26 - 10 - 2024, 04:37 PM | رقم المشاركة : ( 176791 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الظهورات المريمية مــريم الأم لا تـتحمل أن ترى أبناؤها فى خطر دون أن تسرع لحمايتهم وأنقاذهم. لم تترك مريم ابناءها لحظة واحدة.. فبصلواتها وشفاعتها الدائمة أمام عرش إبنها الإلهي تحمي الأبناء وترعاهم..ولكن فى بعض الحالات تجد مريم نفسها مـجبـرة ومضطرة كأم الى التدخل الـمباشر فى عالـمنا وحياتنا، فتظهر لنا نفسها لتحمل رسالة تحذير لخطر لا نراه بعد. مئات الظهورات تعددت تحمل كلها معنى واحد.. “أنـــا مـريـم أمـكـم.. إبني غاضب.. تـوبـوا…صـلّـوا دائمـا.”… لـم تشفق على نفسها لأجل ضيقة وشدة بنى جنسها، بل أرادت أن ترد الهلاك كما فعلت يهوديت ذات يوم فإستحقت تطويب عُـزيّا رئيس شعب اسرائيل ويوياقيم الكاهن (يهوديت 10:15-12).. مـريم تواصل الليل مع النهار متشفعة ومـحذرة للناس…ظهورها مستمر حتى اليوم بصورة تدفع للعجب..ولـِم العجب.. ألا تهتم أم بأبنائها ؟؟!. قصة فقد الطفل يسوع فـى الهيكل وصرخة الأم “لـِم صنعت بنا هكذا هوذا أبوك وأنا كنا نطلبك متوجعين” (لو 48:2) فـها هي مازالت تبحث عن الأبناء الضائعين البعيدين عن حضن الكنيسة صارخة هوذا أبوك السماوي وأنا أمك نبحث عنك متوجعين. ظهرت عام 1531 فى المكسيك Guadaluupe لتحذر من قيام دولة أمريكا وفناء الهنود سكان القارة الأصليين. ظهرت عام 1830 فى فرنسا وكانت فرنسا فى حرب أهلية ضد الكنيسة فظهرت للقديسة كاترين لابوريه (الأيقونة العجائبية). وفى عام 1846 تظهر فى قرية لاساليت بفرنسا وكانت بلاد أوربا مهددة بمجاعة عظيمة استمرت عشرة سنوات. وظهرت عام 1858 فى لورد بفرنسا وحذرت العالم من تيارات الحروب وعبادة الشيطان والثورات الدموية فى المانيا والنمسا وفرنسا. وفى عام 1879 ببلدة Knock بتشيكوسلوفاكيا. وعام 1917 فى قرية فاطيما بالبرتغال والحرب العالمية الأولى (1914-1919) وحذرت من مخاطر الحرب العالمية الثانية وخطر الزحف الشيوعي ( اسرار فاطيما الثلاثة ). وفى عامي 1932 و 1933 فى فرنسا. وفى الستينات بمصر وبدء إضطهادات المسيحيين وهجرتهم من مصر. وعام 1981 فى قرية ميدجوري بيوغسلافيا , وعام 1982 بقرية برواندا فى وسط أفريقيا , وعام 1983 فى قرية الصوفانية بسوريا وفى اليابان وروسيا وقيل أنها ظهرت هنا فى امريكا فى التسعينيات. مع كل هذه الظهورات كان التحذير بالخطر الذى يهدد العالم والتأكيد انها لن تترك ابناؤها يتألـمون. تؤمن أغلب الطوائف المسيحية، بأن العذراء تظهر على الأرض بهدف إيصال رسالة إلهية معينة، وترى الكنيسة الكاثوليكية أن تكاثر الظهورات المريمية دليل على اقتراب يوم القيامة، وتمر عملية تثبيت الظهورات وتثبيتها بشكل رسمي بمراحل عديدة: إن أي تقرير حول أي ظهور أو أمر غير طبيعي يجب أن يحظى أولاً بمصادقة الأسقف المحلي الذي يبني قراره على تقييم تقدمه لجنة يعينها لتقوم بدراسة دقيقة لتتأكد أن الحدث لا يحمل شيئاً معاكساً للإيمان أو الأخلاق وبأنه موحى به أو فوق الطبيعي وبالتالي مستحق أن يجتذب إكرام المؤمنين. عمل اللجنة يقوم على أسس علمية مثل إخضاع مَن يتلقى الرؤيا لفحوص نفسية، وفي حال حدوث أي أمر في الطبيعة كظهور نجوم أو تحرك الشمس. تُخضع اللجنة كل هذه الأمور للبحث العلمي مرتكزة على علوم الفيزياء والفلك والرياضيات وغيرها. يلي ذلك رفع القضية إلى الكرسي الرسولي في الفاتيكان الذي ينظر بالقضية مجددًا ليثبتها بشكل رسمي، في الكنيسة الكاثوليكية في حين تختصّ المجامع المقدسة لدى سائر الطوائف بالتصديق على الأمر، على أن التشكيك عادة يرافق أي ظهور أو حدث عجائبي. والظهورات المريمية ليست بالأمر الحديث في المسيحية إذ إنّ عددًا كبيرًا من الظهورات المثبتة تعود لفترة القرون الوسطى وما سبقها. قد أظهر علماء اللاهوت، على وجه عام، تحفظاً في شأن مثل هذه الظهورات، لذلك الكنيسة تقيم قواعد شديدة جداً للتمييز بينها، فلا ترفض مبدأ الظهورات، وانما تذكر بان الوحي الالهي ابتدأ بالأنبياء وانتهى بيسوع المسيح (راجع عب 1/1). فما من وحي خاصّ يستطيع إذاً أن يضيف إلى إيمان الكنيسة عنصراً جديداً، لا بل إيمان الكنيسة وعقائدها وتعليمها هو معيار صحة الظهورات. وصف الظهورات تتصف الظهورات المريمية الحديثة، على وجه عامّ، بثلاث صفات: 1.ـ إنها مبادرة من العذراء، فهي التي تبادر إلى الظهور. 2ـ إنها ظهور حسّيّ، يحسّ به “الرّاءون” الذين يبصرون السيدة ويسمعونها. 3ـ غايتها إبلاغ رسالة إلى الشعب المسيحي او فئة معينة: ممكن ان تكون رسالة للصلاة او التوبة وخصوصاً في مكان ما (فيه مشاكل وحروب)! وممكن ان تكون توصية بتعليم روحي او نوع من الحياة الروحية ( صلاة، تكريس )، وممكن ايضاً ان تكون تأكيد لبعض التعاليم او العقائد المسيحية (المحبول بها بلا دنس). |
||||
26 - 10 - 2024, 04:40 PM | رقم المشاركة : ( 176792 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح في المجمع والهيكل لم يعلِّم الرب في البيوت فقط (أماكن خاصة) أو على الجبل، أو بالقرب من الماء (أماكن عامة)، لكن أيضًا في المجامع اليهودية وفي الهيكل (أماكن دينية)؛ حيث قابل مواجهات عنيفة. كانت هذه المجامع في الأناجيل صورة للمكان الذي يلجأ إليه المساكين والبؤساء، وكان رجال الدين لا يكترثون باحتياجاتهم، بينما كان الرب يتحنن عليهم، ويقرِّب إليه التعساء، ويشفي المرضى منهم. 1- في المجمع منذ بداية خدمة الرب «كان يسوع يطوف كل الجليل يعلّم في مجامعهم» (مت4: 23). لم يكن يكتفي بمكان واحد أو مكانين، بل في كل الجليل يكرز ببشارة الملكوت. وكان لدى كل فرد الفرصة ليسمعه. ماذا وجد الرب في هذه الأماكن؟ الشرعية، الأصول، المظهر الخارجي، وقبل كل شيء الشقاء الإنساني. في البداية كان المسيح ”ممجَّدًا من الجميع“ (لو4: 5)، لكن سرعان ما ظهر التناقض. بالرغم من العداوة والجفاوة التي قابلها الرب كثيرًا، كان لا يكل ولا يمل من دخول المجامع والتعليم فيها. وقال ذلك في نهاية حياته على الأرض: «أنا علّمت كل حين في المجمع» (يو18: 20). كانت أعماله تؤيد تعاليمه (مت9: 35). وبالرغم من وجود أمور معيبة - في نظر الله - في هذه المجامع، إلا أنه دخلها لإظهار نعمته، ولأن وجوده دائمًا سبب بركة للجميع. وفي كفرناحوم، يوم السبت، دخل الرب المجمع وكان يعلم كمن له سلطان وليس كالكتبة. وكان هناك رجل به روح نجس، صرخ قائلاً: ”آه“، ليعبِّر عن استيائه من وجود صاحب كل سلطان على الشياطين ”أتيت لتهلكنا؟