وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

[Mary Naeem]

«أول راهب مسيحى وأبو الرهبنة المسيحية»


هكذا وصفت دائرة المعارف البريطانية الأنبا أنطونيوس أبوالرهبان، ومؤسس الرهبنة بمصر والعالم، الذي احتفلت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر وكل بلاد المهجر في 30 يناير، الموافق 22 من شهر طوبة وفقًا للتقويم القبطي، بتذكار نياحته «وفاته».


أكثر من 16 قرنًا على نياحة الأنبا أنطونيوس ومازالت تعاليمه في أولاده وفى النهج الذي اختطه وفى ذكراه، صاحب حياة بدأت ولم تنته.. عاش في حياة الوحدة والنسك والصلاة ما يقرب من ثمانين عاماً.. فما الذي دفع شاباً غنياً إلى ذلك، وكان العالم منفتحاً أمامه، ويملك ثلاثمائة فدان من أجود الأطيان في الصعيد، وكان أبوه ذا مركز وسلطان، ويستطيع أن يرثه في المركز والكرامة، إن الدنيا لم تضق ليهرب منها، فلماذا إذن تركها؟ إنه لم يهرب من العالم، بل ارتفع فوق مستوى العالم، والأطيان، والغنى، والسلطة، بل العالم كله بكل شهواته. كانت حياة جديدة، لم تكن هروباً من العالم.

وعلى خطى الأنبا أنطونيوس، امتلأت برية مصر بالمتوحدين والمتوحدات، والرهبان والراهبات، في هذا الصدد ذكر المقريزى عنه في كتابه الخطط المقريزية الجزء السابع: «كان الراهب أنطونيوس المصرى، وهو أول من ابتدأ بلبس الصوف وابتدأ بعمارة الديارات في البرارى وأنزل بها الرهبان».. كما انطلقت وازدهرت حياة الرهبانية في العالم. إنه لم يكن أبا رهبان فقط، وإنما أبٌ للرهبنة ذاتها.. كما ذكر البابا شنودة في كتابه «تأملات في حياة أنطونيوس»: كل راهب في الدنيا يعتبر نفسه أبنا للقديس الأنبا أنطونيوس، ليس الأقباط فقط، وإنما الكاثوليك أيضا، وكل الأرثوذكسى، شرقيين وغربين، وكل محبى الوحدة في العالم، الكل يشتركون معاً في محبته وإكرامه وفى البنوة له.

ترك «الأنبا أنطونيوس» الزواج والنسل الجسدى، لكن له مئات الآلاف من الأبناء. كل رهبان العالم أولاده. هو الذي وضع أساس الرهبنة الأصيل، والنظام الذي وضعه هو الذي بقى أكثر من غيره.. فكان يبنى الراهب من الداخل بمحبة الوحدة والسكون أكثر مما يبنيه بقوانين صارمة تحفظ طاعته.

ما نعرفه عن حياة القديس أنطونيوس موجود في السيرة اليونانية (حياة أنطونيوس) التي كتبها أثناسيوس الرسولى البابا العشرون من تلاميذه، والمتداولة باللاتينية. توفر العديد من المواعظ والرسائل الباقية ذات الأصالة المتفاوتة تفاصيل قليلة عن السيرة الذاتية. حمل القديس أثناسيوس كاتب قصة حياة القديس أنطونيوس، في زيارته إلى روما عام 339، وأشاع في إيطاليا طريقة الأنبا أنطونيوس في النسك فانتشرت، وكانت أقوى عامل لازدهار الحياة النسكية في غرب أوروبا، وقد وصف القديس أثناسيوس، القديس أنطونيوس بقوله: «إنه أبوالرهبان وكوكب البرية»، ويعد أول مصابيح البرية ومؤسس الرهبنة التي هي فلسفة المسيحية الروحية.


