14 - 07 - 2017, 04:30 PM | رقم المشاركة : ( 18541 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قصة حياه الانبا بيشــــــوى حبيب المسيـــح ولد القديس الأنبا بيشوي في قرية شنسا بالمنوفية سنة 320م وكان والداه بارين تقيين عابدين لله وقد تنيح والده وهو لا يزال في سن الزهور مثل أخوته الستة ولكن الأم التقية وضعت في قلبها أن تتفتح هذه الزهور وترتمي في أحضان الأيمان المسيحي هكذا كانت أم القديس بيشوي لذا فإن الله قد أرسل ملاكه في رؤيا ذات ليلة للقديسة أم القديس الأنبا بيشوي ليقول لها: إن الرب يقول لك أعطيني أحد أولادك ليكون لي. أجابته الأم:ها أنا والأبناء الذين أعطاني إياهم الرب. ولكن الملاك مد يده وأمسك برأس بيشوي الصغير وقال:هذا هو الذي سيكون خادما أمينا لسيده ،أجابته: إنه أضعفهم بنية اختار منهم الأقوى ليخدم الرب أجاب: إن قوة الرب في الضعف تكمل. تقدم بيشوي ونما في القامة روحياً وجسديا وتطلع قلبه إلي الرهبنة وناداه الله إلي البرية فترك أرضه وعشيرته وذهب إلي برية شيهيت ولم يكن يملك شيئا.كان هذا سنة 340م أي وهو لا يزال في عنفوان شبابه.وهناك التقى بالقديس الأنبا بموا تلميذ القديس مقاريوس الكبير ومعلم رجل الطاعة الأنبا يحنس القصير وتتلمذ علي يديه فكان مثال التلميذ المجتهد في تنفيذ وصايا مرشده مداوماً الصلاة والصوم والسهر في نسك وعبادة كثيرة وأحبه معلمه جداً وألبسه إسكيم الرهبنة وكان يدعوه المشرق أبا بيشويبعد أن تنيح القديس الأنبا بموا مكث الأنبا بيشوي مع زميله الأنبا يحنس القصير صاحب شجرة الطاعة بمحبة روحانية في موضع واحد وكان يصوم من السبت إلي السبت لا يأكل سوي الخبز والملح وكان الأنبا بيشوي محباً للكتاب المقدس فحفظ جزءا كبيرا منه وكان سفر أرميا أحب الأسفار أليه لذلك لقبوه بيشوي أرميا أو بيشوي الأرمي.وكان القديس كلما قرأ هذا السفر كان أرميا النبي يظهر له ويفسر له الكلام والمعاني الروحية ويعزيه.وازداد القديس الأنبا بيشوي شوقا إلي الوحدة والتوحد حتى أن صديقه المخلص الأنبا يحنس لاحظ ذلك فاتفقا أن يمضوا الليل كله في الصلاة ليرشدهما الرب وقد ظهر لهما ملاك الرب وقال لهما:ليكن كل واحد منكما وحده لكمال التدبير الذي حدده الله لكما وليبقى يحنس في هذا الموضعفخرج القديس أنبا بيشوي بعد هذه الرسالة السماوية وصنع له مغارة تبعد عن يحنس بمقدار ميلين مكان ديره الحالي وأقام نحو ثلاث سنين لا ينظر خلالها أحد بل ظل ملازما الصلاة ليلا ونهاراً.وعن طريق الصلاة تجلت قوة الله لقديسنا ودأب علي السهر ومقاومة النوم بكل وسيلة حيث صنع ثقبا في أعلي الصخرة جعل فيه وتداً ثم علق به حبلاً وكان كلما تحركت فيه طبيعة النوم ربط شعر رأسه فيه حتى إذا ثقلت رأسه شدها الحبل وقد ظهر الرب للقديس مرات عديدة فى مرة منهم حمل القديس الرب وغسل أرجله فوعده بأن جسده لن يري فساداً وفي عام 408م هجم البربر علي برية شيهيت فمضي إلي نواحي الصعيد إلي مدينة أنصنا وسكن في الجبل والتقي بالأنبا بولا الطموهي وتنيح الأنبا بيشوي في اليوم الثامن من شهر أبيب المبارك سنة 417م ودفن جسده في بلده منية صقر ولما علم القديس أثناسيوس أسقف أنصنا قام وأخذ معه سفينة ليأتي بجسده ليضعه داخل الدير وأخذ معه القديس الأنبا بولا الطموهي لأنهما تعهدا أن يكونا جسديهما معا بعد الموت .ثم نقلوا إلي دير القديس الأنبا بيشوي ببرية شيهيت ولزال جسده إلي الآن كما هو. بركة صلواته فلتكن مع جميعنا امين |
||||
14 - 07 - 2017, 04:34 PM | رقم المشاركة : ( 18542 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تاريخ الدير القديس الأنبا بيشوى في أواخر القرن الرابع الميلادي تأسس الدير تحت قيادة القديس الأنبا بيشوي كتجمع رهباني ويشمل كنيسة الأنبا بيشوي وقلالي الرهبان وبئر مياة بدون أسوار. في أواخر القرن الخامس الميلادي أثناء حكم الإمبراطور زينون ويتكون من ثلاثة طوابق أ – الطابق الأول يشمل بئر مياة، ومطحنة غلال، ومعصرة زيت، ومخاذن . ب – الطابق الثاني وبه مدخل الحصن عن طريق كوبري متحرك ويوجد به فرن وكنيسة علي أسم القديسة العذراء مريم . ج – الطابق الثالث وهو السطح وبه كنيسة علي أسم الملاك ميخائيل، ومغارتين. في القرن التاسع الميلادي أقيمت الأسوار الحالية للدير علي مساحة حوالي 3 أفدنه في القرن الرابع عشر الميلادي قام البابا بنيامين الثاني البطريرك 82 الذي كان علي السدة البطريركية ما بين 1327 – 1339 م بعمل ترميمات واسعة للدير بسبب النمل الأبيض الذي عرض سقف الكنيسة للانهيار. وكنوز الدير تتمثل في أجساد القديسين الموجودة حيث يوجد جسد القديس العظيم الأنبا ييشوي والأنبا بولا الطموهى في أنبوبة واحدة في المقصورة بالخورس الأول. أما عن كنائس الدير فيوجد في الدير كنيسة الأنبا بيشوي و تعتبر أكبر كنيسة في أديرة وادي النطرون،و بها :- أ- المذبح الرئيسى علي أسم القديس الأنبا بيشوي ب- المذبح البحري عل أسم القديسة العذراء مريم ج- المذبح القبلي علي أسم القديس يوحنا المعمدان كما يوجد بها ثلاثة خوارس كما يوجد أنبل للتعليم في الخورس الثاني،وكنيسة الشهيد ابسخيرون القليني وتقع من الجهة القبلية من كنيسة الأنبا بيشوي، ويوجد بها ممر يؤدي إلي المعمودية المقدسة، ويوجد جزء من جسد الشهيد ابسخيرون في أنبوبة بداخل مقصورة في نفس الكنيسة،وكنيسة الأنبا بنيامينا البابا 52 من الجهة البحريه من كنيسة الأنبا بيشوي وكنيسة الشهيد العظيم مار جرجس من الجهة الغربية القبلية. كما توجد المائدة القديمة غرب الكنيسة، وبئر الشهداء أمام الكنيسة من الناحية البحريه وهي التي غسل فيها البربر سيوفهم بعد أن قتلوا 49 من الأباء الرهبان القديسين في دير القديس مكاريوس الكبير أثناء غارتهم الثالثة علي البريه سنة 444 م , وتذكار إستشهادهم 26 طوبة. ويوجد أيضا الحصن الذي بني في أواخر القرن الخامس الميلادي أثناء حكم الإمبراطور زينون ويتكون من ثلاثة طوابق ويتوسط الدير حديقة واسعة يحيطها عدة مباني. وقد تعهد قداسة البابا الأنبا شنوده الثالث بتعمير دير القديس الأنبا بيشوى فرسم له نيافة الأنبا صرابامون أسقفا ورئيسا للدير سنة 1975م ،وأسس مقراً بابويا في الدير يقضي فيه بضعة أيام أسبوعياً تقريباً، وبفضل صلواتهما وعملهما الدائم زاد عدد الرهبان، كما أهتم بالتعمير والإنشاءات من قلالي "مساكن" للرهبان، ومكتبة ضخمة للإطلاع،وحفر الأبار وعمل الصهاريج لمياة الشرب،والإهتمام بالزراعة وتربية الماشية، وإنشاء مساكن للعمال وتوفير الرعاية الروحية والصحية لهم، وعمل عيادات وصيدلية وقصر بمنارة شاهقة ومضايف وبيوت خلوة للضيوف.