منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25 - 07 - 2017, 03:46 PM   رقم المشاركة : ( 18631 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

تمجيد الشهيد الأنبا بضابا
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تقدمت انا المسكين .. امدح كل حين .. قديس بار وامين .. بنيوت افا بضابا
كان عمره عشر سنوات.. في محبة رب القوات .. وازداد في الروحانيات .. بنيوت افا بضابا
اصوام مع صلوات .. وحضور القداسات .. يحب كل المخلوقات .. بنيوت افا بضابا
بضابا حبيب ايسوس .. وابن خالته اندراوس .. خدما الرب القدوس .. بنيوت افا بضابا
عزما علي الارتحال .. من عالم الزوال .. وخرجا في الحال .. بنيوت افا بضابا
وصلا الي الانبا ايساك .. في موضع النساك .. قائلين نعيش معاك .. بنيوت افا بضابا
عاشوا بكل ايمان .. بحب الرب الديان .. في صبر واطمئنان .. بنيوت افا بضابا
شفي مرضي بالمعجزات .. واقام الاموات .. باسم رب القوات .. بنيوت افا بضابا
شاع ذكره بيقين .. بين المؤمنين .. احبه الكل اجمعين .. بنيوت افا بضابا
دعاه اسقف البلاد .. ليبارك العباد .. قال لهم انا تراب ورماد .. بنيوت افا بضابا
صنع عجائب كثيرة .. في قوص ونقاده .. وقفط وبهجورة .. بنيوت افا بضابا
تنيح اسقف ذاك الحين .. فاجتمع الشعب الحزين .. واختاروا القديس الامين .. بنيوت افا بضابا
ظهر ملاك الله .. للبابا بطرس في رؤياه .. فوضع يده بالصلاة .. بنيوت افا بضابا
بالحب رعي شعبه .. والرب بارك تعبه .. والمعجزات كانت تتبعه .. بنيوت افا بضابا
هجم عباد الاوثان .. فجمع شعبه من كل مكان .. وثبتهم علي الايمان .. بنيوت افا بضابا
بضابا واندراوس .. وابونا خريستوذولوس .. اعترفوا بالرب ايسوس .. بنيوت افا بضابا
نالوا الاكاليل .. والسماء فرحت بتهليل .. تسبح بالتراتيل .. بنيوت افا بضابا
طوباك يا مختار .. يا نسل الابرار .. اذكرنا امام رب الانوار .. بنيوت افا بضابا
تفسير اسمك في افواه.. كل المؤمنين .. الكل يقولون يا اله .. الانبا بضابا اعنا اجمعين
 
قديم 25 - 07 - 2017, 05:24 PM   رقم المشاركة : ( 18632 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

شفاء خادم قائد المئة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ كَفْرَنَاحُومَ، جَاءَ إِلَيْهِ قَائِدُ مِئَةٍ يَطْلُبُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ: "يَا سَيِّدُ، غُلَامِي مَطْرُوحٌ فِي الْبَيْتِ مَفْلُوجاً مُتَعَذِّباً جِدّاً". فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: "أَنَا آتِي وَأَشْفِيهِ". فَأَجَابَ قَائِدُ الْمِئَةِ: "يَا سَيِّدُ، لَسْتُ مُسْتَحِقّاً أَنْ تَدْخُلَ تَحْتَ سَقْفِي، لكِنْ قُلْ كَلِمَةً فَقَطْ فَيَبْرَأَ غُلَامِي. لِأَنِّي أَنَا أَيْضاً إِنْسَانٌ تَحْتَ سُلْطَانٍ. لِي جُنْدٌ تَحْتَ يَدِي. أَقُولُ لِهذَا: اذْهَبْ فَيَذْهَبُ، وَلِآخَرَ: اِيتِ فَيَأْتِي، وَلِعَبْدِيَ: افْعَلْ هذَا فَيَفْعَلُ". فَلَمَّا سَمِعَ يَسُوعُ تَعَجَّبَ، وَقَالَ لِلَّذِينَ يَتْبَعُونَ: "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ، لَمْ أَجِدْ وَلَا فِي إِسْرَائِيلَ إِيمَاناً بِمِقْدَارِ هذَا. وَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كَثِيرِينَ سَيَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، وَأَمَّا بَنُو الْمَلَكُوتِ فَيُطْرَحُونَ إِلَى الظُّلْمَةِ الْخَارِجِيَّةِ. هُنَاكَ يَكُونُ الْبُكَاءُ وَصَرِيرُ الْأَسْنَانِ". ثُمَّ قَالَ يَسُوعُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ: "اذْهَبْ، وَكَمَا آمَنْتَ لِيَكُنْ لَكَ". فَبَرَأَ غُلَامُهُ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ" (متى 5:8-13).
قال السيد المسيح إنه جاء ليقدم الخدمة للناس، لا ليُخدَم. وهو الوحيد الذي لم يخالف فعلُه قولَه مطلقاً. قال فيه سامعوه إنه تكلم كمن له سلطان، وفوق السلطان يتبعه فعل السلطان. لم ينتهِ وعظه إلا وتجددت معجزاته. دخل مدينة كفر ناحوم ترافقه جموع كثيرة، فاستقبله وفد من قادة اليهود من أصحاب الوظائف الدينية يطلبون إليه باجتهاد، بالنيابة عن الحاكم العسكري الروماني أن يشفي عبده المريض بالشلل معذباً جداً ومشرفاً على الموت، وهو عزيز عنده. سمّاه "غلامه" وهي كلمة تُستعمل في اليونانية عن الابن أيضاً. من كلامه واهتمامه بعبده عرفنا مزايا هذا الجندي الشريف، لأن في ذلك كان العبد محتقراً مُهاناً إلى أقصى درجة عند أغلب الأسياد.
ظن هذا القائد الروماني أن المعلم اليهودي سينقاد إلى طلب رؤساء ملَّته في المدينة، فاستنجد بهم، وبذلك ظهر أن علاقة هؤلاء مع المسيح كانت لا تزال حسنة، بخلاف الأمر مع زملائهم في اليهودية. فوافق الرؤساء على طلب هذا القائد، بناءً على حُسْن علاقاتهم معه أيضاً. فتمكن من ملازمة غلامه في أشد ساعات الخطر. لما حضر وفد الرؤساء أمام المسيح قالوا إن القائد بنى لنا المجمع ويحبُّ أمّتنا، ويستحق أن يُفعل له هذا. ولا نلوم هذا القائد الوثني على ظنه بأنه يحتاج إلى شفعاء لدى المسيح ليحقق آماله، فلم يكن يعلم أن المسيح يعرفه أفضل من هؤلاء الشفعاء به، ولم يكن يعلم أن محبة هؤلاء له ليست إلا جزءاً لا يُذكر من محبة المسيح له. ولذلك لم يعلم أن تدخُّل هؤلاء الشفعاء كان فضولاً. وفي يومنا هذا ليس من ملاك أو قديس إنْ كان على الأرض أو في السماء أعْرَف بنا أو أقرب إلينا أو أحنّ علينا، من المسيح ذاته لكي يصلح شفيعاً بدلاً من المسيح، أو لكي يعينه في الشفاعة بنا. ومنزلة السيد المسيح عند الآب السماوي، الذي عيّنه شفيعاً وحيداً وكافياً، لا تترك مجالاً لغيره ليجلس بجانبه أو يشاركه في الشفاعة، فإن شفاعة المسيح مبنيَّة على أساس ما انفرد به عن سائر الناس أو الملائكة في عمله الكفاري، كما يقول الإِنجيل: "لِأَنَّهُ يُوجَدُ إِلهٌ وَاحِدٌ وَوَسِيطٌ وَاحِدٌ بَيْنَ اللّهِ وَالنَّاسِ: الْإِنْسَانُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (1تيموثاوس 2:5).
الذين يستشفعون ملائكة أو قديسين لا ينتبهون إلى أن ما في أقدس القديسين وأعظمهم، من اللطف والإِشفاق وحب الإِنسانية والعطف على البؤساء، ليس إلا قطرة فقط مما في المسيح من هذه العواطف الشريفة. فهم كالذين يطلبون أن يستضيئوا بسراج في رابعة النهار. إنهم لا ينتبهون إلى أن ليس قديس من القديسين قد أعطي برهاناً لحبه إياهم أو سؤاله عنهم، بينما المسيح قد جاء من السماء وتأنَّس وعلَّم وخدم وتألم واحتمل ومات وقام وصعد إلى السماء وجلس عن يمين اللّه ليشفع في المؤمنين. وكل ذلك حباً لهم. إنهم كالولد الذي في الشدائد والمخاطر يحيد عن أمٍ جمعتْ في شخصها كل الكمالات، واحتملت في تربيته أعظم المشقات، ليتمسك بخادمة البيت بدلاً عنها. ويجوز لنا أن نستشهد برفْض المسيح لتداخُل والدته وقت عرس قانا الجليل شاهداً مؤثراً لهذه الحقيقة المتعلّقة باستشفاع القديسين في أمور الدين. وبذلك علَّم المسيح الناس في كل الأجيال أن لا محل ولا حاجة إلى هذا الاستشفاع.
كان المرضى يُحمَلون اعتيادياً إلى محل وجود المسيح. أما في هذا الحادث فقد وافق المسيح الناس على عادتهم في تمييز كبار القوم، فرضي أن يعامل هذا القائد معاملة ممتازة، ولا سيما لأنه أجنبي، وتوجه إلى بيت المريض. ولما عرف قائد المئة أن المسيح آتٍ، كلَّف بعض أصدقائه ليلاقوه ويظهروا له احتراماته القلبية وإيمانه بمقدرته، وأن ينوبوا عنه بالقول: "يا سيد لا تتعب، لأني لست مستحقاً أن تدخل تحت سقفي. لذلك لم أحسب ذاتي أهلاً أن آتي إليك. لكن قُلْ كلمة فقط فيبرأ غلامي". وقوله بتواضع وإخلاص: "لستُ أحسب نفسي أهلاً" هو أفضل برهان لأهليّته، لأن الشعور بعدم الاستحقاق الذاتي هو المقدمة الضرورية لكل من يطلب معونة المسيح وخلاصه.
يظهر أن هذا الرجل ظن أن المسيح يفعل معه كما فعل مع مواطنه خادم الملك منذ نحو سنة ونصف، فيشفي غلامه عن بُعْد، بكلمة. وكان مؤمناً أن للمسيح ذات السلطة على الطبيعة والأمراض التي له هو على أنفار الجند والخدم الذين تحت أمره، والتي لرؤسائه عليه أيضاً، فاستعار هذا التشبيه الجميل الدال على حُسْن تقييمه للموقف. فتعجب المسيح من عظمة الإِيمان والحكمة والتواضع واللياقة في هذا الوثني، والتفت إلى الجمع الذي يتبعه وقال: "الحق أقول لكم: لم أجد ولا في إسرائيل إيماناً بمقدار هذا". ولم يبال بما قد يُحدثه هذا من استياء في سامعيه من اليهود. ثم صرح بأن القبول عند اللّه لا يتوقف على الأصل. قال: "أقول لكم إن كثيرين سيأتون من المشارق والمغارب ويتكئون مع إبراهيم وإسحق ويعقوب في ملكوت السماوات. وأما بنو الملكوت فيُطرحون خارجاً إلى الظلمة الخارجية. هناك يكون البكاء وصرير الأسنان".
في هذه المرة أيضاً أعطى المسيح برهاناً واضحاً على أنه ليس مولود عصره، ولا ثمر الجنس البشري المجرد، لأن أفكاره مستقلةٌ تماماً عن الآراء السائدة بين قومه وفي زمانه، بل مضادة لها على خط مستقيم. وها هو ينفي كفاءة الأصل اليهودي حُجَّةً للقبول عند اللّه.
ثم أرسل المسيح جوابه للقائد أن يدخل بيته، قائلاً: "كما آمنتَ ليكن لك". فبرأ غلامه في تلك الساعة. ورجع المرسَلون إلى البيت فوجدوا العبد المريض قد صحّ. فرح المسيح عندما رأى في هذا الجندي الروماني باكورة الوثنيين الذين سوف يؤمنون به بعد أن رفضْتهُ أمته الخاصة - وليس أنها رفضته فقط زمان ظهوره في أراضيها، بل لا تزال مُصِرَّة إلى الآن!
هل تشعر بعدم استحقاقك للحصول على غفران اللّه؟ طوبى لك. هذا بداية الطريق للحصول على الغفران. اُطلب الغفران من اللّه، على أساس ما فعله المسيح لأجلك على الصليب. ولتكن مؤمناً بسلطان المسيح الكامل على الغفران والشفاء
 