وكما ذكر أنبا يسطس، أسقف ورئيس دير الأنبا أنطونيوس بالبحر الأحمر، في كتابه «حياة الأنبا أنطونيوس بقلم البابا أثناسيوس الرسولى»: ولد أنطونيوس عام 251 في بلدة قمن العروس بمحافظة بني سويف لوالدين ثريين. توفي والداه وتركاه في رعاية أخته غير المتزوجة، وكان عمره وقتئذ 18 أو 20 عاماً. ولم يمض على وفاة والديه ستة أشهر».. وذهب «أنطونيوس» للكنيسة، فسمع كلمات الإنجيل التي تقول: (إن أردت أن تكون كاملاً، فاذهب وبع ما لك وأعط الفقراء، فيكون لك كنز في السماء. وتعال اتبعني)، (متى 21:19 ). قرر أن يتبع الآية. وفي الحال خرج من الكنيسة وأعطى أهل قريته ما ورثه عن أبويه ثلاثمائة فدان، أعطى ثروته للفقراء والمحتاجين، ووضع أخته مع مجموعة من العذارى الأمنيات لتنشأ فيه، وهو نوع من دير الراهبات الأولي في ذلك الوقت. وتفرغ هو للنسك خارج قريته، إذ لم تكن هناك في ذلك الوقت أديرة في مصر. كان في القرية المجاورة شيخ عاش حياة النسك منذ شبابه، وبعد أن رآه أنطونيوس اقتدى به في التقوى.

في أول الأمر ابتدأ يقيم في أماكن خارج قرية الميمون، ثم عقد النية على إكمال النسك وارتحل إلى المقابر التي كانت على بعد أميال قليلة من ناحية الميمون (الميمون هي بلدة على ضفة النيل بمحافظة بنى سويف وهى كانت مقابلة لقريته التي ولد بها، والميمون الآن بها دير للأنبا أنطونيوس في المكان الذي سكن فيه) ومكث بها وزاد في نسكه والصلاة والزهد والتقشف، ساهراً طوال الليل للصلاة، ويأكل مرة كل يومين وأحيانا كل أربعة أيام وكان طعامه من الخبز والملح، ورداؤه من جلد الشاة فوقه، ونال قوة روحية. واستمر فترة على هذه الحال، وكان عمره وقتئذ نحو خمسة وثلاثين عاماً وأصبح أكثر ميلا لحياة الفضيلة، وعبر النهر قاصداً البرية الشرقية. ويقال سبب توغله في الصحراء الداخلية كان متوحداً إلى جوار النهر، وإذا بامرأة لا حياء لها، قد جاءت إلى حيث كان ساكناً يتعبد، وبدأت تخلع ملابسها، لتنزل إلى البحر لتستحم أمامه وهى لا تخجل، أما هو فقد خجل، وأنّبها قائلا: «يا امرأة أما تستحين أن تتعرى أمامى وأنا رجل راهب؟! فأجابته: لو كنت راهباً، لدخلت إلى الجبل في البرية الجوانية، لأن هذا المكان لا يصلح لسكنى الرهبان.. قالت ذلك وهى تضحك منه باستهزاء. أما الأنبا أنطونيوس فأخذ كلمة الاستهزاء هذه بجدية، وقال: حقا هذا صوت الله لى على فم هذه المرأة ودخل أعماق الجبل وكان دخوله بركة للعالم وانتفع روحيا من كلمة الاستهزاء».



ووجد حصناً مجهوراً وسكن فيه وقضى وقتا طويلا في تدريب نفسه ولم يخرج منه أو يتطلع إلى أي شخص.. هكذا ظل عشرين عاماً يدرب نفس في الوحدة لا يخرج إطلاقاً. ظهر له ملاك ذات يوم بشكل رجل متشح برداء طويل ومتمنطق بمنطقة من جلد ولابس زنار صليب كالإسكيم، وقد غطى رأسه بقبعة، وهو جالس يضفر الخوص، ثم يقوم يصلي، ويعود يضفر الخوص، ثم يقوم ثانية للصلاة، وأنطونيوس يتأمله مندهشاً، فالتفت أخيراً إلى أنطونيوس قائلاً له: «اعمل هكذا تسترح» ثم اختفى عنه، فعلم أنطونيوس أن الرب أرسل ملاكه ليعلمه كيفية العبادة بالصلاة وعمل اليدين، فاتخذ أنطونيوس زي الرهبنة وخاصة الإسكيم الرهباني والقلنسوة المملوءة صلباناً، على الشبه الذي كان الملاك متشحاً به. ولما كثر الذين أرادوا برغبة حارّة أن يقلدوا نسكه، فاضطر أن يخرج إليهم «أنطونيوس». وهكذا أقيمت الصوامع في الجبال، وعمرت البرية بالرهبان، وسن لهم القوانين، وذلك في عام 305، وكان عمره حينئذ خمسة وخمسين عاما، وصار لهم أبًا ومرشداً. وكان يخاطبهم باللغة المصرية بالنصائح والإرشادات الكثيرة .
بعد هذا حل بالكنيسة الاضطهاد، حتى جاء زمن الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور مكسيميانوس عام 311، وعندما اقتيد الشهداء إلى الإسكندرية، فنزل من صومعته وعزته هو وبعض أولاده إلى الإسكندرية. وخدم المعترفين في المناجم والسجون وساحات القضاء، والذين دعوا لالستشهاد فكان يقويهم ويسندهم، إلى أن توقف الاضطهاد باستشهاد البابا بطرس خاتم الشهداء، عاد أنطونيوس ثانية في صومعته، وبقى هناك، وابتدأ بنسك أشد صرامة، واعتزم ألا يخرج بعد. وعندما رأى أنه محاط بالكثيرين، فكر واعتزم الذهاب إلى طيبة العليا. ولكن بعد إرشاد الله له ارتحل إلى الصحراء الداخلية، ووصل إلى جبل عال جدا، وكان عند سطح الجبل البحرى ينبوع ماء صاف عذب، فانفرد فيه أنطونيوس ومكث فيه بقية حياته.

