ الله عَلَى عَزَرْيَا بْنِ عُودِيدَ [1] في ذلك الوقت وُجِدَ أيضًا أنبياء في إسرائيل مثل هوشع وعاموس وإيليا وإليشع وغيرهم. فإذ كثر أنبياء البعل والأنبياء الكذبة في مملكة إسرائيل المُنشقَّة، أرسل إليهم الرب الكثير من الأنبياء صنعوا معجزات وسط شعب ارتدَّ عن الله وعبد الأوثان. يهتم الله بعمل معجزات في وسط غير المؤمنين لأجل رجوعهم إلى الحق الإلهي. يا لمحبة الله الفائقة، ففي أغلب العصور وُجِدَ أنبياء ورجال الله كرسل يبلغون الملك والشعب كما أحيانًا الكهنة برسائل إلهية. والعجيب مع ما للملك آسا من غيرة ووجود أنبياء في وسط الشعب، إلا أن البعض كانوا يدمنون عبادة الأوثان، لما فيها من ملذَّات وإثارة جسدية. لم يلتقِ النبي بالملك ليمدحه ويهنئه بالنصرة، وإنما لينهضه بالأكثر لعبادة الله، وحفظ الوصية الإلهية، والعهد مع الله. لم يأتِ النبي من نفسه، إنما حَرَّكه روح الله. جاء النبي عزريا بن عوديد يُشَجِّع الملك آسا، ويحثّه على الدخول مع شعبه في عهد مع الله. بناء على عمل روح الله في عزريا النبي، التقى النبي مع آسا الملك ليُقَدِّمَ المعنى اللاهوتي السليم للمعركة للملك وجميع يهوذا وبنيامين. أوضح النبي في حديثه ثلاث أساسيات في عمل الله معهم[1]: 1. الله مع إسرائيل، ما دام إسرائيل مع الله [2]. 2. يليق بالشعب مع الملك ألا ينسوا فترة القضاة، حيث تجاهلوا تعليم الكهنة [3-6]. 3. وعد الله بالاستمرار في معاونة الملك ما دام الملك يسلك الطريق المستقيم [7]. كثيرون تَمَتَّعوا بالنصرة، لأنهم طلبوا الرب والتصقوا به، لكن للأسف استطاع عدو الخير أن يُحَوِّلَ نصرتهم إلى مصيدة لهلاكهم. عوض تقديم الشكر لله سقطوا في الكبرياء أو التهاون من جهة علاقتهم بالرب، ففقدوا كل ما نالوه. يمكننا أن نقول بأن عزريا جاء لاستقبال الملك الغالب وجيشه، ليُشَجِّعَهم ويُحَذِّرهم في نفس الوقت. فَخَرَجَ لِلِقَاءِ آسَا وَقَالَ لَهُ: اسْمَعُوا لِي يَا آسَا وَجَمِيعَ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ. الرَّبُّ مَعَكُمْ مَا كُنْتُمْ مَعَهُ، وَإِنْ طَلَبْتُمُوهُ يُوجَدْ لَكُمْ، وَإِنْ تَرَكْتُمُوهُ يَتْرُكْكُمْ. [2] جاء جوهر الرسالة: "الرب معكم ما كنتم معه. وإن طلبتموه يُوجَد لكم. وإن تركتموه يترككم" [2]. الله لا يُقحِم نفسه في حياة أحدٍ، إنما يشتاق أن يعمل في الإنسان بشرط رغبة الإنسان بكامل إرادته الحُرَّة أن يعمل الله فيه وبه. خشي النبي أن يُسِيئوا استخدام النصرة التي وهبهم الله إيَّاها. فالنصرة لا تدوم معهم إن انحرفوا عن الله. يؤكد لهم: "الرب معكم ما كنتم معه"، مُحَذِّرًا إيَّاهم: "وإن تركتموه يترككم". بقوله: "يُوجَد لكم" وليس فقط معهم. يشير النبي إلى أن مسرَّة الله أن يكون ليس فقط سندًا لهم، أو مُرافِقًا لهم، إنما هو لهم، فهو من جانبه موجود، وفاتح أحضانه لهم، ليكتشفوا أنه موجود لهم، ويليق بهم من جانبهم أن يصيروا له. وضع لهم النتيجة الخطيرة لتركهم الله، فإنه يتركهم، كاستجابة لطلبهم، إن لم يكن باللسان فبالعمل. يحسب الله ترك الإنسان له أشبه بطلبة من الله أن يتركه، فيستجيب الله له. وكما يقول المرتل: "يعطيك سؤل قلبك" (مز 37: 4). يُقَدِّم لنا يوسيفوس المؤرخ ما عناه النبي، قائلاً: [السبب في نوالهم هذه النصرة من قِبَل الله هو أنهم ظهروا كأناسٍ أتقياءٍ مُتديِّنين، يفعلون كل شيءٍ حسب مشيئة الله. لذلك قال (عزريا) إنهم إن ثابروا هكذا، فإن الله يمنحهم أن يغلبوا على الدوام أعداءهم ويعيشوا في سعادة، أما إن تركوا عبادته سيسقط كل شيءٍ إلى العكس.] هذا المفهوم الذي يربط بين العبادة لله وحياة النصرة، كما قَدَّمه عزريا النبي، يتناغمٍ تمامًا مع فكر أخبار الأيام. غالبًا ما تواضع الملك بهذه الرسالة الإلهية، التي سندته إلى زمنٍ طويلٍ، غير أنه انحرف وسقط في الفخ في السنوات الأخيرة من حياته كما سنرى في الأصحاح السادس عشر. وَلإِسْرَائِيلَ أَيَّامٌ كَثِيرَةٌ بِلاَ إِلَهٍ حَقٍّ، وَبِلاَ كَاهِنٍ مُعَلِّمٍ، وَبِلاَ شَرِيعَةٍ. [3] أ. يظن البعض أن النبي يتحدث هنا عن فترة القضاة المُظلِمة للغاية، حيث ترك إسرائيل عبادة الله الحقيقي، وعبدوا آلهة غريبة. لقد كان بينهم كهنة، لكنهم لم يكن بينهم "كاهن مُعَلِّم". صاروا بلا شريعة، مع أن بين أيديهم شريعة موسى، لكن القادة والشعب حتى الكهنة في ذلك الحين لم تشغلهم الشريعة في شيءٍ. سمح الله لكثير من الأمم مثل الموآبيين والمديانيين والعمونيين وغيرهم أن يزعجوهم بكل ضيقٍ [6]، ومع هذا في وسط ضيقتهم لم يرجعوا إلى الله سريعًا، لكن إذ صاروا يصرخون إليه أرسل إليهم قضاة يُخَلِّصونهم من أعدائهم. ب. يرى آخرون أنه يتحدث هنا عن مملكة الشمال (إسرائيل) التي أقامت العجول ليعبدوها جنبًا إلى جنبٍ مع عبادة الله. لقد خانوا الله حتى في تظاهرهم بالتعبُّد له. كانوا بدون كهنة مُعلِّمين، لأن الكهنة اللاويين ذهبوا إلى أورشليم ومعهم بعض الأتقياء. ج. يرى فريق ثالث أن النبي يتكلم عمَّا سيحدث في المستقبل. يقول هوشع: "لأن بين إسرائيل سيقعدّون أيّامًا كثيرة بلا ملك ولا رئيس وبلا ذبيحة وبلا تمثال وبلا أُفودٍ وترافيم، وبعد ذلك يعود بنو إسرائيل يطلبون الرب إلههم وداود ملكهم، ويفزعون إلى الرب وإلى جوده في آخر الأيام" (هو 3: 4-5). أيام الرب وأيام إبليس يُمَيِّز العلامة أوريجينوس بين أيام الرب وأيام إبليسفيتعليقه على ما ورد في (قض 2: 7) "وعَبَدَ (خدم أو خاف) الشعب الرب كل أيام يشوع، وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع". ، قائلاً بأنه توجد أيام الرب وأيام إبليس، ولعل ما ورد هنا "أيام كثيرة بلا إله حق" تشير إلى أيام إبليس أو أيام الشر. فيما يلي سمات أيام الرب وسمات أيام إبليس، كما وردت في عظته الأولى على سفر القضاة: 1. أيام الرب برّ وأيام إبليس شر يليق بالمؤمن أن يكون في أيام يشوع الذي هو رمز ليسوع المسيح شمس البرّ، فيتمتَّع بأيام البرِّ، ولا يكون في أيام أحد الملوك الأشرار مثل فرعون أو منسى، فتكون أيامه أيام شر. v يقول: "وعَبَدَ الشعب الرب كل أيام يشوع، وكل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع". يجب إدراك أنه يليق بكل واحدٍ منا البرهنة هل هو في أيام الخير أم في أيام الشر؟ وهل يقتني "أيام يشوع" التي هي أيام البرِّ، أم يقتني أيام الشر. لأننا إن أدركنا: "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسانٍ آتيًا إلى العالم" (يو 1: 9)، وسلَّمنا أنفسنا إليه كي نستنير، وإذا أشرقت "شمس البرّ" (ملا 4: 2) فينا، وأنارت عالم أنفسنا، فسوف نقتني "أيام يشوع"، أي أيام يسوع المسيح، أيام الخلاص. أما إذا سلَّم أحد نفسه "للنور الذي سينطفئ" (راجع أي 18: 5)، النور الذي يُضاد الحق، فإنه سوف يقتني أيضًا أيامًا، لكنها أيام الشر. لن يكون في أيام يشوع، إنما في أيام منسى أو فرعون، في الأيام الشريرة التي لملوك آخرين. العلامة أوريجينوس تَمَتَّع إشعياء النبي (الإنجيلي الخامس) برؤياه للرب شمس البرِّ جالسًا على العرش في سنة وفاة عزِّيا الملك (إش 6: 1)، هذا الذي تصلَّف في كبريائه، وحاول اغتصاب العمل الكهنوتي عنوةً، فأُصيب بالبرص في جبهته (2 أي 26: 19). حُسِبَت أيامه شرّ، لذا بعد موته تمتع إشعياء برؤياه المُفرِحة الخاصة بالعرش الإلهي وحوله السيرافيم يرفرفون بالتسبيح في فرحٍ (إش 6: 3). هكذا إذ يموت فينا الإنسان الشرير، ويملك فينا الإنسان الجديد الذي يتمتع بالشفاء بشمس البرِّ (ملا 4: 2)، تنفتح بصيرة المؤمن، ليتمتَّع برؤية الجالس على العرش، ويشترك مع الطغمات السماوية في التسبيح. لتكن أيامنا أيام الرب، فتنطلق أعماقنا كما إلى السماء. v لم يقدر إشعياء أن يرى رؤيا في أيام الملك آحاز الظالم (عزيا) والشرير[4]. لم يقدر إشعياء أن يرى: "السيد جالسًا على كرسي عال ومرتفع" (إش 6: 1-3)، إلا عندما مات هذا الملك الشرير الذي كانت أيامه شريرة، عندئذ صار النبي قادرًا على رؤية الرب... في الحقيقة اسمعوا إلى النبي يقول: "ولكم أيها المتَّقون اسمي تُشرِق شمس البرّ" (ملا 4: 2)، إذن بدون شك سيجعل الله لهؤلاء "أيام البرّ" التي هي "أيام يشوع". بالإضافة إلى ذلك قال عن الأشرار، إن شمسَ البرِّ تشفيهم. بدون شك تشفي من كان العدل ميتًا فيهم. العلامة أوريجينوس الرب هو ملك السلام (عب 7: 2). متى صارت أيامنا أيام الرب، يملأ أعماقنا بسلامه حتى في وسط الضيقات، فنختبر السلام الداخلي الإلهي العظيم. v هل تريدون من النبي معرفة من يقتنون "كثرة السلام"؟ اسمعوا كيف يقول في المزامير: "فليكن سلام عظيم للذين يُحِبُّون اسمك، وليس لهم شك" (مز 118: 165)LXX. العلامة أوريجينوس إذ يتحدث العلامة أوريجينوس عن أيام يشوع رمز المسيح النور الحقيقي الأبدي، وأيام الشيوخ رمز الرسل الذين بالمسيح صاروا نورًا للعالم، ولا يطلبون نور الأشرار الغاش. ميَّز أوريجينوس بين النورين، الحقيقي والمخادع بالآتي: ا. من له أيام الرب يتمتع بالنور الحقيقي الأبدي، فلا يُحَطِّمه الزمن. أما أيام الشرير فتبدو منيرة، لكن نور الشر ينطفئ، وهو مخادع. ب. ليس من شركة بين النور الحقيقي والنور المخادع، إذ ليس من شركة بين المسيح والشيطان. ج. إذ يظن البعض مثل الرواقيين وبعض الغنوصيين أن السعادة تكمن في الملذات الزمنية، يحسبون اللذة أو المتعة نورًا ساطعًا صالحًا وخيرًا. د. يرفع النور الحقيقي القلب إلى السماوي، فيشتهي الحياة السماوية، أما النور المخادع، فيربط الإنسان بالزمن والزمنيات، فيطلب الأرضيات الزائلة من غِنَى ومجد وكرامة، ويحسب هذه الأمور أبدية. هـ. يقدم لنا النور الإلهي الحق، أما النور المخادع فيُقَدِّم الباطل. لذا يُحَذِّرنا الرب من الهراطقة، الذين يرتبطون بالتعاليم الكاذبة. و. من بين الهراطقة بعض الغنوصيين مثل مرقيون الذي رفض العهد القديم، وحسب الله الخالق ليس صالحًا. بعض الغنوصيين نادوا بأن إله العهد الجديد جاء يُخَلِّص العالم من الإله الخالق. ز. الصلاة أو الالتقاء مع رب المجد يسوع هو الطريق للتمتُّع بالنور الحقيقي والخلاص من النور المخادع. v تُشرِق أيامُ البرِّ وكثرة السلام لمُحبِّي اسم الرب. أما الأشرار، فلهم نورهم الخاص الذي تشرق منه بدون شك "أيام الشر". هل تريدون أن أثبت لكم ذلك من الأسفار المقدسة؟ اسمعوا إلى ما هو مكتوب: "العدل دائمًا فيه نور، ونور الأشرار ينطفئ" (راجع أم 13: 9؛ أي 18: 5-6). أنتم تنظرون إذن أن "نور الأشرار" سوف ينطفئ، أما "نور الحق" فيستمر إلى الأبد. لا أعلم إن كان أحد يعتقد في جنونٍ مفترضًا وجود نور أساسي يمكن أن يقال عنه من ناحية إنه "نور الشر" ومن ناحية أخرى "نور الحق". هذا لا يمكن بالتأكيد أن يكون صحيحًا على أي حال. لأن نور العالم الذي خلقه يشرق دائمًا للكل وبالتساوي. لكن كما شرحنا سابقًا، من المفهوم أن نفوسنا، إما تستنير بالنور الحقيقي (يو 1: 9) الذي لا ينطفئ أبدًا، الذي هو المسيح، أو تستنير بالنور الذي لا يملك في نفسه ما هو أزلي. فبدون شك تستنير (النفس) بهذا النور المؤقت الذي ينطفئ بواسطة ذاك الذي "يغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور" (2 كو 11: 14)، وينير قلب الخاطئ بنورٍ مخادعٍ حتى تخيل له هذه الأنوار الحاضرة والزائلة أنها صالحة وساطعة جدًا. بهذا النور يستضيء القائلون إن المتعة هي الخير الأعظم. بهذا النور يستنير الذين يبحثون عن الثروة والكرامات العالمية والمجد الأرضي كما لو كان الآن هو عصر الأبدية. وبالتالي فإنهم أيضًا "في أيام" نوره "الذي سينطفئ" يستنير الهراطقة أيضًا بهذا النور مُعلنين للملأ العلم الكاذب الاسم (1 تي 6: 20). استنار مرقيون بهذا النور، فدعا إله الناموس الحق (العهد القديم) ليس صالحًا. لهذا إذا فهمنا بالصواب ما هي الأيام المستنيرة بربنا يسوع المسيح "النور الحقيقي" والأيام التي ينيرها ذاك "الذي يُغَيِّر شكله إلى شبه ملاك نور" والذي سينطفئ نوره، يمكننا الفهم الصحيح "لأيام يشوع" التي قيل عنها: "وعَبَدَ الشعب الرب كل أيام يشوع". لأن من المؤكد أن من يقتني في نفسه "أيام يشوع" يخدم الرب. لا يمكن أن يخدم الشيطان أو الطمع من اقتنى في نفسه "أيام يشوع" ونور المسيح. ولا لمن استنار بنور الحق أن يخدم الكذب، ولا الذي استنار بنور الطهارة يكرس نفسه للشهوة أو النجاسة. بالحقيقة أعلن الرسول الآتي: "لأنه أية خلطة للبرّ مع الإثم؟ وأية شركة للنور مع الظلمة؟ وأي اتفاق للمسيح مع بليعال؟ وأي نصيب للمؤمن مع غير المؤمن؟" (2 كو 6: 14-15). لهذا فلنُصلِّ كي يجعل فينا المسيح الذي هو "النور الحقيقي" (يو 1: 9) دائمًا أيامًا صالحة، ولا نقتني أبدًا في أنفسنا "أيامًا شريرة" (بإنارة الشيطان فينا) التي قال عنها الرسول: "مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة" (أف 5: 16). إننا نقتني أيامًا شريرة عندما نبحث عن الشهوات عوض الأمور الروحية، والأرضيات عوض السماويات، والأمور الزائلة عوض الأبديات، والأمور الحاضرة عوض العتيدة. فعندما ترون إذن مثل هذه الشهوات تثور فيكم، تأكدوا إنكم واقفون في أيام "فاسدة وشريرة". من أجل هذا كرِّسوا أنفسكم للصلوات، كي تتحرروا من "الأيام الشريرة" وتمامًا كما قال الرسول تُنتشَلوا من "العالم الحاضر الشرير" (غل 1: 4). لأنه بحسب ما تكلمنا سابقًا، ليس فقط تكون أيامنا شريرة، إنما يصير العمر شريرًا. العلامة أوريجينوس تعمل الوصية الإلهية في حياة المؤمن، فيتمتع بالحكمة الإلهية، وينعم بالمعرفة الإلهية. ما يشغل قلب الرسل والخدام هو أن نختبر بالنعمة الإلهية عذوبة الوصية وفاعليتها في حياتنا، حيث نقبل النور الإلهي، فنستنير. v مبارك هو الذي في أيام يشوع يخدم (يعبد) الرب (قض 2: 7)، الذي يستنير بكلمته وحكمته، الذي يستنير بوصاياه، والذي يوهب من تعليمه نور المعرفة. ويبقى أيضًا مباركًا ثانية الذي يخدم الرب في أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع. إنهم "الشيوخ" الذين عاشوا إما مع يشوع أو "بعد يشوع" إنهم ليسوا إلا الرسل الذين أناروا قلوبنا بكتاباتهم ومبادئهم، وجعلوا فينا أيامًا مطمئنة من النور الذي بعد مجيئهم اشتركوا فيه من "النور الحقيقي" (يو 1: 9). وبالتالي من يستنير ويتعلَّم بتعاليم الرسل ويتدرَّب على خدمة الرب على مثال الرسل فهو الذي قيل عنه: "خدم الرب في أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع". علاوة على ذلك، هل تريدون حقًا معرفة لماذا كما كان المُخَلِّص "النور الحقيقي الذي ينير كل إنسان آتيًا إلى العالم" (يو 1: 9)، صار الرسل أيضًا "نور العالم"؟ مكتوب في الإنجيل أن الرب قال لهم: "أنتم نور العالم" (مت 5 : 14). حتى الرسل الآن هم "نور العالم". بدون شك من خلال مبادئهم وتعاليمهم أناروا لنا "الأيام" التي فيها "نخدم الرب". العلامة أوريجينوس اهتم العلامة أوريجينوس بالحديث عن أيام الشيوخ الذين جاءوا بعد يشوع، إذ تشير إلى أيام الرسل الذين عاش يسوع رب المجد معهم وفي وسطهم حتى بعد صعوده إلى السماء، وحملت أيامهم سمات أيام السيد المسيح. اهتم كاتب سفر يشوع أن يؤكد أن أيامهم طويلة، ليس من جهة الزمن، إنما من جهة البركة. كثيراً ما تكلم أوريجينوس عن الجنين يوحنا المعمدان، الذين لم يكن قد وُلِدَ بعد حين قامت القديسة مريم بزيارة بيته، فقام بعمل كرازي فائق، وهو بعد في سادس شهر من الحبل به، يُحسَب أكبر من رؤساء الكهنة والكهنة الذين لم يبالوا باللقاء مع الطفل يسوع! إن أيام الجنين يوحنا في عيني الله أطول من السنوات التي عاشها هؤلاء القادة الذين لم يُتَمِّموا رسالتهم ككارزين بالحق الإلهي. لا تعجب إن قال الرسول: "إن يومًا واحدًا عند الرب كألف سنة، وألف سنة كيومٍ واحدٍ" (2 بط 3: 8). يقول العلامة أوريجينوس إننا سنرى في يوم الرب العظيم أطفالاً حُسِبَت أيامهم القليلة كسنوات طويلة، بينما نرى شيوخًا حسبت سنواتهم الطويلة كأيامٍ قليلةٍ، وربما كأن لا وجود لها. تُدعَى أيام القديسين طويلة، لأنها أيام حب ثمينة، كل نسمة من نسمات حياتهم لا يمكن تقديرها. أما الأشرار الذين تبرد محبتهم، فأيامهم قصيرة وتافهة وزائلة! أيام القديسين طويلة ومتنوعة وجذابة، تحمل أسماء الفضائل التي يقتنونها خلال نعمة الله، فيدعون اليوم الحب، وغدًا السلام، واليوم الثالث الطهارة، والرابع العفة، والخامس الصلاح... ومع طول الأيام يحمل فردوس نفسه ثمار الروح العذبة المتكاثرة. v بالإضافة إلى ذلك قال: "كل أيام الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع" (قض 2: 7). يبدو أن هذا لم يُذكَر مصادفة أن "الشيوخ" أو هؤلاء "طوال الأيام" قيل عنهم: "الشيوخ الذين طالت أيامهم بعد يشوع". في الحقيقة إن الله فقط هو الذي يعرف من "بعد يشوع" سيعيش وسط "الشيوخ"، الذي يعمل "يومًا طويلاً"، الذي سيشع من نفسه النور العظيم، سواء كان بولس أو بطرس أو برثلماوس أو يوحنا. ومع ذلك يُدعَى القديسون "ذوي الأيام الطويلة". لكن في المقابل، في ذلك الزمان، عندما يمتلئ العالم بالتجارب، عندما "يكثر الإثم، فتبرد محبة الكثيرين" (مت 24: 12) وعندما "يأتي ابن الإنسان، سيجد صعوبة في وجود الإيمان على الأرض" (راجع لو 18: 8)، في ذلك الزمان، لا يُقال إنها ستكون "أيام طويلة" بل بالحري، إنها أيام مُقصِّرة تمامًا كما قال الرب: "لو لم يقصر الرب تلك الأيام، لم يخلص جسد" (مت 24: 22). بالتالي قيل عن تلك الأيام الشريرة إنها تكون قصيرة، أما "الطويلة" فهي أيام الخير التي فيها وقت كثير، وفي قياس محدد التي طولها عظيم التي فيها نخدم الرب. ومع ذلك، انظروا أنه أشار أيضًا في الإنجيل: "إنه من أجل المختارين تُقصر تلك الأيام" (مت 24: 22). إذن، "من أجل المختارين" تكون "الأيام الشريرة" أيام الإثم والتجربة قصيرة. وأنا أعتقد أنه متى بدأت الأيام الشريرة لتكون قصيرة للمختارين، فإنها دائمًا تقصر، وتقل حتى تصير لا شيء، وتختفي تدريجيًا بالكامل وتختفي كلية. على حساب هذه الأشياء، أظن أن هناك من يقول أيضًا: "ليته هلك اليوم الذي وُلدت فيه" (أي 3: 3). إذن "تقصر الأيام الشريرة للمختارين" وتختفي، ولكن أيام الشيوخ القديسين مستمرة وطويلة... إن ما قاله لا يُحذف: "وعبد الشعب الرب جميع أيام يشوع" (قض2: 7). لم يقل يومًا واحدًا ليشوع، لكن أيامًا كثيرة "أيام يشوع". إذن فكم عدد الأيام التي نعدها بحسب هذا الترتيب الذي شرحناه؟ أنا أعتقد أنه بنفس الطريقة أحد أيامه يكون عدل، والآخر طهارة، وآخر تواضع، وآخر رحمة، وهكذا لكل الفضائل والصفات الطيبة تحسب على إنها "أيام يشوع" التي خلالها يُخدَم "الرب" ،لأنه بفضائل النفس[9] هذه يُسر الرب. في الحقيقة، الصبر يُحسَب أيضًا يومًا من أيامه، اللطف والتقوى والصلاح وكل شيء يتعلق بالفضيلة يمكن أن يُدعى يومه. وهكذا "خلال كل أيام يشوع ستخدمون الرب". لأن وصايا الأسفار المقدسة لا ترغب أن تقتنوا في نفوسكم بعض سمات هذه الفضائل وتهملون الأخرى، بل أن تتزينوا بجميع هذه الفضائل وتكمل فيكم حين تتمموها. "فتخدمون الرب". وأيضًا بنفس الطريقة يقتني آخر "أيام الشيوخ" في نفسه "ويخدم الرب في أيامهم" (راجع قض 2: 7) عندما ينجز ما قاله بولس الرسول: "كونوا متمثلين بي، كما أنا أيضًا بالمسيح" (راجع 1 كو 4: 16؛ في 3: 17). العلامة أوريجينوس يليق بنا إذ تكون أيامنا للرب أن نتعرَّف على جميع أعماله، أي نختبرها ونحفظها ونمارسها، وإلا حُسِبنا كمن يجهلها. لقد أوضح لنا العلامة أوريجينوس مفهوم كلمة يعرف، ألا وهي أن يختبر الشيء عمليًا، وليس مجرد المعرفة العقلانية. v قيل "في أيام الشيوخ الذين يعرفون جميع أعمال الرب" (راجع قض 2: 7). فمن هو الذي يعرف جميع أعمال الرب إلا الذي يعملها؟ في الحقيقة، كما قيل عن أبناء عالي: "كان بنو عالي بني بليعال لم يعرفوا الرب" (1 صم 2: 12). لم يكونا يجهلان الرب – لأنهما بدون شك كانا معلمين للبقية – لكن كانا يتصرفان كما لو كانا لا يعرفان الرب. بهذه الطريقة أيضًا، ما يقال هنا يجب أن يُسمَع: "الذين يعرفون أعمال الرب"، ولكن ضيف "الذين يعرفون جميع أعمال الرب" أي الذين "يعرفون" أعمال الرب: البرّ، الطهارة، الصبر، اللطف والتقوى. وأي شيء نابع من وصايا الرب يُدعَى "عمل الرب". لكن كما يوجد عمل الرب هكذا عمل الشيطان بدون شك مضاد له تمامًا. لأنه من المؤكد كما أن البرّ هو من عمل الرب، هكذا الإثم من عمل الشيطان، وكما أن اللطف من عمل الرب يكون الغضب والغيظ من عمل الشيطان. بالتالي قيل إنهم يعرفون عمل الله الذين يعملون هذا العمل. أيضًا، بما أنه صار واضحًا من سلطان الأسفار بأية طريقة مألوفة يقال: "يعرف" أو "لا يعرف"، انظروا ما هو مكتوب في موضع آخر. لقد قيل: "حافظ الوصية لا يعرف كلمة شريرة" [راجع جا 8: 5] LXX. الآن "من يحفظ الوصية" هل يمكن ألا يعرف كلمة شريرة؟ في الحقيقة إنه يعرف، ولكن قيل "لا يعرف"، لأنه يحفظ نفسه من الكلمات الشريرة ويتجنبها. علاوة على ذلك، ما قيل بخصوص الرب والمخلص نفسه إنه "لم يعرف خطية" (راجع 2 كو 5: 21). من المؤكد أنه قيل إنه لم يعرف خطية، لأنه لم يعمل أية خطية. لهذا وبنفس الطريقة قيل: "يعرف أعمال الرب" من يعمل أعمال الرب، وكذلك يجهل عمل الله من لا يعمل عمل الله. العلامة أوريجينوس يوم الرب هو يوم الخلاص الذي قدَّمه عن العالم كله بالصليب. كل أعمال الله عظيمة وفائقة، لكنها لا تقارن بيوم الفداء! v أيضًا كيف نتجاوز ما ضيف: "الذين رأوا (يعرفون) كل عمل الرب العظيم الذي عمل لإسرائيل" (قض 2: 7) ماذا بالحقيقة؟ هل توجد أعمال صغيرة للرب تختلف عن هذه التي قيل إنها أعمال عظيمة؟ أعتقد أن كل عمل الرب إنما هو بالحقيقة عظيم. لكن إذا ما قورنت بعضها ببعض، يقال عنها إنها إما عظيمة أو صغيرة بحسب قدرة الذين يحصلون عليها، الذين يعمل معهم الرب العمل. فعلى سبيل المثال، قاد الله شعب بني إسرائيل خارج مصر "بيدٍ شديدةٍ وذراعٍ ممدودةٍ" (تث 5: 15، راجع خر 6: 6؛ 13: 3). وضايق المصريين بعلامات نبوية وسماوية "وجعل البحر طريقًا يابسة وانشق الماء" (راجع خر 14: 21). وأعطى الشعب المن في البرية من السماء (راجع خر 16؛ حك 16: 20). وتكلم مع موسى (راجع خر 19: 3)، وأعطى الناموس مكتوبًا على لوحي من الحجارة (راجع خر 24: 12). ولكن إذا قورنت هذه الأعمال بجانب خلاص الله للعالم "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد" (راجع يو 3: 16) فسوف تجدون أن كل هذه الأعمال صغيرة بالنسبة لعظم هذا العمل الذي يجب أن نعرفه ونؤمن به. علينا أن ننشغل بأعمال الرب (راجع يو 6: 28-29) ليس بإهمال، إنما بإيمان ويقظة، حتى نوجد نحن في أيام يسوع المسيح وفي أيام الشيوخ الذين هم رسله حتى نستحق معهم الاشتراك في الميراث السماوي بواسطة ربنا يسوع المسيح نفسه الذي له المجد والسلطان إلى أبد الآبدين أمين" (1 بط 4: 11). العلامة أوريجينوس وَطَلَبُوهُ وُجِدَ لَهُمْ. [4] قَدَّم ليهوذا مثلاً خطيرًا وهو إسرائيل الذي عاش أيامًا كثيرة بلا إله حق، وبلا كاهنٍ معلمٍ، وبلا شريعةٍ إلهيةٍ، ومع هذا فإنهم إذ رجعوا إلى الله وطلبوه يجدوه لهم [4]. "وطلبوه وُجد لهم": لم يقل: "وطلبوه فوجدوه"، إنما وُجِدَ لهم. بمعنى أنهم يجدونه لهم، فيترنمون: "أنا لحبيبي، وحبيبي لي" (نش 6: 3). هكذا يشعر طالبو الرب أنه صار لهم، محبوبهم الخاص بهم. v إنه من حق النفس أن تفرح، لأنها وصلت إلى مركزٍ عالٍ أثناء صعودها إلى قمة رغباتها. ما هو أعظم من سعادة من يصل إلى رؤية الله؟ ولكن ما حققته هو بداءة لما تأمَّل فيه بعد ذلك... يتَّحِد العروسان: الله في النفس، والنفس مرة أخرى تسكن في الله. تقول العروس: "حبيبي لي، وأنا له، الراعي بين السوْسن"، (نش 6: 3) هو نفسه الذي غيَّر الحياة الإنسانية من خيال الظلال إلى قمة الحق. لاحظ الارتفاع الذي صعدت إليه العروس، متقدمة من قوةٍ إلى قوةٍ كما يقول النبي (مز 84: 7)، وتظهر كأنها حصلت على قمة أمانيها. ما هو أعلى من أن تكون في المحبوب ويكون هو في نفسها؟ v تقول العروس: "أنا لحبيبي، وحبيبي لي". ففي تطابقها مع المسيح تستقبل منه جمالها الأصيل. هذه البركة الأولى لطبيعتنا حسب صورة الجمال الأصلي وشبيه به ذاك الذي يستحق وحده التمجيد والحب. ويشبه ذلك مرآة مصنوعة بدقة ماهرة يدوية، التي تعكس صورة مطابقة للوجه. لذلك، عندما ترتب النفس أمورها، وترفض كل تلوثٍ ماديٍ تُصبح مُمثلة لصورة الجمال النقي الخالي من الغش. تقول النفس، المرآة الحيّة التي تملك الإرادة الحرة: "عندما أنظر إلى وجه حبيبي، ينعكس جمال وجهه عليَّ". يقلد بولس هذه الكلمات بوضوح بقوله: "وفيما بعد لا أحيا أنا، بل المسيح يحيا في. أما الحياة التي أحياها الآن في الجسد، فإنما أحياها بالإيمان في ابن الله، الذي أحبني وبذل نفسه عني" (غل 20:2). وعندما يقول: "فالحياة عندي هي المسيح" (في 21:1)، يصرخ بولس أنه نقَّى نفسه من أي هوى بشري مثل الحزن، والغضب، والخوف، والجبن، والأهواء القوية، والكبرياء، والحمق، والرغبة الشريرة، والحسد، والانتقام، وحب التملك والمكسب أو أية عادة قد تؤدِّي إلى تخريب النفس. هو وحده الذي يملأ نفسي، وليس أي شيء مما سبق ذكره. لقد نُزِعَت عني كل طبيعتي الخارجية الظاهرة، ولم يبقَ بداخلي أي شيء غير المسيح. حقيقة الحياة عندي هي المسيح" أو كما تقول العروس: "أنا لحبيبي وحبيبي لي". هذا هو الطهر والنقاء وعدم التلوث والنور والحق الذي يُغَذِّي نفسي. إنه لا يتغذَّى بالعشب الجاف أو بالشجيرات وإنما بروعة قديسيه. يوحي السُّوسَن ببهاء وإشعاع ألوانه الجميلة. من أجل هذا، فالذي يتغذَّى بين السُّوسَن يقود قطيعه إلى مروج السُّوسَن حتى تكون: "نعمة ربنا علينا" (مز 17:90). نحن نصبح مثل الطعام الذي نأكله. دعونا نأخذ مثال الإناء الأجوف من الكريستال، فكل ما يوضع فيه يظهر بوضوح (حتى يبدو الإناء كأنه هو نفسه ما في داخله). ويشبه ذلك عندما نضع بهاء السُّوسَن في نفوسنا، فإنها تشع وتظهر من الخارج الأشكال الموجودة بالداخل. لتوضيح هذه النقطة، تُغذِّي الروح نفسها بالفضائل التي تُسمَّى رمزيًا بالسوّسن، ويُصبح الشخص المكوَّن بهذه ذا حياة طيبة مُشعًا، مُظهرًا في حياته كل نوعٍ من الفضيلة. لنفرض أن السُّوسَن النقي هو: ضبط النفس والاعتدال والبرّ والشجاعة والقدرة وكل ما يقوله الرسول حقيقي، ومشرف ومستحق للحب وعادل ومقدس، عطوف وفاضل ومستحق للتمجيد (في 4: 8). تتكون هذه الفضائل جميعها في النفس نتيجة للحياة النقية، وتزيِّن النفس التي تمتلكها. لذلك تهب العروس نفسها لمحبوبها، وتستقبل جمال من تُحِب. القديس غريغوريوس النيصي لأَنَّ اضْطِرَابَاتٍ كَثِيرَةً كَانَتْ عَلَى كُلِّ سُكَّانِ الأَرَاضِي. [5] يقصد بالأزمان هنا فترة القضاة، كما يقصد العشرة أسباط الذين انشقُّوا عن بيت داود ورفضوا الكهنوت اللاوي الخ، وهي تنطبق على كل فترة يعطي فيها الإنسان القفا لله لا الوجه. فَأُفْنِيَتْ أُمَّةٌ بِأُمَّةٍ، وَمَدِينَةٌ بِمَدِينَةٍ، لأَنَّ الله أَزْعَجَهُمْ بِكُلِّ ضِيقٍ. [6] فَتَشَدَّدُوا أَنْتُمْ، وَلاَ تَرْتَخِ أَيْدِيكُمْ، لأَنَّ لِعَمَلِكُمْ أَجْرًا. [7] يدعو يهوذا أن يتشددوا، لا ترتخي أياديهم معتمدين على ما نالوه من نصرة [7]. يلزم أن يتدرَّب الإنسان على العمل بجدِّيةٍ وفرحٍ، سواء في عبادته أو أعماله اليومية. 2. غيرته لإزالة الأوثان فَلَمَّا سَمِعَ آسَا هَذَا الْكَلاَمَ وَنُبُوَّةَ عُودِيدَ النَّبِيِّ تَشَدَّدَ، وَنَزَعَ الرَّجَاسَاتِ مِنْ كُلِّ أَرْضِ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ، وَمِنَ الْمُدُنِ الَّتِي أَخَذَهَا مِنْ جَبَلِ أَفْرَايِمَ، وَجَدَّدَ مَذْبَحَ الرَّبِّ الَّذِي أَمَامَ رِوَاقِ الرَّبِّ. [8] التهبت قلوب الملك ومعاونيه، فازدادت مجهوداتهم في الإصلاح، ونزعوا الرجاسات التي تركها رحبعام من كل موقعٍ. لقد نزعها من قبل، وها هو يُكَمِّل ما بدأ به. الإنسان المؤمن الجاد لا يتوقَّف عن النمو المستمر، فقد بدأ آسا حركة الإصلاح منذ تولَّى العرش، وتشدَّد عندما دخل في ضيقة في حرب مع الكوشيين، وإذ نال نصرة نَسَبَها للرب، وتَشدَّد أكثر. والآن إذ جاءته رسالة من الله على لسان عزريا بن عوديد، "تشدّد ونزع الرجاسات من كل أرض يهوذا وبنيامين ومن المدن التي أخذها من جبل أفرايم". ازداد حماسًا وتشجَّع للقيام بإصلاحات أخرى، وتأكيد حضور الله وسط مملكته. "جَدَّد مذبح الرب": يبدو أن مذبح المُحرَقة احتاج إلى ترميمٍ، بالرغم من أنه لم يمضِ عليه أكثر من 35 عامًا منذ أن شيَّده سليمان، ربما نتيجة الإهمال أثناء الحروب بين يهوذا وإسرائيل. رأينا أن آسا عمل الصالح والمستقيم في عيني الرب إلهه، ونزع المذابح الغريبة والمرتفعات وكسّر التماثيل الخ (2 أخ 11: 2)، وجاهد وطلب الرب فوهبه النصرة، ومع هذا أمال أذنيه إلى كلمات النبي ولم يُعاتِبه على قوله: "إن تركتموه يترككم" (2 أخ 15: 2). إنما تحرَّك لينزع الرجاسات من المدن التي أخذها من جبل أفرايم ومن كل أرض يهوذا، وجدَّد مذبح الرب الذي أمام رواق الرب. لقد قام بحركة تطهير وتقديس أعمق. أيضًا وجد في كلمات النبي فرصة لجمع يهوذا وبنيامين والقادمين من أسباط إسرائيل الذين تلامسوا مع عمل الله في حياة آسا؛ ودخلوا في تجديد للعهد مع الله "وطلبوه بكل رضاهم، فوُجِدَ لهم" (2 أخ 15: 15). مع كل حركة للإصلاح، احتاج القادة مع الشعب إلى تجديد العهد مع الله! 9 وَجَمَعَ كُلَّ يَهُوذَا وَبَنْيَامِينَ وَالْغُرَبَاءَ مَعَهُمْ مِنْ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى وَمِنْ شِمْعُونَ، لأَنَّهُمْ سَقَطُوا إِلَيْهِ مِنْ إِسْرَائِيلَ بِكَثْرَةٍ حِينَ رَأَوْا أَنَّ الرَّبَّ إِلهَهُ مَعَهُ. 