04 - 07 - 2017, 05:12 PM | رقم المشاركة : ( 18441 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المعمدان يشك في المسيح
"فَدَعَا يُوحَنَّا اثْنَيْنِ مِنْ تَلَامِيذِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَسُوعَ قَائِلاً: "أَنْتَ هُوَ الْآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟" فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ الرَّجُلَانِ قَالَا: "يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ قَائِلاً: أَنْتَ هُوَ الْآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟" وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَدْوَاءٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ، وَوَهَبَ الْبَصَرَ لِعُمْيَانٍ كَثِيرِينَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ: "اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. وَطُوبَى لِمَنْ لَا يَعْثُرُ فِيَّ" (لوقا 7:19-23). وبخ يوحنا المعمدان الملك هيرودس لأن الملك اغتصب زوجة أخيه وأخذها، وغضب الملك وأمر بسَجْن المعمدان في قلعة مخيروس في بيرية حيث بقي أكثر من سنة. إلا أن سجنه لم يمنع تردد تلاميذه عليه، فأخبروه بمعجزات المسيح المتكاثرة، ولا سيما بأعجبها وهي إقامة الشاب الميت، ابن أرملة نايين. وأخبروه أيضاً كيف تتبع الجماهير المسيح وتُدهَش لأقواله وأفعاله. وكان المعمدان في الماضي قد أعلن اعتباره وشدة حبه للمسيح، وهو لا يرتاب في حب المسيح له - فكيف لا يسأل المسيح عنه في سجنه هذه الأشهر الطويلة؟ أليس هو المسيح الموعود به، نصير المظلوم؟ فأي ظلم أفظع من هذا الذي أصابه، بسبب صلاحه وغيرته على الصلاح؟ فكيف لا يمدُّ له المسيح نسيبُه وحبيبه، يده القديرة لينتشله من هذا الضيق والخطر، ولو اقتضى الأمر إجراء معجزة؟ ولعل يوحنا كان ينتظر أن يكون ملكوت المسيح زمنياً، محاطاً بالمجد: أين هذا الملكوت الذي بشرتُ أنا باقترابه؟ وأين المحبة والرأفة التي يُنتظَر ظهورها في المسيح ملك هذا الملكوت؟ ولما كان المعمدان بشراً معرَّضاً للسقوط في الخطأ، فلا بد أن استولى عليه الشك والقنوط أحياناً في مرارة ظروفه المتغيّرة، خصوصاً بعد كل ما كان له من الحرية والسطوة والعظمة. ويصعب جداً على رجل في عزِّ قوته أن يُقيَّد بلا عمل، بعد سنتين كلها عمل بهمة ونشاط. ففي ذات يوم خار عزمه وفرغ صبره، فأرسل اثنين من تلاميذه الأمناء إلى المسيح ليسألاه إنْ كان هو حقاً المسيحَ الموعود به، أو أن المسيح الحقيقي سيأتي بعده. والتقى تلميذا يوحنا بالسيد المسيح وسألاه: "أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟" فأجرى المسيح أمامهما معجزات، ثم قال: "طوبى لمن لا يعثر فيَّ". ونستنتج من إجابة المسيح على تلميذي يوحنا أن سؤال المعمدان نتج عن شكوك حقيقية، يُلام عليها، بعد كل ما قد رآه وسمعه وشهد به في برية الأردن. فتكون هذه زلة وإنْ كانت وحيدة، ذُكرت لرجل اللّه العظيم هذا، كما ذُكرت زلات لغيره من الأنبياء والرسل، وقد صلى نبي الله داود "اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا! مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي" (مزمور 19:12) لكن "الصِّدِّيقَ يَسْقُطُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَقُومُ" (أمثال 24:16) وقد وجهت الشكوكُ المعمدانَ ليتوجه إلى المسيح، لا ليبتعد عنه. يتظاهر بعض الناس بالشكوك الدينية بدافع الادّعاء. أو لأجل غايات أنانية. مع أن المتظاهرين بها لا يعتقدون بصحة ذلك، ودينونة هؤلاء ظاهرة. وهناك شكوك ناتجة عن تمسك أصحابها بخطايا معينة، ولا يمكن اهتداء هؤلاء إلى الحقيقة ما لم يتركوا أولاً تشبُّثهم بخطاياهم، سواء كانت علنية أو خفية. أما الشكوك الناتجة عن قلة المعرفة فقط، فالأمل قوي بزوالها بواسطة الدرس والسؤال، وطلب الهداية الإِلهية، وعمل الواجب الحاضر في حينه بكل أمانة وإخلاص. ولما كان المعمدان مزيجاً من المحبة والغيرة والتواضع، مع شيء من الخوف والميل الطبيعي إلى القنوط، فلا بد أن تكون النتيجة أخيراً انقشاع غيوم الشكوك وبزوغ شمس اليقين التام، وهذا ما جرى معه. زعم البعض أن المعمدان لم يشك، بل قصد أن يأخذ رسولاه من المسيح جواباً مقنعاً لهما على هذا السؤال الجوهري، يفيد سائر تلاميذه. فإنْ صدق هذا الفرض يكون المعمدان في آخر خدمته، قد سعى ليهدي الناس إلى المسيح الأعظم منه، الذي يأتي بعده والذي هو قبله. شاء الآب في حكمته وحبه أن يموت المعمدان شهيداً ليحصل على مجد مضاعف في أبديته، وليعطينا نموذجاً مؤثِّراً للجرأة الدينية التي لا تهاب إنساناً في اتِّباع الأوامر الإِلهية ولو كان ملكاً، ويكون مثالاً للمجاهرة بالدين الحق ومبادئه. ولهذا لم ينقذ المسيح المعمدان في ضيقه. جواب عمليفضَّل المسيح أن يجيب على سؤال المعمدان بالأفعال قبل الأقوال "ففي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهب البصر لعميان كثيرين". وبعد هذا البرهان النظري الوافي بأنه المسيح، أفهم الرسولين أن يبلغا مرسِلهَما الكريم خبر ما رأيا وسمعا من معجزاته وتعاليمه، وخصَّ بالذكر علامة روحية، هي أن شخصاً قد أحرز شهرة وأظهر سلطاناً بهذا المقدار، ثم يعتني بتبشير المساكين، لا يمكن إلا أن يكون المسيح. ألم يعْطِ النبيُ العظيم هذه العلامة في قوله: "يَزْدَادُ الْبَائِسُونَ فَرَحاً بِالرَّبِّ، وَيَهْتِفُ مَسَاكِينُ النَّاسِ بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ" (إشعياء 29:19) وأيضاً "الرَّبُّ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ" (لوقا 4:18). "فَلَمَّا مَضَى رَسُولَا يُوحَنَّا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: "مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَاناً لَابِساً ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ فِي اللِّبَاسِ الْفَاخِرِ وَالتَّنَعُّمِ هُمْ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ. بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ! هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلَاكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ! لِأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الْأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللّهِ أَعْظَمُ مِنْهُ". ‚وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ سَمِعُوا وَالْعَشَّارُونَ بَرَّرُوا اللّهَ مُعْتَمِدِينَ بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا. وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ وَالنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ اللّهِ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ، غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ" (لوقا 7:24-30). أعلن المسيح في جوابه على سؤال المعمدان أهمية العمل، برهاناً قاطعاً لمزايا الشخص. فإنْ كان هو المسيح حقاً، يتضح ذلك من أعماله أكثر من أقواله. ولكنْ لئلا يُؤخذ سكوته، ثم كيفية جوابه، ثم تخلّيه عن إنقاذ المعمدان، دليلاً على عدم اهتمامه بالمعمدان الشهم الغيور المعتبَر عند الشعب أنه من أنبياء اللّه، أسرع المسيح في مدحه حالما انصرف رسولا المعمدان راجعيْن إليه. لم يشأ أن يبلغ مديحه هذا آذان المعمدان، لئلاّ يظن أنه فقط من باب التعزية أو الترضية أو التمليق، ولأن المدح في غياب الممدوح تكون قيمته مضاعفة. ذكَّر المسيح الجمهور بأيام نجاح المعمدان، حين كان بعض سامعيه بين الجماهير المتقاطرة إليه في البرية، تاركين الأوطان والأشغال، وطالبين أن يسمعوه ويعتمدوا منه. سأل المسيح الجمهور: هل وجدوا المعمدان آنئذٍ رجلاً متقلِّباً تزعزعه المخاوف أو المطامع، فيشبه قصبةً تحرّكها الريح؟ أليس ثباته وعزمه وحزمه سبب وجوده في ذلك السجن المخيف؟ إذاً لا يجوز اتّخاذ سؤاله بواسطة رسوليْه أساساً للحكم بأنه رجل ضعيف ومتقلِّب. وسأل المسيح الجمهور أيضاً إن كانوا قد وجدوا المعمدان رجلاً محبّاً للذات يطلب التنعُّم والرفاهية، حتى يروا بين كلامه وسلوكه تناقضاً يمنع من اتّباع إرشاداته. ألم يجدوا بخلاف ذلك أنه يسلك في منتهى إنكار الذات، ويعطي نفسه كلها لخدمة اللّه بواسطة خدمته للبشر؟ فإن اعتبروه نبياً فقد أصابوا العلم. لكنه أيضاً أعظم من نبي. لأن لا موسى بتسليمه الشريعة للشعب بعد إخراجهم من عبودية مصر، ولا إيليا بمقاومته عبادة الوثن وصنُعْه المعجزات المدهشة، ولا داود برعايته شعب إسرائيل كملكٍ مدة أربعين سنة وإعطائه العالم مزاميره الشهيرة، قد خدموا العالم خدمةً جوهرية مثل خدمة المعمدان، الذي هيّأ الطريق للمسيح الموعود به، ثم دلَّ الناس عليه. إنْ صحَّ من كتب: "الخَلْق عيال اللّه، وأحبُّهم إليه أنفعهم لعياله" يكون المعمدان من أحب الناس إلى الله. وتؤيد ذلك شهادة المسيح عنه، إذ قال: "الحق أقول لكم إنه بين المولودين من النساء ليس نبي أعظم من يوحنا المعمدان". وهذا يعني أنه أعظم من كل نبي وُلد ولادة طبيعية - فيُستثنَى المسيح من ذلك - وقد فاق المعمدان كل الأنبياء في أنه أقربهم إلى المسيح. وأكمل المسيح كلامه هذا بالقول: "ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه". وهذا يعني أن أدنى مركز في العهد الجديد هو حظٌ أعظم من أرفع مركز في العهد القديم، لأن مؤمن العهد الجديد يدرك أكثر من مؤمن العهد القديم أن ملكوت المسيح ملكوت روحي، وأنه قد جاء ليفدي شعبه بموته. ثم وبخ المسيح رؤساء اليهود لأنهم من الناس الذين يصح فيهم القول إن "الأولين يكونون آخِرين". فبدلاً من أن يكونوا في مقدمة المستفيدين من خدمة المعمدان في الوعظ والتعميد، بسبب معارفهم ووظيفتهم "رفضوا مشورة اللّه من جهة أنفسهم غير معتمدين منه". بينما العشارون المحتقرون "برروا اللّه معتمدين بمعمودية يوحنا" إذْ أقروا بصلاح اللّه الذي ظهر في كرازة المعمدان. وقال المسيح إن رؤساء اليهود انتقدوا يوحنا المعمدان لابتعاده عن الناس، ولاختياره العيشة التقشُّفية قائلين إن به شيطاناً، فرفضوه. ثم انتقدوا المسيح لاقترابه من الناس، واختياره العيشة الطبيعية، مشتركاً معهم في أفراحهم وأتراحهم، فقالوا عنه: "هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ" (متى 11:19) فرفضوه أيضاً. وأثبتوا بذلك أنهم غير مخلصين في توجيه التهمتين. وأوضحوا أنه لا يؤمل ظهور الحكمة الحقيقية وتزكيتها إلا في أهلها الحقيقيين. عزيزي القارئ، افتح قلبك لتقبل المسيح طريق اللّه الوحيد للخلاص، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً |
||||
04 - 07 - 2017, 05:30 PM | رقم المشاركة : ( 18442 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يزور فريسياً
"وَسَأَلَهُ وَاحِدٌ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ أَنْ يَأْكُلَ مَعَهُ، فَدَخَلَ بَيْتَ الْفَرِّيسِيِّ وَاتَّكَأَ. وَإِذَا امْرَأَةٌ فِي الْمَدِينَةِ كَانَتْ خَاطِئَةً، إِذْ عَلِمَتْ أَنَّهُ مُتَّكِئٌ فِي بَيْتِ الْفَرِّيسِيِّ، جَاءَتْ بِقَارُورَةِ طِيبٍ وَوَقَفَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ مِنْ وَرَائِهِ بَاكِيَةً، وَابْتَدَأَتْ تَبُلُّ قَدَمَيْهِ بِالدُّمُوعِ، وَكَانَتْ تَمْسَحُهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا، وَتُقَبِّلُ قَدَمَيْهِ وَتَدْهَنُهُمَا بِالطِّيبِ. فَلَمَّا رَأَى الْفَرِّيسِيُّ الَّذِي دَعَاهُ ذلِكَ، قَالَ فِي نَفْسِهِ: "لَوْ كَانَ هذَا نَبِيّاً لَعَلِمَ مَنْ هذِهِ الْمَرْأَةُ الَّتِي تَلْمِسُهُ وَمَا هِيَ! إِنَّهَا خَاطِئِةٌ!" (لوقا 7:36-39). دعا فريسي اسمه سمعان المسيح ليتناول الطعام على مائدته مع أناس آخرين، فلبّى المسيح الدعوة. ونحن نجهل قصد سمعان من هذه الدعوة، لأننا نجهل صفاته. قد يكون قصده بسيطاً لكي يكرم إنساناً شهيراً ويرى أعماله ويسمع أقواله. وقد يكون قصده خبيثاً لكي يخدم أفكار زملائه فريسيي اليهودية ويصطاد يسوع بكلمة. أما قصد المسيح في قبول الدعوة فواضح لأننا نعلم صفاته ومبادئه، فقد أحب خصومه مع أنهم قصدوا أن يهلكوه. وبرهن على غيرته أنه يغتنم كل فرصة ليصيد النفوس، سواء كانت من أدنياء القوم أو عظمائهم. ومع أن سمعان كان يحترم المسيح، بسبب معجزاته وانتشار صيته كنبيّ، إلا أنه كان يزدري به بعض الازدراء بالنظر إلى أصله الناصري، وإلى عدم تخرُّجه من إحدى مدارسهم العالية، وإلى معيشته الفقيرة. وكان يحتقره من الوجه الديني لعدم قيامه بالعوائد والتقاليد الفريسية. لذلك لم يقدم للمسيح الاحترام والخدمة حسب العادات الجارية في الضيافة. ويظهر أنه اعتبر مجرد دعوته شرفاً كافياً لهذا الناصري. وانتشر في المدينة خبر قبول المسيح دعوة سمعان، وربما انتشر أيضاً خبر تقصير سمعان في إكرامه الواجب، فتحمست لذلك امرأة في المدينة كانت خاطئة، لم تتحمل معاملة التحقير لهذا المعلم والنبي الفاضل، فقصدت أن تعوّض عن ذلك التقصير في إكرامه، فجاءت بقارورة طيب ووقفت عند قدميه، لأنها تعرف مقامها الدنيء في أعين المجتمعين، وتشعر بثقل خطاياها الماضية. فلم تجسر أن تتقدم لتسكب هذا الطيب الثمين على رأس المسيح، فاستبدلت رأسه بقدميه. ألا يحق لنا أن نعتبرها من المتعَبين والثقيلي الأحمال، الذين سمعوا دعوته السامية منذ ساعات قليلة، وأنها قبلت الدعوة وأتت إليه بالتوبة والإيمان؟ نراها واقفة وراء تدهن قدميه بالطيب. لكن أطيب من الطيب دموع توبتها السخية التي تتساقط وتمتزج مع الطيب، لأن بعضها محزنة بسبب ماضيها المعيب وبعضها مفرحة بسبب شكرها لأجل الغفران الجديد الذي وجدت فيه راحةً لنفسها. فعملها هذا الإكرامي مألوف عند الناظرين. لكن غير المألوف رؤية امرأة شريرة تذرف دموع التوبة أمام عيونهم، مع الاحترام الذي جعلها تمسح قدمي هذا المعلم بأعزّ ما لديها أي شعرها. ولعلهم نسبوا ما فعلته إلى أنها سكرى بالخمر. ولم يدركوا أنها فعلت فعل المستعصي المتذلل، ثم الآخذ الشكور، فقبلّت قدمي المسيح الذي قادها للتوبة والخلاص. كان سمعان الفريسي يتحاشى العشارين والخطاة تماماً، فاستاء جداً من دخول المرأة الخاطئة بيته، ومن العمل الذي قامت به للمسيح - ولا بد أنه استغرب كيف يقبل المسيح ما عملته به هذه المرأة. ألا يعلم من تكون؟ إن كان المسيح يعلم فقد أخطأ بقبول لمساتها له. وإنْ لم يكن يعلم فهو ليس نبياً. دارت هذه الأفكار في عقل سمعان الفريسي - ولكنه لم يقل منها شيئاً. وعرف المسيح ما جال في فكر سمعان، فوجَّه إليه مثلاً، ثم سأله سؤالاً. "فَقَالَ يَسُوعُ: "يَا سِمْعَانُ عِنْدِي شَيْءٌ أَقُولُهُ لَكَ". فَقَالَ: "قُلْ يَا مُعَلِّمُ". "كَانَ لِمُدَايِنٍ مَدْيُونَانِ. عَلَى الْوَاحِدِ خَمْسُ مِئَةِ دِينَارٍ وَعَلَى الْآخَرِ خَمْسُونَ. وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَا يُوفِيَانِ سَامَحَهُمَا جَمِيعاً. فَقُلْ: أَيُّهُمَا يَكُونُ أَكْثَرَ حُبّاً لَهُ؟" فَأَجَابَ سِمْعَانُ: "أَظُنُّ الَّذِي سَامَحَهُ بِالْأَكْثَرِ". فَقَالَ لَهُ: "بِالصَّوَابِ حَكَمْتَ". ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى الْمَرْأَةِ وَقَالَ لِسِمْعَانَ: "أَتَنْظُرُ هذِهِ الْمَرْأَةَ؟ إِنِّي دَخَلْتُ بَيْتَكَ، وَمَاءً لِأَجْلِ رِجْلَيَّ لَمْ تُعْطِ. وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ غَسَلَتْ رِجْلَيَّ بِالدُّمُوعِ وَمَسَحَتْهُمَا بِشَعْرِ رَأْسِهَا. قُبْلَةً لَمْ تُقَبِّلْنِي، وَأَمَّا هِيَ فَمُنْذُ دَخَلْتُ لَمْ تَكُفَّ عَنْ تَقْبِيلِ رِجْلَيَّ. بِزَيْتٍ لَمْ تَدْهُنْ رَأْسِي، وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ دَهَنَتْ بِالطِّيبِ رِجْلَيَّ. مِنْ أَجْلِ ذلِكَ أَقُولُ لَكَ: قَدْ غُفِرَتْ خَطَايَاهَا الْكَثِيرَةُ لِأَنَّهَا أَحَبَّتْ كَثِيراً. وَالَّذِي يُغْفَرُ لَهُ قَلِيلٌ يُحِبُّ قَلِيلاً". ثُمَّ قَالَ لَهَا: "مَغْفُورَةٌ لَكِ خَطَايَاكِ". فَابْتَدَأَ الْمُتَّكِئُونَ مَعَهُ يَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ: "مَنْ هذَا الَّذِي يَغْفِرُ خَطَايَا أَيْضاً؟". فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: "إِيمَانُكِ قَدْ خَلَّصَكِ! اِذْهَبِي بِسَلَامٍ" (لوقا 7:40-50). كان لمداين مديونان، واحد مديون بخمسين ديناراً، والآخر مديون بخمسمئة. وسامح المداين المديونيْن - فمَنْ منهما يحبُّ المداين أكثر؟ فأجاب سمعان: "أظن الذي سامحه بالأكثر". كان المسيح يريد أن يقول لسمعان إنه هو المديون بالقليل، أما المرأة الخاطئة فهي المديونة بالكثير. قارن المسيح دموعها التي سكبتها على رجليه ونشفتهما بشعر رأسها بالماء الذي لم يقدمه سمعان لغسلهما. وقارن تقبيلها لقدميه بالقُبلة التي لم يطبعها سمعان على وجنتيه. وقارن الطّيب الثمين الذي سكبته، بالزيت الرخيص الذي بخل به سمعان عليه. وفسر قصدها الشريف بأنه طلب المغفرة منه على خطاياها الجسيمة، وأنه منحها الضمان بأنه قد استجاب هذا الطلب. فشكْرُها الحبي للذي منح الغفران جاء نتيجة لشعورها بعظم آثامها. وأما سمعان فلأنه لم يشعر بعظم آثامه، ولم يشعر أيضاً بالشكر الحبيّ نظيرها، فلم يفهم شعورها. وقول المسيح: "قد غُفرت خطاياها الكثيرة لأنها أحبت كثيراً" يؤخذ مع المَثَل الذي أوضح فيه المسيح لسمعان أن الخاطئ يحب كثيراً لأنه غُفر له كثير. فلا يستنتج أن محبة الخاطئ لله تسبق المغفرة وتكون سببها، بل عكس ذلك هو الصحيح. في القولين ليس المقصود أن الذي يحب كثيراً يُغفر له لأنه أحب، بل إن الذي يُغفر له كثيراً يحب كثيراً لأنه غُفر له الكثير. ثم قال المسيح للمرأة: "مغفورة لك خطاياك". ولما عرف المسيح أن الحاضرين ينتقدونه، كما سبق أن انتقده أهل كفر ناحوم على غفرانه لخطايا المفلوج، قال للمرأة: "إيمانك قد خلَّصك. إذهبي بسلام". وكل من يغفر الله له الكثير يجتهد أَلَّا يعود إلى الخطية التي غفرها الله له. ولا زال المسيح إلى يومنا، المخلِّص الذي يغفر للخاطئ ويردُّه عن ضلال طريقه. هل وجدت هذا المخلِّص الذي ليس بأحدٍ غيره الخلاص؟ |
||||
04 - 07 - 2017, 05:31 PM | رقم المشاركة : ( 18443 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المعمدان يشك في المسيح
"فَدَعَا يُوحَنَّا اثْنَيْنِ مِنْ تَلَامِيذِهِ، وَأَرْسَلَ إِلَى يَسُوعَ قَائِلاً: "أَنْتَ هُوَ الْآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟" فَلَمَّا جَاءَ إِلَيْهِ الرَّجُلَانِ قَالَا: "يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ أَرْسَلَنَا إِلَيْكَ قَائِلاً: أَنْتَ هُوَ الْآتِي أَمْ نَنْتَظِرُ آخَرَ؟" وَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ شَفَى كَثِيرِينَ مِنْ أَمْرَاضٍ وَأَدْوَاءٍ وَأَرْوَاحٍ شِرِّيرَةٍ، وَوَهَبَ الْبَصَرَ لِعُمْيَانٍ كَثِيرِينَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ: "اذْهَبَا وَأَخْبِرَا يُوحَنَّا بِمَا رَأَيْتُمَا وَسَمِعْتُمَا: إِنَّ الْعُمْيَ يُبْصِرُونَ، وَالْعُرْجَ يَمْشُونَ، وَالْبُرْصَ يُطَهَّرُونَ، وَالصُّمَّ يَسْمَعُونَ، وَالْمَوْتَى يَقُومُونَ، وَالْمَسَاكِينَ يُبَشَّرُونَ. وَطُوبَى لِمَنْ لَا يَعْثُرُ فِيَّ" (لوقا 7:19-23). وبخ يوحنا المعمدان الملك هيرودس لأن الملك اغتصب زوجة أخيه وأخذها، وغضب الملك وأمر بسَجْن المعمدان في قلعة مخيروس في بيرية حيث بقي أكثر من سنة. إلا أن سجنه لم يمنع تردد تلاميذه عليه، فأخبروه بمعجزات المسيح المتكاثرة، ولا سيما بأعجبها وهي إقامة الشاب الميت، ابن أرملة نايين. وأخبروه أيضاً كيف تتبع الجماهير المسيح وتُدهَش لأقواله وأفعاله. وكان المعمدان في الماضي قد أعلن اعتباره وشدة حبه للمسيح، وهو لا يرتاب في حب المسيح له - فكيف لا يسأل المسيح عنه في سجنه هذه الأشهر الطويلة؟ أليس هو المسيح الموعود به، نصير المظلوم؟ فأي ظلم أفظع من هذا الذي أصابه، بسبب صلاحه وغيرته على الصلاح؟ فكيف لا يمدُّ له المسيح نسيبُه وحبيبه، يده القديرة لينتشله من هذا الضيق والخطر، ولو اقتضى الأمر إجراء معجزة؟ ولعل يوحنا كان ينتظر أن يكون ملكوت المسيح زمنياً، محاطاً بالمجد: أين هذا الملكوت الذي بشرتُ أنا باقترابه؟ وأين المحبة والرأفة التي يُنتظَر ظهورها في المسيح ملك هذا الملكوت؟ ولما كان المعمدان بشراً معرَّضاً للسقوط في الخطأ، فلا بد أن استولى عليه الشك والقنوط أحياناً في مرارة ظروفه المتغيّرة، خصوصاً بعد كل ما كان له من الحرية والسطوة والعظمة. ويصعب جداً على رجل في عزِّ قوته أن يُقيَّد بلا عمل، بعد سنتين كلها عمل بهمة ونشاط. ففي ذات يوم خار عزمه وفرغ صبره، فأرسل اثنين من تلاميذه الأمناء إلى المسيح ليسألاه إنْ كان هو حقاً المسيحَ الموعود به، أو أن المسيح الحقيقي سيأتي بعده. والتقى تلميذا يوحنا بالسيد المسيح وسألاه: "أنت هو الآتي أم ننتظر آخر؟" فأجرى المسيح أمامهما معجزات، ثم قال: "طوبى لمن لا يعثر فيَّ". ونستنتج من إجابة المسيح على تلميذي يوحنا أن سؤال المعمدان نتج عن شكوك حقيقية، يُلام عليها، بعد كل ما قد رآه وسمعه وشهد به في برية الأردن. فتكون هذه زلة وإنْ كانت وحيدة، ذُكرت لرجل اللّه العظيم هذا، كما ذُكرت زلات لغيره من الأنبياء والرسل، وقد صلى نبي الله داود "اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا! مِنَ الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي" (مزمور 19:12) لكن "الصِّدِّيقَ يَسْقُطُ سَبْعَ مَرَّاتٍ وَيَقُومُ" (أمثال 24:16) وقد وجهت الشكوكُ المعمدانَ ليتوجه إلى المسيح، لا ليبتعد عنه. يتظاهر بعض الناس بالشكوك الدينية بدافع الادّعاء. أو لأجل غايات أنانية. مع أن المتظاهرين بها لا يعتقدون بصحة ذلك، ودينونة هؤلاء ظاهرة. وهناك شكوك ناتجة عن تمسك أصحابها بخطايا معينة، ولا يمكن اهتداء هؤلاء إلى الحقيقة ما لم يتركوا أولاً تشبُّثهم بخطاياهم، سواء كانت علنية أو خفية. أما الشكوك الناتجة عن قلة المعرفة فقط، فالأمل قوي بزوالها بواسطة الدرس والسؤال، وطلب الهداية الإِلهية، وعمل الواجب الحاضر في حينه بكل أمانة وإخلاص. ولما كان المعمدان مزيجاً من المحبة والغيرة والتواضع، مع شيء من الخوف والميل الطبيعي إلى القنوط، فلا بد أن تكون النتيجة أخيراً انقشاع غيوم الشكوك وبزوغ شمس اليقين التام، وهذا ما جرى معه. زعم البعض أن المعمدان لم يشك، بل قصد أن يأخذ رسولاه من المسيح جواباً مقنعاً لهما على هذا السؤال الجوهري، يفيد سائر تلاميذه. فإنْ صدق هذا الفرض يكون المعمدان في آخر خدمته، قد سعى ليهدي الناس إلى المسيح الأعظم منه، الذي يأتي بعده والذي هو قبله. شاء الآب في حكمته وحبه أن يموت المعمدان شهيداً ليحصل على مجد مضاعف في أبديته، وليعطينا نموذجاً مؤثِّراً للجرأة الدينية التي لا تهاب إنساناً في اتِّباع الأوامر الإِلهية ولو كان ملكاً، ويكون مثالاً للمجاهرة بالدين الحق ومبادئه. ولهذا لم ينقذ المسيح المعمدان في ضيقه. جواب عمليفضَّل المسيح أن يجيب على سؤال المعمدان بالأفعال قبل الأقوال "ففي تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة، ووهب البصر لعميان كثيرين". وبعد هذا البرهان النظري الوافي بأنه المسيح، أفهم الرسولين أن يبلغا مرسِلهَما الكريم خبر ما رأيا وسمعا من معجزاته وتعاليمه، وخصَّ بالذكر علامة روحية، هي أن شخصاً قد أحرز شهرة وأظهر سلطاناً بهذا المقدار، ثم يعتني بتبشير المساكين، لا يمكن إلا أن يكون المسيح. ألم يعْطِ النبيُ العظيم هذه العلامة في قوله: "يَزْدَادُ الْبَائِسُونَ فَرَحاً بِالرَّبِّ، وَيَهْتِفُ مَسَاكِينُ النَّاسِ بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ" (إشعياء 29:19) وأيضاً "الرَّبُّ مَسَحَنِي لِأُبَشِّرَ الْمَسَاكِينَ" (لوقا 4:18). "فَلَمَّا مَضَى رَسُولَا يُوحَنَّا، ابْتَدَأَ يَقُولُ لِلْجُمُوعِ عَنْ يُوحَنَّا: "مَاذَا خَرَجْتُمْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ لِتَنْظُرُوا؟ أَقَصَبَةً تُحَرِّكُهَا الرِّيحُ؟ بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَإِنْسَاناً لَابِساً ثِيَاباً نَاعِمَةً؟ هُوَذَا الَّذِينَ فِي اللِّبَاسِ الْفَاخِرِ وَالتَّنَعُّمِ هُمْ فِي قُصُورِ الْمُلُوكِ. بَلْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ! هذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلَاكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ! لِأَنِّي أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ، وَلكِنَّ الْأَصْغَرَ فِي مَلَكُوتِ اللّهِ أَعْظَمُ مِنْهُ". ‚وَجَمِيعُ الشَّعْبِ إِذْ سَمِعُوا وَالْعَشَّارُونَ بَرَّرُوا اللّهَ مُعْتَمِدِينَ بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا. وَأَمَّا الْفَرِّيسِيُّونَ وَالنَّامُوسِيُّونَ فَرَفَضُوا مَشُورَةَ اللّهِ مِنْ جِهَةِ أَنْفُسِهِمْ، غَيْرَ مُعْتَمِدِينَ مِنْهُ" (لوقا 7:24-30). أعلن المسيح في جوابه على سؤال المعمدان أهمية العمل، برهاناً قاطعاً لمزايا الشخص. فإنْ كان هو المسيح حقاً، يتضح ذلك من أعماله أكثر من أقواله. ولكنْ لئلا يُؤخذ سكوته، ثم كيفية جوابه، ثم تخلّيه عن إنقاذ المعمدان، دليلاً على عدم اهتمامه بالمعمدان الشهم الغيور المعتبَر عند الشعب أنه من أنبياء اللّه، أسرع المسيح في مدحه حالما انصرف رسولا المعمدان راجعيْن إليه. لم يشأ أن يبلغ مديحه هذا آذان المعمدان، لئلاّ يظن أنه فقط من باب التعزية أو الترضية أو التمليق، ولأن المدح في غياب الممدوح تكون قيمته مضاعفة. ذكَّر المسيح الجمهور بأيام نجاح المعمدان، حين كان بعض سامعيه بين الجماهير المتقاطرة إليه في البرية، تاركين الأوطان والأشغال، وطالبين أن يسمعوه ويعتمدوا منه. سأل المسيح الجمهور: هل وجدوا المعمدان آنئذٍ رجلاً متقلِّباً تزعزعه المخاوف أو المطامع، فيشبه قصبةً تحرّكها الريح؟ أليس ثباته وعزمه وحزمه سبب وجوده في ذلك السجن المخيف؟ إذاً لا يجوز اتّخاذ سؤاله بواسطة رسوليْه أساساً للحكم بأنه رجل ضعيف ومتقلِّب. وسأل المسيح الجمهور أيضاً إن كانوا قد وجدوا المعمدان رجلاً محبّاً للذات يطلب التنعُّم والرفاهية، حتى يروا بين كلامه وسلوكه تناقضاً يمنع من اتّباع إرشاداته. ألم يجدوا بخلاف ذلك أنه يسلك في منتهى إنكار الذات، ويعطي نفسه كلها لخدمة اللّه بواسطة خدمته للبشر؟ فإن اعتبروه نبياً فقد أصابوا العلم. لكنه أيضاً أعظم من نبي. لأن لا موسى بتسليمه الشريعة للشعب بعد إخراجهم من عبودية مصر، ولا إيليا بمقاومته عبادة الوثن وصنُعْه المعجزات المدهشة، ولا داود برعايته شعب إسرائيل كملكٍ مدة أربعين سنة وإعطائه العالم مزاميره الشهيرة، قد خدموا العالم خدمةً جوهرية مثل خدمة المعمدان، الذي هيّأ الطريق للمسيح الموعود به، ثم دلَّ الناس عليه. إنْ صحَّ من كتب: "الخَلْق عيال اللّه، وأحبُّهم إليه أنفعهم لعياله" يكون المعمدان من أحب الناس إلى الله. وتؤيد ذلك شهادة المسيح عنه، إذ قال: "الحق أقول لكم إنه بين المولودين من النساء ليس نبي أعظم من يوحنا المعمدان". وهذا يعني أنه أعظم من كل نبي وُلد ولادة طبيعية - فيُستثنَى المسيح من ذلك - وقد فاق المعمدان كل الأنبياء في أنه أقربهم إلى المسيح. وأكمل المسيح كلامه هذا بالقول: "ولكن الأصغر في ملكوت السماوات أعظم منه". وهذا يعني أن أدنى مركز في العهد الجديد هو حظٌ أعظم من أرفع مركز في العهد القديم، لأن مؤمن العهد الجديد يدرك أكثر من مؤمن العهد القديم أن ملكوت المسيح ملكوت روحي، وأنه قد جاء ليفدي شعبه بموته. ثم وبخ المسيح رؤساء اليهود لأنهم من الناس الذين يصح فيهم القول إن "الأولين يكونون آخِرين". فبدلاً من أن يكونوا في مقدمة المستفيدين من خدمة المعمدان في الوعظ والتعميد، بسبب معارفهم ووظيفتهم "رفضوا مشورة اللّه من جهة أنفسهم غير معتمدين منه". بينما العشارون المحتقرون "برروا اللّه معتمدين بمعمودية يوحنا" إذْ أقروا بصلاح اللّه الذي ظهر في كرازة المعمدان. وقال المسيح إن رؤساء اليهود انتقدوا يوحنا المعمدان لابتعاده عن الناس، ولاختياره العيشة التقشُّفية قائلين إن به شيطاناً، فرفضوه. ثم انتقدوا المسيح لاقترابه من الناس، واختياره العيشة الطبيعية، مشتركاً معهم في أفراحهم وأتراحهم، فقالوا عنه: "هُوَذَا إِنْسَانٌ أَكُولٌ وَشِرِّيبُ خَمْرٍ مُحِبٌّ لِلْعَشَّارِينَ وَالْخُطَاةِ" (متى 11:19) فرفضوه أيضاً. وأثبتوا بذلك أنهم غير مخلصين في توجيه التهمتين. وأوضحوا أنه لا يؤمل ظهور الحكمة الحقيقية وتزكيتها إلا في أهلها الحقيقيين. عزيزي القارئ، افتح قلبك لتقبل المسيح طريق اللّه الوحيد للخلاص، ولا تكن غير مؤمن بل مؤمناً |
||||
04 - 07 - 2017, 05:33 PM | رقم المشاركة : ( 18444 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يشفي لجئون
"وَجَاءُوا إِلَى عَبْرِ الْبَحْرِ إِلَى كُورَةِ الْجَدَرِيِّينَ. وَلَمَّا خَرَجَ مِنَ السَّفِينَةِ لِلْوَقْتِ اسْتَقْبَلَهُ مِنَ الْقُبُورِ إِنْسَانٌ بِهِ رُوحٌ نَجِسٌ، كَانَ مَسْكَنُهُ فِي الْقُبُورِ، وَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يَرْبِطَهُ وَلَا بِسَلَاسِلَ، لِأَنَّهُ قَدْ رُبِطَ كَثِيراً بِقُيُودٍ وَسَلَاسِلَ فَقَطَّعَ السَّلَاسِلَ وَكَسَّرَ الْقُيُودَ، فَلَمْ يَقْدِرْ أَحَدٌ أَنْ يُذَلِّلَهُ. وَكَانَ دَائِماً لَيْلاً وَنَهَاراً فِي الْجِبَالِ وَفِي الْقُبُورِ، يَصِيحُ وَيُجَرِّحُ نَفْسَهُ بِالْحِجَارَةِ. فَلَمَّا رَأَى يَسُوعَ مِنْ بَعِيدٍ رَكَضَ وَسَجَدَ لَهُ، وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: "مَا لِي وَلَكَ يَا يَسُوعُ ابْنَ اللّهِ الْعَلِيِّ! أَسْتَحْلِفُكَ بِاللّهِ أَنْ لَا تُعَذِّبَنِي!" لِأَنَّهُ قَالَ لَهُ: "اخْرُجْ مِنَ الْإِنْسَانِ يَا أَيُّهَا الرُّوحُ النَّجِسُ". وَسَأَلَهُ: "مَا اسْمُكَ؟" فَأَجَابَ: "اسْمِي لَجِئُونُ، لِأَنَّنَا كَثِيرُونَ". وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيراً أَنْ لَا يُرْسِلَهُمْ إِلَى خَارِجِ الْكُورَةِ. وَكَانَ هُنَاكَ عِنْدَ الْجِبَالِ قَطِيعٌ كَبِيرٌ مِنَ الْخَنَازِيرِ يَرْعَى، فَطَلَبَ إِلَيْهِ كُلُّ الشَّيَاطِينِ قَائِلِينَ: "أَرْسِلْنَا إِلَى الْخَنَازِيرِ لِنَدْخُلَ فِيهَا". فَأَذِنَ لَهُمْ يَسُوعُ لِلْوَقْتِ. فَخَرَجَتِ الْأَرْوَاحُ النَّجِسَةُ وَدَخَلَتْ فِي الْخَنَازِيرِ، فَانْدَفَعَ الْقَطِيعُ مِنْ عَلَى الْجُرْفِ إِلَى الْبَحْرِ - وَكَانَ نَحْوَ أَلْفَيْنِ، فَاخْتَنَقَ فِي الْبَحْرِ. وَأَمَّا رُعَاةُ الْخَنَازِيرِ فَهَرَبُوا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ وَفِي الضِّيَاعِ، فَخَرَجُوا لِيَرَوْا مَا جَرَى. وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَنَظَرُوا الْمَجْنُونَ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللَّجِئُونُ جَالِساً وَلَابِساً وَعَاقِلاً، فَخَافُوا. فَحَدَّثَهُمُ الَّذِينَ رَأَوْا كَيْفَ جَرَى لِلْمَجْنُونِ وَعَنِ الْخَنَازِيرِ. فَابْتَدَأُوا يَطْلُبُونَ إِلَيْهِ أَنْ يَمْضِيَ مِنْ تُخُومِهِمْ. وَلَمَّا دَخَلَ السَّفِينَةَ طَلَبَ إِلَيْهِ الَّذِي كَانَ مَجْنُوناً أَنْ يَكُونَ مَعَهُ، فَلَمْ يَدَعْهُ يَسُوعُ، بَلْ قَالَ لَهُ: "اذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ وَإِلَى أَهْلِكَ، وَأَخْبِرْهُمْ كَمْ صَنَعَ الرَّبُّ بِكَ وَرَحِمَكَ". فَمَضَى وَابْتَدَأَ يُنَادِي فِي الْعَشْرِ الْمُدُنِ كَمْ صَنَعَ بِهِ يَسُوعُ. فَتَعَجَّبَ الْجَمِيعُ" (مرقس 5:1-20). حدث بعد تسكين النوء أمرٌ يحوّل الفكر من أفعال المسيح إلى أفعال خصمه إبليس، الذي لم يسكت عن المسيح كل مدة وجوده طاهراً بين الناس. فتعويضاً عن فشله في محاولة التسلُّط على المسيح ضاعف سلطته على بعض البشر، ليستخدمهم في مقاومة خصمه العظيم ومن جملة آلات إبليس البشرية رجلان مجنونان يطوفان البرية في منطقة الجرجسيين، في المكان الذي قصد المسيح أن ينزل فيه من السفينة. وإذ رأى هذان المجنونان قدوم سفينة، هجما من مأواهما في المدافن الصخرية، لأنهما كانا قد قطعا بجنونهما الطرقات في تلك الناحية كلها على العابرين. ويُرجَّح أنهما قصدا الفتك بالقادمين فيها، وعلى الأخصّ بالمسيح لأنهما عرفاه، فأتيا يصرخان ملطخيْن بدمائهما، لأنهما كانا يجّرحان نفسيهما بالحجارة. عند ذلك أمر المسيح الأرواح النجسة الحالَّة فيهما أن تخرج منهما، فصاحا للوقت بكلام بعضه شيطاني وبعضه معقول، مما دلَّ على سطوة المسيح عليهما، قائلين: "ما لنا ولك يا يسوع ابن الله العلي! أجئت هنا قبل الوقت لتعذبنا؟". حصر البشير مرقس هذا الخبر في أشهر هذين الرجلين وأورده مفصَّلاً. بعد انتهار المسيح الأرواح الشريرة الحالَّة في هذا الرجل وفي رفيقه، ركض هذا وسجد له صارخاً: "أستحلفك بالله أن لا تعذبني". التأثير الأول لأمر المسيح للشياطين أن تخرج، كان تعذيباً للمسكون، لأن الشيطان لا يخرج من إنسان إلا ويصرعه ويؤلمه، ولذلك كان المسكون يخاف ويطلب التخلُّص من الآلام. وفعل المسيح الثاني كان تعذيباً للشيطان، الذي يتلذّذ بتعذيب الإنسان وإهلاكه. وعذابه يكون بنزع فريسته من بين مخالبه، فالساكن والمسكون يصرخان: "لا تعذبنا". يا لها من صورة مؤثرة على شاطئ هذا البحر! يقف المسيح مكلَّلاً بهيبة القداسة، المقترنة بالسلطان والحنان، ووراءه التلاميذ وهيئتهم تدلُّ على الاضطراب الشديد من تعب الليل الماضي، وعلى اضطراب جديد من هجوم المجنونيْن عليهم في هذا الوعر، وجهلهم ماذا يصير من أمرهما. ومع اضطرابهم ترى في وجوههم ملامح الشفقة على هذا المعذب بالأرواح النجسة. وأمامهم هذا الشخص البربري الجاثي في عريه وجروحه أمام سيدهم، وفي هيئته شيء من أمل المستنجد بشخص يعرفه قادراً على تخليصه من شقائه. سأله المسيح "ما اسمك؟" فأجاب: "اسمي لجئون". لأن شياطين كثيرة دخلته. واقترحت الشياطين على المسيح أن يسمح لها بالدخول في الخنازير، وليس إلى الهاوية. فسمح لهم بالدخول في قطيع كبير من الخنازير، نحو ألفين، كان يرعى عند الجبال بعيداً عنهم - وما أكبر الشبه بين الأرواح النجسة والخنازير - فالخنازير محرمة عند اليهود، وامتلاكها برهان غلبة الطمع على الدين في أصحابها اليهود، فعاقبهم المسيح بهلاك خنازيرهم المحرمة، ولا سيما أن في هذا برهاناً ملموساً بأن الاحتلال الشيطاني حقيقي، وبأن الشفاء من هذا الإحتلال كان حقيقياً ودائماً، ويرى الجميع عاقبة الاستعباد للشيطان، وبرهاناً لسلطان المسيح على الخيرات الزمنية، فيتصرف بها حسب حكمته. لأن الذي سمح بهذه الخسارة على أصحاب الخنازير هو المالك الأصلي الحقيقي. أَوَلا تسمح عنايته كل يوم بمثل هذا العالم، حتى بين خائفيه أيضاً؟ فكل تقي يقول لربه: ما لا يأتيني أستغني عنه دون تذمر قائلاً: "الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ فَلْيَكُنِ اسْمُ الرَّبِّ مُبَارَكاً" (أيوب 1:21). قال المسيح للأرواح: "امضوا" فخرجت ودخلت في الخنازير، وإذا القطيع كله يندفع من على الجُرف إلى البحيرة ويختنق في المياه. وانذهل رعاة الخنازير من هذا الأمر الغريب، فهربوا وأذاعوا في طريقهم بين الضياع وفي المدينة خبر ما حدث للمجنونين وللخنازير، فأسرع الجمهور قاصدين مكان هذا الحادث الغريب. وعند وصولهم رأوا في جثث الخنازير برهان صحة رواية الرعاة. وزادت دهشتهم عند رؤيتهم المجنون لابساً وعاقلاً وجالساً عند قدمي المسيح، يسمع تعليمه في موضوع ملكوت السماوات الذي دخله جديداً، إذ آمن بالملك الروحي الذي نجّاه. كنا ننتظر أن يبتهج الناس بظهور خصم إبليس القوي، القادر أن يقيّده ويخلص الناس من الاستعباد له، وكنا ننتظر أن يشكروا المسيح على معجزاته، ولكن الغريب أنهم طردوا المسيح من بلدهم، لأنهم حسبوا خسارة خنازيرهم أكبر من فائدة الانتصار على إبليس. لكن ماذا يفعل هذا الرجل الذي شُفي؟ هل يطلب العودة إلى بيته وأملاكه وأشغاله، ليستعيض عن الزمان الطويل الضائع؟... لو كان شفاؤه جسدياً فقط لفعل ذلك. لكن المسيح لم يشفِ جسده فقط، بل شفى نفسه أيضاً، وهذا أهم من شفاء جسده بما لا يُقاس. فظهر الشفاء الروحي في هذا المجنون من طلبه أن يكون مع المسيح. ولنا في هذا المجنون مثال صادق للخاطئ. حقاً إن الخطيئة جنون النفس، والجنون المعروف رمز إلى الجنون الحقيقي وهو الخطيئة، ففضَّل مجنون جدرة القبور النجسة مسكناً على البيوت النظيفة الصحية المرتّبة، وكان عمله إضراراً بذاته مع كل من لاصقه أو مرّ به. كان يتجنّب معاشرة الأصحّاء، ويختار عشراء من المجانين نظيره ومن وحوش البرية، ويقول للمخلص الوحيد: "ما لي ولك!" ولم يظهر مخلِّص من جنون الخطيئة ومن نتائجها في الدنيا والآخرة، إلا المسيح الذي خلَّص مجنون جدرة في ذلك اليوم من جنونه وأسبابه ونتائجه. |
||||
04 - 07 - 2017, 05:50 PM | رقم المشاركة : ( 18445 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يرسل الإثني عشر للكرازة
"وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعْفٍ فِي الشَّعْبِ. وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لَا رَاعِيَ لَهَا. حِينَئِذٍ قَالَ لِتَلَامِيذِهِ: "الْحَصَادُ كَثِيرٌ وَلكِنَّ الْفَعَلَةَ قَلِيلُونَ. فَاطْلُبُوا مِنْ رَبِّ الْحَصَادِ أَنْ يُرْسِلَ فَعَلَةً إِلَى حَصَادِهِ" (متى 9:35-38). ترك المسيح الناصرة، وأخذ يطوف المدن والقرى في خدمته المتنوّعة يكرز بالبشارة، ويعلّم في المجامع، ويشفي المرضى. وساءه حال الشعب فشبّهه بقطيع غنمٍ لا راعيَ لها، إذْ كان لهم رعاة اسماً لا فعلاً. هم في الحقيقة "أجْرَى لا يبالون بالخراف" فلا يقودونهم إلى المراعي الخضر وإلى مياه الراحة. إلى هذه الخراف التعيسة جاء "الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف" وتحنّن لما رأى شقاءها. وبناءً على إثمار مساعي المسيح في تدريب تلاميذه وجَعْلهم أهلاً لأن يشتركوا في هذه الخدمة الشريفة دعا الاثني عشر وابتدأ يرسلهم اثنين اثنين، لأن تمرينهم على العمل بعد تمرينهم في التعليم صار ضرورياً للغاية. فألهمهم أولاً بقوله: "الحصاد كثير ولكن الفعلة قليلون". وأفهمهم أن الفعلة لا يكونون إلا مرسَلين من رب الحصاد، الذي يرسلهم استجابة للصلاة. لا بد من استعداد الرعاة الروحيين لعملهم، فعليهم أن يتطوعوا أولاً، ثم يختارهم أصحاب الكلمة والحق في ذلك. ولكن بعد التطوُّع، واختيار الناس لهم، لا تنجح خدمتهم إلا إذا كان المرسِل الحقيقي لهم هو روح اللّه. فلا يتوقف إيجاد الفعلة الروحيين الناجحين على المدارس اللاهوتية التي يتعلَّمون فيها، ولا على الأجْر الذي يُقدَّم لهم ترغيباً، بل على إرسال رب الحصاد لهم. "هؤُلَاءِ الِاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: "إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لَا تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لَا تَدْخُلُوا. بَلِ اذْهَبُوا بِالْحَرِيِّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ. وَفِيمَا أَنْتُمْ ذَاهِبُونَ اكْرِزُوا قَائِلِينَ: إِنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ. اِشْفُوا مَرْضَى. طَهِّرُوا بُرْصاً. أَقِيمُوا مَوْتَى. أَخْرِجُوا شَيَاطِينَ. مَجَّاناً أَخَذْتُمْ مَجَّاناً أَعْطُوا. لَا تَقْتَنُوا ذَهَباً وَلَا فِضَّةً وَلَا نُحَاساً فِي مَنَاطِقِكُمْ، وَلَا مِزْوَداً لِلطَّرِيقِ وَلَا ثَوْبَيْنِ وَلَا أَحْذِيَةً وَلَا عَصاً، لِأَنَّ الْفَاعِلَ مُسْتَحِقٌّ طَعَامَهُه" (متى 10:5-10). زوَّد ربُّ الحصاد هؤلاء التلاميذ المتفرِّقين اثنين اثنين للتبشير زاداً كافياً، لأنه أعطاهم السلطان والقوة لتأييد تبشيرهم بمعجزات الشفاء، وإخراج الشياطين، حتى وإقامة الموتى. وأعطاهم أيضاً ما هو أهمّ، أي التعليمات الصريحة المتعلِّقة بمواضيع تبشيرهم وأساليبه. ثم أوضح المسيح لهم الفرق بينهم وبين رؤساء الدين، والمعلمين الذي يجعلون خدمة الدين تجارة لأجل الأرباح المادية. لأن الخير الذي يعمله الإِنسان ولا يأخذ عنه بدلاً مادياً يكون حُسْنُ تأثيره مضاعفاً. لذلك جعل قاعدة عملهم: "مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا". وتسهيلاً لحفظ هذه القاعدة ضمن لهم أن حاجاتهم الجسدية في هذه الرحلة تأتيهم دون تدبير منهم، فهو يعتني بزمنيّاتهم إنْ كانوا يهتمون بروحياته، فإن هذه كلها تُزاد للذين يطلبون أولاً ملكوت اللّه وبره - أي للذين يتفرغون للاهتمام بالحاجات الروحية. "وَأَيَّةُ مَدِينَةٍ أَوْ قَرْيَةٍ دَخَلْتُمُوهَا فَافْحَصُوا مَنْ فِيهَا مُسْتَحِقٌّ، وَأَقِيمُوا هُنَاكَ حَتَّى تَخْرُجُوا. وَحِينَ تَدْخُلُونَ الْبَيْتَ سَلِّمُوا عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْبَيْتُ مُسْتَحِقّاً فَلْيَأْتِ سَلَامُكُمْ عَلَيْهِ، وَلكِنْ إِنْ لَمْ يَكُنْ مُسْتَحِقّاً فَلْيَرْجِعْ سَلَامُكُمْ إِلَيْكُمْ. وَمَنْ لَا يَقْبَلُكُمْ وَلَا يَسْمَعُ كَلَامَكُمْ فَاخْرُجُوا خَارِجاً مِنْ ذلِكَ الْبَيْتِ أَوْ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ، وَانْفُضُوا غُبَارَ أَرْجُلِكُمْ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: سَتَكُونُ لِأَرْضِ سَدُومَ وَعَمُورَةَ يَوْمَ الدِّينِ حَالَةٌ أَكْثَرُ احْتِمَالاً مِمَّا لِتِلْكَ الْمَدِينَةِ" (متى 10:11-15). أوصى المسيح تلاميذه أن لا يتنقّلوا من بيت إلى بيت في القرية الواحدة، لأن الوقت لا يكفي للتأثير المطلوب في أكثر من البيت الواحد، بواسطة تكرار التعليم والتأثير الشخصي. فكان يجب أن يتركوا في كل بلد بيتاً واحداً مختمراً جيداً، يخمِّر البلد كلها بعد ذلك. وأوصاهم أن يعزّزوا كرامة عملهم وشرف الحق الذي هو موضوع كرازتهم بواسطة إنذارات مخيفة لكل من يرفض قبولهم وقبول كلامهم، لأنهم يمثّلون الملك الذي أرسلهم. فمن يهينهم يهين ملكهم الذي أرسلهم، وهو يعاقب كل من يؤذيهم. ومن يرفض سفيراً يمثّل العرش السماوي لا يمكن أن يسْلَم من عقاب مخيف. "هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ، فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ. وَلكِنِ احْذَرُوا مِنَ النَّاسِ، لِأَنَّهُمْ سَيُسْلِمُونَكُمْ إِلَى مَجَالِسَ، وَفِي مَجَامِعِهِمْ يَجْلِدُونَكُمْ. وَتُسَاقُونَ أَمَامَ وُلَاةٍ وَمُلُوكٍ مِنْ أَجْلِي شَهَادَةً لَهُمْ وَلِلْأُمَمِ. فَمَتَى أَسْلَمُوكُمْ فَلَا تَهْتَمُّوا كَيْفَ أَوْ بِمَا تَتَكَلَّمُونَ، لِأَنَّكُمْ تُعْطَوْنَ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مَا تَتَكَلَّمُونَ بِهِ، لِأَنْ لَسْتُمْ أَنْتُمُ الْمُتَكَلِّمِينَ بَلْ رُوحُ أَبِيكُمُ الَّذِي يَتَكَلَّمُ فِيكُمْ". "وَلَا تَخَافُوا مِنَ الَّذِينَ يَقْتُلُونَ الْجَسَدَ وَلكِنَّ النَّفْسَ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِالْحَرِيِّ مِنَ الَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ النَّفْسَ وَالْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (متى 10:16-20 ، 28). تنبأ المسيح لهم باضطهادات عنيفة من أناس يكونون هم بينهم "كغنم في وسط ذئاب". لأن عملهم الكرازي يعرّضهم للكره والاضطهاد من ملوك وولاة. فعليهم بحفظ طبيعة الحملان، واجتناب الشراسة والانتقام، وليعلموا أن الروح الإِلهي لا يفارقهم، وعليه يستندون في الدفاع عن أنفسهم "فيُعْطَون في تلك الساعة ما يتكلمون به". قد عُومل المسيح قبلهم بمثل بما سيقاسونه من الاضطهاد، وهذا يعزّيهم متى "أمسوا مبغَضين من الجميع من أجل اسمه". وخطر العذاب أو الهلاك الجسدي لا يوجب الخوف والحذر كخطر عذاب النفس الأبدي. وعناية الآب السماوي بهم تتناول كل أمورهم حتى "إحصاء شعور رؤوسهم جميعاً". ومن لا يخاف من الاعتراف بالمخلِّص ينال أخيراً اعتراف المخلِّص به في السماء. "لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَاماً عَلَى الْأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَاماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لِأُفَرِّقَ الْإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالِابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الْإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ. مَنْ أَحَبَّ أَباً أَوْ أُمّاً أَكْثَرَ مِنِّي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ابْناً أَوِ ابْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ لَا يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي. مَنْ وَجَدَ حَيَاتَهُ يُضِيعُهَا، وَمَنْ أَضَاعَ حَيَاتَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا. مَنْ يَقْبَلُكُمْ يَقْبَلُنِي، وَمَنْ يَقْبَلُنِي يَقْبَلُ الَّذِي أَرْسَلَنِي. مَنْ يَقْبَلُ نَبِيّاً بِاسْمِ نَبِيٍّ فَأَجْرَ نَبِيٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَقْبَلُ بَارّاً بِاسْمِ بَارٍّ فَأَجْرَ بَارٍّ يَأْخُذُ، وَمَنْ سَقَى أَحَدَ هؤُلَاءِ الصِّغَارِ كَأْسَ مَاءٍ بَارِدٍ فَقَطْ بِاسْمِ تِلْمِيذٍ، فَالْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ لَا يُضِيعُ أَجْرَهُ" (متى 10:34-42). المسيح رئيس السلام، وملكوته ملكوت سلام، لكن السلام قد يستوجب الحرب الفكرية لأجل تأييده. وإظهار الحق يهيّج البُطْل لمحاربته، فلم يأتِ المسيح ليلقي سلاماً على الأرض، بل سيفاً. وعمله لا بد أن يفرّق بين أقرب الأقرباء في كثير من الأوقات والأماكن. وعند ذلك يظهر من يفضّل رضَى الأهل على رضى ربه، ومن يترك ربه ليلتصق بأهله.. ومن ينكر ربه وإيمانه للتخلُّص من الموت الجسدي فهؤلاء هم الخاسرون، أما من يبقى أميناً فينال الجزاء على كل خير يعمله، مهما كان بسيطاً، نظير إعطاء كأس ماء بارد لتلميذ من تلاميذ المسيح حُباً له. فلما أكمل المسيح هذا الخطاب تفرَّق رسله في الجهات المختلفة للعمل الخطير الذي كلَّفهم به. "وَاجْتَمَعَ الرُّسُلُ إِلَى يَسُوعَ وَأَخْبَرُوهُ بِكُلِّ شَيْءٍ، كُلِّ مَا فَعَلُوا وَكُلِّ مَا عَلَّمُوا. فَقَالَ لَهُمْ: "تَعَالَوْا أَنْتُمْ مُنْفَرِدِينَ إِلَى مَوْضِعٍ خَلَاءٍ وَاسْتَرِيحُوا قَلِيلاً". لِأَنَّ الْقَادِمِينَ وَالذَّاهِبِينَ كَانُوا كَثِيرِينَ، وَلَمْ تَتَيَسَّرْ لَهُمْ فُرْصَةٌ لِلْأَكْلِ. فَمَضَوْا فِي السَّفِينَةِ إِلَى مَوْضِعٍ خَلَاءٍ مُنْفَرِدِينَ. فَرَآهُمُ الْجُمُوعُ مُنْطَلِقِينَ، وَعَرَفَهُ كَثِيرُونَ. فَتَرَاكَضُوا إِلَى هُنَاكَ مِنْ جَمِيعِ الْمُدُنِ مُشَاةً، وَسَبَقُوهُمْ وَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ. فَلَمَّا خَرَجَ يَسُوعُ رَأَى جَمْعاً كَثِيراً، فَتَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ إِذْ كَانُوا كَخِرَافٍ لَا رَاعِيَ لَهَا، فَابْتَدَأَ يُعَلِّمُهُمْ كَثِيراً" (مرقس 6:30-34). بعد أن أرسل المسيح تلاميذه للكرازة اثنين اثنين، قطع الملك هيرودس رأس يوحنا المعمدان، بناء على طلب زوجة أخيه، التي كان هيرودس قد أخذها منه. ولما عاد الاثنا عشر رسولاً من رحلتهم التبشيرية فاجأهم خبر قتل المعمدان. ولا بد أنهم تأثروا جداً، ولا سيما الذين اهتدوا منهم بواسطته. وبعدما قصُّوا على المسيح اختباراتهم المتنوعة، والشرح والتعليم الذي كرزوا به في البلاد التي زاروها، استحسن المسيح أن يختلي بهم مدة ليستريحوا قليلاً، لأنه وجد الجماهير تتوارد إليهم في كفر ناحوم ونواحيها - وكانت خدمة هذه الجماهير تضغط عليهم حتى لم يجدوا فرصة للأكل. وبالنظر إلى الأحوال الحرجة بعد قَتْل المعمدان، قرر المسيح أن يتوارى مع تلاميذه عن أبصار الرؤساء إلى حين، وأن يفرّق الجماهير التي قد تكون حجَّة سياسية للقبض عليه كما حدث لما سُجن المعمدان. وكانت السفينة المخصصة لخدمته تنتظر، والإعياء يدعو للاستراحة. والبحر أفضل مكان للانسحاب من ازدحام الجمهور وضغط الأشغال. والحكمة تقضي بالانتقال من تحت ولاية قاتل المعمدان إلى مقاطعة أخيه فيلبس الأصلح منه كثيراً. وهذا يمكّن المسيح من تعليم تلاميذه حقائق لا تتسنَّى له في المدينة. فركب وتلاميذه السفينة وأقلعوا عبر البحر. وبما أن الريح لم توافقهم، كان بطء سير السفينة سبباً في زيادة استراحة ركابها. أما الجماهير فتراكضوا إلى بيت صيدا في العبر، مُشاةً على شطّ البحيرة الشمالي عابرين الأردن عند مصبه وسبقوا السفينة. وحال وصولها اجتمعوا إليه مع كثيرين من سكان تلك الجهات التي مرّوا بها. فلم يسمح قلبه الحنون أن يدفعهم أو يجافيهم أو يؤنبهم. وما داموا يطلبونه فهو يترفق بهم، فشفى المحتاجين إلى الشفاء. ثم عاد فانسحب ثانية وصعد مع تلاميذه إلى جبل. لكنه لم يكد يجلس هناك حتى رفع عينه ونظر أن جمعاً كثيراً مقبلٌ إليه. فلم يتضجر، بل زاد حنواً إذْ رأى في أفرادهم ما رآه سابقاً من نفوس جائعة تشبه خرافاً تائهة بلا راع، فتحنن عليهم وشفى مرضاهم. وبقي الجمهور مع المسيح حتى جاء المساء - ومعه مسؤولية جديدة.. من سيطعم هذه الآلاف؟ |
||||
05 - 07 - 2017, 04:19 PM | رقم المشاركة : ( 18446 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الرسم المقدس الذي لنا – الصلاة حسب إنجيل بشارة الحياة
الرسم المقدس الذي لنا – الصلاة حسب إنجيل بشارة الحياة حينما نبدأ صلاتنا فأننا – عادةً – نرسم أنفسنا بعلامة الصليب ونحن ننطق باسم الثالوث القدوس وبعدها مباشرة نرفع أصواتنا بالصلاة الربانية الذي سلمها لنا رئيس الكهنة العظيم شخص ربنا يسوع المسيح وسيط العهد الجديد الذي باستحقاق ذاته دخل للأقداس العُليا وهو يحمل جسم بشريتنا ليجلِّسنا معهُ في السماوات، وهذه الطريقة عادةً تُمارس بشكل آلي عند الكثيرين، حتى أصبحت مُجرد شكل وعادة روتينية، ففقدت معناها الخلاصي، لذلك أصبحت صلاتهم بلا مذاقاً روحياً يؤصلهم في الحق ويثبت خُطاهم في طريق البرّ حسب التدبير الخلاصي المُعلن في الإنجيل، فصارت الصلاة لا تأتي بثمارها الطبيعية، لأنها لا تجعل الإنسان يصل لعرش الرحمة لينال نعمة عوناً في حينه، فيفرح ويشبع وبالبرّ يُعاين نور وجه الله الحي، فيتطبع بالطبع السماوي ويحيا كما يحق لإنجيل مسيح القيامة والحياة، وبذلك تكون الصلاة الشخصية أو حتى العامة ميتة بلا أثر واضح على النفس، لأنه ينقصها وعي الإيمان الحي العامل بالمحبة وإدراك التدبير الإلهي. فاليوم أُريد أن تنتبهوا جداً وتفتحوا آذان قلوبكم لكي نسير معاً بهدوء في بهاء نور المجد الإلهي المُعلن لنا في سرّ إنجيل خلاصنا، لندخل لعرش النعمة لتنسكب علينا سكيباً فنبتهج بفرح لا يُنطق به ومجيد، لأنه أن لم ننتبه للسرّ العظيم المستتر في الإنجيل كقوة حياة لنا، فأننا سنفقد حياتنا المسيحية كلها، لأنها ستكون بمثابة العهد الذي عُتِّق وشاخ، وكل ممارستنا ستصير بلا معنى، بل مجرد شكل مظهري خارجي ليس له أي أثر في حياتنا كلها.