ولما عرف الإخوة مكانه، أقاموا رهبنتهم عند سهل الجبل- وهو الآن ديره العامر في البحر الأحمر وبه مغارته والماء الذي ينزل من الصخور، وهو المصدر الوحيد للماء هناك للدير- يعد أول دير أنشئ في العالم، وبقيت إقامة أنطونيوس في مغارته. يقال عنه «العزبة» كما ذكر المقريزى «دير العزبة» هذا الدير يسار إليه في الجبل الشرقى ثلاثة أيام، وبينه وبين بحر القلزم مسافة يوم كامل، وبناه أنطونيوس، ورهبان هذا الدير لا يزالون دهرهم صائمين، لكن صومهم إلى العصر فقط، ثم يفطرون خلال الصوم الكبير والبرمولات، فإن صومهم في ذلك إلى طلوع النجم، والبرمولات هي الصوم كذلك بلغتهم. وكان حريصا على أن يؤدى عملاً شاقاً، فكان يصنع سلالاً. وكان ينزل لهم كل شهر ويزورهم في مساكنهم ويعظهم، وكان أنطونيوس قد تقدم في السن.

ذكر أثناسيوس لقاء الأنبا أنطونيوس.. تفاصيل اللقاء الأخير مع الرهبان وقال: زار الرهبان إذ عرف أن نهاية أيامه وقال للإخوة: «هذه آخر زيارة أقوم بها لكم، وإن رأينا بعضنا بعضاً مرة أخرى في هذه الحياة كان ذلك مثاراً للدهشة. أخيرا قد قرب ارتحالى، لأننى أشرفت على المائة وخمسة أعوام». وعندما سمعوا هذا بكوا وعانقوا الشيخ وقبلوه، أما هو فتكلم بفرح كأنه مسافر من مدينة غريبة إلى وطنه. وقام بإرشادهم وتقويتهم.

خشى أنطونيوس من عادة المصريين إكرام أجساد الصالحين وعدم دفنهم تحت الأرض بل وضعها على آرائك وحفظها، ظانين بهذا يكرمون الراحلين، وخاف أن يعامل جسده بتلك الطريقة. بعد أن ودع الرهبان في الجبل الخارجى، أسرع «أنطونيوس» بالدخول إلى الجبل الداخلى الذي اعتاد الإقامة فيه، وفى عام 356 تنيح القديس أنطونيوس، وبناءً على وصيته لتلميذيه لفاه ودفناه مخبئين جسده تحت الأرض. وطبقاً لبعض المخطوطات الموجودة بالدير وبعض كتب التاريخ الكنسى، التي تتناول سيرة القديس وتاريخ ديره العامر، نؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن جسد القديس أنطونيوس مدفون بداخل الكنيسة الأثرية بالدير، بديره بالصحراء الشرقية بالبحر الأحمر.

تعتبر مغارة الأنبا أنطونيوس أشهر مكان بديره بالبحر الأحمر، ويقع خارج الدير من الجهة الغربية في أعلى جبل القلزم بسلسلة جبال الجلالة القبلية، وتبعد المغارة عن الدير حوالى 2500 متر، وتستغرق رحلة الصعود 45 دقيقة سيراً على الأقدام على سلالم منحوتة في الجبل تصل لأكثر من ظ،ظ¤ظ ظ درجة، وصولًا للمغارة وهى عبارة عن «شق» كبير داخل الجبل، وبداخلها مذبح صغير، مساحتها خمسة أمتار وعرضها متران، لا تتسع إلا لدخول فرد واحد فقط. يتمتع الدير بجاذبية تاريخية وروحانية كبيرة.

