27 - 01 - 2025, 12:56 PM | رقم المشاركة : ( 185371 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ثُمَّ عادَ بعد ذلك إلى نينوى، مع جَيشِه الخَليطِ الغَفيرِ جِدًّا مِنَ المُحارِبينَ الَّذينَ انضَمُّوا إلَيه، وأَقامَ هُناكَ مِائةً وعِشْرينَ يَومًا لا يُبالي بِشَيء، وَيتَنَعَّمُ بِالمَآكِلِ هو وجَيشُه [16]. إذ انتصر ملك أشور على ملك مادي حسب نفسه قد ملك على الأرض كلها، لأنه ليس من قوة تعادل ملك مادي لتقف أمامه. هذا وقد خرج من الحرب بقوة أعظم. فمن جهة الإمكانيات البشرية؛ فإن كان فقد بعض رجال جيشه، فانهم يحسبون قلة قليلة جدًا بالنسبة لانضمام أعداد ضخمة من رجال جيش العدو ليعملوا في جيشه كجنود مرتزقة، يصطفون في أول الصفوف فيتعرضون للهجوم كدرعٍ يحمي جيش أشور الذي خلفه. ومن جهة الإمكانيات المادية، فما أنفقه ملك أشور على جيشه في المعركة يُحسب كلا شيء أمام الغنائم التي استولى عليها هو ورجاله وكل جيشه. هذا من جانب ومن جانب آخر، فإن النصرة أمدت له ذاته his ego، فحسب نفسه سيدًا قديرًا يستطيع أن يفتتح كل الممالك والشعوب ويسيطر عليها، ويستغلها دون مجهود يُذكر. لقد وثق في نفسه وفي جيشه، فانطلق الكل إلى التنعم بالولائم المستمرة لمدة مائة وعشرون يومًا، دون شبع. لقد صارت بالحق بطونهم آلهتهم ( ). إن كان المؤمن مع كل نصرة يقدم تشكرات وتسابيح لله واهب الغلبة والقائد الحقيقي لكل معركة، إذا بالشرير يجد في نصرته فرصة لتأليه بطنه والخنوع لشهواته، فيود أن يقطع حياته كلها يتمتع بالمأكل والمشرب. لقد حذرنا الكتاب المقدس من خطية النهم، ويحسبها المؤمن شيطانًا خطيرًا يفسد جسم الإنسان وروحه وعقله وعواطفه! |
||||
27 - 01 - 2025, 01:19 PM | رقم المشاركة : ( 185372 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حملات أليفانا رئيس جيش أشور أراد ملك أشور أن ينتقم من الأمم التي لم تخضع له، فأرسل قائد جيشه أليفانا (هولوفرنيس) نحو الغرب بجيش قوامه 120 ألفًا من المشاة و12 ألفًا من الفرسان وعدد لا يحصى من الجمال والغنم، كما زوده الملك بالكثير من الذهب والفضة. زحف هذا الجيش كالجراد واكتسح أمامه الأمم، فوقع رعبه على كل الأرض. 1. خطة ملوكية للانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها وفي السَّنةِ الثَّامِنةَ عَشْرَةَ واليَومِ الثَّاني والعِشْرينَ مِنَ الشَّهرِ الأَوَّل، دارَ الكَلامُ في بَيتِ نَبوخَذنَصَّر مَلِكِ أَشّورَ على الانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها، كما كانَ قد قال [1]. بعد سنة من هزيمة أرفكشاد ملك الماديين أصدر ملك أشور الأمر بالانتقام من الذين أهانوا رسله، وكانوا في صف أرفكشاد، وكان من بينهم اليهود. لقد تحدث مع كل قادة جيشه وعظمائه في سرية عن الانتقام من جميع الأرض، حاسبًا نفسه سيد كل الأرض. في شهر نيسان (إبريل) أقام الملك غرفة عمليات عسكرية تهدف للانتقام من كل الأرض المحيطة به، وذلك بعد الأجازة الأسبوعية مباشرة، حيث كانت في الأيام 7، 14، 21، 28 من الشهر بغض النظر عن اسم اليوم. عاش الملك ورجاله وجيشه في ولائم مستمرة 120 يومًا، لا يبالون بشيء لبنيان الجماعة ولا لبنيان نفوسهم. كان الملك في الظاهر في غاية السرور باللهو والكرامات الباطلة، لكن قلبه كان يغلي في داخله، لأن الأمم استخفت به. كان يود أن تكون كل جيوش الأمم جيوش مرتزقة تصد كل هجمات جيش مادي فلا يفقد رجلًا واحدًا! هذا مع اعتزازه بأن الأرض كلها تخضع له. لم يجد راحة في داخله، بل كانت نفسه تطلب الانتقام من الأرض كلها. يرى كثير من الآباء أن الأرض تُشير إلى الإنسان الترابي الجسداني، والسماء تُشير إلى الإنسان الروحي المتمتع بعربون السماء. فليس لملك أشور الذي يرمز لإبليس سلطان على الروحيين الذين ارتفعت قلوبهم مع نفوسهم كما إلى السماء. إنهم كالطيور المنطلقة نحو السماء، لا تقدر الحية القديمة أن تبتلعهم. أما الذين صاروا بشرورهم ترابًا وأرضًا فيُخضعهم ملك أشور، إبليس، ليسلكوا كأبناء له، يحملون سماته الشريرة، ويشاركونه مصيره الأبدي، جهنم الأبدية! * أقوال آباء عن سلطان إبليس. فاستدْعى جَميعَ ضُبَّاطِه وجَميعَ عُظَمائِه، وعَقَدَ مَعَهُم مَشورةً سِرَيَّة، وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ في الأَرض كلها [2]. "عزم بلسانه على الشر"، جاءت في الفولجاتا "تمت الكلمة"، وهي تعادل القول: "صدر القرار الإمبراطوري أو الملكي". ما قاله الملك: "على الشر" يطابق تمامًا الأسلوب الآشوري حيث يدعو الأمم المتمردة خاطئة وشريرة. فقد اعتاد الآشوريون أن يحسبوا من يعصيهم ويعصى آلهتهم خطاة وأشرارًا. كمثال لذلك سجل سرجيون في حملاته في أقاليم الملك ميداس Midas: "لم يهرب خاطيء". فحَكَمَوا بِإِهلاكِ جَميعِ الَّذينَ لم يُطيعوا أَوامِرَ فَمِه [3]. كان غاية طموحه هو أن يقيم نفسه سيدًا على الأرض كلها (يهو 2: 5)، إذ كان اللقب الرسمي لملوك أشور وبابل وفارس هو "الإله"، لذا لم يحتمل رفضهم مساندته في الحروب، فأصدر أمرًا بإهلاكهم. يود إبليس (الذي يرمز له ملك أشور) أن يهلك من لا يخضع لأوامره، لكنه وهو يود هلاكهم يهلك معه الذين يطيعونه، ويُكلل بالنصرة والمجد الذين يتحدونه بالنعمة الإلهية. وكانَ أنَّ نَبوخَذنَصَّر، مَلِكَ أَشُور، لَمَّا أتمَّ مَشورَتَه، اِستَدْعى أَليفانا Holofernes، قائِدَ جَيشِه وثانِيَ رَجُل بَعدَه، وقالَ لَه [4]. إذ كان القادة في نشوة الفرح بالانتصار، وقد قضوا مائة وعشرين يومًا لا عمل لهم سوى الطرب والأكل والشرب مع الملك، أعجبوا بخطة الملك. إنها فرصة ليتمتعوا بغنائم كثيرة، وتتحول حياتهم إلى أفراح وملذات مستمرة. فإن غلبتهم على أرفكشاد أعطتهم اليقين أنهم سيمتلكون الأرض كلها. لم يجد الملك أفضل من أليفانا ليقود جيشه، فقد اتسم بالشراسة والعنف. أقامه قائدًا لجيشه وجعله الرجل الثاني من بعده. قدم خطته السياسية إلى قائده أليفانا الذي حوَّلها إلى عمليات عسكرية. فقد راقت الفكرة لدى القائد، إذ تُشبع كبرياءه وعجرفته وشهواته. إن كان ملك أشور يرمز لإبليس الذي يود أن يكون سيد الأرض كلها، أو رئيس هذا العالم، فإن الأداة الأولى الطيعة له والمنفذة لإرادته، والعاملة على جذب البشرية للتعبد له، هو رئيس جيشه، الرجل الثاني بعده، أو ضد المسيح. "هذا ما يَقولُه المَلِكُ العَظيم، سَيِّدُ الأَرضِ كُلِّها: اِذهَبْ مِن عِنْدي، وخذْ مَعَكَ رِجالًا واثِقينَ مِن قُوَّتِهِم (الذاتية)، نَحوَ مِائةٍ وعِشْرينَ أَلْفًا مِنَ المُشاةِ، وعَدَدًا كَبيرًا مِنَ الخيل معَ إثنَي عَشَرَ أَلفًا مِنَ الفُرْسان [5]. جاءت لهجة الملك فيها الكثير من العجرفة. فهو لا يعتد بذاته فحسب بكونه "سيد الأرض كلها"، وإنما طلب أيضًا من قائده أن يختار رجالًا يعتدون بقوتهم الذاتية مثله، ولا يتكلون على الله. وكما قيل في المزامير: "الذين يتكلون على ثروتهم، وبكثرة غناهم يفتخرون... مثل الغنم للهاوية يُساقون" (مز 49: 6، 14). وأيضًا: "هوذا الإنسان الذي لم يجعل الله حصنه، بل اتكل على كثرة غناه واعتز بفساده" (مز 52: 7). وقد وصف الكاتب الموقف في شيء من التفاصيل وبدقة، حتى يبرز كيف تمجَّد الله خلال أرملة غير مسلَّحة، أيَّدها الله نفسه. جاء حجم الجيش هنا بذات حجم القوة التي استخدمها شلمناصر الثالثShalmaneser III في معركة Qarqar. ما هو هذا الجيش العظيم من مشاة وفرسان ومركبات إلا الأرواح الشريرة العاملة لحساب إبليس ومملكته. أو هي الخطايا المتنوعة التي تهاجم بخطة معينة كل مؤمن حسب إمكانياته وسنه ومركزه وصحته وظروفه الأسرية وحتى حسب دوره الكنسي. وللعدو خطط كثيرة، لا يهدأ من محاولة اقتحام كل نفس حسبما يناسبها. وأخرُجْ على الأَرضِ كُلِّها غَرْبًا، لأَنَّهم لم يُطيعوا أَوامِرَ فمي [6]. يقصد بالغرب هنا ما هو غرب نهر الفرات، أي إسرائيل (اليهود) وسوريا ومصر. يطلب عدو الخير من ملائكته الأشرار أن يهاجموا الأرض كلها. هذا هو عمل إبليس وملائكته. لهذا عندما سأله الرب: "من أين جئت؟"، أجاب: "من الجولان في الأرض ومن التمشي فيها" (أي 1: 7). * راجع سفر أيوب وأَخبِرْهم بِأَن يُعِدُّوا الأَرضَ والماء، فإني سأَخرُجُ علَيهِم في غَضَبي، وسأُغَطِّي كُلًّ وَجْهِ الأَرضِ بِأَقْدامِ جَيْشي، وأُسلِمُهم إِلَيه لِلنَّهْب [7]. "يعدوا الأرض والماء": إعداد الأرض والماء يشير إلى خضوعهم. فلا يقف الأمر عند رفع الراية البيضاء علامة طلب السلام، ولا إلقاء السيف أرضًا، وإنما علامة التوسل في مذلة أن يدخلوا في عهد معه وهم في غاية الانكسار. فهو تعبير فارسي مشهور، للدلالة على الاستسلام، حيث تقدم البلاد المنهزمة كل ما لديها حتى الأرض والماء لمن اِنتصر عليها. كثيرًا ما ورد هذا التعبير في كتابات المؤرخ هيرودت Herodotus. ولعل هذا ما قصده المرتل بقوله: "ملأ جثثًا أرضًا واسعة، سحق رؤوسها، من النهر يشرب في الطريق، لذلك يرفع الرأس" (مز 110: 6-7). كان من عادة الفارسيين أن يطلبوا من البلاد التي تخضع لهم جزية على الأرض كما على مصادر المياه. إنها صورة مرّة لخطة إبليس الذي يطلب من ضد المسيح مع كل قواته أن يسيطروا على البر والبحر، فإذ له سلطان على الأشرار، يسلمهم إلى ملائكته لنهب كل طاقاتهم ومواهبهم وأوقاتهم للعمل لحساب مملكة إبليس. ما يطلبه الشيطان هو إساءة استخدام العطايا الإلهية الموهوبة لنا. فيحول الحب الطاهرة إلى شهوات وملذات جسدية، ودافع الغضب إلى الكراهية للغير عوض الغضب على الشر والتوبة والرجوع إلى الله ويوجه الآذان الموسيقية لا إلى التسبيح مع السمائيين، إنما لاغانٍ مثيرة للشهوات... إلخ. هذا هو