“. وانتهره يسوع وخرج الروح النجس من الرجل محيرًا الجميع (مر1: 21-28). «ثم دخل أيضًا إلى المجمع» (مر3: 1)، ووجد رجلاً يده يابسة «فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت، لكي يشتكوا عليه». لم يشفق أحد على الرجل المسكين، ولكن توترت الأعصاب لانتهاز الفرصة ليشتكوا على الرب الذي كان سيجعل من يد غير نافعة أداةً فعالة. وقام الرجل في الوسط كما أمره الرب وسأل يسوع بكل صراحة: «هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر؟ تخليص نفس أو قتل؟ فسكتوا». وعبّر مرقس، في كلمات قليلة، عن حزن الرب إزاء هذه القساوة «فنظر حوله إليهم بغضب، حزينًا على غلاظة قلوبهم». أثارت قساوة هؤلاء الخبثاء، الغضب الإلهي الذي سيسمى في يوم الدينونة ”غضب الخروف“ (رؤ6: 16). ومَدّ الرجل يده وبرأت، وتشاور الفريسيون مع الهيرودسيين ليهلكوه إذ كانوا يريدون البقاء على مبدإ الناموس، رافضين كل الرفض مبدأ النعمة. وعاد يسوع للناصرة حيث كان قد تربى «ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ» (لو4: 16). في البداية تعجَّب الجميع «من كلمات النعمة الخارجة من فمه»، وبعد ذلك (إلا إذا كان لوقا قد جمع في مكان واحد بين موقفين مختلفين) عندما تكلم الرب عن ذات النعمة التي امتدت في الماضي لتشمل أناسًا من الأمم «امتلأ غضبًا جميع الذين في المجمع حين سمعوا هذا»، وحاولوا دفعه من الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه «أما هو فجاز في وسطهم ومضى». كان من الممكن أن يترك نفسه ليُلقى من فوق الجبل دون الخوف من أدنى خطر يلحق به (مز91: 12)، لكنه مضى بكل هدوء، حاجبًا مجده الإلهي. ولم يستطع أن يصنع هناك معجزة واحدة ”لعدم إيمانهم“. ومع ذلك وفي نعمته الغنية «وضع يديه على كل واحد منهم (من السقماء بأمراض مختلفة) وشفاهم». وفي مجمع كفرناحوم ألقى يسوع عظة كبيرة عن خبز الحياة (يو6)، فهو نفسه هذا الخبز الحي النازل من السماء الواهب والضامن الحياة، الخبز الذي هو جسده ودمه اللذان يبذلهما لأجل حياة العالم. فماذا كان رد الفعل؟ «من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه». سأل الرب بحزن الاثني عشر: «أ لعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا؟ فأجابه سمعان بطرس: يا رب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك. ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي». كانت إجابة بطرس فيما يبدو تحمل شعاعًا من الرضا بالذات. لذا أجابه يسوع: «أ ليس إني أنا اخترتكم»، وكان في خلفية هذا الاختيار تتراءى صورة يهوذا الإسخريوطي، الذي كان مزمعًا أن يسلمه. «وكان يعلّم في أحد المجامع في السبت. وإذا امرأة كان بها روح ضعف ثماني عشر سنة وكانت منحنية ولم تقدر أن تنتصب البتة» (لو13: 10- 11). لم تطلب المرأة شيئًا، ولم تبكِ أمامه، بل يُحتمل جدًا أنها لم ترَه من كثرة انحنائها. «فلما رآها يسوع، دعاها، ووضع عليه يديه، ففي الحال استقامت ومجّدت الله». أبصر قلب الرب هذه المرأة من بين جمع كثير غير مكترث البتة بها، بل ومليء بكل عداوة، حتى إن رئيس المجمع «اغتاظ لأن يسوع أبرأ في السبت»، وكشف الرب رياءه أمام الجمع: «هذه هي ابنة إبراهيم قد ربطها الشيطان ثماني عشر سنة. أما كان ينبغي أن تحل من هذا الرباط في يوم السبت؟». كم يوجد من مؤمنين اليوم مقيدين بقيود العادات والتقاليد وبروح الناموس، غير متمتعين بالحرية التي في المسيح، ولكن الرب ما زال قادرًا إلى اليوم على فك قيودهم وتحريرهم. «أخجل جميع الذين كانوا يعاندونه، وفرح كل الجمع». أما هو «اجتاز... يسافر نحو أورشليم» (ع 22). 2- في الهيكل: كانت المجامع قديمًا أماكن للصلاة وقراءة الشريعة وأقيمت في عصور تشتت اليهود، وتواجدت في كل مكان يعيشون فيه. وكان هناك عدد كبير منها في فلسطين. أما الهيكل فكان واحدًا فقط، فهو مركز العبادة والاجتماع، رمز وحدة إسرائيل. وكان رب الهيكل مزمعًا على زيارته فكيف يكون استقباله؟! في الماضي غطت السحابة خيمة الاجتماع، ثم هيكل سليمان، ولكنها تركته في عهد حزقيال، ولم تعد إليه أبدًا. ولكن من كانت السحابة إعلانًا عن حضوره كان سيدخل بشخصه الهيكل الذي يسميه ”بيت أبيه“. فماذا وجد؟ وفي طفولته المبكرة ِأُحضر الصبي يسوع إلى الهيكل حسب الناموس (لو2: 22-38) لكي يقدِّم أبواه ذبيحة، عن الأم لا عن الطفل، حسب لاويين 12. إلا أن فقر أبوي يسوع لم يسمح لهما إلا بتقديم فرخي حمام. فمن مسكن الناصرة المتواضع «افتقر وهو غني، لكي تستغنوا أنتم بفقره» (2كو8: 9). من الواضح أن أحدًا لم يلاحظ الطفل في الهيكل، ولم يعره أحد انتباهه، وهو ”ابن العلي“ والذي ”سيخلص شعبه من خطاياهم“ (لو1: 32؛ مت1: 21). لم يتقدم أحد إليه إلا شيخ، أتى بالروح، وأخذ الصبي على ذراعيه، وبارك الله وقال: «الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك». بارك سمعان الأبوين لا الطفل، لأنه كيف وهو الإنسان الفاني يبارك من سيكون «نور إعلان للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل»؟ وجاءت حنة النبية في ذلك الوقت تسبّح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم (قارن مع ملا3: 16). «ولما كانت له اثنتا عشر سنة» أخذه أبواه إلى أورشليم في عيد الفصح. وعند رجوعهما لم يعلما أن الصبي يسوع ليس معهما، إذ ظناه بين الرفقة أو بين الأقرباء. أما يسوع فكان في الهيكل جالسًا في وسط المعلّمين يسمعهم ويسألهم، وهو واعٍ تمامًا لألوهيته (ع49). لم يخرج قَط عن المرحلة التي تناسب سنه، فهو لم يكن يعلّمهم، وفي الوقت نفسه لم يكن في احتياج إلى التعلم منهم، فهو العالم بكل شيء دون أن يتباهى بذلك. كان كاملاً في كل مراحل نموه، فلم يتصرف كرجل وهو ما زال طفلاً. وكم من مرات عديدة دخل المسيح الهيكل أثناء خدمته؟ في يوحنا 5 قابل هناك المفلوج الذي شفاه في بيت حسدا. لم يصرخ هذا الرجل مناديًا لكي يرحمه ويخلّصه. لم يكن يقدر على عمل شيء إلا أن يشهد عن عجزه «ليس لي إنسان»، ودام ذلك الأمر 38 سنة. كان يجهل أيضًا من قام بإبرائه، لذا لزم الأمر أن «يجده يسوع في الهيكل، وقال له: «فلا تخطئ أيضًا لئلا يكون لك أشر» (مما يدل على أن مرضه كان - بلا شك - عقابًا على خطإ فادح). وبعد أن شفاه الرب، ذهب لليهود ووشي بيسوع الذي أبرأه. وهكذا في أحيان كثيرة لا يجد المخلِّص - رغم غنى نعمته - التقدير اللائق به، من قِبَل من استفاد من قدرته. وفي عيد المظال «لما كان العيد قد انتصف، صعد يسوع إلى الهيكل وكان يعلّم». وكان انشقاق في الجمع بسببه. ووسط كل هذا: «نادى يسوع وهو يعلم في الهيكل»، شارحًا إنسانيته وألوهيته الكاملة (يو7: 28-29). «وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً: إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب» (يو7: 37). كانت الفرحة هي سمة عيد المظال «وتفرحون أمام الرب إلهكم»، وفي اليوم الثامن محفل مقدس، آخر مواسم الرب السبعة كما نفهم من لاويين 23. لماذا تحدث المسيح عن العطش في هذا اليوم بالذات؟ لم يقدر الناموس أن يكمل شيئًَا، ولم يقدر على منح حياة. أصبح يطلق على أعياد الرب ”أعياد اليهود“، وتمارس فيها طقوس وشعائر لا حياة فيها، لكن كان الرب موجودًا هناك، من يؤمن به يستطيع أن يأتي إليه، فيحصل على الروح القدس فيما بعد. لم يجرؤ الخدّام المكلَّفين بالإيقاع به أن يمسكوا عليه شيئًا: «لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان». ورغم تحذيرات نيقوديموس اشتدت معارضة الكهنة والفريسيين أكثر وأكثر «لم يقم نبي من الجليل». ثم «مضى كل واحد إلى بيته»، دون أن يفتح أحد بيته لاستقبال المخلِّص الذي «مضى إلى جبل الزيتون». يقدم لنا إنجيل يوحنا أربعة أعياد لليهود مرتبطة بالهيكل. العيد المذكور في أصحاح 5 حيث تقابل فيه الرب مع المفلوج في الهيكل. وعيد المظال حيث نادى يسوع في الهيكل، وعيد التجديد «حيث كان يتمشى في الهيكل» (يو10: 23)، راعي الخراف العظيم، وأخيرًا عيد الفصح الذي صُلب فيه «انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه» (يو2: 19). عند وصوله إلى أورشليم، وبعد أن هتفت الجموع ”أوصنا في الأعالي“، «دخل يسوع الهيكل ولما نظر حوله إلى كل شيء، إذ كان الوقت قد أمسى، خرج إلى بيت عنيا» (مر11: 11). هل نعلم أن الرب يجول ببصره في كل مكان إلى كل شيء؟ أ كان في هذا الهيكل قلب مكرس له أو وضع ما يناسب بيت الله؟ وبحث الرب لعله يجد شيئًا مثل هذا، لكن دون جدوى. عندما دخل الهيكل أول مرة وجد سمعان الرجل البار وحنة النبية، لكن في ذلك اليوم لم يجد أحدًا. ”وكان الوقت قد أمسى“ بالنسبة لإسرائيل، فخرج يسوع ومضى. ومع ذلك كان الرب يدخل الهيكل كل يوم في آخر أسبوع من حياته على الأرض، أولاً لطرد الباعة مذكِّرًا إياهم «بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص». وجاء إليه رجال الدين بمختلف طبقاتهم - رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ - ولكنه كشف رياءهم وعدم إيمانهم. مرة واحدة فقط تعزى فيها قلب الرب «وجلس يسوع تجاه الخزانة، ونظر كيف يلقي الجمع نحاسًا في الخزانة... فجاءت أرملة فقيرة وألقت فلسين» (مر12: 41-42). يدوّن لنا إنجيل مرقس أكثر من مرة أن هذه النظرة تركزت على عدة أشخاص، وها هو الآن ينظر للطريقة التي يعطي بها كل فرد في الخزانة. لا يعني هذا أنه ينظر للكمية المعطاة، ولكن للنسبة التي نحتفظ بها لأنفسنا. وجاءت الأرملة وألقت كل ما تمتلكه. أعطت كل شيء لديها، كما هو أعطى كل شيء، وكان في طريقه إلى أن يبذل حياته. كان آخر أسبوع على وشك الانتهاء «ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل» (مت24: 1). لا شيء باقٍ غير الدينونة. ومع ذلك يذكر الهيكل هنا مرة أخرى. فبعد أن مرّت الذبيحة المقدسة بجثسيماني، وجازت آلام الصليب الرهيبة، «صرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين، من فوق إلى أسفل» (مت27: 50،51). ماذا وجد رؤساء الكهنة وراء الحجاب عندما دخلوا الهيكل ذلك المساء؟ لا شيء البتة «هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا» (مت23: 38). لكن بالنسبة للمؤمن فإن الحجاب المشقوق يكشف عن سماوات مفتوحة بفضل عمل الرب يسوع على الصليب. في بداية خدمته أيضًا انفتحت السماوات على شخصه الكريم. أما المؤمن المفدي فله أن يدخل إلى الأقداس «بدم يسوع طريقًا كرسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب، أي جسده» (عب10: 19). إن الدخول إلى المحضر الإلهي هو دائمًا من خلال حجاب مشقوق، لا حجاب منزوع. ينبغي علينا أن نتذكر دائمًا الثمن الذي دفع ليضمن لنا هذا الدخول، وهو جسد يسوع الممزق! |
||||
26 - 10 - 2024, 04:42 PM | رقم المشاركة : ( 176793 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
المسيح في المجمع والهيكل لم يعلِّم الرب في البيوت فقط (أماكن خاصة) أو على الجبل، أو بالقرب من الماء (أماكن عامة)، لكن أيضًا في المجامع اليهودية وفي الهيكل (أماكن دينية)؛ حيث قابل مواجهات عنيفة. كانت هذه المجامع في الأناجيل صورة للمكان الذي يلجأ إليه المساكين والبؤساء، وكان رجال الدين لا يكترثون باحتياجاتهم، بينما كان الرب يتحنن عليهم، ويقرِّب إليه التعساء، ويشفي المرضى منهم. 1- في المجمع منذ بداية خدمة الرب «كان يسوع يطوف كل الجليل يعلّم في مجامعهم» (مت4: 23). لم يكن يكتفي بمكان واحد أو مكانين، بل في كل الجليل يكرز ببشارة الملكوت. وكان لدى كل فرد الفرصة ليسمعه. ماذا وجد الرب في هذه الأماكن؟ الشرعية، الأصول، المظهر الخارجي، وقبل كل شيء الشقاء الإنساني. في البداية كان المسيح ”ممجَّدًا من الجميع“ (لو4: 5)، لكن سرعان ما ظهر التناقض. بالرغم من العداوة والجفاوة التي قابلها الرب كثيرًا، كان لا يكل ولا يمل من دخول المجامع والتعليم فيها. وقال ذلك في نهاية حياته على الأرض: «أنا علّمت كل حين في المجمع» (يو18: 20). كانت أعماله تؤيد تعاليمه (مت9: 35). وبالرغم من وجود أمور معيبة - في نظر الله - في هذه المجامع، إلا أنه دخلها لإظهار نعمته، ولأن وجوده دائمًا سبب بركة للجميع. وفي كفرناحوم، يوم السبت، دخل الرب المجمع وكان يعلم كمن له سلطان وليس كالكتبة. وكان هناك رجل به روح نجس، صرخ قائلاً: ”آه“، ليعبِّر عن استيائه من وجود صاحب كل سلطان على الشياطين ”أتيت لتهلكنا؟“. وانتهره يسوع وخرج الروح النجس من الرجل محيرًا الجميع (مر1: 21-28). «ثم دخل أيضًا إلى المجمع» (مر3: 1)، ووجد رجلاً يده يابسة «فصاروا يراقبونه هل يشفيه في السبت، لكي يشتكوا عليه». لم يشفق أحد على الرجل المسكين، ولكن توترت الأعصاب لانتهاز الفرصة ليشتكوا على الرب الذي كان سيجعل من يد غير نافعة أداةً فعالة. وقام الرجل في الوسط كما أمره الرب وسأل يسوع بكل صراحة: «هل يحل في السبت فعل الخير أو فعل الشر؟ تخليص نفس أو قتل؟ فسكتوا». وعبّر مرقس، في كلمات قليلة، عن حزن الرب إزاء هذه القساوة «فنظر حوله إليهم بغضب، حزينًا على غلاظة قلوبهم». أثارت قساوة هؤلاء الخبثاء، الغضب الإلهي الذي سيسمى في يوم الدينونة ”غضب الخروف“ (رؤ6: 16). ومَدّ الرجل يده وبرأت، وتشاور الفريسيون مع الهيرودسيين ليهلكوه إذ كانوا يريدون البقاء على مبدإ الناموس، رافضين كل الرفض مبدأ النعمة. وعاد يسوع للناصرة حيث كان قد تربى «ودخل المجمع حسب عادته يوم السبت وقام ليقرأ» (لو4: 16). في البداية تعجَّب الجميع «من كلمات النعمة الخارجة من فمه»، وبعد ذلك (إلا إذا كان لوقا قد جمع في مكان واحد بين موقفين مختلفين) عندما تكلم الرب عن ذات النعمة التي امتدت في الماضي لتشمل أناسًا من الأمم «امتلأ غضبًا جميع الذين في المجمع حين سمعوا هذا»، وحاولوا دفعه من الجبل الذي كانت مدينتهم مبنية عليه «أما هو فجاز في وسطهم ومضى». كان من الممكن أن يترك نفسه ليُلقى من فوق الجبل دون الخوف من أدنى خطر يلحق به (مز91: 12)، لكنه مضى بكل هدوء، حاجبًا مجده الإلهي. ولم يستطع أن يصنع هناك معجزة واحدة ”لعدم إيمانهم“. ومع ذلك وفي نعمته الغنية «وضع يديه على كل واحد منهم (من السقماء بأمراض مختلفة) وشفاهم». وفي مجمع كفرناحوم ألقى يسوع عظة كبيرة عن خبز الحياة (يو6)، فهو نفسه هذا الخبز الحي النازل من السماء الواهب والضامن الحياة، الخبز الذي هو جسده ودمه اللذان يبذلهما لأجل حياة العالم. فماذا كان رد الفعل؟ «من هذا الوقت رجع كثيرون من تلاميذه إلى الوراء ولم يعودوا يمشون معه». سأل الرب بحزن الاثني عشر: «أ لعلكم أنتم أيضًا تريدون أن تمضوا؟ فأجابه سمعان بطرس: يا رب إلى من نذهب؟ كلام الحياة الأبدية عندك. ونحن قد آمنا وعرفنا أنك أنت المسيح ابن الله الحي». كانت إجابة بطرس فيما يبدو تحمل شعاعًا من الرضا بالذات. لذا أجابه يسوع: «أ ليس إني أنا اخترتكم»، وكان في خلفية هذا الاختيار تتراءى صورة يهوذا الإسخريوطي، الذي كان مزمعًا أن يسلمه. «وكان يعلّم في أحد المجامع في السبت. وإذا امرأة كان بها روح ضعف ثماني عشر سنة وكانت منحنية ولم تقدر أن تنتصب البتة» (لو13: 10- 11). لم تطلب المرأة شيئًا، ولم تبكِ أمامه، بل يُحتمل جدًا أنها لم ترَه من كثرة انحنائها. «فلما رآها يسوع، دعاها، ووضع عليه يديه، ففي الحال استقامت ومجّدت الله». أبصر قلب الرب هذه المرأة من بين جمع كثير غير مكترث البتة بها، بل ومليء بكل عداوة، حتى إن رئيس المجمع «اغتاظ لأن يسوع أبرأ في السبت»، وكشف الرب رياءه أمام الجمع: «هذه هي ابنة إبراهيم قد ربطها الشيطان ثماني عشر سنة. أما كان ينبغي أن تحل من هذا الرباط في يوم السبت؟». كم يوجد من مؤمنين اليوم مقيدين بقيود العادات والتقاليد وبروح الناموس، غير متمتعين بالحرية التي في المسيح، ولكن الرب ما زال قادرًا إلى اليوم على فك قيودهم وتحريرهم. «أخجل جميع الذين كانوا يعاندونه، وفرح كل الجمع». أما هو «اجتاز... يسافر نحو أورشليم» (ع 22). |
||||
26 - 10 - 2024, 04:43 PM | رقم المشاركة : ( 176794 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في الهيكل: كانت المجامع قديمًا أماكن للصلاة وقراءة الشريعة وأقيمت في عصور تشتت اليهود، وتواجدت في كل مكان يعيشون فيه. وكان هناك عدد كبير منها في فلسطين. أما الهيكل فكان واحدًا فقط، فهو مركز العبادة والاجتماع، رمز وحدة إسرائيل. وكان رب الهيكل مزمعًا على زيارته فكيف يكون استقباله؟! في الماضي غطت السحابة خيمة الاجتماع، ثم هيكل سليمان، ولكنها تركته في عهد حزقيال، ولم تعد إليه أبدًا. ولكن من كانت السحابة إعلانًا عن حضوره كان سيدخل بشخصه الهيكل الذي يسميه ”بيت أبيه“. فماذا وجد؟ وفي طفولته المبكرة ِأُحضر الصبي يسوع إلى الهيكل حسب الناموس (لو2: 22-38) لكي يقدِّم أبواه ذبيحة، عن الأم لا عن الطفل، حسب لاويين 12. إلا أن فقر أبوي يسوع لم يسمح لهما إلا بتقديم فرخي حمام. فمن مسكن الناصرة المتواضع «افتقر وهو غني، لكي تستغنوا أنتم بفقره» (2كو8: 9). من الواضح أن أحدًا لم يلاحظ الطفل في الهيكل، ولم يعره أحد انتباهه، وهو ”ابن العلي“ والذي ”سيخلص شعبه من خطاياهم“ (لو1: 32؛ مت1: 21). لم يتقدم أحد إليه إلا شيخ، أتى بالروح، وأخذ الصبي على ذراعيه، وبارك الله وقال: «الآن تطلق عبدك يا سيد حسب قولك بسلام، لأن عيني قد أبصرتا خلاصك». بارك سمعان الأبوين لا الطفل، لأنه كيف وهو الإنسان الفاني يبارك من سيكون «نور إعلان للأمم ومجدًا لشعبك إسرائيل»؟ وجاءت حنة النبية في ذلك الوقت تسبّح الرب، وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في أورشليم (قارن مع ملا3: 16). «ولما كانت له اثنتا عشر سنة» أخذه أبواه إلى أورشليم في عيد الفصح. وعند رجوعهما لم يعلما أن الصبي يسوع ليس معهما، إذ ظناه بين الرفقة أو بين الأقرباء. أما يسوع فكان في الهيكل جالسًا في وسط المعلّمين يسمعهم ويسألهم، وهو واعٍ تمامًا لألوهيته (ع49). لم يخرج قَط عن المرحلة التي تناسب سنه، فهو لم يكن يعلّمهم، وفي الوقت نفسه لم يكن في احتياج إلى التعلم منهم، فهو العالم بكل شيء دون أن يتباهى بذلك. كان كاملاً في كل مراحل نموه، فلم يتصرف كرجل وهو ما زال طفلاً. |
||||
26 - 10 - 2024, 04:44 PM | رقم المشاركة : ( 176795 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
كم من مرات عديدة دخل المسيح الهيكل أثناء خدمته؟ في يوحنا 5 قابل هناك المفلوج الذي شفاه في بيت حسدا. لم يصرخ هذا الرجل مناديًا لكي يرحمه ويخلّصه. لم يكن يقدر على عمل شيء إلا أن يشهد عن عجزه «ليس لي إنسان»، ودام ذلك الأمر 38 سنة. كان يجهل أيضًا من قام بإبرائه، لذا لزم الأمر أن «يجده يسوع في الهيكل، وقال له: «فلا تخطئ أيضًا لئلا يكون لك أشر» (مما يدل على أن مرضه كان - بلا شك - عقابًا على خطإ فادح). وبعد أن شفاه الرب، ذهب لليهود ووشي بيسوع الذي أبرأه. وهكذا في أحيان كثيرة لا يجد المخلِّص - رغم غنى نعمته - التقدير اللائق به، من قِبَل من استفاد من قدرته. وفي عيد المظال «لما كان العيد قد انتصف، صعد يسوع إلى الهيكل وكان يعلّم». وكان انشقاق في الجمع بسببه. ووسط كل هذا: «نادى يسوع وهو يعلم في الهيكل»، شارحًا إنسانيته وألوهيته الكاملة (يو7: 28-29). «وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلاً: إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب» (يو7: 37). كانت الفرحة هي سمة عيد المظال «وتفرحون أمام الرب إلهكم»، وفي اليوم الثامن محفل مقدس، آخر مواسم الرب السبعة كما نفهم من لاويين 23. لماذا تحدث المسيح عن العطش في هذا اليوم بالذات؟ لم يقدر الناموس أن يكمل شيئًَا، ولم يقدر على منح حياة. أصبح يطلق على أعياد الرب ”أعياد اليهود“، وتمارس فيها طقوس وشعائر لا حياة فيها، لكن كان الرب موجودًا هناك، من يؤمن به يستطيع أن يأتي إليه، فيحصل على الروح القدس فيما بعد. لم يجرؤ الخدّام المكلَّفين بالإيقاع به أن يمسكوا عليه شيئًا: «لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان». ورغم تحذيرات نيقوديموس اشتدت معارضة الكهنة والفريسيين أكثر وأكثر «لم يقم نبي من الجليل». ثم «مضى كل واحد إلى بيته»، دون أن يفتح أحد بيته لاستقبال المخلِّص الذي «مضى إلى جبل الزيتون». |
||||
26 - 10 - 2024, 04:46 PM | رقم المشاركة : ( 176796 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يقدم لنا إنجيل يوحنا أربعة أعياد لليهود مرتبطة بالهيكل. العيد المذكور في أصحاح 5 حيث تقابل فيه الرب مع المفلوج في الهيكل. وعيد المظال حيث نادى يسوع في الهيكل، وعيد التجديد «حيث كان يتمشى في الهيكل» (يو10: 23)، راعي الخراف العظيم، وأخيرًا عيد الفصح الذي صُلب فيه «انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمه» (يو2: 19). عند وصوله إلى أورشليم، وبعد أن هتفت الجموع ”أوصنا في الأعالي“، «دخل يسوع الهيكل ولما نظر حوله إلى كل شيء، إذ كان الوقت قد أمسى، خرج إلى بيت عنيا» (مر11: 11). هل نعلم أن الرب يجول ببصره في كل مكان إلى كل شيء؟ أ كان في هذا الهيكل قلب مكرس له أو وضع ما يناسب بيت الله؟ وبحث الرب لعله يجد شيئًا مثل هذا، لكن دون جدوى. عندما دخل الهيكل أول مرة وجد سمعان الرجل البار وحنة النبية، لكن في ذلك اليوم لم يجد أحدًا. ”وكان الوقت قد أمسى“ بالنسبة لإسرائيل، فخرج يسوع ومضى. ومع ذلك كان الرب يدخل الهيكل كل يوم في آخر أسبوع من حياته على الأرض، أولاً لطرد الباعة مذكِّرًا إياهم «بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص». وجاء إليه رجال الدين بمختلف طبقاتهم - رؤساء الكهنة والكتبة والشيوخ - ولكنه كشف رياءهم وعدم إيمانهم. مرة واحدة فقط تعزى فيها قلب الرب «وجلس يسوع تجاه الخزانة، ونظر كيف يلقي الجمع نحاسًا في الخزانة... فجاءت أرملة فقيرة وألقت فلسين» (مر12: 41-42). يدوّن لنا إنجيل مرقس أكثر من مرة أن هذه النظرة تركزت على عدة أشخاص، وها هو الآن ينظر للطريقة التي يعطي بها كل فرد في الخزانة. لا يعني هذا أنه ينظر للكمية المعطاة، ولكن للنسبة التي نحتفظ بها لأنفسنا. وجاءت الأرملة وألقت كل ما تمتلكه. أعطت كل شيء لديها، كما هو أعطى كل شيء، وكان في طريقه إلى أن يبذل حياته. كان آخر أسبوع على وشك الانتهاء «ثم خرج يسوع ومضى من الهيكل» (مت24: 1). لا شيء باقٍ غير الدينونة. ومع ذلك يذكر الهيكل هنا مرة أخرى. فبعد أن مرّت الذبيحة المقدسة بجثسيماني، وجازت آلام الصليب الرهيبة، «صرخ يسوع أيضًا بصوت عظيم وأسلم الروح. وإذا حجاب الهيكل قد انشق إلى اثنين، من فوق إلى أسفل» (مت27: 50،51). ماذا وجد رؤساء الكهنة وراء الحجاب عندما دخلوا الهيكل ذلك المساء؟ لا شيء البتة «هوذا بيتكم يُترك لكم خرابًا» (مت23: 38). لكن بالنسبة للمؤمن فإن الحجاب المشقوق يكشف عن سماوات مفتوحة بفضل عمل الرب يسوع على الصليب. في بداية خدمته أيضًا انفتحت السماوات على شخصه الكريم. أما المؤمن المفدي فله أن يدخل إلى الأقداس «بدم يسوع طريقًا كرسه لنا حديثًا حيًا بالحجاب، أي جسده» (عب10: 19). إن الدخول إلى المحضر الإلهي هو دائمًا من خلال حجاب مشقوق، لا حجاب منزوع. ينبغي علينا أن نتذكر دائمًا الثمن الذي دفع ليضمن لنا هذا الدخول، وهو جسد يسوع الممزق! |
||||
26 - 10 - 2024, 04:47 PM | رقم المشاركة : ( 176797 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
هوذا الإنسان بالإنسان الأول دخلت الخطية إلى العالم، واجتاز الموت إلى جميع الناس، وهكذا ملكت الخطية بالموت (رو5)؛ أما في الإنسان الثاني فقد أُبطلت الخطية، وتمت النصرة على الموت، وسُدّدت مطاليب الله من جهتها، وهكذا ملكت النعمة بالبر. لقد قال الله: «نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا» (تك1)، أي له السلطان والسيادة في الجنة، لكن الإنسان انهزم أمام إبليس وفقد سلطانه، وصارت الأرض هي دائرة سيادة إبليس (أي1: 7). لكن المسيح ربط إبليس في البرية، وانتصر عليه في الصليب، وهكذا استعاد السلطان، من ثم قال لتلاميذه: «دُفع إليّ كل سلطان في السماء وعلى الأرض» (مت28: 18). الإنسان الأول بسقوطه خسر الجنة وخرج منها، وهكذا سارت البشرية من خسارة إلي خسارة، أما الإنسان الثاني فقد استرد الكل. فلقد ذاق المسيح بنعمة الله الموت لأجل كل شيء (عب2: 10)، ليخضع كل شيء له سواء ما في السماوات أو ما علي الأرض، وترجع في توافق وانسجام مع الله، وهذا كله قد وضع أساسه في الصليب «عاملاً الصلح بدم صليبه» (كو1: 20). لقد كان على الإنسان الأول أن يثق في محبة الله، لكنه سمع لقول الحية وفقد تلك الثقة في الله؛ أما الإنسان الثاني فجاء ليعلن ما هو الإيمان. لقد كان على الأرض رئيس الإيمان ومكمله، أي منشئ الإيمان، وكل من يريد أن يعرف ماهية الثقة في الله عليه أن يتفكر في المسيح (عب12: 2). لقد احتمل كل الآلام في طريق الإيمان، وكان سروره إتمام مشيئة الله. عزيزي: إن وعورة طريق الإيمان شديدة لكن تفكيرنا في المسيح يجعلنا نسلكها بالرغم من كل شيء. إن المعصية ظهرت بكل صورها في الإنسان الأول (آدم ونسله) وتعرض الجنس البشري للقضاء مرة تلو الأخرى (الطوفان، سدوم وعمورة، وغيرها)؛ لكن بالإنسان الثاني ظهرت الطاعة بأبهى صوره. لقد قال «أن أفعل مشيئتك يا إلهي سررت، وشريعتك في وسط أحشائي» (مز40: 8)، «طعامي أن أفعل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله» (يو4: 34)، ومع كونه ابنًا (يأمر فيُطاع)، لكنه تعلم (أو أظهر) الطاعة مما تألم به (عب5: 8)، بل وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب (في2: 8). لقد أراد الإنسان الأول أن يرفع نفسه ويأخذ مكانًا ليس له فسقط، أما الإنسان الثاني الذي له الحق في كل شيء يُكتب عنه «الذي إذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة أن يكون معادلاً لله، لكنه أخلى نفسه، آخذًا صورة عبد، صائرًا في شبه الناس، وإذ وُجد في الهيئة كإنسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت، موت الصليب. لذلك رفّعه الله أيضًا وأعطاه اسمًا فوق كل اسم، لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض، ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب» (في2: 6 -11). ومع أن الملك والسيادة سيعطيهما الله له، إلا إنه في نهاية الملك الألفي سيسلم الملك لله الآب، ليكون الله الكل في الكل (1كو15: 28). نعم هو المثال الكامل للإنسان الذي بحسب الله. |
