10 - 07 - 2017, 05:32 PM | رقم المشاركة : ( 18461 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يبشر الوثنيين
جاء المسيح مخلصاً للعالم كله، وكما قدَّم خدمته لبني إسرائيل قدم خدمته للوثنيين من الأمم، فاتجه إلى البلاد الفينيقية - وفي هذا جملة فوائد: فبانتقاله إلى بلاد أممية يحصل هو وتلاميذه على بعض الراحة الجسدية والعقلية، لأن الازدحام عليه يخفُّ بين أناس يجهله أكثرهم. وينال أيضاً غايته إذ يتفرغ لتعليم تلاميذه استعداداً لتركهم، فبرؤيتهم بلاداً جديدة تتّسع مداركهم، ويبتدئ فيهم الاستعداد لوصيته الوداعية أن "يتلمذوا جميع الأمم ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (متى 28:18). وسيرون في هذه السياحة شاهداً جديداً على صدق نبوّته لما قال في مسامعهم: "يَأْتُونَ مِنَ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ وَيَتَّكِئُونَ مَعَ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ" (متى 8:11). فيعلمهم بالمشاهدة أن الدين ليس بالإرث بل بالإيمان. لذلك انصرف معهم إلى نواحي صور وصيدا، أفضل وأشهر البلاد الفينيقية. وهناك دخل المسيح بيتاً وهو لا يريد أن يعلم أحد، فلم يقدر أن يختفي. إذ كيف يمكن أن تختفي الرائحة الذكية التي كانت تفوح من شخصه الكريم؟ كان قد وصل إلى هذه الأصقاع شيء من أخبار محبته وقدرته، لأن بعض أهلها كانوا قد ذهبوا إليه سابقاً إلى كفر ناحوم. ويستحيل أن مسافراً مهوباً مثل المسيح يدخل قرية يرافقه تلاميذه إلا ويسأل الناس عن أمره. فسمعت به امرأة واقعة في مصيبة عظيمة، إذ كانت ابنتها مجنونة جداً، لأن بها روحاً نجساً. إيمان المرأة الفينيقية"ثُمَّ قَامَ مِنْ هُنَاكَ وَمَضَى إِلَى تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَدَخَلَ بَيْتاً وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ لَا يَعْلَمَ أَحَدٌ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَخْتَفِيَ، لِأَنَّ امْرَأَةً كَانَ بِابْنَتِهَا رُوحٌ نَجِسٌ سَمِعَتْ بِهِ، فَأَتَتْ وَخَرَّتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ. وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ أُمَمِيَّةً، وَفِي جِنْسِهَا فِينِيقِيَّةً سُورِيَّةً - فَسَأَلَتْهُ أَنْ يُخْرِجَ الشَّيْطَانَ مِنِ ابْنَتِهَا. وَأَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهَا: "دَعِي الْبَنِينَ أَوَّلاً يَشْبَعُونَ، لِأَنَّهُ لَيْسَ حَسَناً أَنْ يُؤْخَذَ خُبْزُ الْبَنِينَ وَيُطْرَحَ لِلْكِلَابِ". فَأَجَابَتْ وَقَالَتْ لَهُ: "نَعَمْ يَا سَيِّدُ! وَالْكِلَابُ أَيْضاً تَحْتَ الْمَائِدَةِ تَأْكُلُ مِنْ فُتَاتِ الْبَنِينَ". فَقَالَ لَهَا: "لِأَجْلِ هذِهِ الْكَلِمَةِ اذْهَبِي. قَدْ خَرَجَ الشَّيْطَانُ مِنِ ابْنَتِكِ". فَذَهَبَتْ إِلَى بَيْتِهَا وَوَجَدَتِ الشَّيْطَانَ قَدْ خَرَجَ، وَالِابْنَةَ مَطْرُوحَةً عَلَى الْفِرَاشِ" (مرقس 7:24-30). كانت المرأة الفينيقية وشعبها يحتقرون اليهود، ولكنها سجدت عند قدمي المسيح، وصرخت باحترام قائلة: "يا سيد". ربما فهمت أنه أشرف عائلة عند اليهود، أو علمت أن مسيح اليهود يكون ابن داود، فظنت أنها تعظّمه وتسرُّه بمناداتها إياه: "يا سيد، يا ابن داود". لكن لو صَدَقَ ظنُّ اليهود عنه أنه ابن داود فقط، والمسيح الذي تصوروه، فلن ينفعها بشيء، لأنه يكون مخلصاً سياسياً عالمياً لا يبالي إلا باليهود، ويرفض جميع الأمم، عبدَة الأصنام نظيرها، لأنه يعتبرهم كالكلاب المكروهة المطرودة، فطلبت منه الرحمة. لكنها لم تقل: ارحم ابنتي بل "ارحمني". لأن ابنتها المجنونة لا تشعر ولا تهتم لمصيبتها. لكن الأمومة جعلت مصيبة الأم جسيمة جداً. أكرمت المرأة الفيقيقية المسيح وسجدت له، واستنجدت به بحرارة، لكنه لم يجبها بكلمة. وظهر أنه خرج من البيت متوجّهاً إلى مكان آخر، فتبعته مكررة صراخها وهو لا ينتبه إليها، لكنها لم تيأس. لعلها رأت فيه ما حقَّق لها على رغم سكوته أن صيته في الحنوّ ليس كاذباً، وأنها تحصل بواسطة اللجاجة على بركة منه. ولعل سكوته ناتج من اشتغال أفكاره في أمور أخرى أهم من أمرها. يكفي أنه لم يضجَرْ من صراخها ولم ينتهره. وتضايق التلاميذ من إلحاحها، فطلبوا من المسيح أن يعطيها طلبها، لكنه قال لهم: "لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة". لكن كيف يخصص مخلص العالم ذاته لخراف بيت إسرائيل فقط؟ الجواب: أن المسيح قرر أن يبدأ خدمته بتبشير اليهود، لأن عندهم مواعيد الله. ولو خرج المسيح للكرازة بين الأمم، لرفض اليهود الإصغاء إليه. ولم يشأ أن يخدم اليهود والأمم معاً، لأن الفرصة ضيقة لا تكفي لتبشير اليهود والأمم أيضاً. كما أنه كان يدرب تلاميذه ليحملوا بشارته للجميع من يهود وأمم. قيل حقاً إن الريح التي تطفئ الفتيلة، تزيد الحريق الكبير اضطراماً، فالصدمة التي تطفئ الإيمان الضعيف تزيد الإيمان القوي قوة. فنرى هذه المرأة تتقدم وتجدد استنجادها، كأن الرفض يزيد قوة إيمانها، فسجدت ثانية وصرخت: "أعنّي". كان مفعول هذه الكلمة الواحدة البسيطة الصادرة من قلب ملتهب، أعظم من كل الصلوات الفصيحة التي تقدمت في الهيكل العظيم في ذلك اليوم. أفلا يترأف الآن هذا السيد الصارم؟ ألا يكفي هذا القدر من احتراق قلبها؟ لأن هذا الرؤوف يريد أن يعطيها مجداً أعظم، بعد تزكية إيمانها بامتحان جديد أمرّ من الأول، إذ قال لها: "دعي البنين أولاً يشبعون. ليس حسناً أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب؟ ألا يشك من يقرأ هذا الجواب أنه من اختلاق وتزوير أحد مبغضي المسيح؟ أيحتمل أن يخرج كلامٌ كهذا من فم ذلك الذي أحب العالم بأسره كبيره مع صغيره، وأميره مع فقيره، صالحه مع شريره حتى بذل نفسه عنهم جميعاً؟ الإجابة: كلا! فقد أراد المسيح بهذه الكلمات أن يفتح عيني هذه السيدة إلى حقيقة روحية خفيت عنها. نظرت هذه المرأة إليه كابن داود. ومسيح اليهود وحدهم، وإذ ذاك لا نصيب لها مطلقاً في عطاياه وبركاته. ولا يقدر أن يجعل لها هذا النصيب إلا بعد أن تعرفه وتعترف به مسيحاً للأمم أيضاً. ففتح لها بجوابه القاسي باباً تصل منه إلى هذه المعرفة وهذا الاعتراف. ففي تواضعها العظيم مع احتياجها الكبير، عادت تطالبه بإلحاح. ألم يقل لها: "دعي البنين أولاً يشبعون؟" إذاً الكلاب تأخذ دورها بعد البنين! فجعلت المسيح بوضعه إياها بين الكلاب، يعترف أن لها حقوقاً، لأن أب البنين حول المائدة، هو أيضاً رب الكلاب تحت المائدة. فإنْ كانت هي من الكلاب، فللكلاب أرباب، وهو إذاً ربها. ولها الفتات الفاضلة عن البنين. في إيمانها هذا أعطت مثالاً يوضح شيئاً عن الإيمان. لو كان إيمانها الإيمان العقلي فقط - نظير إيمان كثيرين، لأقنعتها معاملة المسيح أن تتركه وأن لا نصيب لها عنده. لكن لأن إيمانها قلبي، نظر إلى وراء الظواهر، وتأكد أن المسيح لا يردّ طلب مستغيث ولو أجَّل الإغاثة، فإذا به يلبّي طلبها اللجوج بقوله: "يا امرأة، عظيم إيمانك. ليكن لك كما تريدين. ولأجل هذه الكلمة اذهبي. قد خرج الشيطان من ابنتك". هذا المسيح العظيم الذي لم يرضخ البتة في كل مناقشاته مع فلاسفة اليهود بل كان يلجمهم بأجوبته السديدة، ويريهم بُعدهم عن ملكوت الله، يتنازل الآن ويرضخ بحِلْم عجيب لهذه المسكينة في احتياجها إليه، ويبيّن قُربها لهذا الملكوت. فائدة للتلاميذنلاحظ أيضاً أن التلاميذ حصلوا على نتيجة في هذا الإمتحان، لأنهم رأوا أمامهم مثالاً لخراف هذا الراعي العظيم، التي ليست من الحظيرة اليهودية (يوحنا 10:16) بعضها يفوق الخراف اليهودية في المواهب الروحية. قد تعوّدوا أن يسمعوا من المسيح تأنيباً بقوله لهم مراراً: "يا قليلي الإيمان". ولما كاد بطرس يغرق وبّخه قائلاً: "يا قليل الإيمان، لماذا شككت؟". فأيُّ خجل يغمرهم جميعاً إذ سمعوا سيدهم يقول مبتهجاً لهذه الوثنية المعدومة الوسائط الدينية: "عظيم إيمانك. ليكن لك كما تريدين!" استجابة الصلاةويرينا هذا الحادث أن استجابة الصلاة لا تتوقف على مقام الطالب كما يتوهم كثيرون، بل على روحه في الطلب. ظهر هذا لما أتي للمسيح يوماً تلميذاه الممتازان يعقوب ويوحنا الحبيب مع والدتهما، التي كانت ترافقهم وتخدمهم من مالها، وطلبوا منه شيئاً، فلم يسمع لهما، أما الآن فاستجاب لهذه الفينيقية الغريبة العديمة المقام. قد رأينا فيما سبق تلاميذ كثيرين في وطن المسيح يرتدُّون عنه. لكن تلك الخسارة - وإن كان ظاهرها عظيماً - لا توازي ربحه هذه النفس النادرة المثال، التي انضمَّت إليه في القرية الوثنية، في نواحي صور وصيداء. كرازة في المدن العشر"ثُمَّ خَرَجَ أَيْضاً مِنْ تُخُومِ صُورَ وَصَيْدَاءَ، وَجَاءَ إِلَى بَحْرِ الْجَلِيلِ فِي وَسْطِ حُدُودِ الْمُدُنِ الْعَشْرِ" (مرقس 7:31). ثم سافر المسيح من جهات صور وصيداء شرقاً إلى مقاطعة ديكابوليس (أي العشر المدن)، في الجولان. وكانت هذه البلاد عظيمة بالتمدُّن اليوناني، وتجارتها الواسعة. ولم تكن تابعة لحكم هيرودس أنتيباس وسلطته الجائرة، كما كانت بعيدة عن سلطة رؤساء اليهود التي هي أشدُّ خطراً على المسيح. وكان قد قضى قبلاً في هذه المقاطعة ساعات قليلة عندما أخرج الشيطان من "لجئون". وعلى ما نرى أن عمل هذا الرجل أثّر في تلك المقاطعة، حتى لما جاء المسيح وصعد إلى جبل وجلس، جاء إليه جموع كثيرة مع عُرج وعُمي ومشلولين وخُرس وآخرون كثيرون وطرحوهم عند قدمي المسيح فشفاهم. شفاء الأصم الأعقد"وَجَاءُوا إِلَيْهِ بِأَصَمَّ أَعْقَدَ، وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ. فَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ الْجَمْعِ عَلَى نَاحِيَةٍ، وَوَضَعَ أَصَابِعَهُ فِي أُذُنَيْهِ وَتَفَلَ وَلَمَسَ لِسَانَهُ، وَرَفَعَ نَظَرَهُ نَحْوَ السَّمَاءِ وَأَنَّ وَقَالَ لَهُ: "إِفَّثَا". أَيِ انْفَتِحْ. وَلِلْوَقْتِ انْفَتَحَتْ أُذْنَاهُ، وَانْحَلَّ رِبَاطُ لِسَانِهِ، وَتَكَلَّمَ مُسْتَقِيماً. فَأَوْصَاهُمْ أَنْ لَا يَقُولُوا لِأَحَدٍ. وَلكِنْ عَلَى قَدْرِ مَا أَوْصَاهُمْ كَانُوا يُنَادُونَ أَكْثَرَ كَثِيراً. وَبُهِتُوا إِلَى الْغَايَةِ قَائِلِينَ: "إِنَّهُ عَمِلَ كُلَّ شَيْءٍ حَسَناً! جَعَلَ الصُّمَّ يَسْمَعُونَ وَالْخُرْسَ يَتَكَلَّمُونَ" (مرقس 7:32-37). ورد بتفصيل من بين حوادث الشفاء في صور وصيدا حادث شفاء أصم أعقد جاءوا به محمولاً، إمَّا لعجزهم عن إفهامه ما يقصدونه له، أو لكونه مختل العقل أو معتل الجسم. فهذا الأصم الأعقد لم يسمع كغيره من المسيح ولا عنه، فقصد المسيح أن يحرك فيه عاطفة الإيمان الضرورية في كل عليل يشفيه. ولكي يكلمه كلاماً روحياً انفرد به عن الجمع، ثم وضع أصابعه في أذنيه كأنه يفتح فيهما باباً للسمع. وتفل ولمس لسانه. بهذه الحركات البسيطة أحيا فيه إيماناً جديداً، وأيّد مبدأ استعمال كل ما يمكن من الوسائط الملائمة. بقي عليه تحويل أفكار هذا المسكين إلى الإله مصدر كل الخيرات، ليعلم مِنْ حيث يأتي عونه. فرفع يسوع نظره نحو السماء (مظهراً بذلك تعلُّقه الكامل بالآب) و"أنَّ" - لعله جمع في أنّته أنين الخلق أجمع، ورفع شاكياً مصائبهم التي لا تُحصى إلى الآب السماوي، طالباً منه الرحمة لجميع المصابين بالعلل الجسدية، لأنه هو الذي قيل عنه "فِي كُلِّ ضِيقِهِمْ تَضَايَقَ" (إشعياء 63:9). ثم أمر العليل بلغته الأرامية قائلاً: "إفّثا" أي "انفتح" فانحلَّ رباط لسانه وتكلم مستقيماً. فتمَّ قول النبي "آذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ" (إشعياء 35:5). كانت مناظر الشفاء جديدة عند أكثر هذا الجمهور، وعرفوا أن المسيح من بني إسرائيل وليس وثنياً نظيرهم. وأن آلهتهم التي كانوا يفتخرون بها ويتكلون عليها لا تستطيع شيئاً من هذا الذي كان المسيح يصنعه. فلذلك عندما "تعجبوا وبُهتوا للغاية" صاروا يمجدون المسيح قائلين: "إنه عمل كل شيء حسناً". وهذه الشهادة إنه يعمل كل شيء حسناً يقدمها الملايين من الناس الذين على توالي الأجيال والقرون، يأتون إليه ويتخذونه لأنفسهم المخلص والمدبّر في حياتهم اليومية. إطعام أربعة آلاف وثني"فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ إِذْ كَانَ الْجَمْعُ كَثِيراً جِدّاً، وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ، دَعَا يَسُوعُ تَلَامِيذَهُ وَقَالَ لَهُمْ: "إِنِّي أُشْفِقُ عَلَى الْجَمْعِ، لِأَنَّ الْآنَ لَهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يَمْكُثُونَ مَعِي وَلَيْسَ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ. وَإِنْ صَرَفْتُهُمْ إِلَى بُيُوتِهِمْ صَائِمِينَ يُخَوِّرُونَ فِي الطَّرِيقِ، لِأَنَّ قَوْماً مِنْهُمْ جَاءُوا مِنْ بَعِيدٍ". فَأَجَابَهُ تَلَامِيذُهُ: "مِنْ أَيْنَ يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يُشْبِعَ هؤُلَاءِ خُبْزاً هُنَا فِي الْبَرِّيَّةِ؟" فَسَأَلَهُمْ: "كَمْ عِنْدَكُمْ مِنَ الْخُبْزِ؟" فَقَالُوا: "سَبْعَةٌ". فَأَمَرَ الْجَمْعَ أَنْ يَتَّكِئُوا عَلَى الْأَرْضِ، وَأَخَذَ السَّبْعَ خُبْزَاتٍ وَشَكَرَ وَكَسَرَ وَأَعْطَى تَلَامِيذَهُ لِيُقَدِّمُوا، فَقَدَّمُوا إِلَى الْجَمْعِ. وَكَانَ مَعَهُمْ قَلِيلٌ مِنْ صِغَارِ السَّمَكِ، فَبَارَكَ وَقَالَ أَنْ يُقَدِّمُوا هذِهِ أَيْضاً. فَأَكَلُوا وَشَبِعُوا، ثُمَّ رَفَعُوا فَضَلَاتِ الْكِسَرِ: سَبْعَةَ سِلَالٍ. وَكَانَ الْآكِلُونَ نَحْوَ أَرْبَعَةِ آلَافٍ. ثُمَّ صَرَفَهُمْ" (مرقس 8:1-9). أجرى المسيح معجزة إشباع خمسة آلاف نفس في الجليل - وأجرى معجزة أخرى لإشباع أربعة آلاف نفس في دائرة ديكابوليس أي (المدن العشر) وهي من البلاد الوثنية. اجتمع الناس هناك من حول المسيح في البرية، وطال اجتماعهم به ثلاثة أيام حتى نفد الزاد، لأن قوماً جاءوا من بعيد. فحمله إشفاقه على تكرار إشباع الجمهور بمعجزة. وإشفاق المسيح هذا يرافق كل فرد من البشر من مهده إلى لحده. كان كلامه الحنون: "لست أريد أن أصرفهم إلى بيوتهم صائمين لئلا يخوروا في الطريق". لا يسعنا إلا أن نستغرب تكرار التلاميذ اعتذارهم بالعجز في صيف ذات السنة التي في ربيعها أشبع المسيح جَمْعاً أكثر بشيء زهيد من الطعام. غير أن المسيح بكّتهم بعد قليل على نسيان المعجزتين معاً وعدم استفادتهم منهما. فالشكوك الحاضرة تولّد نسيان المراحم الماضية. شفاء أعمى وثني"وَجَاءَ إِلَى بَيْتِ صَيْدَا، فَقَدَّمُوا إِلَيْهِ أَعْمَى وَطَلَبُوا إِلَيْهِ أَنْ يَلْمِسَهُ، فَأَخَذَ بِيَدِ الْأَعْمَى وَأَخْرَجَهُ إِلَى خَارِجِ الْقَرْيَةِ، وَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ، وَوَضَعَ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَسَأَلَهُ هَلْ أَبْصَرَ شَيْئاً؟ فَتَطَلَّعَ وَقَالَ: "أُبْصِرُ النَّاسَ كَأَشْجَارٍ يَمْشُونَ". ثُمَّ وَضَعَ يَدَيْهِ أَيْضاً عَلَى عَيْنَيْهِ، وَجَعَلَهُ يَتَطَلَّعُ. فَعَادَ صَحِيحاً وَأَبْصَرَ كُلَّ إِنْسَانٍ جَلِيّاً. فَأَرْسَلَهُ إِلَى بَيْتِهِ قَائِلاً: "لَا تَدْخُلِ الْقَرْيَةَ، وَلَا تَقُلْ لِأَحَدٍ فِي الْقَرْيَةِ" (مرقس 8:22-26). زادت هذه المعجزة في انتشار شهرة المسيح في هذه البلاد الجديدة، فاضطر أن يغادرها تخلّصاً من الازدحام، فدخل السفينة مع تلاميذه وجاء إلى تخوم مجدل ودلمانوثة المجاورة لها. ولما وصل إلى بيت صيدا يولياس، على جانب البحيرة الشرقي، حيث أشبع الخمسة الآلاف، أتوه بأعمى ليشفيه باللمس، فلم يقبل أن يعيّنوا له أسلوب الشفاء. لكنه استجاب طلبهم وشفاه على الأسلوب الذي استحسنه هو. أخرجه إلى خارج القرية، وبينما كان الأعمى ينتظر متحيّراً ماذا يفعل المسيح أو ماذا يطلب منه، تفل المسيح في عينيه ووضع على كل عين يداً، فأبصر الناس كأشجار يمشون - أي أتاه البصر على قدر إيمانه - ولما زاد إيمانه بعد البصر القليل كرر المسيح وضع يديه على عينيه، فأتاه البصر الكامل. وبذلك مثَّل الذين يستنيرون تدريجياً في الأمور الروحية. فإن استعملوا النور القليل الذي لهم، تكون النتيجة ازدياد النور "فَإِنَّ مَنْ لَهُ سَيُعْطَى وَيُزَادُ" (متى 13:12). |
||||
10 - 07 - 2017, 05:40 PM | رقم المشاركة : ( 18462 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الحاجة إلى المسيح
مرت السنون والإنسان يزيد ظلماً وتعاسة، بسبب زيادة بُعْده عن الكمال. وقد عجزت الفلسفة البشرية عن بلوغ الكمال وإصلاح الحال. ويظهر هذا مما قاله سقراط، الحكيم اليوناني الشهير، لتلميذه ألسبيادس: "يا عزيزي ألسبيادس، إني لا أستطيع أن أبيِّن لك كيف تحصل على الخير الأعظم، لأني لا أعلم. لكنني موقن أن الخالق مُحسن. وأنه بناء على إحسانه سيرسل في الوقت المناسب معلماً يعلّم الإنسان كيف يحصل على ذلك الخير". علّم الإختبار هذا الفيلسوف أن الناس الفاسدين بطبيعتهم ليسوا أهلاً لإصلاح ما هو فاسد، وقد قال الشاعر العربي: هل يُرتَجَى الإصلاح من فاسد فالشهد لا يُجنَى من الحنظل قد وضع قادة الأمم شرائع لإصلاح الحال، كما نقرأ عن عصر حمورابي وفلاسفة اليونان وحكماء مصر ومشترعي الرومان ومجوس فارس وبراهمة الهند وغيرهم. لكن حكمة هؤلاء كلهم لم تبلغ المطلوب. ومع أن شريعة موسى شريعةٌ إلهية، إلا أنها كانت قاصرة عن الإصلاح الكامل، لأن القصد منها كان تعريف الإنسان بخطئه، وحثّه على طلب الكمال، وإرشاده إلى مصدر الإصلاح، فلم يبْقَ هناك إلا الواسطة الوحيدة التي عيَّنها الله لبلوغ الإنسان درجة الكمال، وهي إرسال المعلم السماوي، إبن محبته، يسوع المسيح، الذي جاء بما لا يستطيع أن يأتي مثله حكيمٌ بشري. فإنه فضلاً عن جلال شريعته وكمالها، لم يرتكب - بفكر أو قول أو عمل - أمراً مخالفاً لنقطةٍ واحدةٍ مما أوجب على الناس حفظه. وهذا ما قصر عنه كل مصلح سواه. حاجتنا العظمى إذاً ليست إلى من يعلّمنا طريق الكمال، بل إلى من يسير أمامنا في تلك الطريق، لنحتذي مثاله ونقتفي آثاره. ولم تطأ أرض البشر قدوس كامل غير يسوع ابن مريم، الكامل في ذاته وصفاته. وشتّان ما بين تأثير علم الكلام وعلم المثال، لأن عِلم الكلام نظري شفهي، أما علم المِثال فحسّي عملي، ولذلك أصبح المسيح مطمح أبصار العالم الفاسد بأسره، ليمنحه الصلاح والسعادة وبلوغ درجة الكمال. فالأمر الهامّ هو معرفة ما عمله المسيح لأجلنا، وما علّمه. وبعبارة أجلى درس حياة المسيح لنرى فيها طريق الإصلاح والسعادة. إن كل شيء تقريباً يحتمل المبالغة إلا الكلام عن المسيح، فإن بلاغة كل بليغ تصغر عن وصف تلك الحياة السامية الكاملة. وأعظم مكافأة يتوقعها إنسان هي أن يكون وسيلة لاقتياد الناس إلى المسيح راعي نفوسهم وأسقفها، ورسول المحبة السماوية، لننال به الكمال الحقيقي والخلاص المجاني، ونتمتع معه بالحياة الأبدية المقدسة في الأمجاد السماوية. وقد وصف أحد المرنمين السيد المسيح بالقول: قُمْ ونغِّمْ يا مرنّم باسم فادينا الحبيب برخيم اللحن عظِّمْ ذلك الشخصَ العجيب ذلك السامي السجايا صاحب المجد الرفيع خالق كل البرايا لطفه محيي الجميع أبديٌّ أزلي كان من قبل الجبال وهو قدوس زكي لابسٌ ثوب الجلال شمسُ برٍ ذو جمال كوكب الصبح المنير وحده حاوي الكمال ما له أصلاً نظير وقد قرأ المسيح نبوّةً من سفر إشعياء، جاءت عنه قبل مجيئه للعالم بسبعمائة سنة، تقول: "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ، أَرْسَلَنِي لِأَعْصِبَ مُنْكَسِرِي الْقَلْبِ، لِأُنَادِيَ لِلْمَسْبِيِّينَ بِالْعِتْقِ، وَلِلْمَأْسُورِينَ بِالْإِطْلَاقِ. لِأُنَادِيَ بِسَنَةٍ مَقْبُولَةٍ لِلرَّبِّ، وَبِيَوْمِ انْتِقَامٍ لِإِلَهِنَا. لِأُعَزِّيَ كُلَّ النَّائِحِينَ" (إشعياء 61:1 و2). وقال الإنجيل عن المسيح: "نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الْإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللّهِ. فَتَفَكَّرُوا فِي الَّذِي احْتَمَلَ مِنَ الْخُطَاةِ مُقَاوَمَةً