قديم 25 - 07 - 2017, 05:27 PM   رقم المشاركة : ( 18633 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المسيح يقيم شاباً من الموت

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي ذَهَبَ إِلَى مَدِينَةٍ تُدْعَى نَايِينَ، وَذَهَبَ مَعَهُ كَثِيرُونَ مِنْ تَلَامِيذِهِ وَجَمْعٌ كَثِيرٌ. فَلَمَّا اقْتَرَبَ إِلَى بَابِ الْمَدِينَةِ، إِذَا مَيْتٌ مَحْمُولٌ ابْنٌ وَحِيدٌ لِأُمِّهِ، وَهِيَ أَرْمَلَةٌ وَمَعَهَا جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمَدِينَةِ. فَلَمَّا رَآهَا الرَّبُّ تَحَنَّنَ عَلَيْهَا وَقَالَ لَهَا: "لَا تَبْكِي". ثُمَّ تَقَدَّمَ وَلَمَسَ النَّعْشَ، فَوَقَفَ الْحَامِلُونَ. فَقَالَ: "أَيُّهَا الشَّابُّ، لَكَ أَقُولُ قُمْ". فَجَلَسَ الْمَيْتُ وَابْتَدَأَ يَتَكَلَّمُ، فَدَفَعَهُ إِلَى أُمِّهِ. فَأَخَذَ الْجَمِيعَ خَوْفٌ، وَمَجَّدُوا اللّهَ قَائِلِينَ: "قَدْ قَامَ فِينَا نَبِيٌّ عَظِيمٌ، وَافْتَقَدَ اللّهُ شَعْبَهُ". وَخَرَجَ هذَا الْخَبَرُ عَنْهُ فِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَفِي جَمِيعِ الْكُورَةِ الْمُحِيطَةِ" (لوقا 7:11-17).
سافر المسيح من الناصرة إلى قرية نايين، وهي رحلة يوم كامل سيراً على الأقدام. والتقى رب الحياة والجمهور الذي يتبعه بملاك الموت يقود جمهوراً يحمل على أكتافه جثة شاب وحيد لأمه، وهي أرملة.. وما أعظم حزن الأم! لذلك تحرك لحزنها كلُّ سكان المدينة وخرجوا معها ليدفنوا وحيدها على رجاء القيامة. فالتقوا بالمسيح الذي هو القيامة والحياة، والذي من أمامه يهرب ليس الموت فقط، بل أيضاً الذي له سلطان الموت، أي إبليس.
يمكن أن نتخيل إبليس راكباً على النعش، وهو غير منظور، مفتخراً بانتصاره في افتراسه هذا الشاب، وأن نتصور حمقه عند رؤيته من بعيد قدوم جمهور عظيم، يتبع عدّوه المسيح، الذي انتصر عليه في كل عراك حتى الآن. ألم يصرَّ بأسنانه بغيظٍ عقيم في الماضي كلما طرد المسيح شيطاناً من مصاب؟ ولربما طمأن إبليس ذاته في هذا الموقف بالوهم أن المسيح لم يخطف منه إلى الآن فريسة الموت، فهو لا يزال منتصراً في هذا الميدان.
كانت المؤاساة في المآتم من أقدس الواجبات عند اليهود، وتُثيب من يمارسها. وحسب اصطلاح ذلك الوقت كان على المسيح والجمهور الذي معه أن يفسحوا الطريق لمرور موكب الدفن، ثم ينضمّون إليه. وكانت العادة في الجليل أن النساء يمشين قدام النعش، لأن المرأة هي التي أدخلت إلى العالم الخطيئة التي نتيجتها الموت. لكن المسيح واجه الموكب وأوقفه. وبما أننا نعلم أن بكاء أهل الميت ومن معهم يتجدد ويقوى كلما التقوا بأشخاص آخرين، فبمُلتقى هذين الجمهورين يزيد الحزن ويعلو البكاء. فلما رأى المسيح الأرملة المسكينة تحنن عليها وقال لها: "لا تبكي". لم يطلب منها الكفَّ عن البكاء كأمر ممنوع، لأن الدموع من العطايا الإِلهية، وقد تكون بركة عظيمة لأنها تفرج ألم الأحزان وتخمد نيرانها. وأي شيء أشرف من الدموع التي تسيل حباً للغير، وأيُّ شيء أفضل من العَبَرات التي يذرفها الإِنسان على معاصيه وذنوبه وزلاته. والحق أننا نبكي على الذي لا يبكي بكاء رزيناً معتدلاً عند وقوع ما يوجب البكاء. ولكن المسيح قصد أن يوقف بكاء هذه الأرملة، وأعطاها سبباً كافياً لذلك. فتقدم ولمس النعش فوقف الحاملون. وامتلكت هيبة المسيح كبار هؤلاء القوم مع صغارهم، فخضعوا له، وأوقفوا الموكب بانتظار ما يريد هو.
كان صوت البوق قد أعلن موت هذا الشاب في نايين. أما الآن وعلى هذا الطريق سيُسمع صوت الذي قال على مسمع من الرؤساء والجمهور في أورشليم: "الحق الحق أقول لكم إنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن اللّه والسامعون يحيون" (يوحنا 5:25). الآن يُثبِت قوله الغريب بفعله العجيب، فنادى الميت بقوله: "أيها الشاب، لك أقول قم". ووقع هذا الصوت على السامعين كالصاعقة. نعم قد سمعوا هذا المعلم ينتهر الأرواح النجسة فتخضع لصوته، ورأوه عندما أمر الأمراض أن تولّي فولَّت، وسمعه تلاميذه ينتهر النوء فأطاع. لكنهم لم يتصوروا ولم يحلموا أن هذا الصوت يأمر أرواحاً انتقلت إلى الأبدية، فترجع إلى قيودها الجسدية بعد تحريرها منها، ويأمر جثة هامدة فتعود إلى الحياة. لقد قرأوا في التوراة عن أنبياء عظماء أقاموا موتى، ولكنهم فعلوا ذلك بعد مصارعة قوية بالصلاة للّه، واستعمال وسائط دلَّت على صعوبة الأمر، وكانوا يُجْرُون ذلك في السر، كأنهم يخشون الفشل. ثم أن تسعمائة سنة قد مرَّت دون حدوث قيامة ميت، فلا يخطر مطلقاً على بال الجمهور أن ذلك يُعاد أمام عيونهم. ولكن هنا إنسان يكلم الموت بصوت سلطان، ولا يستعطف كالأنبياء بصوت يستغيث، فأي تجاسر هذا؟
لكن الحكم يكون للنتيجة، فقد جلس الشاب وابتدأ يتكلم. ما أعظم دهشة هذا الشاب لما فتح عينيه ورأى ذاته على محمل، مُحاطاً بجمهور من النائحين، ورأى كآبة أمه التي هو وحيدها، ولما طرق أذنيه صوتُ الرثاء والنحيب واسمه موضوع ذلك. ثم زاد عجبه لما رأى رجلاً غريباً واقفاً بجانبه يلمس نعشه، على مُحيَّاه إمارات الذكاء المفرط، والرزانة النادرة، مع الطهارة السماوية، واللطف المتدفِّق.
لم يقصد المسيح إزالة الموت في العالم، فهذا الحكم الإِلهي لا يُلغَى ولو توقَّف أحياناً. ولا قصد المسيح إدهاش القوم بإظهار سلطانه، بل دفعه حنانه على الأرملة المسكينة ليصنع هذه المعجزة. إن من أعمال إبليس العدائية إسقاط البشر تحت حكم الموت، ومن أعماله أيضاً تنشيف الحنان والإِشفاق. فكانت رأفة المسيح نحو هذه المسكينة نقْضاً لأعمال إبليس. وحالما عاد ابنها إلى الحياة دفعه إلى أمه، كأنه يقول لها بهذا الفعل: "ترين الآن لماذا نهيتُك عن البكاء". فاللطف والإِشفاق لا ينفصلان عند كل تلميذ حقيقي للمسيح، يقصد أن يسلك في خطواته، عملاً بالوصية: "فَرَحاً مَعَ الْفَرِحِينَ وَبُكَاءً مَعَ الْبَاكِينَ" (رومية 12:15).
لا بد أن أرملة نايين وابنها آمنا بالمسيح المخلص، بل نتصور أنهما أصبحا شاهديْن أمينين له، وخميرة الإِيمان في مدينة نايين، التي على رغم حقارتها قد أصبحت شهيرة بسببهما. وضاعف هذا الحادث الخطير صيت المسيح الطائر في البلاد. فكانت النتيجة حسب قول البشير أن "أخذ الجميعَ خوفٌ ومجدّوا اللّه قائلين: قد قام فينا نبيٌّ عظيم وافتقد اللّه شعبه، وخرج هذا الخبر في كل اليهودية وفي جميع الكورة المحيطة"
ترى ماذا كان منظر المسيح لما رآه ابن أرملة نايين؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خاض الكتبة الأقدمون في موضوع هيئة المسيح الخارجية، الذي لا سبيل للجزم القطعي فيه، واختلفوا في: هل كان ذا جمال جسدي؟ أما في النبوّات فتُوجد بعض آيات اتّخذها قومٌ دليلاً على أن المسيح اتّخذ لنفسه هيئة خارجية حقيرة تسبّب ازدراء الناس به، منها قول إشعياء: "كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَداً أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ" (إشعياء 52:14). على أن هناك آيات أخرى تفيد عكس ذلك، منها قول صاحب المزامير: "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ" (مزمور 45:2) وقول سليمان: "حَبِيبِي... مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ. ...كُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ" (نشيد 5:10 ، 16).
أما نحن فنستصوب الشعار الموضوع في بعض الحوانيت والبيوت: "إن اللّه جميل يحب الجمال" وهذا يتفق مع قول داود النبي: "وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ الرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ" (مزمور 27:4) ولا ريب مطلقاً في أن جمال الهيئة هو الوضع الإلهي في الخَلْق، وأن ما يخالف الجمال هو نتيجة الخطيئة ويُعدُّ خللاً. والاهتمام بجمال الهيئة هو من الواجبات، وكل من يخدم الجمال في أعماله يقدم لجنسه خدمة تُذكر فتُشكر.
نعم قد تطرَّف الأقدمون وأخصُّهم اليونان في تمجيد الجمال الخارجي، فتوصلوا إلى عبادته عبادة دينية، وأدّى ذلك طبعاً إلى الفساد، نظير كل عبادة باطلة. لكن اهتمامهم بالجمال رقّاهم كثيراً وخلّد ذكرهم بين أفضل الأقوام التي قامت في التاريخ البشري.
فيحق لنا أن ننسب جمالاً في القامة والمُحيّا إلى الذي حُبل به من الروح القدس في رحم عذراء طاهرة، اختارها اللّه من بين ألوف العذارى في إسرائيل، لتلد الهيكل الجسدي المعيَّن منه ليتحد به اللاهوتُ المقدس. ويقوّي هذا الظن ما نعلمه عن الصِّلة بين النفس والجسد التي تجعلنا نتوقع ظهور جمال خارجي يقابل الجمال الداخلي في هذا الإِنسان البريء من كل خطيئة، وهيبته الشخصية التي أثَّرت في حوادث عديدة على الناس، حتى على أعدائه أيضاً. هذه تعضد الرأي بأن المسيح كان ذا جمالٍ جسدي.
 