10 فَاجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لِمُلْكِ آسَا، 11 وَذَبَحُوا لِلرَّبِّ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي جَلَبُوا سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَسَبْعَةَ آلاَفٍ مِنَ الضَّأْنِ. وَجَمَعَ كُلَّ يَهُوذَا وَبِنْيَامِينَ وَالْغُرَبَاءَ مَعَهُمْ مِنْ أَفْرَايِمَ وَمَنَسَّى وَمِنْ شَمْعُونَ، لأَنَّهُمْ سَقَطُوا إِلَيْهِ مِنْ إِسْرَائِيلَ بِكَثْرَةٍ، حِينَ رَأُوا أَنَّ الرَّبَّ إِلَهَهُ مَعَهُ. [9] سبق أن رأينا كثيرين من أتقياء مملكة الشمال انطلقوا إلى يهوذا. الآن تزايد عدد القادمين من أفرايم ومنسَّى وشمعون إلى الجنوب، إذ تأثَّروا بإخلاص آسا في حياته وعبادته. دعاهم الغرباء إذ صار الشعبان يهوذا وإسرائيل غرباء عن بعضهما البعض. جاءوا إلى أورشليم يعلنون رغبتهم في الالتفاف حول الملك الذي من بيت داود، مشتاقين إلى العبادة الحقيقية والالتصاق بهيكل الرب. "رأوا أن الرب معه": التصاقه بالرب أعطاه مهابة، ليس فقط بين شعب يهوذا، وإنما بعض الأتقياء أو المُحبِّين للتقوى، إذ أدركوا ذلك، انضمُّوا إليه. جاء في زكريا النبي: "نذهب معكم، لأننا سمعنا أن الله معكم" (زك 8: 23). فَاجْتَمَعُوا فِي أُورُشَلِيمَ فِي الشَّهْرِ الثَّالِثِ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةَ عَشَرَةَ لِمُلْكِ آسَا [10] إذ دعا الملك إلى اجتماع عام، بالفعل اجتمعوا معًا بخوف الله وفي مهابةٍ، في الشهر الثالث، وربما كان في عيد الخمسين أو عيد الأسابيع. وَذَبَحُوا لِلرَّبِّ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْغَنِيمَةِ الَّتِي جَلَبُوا، سَبْعَ مِئَةٍ مِنَ الْبَقَرِ وَسَبْعَةَ آلاَفٍ مِنَ الضَّأْنِ. [11] قَدَّم هو وشعبه ذبائح للرب، نصيبهم من الغنائم التي حصلوا عليها. هذه التقدمات لا تُقارَن بما قَدَّمه سليمان (2 أخ 7: 5)، ربما لقلة غيرتهم أو إمكانياتهم. 4. الدخول في عهد مع الله 12 وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلهَ آبَائِهِمْ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ. 13 حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. 14 وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَهُتَافٍ وَبِأَبْوَاق وَقُرُونٍ. 15 وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ، لأَنَّهُمْ حَلَفُوا بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ، وَطَلَبُوهُ بِكُلِّ رِضَاهُمْ فَوُجِدَ لَهُمْ، وَأَرَاحَهُمُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. وَدَخَلُوا فِي عَهْدٍ أَنْ يَطْلُبُوا الرَّبَّ إِلَهَ آبَائِهِمْ بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ وَكُلِّ أَنْفُسِهِمْ. [12] دخلوا في عهدٍ معه تائبين، لأنهم كسروا تعهداتهم معه، ووعدوا أن يسلكوا بطريقة أفضل. في تجديدهم للعهد طلبوا الرب بأكثر اجتهاد، وسألوه حنوَّه، وتعهَّدوا بحفظ وصاياه. حَتَّى إِنَّ كُلَّ مَنْ لاَ يَطْلُبُ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ يُقْتَلُ، مِنَ الصَّغِيرِ إِلَى الْكَبِيرِ، مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. [13] اتفقوا أن كل من لا يطلب الرب إله إسرائيل، بكونه مُلحِدًا أو عابد أوثان عنيدًا، يُقتَل. هذا التعهُّد يتَّفِق مع ما ورد في الشريعة (تث 7: 2 الخ)، وكان يُناسِب العصر بعنفه الشديد وممارسات العبادة الوثنية بما فيها من عنفٍ، مثل تقديم الذبائح البشرية حتى أطفال الشخص المُتعبِّد نفسه. ومع هذا كله وُجِدَت العبادة الوثنية حتى في يهوذا وبنيامين [8]. ونحن الآن في عهد النعمة لا نُطالِب بتنفيذ ذلك حرفيًّا بل رمزيًّا، لأن أسلحة محاربتنا روحية لا جسدية. وَحَلَفُوا لِلرَّبِّ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَهُتَافٍ وَبِأَبْوَاقٍ وَقُرُونٍ. [14] أُقِيم العهد جهارًا بغير خجلٍ، بل بفرحٍ، لا كالمدين الذي يتعهد أمام دائنه بروح الخوف والتغصّب، وإنما كالعروس الذي تفتخر بحُبِّها وطاعتها لعريسها الباذل حياته لأجلها. وَفَرِحَ كُلُّ يَهُوذَا مِنْ أَجْلِ الْحَلْفِ، لأَنَّهُمْ حَلَفُوا بِكُلِّ قُلُوبِهِمْ، وَطَلَبُوهُ بِكُلِّ رِضَاهُمْ، فَوُجِدَ لَهُمْ، وَأَرَاحَهُمُ الرَّبُّ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ. [15] أُقيم العهد بإخلاصٍ عظيمٍ وغيرةٍ وتصميمٍ، إذ "حلفوا بكل قلوبهم وطلبوه بكل رضاهم، فوُجِدَ لهم". ما فعلوه لم يكن مُملاً، لأنه نبع عن قلوبهم وبكل رضاهم، أي بمسرَّةٍ وفرحٍ وتهليلٍ. حَتَّى إِنَّ مَعْكَةَ أُمَّ آسَا الْمَلِكِ، خَلَعَهَا مِنْ أَنْ تَكُونَ مَلِكَةً، لأَنَّهَا عَمِلَتْ لِسَارِيَةٍ تِمْثَالاً، وَقَطَعَ آسَا تِمْثَالَهَا وَدَقَّهُ، وَأَحْرَقَهُ فِي وَادِي قَدْرُونَ. [16] يخبرنا بما ورد في (1 مل 15: 13-14) عن عزل جدته التي كانت تعبد الأوثان من مركزها السياسي بكونها "الملكة الأم". حركات الطهارة في مدن يهوذا وبنيامين وأيضًا في المدن التي قبلت الانضمام إليه من إسرائيل، وتجديد العهد، وبث روح الفرح، هذا كله لم يشغله عن طهارة بيته. فقد خلع جدته معكة من العرش كملكةٍ، لأنها عملت لسارية تمثالاً، وقطع التمثال ودَقَّه وأحرقه في وادي قدرون علانيةً. لقد سما فوق الروابط العائلية من أجل مجد الرب. بروح الإخلاص والشجاعة والغيرة، لم يُداهِن الملك آسا حتى أمّه (جدّته) الملكة؛ وكما نعلم أنه في أغلب دول العالم في القديم كانت السلطة في يد أم الملك أو جدّته من أجل خبرتها وكرامتها. أما آسا الملك فأقصى جدّته بسبب ارتباطها بالعبادة الوثنية. عرف آسا أنه يلزم أن يكرم الله أكثر من جدّته. غالبًا ما اقتنعت معكة بخطيّتها، لهذا لم تُقتَلْ، لكنها أُقصَت عن دورها القيادي. ولعلّ آسا طرد حاشيتها الوثنية، وحدَّد إقامتها بعد نزع سلطانها. وَأَمَّا الْمُرْتَفَعَاتُ، فَلَمْ تُنْزَعْ مِنْ إِسْرَائِيلَ. إِلاَّ أَنَّ قَلْبَ آسَا كَانَ كَامِلاً كُلَّ أَيَّامِهِ. [17] طهارة غير كاملة! مع كل هذا العمل الجبار، غير أنه لم ينزع المرتفعات من مدن إسرائيل التي خضعت له. كان يليق به ألا يتهاون في هذا الأمر الذي يبدو قليلاً جدًا بالنسبة لجهاده وأعماله العظيمة! خُتِمَ الأصحاح بملاحظة أن آسا لم يكن ناجحًا تمامًا. بهذا يُعِدُّنا لما يرد في الأصحاح التالي عن سوء سلوك آسا في شيخوخته. وَأَدْخَلَ أَقْدَاسَ أَبِيهِ وَأَقْدَاسَهُ إِلَى بَيْتِ الله مِنَ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ وَالآنِيَةِ. [18] من الأمانة أن يُقدَّمَ لله ما له. وَلَمْ تَكُنْ حَرْبٌ إِلَى السَّنَةِ الْخَامِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا. [19] لقد وُجِدَت مناوشات وتعديات بين آسا وبعشا ملك إسرائيل، ولكن ليست حربًا. يُقصَد بالسنة الخامسة والثلاثين من الانفصال. قدِّس أيامي، وأَعْلِنْ عن سكناك فيَّ! v إلهي، إذ التصقَ بك آسا الملك، صارت أيامه الأولى مقدسة. لم يكن لإسرائيل في ذلك الحين أيام بلا إله حق. بل صارت أيامه كأيام يشوع بن نون. تمتع بحياة النصرة والبرِّ والسلام. v لتكن أيام حياتي أيام خير لا أيام شرّ. لتشرق عليها يا شمس البرّ، فأستنير بك. لن يتسلل إبليس بنوره المخادع إلى قلبي. ولا يجتذب حياتي إلى الشر والفساد. قدِّس أيامي، فتُحسَب أيامًا لك يا مخلصي. تمدني بنعمتك، وتكسوني ببرِّك، وتهبني سلامك! v لأطلبك فأجدك لي. أُناجِيك: حبيبي لي، وأنا لحبيبي. تُحَوِّل إنائي الخزفي إلى كريستال نقي. تتجلَّي صورتك فيَّ، وينعكس بهاؤك عليَّ! تشبع أعماقي بك، فلا تطلب سواك! تصير أنت نوري ومجدي وشبعي وغناي. أجد فيك راحتي وسعادتي. v تُحَطِّم كل وثنٍ في داخلي، وتنزع كل رجاسة ودنس من أعماقي. يَتَحَوَّل قلبي إلى مذبحٍ مُقَدَّس لك. يُسمَع في داخلي صوت هتاف مُفرِح. وتصعد من أعماقي رائحة بخور عطر! تتمجَّد فيَّ بأعمال نعمتك. وتفتح أبواب الفردوس لقلبي. تسكن فيَّ، وأسكن فيك، يا شهوة قلبي. انحدار آسا في أواخر أيامه نجح آسا في علاقته مع الله سواء في مواجهته للأعداء حيث اعترف أنه بلا قوة واتَّكل على الرب إلهه، فانتصر على العدو. كما نجح في مقاومته للعبادة الوثنية وتطهيره للأرض وإعادة تأسيس عبادة الرب في كل مكانٍ. غير أنه استسلم للحلول الوسطى في تعامله مع المدن التي أخذها من إسرائيل، مُتَّكلاً على الحكمة البشرية في تشامخٍ وكبرياءٍ، كي يكسبهم. إذ قيل: "أما المرتفعات فلم تُنزَع من إسرائيل" (2 أخ 15: 17)، معتقدًا أنه بهذا يجتذبهم إليه. هذا وقد أعطاه الله فرصًا كثيرة للتوبة، لم ينتفع بها. بل أساء استخدامها؛ من هذه الفرص الآتي: 1. سمح لملك إسرائيل بعشا أن يصعد إلى الرامة ليبنيها، حتى يمنع شعبه من الالتقاء بآسا. وربما كان بذلك يُعِدُّ نفسه للحرب ضد يهوذا. عوض أن يلجا آسا إلى الله بروح التوبة والالتصاق به، التجأ إلى ملك أرام كي يسنده ويكسر تحالفه مع إسرائيل. 2. مرة ثانية قَدَّم له فرصة لمراجعة نفسه، إذ أرسل إليه حناني الرائي (النبي) ليُوَبِّخه، مؤكدًا له أنه بتصرفه الخاطئ فقد النصرة على كل من إسرائيل وأرام، مذكّرًا إيّاه بالنصرة التي سبق له أن تمتع بها على زارح الكوشي بجيشه العظيم. لم يسمع للنبي بل سجنه وأهانه. 3. مرة ثالثة أعطاه فرصة خلال المرض الخطير، إذ صار سجينًا على سريره كما سجن النبي. وعوض التوبة ورفع القلب إلى الله نزل بقلبه إلى الأرض ليحفر قبرًا يليق بكرامته يأوي جثمانه الذي لا تستطيع العطور مهما كان قدرها ونوعها أن تحفظه من الفساد. يدعونا هذا الأصحاح أولاً ألا نعتمد على ماضينا الصالح، فقد يعيش الإنسان شبابه مقدّسًا للرب، لكن في شيخوخته يتهاون ويتصلَّف ولا يسمع لصوت الرب. ثانيًا أن نتجاوب مع دعوة الله المستمرة وبوسائل مختلفة كي نرجع إليه ونلتصق به خلال التوبة. v إلى متى لا نطيع المسيح، الذي يدعونا إلى ملكوته السماوي؟... هذا هو وقت التوبة، وذاك هو وقت المكافأة. هذا وقت التعب والمشقَّة، وذاك وقت نوال الأجرة. هذا وقت الصبر، وذاك وقت الراحة. v حين تنشغل بخطيةٍ ما كن مُتَّهِمًا لنفسك (أم 18: 17)، ولا تنتظر الآخرين ليُقَدِّموا الاتهام. بهذا تصير أشبه بإنسانٍ بارٍ يتهم نفسه في أول حديث له في المحكمة، أو تكون كأيوب الذي لم يعقه جمهور الشعب في المدينة عن الإعلان عن جريمته أمام الكل. القديس باسيليوس الكبير 1. معاهدة حمقاء مع بنهدد ملك أرام 1 فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا صَعِدَ بَعْشَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا، وَبَنَى الرَّامَةَ لِكَيْلاَ يَدَعَ أَحَدًا يَخْرُجُ أَوْ يَدْخُلُ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا. 2 وَأَخْرَجَ آسَا فِضَّةً وَذَهَبًا مِنْ خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنْهَدَدَ مَلِكِ أَرَامَ السَّاكِنِ فِي دِمَشْقَ قَائِلًا: 3 «إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، وَبَيْنَ أَبِي وَأَبِيكَ عَهْدًا. هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ لَكَ فِضَّةً وَذَهَبًا، فَتَعَالَ انْقُضْ عَهْدَكَ مَعَ بَعْشَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ فَيَصْعَدَ عَنِّي». 4 فَسَمِعَ بَنْهَدَدُ لِلْمَلِكِ آسَا، وَأَرْسَلَ رُؤَسَاءَ الْجُيُوشِ الَّتِي لَهُ عَلَى مُدُنِ إِسْرَائِيلَ، فَضَرَبُوا عُيُونَ وَدَانَ وَآبَلَ الْمِيَاهِ وَجَمِيعَ مَخَازِنِ مُدُنِ نَفْتَالِي. 5 فَلَمَّا سَمِعَ بَعْشَا كَفَّ عَنْ بِنَاءِ الرَّامَةِ وَتَرَكَ عَمَلَهُ. 6 فَأَخَذَ آسَا الْمَلِكُ كُلَّ يَهُوذَا، فَحَمَلُوا حِجَارَةَ الرَّامَةِ وَأَخْشَابَهَا الَّتِي بَنَى بِهَا بَعْشَا، وَبَنَى بِهَا جَبْعَ وَالْمِصْفَاةَ. فِي السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلاَثِينَ لِمُلْكِ آسَا، صَعِدَ بَعْشَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ عَلَى يَهُوذَا وَبَنَى الرَّامَةَ، لِكَيْلاَ يَدَعَ أَحَدًا يَخْرُجُ أَوْ يَدْخُلُ إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا. [1] يرى البعض أن النص الخاص بالسنة السادسة والثلاثين هي اختصار shorthand formula يعني السنة السادسة والثلاثين من بداية المملكة المنشقة، أي بعد موت سليمان مباشرة. بهذا تكون السنة هنا 986 ق. م، وهي تطابق ما ورد في 1 مل 16: 6-8. فقد عاش آسا عشرة سنوات في سلام (2 أخ 14: 1). يرى يوسيفوس المؤرخ اليهودي أنه جاء خطأ في النسخ فهي "في السنة السادسة والعشرين". لقد بَنَى بعشا ملك إسرائيل الرامة، لكي لا يسمح لأحدٍ من شعبه أن يخرج إلى آسا ملك يهوذا (2 أخ 1:16)، حتى لا ينضم إليه، فيفقد مدنًا أكثر تنضم إلى يهوذا، وربما كان يُعِدُّ نفسه للدخول في معركة ضد يهوذا. يرى البعض أن ما حدث من بعشا كان بسماح من الله لتأديب آسا من أجل عدم توبته، لأنه لم ينزع المرتفعات من مدن إسرائيل التي خضعت له (2 أخ 15: 17). وَأَخْرَجَ آسَا فِضَّةً وَذَهَبًا مِنْ خَزَائِنِ بَيْتِ الرَّبِّ وَبَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَرْسَلَ إِلَى بَنْهَدَدَ مَلِكِ أرام السَّاكِنِ فِي دِمَشْقَ قَائِلاً: [2] يظهر مدى انحدار ما وصل إليه آسا أنه إذ صعد على يهوذا بعشا ملك إسرائيل لم يستشر الله، كما سبق وتَصرَّف عندما هاجمه زارح الكوشي، إنما في خوفٍ واضطرابٍ وعدم رجوع إلى الرب أخرج فضة وذهبًا من خزائن الهيكل والقصر الملكي، وأعطاها لبنهدد ملك سوريا (أرام) لينقض عهده مع بني إسرائيل. أراد أن يُحَرِّك السياسات الدولية بالمال، عوض أن يثق في الله ضابط الكل، أراد أن يُحَطِّمَ هذا التحالف بطرقٍ بشريةٍ. آسا الذي اتكل على الله عندما هاجمه زارح الكوشي، الآن يضطرب من بعشا ملك إسرائيل. لم يلجأ إلى الله، بل إلى ملك أرام طالبًا معونته ضد إسرائيل. نجحت خطته البشرية إلى حين، فحين استلم بنهدد الفضة والذهب التي أحضرها له آسا من بيت الرب كجزيةٍ، كسر بنهدد تحالفه مع بعشا، ووجدها فرصة لكي يضرب مدن أفرايم. لم يكن قلب آسا مُخْلِصًا لله ومستقيمًا، إنما كان صاحب قلب منقسم إلى يومٍ للربٍ ويومٍ للاتكال على البشر. لقد دخل آسا في سلسلة من الخطايا كل خطية تدفعه إلى خطايا أخرى: 1. لم يأتِ هذا الخطأ فجأة، إنما جاء ثمرة تهاونه، إذ كما رأينا استسلم للحلول الوسطى في تعامله مع المدن التي أخذها من إسرائيل، متكلاً على الحكمة البشرية، كي يكسبهم، إذ قيل: "أما المرتفعات، فلم تنزع من إسرائيل" (2 أخ 15: 17). 