لِنَفْسِهِ مِثْلَ هذِهِ لِئَلَّا تَكِلُّوا وَتَخُورُوا فِي نُفُوسِكُمْ" (عبرانيين 12:2 و3). "تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ" (1 بطرس 2:21). ولهذا نقول إننا محتاجون للمسيح للأسباب الخمسة التالية: لأن المسيح هو القائد الديني الذي امتاز بحبه للبشر. ونجاح رسالته اليوم في العالم هي نتيجة حبِّه المتفاني وحضوره الحقيقي الدائم مع أبناء شعبه. لأن المسيح هو موضوع الإنجيل الذي هو أعظم بشارة سمعتها آذان البشرية، لأنها بشارة اهتمام اللّه بخير الجنس البشري زمنياً وأبدياً. لأن المسيح هو المخلِّص الذي لبس طبيعتنا البشرية اختيارياً، ليتقرب من الناس، وليتمكن من إنجاز وظيفته كمخلّص الجميع، لأنه يحب كل بني آدم الساقطين. لأن المسيح هو الذي عيَّنه اللّه منذ الأزل، والذي أرسله في ملء الزمان، ليعلن للبشر محبة اللّه التي لا تُحد ولا تُوصف، وليتمّم عمل الفداء. لأن المسيح هو كلمة اللّه المتجسّد، المولود الوحيد الذي لا يكون إلا على صورة المولود منه، الذي وصفه الإنجيل بأنه "محبة". في شخص يسوع المسيح أظهر اللّه لنا المحبة الإلهية المتفانية، دون تمييز مذهبي - ليس نحو محبّيه فقط - بل نحو مبغضيه وصالبيه أيضاً، وأورث البشر بعده مبدأ المحبة للجميع حتى الأعداء، وأدرج ذلك في تعاليمه، وأيَّده في سلوكه، فأعلن أن المحبة هي تكميل الشريعة. تضع بعضُ المذاهب الدينية التنبير على قدرة الإله الذي يعبدونه، وبعضها على قداسته، وغيرهم على حكمته، وآخرون على رحمته. وأما المسيحية، فمع مجاهرتها بهذه كلها، تخصِّص فوقها وتقدِّم عليها ما أتى يسوع المسيح ليعلنه جلياً، وهو محبة اللّه الأبوية التي تعمُّ البشر والتي تسعى لتردَّهم جميعاً حتى أشرّهم عن الضلال، وتخلّصهم من الهلاك (يوحنا 3:16). ولا يحقُّ لأحدٍ أن يُسمَّى مسيحياً ما لم يكن على مبدأ المحبة لجميع الناس حتى الأشرار والأعداء، للخدمة والتضحية في سبيل الخير الحقيقي للآخرين. |
||||
11 - 07 - 2017, 05:41 PM | رقم المشاركة : ( 18463 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فُرِجَت!! .. (1)
فُرِجَت!! (1) قد تسمعها من إنسان متألِّم، تطول تجربته وتكثر حيرته، يمشي في طريق مظلم يظنّه بلا نور، وفي منحدر سحيق يحسبه بلا نهاية؛ فجأة تُحَلّ مشكلته وتنفرج أساريره، فيصرخ فرحًا: أخيرًا.. فُرِجَت. أو قد تسمعها من إنسان مديون، يحتار في تسديد مديونيته بالقروض والُسلف والجمعيات، يهرب بالنوم من التفكير، ويعلم أن الرب له التدبير، تبطل المديونية فيقول بأريحية: فُرِجَت. كلمة رائعة تعبِّر عن الفرج بعد الضيقات، وعن السعادة بعد المحزنات، ولأن وقعها زكي على النفس، ورطِب على الروح؛ فعلينا أن نستنشق البعض منه فكريًا، وأن نستفيد منه روحيًا. * “فُرِجَت” وتحكُّم القدير لا شك أن أيامنا على الأرض لا تدور على وتيرة واحدة؛ فتارة نَمُرّ ببعض المشاكل والضيقات، وتارة أخرى نسعد بالأفراح والمُبهجات. فمن يعاني من الإفلاس والضيقة المالية، يقينًا سيأتي يوم “يفرجها” الله عليه بوظيفة تستره وتسدِّد احتياجاته. ومن يمُرّ بضيقة عاطفية، يقينًا سيأتي يوم و“يفرجها” عليه الله بشريك يضمِّد جروحه الماضية ويدفعه لأحلامه المستقبلية. ومن يجتاز في ضيقة نفسية، يقينًا سيأتي يوم و“يفرجها” الله عليه، بمدخل للسعادة يطرد الكآبة ويطارد اليأس. فكما أنه لا حياة بلا ضيق، فكذلك لا ضيق بلا فرج!! * والحقيقة أن الضامن الوحيد، بأن كل ضيقة يعقبها “فرج” ولو بعد حين، يكمن في أن الله؛ خالقنا المحب، لا يقف موقف المتفرج وقت آلامنا وكروبنا، ولا حتى موقف الذي يرثي لنا ويرِقّ لحالنا، لكن ما يطمئنا على يقينية “الفرج” بعد أي ضيق، هو أن الله أثناء الضيق والألم، يتحكم في عاملين غاية في الأهمية؛ وهما درجة الضيق، وزمن الضيق. * وهذا أمر معزٍّ جدًا لنا، لأنه مهما كان سبب الضيق : (إن كان إبليس أو الظروف أو الشخص نفسه أو الخطية أو أي سبب آخر)، فإنّ الله المحب، يحتفظ لنفسه بحق تحديد مدة هذا الضيق؛ بحيث لا يقل أو يزيد لحظة واحدة عن ما قرَّره، ويتحكم أيضًا في شدّة هذا الضيق، بحيث لا تزيد درجة الألم على الإنسان فينهار، أو تقل عليه فيتشوه. تمامًا مثل “الطباخ” الماهر - مع فارق التشبيه - الذي يعرف درجة الحرارة التي تناسب أكلته الشهية، وكذلك الزمن الذي يجب أن تمكثه في الفرن، فيحرص ألا تزيد درجة حرارة النار عليها فتُحرق، أو تقل درجة حرارة النار فتخرج “نصف سوا”. وطالما أن هذين العاملين تحت سيطرة الله القدير، فلا خوف على المؤمن من أي تفكُّك أو انهيار، أو حتى تشوه أو دمار. * “فُرِجَت” ودرجة الضيق ولشرح الفكرة السابقة، سنطالع عدة أمثلة من الكتاب المقدس؛ ولنبدأ بيونان؛ ذلك النبي الذي اجتاز في ضيقة لم يجتَزها إنسان من قَبْل؛ فهو هارب من وجه الرب إله السماء، وها هو قابع في بطن حوت ضخم، لمدة ثلاثة أيام وثلاث ليالِ، ومن داخله صلى يونان وَقَالَ: «دَعَوْتُ مِنْ ضِيقِي الرَّبَّ، فَاسْتَجَابَنِي. صَرَخْتُ مِنْ جَوْفِ الْهَاوِيَةِ، فَسَمِعْتَ صَوْتِي» (يونان2: 2)، وهنا يظهر العامل الأول في تحكم الله في درجة الضيق، فمن الذي ضبط أنزيمات الحوت الهاضمة لكيلا تهضم يونان؟! ومن الذي أوجد ليونان الأكسجين الكافي لكي يتنفسه ويُخرج صلاته؟! ومن الذي منع الحوت من بلع أسماك كبيرة يمكنها أن تؤذي يونان وهو مستقر في جوفه؟! وأسئلة أخرى كثيرة لا إجابة لها، إلا أن الله القدير الحكيم، كما أنه سمح بالضيق وأعدّ الحوت، فهو أيضًا تحكم في درجة هذا الضيق، ومنع عن نبيّه المحبوب قدوم الموت!! * وهو ذات الأمر الذي تكرر حين تحكم الله في درجة حرارة النار المتّقدة سبع أضعاف، فجعلها لا تؤذي رجاله الأوفياء الثلاثة، ولا تأتي برائحتها عليهم، فـ«لَمْ تَكُنْ لِلنَّارِ قُوَّةٌ عَلَى أَجْسَامِهِمْ، وَشَعْرَةٌ مِنْ رُؤُوسِهِمْ لَمْ تَحْتَرِقْ، وَسَرَاوِيلُهُمْ لَمْ تَتَغَيَّرْ، وَرَائِحَةُ النَّارِ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِمْ» (دانيآل3: 17). وغيرها الكثير من الأمثلة، عن أحباء لله الذي أجازهم في ضيق شديد، وأدخلهم الفرن الإلهي، ولم يكتفِ بأن يشاهدهم من وراء هذا الفرن الزجاجي، لكنه ضبط بعناية درجة حرارته، بل - وإن استدعى الأمر - فإنه يدخل يتمشى معهم في ذات الفرن وذات النار!! * “فُرِجَت” وزمن الضيق أما العامل الثاني، والذي يتحكم فيه الله شخصيًا، فهو زمن الضيق الذي يجتاز فيه المؤمن، وهذا يظهر في الكلام الخاص لملاك كنيسة سميرنا : «لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضًا مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيْقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِينًا إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ» (رؤيا2: 10)، ولاحظ كلمة : «عَشَرَةَ أَيَّامٍ»، فالله العلي هو المتحكم الوحيد في زمن الضيق، ويضبطه على ساعته باللحظة دون تقديم أو تأخير، فلا يمكن أن يكون الضيق تسعة أيام أو حتى أحد عشرة يومًا. صحيح أن هذا الأمر لا يعجب إبليس وبعض الناس الذين يكرهون المؤمن ويتلذذون بأن يزيدوا من زمن ضيقته، ولكن هيهات، فالأمر ليس بيدهم بالمرة، فعندما ينتهي وقت التجربة والضيق، ويتحقَّق هدف الله منها، يتوقف الزمن وتدقّ الساعات وتعلن أنها “فُرجت”. * عزيزي القارئ، كلنا نمر بضيق مختلف الدرجات والأنواع، ولكن اطمئن، فالأمر يخضع لتحكُّم الله القدير المحب، الذي يتحكم في درجة الضيق، وفي مدته أيضًا، ويقينًا عندما يحقق هدفه من وراء هذا الضيق، ستنعم بالنضج وباللمعان، ووقتها ستختفي لغة الواقع والعيان بأنها “أغلقت”، وستبرز لغة الرجاء والإيمان أنها “فُرجت”. * السنين قاسية ودوارة، والضيق بيعنوِن أيامها والدنيا خاينة وغدَّارة، ولا حد يضمن يلجِّمها لكن ضماني إن مَلَفي قدامك مفتوح وزمن ضيقتي متحدِّد على ساعتك ومشروح ولا درجة حرارة تقل أو تزيد عن المسموح علمني أسلم لك نفسي، لأجل ما تهديها وتعينها وتفرج ضيقتي على إيدك، ما أنت اللي جابلها * * * أشكرك أحبك كثيراً... الرب يسوع يحبك ... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
11 - 07 - 2017, 06:08 PM | رقم المشاركة : ( 18464 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
وصف شخصية المسيح
كلما كان ادّعاء الإنسان كبيراً صعُبَ عليه أن يبرهنه، وسهُلَ على الغير إثبات خطئه، لذلك يتجنَّب كلُ عاقلٍ الادّعاء الكاذب، خشية الفشل، وتعرُّض زعيمه للاحتقار. والمسيحية أصعب المذاهب في ما تدَّعيه لزعيمها. فإنْ صحَّ هذا الادّعاء أصبحت سيدة المذاهب، وزعيمها سيد الزعماء. أما إثبات ما تتطلبه المسيحية فيتوقف على مطالعة تاريخ حياة المسيح الذي قال: "مِنْ ثِمَارِهِمْ تَعْرِفُونَهُمْ" (متى 7:16). فعلى أقوال السيد المسيح وأفعاله ونتائج ما قال وفعل، يُبنَى الحكمُ في مقدار عظمته الحقيقية - وليس على ما ينعته به المحبون، أو يطعنه به المخالفون. يوم كان المسيح معلماً جليلياً فقيراً أوثقه خصومه، رؤساء اليهود، وأحضروه مخفوراً مكتوفاً إلى الوالي الروماني الصارم بيلاطس البنطي، طالبين الحكم عليه بالصَّلْب. وبعد المحاكمة صرّح بيلاطس ببراءة المسيح، وقال للشاكين: "أنا لستُ أجد فيه علةً واحدة". فألحُّوا عليه أكثر حتى جدَّد المحاكمة ثم قال: "وَهَا أَنَا قَدْ فَحَصْتُ قُدَّامَكُمْ وَلَمْ أَجِدْ فِي هذَا الْإِنْسَانِ عِلَّةً مِمَّا تَشْتَكُونَ بِهِ عَلَيْهِ. وَلَا هِيرُودُسُ (الملك) أَيْضاً، لِأَنِّي أَرْسَلْتُكُمْ إِلَيْهِ" (لوقا 23:13-15). ثم أوصتْ زوجة بيلاطس بالمسيح بسبب حُلْمٍ آلمَها، وسمَّتْهُ "ذلِكَ الْبَارَّ" (متى 27:19). ثم بعد ذلك قال بيلاطس ثالثة: "إِنِّي لَمْ أَجِدْ فِيهِ عِلَّةً لِلْمَوْتِ" (لوقا 23:22). ولما رضخ أخيراً لطلب اليهود بغير رضى وسلّم المسيح للصلْب، لم يفعل إلا بعد محاولة أخرى لتهدئة ضميرِه الثائر، إذْ أخذ ماء وغسل يديه قدام الجميع قائلاً: "إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هذَا الْبَارِّ. أَبْصِرُوا أَنْتُمْ" (متى 27:24). فحص بيلاطس وكانت نتيجة فحصه أنه وجد المسيح باراً، وهذه النتيجة التي وصل إليها بيلاطس في نهاية حياة المسيح الأرضية هي مفتاحٌ ضروري في معرفة الشخص الذي سمَّاه هذا الوالي الروماني وامرأته "ذلك البار". ومعلومٌ أن العالم الراقي بأسره يؤيدهما في حكمهما في صلاح يسوع المسمَّى المسيح. وشهادات اليهودي والمسلم والوثني والكافر مجمعةٌ على هذا القرار. فأين الحل المعقول للمشكل الدائم المتعلِّق بهذا الشخص، وهو التوفيق بين حُكم العالم بأسره بصدق المسيح وقداسته، وبين كل ما (أ) ادَّعاه لنفسه مما لا يجوز لمجرد بشر أن يدَّعيه، و (ب) كل ما فعله ممّا لا يستطيع أن يفعله مجرد بشر، و (ج) كل ما قَبِل أن يقوله فيه الآخرون أو يفعلوه له، مما لا يجوز أن يُقال في مجرد بشر أو يُفعل لهم؟ لا يختلف اثنان على أن ادّعاء الإنسان بأكثر مما له، أو بغير ما له، يكون خداعاً أو غباوة أو اختلالاً عقلياً. وبالطبع لا يخطر ببال أحد أن يتهم يسوع المسيح بشيء من هذه، فكراً أو قولاً أو فعلاً. ولا يخفى أن الرسل والأنبياء: كلما تقدموا في الصلاح، زاد تواضعهم وانكسار الروح فيهم بسبب زلاتهم أو تقصيراتهم، لأن التواضع من أسمى الفضائل، والاعتراف بالخطأ من أول الواجبات. والصلاح يولّد الشعور الدقيق في الضمير. فكما يشمئزُّ المتمدن من أقذار لا يبالي بها المتوحش، هكذا يستغفر الصالح على أمور تُعتبر طفيفة عند الأقل صلاحاً، وتكون عند الأشرار موضع الافتخار. ففي سيرة أعظم الأنبياء والرسل الذين ورد خبرهم في كتاب الوحي، نظير موسى وداود ودانيال وبطرس وبولس، ترى اعترافات مؤثرة جداً، واسترحاماً كثيراً - وذلك يزيد اليقين بصلاحهم الحقيقي، لأن ليس بينهم من ادَّعى لنفسه الكمال. ولكن المسيح يختلف في هذا عن جميع الصالحين، وهذا الاختلاف يتطلب تفسيراً مقنعاً، وإجابةً للسؤال: من هو يسوع هذا؟ ولا يغيب عن البال أن الذين وصفوا المسيح بالكمال، هم الذين لازموه نهاراً وليلاً، صيفاً وشتاءً، زُهاء ثلاث سنين، فتيسَّر لهم أن يعرفوا بواطنه وظواهره. ولم يكونوا من المتساهلين الذين يسدلون الستار على التقصيرات والهفوات أو يسكتون عنها، بل هم الذين بينما يشرحون سيرة المسيح، ويؤيدون سموَّ كماله، كانوا يذكرون سقطاتهم وتقصيراتهم. وفي هذا دلالة كافية على إخلاصهم وحكمتهم واستقامتهم، ومستندٌ كافٍ لوضع شهاداتهم عن المسيح محل اليقين والاحترام. من غرائب التاريخ أن الدين المسيحي دام واستمر ونجح، رغم أنه قاسى في كل ماضيه، ولا يزال يقاسي، أمرَّ المقاومات وأشدها من خصومة الأقوياء، الذين قصدوا أن يحقّروه ويضعفوه، بل ويلاشوه، لأنه منذ يوم حاول هيرودس الملك قتل الطفل يسوع في بيت لحم إلى يومنا هذا، لم ينفكَّ أعداء المسيحية العديدون المقتدرون، عن محاربة الكنيسة المسيحية وتعاليمها بذات القصد الذي ساق هيرودس إلى ما فعل. ولا يخفى على كل مطَّلع مفكّر أن جميع أبواب الاعتراض على التعاليم والعقائد المسيحية فُتحت قديماً في العصر الرسولي. وكانت تنام وتستيقظ جيلاً بعد جيل، وبعضها يموت لسخافته عند بيان ما يدحضه تماماً. وكان أنصار هذه الاعتراضات الكفرية وزعماء هذه