قديم 25 - 07 - 2017, 05:28 PM   رقم المشاركة : ( 18634 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ترى ماذا كان منظر المسيح لما رآه ابن أرملة نايين؟
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خاض الكتبة الأقدمون في موضوع هيئة المسيح الخارجية، الذي لا سبيل للجزم القطعي فيه، واختلفوا في: هل كان ذا جمال جسدي؟ أما في النبوّات فتُوجد بعض آيات اتّخذها قومٌ دليلاً على أن المسيح اتّخذ لنفسه هيئة خارجية حقيرة تسبّب ازدراء الناس به، منها قول إشعياء: "كَانَ مَنْظَرُهُ كَذَا مُفْسَداً أَكْثَرَ مِنَ الرَّجُلِ، وَصُورَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَنِي آدَمَ" (إشعياء 52:14). على أن هناك آيات أخرى تفيد عكس ذلك، منها قول صاحب المزامير: "أَنْتَ أَبْرَعُ جَمَالاً مِنْ بَنِي الْبَشَرِ" (مزمور 45:2) وقول سليمان: "حَبِيبِي... مُعْلَمٌ بَيْنَ رَبْوَةٍ. ...كُلُّهُ مُشْتَهَيَاتٌ" (نشيد 5:10 ، 16).
أما نحن فنستصوب الشعار الموضوع في بعض الحوانيت والبيوت: "إن اللّه جميل يحب الجمال" وهذا يتفق مع قول داود النبي: "وَاحِدَةً سَأَلْتُ مِنَ الرَّبِّ وَإِيَّاهَا أَلْتَمِسُ: أَنْ أَسْكُنَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِي، لِكَيْ أَنْظُرَ إِلَى جَمَالِ الرَّبِّ" (مزمور 27:4) ولا ريب مطلقاً في أن جمال الهيئة هو الوضع الإلهي في الخَلْق، وأن ما يخالف الجمال هو نتيجة الخطيئة ويُعدُّ خللاً. والاهتمام بجمال الهيئة هو من الواجبات، وكل من يخدم الجمال في أعماله يقدم لجنسه خدمة تُذكر فتُشكر.
نعم قد تطرَّف الأقدمون وأخصُّهم اليونان في تمجيد الجمال الخارجي، فتوصلوا إلى عبادته عبادة دينية، وأدّى ذلك طبعاً إلى الفساد، نظير كل عبادة باطلة. لكن اهتمامهم بالجمال رقّاهم كثيراً وخلّد ذكرهم بين أفضل الأقوام التي قامت في التاريخ البشري.
فيحق لنا أن ننسب جمالاً في القامة والمُحيّا إلى الذي حُبل به من الروح القدس في رحم عذراء طاهرة، اختارها اللّه من بين ألوف العذارى في إسرائيل، لتلد الهيكل الجسدي المعيَّن منه ليتحد به اللاهوتُ المقدس. ويقوّي هذا الظن ما نعلمه عن الصِّلة بين النفس والجسد التي تجعلنا نتوقع ظهور جمال خارجي يقابل الجمال الداخلي في هذا الإِنسان البريء من كل خطيئة، وهيبته الشخصية التي أثَّرت في حوادث عديدة على الناس، حتى على أعدائه أيضاً. هذه تعضد الرأي بأن المسيح كان ذا جمالٍ جسدي.
 
قديم 26 - 07 - 2017, 05:38 PM   رقم المشاركة : ( 18635 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

الامير تادرس الشطبى
وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هقدم ليكم قصة حياة الامير تادرس الشطبى
هذا القديس العظيم ولد فى شطب باسيوط وكان من العائلة المالكة وابوه هو لقديس يوحنا قد ترك ابوه والدته بسبب عبادتها للاوثان ولما كبر القديس لراد معرفة مكان والده ولما عرف وقابلة امن القديس بالسيد المسيح فذهب الي القصر وحتم هذه الاصنام فخرج الشيطاتن وهو يقول لااتركك يا تادرس.
ثم بعد ذلك اقام الملك القديس واليا على احدى البلاد وكان بها شيطان داخل تنين كان يسجدوا له الناس وكان يقدموا له اثنين ليكلهم الوحش وكانت هناك ارملة مسيحية لها والدين اخذهم الناس والكهنة وقدموهم للوحش ولما علم القديس اخذ رمحه وسيفه وقتل الوحش وانقذ الولدين فخرج الشيطان يتوعد للقديس فارسل الملك للقديس يستعلم عن ما عمله مع الوحش واغضب الناس فاعترف القديس قدام الملك انه مسيحى فامر الملك بان يسجد القديس للاصنام او العذاب فاختار القديس العذاب فجلده وعصره وفى نهاية لما تعب الولى امر بقطع راسه وعندما تم قطع رقبة القديس اخ1ه القديس يوسايبوس القيصرى وكفنه ووضعه على حجر رحى ووضعه فى البحر فعام القديس عكس التيار الماء الى ان وصل الى اسيوط فى منطقة تسمى دير بصرة فبنوا دير بعد الاضطهاد ووضعوا جسد القديس هناك ومازال هذه الدير كائن ببركة القديس وباسم يسوع ويوجد كنيسة ايضا بشطب بلد القديس بها رفات القديس.
بركته تكون معانا امين
 
قديم 27 - 07 - 2017, 02:19 PM   رقم المشاركة : ( 18636 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

من هو المسيح وماذا سيفعل؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"ثُمَّ خَرَجَ يَسُوعُ وَتَلَامِيذُهُ إِلَى قُرَى قَيْصَرِيَّةِ فِيلُبُّسَ. وَفِي الطَّرِيقِ سَأَلَ تَلَامِيذَهُ قَائِلًا: "مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا؟" فَأَجَابُوا: "يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ، وَآخَرُونَ إِيلِيَّا، وَآخَرُونَ وَاحِدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ". فَقَالَ لَهُمْ: "وَأَنْتُمْ، مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟" فَأَجَابَ بُطْرُسُ وَقَالَ لَهُ: "أَنْتَ الْمَسِيحُ!" فَانْتَهَرَهُمْ كَيْ لَا يَقُولُوا لِأَحَدٍ عَنْهُ" (مرقس 8:27-30).
ارتحل المسيح وتلاميذه شمالاً، سفر نحو يومين، إلى سفح جبل الشيخ في نواحي قيصرية فيلبس، وهناك وجَّه لهم السؤال: "من يقول الناس إني أنا ابن الإنسان؟". وكعادته لم يكن سؤاله للاستفهام، بل لخير الذين يطلب منهم الجواب. طلب منهم أن يخبروه برأي الناس فيه كابن الإنسان فقط، لأن العامة لا يرون إلا ناسوته. فأجابوه أن الناس في حيرة من جهته. يعتبرونه نبياً عظيماً، لكن لا يتصورونه نبياً جديداً. يظنون أنه إيليا أو إرميا أو المعمدان أو نبي آخر قديم قد ظهر ظهوراً جديداً. والظاهر أن ليس أحد يقول إنه المسيح المنتظر.
هل هذه هي النتيجة بعد خدمته ثلاث سنين؟ هل ذهبت أتعابه أدراج الرياح؟ قد أصاب البشير بقوله: "إن النور يضيء في الظلمة، والظلمة لم تدركه" (يوحنا 1:5). بعد إشباعه الخمسة الآلاف قال عنه الجمع: "إن هذا هو بالحقيقة النبي الآتي إلى العالم". أي النبي الذي ينبغي أن يظهر قبل مجيء المسيح ليعلن مجيئه.
كان سؤال المسيح عن رأي الناس فيه مقدمة للسؤال الأهم، عن رأي تلاميذه الذين ثبتوا بعد ارتداد الأكثرين عنه. وبعد سنوات الدرس والتمرين، أتت الساعة ليفحصهم فيعرف أفكارهم في شخصية المعلِّم وليس فقط في تعليمه. لذلك سألهم: "وأنتم من تقولون إني أنا؟" - دون حصر سؤاله كالمرة الأولى في كونه ابن الإنسان.
لا ريب أنهم كانوا قد تحدثوا في ما مضى وتحاوروا في الأمر الذي سألهم عنه الآن، وتمسكوا طوال حياتهم بالآمال السياسية العالمية المتعلقة بمجيء المسيح، فيكون تركها تماماً من أصعب الأمور. ولكن المسيح أراد أن يمحو هذه الفكرة منهم، وأن يقطعها نهائياً. ليت الجميع يدركون ضرورية "القطع والبتّ"، دون تردد أو إمهال في تقرير المعتقَد الديني، ومباشرة السلوك بموجبه.
وكم كان ابتهاج المسيح عظيماً لما أخذ من تلاميذه - بفم بطرس - ذلك الجواب المستوفي الصريح: "أنت المسيح ابن الله الحي". كان السؤال الأول للمسيح: ما القول فيه كابن الإنسان. فجاءه في الجواب الثاني "أنت ابن الله". فما أعظم سر التقوى الذي أشار الرسول بولس إليه وهو أن الله ظهر في الجسد (1 تيموثاوس 3:16) أي أن القولين في المسيح إنه ابن الإنسان وإنه ابن الله الحي صادقان، على رغم ما بظاهرهما من التناقص. أخذ المسيح لنفسه لقب الاتضاع، واعترف بطرس له بلقب الارتفاع. لم يبتهج المسيح لهذا الجواب، لأن الشياطين سبقت إلى مثل هذا الاعتراف مراراً، وكذلك يوحنا المعمدان ونثنائيل. وبطرس ذاته أجاب قبلاً بهذه الألفاظ. لكن المسيح ابتهج لروح بطرس وزملائه، وللإيمان الثابت بعد تمحيص الحوادث السابقة. فطوَّب المسيح بطرس حالاً شخصياً تطويباً لم نقرأ أنه أسبغه على غيره إذ قال: "طوبى لك يا سمعان بن يونا".
ليس في هذا التطويب مديح لبطرس، بل تهنئة لحظِّه الممتاز. وقد ظهر هذا في قول المسيح لبطرس: "إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السموات" فليس شيء مما قاله أو فعله بطرس مجلبة لهذا التطويب، بل ما ناله من كلام الإله الذي أعلن له بإلهام روحي تلك النبوة الفريدة. ونحن نعلم أن نور الخلاص - مثل هذا الإعلان لبطرس - لا يمكن أن يأتي من البشر، فالبشر يهيئون السراج والزيت، لكن النور من عمل الإله. وقد قال الرسول بولس: "لَيْسَ أَحَدٌ يَقْدِرُ أَنْ يَقُولَ: "يَسُوعُ رَبٌّ" إِلَّا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ" (1 كورنثوس 12:3).
أعطيك مفاتيح الملكوت

