19 - 01 - 2025, 07:01 PM | رقم المشاركة : ( 184331 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تتضمن المحبة إظهار التعاطف والدعم لأولئك الذين يعانون. نحن مدعوون لتشجيع ضعاف القلوب ومساعدة الضعفاء والصبر على الجميع. يُظهر مثل السامري الصالح المحبة من خلال أعمال الرحمة. أظهر السامري المحبة من خلال الاهتمام بالرجل الجريح واحتياجاته وتجاوز حدوده في العناية به. |
||||
19 - 01 - 2025, 07:09 PM | رقم المشاركة : ( 184332 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الكاهن المعيب كان أولاد هارون في العهد القديم يتمتعون بامتياز خاص، وهو أن يكهنوا للرب، ورغم أنه امتياز يحظى به كل نسل هارون لمجرد تناسلهم الطبيعي منه، إلا أنه لم يكن جميعهم يمارسون امتيازاتهم الكهنوتية. فهناك وصية صريحة تُحرِّم على البعض منهم ممارسة هذه الخدمة، وهم من كان بهم عيوب خَلقية في جسدهم، وهذا ما نقرأه في لاويين21: 17-23 ورغم أن هذه العيوب لم تُفقدهم حقهم في كونهم أبناء هارون، إلا أنها صارت السبب في حرمانهم من التمتع بمركزهم ككهنة في أن يقربوا خبز إلههم. ويمكننا، من زاوية ما، أن نطبق هذا على حالتنا الآن باعتبارنا أولاد الله، وقد صرنا كهنة (رؤ1: 6). وإن كانت العيوب التي كانت تحول دون تقديم أبناء هارون خبز إلههم مجرد عيوب حرفيه بأجسادهم، إلا أننا يمكننا أن نرى فيها عيوبًا روحية، يمكن أن تعطّلنا من تقديم سجونا للرب، ولنتتبع معًا هذه العيوب، محاولين تطبيقها علينا، حيث أن كل ما كتب كتب لأجل إنذارنا نحن الذين انتهت إلينا أواخر الدهور (1كو10: 11). 1- الأعمى: يصوِّر لنا شخصًا لا يرى الأمور الإلهية. أو هو شخص أغلق ذهنه عن التجاوب مع نور الكلمة. 2- الأعرج: لا يمكنه السير المستقيم، وبالتالي فهو يمثِّل شخصًا طابعه العام هو اعوجاج في السلوك. 3- الأفطس: شخص عنده حاسة الشم ضعيفة، ويمثل شخصًا غير قادر على تمييز الأمور الإلهية، وليس لديه أيضًا الحس لجو قيادة الروح للعبادة. 4- الزوائدي: وهو شخص عنده بعض الزوائد، كثيرًا ما تكون في أصابع اليدين أو القدمين. ويمثل شخصًا غير سوي روحيًا. 5- فيه كسر يد أو رجل: وهو يمثل شخصًا لا يستطيع أن يعمل عملاً صحيحًا، ولا أن يسلك سلوكًا صحيحًا. 6- أحدب (مقوس إلى أسفل): شخص يفتكر في الأرضيات، فالأمور الزمنية والأرضية لها الاعتبار الأول عنده. كيف يمكن لهذا الشخص أن يقدم سجوده في محضر الرب؟ 7- أكشم، أي قصير القامة: وهو يمثِّل شخصًا لا ينمو في النعمة ولا في معرفة الرب يسوع المسيح (2بط3: 18). 8- في عينه بياض: العيب هذه المرة في العين، وقد يمكننا أن نرى فيه شخصًا لا يتمتع بالعين البسيطة التي تنظر في اتجاه واحد لإرضاء الرب، هل مؤمن كهذا يستطيع أن يأتي إلى محضر الله ساجدًا؟ 9- أجرب: يمثِّل شخصًا فيه أمراض روحية تؤذي المحيطين به. مثال ذلك الشخص المهرج أو الذي يطلق النكات القبيحة. 