النهب الذي يقوم به الشر لإفساد حياتنا. وجَرحاهم تَملأُ أَودِيَتهم، وكُلُّ جداول المياه والنَهْرٍ يَمتَلِئُ فيَفيضُ بِجُثَثِهِم [8]. عبارة تحمل تفخيمًا طنانًا في الأسلوب، استخدمه حزقيال النبي: "وأملأ جباله من قتلاه، تلالك وأوديتك وجميع أنهاركَ يسقطون فيها قتلى بالسيف" (خر 35: 8). كما استخدمه إشعياء النبي للتعبير عن مدى رعاية الله: "هأنذا أُدير عليهم سلامًا كنهرٍ، ومجد الأمم كسيلٍ جارفٍ، فترضعون، وعلى الأيدي تُحملون، وعلى الركبتين تُدللون" (إش 66: 12). الله هو طبيب النفوس والأجساد المتحنن على خليقته، أما عدو الخير وملائكته فقتلى وسافكو دماء، يجدون مسرتهم في جراحات الآخرين. يحول الأرض إلى وادٍ يمتلئ بالجرحى والقتلى؛ وجداول المياه والأنهار تفيض بجثث الغرقى في الشر عوض الفيض بمياه حيَّة تروي النفوس لتقيم منها مدينة الله وفردوس الفرح. وأَسوقُ أَسْراهم إلى أَقاصي الأَرضِ كُلِّها [9]. عندما تنبأ إشعياء النبي عن مصر وكوش، إذ وضع اليهود رجائهم فيهما، متحالفين معهما ضد أشور، عوض الالتجاء بالتوبة إلى الله، قال: "هكذا يسوق ملك أشور سبي مصر وجلاء كوش: الفتيان والشيوخ، عراة وحفاة ومكشوفي الأسناه خزيًا لمصر. فيرتاعون ويخجلون من أجل كوش رجائهم، ومن أجل مصر فخرهم. ويقول ساكن هذا الساحل في ذلك اليوم: هوذا هكذا ملجأنا الذي هربنا إليه للمعونة لننجو من ملك أشور" (إش 20: 4-6). كما صار إبليس أسير الشر، يعمل كل الجهد ليُفقد إن أمكن كل إنسان حريته، ويقوده إلى أقصى الأرض ليصير متغربًا عن السماء. أَمَّا أَنتَ فأمضِ واحتَلَّ لي كُلَّ أَرضِهِم، فيُسلِمونَ أَنفُسَهم إِلَيك، فَتحفَظُهم لي إلى يَومِ عقوبتهم [10]. يأسر الإنسان ويستولي على أرض؛ أي يأسر نفسه ويملك على جسده، فيصير الإنسان بكليته في مذلة يُشارك إبليس عقوبته. أَمَّا المتمردون فلا تُشْفِقْ علَيهم، بل أَسلِمْهُم إلى القَتْلِ والنَّهْبِ في كُلِّ أرضِكَ [11]. جاء النص في ترجمته الحرفية "لا تشفق عينك عليهم"، وذلك كما في الترجمة السبعينية للنصوص (تث 7: 16، حز 20: 17). العجيب أن عدو الخير قد صار بطبيعته متمردًا، إذ سرت الخطية في كيانه، وهو متمرد يود أن يهلك من يتمرد عليه، وينهب كل إمكانياته. بِحَياتي وبِقوةِ مُملْكتي، كل ما تَكلَمتُ به سأَفعَلُه بِيَدي [12]. هذا القسم: "بحياتي وبعزة ملكي" خاص بالله وحده، واهب الحياة وصاحب السلطان عليها. هذا القسم يحسبه اليهود تجديفًا، إذ يخص الله وحده كما ورد في (تث 32: 39-41). سلب الملك مجد الرب ونسبه لنفسه. واضح أن هذه العبارة هي جزء من كلمات الملك لقائده، فيحسب أن ما سيفعله القائد إنما يمارسه بسلطان الملك وقدرته، وكان ما يتممه القائد إنما يفعله بيد الملك؛ أما يهوديت فتحسب ما يتحقق خلالها من خلاص فهو بيد الله وقوته (يهو 8: 33؛ 12: 4). وكأن مركز السفر كله، أن الشر الذي فعله القائد هو بيد الملك، والخلاص الذي قدمته يهوديت هو بيد الله. وأَنتَ فَلا تُخالِفْ أيَّ أَمْرٍ مِن أَوامِرِ سَيِّدِكَ، بل نَفِّذْها تَنْفيذًا كما أَوصَيتُكَ بِه، ولا تُرجِئِ القِيامَ به" [13]. ليس لضد المسيح عمل سوى أن يحقق خطة إبليس المهلكة إن أمكن بكل سرعة. يرى Carey Moores أن ملك أشور في حديثه السابق لم ينسب الألوهة لنفسه، لكنه أبرز أنه صاحب القرار القاطع [1-2، 13]، ومحب للنقمة من وجه الأرض كلها [1، 6]، متكبر ينطق بكلمات طنانة [5، 12]، لا يغفر وقاسي [7-11]. وأن قائده هو الذي نسب له الألوهة. لكن يمكننا القول أن القائد الذي أراد أن يُسر ملكه يعرف تمامًا بأي روح كان ينطق بهذه الكلمات، وما هو وراءها. فما نسبه القائد وأراد تحقيقه لملكه، إنما كان متناغمًا مع ما في فكر الملك. أخيرًا فإن خطاب الملك لقائده يكشف عن خطته الشريرة ألاّ وهي: الهجوم والغزو، وأيضًا السلب والنهب، والقتل والإبادة، والسبي في إذلال. ولعل تحطيم يهوذا كان في ذهن الملك كهدفٍ رئيسي يود أن يحققه. 2. التحرك للحرب وخَرَجَ أَليفانا من أَمام سَيِّدِه، ودَعا جَميعَ الرُّؤَساءِ والقُوَّادِ والمرازبة في جَيشِ أَشّور [14]. جاء في الترجمة السبعينية: "جميع المقيمين في القصر Marshals والقواد والمرازبةSatraps". استدعاء الرؤساء والقادة والضباط الذين في جيش أشور للتحرك للحرب، يُشير إلى سيطرة ضد المسيح على ملوك الأرض وقادتهم للهجوم على كنيسة الله وتحطيم إيمانها. واَجتمع نُخبَةَ عظيمة من الرِّجالِ لتنظيم القِتال، كما أَمَرَه سَيِّدُه، نحوَ مِائَةٍ وعِشْرينَ أَلْفَ رَجُلٍ واثنَي عَشَرَ أَلفَ فارِسٍ نَبَّال [15]. رقم 12 يُشير إلى مملكة الله حيث يملك الثالوث القدوس على الأرض باتجاهاتها الأربعة (الشرق والغرب والشمال والجنوب). فبضرب رقم 3 في 4 تكون المحصلة 12. وها هو عدو الخير يود أن يستخدم ذات الرقم للخداع، فأنه كما لاحظنا في دراستنا لسفر الرؤيا أنه يوجد ثالوث نجس يقاوم الثالوث القدوس، وهم إبليس وضد المسيح والنبي الكذاب. وصَفَّهم كَما يُصَفُّ الجُنودُ لِلقِتال [16]. يأتي ضد المسيح بعقلية شريرة لكنها جبارة، يقيم حربًا منظمة وخطيرة ضد كنيسة المسيح. وأَخَذَ مِنَ الجِمالِ والحَميرِ والبِغالِ ما لا يُعد لِحَمْلِ أَمتِعَتِهم، وعَدَدًا لا يُحْصى مِنَ الخِرافِ والبَقَرِ والمَعَزِ لإِعاشَتِهم [17]. أخذ أليفانا عددًا كبيرًا جدًا من الجمال والحمير والبغال لحمل المئونة، ولكي ترجع أيضًا مُحملة بالغنائم. وأُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مئوُنةً كثيرةً، وقَدْرًا وافِرًا جِدًّا مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ مِن بَيتِ المَلِك [18]. بعد أن أخذ أليفانا القوة البشرية الضخمة والثروة الحيوانية والغلال، أخذ ذهبًا وفضة من بيت الملك لاستعمالها عند الحاجة، وقد تأكد أنه سيعود بخيرات الأرض كلها، أضعاف ما أخذه. أعطى أليفانا ضباط الجيش والجند رواتب عالية ليرفع من معنوياتهم، وليؤكد لهم أن الملك وقائده مطمئنان أنه مهما كانت تكلفة الحرب فالنصرة أكيدة والغنائم ستعوض القصر هذه التكلفة، بل وتزيد كثيرًا جدًا. هذا يمنع أي احتمال لتذمر الجنود بسبب الجوع أو تأخر رواتبهم. بالحقيقة قام أسرحدون بتضخيم الجيش الآشوري كما ورد في يهوديت 2: 14-18 [لقد أضاف... مركبات الحراس، وسلاح الفرسان، والحكام والرؤساء، وضاربي القوس، والعائلين، وخبراء الحرب، وحاملي التروس، والمقاتلين...] 3. نصرات مستمرة مع تدمير ونهب ثُمَّ خَرَجَ هو وكُلُّ جَيشِه في حَملَةٍ لِيَسبِقوا نَبوخَذنَصَّر المَلِك، ويُغَطّوا كُلَّ وَجهِ الأَرضِ إلى الغَرْبِ بِمَركَباتِهم وفُرْسانِهم ونُخْبَةِ مُشاتِهم [19]. يجد الدارسون صعوبة في تتبع مسيرة هذه الحملة من جهة عدم وجود خط واحد للمسيرة، ومن جانب آخر سرعة الوصول إلى مناطق معينة بجيشٍ قوامه هذا العدد الضخم من المشاة والفرسان. لهذا يرى بعض الدارسين أنها لم تكن حملة واحدة تتحرك معًا، وإنما تحت قيادة القائد العام للجيش تحركت حملات مختلفة في اتجاهات متباينة، تعداد كل حملة يتناسب مع الإمكانيات العسكرية للبلد التي يهاجمونها. هذا يتفق مع ما عُرف به أسرحدون Esarhaddon من همة ونشاط ضخم في التحركات العسكرية. ويرىLuckenbill أن مما يجعل المشكلة صعبة هو الدمار الذي حلّ بالمستندات الموجودة الخاصة بهذا الملك، فيصعب التعرف على التسلسل التاريخي لحملاته. بدأت ساعة الصفر لانطلاق الحملة الغربية الحربية من نينوى، ويظهر ضخامة الجيش إذ غطَّى كل وجه الأرض إلى الغرب. استخدم سرجيون فيما بعد نفس العبارة كلمة بكلمة عندما أشار إلى جيشه في السنة السادسة من حكمه، قائلًا: "في غضبي أغطي هذه البلاد مثل حملة جراد". عندما تحدث يوئيل عن غزو الجراد (يهو 1: 4) كان يعني جيش ذات الأمة. أما إشعياء فإذ تحدث عن سلسلة ملوك أشور الجديدة فوصفهم بالحيات والتنانين (إش14: 29). جاء في هامش الترجمة الـDouay ليوئيل 2: 7: [يفهم البعض (العدو الشمالي) أنه هولوفرينس وآخرون أنه حملة جراد]. ورافَقَهم خَليطٌ منَ النَّاسِ كثيرٌ كالجَرادِ وكَرَمْلِ الأَرض، لا يُحْصى عَدَدُهم لِكَثرَتِهم [20]. يصف الجيش بالجراد، إذ يهجم في حملات تغطى الأرض وتحجب الشمس عنها، وتأكل كل ما هو أخضر، خرابها لا يُمكن مقاومته. يستخدم هذا التشبيه في الكتاب المقدس (قض 7: 12؛ إر 46: 23)، إذ تغطي أسراب الجراد مساحات شاسعة عند الهجوم، تبلغ أحيانًا عدة كيلومترات، بشكلٍ مرعب يكاد يحجب نور الشمس. هنا يود الكاتب أن يبرز أنه ليس من وجهٍ للمقارنة بين إمكانيات جيش أشور وجيش إسرائيل، فالنصرة كانت من عمل الله. وخَرَجوا مِن نِينَوى وساروا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَّجِهينَ إلى سَهْلِ بَكْتيلة Bectileth. وغادَروا بَكْتيلة، وعَسكَروا بِالقُرْبِ مِنَ الجَبَلِ الَّذي إلى شَمالِ كيليكية العُلْيا [21]. يبدو في تحركات الجيش أنها ليست ذات القائمة السابق ذكرها والتي رفضت دعوة الملك للتحالف معه ضد أرفكشاد. فمن جهة أرسلت بعض البلاد تطلب الأمان بعد أن رأت بطشه ببلادٍ أخرى. هذا ما كان يطلبه أليفانا في حديثه مع يهوديت، إذ يلقي باللوم على شعبها أنه لم يستسلم، وبالتالي ما كانت هناك حاجة للحرب. ومن جهة أخرى أحيانًا يستخدم في قائمة أسماء بلادٍ معينة وفي القائمة الأخرى أسماء أقاليم تتبعها البلاد. من الواضح أن القائمتين تقدمان مسحًا يكاد يكون شاملًا لكل منطقة الغرب والجنوب بالنسبة لأشور. أول مرحلة للحملة هي السير ثلاثة أيام حيث بلغ الجيش عند حدود أرض العدو، أي سهل بكتيلة، وهناك عسكر الجيش. سهل بكتيلة Bectileth: كلمة أرامية معناها بيت القتل، تقع