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: "أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ الْحَيِّ". فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: "طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الْأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الْأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ". حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلَامِيذَهُ أَنْ لَا يَقُولُوا لِأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (متى 16:16-20).
ثم كرر المسيح لبطرس ذِكْر الإسم الذي دعاه به بياناً لثباته (بطرس معناه: صخرة) وكأن المسيح يقول لرسوله المقدام: "أنت يا بطرس قد برهنت ثباتك الصخري في هذه الأحوال الصعبة لما كررت بيان حقيقة كوني في شخصي الواحد: المسيح البشري وابن الله الحيّ. وأنا أصرح لك أني سأبني كنيستي على صخرة هذه الحقيقة الجوهرية التي نطقت بها الآن، بعد أن أُعلنت لك من أبي الذي في السماوات. وكل مقاومات العالم، وقوات الجحيم إلى آخر الأيام لا يمكن أن تتغلب على الكنيسة المؤسسة على هذه الحقيقة. أصرّح لك وللذين نُبت عنهم في الجواب، بأني قد عينتكم لتنوبوا عني وتكملوا عملي بعد صعودي إلى السماء. أعطيكم مفاتيح ملكوت السماوات، لتفتحوا باب الخلاص بتبشيركم في كل البلدان، وتدخلوا إلى كنيستي الذين ترونهم من أهل الخلاص، لأنهم أتّموا شروط الخلاص. أخوّلكم سلطاناً لتصرِّحوا بالهلاك الأبدي للذين يرفضون شروط الخلاص، ويتأخرون عن التوبة والإيمان والصلاح. تحلون وتربطون هذه أيضاً بواسطة كتابكم الإنجيل - يقودكم إلهام الروح الإلهي. فكل ما تضعونه في هذا الكتاب يكون مصدَّقاً في السماء، وكل ما تتركونه يكون متروكاً في السماء. لأن ما تكتبونه من الواجبات والمحرمات يكون ما سمعتموه مني، أو ما تأخذونه بإلهام روحي، فيصلح أن يكون قانون كنيستي إلى كل الأزمان. وسأعطيكم نصيباً خصوصياً وكافياً من روح النبوة وتمييز الأرواح، تأهيلاً لهذه المهمة الفائقة. وأجعلكم أهلاً له بسكب الروح القدس عليكم سكباً عجيباً، تحقق لكم ولجميع الناس، أنكم نوابي المفوّضين. وسأمنحكم ختماً لكل ذلك: قوة لفعل المعجزات العظيمة. أسلّمكم هذا العمل الخطير لأني أسندكم فيه فتستطيعونه".
ماذا سيفعل المسيح؟

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الْإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيراً، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ. وَقَالَ الْقَوْلَ عَلَانِيَةً، فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ. فَالْتَفَتَ وَأَبْصَرَ تَلَامِيذَهُ، فَانْتَهَرَ بُطْرُسَ قَائِلاً: "اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ، لِأَنَّكَ لَا تَهْتَمُّ بِمَا لِلّهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ" (مرقس 8:31-33).
بعد اعتراف بطرس هذا، طلب المسيح من تلاميذه أن لا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح، لأن ساعته لم تأت بعد. ثم أعلن لهم لأول مرة صريحاً غاية مجيئه من السماء، فابتدأ يعلّمهم أنه سيتألم كثيراً في أورشليم ويرفضه الرؤساء ويقتلونه ثم يقوم في اليوم الثالث. انتظر إلى أن يرسخ في قلوبهم اليقين بسرّ تأنُّسه، ويعترفون به بلسانهم صريحاً ونهائياً قبل أن يعلن لهم أمر آلامه وموته ثم قيامته. لأن فهم عمل الفداء بموته يتوقف على تأنُّسه - أي طبيعته المزدوجة. فإن لم يعرفوه المسيح ابن الله وابن الإنسان، لا يدركون معنى موته وقيامته. وكل من يرفض حقيقة التأنُّس لا يترك مكاناً للفداء. لذلك ترى الذين ينكرون لاهوت المسيح ينكرون أيضاً كفارته، لأن القضيتين مرتبطتان برباط لا يُحل.
لكن هذا الإعلان الجديد خالف كل آمال التلاميذ، فلم يقدر بطرس أن يسكت، بل تجاسر وأخذ المسيح على جانب وابتدأ ينتهره. يا للعجب! إن الذي اعترف في هذه الساعة أن هذا السيد هو ليس المسيح العظيم فقط، بل ابن الله الحي، ينتهره ويكذَّبه بقوله: "حاشاك يا رب! لا يكون لك هذا". فما رآه بطرس في نفسه غيرةً حبية نحو سيده، كان بالحقيقة انتصاراً شيطانياً فتح له بطرس الباب، لأن الأسد الزائر إبليس كامنٌ لهذا الرسول المقدام، فوثب عليه في ساعة ارتفاعه، وأوقعه إلى الأرض مهشَّماً. كان خيراً لكل ناجح وممدوح ومرتفع لو تحذَّر من حيل الشيطان لإسقاطه. ولنا هذا التحذير في قول الرسول: "مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ فَلْيَنْظُرْ أَنْ لَا يَسْقُطَ" (1 كورنثوس 10:12). وقال سليمان الحكيم: "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أمثال 16:18).
لم يحتمل المسيح هذا الكلام بل انتهر الشيطان الذي تكلم في بطرس. ووبخ بطرس توبيخاً مراً، وقال له: "اذهب عني يا شيطان، أنت معثرة لي، لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس". رأى المسيح عالم الخفايا أن نوايا بطرس لم تخل من حب المجد العالمي، فاستحق هذا التوبيخ الصارم. ولأنه تلميذ حقيقي احتمله بمحبة، ولذلك وبخه. قال الحكيم: "وَبِّخْ حَكِيماً فَيُحِبَّكَ" (أمثال 9:8). وأيضاً: "وَبِّخْ فَهِيماً فَيَفْهَمَ مَعْرِفَةً" (أمثال 19:25).
شروط اتباع المسيح