||||
26 - 10 - 2024, 04:50 PM | رقم المشاركة : ( 176798 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
قربان الدقيق يمكننا أن نضع عنوانًا لهذا الفصل في عبارة «هوذا الإنسان». فقد كانت حياة المسيح هي الحياة الكاملة كما يريدها الله. لقد وُجد إنسانٌ على الأرض استطاع أن يقول للآب: «أنا مَجَّدتُك على الأرض» (يو4:17)! نبت قدام الله كفرخ وكعرق من أرض يابسة (إش2:53). له فُتِحَتْ السماء، وعليه استقر الروح القدس مثل حمامة. ويمكننا أن نرى ثلاثة أفكار رئيسية في هذا الموضوع العظيم كما يلي: أولاً: مكوّنات التقدمة. ثانيًا: أشكال التقدمة. ثالثًا: الأشخاص الذين يشتركون في التقدمة. أولاً: المواد التي تتكون منها التقدمة الدقيق، الزيت، اللبان، الملح 1- الدقيق ويتميز بأنه: أبيض.. ناعم.. متجانس.. قابل للضغط. أبيض: لقد تميَّز الرب يسوع بإنسانية قُدُّوسة فريدة. فاللون الأبيض يُشير إلى قداسته وبرّه وطهارته. قال عنه الملاك للعذراء المُطوَّبة: «القُدُّوس المولود منك يُدعى ابن الله» (لو35:1). فهو قُدُّوس ذاتيًا بلا خطية. وهو قُدُّوس عمليًا «قُدُّوسٌ بلا شر ولا دنسٍ، قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات» (عب26:7). «لم يعرف خطية» (2كو21:5)، و«لم يفعل خطية» (1بط22:2)، «وليس فيه خطية» (1يو5:3). الآب شهد عنه «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرْت» (مت17:3). الشيطان شهد عنه «أنا أعرفك مَنْ أنت: قُدُّوس الله» (مر24:1). وفي مشهد الصليب حُوكم كمُذنب، ومع ذلك نقرأ عن سبع شهادات من الأعداء أنه بار. لقد مات ودخل القبر قُدُّوسًا، وقيل عنه: «لن تدع قُدُّوسك يرى فسادًا» (أع27:2). وقام وصعد إلى السماء وهو هناك يحتفظ بذات الصفة «القُدُّوس الحق» (رؤ7:3). فما أجمله في حياته الناصعة التي خَلَتْ من أية شائبة، حتى أنه وقف يتحدَّى كل الأعداء قائلاً: «مَنْ منكم يُبَكِّتُني على خطية؟» (يو46:8). وكم كان مُسرَّاً لقلب الله أن يرى إنسانًا على الأرض بهذه الروعة والكمال في عالم يسوده الفساد. ناعم: فقد خَلَتْ حياته من كل خشونة. فهو العبد الوديع الذي: «لا يُخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحدٌ في الشوارع صوته» (مت19:12). وهو الذي قال: «تعلَّموا مني، لأني وديعٌ ومتواضع القلب» (مت29:11). قَطّ لم يُجَرِّح أحدًا، مع أنه احتمل تجريح الكثيرين. «إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يُهدِّد، بل كان يُسلِّم لمن يقضي بعدل» (1بط23:2). قالوا عنه: «إنك سامري وبك شيطان» (يو48:8). أجاب يسوع: «أنا ليس بي شيطان»، ولم يقل أنا لستُ سامريًا، لكي يُحافظ على مشاعر السامريين. كان رقيقًا مع المرأة السامرية، والمرأة الخاطئة في المدينة، والمرأة التي أُمسكتْ في ذات الفعل. ومع بطرس في مواقف مختلفة حتى عندما أنكره. وكان رقيقًا حتى مع يهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه إذ قال له: «يا صاحب لماذا جئت؟» (مت50:26). وفي المحاكمة «لطم يسوعَ واحدٌ من الخدام»، فكان جوابه: «إن كنت تكلمت رديًّا فاشهد على الردي، وإن حسنًا فلماذا تضربني؟» (يو23:18). متجانس: كل صفة فيه ظهرت في موضعها دون أن تمس أو تُعطِّل بقية الصفات. لقد أظهر الحنان واللطف في مكانه، وأظهر التوبيخ والصرامة في مكانها. أظهر الوداعة، وأظهر الغيرة المقدسة. أظهر الصلابة كالصوان، وأظهر الليونة كالشمع الذائب. كان متوازنًا عندما أظهر الجود والكرم في إشباع الجموع، وأظهر الحرص وعدم التبذير في جمع الكِسر. كان يهتم بالأمور العظيمة والأمور الصغيرة على السواء. فقد أقام ابنة يايرس من الموت، وقال أن تُعطى لتأكل. كان يُشارك في الأفراح والأحزان بمشاعر صادقة. إنه من المستحيل أن نجد هذا التجانس الفريد في أي إنسان مهما كان. فموسى الذي كان حليمًا جدًا، فرّط بشفتيه. وإيليا الشجاع والجبَّار، كلَّ وخار. وبطرس الذي كان غيورًا ومتحمسًا، أظهر جُبنًا وتراجعًا. ويوحنا الحبيب الذي تميِّز بالحنان أظهر مرة تعصّبًا ممقوتًا. قابل للضغط: وقد تعرَّض ربنا المعبود لكل أنواع الضغوط، واحتمل بصبرٍ كل أنواع المقاومات. ومهما كانت الضغوط عليه من الخارج فقد ظل متوازنًا، ولم تؤثر فيه الحوادث ولا غيَّرت الظروف منه شيئًا. بل إن الضغوط أظهرت ما فيه من نعمة سامية ومرونة عالية. 2- الزيت وقد ذُكر بالارتباط بالتقدمة سبع مرات. وهو رمز للروح القدس. ويُذكر عن قربان الدقيق أنه «ملتوتٌ بالزيت»، أي أن الزيت يتخلل كل ذراته. وفي هذا نرى أن الرب يسوع قد حُبل به بالروح القدس. كما قال الملاك للعذراء: «الروح القدس يَحِلُّ عليك، وقوة العَليِّ تُظَلِّلُك، فلذلك أيضًا القُدُّوس المولود منك يُدعى ابن الله» (لو35:1). وأيضًا يُذكر في الرمز أنه «مسكوبٌ عليه زيت». وهذا ما حدث في مشهد معمودية الرب يسوع في نهر الأردن، حيث نزل الروح القدس مثل حمامة واستقر عليه. لقد قيل عنه: «كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة، الذي جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المُتَسلِّط عليهم إبليس» (أع38:10). وأيضًا يُقال عن التقدمة إنها «تُعمل بزيت، مَربُوكة (أي مُشبَّعة بالزيت)» (لا21:6). وفي هذا نرى الرب يسوع وقد «رجع من الأردن مُمتلئًا من الروح القدس» (لو1:4). وكان يُقتاد بالروح، ويُعلِّم بالروح، ويعمل المعجزات بالروح، وبروح أزلي قدَّم نفسه لله بلا عيب. وأُقيم من الأموات بقوة الروح القدس. 3- اللبان: كان كل اللبان يُوقَد على المذبح، فهو نصيب الله من حياة المسيح. إنه مصدر الرائحة العطرة، وهو يتكلم عن الحياة الأدبية الداخلية، وما تميَّز به من طاعة واتكال وتكريس واحتمال في كل أيامه وخطواته على الأرض. ففي كل فكر أو كلمة أو عمل صدر منه كانت تصعد رائحة سرور للرب. إن النظرة السطحية لحياة المسيح قد تنبهر بالقوات والمعجزات التي صنعها. لكن الذي أشبع قلب الله في هذه الحياة ليس المعجزات بل الكمال الأدبي والصفات العطرة. وكما في الرمز نقرأ أن النار هي التي أفاحت رائحة اللبان، هكذا المرموز إليه، كلما كان يتعرَّض للتجارب ويُقرَّب من النار ويُمتحََن بالظروف المعاكسة، كلما كانت تظهر أكثر رائحة حياته الزكية وعطر صفاته الأدبية. إنه قط لم يَشْكُ أو يتذمَّر، بل كان شاكرًا وخاضعًا لمشيئة أبيه ولسان حاله «نعم أيها الآب، لأنْ هكذا صارت المَسَرَّة أمامك» (مت26:11). 