كما تم بناء كاتدرائية كبيرة بالدير. ومما يذكر أنه تم إعداد وعمل وطبخ زيت الميرون أربع مرات في الدير عام 1981م، 1987م، 1990م، 1995م. لكي يوزع علي الكنائس بمصر والخارج، ومازال عمل الرب ينمو ويزداد في كنيسته المقدسة. بركة القديسين الأنبا بيشوي و الأنبا بولا الطموهي اللذان حتى الأن تحدث الكثير من المعجزات من جسديهما الطاهرين، وبصلواتهما أمام عرش النعمة، بركة صلواتهما وشفاعتهما تكون معنا وتثبتنا في المسيح يسوع ولربنا المجد الدائم إلي الأبد آمين. حديقة الدير :- يتوسط الدير حديقة واسعة يحيط بها عدة مباني وهي : +) من الجهه البحرية قلالى مشيدة منذ حوالى 60 عاما . والمطعمة توجد فوق الباب البحرى +) من الجهه القبلية قلالى قديمة من القرن التاسع تستعمل حتى الان +) من الجهه الشرقية قلالى حديثة الانشااء +) من الجهه الغربية يوجد الطافوس ( مقبرة الرهبان) الانشاء ات الحديثة بالدير الاثرى وهى :- 1) مضيفة الزوار وهى لراحة واستضافة ضيوف الدير 2) قصر الضيافة: يعلوه منارة شاهقة الارتفاع 3) المكتبة الجديدة : وهى من أكبر مكتبات الكنيسة القبطية ملاحظة:- مغارة الانبا بيشوى : وتوجد فى دير السريان . فعند إنشاؤه ضم بداخلة المغارة تباركا بالقديس اهتمام قداسة البابا شنودة الثالث مع نيافة الانبا صرابامون اسقف ورئيس الدير فى تعمير الدير :- يشمل مجالات كثيرة منها: 1) بناء قلالى جديدة للرهبان مع انشاء بيوت للخلوة والضيافة وعمل أكثر من صهاريج لماء الشرب مما أستلزم حفر آبار مياة وتوصيل خط كهرباء من الشبكة العامه 2) زراعة مساحة كبيرة من الاراضى من الخضر والفاكهة وانشاء معمل لمنتجات الالبان 3) انشاء مخبز حديث وورش للنجارة و الحدادة وانشاء مساكن للعمال وتوفير الرعاية الصحية لهم 4) افتتاح مكتبة حديثة بالدير تعتبر من أعظم المكتبات الحديثة 5) عيادة مجهزة لعلاج الاباء الرهبان وصيدلية 6) افتتاح مقرين للدير فى القاهرة والإسكندرية ومكتبة لعرض منتجات الدير 7) وجود مقر بابوى للدير وهو مزود بكافة الإمكانيات اللازمة لخدمة انشطة الكنيسة وعقد المؤتمرات +ومما يذكر قد تبارك الدير بعمل وطبخ وإعداد زيت الميرون المقدس اربع مرات عام 1981 " 1987" 1990" 1995 لكى يوزع على الكنائس فى مصر والخارج . ومازال عمل الرب ينمو ويزداد فى كنيسته المقدسة. تابع |
||||
14 - 07 - 2017, 06:07 PM | رقم المشاركة : ( 18543 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قصة القديس العظيم الأنبا كاراس السائح من هو؟ لقد عاش القديس الأنبا كاراس فى أواخر القرن السادس وكان شقيقاً للملك ثيئودوسيوس الكبير أى أنه كان من بيوت القياصرة .. تربى فى عز وجاه وسلطان. كاتب السيرة ..من هو؟ كاتب السيرة هو الأنبا بموا كاهن وخادم مذبح كنيسة الأنبا مقاريوس بجبل شهيت وهو الذى كفن جسد القديسة الطوباوية إيلارية إبنة الملك زينون..وهو غير القديس بموا معلم القديس الأنبا بيشوى والأنبا يوحنا القصير. مكان السيرة: فى الجبل الغربى من برية الأسقيط تحت المعايشة الملائكية كانت هذه السيرة الطاهرة إلى أن تنيح القديس العظيم الأنبا كاراس فى اليوم الثامن من شهر أبيب المبارك..كان القديس الأنبا بموا القس يشتاق لرؤية أحد الأباء السواح وطلب من الرب بإلحاح فأرشده الرب للدخول إلى البرية الداخلية وهناك تمتع بسر الاباء السواح وملاقاتهم وتسجيل سيرهم وكان هذا منحة من الرب له حسب مسرة قلبه وإشتياقاته المباركة لمعرفة أخبار الاباء السواح. لقاء وضياء: قال القديس الأنبا بموا :إعلموا أيها الإخوة ما حدث لى أنه فى يوم من الأيام أنا اخوكم بموا أذكر اننى دخلت إلى كنيستى بشهيت وكنت جالساً وحدى فسمعت صوتاً قائلاً لى( يا بموا إسرع وأدخل إلى البرية لكى تتبارك من القديس الأنبا كاراس لأنه مكرم عندى جداً اكثر من كل أحد وسلامى يكون معك ) كم كان صوتاً عذباً يشدو بكلمات الفرح. فنهضت فرحاً مسروراً لهذه الدعوة المقدسة ودخلت إلى داخل البرية ومضيت أمشى فقضيت اليوم الأول والثانى والثالث وانا لم اشعر بتعب بل وكانت نفسى فرحانة مبتهجة وكنت أرتل مزاميرى إلى أن وصلت إلى مغارة بابها مسدود بحجر فوقفت أمامها وناديت (أغابى .. بارك علىَّ يا أبى) فللوقت سمعت صوتاً يجاوبنى ويقول (حسن هو قدومك اليوم يا رجل الله بموا الذى كفن جسد القديسة الطوبانية إيلارية إبنة الملك زينون.أدخل سلام الرب يكون معك) فدخلت إليه لأتبارك منه وقلبى يشدو بترنمات السماء ونفسى مملؤة من المخافة الروحية. ولست أعرف من هذا. القديس سمعان القلاع: وما أن دخلت إلا وقام وقبلَّنى بالمحبة الروحانية وجلسنا نتحدث بعظائم الله وكانت تمتلكنى دهشة إنه عرف إسمى رغم إننا لم نلتقى من قبل كما إنه عرف أننى الذى قمت بتكفين القديسة إيلارية إبنة الملك زينون كما إننى كنت متعجباً لنسكه الزائد ولكن قلت له(يا أبى هل فى هذه البرية قديس أخر يشبهك) فرفع عينيه إلى السماء وقال (نعم .. يوجد فى البرية قديس عظيم لا يستحق العالم كله وطأة قدميه) فقلت له (وما هو اسمه)فقال(اسمه الأنبا كاراس). فقلت له (وما هواسمك وكم لك من السنين فى هذه المغارة؟).فقال(إسمى سمعان القلاع ولى اليوم فى البرية ستون سنة فقط واتقوت كل سبت بخبزة واحدة أجدها موضوعة على الحجر الذى خارج المغارة فتشبعنى من السبت إلى السبت). فتباركت منه بفرح ومضيت أسبح الله الذى افتقدنى بقديسيه وامتلأ قلبى بالتعزية على النعمة الغزيرة والمحبة الوفيرة التى فى قلب رجال الله الذين اضاؤا البرية بتقواهم وإنتشر فى البرية عبير رائحتهم الطاهرة النقية وصاروا أعمدة من النور الروحانى يصلون من أجل كل العالم حتى يرفع الرب غضبه. الأنبا أبامون: ويقول الأنبا بموا (إننى مضيت بعد أن تباركت من القديس سمعان القلاع إلى داخل البرية مسيرة ثلاثة ايام اخرى إلى أن وصلت إلى مغارة اُخرى على بابها حجر فقرعت الباب وقلت: بارك علىَّ يا أبى القديس فأجابنى بصوت مملوء بهجة وحنان وفرح قائلاًحسن هو قدومك إلىَّ اليوم يا قديس الله الأنبا بموا الذى كفن جسد الطوبانية القديسة إيلارية إبنة الملك زينون أدخل إلىَّ وسلام الله معك).فعبرت إليه وقبلّت يديه الطاهرتين وتباركت منه وجلسنا نتحدث بعظائم الله بعضنا مع بعض وكنت أتطلع إلى وجهه المملوء بالنور والروحانية والذى تشع من عينيه بريق الروح الوديع الهادئ. ثم أننى قلت له (يا أبى القديس أيوجد فى هذة البرية قديس اخر يشبهك؟).فتنهد القديس ورفع عينيه إلى السماء وقال (الويل لى يا أبى.. فمن أكون أنا..لأنه يوجد داخل البرية قديس عظيم العالم بأسره لا يستحق وطأة قدميه.. لأنه بصلواته يبطل إله السماء الغضب الاتى على العالم. فقلت له الأنبا كاراس). فقلت له(ومن أنت إذاً يا أبى؟ وما هو إسمك؟ وكيف تعيش؟ وكم لك فى هذا الموضع المبارك؟) فقال لى (اسمى(أبامون)لى فى هذه المغارة تسعة وستون سنة وأنا اسكنها مترجى مراحم الرب وحياتى وقوت جسدى من نخلة تعطنى طعامى طوال السنة). تباركت منه ومن هيبة منظره الطاهر المخوف وقلت له (صلى عنى يا أبى القديس)وأنا مبهور بما أرى وأسمع حيث القديس سمعان القلاع له ستون عاماً فى البرية ويعيش على خبزة من السبت إلى السبت والقديس أبامون له فى البرية تسعة وستون عاماً يعيش من ثمار نخلة طول العام..يا له من عجب العجاب!! فقال له القديس الأنبا أبامون (إله المجد يسهل خطواتك ويرسل ملاكه ليحفظك فى جميع طرقك). وخرجت من المغارة وامتلأ قلبى رعدة مما رأيته وفرحت بنعمة الله الغنية العاملة فى قديسيه وسبحت الله كثيراً فى قديسيه. عند الأنبا كاراس: ويكمل الانبا بموا قس برية شهيت ويقول: ومضيت إلى داخل البرية وسمعت صوتاً عظيماً مهوباً ومرهباً فأغلقت عيناى خشية وتعبداً ورهبة ولكن حين فتحت عينى وجدت نفسى على باب مغارة فقرعت بابها وتحدث بتحية الرهبان وناديت أغابى..بارك علىَّ يا أبى القديس). وللوقت سمعت صوتأً يتكلم معى قائلأً ( حسن هو قدومك اليوم يا رجل الله الانبا بموا يا من كفن جسد القديسة إيلارية إبنة الملك زينون البار..