09 - 11 - 2024, 12:38 PM | رقم المشاركة : ( 178021 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف يمكن للأزواج الشباب الحفاظ على حدود صحية أثناء نموهم معًا إن رحلة الزواج هي رحلة وحدة جميلة، ومع ذلك من الضروري أن نتذكر أنه حتى عندما يصبح اثنان شخصًا واحدًا، يظل كل زوجين فردًا فريدًا مخلوقًا على صورة الله. إن الحفاظ على الحدود الصحية أثناء نموهما معًا هو توازن دقيق، ولكنه توازن دقيق، ولكنه عندما يتحقق يؤدي إلى زواج قوي ومزدهر يمجد الله. يجب أن نفهم أن الحدود السليمة في الزواج ليست جدرانًا تفصل بيننا، بل هي أسوار تحمي وتحدد. إنها متجذرة في الاحترام المتبادل والمحبة والالتزام المشترك بتكريم الله في علاقتكما. كما ينصح سفر الأمثال 4:23 "احفظ قلبك قبل كل شيء لأن كل ما تفعله يتدفق منه". هذه الحراسة لا تنطبق فقط على التأثيرات الخارجية ولكن أيضًا على كيفية تفاعلنا داخل علاقاتنا الأكثر حميمية. أحد الجوانب المهمة للحفاظ على الحدود الصحية هو الحفاظ على الهويات الفردية داخل الزواج. لقد وهب الله كل واحد منكما مواهب وشغفًا وميولًا ودعوات فريدة من نوعها. شجعوا بعضكم البعض على متابعة هذه الاهتمامات والأهداف الفردية. قد يعني هذا تخصيص وقت للهوايات الشخصية، أو الحفاظ على الصداقات الفردية، أو دعم التطلعات المهنية لكل منكما. تذكري أن الزواج القوي يتكون من فردين كاملين، وليس من نصفين يبحث كل منهما عن الاكتمال في الآخر. من المهم أيضًا الحفاظ على حدود عاطفية صحية. في حين أن العلاقة الحميمية العاطفية هي جزء جميل من الزواج، إلا أنه من المهم أن تدرك أن زوجك لا يستطيع ولا ينبغي أن يلبي جميع احتياجاتك العاطفية. كوِّن شبكة دعم من الأصدقاء والعائلة ومجتمع كنيستك. هذا لا يخفف الضغط عن زوجك فحسب، بل يثري حياتك وزواجك بعلاقات متنوعة. كما أن الحدود الجسدية مهمة بنفس القدر، خاصة في ثقافتنا التي تتسم بالجنسية المفرطة. ناقشوا واتفقوا على التفاعلات المناسبة مع الآخرين من الجنس الآخر. لا يتعلق هذا الأمر بالغيرة أو السيطرة، بل يتعلق بحماية قدسية زواجكما وتجنب حتى مظهر عدم اللياقة. كما ينصح بولس في 1 تسالونيكي 5:22، "ارفضوا كل نوع من الشر". الحدود المالية هي مجال آخر بالغ الأهمية. كن شفافًا بشأن عادات الإنفاق، وناقشا القرارات المالية الرئيسية معًا، واحترما الميزانيات المتفق عليها. إذا كان أحد الزوجين يميل إلى الإفراط في الإنفاق أو كان الآخر مقتصداً بشكل مفرط، فاعملا معاً لإيجاد نهج متوازن يكرم تدبير الله وأهدافكما المالية المشتركة. إدارة الوقت هو مجال غالبًا ما يتم تجاهله حيث تكون الحدود ضرورية. في حين أن قضاء وقت جيد معًا أمر حيوي لزواج قوي، من المهم أيضًا أن يكون هناك وقتًا منفصلًا. وهذا يشمل وقتًا شخصيًا للراحة والتأمل والنمو الروحي، بالإضافة إلى وقت للعلاقات والمسؤوليات الأخرى. كان يسوع نفسه غالبًا ما ينسحب إلى أماكن منعزلة للصلاة (لوقا 5:16)، نموذجًا لأهمية العزلة حتى في خضم العلاقات والعمل المهم. في مجال صنع القرار، تتضمن الحدود الصحية احترام كل من الزوجين لمدخلات الآخر وإيجاد توازن بين الاستقلالية والاعتماد المتبادل. يجب اتخاذ القرارات الرئيسية معًا، ولكن يجب أن تكون هناك أيضًا مجالات يتمتع فيها كل من الزوجين بالاستقلالية. وهذا يتطلب تواصلًا واضحًا وثقة متبادلة. من الضروري الحفاظ على حدود صحية مع العائلة الممتدة. في حين أن إكرام الوالدين هو تفويض من الكتاب المقدس، تذكر أن ولاءك الدنيوي الأساسي هو الآن لزوجتك. كما جاء في سفر التكوين 2:24: "لِهَذَا يَتْرُكُ الرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَتَّحِدُ بِامْرَأَتِهِ وَيَصِيرَانِ جَسَدًا وَاحِدًا." ضع توقعات واضحة حول المشاركة الأسرية والزيارات واتخاذ القرارات التي تعطي الأولوية لزواجك مع احترام العلاقات الأسرية الممتدة. |
||||
09 - 11 - 2024, 12:48 PM | رقم المشاركة : ( 178022 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ماذا يعلمنا سفر التكوين عن تصميم الله الأصلي للرجل والمرأة عندما ننتقل إلى الصفحات الأولى من الكتاب المقدس، نواجه رؤية قوية لتصميم الله الأصلي للبشرية. في سفر التكوين، نرى أن الله خلق الرجل والمرأة على صورته ومثاله (تك 1: 27). تكشف هذه الحقيقة الأساسية عن الكرامة والقيمة المتساوية للرجل والمرأة في نظر الله. نحن جميعًا حاملون للصورة الإلهية، مدعوون لنعكس صلاح الله ومحبته في العالم. قال الرب الإله: "لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ الإِنْسَانُ وَحْدَهُ. سأصنع له مساعدًا مناسبًا له" (تك 2: 18). هنا نرى أنه منذ البداية، قصد الله أن يكون الرجل والمرأة في علاقة، ليكمل كل منهما الآخر ويكمله. خُلقت المرأة كشريكة للرجل و"معينة" له، وليست تابعة له. تُستخدم الكلمة العبرية التي تعني المساعد، عزير، أيضًا لوصف الله نفسه - فهي تدل على القوة والدعم، وليس على الدونية (جو وآخرون، 2018). عندما يقدم الله المرأة لآدم، يهتف بفرح: "هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي" (تك 2: 23). يتم التأكيد على وحدتهما ومساواتهما - لم تؤخذ المرأة من رأس الرجل لتتسلط عليه، ولا من رجليه لتداس من قدميه، بل من جانبه لتكون شريكته. إنهما مدعوان إلى أن يصيرا "جسدًا واحدًا" في رباط محبة وعطاء ذاتي متبادل (تك 2: 24). في تصميم الله الأصلي، كان على الرجل والمرأة أن يعيشا في انسجام مع بعضهما البعض ومع كل الخليقة. لقد أُعطي لهما مسؤولية مشتركة في أن يكونا مثمرين ومكثرين وأن يكونا قيّمين على الأرض (تك 1: 28). إن عريهما بلا خجل (تك 2: 25) يشير إلى نقاء علاقتهما وثقتهما، دون أن تشوبها الخطيئة. هذه الرؤية من التكامل والشراكة بين الرجل والمرأة تعكس طبيعة الله ذاته الموجود كثالوث أقانيم في شركة كاملة. لقد خُلِقنا ذكوراً وإناثاً لنصوّر هذه الشركة الإلهية من خلال علاقاتنا. في حين أن الرجل والمرأة متساويان في الكرامة، فإن الرجل والمرأة لديهما مواهب متميزة ولكنهما متكاملان في الوقت نفسه، وعندما يتحدان يعكسان صورة الله بشكل كامل. |