المقاومات يزعمون ثم يفتخرون بأنهم قد هدموا أركان المسيحية حتى أصبحت ملاشاتها أكيدة، مدَّعين أن كل احترام لكتابها المقدس قد زال، وأن أهل العالم قد رفضوا أهمَّ القضايا المُدرجة فيه. ولكن تعليم الإنجيل عن شخص المسيح اجتاز كل امتحان وثبت. وقد قال المسيح في صلاته: "أَيُّهَا الْآبُ، هذِهِ هِيَ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ: أَنْ يَعْرِفُوكَ أَنْتَ الْإِلهَ الْحَقِيقِيَّ وَحْدَكَ وَيَسُوعَ الْمَسِيحَ الَّذِي أَرْسَلْتَهُ" (يوحنا 17:3). وقال الرسول بولس إنه يحسب كل ما في الدنيا نفاية لكي يعرف المسيح حق المعرفة (فيلبي 3:8). ويوحنا الرسول، الذي صوَّر بقلمه أجمل الصور الأربع للمسيح، يقول في آخر كلامه: "وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ" (يوحنا 20:31). فحبذا إن توصَّل كل إنسان إلى الإيمان الشخصي الحي بهذا المخلّص المنفرد عن البشر، مع كونه أيضاً شريكاً للبشر في طبيعة بشرية حقيقية، لأن هذا الإيمان يضمن لصاحبه الحياة الأبدية، باسم المسيح الذي كتب فيه الرسول بولس أن الله "رَفَّعَهُ وَأَعْطَاهُ اسْماً فَوْقَ كُلِّ اسْمٍ لِكَيْ تَجْثُوَ بِاسْمِ يَسُوعَ كُلُّ رُكْبَةٍ مِمَّنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ عَلَى الْأَرْضِ وَمَنْ تَحْتَ الْأَرْضِ، وَيَعْتَرِفَ كُلُّ لِسَانٍ أَنَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ هُوَ رَبٌّ لِمَجْدِ اللّهِ الْآبِ" (فيلبي 2:9-11). |
||||
11 - 07 - 2017, 06:14 PM | رقم المشاركة : ( 18465 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بشارة متى "كِتَابُ مِيلَادِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ" (متى 1:1). كتب متى بشارته للمؤمنين من اليهود، وهو يصوّر لنا حياة المسيح، لا كحادثة مستقلة بذاتها، بل كإتمامٍ لسلسلة تاريخية ونبوية بدأت من قديم الزمان، وعلى هذا فهو كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم جدّ اليهود. ويشير متى دوماً إلى أسفار التوراة ليُظهِر كيف تمت النبوات في المسيح، فصار المسيح "مكمِّل كل بر" أي مكمل كتابات موسى والأنبياء. وقد اقتبس متى من العهد القديم 75 آية توضح أن المسيح تتميم البركة الموعودة لإبراهيم ونسله، وأنه جاء ليؤسس ملكوت السموات ليصحح خطأ اليهود الذين ظنوا المسيا الآتي سيؤسس مملكة سياسية مركزها أورشليم. ومتّى واحد من تلاميذ المسيح الإثني عشر. |
||||
11 - 07 - 2017, 06:15 PM | رقم المشاركة : ( 18466 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بشارة مرقس "بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللّهِ" (مرقس 1:1). لم يكن مرقس من رسل المسيح، ولم يُذكر اسمه مطلقاً في البشائر الأربع. كان اسمه العبراني يوحنا، واسمه اليوناني (المتفق مع الروماني) مرقس. وقد ورد ذكر هذا الكاتب أول مرة بعد صعود المسيح ببضع سنين. وكان ابن امرأة مؤمنة بالمسيح اسمها مريم، أخت برنابا اللاوي القبرصي الذي اشتهر كثيراً في التبشير. ويقول الرسول بطرس عن مرقس إنه ابنه، وهي تسمية حُبّية تدل على أن مرقس اهتدى إلى الإيمان بواسطة بطرس. وقد اتفقت كتابات الآباء المسيحيين على أن مرقس كان تلميذاً لبطرس، وأنه كتب بشارته بتوجيهه، وهذا هو السبب في عدم كتابة بطرس بشارة باسمه. أما مقدمة مرقس فتقول: "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن اللّه". ومنها نتبيّن أن سيرة المسيح هي إنجيل، أي بشارة مفرحة مثلثة، ظاهرة في الاسم المثلث الوارد في هذه المقدمة أي: يسوع، ومسيح، وابن اللّه. يسوع: وقد أُطلق على المسيح اسم يسوع (أي مخلّص) بأمر الملاك الذي كرر هذا الاسم عندما بشّرَ بقُرْب ولادته. وفسّرَ تخصيص هذا الاسم لهذا المولود بقوله: "لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (متى 1:21) فيكون خلاصه خلاصاً أبدياً. المسيح: ويُسمَّى "المسيح" لأنه ابن داود، الموعود به من زمن آدم فما بعده، إذْ قد مسحه اللّه نبياً وكاهناً وملكاً. وأرسله إلى العالم حسب تلك النبوّات الثمينة التي قدمها للآباء والأنبياء، في سلسلة متواصلة كريمة، جيلاً بعد جيل. ابن اللّه: ويُسمَّى ابن اللّه بحق، لأنه لم يأخذ هذا الاسم الجليل من بشر، بل بإعلان إلهي ورد على لسان الملاك الذي بشر العذراء الطاهرة بأنها ستلد ابناً يكون عظيماً "وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى" (لوقا 1:32). ولما طلبت إيضاح هذا الأمر المستحيل عندها، حقّقه لها جبرائيل بالتكرار، لأنه كان من الضروري إعلان مقامه الإلهي الحقيقي قبل مجيئه، فليس بين كل أخبار التاريخ البشري خبر يستحق أن يُسمَّى إنجيلاً كخبر المسيح، فهو حقاً بشارة. ولا عجب أن النبي الإنجيلي إشعياء السابق للمسيح بنحو سبعمائة سنة قال فيه: "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ" (إشعياء 61:1) ولا عجب أن الملاك لما أخبر رعاة بيت لحم بولادته قال: "أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ" (لوقا 2:10). ففاتحة مرقس هذه المكوَّنة من ست كلمات، تلخص ما هو ضروري أن نعرفه عن يسوع المسيح. |
||||
11 - 07 - 2017, 06:15 PM | رقم المشاركة : ( 18467 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بشارة لوقا "إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الْأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلَامِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ" (لوقا 1:1-4). ولوقا مثل مرقس، غير مذكور في البشائر الأربع، لكن لنا لمحات عن حياته في سِفْره الثاني (أي سفر أعمال الرسل) تُبيّن أنه رافق الرسول بولس في أسفاره التبشيرية. ثم نعلم من إحدى الرسائل أنه كان طبيباً محبوباً (كولوسي 4:14). والظاهر أنه كان من أهل العلم، لأن لغة كتابته في اليونانية تمتاز بالفصاحة. ومقدمة بشارته رسالة وجيزة إلى صديقه اليوناني صاحب السمو ثاوفيلس. المؤمن بالمسيح، بيَّن فيها لوقا أنه قصد من كتابتها إفادة ثاوفيلس وتثبيته في إيمانه الجديد، فأكَّد له أنه اجتهد ليقف على الأخبار الراهنة عن المسيح، فقال: "تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلَامِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ" (لوقا 1:1-4). |
||||