10- الكلف: هي حالة يظهر فيها بقع قاتمة على الجلد. ويمكن تطبيق هذا على الشخص غير واضح الهوية، الذي عنده استعداد أن يكون له مظهر في وسط زملاء العمل، ومظهر آخر وسط الأسرة، ومظهر آخر مع القديسين في محضر الله. هل مؤمن كهذا يستطيع أن يأتي إلى محضر الله ساجدًا؟ 11- مرضوض الخصي: أي غير المثمر. هذه العيوب تجعل صاحبها غير مؤهَل لأن يقرِّب خبز إلهه، وإن كانت النعمة سمحت له أن يأكل من الأمور المقدسة التي يقدمها الكهنة الآخرون في الاجتماع، أي السجود بعمل الروح القدس. وعلينا أن نتذكر أن الرب قادر على علاج أمثال هذه العيوب، ومن ثم يسترد هذا الكاهن لامتيازه ويمكنه عندئذ أن يُقرب خبز إلهه. |
||||
19 - 01 - 2025, 07:12 PM | رقم المشاركة : ( 184333 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خواطر حول سجود مريم بيت عنيا لم تحظَ امرأة، في كل التاريخ، بهذا القدر الهائل من الاحترام والتقدير كما حظت مريم أخت لعازر، لِما صنعته بالرب يسوع في قرية بيت عنيا، حينما صنعوا له هناك عشاءً. وقد أورد هذه الحادثة كل من: البشير متى (26: 6-12)، والبشير مرقس (14: 3-9)، والبشير يوحنا (12: 1-8). ونتحدث عن هذا الموضوع في سبع نقاط كالآتي: 1- خلفية هامة مما يعطي قيمة، ويُضفي جمالاً خاصًا، للصورة النابضة لتلك الحادثة الشهيرة، هي أنها سُجِّلت ببراعة بين موقفين على النقيض؛ فبينما يذكر البشيرون قبل تسجيل حادثة ”إكرام الرب في بيت عنيا“ تشاور رؤساء الكهنة والكتبة على كيفية الإمساك بيسوع لقتله، فإنه بعد ذكر الحادثة نقرأ عن تخطيط يهوذا الآثم كيف كان يتحين الفرصة لتسليم يسوع، متفقًا مع رؤساء الكهنة على ثلاثين من الفضة. بين هذين المشهدين لمؤامرات دنيئة تُحاك ضد المسيح، تبرز هذه المرأة ببريقها الخاص، في أروع المشاهد على الأرض لإكرام السيد الجليل وتكريمه. فيا للمباينة والبون الشاسع بينهم! 2- المناسبة التاريخية إن تلك القرية الصغيرة المغبوطة «بيت عنيا»، شهدت أعظم معجزات المسيح على الإطلاق؛ حيث أقام ميتًا كان له أربعة أيام في القبر. هناك كانت عائلة لها السبق في إضافة المسيح، تقديرًا لشخصه الإلهي، وتعبيرًا عن شكرهم العميق له إذ أقام أخوهم من الموت؛ فصنعوا له هناك عشاء. ولقد شهد بيت سمعان الأبرص مناسبة الاحتفاء بالمسيح، حيث كان تلاميذه أيضًا، وذلك قبيل الصليب، وكان جو العداء يحيط بالرب والبغضة له ملأت القلوب، ولكن المسيح وجَد في هذا البيت قلوبًا أنعشته بمحبتها وتقديرها وتكريمها إياه. الأمر الذي جعل الحادثة لا تُمحى من ذاكرة التاريخ. فما أروع آثار تلك الخدمة وهذا الاحتفاء! وما كان أروع توقيتها! فيا ليت روح الله يقونا ليكون لسجودنا وخدمتنا هذا الطابع الذي يحمل لمن افتدانا التقدير والإكرام الذي يستحقه! 