||||
09 - 11 - 2024, 12:48 PM | رقم المشاركة : ( 178023 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف يحدد الكتاب المقدس أدوار الشاب والشابة في الزواج يزوّدنا الكتاب المقدس برؤية غنية للزواج كعهد محبة بين الزوج والزوجة، يعكس محبة المسيح للكنيسة. في حين أن التعبيرات الثقافية قد تختلف، إلا أن هناك مبادئ ثابتة يمكننا تمييزها حول أدوار الزوجين في الزواج المسيحي. الزوج والزوجة مدعوان إلى المحبة المتبادلة والاحترام والخضوع لبعضهما البعض بدافع تقديس المسيح (أفسس 21:5). يجب أن تتسم علاقتهما بالمحبة الواهبة للذات، وليس بالتسلط أو عدم المساواة. إنهما "وارثان معًا لنعمة الحياة" (1بطرس 7:3)، شريكان متساويان في هبة الله للخلاص. يتحدث الكتاب المقدس عن محبة الأزواج لزوجاتهم محبة تضحية، كما أحب المسيح الكنيسة وأسلم نفسه من أجلها (أفسس 25:5). هذه المحبة لا تعني ممارسة السلطة، بل تعني الرعاية والحماية والخدمة. الأزواج مدعوون إلى أن يتفهموا زوجاتهم ويكرموهن، ويعاملوهن بوداعة واحترام (1بطرس 7:3). عليهم أن يعيلوا أسرهم ماديًا وروحيًا، مقدمين قيادة تقوي لا تقلل من شأنهم. إن الزوجات مدعوات إلى احترام أزواجهن والخضوع لهم كما للرب (أفسس 22:5-24). ولكن يجب أن نفهم هذا الخضوع في ضوء مثال المسيح في القيادة الخادمة. فالأمر لا يتعلق بالدونية أو الطاعة العمياء، بل هو خضوع طوعي نابع من المحبة والثقة. على الزوجات أن يكنّ شريكات في اتخاذ القرارات، يقدّمن حكمتهن ومواهبهن لتقوية الزواج والعائلة. كلا الزوجين مأموران بالخضوع أحدهما للآخر (أفسس 21:5)، مما يشير إلى علاقة الاحترام والاعتبار المتبادل. يجب أن يكونا "ليخضع كل منهما للآخر اتقاءً للمسيح" (أفسس 21:5). هذا الخضوع المتبادل يخلق رقصة محبة، حيث يضع كل منهما احتياجات الآخر قبل احتياجاته الخاصة (باين، 2013). يتحدث الكتاب المقدس أيضًا عن الزوجات باعتبارهن "مساعدات" لأزواجهن (تكوين 2: 18). ولكن كما أشرنا سابقًا، يشير هذا المصطلح إلى القوة والدعم، وليس التبعية. فالزوجة تكمل نقاط قوة وضعف زوجها بمواهبها الفريدة، وتعملان معًا كجسد واحد. في سفر الأمثال 31، نرى صورة لزوجة قديرة مجتهدة وحكيمة ومحترمة. إنها مكلفة بمسؤوليات مهمة وتقدم مساهمات كبيرة لأسرتها ومجتمعها. وهذا يدل على أن دور الزوجة يتجاوز المجال المنزلي. ترسم هذه المبادئ الكتابية صورة للزواج كشراكة متساوية بأدوار مختلفة ومتكاملة. يجب على الأزواج والزوجات أن يحبوا ويخدموا بعضهم بعضًا، ويساهم كل منهم بقوته الفريدة لبناء الأسرة وتمجيد الله. قد يختلف التعبير الدقيق عن هذه الأدوار بناءً على مواهب الزوجين وظروفهما، لكن المبادئ الأساسية للمحبة المتبادلة والاحترام والخضوع تبقى ثابتة. |
||||
09 - 11 - 2024, 12:49 PM | رقم المشاركة : ( 178024 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ماذا يقول الكتاب المقدس عن المساواة والاختلافات بين الرجل والمرأة يؤكد الكتاب المقدس على كل من المساواة الأساسية والتنوع الجميل بين الرجل والمرأة. فلنتأمل في هذه المفارقة بقلوب وعقول مفتوحة، ساعين إلى فهم تصميم الله. يجب أن نؤكد على المساواة في كرامة الرجل والمرأة كحاملين لصورة الله. يخبرنا سفر التكوين 1: 27 "فَخَلَقَ اللهُ النَّاسَ عَلَى صُورَتِهِ عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُمْ، ذَكَرًا وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ". هذه الحقيقة التأسيسية ترسخ القيمة والقيمة المتساوية لكل إنسان، بغض النظر عن جنسه. في المسيح، نرى هذه المساواة مؤكدة من جديد: "لا يوجد يهودي ولا أممي ولا عبد ولا حر، ولا ذكر وأنثى، لأنكم جميعًا واحد في المسيح يسوع" (غلاطية 3: 28) (جو وآخرون، 2018). لكن في إطار هذه المساواة الأساسية، يعترف الكتاب المقدس أيضًا بالتمييز بين الرجل والمرأة. خلقنا الله ذكورًا وإناثًا باختلافات جسدية ونفسية تكمل بعضها بعضًا. هذه الاختلافات ليست سببًا للانقسام أو التسلسل الهرمي، بل للإثراء المتبادل وانعكاس صورة الله بشكل أكمل. فيما يتعلق بالمواهب الروحية والدعوات الروحية، نرى في الكتاب المقدس أن الروح القدس يُمكِّن الرجال والنساء على حد سواء للخدمة. تنبأ النبي يوئيل عن وقت يسكب فيه الله روحه على جميع الناس، بنين وبنات يتنبأون (يوئيل 2: 28-29). نرى هذا يتحقق في الكنيسة الأولى، حيث تلعب نساء مثل بريسيلا وفيبي ويونيا أدوارًا رئيسية في الخدمة والقيادة. في الوقت نفسه، يتحدث الكتاب المقدس عن بعض الأدوار المميزة، لا سيما في سياق الزواج وقيادة الكنيسة. كما ناقشنا سابقًا، فإن الأزواج مدعوون إلى الحب المضحّي والقيادة الخادمة بينما الزوجات مدعوات إلى الاحترام والدعم. في الكنيسة، هناك تفسيرات مختلفة لتعاليم بولس حول أدوار المرأة، حيث تقصر بعض التقاليد بعض المناصب القيادية على الرجال. ولكن يجب أن نحرص على عدم استخدام هذه الفروق كأساس لعدم المساواة أو الاضطهاد. لقد تحدى يسوع نفسه المعايير الثقافية السائدة في عصره في تعامله مع النساء، وعاملهن باحترام وكرامة. لقد رحب بالنساء كتلاميذ، وتحدث معهن علنًا، وأعلن عن قيامته لأول مرة للنساء. يجب النظر إلى الاختلافات بين الرجال والنساء على أنها تكاملية وليست تنافسية. فكل من الجنسين يجلب نقاط قوة ووجهات نظر فريدة من نوعها، والتي عندما تتحد، تعكس بشكل كامل طبيعة الله المتعددة الأوجه. كما عبّر البابا يوحنا بولس الثاني بشكل جميل في "رسالته إلى النساء"، فإن الاختلافات بين الرجل والمرأة ليست "نتيجة تكييف ثقافي، بل هي تعبير عن أعمق ماهية الشخص البشري كما أراده الله". |