في شمال كيليكية أو بالقرب منها. على بعد 300 ميلًا من نينوى، مما جعل بعض المؤرخين والجغرافيين يظنون أن هذا السهل يقع في شمال أنطاكية، إذ يرون أنها مسافة كبيرة يقطعها جيش جرار في ثلاثة أيام. كيليكية العليا: مقاطعة تقع في شمال البحر المتوسط وجنوب جبال طرسوس، والمقصود هنا هو القسم الجبلي، وهو الغربي، إذ تنقسم كيليكية إلى قسمين. الآخر شرقي ويُدعى سهل كيليكية، وكان يسكن كيليكية أغلبية يهودية. وأَخَذَ كُلَّ جَيشِه، مِن مُشاةٍ وفُرْسانٍ ومَركَبات، ومَضى مِن هُناكَ إلى النَّاحِيةِ الجَبَلِيَّة [22]. تحرك الجيش كله نحو الجبل ليعسكر هناك. كسَرَ فودَ Phud ولُود Lud، ونَهَبَ جَميعَ بَني رَشيشَ Rassisites أو Rassis، وبَني إِسرائيلَ الَّذينَ حِيالَ البَرِّيَّة وجِهَةَ جَنوبِ كِلُّون Chellians [23]. فود Phud أو Put: يرى الدارسون أنها تعني ليبيا (تك 10: 6، 1 أي 1: 8، إر 46: 9). أما لود مغارة يُقصد بها ليديا في آسيا الصغرى (تك 10: 22؛ إش 66: 19). غير أن ما ورد هنا بخصوص فود فيُقصد بها مدينة أخرى تحمل ذات الاسم على حدود كيليكية. رشيش أو ترشيش: اسم فينيقي معناه "معمل التكرار"، وربما يكون منسوبًا إلى قبيلة تيراس التي سكنت قديمًا في نواحي كيليكية وجبال طرسوس. وهي مدينة على البحر المتوسط جنوب أسبانيا بالقرب من جبل طارق. وهي من أشهر البلاد التي اشتغلت في التجارة البحرية، ولعل أليفانا استولى على سفنها ومواردها التجارية. يرى Carey Moores أن بني رشيش شعب كان يعيش بجوار كيليكية. كما يقول أن بعض الدارسين يرون بأن رشيش يقصد بها طرسوس وأنها هي جبل آروسوس Arsus حاليًا، أو جبل روسوس Rossos، قام الإكسندر الأكبر وداريوس الثالث وكودومانوس Codomonnus بالدخول في المعركة الخطيرة لإسيس Issus عام 333 ق.م. "وبَنو إِسرائيل": جاءت في ترجمة َDouay بنو إسماعيل the children of Ismahel: إسماعيل اسم عبري معناه "الله يسمع". وهم قبائل عربية متفرقة في شبه الجزيرة العربية وسوريا وبالقرب من ترشيش في الشمال. ويُحتمل أن يكون قد استولى أليفانا منها على الكثير من قطعان الماشية بعد أن أحرق خيامها. كلون Chelleuas: جاءت في ترجمة َDouay Cellon. مدينة غرب الأردن، تطل على أحد الطرق الرئيسية بين مصر وأورشليم. يرجح البعض أن يكون موقعها في شبه الجزيرة العربية، شمال مساكن بني إسماعيل، ويرى البعض أنها بالقرب من ترشيش في الشمال. ويقول Carey Moors أن بعض الدارسين يعرفونها بأنها Cholle القديمة، حاليًا الخِال El-Khalle، بين بالميرا Palmyra والفرات، لكنها ليست الكلدانيين Chaldeans. ثُمَّ سارَ بِجانِبِ الفُرات، واجتاز ما بَينَ النَّهرَين،ِ ودَمَّرَ جَميعَ المُدُنِ المُحَصَّنةِ الَّتي على وادي عَبْرون Wadi Abron ووَصَلَ إلى البَحر [24]. يتساءل البعض كيف بعد أن بلغ الشمال يعود فيكرر عبور نهر الفرات، ويجيب البعض أنه يحتمل أن خرج الجيش على دفعات في اتجاهات مختلفة حسب احتياج كل معركة، والتقى الكل أخيرًا عند السهل قرب بيت فلوي بكونها المدينة التي لشعب قاوم هولوفرينس وتحداه، وكان القائد يجهل طبيعة هذا الشعب، وما وراء تحديه له. عبرونCheimarrou abrona، هو مجرى Chaboras الذي يصب في الفرات على بعد 50 ميلًا من ديورا Dura. يقع ما بين نهر الفرات والبحر المتوسط. وقد وصل إلى هناك أليفانا في طريقه إلى البحر المتوسط، وقد دمّر جميع المدن الواقعة على شاطئ هذا النهر. واحتَلَّ بِلادَ كيليكية، وسَحَقَ جَميعَ الَّذينَ يُقاوِمونَه، وجاءَ إلى حُدودِ يافَثَ الَّتي إلى الجَنوبِ حِيالَ العَرَبية Arabia [25]. يافث Japheth:اسم سامي معناه "يفتح". وتقف في تخوم يافث في جنوب بحر قزوين والبحر الأسود، وحتى البحر المتوسط. ديار العرب: مساكن الإسماعيليين. لا يقصد بالعربية هنا منطقة شبه جزيرة العربية أو جزء منها، وإنما الصحراء السورية أو الجغرافي بطليموس Ptolems "الصحراء العربية"، وهي بجوار دمشق. وطَوَّقَ جَميعَ بَني مِدْيَان Madian، وأَحرَقَ مُخَيَّماتِهِم، ونَهَبَ حَظائِرَهم [26]. بنو مديان: كان المديانيون يقطنون شمال غرب شبه الجزيرة العربية في القرن الثالث عشر ق.م، لكن طبيعة هذا الشعب هو التجوال حتى بلغوا في الجنوب جبل سيناء، وفي الشمال الصحراء السورية العربية (قض 7: 25)، بل وارتبطوا أحيانًا بشعب المشرق (قض 6: 3، 33؛ 7: 12). بنو مديان: هم سكان بلاد مديان (مديان اسم سامي معناه "محكمة"). كانت تخومهم من خليج العقبة إلى موآب وحتى سيناء في شمال مصر. وقد اختلط شعبهم وأرضهم بشعب وأر ض الإسماعيليين. وتوجد حاليًا منطقة تقع شمال خليج العقبة، وهم شعب غني بسبب تجارته الواسعة. وقد قاوموا أليفانا كثيرًا مما حدا به إلى إحراق حقولهم وحظائرهم وسلب مواشيهم. ونَزَلَ بعدَ ذلك إلى سُهولِ دِمَشقَ قي أَيَّامِ حِصادِ الحِنطَة، فأَحرَقَ جَميعَ حُقولهِم، وأَباد قُطْعانَ خِرافِهم والبَقَرِ، ونَهَبَ مُدُنَهم وأَتلَفَ سُهولَهم، وضَرَبَ جَميعَ شُبَّانِهم بحَدِّ السَّيف [27]. حرق المحاصيل وكل الحقول وإبادة الغنم يكشف عن أن الجيش لم يكن في عوزٍ إلى غلالٍ وأغنامٍ، وإلا ما كان يحرق ويبيد، بل يسلب وينهب. هذا وقد كانت سياسة أليفاز هي تجويع الشعوب ومنع مصادر المياه عنهم كما فعل مع اليهود، حتى يستسلم الشعب دون الدخول في معارك عسكرية قد يفقد فيها بعضًا من رجال جيشه. الترجمة الحرفية "ضرب...بفم السيف" وهو تعبير عبراني شائع (تك 34: 26؛ يش 6: 21؛ 1 صم 15: 8). يرى أغلب الدارسين أن هذا الأسلوب العبري يستخدم، لأن السيف يفترس ضحيته، وكأنه وحش مفترس يلتهم ضحيته. يرى ثيؤفيل ميك MeekTheophile J. أن هذا التعبير كان مستخدمًا لأن السيوف والفؤوس المستخدمة في المعارك كانت على شكل ألسنة خارجة من أفواهٍ مفتوجة أسود أو تنانين جائعة، ومقابضها على شكل الأسود أو التنانين نفسها. فوقَعَ الخَوفُ والرِّعدَةُ على سُكَّانِ الساحل الَّذينَ في صَيدون Sidon وصور Tyrus، وسُكَّانِ صورَ Sur وعُكِّينا Ocina وجَميعِ سُكَّانِ يِمْناعِ Jemnaan، وخافَه السَّاكِنونَ في أَشدودَ Azotus وأَشْقَلونَ Ascalon خَوفًا شديدًا [28]. ما حلّ بدمشق أرعب المدن الساحلية. وقد جاءت أسماء أغلب هذه المدن لا تمثل مشكلة. صيدون Sidon: غالبًا ما كانت صيدون وصور مرتبطان معًا تاريخيًا. وهما مدينتان كنعانيتان عظيمتان على ساحل البحر المتوسط يبعدان عن بعضهما حوالي 25 ميلًا. قام الملك آسرحدون الآشوري بهدم صيدون عام 677 ق.م. وأعيد إصلاحهما للثورة ضد Artaxerxes II عام 351 ق.م. استسلمت لإسكندر الأكبر عام 333 ق.م. دون مقاومة. تورس Tyemnaa أو صور: صورTyre في الأصل جزيرة صغيرة صخرية غير مرتبطة بالساحل. ورد ذكرها في رسائل العمارنة Amarna في القرن الرابع عشر ق.م. وهي مثل صيدون كانت مدينة بحرية ومركزًا تجاريًا عظيمًا، وهي على خلاف صيدون لم يهدمها آسرحدون، إذ كانت تدفع له جزية. قام ربنا يسوع المسيح بزيارة صيدون وصور (مت 21:15؛ مر 31:7)، وأيضًا زارهما بولس الرسول (أع 21: 3- 4، 27: 3). صور Sur: يرى البعض أنها دور. عكينا Okina أو Okeina، يرى البعض أنها مشتقة عن الكلمة اليونانية Akē أو ِAcco . والعبرية Kw، وتدعى حاليًا Acre. وهي ميناء قديم جدًا شمال جبل الكرمل، يبعد حوالي 20 ميلًا شمال Dor، يعتبر البعض عكا. يمناع Je,maa أو يمنة Jaminaأو Jemnia . سابقًا كانت تُدعى "ينبئيل" (يش 11:15) أو ينبه (2 أي 26: 6). وهي تبعد تسعة أميال شمال أشدود وحوالي أميال من شاطئ البحر المتوسط، استخدمها الكثير من قادة السلوقيين Seleucid كمركز قيادة: جورجياس Georgias (1 مك 4: 15، 5: 58)، وأبولونيوس Appollonius (1 مك 10: 69)، وسنديبيسCendebeus (1 مك 15: 40). وفي عام 164ق.م وضع يهوذا المكابي الشعلة فيها. في يمنه (عام 90-100م) ثبت المجمع اليهودي النصوص القانونية الثانية. أزوتس Azotus: قديمًا كانت تُدعى أشدود، إحدى الخمس مدن الرئيسية للفلسطينيين (يش 13: 3). وربما أقوى المدن الخمس في العصر الفارسي، غزاها يهوذا المكابي (1 مك 4: 15؛ 5: 68) ويونثان (1مك 10: 37- 85، 11: 8) ويوحنا هيركانوس (1مك 16: 10) John Hyrcaneus، وأخيرًا الكسندر ينيس Janneus (104- 78) كما ورد يوسيفوس. وهي تبعد ثلاثة أميال عن شاطئ البحر المتوسط، وعشرة أميال جنوب يمنة. أشقلون Ascalon أو أسكالون: تقع على البحر المتوسط حوالي 10 أميال جنوب أزوتس، وحوالي أثني عشر ميلًا شمال غزة. كانت قديمًا تُدعى أشقلون Ashkelon، وهي أيضًا إحدى الخمس مدن الرئيسية لفلسطين (يش 13: 3)، وترجع إلى تاريخ قديم جدًا، حيث أُشير إليها في ألواح مصرية ترجع لحوالي عام 1850 ق.