3- امرأة تلفت الأنظار إن ما كان شائعًا في ذلك الوقت أن يقوم صاحب البيت المضيف بواجبات الضيافة لضيوفه (لو7: 44-46)، إلا أن المشهد هنا كان على غير العادة. فقد تقدّمت امرأة تحمل قارورة من الطيب «ناردين خالص كثير الثمن»، فكسرت القارورة، لا بحركة انفعالية، بل بحسابات المحبة والإيمان في القلب والعقل معًا، وسكبت ما فيها على رأس الرب وقدميه، ولم تُبقِِ لنفسها منه شيئًا. ثم أخذت تمسح قدميه بشعر رأسها. فيا له من مشهد نادر! والأعمال النادرة محدودة جدًا، ولكنها غالية القيمة. أ لم يتسرّب الخجل لصاحب البيت شعورًا بالتقصير في القيام بالواجب الكامل نحو السيد؟ أ لم يثِر هذا المشهد اندهاش الحاضرين وتعجبهم أيضًا؟ إلا أن لفت الأنظار لم يكن في حسابات تلك المرأة، حتى أن صوتها لم يُسمع ولم تعمل ضجيجًا، بل لقد أتت بهذا العمل باتضاع شديد. عكس الكثيرين منا، نحن الذين لا يفوتنا، حتى في أقدس أجواء العبادة والخدمة، أن نستعرض الذات بكبريائها في رداء روحي يبدو جميل المظهر أحيانًا. إننا معرَّضون جميعًا للوقوع في هذا الفخ: فخ استعراض الذات. فليتنا نحرص دائمًا على أن نقدِّم عبادتنا وخدمتنا في اتضاع حقيقي، باحثين عن إكرام وتقدير السيد، مقدِّمين له «ناردين خالص». أما تقدير قيمته ومدى نقاوته بحق، فهذا متروك للرب وحده. 4- لغة القلب إن هناك من المشاعر الحبية والأحاسيس الصادقة ما لا يمكن أن تُترجَم في عبارات مهما سمت، أو أعمال مهما عظمت؛ بمعنى أن العبارات أو أعمال المحبة قد تكون في بعض الأوقات قاصرة عن التعبير الكامل الدقيق بما يجيش به القلب، وهذا هو شعورنا أحيانًا من نحو الرب الذي أحبنا والذي نحبه. وما أتت به مريم في صمت، وبتلقائية، إنما كان مزيجًا من مشاعر الحب والتقدير الذي كان يزداد من يوم إلى آخر، من خلال لقاء وراء الآخر مع السيد. فقد عرفته معرفة تدريجية، بدأت بالجلوس عند قدميه تتعلم منه كنبي، إذ كان يحمل فكر الله إلى قلبها وعقلها. ولكن جاء الوقت لكي تتعرف عليه كالكاهن الذي يقدِر أن يعين المجربين، فعند رجليه (يو11: 32) نالت منه العطف والمعونة ومشاركتها أحزانها (يو11: 35). لقد أعلن المسيح لمرثا أعظم الإعلانات حين قال لها: «أنا هو القيامة والحياة»، أما مريم فقد جاوبها بذات اللغة التي تتكلم بها، وهي دموعها، فبكى يسوع! فما أروع ما رأت عينا مريم في ذلك الكاهن العظيم! فإن ما ترقرق من مقلتيها، ترقرق من مقلتيه أيضًا. أما في جلسة العشاء، فقد عرفته باعتباره ابن الله الحي الذي أقام أخاها من الموت، لذا فاض قلبها وإيمانها بخليط من مشاعر التقدير والتكريم، وصار إحساسها في حالة من السمو الذي تلاقى مع ما كان يحتاجه الرب فعلاً في تلك اللحظات الخالدة. فربما لم يصل إدراكها إلى ما أعلنه المسيح «إنها ليوم تكفيني قد حفظته»؛ بل كان هذا فقط هو تقدير المسيح لفعلها. ولكن يبقى أنها وحدها التي استطاعت في تلك اللحظات أن تُشبع قلب الرب بكيفية لم يفهمها ولم يصل إليها أي واحد من الحاضرين. 5- صوت المعارضة ما أردأ أن يُلبس الإنسان دوافعه الأنانية ثياب التقوى ويغلِّف البُخل في العطاء برداء عدم التبذير، هذا هو موقف الطمع من السخاء للرب، حيث اعتبر البعض أن ما قدمته هذه المرأة للرب «إتلافًا» أي كان يمكن أن يكون ثمن هذا الطيب ذا فائدة ونفع لدائرة أوسع من الناس الفقراء، وليس لشخص واحد. أ لم يكن هذا تلميحًا من يهوذا للمرأة أنها بعثرت المال بدون تروٍّ أو تفكير؟ وربما كان أيضًا تلميحًا للرب، كيف قَبِلَ هذا وهو نصير الفقراء. لقد كان يهوذا رجل الحساب ولم يكن رجل المحبة، لأنه أراد التربُّح من وراء تسليم الرب؛ فكانت النتيجة المأساوية أن خسر الكل! ونحن إن لم يكن لنا طابع السخاء للرب، فليتنا لا نكون من المعارضين، بل علينا أن نتوارى في خجل! 6- صوت التأييد ما أحلى أن تجد النفس - التي تُدان بواعثها، ويُفترى على أفعالها - أن إنصافها يأتي من الرب شخصيًا (مز37: 6). هذا ما فعله الرب هنا في عشاء بيت عنيا. فما قاله الرب كان تأييدًا لهذه المرأة وإنصافًا لها. أ ليس هذا درسًا عظيمَا فيه نتعلم المسيح، ونتعلم من المسيح! لقد وجَّه رب المجد حديثه للمعارضين لما فعلته مريم في جانبين: الأول نرى فيه التأييد من الوجهة السلبية في كلمتين؛ أولهما «اتركوها»، وثانيهما «لماذا تزعجونها؟». والجانب الثاني نرى فيه التأييد في وجهته الايجابية في ثلاث عبارات: الأولى: «عملت بي عملاً حسنا»، الثانية «عملت ما عندها»، الثالثة «قد سبقت ودهنت بالطيب جسدي، للتكفين». أ) التأييد في وجهته السلبية «اتركوها». ماذا يعني المسيح بهذا القول؟ يعني أن لا يصح أن تكون لكم العين الشريرة والبخيلة إزاء ما أكرمتني به. ولا تتدخلوا فيما صنعت. دعوها تستكمل ما بدأته، وما أبدته من مشاعر التقدير والتكريم والحب. عزيزي.. هل تترك أخاك وشأنه فيما يقوم به من خدمة للرب؟ خاصة إن لم يكن لك نفس أسلوب التفكير، أو طريقة الخدمة، أو ربما يختلف الأمر معك بالنسبة للمجال أو المكان. إن ما يقوم به الواحد منا ليس مقياسًا على الإطلاق، ولا هو النموذج الأمثل الذي ينبغي أن يكون عليه الآخرون. لذلك وجب قول المسيح «اتركوها». فهل نفعل؟! «لماذا تزعجونها؟». ربما خطر ببال مريم، بعد أن كسرت قارورتها وسكبتها على رأس الرب ودهنت قدميه، أنها قد تصرّفت تصرّفًا خاطئًا. لقد أوصل إليها أولئك المعارضون هذا الخاطر، وربما فكرت: لماذا لا تكون مخطئة، حيث إن الجميع في موقف المعارضة؟ لقد أزعجوها فعلاً بمرور هذه الخواطر على عقلها، فما كان لها فخر منذ لحظات جعلوه ذنبًا ارتكبته. كلا أيتها النفس إنه هناك، فلم يتردد في أن يعيدها، وبسرعة، إلى أجواء الحب العطر والأشواق الفائضة، بقوله لهم: «لماذا تزعجونها؟». ألا نسبب انكسارًا للبعض، وللبعض الآخر ثقلاً على ضمائرهم، حينما نلومهم على ما لا يروق لنا، سواء كان في عبادتهم أو خدمتهم أو عطائهم. لماذا تزعجونها؟ ب) التأييد في جانبه الايجابي «عملت بي عملاً حسنًا». إن كلمة حسنًا ”أجالوس“ تعني شيئًا جميلاً محبوبًا وله جاذبية. هذه نظرة المسيح لما عملته المرأة. لقد عملت ما هو محبَّب ومُلِِذ ومُسِرّ لنفسه. وكأنه يقول لهم: ”هل فهمتم آثار ما عملته بالنسبة لي شخصيًا“. «عملت ما عندها»: لقد قدّمت أقصى ما يمكن أن تعبِّر به عن محبتها وتقديرها وشكرها. «سبقت ودهنت»: إن قول الرب هذا «قد سبقت» يعني أنه كان لها المبادرة في القيام بتكفينه قبل موته. فبعد موته قام كل من يوسف الرامي ونيقوديموس بتكفين جسد المسيح بكرامة (يو19: 38-40). لكنها هي كانت البادئة، وهم أكملوا. هي بدأت وهو حي، وهم واصلوا العمل بعد أن مات. ولا شك أن إظهار المحبة والتقدير لشخص ما وهو حي أعظم آلاف المرات من نثر الزهور على قبره بعد الموت؛ وإن كنا لا نقلِّل أبدًا مما فعله يوسف الرامي ونيقوديموس طبقًا للظروف المتاحة والمناسبة لكل منهما. 7- العمل الخالد بالطبع لم تكن مريم تدرك أن هذا العمل الذي اتصف بالبساطة والتلقائية، بالحب والاتضاع، سيكون له هذا الخلود على مر التاريخ (مر14: 9). إنه النصب التذكاري الذي أقامه لها الرب على ما أبدته من نحوه في وقت شدّته. فلا شك أن هناك الكثير من جليل الأعمال التي لها جمالها الخاص وتأثيرها المبارك. فإن ما عملته مريم لم يسجَّل في سجلات البشر، بل تسجل في السجِلّ الإلهي على صفحات الوحي الدائم الوجود والدائم الأثر. ولا شك أن هناك، على مر التاريخ، مَنْ لهم مِن جليل الأعمال والخدمة، لا بشهادة الناس فقط، بل بشهادة الرب؛ وذلك عندما يكلِّل الرب هامات كل هؤلاء الذين سكبوا عند قدميه طيب النفس الساجدة صمتًا أو علانية، طيب المحبة المعطية جهرًا وسرًا، طيب الخدمة المضحية بالقليل أو الكثير. فله كل الإكرام وكل المجد. |
||||
19 - 01 - 2025, 07:14 PM | رقم المشاركة : ( 184334 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
بيت عنيا لم تحظَ امرأة، في كل التاريخ، بهذا القدر الهائل من الاحترام والتقدير كما حظت مريم أخت لعازر، لِما صنعته بالرب يسوع في قرية بيت عنيا، حينما صنعوا له هناك عشاءً. وقد أورد هذه الحادثة كل من: البشير متى (26: 6-12)، والبشير مرقس (14: 3-9)، والبشير يوحنا (12: 1-8). ونتحدث عن هذا الموضوع في سبع نقاط كالآتي: خلفية هامة مما يعطي قيمة، ويُضفي جمالاً خاصًا، للصورة النابضة لتلك الحادثة الشهيرة، هي أنها سُجِّلت ببراعة بين موقفين على النقيض؛ فبينما يذكر البشيرون قبل تسجيل حادثة ”إكرام الرب في بيت عنيا“ تشاور رؤساء الكهنة والكتبة على كيفية الإمساك بيسوع لقتله، فإنه بعد ذكر الحادثة نقرأ عن تخطيط يهوذا الآثم كيف كان يتحين الفرصة لتسليم يسوع، متفقًا مع رؤساء الكهنة على ثلاثين من الفضة. بين هذين المشهدين لمؤامرات دنيئة تُحاك ضد المسيح، تبرز هذه المرأة ببريقها الخاص، في أروع المشاهد على الأرض لإكرام السيد الجليل وتكريمه. فيا للمباينة والبون الشاسع بينهم! |
||||