أدخل وسلام الله معك ويملأ قلبك بالفرح). دخلت وسلمت عليه لكى انال البركة.. ونظرت إليه وإذ هو إنسان منير جدا أسهل العينين صافى النظرات وشعر رأسه ولحيته أبيض كالثلج ونعمة الله حالة على وجهه..وأمرنى بالجلوس فجلست وأنبهرت كأنى فى السماء من الروحانية والنور الامع مع البشاشة المفرحة التى على وجهِ. فقبّلَنى بالمحبة وقال لى (يا اخى اليوم أتيت إلىَّ وأحضرت معك الموت ولى زمان كبير وأنا أنتظر ذلك اليوم). فقلت لهيا أبى القديس من أنت؟ وما هو إسمك؟ وكم لك فى هذه البرية؟) فقال لى (إسمى الحقير كاراس لى فى هذه البرية سبعة وخمسون سنة لم أرى خلالها وجه إنسان قط.. وقطعت هذه المدة وأنا منتظر هذا اليوم-يوم الإنتقال لملاقاة الرب-). صمت ولم أفتح فمى.. وتعجبت من إستعداده لساعة الموت التى يستعد لها منذ سبعة وخمسون سنة وهنا تجاسرت وبدأنا نتحدث بعظائم الله وسر الرب للذين يخافونه وبينما نتحدث إنتابته حمى شديدة ومرِض مرض الموت الذى أنهك جسده النحيل وتنهد القديس وبكى بكاءاً مراً وكان وجهه مملوء بالبشاشة والفرح وقال لقد عشت طوال حياتى أنتظر هذا اليوم وها هو اليوم أدركنى (فإلى أين أهرب من وجهك ومن روحك أين أختفى). ناظر الإله: ولما أشرقت الشمس أشرق نورأً عظيماً على باب المغارة ودخل إنساناً منير جداً وجلس عند رأس القديس الأنبا كاراس ووضع يده على رأس القديس الأنبا كاراس وباركه وهمس فى اذنه بكلام كثير وإننى لم أستطع أن أرفع وجهى إليه من كثرة مجده فخرجت من المغارة لرعدتى وخوفى.. ولكنه أعطانا السلام وبارك علينا واختفى. فقلت للقديس الأنبا كاراس(من هو هذا يا سيدى اللابس هذا المجد وهذا النور العظيم المحيط به؟) فقال لى يا أبى هذا هو ربى يسوع المسيح إبن الله الحى يا أبى. لا تتعجب فإننى أتبارك منه مرات كثيرة). فتعجبت جداً من الدرجات الروحانية العالية ونسيت نفسى فى محضر القديس الانبا كاراس ومجدت الله على العجائب التى أراها وأدركت معنى قول داود (سبحوا الله فى جميع قديسيه) القديس يتنهد: وفجأة وجدت أبى القديس الانبا كاراس يتنهد بعمق ونظر إلى السماء مدة طويلة وقاليا أخى الحبيب أن عمودأً عظيمأً سقط اليوم فى صعيد مصر وخسرت الأرض قديساً لا يستحق العالم وطأة قدميه وهو من أعظم القديسين). فقلت له من هو هذا القديس العظيم الذى انطلق إلى الفردوس الأن وربحه سكان الفردوس؟). فقال لى (أبو شنودة (الأنبا شنودة )الأرشى ميندريت-رئيس المتوحدين- ملح الأرض لقد تنيح اليوم (السابع من شهر أبيب)..وهوذا رهبان الصعيد وخاصةً جبل أدريبة يبكون). وإنى لما سمعت هذا حفظت التاريخ (7أبيب) واثناء ذلك رأيت رجل الله القديس كاراس وجهه إزداد إشراقاً وقوة مع إزدياد حدة المرض الذى إعتراه وفجأة رفع عينيه إلى السماء وكان يرى عجائب لم أراها أنا ويتكلم مع النورانين ويسمع جوابهم وكان الذين يتحدثون معه كثيرون وكأنه مُقدِم على حفل إستقبال والكل يريد أن يرحب به.. وكأن الزفة السمائية تقوده إلى الدهش أو إلى ما فوق العقل وأنا أراقب الموقف وأنا أقول حقاً يا رب (سبحوا الله فى جميع قديسيه).(مزمور1:150) حفل الأنتقال(8أبيب-15يوليو): ثم يقول الأنبا بموا (ولما كان اليوم الثامن من شهر أبيب وفجأة امتلأت المغارة بالنور ودخل إلينا مخلص العالم ومعه محمل من الملائكة خدام رب الصباؤوت وررئيس الملائكة ميخائيل ورئيس الملائكة غبريال..وامتلأت المغارة برائحة طيبة كريمة كمثل رائحة شجرة الحياة التى فى وسط الفردوس وقال لنا مخلص العالم (السلام لكما). وكان القديس الأنبا كاراس فى فراش الموت وفى شدة التعب وجلس المخلص عند رأسه والقديس الأنبا كاراس ينظر إلى سيدى ومخلصى وأمسك بيده وقاليا ربى وإلهى هذا هو بموا ملاك المحبة الذى سيكفن جسدى بارك عليه ..إنه أتى من كورة بعيدة). فقال لى المخلص يا بموا مختارى تقوى وتعزى وسلامى سيكون معك وبركتى تحل عليك والذى رأيته وتسمعه خبِّر به إخوتك ليكون لخلاص وبركة كثيرين) ثم إلتفت إلى القديس الأنبا كاراس وقال ):ياحبيبي كاراس قد أتت ساعة إنطلاقك من هذا العالم وليس هو موت بل إنطلاق للفردوس عربون الحياة الدائمة إنتقال من الكورة البالية إلى الحياة المجيدة مع القديسين وها إنى دعوت الأنبا بموا من كورة مصر إلى مكانك المبارك لكى يشهد بسيرتك الكريمة ..لكى يتبارك بسيرتك الطاهرة كل من يسمعها ..كما يتبارك كل من يتلو سيرتك ومن يقدم بخوراً وصدقة أو يصنع محبة شفاعةً فيك فأنا أعوض له أضعافاً فى ملكوت السموات ). داود صاحب القيثارة: ثم إن أبى القديس الانبا كاراس نظر إلى المخلص وقال له ):يا ربي وإلهى ومخلصى إنى أخترت تلاوة المزامير طوال النهار و أثناء الليل فإجعلنى مستحقاً لكى أنظر معلمى وأبى داود النبى المرتل- أريد أن أعاينه قبل أن تخرج روحى من جسدى). فأمر المخلص رئيس جنده ميخائيل العظيم رئيس جند السماء أن يحضر داود النبى بقيثارته لكى يشدو عليها بأنغامه مهللاً قائلاً هذا هو اليوم الذى صنعه الرب فلنفرح ونبتهج فيه"مزمور 118:24"). وحضر داود النبى وجلس أمام المخلص ومعه قيثارته والأوتار العشرة فقال المخلص للقديس الأنبا كاراسهوذا داود النبى أمامك أيهما هو الوتر الذى تريده أن يرتل لك عليه وأى لحن أو نغمة تريد أن يشدو بها وأنت تحفظ كل مزامير عبدى). نياحة القديس: فقال له القديس الأنبا كاراس: (أريد أن اسمع العشرة أوتار دفعة واحدة).فحرك داود النبى أوتاره فى دفعة واحدة قائلاً كريم عند الرب موت أصفياؤه يارب أنا عبدك إبن أمتك نعم كنت وقد شخت ولم أرى صديقاً تخُلىَّ عنه ولا ذررية له تلتمس خبزاً)(مزمور25:37).وفيما داود النبى يضرب أوتاره مع جمال صوته خرجت نفس القديس إلى حضن المخلص الصالح الذى تقبلها بفرح عظيم وسلمها لميخائيل العظيم رئيس جند الرب الذى فرح كثيراً جداً وانطلق الموكب إلى الفردوس فى بهجة لا توصف. المغارة: ويقول الانبا بمواولما نظرت هذا المنظر الإلهى وإكرام الرب لأبينا الأنبا كاراس نهضت وقبلّت جسد القديس الأنبا كاراس .. ثم أدرجته فى مغارتهِ بعد أن كفنته فى عباءة كانت معى, ثم أشار لى المخلص بالخروج من المغارة .فخرجت ثم خرج هو وملائكته وتركوا الجسد المبارك فى المغارة التى له وبعد أن خرجنا وضع السيد يديه الإلهية على باب المغارة فسدها وكأنه لم يكن هناك مغارة ثم باركنى وأعطانى السلام وصعد بمجدٍ عظيم. عودة الأنبا بموا: يقول الأنبا بموا :وبقيت واقف فى ذلك الموضع أنظر إليهم إلى أن غابوا عن نظرى وسرحت طويلاً وأنا مسبى الفكر لما عاينت إلى أن وجدت نفسى أمام مغارة القديس أبامون ثم مضيت أمشى لمدة ثلاثة أيام شرقاً إلى أن بلغت إلى قلاية القديس سمعان القلاع ثم مسيرة ثلاثة أيام أخرى إلى أن بلغت إلى الدير فى برية شهيت..ودخلت الكنيسة وجلست مع الأخوة أحدثهم بعظائم الله فى قديسيه.. وقصصت عليهم سيرة أبونا القديس الأنبا كاراس السائح وجميع ما رأيته فى الطريق ونياحة أبونا الطاهر القديس الأنبا شنودة بجبل أدريبة الذى تنيح فى اليوم السابع من شهر أبيب كما أعلمنى القديس الأنبا كاراس السائح ثم بعد خمسة أيام وردت إلينا رسالة من صعيد مِصر تفيد بان القديس الأنبا شنودة تنيح فى اليوم السابع من شهر أبيب صلاته تشملنا جميعاً ..فأعلمت جميع الأباء بما سمعته من القديس وكيف تنهد القديس الأنبا كاراس ساعة نياحة الأنبا شنودة رئيس المتوحدين فتعجبوا من كلامه الحق الصادق الأمين. تعيد الكنيسة لنياحة القديس الأنبا كاراس فى 8 أبيب من كل عام أى اليوم التالى لنياحة القديس الانبا شنودة رئيس المتوحدين ..كما تذكره الكنيسة فى مجمع التسبحة اليومى. |