م. في العصر الفارسي عرفت المدينة بسيطرة سور عليها، وفي عصر المكابيين كانت في علاقات طيبة إلى حد معقول مع اليهود (1 مك 10: 86؛ 11: 60؛ 12: 33). وجاء في بعض المخطوطات "غزة Gaza. يمناع Emnaan وتُسمى "يبنة"، تقع على بعد 7 كم من البحر المتوسط و15 كم شمال شرق أشور. واضح أن أليفانا كان يتحرك في كل الاتجاهات ولم يتخذ خط سير واحد، وقد استغرقت الحملة خمسة عشر شهرًا، إذ صدر الأمر بالتحرك في شهر ابريل، وبلغت حقول دمشق في موعد حصاد القمح، أي في شهر مايو من السنة التالية، ثم أكمل الطريق لمدة شهرين أو ثلاثة أشهر. أصبح كل من يسمع عن أليفانا وما عمله، يخاف جدًا من قسوته وشروره والدمار والهلاك الذي ألحقه بالبلاد المختلفة. من وحي يهوديت 2 معركة لا تهدأ! * ملك أشور يصمم على إبادة محتقريه، وهوذا إبليس لن يكف عن مقاومة المستخفين به وبمشوراته! لقد أرسل الآب ابنه الوحيد لخلاص البشرية، ووهبنا روحه القدوس ليهيئنا للعرس السماوي! أما إبليس المخادع فيرسل دومًا أضداد المسيح ليهلكوا ويدمروا. ويرسل أيضًا أنبياء كذبة للعمل لحسابه. الثالوث القدوس يطلب تمجيدنا. والثالوث الدنس يطلب عبوديتنا ودمارنا! * الله في حبه يعمل ويبقى يعمل حتى في الأبدية. وإبليس في حقده يقاوم ويبقى يقاوم بلا ملل. * من ينقذني من شباك إبليس، إلاّ روحك القدوس الذي يرتفع بيّ يومًا فيومًا. أطير كما إلى السماء، فلا تقدر الحية القديمة أن تثب لتبتلعني! ويحسب كل من يطيعك متمردًا عليه. لن يستريح حتى عندما يُلقى اتباعه معه البحيرة المتقدة نارًا! * أنت يا إلهي ضابط الكل. تبسط يديك على الصليب لتضم العالم كله إلى حضنك. وعدو الخير يجول في الأرض كلها، يبعث بجنوده الأشرار لينصبوا الشباك. لكن هوذا الفخ انكسر ونحن نجونا بك يا مخلص العالم! * عدو الخير يدرب أتباعه على القتل. برماحه وسهامه الملتهبة نارًا! لكنك أنت طبيب النفوس والأجساد، تشفينا من الجراحات الشيطانية، وتهبنا ذاتك يا أيها القيامة، فلا يأسرنا القبر، ولا يقوى علينا الموت! * يُسر العدو إذ يأسر نفوسنا، ويُفسد أجسامنا، ويملأ العالم بجثثنا! لكنك أنت القدير تحيي العظام الرميمة. تحول قبورنا إلى فردوس إلهي. تخرجنا إليك فنجد في أحضانك حياة أبدية. * عدو الخير يقيم رؤساء وقادة وضابط، والكل يحملون روحه الذي لا يمل من الخداع! عدو الخير يثابر ويحارب! هب لنا روح المثابرة، فبك نغلب وننتصر! الحملة الغربية الأصحاح الثاني وفي السَّنةِ الثَّامِنةَ عَشْرَةَ واليَومِ الثَّاني والعِشْرينَ مِنَ الشَّهرِ الأَوَّل دارَ الكَلامُ في بَيتِ نَبوخَذنَصَّر مَلِكِ أَشّورَ على الانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها، كما كانَ قد قال [1]. 2 فاستدْعى جَميعَ ضُبَّاطِه وجَميعَ عُظَمائِه وعَقَدَ مَعَهُم مَشورةً سِرَيَّة وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ التَّامِّ في الأَرض [2]. فحَكَمَوا بِإِهلاكِ جَميعِ الَّذينَ لم يُطيعوا أَوامِرَ فَمِه [3]. وكانَ أنَّ نَبوخَذنَصَّر ، مَلِكَ أَشيءُور، لَمَّا آتمَّ مَشورَتَه، اِستَدْعى أَليفانا، قائِدَ جَيشِه وثانِيَ رَجُل بَعدَه، وقالَ لَه [4]. "هذا ما يَقولُه المَلِكُ العَظيم، سَيِّدُ الأَرضِ كُلِّها: اِذهَبْ مِن عِنْدي وخذْ مَعَكَ رِجالًا واثِقينَ مِن قُوَّتِهِم، نَحوَ مِائةٍ وعِشْرينَ أَلْفًا مِنَ المُشاةِ وعَدَدًا كَبيرًا مِنَ الأَفْراس معَ إثنَي عَشَرَ أَلفًا مِنَ الفُرْسان [5]. وأخرُجْ على الأَرضِ كُلِّها غَرْبًا، لِأَنَّهم لم يُطيعوا أَوامِرَ فمي [6]. وأَخبِرْهم بِأَن يُعِدُّوا الأَرضَ والماء، فإني سأَخرُجُ علَيهِم في غَضَبي وسأُغَطِّي كُلًّ وَجْهِ الأَرضِ بِأَقْدامِ جَيْشي وأُسلِمُهم إِلَيه لِلنَّهْب [7]. وجَرحاهم تَملأُ الأَودِيَة، وكُلُّ سَيلٍ ونَهْرٍ يَمتَلِئُ فيَفيضُ بِجُثَثِهِم [8]. وأَسوقُ أَسْراهم إلى أَقاصي الأَرضِ كُلِّها [9]. أَمَّا أَنتَ فأمضِ واحتَلَّ لي كُلَّ أَرضِهِم، فيُسلِمونَ أَنفُسَهم إِلَيك فَتحفَظُهم لي إلى يَومِ اتِّهامِهم [10]. أَمَّا العُصاة، فلا تُشْفِقْ علَيهم، بل أَسلِمْهُم إلى القَتْلِ والنَّهْبِ في كُلِّ أرضِكَ [11]. بِحَياتي وبِعِزَّةِ مُلْكي، لقد تَكلَمتُ وسأَفعَلُ ذلك بِيَدي [12]. وأَنتَ فَلا تُخالِفْ أيَّ أَمْرٍ مِن أَوامِرِ سَيِّدِكَ، بل نَفِّذْها تَنْفيذًا كما أَوصَيتُكَ بِه، ولا تُرجِىءِ القِيامَ به" [13]. وخَرَجَ أَليفانا من أَمام سَيِّدِه ودَعا جَميعَ الرُّؤَساءِ والقُوَّادِ والضُّبَّاطَِ في جَيشِ أَشّور [14]. وأَحْصىِ نُخبَةَ الرِّجالِ لِلقِتال، كما أَمَرَه سَيِّدُه، نحوَ مِائَةٍ وعِشْرينَ أَلْفَ رَجُلٍ وآثنَي عَشَرَ أَلفَ فارِسٍ نَبَّال [15]. وصَفَّهم كَما يُصَفُّ الجُنودُ لِلقِتال [16]. وأَخَذَ عَدَدًا كَبيرًا جِدًّا مِنَ الجِمالِ والحَميرِ والبِغالِ لِحَمْلِ أَمتِعَتِهم وعَدَدًا لا يُحْصى مِنَ الخِرافِ والبَقَرِ والمَعَزِ لِإِعاشَتِهم [17]. وأُعْطِيَ كُلُّ رَجُلٍ مئوُنةً كثيرةً وقَدْرًا وافِرًا جِدًّا مِنَ الذَّهَبِ والفِضَّةِ مِن بَيتِ المَلِك [18]. ثُمَّ خَرَجَ هو وكُلُّ جَيشِه في حَملَةٍ لِيَسبِقوا نَبوخَذنَصَّر المَلِك ويُغَطّوا كُلَّ وَجهِ الأَرضِ إلى الغَرْبِ بِمَركَباتِهم وفُرْسانِهم ونُخْبَةِ مُشاتِهم [19]. ورافَقَهم خَليطٌ منَ النَّاسِ كثيرٌ كالجَرادِ وكَرَمْلِ الأَرض، لا يُحْصى عَدَدُهم لِكَثرَتِهم [20]. مراحل جيش أليفانا وخَرَجوا مِن نِينَوى وساروا ثَلاثَةَ أَيَّامٍ مُتَّجِهينَ إلى سَهْلِ بَكْتيلة. وغادَروا بَكْتيلة وعَسكَروا بِالقُرْبِ مِنَ الجَبَلِ الَّذي إلى شَمالِ قيليقيَةَ العُلْيا [21]. وأَخَذَ كُلَّ جَيشِه، مِن مُشاةٍ وفُرْسانٍ ومَركَبات، ومَضى مِن هُناكَ إلى النَّاحِيةِ الجَبَلِيَّة [22]. كسَرَ فودَ ولُود ونَهَبَ جَميعَ بَني رَشيشَ وبَني إِسماعيلَ الَّذينَ حِيالَ البَرِّيَّة وجِهَةَ جَنوبِ كِلُّون [23]. ثُمَّ سارَ بِجانِبِ الفُرات وآجتازَ ما بَينَ النَّهرَينِ ودَمَّرَ جَميعَ المُدُنِ المُحَصَّنةِ الَّتي على سَيلِ عَبْرونة ووَصَلَ إلى البَحر [24]. واحتَلَّ بِلادَ كيليكية وسَحَقَ جَميعَ الَّذينَ يُقاوِمونَه وجاءَ إلى حُدودِ يافَثَ الَّتي إلى الجَنوبِ حِيالَ دِيارِ العَرَب [25]. وطَوَّقَ جَميعَ بَني مِدْيَن وأَحرَقَ مُخَيَّماتِهِم ونَهَبَ حَظائِرَهم [26]. ونَزَلَ بعدَ ذلك إلى سُهولِ دِمَشقَ قي أَيَّامِ حِصادِ الحِنطَة فأَحرَقَ جَميعَ حُقولهِم وأَسلَمَ قُطْعانَ الخِرافِ والبَقَرِ إلى الإِبادة، ونَهَبَ مُدُنَهم وأَتلَفَ سُهولَهم وضَرَبَ جَميعَ شُبَّانِهم بحَدِّ السَّيف [27]. فوقَعَ الخَوفُ والرِّعدَةُ على سُكَّانِ الشَّاطِئِ الَّذينَ في صَيدا وصور، وسُكَّانِ صورَ وعُكِّينا وجَميعِ سُكَّانِ يِمْناعِ، وخافَه السَّاكِنونَ في أَشدودَ وأَشْقَلونَ خَوفًا شديدًا [28]. خضوع سوريا لنبوخذنصر خضع جميع ملوك الأرض ورؤساء الأقاليم والمدن في منطقة ما بين النهرين وفينيقية وسوريا وغيرها كعبيد للملك. واستقبلوا أليفانا (هولوفيرنيس) بالأكاليل والمصابيح والرقص بالطبول والمغنيات حتى لا يدمر مدنهم، لكن لم يلن قلبه. فقد صدرت إليه الأوامر بالتدمير الشامل وإبادة آلهة الأرض ليكون نبوخذنصر وحده إلهًا لكل هذه الأمم. 1. سوريا تستسلم أمام أليفانا وأَرسَلوا إِلَيه رُسُلًا يَسأِلونهَ السَلامٍ [1]. أمام هذه الفتوحات التي يصحبها دمار وخراب وسلب مع قتل أرسلت إليه بعض البلاد رسلًا تطلب السلام، مستسلمين تمامًا في يدي القائد أليفانا والملك الآشوري نبوخذنصر (أسرحدون أو ابنه)، وهذا أمر كان متوقعًا. قول Charles Ball إن حضور قادة ورؤساء من الأدوميين (يهو 7: 8) والموآبيين (يهو 5: 2، 7: 8) والعمونيين (يهو 5: 2) يؤكد دخول هذه الأمم في معاهدات مع هولوفرنيس، واشتراكهم معه في جيشه قبل تحركه للدخول في معركة مع بيت فلوي. يرىCarey Moore أن هولوفرنيس نزل إلى الساحل ثم اتجه إلى الشرق حتى بلغ بيت شأن Seythopholis (يهو 3: 10) عن طريق أدوم وموآب وعمون. وَيقولون: "ها إِنَّنا عَبيدُ نَبوخَذنَصَّر المَلِكً العَظيمِ بَينَ يَدَيكَ، فأعمَلْ بِنا كَما يَحسُنُ في عينيكَ [2]. في استسلام حاولت الأمم الوثنية استرضاء وجه الملك ليعيشوا له عبيدًا ويقيم نفسه إلهًا عليهم، يفعل بهم كيفما شاء. أما أولاد الله فلا يخضعون لقوى الشر في العالم وسلطانهم، بل يثقون في الله مخلص العالم. لقد خضع الأشرار في مذلةٍ، ووضعوا أولادهم وممتلكاتهم تحت تصرفه. وها إِنَّ حَظائِرَنا وكُلَّ أَرضِنا وجَميعَ حُقولِ قَمحِنا، وقُطْعانَ خِرافِنا وبَقَرِنا ومَرابِضَ مُخَيَّماتِنا أمامكَ، فأعمَلْ بِها كَما يَطيبُ لَكَ [3]. استخدمت هذه الأمم تعبيرات مختلفة لها ذات المعنى: "اعمل بنا كما يحسن في عينيك" [2]، "اعمل بها كما يطيب لك" [3]، "تعال وأدخلها كما يروق في عينيك" [4]. وقد جاءت كلها تشبع مشاعر هولوفرنيس الظاهرة وما يختفي في لاشعوره، يستسلمون ليشبعوا طموحه، وفي نفس الوقت يستعطفونه، فيحسبونه إنسانًا عاقلًا حكيمًا وعادلًا بجانب جبروته وقدراته. وها إِنَّ مُدُنَنا أَيضًا والسَّاكِنينَ فيها عَبيدٌ لَكَ، فتَعالَ، وادخُلْها كَما يَروقُ في عَينَيك" [4]. ووَصَلَ الرِّجالُ إلى أَليفانا، وبَلَّغوهُ بِحَسَبِ هذا الكَلام [5]. ثُمَّ نَزَلَ هو وجَيشُه إلى الشَّاطِئ، وأَقامَ حَرَسًا في المُدُنِ المُحَصَّنة، وجَنَّدَ نُخبَةً مِنَ الرِّجالِ يساعِدونَه [6]. فاستَقبَلَه هؤُلاءِ وكُلُّ النَّاحِيَةِ المُجاوِرَة لَهُم بِالأَكَاليلِ وأَجْواقِ الرَّقْصِ والدُّفوف [7]. بلا شك امتلأ قلب أليفانا بالسعادة مع الكبرياء والتشامخ، فها هو يحقق آمال سيده دون أية تكلفة، ليس من قتيلٍ ولا جريحٍ، بل صارت خيرات البلاد بين يديه، ينهبها بلا ضمير، ويستغل القوَى البشرية لخدمته وخدمة جيشه. فدَمَّرَ جَميعَ مَعابِدِهم، وقَطَّعَ غاباتِهِمِ المُقَدَّسة، فقَد عُهِدَ إلَيهِ بأَن يُبيدَ جَميعَ آِلهَةِ الأَرض، لِكَي تَعبُدَ الأُمَمُ جَميعًا نَبوخَذنَصَّر وَحدَه، وتَدعُوَه إِلهًا جَميعُ أَلسِنَتِهم وأَجْناسِهِم [8]. حقق رغبة سيده أن يقيم من نفسه إلهًا، فدمَر المعابد والغابات المقدسة، أي الأشجار التي كان الوثنيون يقيمون أصنامهم أحيانًا تحتها. يترجم البعض "غابتهم المقدسة" "سواريهم المقدسة" sacred poles (قص 6: 25). هذا ما فعله اليهود عند دخولهم كنعان، فقد كان ما يشغلهم هو تحطيم كل ما يخص العبادة الوثنية، لكي تبقى عبادة الله الحقيقي وحدها قائمة في كنعان. الآن يمارس هولوفرنيس نفس الأمر ليعلن للكل، خاصة اليهود، أن حربه دينية، غايتها إبادة كل عبادة لتبقى عبادة نبوخذنصر إله كل الأرض! 