19 - 01 - 2025, 07:15 PM | رقم المشاركة : ( 184335 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المناسبة التاريخية إن تلك القرية الصغيرة المغبوطة «بيت عنيا»، شهدت أعظم معجزات المسيح على الإطلاق؛ حيث أقام ميتًا كان له أربعة أيام في القبر. هناك كانت عائلة لها السبق في إضافة المسيح، تقديرًا لشخصه الإلهي، وتعبيرًا عن شكرهم العميق له إذ أقام أخوهم من الموت؛ فصنعوا له هناك عشاء. ولقد شهد بيت سمعان الأبرص مناسبة الاحتفاء بالمسيح، حيث كان تلاميذه أيضًا، وذلك قبيل الصليب، وكان جو العداء يحيط بالرب والبغضة له ملأت القلوب، ولكن المسيح وجَد في هذا البيت قلوبًا أنعشته بمحبتها وتقديرها وتكريمها إياه. الأمر الذي جعل الحادثة لا تُمحى من ذاكرة التاريخ. فما أروع آثار تلك الخدمة وهذا الاحتفاء! وما كان أروع توقيتها! فيا ليت روح الله يقونا ليكون لسجودنا وخدمتنا هذا الطابع الذي يحمل لمن افتدانا التقدير والإكرام الذي يستحقه! |
||||
19 - 01 - 2025, 07:16 PM | رقم المشاركة : ( 184336 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
امرأة تلفت الأنظار إن ما كان شائعًا في ذلك الوقت أن يقوم صاحب البيت المضيف بواجبات الضيافة لضيوفه (لو7: 44-46)، إلا أن المشهد هنا كان على غير العادة. فقد تقدّمت امرأة تحمل قارورة من الطيب «ناردين خالص كثير الثمن»، فكسرت القارورة، لا بحركة انفعالية، بل بحسابات المحبة والإيمان في القلب والعقل معًا، وسكبت ما فيها على رأس الرب وقدميه، ولم تُبقِِ لنفسها منه شيئًا. ثم أخذت تمسح قدميه بشعر رأسها. فيا له من مشهد نادر! والأعمال النادرة محدودة جدًا، ولكنها غالية القيمة. أ لم يتسرّب الخجل لصاحب البيت شعورًا بالتقصير في القيام بالواجب الكامل نحو السيد؟ أ لم يثِر هذا المشهد اندهاش الحاضرين وتعجبهم أيضًا؟ إلا أن لفت الأنظار لم يكن في حسابات تلك المرأة، حتى أن صوتها لم يُسمع ولم تعمل ضجيجًا، بل لقد أتت بهذا العمل باتضاع شديد. عكس الكثيرين منا، نحن الذين لا يفوتنا، حتى في أقدس أجواء العبادة والخدمة، أن نستعرض الذات بكبريائها في رداء روحي يبدو جميل المظهر أحيانًا. إننا معرَّضون جميعًا للوقوع في هذا الفخ: فخ استعراض الذات. فليتنا نحرص دائمًا على أن نقدِّم عبادتنا وخدمتنا في اتضاع حقيقي، باحثين عن إكرام وتقدير السيد، مقدِّمين له «ناردين خالص». أما تقدير قيمته ومدى نقاوته بحق، فهذا متروك للرب وحده. |
||||
19 - 01 - 2025, 07:20 PM | رقم المشاركة : ( 184337 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
لغة القلب إن هناك من المشاعر الحبية والأحاسيس الصادقة ما لا يمكن أن تُترجَم في عبارات مهما سمت، أو أعمال مهما عظمت؛ بمعنى أن العبارات أو أعمال المحبة قد تكون في بعض الأوقات قاصرة عن التعبير الكامل الدقيق بما يجيش به القلب، وهذا هو شعورنا أحيانًا من نحو الرب الذي أحبنا والذي نحبه. وما أتت به مريم في صمت، وبتلقائية، إنما كان مزيجًا من مشاعر الحب والتقدير الذي كان يزداد من يوم إلى آخر، من خلال لقاء وراء الآخر مع السيد. فقد عرفته معرفة تدريجية، بدأت بالجلوس عند قدميه تتعلم منه كنبي، إذ كان يحمل فكر الله إلى قلبها وعقلها. ولكن جاء الوقت لكي تتعرف عليه كالكاهن الذي يقدِر أن يعين المجربين، فعند رجليه (يو11: 32) نالت