||||
15 - 07 - 2017, 04:57 PM | رقم المشاركة : ( 18544 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
انتبهوا واهدئوا قليلاً
واغلقوا كتبكم مع عقولكم وافتحوا قلوبكم أَجَابَ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً» (يوحنا 4: 10)نحن وصلنا لجيل عقله اتسع جداً وصار مستنيراً بالفكر، وعقله مزدحماً بالأفكار الكثيرة، لكن قلبه صار في حالة من الصغر والضيق حتى أنه لا يستطيع أن يحمل رب المجد ويحبه فعلياً ويترجم هذا طاعة ثقة الإيمان، فمعظم كتابات وأفكار هذا الجيل، عبارة عن فلسفة فكر مملوء من كلام الإنسانية المقنع، إذ أن الكثيرين (منهم) صاروا يملكون كم هائل من المعارف المتسعة العميقة للغاية، ولكنهم لا يستطيعون أن يدخلوا للحضرة الإلهية ويجروا حديث الإيمان الحي مع الله نور النفس وحياة كل أحد، لذلك لا يستطيع الكثيرين اليوم أن يعرفوا عطية الله الثمينة ويدركوا قوتها المُخلِّصة لتصير نور لنفسه يشع من كل واحد ليجذب الجميع لله الحي. فاليوم انبهكم يا إخوتي لترفعوا عيون قلبكم وتدققوا لتنظروا للغنى الفائق الذي صار لنا كنزاً عظيماً مُعطى لنا، ونحن غافلين عنه تماماً ومنشغلين بكثرة المعرفة اللاهوتية الفكرية والمعلومات الروحية، التي نظن أننا بها استنارنا، مع أن نور وجه الله غائب عنا تماماً، لذلك نحيا في فقر العالم وأمراض حزنه القاتلة للنفس.فاصغوا للروح الذي فيكم ولا تحزنوه وتنشغلوا عنه بكثرة قراءتكم ومعارفكم، لأنه هو الروح الناري الذي يضرم فيكم هذا الشوق الخفي الذي يحرككم بلهفة نحو خالقكم العظيم، فانتبهوا إليه واسمعوا، واطلبوا ملكوت الله وبره، لكي تنسكب عليكم تلك القوة السماوية وتنفتح بصائركم على ذلك النور البهي، وتتذوقوا الكنز السماوي فتغتنوا، لأن في تلك الساعة ستحيون في العهد الجديد وتدخلوا راحة المسيح الرب وتصيروا نوراً للعالم وملح حقيقي للأرض، فتفكروا في موقف المسيح الرب مع السامرية وكيف رأته بقلبها وصدقت وآمنت، فارتوت وشبعت حتى انها تركت جرتها من فرحتها ونست ماء بئر يعقوب، وركضت بلا خجل تقول إنساناً قال لي كل ما فعلت، فقد نست احتياجاتها بل وخطيئتها لأنها سقطت بمجرد حديثها مع مسيح القيامة والحياة فأدركت عطية الله الثمينة، إذ قد تذوقت قوة غفرانه السري وفرحت أنها وجدت المسيا المنتظر، لأن عيون قلبها انفتحت. فاغلقوا كتبكم ولو قليلاً وانتبهوا لرب المجد الحي الشاهد لنفسه ومعلنها لكل من يُريد، افتحوا قلوبكم لهُ، وأجروا معه حديثاً بروح الوداعة والاتضاع، لكي يفتح عيونكم على مجده الحقيقي برؤيا فعلية لتروه رباً حياً وحضوراً مُحيياً، ليعطي فرحاً وقوة لنفوسكم، ويجعلكم تحلقون في مجده مثل النسور، فالكلمة حينما تخرج من فمه تُقيم الميت الذي أنتن، بل وتُشفي كل علل النفس وأوجاعها الداخلية، لأن كلامه روح وحياة، فتحدثوا دائماً (قبل وبعد وأثناء كل شيء) مع المسيح الرب مباشرةً ودائماً، وانتم ستتذوقون ما يفوق كل تصوراتكم الخاصة وتغوصوا في بهاء مجده الخاص فتعرفوا ما لا تستطيع الكتب أو الأبحاث العميقة أن تُعطيه لكم، لأن هذا هو مستوى الصلاة الحقيقية لكل من يُريد حقاً ان يتعلم كيفية الصلاة التي غابت عن مفكري ومستنيري هذا الجيل الذين يظنون أن بكثرة معارفهم نالوا قوة مسيح القيامة والحياة. |
||||
15 - 07 - 2017, 05:53 PM | رقم المشاركة : ( 18545 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ختان الطفل
"وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلَاكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْن" (لوقا 2:21). في اليوم الثامن بعد ولادة هذا الطفل، أُجري له فرض الختان الذي جعله الله لإبراهيم علامةً لإفراز شعبه من الأمم الوثنيين حولهم. هذه هي المرة الأولى من مرات عديدة فيها خضع مؤسس العهد الجديد لفرائض العهد القديم. وهذا لكي يربط في شخصه العهدين، كما تتَّحد في شخصه أيضاً طبيعتا الخالق والمخلوق. زيارة الطفل للهيكل"وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ، زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ. وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، كَانَ بَارّاً تَقِيّاً يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لَا يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللّهَ وَقَالَ: "الْآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلَامٍ، لِأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلَاصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلَانٍ لِلْأُمَمِ، وَمَجْداً لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ". وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: "هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلَامَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضاً يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ" (لوقا 2:22-35). أخذ يوسفُ ومريم المسيحَ إلى الهيكل في أورشليم لإداء الطقوس الدينية المطلوبة. ولم تنته هذه الزيارة الأولى من رب الهيكل إلى هيكل الرب دون حوادث فوق العادة تناسب وتؤيد ما سبقها من معجزات. فقد التقى سمعان الشيخ بيوسف ومريم، وهو رجل بار تقي كان الروح القدس عليه، وينتظر مجيء المسيح الموعود به. وكان قد أُوحي لسمعان الشيخ بالروح القدس أنه يرى قبل موته مسيح الرب. فشعر في ذلك النهار أن هذا الروح يجذبه إلى الهيكل، ثم يهديه إلى هذا الطفل. فأخذ الصبيَّ وحمله على ذراعيه كأنه يقدمه للرب، وبارك الرب وقال: "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك". ثم في خاتمة تسبيحته المختصرة أوضح عمومية هذا الخلاص، إذ قال: "نور إعلان للأمم". ولما أظهر يوسف ومريم التعجُّب من مضمون هذه التسبيحة، ومن معرفة سمعان لمقام هذا الطفل ومستقبله باركهما سمعان كما يبارك الكبير الصغير، ثم كشف لمريم بكلام خصوصي سراً عميقاً ومهمّاً جداً متعلقاً بشخص المسيح وعمله، وهو: كما أن المخلّص يُقيم كثيرين، فهو أيضاً يُسقِط كثيرين، وأنه سيكون موضوع أشد المقاومة والاضطهاد، ويسبّب كشف كثير من مكنونات القلب، وأن مريم أمه ستشترك في آلامه حتى كأن سيفاً يخترق قلبها. "وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لَا تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطِلْبَاتٍ لَيْلاً وَنَهَاراً. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ" (لوقا 2:36-38). وبعد هذا الحادث تقدمت نبية اسمها حنة بنت فنوئيل من سبط أشير كانت طاعنة في السن، وقد ترمَّلت قبل هذا بنحو أربع وثمانين سنة، صرفتها في التعبُّد لله. ولما رأت الطفل مع أبويه وسمعت كلام سمعان الشيخ وقفت تسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم. وبهذا الحادث أصبحت حنة بكر المؤمنات بالمسيح بعد ولادته، وباكورة جيش النساء الفاضلات اللواتي خدمْنَه في كل العصور. وبعد هذه الزيارة للهيكل في أورشليم عاد يوسف ومريم والطفل يسوع إلى مدينة أجدادهم بيت لحم. وبزوال الازدحام الوقتي، تيسَّر لهذه العائلة المباركة مقرٌّ هناك غير الإصطبل |
||||