11 - 07 - 2017, 06:16 PM | رقم المشاركة : ( 18468 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بشارة يوحنا "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللّهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ" (يوحنا 1: 4). والبشير الرابع هو يوحنا الرسول، الذي كان من تلاميذ يوحنا المعمدان سابقاً، وأحد الشخصين اللذين سبقا الجميع في التتلمذ للمسيح. وهو الذي نال لقب "التلميذ الذي كان يسوع يحبه" (يوحنا 13:23). ومع أنه صياد سمك، إلا أنه لم يكن من الفقراء، إذ كان لأبيه زبدي سفن وعمّال. وكانت أمه سالومة ترافق المسيح ورسله لكي تعولهم من مالها، وقد خصَّ المسيحُ يوحنا بالكثير، فهو الذي اتكأ على صدره في العشاء الأخير (يوحنا 13:23)، وله سلّم أمه وهو على الصليب ليعتني بها (يوحنا 19:27). وتفوح بشارة يوحنا برائحة المحبة واللطف. كتب يوحنا بعد زملائه الثلاثة بعشرين أو ثلاثين سنة، بعد أن كان اليقين بناسوت يسوع الحقيقي قد رسخ، وساد في أفكار المؤمنين، وزال الخوف من أن يتزعزع. لكن لما كان التطرُّف دأب البشر في أكثر الأمور، ولا سيما في الدين، فقد تحول كثيرون من المسيحيين من المجاهرة بناسوت المسيح إلى إنكار لاهوته، لذلك رأى يوحنا من الضروري أن يُضمِّن بشارته كثيراً من الكلام في لاهوت يسوع، إصلاحاً للخطأ الذي كان قد تسلَّل إلى الكنيسة. وفاتحة بشارة يوحنا تُعَدُّ من أفخر أقوال الإنجيل وأشهرها، ولها وقع عظيم في نفس كل محب للدين، وفيها يتذكر الكاتب الموحَى إليه، بدء الخليقة. وفاتحة كتاب الوحي تقول: "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" (تكوين 1:1). ولكن يوحنا يصوّر لنا بدءاً سابقاً لذلك البدء، إذ يقول: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللّهَ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يوحنا 1:1-3). |
||||
11 - 07 - 2017, 06:16 PM | رقم المشاركة : ( 18469 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
مصادر حياة المسيح وصلتنا الأخبار الحقيقية عن يسوع المسيح من أربعة مصادر تُسمَّى أناجيل أو بشائر لمتى ومرقس ولوقا ويوحنا. وكلمة "الإنجيل" لفظة يونانية معرَّبة، ومعناها "البشرى" أو "الخبر المفرح" وأول ما استُعملت له هو بشرى الخلاص الذي جاء المسيح به - بمعنى التعاليم التي تحتوي حقائق تلك البشرى، ثم سيرة المسيح التي جسَّدت تلك البشرى. وكلمة الإنجيل بهذا المعنى، لم تَعْنِ بالأصل أي كتاب، بل هي البُشرى نفسها ونَقْلها. وقبل تدوين الإنجيل كتابة كان الإنجيل الشفهي - أي نقل البُشرى شفهياً على لسان الرسل وتلاميذهم وكان قد انتشر في الإمبراطورية الرومانية كلها. لم يكتب السيد المسيح إنجيلاً ولم يطلب من تلاميذه أن يكتبوا، فوحي المسيحية ليس في الدرجة الأولى وحي كتاب يُنزَّل حروفاً وكلمات، بل وحي شخص حي، هو المسيح نفسه. ويقول الرسول بولس إن الله الذي كلَّم الآباء، قديماً بواسطة الأنبياء مراراً كثيرة وبطرق شتى، كلمنا نحن أخيراً بمن هو نفسه كلمة الله. ويقول الرسول يوحنا في مطلع رسالته الأولى غن الذي سمعه الرسل ورأوه بعيونهم وتأملوه ولمسته أيديهم، بشروا به العالم، ناقلين إليه الإنجيل، أي بشرى الرجاء والخلاص. ولكن قادة المسيحية شعروا بضرورة تدوين أخبار حياة المسيح لتبقى مرجعاً وثيقاً للجماعات المسيحية، بعيدة عن كل شبهة أو تلاعب أو تحريف. وكان لا بد من العمل في زمن رسل المسيح أنفسهم، وهم الذين تلقُّوا البشرى وعايشوها وعاشوها قبل أن ينقلوها لغيرهم، فعمد البعض بوحي من الروح القدس إلى تدوين الإنجيل كتابة، فكانت الروايات الأربع التي نسميها الأناجيل الأربعة، الموجودة هنا اليوم بالكتاب المقدس - فليس في المسيحية إلا إنجيل واحد - أي البشرى التي حملها المسيح لنا، وجسَّدها في حياته، ولقَّنها في تعليمه. وبهذا المعنى لم يرد لفظ الإنجيل إلا مفرداً في العهد الجديد، بمختلف أسفاره. إلا أن نقل تلك البشرى إلينا وصل في روايات أربع تتفق جوهراً وموضوعاً. الإنجيل البُشرى واحدٌ إذاً. أما مدوّنوه فأربعة: متى ومرقس ولوقا ويوحنا - متى ويوحنا من تلاميذ المسيح الإثني عشر. مرقس تلميذ الرسول بطرس، ولوقا تلميذ الرسول بولس - وقد كتب مرقس ولوقا تحت إشراف الرسولين بطرس وبولس. كتب متى قصة البشرى لبني قومه من اليهود، وهذا واضح من اهتمامه بنبوات التوراة عن السيد المسيح، وكيف تحققت كلها بمجيء المسيح. أما مرقس فقد دوَّن قصة البشرى عندما كان في روما عاصمة الإمبراطورية الرومانية، ووجَّهها للمسيحيين الذين جاءوا من خلفية رومانية. ولذلك فإن مرقس ينبّر على ما يستدعي انتباه الرومان من مظاهر قوة المسيح وعظمته. ودوَّن لوقا البشرى للمسيحيين الذين جاءوا من خلفية يونانية، ولذلك تراه يشدد على الإرادة والقلب اللذين بدونهما لا يكتمل الإنسان، واللذين بهما ظهرت محبة اللّه للبشر، حتى سُمِّي إنجيل لوقا بإنجيل الرحمة. أما يوحنا فقد كتب البشرى بعد انتشار المسيحية، فكتب لتوضيح بعض الأمور، وللرد على بعض الأفكار التي دخلت إلى التعليم المسيحي. بشارة متى "كِتَابُ مِيلَادِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ دَاوُدَ ابْنِ إِبْراهِيمَ" (متى 1:1). كتب متى بشارته للمؤمنين من اليهود، وهو يصوّر لنا حياة المسيح، لا كحادثة مستقلة بذاتها، بل كإتمامٍ لسلسلة تاريخية ونبوية بدأت من قديم الزمان، وعلى هذا فهو كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم جدّ اليهود. ويشير متى دوماً إلى أسفار التوراة ليُظهِر كيف تمت النبوات في المسيح، فصار المسيح "مكمِّل كل بر" أي مكمل كتابات موسى والأنبياء. وقد اقتبس متى من العهد القديم 75 آية توضح أن المسيح تتميم البركة الموعودة لإبراهيم ونسله، وأنه جاء ليؤسس ملكوت السموات ليصحح خطأ اليهود الذين ظنوا المسيا الآتي سيؤسس مملكة سياسية مركزها أورشليم. ومتّى واحد من تلاميذ المسيح الإثني عشر. بشارة مرقس "بَدْءُ إِنْجِيلِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ ابْنِ اللّهِ" (مرقس 1:1). لم يكن مرقس من رسل المسيح، ولم يُذكر اسمه مطلقاً في البشائر الأربع. كان اسمه العبراني يوحنا، واسمه اليوناني (المتفق مع الروماني) مرقس. وقد ورد ذكر هذا الكاتب أول مرة بعد صعود المسيح ببضع سنين. وكان ابن امرأة مؤمنة بالمسيح اسمها مريم، أخت برنابا اللاوي القبرصي الذي اشتهر كثيراً في التبشير. ويقول الرسول بطرس عن مرقس إنه ابنه، وهي تسمية حُبّية تدل على أن مرقس اهتدى إلى الإيمان بواسطة بطرس. وقد اتفقت كتابات الآباء المسيحيين على أن مرقس كان تلميذاً لبطرس، وأنه كتب بشارته بتوجيهه، وهذا هو السبب في عدم كتابة بطرس بشارة باسمه. أما مقدمة مرقس فتقول: "بدء إنجيل يسوع المسيح ابن اللّه". ومنها نتبيّن أن سيرة المسيح هي إنجيل، أي بشارة مفرحة مثلثة، ظاهرة في الاسم المثلث الوارد