2. وصول أليفانا أَمامَ يِزْرَعيل ووَصَلَ أَمامَ يِزْرَعيل Esdraelon بِالقُرْبِ مِن دُوتائينَ Dothaim الَّتي قَبلَ سِلسِلَةِ جِبالِ إلىَهودِيَّةِ الكَبيرة [9]. اقترب أليفانا بسهولة وسرعة إلى قرب سهل يزرعيل، حيث دخل كثير من البلاد بلا مقاومة، بل بالترحيب والتهليل. يزرعيلEsdraelon (Jezreel) كلمة عبرية معناها "الله يزرع". وقد وُجد أكثر من موضع يحمل ذات الاسم. المقصود هنا هو سهل كبير على شكل مثلث يقع بين البحر المتوسط والأردن، من الكرمل وجبال السامرة إلى جبال الجليل، أو من حيفا الحالية إلى بيت شأن (بيعان). دعاه المؤرخ يوسيفوس السهل الكبير، كما دُعي أيضًا سهل مجدو، وهو سهل به أودية كثيرة. كما أن أغلب الطرق الهامة متصلة به، لا سيما الطرق الرئيسية بين فينيقية ومصر، حيث كان الغزاة يتسللون عبره إلى أورشليم ومصر جنوبًا. ويعتبر وادي يزرعيل مفتاح أورشليم ومدخلها، حيث يشمل الآتي: أ. الوادي الواقع بين سهل شارون وجبل الكرمل من الجنوب الشرقي. ب. طريق السامرة المار بمجدو. ج. سهل دوثان العريض، ومعناه "آبار"، ويُسمى هنا دوثائين، وهي قرية تقع بالقرب من السامرة، وشكيم بجوار البئر الذي وهبه يعقوب ليوسف. وعَسكَروا ما بَينَ جَبْعَ Geba وبَيتَ شأن Scythopolis، وأَقامَ هُناكَ طَوالَ شَهر لِيَجمَعَ أَمتِعةَ جَيشِه كُلِّها [10]. د. جبع Geba: يرى يوحانان أهاروني Yahanan Aharouni ومايكل أفي- يونا Michael Avi-Yonah أنه وُجد فيإسرائيل ثلاث مدن تحمل هذا الاسم. إحدى هذه المدن بالقرب من جبل الكرمل، وربما هي الهريتية El-Harithiyeh، وغالبًا ما تكون هي المقصودة في سفر يهوديت. ويرى بعض الدارسين أنه يقصد بجبع جبل جلبوعا Gilboa، وآخرون أنها جيبا Jeba، مدينة تبعد حوالي ستة أميال جنوب دوثان، بين السامرة والمدينة المعاصرة جنين Jenin. ه. بيت شأن Scythopolis وتعني باليونانية مدينة السكيثيين، وهي المدينة الوحيدة التي وردت في سفر يهوديت باسمها اليوناني. أخذت اسمها هذا، إذ استقرت جالية السكيثيين فيها. عُرفت أيضًا بيت شأن (تل الحسن Tell-el-Husan)، تُدعى حاليًا بيسان Beisan. يرى دميان ماكي أنه يحتمل أن يكون هذا بداية تحقيق نبوة إشعياء قبل حدوث هذه الكارثة: "الملك ببهائه تنظر عيناك، تريان أرضًا بعيدة" (إش 33: 17). كما يقول إنه بالرغم من عدم وجود معلومات أن ترتان Tartan الذي لسنحاريب أو سنحاريب نفسه قد حارب في معركته الثالثة المنطقة الشمالية وأسرها، لكن بالتأكيد حدث هذا، فإنه كان لزامًا على Wehrmacht الآشوري أن يأمن مرتفعات السامرة قبل هجومه على أورشليم. يروي لنا G. Smithكيف كان يمكن للمهاجمين على أورشليم أن يحققوا هدفهم بالاستيلاء على المناطق المحيطة بها أولًا حتى يستطيعوا العبور إليها، قائلًا: [كانت حدود اليهودية حصينة... لكنها مع هذا الامتياز من المناعة فهي مفتوحة في نقاطٍ كثيرةٍ، فالأرض لا توحي للمهاجمين بالنصرة، وتجعل الغرباء يبتعدون عنها... يجدون صعوبة في احتلالها. مع هذا توجد ثغرات على حدودها... فالذي يغزوها يلزم أن يأتي عند حدودها ويحتل موقعًا ما أولًا... كان على فسبسيان Vespasian أن يجتاح الجليل والسامرة، بل وقضى سنة أخرى لكي يحتل يمنة Jamnia وأشدود وHadid في الغرب وبيت إيل وGophana، وأريحا في الشرق وحبون مع قلعة الأدوميين Jdumaean في الجنوب، قبل أن تتسلل فرقه التي نفذ صبرها إلى أورشليم. حدث نفس الأمر بالنسبة للخليفة صلاح الدين، فإنه حتى بعد نصرته على Hattin لم يجسر أن يهاجم أورشليم إلا بعد أن سقط في يديه وادي الأردن وأغلب السهل Maritine Plain وأشقلون حتى بيت جيرين Beit-Jibrin...] كان يليق بأليفانا بذكائه ومهارته أن يعسكر بجيشه الضخم في منطقة دوثان، في أقصى الشمال ليتهيأ للبدء في الهجوم على أورشليم. في الأصحاح التالي نرى كيف توقع اليهود أن يقوم أليفانا بالهجوم عليهم من جهة السامرة. من وحي يهوديت 3 قوة غاشمة وسلام خادع ومجد باطل * في غباوة تحرك هولوفرنيس للدخول في معارك. في كل يوم يتحقق أنه صاحب القوة لا تُقهر، في سلام وأمان، يشتهي الكل التحالف معه، في مجد متزايد تخضع له النفوس كعبيدٍ، ويقدم الرجال نساؤهم وأطفالهم بين يديه، ويسلمون لهم ممتلكاتهم وقطعانهم وحقولهم! ليفعل بهم ما يروق في عينيه. * لم يدرك هذا الغبي أن الطريق الواسع يؤول به إلى الهلاك. وأن سلطان إبليس وسلامه وأمجاده مخادعة! في جهلٍ كان ينحدر، ليُعلن عاره وخزيه أمام الأرض كلها! * هب لي يا رب روح التواضع، أسلك معك طريق الصليب الضيق. واتكئ على صدرك الأبوي. فأتمتع بخلاصك الفائق المجيد أبديًا! الأصحاح الثالث وأَرسَلوا إِلَيه رُسُلًا يَحمِلونَ كلامَ سَلامٍ [1]. وَيقولون: "ها إِنَّنا عَبيدُ نَبوخَذنَصَّر المَلِكً العَظيمِ بَينَ يَدَيكَ، فآعمَلْ بِنا كَما يَحسُنُ لَدَيكَ [2]. وها إِنَّ حَظائِرَنا وكُلَّ أَرضِنا وجَميعَ حُقولِ قَمحِنا وقُطْعانَ خِرافِنا وبَقَرِنا ومَرابِضَ مُخَيَّماتِنا بَينَ يَدَيكَ، فآعمَلْ بِها كَما يَطيبُ لَكَ [3]. وها إِنَّ مُدُنَنا أَيضًا والسَّاكِنينَ فيها عَبيدٌ لَكَ، فتَعالَ وآدخُلْها كَما يَروقُ في عَينَيك" [4]. ووَصَلَ الرِّجالُ إلى أَليفانا وبَلَّغوهُ بِحَسَبِ هذا الكَلام [5]. ثُمَّ نَزَلَ هو وجَيشُه إلى الشَّاطِئ وأَقامَ حَرَسًا في المُدُنِ المُحَصَّنة وجَنَّدَ نُخبَةً مِنَ الرِّجالِ يساعِدونَه [6]. فاستَقبَلَه هؤُلاءِ وكُلُّ النَّاحِيَةِ المُجاوِرَة لَهُم بِالأَكَاليلِ وأَجْواقِ الرَّقْصِ والدُّفوف [7]. فدَمَّرَ جَميعَ مَعابِدِهم وقَطَّعَ غاباتِهِمِ المُقَدَّسة، فقَد عُهِدَ إلَيهِ بأَن يُبيدَ جَميعَ آِلهَةِ الأَرض لِكَي تَعبُدَ الأُمَمُ جَميعًا نَبوخَذنَصَّر وَحدَه وتَدعُوَه إِلهًا جَميعُ أَلسِنَتِهم وأَجْناسِهِم [8]. ووَصَلَ أَمامَ يِزْرَعيل بِالقُرْبِ مِن دُوتائينَ الَّتي قَبلَ سِلسِلَةِ جِبالِ إلىَهودِيَّةِ الكَبيرة [9]. وعَسكَروا ما بَينَ جَبْعَ وبَيتَ شان، وأَقامَ هُناكَ طَوالَ شَهر لِيَجمَعَ أَمتِعةَ جَيشِه كُلِّها [10]. رعب اليهود على الهيكل في الأصحاحات الثلاثة الأولى (1 - 2 - 3) مهّد الكاتب للمعركة أو المجابهة بين الآشوريين واليهود، ليوضح أن النصرة لم تكن بذراع بشري، ولا بإمكانيات عسكرية، وإنما خلال رعاية الله الفائقة ونعمته التي تعمل مع الذين يتقدسون له. فمن جهة الإمكانيات البشرية العسكرية ليس من وجهٍ للمقارنة بين جيش الآشوريين وجيش اليهود، وأيضًا من جهة المعدات العسكرية من خيول مدربة على الحرب والمركبات، هذا بجانب ما انضم إليهم من البلاد التي سقطت في قبضتهم سواء خلال الحرب أو الاستسلام. صوّر الكاتب حالة الرعب التي حلت بالبلاد، وسقوطها الواحدة تلو الأخرى، أو استسلامها. انهيار المعابد والمذابح ودور العبادة الوثنية ليبقى نبوخذنصر الإله الوحيد على جميع الأرض كما كان يظن في نفسه وما أراد تحقيقه. هنا يليق بنا أن نقف إلى لحظات لنرى هذا التحرك الجماعي للعمل على كل المستويات، والدافع الحقيقي لتحركهم. أولًا: لم تكن تشغلهم الخسائر المادية أو البشرية، سواء من استيلاء أشور على ممتلكاتهم أو قتلهم لهم... لكن ما كان يشغلهم هو تدمير مدينة الله وتدنيس الهيكل المقدس، ونشر العبادة الوثنية المتركزة في عبادة الملك الآشوري. ثانيًا: مع إدراكهم أنه ليس من وجه للمقارنة بين إمكانيتهم وإمكانيات أشور تحركوا ليبذلوا كل الجهد بالعمل العسكري في كل المواقع ما أمكن وبلا يأس ثالثًا: امتزج العمل بالصراخ لله مع انسحاق وأصوام وتقديم ذبائح يومية. رابعًا: قام كل واحدٍ بدورة، من رئيس الكهنة ومجلس الشيوخ بل والشعب حتى الأولاد الصغار مع النساء فالكل يساهمون في طلب مراحم الله. 1. ارتعاب بني إسرائيل خشية هدم أورشليم، وتدمير هيكل الرب وسَمِعَ بَنو إِسْرائيلَ المُقيمونَ في إلىَهودِيَّةِ بِكُلِّ ما صَنَعَه أَليفانا، رَئيسُ قُوَّادِ نَبوخَذنَصَّر مَلِكِ أَشُّور، بالأُمَمِ وبِالطَّريقةِ الَّتي نَهَبَ بِها جَميعَ مَعابِدِها، وأَسلَمَها إلى الإفْناء [1]. حلول الجيش الآشوري شمال البهودية، وانتشار أخبار نصراته المستمرة مقاومة تذكر، واستسلام بعض المدن قبل الهجوم عليها، خلق نوعًا من الرعب في اليهودية. فبحسب التخطيط العسكري والحكمة البشرية بدأ العمل العسكري الأشوري ناجحًا تمامًا. معابدها: هنا تشير إلى كل أماكن العبادة من أضرحة وهياكل ومذابح ومقدسات. وقد ورد ذكر هيكل أورشليم في سفر يهوديت تحت الأسماء: 1.naos أي هيكل Temple (يهو 4: 2) 2. oikos أي بيت (يهو 4: 3) 3. agiasma أي مقدس sanctuary (يهو 5: 19) 4. agion أي مقدس (يهو 4: 12؛ 9: 8). 5. ta agia أي الأشياء المقدسة، أو الهيكل بكل مقدساته (يهو 4: 1). فخافوا خَوْفًا شَديدًا جدًّا مِن وَجِهه، واضطربوا لأَمرِ أُورَشَليم وهَيكَلِ الرَّبِّ إِلهِهِم [2]. وصلت أنباء الحملة إلى سكان أورشليم وبقية اليهودية، فارتعبوا، وذلك عن ضعفٍ بشري. لقد نسوا أعمال الله معهم ومع آبائهم، وبدأوا يفكرون بحساباتٍ بشرية فانتابهم الذعر. نسوا وعود الله ومواعيده الفائقة! خشي اليهود أن يفعل بهم أليفانا كما صنع ببقية الشعوب المحيطة بهم. أما ما كان يشغلهم بالأكثر فهو إصراره على تدمير المعابد والمذابح؛ فقد بات بالنسبة لهم دمار مدينة الله أورشليم وهيكل سليمان على الأبواب. ذلك بِأَنَّهم صَعِدوا مِن جَلائِهم مُنذ عَهْدٍ قَريب، واجتَمَعَ مُنذُ قَليل شَعبُ إلىَهودِيَّةِ كلُّه، وطُهِّرَتِ الأَدواتُ والمَذبَحُ وَالبَيتُ بَعدَ تَدْنيسِها [3]. السبي القريب هنا هو بلا شك سبي منسىّ بن حزقيا وخليفته في مملكة يهوذا، ملك سنة 693 ق.