[Mary Naeem]

الأنبا أنطونيوس مصري ترك ثروته وأملاكه من أجل حياة الرهبنة

في 31 يناير من كل عام تحل ذكرى وفاة الأنبا أنطونيوس «أبوالرهبان»، إذ يتكدس ديره العامر بمنطقة البحر الأحمر بمحبيه من كل أنحاء العالم، فالرجل ترك ثروته وأملاكه في صعيد مصر، وانتهج نموذج حياة الرهبنة، ليعلم تلاميذه مهارة العيش في الوحدة مع التخلى عن مظاهر الحياة.


«إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِى السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِى».. آية مدونة في الإنجيل على لسان السيد المسيح، يقرؤها ويسمعها المسيحيون في العالم كله، ويتأثرون ويتأملون، ولكن تأثير هذه الآية في شاب مصرى، لم يتجاوز العقد الثانى من عمره، كان كبيرًا بالقدر الذي دفعه لبيع أملاكه الوفيرة والتخلى عن غناه المادى، والخروج من العالم معتزلًا الناس مقدمًا صورة غير نمطية من صور العبادة لله.

كان غرض الشاب المصرى الصعيدى، أنطونيوس، أن يخرج من العالم، ويخرج العالم برغباته وشهواته وأباطيله من قلبه، فاعتزل الناس وخرج للعيش في الصحراء، عازفًا عن الزواج ووفرة الملابس ومسرات الدنيا، في حياة ملؤها الصوم والزهد والعبادة فقط، وبعد سنين طويلة في وحدته فوجئ بعشرات ثم مئات الشبان يقرعون باب صومعته، يطلبون التلمذة على يديه وأن يعلمهم مهارة العيش في الوحدة ودروس العيش في الحياة مع التخلى عن مظاهر الحياة.

وبعدما تحول مريدو أنطونيوس المصرى للآلاف وعشرات الآلاف صار الاعتزال للتعبدثورة كنسية مصرية، اجتاحت عدواها العالم المعروف آنذاك، في بداية القرن الرابع الميلادى، واقترن اسم أنطونيوس المصرى بحركة الرهبنة، ولُقّب في كل الأرض بأنطونيوس أبوالرهبان.
أنطونيوس أبوالرهبان وُلد في بلدة قمّن العروس، التابعة لمركز الواسطى بمحافظة بنى سويف، حوالى عام 251 ميلادية، من والدين غنيين، لم ينجبا غيره وأختًا صغرى. مات والده فوقف أمام الجثمان يتأمل زوال هذا العالم، وفى عام 269 ميلاديًا، عقب وفاة أبيه، دخل ذات يوم الكنيسة وسمع الإنجيل يقول: «إِنْ أَرَدْتَ أَنْ تَكُونَ كَامِلًا فَاذْهَبْ وَبعْ أَمْلاَكَكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ، فَيَكُونَ لَكَ كَنْزٌ فِى السَّمَاءِ، وَتَعَالَ اتْبَعْنِى»، فشعر أنها رسالة شخصية تمس حياته.

عاد إلى أخته الصغرى يعلن لها رغبته في بيع نصيبه وتوزيعه على الفقراء ليتفرغ للعبادة بزهد، فأصرت ألا يتركها حتى يسلمها لبيت للعذارى بالإسكندرية «يشبه بيت المكرسات حاليًا».

واعتزل الشاب أنطونيوس الناس ولكنه سكن قرب القرى في البداية، وكان يقضى كل وقته في الصلوات بنسك شديد، ورغم نشأته السابقة كشاب غنى إلا أنه بعد توزيع ممتلكاته على الفقراء اكتفى أن يكون عمله هو ضفر الخوص «أى صُنع السلال والمقاطف من الخوص وسعف النخيل»، وهى مهنة لا تُدر دخلًا معتبرًا، وهو ما رآه أنطونيوس مناسبًا للراهب، الذي يتعمد أن يصير فقيرًا حتى لا يغتر بمغريات العالم تدريجيًا، وبعد قرابة 30 سنة من وحدة أنطونيوس التف حوله الآلاف فوضع لهم نظام الرهبنة.

ويقول الراهب والباحث الشهير الراحل، القمص «متى المسكين»، إن مصر مهد الرهبنة في العالم، وعن مصر أخذت جميع الدول الرهبنة كنظام شعبى وكنسى في آن واحد. وقد بدأت الرهبنة على يد القديس أنطونيوس سنة 305 م.