15 - 07 - 2017, 05:53 PM | رقم المشاركة : ( 18546 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الملائكة يعلنون الخبر للرعاة "وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، وَإِذَا مَلَاكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلَاكُ: "لَا تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلَامَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ". وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلَاكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللّهَ وَقَائِلِينَ: "الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الْأَعَالِي، وَعَلَى الْأَرْضِ السَّلَامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ". وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "لِنَذْهَبِ الْآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الْأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ". فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعاً فِي الْمِذْوَدِ. فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلَامِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلَامِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللّهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ" (لوقا 2:8-20). صاحَبَ ميلادَ المسيح العديدُ من الحوادث السماوية، فقد جرت في السماء أعظم حركة. لقد سبق بيان اهتمام أهل السماء بحوادث الأرض، وتكرر مجيء كبير الملائكة ليبشر بقُرب هذه الولادة العجيبة. لكن هذه هي المرة الوحيدة التي أرسل فيها الله إلى العالم جمهوراً من الملائكة، وسُمع على الأرض ترنيم ألحان السماء. فمن هم الذين نالوا هذا الحظ الفريد، وبهرت أبصارهم رؤيةُ هذا الجمهور، وشنّفت أسماعهم هذه الترنيمة الوحيدة السماوية التي بلغت آذان البشر؟ ليسوا أكابر القوم ولا علماءهم ولا رؤساء الدين المُنزَل. لم يحْظَ بذلك هيرودس الملك في قصره المجاور، ولا رئيس الكهنة في الهيكل القريب الباهر، بل قد جاء هذا الشرف وهذا السرور لأشخاص تشابه أحوالهم الخارجية أحوال هذا المولود، لكي تتمّ هيئة الاتضاع التي تمثّل تنازُل الإله لأجل خلاص الإنسان. لما تأسست الأرض ووُضع حجر زاويتها، ترنمت كواكب الصبح معاً وهتف جميع بني الله، لكن هذا الهتاف والترنيم لم يطرقا آذاناً بشرية. إنما لما تأسس الفداء، ووُضع حجر زاوية الخلاص للبشر الخطاة بتأنُّس الابن الأزلي، سُمع فوق سهول بيت لحم هتاف ملائكة الله في آذان رعاة متبدِّين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. وبينما كان هؤلاء الرعاة ساهرين على أغنامهم وقف بهم ملاك الرب، وأضاء حولهم مجد الرب. فيحقّ لهم أكثر من مريم وزكريا أن يخافوا خوفاً عظيماً. لكن الملاك قال لهم كما قال للمذكورَيْن: "لا تخافوا" ثم قال: "ها أنا أبشركم بفرح عظيم". بشر جبرائيل زكريا ثم مريم بأمرٍ مفرح جداً سيكون قريباً. لكن هذه البشارة أعجب، لأن موضوعها أمر. وأخبرهم أن هذا الفرح يشمل جميع شعب الله الذين يفرحون بهذه الولادة. كرر الملاك الكلمة الجوهرية التي أعلنها لزكريا عندما سمّى هذا الطفل "قرن خلاص" والتي قالها لمريم ثم ليوسف لما سمَّاه "مخلِّصاً" وقال الآن للرعاة: "وُلد لكم اليوم مخلِّص". وأفهم الرعاة أن هذا المخلص من مدينة داود، فهو إذاً من نسله. وأنه "المسيح" - إذاً هو الموعود به من قديم، وأنه "الرب" - إذاً ليس هو مجرد بشر. ثم أعطاهم علامة دون سؤال منهم، وهي الهيئة التي يرونها عندما يجدون هذا المخلّص. وحالما أكمل الملاك هذا الموضوع الخطير، ظهر بغتةً جمهور من الجند السماوي، لا ليعلنوا إعلاناً جديداً، بل ليثبّتوا الإعلان الأول. ظهروا مسبّحين الله.. إن تسبيح الله هو عملهم الخصوصي في السماء، ولما جاءوا إلى الأرض كان هذا أيضاً عملهم، فقالوا: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة". وهذه العبارة الوجيزة تتفق مع قول بولس الرسول إن "مَلَكُوتُ اللّهِ بِرٌّ وَسَلَامٌ وَفَرَحٌ" (رومية 14:17). لأن مجد الله برُّه أي قداسته، وثمر البر هو السلام والسرور. ليس للملائكة أن يمكثوا مع البشر مهما اشتهى البشر رفقتهم، فرجعوا إلى السماء. وكان تأثير زيارتهم أن الرعاة أسرعوا إلى البلد، حسب إشارة الملاك ليمتّعوا أعينهم بهذا المنظر الذي جمع بين المجد والتواضع، فصاروا شهوداً للزيارة الملائكية، ثم للإعلان المثبّت لحقيقة هذا الطفل غير الظاهرة في شيء من أحواله الخارجية. فلو وُلد هذا الطفل في قصر ملكي، يناسب مقامه الحقيقي، لما سمح أحدٌ لهؤلاء الرعاة في ملابسهم الفقيرة وهيئتهم الخشنة أن يدخلوا لينظروه-ولكن مَنْ يمنعهم عن زيارة الإصطبل؟ جاءوا مسرعين فرأوا ما أخبرهم به الملاك تماماً، وحكوا لمريم ويوسف وغيرهم ممَّن صادفوهم خبر ما حدث لهم في ذلك الليل في البرية. فتعجب كل الذين سمعوا مما قيل لهم من الرعاة. أما مريم، الوالدة السعيدة فكان لها هذا الخبر في المنزلة الأولى من الأهمية لإثبات صحة بشارة الملاك لها بخصوص مولودها. ثم رجع الرعاة إلى قطعانهم وهم يمجدون الله ويسبحونه، كما فعل الملائكة في مسامعهم، فكانوا أول من بشَّر بمجيء راعي النفوس ورأس الكنيسة العظيم. نتصوّر هؤلاء الرعاة من الأتقياء رغماً عن فقرهم واضطرارهم أن يهملوا كثيراً من طقوس الدين العديدة والثقيلة. لا بل يجوز الظن أيضاً بأن الأغنام التي كانوا يرعونها هي المخصَّصة لخدمة الهيكل، المُعَدَّة للتقديم على المذبح المقدس. وهنا نرى علاقة لطيفة بين هذه الأغنام المعدة للذبح في الهيكل، وهذا الطفل الذي سماه المعمدان "حَمَلُ اللّهِ" وسماه يوحنا الرسول "الحمل المذبوح" (يوحنا 1:29، رؤيا 5:6). |
||||
15 - 07 - 2017, 05:53 PM | رقم المشاركة : ( 18547 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الولادة في بيت لحم
في مدة الألف سنة، منذ عهد داود تفرع وتفرق في أنحاء العالم عددٌ غفير من سلالة داود الملكية، وازدحمت بيت لحم بعودة الكثيرين منهم في وقت واحد لأجل الإحصاء، فلم يجد يوسف ومريم مكاناً لهما في الفندق العمومي، ولم يقبلهما أحد في بيته، لأن فقرهما الظاهر حال دون ذلك. وزِدْ على ذلك أن أهل اليهودية كانوا يزدرون بالجليليين الذين كان يوسف ومريم منهم، فبات يوسف ومريم في إصطبل الفندق. وبينما هما في الإصطبل تمَّت أيام مريم لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته بالقليل المتيسِّر لديها، وأضجعته في المذود لعدم وجود سرير تضعه فيه.. فأيُّ فقر أعظم من هذا؟ لكن هذا يوافق القصد الإلهي في التأنُّس لأجل إثبات الحب العجيب الذي تنازل إلى هذه الدرجة بقصد تخليص الخطاة. لم يشعر أحدٌ بولادة هذا الطفل سوى مريم ويوسف، بينما شعر الجميع بالمنشور القيصري الذي ساق هذا الجمهور إلى بيت لحم، فاهتمَّ جميع الناس به وتحدثوا عنه من كبيرهم إلى صغيرهم. أما اليوم فالأمر بالعكس. لقد نسي الناس منشور القيصر تماماً، لولا اقترانه بولادة هذا الطفل، وصار سؤال البشر جميعاً لا عن ذلك المنشور، بل عن هذا المولود ومنزله الوضيع. ويتقاطر اليوم جميع المتمدنين، لا إلى قصر أوغسطس، بل إلى مذود المسيح. فلنتأمل في هذا المذود ونسأل: هل ذلك الفقير هو ذات الشخص الذي نراه الآن بعد ألفي سنة، موضوع عبادة أعظم ملوك الأرض وأغنى سكانها وأشهر علمائها؟ إنهم يفتخرون أن يسجدوا أمام صليبه، وأن ينتسبوا إليه، وأن يخضعوا لتعاليمه. والحق يُقال إننا نرى فيه وهو ابن يوم واحد موضوعاً لمزيد الإحترام الحبي، لأنه آدم الثاني داخلاً إلى العالم كآدم الأول دون أب بشري، ودون خطية أو شبه خطية، لكي يُصلِح ما أفسده آدم الأول بسقوطه، ويجدد نسلاً روحياً، ويُعيد الفردوس أخيراً إلى عالمنا الحزين. |