4- الملح: وهو يرمز إلى القداسة وإدانة الشر، ويُذكر ثلاث مرات مُرتبطًا بالتقدمة. إنه يتكلم عن الحق الصريح، ولو بدا لاذعًا وغير مُحَبَّب لأذن الطبيعة البشرية الفاسدة. لقد كان كلام الرب يسوع دائمًا مُصلَحًا بملح. والملح يحفظ من الفساد، ويُعطِّش النفوس إلى الله. وكان على لسانه دائمًا عبارة: «الحق الحق أقول لكم»، حتى لو لم يُعجِب الناس. فالإنسان الطبيعي لا يرغب في الحق الذي يكشف عيوبه ويحرِّك ضميره ويُشعره بعدم التوافق مع الله، ولهذا أبغضوه ورفضوه وحاولوا أن يقتلوه. ما لم يكن مسموحاً به في التقدمة 1- الخمير: وهو في كل الكتاب يرمز إلى الشر بأنواعه المختلفة. وحيث أن التقدمة تشير إلى ناسوت المسيح الكامل، فلم يكن مسموحًا بأن يدخل فيها أي قدر من الخمير. والخمير له خاصية الانتفاخ وإعطاء الشيء حجمًا أكبر من حقيقته. وهذا ما لم يظهر قط في حياة المسيح الذي لم يكن فيه أية قابلية لحُب الظهور والعُجب وارتفاع القلب. إنه لم يُمجِّد نفسه، ولم يسعَ لكي يكتسب شهرةً أو مديحًا من الناس، بل عاش مُنكِرًا نفسه، واضعًا نفسه حتى الصليب. 2- العسل: وهو حلو المذاق، ويشير إلى لطف الطبيعة البشرية. كما يُشير إلى الرياء والمداهنات والتملُّق. وهذا لم يظهر قط في حياة المسيح. إنه لم يُرضِ الناس ولا الأقرباء، ولم يسمح لأحد أن يتدخل في مسار خدمته وطريق طاعته لأبيه (لو49:2؛ يو4:2؛ مر31:3-35). ونحن يجب ألا نسمح للعواطف البشرية الجسدية أن تؤثر علينا، بل يكون مجد الرب ومشيئته هما هدف حياتنا وخدمتنا. ويجب أن يكون عندنا التمييز الروحي في الاجتماع لما هو روحي وما هو نفسي وجسدي مما يثير المشاعر الإنسانية، وهو يختلف عن تأثير الروح القدس على القلب والضمير. إن ما ظهر في المسيح من حلاوة وعذوبة ومشاعر رقيقة كان سماويًا في مصدره وليس من الأرض إطلاقًا. ولهذا كانت التقدمة خالية من العسل. ثانياً: أشكال التقدمة أو الصور التي كانت تُقدَّم فيها تقدمة في تنور تقدمة على الصاج تقدمة في طاجن في كل الأحوال كانت التقدمة تُجهَّز في البيت وتُحضَر إلى خيمة الاجتماع. وكانت النار مطلوبة لإعداد هذه التقدمات. والنار تُشير إلى الآلام والامتحانات والتجارب التي واجهها المسيح خلال رحلة حياته هنا على الأرض. وبالطبع ليست هي الآلام الكفَّارية المُرتبطة بحمل الخطايا. وإنما هي آلام من أجل البر، وآلام بالنظر إلى عواطفه الرقيقة نحو المتألمين، وآلام بسبب توقع ساعة الصليب. لقد كان المُمَثِّل لله على الأرض، واحتمل عداوة العالم وكراهية الأشرار بسبب برّه وتقواه. كذلك كان يرثي للحزين ويُشفق على المسكين ويتأثر للسقيم. كان يتألم وهو يمر خلال عالم شوَّهته الخطية، ولهذا كان يئن ويتنهّد بروحه. لقد كان بحق «رجل أوجاع ومُختبر الحزن». وتم فيه ما قيل بإشعياء النبي: «هو أخذ أسقامنا وحَمَل أمراضنا» (مت17:8). أخيرًا نرى آلامه وهو يتوقع ساعة الصليب. وهذا ما عبَّر عنه بقوله: «الآن نفسي قد اضطربت وماذا أقول؟» (يو27:12)، وكذلك أحزانه في بستان جثسيماني وهو يستعرض الكأس (مت37:26-44). 1- تقدمة في تنور (فرن) وهي تكلمنا عن الآلام الخفية المستورة عن الأعين التي عاناها المسيح، ولم يشعر بها أحد من الناس. ïپµ إن الثلاثين سنة الأولى من حياته، التي لا نعرف عنها سوى القليل جدًا، كانت مليئة بالآلام الخفية الداخلية. فهو، مع أنه الخالق، لكنه في ولادته كان المزود هو المكان الوحيد الذي استقبله. وبعد ذلك كان على أبويه أن يهربا به لأن هيرودس كان مزمعًا أن يطلب الصبي ليهلكه. وعندما رجع من مصر عاش في الناصرة كنجار محتقَر. ولما كان له من العمر اثنتا عشرة سنة، نستشف من كلماته كم تألم لعدم فهم أبويه له، ومع ذلك نزل معهما وكان خاضعًا لهما. كان مؤلمًا أن يعيش في الناصرة، هذه المدينة الشريرة، مُحاطًا بخطاة فجّار، أظهروا له كل عداوة واحتقار. لقد كان يعرف ما بداخلهم حتى أنهم حاولوا أن يقتلوه، ومع ذلك عاش في وسطهم ثلاثين سنة، لأنْ هكذا صارت المسرة أمام أبيه. وكانت هذه الفترة بمثابة «تقدمة في تنور». ïپµ وفي بداية خدمته العلنية، كان لمدة أربعين يومًا في البرية، وحيدًا، يُجَرَّب من إبليس، ولم يكن معه أحد، ولم يشعر به إنسان. كان مع الوحوش يواجه المُجرِّب في أقسى الظروف، وكان صائمًا. ومع ذلك كان طائعًا خاضعًا لمشيئة الآب يتَّقيه ويعبده ويحبه ويتكل عليه ويحيا بكلامه. وكانت أيضًا هذه الفترة بمثابة «تقدمة في تنور». ïپµ وفي بستان جثسيماني انفصل عن التلاميذ نحو رمية حجر، وكان وحيدًا في سكون الليل، يصلي بأشد لجاجة، في جهاد كثير وعرقه كقطرات دم نازلة على الأرض. كان كمسكين قد أعيا وسكب شكواه قدام الله. كان العدو هائجًا جدًا ضده، وكان الأحباء نائمين. وكان في هذا أيضًا «تقدمة في تنور». (انظر مز1:102-11 ففي هذه الأعداد دخل الروح القدس إلى التنور وكشف لنا عما كان يجتاز فيه من آلام). 2- تقدمة على الصاج وهي تتكلم عن الآلام الظاهرة والمكشوفة أمام الآخرين. وتشمل الكلمات الصعبة التي نطق بها عليه خطاة فجّار، وكل إهانة وتعيير وتشهير، واحتقار وازدراء وتطاول. خاصة الآلام النفسية والجسدية التي ارتبطت بالمحاكمة والصلب. وكانت أمام عيون الجميع. كما قال هو: «وهم ينظرون ويتفرَّسون فيَّ» (مز17:22). وأيضًا «كل الذين يرونني يستهزئون بي» (مز7:22). 3- تقدمة في طاجن وهي تتكلم عن آلام المسيح بصفة عامة دون الدخول في تفاصيلها. هذه الآلام وإن كان ليس لها طابع خاص إلا أنها ظاهرة للكل وحتى لغير المؤمنين، ولو بصورة سطحية. * إن التقدمة في التنور يُذكر عنها أنها أقراص فطير ملتوتة بزيت، ورقاق فطير مدهونة بزيت. وكلمة أقراص فطير في العبرية تعني أقراصًا رقيقة بها فتحات. أي أن حياته الداخلية وأعماقه كانت مكشوفة. وكانت النار تدخل إلى الداخل. وكذلك رقاق الفطير تعني طبقات رقيقة فوق بعضها. وهذا يعني الدخول في تفاصيل حياة المسيح وآلامه بكل دقة، والإدراك العميق لكل ما اجتازه من أحزان. وهذا يناسب مستوى الآباء في عائلة الله الذين عرفوا الذي من البدء. * والتقدمة على الصاج يقال عنها: «تفتُّها فتاتًا». وإن كانت ليست من رقاق كالتقدمة السابقة. إلا أنها تعني أيضًا التأمل والتفرس والدخول إلى تفاصيل تلك الحياة الرائعة وما تعرَّضت له من آلام. وهذا يناسب الأحداث في عائلة الله الذين يقدمون سجودًا على قدر إدراكهم. وهم لا يكتفون بتكوين صورة عامة عن حياة الرب بل يفحصونها بأكثر تدقيق، ويفتُّونها فتاتًا، إذ يتأملون في كل فكر أو قول أو عمل في حياة المسيح وآلامه الظاهرة كما تعبر عنها التقدمة على الصاج. وإن