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلَامِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الْإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. لِأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الْإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الْإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" (مرقس 8:34-37).
ثم دعا المسيح تلاميذه مع الجمع الذي كان قد انفرد عنه، وأعلن لهم الشروط الثلاثة الشهيرة المطلوبة من تابعيه.
الشرط الأول: "إنكار الذات" أي تسليم زمام الذات والحياة له. لما أنكر بطرس المسيح قال: "لا أعرفه". ومن يتبع المسيح حقاً وينكر نفسه يقول: لا أعرف نفسي حاكماً في حياتي، بل ربي هو الحاكم. سأعطي كل السيطرة على حياتي للمسيح الذي أحبني.
الشرط الثاني: حَمل الصليب يومياً. وهذا بالأكثر هو التمثُّل بالمسيح الذي حمل صليباً لم يضعه آخر عليه، بل هو قصده وأقامه وحمله حبّاً ليخلّص النفوس من الخطيئة والهلاك. وحَمْل الصليب وراء المسيح هو الإقدام على المصائب والمتاعب الجسدية - حتى الموت - تطوُّعاً لا إرغاماً، متى كان ذلك اهتماماً بتخليص النفوس، فليس هذا الشرط (في معظمه) احتمال صليب يوضع علينا، بل حمل صليب نقصده ونرفعه باختيارنا لخير الآخرين.
الشرط الثالث: اتِّباع المسيح، أي السير في خطواته بالتدقيق، دون كلل أو فتور، ودون تردُّد أو ارتداد. هو الراعي الذي يتقدم خرافه فتسير وراءه أمينة وآمنة. ثم أوضح المسيح أن هذه الشروط الثلاثة مبنية على حقيقة رئيسية في شريعة النعمة، وهي أن الذي يطلب السلامة أولاً يخسرها، والذي يطلب الخدمة أولاً يجد السلامة أيضاً. والذي يتهم أولاً بأن يحمي ذاته لا يحميه الرب فلا يسلم، أما الذي يتفرغ أولاً لخدمة الرب ويرضى أن يهجم على المخاطر في سبيل هذه الخدمة، فهذا يحميه الرب فيسلَم.
ثم قال السيد المسيح: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟" - هنا يسأل المسيح سامعيه: هل قيمة العالم بأسره تساوي قيمة نفس واحدة؟ والجواب: هذا غير ممكن، طالما العالم وكل ما فيه من الخيرات والأمجاد يزول، بينما النفس خالدة تبقى إلى الأبد. إذاً ما أعظم غباوة الذي يهمل أمور النفس في سيره وراء الأرباح العالمية. لأنه لو ربح العالم كله ثم أراد أن يشتري به الخلاص، يجد ذلك مستحيلاً.
وأخيراً أنذر المسيح سامعيه أن لا يستحوا به ولا بكلامه. ولو استهان ذلك الجيل الفاسق الخاطئ به وبهم، فإنه سيجيء يوماً في مجد أبيه مع الملائكة ليجازي كل واحد حسب عمله، ويستحي بالذي استحى به أولاً.
 
قديم 27 - 07 - 2017, 02:19 PM   رقم المشاركة : ( 18637 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أعطيك مفاتيح الملكوت


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وَقَالَ: "أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ الْحَيِّ". فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: "طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بْنَ يُونَا، إِنَّ لَحْماً وَدَماً لَمْ يُعْلِنْ لَكَ، لكِنَّ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ. وَأَنَا أَقُولُ لَكَ أَيْضاً: أَنْتَ بُطْرُسُ، وَعَلَى هذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا. وَأُعْطِيكَ مَفَاتِيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ، فَكُلُّ مَا تَرْبِطُهُ عَلَى الْأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطاً فِي السَّمَاوَاتِ. وَكُلُّ مَا تَحُلُّهُ عَلَى الْأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً فِي السَّمَاوَاتِ". حِينَئِذٍ أَوْصَى تَلَامِيذَهُ أَنْ لَا يَقُولُوا لِأَحَدٍ إِنَّهُ يَسُوعُ الْمَسِيحُ" (متى 16:16-20).
ثم كرر المسيح لبطرس ذِكْر الإسم الذي دعاه به بياناً لثباته (بطرس معناه: صخرة) وكأن المسيح يقول لرسوله المقدام: "أنت يا بطرس قد برهنت ثباتك الصخري في هذه الأحوال الصعبة لما كررت بيان حقيقة كوني في شخصي الواحد: المسيح البشري وابن الله الحيّ. وأنا أصرح لك أني سأبني كنيستي على صخرة هذه الحقيقة الجوهرية التي نطقت بها الآن، بعد أن أُعلنت لك من أبي الذي في السماوات. وكل مقاومات العالم، وقوات الجحيم إلى آخر الأيام لا يمكن أن تتغلب على الكنيسة المؤسسة على هذه الحقيقة. أصرّح لك وللذين نُبت عنهم في الجواب، بأني قد عينتكم لتنوبوا عني وتكملوا عملي بعد صعودي إلى السماء. أعطيكم مفاتيح ملكوت السماوات، لتفتحوا باب الخلاص بتبشيركم في كل البلدان، وتدخلوا إلى كنيستي الذين ترونهم من أهل الخلاص، لأنهم أتّموا شروط الخلاص. أخوّلكم سلطاناً لتصرِّحوا بالهلاك الأبدي للذين يرفضون شروط الخلاص، ويتأخرون عن التوبة والإيمان والصلاح. تحلون وتربطون هذه أيضاً بواسطة كتابكم الإنجيل - يقودكم إلهام الروح الإلهي. فكل ما تضعونه في هذا الكتاب يكون مصدَّقاً في السماء، وكل ما تتركونه يكون متروكاً في السماء. لأن ما تكتبونه من الواجبات والمحرمات يكون ما سمعتموه مني، أو ما تأخذونه بإلهام روحي، فيصلح أن يكون قانون كنيستي إلى كل الأزمان. وسأعطيكم نصيباً خصوصياً وكافياً من روح النبوة وتمييز الأرواح، تأهيلاً لهذه المهمة الفائقة. وأجعلكم أهلاً له بسكب الروح القدس عليكم سكباً عجيباً، تحقق لكم ولجميع الناس، أنكم نوابي المفوّضين. وسأمنحكم ختماً لكل ذلك: قوة لفعل المعجزات العظيمة. أسلّمكم هذا العمل الخطير لأني أسندكم فيه فتستطيعونه".
 
قديم 27 - 07 - 2017, 02:20 PM   رقم المشاركة : ( 18638 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

ماذا سيفعل المسيح؟


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ أَنَّ ابْنَ الْإِنْسَانِ يَنْبَغِي أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيراً، وَيُرْفَضَ مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالْكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَبَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يَقُومُ. وَقَالَ الْقَوْلَ عَلَانِيَةً، فَأَخَذَهُ بُطْرُسُ إِلَيْهِ وَابْتَدَأَ يَنْتَهِرُهُ. فَالْتَفَتَ وَأَبْصَرَ تَلَامِيذَهُ، فَانْتَهَرَ بُطْرُسَ قَائِلاً: "اذْهَبْ عَنِّي يَا شَيْطَانُ، لِأَنَّكَ لَا تَهْتَمُّ بِمَا لِلّهِ لكِنْ بِمَا لِلنَّاسِ" (مرقس 8:31-33).
بعد اعتراف بطرس هذا، طلب المسيح من تلاميذه أن لا يقولوا لأحد إنه يسوع المسيح، لأن ساعته لم تأت بعد. ثم أعلن لهم لأول مرة صريحاً غاية مجيئه من السماء، فابتدأ يعلّمهم أنه سيتألم كثيراً في أورشليم ويرفضه الرؤساء ويقتلونه ثم يقوم في اليوم الثالث. انتظر إلى أن يرسخ في قلوبهم اليقين بسرّ تأنُّسه، ويعترفون به بلسانهم صريحاً ونهائياً قبل أن يعلن لهم أمر آلامه وموته ثم قيامته. لأن فهم عمل الفداء بموته يتوقف على تأنُّسه - أي طبيعته المزدوجة. فإن لم يعرفوه المسيح ابن الله وابن الإنسان، لا يدركون معنى موته وقيامته. وكل من يرفض حقيقة التأنُّس لا يترك مكاناً للفداء. لذلك ترى الذين ينكرون لاهوت المسيح ينكرون أيضاً كفارته، لأن القضيتين مرتبطتان برباط لا يُحل.
لكن هذا الإعلان الجديد خالف كل آمال التلاميذ، فلم يقدر بطرس أن يسكت، بل تجاسر وأخذ المسيح على جانب وابتدأ ينتهره. يا للعجب! إن الذي اعترف في هذه الساعة أن هذا السيد هو ليس المسيح العظيم فقط، بل ابن الله الحي، ينتهره ويكذَّبه بقوله: "حاشاك يا رب! لا يكون لك هذا". فما رآه بطرس في نفسه غيرةً حبية نحو سيده، كان بالحقيقة انتصاراً شيطانياً فتح له بطرس الباب، لأن الأسد الزائر إبليس كامنٌ لهذا الرسول المقدام، فوثب عليه في ساعة ارتفاعه، وأوقعه إلى الأرض مهشَّماً. كان خيراً لكل ناجح وممدوح ومرتفع لو تحذَّر من حيل الشيطان لإسقاطه. ولنا هذا التحذير في قول الرسول: "مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ فَلْيَنْظُرْ أَنْ لَا يَسْقُطَ" (1 كورنثوس 10:12). وقال سليمان الحكيم: "قَبْلَ الْكَسْرِ الْكِبْرِيَاءُ، وَقَبْلَ السُّقُوطِ تَشَامُخُ الرُّوحِ" (أمثال 16:18).
لم يحتمل المسيح هذا الكلام بل انتهر الشيطان الذي تكلم في بطرس. ووبخ بطرس توبيخاً مراً، وقال له: "اذهب عني يا شيطان، أنت معثرة لي، لأنك لا تهتم بما لله لكن بما للناس". رأى المسيح عالم الخفايا أن نوايا بطرس لم تخل من حب المجد العالمي، فاستحق هذا التوبيخ الصارم. ولأنه تلميذ حقيقي احتمله بمحبة، ولذلك وبخه. قال الحكيم: "وَبِّخْ حَكِيماً فَيُحِبَّكَ" (أمثال 9:8). وأيضاً: "وَبِّخْ فَهِيماً فَيَفْهَمَ مَعْرِفَةً" (أمثال 19:25).
 