||||
09 - 11 - 2024, 12:51 PM | رقم المشاركة : ( 178025 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كيف يؤثر السقوط في سفر التكوين 3 على العلاقة بين الرجل والمرأة تكشف قصة السقوط في سفر التكوين 3 عن تمزق قوي في العلاقة المتناغمة التي أرادها الله بين الرجل والمرأة. لهذا الحدث المأساوي عواقب بعيدة المدى لا تزال تؤثر على العلاقات الإنسانية حتى يومنا هذا. قبل السقوط، عاش آدم وحواء في شركة كاملة مع الله ومع بعضهما البعض. لقد كانا "عاريين وغير مستحيين" (تكوين 2: 25)، مما يرمز إلى علاقة ثقة كاملة وضعف واحترام متبادل. ولكن مع عصيانهما انهار هذا المثل الأعلى. بعد أكل الثمرة المحرمة مباشرة، نرى العار واللوم يدخلان علاقتهما. يتستران ويختبئان من الله ومن بعضهما البعض. عندما يواجههما الله، يلوم آدم حواء، وتلوم حواء الحية. يكشف توجيه أصابع الاتهام هذا عن ديناميكية جديدة من عدم الثقة وحماية الذات التي أصابت اتحادهما الذي كان مثاليًا في السابق (جو وآخرون، 2018). إن كلام الله للمرأة والرجل في تكوين 3: 16-19 ليس وصفًا لما يجب أن تكون عليه الأمور، بقدر ما هو وصف لعواقب الخطية المؤلمة. يقول الله للمرأة: "تَكُونُ شَهْوَتُكِ لِزَوْجِكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ" (تكوين 3: 16). يشير هذا إلى تشويه الشراكة الأصلية بين الرجل والمرأة. بدلاً من الخضوع والتعاون المتبادل، سيكون هناك الآن صراع من أجل السيطرة والهيمنة. بالنسبة للرجل، يصبح العمل شاقًا وعلاقته بالخليقة مشوهة. يؤثر هذا على قدرته على إعالة أسرته وحمايتها، مما قد يؤدي إلى الإحباط والميل إلى تأكيد السيطرة من خلال القوة بدلاً من القيادة المحبة. يُدخل السقوط الخلاف في كل جانب من جوانب العلاقات الإنسانية، بما في ذلك بين الرجل والمرأة. ونرى هذا الأمر يتجلى عبر التاريخ في أشكال مختلفة من الاضطهاد والتمييز والعنف القائم على النوع الاجتماعي. غالبًا ما استُبدل الاحترام المتبادل والتكامل الذي أراده الله بصراعات على السلطة وعدم المساواة. ولكن يجب أن نتذكر أن هذه ليست كلمة الله النهائية في هذه المسألة. حتى في إعلان هذه العواقب، يقدم الله أول تلميح للخلاص في الوعد بأن نسل المرأة سيسحق رأس الحية (تكوين 3: 15). يشير هذا "الإنجيل الأولي" إلى المسيح الذي يأتي ليصلح ما انكسر بسبب الخطيئة. نرى في المسيح إمكانية الشفاء والترميم في العلاقات بين الرجل والمرأة. من خلال محبته القربانية، يرينا يسوع طريق العودة إلى تصميم الله الأصلي. يذكّرنا بولس في رسالة أفسس أن على الأزواج أن يحبوا زوجاتهم كما أحب المسيح الكنيسة، باذلاً نفسه من أجلها (أفسس 25:5). هذه المحبة الواهبة للذات هي الترياق المضاد للتشبث الأناني بالسلطة الذي نتج عن السقوط. |
||||
09 - 11 - 2024, 12:57 PM | رقم المشاركة : ( 178026 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
سيبقى موت الصليب فريداً في بابه وليس له نظير لا يتكرر بسبب فاعليته الأبدية. ï€، ï€، لقد احتمل سيدنا الصليب مستهيناً بالخزي إذ كانت كل شهوة قلبه وغاية مُناه أن يمجِّد أباه، أحب أباه وأحبنا، يا عجباً من حبه |
||||
09 - 11 - 2024, 01:03 PM | رقم المشاركة : ( 178027 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أي إنسان في وسعه أن يعبّر عن هذه الأحزان أو يصف هول آلام الجلجثة حينما المسيح «حمل خطية كثيرين». آه. يا لعمق حزنه وقوة آلامه التي لا يُعبَّر عنها! وقد دان الله «الخطية في الجسد»، فصرخ المسيح متألماً «إلهي إلهي لماذا تركتني بعيداً عن خلاصي عن كلام زفيري. إلهي في النهار أدعو فلا تستجيب، في الليل أدعو فلا هدو لي». حينما كسر العار قلبه المحب وضُرب القدوس وجُلِد ودُقت المسامير في يديه ورجليه، لم يقف بجانبه ملاك يشدده ولا محب ولا صديق يطيّب خاطره ويعضده، ومُنِعت الشمس عن أن تُنير، فإننا نشاهد الكامل في إيمانه مبرِّراً يهوه ساجداً له مُخاطباً إياه في مزمور22: 3 «وأنت القدوس الجالس بين تسبيحات اسرائيل». |
||||
09 - 11 - 2024, 01:10 PM | رقم المشاركة : ( 178028 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أحب أباه وأحبنا، يا عجباً من حبه
|
||||