م.، وهو ما يزال حديث السن (12 سنة)، وقد أضّل الشعب وعبد الأوثان (2مل21: 2-9)، حاول التحالف مع بابل ضد أشور. أسره الأشوريون، لكنهم عادوا فأطلقوه، وعاده إلى مُلكه، مات عام 639 ق.م. وقد جرت أحداث هذا السفر خلال الفترة التي كان فيها منسى بعيدًا عن اليهودية. ومن الدلائل التاريخية على ذلك أن منسى دفع الجزية لكل من أسرحدون وأشوربانيبال. وفي مثل هذه الحالات كان رئيس الكهنة يتولى المسئولية الإدارية للبلد، وهو يرجع إلى أمراء البلاد عند الضرورة. 2. هيأوا أنفسهم ومدنهم وقراهم للحرب فأرسَلوا رُسُلًا إلى جَميعِ سواحل السَّامِرة والقرى Kona، وبَيتَ حُورون Bethoron وبَلْمائين Belmen وأَريحا وكُوبا Choba وعَزورا Esora ووادي شَليم Salem [4]. واضح أن قادة اليهود أمروا الشعب أن يربضوا في الممرات الضيقة التي للجبال في كل السامرة كما في اليهودية لمنع تسلل الجيش الآشوري البلوغ إلى أورشليم وتدنيس الهيكل والمذبح والأدوات المقدسة. جميع سواحل السامرة: لم يقف الأمر عند مدينة السامرة، وإنما ضموا المدن المتاخمة لها، والتي كانت تُحسب تاريخيًا جزء من السامرة. كانت هذه المدن تبعد حوالي 42 ميلًا شمال أورشليم، وتحسب كخط دفاع لها. السامرة حاليًا تدعى سبسطية Sebastiyeh ، وهي تشرف على الطريق الشمالي جنوبي، يربط سهل يزرعيل Esdraelon في الشمال حيث كان هولوفرنيس مع أورشليم في الغرب حيث يوجد الهيكل. قام سرجون الثاني بهدمها عام 721 ق.م، لكن سرعان ما تأهلت بالسكان وأعيد بناؤها، وصارت مركزًا لإدارة إقليمية بواسطة الآشوريين ثم البابليين والفرس. أما في عهد الإمبراطورية الهيلينية فصار لها تاريخ متأرجح. ومنذ عام 107 ق.م. صارت السامرة في يد اليهود. افتتحها يوحنا هركانيوس Hyrcanus الذي أزال جزء من أسوارها. كونا: جاءت في بعض الترجمات بمعنى "قرى"، وهي مجموعة مداخل وقرى بين السامرة وأورشليم. بيت حورون (يش 21: 22؛ 1 أي 7: 24؛ 2 أي 58) كان يوجد مدينتان: بيت حورون العليا (بش 5: 16) ارتفاعها 1750 قدمًا فوق سطح البحر، تبعد خمسة أميال شمال غرب جبعون، وهي على بعد ميلين فقط من بيت حورون السفلي (بش 16: 3) ارتفاعها 1000 قدم فوق سطح البحر. المدينتان سيطرتا على وادي أيٌلون والطريق التجاري القديم الذي كان يُمر فيه. هذا الطريق سلكت فيه جيوش كثيرة في أزمنة الكتاب المقدس. وهنا طارد يشوع ملوك الأمويين الذين هاجموا مدينة جبعون. وقد توالى على هذه البقعة الفلسطينيون والمصريٌون والسوريون، وهنا أيضًا نال يهوذا المكابي النصرة في معركتين هامتين، واحدة ضد سيرون Seron (1 مك 3: 16، 24)، والأخرى ضد نيكانور Nicanor (1 مك 7: 39). مؤخرًا قام Bacchides بتحصين بيت حورون (1 مك 9: 50). بلمانين أو بلمان Belmen أو Belmain، وربما بلما المذكورة في 7: 3، وبلمون في 8: 3، تقع على بُعد 35 كم من سور. ويرى البعض أنها "آيل بيت معكة"، بالقرب من بحيرة طبرية، ويرى آخرون أنها خربة بلعمة على مقربة من دوثان. أفي يونا Avi-yanah وأهاروني Aharoni يدعونها Belaen ويعرفونها بأنها Abel-maim تبعد حوالي 13 ميلًا جنوب مدينة السكيثيين (78)Scaythopolis. أريحا Jericho: توجد مدينتان باسم أريحا, أريحا العهد القديم (حاليًا تل السلطان tell es-sultan )، تقع في نهاية جنوبي وادي الأردن. وأريحا العهد الجديد (حاليًا تل أبو العليق Tulul Abu el-Alauiq) تبعد ميلًا واحدًا جنوب أريحا العهد القديم، على الجانب الغربي لساحل االأردن، وحوالي 16 ميلًا من أورشليم. كوباChoba: إحدى القرى الواقعة إلى الشمال من فلسطين. وكانت ضمن الحصون. ذُكرت مرة أخرى في 15: 4-5 ضمن البلاد التي أرسل إليها رئيس الكهنة لتتعقب الغزاة الأشوريين بعد مقتل أليفانا. يرى البعض أنها هي المخوبي El-Mebhubbi بين Tubass وبيسان Besan ، وآخرون أنها هوبة Hoba شمال دمشق (تك 14:15)، والتي تُدعى حاليًا تل الصليحي ell-el-Salihiye ويرى avi-Yonah وأهارون أنها المرماله MarmalehEl- تبعد 30 ميلًا تقريبًا من بيت شأن وثلاثة أميال غرب نهر الأردن. عزورا Esora أو Aesora، ربما كانت حاصور Hazor، وهو اسم عبري معناه "حظيرة". وهي مدينة كنعانية في شمال فلسطين. نظم يابين ملك حاصور تحالفًا ضد يشوع، لكنه هُزم وأُحرقت المدينة. وهزم باراق ودبوٌَرة ملكًا آخر لحاصور. جدد الملك سليمان بناءها وحصنها، مع مجدو وجازر Jazer. دمرها الآشوريون في القرن الثامن ق.م. تذكر حاصور في نصوص مصرية وبابلية وفي رسائل تل العمارنة، وبالإضافة إلى ما ورد في العهد القديم (يش 11؛ قض 4؛ 1 مل 9: 15، 2 مل 15: 29). وادي شليم Salem وربما كان Saleim، وهو وادي يقع على مسافة حوالي 10 كم شمال شرقي أورشليم، بالقرب من وادي عرفة. واحتَلُّوا جَميعَ رُؤُوسِ الجِبالِ العالية، وسَوَّروا القُرى التي فيها، وتَزَوَّدوا استِعْدادًا لِلقِتال، لأَنَّ حُقولَهم حُصِدَت مُنذُ عَهْدٍ قَريب [5]. أصدر رئيس الكهنة ألياقيم تعليماته إلى جميع أمراء وسكان المناطق الجبلية في اليهودية لكي يضبطوا مداخل الجبال. ومن المعروف أن اليهودية عبارة عن سلاسل من الجبال، وبعض مداخلها لا يسع إلاَّ لمرور جندي أو اثنين، مما يجعل اصطيادهم سهلًا من قبل الجنود المحليين. وقد استعان نبوخذنصر بالأدوميين عند حصاره أورشليم للتعرف على مداخل البلاد. وقد قام الأدوميون بهذا الدور جيدًا وشمتوا في كسرة اليهود (مز136). وكانَ يُواقيمُ Joacim رئيس الكَهَنَةِ في أُورَشليم في تِلكَ الأَيَّام، فكَتَبَ إلى سُكَّانِ بَيتَ فَلْوى Bethulia وبَيتَ مُسْتَئيمَ Betomestham، اللّتَين حيالَ يزْرَعيلُ Esdraelon وقُبالةَ السَّهلِ القَريبِ مِن دوتائين Dothaim [6]. يواقيم أو ألياقين أو يهوياكين، أسماء تعني "الله يقيم" أو "من يثبته الله". خوّل رئيس الكهنة صلاحيات كبيرة في كثير من الفترات. ومع أن مجمع السنهدرين قد تأسس بعد ذلك بكثير، إلاَّ أنه كانت هناك مجالس من المشيرين يشتركون مع رئيس الكهنة في إدارة بعض الشئون الدينية وأحيانًا المدنية. في ذلك الحين كان منسى مأسورًا من الأشوريين بسبب تحالفه مع البابليين ضدهم. وقد عاد فيما بعد، بعد توبته حيث حاول القيام بإصلاحات دينية، بعد أن أضل الشعب وجرهم إلى الوثنية في بداية حكمه. يرى دميان ماكي أن ألياقيم (كما جاء في نص Douay) قام بإثارة الشعب عوض الملك، وذلك كما فعل الملك حزقيا عندما حاول سنحاريب غزو أورشليم (2 أي 32: 2-8). وأنه هو ألياقيم بن حلقيا الذي على البيت (2 مل 18:18؛ إش 36: 3). وقد ورد اسمه في السجلات الأشورية اليميتي Akhi عوض Elikim، وأنه كان حاكم أشدود أو لخيش. لذا يرى البعض أنه كان رئيس كهنة سابق وقد عُين رئيسًا على لخيش، لكنه في ذاك الوقت كان في أورشليم التي لم تكن مسكنه الدائم. وكان يتولى الحكم على حصن لاخيش الحصين سلسلة من رؤساء الكهنة السابقين كما على غيرها من المواقع كما يظهر من (1 مل 4: 2) في أيام الملك سليمان. يقول دميان ماكي أنه على ضوء ما ورد في يهوديت أن إلياقيم كان كبير موظفي القصر Major-domo أو كبير التشريفات في البلاط الملكي، وكان يقوم إدارة أمور القصر، فإن كلمة "بيت" (2 مل 18:18) يُعنَى بها "القصر الملكي"، وإن كانت تُستخدم أيضًا بالنسبة للهيكل كبيت الرب. بيت فلوي Bethulia: وهو الموقع الذي كان في الصدارة تجاه قوات الآشوريين، وهي مدينة صغيرة تقع على حافة منحرف صخري عالي، يقع أسفله وادي سحيق يجري فيه مجرى مائي. وقد ورد الاسم في العبرية Bethliya ومعناه "المكان المرتفع". يقع بيت فلوي في وادي يزرعيل بالقرب من التلاميذ دوثان (دوثائين). رأى أحد العلماء أن الموقع كان تلًا بركانيًا يُعرف باسم هتين، على بعد 7 كم غرب بحر الجليل. ويرى البعض أن الموقع حاليًا هو "سنور" أو "البريد" أو "سيج سبيل" أو "مصيلح"، يبعد 12 كم من جينين الحالية. ويرى البعض أن الموقع هو قمة جييل المسماة "الإسىّ". وأما الشراح الذين مالوا إلى التفسير الرمزي فرأوا أن بيت فلوي هو اسم مستعار لشكيم أو "بيت الله". سُميت أيضًا "مدينة جبل أفرايم" بيت مستثيم Betomestham، ربما جاء من الاسم Beth Masthamaأو Betomesthaim ومعناه بيت الحفوقة أو بيت الشيطان. لا يُذكر هذا الموضع إلاَّ في هذا السفر، يقع مقابل سهل يزرعيل بجوار تل دوثان، ومن هنا له أهمية خاصة في الاستعداد لمواجهة جيش الأشوريين. وحي إشعياء النبي عن إلياقيم إذ قدم إشعياء النبي وحيًا عن شبنا الذي على البيت (إش 22: 15) تنبأ عن إلياقيم بن حلقيا أنه يحتل مركز شبنا (إش 22: 20-25)، يرى دميان ماكي أن هذا قد تحقق أثناء الحملة الثالثة لسنحاريب، حيث كان إلياقيم numero uno، أي يحتل المركز الأول، وشبنا Shebna المركز التالي. ما ورد في إش 22: 15 عن شبنا الذي احتل ألياقيم مركزه أنه كان كبير العاملين في القصر Major-domo، غير أنه جاء النص في الفولجاتا كرئيس كهنة، وقد طُلب من إشعياء أن يذهب ويدخل إلى شبنا جليس الملك والذي على البيت، ويعلن له عن سقوطه. هذا ولم يوصف إلياقيم كصاحب سلطان فحسب، وإنما كرئيس كهنة بكونه "أبًا لسكان أور ولبيت يهوذا" (إش 22: 21). كما قيل عنه: "ويعلقون عليه كل مجد بيت أبيه، الفروع والقضبان، كل آنية صغيرة من آنية الطسوس إلى آنية القناني جميعًا" (إش 22: 24). هنا يتحدث عن أوانٍ كهنوتية (1 أي 28: 17). يواقيم ويوئيل 2 يربط البعض بين ما ورد هنا عن محاولة أليفانا غزو أور وبين ما ورد في يوئيل 2، حيث طالب الله: "قدسوا صومًا، نادوا باعتكاف" (يؤ 2: 15). طَالِبًا إِلَيهم أَن يَضبِطوا مَسالِكَ الجَبل، لأَنَّ بِها يَتِمُّ الوُصولُ إلى إلىَهودِيَّة، ولأَنَّه مِنَ السهْلِ صدُّ المُتَقَدِّمين، إِذ إِنَّ ضيقَ المَمَرِّ يَفرِضُ التَّقَدُّمَ أثنَينِ على الأكثر [7]. هذا الوصف لضيق الممر يجيب على التساؤلات بخصوص ممر Michmash الذي يحمي صخور Bazez وSeneh التي سمحت ليوناثان وحامل سلاحه وحدهما أن يتسلقا معًا (1صم14: 1-13). ففَعَلَ بنو إِسْرائيلَ كَما رَسَمَ لَهم يُواكيمُ، رئيس الكَهَنَة، ومَجلِسُ شُيوخِ شَعْبِ إِسرائيلَ كلِّه الَّذي كانَ يَعقُدُ جَلَسَاتِه في أُورَشليم [8]. 