فلننتبه يا إخوتي لأن الموضوع عن جد خطير لأنه يمس حياتنا الأبدية وخبرتنا المسيحية الأصيلة، لأن الصلاة أن لم تتحول فينا لقوة حياة نعيشها فأنها ستكون روتينية مُملة، لأن تكرار الشيء يُنشئ ملل طبيعي عند أي إنسان، مع أن الصلاة بحسب طبيعتها الروحية تحمل قوة فائقة وهي مثل النسر القوي الذي يفرد أجنحته وينطلق للأماكن العُليا والجبال الشاهقة بسهولة ويُسر بلا تعب أو مشقة، لأن الصلاة تنقل الإنسان من الظلمة للنور، ومن التعب للراحة، ومن الموت للحياة، وتُشفي العلل الداخلية وتظل تعمل للوصول لكمال الصحة والعافية الروحية، وتجدد النفس وتبهج القلب وتُعطي سروراً فائقاً يجعل الإنسان يرتفع فوق الضيقات والأتعاب بصبر عظيم ناظراً لرئيس الإيمان ومُكلمه يسوع. لذلك علينا الآن أن نكشف سرّ الرسم الملكي وقوة النطق باسم الثالوث القدوس، لكي ننطلق بعد ذلك بروعة الصلاة الربانية، لأنها تخص كهنوت عهد جديد منفرد، كهنوت لا يخص إنسان، إنما هوَّ إلهي بالدرجة الأولى، وهو حالة فريدة من نوعها، حالة انفرادية تامة مُميزة للغاية، لأن الكاهن والذبيح هو شخص واحد وسيط عهد جديد، وهو شخص اللوغوس المتجسد، حمل الله رافع خطية العالم، لذلك دائماً في اللاهوت وصحة التعليم المستقيم يقال عن شخص المسيح: "رئيس كهنة عظيم" ولا يُستخدم اسم التفضيل إطلاقاً، أي لا يقال عنه (الأعظم)، لأن هذا خطأ لاهوتي خطير يضرب جذور الإيمان المسيحي الأصيل، لأن كلمة الأعظم أو الأفضل معناها أنه يوجد آخرين لديهم نفس ذات الكهنوت الفريد الذي له وهو أعظمهم أو أعلى شئناً منهم أو رئيساً عليهم مثل كهنوت لاوي أو بمثابة هارون أول رئيساً للكهنة، وهذا خطير لأنه - على نحو خاص به وحده - منفرداً بكهنوته لأنه لا يوجد مثله في المطلق، ولم ولن يوجد من يُناظره لتتم المقارنة بينه وبينه ليكون هو الأعظم، لأنه هو المُخلِّص والوسيط الوحيد في المُطلق، وهو لا يشفع بكلام ولا بمجرد رفع صلاة مثلنا، أو حتى يتوسل لأجلنا لدى الآب، لذلك يقول بنطقه الخاص: في ذلك اليوم تطلبون باسمي ولست أقول لكم إني أنا أسأل الآب من أجلكم (يوحنا 16: 26)، لأنه باستحقاق ذاته وسلطانه دخل للأقداس العُليا ورفعنا معه بقدرته وحده، إذ جلس في مكانه الطبيعي الذي لهُ وأجلسنا معهُ، ووهبنا اسمه كقوة ضمان، لكي به ننال كل شيء باستحقاقه وليس باستحقاقنا ولا باستحقاق إنسان مهما ما على شأنه، لأنه وحده فقط من دخل إلى الأقداس، وليس تحت السماء ولا حتى فوقها أسم آخر غيره نستطيع به أن نخلُّص أو نقترب لعرش النعمة وننال أي شيء: هوذا العذراء تحبل وتلد ابناً ويدعون اسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا؛ وليس بأحد غيره الخلاص، لأن ليس اسم آخر تحت السماء قد أُعطي بين الناس به ينبغي أن نخلُّص؛ اسمه يسوع لأنه يُخلَّص شعبه من خطاياهم؛ وعلى اسمه يكون رجاء الأمم؛ وأن يُكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الأمم مبتدأ من أورشليم؛ له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا؛ وهو متسربل بثوب مغموس بدم ويدعى اسمه كلمة الله؛ الذي به لأجل اسمه قبلنا نعمة ورسالة لإطاعة الإيمان في جميع الأمم؛ وأما كل الذين قبلوه فأعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه؛ فلنقدم به في كل حين لله ذبيحة التسبيح أي ثمر شفاه معترفة باسمه؛ أكتب إليكم أيها الأولاد لأنه قد غُفرت لكم الخطايا من أجل اسمه؛ اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم، باسم الرب يسوع وبروح إلهنا؛ وهذه هي وصيته أن نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح ونحب بعضنا بعضاً كما أعطانا وصية (متى 1: 23؛ أعمال 4: 12؛ متى 1: 21؛ متى 12: 21؛ لوقا 24: 47؛ أعمال 10: 43؛ رؤيا 19: 13؛ رومية 1: 5؛ يوحنا 1: 12؛ عبرانيين 13: 15؛ 1يوحنا 2: 12؛ 1كورنثوس 6: 11؛ 1يوحنا 3: 23) هل وعيتم الآن يا إخوتي قوة اسم شخص ربنا يسوع المسيح، لأني أكتب إليكم الآن لتؤمنوا بوعي حقيقي بقوة الاسم العظيم الذي نحمله، لأنه اسم الخلاص ومفتاح كنز الغنى السماوي، غنى النعمة الفائقة المنسكبة من عند أبي الأنوار، لأن بدون الإيمان واستخدام اسم المسيح الرب لن ننال شيئاً مهما ما قدمنا من صلوات وأعمال تقوى بحسب إمكانيتنا، لذلك نحن نرفع الصلاة للآب باسم المسيح الرب لأن به لنا كلينا قدوماً في روح واحد إلى الآب (أفسس 2: 18)، لذلك نحن نرسم أنفسنا بالصليب وننطق باسم الثالوث القدوس. لأن كلمة الصليب عند الهالكين جهالة، وأما عندنا نحن المُخلَّصين فهي قوة الله (1كورنثوس 1: 18)، فنحن نرسم أنفسنا بالصليب علامة خلاص نفوسنا، وننطق باسم الثالوث لأنه بحسب التدبير خلَّصنا، لأن الآب نفسه يحبنا فبذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية، والروح القدس يأخذ من المسيح الرب ويعطينا، فهو يأخذ من بره الخاص ويكسنا.ليس أنتم اخترتموني، بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم لكي يعطيكم الآب كل ما طلبتم باسمي؛ وفي ذلك اليوم لا تسألونني شيئاً، الحق، الحق، أقول لكم: أن كل ما طلبتم من الآب باسمي يُعطيكم؛ ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الآب بالابن، أن سألتم شيئاً باسمي فإني أفعله؛ إلى الآن لم تطلبوا شيئاً باسمي، اطلبوا تأخذوا ليكون فرحكم كاملاً؛ وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه (يوحنا 15: 16؛ 16: 23؛ 14: 13 – 14؛ 16: 24؛ يوحنا 20: 31) لذلك نحن نختم أنفسنا بالإيمان، معترفين بكهنوت المسيح الفريد، لأنه هو الكاهن والذبيح، لأننا بدون كهنوته كيف نتقدم لنقف في مخادعنا أو حتى شركة صلواتنا مع الكنيسة أعضاء جسد المسيح الرب أمام الآب، فبأي سلطان نتقدم ونطلب بدون الكفارة، أي ذبيحة الصليب قوة تطهير وغسل الضمير من أعمال ميتة لكي نستطيع أن نخدم الله الحي، لأن الصلاة هي خدمة عبادة حسنة بالروح القدس الناري، الذي يُعطينا من نفس ذات الطبيعة الإلهية من جهة القداسة والبرّ لنستطيع أن نقترب من عرش النعمة دون أن نموت، لأننا كنا قبل الإيمان بالمسيح ظلمة أما الآن – بعد الإيمان – نور في الرب، لذلك حينما نأتي أمام الله نفرح بالنور ولا نهرب منه، لأن الهروب من النور معناها اننا ما زلنا ظلمة ولا نستطيع ان ننظر للوجه الحسن الذي لله الحي.وبعدما نرسم أنفسنا بالصليب وباسم الثالوث في الوقت عينه، نستطيع بكل دالة أن ننطق ونقول بروح البنوة: أبانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك.. لأن هنا فقط يستطيع أن يُقدس الله اسمه فينا كأب، لأننا نتحدث إليه ونطلب كبنين له في المسيح، لأننا الآن في المسيح يسوع نحن جميعاً الذين كنا قبلاً بعيدين صرنا قريبين بدم المسيح (أفسس 2: 13)، لذلك نحن نتقدم في صلاتنا في ثقة يقين الإيمان بانفتاح البصيرة، أي بفعل الاستنارة طالبين باسم شخص ربنا يسوع، لذلك ننال كل شيء سماوي من الله الحي ونستحق في هذه الحالة أن نخدم اسمه العظيم القدوس، وخدمة الله هي بطبيعتها خدمة كهنوتية مقدسة لأننا نقدم أنفسنا ذبيحة حية مرضية عبادتنا العقلية، وذلك باسم الرب إلهنا. اغتسلتم، بل تقدستم، بل تبررتم، باسم الرب يسوع وبروح إلهنا، لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص، لنتقدم بقلب صادق في يقين الإيمان مرشوشة قلوبنا من ضمير شرير ومغتسلة أجسادنا بماء نقي؛ فلنتقدم (الآن يا إخوتي) بثقة إلى عرش النعمة، لكي ننال رحمة ونجد نعمة عوناً في حينه (1كورنثوس 6: 11؛ رومية 10: 13؛ عبرانيين 10: 22؛ عبرانيين 4: 16)وهذه هي صلاتنا المجيدة والمختومة بدم كريم كما من حمل بلا عيب ولا دنس دم المسيح؛ الذي بروح ازلي قدم نفسه لله بلا عيب، يُطهر ضمائرنا من أعمال ميتة لنخدم الله الحي (1بطرس 1: 19؛ عبرانيين 9: 14)، والذي بدونها لن ننال شيئاً من الله، فهل يا تُرى وعيتم قوة صلاتنا المسيحية القائمة على التبني في المسيح يسوع، أم لم يتحرك قلبكم بعد بالإيمان بالمسيح يسوع الذي صار لنا حكمة من الله وبراً وقداسة وفداء (1كورنثوس 1: 30). |
||||
05 - 07 - 2017, 06:02 PM | رقم المشاركة : ( 18447 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح يقيم ابنة يايرس من الموت
"وَلَمَّا اجْتَازَ يَسُوعُ فِي السَّفِينَةِ أَيْضاً إِلَى الْعَبْرِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، وَكَانَ عِنْدَ الْبَحْرِ. وَإِذَا وَاحِدٌ مِنْ رُؤَسَاءِ الْمَجْمَعِ اسْمُهُ يَايِرُسُ جَاءَ. وَلَمَّا رَآهُ خَرَّ عِنْدَ قَدَمَيْهِ، وَطَلَبَ إِلَيْهِ كَثِيراً قَائِلاً: "ابْنَتِي الصَّغِيرَةُ عَلَى آخِرِ نَسَمَةٍ. لَيْتَكَ تَأْتِي وَتَضَعُ يَدَكَ عَلَيْهَا لِتُشْفَى فَتَحْيَا". فَمَضَى مَعَهُ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَكَانُوا يَزْحَمُونَهُ. وَامْرَأَةٌ بِنَزْفِ دَمٍ مُنْذُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، وَقَدْ تَأَلَّمَتْ كَثِيراً مِنْ أَطِبَّاءَ كَثِيرِينَ، وَأَنْفَقَتْ كُلَّ مَا عِنْدَهَا وَلَمْ تَنْتَفِعْ شَيْئاً، بَلْ صَارَتْ إِلَى حَالٍ أَرْدَأَ - لَمَّا سَمِعَتْ بِيَسُوعَ، جَاءَتْ فِي الْجَمْعِ مِنْ وَرَاءٍ، وَمَسَّتْ ثَوْبَهُ، لِأَنَّهَا قَالَتْ: "إِنْ مَسَسْتُ وَلَوْ ثِيَابَهُ شُفِيتُ". فَلِلْوَقْتِ جَفَّ يَنْبُوعُ دَمِهَا، وَعَلِمَتْ فِي جِسْمِهَا أَنَّهَا قَدْ بَرِئَتْ مِنَ الدَّاءِ. فَلِلْوَقْتِ الْتَفَتَ يَسُوعُ بَيْنَ الْجَمْعِ شَاعِراً فِي نَفْسِهِ بِالْقُوَّةِ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَقَالَ: "مَنْ لَمَسَ ثِيَابِي؟" فَقَالَ لَهُ تَلَامِيذُهُ: "أَنْتَ تَنْظُرُ الْجَمْعَ يَزْحَمُكَ، وَتَقُولُ مَنْ لَمَسَنِي؟" وَكَانَ يَنْظُرُ حَوْلَهُ لِيَرَى الَّتِي فَعَلَتْ هذَا. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَجَاءَتْ وَهِيَ خَائِفَةٌ وَمُرْتَعِدَةٌ، عَالِمَةً بِمَا حَصَلَ لَهَا، فَخَرَّتْ وَقَالَتْ لَهُ الْحَقَّ كُلَّهُ. فَقَالَ لَهَا: "يَا ابْنَةُ، إِيمَانُكِ قَدْ شَفَاكِ. اذْهَبِي بِسَلَامٍ وَكُونِي صَحِيحَةً مِنْ دَائِكِ". وَبَيْنَمَا هُوَ يَتَكَلَّمُ جَاءُوا مِنْ دَارِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ قَائِلِينَ: "ابْنَتُكَ مَاتَتْ. لِمَاذَا تُتْعِبُ الْمُعَلِّمَ بَعْدُ؟" فَسَمِعَ يَسُوعُ لِوَقْتِهِ الْكَلِمَةَ الَّتِي قِيلَتْ، فَقَالَ لِرَئِيسِ الْمَجْمَعِ: "لَا تَخَفْ. آمِنْ فَقَطْ". وَلَمْ يَدَعْ أَحَداً يَتْبَعُهُ إِلَّا بُطْرُسَ وَيَعْقُوبَ، وَيُوحَنَّا أَخَا يَعْقُوبَ. فَجَاءَ إِلَى بَيْتِ رَئِيسِ الْمَجْمَعِ وَرَأَى ضَجِيجاً. يَبْكُونَ وَيُوَلْوِلُونَ كَثِيراً. فَدَخَلَ وَقَالَ لَهُمْ: "لِمَاذَا تَضِجُّونَ وَتَبْكُونَ؟ لَمْ تَمُتِ الصَّبِيَّةُ لكِنَّهَا نَائِمَةٌ". فَضَحِكُوا عَلَيْهِ. أَمَّا هُوَ فَأَخْرَجَ الْجَمِيعَ، وَأَخَذَ أَبَا الصَّبِيَّةِ وَأُمَّهَا وَالَّذِينَ مَعَهُ وَدَخَلَ حَيْثُ كَانَتِ الصَّبِيَّةُ مُضْطَجِعَةً، وَأَمْسَكَ بِيَدِ الصَّبِيَّةِ وَقَالَ لَهَا: "طَلِيثَا، قُومِي". (الَّذِي تَفْسِيرُهُ: يَا صَبِيَّةُ، لَكِ أَقُولُ قُومِي). وَلِلْوَقْتِ قَامَتِ الصَّبِيَّةُ وَمَشَتْ، لِأَنَّهَا كَانَتِ ابْنَةَ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَبُهِتُوا بَهَتاً عَظِيماً. فَأَوْصَاهُمْ كَثِيراً أَنْ لَا يَعْلَمَ أَحَدٌ بِذلِكَ. وَقَالَ أَنْ تُعْطَى لِتَأْكُلَ" (مرقس 5:21-43). ذهب المسيح إلى كفر ناحوم، بعد أن طرده أهل جدرة التي شفى فيها المجنون، وأهلك خنازيرهم. وكان في كفر ناحوم رجل اسمه يايرس، وهو رئيس المجمع هناك. كانت له ابنة توشك على الموت، لم تنجح معها معالجات الأطباء، ولا خدمة الأقرباء ولا تضرعات الأحباء. ولم يبق رجاءً إلا في الالتجاء إلى الناصري الشهير. لا بد أن يايرس قرر الذهاب إلى المسيح ليطلب مجيئه إلى بيته، لكنه استصعب مفارقة وحيدته في حالتها هذه. كما أنه لم يكن ينتظر أن يأتي المسيح إلى بيته لو أرسل له آخر، ولا يمكن أن يأخذ ابنته إلى المسيح وهي في هذه الدرجة من الخطر. فأسرع يايرس بنفسه إلى الشاطئ، ووقع عند قدمي المسيح وسجد له. وكم كانت دهشة الحاضرين عند رؤيتهم رئيسهم متذلّلاً بهذا المقدار أمام النجار الناصري الفقير، الذي هو رفيق للعشارين والخطاة. غير أن ما عرفه يايرس وأهل كفر ناحوم عن فضائل المسيح وفضله، يفسّر شيئاً من هذا الاحترام غير المنتظر. لقد ذللت المصيبة الشديدة يايرس، وساقته إلى المسيح، فانفتح له باب الفرج، وتحولت مصيبته إلى بركة أعظم. صبر المسيح على يايرس إلى أن "طلب إليه كثيراً" ووصف حالة ابنته، وأظهر كامل الإيمان بالمسيح، لأنه قال: "ابنتي الصغيرة على آخر نسمة. ليتك تأتي وتضع يدك عليها لتُشفى. تعال وضَعْ يدك عليها فتحيا". يستحيل أن يتغاضى المسيح عن طلب كهذا مقرون بإيمان، لأن الإيمان هو الدلو الوحيد الذي يسحب به الإنسان ماء الحياة من آبار الخلاص. وهو العين الوحيدة التي بها يرى الإنسان طريق السماء ليسير فيه، وهو اليد الوحيدة التي بها يتناول الإنسان خبز الحياة ليحيا به "أَمَّا الْبَارُّ فَبِالْإِيمَانِ يَحْيَا" (رومية 1:17). وهنا يواجهنا سؤال: لماذا لم يأمر المسيح بالشفاء عن بُعد كما فعل مرتين قبلاً؟ ألا يكون في ذلك معجزة أبهج، وموجباً أقوى لإيمان الجمهور وأهل المدينة به؟ ربما كان ذلك لأن المسيح علم ما لم يعرفه يايرس أو غيره من الحاضرين، وذلك أن الابنة قد ماتت فعلاً بعد خروج أبيها من البيت. وبما أن رئيس المجمع عدو للمسيح، ففي ذهاب المسيح معه يظهر له محبة تكون لنا مثالاً في محبة العدو. وبما أن يايرس أتمّ الشروط الأربعة اللازمة لنوال بركات المخلّص، فقد نال طلبه، وذهب المسيح معه إلى بيته. وهذه الشروط هي: (أ) الإتيان إلى المسيح. و(ب) الإتضاع أمامه. و(ج) الحرارة في الطلب منه. و(د) الإيمان الحي به. وفيما كان المسيح منطلقاً زحمته الجموع. وإذْ لا يمكن للمُحاط بازدحام كهذا أن يسرع في السير، فلا ريب أن يايرس استاء من هذا البطء، لأن الدقائق كانت عنده كالساعات، لا بل كالأيام. وزاده استياءً وقوف المسيح في الطريق. ووقوف الجمهور معه بسبب امرأة مسكينة، كانت مريضة بنزف دم. غير أن هذا التأخير عاد على يايرس بالبركة في تقوية إيمانه وإحياء رجائه. فقد اقتربت من المسيح امرأة مريضة بنزف دم منذ اثنتي عشرة سنة، هدَّ قُواها، وضيَّع مالها على الأدوية بغير فائدة، كما أنه كان يُعتبر نجاسة بحسب طقوس شريعة موسى. لم تكن نازفة الدم تقدر أن تلتقي بالمسيح منفردة لتحكي له عن مرضها، ولم تكن تقدر أن تحكي عن مرضها جهاراً - فماذا تعمل؟ اجتمعت قوة إيمانها بالمسيح، مع شدة حاجتها إليه، فقالت في نفسها: "يكفيني لمْسَ ثيابه فقط، ولي ملء اليقين أن ذلك يُنيلني الشفاء، دون إزعاج المعلِّم والتعرُّض لملاحظة الجمهور". ولأنها لم تتوقف كالكثيرين عند الفكر الحسن والقول الصائب، نالت أمنيتها. ولم يكن الازدحام مانعاً لها، بل اقتربت إلى وراء هذا الشافي ولمست هدب ثوبه، وللحال علمت بشفائها الفجائي على صورة لم تكن تتوقعها. جاءت هذه المرأة وراء المسيح، فلم يرها ولم تلمس جسمه. فتوهمت أنه لا يحس بما فعلته. لكن لأنه عالم الخفايا، أوقف السير وسأل: "من لمس ثيابي؟" فظن الجميع حتى رسله أنه سأل استعلاماً. وناب بطرس المتسرع في الكلام عن زملائه في تلويم المسيح، وقال إن الازدحام جعل الكثيرين يلمسون ثيابك. لكن المسيح لم يسأل عن اللمس البسيط، بل عن لمس الإيمان، إذْ لا شيء كالإِيمان، فإيمان هذه المريضة هو الذي ميَّزها عن الكثيرين غيرها، الذين كانوا مثلها يطلبون الشفاء. ومجرد لمس هُدْب ثوب المسيح مقروناً بالإِيمان، كان باب الخلاص لها، بينما معاشرة المسيح ومساكنته ثلاث سنين دون إيمان لم تأت بهذه النتيجة الجوهرية للإِسخريوطي، بل زادته دينونة. قصد المسيح بهذه المعجزة شفاءً جسدياً وروحياً، كما قصد تقوية إيمان تلاميذه ويايرس. وقد قال الكتاب: "لِأَنَّ الْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَالْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلَاصِ" (رومية 10:10). نظر المسيح إلى الوراء وتطلع في نازفة الدم مبيّناً أنه عرفها، فارتعبت لأنها لا تعرف لطفه وحبه للناس، وخافت من القصاص على عمل لا حقَّ لها فيه، أو على الأقل من توبيخ صارم أمام الجمهور، وإذْ لم يعد يمكنها إلا الاعتراف العلني، تقدمت وسجدت له واعترفت بعلتها المخجلة أولاً: ثم بما فعلته خُفية، وبالشفاء العجيب الذي نالته. فكلمها حالاً بكلام كله عطف ورحمة قائلاً: "ثقي يا ابنة، إيمانك قد شفاك. اذهبي بسلام وكوني صحيحة من دائك". ثم تابع المسيح مسيرته نحو بيت يايرس. وإذا برسولٍ من بيت يايرس يقول له: "ابنتك ماتت. لماذا تتعِب المعلم بعد؟". تُرى هل أسف يايرس على تذلله للمسيح، أو هل ندم على خروجه من بيته وغيابه ساعة احتضار وحيدته؟ أوَلا يتوقع شماتة زملائه الفريسيين الذين يكرهون هذا الناصري الذي لا يخضع لهم؟ ولكن المسيح استدرك هذا التأثير السييء، وطيّب خاطره بقوله: "لا تخف. آمن فقط، فهي تُشفَى". فلما وصل المسيح والأب والجمع إلى البيت، أمر أن يبقى تلاميذه مع الجمهور خارجاً، ما عدا بطرس ويعقوب ويوحنا، الذين ابتدأ يميّزهم فوق رفقائهم، فأدخلهم معه ليكونوا شهوداً للمعجزة العظيمة، وترك التسعة خارجاً إيناساً للجمْع الذي لم يسمح له بالدخول، وعند دخوله الدار تكدر من الضجيج والبكاء والنوح، ووبّخ القائمين بها، وسعى ليزيل أوهامهم في أمر الموت الجسدي، بإرجاعه روحاً إلى جسدها بعد الموت. وشبَّه الموت بالنوم بالنظر إلى القيامة الآتية، فقال للمجتمعين: "لماذا تضجون وتبكون؟ تنحّوا. لا تبكوا. فإن الصبية لم تمت لكنها نائمة". فاستهزأ الجميع به ولا سيما النائحون المأجورون، وضحكوا عليه لعدم معرفته الفرق بين النائم والمائت. فأخرجهم من الغرفة - ولم يشهد هذه المعركة التي فيها يقهر المسيح الموت - إلا الوالد والوالدة والرسل الثلاثة. قيل عنه في الأنبياء إنه "يَبْلَعُ الْمَوْتَ إِلَى الْأَبَدِ، وَيَمْسَحُ السَّيِّدُ الرَّبُّ الدُّمُوعَ عَنْ كُلِّ الْوُجُوهِ" (إش 25:8). "مِنْ يَدِ الْهَاوِيَةِ أَفْدِيهِمْ. مِنَ الْمَوْتِ أُخَلِّصُهُمْ. أَيْنَ أَوْبَاؤُكَ يَا مَوْتُ؟ أَيْنَ شَوْكَتُكِ يَا هَاوِيَةُ؟" (هوشع 13:14) ووصف الرسول عمله أنه "أَبْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ" (2 تيموثاوس 1:10). نرى الذي قال عن حياته: "لي سلطان أن أضعها ولي سلطان أن آخذها أيضاً" يدخل مع هؤلاء الخمسة غرفة الموت، وبهذا السلطان يمسك يد الجثة، ويكلم الروح التي فارقت الجسد، ويُرجِعها إليه بقوله: "يا صبية قومي". وللوقت قامت الصبية ومشت. ثم أمر أبويها أن يقدّما لها طعاماً. فأحدثت هذه المعجزة دهشة عظيمة. شفاء أعميين "وَفِيمَا يَسُوعُ مُجْتَازٌ مِنْ هُنَاكَ تَبِعَهُ أَعْمَيَانِ يَصْرَخَانِ وَيَقُولَانِ: "ارْحَمْنَا يَا ابْنَ دَاوُدَ". وَلَمَّا جَاءَ إِلَى الْبَيْتِ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ الْأَعْمَيَانِ، فَقَالَ لَهُمَا يَسُوعُ: "أَتُؤْمِنَانِ أَنِّي أَقْدِرُ أَنْ أَفْعَلَ هذَا؟" قَالَا لَهُ: "نَعَمْ يَا سَيِّدُ". حِينَئِذٍ لَمَسَ أَعْيُنَهُمَا قَائِلاً: "بِحَسَبِ إِيمَانِكُمَا لِيَكُنْ لَكُمَا". فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا. فَانْتَهَرَهُمَا يَسُوعُ قَائِلاً: "انْظُرَا، لَا يَعْلَمْ أَحَدٌ!" وَلكِنَّهُمَا خَرَجَا وَأَشَاعَاهُ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ كُلِّهَا" (متى 9:27-31). بعد أن أقام المسيح ابنة يايرس، رجع إلى المنزل الذي كان يُقيم فيه. وفي الطريق صرخ وراءه أعميان طالبين الرحمة، أظهرا إيمانهما به في اللقب الذي نادياه به: "يا ابن داود". وكان كلام الأنبياء يؤكد أن المسيح يكون ابن داود، وهكذا رأى فاقد البصر الجسدي السيد المسيح بالبصر الروحي، وهذا ما لم يره أهل البصر الجسدي، واختبر الأعميان قول داود: "لِأَنَّهُ يُنَجِّي الْفَقِيرَ الْمُسْتَغِيثَ وَالْمَِسْكِينَ إِذْ لَا مُعِينَ لَهُ. يُشْفِقُ عَلَى الْمَِسْكِينِ وَالْبَائِسِ وَيُخَلِّصُ أَنْفُسَ الْفُقَرَاءِ" (مزمور 72:12 و13) وعرفا تصريح إشعياء النبي بأن المسيح سيعطي البصر للعميان. أما المسيح فلم يلبِّ طلبهما أو ينتبه إليهما أولاً. لكن إغضاءه لم يُثْن عزمهما، فتبعاه إلى البيت مجدِّدَيْن استنجادهما به.. تُرى لماذا أبدى المسيح عدم الاهتمام بهما أولاً؟ لقد قصد أن يمتحن إيمانهما به. لم يسألهما إنْ كانا يؤمنان أن اللّه قادر، بل كان سؤاله: "هل تؤمنان أني قادر؟". ولما كان الأعميان عاجزيْن عن رؤية وجه المسيح، لم يقدرا أن يكتشفا محبته العظيمة التي ترافق قدرته العظيمة، فأعلن لهما محبته بواسطة أصابعه، إذْ لمس أعينهما فانفتحت. ومع انفتاح أعينهما فتح لهما طريق الخلاص بقول: "بحسب إيمانكما ليكن لكما". فلم يكن سبب نجاحهما في المعارف ولا المقام ولا الغنى ولا الصلاح، بل في الإِيمان |
||||
06 - 07 - 2017, 12:53 PM | رقم المشاركة : ( 18448 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
القديس يوحنا المعمدان من هو: القديس يوحنّا المعمدان هو الشخصيّة الوحيدة, بعد القدّيسة مريم العذراء, الذي خصّصت له الكنيسة عموماً أعياداً عدّة في السنة: الحبل به (23 أيلول)، ومولده (24 حزيران)، وقطع رأسه (29 آب)، وتذكار جامع له (7 كانون ثاني)، وتذكار وجود هامته (ثلاث مرّات)، ممّا يدلّ على أهمّيّته في تاريخ الكنيسة وعلى تأثّر المؤمنين بشخصيّته المتميّزة التي جعلت الكنيسة تطلق عليه ألقاباً عدّة، فهو الملاك المرسَل, والنبيّ, والسابق, والصابغ –أي المُعمِّد-, والمنادي بالتوبة, والغيور, والشاهد, والمشهود له, وغيرها. اسم يوحنّا في العبريّة يعني “الله يحنّ” أو بتعبير آخر “الله الحنّان”. والحنان قيمة من قيم الأبوّة والأمومة. عرَّف يسوع عليه بالكلمات التالية ” لَكِنْ مَاذَا خَرَجْتُمْ لِتَنْظُرُوا؟ أَنَبِيّاً؟ نَعَمْ أَقُولُ لَكُمْ وَأَفْضَلَ مِنْ نَبِيٍّ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي كُتِبَ عَنْهُ: هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: لَمْ يَقُمْ بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ أَعْظَمُ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ.” متى 11: 9-11 مولده: ولد يوحنا المعمدان من أبوين بارّين هما زكريا الكاهن وامرأته اليصابات (لوقا 1: 5). كلاهما كانا طاعنين في السن ولم يكن لهما ولد, وكانت اليصابات عاقرا (لوقا 1: 7). وفي احد الأيام بينما كان زكريا يقوم بالخدمة الكهنوتية ظهر له ملاك الرب وبشّره بأن اليصابات ستلد ابنا وسيدعى اسمه يوحنا، وسيكون عظيما أمام الرب… يمتلئ من الروح القدس وهو في بطن أمه، ويردّ كثيرين من بني إسرائيل إلى الرب إلههم، ويسير أمامه وفيه روح إيليا وقوته… ويهدي العصاة إلى حكمة الأبرار فيعد للرب شعبا متأهبا (لوقا 1: 13-18). تعجب زكريا وطلب من الملاك أن يعطيه آية (لوقا 1: 18)، فأجابه الملاك:” أنا جبرائيل القائم لدى الله، أُرسلت إليك لأُكلمك وأُبشرك بهذه الأمور وستصاب بالخرس، فلا تستطيع الكلام إلى اليوم يحدث ذلك لأنك لم تؤمن بأقوالي وهي ستتم في أوانها” (لوقا 1: 19 – 20). تم ما قاله الملاك، وخرج زكريا من الهيكل فلم يستطع أن يتكلم (لوقا 1: 22)، وحملت اليصابات (لوقا 1: 24). وبعد ستة أشهر أتت إلى اليصابات نسيبتها مريم – أم يسوع – ودخلت بيت زكريا وسلمت على اليصابات، فلما سمعت سلامها ارتكض الجنين في بطنها وامتلأت من الروح القدس فهتفت بأعلى صوتها “مباركة أنت في النساء ومباركة ثمرة بطنك… فما أن وقع صوت سلامك في إذني حتى ارتكض الجنين ابتهاجا في بطني” (لوقا 1: 39 – 44). وفي اليوم الثامن بعض ولادة الصبي دعي يوحنا (لوقا 1: 57 – 63)، كما قال الملاك (لوقا 1: 13). وكان الطفل يترعرع وتشتد روحه وأقام في البراري إلى يوم ظهور أمره لإسرائيل (لوقا 1: 80). وكان لباس يوحنا من وبر الإبل وحول وسطه زنار من جلد وكان طعامه الجراد والعسل البري (متى 3: 4). خدمته: أوّل ما يطالعنا في الكتاب المقدّس عن يوحنّا المعمدان أنّه كان يتنبّأ بمجيء السيّد المسيح واقتراب ملكوت السموات. فكان يصرخ: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات” (متى 3: 2) معلناً مجيء المسيح بهذه: «يَأْتِي بَعْدِي مَنْ هُوَ أَقْوَى مِنِّي الَّذِي لَسْتُ أَهْلاً أَنْ أَنْحَنِيَ وَأَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ. أَنَا عَمَّدْتُكُمْ بِالْمَاءِ وَأَمَّا هُوَ فَسَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ» (مرقس 1: 7-8). يوحنّا المعمدان هو النبيّ الخاتم للعهد القديم، هو الأخير في سلسلة الأنبياء الذين تحدّثوا عن مجيء المسيح المخلّص. إحدى مهامّ يوحنّا الأساسيّة تكمن في إعداد الشعب لاستقبال المسيح الآتي. وفي هذا السياق يكون يوحنّا هو الملاك الذي تحدّثت عنه نبوءة ملاخي: “هاأنذا أرسل أمام وجهي ملاكي فيهيّئ الطريق أمامي” (3: 1)، أمّا في إنجيل متّى فقد ورد: ” هَا أَنَا أُرْسِلُ أَمَامَ وَجْهِكَ مَلاَكِي الَّذِي يُهَيِّئُ طَرِيقَكَ قُدَّامَكَ” (11 :10). تجدر الإشارة إلى أنّ استبدال ضمير المخاطب بضمير المتكلّم في الآية دليل على المساواة التامّة الكائنة بين الآب والابن. لذا، تصوّر الكنيسة يوحنّا في أيقوناتها ملاكاً مرسَلاً من الله: ” كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا” (يوحنا 1: 6). يوحنّا هو الشاهد الأساسيّ على مجيء المسيح، وهذا ما قاله عنه القدّيس يوحنا الإنجيلي في فاتحة إنجيله: ” هَذَا (المعمدان) جَاءَ لِلشَّهَادَةِ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ لِكَيْ يُؤْمِنَ الْكُلُّ بِوَاسِطَتِهِ. لَمْ يَكُنْ هُوَ النُّورَ بَلْ لِيَشْهَدَ لِلنُّورِ. كَانَ النُّورُ الْحَقِيقِيُّ الَّذِي يُنِيرُ كُلَّ إِنْسَانٍ آتِياً إِلَى الْعَالَمِ ” (1: 7-9). هذه الشهادة للمسيح تكتمل بعد معموديّته من يوحنّا، حيث شهد يوحنّا قائلاً: «إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الرُّوحَ نَازِلاً مِثْلَ حَمَامَةٍ مِنَ السَّمَاءِ فَاسْتَقَرَّ عَلَيْهِ. وَأَنَا لَمْ أَكُنْ أَعْرِفُهُ لَكِنَّ الَّذِي أَرْسَلَنِي لِأُعَمِّدَ بِالْمَاءِ ذَاكَ قَالَ لِي: الَّذِي تَرَى الرُّوحَ نَازِلاً وَمُسْتَقِرّاً عَلَيْهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَمِّدُ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ. وَأَنَا قَدْ رَأَيْتُ وَشَهِدْتُ أَنَّ هَذَا هُوَ ابْنُ اللَّهِ» (يوحنّا 1: 32-34). يشهد يوحنّا هنا أنّ الله الذي أرسله (يوحنّا 1: 6) ليعمّد في الأردنّ، هو قال له إنّ الذي سينزل عليه الروح القدس هو المسيح، فرأى وآمن وشهد. يوحنّا هو أيضاً مثال التلميذ الأمين الزاهد بالسلطة وبكلّ أمجاد هذه الدنيا الفانية. لقد دعا تلاميذه إلى تركه والالتحاق بالمسيح. لم يصنع لنفسه اتباعاً، بل أعدّ تلاميذه ليكونوا أتباعاً للمسيح فقط. فهو القائل عن المسيح: “هوذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم. هذا الذي قلتُ فيه: يأتي بعدي رجل قد تقدّمني لأنّه كان من قبلي”(يوحنّا 1: 29-30). وبناء على هذا الكلام، طلب يوحنّا إلى تلاميذه أن يتبعوا يسوع فتبعوه (يوحنّا 1: 37). والشهادة الأخيرة ليسوع يعطيها يوحنّا المعمدان عندما يقول: “يَنْبَغِي أَنَّ ذَلِكَ يَزِيدُ وَأَنِّي أَنَا أَنْقُصُ ” (يوحنّا 3 :30). أي أنّ هذا القدّيس لم يرد أن يكبر بحيث يحجب يسوع، بل تواضع فكبر بتواضعه وأبرز المسيح للناس. وهذا له مدعاة فرح بأن يمّحي لكي يظهر المسيح نوراً للعالم. وهو نفسه يقول: “مَنْ لَهُ الْعَرُوسُ فَهُوَ الْعَرِيسُ وَأَمَّا صَدِيقُ الْعَرِيسِ الَّذِي يَقِفُ وَيَسْمَعُهُ فَيَفْرَحُ فَرَحاً مِنْ أَجْلِ صَوْتِ الْعَرِيسِ. إِذاً فَرَحِي هَذَا قَدْ كَمَلَ” (يوحنّا 3: 29) العريس هو المسيح والعروس هي الكنيسة، ويوحنّا يفرح بالعروسين لكي ينال هو أيضاً إكليل المجد. ترتبط مهمّة يوحنّا ارتباطاً وثيقاً بالتوبة، فنراه يشدّد على التوبة كأساس للدخول في ملكوت السموات: “توبوا فقد اقترب ملكوت السموات”. وتمهيد طريق المسيح لا بدّ أن يعبر أيضاً في توبة الشعب المزمع أن يستقبله: “صوتُ صارخٍ في البرّيّة: أعدوا طريق الربّ واجعلوا سبله قويمة”(لوقا 3: 4). لذا كان يقول للجموع التي كانت تأتي إليه لتعتمد عن يده: “فأثمروا إذاً ثمراً يدلّ على توبتكم” (لوقا 3: 8). في ذلك الوقت أتى يسوع من الجليل إلى الأردن ليعتمد على يد يوحنا، وبينما هو خارج من الماء رأى يوحنا السموات تنشقّ والروح ينزل عليه كأنه حمامة (مرقس 1: 9- 10)، فقال يوحنا:”هذا حمل الله الذي يرفع خطيئة العالم…أنا لم أكن اعرفه، ولكني ما جئت أُعمد في الماء إلا لكي يظهر أمره لإسرائيل… والذي أرسلني أُعمد في الماء هو قال لي: إن الذي ترى الروح ينزل فيستقر عليه، هو ذاك الذي يُعمد في الروح القدس. وانا رأيت وشهدت انه هو ابن الله ” (يوحنا 1: 29- 34). استشهاده وقطع رأسه: خبر قطع رأس القديس/النبي يوحنا المعمدان ورد في الأناجيل الثلاثة الأولى، متّى (14: 1 – 12) ومرقس (6: 14 – 29) ولوقا (9: 7 – 9). (ننصح بقراءتها أولاً) الآمر بقطع رأسه كان هيرودوس أنتيباس، رئيس الربع، القيِّم على الجليل والبيريا، وهو ابن هيرودوس الكبير. حكم كملِك ما بين العامَين 4 ق.م و39 ب.م. هذا تزوّج من امرأة اسمها هيروديا. زواجه لم تكن تجيزه الشريعة لأنّ هيروديا كانت امرأة أخيه فيليبس. فيليبس هذا هو غير فيليبس رئيس الربع على إيطورية وتراخونيتيس، المذكور في لوقا 3: 1، وهو أخ هيرودوس من جهة أبيه دون أمّه. فيليبس كان قد أنجب من هيروديا ابنة هي سالومي. سالومي غير مذكورة في الأناجيل بالاسم، فقط معرَّف عنها بـ “ابنة هيروديا”. اسمها ورد لدى المؤرِّخ اليهودي فلافيوس يوسيفوس. الشريعة تقول صراحة: “عورة امرأة أخيك لا تكشف” (لاويين 18: 16) و “إذا أخذ رجلٌ امرأة أخيه فذلك نجاسة” (لاويين 20: 21). يوحنّا كان يقول لهيرودوس: “لا يحل أن تكون لك امرأة أخيك” (مر 6: 18) ويوبّخه لجميع الشرور التي كان هيرودوس يفعلها (لوقا 3: 19). فحنِقت هيروديا عليه وأرادت أن تقتله ولم تقدر (مر 6: 19). لماذا لم تقدر أن تقتله؟ “لأنّ هيرودوس كان يهاب يوحنّا عالماً أنّه رجل بار وقدّيس وكان يحفظه” (مر 6: 20). متّى الإنجيلي يقول قولاً آخر. يقول إنّ هيرودوس “أمسك يوحنّا وأوثقه وطرحه في سجن من أجل هيروديا” (مت 14: 3). ويقول أيضاً إنّ هيرودوس أراد أن يقتل يوحنّا لكنّه “خاف من الشعب لأنّه كان عندهم مثل نبيّ” (مت 14: 5). رغم ذلك كانت هيروديا تتحيّن الفرص لتتخلّص منه إلى أن كان “يوم موافق” (مر 6: 21) تمكّنت فيه من إرواء غليلها. ذلك اليوم كان يوم ميلاد هيرودوس. صنع الملِك عشاء “لعظمائه وقوّاد الألوف ووجوه الجليل” (مر 6: 21). وفي العشاء دخلت ابنة هيروديا ورقصت في الوسط فسرّت هيرودوس والمتّكئين معه. ومن ثمّ وعد بقسم أنّه مهما طلبت يعطيها (مت 14: 7) “حتى نصف مملكتي” (مر 6: 23)، على حدّ تعبيره. النصّ في مرقس يقول إنّها خرجت “وقالت لأمّها ماذا أطلب. فقالت رأس يوحنّا المعمدان” (مر 6: 24)، فيما يبدي متّى الإنجيلي أن الابنة كانت قد تلقّنت من أمّها (مت 14: 8). لذلك حالما أقسم هيرودوس بأن يعطيها مهما تطلب أجابته للوقت بسرعة: “أعطني ههنا على طبق رأس يوحنّا المعمدان” (مت 14: 8). هذا أحزن الملِك حزناً شديداً. لماذا؟ ربما لأنّه خاف العاقبة من جهة الشعب (مت 14: 5) وربما لأنّه كان يهابه ويوقّره ويسمعه بسرور (مر 6: 20). أنّى يكن من أمر فإنّه، “من أجل الأقسام والمتّكئين معه” (مت 14: 9)، وجد نفسه مجبراً على الإيفاء بما وعد، وكلام الملوك لا يُردّ، فأمر أن يُعطى (مت 14: 9) وأرسل سيّافاً وأمر أن يُؤتى برأسه (مر 6: 27). فمضى السيّاف وقطع رأس يوحنّا في السجن (مر 6: 28). ثمّ أتى برأسه على طبق وأعطاه للصبيّة والصبيّة أعطته لأمّها. فلما “سمع تلاميذه جاءوا ورفعوا جثّته ووضعوها في قبر” (مر 6: 29). هذا ما يوافينا به كل من متّى ومرقس الإنجيليَّين. أما لوقا فأشار إلى قطع رأس يوحنّا في معرض الكلام على يسوع. فإنّه إذ بلغ هيرودس الملكَ جميعُ ما كان من يسوع والقوّات التي كانت تجري على يديه، وإذ تناهى إليه ما كان الناس يقولونه عن يسوع إنّه يوحنّا المعمدان، قد قام من الأموات، أو إنّه إيليا ظهر أو نبيٌّ من القدماء قام، ارتاب وقال: “يوحنّا أنا قطعت رأسه. فمَن هو هذا الذي أسمع عنه مثل هذا. وكان يطلب أن يراه” (لو 9: 9). هنا يشار إلى أنّ متّى ومرقس يعطيان الانطباع أنّ هيرودوس هو الذي ظنّ أنّ يسوع هو يوحنّا قام من الموت. لذلك جاء عن الملك، في متّى، أنّه قال لغلمانه: “هذا هو يوحنّا المعمدان. قد قام من الأموات ولذلك تُعمل به القوّات” (مت 14: 2). والقول في إنجيل مرقس شبيه بهذا (مر 6: 14). في التعليقات على قول هيرودوس لغلمانه: “هذا هو يوحنّا المعمدان…” يعتبر القدّيس يوحنّا الذهبي الفم أن في موقف الملك “إجلالاً وخوفاً في آن معاً”، وأنّ في مهابة هيرودوس دليلاً على عظمة الفضيلة وتأثيرِ يوحنّا فيه رغم توبيخه له. حتى الأشرار يُعجَبون بالفضيلة ويمدحونها. من هنا، في نظر الذهبي الفم، حُزْنُ هيرودوس. ولا يفوت قدّيسَنا أن يشير إلى مكائد الشرّير من خلال الرقص والسُكر. ففيما أضحت ابنة هيروديا متورّطة من خلال الرقص في جريمة من أبشع الجرائم التي تحدّث عنها التاريخ، أطلق هيرودوس، بتأثير الخمرة والخلاعة والمجد الباطل، قَسَماً جعله، خلافاً لقناعته، قاتلاً لأعظم مواليد النساء. قلعة مكاور - مخاروس حيث قطع راس المعمدان وفي التعليقات على قطع رأس المعمدان أيضاً ما أورده القدّيس غريغوريوس بالاماس في شأن سماع هيرودوس ليوحنّا بسرور. قال: “ما كان يقوله مرقس إن هيرودوس كان يسمع ليوحنّا معناه هو التالي: في الأدوية يحصل ما يناقض التعاليم الروحيّة. نشعر بمرارة الدواء لكنّنا نتناوله بداعي فائدته. أما فيما يتعلّق بالتعاليم الروحيّة فهي عذبة ولكن الذين يشتعلون بالرغبات الشرّيرة لا يتقبّلونها بسبب عداوتها لهم. ربّما كان هيرودوس يسمع له في البداية (مر 6: 20)… لكنّه كره التوبيخ فنسي النصائح الأوّلية واتّفق مع هيروديا من أجل القتل. وكان يخاف من الجمع (مت 14: 5) لا بسبب إمكانية ثورتهم بل بسبب مجرّد حكمهم عليه، لأنّهم كانوا يعتبرونه نبيّاً. كانت فضيلة يوحنّا مشهورة وكان هيرودوس يحبّ المجد فخاف من حكم الجمع، لذلك كان يقدّم المديح ليوحنّا ظاهرياً “. وفي حديث القدّيس غريغوريوس عن المجد الباطل وتأثيره فينا يقول كلاماً مفيداً معبِّراً. يقول: “يعاني ذهننا (Nous)… هذا المرض! فمع أنّه أُبدع من الله ملكاً ومتسلّطاً على الأهواء، عندما ينجذب… من المجد الباطل… يُقاد إلى أعمال شاذّة وعواقب وخيمة. هكذا فإنّ كل واحد، مستعبَد للخطيئة والشهوات، عندما يُوبَّخ من ضميره يتضايق أول الأمر. لذا يحبسه (يحبس ضميره)، بمعنى، كما فعل هيرودوس بيوحنّا رافضاً أن يسمع له، غير مريد أن يتّبع الأقوال الناهية عن الخطيئة. وعندما تتسلّط عليه الشهوات بحضور هيروديا، وهي فكر الخطيئة الكامن في النفس، عندها تنتزع الشّهوات هذه كلام النعمة المزروع في النفس أي الضمير فتقضي عليه وتقتله نقضاً للكتاب المقدّس ولكلمة الله كما حصل لهيرودوس بالنسبة ليوحنّا”. قلعة مخاروس - مكاور يُذكر أن قطع رأس القديس يوحنا المعمدان كان في قلعة ماخاروس (مكاور – الآن) بقرب البحر الميت من الجانب الأردني, وأن هيرودوس الملك جرى نفيه إلى ليون في فرنسا سنة 39 م. وإلى هناك تبعته هيروديا. كما يُشار إلى أنّ عيد قطع رأس القديس يوحنا المعمدان جرى الاحتفال به، أول الأمر، في القسطنطينية وبلاد الغال (فرنسا) ثمّ انتقل إلى رومية. وهو يوم صوم بخلاف سائر الأعياد. في الاحتفال بعيده اليوم تُرتل الكنيسة الأرثوذكسية فيما ترتّل: “إن قطع رأس السابق المجيد صار بتدبير إلهي ليَكرز للذين في الجحيم بمجيء المخلّص…”. سِفْرُ إِرْمِيَا = اَلأَصْحَاحُ الأَوَّلُ 14-10 4فَكَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ إِلَيَّ: 5[قَبْلَمَا صَوَّرْتُكَ فِي الْبَطْنِ عَرَفْتُكَ وَقَبْلَمَا خَرَجْتَ مِنَ الرَّحِمِ قَدَّسْتُكَ. جَعَلْتُكَ نَبِيّاً لِلشُّعُوبِ]. 6فَقُلْتُ: [آهِ يَا سَيِّدُ الرَّبُّ إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ]. 7فَقَالَ الرَّبُّ لِي: [لاَ تَقُلْ إِنِّي وَلَدٌ لأَنَّكَ إِلَى كُلِّ مَنْ أُرْسِلُكَ إِلَيْهِ تَذْهَبُ وَتَتَكَلَّمُ بِكُلِّ مَا آمُرُكَ بِهِ. 8لاَ تَخَفْ مِنْ وُجُوهِهِمْ لأَنِّي أَنَا مَعَكَ لأُنْقِذَكَ يَقُولُ الرَّبُّ]. 9وَمَدَّ الرَّبُّ يَدَهُ وَلَمَسَ فَمِي وَقَالَ الرَّبُّ لِي: [هَا قَدْ جَعَلْتُ كَلاَمِي فِي فَمِكَ. 10اُنْظُرْ! قَدْ وَكَّلْتُكَ هَذَا الْيَوْمَ عَلَى الشُّعُوبِ وَعَلَى الْمَمَالِكِ لِتَقْلَعَ وَتَهْدِمَ وَتُهْلِكَ وَتَنْقُضَ وَتَبْنِيَ وَتَغْرِسَ]. اَلْمَزْمُورُ الْحَادِي عَشَرَ 1عَلَى الرَّبِّ تَوَكَّلْتُ. كَيْفَ تَقُولُونَ لِنَفْسِي: [اهْرُبُوا إِلَى جِبَالِكُمْ كَعُصْفُورٍ]؟ 2لأَنَّهُ هُوَذَا الأَشْرَارُ يَمُدُّونَ الْقَوْسَ. فَوَّقُوا السَّهْمَ فِي الْوَتَرِ لِيَرْمُوا فِي الدُّجَى مُسْتَقِيمِي الْقُلُوبِ. 3إِذَا انْقَلَبَتِ الأَعْمِدَةُ فَالصِّدِّيقُ مَاذَا يَفْعَلُ؟ 4اَلرَّبُّ فِي هَيْكَلِ قُدْسِهِ. الرَّبُّ فِي السَّمَاءِ كُرْسِيُّهُ. عَيْنَاهُ تَنْظُرَانِ. أَجْفَانُهُ تَمْتَحِنُ بَنِي آدَمَ. 5الرَّبُّ يَمْتَحِنُ الصِّدِّيقَ. أَمَّا الشِّرِّيرُ وَمُحِبُّ الظُّلْمِ فَتُبْغِضُهُ نَفْسُهُ. 6يُمْطِرُ عَلَى الأَشْرَارِ فِخَاخاً نَاراً وَكِبْرِيتاً وَرِيحَ السَّمُومِ نَصِيبَ كَأْسِهِمْ. 7لأَنَّ الرَّبَّ عَادِلٌ وَيُحِبُّ الْعَدْلَ. الْمُسْتَقِيمُ يُبْصِرُ وَجْهَهُ. اَلرِّسَالَةُ إِلَى الْعِبْرَانِيِّينَ 11: 32 - 12: 2 32وَمَاذَا أَقُولُ أَيْضاً؟ لأَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ جِدْعُونَ، وَبَارَاقَ، وَشَمْشُونَ، وَيَفْتَاحَ، وَدَاوُدَ، وَصَمُوئِيلَ، وَالأَنْبِيَاءِ، 33الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ، 34أَطْفَأُوا قُوَّةَ النَّارِ، نَجَوْا مِنْ حَدِّ السَّيْفِ، تَقَّوُوا مِنْ ضُعْفٍ، صَارُوا أَشِدَّاءَ فِي الْحَرْبِ، هَزَمُوا جُيُوشَ غُرَبَاءَ، 35أَخَذَتْ نِسَاءٌ أَمْوَاتَهُنَّ بِقِيَامَةٍ. وَآخَرُونَ عُذِّبُوا وَلَمْ يَقْبَلُوا النَّجَاةَ لِكَيْ يَنَالُوا قِيَامَةً أَفْضَلَ. 36وَآخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضاً وَحَبْسٍ. 37رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ، 38وَهُمْ لَمْ يَكُنِ الْعَالَمُ مُسْتَحِقّاً لَهُمْ. تَائِهِينَ فِي بَرَارِيَّ وَجِبَالٍ وَمَغَايِرَ وَشُقُوقِ الأَرْضِ. 39فَهَؤُلاَءِ كُلُّهُمْ، مَشْهُوداً لَهُمْ بِالإِيمَانِ، لَمْ يَنَالُوا الْمَوْعِدَ، 40إِذْ سَبَقَ اللهُ فَنَظَرَ لَنَا شَيْئاً أَفْضَلَ، لِكَيْ لاَ يُكْمَلُوا بِدُونِنَا. 1لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا، 2نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ. إنجيل القديس متّى 14: 1-12 1فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ سَمِعَ هِيرُودُسُ رَئِيسُ الرُّبْعِ خَبَرَ يَسُوعَ 2فَقَالَ لِغِلْمَانِهِ: «هَذَا هُوَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ قَدْ قَامَ مِنَ الأَمْوَاتِ وَلِذَلِكَ تُعْمَلُ بِهِ الْقُوَّاتُ». 3فَإِنَّ هِيرُودُسَ كَانَ قَدْ أَمْسَكَ يُوحَنَّا وَأَوْثَقَهُ وَطَرَحَهُ فِي سِجْنٍ مِنْ أَجْلِ هِيرُودِيَّا امْرَأَةِ فِيلُبُّسَ أَخِيهِ 4لأَنَّ يُوحَنَّا كَانَ يَقُولُ لَهُ: «لاَ يَحِلُّ أَنْ تَكُونَ لَكَ». 5وَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ خَافَ مِنَ الشَّعْبِ لأَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ مِثْلَ نَبِيٍّ. 6ثُمَّ لَمَّا صَارَ مَوْلِدُ هِيرُودُسَ رَقَصَتِ ابْنَةُ هِيرُودِيَّا فِي الْوَسَطِ فَسَرَّتْ هِيرُودُسَ. 7مِنْ ثَمَّ وَعَدَ بِقَسَمٍ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبَتْ يُعْطِيهَا. 8فَهِيَ إِذْ كَانَتْ قَدْ تَلَقَّنَتْ مِنْ أُمِّهَا قَالَتْ: «أَعْطِنِي هَهُنَا عَلَى طَبَقٍ رَأْسَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ». 9فَاغْتَمَّ الْمَلِكُ. وَلَكِنْ مِنْ أَجْلِ الأَقْسَامِ وَالْمُتَّكِئِينَ مَعَهُ أَمَرَ أَنْ يُعْطَى. 10فَأَرْسَلَ وَقَطَعَ رَأْسَ يُوحَنَّا فِي السِّجْنِ. 11فَأُحْضِرَ رَأْسُهُ عَلَى طَبَقٍ وَدُفِعَ إِلَى الصَّبِيَّةِ فَجَاءَتْ بِهِ إِلَى أُمِّهَا. 12فَتَقَدَّمَ تَلاَمِيذُهُ وَرَفَعُوا الْجَسَدَ وَدَفَنُوهُ. ثُمَّ أَتَوْا وَأَخْبَرُوا يَسُوعَ. |