2. اتِّكاله على الحكمة البشرية دفعه إلى عدم استشارة الله عندما هاجمه بعشا ملك إسرائيل كما سبق أن فعل عندما هاجمه زارح الكوشي في بداية حكمه. 3. أخطأ بتحالفه مع بنهدد الملك الوثني، فلو تمثَّل بأبيه الذي أقام عهدًا مع الله، لما افتخر بتحالف والده مع الأسرة المالكة في أرام [3]. 4. لم يُراعِ كرامة إخوته شعب إسرائيل بوجهٍ ما وسلامهم، فكان يمكنه معالجة الموقف دون أن يتحالف مع ملكٍ وثنيٍ ضد إخوته، فلا يفتح الباب لهذا الوثني أن يكون له موضع في إسرائيل، ويكون مصدر إزعاج ليهوذا في المستقبل. 5. استخدم الرشوة، فقام بنهدد بكسر عهده مع بعشا ملك إسرائيل. وهذا أمر ليس فيه كرامة ووقارٍ بين الملوك، أن يُنقض التحالف بسبب إغراءٍ ماديٍ. 6. مما زاد من بشاعة الخطية، أن آسا أخذ ذهب وفضة بيت الرب، وأغرى بنهدد الوثني. لقد نهب خزائن الهيكل من أجل خدمة سياسية عالمية. كان الأفضل أن يُقَدِّمَ صلوات وابتهالات للرب في بيته، فيدخل في صداقة مع الله لا تكلفه ما دفعه لبنهدد. 7. آسا مسئول أمام الله من أجل الدم الذي سفكه بنهدد في إسرائيل، وأيضًا الغنائم التي سلبها [14]. إِنَّ بَيْنِي وَبَيْنَكَ وَبَيْنَ أَبِي وَأَبِيكَ عَهْدًا. هُوَذَا قَدْ أَرْسَلْتُ لَكَ فِضَّةً وَذَهَبًا، فَتَعَالَ انْقُضْ عَهْدَكَ مَعَ بَعْشَا مَلِكِ إِسْرَائِيلَ، فَيَصْعَدَ عَنِّي. [3] فَسَمِعَ بَنْهَدَدُ لِلْمَلِكِ آسَا، وَأَرْسَلَ رُؤَسَاءَ الْجُيُوشِ الَّتِي لَهُ عَلَى مُدُنِ إِسْرَائِيلَ، فَضَرَبُوا عُيُونَ وَدَانَ وَآبَلَ الْمِيَاهِ وَجَمِيعَ مَخَازِنِ مُدُنِ نَفْتَالِي. [4] فَلَمَّا سَمِعَ بَعْشَا كَفَّ عَنْ بِنَاءِ الرَّامَةِ، وَتَرَكَ عَمَلَهُ. [5] فَأَخَذَ آسَا الْمَلِكُ كُلَّ يَهُوذَا، فَحَمَلُوا حِجَارَةَ الرَّامَةِ، وَأَخْشَابَهَا الَّتِي بَنَى بِهَا بَعْشَا وَبَنَى بِهَا جَبْعَ وَالْمِصْفَاةَ. [6] توقَّف بعشا عن بناء الرامة، فاستخدم آسا الحجارة لبناء حصون ضد إسرائيل، في جبع على بُعد ميليْن ونصف من شرق الرامة، والمصفاة على بُعْد نفس المسافة من شمال الرامة.فصار في مأمنٍ من إسرائيل. 2. توبيخ الله له بواسطة نبي 7 وَفِي ذلِكَ الزَّمَانِ جَاءَ حَنَانِي الرَّائِي إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا وَقَالَ لَهُ: «مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ اسْتَنَدْتَ عَلَى مَلِكِ أَرَامَ وَلَمْ تَسْتَنِدْ عَلَى الرَّبِّ إِلهِكَ، لِذلِكَ قَدْ نَجَا جَيْشُ مَلِكِ أَرَامَ مِنْ يَدِكَ. 8 أَلَمْ يَكُنِ الْكُوشِيُّونَ وَاللُّوبِيُّونَ جَيْشًا كَثِيرًا بِمَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا؟ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّكَ اسْتَنَدْتَ عَلَى الرَّبِّ دَفَعَهُمْ لِيَدِكَ. 9 لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي كُلِّ الأَرْضِ لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ نَحْوَهُ، فَقَدْ حَمِقْتَ فِي هذَا حَتَّى إِنَّهُ مِنَ الآنَ تَكُونُ عَلَيْكَ حُرُوبٌ. وَفِي ذَلِكَ الزَّمَانِ جَاءَ حَنَانِي الرَّائِي إِلَى آسَا مَلِكِ يَهُوذَا، وَقَالَ لَهُ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ اسْتَنَدْتَ عَلَى مَلِكِ أرام، وَلَمْ تَسْتَنِدْ عَلَى الرَّبِّ إِلَهِكَ، لِذَلِكَ قَدْ نَجَا جَيْشُ مَلِكِ أرام مِنْ يَدِكَ. [7] حسب آسا أن خطَّته قد نجحت تمامًا، وأنه تصرَّف بحكمةٍ. فمن جانب توقَّف بعشا عن بنائه الرامة. ومن جانب آخر توسَّعت تخوم يهوذا، وصارت في حَصَانة من إسرائيل. ولعل الكثير من الشعب والقادة مدح آسا على حكمته وحُسْن تدبيره للأمور، لكن الله لم يُسرّ منه. أرسل إليه حناني الرائي ليَردَّه إليه بالتوبة. حناني الرائي: هو أب ياهو، وهو نبي آخر نقرأ عنه في 1 مل 16: 1؛ 2 أي 19: 2؛ وقد لاحظنا أخطاء كثيرة في تحالف آسا مع بنهدد، لكن ما كشفه النبي أن أعظم أخطائه التي أذنب فيها كان اعتماده على ملك أرام، وليس على الرب إلهه. لعل آسا ظن أن الله لا يقدر أن يهبه النصرة، أو لا يريد له النصرة، فلجأ إلى الذراع البشري. لقد فَقدَ آسا ثقته في الله، مُعطِيًا القدرة لخلاصه في يد بنهدد لا الله، ولهذا أخبر النبي الملك بوضوح أنه في تصرُّفه هذا غباوة وحماقة [9]. لقد اتَّكأ على قصبةٍ مرضوضةٍ، عِوَض الاتِّكال على صخر الدهور. اتَّكل آسا على بنهدد ملك أرام، فنجا جيش الأخير من يد آسا، لأن الرب رفع يده عن آسا، ولم يكن مصير بنهدد وجيشه كمصير الكوشيين. لو أن آسا صرخ إلى الله كما فعل سابقًا، لدخل ملك أرام في حرب ضد آسا بكونه متحالفًا مع بعشا ملك إسرائيل، وبالتالي سقط ملك أرام تحت يد آسا مع بعشا! على خلاف جده الذي تواضع أمام الكلمة النبويّة (2 أخ 12: 6)، مَدَّ آسا يده على النبي بالسوء، وكان أول ملك ليهوذا يمارس هذا الخطأ. وقام الرب بتأديب آسا على عدم ثقته فيه واضطهاده نبي الله. أَلَمْ يَكُنِ الْكُوشِيُّونَ وَاللُّوبِيُّونَ جَيْشًا كَثِيرًا بِمَرْكَبَاتٍ وَفُرْسَانٍ كَثِيرَةٍ جِدًّا؟ فَمِنْ أَجْلِ أَنَّكَ اسْتَنَدْتَ عَلَى الرَّبِّ دَفَعَهُمْ لِيَدِكَ. [8] لقد أوضح النبي للملك أنه كان يليق به أكثر من غيره أن يثق في الله، لأن له خبرة سابقة في معركته مع الكوشيين، كيف أنقذه الله بالرغم من كثرة عدد الكوشيين وإمكانياتهم العسكرية (2 أخ 14: 9-15). يليق بنا في ضيقاتنا أن نتذكَّر معاملات الله معنا ومع آبائنا في مثل هذه الظروف المتكررة؛ وأن ربنا هو هو أمسًا واليوم وإلى الأبد، فلماذا لا نتكل عليه؟ لأَنَّ عَيْنَيِ الرَّبِّ تَجُولاَنِ فِي كُلِّ الأَرْضِ، لِيَتَشَدَّدَ مَعَ الَّذِينَ قُلُوبُهُمْ كَامِلَةٌ نَحْوَهُ، فَقَدْ حَمِقْتَ فِي هَذَا، حَتَّى إِنَّهُ مِنَ الآنَ تَكُونُ عَلَيْكَ حُرُوبٌ. [9] في حماقته فَقَدَ آسا سلامه مع الله، فسمع الصوت النبوي: "من الآن تكون عليك حروب". كثيرًا ما يخطئ الإنسان باعتماده على ذراع بشر لإنقاذه من ضيقته، فيحصد قلقًا دائمًا، ويصير كأن الرب نفسه ضده، يدخل في حروبٍ لا تنقطع! كان آسا يعرف تمامًا أن عينيّ الرب تجولان في كل الأرض ليتشدَّد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه، وهذا معناه: أ. أن الله ضابط المسكونة كلها، رحمته بلا حدود، فكيف نثق في المخلوقات دون الخالق؟ عينا الرب تجولان في كل الأرضٍ، ولا يُخفَى شيء عنهما، ولا يفلت منه أمر كضابط الكل. رأى القدِّيس يوحنا المُخَلِّص الذي ينظر إلى الأرض كلها، فقال: "رأيت فإذا في وسط العرش والمخلوقات الحيَّة الأربعة في وسط القسوس خروف قائم كأنه مذبوح، له سبعة قرون وسبع أعين هي سبعة أرواح الله المُرسَلة إلى كل الأرض" (رؤ 5: 6). ب. أن الله يرعى شعبه متى كانت قلوبهم كاملة نحوه، تتكئ عليه وتثق فيه. وهو يُدَبِّر كل الأمور لخلاصهم، وذلك من قِبَل حُبِّه العجيب للمؤمنين به والمُخلِصين في علاقتهم به (إش 45: 4؛ أف 1: 22). ج. مَنْ كانت قلوبهم مستقيمة أمام الله، لهم ثقة في حمايته لهم. فعدم الثقة فيه يكشف عن بُعْدنا عن الله ويأسنا في تعاملنا معه، واتِّكالنا على ذراع البشر. vهل يدهش أحد لأن عقل الله الإلهي يمتد إلى كل أجزاء المسكونة، يجري هنا وهناك، ويُدَبِّر كل الأشياء، ويحكم كل الأمور، بكونه حاضرًا في كل موضعٍ، منتشرًا في كل مكان، إن كان للذهن البشري القوة والقدرة، بالرغم من كونه محصورًا في جسدٍ مائت، حتى أنه لا يمكن إعاقته بحواجز الجسد الثقيل والبطيء الحركة الذي يربطه، عن أن يمنح نفسه في عدم صبره على الراحة، قوة الجولان بلا عائق؟ لاكتانتيوس فَغَضِبَ آسَا عَلَى الرَّائِي، وَوَضَعَهُ فِي السِّجْنِ، لأَنَّهُ اغْتَاظَ مِنْهُ مِنْ أَجْلِ هَذَا، وَضَايَقَ آسَا بَعْضًا مِنَ الشَّعْبِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ. [10] لم يعد قلب آسا كاملاً أمام الله كما أعلن حناني النبي (7-10). مع خبراته كل هذا الزمان وسلوكه في طريق الكمال، تهاون آسا بتركه المرتفعات في البلاد التي خضعت له، حاسبًا أنه يكفي أن يرجعوا إلى الرب. هذا التهاون دفعه إلى تهاون أخطر، فقد سَلَّمَ ذهب بيت الرب وفضته لملك سوريا ليُحَطِّمَ إسرائيل، وعندما جاء حناني يُحَذِّره من هذا الانحراف، وضعه في السجن. صار آسا عدوًا لكلمة الله في شخص من حملها (حناني النبي). وإذ حزن بعض من الشعب على تصرُّف آسا مع حناني النبي ضايقهم الملك. 4. مرض آسا وموته 11 وَأُمُورُ آسَا الأُولَى وَالأَخِيرَةُ، هَاهِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ الْمُلُوكِ لِيَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ. 12 وَمَرِضَ آسَا فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ مِنْ مُلْكِهِ فِي رِجْلَيْهِ حَتَّى اشْتَدَّ مَرَضُهُ، وَفِي مَرَضِهِ أَيْضًا لَمْ يَطْلُبِ الرَّبَّ بَلِ الأَطِبَّاءَ. 13 ثُمَّ اضْطَجَعَ آسَا مَعَ آبَائِهِ وَمَاتَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ وَالأَرْبَعِينَ لِمُلْكِهِ، 14 فَدَفَنُوهُ فِي قُبُورِهِ الَّتِي حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَأَضْجَعُوهُ فِي سَرِيرٍ كَانَ مَمْلُوًّا أَطْيَابًا وَأَصْنَافًا عَطِرَةً حَسَبَ صِنَاعَةِ الْعِطَارَةِ. وَأَحْرَقُوا لَهُ حَرِيقَةً عَظِيمَةً جِدًّا. لم يحتمل آسا توبيخ الله له على لسان نبيِّه، مع إدراكه أن ما قاله النبي صادر من الله نفسه، وأنه توبيخ عادل، غايته أن يرجع إلى الله، ويندم على خطئه. لكنه في كبرياء قلبه عوض التوبة، أضاف إلى خطئه شرًا أعظم، وهو عناده لإنسان الله، ورفضه مشورته الحكيمة. لم يحتمل الملك معارضة تصرفاته، فسقط في الغضب ليقف ليس ضد النبي، بل في وجه الله نفسه. لم يقف غضبه عند الانفعال، وإنما تحوَّل إلى رغبة في الانتقام، فسجن النبي كفاعل شرٍ. "ضايق آسا بعضًا من الشعب في ذلك الوقت"، ربما لأنهم حاولوا التفاهم مع الملك لإخراج النبي من السجن، أو قاموا بخدمة النبي في السجن. تَحوَّل الملك من خادمٍ لشعبه إلى طاغيةٍ عنيدٍ في رأيه. وَأُمُورُ آسَا الأُولَى وَالأَخِيرَةُ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ الْمُلُوكِ لِيَهُوذَا وَإِسْرَائِيلَ. [11] وَمَرِضَ آسَا فِي السَّنَةِ التَّاسِعَةِ وَالثَّلاَثِينَ مِنْ مُلْكِهِ فِي رِجْلَيْهِ، حَتَّى اشْتَدَّ مَرَضُهُ، وَفِي مَرَضِهِ أَيْضًا لَمْ يَطْلُبِ الرَّبَّ، بَلِ الأَطِبَّاءَ. [12] إن كان الله قد سمح بمرض آسا، لأنه لم يسمع لحناني الرائي، فكان يلزمه أن يرجع بالتوبة إلى الله، فيشفيه. "هلم نرجع إلى الرب، لأنه هو افترس فيشفينا، ضرب فيجبرنا" (هو 6: 1). لكنه عوض الرجوع إلى الرب طبيب النفوس والأجساد طلب الأطباء [12]. من أجل أمانته كل هذا الزمان سمح الله له بالتأديب، فحلّ به مرض لمدة سنتين في رجليه، واشتد المرض به جدًا، ومع هذا لم يرجع آسا عن شره. قام الرب بتأديبه، فإذ سجن الرائي، قيد الرب حركته بالسماح له بالمرض في رجليه ليشعر بضعفه وعجزه عن الحركة. لم يُقَيِّده بسلاسل وقيود منظورة، وإنما بالمرض. لقد فقد شركته مع الله، ورفض الوصية الإلهية، وغضب على رجل الله والمؤمنين الحقيقيين، وفي مرضه لم يرجع إلى الله بالتوبة. يبدو أن رائحة الفساد التي فاحت من رجليه كانت شديدة جدًا، بالرغم من أنهم أضجعوه في سرير كان مملوءًا أطيابًا عطرة، غير أن هذه الأطياب لم تنزع رائحته الفاسدة أمام الرب. أُصِيبَ الملك بمرض في رجليه، فتألم جدًا، غالبًا من نوع خطير من النقرس. فكما وضع النبي في مقطرة في السجن، وضعته خطاياه في مقطرة المرض الشديد لكي لا يتحرَّك من سريره، لعله يتعرَّف على خطيته، ويرجع إلى الرب. لكنه في عناد مُرّ "لم يطلب الرب، بل الأطباء" الوثنيين الذين كانوا يستخدمون السحر. كان يمكنه أن يطلب الأطباء لكن يطلب الرب أولاً، فيهبه الرب الشفاء خلال الأطباء والأدوية. فهو الذي خلق الأعشاب للعلاج، وهو الذي يعطي الفهم والمعرفة لخدمة البشرية خلال تخصصاتهم، لكن ليس في عنادٍ مع الله، وتجاهلٍ لعمل نعمته والاتكال عليه. لعل الأطباء الذين لجأ إليهم كانوا غرباء عن شعبه، يستخدمون السحر والشعوذة، لا العلم والمعرفة. كتب يشوع بن سيراخ الذي يُقال عنه إنه كان طبيبًا، فصلاً رائعًا عن "الطب والأطباء"، جاء فيه: "أعطِ للطبيب كرامته اللائقة به، حسب احتياجك له، فإن الرب خلقه. فإن الشفاء من عند العلي، ومن المَلِك ينال الطبيب العطايا. مهارة الطبيب ترفع رأسه، فيُعجَب به في حضرة العظماء. أخرج الرب الأدوية من الأرض، والرجل الفطن لا يستخف بها. أليس بعودٍ صار الماء عذبًا (خر 15: 25)، حتى عُرِفَت قوته؟ وهو الذي أعطى الناس المهارة ليتمجَّد في عجائبه. بالأدوية يشفي، ويزيل الأوجاع، ومنها يصنع الصيدلي أمزجة. وأعماله لا نهاية لها، وعن يده يحلُّ السلام على وجه الأرض. يا بني، إذا مرضتَ فلا تتهاون، بل صلِّ إلى الرب، فهو يشفيك. أقلع عن أخطائك، واجعل يديك مستقيمتين، وطَهِّرْ قلبك من كل خطيئة. قَرِّبْ ذبيحة ذات رائحة مرضية، وتذكار قربان الخبز الفاخر، واسكب دهنًا على تقدمتك، بحسب ما في يدك. ثم اجعل الطبيب في مكانته، فإن الرب خلقه هو أيضًا، ولا يفارقك، فإنك تحتاج إليه. في بعض الأحيان تكون العافية في أيادي الأطباء. فهم أيضًا يُصَلُّون إلى الرب أن ينجح عملهم على الراحة والشفاء من أجل إنقاذ الحياة. من يخطئ أمام صانعه، قد يقع في يدي طبيب" (سي 38: 1-15). v اطلب الرب، لا تكن مثل آسا ملك يهوذا الذي بعدما تَقَبَّل بركات من الله سقط، حتى إذ أصيب بشللٍ في قدميه، لم يرد أن يسأل الله بالرغم من وجود نبي. الأب أمبروسياستر القديس باسيليوس الكبير القديس مقاريوس الكبير الأب برصنوفيوس وَمَاتَ فِي السَّنَةِ الْحَادِيَةِ وَالأَرْبَعِينَ لِمُلْكِهِ [13] فَدَفَنُوهُ فِي قُبُورِهِ الَّتِي حَفَرَهَا لِنَفْسِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ، وَأَضْجَعُوهُ فِي سَرِيرٍ كَانَ مَمْلُوًّا أَطْيَابًا وَأَصْنَافًا عَطِرَةً حَسَبَ صِنَاعَةِ الْعِطَارَةِ. وَأَحْرَقُوا لَهُ حَرِيقَةً عَظِيمَةً جِدًّا. [14] يرى البعض أن آسا في مقاومته لله، أَعدَّ لنفسه قبره وتدبير موكب جنازته المهيب، وذلك في زهوه وغروره. لقد حفر القبر لنفسه. وربما تذكَّر الشعب ما قام به الملك من أعمال تقوية لسنين طويلة. اهتموا بجنازته، فمارسوها بوقارٍ شديدٍ، وأحرقوا له حريقة عظيمة جدًا بالأطياب، تعبيرًا عن احترامهم له، وحسبوا ما فعله مؤخرًا هفوات وضعفات. هَبْ لي قلبًا مستقيمًا وإرادةً مقدسةً! فأتَّكل عليك وأنتصر بك! v اهتزَّ قلب رجل الإصلاح آسا ملك يهوذا. في أواخر أيامه انقسم قلبه، وفقد استقامته. ظن أنه قادر أن يعطي ساعة لرَبِّه وساعة للعالم. فسدت إرادته المقدسة، وفقد قدسية عقله. انهار في سلسلة من الخطايا، فصار ألعوبة في أياديها. v دَخَلَه الكبرياء، فظن في نفسه حكيمًا. لم يعد يستشير الله ولا يتَّكِل عليه. تهاون في تقديس المدن التي استولى عليها، حتى يكسب سكانها، فخسر مساندة الله له. سمح له الله بقيام ملك إسرائيل ضده، لكي يرجع إليه بالتوبة، ويسترد قُدْسية إرادته وتفكيره. لم يسمع لصوت التجربة التي حلَّتْ به. v نهب ذهب بيت الرب وفضته وفتح مخازن قصره، ليغري أرام، فيتخلَّى عن حليفه ملك إسرائيل. نجح بأسلوبه البشري المُجَرَّد من نعمة الله. انهار أمامه ملك إسرائيل إلى حين. ووسَّع آسا تخوم يهوذا وبنى حصونًا. v أرسل إليه الرب حناني النبي يدعوه للتوبة. ازداد تصلُّفًا، وسجن النبي وأهانه. تحرَّك البعض من الشعب لنصحه، فغضب عليهم. ظَنَّ في نفسه القدرة والحكمة والتدبير الحسن. ليس من يقدر أن يقف أمامه أو يراجعه. v سمح الله له بتجربة المرض. اشتدَّ به المرض، فصار مُقَيَّدًا به على سريره. عوض الرجوع إلى الله بالتوبة. التجأ إلى السحرة يطلب منهم الشفاء. شعر بقُرْبِ انتقاله، فاهتم بحفر مقبرة له. لم يرفع قلبه إلى الله يسأله المغفرة. إنما نزل بفكره إلى الأرض، يُعِدّ لجثمانه مكانًا! v هَبْ لي يا رب قلبًا مُخلِصًا مستقيمًا كقلب داود. يطلبك على الدوام ويعمل مرضاتك. قَدِّس عقلي الذي وهبتني إيَّاه، فينشغل دومًا بك. قَدِّس إرادتي، لتتناغم بنعمتك مع إرادتك. قَدِّسني إلى التمام، فأتَّكل عليك في كل أموري. ارفع فكري إلى سماواتك، فلا أحفر لجثماني قبرًا، يضم فيه رائحة الفساد. الإصلاح الروحي في عصر يهوشافاط أخبار الأيام الثاني 17-20 يُسَجِّل لنا هذا القسم فترة النهضة أو الإصلاح الثانية، وقد كانت أعظم من إصلاحات آسا. "يهوشافاط" معناه "يهوه يدين" وهو أحد ملوك أخبار الأيام المُفضَّلين. يُصَوِّره السفر كملكٍ غيورٍ على برّ الله، يطلب طرقه، ويحرص على ملاحظة وصاياه. لذلك كان ناجحًا ومُكرَّمًا في أعين الأمم. كان مهتمًا برعاية شعبه، وحريصًا على سلامهم وازدهارهم (2 أخ 17: 2، 12-13). يهوشافاط بن آسا كان آلة طيِّبة في يد الله للعمل في وسط شعبه، كان من أعظم المُصلِحين في يهوذا مع حزقيا ويوشيا. أهم إصلاحاته السلبية والايجابية: 1. نزع المرتفعات والسواري من يهوذا [6]. 2. نشر التعليم في كل مدن يهوذا [7-9]، والتركيز على شريعة الرب [9]. 3. اهتمامه بتحصين مدن يهوذا [12]، وتقوية الجيش [13]. 4. اهتمامه بالقضاء والعدالة في كل مدن يهوذا (2 أخ 19: 5-7). 5. اهتمامه بالقضاء الخاص بالرب (2 أخ 19: 8-10). اَلأَصْحَاحُ السَّابِعُ عَشَرَ حياة يهوشافاط ومُلْكه كل ما ورد هنا في هذا الأصحاح لم يرد في الأسفار الأخرى. كان شريكًا في الحُكْمِ في السنوات الثلاث الأخيرة من حياة أبيه آسا الذي اشتدَّ به المرض في رجليه. ولعلّه في هذه السنوات أدرك خطأ أبيه الذي سجن النبي الذي وبَّخه على عدم ثقته في الرب. يهوشافاط أحد ثلاثة ملوك ليهوذا مُتميِّزين، يمكن القول إنه أفضل ملك ليهوذا منذ نياحة الملك داود، كان رجلاً صالحًا ابن رجلٍ صالحٍ، فقد جرت النعمة في دمه الملوكي في ذلك الحين. طوبى لأبٍ صالحٍ له ابن صالح، كما طوبى لابنٍ صالحٍ من أبٍ صالحٍ، أو قل طوبى لمملكة يتبوّأ عرشها ملكان حكيمان مثل آسا وابنه يهوشافاط! 1 وَمَلَكَ يَهُوشَافَاطُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ وَتَشَدَّدَ عَلَى إِسْرَائِيلَ. 2 وَجَعَلَ جَيْشًا فِي جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا الْحَصِينَةِ، وَجَعَلَ وُكَلاَءَ فِي أَرْضِ يَهُوذَا وَفِي مُدُنِ أَفْرَايِمَ الَّتِي أَخَذَهَا آسَا أَبُوهُ. 5 فَثَبَّتَ الرَّبُّ الْمَمْلَكَةَ فِي يَدِهِ، وَقَدَّمَ كُلُّ يَهُوذَا هَدَايَا لِيَهُوشَافَاطَ. وَكَانَ لَهُ غِنًى وَكَرَامَةً بِكَثْرَةٍ. وَمَلَكَ يَهُوشَافَاطُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ، وَتَشَدَّدَ عَلَى إِسْرَائِيلَ. [1] ما أن تبوَّأ يهوشافاط العرش، حتى بدأ في جدِّية يُشَدِّد على عدم تسرُّب الفساد من إسرائيل إلى يهوذا، كما اهتم بالجانب العسكري وتحصين المدن، وكانت يد الرب معه. أما سبب اهتمامه بهذا الجانب، فهو أن أخآب ملك إسرائيل كان ملك حروب، له ثلاث سنوات على العرش في الوقت الذي فيه كانت يهوذا في حالة انحطاطٍ وضعفٍ في أواخر أيام آسا. ربما بدأت مملكة إسرائيل تُرعِب يهوذا، هذا ما دفع يهوشافاط أن يبدأ بتقوية الجيش. في نفس الوقت كان يهوشافاط حكيمًا ومُتعقِّلاً غير مُحِبٍ لسفك الدم، خاصة لبني جنسه في مملكة الشمال. كما لم يلجأ مثل أبيه إلى التحالف مع أرام ضد إسرائيل. حسن أنه حَصَّن نفسه حتى لا يعتدي عليه ملك إسرائيل؛ وسلك في بدء حُكْمِه في طريق أبيه الصالح، حسب فكر الله، فثبَّت الله المملكة في يده، وقَدَّم له كل يهوذا هدايا. أسرع أخآب إلى التودد والتحالف معه. وبسبب فساد أخآب وانحرافه عن الإيمان بالله الحي صار كصديقٍ له أخطر من الأعداء من الأمم. وَجَعَلَ جَيْشًا فِي جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا الْحَصِينَةِ، وَجَعَلَ وُكَلاَءَ فِي أَرْضِ يَهُوذَا وَفِي مُدُنِ أَفْرَايِمَ الَّتِي أَخَذَهَا آسَا أَبُوهُ. [2] 3 وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوشَافَاطَ لأَنَّهُ سَارَ فِي طُرُقِ دَاوُدَ أَبِيهِ الأُولَى، وَلَمْ يَطْلُبِ الْبَعْلِيمَ، 4 وَلكِنَّهُ طَلَبَ إِلهَ أَبِيهِ وَسَارَ فِي وَصَايَاهُ لاَ حَسَبَ أَعْمَالِ إِسْرَائِيلَ. 6 وَتَقَوَّى قَلْبُهُ فِي طُرُقِ الرَّبِّ، وَنَزَعَ أَيْضًا الْمُرْتَفَعَاتِ وَالسَّوَارِيَ مِنْ يَهُوذَا. وَكَانَ الرَّبُّ مَعَ يَهُوشَافَاطَ، لأَنَّهُ سَارَ فِي طُرُقِ دَاوُدَ أَبِيهِ الأُولَى، وَلَمْ يَطْلُبِ الْبَعْلِيمَ [3] قيل عنه: "سار في طرق داود أبيه الأولى". نجد قلة حتى من ملوك يهوذا يُقَال عنهم هكذا (1 مل 15: 3-11؛ 2 مل 14: 3؛ 16: 2؛ 18: 3). لقد صارت حياة داود مقياسًا لملوك يهوذا. أما قوله "الأولى"، فيُقصَد بها قبل سقوط داود في أمر أوريّا الحثِّي وزوجته بثشبع، وقد صار هذا السقوط وصمة عارٍ في تاريخه (1 مل 15: 5). لم يُذكَر في الترجمة السبعينية "داود"، إنما "طرق أبيه الأولى"، لذلك يرى البعض أنه يقصد آسا في بداية حُكْمِه، حين كان يسلك باستقامةٍ في الرب. "ولم يطلب البعليم"، إذ كانت الأمم المجاورة له، لكل منها البعل الخاص بها؛ أما هو فلم تكن له أية صلةٍ بعبادة البعل. وَلَكِنَّهُ طَلَبَ إِلَهَ أَبِيهِ وَسَارَ فِي وَصَايَاهُ، لاَ حَسَبَ أَعْمَالِ إِسْرَائِيلَ. [4] امتاز يهوشافاط ليس فقط بتَمَسُّكِه بعبادة الله الحيّ، إله أبيه، وإنما سار أيضًا في وصاياه، وليس حسب إسرائيل الذي خلط بين عبادة الله والعبادة الوثنية، ولم يحفظ الوصية الإلهية. مع حفظه للصداقة مع إسرائيل، لم تكن له شركة معه في عبادته المُنحرِفة ورفضه للوصية الإلهية. v سؤال: كيف يمكن أن نفعل كل شيءٍ لمجد الله؟... إن فعلنا كل شيءٍ حسب الله ووصاياه، ولا نطلب مديح الناس. القديس باسيليوس الكبير v حيث إن المكافأة هنا أعظم والقوَّة الممنوحة بالروح أغزر، لذا يجب أن تكون فضائلنا أيضًا أعظم. فإنه لم يَعِدنا هنا بأرض تفيض لبنًا وعسلاً، ولا براحةٍ طول العمر، ولا كثرة الأطفال، ولا (ببركة) الحِنطة والخمر والغنم والقطعان، إنّما صارت لنا السماء والسماويات والتبنِّي والأخوَّة للابن الوحيد وشركة الميراث معه، وأن نتمجَّد معه ونملك معه، وغير ذلك من الجزاءات غير المحصيَّة. أمّا بخصوص تَمَتُّعنا بعونٍ أعظم، فاسمع ما يقوله بولس: "إذًا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح، لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقني من ناموس الخطية والموت" (رو 8: 1-2). القديس يوحنا الذهبي الفم وَقَدَّمَ كُلُّ يَهُوذَا هَدَايَا لِيَهُوشَافَاطَ. وَكَانَ لَهُ غِنىً وَكَرَامَةً بِكَثْرَةٍ. [5] إذ كان يهوشافاط يطلب مجد الله وبرَّه، وهبه الله مع التقوى الغِنَى والكرامة. يقول السيد المسيح: "اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرَّه، وهذه كلها تزاد لكم" (مت 6: 33؛ لو 12: 31). v ملكوت الله وبرُّه هو الخبز الذي نسعى إليه، والذي نقصده من كل أعمالنا. ولكننا إذ نخدم في هذه الحياة كجنودٍ راغبين في ملكوت السماوات، نحتاج إلى الضروريّات اللازمة للحياة، لذلك قال الرب: "هذه كلها تُزاد لكم"، "ولكن اطلبوا أولاً ملكوت الله وبرَّه". فبقوله كلمة "أولاً"، أشار إلى طلبنا هذه الأشياء، ولكننا لا نطلبها أولاً، لا من جهة الزمن بل حسب الأهمية، فملكوت الله نطلبه كخير نسعى نحوه، أمَّا الضروريات فنطلبها كضرورة نحتاج إليها لتحقيق الخير الذي نسعى نحوه. القديس أغسطينوس وَتَقَوَّى قَلْبُهُ فِي طُرُقِ الرَّبِّ، وَنَزَعَ أَيْضًا الْمُرْتَفَعَاتِ وَالسَّوَارِيَ مِنْ يَهُوذَا. [6] "تقوّى قلبه في طرق الرب"، بمعنى أنه سُرّ قلبه أن يسلك في طرق الحق الإلهي، أو رفع قلبه بكل إخلاص إلى الله، فصار سلوكه متناغمًا مع عبادته لله. وكما يقول المرتل: "إليك رفعت نفسي" (مز 119: 32). رفع القلب يشير إلى فرحه وتهليل قلبه بالله وبعبادته وخدمته بكل غيرةٍ ونشاطٍ. لقد تشبَّه بيعقوب الذي لما رأى السلم النازل من السماء انطلق بكل قوةٍ ونشاطٍ، إذ قيل: "ثم رفع يعقوب رجليه، وذهب إلى أرض بني المشرق" (تك 29: 1). ارتفع قلبه في طرق الرب، فلا تستطيع فخاخ العدو أن تمسك به، ولا للصعوبات أن تعوقه عن العمل، وكما قال الحكيم: "من يرصد الريح لا يزرع، ومن يراقب السحب لا يحصد" (جا 11: 4). سلك يهوشافاط بروح التحدِّي لإبليس وقواته ومكائده وخططه، لأنه اتكل على الرب إلهه الذي يرفع قلبه عن التراب، ويهبه روح القوة. من الجانب الإيجابي، رفع قلبه في طرق الرب وتَقَوَّى؛ ومن الجانب السلبي "نزع أيضًا المرتفعات والسواري من يهوذا" [6]. قيل عنها: "ماذا نفع التمثال المنحوت حتى نحته صانعه، أو المسبوك ومُعَلِّم الكذب حتى أن الصانع صنعة، يتكل عليها فيصنع أوثانًا بُكمًا" (حب 2: 18). بنزعه كل أثرٍ للعبادة الوثنية أعطى الفرصة لرؤسائه أن يُعلِّموا في مدن يهوذا، ومعهم اللاويون [7-8]. لقد حَطَّم مصدر الغواية والكذب ليُهيِّئ الطريق لقبول التعليم الحق. وكأن يهوشافاط في حكمه ابتدأ بتقوية الجيش وتحصين المدن، ثم رفع قلبه للعمل بغير إحباطٍ، وإزالة مُعَلِّمي الكذب (العبادة الوثنية)، ثم إرسال مُعَلِّمي الحق للمدن، حتى يستنير الكل، ويقبل النور الإلهي. لكن للأسف ارتدَّ الشعب إلى تلك الممارسات الوثنية، لم تمس هذه الإصلاحات قلب الشعب وضميره. لهذا كثيرًا ما نسمع عن نزع المرتفعات والسواري، ويعود الشعب إلى إقامتها وممارسة الرجاسات الوثنية. هذا من جانب، ومن جانب آخر فإن بعض الملوك المُصلِحين كانوا يقومون بالإصلاح الجزئي فقط ومؤقتًا. 3. اهتمامه بالتعليم والعبادة لله 7 وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لِمُلْكِهِ أَرْسَلَ إِلَى رُؤَسَائِهِ، إِلَى بِنْحَائِلَ وَعُوبَدْيَا وَزَكَرِيَّا وَنَثَنْئِيلَ وَمِيخَايَا أَنْ يُعَلِّمُوا فِي مُدُنِ يَهُوذَا، 8 وَمَعَهُمُ اللاَّوِيُّونَ شَمْعِيَا وَنَثَنْيَا وَزَبَدْيَا وَعَسَائِيلُ وَشَمِيرَامُوثُ وَيَهُونَاثَانُ وَأَدُونِيَّا وَطُوبِيَّا وَطُوبُ أَدُونِيَّا اللاَّوِيُّونَ، وَمَعَهُمْ أَلِيشَمَعُ وَيَهُورَامُ الْكَاهِنَانِ. 9 فَعَلَّمُوا فِي يَهُوذَا وَمَعَهُمْ سِفْرُ شَرِيعَةِ الرَّبِّ، وَجَالُوا فِي جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا وَعَلَّمُوا الشَّعْبَ. يذكر السفر هنا أنه اهتم بالجيش، لا في أورشليم وحدها، بل في جميع مدن يهوذا الحصينة. غير أننا من بين السطور نرى حكمة يهوشافاط، فقضى الثلاث سنوات الأولى أو أقل قليلاً يُعِدُّ جيشًا آخر وهو تدريب اللاويين وغيرهم وتشجيعهم على التعليم. فما كان يمكنه أن يرسل الرؤساء واللاويين أن "يعلموا في مدن يهوذا [7-9] دون إعداد قادة مدنيين وروحيين. اهتم يهوشافاط بالتعليم حتى يتعامل مع شعبه، لا خلال الطاعة العمياء التي بلا فهمٍ، بل خلال المعرفة الصادقة. لم يَقْبَلْ أن يقودهم وهم معصوبو العينين، فيعوقون التقدُّم والإصلاح، إنما كخليقة عاقلة، تتعرَّف على الحق، وتزداد في المعرفة والحكمة. لقد أَعَدَّ السيد المسيح اثني عشر تلميذًا وسبعين رسولاً للخدمة والشهادة لإنجيل الحق. هكذا يليق بالكنيسة أن تقتدي بعريسها، وتبث روح التعليم والمعرفة الصادقة تحت قيادة روحه القدوس. وَفِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ لِمُلْكِهِ، أَرْسَلَ إِلَى رُؤَسَائِهِ، إِلَى بِنْحَائِلَ وَعُوبَدْيَا وَزَكَرِيَّا وَنَثَنْئِيلَ وَمِيخَايَا، أَنْ يُعَلِّمُوا فِي مُدُنِ يَهُوذَا [7] أراد يهوشافاط الملك أن يشترك الرؤساء المدنيون مع اللاويين، حتى يدرك الشعب أن قوانين الدولة تتجاوب مع الوصية الإلهية. يُعَلِّق المؤرخ يوسيفوس: [الآن في السنة الثالثة لملكه، دعا حُكَّام البلد والكهنة، وأمرهم أن يجولوا في الأرض، ويُعَلِّموا الشعب الذين تحت سلطانه، مدينة مدينة، شريعة موسى، وأن يحفظوها، وأن يجاهدوا في العبادة لله. لهذا سُرَّت الجموع جدًا. بهذا لم يعد يشغلهم شيء ويغاروا على شيء مثل حفظ الشريعة.] v إني مؤتمن على الكرازة بالرب يسوع... ويليق بي ألا أزيد أو أنقص الأمانة. وإذ هي "بحسب أمر الله مخلصنا" (تي 1: 3)، ليس في سلطاني أن أهرب منها، إن الأمر ليس متروكًا لاختيارنا، فإما تنفيذه أو العقاب. وهذا واضح من قوله: "الضرورة موضوعة عليَّ، فويل لي إن كنتُ لا أُبَشِّر". (1 كو 9: 16). إنني بصراحة أقول في وضوح في مشهد من الجميع إن من يؤتمن على قيادة الكنيسة وينال شرف الأسقفية يُدَان إن لم يصارح الناس بما ينبغي عليهم أن يفعلوا. أما الرجل العلماني فليس تحت هذا الإلزام. v تأملوا كيف ثبَّت المسيح كلماته بأعماله. هكذا يقول: "تَعَلَّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب" (مت 11: 29). عَلَّمَ البشر أن يكونوا فقراء، وقد أوضح ذلك بأعماله، فإن "ابن الإنسان ليس له أين يسند رأسه" (مت 8: 20). مرة أخرى أَوصى البشر أن يُحِبُّوا أعداءهم، وقد عَلَّم ذات الدرس على الصليب حين طلب من أجل صالبيه. لقد قال: "من أراد أن يخاصمك ويأخذ ثوبك، فاتركْ له الرداء أيضًا" (مت 5: 40). الآن لم يُعطِ فقط الثياب بل قَدَّم دمه. بهذه الطريقة أمر الآخرين أن يُعلِّموا. لذلك يقول بولس أيضا: "كونوا متمثلين بي" (في 3: 17). فليس شيء أكثر تفاهة من أن يُظهِرَ مُعَلِّم فلسفته بالكلمات؛ فإن هذا ليس من عمل المُعَلِّم بل المرائي. لذلك عَلَّمَ الرسل أولاً بسلوكهم وبعد ذلك بكلماتهم، بل بالأحرى لم يكونوا في حاجة إلى كلمات عندما نطقت كلماتهم بصوتٍ عالٍ. فليس من الخطأ أن تتحدَّث عن آلام المسيح كعملٍ، فإنه بآلامه، بهذا كله، تمَّم عملاً عظيمًا وعجيبًا، بل دمَّر الموت، وقدَّم لنا أمورًا كثيرة فعلها من أجلنا. v يُمَكِّننا المسيح من أن نكون أشبه بسرج، إذ نكون مُعَلِّمين للآخرين. القديس يوحنا الذهبي الفم وَأَدُونِيَّا وَطُوبِيَّا وَطُوبُ أَدُونِيَّا اللاَّوِيُّونَ، وَمَعَهُمْ أَلِيشَمَعُ وَيَهُورَامُ الْكَاهِنَانِ. [8] لكي يكون التعليم متكاملاً استخدم يهوشافاط ثلاث فئات: 1. الكهنة لتعليم الشريعة الإلهية والوصية. 