3. صراخ كل الشعب لله وصرَخَ جَميعُ رِجالِ إِسْرائيلَ إلى الرَّبِّ صُراخًا حارًّا جِدًّا. وذلَلوا أَنفُسَهم تَذليلًا شَديدًا [9]. لم ينهج اليهود منهج الأمم الأخرى بالاستسلام والخنوع مهما تكن التكلفة، وإنما لجأوا إلى الله، إله الآلهة ورب الأرباب. لقد حسبوا أنفسهم ليسوا طرفًا في المعركة، إنما هي معركة بين ليس نفسه ونبوخذ نصر الذي يقيم نفسه إلهًا، أو بين الله وإبليس. ارتبط صراخهم لله (صلواتهم) بتذللهم، وأيضًا بالصوم إلى أيامٍ كثيرةٍ [13]. وقد اعتاد اليهود أن يلجأوا إلى الصوم الجماعي في فترات الضيق (قض 20: 26؛ 1 مل 21: 9؛ إر 36: 9؛ يونان 3: 5؛ 2 أي 20: 3؛ إس 4: 1-3، 15؛ 1 مك 3: 44-48). هُم ونساؤُهم وأَولادُهم وقُطْعانُهم وجَميعُ النُّزلاءِ مِن أُجَراءَ وعَبيد [10]. وجَميع رجالِ إِسْرائيلَ والنِّساءُ والأَولادُ المُقيمونَ في أُوَرَشليم سَجَدوا أَمامَ الهَيكَل، وعَفَّروا رؤوسَهم بِالرَّماد، وبَسَطوا مُسوحَهم أَمامَ الرَّبّ، [11]. وغَطَّوا مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح، وصَرَخوا صُراخًا حارًّا إلى إِلهِ إِسْرائيلَ بِصوتٍ واحِد، أَلاَّ يُسلِمَ أَطْفالَهم إلى النَّهْب،ِ ونِساءَهم إلى السَّبْي،ِ ومُدُنَ ميراثِهم إلى الدَّمار، والمكانَ المُقَدَّسَ إلى التَّدْنيس، وإلى شَماتِ الأمَمِ المُهين [12]. جاءت الوصية (لا21: 1-12) تحدد مظاهر حزن الكهنة، وتمنعها تمامًا من رئيس الكهنة، مهما كانت الأسباب. هذا لكي تمنع طقسًا وثنيًا، حيث كان كهنة الأوثان يلبسون المسوح في فصل الجفاف من كل عام اعتقادًا بموت معبودهم أثناء الجفاف. ولعل الله أراد أن يلبس الكهنة ثياب المجد لكي يقدموا للشعب جوًا روحيًا مفرحًا يملأ نفوسهم رجاءً في السماويات. أما هنا فالكارثة ليست شخصية أو عائلية تمس الكاهن أو أسرته، إنما تمس كيان الشعب كله. المسوح Sackcloth وتسمى في العبرية ساك، هو لباس خشن ذو لون قاتم، أسود أو بني كما جاء في (إش5: 3؛ رؤ6: 12)، ذلك لأنه كان يُصنع من وبر الإبل. تُستخدم المسوح تعبيرًا عن الحزن ومرارة النفس. كان يرتبط استخدامها بالجلوس في الرماد مثلما فعل يعقوب عندما فقد ابنه يوسف (تك37: 34). وعندما فعلت رصفة عندما صلب الجبعونيين ابنيها (2صم2: 10). وكانت المسوح تُستخدم في استدرار العطف، كما فعل الجعبونيون مع يشوع (يش9: 14)، وبنهدد ملك آرام ليحظى بعفو ملك إسرائيل (1مل20: 31: 43). تُستخدم المسوح كعلامة للتوبة والانسحاق أمام الله لاسترداد مراحمه كما فعل شعب نينوى (يونان3)، وأيوب البار (أي16: 15) ومدينتا صور وصيدا (مت11: 21؛ لو10: 13). اُستخدمت المسوح كسلوكٍ نسكي شخصي كما فعل الأنبياء والقديس يوحنا المعمدان (رؤ11: 3). استخدم اليهود المسوح عندما أهانهم السلوقيون ودنس أنطيونس أبيفانيوس المذبح (1مك3: 17). هذه هي المرة الوحيدة التي يُذكر فيها تغطية مذبح الرب بمسح، ربما يُقصد بها أن المشكلة تتعلق أيضًا بالمذبح، فإذا كان المذبح هو نقطة تلاقي الشعب مع الله، فإن الانسحاق والتذلل هنا يبلغ أقصاه، متجاوزًا بذلك مجرد الزهد الشخصي في المخادع، كما أن اليهود هنا يطرحون أطفالهم عند المذبح ليستدروا بهم عطف الله ومراحمه، ويعرضون عليه ما بلغ إليهم من خطر! فسَمِعَ الرَّبُّ إلىَ صَلواتَهم ونَظَرَ إلى شِدَّتِهِم. وكانَ الشَّعبُ يَصومُ أَيَّامًا كثيرةً في كُلِّ إلىَهوديَّةِ وأُورَشليم أمامَ المَكانِ المُقَدَّس، مَكانِ الرَّبِّ القَدير [13]. 4. صراخ يواكيم رئيس الكهنة لله وكانَ يُواكيم، رئيس الكَهَنة، وجَميعُ القائِمينَ أمامَ الرَّبّ، وأَوساطُهم مشْدودة بِالمُسوح، يُقرِّبونَ المُحرَقَةَ الدَّائِمة ونُذورَ الشَّعبِ وتَبَرُّعاتِه [14]. في انسحاق تقدم رئيس الكهنة وجميع القائمين أمام الرب في الهيكل، والشعب كله، يطلبون مراحم الله. كان تحرك رئيس الكهنة على المستويين: العمل حيث رأينا كيف طلب من كل القيادات الدفاع عن الوطن بكل وسيلة، وأيضًا الصلاة الدائمة بروح اللجاجة مع انسحاق ونسكٍ. كان تقديم ذبيحة حمل مرتين في اليوم أكثر كل الذبائح اليهودية والتقدمات أهمية (خر 29: 38-42؛ عد 28: 6). وكان الرَّمادُ على عَمائِمِهم الليتورجية، وكانوا يَصرُخونَ إلى الرَّبِّ بِكُلِّ قوَّتِهم أَن يَفتَقِدَ بَيتَ إِسْرائيلَ بِأَجمَعِه [15]. كانت عمائم الكهنة أو العصائب التي على رؤوسهم كتانية كما ورد في خر 44: 18. كان اليهود واثقين أن أليفانا لن يقدر أن يمسهم بأذية ما لم يسلمهم الله له، أو يسمح لهم بذلك، مفاتيح المشكلة في يد الله نفسه، وليس في إمكانيات أليفانا أو جيشه. ففي مواقف كثيرة يسمح الله لهم بالمذلة ليس من أجل برّ أعدائهم وإنما بسبب شرّ اليهود أو عصيانهم أو جحودهم، وأحيانًا لأجل تزكيتهم ونموهم كما فعل في أيام يهوديت. من وحي يهوديت 4 ليتحرك الكل بالحب نحوك! * ارتعب شعبك ليس خوفًا من الموت، ولا من الأسر والمذلة، وإنما خشية دمار مدينتك وبيتك المقدس، وتسلل الوثنية إلى مقدساتك! * هب لي أن أطلب القداسة لهيكلك في داخلي، فبدونها لا أستطيع أن أعاينك. لتحطم يا أيها القدوس كل القوات الشريرة، فلا تتسلل النجاسة إلى قلبي أو أحاسيسي! * يستعرض عدو الخير جبروته ليرعبني. يود أن يحطم حياتي تمامًا. لكن، كيف أرتعب منه، والذين معنا أكثر وأعظم من الذين علينا؟ هل للظلمة أن تبدد النور؟ هل لإبليس أن يقف أمامك؟ لتتجلى في داخلي يا ملك الملوك، فيهرب العدو من أمام وجهك، ويسقط كالبرق من السماء! فلا يكون له موضع في ملكوتك داخلي! أقم مني سماءُ، فلا يجسر العدو أن يقترب إلىٌ. * من الأعماق صرخت إليك يا رب، فأنت وحدك تسمع صرخات القلب، أنت وحدك ترى مذلتي فتسندني، تقبل أصوامي ومطانياتي! تقبل مذلة قلبي وانسحاقه ذبيحة مقبولة لديك! * لأصرخ مع كل الكهنة والشعب. لأعمل مع كل رجال وامرأةٍ، وشيخٍ وطفلٍ، مع كل شابٍ وشابةٍ! فأنت تنصت للعاملين معًا بروح الحب والوحدة! بك أتحرك، وفي رجاء أترقب خلاصك! إنذار في اليهودية الأصحاح الرابع وسَمِعَ بَنو إِسْرائيلَ المُقيمونَ في إلىَهودِيَّةِ بِكُلِّ ما صَنَعَه أَليفانا، رَئيسُ قُوَّادِ نَبوخَذنَصَّر مَلِكِ أَشُّور، بالأُمَمِ وبِالطَّريقةِ الَّتي نَهَبَ بِها جَميعَ مَعابِدِها وأَسلَمَها إلى الإفْناء [1]. فخافوا خَوْفًا شَديدًا جدًّا مِن وَجِهه واضطَرَبوا لِأَمرِ أُورَشَليم وهَيكَلِ الرَّبِّ إِلهِهِم [2]. ذلك بِأَنَّهم صَعِدوا مِن جَلائِهم مُنذ عَهْدٍ قَريب، وآجتَمَعَ مُنذُ قَليل شَعبُ إلىَهودِيَّةِ كلُّه وطُهِّرَتِ الأَدواتُ والمَذبَحُ وَالبَيتُ بَعدَ تَدْنيسِها [3]. فأرسَلوا رُسُلًا إلى جَميعِ أَراضي السَّامِرة وكونا وبَيتَ حُورون وبَلْمائين وأَريحا وكُوبا وعَزورا ووادي شَليم [4]. واحتَلُّوا جَميعَ رُؤُوسِ الجِبالِ العالية وسَوَّروا القُرى الَّتى فيها وتَزَوَّدوا استِعْدادًا لِلقِتال، لِأَنَّ حُقولَهم حُصِدَت مُنذُ عَهْدٍ قَريب [5]. وكانَ يُواكيمُ عَظيمَ الكَهَنَةِ في أُورَشليم ! في تِلكَ الأَيَّام، فكَتَبَ إلى سُكَّانِ بَيتَ فَلْوى وبَيتَ مُسْتَئيمَ اللّتَين حيالَ يزْرَعيل وقُبالةَ. السَّهلِ القَريبِ مِن دوتائين [6]. طَالِبًا إِلَيهم أَن يَضبِطوا مَسالِكَ الجَبل، لِأَنَّ بِها يَتِمُّ الوُصولُ إلى إلىَهودِيَّة ولِأَنَّه مِنَ السهْلِ صدُّ المُتَقَدِّمين، إِذ إِنَّ ضيقَ المَمَرِّ يَفرِضُ التَّقَدُّمَ أثنَينِ أثنَين فقط [7]. ففَعَلَ بنو إِسْرائيلَ كَما رَسَمَ لَهم يُواكيمُ، عَظيمُ الكَهَنَة، ومَجلِسُ شُيوخِ شَعْبِ إِسرائيلَ كلِّه الَّذي كانَ يَعقُدُ جَلَسَاتِه في أُورَشليم [8]. توسُّل شديد وصرَخَ جَميعُ رِجالِ إِسْرائيلَ إلى الرَّبِّ صُراخًا حارًّا جِدًّا. وذلَلوا أَنفُسَهم تَذليلًا شَديدًا [9]. هُم ونساؤُهم وأَولادُهم وقُطْعانُهم وجَميعُ النُّزلاءِ مِن أُجَراءَ وعَبيد [10]. وجَميع رجالِ إِسْرائيلَ والنِّساءُ والأَولادُ المُقيمونَ في أُوَرَشليم سَجَدوا أَمامَ الهَيكَل وعَفَّروا رؤوسَهم بِالرَّماد وبَسَطوا مُسوحَهم أَمامَ الرَّبّ، [11]. وغَطَّوا مَذبَحَ الرَّبِّ بِمِسْح وصَرَخوا صُراخًا حارًّا إلى إِلهِ إِسْرائيلَ بِصوتٍ واحِد، أَلاَّ يُسلِمَ أَطْفالَهم إلى النَّهْبِ ونِساءَهم إلى السَّبْيِ ومُدُنَ ميراثِهم إلى الدَّمار والمكانَ المُقَدَّسَ إلى التَّدْنيس وإلى شَماتِ الأمَمِ المُهين [12]. فسَمِعَ الرَّبُّ أَصْواتَهم ونَظَرَ إلى شِدَّتِهِم. وكانَ الشَّعبُ يَصومُ أَيَّامًا كثيرةً في كُلِّ إلىَهوديَّةِ وأُورَشليم أمامَ المَكانِ المُقَدَّس، مَكانِ الرَّبِّ القَدير [13]. وكانَ يُواكيم، عظيمُ الكَهَنة، وجَميعُ القائِمينَ أمامَ الرَّبّ، وأَوساطُهم مشْدودة بِالمُسوح، يُقرِّبونَ المُحرَقَةَ الدَّائِمة ونُذورَ الشَّعبِ وتَبَرُّعاتِه [14]. وكان الرَّمادُ على عَمائِمِهم، وكانوا يَصرُخونَ إلى الرَّبِّ بِكُلِّ قوَّتِهم أَن يَفتَقِدَ بَيتَ إِسْرائيلَ بِأَجمَعِه [15]. |
||||