لم يدخلوا إلى عمق الآلام الخفية في التنور. * أما التقدمة في الطاجن فلا يُذكر فيها أية تفاصيل. وإنما تتناول آلام المسيح بصفة عامة والتي كانت ظاهرة على السطح أمام الكل ويستطيع أن يلمحها كل قارئ للإنجيل. فقد كان هو رجل الأحزان الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه. وهذا يناسب الأطفال في عائلة الله. وكل واحد من أولاد الله يستطيع أن يدرك شيئًا عن آلام المسيح، ويُقدِّم سجودًا بحسب إدراكه، وسيكون ذلك أيضًا رائحة سرور للرب. ملء القبضة: كان الكاهن يأخذ ملء قبضته من الدقيق مع الزيت وكل اللبان ويضعه على المذبح «وقود رائحة سرور للرب». وملء القبضة يتكلم عن حجم الإدراك والتمتع الشخصي بالمسيح، وهذا ما نستطيع أن نقدمه في سجودنا. إنها أيضًا تتكلم عن مدى تكريسنا للمسيح. فهل المسيح يملأ قبضتنا ومعه لا نُمسك شيئًا؟! ثالثاً: الذين يشتركون في التقدمة «الباقي منه هو لهارون وبنيه قدس أقداس من وقائد الرب». إنه امتياز للعائلة الكهنوتية، «هارون وبنيه»، الذين يُمثِّلون المؤمنين ككهنة ساجدين في الأقداس، أن يأكلوا ما بقي من التقدمة بعد وضع نصيب الله على المذبح. وما أثمن هذا الامتياز لنا نحن المؤمنون أن نشترك مع الله في نفس الطعام الذي يُسَرُّ ويشبع به. ويُقال عنه: «يُؤكَل فطيرًا في مكان مُقدَّس». وهكذا ينبغي أن تكون حالتنا الأدبية متوافقة مع قداسة الله، ونحن معًا في محضر الله. ليت الروح القدس يفتح شهيتنا ويُنهض أشواقنا للتغذِّي بالمسيح، ولنشبع ونكتفي بهذا الشخص الفريد الذي به اكتفى القدير. وهذا هو سرور الآب الأعظم أن نُحدِّثه عن ابنه الوحيد، ونُقدِّره حق التقدير. |
||||
26 - 10 - 2024, 04:51 PM | رقم المشاركة : ( 176799 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الدقيق ويتميز بأنه: أبيض.. ناعم.. متجانس.. قابل للضغط. أبيض: لقد تميَّز الرب يسوع بإنسانية قُدُّوسة فريدة. فاللون الأبيض يُشير إلى قداسته وبرّه وطهارته. قال عنه الملاك للعذراء المُطوَّبة: «القُدُّوس المولود منك يُدعى ابن الله» (لو35:1). فهو قُدُّوس ذاتيًا بلا خطية. وهو قُدُّوس عمليًا «قُدُّوسٌ بلا شر ولا دنسٍ، قد انفصل عن الخطاة وصار أعلى من السماوات» (عب26:7). «لم يعرف خطية» (2كو21:5)، و«لم يفعل خطية» (1بط22:2)، «وليس فيه خطية» (1يو5:3). الآب شهد عنه «هذا هو ابني الحبيب الذي به سُرِرْت» (مت17:3). الشيطان شهد عنه «أنا أعرفك مَنْ أنت: قُدُّوس الله» (مر24:1). وفي مشهد الصليب حُوكم كمُذنب، ومع ذلك نقرأ عن سبع شهادات من الأعداء أنه بار. لقد مات ودخل القبر قُدُّوسًا، وقيل عنه: «لن تدع قُدُّوسك يرى فسادًا» (أع27:2). وقام وصعد إلى السماء وهو هناك يحتفظ بذات الصفة «القُدُّوس الحق» (رؤ7:3). فما أجمله في حياته الناصعة التي خَلَتْ من أية شائبة، حتى أنه وقف يتحدَّى كل الأعداء قائلاً: «مَنْ منكم يُبَكِّتُني على خطية؟» (يو46:8). وكم كان مُسرَّاً لقلب الله أن يرى إنسانًا على الأرض بهذه الروعة والكمال في عالم يسوده الفساد. ناعم: فقد خَلَتْ حياته من كل خشونة. فهو العبد الوديع الذي: «لا يُخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحدٌ في الشوارع صوته» (مت19:12). وهو الذي قال: «تعلَّموا مني، لأني وديعٌ ومتواضع القلب» (مت29:11). قَطّ لم يُجَرِّح أحدًا، مع أنه احتمل تجريح الكثيرين. «إذ شُتم لم يكن يشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يُهدِّد، بل كان يُسلِّم لمن يقضي بعدل» (1بط23:2). قالوا عنه: «إنك سامري وبك شيطان» (يو48:8). أجاب يسوع: «أنا ليس بي شيطان»، ولم يقل أنا لستُ سامريًا، لكي يُحافظ على مشاعر السامريين. كان رقيقًا مع المرأة السامرية، والمرأة الخاطئة في المدينة، والمرأة التي أُمسكتْ في ذات الفعل. ومع بطرس في مواقف مختلفة حتى عندما أنكره. وكان رقيقًا حتى مع يهوذا الإسخريوطي الذي أسلمه إذ قال له: «يا صاحب لماذا جئت؟» (مت50:26). وفي المحاكمة «لطم يسوعَ واحدٌ من الخدام»، فكان جوابه: «إن كنت تكلمت رديًّا فاشهد على الردي، وإن حسنًا فلماذا تضربني؟» (يو23:18). متجانس: كل صفة فيه ظهرت في موضعها دون أن تمس أو تُعطِّل بقية الصفات. لقد أظهر الحنان واللطف في مكانه، وأظهر التوبيخ والصرامة في مكانها. أظهر الوداعة، وأظهر الغيرة المقدسة. أظهر الصلابة كالصوان، وأظهر الليونة كالشمع الذائب. كان متوازنًا عندما أظهر الجود والكرم في إشباع الجموع، وأظهر الحرص وعدم التبذير في جمع الكِسر. كان يهتم بالأمور العظيمة والأمور الصغيرة على السواء. فقد أقام ابنة يايرس من الموت، وقال أن تُعطى لتأكل. كان يُشارك في الأفراح والأحزان بمشاعر صادقة. إنه من المستحيل أن نجد هذا التجانس الفريد في أي إنسان مهما كان. فموسى الذي كان حليمًا جدًا، فرّط بشفتيه. وإيليا الشجاع والجبَّار، كلَّ وخار. وبطرس الذي كان غيورًا ومتحمسًا، أظهر جُبنًا وتراجعًا. ويوحنا الحبيب الذي تميِّز بالحنان أظهر مرة تعصّبًا ممقوتًا. قابل للضغط: وقد تعرَّض ربنا المعبود لكل أنواع الضغوط، واحتمل بصبرٍ كل أنواع المقاومات. ومهما كانت الضغوط عليه من الخارج فقد ظل متوازنًا، ولم تؤثر فيه الحوادث ولا غيَّرت الظروف منه شيئًا. بل إن الضغوط أظهرت ما فيه من نعمة سامية ومرونة عالية. |
||||
26 - 10 - 2024, 04:52 PM | رقم المشاركة : ( 176800 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
الزيت وقد ذُكر بالارتباط بالتقدمة سبع مرات. وهو رمز للروح القدس. ويُذكر عن قربان الدقيق أنه «ملتوتٌ بالزيت»، أي أن الزيت يتخلل كل ذراته. وفي هذا نرى أن الرب يسوع قد حُبل به بالروح القدس. كما قال الملاك للعذراء: «الروح القدس يَحِلُّ عليك، وقوة العَليِّ تُظَلِّلُك، فلذلك أيضًا القُدُّوس المولود منك يُدعى ابن الله» (لو35:1). وأيضًا يُذكر في الرمز أنه «مسكوبٌ عليه زيت». وهذا ما حدث في مشهد معمودية الرب يسوع في نهر الأردن، حيث نزل الروح القدس مثل حمامة واستقر عليه. لقد قيل عنه: «كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة، الذي جال يصنع خيرًا ويشفي جميع المُتَسلِّط عليهم إبليس» (أع38:10). وأيضًا يُقال عن التقدمة إنها «تُعمل بزيت، مَربُوكة (أي مُشبَّعة بالزيت)» (لا21:6). وفي هذا نرى الرب يسوع وقد «رجع من الأردن مُمتلئًا من الروح القدس» (لو1:4). وكان يُقتاد بالروح، ويُعلِّم بالروح، ويعمل المعجزات بالروح، وبروح أزلي قدَّم نفسه لله بلا عيب. وأُقيم من الأموات بقوة الروح القدس. |
||||