2. اللاويين لتعليم الطقوس والفرائض والتسابيح. 3. الرؤساء لتعليم القانون المدني وقوانين الدولة، كما يقومون بمعاقبة المستهترين. فَعَلَّمُوا فِي يَهُوذَا، وَمَعَهُمْ سِفْرُ شَرِيعَةِ الرَّبِّ، وَجَالُوا فِي جَمِيعِ مُدُنِ يَهُوذَا، وَعَلَّمُوا الشَّعْبَ. [9] لم يقف يهوشافاط عند نقطة انفصاله عن الشر، إنما كان في قلبه يود أن يقيم ما هو صالح، وهذا لن يتحقق في حياة الشعب بدون تعليم كلمة الله والناموس في كل مكانٍ. كان التعليم يحتلُّ مركز الصدارة في حياة الكهنة واللاويين، فالعبادة والتقدمات يلزم أن تصدر عن فهمٍ وإدراكٍ ومعرفةٍ. غالبًا ما كان الكل قد أهمل التعليم في فترات الضعف الروحي. كما أن موسى الذي يُمَثِّل التعليم وهرون الذي يُمَثِّل العبادة يعملان معًا، هكذا يليق عدم الفصل بينهما في كل الأجيال. كان معهم "شريعة الرب" حتى لا يُعَلِّموا حسب وصايا الناس. انتشر المُعلِّمون في كل مدن يهوذا وقُرَاها، مؤكدين أن كلمة الله هي طريق الإصلاح الحقيقي والنهضة. لم يستمدّ اللاويون سلطانهم في التعليم من انتداب الملك لهم، وإنما من "سفر شريعة الرب" [9]. ولعل هذا السفر هو الذي اكتُشف في الهيكل في أيام الملك يوشيا. في فترة العودة من السبي، اهتم عزرا بالتعليم حسب شريعة الرب (نح 8). لم يقف التعليم عند طقوس ممارسة العبادة والتسبيح، وإنما أيضًا حفظ الشريعة. في القرن الثاني الميلادي نرى مدى اهتمام الكنيسة برتبة الشماسية للقيام بنفس دور اللاويين، وهو التعليم. v بعبارات صغيرة يزرع (الكتاب) الحكمة الإلهية في كل من يكون مهتمًا، وفي دفعات كثيرة عبارة واحدة تُقَدَّم للذين يقبلونها يمكن أن تكون مصدرًا لمؤونة رحلة الحياة كلها. v من المفيد جدًا قراءة الكتاب المقدس، فإنها تجعل النفس حكيمة، وتُوَجِّه الروح نحو السماء، وتُحَرِّك الإنسان نحو الشكر، وتهلك الرغبة في الأمور الأرضية، وتدع أذهاننا تتمعن باستمرار في العالم الآخر. v أُعطِي الكتاب المقدس بهذا الهدف أن يكون إنسان الله كاملاً به، بدونه لن يمكن أن يكون كاملاً. يقول (الرسول): لديك الكتب المقدسة عوضًا عني. إن أردت أن تتعلَّم شيئًا فتَعَلَّمه منها. هذا كتبه لتيموثاوس المملوء من الروح، فكم بالأكثر يكون بالنسبة لنا! v بذرة الإنجيل هي أصغر البذور، لأن التلاميذ كانوا أكثر حياءً من غيرهم، لكنهم يحملون فيهم قوَّة عظيمة، فانتشرت كرازتهم في العالم كله. v كلمة واحدة من الكتب الإلهيّة هي أكثر فاعلية من النار! إنها تلين قسوة النفس، وتُهَيِّئها لكل عمل صالح. القديس يوحنا الذهبي الفم 10 وَكَانَتْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَى جَمِيعِ مَمَالِكِ الأَرَاضِي الَّتِي حَوْلَ يَهُوذَا فَلَمْ يُحَارِبُوا يَهُوشَافَاطَ. 11 وَبَعْضُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أَتَوْا يَهُوشَافَاطَ بِهَدَايَا وَحِمْلِ فِضَّةٍ، وَالْعُرْبَانُ أَيْضًا أَتَوْهُ بِغَنَمٍ: مِنَ الْكِبَاشِ سَبْعَةِ آلاَفٍ وَسَبْعِ مِئَةٍ، وَمِنَ التُّيُوسِ سَبْعَةِ آلاَفٍ وَسَبْعِ مِئَةٍ. وَكَانَتْ هَيْبَةُ الرَّبِّ عَلَى جَمِيعِ مَمَالِكِ الأَرَاضِي الَّتِي حَوْلَ يَهُوذَا، فَلَمْ يُحَارِبُوا يَهُوشَافَاطَ. [10] نتيجة للالتصاق بالله وحفظ كلمته المقدسة أعطى الله الملك وكل دولته مهابة "هيبة الرب" أمام الأمم المجاورة، وحَلَّ الرخاء في البلاد. كلما وهبه الرب كرامة وخيرات ارتفع بالأكثر قلبه نحو طرق الرب. من يخشى الرب ويهابه، يهبه مهابة في أعين الناس. وَبَعْضُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ أَتُوا يَهُوشَافَاطَ بِهَدَايَا وَحِمْلِ فِضَّةٍ، وَالْعُرْبَانُ أَيْضًا أَتُوهُ بِغَنَمٍ مِنَ الْكِبَاشِ سَبْعَةُ آلاَفٍ وَسَبْعُ مِئَةٍ، وَمِنَ التُّيُوسِ سَبْعَةُ آلاَفٍ وَسَبْعُ مِئَةٍ. [11] صار الفلسطينيون الذين كانوا أعداء لليهود في أيام داود في مَوَدَّة، وأرسلوا هدايا وفضة إجلالاً ليهوشافاط ولكسب صداقته. لقد وعد الله أنه يجعل أعداءنا يسالموننا (أم 16: 7). 5. قوته العسكرية 12 وَكَانَ يَهُوشَافَاطُ يَتَعَظَّمُ جِدًّا، وَبَنَى فِي يَهُوذَا حُصُونًا وَمُدُنَ مَخَازِنَ. 13 وَكَانَ لَهُ شُغْلٌ كَثِيرٌ فِي مُدُنِ يَهُوذَا، وَرِجَالُ حَرْبٍ جَبَابِرَةُ بَأْسٍ فِي أُورُشَلِيمَ. 14 وَهذَا عَدَدُهُمْ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنْ يَهُوذَا رُؤَسَاءِ أُلُوفٍ: عَدَنَةُ الرَّئِيسُ وَمَعَهُ جَبَابِرَةُ بَأْسٍ ثَلاَثُ مِئَةِ أَلْفٍ. 15 وَبِجَانِبِهِ يَهُونَاثَانُ الرَّئِيسُ وَمَعَهُ مِئَتَانِ وَثَمَانُونَ أَلْفًا. 16 وَبِجَانِبِهِ عَمَسْيَا بْنُ زِكْرِي الْمُنْتَدِبُ لِلرَّبِّ وَمَعَهُ مِئَتَا أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ. 17 وَمِنْ بَنْيَامِينَ أَلِيَادَاعُ جَبَّارُ بَأْسٍ وَمَعَهُ مِنَ الْمُتَسَلِّحِينَ بِالْقِسِيِّ وَالأَتْرَاسِ مِئَتَا أَلْفٍ. 18 وَبِجَانِبِهِ يَهُوزَابَادُ وَمَعَهُ مِئَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا مُتَجَرِّدُونَ لِلْحَرْبِ. 19 هؤُلاَءِ خُدَّامُ الْمَلِكِ، فَضْلًا عَنِ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ الْمَلِكُ فِي الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ فِي كُلِّ يَهُوذَا. وَكَانَ يَهُوشَافَاطُ يَتَعَظَّمُ جِدًّا، وَبَنَى فِي يَهُوذَا حُصُونًا وَمُدُنَ مَخَازِنَ. [12] من كثرة الهدايا قام يهوشافاط ببناء مدن مخازن لحفظ الهدايا. وَكَانَ لَهُ شُغْلٌ كَثِيرٌ فِي مُدُنِ يَهُوذَا، وَرِجَالُ حَرْبٍ جَبَابِرَةُ بَأْسٍ فِي أُورُشَلِيمَ. [13] وَهَذَا عَدَدُهُمْ حَسَبَ بُيُوتِ آبَائِهِمْ مِنْ يَهُوذَا رُؤَسَاءِ أُلُوفٍ: عَدَنَةُ الرَّئِيسُ وَمَعَهُ جَبَابِرَةُ بَأْسٍ ثَلاَثُ مِئَةِ أَلْفٍ. [14] وَبِجَانِبِهِ يَهُونَاثَانُ الرَّئِيسُ وَمَعَهُ مِئَتَانِ وَثَمَانُونَ أَلْفًا. [15] وَبِجَانِبِهِ عَمَسْيَا بْنُ زِكْرِي الْمُنْتَدِبُ لِلرَّبِّ وَمَعَهُ مِئَتَا أَلْفِ جَبَّارِ بَأْسٍ. [16] ذكر هنا خمسة قادة عسكريين مع عدد الذين كانوا تحت قيادتهم، ثلاثة في يهوذا، واثنين في بنيامين. ما أروع ما قيل عن القائد العسكري عمسيا، "كان منتدبًا للرب"؛ لم يكن مندوبًا عن الملك فقط ليخدمه في هذا المنصب، إنما كان يحسب نفسه مندوبًا عن الرب ليُمَجِّدَه بهذا المنصب. لقد كان أبرز هؤلاء القادة العسكريين في اهتمامه بالعبادة. قبل المنصب لا للكرامة ولا للسلطان أو المنفعة، إنما ليُمَجِّد الله. كان يخدم الرب وبلده بضميرٍ صالحٍ. لم يُقَدِّمْ عمسيا شيئًا للرب، بل قَدَّم نفسه وقلبه له. قيل: "يا ابني أعطني قلبك، ولتُلاحِظ عيناك طرقي (أم 23: 26). أقصى ما يريده الله منا هو القلب، ففي العهد القديم قُدِّم لنا الناموس منقوشًا على حجارة، لعل قلوبنا الحجرية تلتقط شيئًا من الناموس الإلهي، أو يترك الناموس بصماته على قلوبنا. وإذ لم يحدث هذا، قَدَّم لنا إنجيل العهد الجديد ناموسًا منحوتًا بالروح القدس على قلوبنا. "أجعل نواميسي في أذهانهم، وأكتبها على قلوبهم" (عب 10:8). لهذا إذ يصرخ الكاهن: "ارفعوا قلوبكم"، يترنم الشعب متهللاً: "هي عند الرب". v في داخلكم إما معرفة الحق أو جهل، الابتهاج بالفضيلة أو الرذيلة، بهذا نعد قلوبنا إما لملكوت المسيح أو ملكوت إبليس. الأب موسى إن أراد أحد أن يبيع لك حقلاً، يقول لك: "أعطني ذهبك"، وإن كان شيء آخر، يقول لك: "أعطني نحاسك"، "أعطني فضتك". الآن لتصغِ إلى ما تقوله المحبة لك، إذ تنطق خلال فم الحكمة: "يا ابني أعطني قلبك". ماذا تعطيها؟ "قلبك يا ابني". كان قلبك شريرًا حين كان معك، عندما احتفظت به لنفسك. كُنت تُسحَب في هذا الطريق وذاك كما بالدمي والتفاهات وشهوات الحُبِّ المُدَمِّر. استبعد قلبك عن هذا كله. إلى أين تسحبه؟ أين تضعه؟ تقول الحكمة: "أعطني قلبك". اجعله لي، فلا تفقده. القديس أغسطينوس وَمَعَهُ مِنَ الْمُتَسَلِّحِينَ بِالْقِسِيِّ وَالأَتْرَاسِ مِئَتَا أَلْفٍ. [17] وَبِجَانِبِهِ يَهُوزَابَادُ وَمَعَهُ مِئَةٌ وَثَمَانُونَ أَلْفًا مُتَجَرِّدُونَ لِلْحَرْبِ. [18] كان عدد رجال الجيش تحت قيادة هؤلاء الخمسة قد بلغ 1160000 جباري بأس ومحاربين، وهو رقم كبير للغاية بالنسبة لمساحة يهوذا وبنيامين. فأبيَّا استطاع أن يجمع 400000 (2 أخ 13: 3)، وآسا 600000 (2 أخ 14: 8). أما سرّ تزايد العدد إلى الضعف تقريبًا عمّا كان عليه العدد في أيام آسا، فهو الآتي: أ. سبق أن وعد الله إبراهيم أن نسله سيكون كنجوم السماء ورمل البحر في العدد. ب. وجود فترة سِلْم طويلة لم يُقتَل فيها جنود. ج. يُفترَض أنه مع حركة الإصلاح اتَّسعًت مدينة أورشليم جدًا. د. كثيرون أتوا من مملكة إسرائيل، وانضموا إلى مملكة يهوذا (2 أخ 15: 19)، مما جعل عدد الشعب يتزايد. هـ. كان العنصر الرئيسي في زيادة العدد، هو بركة الرب التي رافقت يهوشافاط، ونجاحه في كل عملٍ تمتد إليه يده. هَؤُلاَءِ خُدَّامُ الْمَلِكِ، فَضْلاً عَنِ الَّذِينَ جَعَلَهُمُ الْمَلِكُ فِي الْمُدُنِ الْحَصِينَةِ فِي كُلِّ يَهُوذَا. [19] غالبًا ما كان الجنود يعيشون في بلادهم، يمارسون بعض الأعمال، ومن حين إلى آخر يُستدعون للتدريب العسكري. أما قادة الجيش، فكانوا يخدمون في شئون الدولة كموظفين في البلاط الملكي ووزراء للدولة ومشيرين للملك. أخيرًا، فإن ليست ضخامة عدد الجند هي سرّ رهبة الجيش لدى الأمم المحيطة، إنما وهبهم الله من عنده مهابة مع نجاح وتَقدُّم ونعمة في أعين الجميع. إلهي أنت هو سرُّ نجاحي! v لألتصق بك يا إلهي، كما التصق بك يهوشافاط. فتكون يدك معي، لأسير في طريقك يا ابن داود. بك أشعر بروح القوة يا ملك الملوك. تُقِيم من الضعفاء أبطالاً. ترفعني من المزبلة، وتهبني سلطانًا. فلا يكون لقوات الظلمة موضع في داخلي. v من يقتنيك لا يعوزه شيء. تُقِيم ملكوتك في داخلي. فتهبني من فيض حكمتك وغناك وكرامتك. تنزع من داخلي كل صنمٍ أَتعَبَّد له. وتُقِيم منِّي هيكلاً مقدسًا لك. v بعث يهوشافاط كهنة ولاويين ورؤساء، يُعَلِّمون يهوذا وصيّتك المقدسة. افتح عن عيني، فأَتعرَّف عن أسرارك. واحملني بروحك إلى مائدة وصاياك. أَتلذَّذ بكلماتك، وأَشبع بحُبِّك، وتمتلئ نفسي فرحًا بك. روحك القدوس ينقش وصاياك في قلبي. كنيستك المقدسة تُدَرِّبني بروح الحق. تدخل بي إلى عربون السماء، فتستنير نفسي. v تُقِيم من ضعفي سفيرًا لك. أَشهد بحُبِّك مناديًا: تصالحوا مع الله! تُقِيم من أعماقي أورشليمي الحصينة. تُدَرِّب طاقاتي وعواطفي وأحاسيسي، فتُقِيم منها جيشًا بألوية. نعم، أنت هو سرُّ نجاحي. بدونك تنهار نفسي إلى التراب، وبك تُقِيمني إلى الشركة مع خدامك السمائيين! ورد هذا الأصحاح تقريبًا في (1 مل 22) فيما عدا (الآيات 1-3). غير أن النظرة التي يتطلع إليها ملوك الأول تختلف عن تلك التي لأخبار الأيام الثاني. الأول يهتم بقصة ميخا وأخاب، والثاني ميخا ويهوشافاط، يذكر أخاب بطريقة عارضة، فإن يهوشافاط ملك يهوذا لا أخاب ملك إسرائيل الذي كان مهتمًا أن يطلب مشورة ميخا [6-7]. هذا كان باعث قلبي صادر من يهوشافاط. كان بعض ملوك يهوذا يَعتزُّون بكل قلوبهم بكلمة الرب (راجع 2 أخ 12: 5-6؛ 15: 1-7؛ 16: 7-9؛ 19: 2-3؛ 20: 13-17؛ 24: 20؛ 25: 7-9، 15-16؛ 28: 9-11؛ 33: 10؛ 34: 22-28). وذلك على خلاف ملوك إسرائيل الذين لم يكونوا يبالون بعبادة الله الحي، بل غالبًا ما كانوا يقاومونها. ارتباط يهوشافاط ملك يهوذا الصالح بأخاب ملك إسرائيل الشرير شوَّه صورة يهوشافاط، وسَبَّب له متاعب كثيرة. 1. ارتباط يهوشافاط بأخاب الشرير وَكَانَ لِيَهُوشَافَاطَ غِنًى وَكَرَامَةٌ بِكَثْرَةٍ. وَصَاهَرَ أخاب. [1] نقطة الضعف الخطيرة في حياة يهوشافاط أنه صاهر الملك الشرير أخاب. سيرته تكشف عن خطورة التصاق الأتقياء بفاعلي الشر. دخل يهوشافاط في علاقة مصاهرة مع أخاب الذي باع نفسه لعمل الشر، عابد وثن، ومقاوم لعبادة الله الحيّ. لقد زَوَّج يهوشافاط ابنه يهورام لعثليا ابنة أخاب، وكانت صورة مطابقة لأمها إيزابل الشريرة التي قتلت الأنبياء وهدمت مذابح الرب، ونشرت عبادة البعل في إسرائيل. ربما سقط يهوشافاط في فخ محبة الكرامة والغِنَى، فأراد أن يُزوِّج ابنه لابنة ملك إسرائيل الغَنِي والذي كانت له شهرة بسبب انتصاراته. نخطئ كثيرًا عندما نُكَوِّن الصداقة على مُجَرَّد شهرة الآخرين، بقصد نوال شهرة بصداقتنا معهم، أو نُحِبّهم لمُجَرَّد مدح الآخرين لهم. يرى البعض أنه فعل ذلك لأسباب سياسية، مثل رغبته في توحيد المملكتين في ابنه، ولعل أخاب أغراه بأنه سيجعل يهورام وارثًا له. وحدة المملكتين أمر مُفرِح، لكن كان يلزم أن تكون على أساس وحدة الإيمان والحياة المقدَّسة. فقد أخطأ يهوشافاط حين قال: "مثلي مثلك، شعبي كشعبك، وخيلي كخيلك". كان يليق به أولاً أن يطلب قدسيَّة حياة الملك وشعبه قبل الاتِّحاد معه في الحروب. لقد دفع يهوشافاط الكثير بسبب هذه الصداقة القائمة بلا أساس. ما أراد هذا السفر تأكيده، أن الخطأ الخطير الذي ارتكبه آسا هو تحالفه الغبي مع أرام، أما بالنسبة ليهوشافاط، فإن أخطر ما فعله هو مصاهرته لأخاب ملك إسرائيل المُقاوِم للحق الإلهي. بسبب هذه المصاهرة دخلت الوثنية الفينيقية بشرورها بكل قوةٍ في مملكة يهوذا، وبسبب هذا الخطأ الفاحش مرَّت فترة كاد كل نسل داود أن يفنى، لو لم يقم الكاهن يهوياداع بتخبئة يوآش الطفل الصغير في مخازن الهيكل لمدة ست سنوات، ليستلم كرسي داود وهو في السابعة من عمره (2 أخ 22: 1-12). هذا ما جعل كاتب السفر بوحي الروح القدس يُسَجِّل مصاهرة يهوشافاط أخاب هنا، وكيف تَعَرَّض يهوشافاط نفسه للقتل في المعركة ربما بخبث أخاب. كثيرًا ما حذرنا الكتاب المقدس وآباء الكنيسة من الصداقات الشريرة. أخطأ القديس أغسطينوس في بداية حياته عندما كَوَّن صداقة بينه وبين هيريوس Hierius لمُجَرَّد شهرته، لينال هو أيضًا شهرة على حساب هذه الصداقة. v ماذا دفعني أيها الرب إلهي أن أهدي هذه الكتب لهيريوس وهو أحد خطباء روما، الذي أَحببتُه دون أن أُقَابلَه، إنما لمُجَرَّد ما اشتهر به من عِلْمٍ؟!... ولكن هل يمكن أن تتدخَّل المحبة في قلب السامع لمُجَرَّد سماعه عنه من فم مادحه؟!... لقد أَحببتُ في ذلك الوقت الممدوحين من البشر، وليس الممدوحين منك، وإن كنت قد أَحببتهم ومدحتهم، فإنني كنت أود أن أكون مشهورًا مثلهم... من أين أعرف، وكيف أعترف لك بأنني أحببت ذلك الخطيب بسبب حُبِّ مادحيه له، أكثر من حُبِّي له؛ بسبب الصفات التي مدحوه من أجلها، فلما ذمه مادحوه أنفسهم... فترت محبتي له وصرت غير متأثر به؛ مع أن الأسباب التي ذموه لأجلها لم تكن جديدة عليه، كما لو أنه أصبح شخصًا آخر. لكن الذي تَغَيَّر هو شعور المُتحدِّثين عنه. القديس أغسطينوس الشيخ الروحاني الطوباوي أنبا أنطونيوس القديس مار أفرام السرياني القديس أمبروسيوس 2 وَنَزَلَ بَعْدَ سِنِينَ إِلَى أَخْآبَ إِلَى السَّامِرَةِ، فَذَبَحَ أَخْآبُ غَنَمًا وَبَقَرًا بِكَثْرَةٍ لَهُ وَلِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ، وَأَغْوَاهُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ. 