||||
15 - 07 - 2017, 05:54 PM | رقم المشاركة : ( 18548 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ولادة المسيح "وَفِي تِلْكَ الْأَيَّامِ صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أُوغُسْطُسَ قَيْصَرَ بِأَنْ يُكْتَتَبَ كُلُّ الْمَسْكُونَةِ. وَهذَا الِاكْتِتَابُ الْأَّوَلُ جَرَى إِذْ كَانَ كِيرِينِيُوسُ وَالِيَ سُورِيَّةَ. فَذَهَبَ الْجَمِيعُ لِيُكْتَتَبُوا، كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى مَدِينَتِهِ. فَصَعِدَ يُوسُفُ أَيْضاً مِنَ الْجَلِيلِ مِنْ مَدِينَةِ النَّاصِرَةِ إِلَى الْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ الَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمٍ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَشِيرَتِهِ، لِيُكْتَتَبَ مَعَ مَرْيَمَ امْرَأَتِهِ الْمَخْطُوبَةِ وَهِيَ حُبْلَى. وَبَيْنَمَا هُمَا هُنَاكَ تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِدَ. فَوَلَدَتِ ابْنَهَا الْبِكْرَ وَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي الْمِذْوَدِ، إِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي الْمَنْزِلِ" (لوقا 2:1-7). كانت مريم في بيت يوسف مدة أشهر الحمل. وقرُبت أيامها لتلد وهُما في وطنهما الناصرة، لكن نبوَّة كتبها ميخا النبي قبل هذا الوقت بنحو سبعماية سنة قالت إن المسيح يولد في بيت لحم (ميخا 5:2)، وهي بعيدة عن الناصرة. يقول المسيح إن السماء والأرض تزولان، ونقطة واحدة من قول الله لا تزول (متى 24:35). وقال النبي إشعياء: "فَتِّشُوا فِي سِفْرِ الرَّبِّ وَاقْرَأُوا. وَاحِدَةٌ مِنْ هَذِهِ لَا تُفْقَدُ. لِأَنَّ فَمَهُ هُوَ قَدْ أَمَرَ، وَرُوحَهُ هُوَ جَمَعَهَا" (34:16). فأيُّ دافع يكفي ليسوق يوسف ومريم من الناصرة إلى بيت لحم محتملين مشقّة سفر أربعة أو خمسة أيام في أول فصل الشتاء، ومريم على وشك الولادة؟ أن الله يستخدم لإتمام مشيئته - ليس الملائكة فقط - بل الملوك أيضاً. ألم يقل الحكيم: "قَلْبُ الْمَلِكِ فِي يَدِ الرَّبِّ كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ، حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُهُ"؟ (أمثال 21:1) فسخَّر اللّه أعظم ملوك الأرض ليتمم النبوة المتعلِّقة بمحل ولادة المسيح، وكلف أوغسطس قيصر الإمبراطور الروماني أن يأمر بإحصاء عمومي لرعاياه. ومراعاةً لمطالب الشعب اليهودي سمح بأن يؤخذ الإحصاء عندهم في الوطن الأصلي لكل سبط وعائلة، حفظاً للأنساب في محل سكنهم، بغضِّ النظر عن موطنهم الأصلي. وبما أن يوسف ومريم كانا من نسل داود، لذلك اضطرا أن يذهبا للإحصاء الجديد في بيت لحم، مدينة داود. الولادة في بيت لحم في مدة الألف سنة، منذ عهد داود تفرع وتفرق في أنحاء العالم عددٌ غفير من سلالة داود الملكية، وازدحمت بيت لحم بعودة الكثيرين منهم في وقت واحد لأجل الإحصاء، فلم يجد يوسف ومريم مكاناً لهما في الفندق العمومي، ولم يقبلهما أحد في بيته، لأن فقرهما الظاهر حال دون ذلك. وزِدْ على ذلك أن أهل اليهودية كانوا يزدرون بالجليليين الذين كان يوسف ومريم منهم، فبات يوسف ومريم في إصطبل الفندق. وبينما هما في الإصطبل تمَّت أيام مريم لتلد. فولدت ابنها البكر وقمطته بالقليل المتيسِّر لديها، وأضجعته في المذود لعدم وجود سرير تضعه فيه.. فأيُّ فقر أعظم من هذا؟ لكن هذا يوافق القصد الإلهي في التأنُّس لأجل إثبات الحب العجيب الذي تنازل إلى هذه الدرجة بقصد تخليص الخطاة. لم يشعر أحدٌ بولادة هذا الطفل سوى مريم ويوسف، بينما شعر الجميع بالمنشور القيصري الذي ساق هذا الجمهور إلى بيت لحم، فاهتمَّ جميع الناس به وتحدثوا عنه من كبيرهم إلى صغيرهم. أما اليوم فالأمر بالعكس. لقد نسي الناس منشور القيصر تماماً، لولا اقترانه بولادة هذا الطفل، وصار سؤال البشر جميعاً لا عن ذلك المنشور، بل عن هذا المولود ومنزله الوضيع. ويتقاطر اليوم جميع المتمدنين، لا إلى قصر أوغسطس، بل إلى مذود المسيح. فلنتأمل في هذا المذود ونسأل: هل ذلك الفقير هو ذات الشخص الذي نراه الآن بعد ألفي سنة، موضوع عبادة أعظم ملوك الأرض وأغنى سكانها وأشهر علمائها؟ إنهم يفتخرون أن يسجدوا أمام صليبه، وأن ينتسبوا إليه، وأن يخضعوا لتعاليمه. والحق يُقال إننا نرى فيه وهو ابن يوم واحد موضوعاً لمزيد الإحترام الحبي، لأنه آدم الثاني داخلاً إلى العالم كآدم الأول دون أب بشري، ودون خطية أو شبه خطية، لكي يُصلِح ما أفسده آدم الأول بسقوطه، ويجدد نسلاً روحياً، ويُعيد الفردوس أخيراً إلى عالمنا الحزين. الملائكة يعلنون الخبر للرعاة "وَكَانَ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ رُعَاةٌ مُتَبَدِّينَ يَحْرُسُونَ حِرَاسَاتِ اللَّيْلِ عَلَى رَعِيَّتِهِمْ، وَإِذَا مَلَاكُ الرَّبِّ وَقَفَ بِهِمْ، وَمَجْدُ الرَّبِّ أَضَاءَ حَوْلَهُمْ، فَخَافُوا خَوْفاً عَظِيماً. فَقَالَ لَهُمُ الْمَلَاكُ: "لَا تَخَافُوا. فَهَا أَنَا أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِجَمِيعِ الشَّعْبِ: أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ. وَهذِهِ لَكُمُ الْعَلَامَةُ: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطاً مُضْجَعاً فِي مِذْوَدٍ". وَظَهَرَ بَغْتَةً مَعَ الْمَلَاكِ جُمْهُورٌ مِنَ الْجُنْدِ السَّمَاوِيِّ مُسَبِّحِينَ اللّهَ وَقَائِلِينَ: "الْمَجْدُ لِلّهِ فِي الْأَعَالِي، وَعَلَى الْأَرْضِ السَّلَامُ، وَبِالنَّاسِ الْمَسَرَّةُ". وَلَمَّا مَضَتْ عَنْهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى السَّمَاءِ، قَالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "لِنَذْهَبِ الْآنَ إِلَى بَيْتِ لَحْمٍ وَنَنْظُرْ هذَا الْأَمْرَ الْوَاقِعَ الَّذِي أَعْلَمَنَا بِهِ الرَّبُّ". فَجَاءُوا مُسْرِعِينَ، وَوَجَدُوا مَرْيَمَ وَيُوسُفَ وَالطِّفْلَ مُضْجَعاً فِي الْمِذْوَدِ. فَلَمَّا رَأَوْهُ أَخْبَرُوا بِالْكَلَامِ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ عَنْ هذَا الصَّبِيِّ. وَكُلُّ الَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قِيلَ لَهُمْ مِنَ الرُّعَاةِ. وَأَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ جَمِيعَ هذَا الْكَلَامِ مُتَفَكِّرَةً بِهِ فِي قَلْبِهَا. ثُمَّ رَجَعَ الرُّعَاةُ وَهُمْ يُمَجِّدُونَ اللّهَ وَيُسَبِّحُونَهُ عَلَى كُلِّ مَا سَمِعُوهُ وَرَأَوْهُ كَمَا قِيلَ لَهُمْ" (لوقا 2:8-20). صاحَبَ ميلادَ المسيح العديدُ من الحوادث السماوية، فقد جرت في السماء أعظم حركة. لقد سبق بيان اهتمام أهل السماء بحوادث الأرض، وتكرر مجيء كبير الملائكة ليبشر بقُرب هذه الولادة العجيبة. لكن هذه هي المرة الوحيدة التي أرسل فيها الله إلى العالم جمهوراً من الملائكة، وسُمع على الأرض ترنيم ألحان السماء. فمن هم الذين نالوا هذا الحظ الفريد، وبهرت أبصارهم رؤيةُ هذا الجمهور، وشنّفت أسماعهم هذه الترنيمة الوحيدة السماوية التي بلغت آذان البشر؟ ليسوا أكابر القوم ولا علماءهم ولا رؤساء الدين المُنزَل. لم يحْظَ بذلك هيرودس الملك في قصره المجاور، ولا رئيس الكهنة في الهيكل القريب الباهر، بل قد جاء هذا الشرف وهذا السرور لأشخاص تشابه أحوالهم الخارجية أحوال هذا المولود، لكي تتمّ هيئة الاتضاع التي تمثّل تنازُل الإله لأجل خلاص الإنسان. لما تأسست الأرض ووُضع حجر زاويتها، ترنمت كواكب الصبح معاً وهتف جميع بني الله، لكن هذا الهتاف والترنيم لم يطرقا آذاناً بشرية. إنما لما تأسس الفداء، ووُضع حجر زاوية الخلاص للبشر الخطاة بتأنُّس الابن الأزلي، سُمع فوق سهول بيت لحم هتاف ملائكة الله في آذان رعاة متبدِّين يحرسون حراسات الليل على رعيتهم. وبينما كان هؤلاء الرعاة ساهرين على أغنامهم وقف بهم ملاك الرب، وأضاء حولهم مجد الرب. فيحقّ لهم أكثر من مريم وزكريا أن يخافوا خوفاً عظيماً. لكن الملاك قال لهم كما قال للمذكورَيْن: "لا تخافوا" ثم قال: "ها أنا أبشركم بفرح عظيم". بشر جبرائيل زكريا ثم مريم بأمرٍ مفرح جداً سيكون قريباً. لكن هذه البشارة أعجب، لأن موضوعها أمر. وأخبرهم أن هذا الفرح يشمل جميع شعب الله الذين يفرحون بهذه الولادة. كرر الملاك الكلمة الجوهرية التي أعلنها لزكريا عندما سمّى هذا الطفل "قرن خلاص" والتي قالها لمريم ثم ليوسف لما سمَّاه "مخلِّصاً" وقال الآن للرعاة: "وُلد لكم اليوم مخلِّص". وأفهم الرعاة أن هذا المخلص من مدينة داود، فهو إذاً من نسله. وأنه "المسيح" - إذاً هو الموعود به من قديم، وأنه "الرب" - إذاً ليس هو مجرد بشر. ثم أعطاهم علامة دون سؤال منهم، وهي الهيئة التي يرونها عندما يجدون هذا المخلّص. وحالما أكمل الملاك هذا الموضوع الخطير، ظهر بغتةً جمهور من الجند السماوي، لا ليعلنوا إعلاناً جديداً، بل ليثبّتوا الإعلان الأول. ظهروا مسبّحين الله.. إن تسبيح الله هو عملهم الخصوصي في السماء، ولما جاءوا إلى الأرض كان هذا أيضاً عملهم، فقالوا: "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة". وهذه العبارة الوجيزة تتفق مع قول بولس الرسول إن "مَلَكُوتُ اللّهِ بِرٌّ وَسَلَامٌ وَفَرَحٌ" (رومية 14:17). لأن مجد الله برُّه أي قداسته، وثمر البر هو السلام والسرور. ليس للملائكة أن يمكثوا مع البشر مهما اشتهى البشر رفقتهم، فرجعوا إلى السماء. وكان تأثير زيارتهم أن الرعاة أسرعوا إلى البلد، حسب إشارة الملاك ليمتّعوا أعينهم بهذا المنظر الذي جمع بين المجد والتواضع، فصاروا شهوداً للزيارة الملائكية، ثم للإعلان المثبّت لحقيقة هذا الطفل غير الظاهرة في شيء من أحواله الخارجية. فلو وُلد هذا الطفل في قصر ملكي، يناسب مقامه الحقيقي، لما سمح أحدٌ لهؤلاء الرعاة في ملابسهم الفقيرة وهيئتهم الخشنة أن يدخلوا لينظروه-ولكن مَنْ يمنعهم عن زيارة الإصطبل؟ جاءوا مسرعين فرأوا ما أخبرهم به الملاك تماماً، وحكوا لمريم ويوسف وغيرهم ممَّن صادفوهم خبر ما حدث لهم في ذلك الليل في البرية. فتعجب كل الذين سمعوا مما قيل لهم من الرعاة. أما مريم، الوالدة السعيدة فكان لها هذا الخبر في المنزلة الأولى من الأهمية لإثبات صحة بشارة الملاك لها بخصوص مولودها. ثم رجع الرعاة إلى قطعانهم وهم يمجدون الله ويسبحونه، كما فعل الملائكة في مسامعهم، فكانوا أول من بشَّر بمجيء راعي النفوس ورأس الكنيسة العظيم. نتصوّر هؤلاء الرعاة من الأتقياء رغماً عن فقرهم واضطرارهم أن يهملوا كثيراً من طقوس الدين العديدة والثقيلة. لا بل يجوز الظن أيضاً بأن الأغنام التي كانوا يرعونها هي المخصَّصة لخدمة الهيكل، المُعَدَّة للتقديم على المذبح المقدس. وهنا نرى علاقة لطيفة بين هذه الأغنام المعدة للذبح في الهيكل، وهذا الطفل الذي سماه المعمدان "حَمَلُ اللّهِ" وسماه يوحنا الرسول "الحمل المذبوح" (يوحنا 1:29، رؤيا 5:6). ختان الطفل "وَلَمَّا تَمَّتْ ثَمَانِيَةُ أَيَّامٍ لِيَخْتِنُوا الصَّبِيَّ سُمِّيَ يَسُوعَ، كَمَا تَسَمَّى مِنَ الْمَلَاكِ قَبْلَ أَنْ حُبِلَ بِهِ فِي الْبَطْن" (لوقا 2:21). في اليوم الثامن بعد ولادة هذا الطفل، أُجري له فرض الختان الذي جعله الله لإبراهيم علامةً لإفراز شعبه من الأمم الوثنيين حولهم. هذه هي المرة الأولى من مرات عديدة فيها خضع مؤسس العهد الجديد لفرائض العهد القديم. وهذا لكي يربط في شخصه العهدين، كما تتَّحد في شخصه أيضاً طبيعتا الخالق والمخلوق. زيارة الطفل للهيكل "وَلَمَّا تَمَّتْ أَيَّامُ تَطْهِيرِهَا، حَسَبَ شَرِيعَةِ مُوسَى، صَعِدُوا بِهِ إِلَى أُورُشَلِيمَ لِيُقَدِّمُوهُ لِلرَّبِّ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ: أَنَّ كُلَّ ذَكَرٍ فَاتِحَ رَحِمٍ يُدْعَى قُدُّوساً لِلرَّبِّ. وَلِكَيْ يُقَدِّمُوا ذَبِيحَةً كَمَا قِيلَ فِي نَامُوسِ الرَّبِّ، زَوْجَ يَمَامٍ أَوْ فَرْخَيْ حَمَامٍ. وَكَانَ رَجُلٌ فِي أُورُشَلِيمَ اسْمُهُ سِمْعَانُ، كَانَ بَارّاً تَقِيّاً يَنْتَظِرُ تَعْزِيَةَ إِسْرَائِيلَ، وَالرُّوحُ الْقُدُسُ كَانَ عَلَيْهِ. وَكَانَ قَدْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ أَنَّهُ لَا يَرَى الْمَوْتَ قَبْلَ أَنْ يَرَى مَسِيحَ الرَّبِّ. فَأَتَى بِالرُّوحِ إِلَى الْهَيْكَلِ. وَعِنْدَمَا دَخَلَ بِالصَّبِيِّ يَسُوعَ أَبَوَاهُ، لِيَصْنَعَا لَهُ حَسَبَ عَادَةِ النَّامُوسِ، أَخَذَهُ عَلَى ذِرَاعَيْهِ وَبَارَكَ اللّهَ وَقَالَ: "الْآنَ تُطْلِقُ عَبْدَكَ يَا سَيِّدُ حَسَبَ قَوْلِكَ بِسَلَامٍ، لِأَنَّ عَيْنَيَّ قَدْ أَبْصَرَتَا خَلَاصَكَ، الَّذِي أَعْدَدْتَهُ قُدَّامَ وَجْهِ جَمِيعِ الشُّعُوبِ. نُورَ إِعْلَانٍ لِلْأُمَمِ، وَمَجْداً لِشَعْبِكَ إِسْرَائِيلَ". وَكَانَ يُوسُفُ وَأُمُّهُ يَتَعَجَّبَانِ مِمَّا قِيلَ فِيهِ. وَبَارَكَهُمَا سِمْعَانُ، وَقَالَ لِمَرْيَمَ أُمِّهِ: "هَا إِنَّ هذَا قَدْ وُضِعَ لِسُقُوطِ وَقِيَامِ كَثِيرِينَ فِي إِسْرَائِيلَ، وَلِعَلَامَةٍ تُقَاوَمُ. وَأَنْتِ أَيْضاً يَجُوزُ فِي نَفْسِكِ سَيْفٌ، لِتُعْلَنَ أَفْكَارٌ مِنْ قُلُوبٍ كَثِيرَةٍ" (لوقا 2:22-35). أخذ يوسفُ ومريم المسيحَ إلى الهيكل في أورشليم لإداء الطقوس الدينية المطلوبة. ولم تنته هذه الزيارة الأولى من رب الهيكل إلى هيكل الرب دون حوادث فوق العادة تناسب وتؤيد ما سبقها من معجزات. فقد التقى سمعان الشيخ بيوسف ومريم، وهو رجل بار تقي كان الروح القدس عليه، وينتظر مجيء المسيح الموعود به. وكان قد أُوحي لسمعان الشيخ بالروح القدس أنه يرى قبل موته مسيح الرب. فشعر في ذلك النهار أن هذا الروح يجذبه إلى الهيكل، ثم يهديه إلى هذا الطفل. فأخذ الصبيَّ وحمله على ذراعيه كأنه يقدمه للرب، وبارك الرب وقال: "الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام لأن عينيَّ قد أبصرتا خلاصك". ثم في خاتمة تسبيحته المختصرة أوضح عمومية هذا الخلاص، إذ قال: "نور إعلان للأمم". ولما أظهر يوسف ومريم التعجُّب من مضمون هذه التسبيحة، ومن معرفة سمعان لمقام هذا الطفل ومستقبله باركهما سمعان كما يبارك الكبير الصغير، ثم كشف لمريم بكلام خصوصي سراً عميقاً ومهمّاً جداً متعلقاً بشخص المسيح وعمله، وهو: كما أن