كيف وصلنا تاريخ الأنبا أنطونيوس

تأثر الكثيرون بقصة أنطونيوس المصرى، لذا لُقب بالأنبا أنطونيوس، ويُقصد بها الأب الكبير أنطونيوس وممن التقوه وتأثروا به كان البابا الأنبا أثناسيوس، البطريرك العشرون في باباوات الإسكندرية، الذي ألف أول كتاب عن حياة الأنبا أنطونيوس، بعد وفاته، تحت إلحاح وضغط عبر رسائل من رهبان الغرب، الذين وصلتهم قصة أنطونيوس المصرى وأبهرتهم، فخرجوا أفرادًا أو في تجمعات يبتغون التشبه بالمصرى الذي ملأت أخباره الدنيا، وكانوا يحلمون بمعرفة تفاصيل التفاصيل عن حياة أنطونيوس، بعد وفاته.

وفى مقدمة كتابه الذي كتبه البابا أثناسيوس في النصف الثانى من القرن الرابع، حوالى 360 م، وقال مخاطبًا الرهبان في الأرجاء الأجنبيةـ حسب تعبيره: «لقد دخلتم في منافسة نبيلة مع رهبان مصر بعزمكم، إما على مساواتهم أو التفوق عليهم في طريق الفضيلة.. ونظرًا لأنكم طلبتم منى أن أقدم وصفًا عن حياة أنطونيوس المباركة فإنى بكل استعداد قبلت تحقيق رغبتكم وكطلبكم استعدت من ذاكرتى نظرًا لأن موسم الإبحار قرب على الانتهاء، ونظرًا لاستعجال حامل خطابكم».

وتمت ترجمة كتاب الأنبا أثناسيوس إلى اللاتينية في عام 374 م، وساعدت الترجمة اللاتينية في أن تصبح حياة أنطونيوس واحدًا من أشهر الأعمال الأدبية في العالم المسيحى، ثم تُرجمت إلى عدة لغات، وأصبحت من أكثر الكتب مبيعًا في يومها، ولعبت دورًا مهمًا في انتشار الرهبنة الشرقية والغربية. واعتمدت أوروبا الغربية على كتاب أثناسيوس من خلال ترجمته اللاتينية.

الرهبنة المصرية عاشت ولم تتآكل

تأثر الكثيرون بحياة أنطونيوس وتبعوا أسلوبه في اعتزال العالم وأضافوا أساليبهم الخاصة، يقول القمص متى المسكين: «إن أنبا باخوميوس أول من أسس ديرًا عام 318 ميلاديًا، ولأن رهبنة أنطونيوس كانت مصرية في منهجها أكثر من رهبنة باخوميوس، لذلك ظلت حية حتى اليوم تأخذ من البيئة المصرية وتعطيها دون أن تتآكل، بعكس الرهبنة الباخومية، التي لم تدُم أكثر من قرن واحد».

البابا رقم 29 أول بطريرك من الرهبان

منذ أن كتب البطريرك أثناسيوس كتابه عن «حياة أنطونيوس» والكنيسة تتخذ حياة أنطونيوس مثالًا وقيمة عظيمة، وكان ينظر للرهبان نظرة اعتبار كونهم أكثر من يحبون الله بدليل تركهم العالم ومغرياته رغبة في التفرغ للعبادة.

وكان يوم 29 سبتمبر من عام 496 ميلاديًا يومًا تاريخيًا عندما أجمع القادة الدينيون للأقباط على اختيار البطريرك رقم 29 في تاريخ بطاركة الإسكندرية، وهو الأنبا يوحنا الأول.

ووُلد هذا البطريرك بمدينة الإسكندرية ومال إلى حياة الرهبنة، فترهب واختير للبطريركية فاعتذر وتمنّع ولكن الأساقفة والكهنة والأراخنة أخذوه قهرًا ورسموه في 29 سبتمبر سنة 496 ميلاديًا، ولما جلس على الكرسى البابوى اهتم اهتمامًا زائدًا بالتعليم والوعظ وهو أول بطريرك أخذ من الرهبان، وظل على الكرسى البابوى لمدة ثمانى سنوات وسبعة أشهر حتى رحل عن العالم.