3 وَقَالَ أَخْآبُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا: «أَتَذْهَبُ مَعِي إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟» وَقَالَ لَهُ: «مَثَلِي مَثَلُكَ وَشَعْبِي كَشَعْبِكَ وَمَعَكَ فِي الْقِتَالِ». وَنَزَلَ بَعْدَ سِنِينَ إِلَى أخاب إِلَى السَّامِرَةِ، فَذَبَحَ أخاب غَنَمًا وَبَقَرًا بِكَثْرَةٍ لَهُ وَلِلشَّعْبِ الَّذِي مَعَهُ، وَأَغْوَاهُ أَنْ يَصْعَدَ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ. [2] في السنة السابعة عشرة من حُكْمِ يهوشافاط، وهي ليست أقل من ثمان سنوات من إتمام زواج ابنه بعثليا ابنة أخاب[2]، قام بزيارة أخاب في السامرة. ذبح أخاب غنمًا وبقرًا بكثرة له وللشعب الذي معه. في هذا لم يسلك يهوشافاط في طُرُق أبيه الذي لم يُجَالِس الأشرار، إذ يقول: "طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار، وفي طريق الخطاة لم يقف، وفي مجلس المستهزئين لم يجلس" (مز 1: 1). كما يقول: "أبغضت جماعة الأثمة، ومع الأشرار لا أجلس" (مز 26: 5). ولم يشتهِ أن يأكل من نفائسهم (مز 141: 4). صنع أخاب هذه الوليمة ليَتَمَلَّق يهوشافاط، ويجتذبه ليُشارِكَه في استرداد راموت جلعاد من ملك أرام. قام يهوشافاط بهذه الزيارة كنوعٍ من الصداقة مع أخاب، ولم يكن في ذهنه أن يُقِيمَ تحالفًا سياسيًا ضد أرام. غير أن أخاب استغل هذه الزيارة لإقامة تحالف سياسي مع يهوشافاط. v "لم أجلس مع محفل باطل" (مز 26: 4)... إلى أي شيء يرمز الجلوس؟ أن يكون الشخص بقلب واحدٍ مع من يعاشرهم. إن لم يكن قلبك هناك على الرغم من وجودك معهم، فأنت لا تجلس معهم، أما إن كان قلبك هناك، فإنك تجلس معهم حتى وإن كنت غائبًا عنهم (بالجسد). القديس أغسطينوس أَتَذْهَبُ مَعِي إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ لَهُ: مَثَلِي مَثَلُكَ، وَشَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَمَعَكَ فِي الْقِتَالِ. [3] كانت إمكانيات أخاب العسكرية قد انحدرت، بينما كانت قوة آرام (سوريا) العسكرية قد تشدَّدت. تَسَرَّع يهوشافاط في إجابته على أخاب، دون أن يحسب النفقة، فإنه يتحالف مع ملكٍ لا علاقة له مع الله، بل كان أخاب قد انحرف إلى العبادة الوثنية، وأحاط نفسه بمجموعة ضخمة من الأنبياء الذين ارتبطوا بعبادة العجول، ولم يكن في ذلك الوقت في إسرائيل نبي للرب إلا ميخا بن يملة وحده، وكان مكروهًا جدًا من أخاب. يبدو أن إيليا في ذلك الوقت كان قد انسحب إلى البرية، فلم يُعرَف في السامرة نبي سوى ميخا. 3. استشارة الأنبياء الكذبة 4 ثُمَّ قَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: «اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ». 5 فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الأَنْبِيَاءَ، أَرْبَعَ مِئَةِ رَجُل، وَقَالَ لَهُمْ: «أَنَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟» فَقَالُوا: «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا اللهُ لِيَدِ الْمَلِكِ». ثُمَّ قَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ. [4] وهب الله يهوشافاط سلامًا، لكن خلال مصاهرته لأخاب اندفع إلى الحرب، ويبدو أنه كان قلقًا لهذا القرار، وقد طلب أن يسأل الله في الأمر. جاء في 1 مل 22؛ 2 أي 20 أن يهوشافاط دخل في تحالف تجاري مع أخزيا بن أخاب الذي خلف والده على مملكة إسرائيل، وقد أُرسِلَتْ سفن إلى ترشيش حيث تجارة القمح والذهب، وتَحَطَّمت السفن وضاعت البضائع، فالله لا يبارك مثل هذا التحالف. حسن أن يطلب يهوشافاط أن يسأل الله بخصوص الدخول في القتال، لكنه للأسف لم يسأل الله عند مصاهرته أخاب، ولا عند نزوله إلى السامرة. فَجَمَعَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ الأَنْبِيَاءَ أَرْبَعَ مِئَةِ رَجُلٍ، وَقَالَ لَهُمْ: أَنَذْهَبُ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟ فَقَالُوا: اصْعَدْ، فَدْفَعَهَا الله لِيَدِ الْمَلِكِ. [5] 6 فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «أَلَيْسَ هُنَا أَيْضًا نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» 7 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ، وَلكِنَّنِي أُبْغِضُهُ لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا كُلَّ أَيَّامِهِ، وَهُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ». فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: «لاَ يَقُلِ الْمَلِكُ هكَذَا». 8 فَدَعَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ خَصِيًّا وَقَالَ: «أَسْرِعْ بِمِيخَا بْنِ يَمْلَةَ». 9 وَكَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ، لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا وَجَالِسَيْنِ فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ، وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا. 10 وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قُرُونَ حَدِيدٍ وَقَالَ: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنَوْا». 11 وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هكَذَا قَائِلِينَ: «اصْعَدْ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ وَأَفْلِحْ، فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ». 12 وَأَمَّاَ الرَّسُولُ الَّذِي ذَهَبَ لِيَدْعُوَ مِيخَا فَكَلَّمَهُ قَائِلًا: «هُوَذَا كَلاَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ خَيْرٌ لِلْمَلِكِ. فَلِيَكُنْ كَلاَمُكَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ». 13 فَقَالَ مِيخَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ إِلهِي فَبِهِ أَتَكَلَّمُ». 14 وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْمَلِكِ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «يَا مِيخَا، أَنَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟» فَقَالَ: «اصْعَدُوا وَأَفْلِحُوا فَيُدْفَعُوا لِيَدِكُمْ». 15 فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: «كَمْ مَرَّةٍ أَسْتَحْلِفُكَ أَنْ لاَ تَقُولَ لِي إِلاَّ الْحَقَّ بِاسْمِ الرَّبِّ؟» 16 فَقَالَ: «رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُشَتَّتِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهؤُلاَءِ أَصْحَابٌ، فَلْيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ». 17 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «أَمَا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا؟» 18 وَقَالَ: «فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ. قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. 19 فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هذَا هكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هكَذَا. 20 ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. فَقَالَ لَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ 21 فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ لِرُوحِ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا. 22 وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ أَنْبِيَائِكَ هؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرّ». 23 فَتَقَدَّمَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ وَضَرَبَ مِيخَا عَلَى الْفَكِّ وَقَالَ: «مِنْ أَيِّ طَرِيق عَبَرَ رُوحُ الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَك؟». 24 فَقَالَ مِيخَا: «إِنَّكَ سَتَرَى فِي ذلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ مِنْ مُخْدَعٍ إِلَى مُخْدَعٍ لِتَخْتَبِئَ». 25 فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: «خُذُوا مِيخَا وَرُدُّوهُ إِلَى أَمُّونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ، 26 وَقُولُوا هكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: ضَعُوا هذَا فِي السِّجْنِ، وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ حَتَّى أَرْجعَ بِسَلاَمٍ». 27 فَقَالَ مِيخَا: «إِنْ رَجَعْتَ رُجُوعًا بِسَلاَمٍ، فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي». وَقَالَ: «اسْمَعُوا أَيُّهَا الشُّعُوبُ أَجْمَعُونَ». فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: أَلَيْسَ هُنَا أَيْضًا نَبِيٌّ لِلرَّبِّ، فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟ [6] تُرَى ماذا كانت مشاعر يهوشافاط المُلتصِق بالله حين طلب من أخاب أن يسأل، فأحضر له أربعمائة نبي ليس بينهم نبي واحد للرب؟ جميعهم أنبياء كذبة يَعْمَلون لحساب الشيطان! حقًا كانت نفسه مُرَّة، فقال: "أليس هنا أيضًا نبي للرب، فنسأل منه؟!" كان يليق به أن يرفض البقاء في هذا المجلس الذي هو مجلس لحساب إبليس، ليس للرب موضع فيه. في كل عصرٍ يوجد أنبياء كذبة يقاومون الحق الإلهي لحساب إبليس. يقول السيد المسيح: "يقوم أنبياء كذبة كثيرون، ويضلون كثيرين" (مت 24: 11)؛ "لأنه سيقوم مسحاء كذبة، وأنبياء كذبة، ويعطون آيات عظيمة، وعجائب، حتى يضلوا لو أمكن المختارين أيضًا" (مت 24: 24؛ مر 13: 22). يُحَذِّرنا الأنبياء والرسل منهم، قائلين: "ولكن كان أيضًا في الشعب أنبياء كذبة، كما سيكون فيكم أيضًا مُعَلِّمون كذبة، الذين يدسون بدع هلاك، وإذ هم ينكرون الرب الذي اشتراهم يجلبون على أنفسهم هلاكًا سريعًا" (2 بط 2: 1). "أيها الأحباء لا تُصَدِّقوا كل روحٍ، بل امتحنوا الأرواح هل هي من الله لأن أنبياء كذبة كثيرين قد خرجوا إلى العالم" (1 يو 4: 1). "الأنبياء يتنبأون بالكذب، والكهنة تحكم على أيديهم، وشعبي هكذا أحب وماذا تعملون في آخرتها" (إر 5: 31). "لذلك هكذا قال الرب عن الأنبياء الذين يتنبأون باسمي، وأنا لم أرسلهم، وهم يقولون لا يكون سيف ولا جوع في هذه الأرض: بالسيف والجوع يفنى أولئك الأنبياء" (إر 14: 15). v عندئذ سُيحَلُّ الشيطان، فيعمل بكل قوته خلال ضد المسيح بطريقة باطلة ومدهشة... إنه يخدع الحواس الميتة بأوهام؛ فيظهر كمن يعمل أعمالاً في الحقيقة هو لم يعملها؛ أو ربما يفعل عجائب حقيقية لكنها تضلل الناس عن الحق، إذ يحسبونها قوة إلهية. القديس أغسطينوس بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ، وَلَكِنَّنِي أُبْغِضُهُ، لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا كُلَّ أَيَّامِهِ، وَهُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ. فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ: لاَ يَقُلِ الْمَلِكُ هَكَذَا. [7] فَدَعَا مَلِكُ إِسْرَائِيلَ خَصِيًّا، وَقَالَ: أَسْرِعْ بِمِيخَا بْنِ يَمْلَةَ. [8] وَكَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ، لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا وَجَالِسَيْنِ فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ، وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا. [9] يبدو أن الملكين قد انسحبا من الوليمة، وجلسا على عرشيهما في ساحة عند مدخل مدينة السامرة. في هذا الموضع كان أخاب يجلس ينظر في بعض القضايا الهامة. كان الملوك في الشرق في ذلك الحين يجلسون على عروش متحركة يأخذونها معهم في رحلاتهم، وأينما ذهبوا[4]. الذين يجالسون المستهزئين غالبًا ما يسقطون في أخطاء كثيرة، منها عدم مبالاتهم بواجبهم. جلس يهوشافاط بحُلَّتِه الملوكية صاغيًا بصبرٍ لأكاذيب الأنبياء الكذبة باسم الله، وربما كان يشعر بتأنيب ضمير خفيف في داخله بسبب البغضة نحو أحد أنبياء الله [7]. لم يجرؤ أن يؤنب النبي الكذاب الذي استهان بالرائي الصادق. ولم يعترض يهوشافاط على وضع النبي الصادق في السجن. اعتاد أخاب أن يستمع إليهم، ويُعجَب بكلمات الإطراء والملاطفة ويرفض اللقاء مع النبي الصادق، لأنه صريح ويُحَذِّره من الخطأ والخطر. هنا تظهر خطورة المحاطين بالمداهنين، مثل الأنبياء الكذبة الذين يتكلمون بالناعمات، ويبثّون رجاءً مزيَّفًا. وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قُرُونَ حَدِيدٍ وَقَالَ: هَكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهَذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنُوا. [10] تستخدم القرون في الكتاب المقدس كرمزٍ للقوة. كان النطح بالقرون يشير إلى الدخول في معركة حربية بروح القوة، مع التأكد من النصرة على الأعداء (راجع تث 33: 17؛ مز 44: 5؛ دا 8: 4). أما قول صدقيا وهو كاهن للبعل: "هكذا قال الرب"، فقد أراد بروح الكذب أن يُعلِنَ أنه مُرسَل من قِبَل الرب. أما قيام صدقيا بعملية النطح بالقرون الحديدية، وإدِّعائه أن الرب قال له: "بهذه تنطح الأراميين"، فذلك لأن أنبياء الأوثان كانوا ليس مُجَرَّد ناطقين بما يقوله لهم الآلهة، إنما كان لديهم شخصيًّا القوة والسلطان أن يعملوا ما يريدون، وأن يحثّوا الآلهة على إتمام ما يطلبونه[5]. وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هَكَذَا قَائِلِينَ: اصْعَدْ إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ وَأَفْلِحْ، فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ. [11] وَقَالَ الرَّسُولُ الَّذِي ذَهَبَ لِيَدْعُوَ مِيخَا: هُوَذَا كَلاَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ خَيْرٌ لِلْمَلِكِ. فَلْيَكُنْ كَلاَمُكَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ. [12] قَدَّم الرسول لميخا نبي الرب مشورة أو نصيحة أن يتكلم مع الملك بما اتفق عليه كل الأنبياء الكذبة أو أنبياء الأوثان. أما ميخا فحسب هذه المشورة شريرة وباطلة. فَقَالَ مِيخَا: حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ إِلَهِي فَبِهِ أَتَكَلَّمُ. [13] وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْمَلِكِ، قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: يَا مِيخَا، أَنَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟ فَقَالَ: اصْعَدُوا وَأَفْلِحُوا فَيُدْفَعُوا لِيَدِكُمْ. [14] لم تكن هذه هي المرة الأولى التي فيها يضطر أخاب أن يستدعيه فيسأله، وهو لا ينتظر منه الإجابة، إنما ينتظر منه أن ينطق بما يقوله الأنبياء الكذبة، ربما لكي يقنع الذين حوله أن هؤلاء الأنبياء صادقون. فكان يجيبه ميخا بما يطلبه الملك، ولكن بلهجة تحمل نوعًا من السخرية والاستخفاف بتصرُّفات الملك الذي يود أن ينطق رجل الله ليس حسب فكر الله، إنما حسب هوى الملك. فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: كَمْ مَرَّةٍ أَسْتَحْلِفُكَ أَنْ لاَ تَقُولَ لِي إِلاَّ الْحَقَّ بِاسْمِ الرَّبِّ! [15] كان الملك يعلم تمامًا أنه إذ يستحلف النبي، يلتزم الأخير أن يُغَيِّرَ أسلوبه، فلا يتكلم بسخرية، إنما ينطق بما يخبره به الرب. فَقَالَ: رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُشَتَّتِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهَؤُلاَءِ أَصْحَابٌ، فَلْيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ. [16] أدرك الملك ما وراء المَثَل من معنى، وذلك من صلاة موسى حين طلب من الرب رئيسًا أو قائدَا صالحًا للشعب فقال: "يخرج أمامهم، ويدخل أمامهم، ويخرجهم ويدخلهم، لكيلا تكون جماعة الرب كالغنم التي لا راعي لها" (عد 27: 17). فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: أَمَا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا؟ [17] أراد أخاب أن يُصَوِّرَ ليهوشافاط أن ما نطق به ميخا لم يصدر من الله، إنما عن حقدٍ يحمله ضد الملك، لذلك جاء رأيه مناقضًا للإجماع الذي كان بين كل الأربعمائة نبي. وَقَالَ: فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ. قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ. [18] كثيرًا ما تحدث داود النبي عن الرب الجالس على العرش في السماء (مز 9: 7؛ 11: 4؛ 45: 6؛ 103: 19)، وقد ظهر القدير جالسًا على العرش في رؤى وُهِبَت لإشعياء (إش 6)، ودانيال (دا 7: 9)، وحزقيال (حز 1: 26)، وإستفانوس (أع 7: 56)، ويوحنا (رؤ 4: 2). فَقَالَ الرَّبُّ: مَنْ يُغْوِي أخاب مَلِكَ إِسْرَائِيلَ، فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟ فَقَالَ هَذَا هَكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هَكَذَا. [19] ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ، وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ، وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ. فَسَأَلَهُ الرَّبُّ: بِمَاذَا؟ [20] جاء في الترجوم فكر غريب؛ وهو أن روح نابوت اليزرعيلي خرج من مسكن الأبرار ووقف أمام الرب، وقال: "أنا أخدعه"، فقال له الرب: "بماذا؟ فأجاب: "أُصَيِّر روح نبي كذَّاب في أفواه أنبيائه". قال له الرب: "إذن ليكن هذا. ولكن إذ تأخذ سلطان لتخدعهم، لا يجوز لك أن تجلس بين الأبرار، لأن من يتكلم بالكذب، لا يقدر أن يقطن بين الأبرار. فاذهب عني، وأفعل ما قد قلته[6]." فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ. فَقَالَ: إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ. فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هَكَذَا. [21] إذ كان أخاب يستريح ويستطيب مشورة الأنبياء الكذبة، لذا سمح الله له أن يخدعه روح الكذب ويغويه. يتعجب كيف يوجد في السماء من يقول: "أخرج وأكون روح كذب"، غير أنه من المعروف أن الرؤى الخاصة بالسماء لا تُفسَّر بطريقة حرفية، إنما هي أقرب إلى المثال أو الإعلانات التي لا يُنطَق بها. إنها تُقدَّم للبشر بطريقة تتناسب مع اللغة البشرية أو الفكر البشري. وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ أَنْبِيَائِكَ هَؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرٍّ. [22] فَتَقَدَّمَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ، وَضَرَبَ مِيخَا عَلَى الْفَكِّ وَقَالَ: مِنْ أَيِّ طَرِيقٍ عَبَرَ رُوحُ الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَك؟ [23] غالبًا ما كان ميخا مربوط اليدين، وقد أُحضر من السجن. ضربه صدقيا على خَدِّه أو وجهه كنوعٍ من الخزي والعار. فَقَالَ مِيخَا: إِنَّكَ سَتَرَى فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَدْخُلُ فِيه مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ لِتَخْتَبِئَ. [24] لم يجب ميخا النبي صدقيا على سؤاله مباشرة، إنما قَدَّم الإجابة لجميع الحاضرين، قائلاً: لهم حين يأتي خبر موت أخاب الملك إلى السامرة، يختبئ كل مشيري الملك والأنبياء الكذبة، حينئذ يهرب صدقيا ليختبئ من موضعٍ إلى موضعٍ، خشيةً أن ينتقم منه أخزيا بن أخاب، أو إيزابل الملكة، عندئذ تدركون أنني نبي حقيقي. فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ: خُذُوا مِيخَا، وَرُدُّوهُ إِلَى أَمُّونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ، وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ [25] طلب الملك أن يردُّوا ميخا إلى السجن الذي كان محبوسًا فيه. كان للسامرة رئيس مدينة، وكان من بين مسئولياته إدارة السجن العام والإشراف على طريقة التعامل مع المسجونين. وَقُولُوا هَكَذَا يَقُولُ الْمَلِكُ: ضَعُوا هَذَا فِي السِّجْنِ وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ، حَتَّى أَرْجِعَ بِسَلاَمٍ. [26] أراد أخاب أن يؤكد للملك يهوشافاط وجميع الحاضرين أنه لا يُصَدِّق ما يقوله ميخا، لذا أمر بالتشديد على النبي في السجن، فيأكل خبر الضيق أو الحزن، ويشرب ماء الضيق. فَقَالَ مِيخَا: إِنْ رَجَعْتَ رُجُوعًا بِسَلاَمٍ، فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي. وَقَالَ: اسْمَعُوا أَيُّهَا الشُّعُوبُ أَجْمَعُونَ. [27] موقف المُشيرين الأمناء صعب، وغالبًا ما يكونوا مكروهين ومُضطهدين، وذلك بسبب أمانتهم للرب إلههم. لكن في الوقت المناسب يكشف الله عن رجاله الأمناء وعن المضللين والكذبة. عرَّض يهوشافاط الإنسان المستقيم في عينيّ الله نفسه للخطر بلباسه الملوكي، ومع ذلك نجَّاه الله. وأخاب الشرير الذي ادَّعى الصداقة الحميمة ليهوشافاط، وقَدَّم له مشورة خطيرة تُعرِّض يهوشافاط للقتل. يرى البعض أنه قَدَّمها بسوء نيّة، فقد أضمر في نفسه إنهاء حياة يهوشافاط بجعله علامة واضحة أمام العدو لكي يقتله، وبذلك يسيطر على خليفته – ابنه يهورام – زوج ابنة أخاب. لكن سقط أخاب في الحفرة التي حفرها لصديقه. لقد تخفَّى أخاب ليظهر كجندي عادي، فسمح الله أن يُقتَل بيد مجهول. 5. الرب ينقذ يهوشافاط 28 فَصَعِدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتِ جِلْعَادَ. 29 وَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: «إِنِّي أَتَنَكَّرُ وَأَدْخُلُ الْحَرْبَ، وَأَمَّا أَنْتَ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ». فَتَنَكَّرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَدَخَلاَ الْحَرْبَ. 30 وَأَمَرَ مَلِكُ أَرَامَ رُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ الَّتِي لَهُ قَائِلًا: «لاَ تُحَارِبُوا صَغِيرًا وَلاَ كَبِيرًا إِلاَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَحْدَهُ». 31 فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ يَهُوشَافَاطَ قَالُوا: «إِنَّهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ»، فَحَاوَطُوهُ لِلْقِتَالِ، فَصَرَخَ يَهُوشَافَاطُ، وَسَاعَدَهُ الرَّبُّ وَحَوَّلَهُمُ اللهُ عَنْهُ. فَصَعِدَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ. [28] كان يليق بيهوشافاط بعد سماعه ما قاله ميخا النبي أن ينسحب، ولا يذهب مع أخاب إلى المعركة. للأسف لقد أعلن له ميخا النبي إرادة الله، ومع ذلك اندفع بالعاطفة نحو أخاب الشرير ليسنده في المعركة. ربما شعر أنه ليس من الرجولة أو الشجاعة أن يترك أخاب في المعركة وحده. وَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: إِنِّي أَتَنَكَّرُ وَأَدْخُلُ الْحَرْبَ، وَأَمَّا أَنْتَ فَالْبَسْ ثِيَابَكَ. فَتَنَكَّرَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، وَدَخَلاَ الْحَرْبَ. [29] ربما سمع أخاب الأمر الذي أصدره بنهدد لقادة جيشه، أن يُرَكِّزوا كل المعركة على شخص أخاب (1 مل 22: 31). وَأَمَرَ مَلِكُ أَرَامَ رُؤَسَاءَ الْمَرْكَبَاتِ الَّتِي لَهُ: لاَ تُحَارِبُوا صَغِيرًا وَلاَ كَبِيرًا إِلاَّ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ وَحْدَهُ. [30] فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ يَهُوشَافَاطَ، قَالُوا إِنَّهُ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ، فَحَاوَطُوهُ لِلْقِتَالِ، فَصَرَخَ يَهُوشَافَاطُ، وَسَاعَدَهُ الرَّبُّ وَحَوَّلَهُمُ عَنْهُ. [31] جاء في الترجوم: "صرخ يهوشافاط، وقَدَّمت له كلمة الرب مساعدة[7]". إذ وَجد يهوشافاط نفسه في مأزق، صرخ طالبًا النجدة من رجاله. سمعه رؤساء مركبات أرام، وعرفوا أنها ليست صرخة أخاب، بل صرخة يهوشافاط، فتحوَّلوا عنه. لم يحدث هذا اعتباطًا، إنما بسماح من الرب الذي أراد أن يُنقِذَ يهوشافاط بالرغم من عدم سماعه لما تنبّأ عنه ميخا. ظَنَّ يهوشافاط أن الدخول في مصاهرة مع أخاب ملك إسرائيل الشرير يسنده ويعطيه قوة. لقد ضحَّى بشركته مع الله من أجل أسباب سياسية ودبلوماسية، فعرَّض نفسه للموت، مع هذا فإن الله تطلَّع إلى ما سبق فسلكه يهوشافاط بأمانة، فأنقذه من الموت. 32 فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ رَجَعُوا عَنْهُ. 33 وَإِنَّ رَجُلًا نَزَعَ فِي قَوْسِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ وَضَرَبَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ أَوْصَالِ الدِّرْعِ، فَقَالَ لِمُدِيرِ الْمَرْكَبَةِ: «رُدَّ يَدَكَ وَأَخْرِجْنِي مِنَ الْجَيْشِ لأَنِّي قَدْ جُرِحْتُ». 34 وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، وَأُوقِفَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي الْمَرْكَبَةِ مُقَابِلَ أَرَامَ إِلَى الْمَسَاءِ، وَمَاتَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. فَلَمَّا رَأَى رُؤَسَاءُ الْمَرْكَبَاتِ أَنَّهُ لَيْسَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ، رَجَعُوا عَنْهُ. [32] وَإِنَّ رَجُلاً نَزَعَ فِي قَوْسِهِ غَيْرَ مُتَعَمِّدٍ، وَضَرَبَ مَلِكَ إِسْرَائِيلَ بَيْنَ أَوْصَالِ الدِّرْعِ، فَقَالَ لِمُدِيرِ الْمَرْكَبَةِ: رُدَّ يَدَكَ وَأَخْرِجْنِي مِنَ الْجَيْشِ، لأَنِّي قَدْ جُرِحْتُ. [33] جاء في الترجوم: "لأن نعمان قائد قوات ملك سوريا العظيم، سحب قوسًا ضده (لكي تتحقق نبوة إيليا التشبي وميخا بن يملة)، وضرب ملك إسرائيل ما بين القلب وغشاء الكبد، في موضع المفصل...[8]" كانت دروع الصدر مصنوعة من المعادن، خاصة في مصر وأشور. ضرب الجندي قوسه تحت درع الصدر مباشرة، في المفصل. "رد يدك": كانت العادة في مصر وأشور أن يقود المعركة سائقها خلال لجام يديره بيديه معًا. ما حدث هنا كان درسًا لإسرائيل كما ليهوذا، فإنه لا خلاص إلا بالشركة مع الله والاتكال عليه، وعدم الانغماس في الفساد والنجاسة، والتحفظ من الالتصاق بالأشرار. وَاشْتَدَّ الْقِتَالُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَأُوقِفَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ فِي الْمَرْكَبَةِ مُقَابِلَ أَرَامَ إِلَى الْمَسَاءِ، وَمَاتَ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ. [34] تحالف فاسد وشرير! v ليس شيء يَسرُّ الله مثل الحب والوحدة والتحالف. نزل إلينا لينزع عنا كل ما هو غريبٍ عن الحُبِّ. ارتفع على الصليب لكي بالخشبة الرأسية تتحالف السماء مع الأرض. وبالخشبة الأفقية تتحالف البشرية معًا وكل الأمم. v صاهر يهوشافاط أخاب الشرير. فأقام شِبْه تحالُف فاسد. أي اتفاق بين الله وبليعال؟! وأيّة شركة بين النور والظلمة؟! v كيف احتمل يهوشافاط إنسان الله أن يجتمع مع أخاب؟ اجتمع معهما أربعمائة نبي كذّاب. تحدَّثوا باسم الرب، وهم خدام إبليس وجنوده. قَدَّموا مشورة باسم الرب، تحدَّثوا بالناعمات وأكَّدا النصرة على أرام. فكانوا يدفعون الملكين وشعبيهما للدمار! v أَكَّد ميخا الرائي كذبهم وخداعهم، لكن فساد أخاب أفسد بصيرة يهوشافاط. قُتِلَ أخاب في عارٍ، وكاد يهوشافاط أن يهلك مع شعبه. v هَبْ لي يا إلهي روح القوة والتمييز. فأرفض كل تحالفٍ مع الشر والظلمة. ألتصق بك يا نور العالم، فلا تتسلل الظلمة إلى قلبي أو فكري. أتمتَّع بالشركة مع قدِّيسيك خُدَّامك الناريين! ألتصق بالحق، فلا يجد الباطل له فيَّ مكانًا. v أشتهي خلاص العالم كله، أُصلَب معك، لأحيا بك وفيك. لا أدين أحدًا، ولا أستخف بإنسانٍ. لكنني لا أشترك في عمل الظلمة. هَبْ لي مع البساطة روح الحكمة والتمييز. أَتَرَفَّق بكل ضعيفٍ، كأني ضعيف لأربحه. لكنني لا أنحدر معه في الضعفٍ. v ثَبِّتني فيك يا إلهي، النور الحقيقي. بك أستنير وأحملك إلى كل قلبٍ. فلا أستعذب فساد الظلمة! بل أتهلل بنورك، وأتمتع بالاتحاد معك. v متى أرى العالم كله ملتصقًا بك؟ متى أرى الأرض تصير بك سماءً جديدة؟ متى أرى البشرية بك تصير شِبْه ملائكة؟ لك المجد يا مخلص العالم، مُحِب البشرية! |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187228 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() أبنى الغالى .. بنتي الغالية حينما يضيق بيكم الكون ولا تجدوا من يقبلكم أنا أعزيكم حتى في عز اتساخكم أنحني لأغسلكم أريحكم لانني اتمنى عودتكم لي بابي مفتوح لأحضنكم كطبيب أعرف كيف أشفيكم وكأب أعرف كيف أعتني بكم |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187229 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() ![]() سمعان الشيخ يحمل الطفل يسوع |
||||
![]() |
رقم المشاركة : ( 187230 ) | ||||
† Admin Woman †
![]() |
![]() القديس البار ابللو رفيق القديس ابيب |
||||