المخلّص يُقيم كثيرين، فهو أيضاً يُسقِط كثيرين، وأنه سيكون موضوع أشد المقاومة والاضطهاد، ويسبّب كشف كثير من مكنونات القلب، وأن مريم أمه ستشترك في آلامه حتى كأن سيفاً يخترق قلبها. "وَكَانَتْ نَبِيَّةٌ، حَنَّةُ بِنْتُ فَنُوئِيلَ مِنْ سِبْطِ أَشِيرَ، وَهِيَ مُتَقَدِّمَةٌ فِي أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ، قَدْ عَاشَتْ مَعَ زَوْجٍ سَبْعَ سِنِينَ بَعْدَ بُكُورِيَّتِهَا. وَهِيَ أَرْمَلَةٌ نَحْوَ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، لَا تُفَارِقُ الْهَيْكَلَ، عَابِدَةً بِأَصْوَامٍ وَطِلْبَاتٍ لَيْلاً وَنَهَاراً. فَهِيَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ وَقَفَتْ تُسَبِّحُ الرَّبَّ، وَتَكَلَّمَتْ عَنْهُ مَعَ جَمِيعِ الْمُنْتَظِرِينَ فِدَاءً فِي أُورُشَلِيمَ" (لوقا 2:36-38). وبعد هذا الحادث تقدمت نبية اسمها حنة بنت فنوئيل من سبط أشير كانت طاعنة في السن، وقد ترمَّلت قبل هذا بنحو أربع وثمانين سنة، صرفتها في التعبُّد لله. ولما رأت الطفل مع أبويه وسمعت كلام سمعان الشيخ وقفت تسبح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم. وبهذا الحادث أصبحت حنة بكر المؤمنات بالمسيح بعد ولادته، وباكورة جيش النساء الفاضلات اللواتي خدمْنَه في كل العصور. وبعد هذه الزيارة للهيكل في أورشليم عاد يوسف ومريم والطفل يسوع إلى مدينة أجدادهم بيت لحم. وبزوال الازدحام الوقتي، تيسَّر لهذه العائلة المباركة مقرٌّ هناك غير الإصطبل |
||||
15 - 07 - 2017, 06:01 PM | رقم المشاركة : ( 18549 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
عودة إلى الناصرة "فَلَمَّا مَاتَ هِيرُودُسُ، إِذَا مَلَاكُ الرَّبِّ قَدْ ظَهَرَ فِي حُلْمٍ لِيُوسُفَ فِي مِصْرَ قَائِلاً: "قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لِأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ". فَقَامَ وَأَخَذَ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَجَاءَ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. وَلكِنْ لَمَّا سَمِعَ أَنَّ أَرْخِيلَاوُسَ يَمْلِكُ عَلَى الْيَهُودِيَّةِ عِوَضاً عَنْ هِيرُودُسَ أَبِيهِ، خَافَ أَنْ يَذْهَبَ إِلَى هُنَاكَ. وَإِذْ أُوحِيَ إِلَيْهِ فِي حُلْمٍ، انْصَرَفَ إِلَى نَوَاحِي الْجَلِيلِ. وَأَتَى وَسَكَنَ فِي مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا نَاصِرَةُ، لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِالْأَنْبِيَاءِ: "إِنَّهُ سَيُدْعَى نَاصِرِيّاً" (متى 2:19-23). لم يطل الوقت إلا ونال هيرودس الظالم الدموي الشرير عقابه الذي يستحقه، لأنه مات موتاً مخيفاً في قصره في مدينة أريحا، معذّباً عذابات لا توصف من خارج ومن داخل. فمن يقدر أن يتصور لسعات ضمير الشرير في ساعات الموت، وخصوصاً متى طالت هذه الساعات، وكانت علته لا ترحمه؟ ظن هيرودس لما قتل أطفال بيت لحم أنه يعيش وأن الصبي الذي خشي أن يهدد عرشه قد قُتل. لكن بعد أيام قليلة كان هيرودس في قبره، بينما كان الصبي يسوع حياً محروساً، قد عظُم شأنه حسب ما نراه في هذا اليوم. ولم يطل تغرُّب العائلة المقدسة، فقد جاء ليوسف في مصر ملاكٌ قال له في حلم: "قم وخذ الصبي وأمه" لكنه لم يقل: "اهرب" بل "اذهب". وأمره بالرجوع إلى أرض إسرائيل باطمئنان، لأن الذي أراد أن يقتل الصبي قد مات، فسمع يوسف وأطاع. ونعتقد أن يوسف ومريم أرادا أن يستوطنا في بيت لحم، مدينة أجدادهم، مدينة داود الجميلة المكرمة، الواقعة على حدود المدينة المقدسة أورشليم، وبقرب هيكل الله العظيم، وبجانب المدارس العالية التي يلزم أن يتخرج فيها كل من قصد التقدُّم في المراتب الدينية، فقد كان تقدُّم المسيح مطمح أبصارهما، وهذه هي المدينة التي وضع الله اسمه فيها منذ أيام داود الملك والنبي العظيم، أفلا يوافق أن يتربى فيها أو في جوارها وارث داود الأعظم؟ ولكن بما أن ملك اليهود الجديد أرخيلاوس بن هيرودس الذي قام في أول ملكه بأعمال كثيرة حسنة، ليؤيد سلطته ويحفظ عرشه، تغيَّر سريعاً، وأظهر من القساوة ما ماثل تصرفات أبيه، خاف يوسف أن يستوطن تحت ظله. ويظهر أن يوسف كان في حيرته يلتجئ إلى الصلاة طلباً لإرشاد الله، فكان الله يجيبه وينيره بواسطة أحلامه. وقد شعر الآن بعظمة المسؤولية التي عليه للمحافظة على يسوع وحُسن تربيته. وفي هذه الحيرة أتاه الإرشاد الإلهي في حلم، فرجعوا إلى وطنهم الأول في الناصرة وسكنوا هناك. ويقول متى البشير إن الإقامة في الناصرة حققت قول أحد الأنبياء إن المسيح سيُدعى ناصرياً (متى 2:23). |
||||
15 - 07 - 2017, 06:01 PM | رقم المشاركة : ( 18550 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أطفال بيت لحم "حِينَئِذٍ لَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ الْمَجُوسَ سَخِرُوا بِهِ غَضِبَ جِدّاً، فَأَرْسَلَ وَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ الَّذِينَ فِي بَيْتِ لَحْمٍ وَفِي كُلِّ تُخُومِهَا، مِنِ ابْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُونُ، بِحَسَبِ الّزَمَانِ الَّذِي تَحَقَّقَهُ مِنَ الْمَجُوسِ. حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: "صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ وَبُكَاءٌ وَعَوِيلٌ كَثِيرٌ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلَادِهَا وَلَا تُرِيدُ أَنْ تَتَعَزَّى، لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ" (متى 2:16-18). ماذا جرى في قصر هيرودس بعد أن ترك المجوس بيت لحم، وماذا فعل يوسف ومريم؟ لنعُدْ بالفكر إلى القصر الملكي في أورشليم، فنرى هيرودس منتظراً بفروغ صبر عودة المجوس، ليعرف ماذا يعمل لكي يُهلك المولود ملك اليهود. ولما انتهت المدة المتّفَق عليها بينه وبينهم لم يعودوا إليه، يرجَّح أنه أرسل إلى بيت لحم يسأل عنهم. ولما أخبره رسوله أنهم انصرفوا على غير طريق أورشليم، أدرك أن المجوس خدعوه، فاغتاظ جداً لأن هذا أضاع فرصته لمعرفة أي صبي في بيت لحم يجب أن يُقتل. ولا شك أن هيرودس سعى ليعرف من أهل بيت لحم البيت الذي زاره المجوس. ولما أُخبر أنهم كانوا غرباء من الجليل، وأنهم سافروا ليلاً إلى جهة مجهولة، لم يصدق ذلك، بل نسب إليهم الخداع، حسب عادته المشهورة في التطرُّف في إساءة الظن، واعتبر أن هذه الإجابة محافظةٌ على أحد أولادهم، فحمي غضبه أكثر، وقصد أولاً أن يتأكد من قَتْل الطفل يسوع. وثانياً أن ينتقم من أهل بيت لحم بعد أن ظن أنهم قاوموه بالخداع، وقبلوا سخرية المجوس به، وهو الملك العظيم. فأرسل رجاله ليقتلوا جميع الصبيان الذين في بيت لحم والذين في كل تخومها (لئلا يكون قد تحذَّر أحد فهرب إلى خارج) من ابن سنتين فما دون، بحسب الزمان الذي تحققه من المجوس. يرى البشير متى في هذا الحادث المريع وهذه الفظاعة الهيرودية، إتماماً ثانياً لقول إرميا: "صَوْتٌ سُمِعَ فِي الرَّامَةِ، نَوْحٌ بُكَاءٌ مُرٌّ. رَاحِيلُ تَبْكِي عَلَى أَوْلَادِهَا وَتَأْبَى أَنْ تَتَعَزَّى عَنْ أَوْلَادِهَا لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا بِمَوْجُودِينَ" (إرميا 31:15) وقد حسبهم البعض باكورة الشهداء المسيحيين لأنهم ذُبحوا في سبيل المسيح. |
||||