في هذه المقدمة أي: يسوع، ومسيح، وابن اللّه. يسوع: وقد أُطلق على المسيح اسم يسوع (أي مخلّص) بأمر الملاك الذي كرر هذا الاسم عندما بشّرَ بقُرْب ولادته. وفسّرَ تخصيص هذا الاسم لهذا المولود بقوله: "لِأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ" (متى 1:21) فيكون خلاصه خلاصاً أبدياً. المسيح: ويُسمَّى "المسيح" لأنه ابن داود، الموعود به من زمن آدم فما بعده، إذْ قد مسحه اللّه نبياً وكاهناً وملكاً. وأرسله إلى العالم حسب تلك النبوّات الثمينة التي قدمها للآباء والأنبياء، في سلسلة متواصلة كريمة، جيلاً بعد جيل. ابن اللّه: ويُسمَّى ابن اللّه بحق، لأنه لم يأخذ هذا الاسم الجليل من بشر، بل بإعلان إلهي ورد على لسان الملاك الذي بشر العذراء الطاهرة بأنها ستلد ابناً يكون عظيماً "وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى" (لوقا 1:32). ولما طلبت إيضاح هذا الأمر المستحيل عندها، حقّقه لها جبرائيل بالتكرار، لأنه كان من الضروري إعلان مقامه الإلهي الحقيقي قبل مجيئه، فليس بين كل أخبار التاريخ البشري خبر يستحق أن يُسمَّى إنجيلاً كخبر المسيح، فهو حقاً بشارة. ولا عجب أن النبي الإنجيلي إشعياء السابق للمسيح بنحو سبعمائة سنة قال فيه: "رُوحُ السَّيِّدِ الرَّبِّ عَلَيَّ، لِأَنَّ الرَّبَّ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ" (إشعياء 61:1) ولا عجب أن الملاك لما أخبر رعاة بيت لحم بولادته قال: "أُبَشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ" (لوقا 2:10). ففاتحة مرقس هذه المكوَّنة من ست كلمات، تلخص ما هو ضروري أن نعرفه عن يسوع المسيح. بشارة لوقا "إِذْ كَانَ كَثِيرُونَ قَدْ أَخَذُوا بِتَأْلِيفِ قِصَّةٍ فِي الْأُمُورِ الْمُتَيَقَّنَةِ عِنْدَنَا، كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّاماً لِلْكَلِمَةِ، رَأَيْتُ أَنَا أَيْضاً إِذْ قَدْ تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلَامِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ" (لوقا 1:1-4). ولوقا مثل مرقس، غير مذكور في البشائر الأربع، لكن لنا لمحات عن حياته في سِفْره الثاني (أي سفر أعمال الرسل) تُبيّن أنه رافق الرسول بولس في أسفاره التبشيرية. ثم نعلم من إحدى الرسائل أنه كان طبيباً محبوباً (كولوسي 4:14). والظاهر أنه كان من أهل العلم، لأن لغة كتابته في اليونانية تمتاز بالفصاحة. ومقدمة بشارته رسالة وجيزة إلى صديقه اليوناني صاحب السمو ثاوفيلس. المؤمن بالمسيح، بيَّن فيها لوقا أنه قصد من كتابتها إفادة ثاوفيلس وتثبيته في إيمانه الجديد، فأكَّد له أنه اجتهد ليقف على الأخبار الراهنة عن المسيح، فقال: "تَتَبَّعْتُ كُلَّ شَيْءٍ مِنَ الْأَوَّلِ بِتَدْقِيقٍ، أَنْ أَكْتُبَ عَلَى التَّوَالِي إِلَيْكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ ثَاوُفِيلُسُ، لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلَامِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ" (لوقا 1:1-4). بشارة يوحنا "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللّهَ. هذَا كَانَ فِي الْبَدْءِ عِنْدَ اللّهِ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ. فِيهِ كَانَتِ الْحَيَاةُ، وَالْحَيَاةُ كَانَتْ نُورَ النَّاسِ" (يوحنا 1: 4). والبشير الرابع هو يوحنا الرسول، الذي كان من تلاميذ يوحنا المعمدان سابقاً، وأحد الشخصين اللذين سبقا الجميع في التتلمذ للمسيح. وهو الذي نال لقب "التلميذ الذي كان يسوع يحبه" (يوحنا 13:23). ومع أنه صياد سمك، إلا أنه لم يكن من الفقراء، إذ كان لأبيه زبدي سفن وعمّال. وكانت أمه سالومة ترافق المسيح ورسله لكي تعولهم من مالها، وقد خصَّ المسيحُ يوحنا بالكثير، فهو الذي اتكأ على صدره في العشاء الأخير (يوحنا 13:23)، وله سلّم أمه وهو على الصليب ليعتني بها (يوحنا 19:27). وتفوح بشارة يوحنا برائحة المحبة واللطف. كتب يوحنا بعد زملائه الثلاثة بعشرين أو ثلاثين سنة، بعد أن كان اليقين بناسوت يسوع الحقيقي قد رسخ، وساد في أفكار المؤمنين، وزال الخوف من أن يتزعزع. لكن لما كان التطرُّف دأب البشر في أكثر الأمور، ولا سيما في الدين، فقد تحول كثيرون من المسيحيين من المجاهرة بناسوت المسيح إلى إنكار لاهوته، لذلك رأى يوحنا من الضروري أن يُضمِّن بشارته كثيراً من الكلام في لاهوت يسوع، إصلاحاً للخطأ الذي كان قد تسلَّل إلى الكنيسة. وفاتحة بشارة يوحنا تُعَدُّ من أفخر أقوال الإنجيل وأشهرها، ولها وقع عظيم في نفس كل محب للدين، وفيها يتذكر الكاتب الموحَى إليه، بدء الخليقة. وفاتحة كتاب الوحي تقول: "فِي الْبَدْءِ خَلَقَ اللّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ" (تكوين 1:1). ولكن يوحنا يصوّر لنا بدءاً سابقاً لذلك البدء، إذ يقول: "فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ، وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللّهِ، وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللّهَ. كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ، وَبِغَيْرِهِ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِمَّا كَانَ" (يوحنا 1:1-3). |
||||
11 - 07 - 2017, 06:20 PM | رقم المشاركة : ( 18470 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سلسلة نسب بشارة يوحنا والحقيقة هي أن يوحنا لم يغفل نسب المسيح، فقد أتى بلقب جديد ليسوع، لم يستعمله غيره من كتَبة الإنجيل، إذْ سماه "الكلمة". وهو لقب مناسب جداً، لأن الكلمة تعلن فكر المتكلم الذي لا يظهر بدونها. وهكذا يعلن يسوع الظاهر في الجسد "الإله الذي يرى ولا يُرى". وقد أعلن المسيح بتصرفاته قولاً وفعلاً صفات الله، كقدرته وحكمته وجودته وقداسته، فصحَّ أن يكون من جملة أسمائه الوصفية اسم "الكلمة"، وهو القائل: "اَلَّذِي رَآنِي فَقَدْ رَأَى الْآبَ" (يوحنا 14:9). كنا نظن أن يكون اللقب "الكلمة" في صيغة المؤنث، لكن من الفعل المذكر والضمير المذكر، ومن القول إن "الكلمة صار جسداً وحلّ بيننا، ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الآب" نرى أن يوحنا قد حوّل اسم الكلمة عن المعنى المألوف، وجعله يعني شخصاً حقيقياً هو يسوع المسيح. وختم يوحنا مقدمة إنجيله مؤكداً أن الله روح لا يُرى قط، لكن هذا الكلمة، الابن الوحيد من الآب، قد أعلنه، وهو أهلٌ لذلك، لأنه ساكن في حضن الآب فيعرفه حق المعرفة. ولكي يعلنه للبشر "صَارَ جَسَداً وَحَلَّ بَيْنَنَا" (يوحنا 1:14) وهذا الحلول يُسمَّى التجسد أو التأنُّس. |
||||