27 - 01 - 2025, 01:22 PM | رقم المشاركة : ( 185373 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
حملات أليفانا رئيس جيش أشور أراد ملك أشور أن ينتقم من الأمم التي لم تخضع له، فأرسل قائد جيشه أليفانا (هولوفرنيس) نحو الغرب بجيش قوامه 120 ألفًا من المشاة و12 ألفًا من الفرسان وعدد لا يحصى من الجمال والغنم، كما زوده الملك بالكثير من الذهب والفضة. زحف هذا الجيش كالجراد واكتسح أمامه الأمم، فوقع رعبه على كل الأرض. خطة ملوكية للانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها وفي السَّنةِ الثَّامِنةَ عَشْرَةَ واليَومِ الثَّاني والعِشْرينَ مِنَ الشَّهرِ الأَوَّل، دارَ الكَلامُ في بَيتِ نَبوخَذنَصَّر مَلِكِ أَشّورَ على الانتقام مِنَ الأَرضِ كُلِّها، كما كانَ قد قال [1]. بعد سنة من هزيمة أرفكشاد ملك الماديين أصدر ملك أشور الأمر بالانتقام من الذين أهانوا رسله، وكانوا في صف أرفكشاد، وكان من بينهم اليهود. لقد تحدث مع كل قادة جيشه وعظمائه في سرية عن الانتقام من جميع الأرض، حاسبًا نفسه سيد كل الأرض. في شهر نيسان (إبريل) أقام الملك غرفة عمليات عسكرية تهدف للانتقام من كل الأرض المحيطة به، وذلك بعد الأجازة الأسبوعية مباشرة، حيث كانت في الأيام 7، 14، 21، 28 من الشهر بغض النظر عن اسم اليوم. عاش الملك ورجاله وجيشه في ولائم مستمرة 120 يومًا، لا يبالون بشيء لبنيان الجماعة ولا لبنيان نفوسهم. كان الملك في الظاهر في غاية السرور باللهو والكرامات الباطلة، لكن قلبه كان يغلي في داخله، لأن الأمم استخفت به. كان يود أن تكون كل جيوش الأمم جيوش مرتزقة تصد كل هجمات جيش مادي فلا يفقد رجلًا واحدًا! هذا مع اعتزازه بأن الأرض كلها تخضع له. لم يجد راحة في داخله، بل كانت نفسه تطلب الانتقام من الأرض كلها. يرى كثير من الآباء أن الأرض تُشير إلى الإنسان الترابي الجسداني، والسماء تُشير إلى الإنسان الروحي المتمتع بعربون السماء. فليس لملك أشور الذي يرمز لإبليس سلطان على الروحيين الذين ارتفعت قلوبهم مع نفوسهم كما إلى السماء. إنهم كالطيور المنطلقة نحو السماء، لا تقدر الحية القديمة أن تبتلعهم. أما الذين صاروا بشرورهم ترابًا وأرضًا فيُخضعهم ملك أشور، إبليس، ليسلكوا كأبناء له، يحملون سماته الشريرة، ويشاركونه مصيره الأبدي، جهنم الأبدية! |
||||
27 - 01 - 2025, 01:23 PM | رقم المشاركة : ( 185374 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فاستدْعى جَميعَ ضُبَّاطِه وجَميعَ عُظَمائِه، وعَقَدَ مَعَهُم مَشورةً سِرَيَّة، وعَزَمَ بلِسانِه على الشَّرِّ في الأَرض كلها [2]. "عزم بلسانه على الشر"، جاءت في الفولجاتا "تمت الكلمة"، وهي تعادل القول: "صدر القرار الإمبراطوري أو الملكي". ما قاله الملك: "على الشر" يطابق تمامًا الأسلوب الآشوري حيث يدعو الأمم المتمردة خاطئة وشريرة. فقد اعتاد الآشوريون أن يحسبوا من يعصيهم ويعصى آلهتهم خطاة وأشرارًا. كمثال لذلك سجل سرجيون في حملاته في أقاليم الملك ميداس Midas: "لم يهرب خاطيء". |
||||
27 - 01 - 2025, 01:24 PM | رقم المشاركة : ( 185375 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فحَكَمَوا بِإِهلاكِ جَميعِ الَّذينَ لم يُطيعوا أَوامِرَ فَمِه [3]. كان غاية طموحه هو أن يقيم نفسه سيدًا على الأرض كلها (يهو 2: 5)، إذ كان اللقب الرسمي لملوك أشور وبابل وفارس هو "الإله"، لذا لم يحتمل رفضهم مساندته في الحروب، فأصدر أمرًا بإهلاكهم. يود إبليس (الذي يرمز له ملك أشور) أن يهلك من لا يخضع لأوامره، لكنه وهو يود هلاكهم يهلك معه الذين يطيعونه، ويُكلل بالنصرة والمجد الذين يتحدونه بالنعمة الإلهية. |
||||
27 - 01 - 2025, 01:25 PM | رقم المشاركة : ( 185376 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وكانَ أنَّ نَبوخَذنَصَّر، مَلِكَ أَشُور، لَمَّا أتمَّ مَشورَتَه، اِستَدْعى أَليفانا Holofernes، قائِدَ جَيشِه وثانِيَ رَجُل بَعدَه، وقالَ لَه [4]. إذ كان القادة في نشوة الفرح بالانتصار، وقد قضوا مائة وعشرين يومًا لا عمل لهم سوى الطرب والأكل والشرب مع الملك، أعجبوا بخطة الملك. إنها فرصة ليتمتعوا بغنائم كثيرة، وتتحول حياتهم إلى أفراح وملذات مستمرة. فإن غلبتهم على أرفكشاد أعطتهم اليقين أنهم سيمتلكون الأرض كلها. لم يجد الملك أفضل من أليفانا ليقود جيشه، فقد اتسم بالشراسة والعنف. أقامه قائدًا لجيشه وجعله الرجل الثاني من بعده. قدم خطته السياسية إلى قائده أليفانا الذي حوَّلها إلى عمليات عسكرية. فقد راقت الفكرة لدى القائد، إذ تُشبع كبرياءه وعجرفته وشهواته. إن كان ملك أشور يرمز لإبليس الذي يود أن يكون سيد الأرض كلها، أو رئيس هذا العالم، فإن الأداة الأولى الطيعة له والمنفذة لإرادته، والعاملة على جذب البشرية للتعبد له، هو رئيس جيشه، الرجل الثاني بعده، أو ضد المسيح. |
||||
27 - 01 - 2025, 01:25 PM | رقم المشاركة : ( 185377 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"هذا ما يَقولُه المَلِكُ العَظيم، سَيِّدُ الأَرضِ كُلِّها: اِذهَبْ مِن عِنْدي، وخذْ مَعَكَ رِجالًا واثِقينَ مِن قُوَّتِهِم (الذاتية)، نَحوَ مِائةٍ وعِشْرينَ أَلْفًا مِنَ المُشاةِ، وعَدَدًا كَبيرًا مِنَ الخيل معَ إثنَي عَشَرَ أَلفًا مِنَ الفُرْسان [5]. جاءت لهجة الملك فيها الكثير من العجرفة. فهو لا يعتد بذاته فحسب بكونه "سيد الأرض كلها"، وإنما طلب أيضًا من قائده أن يختار رجالًا يعتدون بقوتهم الذاتية مثله، ولا يتكلون على الله. وكما قيل في المزامير: "الذين يتكلون على ثروتهم، وبكثرة غناهم يفتخرون... مثل الغنم للهاوية يُساقون" (مز 49: 6، 14). وأيضًا: "هوذا الإنسان الذي لم يجعل الله حصنه، بل اتكل على كثرة غناه واعتز بفساده" (مز 52: 7). وقد وصف الكاتب الموقف في شيء من التفاصيل وبدقة، حتى يبرز كيف تمجَّد الله خلال أرملة غير مسلَّحة، أيَّدها الله نفسه. جاء حجم الجيش هنا بذات حجم القوة التي استخدمها شلمناصر الثالثShalmaneser III في معركة Qarqar. ما هو هذا الجيش العظيم من مشاة وفرسان ومركبات إلا الأرواح الشريرة العاملة لحساب إبليس ومملكته. أو هي الخطايا المتنوعة التي تهاجم بخطة معينة كل مؤمن حسب إمكانياته وسنه ومركزه وصحته وظروفه الأسرية وحتى حسب دوره الكنسي. وللعدو خطط كثيرة، لا يهدأ من محاولة اقتحام كل نفس حسبما يناسبها. |
||||
27 - 01 - 2025, 01:26 PM | رقم المشاركة : ( 185378 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وأخرُجْ على الأَرضِ كُلِّها غَرْبًا، لأَنَّهم لم يُطيعوا أَوامِرَ فمي [6]. يقصد بالغرب هنا ما هو غرب نهر الفرات، أي إسرائيل (اليهود) وسوريا ومصر. يطلب عدو الخير من ملائكته الأشرار أن يهاجموا الأرض كلها. هذا هو عمل إبليس وملائكته. لهذا عندما سأله الرب: "من أين جئت؟"، أجاب: "من الجولان في الأرض ومن التمشي فيها" (أي 1: 7). |
||||
27 - 01 - 2025, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 185379 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وأَخبِرْهم بِأَن يُعِدُّوا الأَرضَ والماء، فإني سأَخرُجُ علَيهِم في غَضَبي، وسأُغَطِّي كُلًّ وَجْهِ الأَرضِ بِأَقْدامِ جَيْشي، وأُسلِمُهم إِلَيه لِلنَّهْب [7]. "يعدوا الأرض والماء": إعداد الأرض والماء يشير إلى خضوعهم. فلا يقف الأمر عند رفع الراية البيضاء علامة طلب السلام، ولا إلقاء السيف أرضًا، وإنما علامة التوسل في مذلة أن يدخلوا في عهد معه وهم في غاية الانكسار. فهو تعبير فارسي مشهور، للدلالة على الاستسلام، حيث تقدم البلاد المنهزمة كل ما لديها حتى الأرض والماء لمن اِنتصر عليها. كثيرًا ما ورد هذا التعبير في كتابات المؤرخ هيرودت Herodotus. ولعل هذا ما قصده المرتل بقوله: "ملأ جثثًا أرضًا واسعة، سحق رؤوسها، من النهر يشرب في الطريق، لذلك يرفع الرأس" (مز 110: 6-7). كان من عادة الفارسيين أن يطلبوا من البلاد التي تخضع لهم جزية على الأرض كما على مصادر المياه. إنها صورة مرّة لخطة إبليس الذي يطلب من ضد المسيح مع كل قواته أن يسيطروا على البر والبحر، فإذ له سلطان على الأشرار، يسلمهم إلى ملائكته لنهب كل طاقاتهم ومواهبهم وأوقاتهم للعمل لحساب مملكة إبليس. ما يطلبه الشيطان هو إساءة استخدام العطايا الإلهية الموهوبة لنا. فيحول الحب الطاهرة إلى شهوات وملذات جسدية، ودافع الغضب إلى الكراهية للغير عوض الغضب على الشر والتوبة والرجوع إلى الله ويوجه الآذان الموسيقية لا إلى التسبيح مع السمائيين، إنما لاغانٍ مثيرة للشهوات... إلخ. هذا هو النهب الذي يقوم به الشر لإفساد حياتنا. |
||||
27 - 01 - 2025, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 185380 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وجَرحاهم تَملأُ أَودِيَتهم، وكُلُّ جداول المياه والنَهْرٍ يَمتَلِئُ فيَفيضُ بِجُثَثِهِم [8]. عبارة تحمل تفخيمًا طنانًا في الأسلوب، استخدمه حزقيال النبي: "وأملأ جباله من قتلاه، تلالك وأوديتك وجميع أنهاركَ يسقطون فيها قتلى بالسيف" (خر 35: 8). كما استخدمه إشعياء النبي للتعبير عن مدى رعاية الله: "هأنذا أُدير عليهم سلامًا كنهرٍ، ومجد الأمم كسيلٍ جارفٍ، فترضعون، وعلى الأيدي تُحملون، وعلى الركبتين تُدللون" (إش 66: 12). الله هو طبيب النفوس والأجساد المتحنن على خليقته، أما عدو الخير وملائكته فقتلى وسافكو دماء، يجدون مسرتهم في جراحات الآخرين. يحول الأرض إلى وادٍ يمتلئ بالجرحى والقتلى؛ وجداول المياه والأنهار تفيض بجثث الغرقى في الشر عوض الفيض بمياه حيَّة تروي النفوس |
||||