وعلى صعيد متصل، أثار الدكتور جرجس جاولى، أستاذ النحت الميدانى والفراغى بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، رواد التواصل الاجتماعى، بعد نشره صورًا لتمثال ضخم للأنبا أنطونيوس، بمناسبه ذكرى عيده، والذى يُعتبر التمثال الأكبر للأنبا أنطونيوس في العالم.

ويقول «الجاولى» إن طول التمثال 9 أمتار ويزن حوالى 2 طن، وتم استخدام مادة GRb في صنعه.

وأضاف: «بدأت العمل على التمثال قبل حوالى عامين، وتم وضعه في دير الأنبا أنطونيوس في محافظة البحر الأحمر، ومازال قيد التجهيزات النهائية قبل افتتاحه رسميًا».

وأوضح الدكتور الجاولى أن «التمثال يجمع بين فن النحت المصرى القديم والفن الرومانى الذي كان معاصرًا للأنبا أنطونيوس، وهذا ما كنت أحاول توصيله من خلال العمل الضخم المكون من حوالى 20 منحوتة، تجسيد روح الرهبنة عبر العصور بشكل مميز».

في ختام حديثه، أشار الدكتور جرجس إلى أن تمثال الأنبا أنطونيوس يُعد تحفة فنية ضخمة وشهيرة له على مستوى العالم، وليس فقط في مصر، مما يبرز أهمية وتأثير هذه الشخصية الدينية والتاريخية.

في 31 يناير من كل عام تحل ذكرى وفاة الأنبا أنطونيوس «أبوالرهبان»، إذ يتكدس ديره العامر بمنطقة البحر الأحمر بمحبيه من كل أنحاء العالم، فالرجل ترك ثروته وأملاكه في صعيد مصر، وانتهج نموذج حياة الرهبنة، ليعلم تلاميذه مهارة العيش في الوحدة مع التخلى عن مظاهر الحياة.

[Mary Naeem]

محبة الله ورحمته هما أساس خلاصنا.
حتى عندما كنا أمواتًا روحيًا في خطايانا،
فإن محبة الله'ونعمته جلبت لنا حياة جديدة في المسيح.

[Mary Naeem]

إن خلاصنا ليس مكتسبًا بأعمالنا الصالحة،
بل هو نتيجة صلاح الله ولطفه ورحمته.
إنه عمل النعمة الذي يأتي بقوة الروح القدس المتجددة.

[Mary Naeem]

محبة الله ورحمته ثابتة لا تتزعزع.
أمانته عظيمة، ورأفته تتجدد كل يوم.
العدد 23:19

"لَيْسَ اللهُ بِإِنْسَانٍ فَيَكْذِبَ، أَوِ ابْنُ إِنْسَانٍ فَيَكْذِبَ،
أَوِ ابْنُ إِنْسَانٍ فَيُغَيِّرَ رَأْيَهُ. هَلْ قَالَ فَلَا يَفْعَلُ؟
أَمْ تَكَلَّمَ فَلاَ يَفْعَلُ؟
الانعكاس: على عكس البشر، الله لا يكذب
أو يغير رأيه. كلمته جديرة بالثقة،
ووعوده أكيدة. ما تكلم به سيحققه.

[Mary Naeem]

إن طبيعة الله التي لا تتغير
هي مصدر استقرار وأمان لشعبه.
ولأنه لا يتغير، فإن محبته وأمانته للعهد تبقى ثابتة.
2 تيموثاوس 2:13

"إن كنا غير مخلصين فهو يبقى مخلصًا -
لأنه لا يستطيع أن ينكر نفسه".
الانعكاس: حتى عندما نكون غير مخلصين،
يظل الله أمينًا على شخصيته ووعوده.
لا تعتمد أمانته على أدائنا بل على طبيعته التي لا تتغير.

[Mary Naeem]

إن حضور الله لا مفر منه وشامل لكل شيء.
لا يوجد مكان في الكون يمكن للمرء
أن يهرب فيه من روحه.
إنه حاضر في كل عالم وموقع،
يرشد ويدعم خليقته.

[Mary Naeem]

إنه حاضر في كل عالم وموقع،
يرشد ويدعم خليقته

[Mary Naeem]

يعد يسوع بحضوره الدائم مع تلاميذه
أثناء قيامهم بالمأمورية العظمى.
حضوره غير محدود بزمان أو مكان،
بل يمتد إلى نهاية الدهر.

[Mary Naeem]

إن حضور الله هو مصدر الحماية
والقوة والعون في أوقات الشدة.
إنه ليس بعيدًا أو منعزلًا
ولكنه متاح بسهولة لمن يطلبه.