قديم 27 - 07 - 2017, 02:20 PM   رقم المشاركة : ( 18639 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

شروط اتباع المسيح


وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وَدَعَا الْجَمْعَ مَعَ تَلَامِيذِهِ وَقَالَ لَهُمْ: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الْإِنْجِيلِ فَهُوَ يُخَلِّصُهَا. لِأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الْإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الْإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟" (مرقس 8:34-37).
ثم دعا المسيح تلاميذه مع الجمع الذي كان قد انفرد عنه، وأعلن لهم الشروط الثلاثة الشهيرة المطلوبة من تابعيه.
الشرط الأول: "إنكار الذات" أي تسليم زمام الذات والحياة له. لما أنكر بطرس المسيح قال: "لا أعرفه". ومن يتبع المسيح حقاً وينكر نفسه يقول: لا أعرف نفسي حاكماً في حياتي، بل ربي هو الحاكم. سأعطي كل السيطرة على حياتي للمسيح الذي أحبني.
الشرط الثاني: حَمل الصليب يومياً. وهذا بالأكثر هو التمثُّل بالمسيح الذي حمل صليباً لم يضعه آخر عليه، بل هو قصده وأقامه وحمله حبّاً ليخلّص النفوس من الخطيئة والهلاك. وحَمْل الصليب وراء المسيح هو الإقدام على المصائب والمتاعب الجسدية - حتى الموت - تطوُّعاً لا إرغاماً، متى كان ذلك اهتماماً بتخليص النفوس، فليس هذا الشرط (في معظمه) احتمال صليب يوضع علينا، بل حمل صليب نقصده ونرفعه باختيارنا لخير الآخرين.
الشرط الثالث: اتِّباع المسيح، أي السير في خطواته بالتدقيق، دون كلل أو فتور، ودون تردُّد أو ارتداد. هو الراعي الذي يتقدم خرافه فتسير وراءه أمينة وآمنة. ثم أوضح المسيح أن هذه الشروط الثلاثة مبنية على حقيقة رئيسية في شريعة النعمة، وهي أن الذي يطلب السلامة أولاً يخسرها، والذي يطلب الخدمة أولاً يجد السلامة أيضاً. والذي يتهم أولاً بأن يحمي ذاته لا يحميه الرب فلا يسلم، أما الذي يتفرغ أولاً لخدمة الرب ويرضى أن يهجم على المخاطر في سبيل هذه الخدمة، فهذا يحميه الرب فيسلَم.
ثم قال السيد المسيح: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه، أو ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه؟" - هنا يسأل المسيح سامعيه: هل قيمة العالم بأسره تساوي قيمة نفس واحدة؟ والجواب: هذا غير ممكن، طالما العالم وكل ما فيه من الخيرات والأمجاد يزول، بينما النفس خالدة تبقى إلى الأبد. إذاً ما أعظم غباوة الذي يهمل أمور النفس في سيره وراء الأرباح العالمية. لأنه لو ربح العالم كله ثم أراد أن يشتري به الخلاص، يجد ذلك مستحيلاً.
وأخيراً أنذر المسيح سامعيه أن لا يستحوا به ولا بكلامه. ولو استهان ذلك الجيل الفاسق الخاطئ به وبهم، فإنه سيجيء يوماً في مجد أبيه مع الملائكة ليجازي كل واحد حسب عمله، ويستحي بالذي استحى به أولاً.
 
قديم 27 - 07 - 2017, 02:23 PM   رقم المشاركة : ( 18640 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,352,450

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem غير متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

المسيح على جبل التجلي

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"وَبَعْدَ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَخَذَ يَسُوعُ بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ وَيُوحَنَّا، وَصَعِدَ بِهِمْ إِلَى جَبَلٍ عَالٍ مُنْفَرِدِينَ وَحْدَهُمْ. وَتَغَيَّرَتْ هَيْئَتُهُ قُدَّامَهُمْ، وَصَارَتْ ثِيَابُهُ تَلْمَعُ بَيْضَاءَ جِدّاً كَالثَّلْجِ، لَا يَقْدِرُ قَصَّارٌ عَلَى الْأَرْضِ أَنْ يُبَيِّضَ مِثْلَ ذلِكَ. وَظَهَرَ لَهُمْ إِيلِيَّا مَعَ مُوسَى، وَكَانَا يَتَكَلَّمَانِ مَعَ يَسُوعَ. فَجَعَلَ بُطْرُسُ يَقولُ لِيَسُوعَ: "يَا سَيِّدِي، جَيِّدٌ أَنْ نَكُونَ ههُنَا. فَلْنَصْنَعْ ثَلَاثَ مَظَالَّ، لَكَ وَاحِدَةً وَلِمُوسَى وَاحِدَةً وَلِإِيلِيَّا وَاحِدَةً". لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ مَا يَتَكَلَّمُ بِهِ إِذْ كَانُوا مُرْتَعِبِينَ. وَكَانَتْ سَحَابَةٌ تُظَلِّلُهُمْ. فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّحَابَةِ قَائِلاً: "هذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ. لَهُ اسْمَعُوا". فَنَظَرُوا حَوْلَهُمْ بَغْتَةً وَلَمْ يَرَوْا أَحَداً غَيْرَ يَسُوعَ وَحْدَهُ مَعَهُمْ" (مرقس 9:2-8).
أعلن المسيح لتلاميذه أنه سيُقتل وبعد ثلاثة أيام يقوم. ولكن التلاميذ رفضوا الفكرة بلسان زعيمهم بطرس.
وأراد المسيح أن يثبت لهم ضرورة صليبه. فأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا، وصعد بهم إلى جبل عال. أما التلاميذ التسعة الآخرون فتركهم مع الجمهور عند أسفل الجبل.
ولا نعرف كل تفاصيل ما حدث على هذا الجبل الذي سماه بعدئذ "الجبل المقدس" (2 بطرس 1:18). لكن يرجح أن الأربعة بلغوا قمة الجبل في آخر النهار. وبينما كان المسيح منصرفاً بكليته إلى الصلاة، تثقَّل التلاميذ الثلاثة بالنوم. ولو علموا بخسارتهم في هذا النوم، لسهروا معه ولم يتركوه وحده في صلاته - لأنه بينما هم مثقلون بالنوم، طرأ على هيئته الطبيعية تغيير عجيب، فكأنه خلع ستار الاتضاع الوقتي، وأبرق نور مجده الأصلي الحقيقي. أي أن الآب استجاب صلاته ومجَّده لينشِّط ويثبِّت تلاميذه أيضاً. مجَّده بهيئته التي تغيّرت وبصحبة موسى وإيليا، لأنه لم يرسل له ملاكاً حسب المألوف في تاريخ شعبه - بل أرسل له رجلين ظهرا بمجد، وهما موسى زعيم الشريعة وإيليا زعيم الأنبياء.. موسى كليم الله وفخر بني إسرائيل الأعظم، المتَّصف بالحلم والوداعة. هذا دفنه الله قبل هذا الحادث بنحو 1500 سنة في رأس جبل، ولا يُعرف قبره إلى هذا اليوم، وربما تمجد جسده دون أن يرى فساداً.. وإيليا رجل الله الجبار المليء بالنشاط والغيرة ومحاربة الشر، حتى أنه سُمِّي بالنبي الناري، الذي صعد إلى السماء قبل هذا الحادث بنحو ألف سنة في مركبة نارية، ولم يمسه الموت الطبيعي. أعاد الله هذين الرجلين من عالم الأرواح إلى الأرض ليتكلَّما مع الابن الوحيد في موضوع صليب المسيح.
الصليب موضوع الحديث:

كان موضوع الحديث الذي دار بين هؤلاء على مقربة من الثلاثة النائمين، إعلان موت المسيح العتيد، الذي أزعج التلاميذ. والاسم الذي وضعه الإنجيل هنا للموت هو "الخروج"، وهو نفس الاسم الذي أتى في التوراة لإنتقال بني إسرائيل قديماً من عبودية مصر إلى أرض الميعاد، إذ قال البشير لوقا إن موسى وإيليا تكلما معه عن "خُرُوجِهِ الَّذِي كَانَ عَتِيداً أَنْ يُكَمِّلَهُ فِي أُورُشَلِيمَ" (لوقا 9:31). أي أن موت المسيح لا يكون قَسْراً كغيره، بل اختياراً، كعمل يقصده ويكمله.
في تلك الساعة فقط في التاريخ كله، تمثلت الكنيسة المسيحية الواحدة الجامعة التي تكلم عنها المسيح، لأن رأس الكنيسة الوحيد وقف على هذا الجبل يتكلم مع زعيمي العهد القديم اللذين يمثلان قيم الكنيسة الموجودة في السماء، على مسمع الرسل الثلاثة الممتازين، زعماء العهد الجديد الذين يمثلون القسم الأرضي من هذه الكنيسة الواحدة.
ولا عجب أن افتخر بولس بموضوع هذه المحادثة وأهميته ايضاً. إذ قال: "لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ إِلَّا يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوباً" (1 كورنثوس 2:2) ويردد الملائكة والقديسون في السماء في تسابيحهم ذكر هذا الموت المجيد الذي هو إكليل فخر المسيح الممتاز، والذي لأجله يحبه الآب. ولا ريب أن الذين يسكتون عن موت المسيح الفدائي أو ينكرونه، يخسرون ويُخسِّرون كل من ينتمي إليهم، فقد قال هو: "إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الْأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ" (يوحنا 12:24).
دهشة التلاميذ:

ربما كان المسيح قد انتهى من حديثه مع زائريه السماويين لما أفاق تلاميذه الثلاثة من نومهم الثقيل، ورأوا فجأة أن سيدهم لم يعد جاثياً يصلي كما كان عندما غلبهم النعاس. ولما نظروه يتكلم مع شخصين لم يصعدا معهم إلى هذا الجبل العالي، وعرفوهما، كان لرؤيتهما وقعٌ أعظم في أعينهم مما لو كانا ملاكين.. وها هم الآن يبصرون في يقظة، وليس في رؤيا، مجداً جديداً عجيباً لرفيقهم وسيدهم المسيح مع موسى وإيليا مسربلين أيضاً بمجد سماوي. ومما زاد أسفهم كثيراً على ما خسروه من هذا المجد في نومهم، ملاحظتهم أن موسى وإيليا يُهمَّان بالانصراف. ولهذا لا نتعجب أن بطرس العجول الجسور يحاول منعهما من الذهاب.
قد تعودنا أن نرى بطرس تائهاً عن الصواب في تجاسره. أما الآن فهو يتطفل ويقدم للمسيح رأياً للعمل. فاته أن الواجب عليه أن ينتظر آراء المسيح وإرادته الكاملة، لا أن يقدم آراءه للمسيح، كأنه أوفر حكمة من سيده. فاقترح أن يشتغل مع رفيقه في نصب أكواخ مثل التي تعوّدوا أن ينصبوها في ضواحي أورشليم في عيد المظال. فقال: "يا رب، جيد أن نكون ههنا". وقد درج هذا القول على ألسنة المؤمنين في كل آن ومكان، متى حضروا في أماكن الصلاة.
أما الجواب على اقتراحه فلم يأت من المسيح بل من السماء. لأنه "فيما هو يتكلم ظللتهم سحابة نيّرة، فخافوا لما دخلوا في السحابة". ثم زاد خوفهم جداً وسقطوا على وجوههم عندما سمعوا من وسط السحابة صوتاً من شخص غير منظور، قال في آذانهم: "هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت. له اسمعوا".
عندما أعلن المسيح أنه سيصلب انتهره بطرس قائلاً: "حاشاك يا رب. ولكن الصوت الإلهي على جبل التجلي جاء يقول عن المسيح: "له اسمعوا". فكأن الله يقول للتلاميذ: "اقبلوا ما يقوله المسيح لكم! إن الصليب ضرورة حتمية!"
شهادة السماء لابن الله:

في الأسبوع الماضي وافق المسيح على شهادتهم أنه ابن الله وليس ابن الإنسان فقط. فالآن يثبت صوتٌ من السماء تلك الشهادة. فصار برهاناً حسيّاً كاملاً على ما شهدته عيونهم وسمعته آذانهم على هذا الجبل. فهل بقي مكانٌ بعد للشك؟ لما جاهر هؤلاء فيما بعد بهذه الحقيقة أسندوا تأكُّدهم منها إلى هذا الحادث الفريد.
أخذ التلاميذ من الصوت السماوي درساً مهماً جداً، وهو أن الاهتمام الأعظم يجب أن ينصرف إلى نوال الرضى الإلهي لا البشري، وكل من نال الرضى الإلهي لا يبالي بغيظ البشر، حتى أعظمهم، ولا بمقاومتهم حتى أمرّها! في قول الصوت "له اسمعوا" أتاهم تصديق على ما فعلوه من عدم استماعهم لرؤساء الكتبة والفريسيين ورؤساء الكهنة، وعلى إصغائهم إلى المسيح بدلاً منهم. ومع وجود موسى وإيليا معهم لم يكن الأمر الإلهي "لهما اسمعوا". أفلا يرنَّ في مسمع كل مؤمن هذا الصوت الإلهي القائل عن المسيح: "له اسمعوا". فيجعله يعدل عن الإصغاء إلى التعليم البشري، ما لم يكن ذلك التعليم صدى لتعليم المعلم الإلهي!
وبينما كان هؤلاء الثلاثة ساقطين على وجوههم خوفاً، ارتفعت السحابة نقلت موسى وإيليا رجوعاً إلى السماء، إذْ قد أتمَّا رسالتهما. فلم تؤيد السماء احتفاء التلاميذ الثلاثة بهما، بل كان الصوت الذي أمرهم أن يسمعوا للابن الحبيب بمثابة توبيخ لطيف على تمسُّكهم بموسى وإيليا، كأنهم يربحون بوجودهما أكثر مما هم حاصلون عليه. وكأن الصوت يقول لهم: إن مستقبلكم لا يرتبط بالذين لا يدومون معكم، مثل موسى وإيليا، بل بالذي هو رفيقكم الدائم، وإن كنتم لستم تعرفون قيمته بعد.
لكنهم لم يدروا بارتفاع السحابة وذهاب موسى وإيليا إلا بعد أن لمسهم المسيح وقال: "قوموا ولا تخافوا" فرفعوا أعينهم ونظروا حولهم بغتة، ولم يروا إلا المسيح وحده معهم. فنِعْمَ الخوف الذي تعقبه الطمأنينة من الله! ونِعم البصر الذي يحدق بالمسيح وحده، كما جرى لبطرس ويعقوب ويوحنا في هذه الساعة المباركة. لم يروا إلا الذي هو الكل وفي الكل، إذ ليست هناك حاجة إلى غيره، المخلِّص والشفيع وسيد حياتنا.
برهان الخلود:

زال كل شك بخصوص الخلود من أفكار التلاميذ بعد أن رأوا موسى وإيليا عياناً. ولما كان الصدوقيون ينكرون الخلود والأرواح، كان هذا البرهان المناقض لأضاليلهم غاية في الأهمية أمام الذين سيكونون معلمي الكنيسة المسيحية الجديدة. واستفاد التلاميذ أيضاً أنه يوجد جسد ممجد مرتبط بالجسد الأرضي الأصلي، وغير مقيَّد بالقيود التي كان مقيَّداً بها هنا في كل حركاته.
وقد تبرهن للتلاميذ أيضاً أن الذين ماتوا في الإيمان ليسوا في حالة سُبات، بانتظار يوم القيامة كما يزعم البعض، بل هم أمام العرش، مستعدون لخدمة الله ومقاصده، كما أنه سيكون لجميع المؤمنين أجسادٌ مجيدة وراء القبر.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 10:49 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025