09 - 11 - 2024, 01:13 PM | رقم المشاركة : ( 178029 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أخيراً.. هدأ السيف الملتهب، وعاد إلى غمده، بعد أن انطفأ لهيبه في جسم الذبيحة الطاهرة... وانقشعت غيوم الدينونة الداكنة، بعد أن سكبت سيولها على رأس الفادي الكريم. ودوَت صرخة المُحب العظيم من فوق الصليب مستودعاً روحه في يد أبيه، فلقد أكمل كل شيء، وأنهى كل العمل... أعظم عمل. والآن، جاء دور العدل الإلهي ليعلن للملأ صراحة استيفاء جميع مطاليبه، ويقدِّم شهادته عن كمال هذا المصلوب، فأعلن وشهد له بعلامة بل بعلامات؛ فحجاب الهيكل انشق من وسطه من أعلى إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والقبور تفتحت، والصخور تشققت. لكن، ويا للعجب، فبينما كان الواقفون عند الصليب يرون ما يقدمه الله من براهين اكتفاء عدالته، رأوا أيضاً ما يقدمه الإنسان من براهين فساده وظلمه، قسوته وظلمته. فهناك، في الجلجثة ظهر بأجلى بيان عدل الله الدقيق وأيضاً ظهر بأجلى بيان ظلم الإنسان المُحيق. كيف؟ بينما كانت الجبال ترتعد من أثر الأرض التي تزلزلت، والغبار يملأ الجو من أثر الصخور التي تشققت. وبينما كانت الظلمة التي اكتنفت كل الأرض تلملم وتسحب ثوبها الأسود الكثيف، جاء جنود الظلم. لقد جاءوا ومعهم عُدتهم الثقيلة من سيوف وسكاكين وحراب، وابتدأوا في تكسير سيقان المصلوبين وهم أحياء! مزقوا العضلات، وكسروا العظام، وقطعوا الشرايين، فانفجرت الدماء. هكذا فعلوا مع الأول والآخر المصلوبين مع المسيح... وعندما جاءوا للمصلوب الأوسط وجدوه أنه قد مات! فانتابهم الغيظ، وملأهم الكمد، إذ قد ضاعت منهم الفرصة لإرواء عطشهم بمزيد من التعذيب والتنكيل والقتل وسفك الدماء. إلاّ أن واحداً منهم، لم يستطع أن يكبح جماح شهيته لمزيد من الدماء، فاستل حربته وصوّبها بكل قسوة نحو جنب السيد، بعد أن مات، فاخترقته، اخترقت الجنب الذي حوى أعظم وأحن وأرق قلب، قلبٌ أحب الإنسان وعطف عليه... فانفتح الجنب الكريم. فماذا قدّم الجنب المفتوح؟ وبماذا أجاب القلب الطعين؟ لقد خرج منه دمٌ وماء. كان يوحنا الحبيب أحد شهود العيان لهذه الواقعة الرهيبة، إذ كان واقفاً عند الصليب مع آخرين، وعلى الرغم من كثرة ما شهده يوحنا من أحداث جسام حدثت في الجلجثة، إلا أنه توقف طويلاً عند هذه الحادثة بالذات فسجلها في الإنجيل بإسهاب، إذ يقول: «وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دمٌ وماء» (يو19: 33،34). ثم يُعلن تأثره الشديد بها وأيضاً أهميتها لنا، فيقول مشدِّداً «والذي عاين شهد وشهادته حق، وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم» (يو19: 35). ثم يشرح لنا شيئاً عن دقة وعظمة النبوات المختصة بها فيقول موضحاً «هذا كان ليتم الكتاب القائل: عظم لا يُكسر منه. وأيضاً يقول كتاب آخر: سينظرون إلى الذي طعنوه» (يو19: 36،37). وبعد حوالي 60 سنة أو أكثر، ظلت فيها هذه الحادثة ماثلة أمام عينيه، تخلع قلبه من عالم الظلم والشر وتجعله غالباً للعالم لا مغلوباً منه، فكتب لأولاده مؤكداً «مَنْ هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله، هذا هو الذي أتى بماء ودم، يسوع المسيح، لا بالماء فقط بل بالماء والدم» (1يو5: 5،6). وعليه فمن الواضح أن لهذه الحادثة أهمية كُبرى، وهى - على قدر ما أرى - تُبرز لنا ثلاث حقائق، سأُشير إلى الأولى والثانية باختصار، ولنتوقف بإسهاب أكثر عند الثالثة: أولاً: قوة المحبة الإلهية الله أحب الإنسان، هذه حقيقة حاول الشيطان من بداية تاريخ الإنسان ومازال يحاول أن يطمسها، إلا أنها ستظل بارزة واضحة أمام كل مُخلِص ومُنصِف. والإنسان أبغض الله، هذه أيضاً حقيقة واضحة، مهما حاول الإنسان إنكارها؛ فأعماله وأفكاره وأقواله تُبرهن على هذا. يقول الرسول «وأنتم الذين كنتم قبلاً أجنبيين وأعداء في الفكر في الأعمال الشريرة» (كو1: 21). إلا أن محبة الله استمرت في تدفقها نحو الإنسان، على الرغم من كل بغضته وعداوته لله. وتاريخ البشرية كله يشهد، بل يتلخص في كلمات قليلة: إنه قصة بُغضة مستمرة من جانب الإنسان لله، وقصة حب مستمر من جانب الله للإنسان. إلا أن هذه الحقيقة لم تتضح كما اتضحت في الصليب عامة، وفي تلك الطعنة خاصة. فقد كانت تلك الطعنة الغادرة هي الوسيلة التي اختارها البشر، في عداوتهم لخالقهم، لكي يُودِّعوه بها. فعندما جاءهم مُحِباً؛ استقبلوه في مذود حيوانات، أي لم يستقبلوه. وعندما عاش بينهم خادماً وشافياً؛ لم يقدموا له مكان يسند فيه رأسه، أي أنهم لم يقبلوه. وعندما مات فادياً ومخلصاً؛ فبالحربة ودّعوه، طعنوه، أي أنهم احتقروه. لقد صمموا على بغضته، وهو صمم على حبهم. عقدوا النية على بغضته للنهاية، وهو عقد النية على محبتهم للنهاية. فعندما لم يستقبلوه في بيتٍ، قَبِل أن يولد في مذود. وعندما لم يقبلوه ليسكن بينهم، قَبِل أن يبيت في الجبل. وعندما صلبوه وعلّقوه على الخشبة، طلب الغفران لصالبيه. وفي النهاية عندما طعنوه ميتاً، أبى إلا أن يعلن مُجدَّداً أنه لازال يحبهم؛ فأجابهم بدم وماء، وهذين - كما سنرى - فيهما علاج البشرية من كل أدرانها، أي أنه أحبهم حياً وأحبهم ميتاً. وعندما وصل جنون كراهيتم إلى منتهاه، فطعنوه بعد موته، أخرج لهم من جنبه الطعين دواءهم، الدواء الذي يشفيهم من بغضتهم، ويُعيدهم إلى صوابهم، ويمنع عنهم عقابهم: أخرج لهم دم وماء... فيا له من حُب! ثانياً: عظمة الكلمة النبوية لقد تنفس يوحنا الصعداء عندما عبَروا عن السيد ولم يكسروا ساقيه، وتألم كثيراً عندما طعنوه، لكنه رأى في هذا وذاك روعة وعظمة الكلمة النبوية، كما رأى أيضاً سلطان الله المطلق في السيطرة على شر الأشرار لكي لا يفعلوا في النهاية - رغماً عن شرهم الكثير - سوى ما سبقت وعيَّنت يده ومشوراته أن يكون. فلقد جاء جنود الظلم، بجنون الظلم، ليعملوا شيئاً نووا أن يعملوه، وجاءوا وهم لا ينوون أن يعملوا شيئاً آخر إلا أنهم عملوه. لقد جاءوا ليكسروا ساقيه فلم يكسروها، ولم يأتوا ليطعنوه لكنهم طعنوه. لكن يا للعجب: فما لم يعملوه مع أنهم نووا أن يعملوه، لم يعملوه لأن الكتاب قال ذلك. وما عملوه مع أنهم لم ينووا أن يعملوه، عملوه لأن الكتاب أنبأ بذلك. فعندما أعطى الرب موسى شريعة الفصح؛ كيف يأكله بني اسرائيل، قال