||||
06 - 07 - 2017, 01:26 PM | رقم المشاركة : ( 18449 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
جاذبية المسيح العجيب
جاذبية المسيح العجيب اسم يسوع المسيح أحلى اسم في الوجود! اسم أنار الحياة والخلود! يسوع، اسم يعني السخاء والجود بل العطاء بلا حدود! يسوع وحده يستحق الولاء والعهود بل الخشوع والسجود. يسوع ما أجمله! وما أجوده! هو الاسم الحسن الذي تلتقي عنده أشواق المؤمنين، وتهتف له شفاه الأبناء المخلصين. فتمتلئ قلوبهم بحب ثمين وتضرع عيون نحوه بشوق دفين. * والمسيح قد اجتذب إليه ملايين البشر عبر السنين، فقد سبى القلوب وجذب العقول والنفوس لشخصه الكريم المبارك. إنه الشخص الوحيد الذي قسم التاريخ كله إلى قسمين: قبل الميلاد وبعد الميلاد. لم يؤسس المسيح جيشاً، ولا حمل سيفاً، لم يؤسس مملكه لكنه غزا القلوب بحبه وحنانه.. لم يمتلك قصراً أو عرشاً.. فقد ولد فقيراً في مذود مستعار، ومات ودفن في قبر مشين، وفي حياته لم يكن له أين يسند رأسه.. عاش بيننا، لكنه لم يعرف خطية.. جاع لكنه بكلمة أشبع الآلاف.. عطش لكن بتعاليمه روى ظمأ العطاش.. تعب لكنه أراح جميع المتعبين.. * مات لكنه قام وانتصر فغلب المنون. في صليبه أدهش الكثيرين إذ قالوا : «..حَقًّا كَانَ هذَا الإِنْسَانُ ابْنَ اللهِ!» (مرقس 15: 39) وإذا نظرنا إلى المسيح فسنجده أبرع جمالاً من كل بني البشر.. حلقه حلاوة وكله مشتهيات. وقد تحدَّث إلينا كل الذين اختبروه وعرفوه.. قال بطرس: «أَنْتَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ الْحَيِّ!»... هذَا هُوَ: الْحَجَرُ الَّذِي الَّذِي صَارَ رَأْسَ الزَّاوِيَةِ... وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ". (متى 16: 16; أعمال 4: 11-12) قال يوحنا المعمدان: " لَسْتُ بِمُسْتَحِقّ أَنْ أَحُلَّ سُيُورَ حِذَائِهِ... «هُوَذَا حَمَلُ اللهِ الَّذِي يَرْفَعُ خَطِيَّةَ الْعَالَمِ!". (يوحنا 1: 27-29) قال بولس الرسول: ".. لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ، ذَاكَ أَفْضَلُ جِدًّا." (فيلبي 1: 23) قال يوحنا: ..«مُسْتَحِقٌ هُوَ الْخَروُفُ الْمَذْبُوحُ أَنْ يَأْخُذَ الْقُدْرَةَ وَالْغِنَى وَالْحِكْمَةَ وَالْقُوَّةَ وَالْكَرَامَةَ وَالْمَجْدَ وَالْبَرَكَةَ!». (رؤيا 5: 12) وقال المسيح عن نفسه: "أَنَا هُوَ الْبَابُ... «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ... أَنَا هُوَ الْخُبْزُ الْحَيُّ.. أَنَا هُوَ .. الْمَاءُ الْحَيُّ؟..أَنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ... أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، “. (يوحنا 10: 9;يوحنا 14: 6;يوحنا 6: 51;يوحنا 4: 10-11;يوحنا 11: 25;يوحنا 10: 11) وحريّ بنا أن نتأمل في عدة أمور بها يجذبنا المسيح: * -1- محبته العجيبة يقول الكتاب: "كُنْتُ أَجْذِبُهُمْ بِحِبَالِ الْبَشَرِ، بِرُبُطِ الْمَحَبَّةِ،.." (هوشع 11: 4) " لَيْسَ لأَحَدٍ حُبٌّ أَعْظَمُ مِنْ هذَا: أَنْ يَضَعَ أَحَدٌ نَفْسَهُ لأَجْلِ أَحِبَّائِهِ." (يوحنا 15: 13) "فالمسيح مر بنا وإذ زماننا زمن الحب، فتجسّد ومات من أجلنا.. لذلك نحن نحبه لأنه هو أحبنا أولاً بمحبة فائقة المعرفة : ف”مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضِيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟“. (حزقيال 16: 8; 1تسالونيكي 5: 10;1يوحنا 4: 19;رومية 8: 35) ومحبة الله ظهرت في أمثلة كثيرة في الكتاب المقدس، منها مثل ما جاء في لوقا 15 عن الابن الضال الذي تاه في الكورة البعيدة، الذي استقبله أبوه استقبالاً رائعاً، فوقع على عنقه وقبَّله وأعاده لبيت الآب. أما أعظم مثل عن الحب هو الصليب.. فالجنب المطعون، والرأس المجروح، والدم المسفوك هي دلالات الحب العظيم وعلامات الفداء الكريم. * -2- عنايته الفريدة يقول الكتاب: " مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ." (1بطرس 5: 7) ، فنحن "بِقُوَّةِ اللهِ مَحْرُوسُونَ،" (1بطرس 1: 5) "يصوننا كحدقة العين" (تثنية 10:32)، نقشنا على كفِّه (إشعياء 16:49)، فصرنا لحماً من لحمه وعظماً من عظامه.. إنه لا ينعس ولا ينام حافظنا.. بل حتى شعور رؤوسنا جميعها محصاة.. فقد سيَّج حولنا وحول كل ما لنا.. ذلك لأنه يعتني بها فكيف ينسانا؟ * عزيزي القارئ، ألا تذكر عناية قد حاصرتك، وحراسة إلهية قد حفظتك من أخطار قد واجهتك في أرض الغربة؟ -3- أمانته المجيدة الله أمين لا يقدر أن ينكر نفسه : والرب ”يَسُوعُ الْمَسِيحُ هُوَ هُوَ أَمْسًا وَالْيَوْمَ وَإِلَى الأَبَدِ.“ (العبرانيين 13: 8) إن العالم من حولنا متغيِّر، ومتقلب، لكن الله آمين معنا إلى النهاية. -4- إحساناته العديدة قال النبي داود في مزمور 103: "بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ، وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ. الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ، فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ." (المزامير 103:1-5) "مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بَارَكَنَا بِكُلِّ بَرَكَةٍ رُوحِيَّةٍ فِي السَّمَاوِيَّاتِ فِي الْمَسِيحِ،." (أفسس 1: 3) وباركنا ببركات زمنية أيضاً، فهو يفتح يده فيشبع كل حي رضى. عزيزي القارئ، ألا تتذكر البركات التي باركك بها منذ قدومك لأي مكان أنت فيه ؟ ألا تهتف مع يعقوب: "صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ [يا رب] الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ...". (التكوين 32: 10) * -5- مواعيده الأكيدة إن مواعيد الله العظمى والثمينة هي شيكات على بنك الإيمان.. قال المسيح: "اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ.“، سَلاَمًا أَتْرُكُ لَكُمْ. سَلاَمِي أُعْطِيكُمْ.“. ومكتوب: ”لأَنَّ الَّذِي وَعَدَ هُوَ أَمِينٌ.“، فهل نتمسك بوعود الله العظمى والثمينة؟ (متى 7: 7;يوحنا 14: 27;العبرانيين 10: 23) -6- تعاليمه السديدة هتفت يوماً امرأة حين سمعت تعاليم المسيح: "طُوبَى لِلْبَطْنِ الَّذِي حَمَلَكَ وَالثَّدْيَيْنِ اللَّذَيْنِ رَضِعْتَهُمَا“. (لوقا 11: 27) وذات يوم ذهب الجنود ليقبضوا عليه فقبض هو على قلوبهم بتعاليمه السامية، فقالوا: ”لَمْ يَتَكَلَّمْ قَطُّ إِنْسَانٌ هكَذَا مِثْلَ هذَا الإِنْسَانِ!“. (يوحنا 7: 46) قال النبي داود: "سِرَاجٌ لِرِجْلِي كَلاَمُكَ وَنُورٌ لِسَبِيلِي."، وقال أيضاً: " فَتْحُ كَلاَمِكَ يُنِيرُ، يُعَقِّلُ الْجُهَّالَ.. وَأَتَلَذَّذُ بِوَصَايَاكَ .. لأنها ..وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ وَقَطْرِ الشِّهَادِ. " ويقول الرب نفسه: "طُوبَى لِلإِنْسَانِ الَّذِي يَسْمَعُ لِي.. لأَنَّهُ مَنْ يَجِدُنِي يَجِدُ الْحَيَاةَ.." (المزامير 119: 105;130;47;المزامير 19: 10;الأمثال 8: 34-35) عزيزي القارئ، اقرأ تعاليم المسيح لأنها نور لسبيلنا وسراج لأرجلنا. -7- تدبيراته الحكيمة " مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ.“ (المزامير 104: 24) ”لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ، هكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ." (إشعياء 55: 9) عندما يسمح الرب بالتجربة يضع معها المنفذ. سمح ليوسف الصديق بالسجن ثم رفعه إلى العرش، وسمح لموسى أن يُلقى في النيل وأعطاه جمالاً لتلتقطه ابنة فرعون، لكي يتربّى في القصر. ” وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الأَشْيَاءِ تَعْمَلُ مَعًا لِلْخَيْرِ لِلَّذِينَ يُحِبُّونَ اللهَ، “. (رومية 8: 28) وبعد - عزيزي القارئ - هذا هو يسوع المسيح الذي نؤمن به.. يسوع حب جارف وقلب دافئ. يسوع حنان شامل وإحسان غامر.. فهل تُقبـِل إليه طالباً المغفرة والتوبة لكي تُمحى خطاياك وذنوبك في صليبه؟ هل تتعرَّف عليه وتقرأ كتابه؟ هل تقول له أحبك يا رب يا قوتي؟ فأنت سيدي خيري لا شيء غيرك. من لي في السماء ومعك لا أريد شيئاً في الأرض؟ * * * أشكرك أحبك كثيراً... الرب يسوع يحبك ... بركة الرب لكل قارئ .. آمين . وكل يوم وأنت في ملء بركة إنجيل المسيح... آمين يسوع يحبك ... |
||||
06 - 07 - 2017, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 18450 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صفات المعمدان جملة انتقالية: تميّزت شخصية يوحنا بثلاث صفات على الأقل سنتأمل فيها لندرك من هو هذا الشخص الذي وصفه الرب يسوع قائلاً (بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ) . 1-كان كارزا بالتوبة (مت3: 1-3) (وَفِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانُ يَكْرِزُ فِي بَرِّيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ قَائِلاً: تُوبُوا لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. فَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي قِيلَ عَنْهُ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ: صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: أَعِدُّوا طَرِيقَ الرَّبِّ. اصْنَعُوا سُبُلَهُ مُسْتَقِيمَةً. موضوع الكرازة: هو التوبة كان يدعوا الشعب لكي يعدّوا طريق الرّب وذلك بالتوبة عن خطاياهم وتركها وكان يدعوهم ايضا لكي يجعلوا طريق الرب مستقيمة بإزالة كل ما يمكن ان يعطّل سيادته الكاملة على حياتهم. وقد استجاب بعض الناس لرسالته فاعتمدوا في نهر الاردن لم تكن التوبة الشفهية هي المطلوبة بل دعاهم لأكثر من ذلك (اصنعوا اثماراً تليق بالتوبة). كان يطلب منهم محصولاً من الأعمال الصالحة الذي يؤكد توبتهم. فالله لا يكتفي بأن يدّعي الناس انهم مسيحيون فقط لكنه يطلب منهم ان يفعلوا شيئاً يدل على مسيحيّتهم. الملاحظ ان رسالة الله لم تتغير, لاحظ معي عندما ابتدأ الرب يسوع المسيح خدمته قال: (قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ). وبطرس قال لليهود (تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ). وبولس قال للوثنيين في وسط آريوس باغوس: (فَاللَّهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا مُتَغَاضِياً عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ). وبما ان الناس لم يتغيروا منذ القديم الى الآن فان رسالة الله لم تتغير ايضا وموضوعها توبوا وآمنوا بالإنجيل. في ايامنا هذه مع الاسف غيّر الكثيرون موضوع الرسالة فصاروا ينادون على المنبر بكل شيء إلا بالتوبة, وتحول إنجيل الخلاص الى انجيل الحياة الاجتماعية, وامتلأت الكنائس لكن ليس بالنفوس المفديّه بل بالباحثين على مكان يخدرون فيه ضمائرهم المشتكية عليهم. 2-لايحابي بالوجوه (لوقا3: 7-14) علّق على الآيات (7) (10-11) (12-13) (14) كان يوحنا المعمدان صوت الحق في زمان ضاع فيه الحق, لم يكن لديه أي استعداد ليقدّم أعذاراً لمحبيه أو أصدقائه أو اصحاب النفوذ عندما يخطئون كانت كلماته واضحة ليست متداخلة الألوان (لا يحل ان تكون لك). هكذا كان الرب ايضا في كلامه مع اليهود – الفريسيين, وغيرهم من الذين يعاندون كلمة الله لم يجامل احدا بل يقول الحق حتى لو تأذت مشاعرهم. اين خدام هذه الايام من يوحنا, خدام يجاملون في كل العقائد دون استثناء وعذرهم: ان لم نفعل هكذا لن يبقى أحد في الكنيسة. قال الرب: (والذي معه كلمتي فليتكلم بالحق), وقال الرسول بولس: (فلو كنت بعد ارضي الناس لم اكن عبدا للمسيح) 3-متواضع (يوحنا1: 19-28) علّق على المقطع بعد شرحه. علّق على رد المعمدان(يوحنا3: 25- 30) خاتمة: تميزت شخصية المعمدان بثلاثة صفات على الأقل: كارز بالتوبة- لا يحابي بالوجوه- متواضع ومع ان خدمته كانت قصيرة لكنها كانت فعالة, وكافية لكي يقول عنه المسيح (بَيْنَ الْمَوْلُودِينَ مِنَ النِّسَاءِ لَيْسَ نَبِيٌّ أَعْظَمَ مِنْ يُوحَنَّا الْمَعْمَدَانِ). كيف هي حياتك, لو قابلت الرب ماذا سيقول لك, هل انت امين, لا تحابي بالوجوه, متواضع في حياتك الرب يدعونا في هذا اليوم لكي نصحح ضعفاتنا ونقوّمها لتكون منسجمة مع كلمته, وغايتنا في هذه الحياة ( ان ذاك يزيد واني انا انقص) ولألهنا كل المجد إلى الأبد أمين |
||||