منه العطف والمعونة ومشاركتها أحزانها (يو11: 35). لقد أعلن المسيح لمرثا أعظم الإعلانات حين قال لها: «أنا هو القيامة والحياة»، أما مريم فقد جاوبها بذات اللغة التي تتكلم بها، وهي دموعها، فبكى يسوع! فما أروع ما رأت عينا مريم في ذلك الكاهن العظيم! فإن ما ترقرق من مقلتيها، ترقرق من مقلتيه أيضًا. أما في جلسة العشاء، فقد عرفته باعتباره ابن الله الحي الذي أقام أخاها من الموت، لذا فاض قلبها وإيمانها بخليط من مشاعر التقدير والتكريم، وصار إحساسها في حالة من السمو الذي تلاقى مع ما كان يحتاجه الرب فعلاً في تلك اللحظات الخالدة. فربما لم يصل إدراكها إلى ما أعلنه المسيح «إنها ليوم تكفيني قد حفظته»؛ بل كان هذا فقط هو تقدير المسيح لفعلها. ولكن يبقى أنها وحدها التي استطاعت في تلك اللحظات أن تُشبع قلب الرب بكيفية لم يفهمها ولم يصل إليها أي واحد من الحاضرين. |
||||
19 - 01 - 2025, 07:22 PM | رقم المشاركة : ( 184338 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صوت المعارضة ما أردأ أن يُلبس الإنسان دوافعه الأنانية ثياب التقوى ويغلِّف البُخل في العطاء برداء عدم التبذير، هذا هو موقف الطمع من السخاء للرب، حيث اعتبر البعض أن ما قدمته هذه المرأة للرب «إتلافًا» أي كان يمكن أن يكون ثمن هذا الطيب ذا فائدة ونفع لدائرة أوسع من الناس الفقراء، وليس لشخص واحد. أ لم يكن هذا تلميحًا من يهوذا للمرأة أنها بعثرت المال بدون تروٍّ أو تفكير؟ وربما كان أيضًا تلميحًا للرب، كيف قَبِلَ هذا وهو نصير الفقراء. لقد كان يهوذا رجل الحساب ولم يكن رجل المحبة، لأنه أراد التربُّح من وراء تسليم الرب؛ فكانت النتيجة المأساوية أن خسر الكل! ونحن إن لم يكن لنا طابع السخاء للرب، فليتنا لا نكون من المعارضين، بل علينا أن نتوارى في خجل! |
||||
19 - 01 - 2025, 07:23 PM | رقم المشاركة : ( 184339 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
صوت التأييد ما أحلى أن تجد النفس - التي تُدان بواعثها، ويُفترى على أفعالها - أن إنصافها يأتي من الرب شخصيًا (مز37: 6). هذا ما فعله الرب هنا في عشاء بيت عنيا. فما قاله الرب كان تأييدًا لهذه المرأة وإنصافًا لها. أ ليس هذا درسًا عظيمَا فيه نتعلم المسيح، ونتعلم من المسيح! لقد وجَّه رب المجد حديثه للمعارضين لما فعلته مريم في جانبين: الأول نرى فيه التأييد من الوجهة السلبية في كلمتين؛ أولهما «اتركوها»، وثانيهما «لماذا تزعجونها؟». والجانب الثاني نرى فيه التأييد في وجهته الايجابية في ثلاث عبارات: الأولى: «عملت بي عملاً حسنا»، الثانية «عملت ما عندها»، الثالثة «قد سبقت ودهنت بالطيب جسدي، للتكفين». أ) التأييد في وجهته السلبية «اتركوها». ماذا يعني المسيح بهذا القول؟ يعني أن لا يصح أن تكون لكم العين الشريرة والبخيلة إزاء ما أكرمتني به. ولا تتدخلوا فيما صنعت. دعوها تستكمل ما بدأته، وما أبدته من مشاعر التقدير والتكريم والحب. عزيزي.. هل تترك أخاك وشأنه فيما يقوم به من خدمة للرب؟ خاصة إن لم يكن لك نفس أسلوب التفكير، أو طريقة الخدمة، أو ربما يختلف الأمر معك بالنسبة للمجال أو المكان. إن ما يقوم به الواحد منا ليس مقياسًا على الإطلاق، ولا هو النموذج الأمثل الذي ينبغي أن يكون عليه الآخرون. لذلك وجب قول المسيح «اتركوها». فهل نفعل؟! «لماذا تزعجونها؟». ربما خطر ببال مريم، بعد أن كسرت قارورتها وسكبتها على رأس الرب ودهنت قدميه، أنها قد تصرّفت تصرّفًا خاطئًا. لقد أوصل إليها أولئك المعارضون هذا الخاطر، وربما فكرت: لماذا لا تكون مخطئة، حيث إن الجميع في موقف المعارضة؟ لقد أزعجوها فعلاً بمرور هذه الخواطر على عقلها، فما كان لها فخر منذ لحظات جعلوه ذنبًا ارتكبته. كلا أيتها النفس إنه هناك، فلم يتردد في أن يعيدها، وبسرعة، إلى أجواء الحب العطر والأشواق الفائضة، بقوله لهم: «لماذا تزعجونها؟». ألا نسبب انكسارًا للبعض، وللبعض الآخر ثقلاً على ضمائرهم، حينما نلومهم على ما لا يروق لنا، سواء كان في عبادتهم أو خدمتهم أو عطائهم. لماذا تزعجونها؟ ب) التأييد في جانبه الايجابي «عملت بي عملاً حسنًا». إن كلمة حسنًا ”أجالوس“ تعني شيئًا جميلاً محبوبًا وله جاذبية. هذه نظرة المسيح لما عملته المرأة. لقد عملت ما هو محبَّب ومُلِِذ ومُسِرّ لنفسه. وكأنه يقول لهم: ”هل فهمتم آثار ما عملته بالنسبة لي شخصيًا“. «عملت ما عندها»: لقد قدّمت أقصى ما يمكن أن تعبِّر به عن محبتها وتقديرها وشكرها. «سبقت ودهنت»: إن قول الرب هذا «قد سبقت» يعني أنه كان لها المبادرة في القيام بتكفينه قبل موته. فبعد موته قام كل من يوسف الرامي ونيقوديموس بتكفين جسد المسيح بكرامة (يو19: 38-40). لكنها هي كانت البادئة، وهم أكملوا. هي بدأت وهو حي، وهم واصلوا العمل بعد أن مات. ولا شك أن إظهار المحبة والتقدير لشخص ما وهو حي أعظم آلاف المرات من نثر الزهور على قبره بعد الموت؛ وإن كنا لا نقلِّل أبدًا مما فعله يوسف الرامي ونيقوديموس طبقًا للظروف المتاحة والمناسبة لكل منهما. |
||||
19 - 01 - 2025, 07:24 PM | رقم المشاركة : ( 184340 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
العمل الخالد بالطبع لم تكن مريم تدرك أن هذا العمل الذي اتصف بالبساطة والتلقائية، بالحب والاتضاع، سيكون له هذا الخلود على مر التاريخ (مر14: 9). إنه النصب التذكاري الذي أقامه لها الرب على ما أبدته من نحوه في وقت شدّته. فلا شك أن هناك الكثير من جليل الأعمال التي لها جمالها الخاص وتأثيرها المبارك. فإن ما عملته مريم لم يسجَّل في سجلات البشر، بل تسجل في السجِلّ الإلهي على صفحات الوحي الدائم الوجود والدائم الأثر. ولا شك أن هناك، على مر التاريخ، مَنْ لهم مِن جليل الأعمال والخدمة، لا بشهادة الناس فقط، بل بشهادة الرب؛ وذلك عندما يكلِّل الرب هامات كل هؤلاء الذين سكبوا عند قدميه طيب النفس الساجدة صمتًا أو علانية، طيب المحبة المعطية جهرًا وسرًا، طيب الخدمة المضحية بالقليل أو الكثير. |
||||