لهم موصياً «في بيت واحد يؤكل، لا تُخرج من اللحم من البيت إلى خارج وعظماً لا تكسروا منه» (خر12: 46). كما أن داود وهو يسجل لنا عن صلاح الله مع الصدّيق حتى وإن سمح له بضيق يقول «كثيرة هي بلايا الصديق ومن جميعها ينجيه الرب. يحفظ جميع عظامه، واحدٌ منها لا ينكسر» (مز34: 19،20). وكذلك عندما تحدّث الرب لزكريا عن يوم قادم، سيأتي بعد اختطاف الكنيسة، فيه سيفيض الرب على بيت إسرائيل روح النعمة والتضرعات يقول «فينظرون إلىَّ الذي طعنوه وينوحون عليه كنائح على وحيد له، ويكونون في مرارة عليه كمن هو في مرارة على بكره، في ذلك اليوم يعظم النوح في أورشليم» (زك12: 10،11). ومن المُلفت للنظر أن يوحنا عندما أشار إلى قول الكتاب بخصوص عدم كسر العظام، قال «ليتم الكتاب القائل»، بينما عندما أشار إلى نبوة الكتاب بخصوص الطعن قال «وأيضاً يقول كتاب آخر»، ولم يَقُل ليتم الكتاب كما قال في الأول، ذلك لأن النبوة لم تتم بعد، فلم يأتِ الوقت الذي فيه ينظر بنو إسرائيل إلى الذي طعنوه، عندما يتم كلام يوحنا أيضاً في سفر الرؤيا، إذ يقول «هوذا يأتي مع السحاب وستنظره كل عين والذين طعنوه وينوح عليه جميع قبائل الأرض، نعم آمين» (رؤ1:7). ونلاحظ أيضاً أنه عندما أشار إلى قول زكريا، لم ينقل الكلام حرفياً، فلم يَقُل «ينظرون إلىَّ» بل قال «ينظرون إلى»، لأن المتكلم هناك هو الرب يهوه، المسيح نفسه، أما هنا فالمتكلم هو يوحنا. فيا له من كتاب عجيب! ثالثاً: حل مشكلة الخطية أبعاد مشكلة الخطية: لقد قَبِل المسيح الموت لأنه أحب البشرية، ولم تكن هناك وسيلة أخرى يعبّر بها عن حُبه سوى الموت. وهل هناك أسمى من الحياة؟ وعندما يقدِّم المحب حياته لمحبوبه، أ ليست هذه أسمى درجات الحب؟ هذا ما قاله المسيح لتلاميذه «ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه» (يو15: 13). إلا أن المسيح لم يَمُت موتاً رومانسياً لمجرد أن يعبِّر بموته عن محبته للبشرية، بل كان حبه في منتهى الواقعية، كان حباً عملياً، لأن البشرية كانت في حاجة مُلَّحة لهذا الموت: موته هو بالذات. فلم يمسك نفسه عنها، ولم يتأخر عن تلبية احتياجها. وما سر احتياج البشرية للموت وموت المسيح بالذات؟ الإجابة ببساطة لأنها كانت تعاني من مأساة لا شفاء منها إلا بالدم والماء اللذين ما كان يمكن أن يقدمها المسيح لها إلا بموته. وما هي هذه المأساة؟ هي الخطية. هذا للأسف الشديد ما يجهله الكثيرون إلى الآن: إن مأساة البشرية الحقيقية هي في الخطية: فالفقر والجهل والمرض، المجاعات والأوبئة والزلازل، الانهيار الأخلاقي والفشل الاقتصادي والصراع السياسي، التلوث والتصحر... كل هذه ما هي إلاّ مظاهر وأعراض لهذا المرض العضال: الخطية. وعليه فالأطباء والسياسيون والمُصلحون والعلماء والاقتصاديون والقضاة؛ إنما يعالجون أعراض المرض الذي تفشّى وانتشر في جسم البشرية كقول الكتاب «كل الرأس مريض وكل القلب سقيم، من أسفل القدم إلى الرأس ليس فيه صحة، بل جُرح وأحباط وضربة طرية لم تُعصر ولم تُعصب ولم تليَّن بالزيت» (إش1: 5،6). ولذلك فكل مجهودات المُخلصين منهم لا تُعالج المرض نفسه. وبالتالي فاحتياج البشرية الحقيقي والأساسي ليس لهؤلاء، لكن لمخلِّص، لأن مشكلتها هي الخطية. وعندما جاء المسيح إلى الأرض من العذراء مريم، قال عنه الملاك ليوسف رجلها البار «وتدعو اسمه يسوع لأنه يخلَّص شعبه من خطاياهم» (مت1: 21). وعندما بشّر الملاك الرعاة بمولده، قال لهم «إنه ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب» (لو2: 11). الدم والماء وأثر الخطية المزدوج وما علاقة الدم والماء، اللذين قدمهما المسيح عند موته، بحل مشكلة الخطية؟ أولاً: دعنا نتفق على الآتي: أ- إن وظيفة كل من الماء والدم في الكتاب هي التطهير. هذا ما أوضحه العهد القديم برموزه، والعهد الجديد بإعلاناته. انظر على سبيل المثال هذه العبارات عن الدم: * في العهد القديم: «وأخذ موسى الدم وجعله على قرون المذبح مستديراً باصبعه وطهر المذبح» (لا8: 15). «ويأمر الكاهن أن يذبح العصفور الواحد ... ويغمسها ... في دم العصفور المذبوح ... وينضح على المتطهر من البرص سبع مرات فيطهره» (لا14: 5-7). «وينضح عليه من الدم باصبعه سبع مرات ويطهره ويقدسه من نجاسات بني اسرائيل» (لا16: 19). - في العهد الجديد: « وكل شيء تقريباً يتطهر حسب الناموس بالدم» (عب9: 22). «فكم بالحري يكون دم المسيح الذي بروح أزلي قدّم نفسه لله بلا عيب، يطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا الله الحي» (عب9: 14). «دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية» (1يو1: 7). إذاً، فالدم يطهر. وكذلك تكلم الكتاب كثيراً في عهديه عن فاعلية الماء في التطهير: فيقول في العهد القديم: «فيغسل المتطهر ثيابه ويحلق كل شعره ويستحم بماء فيطهر» (لا14: 8). «ويرحض جسده بماء فيطهر» (لا14: 9). «وأرش عليكم ماءً طاهراً فتطهرون من كل نجاستكم» (حز36: 25). وفي العهد الجديد يقول: «لكي يقدسها مُطهراً إياها بغسل الماء بالكلمة» (أف5: 26). إذاً فالماء يطهر. 2 - إن الدم والماء اللذين خرجا من جنب المسيح، خرجا منه بعد موته وليس أثناء حياته. وبما أننا اتفقنا أن كلاً من الدم والماء فاعليته هى التطهير، إذاً فالمسيح مات لكي يطهر. إلا أن تطهيره هذا تطهير مزدوج، ولذا لم يكتفِ بالدم وحده أو بالماء وحده. ولماذا التطهير مزدوج؟ لأن أثر الخطية على الإنسان كان أثراً مزدوجاً. فالخطية جعلت الإنسان مُذنباً وجعلته أيضاً نجساً؛ وعليه فهو يحتاج إلى تطهير قضائي من الذنب، وتطهير أدبي من الدنس. وللأول قدَّم المسيح الدم، وللثاني قدَّم المسيح الماء. وكلاهما خلال موته. ودعني أوّضح لك الفارق بين الاثنين: 1- شقا الخطية عندما اتخذ آدم قراره بعصيان الله والاستقلال عنه، وأكل من الشجرة المنهي عنها؛ حدث شيئان: الشيء الأول أنه أوقع نفسه في مُسائلة قضائية توقفه مُذنباً أمام القاضي العادل الذي سبق وأوصاه بوضوح شديد ألاّ يأكل من ثمر هذه الشجرة، وأعلمه أيضاً نتيجة عصيان هذه الوصية، إذ قال له «يوم تأكل منها موتاً تموت» (تك2: 17). هذا هو الشق القضائي في مشكلة الخطية. لكن، لم يقف الأمر عند هذا الحد، فالخطية أوجدت الاستقلالية عن الله، ولا أعرف مدى تصورك للأبعاد المدمرة لهذه الاستقلالية. فاستقلاليته هذه عن الله جعلته كالعضو الذي يُبتر من الجسد، أي يستقل عن مصدر حياته، وهو إذ ليس له حياة في ذاته - أي نابعة منه - تكون النتيجة أنه بسرعة تعمل فيه عوامل الفساد والتحلل، فلا يُطاق منظره ولا تُحتمل رائحته ويصبح دفنه بسرعة، ضرورة حتمية. أو كالأرض إذا استقلت عن الشمس واكتفت بدورانها حول نفسها، أي انفصلت عن مصدر نورها، وهى إذ ليس لها نور في ذاتها - ينبع منها - فإنها حالاً، وبمجرد استقلالها، تُظلم وتختفي من عليها كل صور الحياة، وتهيم في هذا الكون الفسيح وتنتهي إلى الضياع. هذا تقريباً ما حدث للإنسان، فاستقلاله عن الله باختياره فصله عن مصدر الحياة وعن مصدر النور. وهذا التعس إذ ليس له حياة في ذاته وليس له نور في ذاته، مات أدبياً وفسد أخلاقياً وأظلم روحياً ولم يَعُد يُطاق في منظره ولا في رائحته، وأصبح دفنه ضرورة حتمية. وهذا هو الشق الأدبي في مشكلة الخطية. 2- الخطية بشقيها تُوَّرَث إن آدم بعد السقوط أصبح كيانه الداخلي مُداناً قضائياً وفاسداً أدبياً. ولكن هذا الكيان الداخلي هو الذي انحدر منه كل الجنس البشري؛ وعليه فقد أصبح الإنسان يولد من بطن أمه وهو مُدان قضائياً وفاسد أدبياً. وهذا ما أشارت إليه شريعة قديمة في الناموس إذ كانت تحتم على أي امرأة تلد أن تظل نجسة (لا12). فلماذا تصبح المرأة نجسة إذا ولدت؟ لأنها أدخلت إلى العالم كياناً جديداً مُداناً قضائياً وفاسداً أدبياً. وهذا ما يقرره الرسول في رومية5: 12،14 إذ يقول «من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطية الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس إذ أخطأ الجميع (أي وجد الجميع خطاة)». ويؤكد هذا أيضاً بالقول «قد ملك الموت من آدم إلى موسى وذلك على الذين لم يخطئوا على شبه تعدي آدم»، أي أن الإنسان محكوم عليه بالموت على الرغم من عدم وجود ناموس يجعل الخطية تعدياً، وذلك لسبب بسيط: أن الإنسان، من قبل أن يفعل الخطايا، هو مولود مُداناً قضائياً وفاسداً أدبياً؛ وكلاهما يستوجب الموت. 3- الخطية بشقيها تتكاثر إلا أن مأساة الخطية بشقيها لم تقف عند حد التوارث فقط، بل هي أيضاً تتكاثر، فالإنسان مولود بالطبيعة وكيانه الداخلي (الجسد) مُدان من الله لأنه مستقل عنه، لكن لكون هذا الكيان المستقل عن الله (الجسد) يسكن في إنسان عاقل ومريد، أي عنده عقل يبتكر وإرادة تنفذ، تحوَّل هذا الإنسان - بفعل الخطية الساكنة فيه - إلى وحدة نشطة مُنتجة، إنتاجها للأسف الشديد هو الخطايا: التعديات والآثام. وهنا ازدادت وتعقدت المشكلة قضائياً، فلم يَعُد الإنسان فقط ذا كيان مُدان بل أيضاً ذا أعمال تستذنبه أمام الله، فصار الإنسان مُداناً بخطيته ومُذنباً بخطاياه. ومن الناحية الأدبية، تعقدت المشكلة أيضاً، إذ أن الشيطان وقد أدرك جيداً فساد الإنسان الداخلي ورغباته ونزواته التي تقوده بعيداً عن الله، هيّأ للإنسان عالماً كدّسه بكل ما تطلبه رغبات الإنسان الفاسدة؛ وهكذا، صار العالم الحاضر هو البيئة المناسبة جداً لبذور الفساد الأدبي الموجودة داخل الإنسان. وبوجود الإنسان في هذا العالم، تنمو وتترعرع هذه البذور السوداءً وتقذف ثمارها الحسكية، وتملأ الأرض انحطاطاً أدبياً وفساداً أخلاقياً وموتاً روحياً. هذا ما يصفه الكتاب في أفسس2: 1-3؛ 2بطرس1: 4. 4- موت المسيح هو الحل أمام الخطية بشقيّها القضائي والأدبي وبتوارثها وتكاثرها، لم يكن أمام المخلص الذي يريد حلها إلا الموت. ولذلك، مات المسيح وفي موته قدّم الدم للتطهير القضائي، وقدّم الماء للتطهير الأدبي. أ- موت المسيح والتطهير القضائي (الدم): لقد صار الإنسان، بسقوطه في الخطية، مُداناً لوجود الخطية فيه، ومذنباً لارتكابه الخطايا والتعديات. وإذ عُرِضت قضية هذا المُدان المذنب أمام الله، والذي لابد أن تُعرض عليه قضية كل مخلوق، فحُكَمه فيها واضح ومعروف؛ وهو الموت. ومَنْ هو أدرى بحكم الله في هذه القضية أكثر من ابن حضنه؛ لذا فمنذ دخوله للعالم، دخل وهو يعرف أنه جاء ليموت، جاء ليسفك دمه، إذ أن إراقة الدم تُرينا الموت ظاهراً، فنفس الكائن أو حياته هي دمه، ولذلك محرم على الإنسان أن يأكل الدم، لأنه بأكله الدم يأكل حياة غيره، والحياة هي ملك الله. فكان الدم يُقدَّم لله دائماً على المذبح، كتكفير عن النفس بنفس، أو عن الحياة بحياة، إقراراً من مقدمه أنه يستوجب الموت قضائياً. إلى أن أتى المسيح ومات عنا وسفك دماه، فصار لنا - روحياً وليس حرفياً - أن نشرب دمه ونأكل جسده، أي نأكل حياته فتجري حياته فينا، وهكذا ننال حياة جديدة بدلاً من التي حُكم عليها بالموت في الصليب. نعم، منذ أن دخل المسيح إلى العالم كان يعلم أنه لم يأتِ ليقهر الأمراض بقدرته، والرياح العاتية والأمواج العالية بسلطانه، والشياطين بكلمته، والجهل بتعاليمه؛ بل جاء ليُبطل الخطية بذبيحة نفسه. يقول عنه الرسول «لأنه لا يمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع خطايا، لذلك عند دخوله إلى العالم يقول ذبيحة وقرباناً لم تُرِد ولكن هيأت لي جسداً (يمكن من خلاله أن يموت ويُسفك دمه)» (عب10: 4،5). لكن قد يسأل سائل: أ ليست هذه العقوبة التي أصدرتها محكمة الله على الخطية عقوبة قاسية؟ وأُجيبه بالقول: نعم، إنها أشد وأقسى عقوبة، لكنها العقوبة المناسبة بل والمنطقية جداً على الخطية. فالخطية باعتبارها الاستقلال عن الذات الإلهية، عندما توجد في كائن له عقل يمكّن صاحبه من الابتكار، وله إرادة هو حرّ في استعمالها، فهي عندئذ تهدد الكون وكل شيء بالتفكك والدمار والانهيار، بل إنها تهديد للذات الإلهية نفسها، بل يمكنني القول إنه إذا تُرِكت الخطية في الكون تمرح، هذا يعني في النهاية نهاية وجود الله، وحاشا. فإن كنا نتفق على أنه لانتظام أي كيان مادي لابد له من مركز، وهذا واضح في كل الكون: فالخلية لكي تعمل بانتظام لها مركز واحد، والذرة لها مركز واحد، والمجموعة الشمسية لها مركز واحد؛ ولابد للكون ككل من مركز واحد وحيد: هذا المركز هو الواحد الصمد. وهذا يعني أن ترك الخطية في الكائن المفكِّر المريد معناه إيجاد مركز جديد. وإن اتفقنا أنه لابد للكون من سيد واحد هو العزيز الحكيم، فالخطية في كائن مفكر مريد هي إيجاد سيد جديد. وإن كانت هناك حتمية - لكي يستمر الوجود ولا يتلاشى - من وجود نظام واحد يحكم كل جزئياته؛ فالخطية لابد أن تُمحى تماماً لأن وجودها في كائن مفكر مريد معناه وجود نظام ثاني. ووجودها في ملايين الكائنات المفكرة والمريدة، معناه وجود ملايين الأنظمة (فنحن مِلنا كل واحد إلى طريقه)، وبالتالي فإن ترك الخطية معناه مركز جديد، سيد جديد، نظام، بل قُل ملايين المراكز وملايين الأسياد (مراكز التحكم) وملايين الأنظمة؛ ولذا فالحل الأوحد هو محوها بموت مَنْ يحتويها. هل تعلم عزيزي القارئ ما هو السرطان؟ وهل تعلم أيضاً ما هو علاج السرطان؟ السرطان ببساطة هو أن خلية واحدة (ولتعلم أن مليون خلية متراصة جنباً إلى جنب تصنع طولاً يساوي 2.5سم) بدأت تخرج عن النظام الذي يحكم بقية الخلايا المجاورة في نفس النسيج، لقد شذّ معدل انقسامها وسرعة نموها، فكوّنت نسيجاً آخر لا يخضع لسلطان الجسد عليه (هذا هو الورم الخبيث)، وإذا تُرِك هذا النسيج سيدمر الجسد كله. ولذا، فلا علاج إلا البتر، القطع، أي موت النسيج السرطاني بدلاً من موت الجسد كله. هذه هي الخطية، ولذا كان لابد من الموت كعقوبة قضائية، نعم قاسية، لكنها ضرورة حتمية... ولذا مات سيدنا المبارك ليُبطل الخطية بذبيحة نفسه. وإذ قد مات سيدنا نيابة عنا - على الرغم من كونه الوحيد الذي خضع لله وسار في فلكه، وهذا ما أهّله ليموت عنا - سقطت عنا الآن كل عقوبة قضائية: فمن جهة الكيان المُدان، دانه الله في موت المسيح، إذ يقول «الله إذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية، دان الخطية في الجسد» (رو8: 3)، ومن جهة خطايانا التي جعلت صفحاتنا سوداء أمام الله، جعلتنا مُذنبين أمام محكمته العادلة، يقول «الذي أحبنا وقد غسّلنا من خطايانا بدمه وجعلنا ملوك وكهنة لله أبيه» (رؤ1: 5،6). ونتيجة لهذا التطهير القضائي الذي حصلنا عليه بموت المسيح ودمه، لم يَعُد «شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع» (رو8: 1)، وصار لنا الآن «ثقة بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع» (عب10: 19)، ولم يَعُد هناك أي خوف من محكمة الله، فلم يَعُد لنا الضمير الشرير، فيقول «مرشوشة قلوبنا (إشارة لرش الدم) من ضمير شرير» (عب10: 22). وبتعبير قضائي، أقول: لقد شُطبت القضية المرفوعة ضدنا لكوننا نحوي كياناً مُداناً، إذ أن العقوبة، وهى الموت، قد نفّذها المسيح نيابة عنا، ولقد مُحيت صكوك الديون التي كانت علينا لخطايانا وذنوبنا، إذ قد سددها المسيح بسفك دمه عنا. ب- موت المسيح والتطهير الأدبي (الماء): لقد رأينا أن الماء له فاعلية التطهير، فكيف كان لموت المسيح بالنسبة لنا فاعلية الماء في التطهير؟ علينا أن نُدرك أن المسيح لم يَمُت فقط كنائب عنا As a Substitute، بل أيضاً كممثل لنا As a representative؛ هذا هو الحق الذي يؤكد عليه الكتاب كثيراً في العهد الجديد (انظر مثلاً غل2: 20؛ رو6: 2-11؛ كو2: 11). لقد كنا نعيش ونتحرك، نعمل ونتكلم، نحب ونكره، نفكر ونستنتج؛ كل هذا طبقاً لمحدِّدات حددها الكيان الفاسد الذي ورثناه من آدم، أي كنا نعيش بصنف حياة منحدرة من آدم، أثبتت السنون الطويلة - من آدم وحتى المسيح - والظروف المختلفة التي مرّت بها البشرية، الفساد الأدبي المطلق لها، ولا علاج. ولذا تم الحكم عليها بالصلب. فيقول الرسول «عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صُلب معه ليُبطل جسد الخطية كي لا نعود نُستعبد أيضاً للخطية» (رو6: 6). هذه هي فاعلية الماء، لقد طهرنا موت المسيح من هذا العتيق الفاسد، ولقد أعطانا حياة جديدة هي حياة المسيح، لكي نستطيع أن نحيا بها في هذا العالم الحاضر الشرير، وأسكَن فينا الروح القدس ليفجِّر طاقات هذه الحياة الجديدة ويجعلها واقعاً عملياً مُعاشاً. وعليه صار المؤمن الآن، وهو يحيا بقوة هذه الحياة الجديدة ويسلك في جدة الحياة، حراً من الخطية الساكنة فيه، ولا تستطيع أن تعود وتستعبده وتستعمل أعضاءه كما كانت في القديم، وذلك لسبب بسيط هو أن الوسيط الذي كانت من خلاله تستطيع استعمال أعضاءه، قد صُلب ومات وانتهى ولم يَعُد له وجود. والرسول هنا يشبِّه الخطية بإنسان له كيان داخلي وله جسد خارجي، إذا دمرت جسده الخارجي عجز عن التعبير عن نفسه، إذ ليس له جسد. هكذا الخطية، لها كيان داخلي لازال ساكناً فينا، لكن ليس لها جسد خارجي تعبر عن نفسها، فما هو هذا الجسد الخارجي الذي لم يَعُد موجود لكي تعبِّر به الخطية عن نفسها؟ هو إنساننا العتيق. وأين ذهب؟ لقد أزالته مياه الطوفان المطهِّرة، مياه الموت التي خرجت من جنب المسيح. ولذا فالنتيجة العجيبة هي: أنه على الرغم من كون الخطية مازالت ساكنة فينا، يقول الرسول «لا نعود نٌستعبد أيضاً للخطية». فيا لعظمة ما حدث، لقد تطهرنا أدبياً، خلصنا نهائياً من صنف الحياة التي كنا نعيش فيها، تلك التي كانت تربطنا بالجنس البشري الآدمي، وصرنا الآن نحيا حياة أدبية، تليق بنا كجنس بشري ينحدر من المسيح، وعن قريب سيُفدى الجسد المادي الذي سكنت فيه الخطية، وسنخلص نهائياً من الخطية. لكن حتى وقت خلاصنا منها، لا تستطيع أن تستعبدنا كما كانت، إذ مات عميله الخائن، إنساننا العتيق. هذه هي فاعلية موت المسيح كالماء المطهر بالنسبة لنا. هذا التطهير الأدبي يجعلنا نغلب العالم، وهذا ما أشار إليه الرسول يوحنا في رسالته الأولى أصحاح5. فإيماننا بالمسيح أوجد لنا حياة جديدة وعالم جديد، يجعلنا نغلب العالم القديم، لم يَعُد العالم يغلبنا، لأن عميله الخائن الذي كنا مرتبطين به قد مات، وأيضاً كل مسرات العالم لا تجذب صنف الحياة الجديدة التي فينا والتي أخذناها من المسيح، ولا تتجاوب معها هذه الحياة الجديدة. شهادة الدم والماء يبقى شيء أخير، وهو أن الماء والدم اللذين خرجا من جنب المسيح بموته وسُكنى الروح القدس في الكنيسة على الأرض الآن، يقدِّمون شهادة ثلاثية على الأرض: - فالدم يشهد بأن الإنسان مُدان ومذنب قضائياً. - والماء يشهد بأن الإنسان فاسد أدبياً. - والروح يشهد أن المسيح قدم الماء والدم ليطهر الإنسان قضائياً وأدبياً. والغرض الواحد لهؤلاء الثلاثة هو قبول الإنسان لهذا التطهير العظيم الذي قدّمه المسيح بموته. هذه هى شهادة الله من ألفي عام، ومازالت حتى اليوم. ومَنْ لا يصدِّق شهادة الله هذه فقد جعله كاذباً. ومَنْ يقبلها ويؤمن بالشهادة التي شهد بها الله عن ابنه تكون له حياة أبدية. فمَنْ له الابن له الحياة، ومَنْ ليس له ابن الله فليست له حياة. يا ليت كل من لم يقبل الشهادة حتى الآن، يصدِّق الآن أنه يحتاج لهذا الموت ليطهره قضائياً أمام الله وأدبياً الآن |
||||
09 - 11 - 2024, 01:27 PM | رقم المشاركة : ( 178030 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أخيراً.. هدأ السيف الملتهب، وعاد إلى غمده، بعد أن انطفأ لهيبه في جسم الذبيحة الطاهرة... وانقشعت غيوم الدينونة الداكنة، بعد أن سكبت سيولها على رأس الفادي الكريم. ودوَت صرخة المُحب العظيم من فوق الصليب مستودعاً روحه في يد أبيه، فلقد أكمل كل شيء، وأنهى كل العمل... أعظم عمل. والآن، جاء دور العدل الإلهي ليعلن للملأ صراحة استيفاء جميع مطاليبه، ويقدِّم شهادته عن كمال هذا المصلوب، فأعلن وشهد له بعلامة بل بعلامات؛ فحجاب الهيكل انشق من وسطه من أعلى إلى أسفل، والأرض تزلزلت، والقبور تفتحت، والصخور تشققت. لكن، ويا للعجب، فبينما كان الواقفون عند الصليب يرون ما يقدمه الله من براهين اكتفاء عدالته، رأوا أيضاً ما يقدمه الإنسان من براهين فساده وظلمه، قسوته وظلمته. فهناك، في الجلجثة ظهر بأجلى بيان عدل الله الدقيق وأيضاً ظهر بأجلى بيان ظلم الإنسان المُحيق. كيف؟ بينما كانت الجبال ترتعد من أثر الأرض التي تزلزلت، والغبار يملأ الجو من أثر الصخور التي تشققت. وبينما كانت الظلمة التي اكتنفت كل الأرض تلملم وتسحب ثوبها الأسود الكثيف، جاء جنود الظلم. لقد جاءوا ومعهم عُدتهم الثقيلة من سيوف وسكاكين وحراب، وابتدأوا في تكسير سيقان المصلوبين وهم أحياء! مزقوا العضلات، وكسروا العظام، وقطعوا الشرايين، فانفجرت الدماء. هكذا فعلوا مع الأول والآخر المصلوبين مع المسيح... وعندما جاءوا للمصلوب الأوسط وجدوه أنه قد مات! فانتابهم الغيظ، وملأهم الكمد، إذ قد ضاعت منهم الفرصة لإرواء عطشهم بمزيد من التعذيب والتنكيل والقتل وسفك الدماء. إلاّ أن واحداً منهم، لم يستطع أن يكبح جماح شهيته لمزيد من الدماء، فاستل حربته وصوّبها بكل قسوة نحو جنب السيد، بعد أن مات، فاخترقته، اخترقت الجنب الذي حوى أعظم وأحن وأرق قلب، قلبٌ أحب الإنسان وعطف عليه... فانفتح الجنب الكريم. فماذا قدّم الجنب المفتوح؟ وبماذا أجاب القلب الطعين؟ لقد خرج منه دمٌ وماء. كان يوحنا الحبيب أحد شهود العيان لهذه الواقعة الرهيبة، إذ كان واقفاً عند الصليب مع آخرين، وعلى الرغم من كثرة ما شهده يوحنا من أحداث جسام حدثت في الجلجثة، إلا أنه توقف طويلاً عند هذه الحادثة بالذات فسجلها في الإنجيل بإسهاب، إذ يقول: «وأما يسوع فلما جاءوا إليه لم يكسروا ساقيه، لأنهم رأوه قد مات، لكن واحداً من العسكر طعن جنبه بحربة، وللوقت خرج دمٌ وماء» (يو19: 33،34). ثم يُعلن تأثره الشديد بها وأيضاً أهميتها لنا، فيقول مشدِّداً «والذي عاين شهد وشهادته حق، وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم» (يو19: 35). ثم يشرح لنا شيئاً عن دقة وعظمة النبوات المختصة بها فيقول موضحاً «هذا كان ليتم الكتاب القائل: عظم لا يُكسر منه. وأيضاً يقول كتاب آخر: سينظرون إلى الذي طعنوه» (يو19: 36،37). وبعد حوالي 60 سنة أو أكثر، ظلت فيها هذه الحادثة ماثلة أمام عينيه، تخلع قلبه من عالم الظلم والشر وتجعله غالباً للعالم لا مغلوباً منه، فكتب لأولاده مؤكداً «مَنْ هو الذي يغلب العالم إلا الذي يؤمن أن يسوع هو ابن الله، هذا هو الذي أتى بماء ودم، يسوع المسيح، لا بالماء فقط بل بالماء والدم» (1يو5: 5،6). |
||||