22 - 10 - 2024, 12:31 PM | رقم المشاركة : ( 176271 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
خطية مريم وردّ نفسها إن أحداث رحلة شعب إسرائيل من مصر إلى كنعان، تحتوي على دروس ثمينة عديدة لكنيسة الله في التدبير الحاضر. فنحن أيضًا شعبٌ غريبٌ، لكننا في طريقنا إلى وطن أفضل أي سماوي (عبظ،ظ،: ظ،ظ¦). في سفر الخروج نقرأ عن خلاص بني إسرائيل وتحريرهم من مصر، بينما يصف سفر العدد رحلتهم من جبل سيناء إلى عبر الأردن وامتلاكهم شرق الأردن. وسفر العدد يتحدث تحديدًا عن فشل شعب الله أثناء رحلتهم في البرية؛ لقد فشل إسرائيل في الاستماع إلى كلمة الله، وفشل في الخضوع لسلطة موسى، كما فشل في امتلاك أرض الموعد ... إلخ. وفي هذا الصدد، كان التقرير الذي نطق به الله في سفر العدد ظ،ظ¤: ظ¢ظ¢ مذهلاً: «جَرَّبُونِي الآنَ عَشَرَ مَرَّاتٍ وَلمْ يَسْمَعُوا لِقَوْلِي». وعاقب الله هذا الشعب المتذمر مرارًا وتكرارًا، لكن دون جدوى. وهكذا قضى الرب أنه في القفر، تسقط جثث كل الَّذِينَ تَذَمَّرُوا عَلَيه، من هذا الجيل، مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِدًا. وهكذا مات هؤلاء ميتة تعسة في البرية، باستثناء يشوع وكَالَب. وبالتالي كل الذين دخلوا أرض الموعد كانوا جيلاً جديدًا. الإنسان في الجسد، الذي امتحنه الناموس، لم يستطع أن يُرضي الله، وكان عليه أن يُولد ثانيةً. كل قارئ منتبه لأقوال الكتاب المقدس لا بد أن يصل إلى هذه الخلاصة، وهذا - بلا شك - واحد من الدروس الهامة التي يريد الله أن يعلمنا إياها هنا. في سفر العدد ظ،ظ¢، يبدو أن روح التمرد التي سيطرت على الشعب قد تحكمت في مريم وهارون أيضًا، أخت موسى رجل الله وأخوها، اللذان استخدمهما الله، ولعبا دورًا هامًا في الخروج من مصر. ظاهريًا ساهمت مريم أكثر في هذا التمرد ضد موسى، لكن هارون كان على استعداد تام ليستمع لها، وبالتالى جاء اعترافهما بصيغة الجمع: «فَقَال هَارُونُ لِمُوسَى: أَسْأَلُكَ يَا سَيِّدِي لا تَجْعَل عَليْنَا الخَطِيَّةَ التِي حَمِقْنَا وَأَخْطَأْنَا بِهَا» (عظ،ظ،). ما سبب اغتياب مريم لموسى؟ نحن نقرأ: «تَكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلَى مُوسَى بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْكُوشِيَّةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا، لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً*» (عظ،). وهل التحدث عن زيجة أخ غير مسموح به؟ بالطبع مسموح، لكن المهم هو الطريقة التي تتحدث بها! لقد فعلت مريم ذلك بطريقة سلبية، وبالتالى أذنبت بالوشاية. لقد استنكرت زواج موسى، وبالتالى نالت من مقامه وسمعته. لم يذكر هذا في كلمات كثيرة لكن يمكننا استنتاجه من السرد. هذا يعني أن مريم قاومت طريق أفعال موسى، وبالتالي تحولت لهارون ليدعمها. فقالا معًا «هَل كَلمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ؟ أَلمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضًا؟» (عظ¢). ويقول الكتاب: «فَسَمِعَ الرَّبُّ». دعونا نتذكر هذا عندما نشعر أننا نريد أن نقول شيئًا عن إخوتنا ! هناك شاهد يسمع أحاديثنا، ويعرف أفكارنا، بل ويعرف ما في داخل قلوبنا، ولا يمكننا أن نُخبئ شيئًا عنه. لذلك ليس بلا سبب يحذرنا الرسول يعقوب بجدية من مخاطر اللسان الذي يمكن أن يكون «مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا. بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ» (يعظ£: ظ¨، ظ©). إنه شر خطير؛ وعندما يتمسك به شخص، يقوده ذلك في النهاية إلى العزل، لأن الشتامين يجب أن يستبعدوا من بيننا كأشرار (ظ،كوظ¥: ظ،ظ،- ظ،ظ£). يقول الرسول بولس في ظ،كورنثوسظ¦: ظ،ظ* إن الشتامين من ضمن أولئك الذين لن يرثوا ملكوت الله، ويُعتبروا من بين أولئك ”الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ“. للأسف ربما تصل الأمور إلى هذا الحد عندما لا يضع الشخص لسانه تحت سيطرة قوة الروح القدس. إن التعفف وضبط النفس هو أيضًا من ثمر الروح (غلظ¥: ظ،ظ©- ظ¢ظ£). تُحْجَزُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ هذا ما حدث مع مريم كما نرى كمثال في هذه القصة. فهي لم تتردد في أن تتكلَّم ضد موسى، وبالتالي كان عليها أن تُحْجَز، بَرْصَاء، خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. في سفر العدد كان ”خَارِجَ الْمَحَلَّةِ” هو مكان لجميع النجسين (عدظ¥: ظ،-ظ¤)؛ والْبُرْصُ منهم هم المذكورين أولاً. نفس الأمر في لاويين ظ،ظ£، ظ،ظ¤ حيث نجد الشرائع الخاصة بالْبَرَص، وتطهير الذين شُفوا منه. كان الأَبْرَصُ نجسًا طالما كان عنده الداء: «كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي تَكُونُ الضَّرْبَةُ فِيهِ يَكُونُ نَجِسًا. إِنَّهُ نَجِسٌ. يُقِيمُ وَحْدَهُ. خَارِجَ الْمَحَلَّةِ يَكُونُ مُقَامُهُ» (لاظ،ظ£: ظ¤ظ¦). الجدير بالملاحظة أنه في حالة مريم يبدو أن نوع الْبَرَص كان في مرحلة متقدمة. لقد حمى غضب الرب على مريم وهارون ووقفت مريم هناك «بَرْصَاءُ كَالثَّلْجِ» (عظ،ظ*). هذا البياض التام كان بحسب لاويينظ،ظ£: ظ،ظ£ هو تحديدًا الحالة التي يُحكم فيها بطهرها! هذا يعني أن مريم ضُربت بقضاء من الله، لكن مع برهان فوري على نعمته التي وضعت رد نفسها في الاعتبار. كانت بَرْصَاء تمامًا، لا شك في ذلك فكان لا بد أن تخرج خارج المحلة كنجسة وتصرخ: ”نَجِسةٌ ... نَجِسةٌ“ (لاظ،ظ£: ظ¤ظ¥)، لكن ليس إلى الأبد، بل أراد الله أن يستعيدها ثانية، بعد أن تكون قد ”حُجِزَتْ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ“ (عظ،ظ¤). أعتقد أن فترة السبعة أيام، التي كانت مطلوبة أيضًا في بعض طقوس التطهير الأخرى (سفر العدد ظ،ظ©)، تشير إلى كمال مقياس التوبة المطلوبة للاستعادة الإلهية. بالمثل كان لابد من حدوث الندم والتوبة مع الشخص المعزول في كورنثوس قبل أن يُقبل ثانية وسط المؤمنين (ظ¢كوظ¢: ظ§)، ”لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ أَنْشَأَ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ» (ظ¢كوظ§: ظ،ظ*)؛ توبة في قلبه، كما في قلوب الكورنثيين الذين تساهلوا قبلًا مع المُخطئ فيما بينهم. إن عزل المُخطئ من بين المؤمنين، وإخراج الأَبْرَص خارج مَحَلَّة طاهرة، لا بد أن يتم دائمًا على أمل ردّ نفسه. فالملاحظة والعناية الكهنوتية ضرورية للتمكن من تحديد مرحلة الْبَرَص، ومدى انتشاره. الْبَرَص الذي هو رمز مُميَّز للخطية في صورتها الواضحة. ولكن شَرِيعَةَ الأَبْرَصِ تقول: «إِنْ كَانَ الْبَرَصُ قَدْ أَفْرَخَ فِي الْجِلْدِ، وَغَطَّى الْبَرَصُ كُلَّ جِلْدِ الْمَضْرُوبِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ حَسَبَ كُلِّ مَا تَرَاهُ عَيْنَا الْكَاهِنِ، وَرَأَى الْكَاهِنُ وَإِذَا الْبَرَصُ قَدْ غَطَّى كُلَّ جِسْمِهِ، يَحْكُمُ بِطَهَارَةِ الْمَضْرُوبِ. كُلُّهُ قَدِ ابْيَضَّ. إِنَّهُ طَاهِرٌ» (لاظ،ظ£: ظ،ظ¢، ظ،ظ£). وعندما يُغَطَّى الْبَرَصُ كل جِلْدِ الأَبْرَصِ تمامًا، فالدرس المطابق هو أن الشخص المعزول لا يتوقع أي شيء من نفسه، ويعلم أن ليس شيء صالح يسكن في جسده (روظ§: ظ،ظ¨). وبكلمات أخرى يمكن ملاحظة عمل الندم والتوبة فيه. وطالما حدث ذلك يمكن للشخص المعنى أن تُردّ نفسه، ويُعاد إلى مكانه الأول بين المؤمنين. بعد سبعة أيام سُمح لمريم أن تعود إلى الْمَحَلَّةِ، فقد قال الرب: «تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ**، وَبَعْدَ ذلِكَ تُرْجَعُ» (عظ،ظ¤)، وهكذا اُرْجِعَت مريم (عظ،ظ¤). فهذا مثال واضح لشخص معزول، لكن أيضًا لردّ نفس المُخطئ. لا يمكننا التعامل باستخفاف مع الخطية. فالله يريد تطبيق التأديب، لكن في الوقت ذاته - في نعمته - يريد أن يُعد الطريق لإستعادة تامة. كان على مريم أن تبقى سبعة أيام خارج المحلة، قبل أن يُسمح لها بالدخول أيضًا. لكن من المذهل أن نقرأ أن الشعب في الْمَحَلَّةِ انتظر سبعة أيام حتى انضمت إليهم: «وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ» (عظ،ظ¥). لقد انتظرت خارجًا، كما انتظر الشعب في الداخل، حتى تم عمل رد النفس! دعونا أيضًا نلاحظ توَّجه موسى الذي نتعلَّم منه الكثير. بلا شك أن موسى حزن بسبب خطية مريم وهارون. من المؤكد أن هارون - باعتباره الأخ الأكبر - كان يعرف أكثر من مريم، لكنه أيضًا لعب دورًا مشينًا في قصة العِجل الذهبي. فماذا إذًا كان رد فعل موسى تجاه عمل التمرد هذا ضد سلطانه، كرجل الله؟ ظل صامتًا، وسلَّم لمَن يقضي بعدل (ظ،بطظ¢: ظ¢ظ£). فقط نقرأ عنه: «وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ» (عظ£). بالطبع، لم يكن موسى بالطبيعة حليمًا متواضعًا، لكنه تعلم هذا الاتضاع في مدرسة الله. كان بالطبيعة رجلاً حاد الطبع، «فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ» (خرظ¢: ظ،ظ¢). وحتى في شيخوخته ثارت حدته مرة أخرى، عندما في سخطه على الشعب المتمرد، ضرب الصخرة بدلًا من أن يُكلّمها (عدظ¢ظ*: ظ¨-ظ،ظ¢). غير أن موسى هنا يُذكرنا بمن قال لتلاميذه: «تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (متظ،ظ،: ظ¢ظ©). كتلاميذ المسيح، وكمُتعلِّمين ننمو في مدرسته، علينا أن نسلك هكذا عندما نتعرض للافتراء. هكذا ينبغي أن يكون توجهنا الشخصي، بالرغم من أنه في هذه الحالة هناك مسؤولية عامة على الكنيسة حسب متى ظ،ظ¨: ظ،ظ¥-ظ¢ظ*. بل حتى هنا نرى أن موسى يصلي من أجل أخته من منطلق أن يرد نفسها: «فَصَرَخَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ قَائِلاً: اللّهُمَّ اشْفِهَا» (عظ،ظ£). دروس نبوية نحن نرى موسى هنا كرمز للمسيح الذي صلى من أجل أعدائه، وحتى من أجل الذين قاوموه وسخروا منه: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوظ¢ظ£: ظ£ظ¤). تمامًا كما رُدت مريم على أساس شفاعة موسى، هكذا أُظهِرَت الرحمة لشعب إسرائيل، بسبب صلاة المسيح على الصليب. وفي سفر الأعمال نرى كيف أظهر طريق الخلاص ورد النفس لإسرائيل «وَالآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ، كَمَا رُؤَسَاؤُكُمْ أَيْضًا» (أع ظ£: ظ،ظ§). لكن هناك المزيد من الدروس النبوية في هذه القصة؛ كان موسى رمز للمسيح كالنبي العظيم، والرسول والمُعلِّم لشعبه (تثظ،ظ¨: ظ،ظ¥؛ يوظ¥: ظ¤ظ¦؛ أعظ£: ظ¢ظ¢؛ عبظ£: ظ،- ظ¦). حسنٌ، إن كان موسى رمز للمسيح فماذا يقول لنا زواجه من امرأة أجنبية؟ الإجابة واضحة: لقد اتخذ المسيح عروسًا أممية. زوجة موسى الكوشية كانت غريبة- لم تكن تنتمي لشعب الله، إلا أن تلك المرأة الأممية صارت عروسًا لموسى. وبالمثل الكنيسة التي هي الآن عروس المسيح، تتكون بالأكثر من مؤمنين من الأمم. ويُمكننا أيضًا أن نرى صفورة كرمز للكنيسة، وبالمثل أيضًا ”أَسْنَاتَ بِنْتَ فُوطِي“ زوجة يوسف المصرية. إن نعمة الله ومحبته التي ظهرت في المسيح، لم يكن مُمكنًا أن تُحد لليهود. وقلب الإنجيل هو أن جميع الناس متساوون أمام الله؛ جميعهم خطاة، لكن الله يريد أن يمنح نعمته للكل. فاليهود والأمم متشابهون «أَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا» (أفظ¢: ظ،)، والله أحيانا معًا مع المسيح، وخلق إنسانًا جديدًا من الاثنين. هذه هي الكنيسة جسد وعروس المسيح، مسكن الله بالروح. هذه النعمة التي أُظهرت للأمم أحدثت تصدعًا مع شعب إسرائيل تمامًا كما كسرت محبة موسى لعروسه الأممية – مؤقتًا - الروابط التي بينه وبين مريم. لقد رُفض المسيح من خاصته، أقربائه حسب الجسد (يوظ،: ظ،ظ،). كان عليه أن يتحمل هذه العداوة من الخطاة (عبظ،ظ¢: ظ£)، لكنه تحملها بوداعة وصبر. لقد تصرف تمامًا كموسى الذي نحى نفسه بعيدًا عن مقاومة أقربائه، وترك الأمر في يد الله. إن رفض إسرائيل لعبد يهوه الكامل، نتج عنه تنحية الأمة جانبًا، كما فعل تمرد مريم على موسى، الذي كان عبد الرب (عظ¨)، الأمر الذي أدى إلى عزلها خارج المحلة. بسبب رفضهم المسيا رفض الله – مؤقتًا - إسرائيل كشعبه، فمد يده الآن للأمم، وارتبط الرب يسوع بروابط المحبة مع عروسه الأممية. في هذه المسألة التي بين مريم وموسى نطق الله بنفسه بالحكم. وبسبب خطيتها أُخرجت خارجًا لفترة زمنية. كذلك صارت إسرائيل ”لُوعَمِّي ... لَسْتُمْ شَعْبِي“ (هوظ،: ظ©). وكما ارتفعت سحابة حضور الله عن الخيمة عندما تكلَّم مع هارون ومريم (عظ©، ظ،ظ*)، هكذا احتجب الله عن شعبه. لقد ترك مجد الرب شعب إسرائيل ليعود فقط عند بداية ملك السلام (حزظ¤ظ£). فحُجزت مريم خارج الْمَحَلَّةِ، خارج مكان البركة في حضور الله. بالمثل جاء الغضب على إسرائيل كشعب متمرد، وبركة حضور الله توجد الآن في وسط الكنيسة. «فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى (إِلَى أَنْ - until) أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ» (عظ،ظ¥). لكن هناك ”إِلَى أَنْ - until“ مجيدة وكريمة أخرى «فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هذَا السِّرَّ، لِئَلاَّ تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ: أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ، وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ» (روظ،ظ،: ظ¢ظ¥، ظ¢ظ¦). فرفض إسرائيل ليس نهائيًا وقصة خطية مريم لم تنتهِ برسالة حزينة عن استبعاد مريم، بل باستعادتها. كان ممكن لغضب الله أن ينصب صرفًا على إسرائيل، أي نهائيًا، إلا أنه منعم، وحتى في غضبه يذكر الرحمة (ظ،تسظ¢: ظ،ظ¦؛ حبظ£: ظ¢). فهو يحدد مدى وقياس معاناة إسرائيل، كما حدد أيضًا مدة ”السبعة أيام“ لاحتجاز مريم. وسيكون رحيمًا بإسرائيل، ويُعزي شعبه، عندما ينتهي جهاده ويعفو عن إثمه (إشظ¤ظ*: ظ،، ظ¢). هذه القصة الحزينة إذًا لها نهاية سعيدة. وكما أُرجعت مريم (عظ،ظ¤)، وطهرت من برصها، كذلك إسرائيل سيعود ثانية كشعب الله، بعد اختطاف الكنيسة، ويُطهَّر من كل فجوره. كان الرسول بولس الذي قاسى كثيرًا من اليهود، إذ بشر بإنجيل نعمة الله للأمم، هو من كشف لنا السر الإلهي لرجوع إسرائيل «أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ، وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ» (روظ،ظ،: ظ¢ظ¥-ظ¢ظ§). في هذه الفقرة نجد ”إِلَى أَنْ - until“ المُنعِمَة، وهو ذكر لوقت حدَّده الله، فيه يستعيد نصيب شعبه. وكما أن الرب - كمن يشفي شعبه - تصرف لصالح مريم وشفاها، هكذا سيُنقذ شعبه الأرضي، في يوم قادم، وسيُخلّصهم، ليس فقط من أعدائهم الذين يضايقونهم من الخارج، بل أيضًا من خطاياهم التي تُذنّبهم داخليًا. لقد نزع الْبَرَص عن مريم، وهكذا سينزع الفجور عن يعقوب، وسيقبل شعبه؛ سيُقيمهم روحيًا من الموت إلى الحياة. إن رفض إسرائيل يعني مصالحة الأمم، لأن الله مدَّ يده لكل البشرية، ووصّل كلمة المصالحة لكل من اليهود والأمم. «لأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَفْضُهُمْ هُوَ مُصَالَحَةَ الْعَالَمِ، فَمَاذَا يَكُونُ اقْتِبَالُهُمْ إِلاَّ حَيَاةً مِنَ الأَمْوَاتِ؟» (روظ،ظ،: ظ،ظ¥)؟ ومثلما قُبِلَت مريم ثانية إلى الْمَحَلَّةِ كإنسانة طاهرة، هكذا ستُقبل إسرائيل أيضًا من الله كأمة قد أقيمت من سبات موتها، وطهرت من المرض الذي وسمها «فَلاَ تَكُنْ كَالْمَيْتِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ قَدْ أُكِلَ نِصْفُ لَحْمِهِ» (عظ،ظ¢). يُذكَر عن مريم «تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، وَبَعْدَ ذلِكَ تُرْجَعُ» (عظ،ظ¤)؛ والمعنى الأصلي لكلمة ”تُرْجَعُ“ هو ”تُجمَع“ أو ”تُضم“، وهو أيضًا معنى كلمة ”اقْتِبَالُهُمْ“ في روميةظ،ظ،: ظ،ظ¥. سيجمع الله الشعب لنفسه مرة ثانية، الأمة التي كان عليه أن يشيح بوجهه عنها، لفترة زمنية معينة، سيأتي بهم أيضًا إلى مكان البركة في محضره، وهو ما يعني بداية جديدة، صحوة روحية: حياة من الموت (حزظ£ظ§). دعونا الآن كجزء من الكنيسة، أن نسهر حتى لا نقع في ذات الخطأ، ونتمرد على المسيح موسانا العظيم. إن مقاومة كل من سلطانه وكلمته وروحه هي سمات الأيام الأخيرة التي ستأتي حتمًا بدينونة الله (رسالة يهوذا). بوتر * يرى بعض المفسرين أن المرأة الكوشية التي تزوجها موسى هي بعينها صفورة بنت كاهن مديان. فصفورة، بعد حادث المنزل (انظر خروج ظ¤)، صرفها موسى إلى بيت أبيها، وظلت هناك حتى تلك اللحظة (خر ظ،ظ¨: ظ،- ظ،ظ¢)، الأمر الذي أثار غيرة مريم منها. وليس غريبًا أن المديانية تدعى كوشية، والعكس، فمن كلمة الله نعرف أن هناك علاقة وثيقة بين كوش ومديان (انظر حب ظ£: ظ§). (المجلة) ** كانت الْمَحَلَّةِ مكان سكنى شعب الله كما يراها الله. كان في وسطهم كالقدوس البار، وخيَّموا حول مُقدَّس الله كشعب مُقدَّس ومُبرَّر. بمجرد أن تنجست الْمَحَلَّةُ بالأوثان، كان مكان الأمناء - مع موسى - هو «خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ الَّتِي خَارِجَ الْمَحَلَّةِ» (خرظ£ظ£: ظ§). وبالمثل بعد رفض المسيح، كان مكان المؤمنين العبرانيين مع ربهم «خَارِجَ الْمَحَلَّةِ» (عبظ،ظ£: ظ،ظ£). |
||||
22 - 10 - 2024, 12:34 PM | رقم المشاركة : ( 176272 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
فلنذكر نحن في قلوبنا أن الرب كائنٌ معنا في كل حين |
||||
22 - 10 - 2024, 12:35 PM | رقم المشاركة : ( 176273 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
ما سبب اغتياب مريم لموسى؟ نحن نقرأ: «تَكَلَّمَتْ مَرْيَمُ وَهَارُونُ عَلَى مُوسَى بِسَبَبِ الْمَرْأَةِ الْكُوشِيَّةِ الَّتِي اتَّخَذَهَا، لأَنَّهُ كَانَ قَدِ اتَّخَذَ امْرَأَةً كُوشِيَّةً*» (عظ،). وهل التحدث عن زيجة أخ غير مسموح به؟ بالطبع مسموح، لكن المهم هو الطريقة التي تتحدث بها! لقد فعلت مريم ذلك بطريقة سلبية، وبالتالى أذنبت بالوشاية. لقد استنكرت زواج موسى، وبالتالى نالت من مقامه وسمعته. لم يذكر هذا في كلمات كثيرة لكن يمكننا استنتاجه من السرد. هذا يعني أن مريم قاومت طريق أفعال موسى، وبالتالي تحولت لهارون ليدعمها. فقالا معًا «هَل كَلمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ؟ أَلمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضًا؟» (عظ¢). ويقول الكتاب: «فَسَمِعَ الرَّبُّ». دعونا نتذكر هذا عندما نشعر أننا نريد أن نقول شيئًا عن إخوتنا ! هناك شاهد يسمع أحاديثنا، ويعرف أفكارنا، بل ويعرف ما في داخل قلوبنا، ولا يمكننا أن نُخبئ شيئًا عنه. لذلك ليس بلا سبب يحذرنا الرسول يعقوب بجدية من مخاطر اللسان الذي يمكن أن يكون «مَمْلُوٌّ سُمًّا مُمِيتًا. بِهِ نُبَارِكُ اللهَ الآبَ، وَبِهِ نَلْعَنُ النَّاسَ الَّذِينَ قَدْ تَكَوَّنُوا عَلَى شِبْهِ اللهِ» (يعظ£: ظ¨، ظ©). إنه شر خطير؛ وعندما يتمسك به شخص، يقوده ذلك في النهاية إلى العزل، لأن الشتامين يجب أن يستبعدوا من بيننا كأشرار (ظ،كوظ¥: ظ،ظ،- ظ،ظ£). يقول الرسول بولس في ظ،كورنثوسظ¦: ظ،ظ* إن الشتامين من ضمن أولئك الذين لن يرثوا ملكوت الله، ويُعتبروا من بين أولئك ”الَّذِينَ مِنْ خَارِجٍ“. للأسف ربما تصل الأمور إلى هذا الحد عندما لا يضع الشخص لسانه تحت سيطرة قوة الروح القدس. إن التعفف وضبط النفس هو أيضًا من ثمر الروح (غلظ¥: ظ،ظ©- ظ¢ظ£). |
||||
22 - 10 - 2024, 12:38 PM | رقم المشاركة : ( 176274 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
تُحْجَزُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ حالة مريم يبدو أن نوع الْبَرَص هذا ما حدث معها كما نرى كمثال في هذه القصة. فهي لم تتردد في أن تتكلَّم ضد موسى، وبالتالي كان عليها أن تُحْجَز، بَرْصَاء، خَارِجَ الْمَحَلَّةِ. في سفر العدد كان ”خَارِجَ الْمَحَلَّةِ” هو مكان لجميع النجسين (عدظ¥: ظ،-ظ¤)؛ والْبُرْصُ منهم هم المذكورين أولاً. نفس الأمر في لاويين ظ،ظ£، ظ،ظ¤ حيث نجد الشرائع الخاصة بالْبَرَص، وتطهير الذين شُفوا منه. كان الأَبْرَصُ نجسًا طالما كان عنده الداء: «كُلَّ الأَيَّامِ الَّتِي تَكُونُ الضَّرْبَةُ فِيهِ يَكُونُ نَجِسًا. إِنَّهُ نَجِسٌ. يُقِيمُ وَحْدَهُ. خَارِجَ الْمَحَلَّةِ يَكُونُ مُقَامُهُ» (لاظ،ظ£: ظ¤ظ¦). الجدير بالملاحظة أنه في حالة مريم يبدو أن نوع الْبَرَص كان في مرحلة متقدمة. لقد حمى غضب الرب على مريم وهارون ووقفت مريم هناك «بَرْصَاءُ كَالثَّلْجِ» (عظ،ظ*). هذا البياض التام كان بحسب لاويينظ،ظ£: ظ،ظ£ هو تحديدًا الحالة التي يُحكم فيها بطهرها! هذا يعني أن مريم ضُربت بقضاء من الله، لكن مع برهان فوري على نعمته التي وضعت رد نفسها في الاعتبار. كانت بَرْصَاء تمامًا، لا شك في ذلك فكان لا بد أن تخرج خارج المحلة كنجسة وتصرخ: ”نَجِسةٌ ... نَجِسةٌ“ (لاظ،ظ£: ظ¤ظ¥)، لكن ليس إلى الأبد، بل أراد الله أن يستعيدها ثانية، بعد أن تكون قد ”حُجِزَتْ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ“ (عظ،ظ¤). أعتقد أن فترة السبعة أيام، التي كانت مطلوبة أيضًا في بعض طقوس التطهير الأخرى (سفر العدد ظ،ظ©)، تشير إلى كمال مقياس التوبة المطلوبة للاستعادة الإلهية. بالمثل كان لابد من حدوث الندم والتوبة مع الشخص المعزول في كورنثوس قبل أن يُقبل ثانية وسط المؤمنين (ظ¢كوظ¢: ظ§)، ”لأَنَّ الْحُزْنَ الَّذِي بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ أَنْشَأَ تَوْبَةً لِخَلاَصٍ بِلاَ نَدَامَةٍ» (ظ¢كوظ§: ظ،ظ*)؛ توبة في قلبه، كما في قلوب الكورنثيين الذين تساهلوا قبلًا مع المُخطئ فيما بينهم. إن عزل المُخطئ من بين المؤمنين، وإخراج الأَبْرَص خارج مَحَلَّة طاهرة، لا بد أن يتم دائمًا على أمل ردّ نفسه. فالملاحظة والعناية الكهنوتية ضرورية للتمكن من تحديد مرحلة الْبَرَص، ومدى انتشاره. الْبَرَص الذي هو رمز مُميَّز للخطية في صورتها الواضحة. ولكن شَرِيعَةَ الأَبْرَصِ تقول: «إِنْ كَانَ الْبَرَصُ قَدْ أَفْرَخَ فِي الْجِلْدِ، وَغَطَّى الْبَرَصُ كُلَّ جِلْدِ الْمَضْرُوبِ مِنْ رَأْسِهِ إِلَى قَدَمَيْهِ حَسَبَ كُلِّ مَا تَرَاهُ عَيْنَا الْكَاهِنِ، وَرَأَى الْكَاهِنُ وَإِذَا الْبَرَصُ قَدْ غَطَّى كُلَّ جِسْمِهِ، يَحْكُمُ بِطَهَارَةِ الْمَضْرُوبِ. كُلُّهُ قَدِ ابْيَضَّ. إِنَّهُ طَاهِرٌ» (لاظ،ظ£: ظ،ظ¢، ظ،ظ£). وعندما يُغَطَّى الْبَرَصُ كل جِلْدِ الأَبْرَصِ تمامًا، فالدرس المطابق هو أن الشخص المعزول لا يتوقع أي شيء من نفسه، ويعلم أن ليس شيء صالح يسكن في جسده (روظ§: ظ،ظ¨). وبكلمات أخرى يمكن ملاحظة عمل الندم والتوبة فيه. وطالما حدث ذلك يمكن للشخص المعنى أن تُردّ نفسه، ويُعاد إلى مكانه الأول بين المؤمنين. بعد سبعة أيام سُمح لمريم أن تعود إلى الْمَحَلَّةِ، فقد قال الرب: «تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ**، وَبَعْدَ ذلِكَ تُرْجَعُ» (عظ،ظ¤)، وهكذا اُرْجِعَت مريم (عظ،ظ¤). فهذا مثال واضح لشخص معزول، لكن أيضًا لردّ نفس المُخطئ. لا يمكننا التعامل باستخفاف مع الخطية. فالله يريد تطبيق التأديب، لكن في الوقت ذاته - في نعمته - يريد أن يُعد الطريق لإستعادة تامة. كان على مريم أن تبقى سبعة أيام خارج المحلة، قبل أن يُسمح لها بالدخول أيضًا. لكن من المذهل أن نقرأ أن الشعب في الْمَحَلَّةِ انتظر سبعة أيام حتى انضمت إليهم: «وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ» (عظ،ظ¥). لقد انتظرت خارجًا، كما انتظر الشعب في الداخل، حتى تم عمل رد النفس! دعونا أيضًا نلاحظ توَّجه موسى الذي نتعلَّم منه الكثير. بلا شك أن موسى حزن بسبب خطية مريم وهارون. من المؤكد أن هارون - باعتباره الأخ الأكبر - كان يعرف أكثر من مريم، لكنه أيضًا لعب دورًا مشينًا في قصة العِجل الذهبي. فماذا إذًا كان رد فعل موسى تجاه عمل التمرد هذا ضد سلطانه، كرجل الله؟ ظل صامتًا، وسلَّم لمَن يقضي بعدل (ظ،بطظ¢: ظ¢ظ£). فقط نقرأ عنه: «وَأَمَّا الرَّجُلُ مُوسَى فَكَانَ حَلِيمًا جِدًّا أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ» (عظ£). بالطبع، لم يكن موسى بالطبيعة حليمًا متواضعًا، لكنه تعلم هذا الاتضاع في مدرسة الله. كان بالطبيعة رجلاً حاد الطبع، «فَقَتَلَ الْمِصْرِيَّ وَطَمَرَهُ فِي الرَّمْلِ» (خرظ¢: ظ،ظ¢). وحتى في شيخوخته ثارت حدته مرة أخرى، عندما في سخطه على الشعب المتمرد، ضرب الصخرة بدلًا من أن يُكلّمها (عدظ¢ظ*: ظ¨-ظ،ظ¢). غير أن موسى هنا يُذكرنا بمن قال لتلاميذه: «تَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ» (متظ،ظ،: ظ¢ظ©). كتلاميذ المسيح، وكمُتعلِّمين ننمو في مدرسته، علينا أن نسلك هكذا عندما نتعرض للافتراء. هكذا ينبغي أن يكون توجهنا الشخصي، بالرغم من أنه في هذه الحالة هناك مسؤولية عامة على الكنيسة حسب متى ظ،ظ¨: ظ،ظ¥-ظ¢ظ*. بل حتى هنا نرى أن موسى يصلي من أجل أخته من منطلق أن يرد نفسها: «فَصَرَخَ مُوسَى إِلَى الرَّبِّ قَائِلاً: اللّهُمَّ اشْفِهَا» (عظ،ظ£). |
||||
22 - 10 - 2024, 12:38 PM | رقم المشاركة : ( 176275 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
دروس نبوية نحن نرى موسى هنا كرمز للمسيح الذي صلى من أجل أعدائه، وحتى من أجل الذين قاوموه وسخروا منه: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُونَ» (لوظ¢ظ£: ظ£ظ¤). تمامًا كما رُدت مريم على أساس شفاعة موسى، هكذا أُظهِرَت الرحمة لشعب إسرائيل، بسبب صلاة المسيح على الصليب. وفي سفر الأعمال نرى كيف أظهر طريق الخلاص ورد النفس لإسرائيل «وَالآنَ أَيُّهَا الإِخْوَةُ، أَنَا أَعْلَمُ أَنَّكُمْ بِجَهَالَةٍ عَمِلْتُمْ، كَمَا رُؤَسَاؤُكُمْ أَيْضًا» (أع ظ£: ظ،ظ§). لكن هناك المزيد من الدروس النبوية في هذه القصة؛ كان موسى رمز للمسيح كالنبي العظيم، والرسول والمُعلِّم لشعبه (تثظ،ظ¨: ظ،ظ¥؛ يوظ¥: ظ¤ظ¦؛ أعظ£: ظ¢ظ¢؛ عبظ£: ظ،- ظ¦). حسنٌ، إن كان موسى رمز للمسيح فماذا يقول لنا زواجه من امرأة أجنبية؟ الإجابة واضحة: لقد اتخذ المسيح عروسًا أممية. زوجة موسى الكوشية كانت غريبة- لم تكن تنتمي لشعب الله، إلا أن تلك المرأة الأممية صارت عروسًا لموسى. وبالمثل الكنيسة التي هي الآن عروس المسيح، تتكون بالأكثر من مؤمنين من الأمم. ويُمكننا أيضًا أن نرى صفورة كرمز للكنيسة، وبالمثل أيضًا ”أَسْنَاتَ بِنْتَ فُوطِي“ زوجة يوسف المصرية. إن نعمة الله ومحبته التي ظهرت في المسيح، لم يكن مُمكنًا أن تُحد لليهود. وقلب الإنجيل هو أن جميع الناس متساوون أمام الله؛ جميعهم خطاة، لكن الله يريد أن يمنح نعمته للكل. فاليهود والأمم متشابهون «أَنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَمْوَاتًا بِالذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا» (أفظ¢: ظ،)، والله أحيانا معًا مع المسيح، وخلق إنسانًا جديدًا من الاثنين. هذه هي الكنيسة جسد وعروس المسيح، مسكن الله بالروح. هذه النعمة التي أُظهرت للأمم أحدثت تصدعًا مع شعب إسرائيل تمامًا كما كسرت محبة موسى لعروسه الأممية – مؤقتًا - الروابط التي بينه وبين مريم. لقد رُفض المسيح من خاصته، أقربائه حسب الجسد (يوظ،: ظ،ظ،). كان عليه أن يتحمل هذه العداوة من الخطاة (عبظ،ظ¢: ظ£)، لكنه تحملها بوداعة وصبر. لقد تصرف تمامًا كموسى الذي نحى نفسه بعيدًا عن مقاومة أقربائه، وترك الأمر في يد الله. إن رفض إسرائيل لعبد يهوه الكامل، نتج عنه تنحية الأمة جانبًا، كما فعل تمرد مريم على موسى، الذي كان عبد الرب (عظ¨)، الأمر الذي أدى إلى عزلها خارج المحلة. بسبب رفضهم المسيا رفض الله – مؤقتًا - إسرائيل كشعبه، فمد يده الآن للأمم، وارتبط الرب يسوع بروابط المحبة مع عروسه الأممية. في هذه المسألة التي بين مريم وموسى نطق الله بنفسه بالحكم. وبسبب خطيتها أُخرجت خارجًا لفترة زمنية. كذلك صارت إسرائيل ”لُوعَمِّي ... لَسْتُمْ شَعْبِي“ (هوظ،: ظ©). وكما ارتفعت سحابة حضور الله عن الخيمة عندما تكلَّم مع هارون ومريم (عظ©، ظ،ظ*)، هكذا احتجب الله عن شعبه. لقد ترك مجد الرب شعب إسرائيل ليعود فقط عند بداية ملك السلام (حزظ¤ظ£). فحُجزت مريم خارج الْمَحَلَّةِ، خارج مكان البركة في حضور الله. بالمثل جاء الغضب على إسرائيل كشعب متمرد، وبركة حضور الله توجد الآن في وسط الكنيسة. «فَحُجِزَتْ مَرْيَمُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ سَبْعَةَ أَيَّامٍ، وَلَمْ يَرْتَحِلِ الشَّعْبُ حَتَّى (إِلَى أَنْ - until) أُرْجِعَتْ مَرْيَمُ» (عظ،ظ¥). لكن هناك ”إِلَى أَنْ - until“ مجيدة وكريمة أخرى «فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا هذَا السِّرَّ، لِئَلاَّ تَكُونُوا عِنْدَ أَنْفُسِكُمْ حُكَمَاءَ: أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ، وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ» (روظ،ظ،: ظ¢ظ¥، ظ¢ظ¦). فرفض إسرائيل ليس نهائيًا وقصة خطية مريم لم تنتهِ برسالة حزينة عن استبعاد مريم، بل باستعادتها. كان ممكن لغضب الله أن ينصب صرفًا على إسرائيل، أي نهائيًا، إلا أنه منعم، وحتى في غضبه يذكر الرحمة (ظ،تسظ¢: ظ،ظ¦؛ حبظ£: ظ¢). فهو يحدد مدى وقياس معاناة إسرائيل، كما حدد أيضًا مدة ”السبعة أيام“ لاحتجاز مريم. وسيكون رحيمًا بإسرائيل، ويُعزي شعبه، عندما ينتهي جهاده ويعفو عن إثمه (إشظ¤ظ*: ظ،، ظ¢). هذه القصة الحزينة إذًا لها نهاية سعيدة. وكما أُرجعت مريم (عظ،ظ¤)، وطهرت من برصها، كذلك إسرائيل سيعود ثانية كشعب الله، بعد اختطاف الكنيسة، ويُطهَّر من كل فجوره. كان الرسول بولس الذي قاسى كثيرًا من اليهود، إذ بشر بإنجيل نعمة الله للأمم، هو من كشف لنا السر الإلهي لرجوع إسرائيل «أَنَّ الْقَسَاوَةَ قَدْ حَصَلَتْ جُزْئِيًّا لإِسْرَائِيلَ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ مِلْؤُ الأُمَمِ، وَهكَذَا سَيَخْلُصُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ» (روظ،ظ،: ظ¢ظ¥-ظ¢ظ§). في هذه الفقرة نجد ”إِلَى أَنْ - until“ المُنعِمَة، وهو ذكر لوقت حدَّده الله، فيه يستعيد نصيب شعبه. وكما أن الرب - كمن يشفي شعبه - تصرف لصالح مريم وشفاها، هكذا سيُنقذ شعبه الأرضي، في يوم قادم، وسيُخلّصهم، ليس فقط من أعدائهم الذين يضايقونهم من الخارج، بل أيضًا من خطاياهم التي تُذنّبهم داخليًا. لقد نزع الْبَرَص عن مريم، وهكذا سينزع الفجور عن يعقوب، وسيقبل شعبه؛ سيُقيمهم روحيًا من الموت إلى الحياة. إن رفض إسرائيل يعني مصالحة الأمم، لأن الله مدَّ يده لكل البشرية، ووصّل كلمة المصالحة لكل من اليهود والأمم. «لأَنَّهُ إِنْ كَانَ رَفْضُهُمْ هُوَ مُصَالَحَةَ الْعَالَمِ، فَمَاذَا يَكُونُ اقْتِبَالُهُمْ إِلاَّ حَيَاةً مِنَ الأَمْوَاتِ؟» (روظ،ظ،: ظ،ظ¥)؟ ومثلما قُبِلَت مريم ثانية إلى الْمَحَلَّةِ كإنسانة طاهرة، هكذا ستُقبل إسرائيل أيضًا من الله كأمة قد أقيمت من سبات موتها، وطهرت من المرض الذي وسمها «فَلاَ تَكُنْ كَالْمَيْتِ الَّذِي يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ رَحِمِ أُمِّهِ قَدْ أُكِلَ نِصْفُ لَحْمِهِ» (عظ،ظ¢). يُذكَر عن مريم «تُحْجَزُ سَبْعَةَ أَيَّامٍ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ، وَبَعْدَ ذلِكَ تُرْجَعُ» (عظ،ظ¤)؛ والمعنى الأصلي لكلمة ”تُرْجَعُ“ هو ”تُجمَع“ أو ”تُضم“، وهو أيضًا معنى كلمة ”اقْتِبَالُهُمْ“ في روميةظ،ظ،: ظ،ظ¥. سيجمع الله الشعب لنفسه مرة ثانية، الأمة التي كان عليه أن يشيح بوجهه عنها، لفترة زمنية معينة، سيأتي بهم أيضًا إلى مكان البركة في محضره، وهو ما يعني بداية جديدة، صحوة روحية: حياة من الموت (حزظ£ظ§). دعونا الآن كجزء من الكنيسة، أن نسهر حتى لا نقع في ذات الخطأ، ونتمرد على المسيح موسانا العظيم. إن مقاومة كل من سلطانه وكلمته وروحه هي سمات الأيام الأخيرة التي ستأتي حتمًا بدينونة الله (رسالة يهوذا). بوتر * يرى بعض المفسرين أن المرأة الكوشية التي تزوجها موسى هي بعينها صفورة بنت كاهن مديان. فصفورة، بعد حادث المنزل (انظر خروج ظ¤)، صرفها موسى إلى بيت أبيها، وظلت هناك حتى تلك اللحظة (خر ظ،ظ¨: ظ،- ظ،ظ¢)، الأمر الذي أثار غيرة مريم منها. وليس غريبًا أن المديانية تدعى كوشية، والعكس، فمن كلمة الله نعرف أن هناك علاقة وثيقة بين كوش ومديان (انظر حب ظ£: ظ§). (المجلة) ** كانت الْمَحَلَّةِ مكان سكنى شعب الله كما يراها الله. كان في وسطهم كالقدوس البار، وخيَّموا حول مُقدَّس الله كشعب مُقدَّس ومُبرَّر. بمجرد أن تنجست الْمَحَلَّةُ بالأوثان، كان مكان الأمناء - مع موسى - هو «خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ الَّتِي خَارِجَ الْمَحَلَّةِ» (خرظ£ظ£: ظ§). وبالمثل بعد رفض المسيح، كان مكان المؤمنين العبرانيين مع ربهم «خَارِجَ الْمَحَلَّةِ» (عبظ،ظ£: ظ،ظ£). |
||||
22 - 10 - 2024, 12:40 PM | رقم المشاركة : ( 176276 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيّ سِيَادَة الله ومسؤولية الإنسان سِيَادَةٍ الله تعني سمو الله، وملكوت الله، وألوهية الله. أن تقول إن الله مُتسيد هو أن تعلن أن الله هو الله. أن تقول إن الله مُتسيِّد هو أن تعلن أنه العلي «وَهُوَ يَفْعَلُ كَمَا يَشَاءُ فِي جُنْدِ السَّمَاءِ وَسُكَّانِ الأَرْضِ، وَلاَ يُوجَدُ مَنْ يَمْنَعُ يَدَهُ أَوْ يَقُولُ لَهُ: مَاذَا تَفْعَلُ؟» (داظ¤: ظ£ظ¥). أيضًا أن تقول إن الله مُتسيِّد هو أن تعلن أنه القادر على كل شيء، وصاحب كل سلطان في السماء والأرض، ولا أحد يستطيع أن يُبطل مشوراته، أو يُحبط مقاصده، أو يُقاوم مشيئته (مزظ،ظ،ظ¥: ظ£). وأن تقول إن الله مُتسيِّد هو أن تُعلن أنه «هُوَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الأُمَمِ» (مزظ¢ظ¢: ظ¢ظ¨)، الذي يُقيم ممالك، ويُطيح بإمبراطوريات، وهو الذي يُعيِّن مسار السلالات الحاكمة بحسب مسرته. وأن تقول إن الله مُتسيِّد هو أن تُعلن أنه «الْعَزِيزُ الْوَحِيدُ: مَلِكُ الْمُلُوكِ وَرَبُّ الأَرْبَابِ» (ظ،تيظ¦: ظ،ظ¥). هذا هو إله الكتاب المقدس. إن سِيَادَة إله الكتاب المقدس هي سيَادة مُطلَقة، غير قابلة للمقاومة، وغير محدودة. حين نقول إن الله متسيِّد، فنحن نؤكد حقه في أن يحكم ويدير الكون الذي خلقه لمجده تمامًا بحسب مسرته، وأن حقه هذا هو حق الفخاري على طينته، أي أنه يمكنه أن يشكل هذا الطين لأي صورة يختارها «أَنْ يَصْنَعَ مِنْ كُتْلَةٍ وَاحِدَةٍ إِنَاءً لِلْكَرَامَةِ وَآخَرَ لِلْهَوَانِ» (روظ©: ظ¢ظ،). وأيضًا أنه لا يخضع لأي حكم أو قانون خارج إرادته وطبيعته، وأن الله هو قانون في ذاته، وأنه ليس تحت اي إلزام، ولا يعطي حسابًا عن شؤونه لأحد. إن صفة السيادة تميز كيان الله بأكمله، فهو متسيِّد في كل صفاته، ومتسيِّد في ممارسة قوته. فإنه يمارس قوته كما يريد، ومتى يريد، وأينما يريد. هذه الحقيقة واضحة بالبراهين والأدلة في كل صفحة من صفحات كلمة الله. وقد تبدو هذه القوة خاملة لفترة طويلة، ثم فجأة تظهر بقدرة لا تُقاوَم. فقد تجرأ فرعون على منع إسرائيل من الخروج لعبادة يهوه في البرية، فماذا حدث؟ لقد مارس الله قوته، وخلَّص شعبه وقتل مسخريهم القساة. ثم بعد وقت ليس بكبير، تجرأ العمالقة على الهجوم على هذا الشعب نفسه في البرية، وماذا حدث؟ هل أظهر الله قوته في هذا الموقف وشمر عن ذراعه كما فعل عند البحر الأحمر؟ هل تم الإطاحة بأعداء شعبه هؤلاء واهلاكهم في الحال؟ لا، بل على العكس، أقسم الرب أنه سوف يكون له «حَرْبٌ مَعَ عَمَالِيقَ مِنْ دَوْرٍ إِلَى دَوْرٍ» (خرظ،ظ§: ظ،ظ¦). ومرة أخرى، حين دخل شعب إسرائيل أرض كنعان، استعلنت قوة الله على نحو بارز. وحين أعاقت مدينة أريحا تقدمهم، ماذا حدث؟ لم يسحب إسرائيل قوسًا، ولم يضربوا ضربة واحدة، بل مد الرب يده فسقطت الأسوار في مكانها في الحال. لكن لم تتكرر المعجزة ثانية أبدًا! ولم تسقط أي مدينة أخرى بنفس هذه الطريقة، بل كان لا بد من احتلال كل المدن الأخرى بعد ذلك بالسيف! يمكننا الاستشهاد بالكثير من المواقف الأخرى لتوضيح الممارسة السيادية لقوة الله. لنأخذ بعض الأمثلة الأخرى: فقد أظهر الله قوته ونجا داود من جليات العملاق، أيضًا سد الله أفواه الأُسُودِ وأخرج دَانِيآلَ دون أن يُصاب بأذى، وطُرح الرفاق الثلاثة العبرانيون في أتون النار المشتعلة، فخرجوا غير مصابين بأي أذى ولا خدش. لكن قوة الله هذه لم تتدخل دائمًا لخلاص شعبه، اذ نقرأ: «آخَرُونَ تَجَرَّبُوا فِي هُزُءٍ وَجَلْدٍ، ثُمَّ فِي قُيُودٍ أَيْضًا وَحَبْسٍ. رُجِمُوا، نُشِرُوا، جُرِّبُوا، مَاتُوا قَتْلاً بِالسَّيْفِ، طَافُوا فِي جُلُودِ غَنَمٍ وَجُلُودِ مِعْزَى، مُعْتَازِينَ مَكْرُوبِينَ مُذَلِّينَ» (عبظ،ظ،: ظ£ظ¦-ظ£ظ§). لكن لماذا؟ لماذا لم ينجُ رجال الإيمان هؤلاء مثل الآخرين؟ أو لماذا لم يتألم أولئك الرجال حتى الموت مثل هؤلاء؟ لماذا تتدخل قوة الله لإنقاذ البعض وليس البعض الآخر؟ لماذا سمح الله برجم استفانوس حتى الموت، ثم خلص بطرس من السجن؟ الإجابة على كل هذه الأسئلة هي أن الله مُتسيِّد في ممارسة صفاته. ولكن هناك صعوبة رئيسية يواجهها البعض بخصوص تحديد نقطة التقابل بين سِيَادَة الله ومسؤولية الإنسان. ويتساءل هؤلاء: كيف يمكن لله أن يقضي بأن البشر لا بد وأن يرتكبوا خطايا معينة، ثم يُحملهم مسؤولية ارتكابها، ويحكم عليهم أنهم مذنبون بسبب ارتكابهم إياها؟ دعونا نتناول قضية ”يَهُوذَا الإِسْخَرْيُوطِيِّ“، فنحن نُدرك جيدًا أنه من الواضح في كلمة الله أن الله قد قضى منذ الأزل أن يَهُوذَا كان لا بد أن يُسلِم الرب يسوع. إن تحدى أي شخص هذا التصريح سوف نوجهه إلى نبوة زكريا والتي من خلالها أعلن الله أن ابنه سيباع بثمن ”ثلاثين من الفضة“ (زكظ،ظ،: ظ،ظ¢). والله في النبوة يُعلِمنا بما سوف يكون، وفي إعلامنا بما سوف يكون فهو يكشف لنا عما قد عيَّن أنه لا بد وأن يكون، ولا حاجة للجدال بشأن كون يَهُوذَا هو الشخص الذي تمت من خلاله نبوة زكريا أم لا، لكن السؤال الذي علينا مواجهته الآن هو: هل كان يهوذا كائنًا مسؤولًا في تتميمه لهذا القضاء؟ نجيب على هذا بنعم، فإن المسؤولية تتعلق بشكل رئيسي بالدافع والقصد للشخص المُرتكب للفعل، وهذا مُتعارف عليه لدى الجميع. فإن القانون البشري يًفرِّق بين ضربة وُجهت دون عمد (أي دون قصد شرير)، وضربة ”مع سبق الإصرار والترصد“ أو تخطيط مسبق. لنطبق اذًا هذا المبدأ نفسه على حالة يَهُوذَا، ماذا كان دافع وقصد قلبه حين تفاوض مع الكهنة؟ من الواضح أنه لم تكن لديه أية رغبة واعية في تتميم أي حكم من أحكام الله، وعلى الرغم من جهله بهذا، إلا أنه كان في الحقيقة يفعل هذا. لكن على النقيض، كان قصده شريرًا فقط، ولذلك، وعلى الرغم من أن الله قضى بهذا التصرف ووجه فعله، إلا أن نيته وقصده الشرير جعلاه مذنبًا بعدل، كما اعترف هو لاحقًا بنفسه: «قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَمًا بَرِيئًا» (متظ¢ظ§: ظ¤). ينطبق الأمر عينه على صلب المسيح، فالكتاب المقدس يعلن بوضوح أنه كان «مُسَلَّمًا بِمَشُورَةِ اللهِ الْمَحْتُومَةِ وَعِلْمِهِ السَّابِقِ» (أعظ¢: ظ¢ظ£)، وأنه على الرغم من أنه قد «قَامَ مُلُوكُ الأَرْضِ، وَاجْتَمَعَ الرُّؤَسَاءُ مَعًا عَلَى الرَّبِّ وَعَلَى مَسِيحِهِ»، إلا أن هذا لم يكن سوى «لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ» (أعظ¤: ظ¢ظ¦، ظ¢ظ¨). وتُعلِّم هذه الأعداد ما يتعدى مجرد سماح من قبل الله، مُعلنة أن الصلب وكل تفاصيله كانت مُعيَّنة من قبل الله. ومع هذا، فإن سَيِّدنا صُلِب وقُتِل «بِأَيْدِي أَثَمَة» (أعظ¢: ظ¢ظ£)، وليس بمجرد ”أيدي بشر“. وقد كانوا ” أَثَمَة“ لأن دافع وقصد صالبيه كان فقط شريرًا. لكن قد يظهر اعتراض يقول إنه إن كان الله قضى بأن يَهُوذَا لا بد وأن يُسلِم المسيح، وأن اليهود والأمم ينبغي أن يصلبوه، فإنهم لم يكن في مقدورهم تغيير هذا وعمل غيره، ولذلك فهم لم يكونوا مسؤولين عن مقاصدهم. الإجابة هي أن الله قضى بالفعل بأنهم سيقومون بالأفعال التي قاموا بها، لكنهم كانوا مُذنبين حقًا في ارتكابهم الفعلي لهذه الأفعال، لأن مقاصدهم في فعلها كانت فقط شريرة. دعونا نقول بشكل قاطع أن الله لا يُنشئ الميول الخاطئة في داخل أي من خلائقه، على الرغم من أنه قد يكبحها ويوجهها لتتميم مقاصده، وهكذا فهو ليس خالق ومصدر الخطية ولا يوافق عليها. وهذا التمييز قد عبر عنه أغسطينوس هكذا: ”كون البشر يخطئون فهذا ينبع من داخلهم، وكونهم بينما يخطئون يقومون بهذا الفعل أو ذاك، فهذا ينبع من قوة الله الذي يقسِّم الظلمة كما يشاء“. لذلك مكتوب: «قَلْبُ الإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ» (أمظ،ظ¦: ظ©). ما نريد أن نصر عليه هنا هو أن أحكام الله ليست هي السبب المستوجب لخطايا البشر، لكنها هي القيود والتوجيهات المعيَّنة مسبقًا والمنصوص عليها عند الله لأفعال البشر الخاطئة. وفيما يتعلق بخيانة المسيح، فإن الله لم يقضِ بأنه لا بد أن يُسلّم من قبل واحد من خلائقه، ثم بعد هذا تملك على شخص صالح، وغرس داخل قلبه شهوة شريرة، وهكذا أجبره على تتميم هذا العمل الرهيب لأجل تنفيذ قضائه. لا، فلا تعرض الكلمة الأمر هكذا، بل تقول إن الله قضى بحدوث الفعل ثم اختار الشخص الذي كان عليه إتمامه، لكنه لم يجعل منه شريرًا كي يُتمّم هذا القضاء، بل على العكس، كان الخائن ”شريرًا” بالفعل في وقت اختيار الرب يسوع له كواحد من الاثنا عشر تلميذًا (يوظ¦: ظ§ظ*)، وهو أظهر الأفعال التي كانت متوافقة تمامًا مع قلبه الشرير المتدني، والتي تمت بأكثر المقاصد شرًا. وهو ما تم فعلاً في موضوع الصلب. |
||||
22 - 10 - 2024, 12:41 PM | رقم المشاركة : ( 176277 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أن الله لا يُنشئ الميول الخاطئة في داخل أي من خلائقه، على الرغم من أنه قد يكبحها ويوجهها لتتميم مقاصده، وهكذا فهو ليس خالق ومصدر الخطية ولا يوافق عليها. وهذا التمييز قد عبر عنه أغسطينوس هكذا: ”كون البشر يخطئون فهذا ينبع من داخلهم، وكونهم بينما يخطئون يقومون بهذا الفعل أو ذاك، فهذا ينبع من قوة الله الذي يقسِّم الظلمة كما يشاء“. لذلك مكتوب: «قَلْبُ الإِنْسَانِ يُفَكِّرُ فِي طَرِيقِهِ، وَالرَّبُّ يَهْدِي خَطْوَتَهُ» (أمظ،ظ¦: ظ©). ما نريد أن نصر عليه هنا هو أن أحكام الله ليست هي السبب المستوجب لخطايا البشر، لكنها هي القيود والتوجيهات المعيَّنة مسبقًا والمنصوص عليها عند الله لأفعال البشر الخاطئة. وفيما يتعلق بخيانة المسيح، فإن الله لم يقضِ بأنه لا بد أن يُسلّم من قبل واحد من خلائقه، ثم بعد هذا تملك على شخص صالح، وغرس داخل قلبه شهوة شريرة، وهكذا أجبره على تتميم هذا العمل الرهيب لأجل تنفيذ قضائه. لا، فلا تعرض الكلمة الأمر هكذا، بل تقول إن الله قضى بحدوث الفعل ثم اختار الشخص الذي كان عليه إتمامه، لكنه لم يجعل منه شريرًا كي يُتمّم هذا القضاء، بل على العكس، كان الخائن ”شريرًا” بالفعل في وقت اختيار الرب يسوع له كواحد من الاثنا عشر تلميذًا (يوظ¦: ظ§ظ*)، وهو أظهر الأفعال التي كانت متوافقة تمامًا مع قلبه الشرير المتدني، والتي تمت بأكثر المقاصد شرًا. وهو ما تم فعلاً في موضوع الصلب. |
||||
22 - 10 - 2024, 12:43 PM | رقم المشاركة : ( 176278 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَخْآبُ ويَهُوشَافَاطُ (ظ،) المساومة بكلمة الرب (عظ،-ظ¤) منذ أن ظهر أَخْآبُ لأول مرة على صفحة تاريخ مملكة إسرائيل، جاءته كلمة الرب مرارًا وتكرارًا من خلال أنبياء معروفين بالاسم، وغيرهم مجهولي الاسم. وفي معظم الأحيان - وبتشجيع من إِيزَابَلَ امرأته“ - أظهر تجاهلاً تامًا لما قاله الرب له. وقد لوحظ بالفعل أن أَخْآبُ تسبَّب في تحويل النصر إلى هزيمة، من خلال الفشل في تنفيذ وصايا الرب فيما يتعلق بتحريم أعدائه (ظ،ملظ¢ظ*). وقد واجهته عواقب هذا الفشل عندما كان بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ المهزوم، والذي كان يجب أن يُقتَل، فعالاً في تمهيد الطريق لتمرد أَخْآب الأخير على كلمة الرب وموته اللاحق. ونحن لا نُفاجأ بسلوك أَخْآب في هذا الفصل الختامي من حياته. ولكن تصرفات يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا كانت مُخيبة للآمال إلى أقصى الحدود. وبعد انتصار أَخْآب على بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ (ظ،ملظ¢ظ*)، «أَقَامُوا ثَلاَثَ سِنِينَ بِدُونِ حَرْبٍ بَيْنَ أَرَامَ وَإِسْرَائِيلَ» (عظ،). ومما لا شك فيه أن تخاذل أَخْآب في تحريم بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ، وفشله في تحقيق الانتصار الكامل، أدى إلى بقاء رَامُوتَ جِلْعَادَ، إحدى المدن التي وعد على بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ بإعادتها إلى إسرائيل (ظ،ملظ¢ظ*: ظ£ظ¤)، تحت سيطرة الأخير. وكانت رَامُوتَ جِلْعَادَ مدينة ذات أهمية استراتيجية، بسبب طرق التجارة المختلفة التي تمر عبرها. وكانت تقع على بعد حوالي خمسة وعشرين ميلاً، إلى الشرق من نهر الأردن، على الطريق المؤدي إلى دمشق. وكانت قلاعها تمنع الأعداء من دخول أراضي إسرائيل. لذلك جاء الوقت الذي قرر فيه أَخْآبُ استعادة السيطرة على المدينة: «فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِعَبِيدِهِ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَامُوتَ جِلْعَادَ لَنَا وَنَحْنُ سَاكِتُونَ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ يَدِ مَلِكِ أَرَامَ؟» (عظ£). للأسف، لم يلجأ أَخْآبُ إلى خدامه فحسب ، بل وجه أيضًا نداء ناجحًا إلى يَهُوشَافَاط مَلِكُ يَهُوذَا من أجل مساعدته في القتال: «وَقَالَ لِيَهُوشَافَاطَ: أَتَذْهَبُ مَعِي لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟» (عظ¤). وبالرغم من أن يَهُوشَافَاط كان ملكًا تقيًا «عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ» (عظ¤ظ£)، لكنه من خلال استجابته لأَخْآب أظهر مساومة في حقائق كلمة الله: «فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: مَثَلِي مَثَلُكَ. شَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ» (عظ¤). كان قد قام بالفعل بالنزول لزيارة أَخْآب: «فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ نَزَلَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ» (عظ¢). لقد نزل من أورشليم؛ ”الْمَكَانِ الَّذِي اخْتَارُهُ الرَّبُّ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ“، والذي فيه مَلك الملوك الداوديين. وهكذا فإن أي رحلة من هناك إلى مملكة إسرائيل المتمردة كانت ستُعتبر انحدارًا. كان على يَهُوشَافَاط أن يعرف أنه من المخالف لكلمة الرب أن يرتبط برجل شرير ووثني مثل أَخْآب. كلمات بولس ذات صلة وثيقة بموضوعنا: «أَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ ... لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ» (ظ¢كوظ¦: ظ،ظ¥-ظ،ظ§). لقد عرَّض يَهُوشَافَاطُ حقيقة الانفصال للخطر، وكان عليه أن يعاني من عواقب القيام بذلك. لم يكشف الوحي عن السبب الرئيسي الكامن وراء أفعاله غير الحكيمة في هذه المرحلة، ولكنه في وقت لاحق كشف لنا أن ”يَهُورَامُ بْنُ يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا“ كان متزوجًا من بِنْتَ أَخْآبَ (ظ¢ملظ¨: ظ،ظ¨، ظ¢ظ§). ومن الواضح إذن أنه قد زرع بالفعل البذور التي أثمرت هذا التحالف غير المقدس، من خلال الموافقة أولاً على مثل هذه المصاهرة. وكم تسبَّب النير المتخالف في العلاقات الأسرية في غرق العديد من الشهادات الروحية بين شعب الرب على مر السنين، وهذا ما صار مع يَهُوشَافَاط. لقد ألقى هذا النير المُتخالف بظلاله على مُلكه، مما قاده ليكون في المكان الخطأ، في الوقت الخطأ، ومع الشخص الخطأ. (ظ¢) تجنب كلمة الرب (عظ¥-ظ،ظ¢) على الرغم من أن يَهُوشَافَاط قد سمح لنفسه بالتورط في هذا التحالف الضار مع أَخْآب، إلا أنه كان لديه الذكاء الروحي ليعرف أنهم بحاجة إلى كلمة الرب لتأكيد أنه كان من الصواب أن يخوضوا معركة لاستعادة رَامُوتَ جِلْعَادَ: «ثُمَّ قَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ» (عظ¥). ولو كان يَهُوشَافَاط قد سأل أولاً عن كَلاَمِ الرَّبِّ، لأخبرته كلمة الرب أنه في تحالف – سياسي وروحي - مع الرجل الخطأ. آخر شيء كان يريد أَخْآبُ أن يقبله هو كلمة الرب، لأنه كان يعلم أنها لن تتغاضى عن أفعاله. لذلك جمع الأنبياء الذين كانوا يخبرونه بما يريد سماعه، بدلاً مما يحتاج إلى سماعه، ولم يكونوا يخيبون أمله. وردا على سؤاله: «أَأَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟»، أجاب أنبياؤه الأربعمائة: «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا السَّيِّدُ لِيَدِ الْمَلِكِ» (عظ¦). وقد اقترح بعض الشراح أنهم أنبياء البعل. ولكن لغتهم وأفعالهم لا تدعم هذا الرأي؛ فلم يكن أنبياء البعل ليتحدثوا عن ” الرَّبّ (أدوناي)“ (عظ¦) أو « الرَّبّ (يهوه)“ (عظ،ظ،، ظ،ظ¢). كما أن صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ - الذي يبدو أنه كان زعيمهم – تحدث عن ”رُوحُ الرَّبِّ“ (عظ¢ظ¤). لذلك من المرجح أن هؤلاء الأنبياء كانوا نتاج عهد يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ ونظامه الديني الزائف (ظ،ملظ،ظ¢: ظ¢ظ¦-ظ£ظ¦). كان تراثهم الديني يجعلهم قادرين على استخدام المصطلحات الصحيحة، والتحدث بنغمة متحدة، بينما «كَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ، لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ، وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا» (عظ،ظ*)، «وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هكَذَا قَائِلِينَ: اصْعَدْ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ وَأَفْلِحْ، فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ» (عظ،ظ¢). حتى أن صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ استخدم وسيلة رمزية لتوضيح وتعزيز رسالته، ولم يكن هذا غريبًا على الأنبياء الحقيقيين (إرظ¢ظ§: ظ،-ظ£؛ ظ¢ظ¨: ظ،ظ*، ظ،ظ،؛ حزظ¤: ظ،-ظ،ظ§)، «وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قَرْنَيْ حَدِيدٍ وَقَالَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنَوْا» (عظ،ظ،). كتب ”كيل“: ”كان هذا العمل الرمزي تجسيدًا للاستعارة التي استخدمها موسى في بركة يوسف «بِكْرُ ثَوْرِهِ زِينَةٌ لَهُ، وَقَرْنَاهُ قَرْنَا رِئْمٍ. بِهِمَا يَنْطَحُ الشُّعُوبَ مَعًا إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. هُمَا رِبْوَاتُ أَفْرَايِمَ وَأُلُوفُ مَنَسَّى» (تثظ£ظ£: ظ،ظ§)، أو «فَهُوَ فِي جَلالِهِ كَالثَّوْرِ الْبِكْرِ، وَقَرْنَاهُ مِثْلُ قَرْنَيْ ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ، يَنْطَحُ بِهِمَا الشُّعُوبَ، حَتَّى أُولَئِكَ الْمُقِيمِينَ فِي أَقَاصِي الأَرْضِ. لِتَكُنْ هَكَذَا عَشَرَاتُ أُلُوفِ أَفْرَايِمَ، لِتَكُنْ هَكَذَا أُلُوفُ مَنَسَّى» (تثظ£ظ£: ظ،ظ§ – ترجمة الحياة). وكان المقصود أن ينقل ”صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ“ إلى أَخْآب - في القضية المعروضة عليهم - ذلك الوعد الرائع الذي ينطبق على يوسف. لكن هذا النبي الكذاب تجاهل حقيقة أن إتمام كل بركة موسى للأسباط، كان يعتمد على الأمانة للرب“. وهكذا كان سيبدو للشخص غير المستنير كما لو أن كلمة الرب كانت تسمع من خلال الأربعمائة نبي، وكان هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. وهكذا كان القادة الدينيون في أيام الرب يسوع، الذين يُمكن القول عنهم: «هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا» (مرظ§: ظ¦). وبدعوته لهؤلاء الأنبياء الكذبة، كان أَخْآبُ يتعمد تجنب سماع كلمة الرب! لقد فهم يَهُوشَافَاطُ منذ اللحظة الأولى أن هؤلاء الأنبياء الذين تكلَّموا، لا ينبغي الوثوق بهم. وهكذا طرح سؤالاً: «أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» (عظ§). إذا كانت هناك حاجة إلى أي دليل آخر لإثبات ازدراء أَخْآب لكلمة الرب، فقد قدمه من خلال إجابته على سؤال يَهُوشَافَاط: «فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: إِنَّهُ يُوجَدُ بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ، وَلكِنِّي أُبْغِضُهُ لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا، وَهُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ» (عظ¨). وكان توبيخ يَهُوشَافَاط الدمث: «لاَ يَقُلِ الْمَلِكُ هكَذَا» (عظ¨)، هو ما دفعه إلى إرسال رسول لإحضار مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ (عظ©). لقد كان سلوكًا مُستهجنًا حقًا أن يعرف أَخْآب أن هناك نبيًا للرب في المنطقة، يعلن بأمانة كلمة الرب، ومع ذلك يتعمد تجنب دعوته. وقد لوحظ بالفعل من قبل أنه على الرغم من أن الرب تحدث إليه من خلال الأنبياء، في العديد من المناسبات، خلال فترة حكمه، إلا أنه لم يقترب من الرب مباشرة لطلب إرشاده. إنه يقف كتحذير للمؤمنين، وغير المؤمنين، من جميع الأجيال، بأنه من الخطير جدًا تعمّد إغلاق كلمة الله في حياتهم. (ظ£) توصيل كلمة الرب (عظ،ظ£-ظ¢ظ¨) وسواء أراد أَخْآب ذلك أم لا، فإنه لم يكن قادرًا، مرة أخرى، على منع كلمة الرب من الدخول إلى حياته، وفضح شره. قد يبدو غريبًا أنه لم يذكر إِيلِيَّا، عندما سأله يَهُوشَافَاطُ: «أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» (عظ§). وواضح أن أَخْآب لم يكن يعرف مكانه بالضبط في أي وقت من الأوقات. وفي الواقع، كان إِيلِيَّا يظهر في المشهد، ثم يختفي، بدون سابق إنذار. ولكن من الناحية الأخرى، كان أَخْآب يعرف أين يمكن العثور على مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ. إن أمره اللاحق بإعادته – من حيث جاء - إلى ”آمُونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ، وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ“ (عظ¢ظ¦)، يُشير إلى أنه وضعه بالفعل تحت شكل من أشكال الإقامة الجبرية، نتيجة لأمور تكلَّم بها مِيخَا سابقًا، وأزعجته. كان المشهد يسيطر عليه ملك متمرد وملك متساهل وأنبياء كذبة يُعطون آمالاً كاذبة. وبالرغم من إلحاح الرسول المُرسل لإحضار مِيخَا، أن يقف في الصف مع هؤلاء الأنبياء، ويتكلَّم بنفس النغمة «هُوَذَا كَلاَمُ جَمِيعِ الأَنْبِيَاءِ بِفَمٍ وَاحِدٍ خَيْرٌ لِلْمَلِكِ، فَلْيَكُنْ كَلاَمُكَ مِثْلَ كَلاَمِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَتَكَلَّمْ بِخَيْرٍ» (عظ،ظ£)، كان تصميم مِيخَا: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ لِيَ الرَّبُّ بِهِ أَتَكَلَّمُ» » (عظ،ظ¤). لو كان أَخْآبُ وأنبياؤه الكذبة، لهم إدراك بالإله الحي الحقيقي، لما تكلَّموا وتصرفوا على هذا المنوال! وإن ما تكلَّم به مِيخَا يُقدِّم تحديًا لجميع خدام الرب لإيصال كلمة الرب بأمانة، مهما كانت التكلفة؛ فليس من حقهم التلاعب بها، لتسهيل الأمر عليهم، لإيصال رسالة أكثر استساغةً وقبولاً لآذان سامعيهم. وللوهلة الأولى، قد يبدو رد مِيخَا على أَخْآب مفاجئًا، لأنه يتطابق مع نصيحة الأنبياء الكذبة، لأنه «لَمَّا أَتَى إِلَى الْمَلِكِ قَالَ لَهُ الْمَلِكُ: يَا مِيخَا، أَنَصْعَدُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ، أَمْ نَمْتَنِعُ؟ فَقَالَ لَهُ: اصْعَدْ وَأَفْلِحْ فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ» (عظ،ظ¥). ولكن يجب أن نلاحظ أننا لسنا في وضع يسمح لنا بسماع نبرة صوت مِيخَا. ولكن رد أَخْآب يكشف عن الأسلوب التهكمي الساخر الذي انتهجه ميخَا: «فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: كَمْ مَرَّةٍ اسْتَحْلَفْتُكَ أَنْ لاَ تَقُولَ لِي إِلاَّ الْحَقَّ بِاسْمِ الرَّبِّ» (عظ،ظ¦). من الواضح أن أَخْآب كان يعلم أنه كان يعصي كلمة الرب، وأن نبيًا حقيقيًا للرب لم يكن ليُقدِّم نفس النصيحة التي قدَّمها أنبياؤه. وقد انتقد بعض الشراح أسلوب مِيخَا، واتهموه بالسخرية والخداع، وحتى الكذب. ولكن وجهات النظر هذه لا تُنصف هذا الخادم الأمين، الذي صرح للتو: «حَيٌّ هُوَ الرَّبُّ، إِنَّ مَا يَقُولُهُ لِيَ الرَّبُّ بِهِ أَتَكَلَّمُ» (عظ،ظ¤). وهكذا فمن غير المعقول الإشارة إلى أنه كان سيلجأ على الفور إلى أساليب خفية ملتوية، لتحقيق غاياته. ويجب أن نتذكر أنه كان يتعامل مع رجل سجل عنه الوحي الإلهي: «وَعَمِلَ أَخْآبُ بْنُ عُمْرِي الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ قَبْلَهُ ... وَزَادَ أَخْآبُ فِي الْعَمَلِ لإِغَاظَةِ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مُلُوكِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَهُ» (ظ،ملظ،ظ¦: ظ£ظ*، ظ£ظ£). لقد تقسى قلب أَخْآب تدريجيًا على كلمة الرب؛ ولذلك استخدم مِيخَا هذا الاختبار النهائي ليؤثر عليه. لم يكن بحاجة إلى اللجوء إلى السخرية أو الكذب، ولكن من خلال تقديم نفس النصيحة التي قدمها الأنبياء الكذبة، وبلا شك، بنبرة صوت مناسبة، قاده إلى إدراك خطئه، والاعتراف به، ومع ذلك كان مستعدًا للسير في طريق العصيان والعناد، ولو على حساب اتباع الحق. وهكذا مهد أَخْآبُ الطريق لكل ما كان سيتبع، ومضى مِيخَا ليُعلن الحق له من خلال ربط رؤيتين أعطاهما الرب له. أولاً: قال مِيخَا: «رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُشَتَّتِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهؤُلاَءِ أَصْحَابٌ، فَلْيَرْجِعُوا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ» (عظ،ظ§). أو «عِنْدَئِذٍ قَالَ مِيخَا: رَأَيْتُ كُلَّ إِسْرَائِيلَ مُبَدَّدِينَ عَلَى الْجِبَالِ كَخِرَافٍ بِلاَ رَاعٍ. فَقَالَ الرَّبُّ: لَيْسَ لِهَؤُلاَءِ قَائِدٌ، فَلْيَرْجِعْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى بَيْتِهِ بِسَلاَمٍ» (عظ،ظ§ – ترجمة الحياة). كان المعنى واضحا تمامًا، أي أن أَخْآب سيفقد حياته في المعركة القادمة من أجل رَامُوتَ جِلْعَادَ. وفي الواقع، تظهر كلمات أَخْآب لِيَهُوشَافَاطَ أنه لم يكن في شك في الدينونة التي صدرت عليه، فقال: «أَمَا قُلْتُ لَكَ إِنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا؟» (عظ،ظ¨). ثانيًا: وصف مِيخَا مشهدًا في السماء يؤكد رسالة الدينونة التي سلمها للتو إلى أَخْآب. وهكذا كان مؤهلاً لتمهيد وصفه الرؤيا التي رآها بكلمات حاسمة: «فَاسْمَعْ إِذًا كَلاَمَ الرَّبِّ» (عظ،ظ©). لم يكن على وشك أن يروي حلمًا خياليًا، ولكن مشهدًا من مشاهد السماء ذاتها، فقال: «قَدْ رَأَيْتُ الرَّبَّ جَالِسًا عَلَى كُرْسِيِّهِ، وَكُلُّ جُنْدِ السَّمَاءِ وُقُوفٌ لَدَيْهِ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ يَسَارِهِ» (عظ،ظ©). وسمع الرب يسأل سؤالاً: «مَنْ يُغْوِي أَخْآبَ فَيَصْعَدَ وَيَسْقُطَ فِي رَامُوتَ جِلْعَادَ؟» (عظ¢ظ*). وكانت هناك ردود مختلفة «فَقَالَ هذَا هكَذَا، وَقَالَ ذَاكَ هكَذَا» (عظ¢ظ*)، «ثُمَّ خَرَجَ الرُّوحُ وَوَقَفَ أَمَامَ الرَّبِّ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ» (عظ¢ظ،). أو «ثُمَّ تَقَدَّمَ رُوحُ الضَّلالِ وَقَالَ: أَنَا أُغْوِيهِ» (عظ¢ظ، – ترجمة الحياة). وصوَّر هذا الروح للرب كيف سيحقق هذا: «فَقَالَ: أَخْرُجُ وَأَكُونُ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ» (عظ¢ظ¢). فأعطاه الرب إذنا ليفعل ما وصفه، وقال الرب: «إِنَّكَ تُغْوِيهِ وَتَقْتَدِرُ، فَاخْرُجْ وَافْعَلْ هكَذَا» (عظ¢ظ¢). ومرة أخرى كانت الرسالة واضحة؛ أي أن أخْآبَ سيُهزم في المعركة التي تلت ذلك، لأن الرب قد أمر بأن يكون الأمر كذلك: «وَالآنَ هُوَذَا قَدْ جَعَلَ الرَّبُّ رُوحَ كَذِبٍ فِي أَفْوَاهِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِكَ هؤُلاَءِ، وَالرَّبُّ تَكَلَّمَ عَلَيْكَ بِشَرّ» (عظ¢ظ£). وبالطبع لا يصح اتهام الرب بأنه خالق الشر أو أنه يتغاضى عنه! ولكن الله - في مطلق سلطانه وسيادته - يُمكنه استخدام الشر لتحقيق إرادته. كان أَخْآبُ مخادعًا وكذابًا طوال فترة حكمه، لذلك كان من المناسب أن يسمح الرب لروح ضلال أن يخبره بما يريد أن يسمعه، من الواضح أن مِيخَا عانى من توبيخ كثير على أمانته في إعلان الحق. وبمجرد ما فرغ من إعلان رؤياه، حتى «تَقَدَّمَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ وَضَرَبَ مِيخَا عَلَى الْفَكِّ وَقَالَ: مِنْ أَيْنَ عَبَرَ رُوحُ الرَّبِّ مِنِّي لِيُكَلِّمَكَ؟» (عظ¢ظ¤). كان صِدْقِيَّا مشتعلاً بالغضب لأن نبوة مِيخَا تتعارض بشكل مباشر مع نبوته، وبالتالي قوضت ادعاءه بأن روح الرب كان يتكلَّم من خلاله. ورد أَخْآبَ بعداء مماثل، وأمر بإرجاع مِيخَا إلى المكان الذي أُحضِرَ منه؛ «إِلَى آمُونَ رَئِيسِ الْمَدِينَةِ، وَإِلَى يُوآشَ ابْنِ الْمَلِكِ» (عظ¢ظ¦)، اللذين يبدو أنهما كانا وصيين مشتركين على السجن. وواضح أن مِيخَا كان بالفعل تحت الإقامة الجبرية قبل مثوله أمام أَخْآب، ولكنه – بالتأكيد - كان ينتظره عقاباً كثر صرامة عند عودته. كانت تعليمات أَخْآب واضحة: «ضَعُوا هذَا فِي السِّجْنِ، وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ حَتَّى آتِيَ بِسَلاَمٍ» (عظ¢ظ§)، وهكذا كان من المقرر أن يتلقى مِيخَا حصصًا غذائية هزيلة في السجن. كانت الكلمات المتبجحة، والأفعال العدوانية لأَخْآب وصِدْقِيَّا، هي نموذج لردود أفعال الرجال الذين يدركون أنهم يقفون على أرض هشة، عندما يُواجهون بحقيقة كلمة الرب. من ناحية أخرى، تحمَّل مِيخَا اللوم والتوبيخ والمعاملة السيئة، دون تذمر أو شكوى، مستريحًا في معرفة أن الرب قد تحدث إليه. كان مِيخَا مسؤولاً عن طاعة الرب، وكان الرب مسؤولاً عن نتائج وعواقب هذه الطاعة. وكان يعلَّم أن برهان صحة النبوات التي نطق بها الأنبياء يعتمد على النتائج، وليس على العنف والتهديدات القصيرة المدي. لقد تنبأ بأن صِدْقِيَّا سوف يهرب كجبان بعد الهزيمة في المعركة القادمة: «فَقَالَ مِيخَا: إِنَّكَ سَتَرَى فِي ذلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي تَدْخُلُ فِيهِ مِنْ مِخْدَعٍ إِلَى مِخْدَعٍ لِتَخْتَبِئَ» (عظ¢ظ¥). أما بخصوص تفاخر أَخْآب بأنه سيعود من المعركة بسلام، قائلاً: «ضَعُوا هذَا فِي السِّجْنِ، وَأَطْعِمُوهُ خُبْزَ الضِّيقِ وَمَاءَ الضِّيقِ حَتَّى آتِيَ بِسَلاَمٍ» (عظ¢ظ§)، فقد ردَّ مِيخَا بالعبارة الواثقة: «إِنْ رَجَعْتَ بِسَلاَمٍ فَلَمْ يَتَكَلَّمِ الرَّبُّ بِي. وَقَالَ: اسْمَعُوا أَيُّهَا الشَّعْبُ أَجْمَعُونَ» (عظ¢ظ¨). |
||||
22 - 10 - 2024, 12:44 PM | رقم المشاركة : ( 176279 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَخْآبُ ويَهُوشَافَاطُ المساومة بكلمة الرب (عظ،-ظ¤) منذ أن ظهر أَخْآبُ لأول مرة على صفحة تاريخ مملكة إسرائيل، جاءته كلمة الرب مرارًا وتكرارًا من خلال أنبياء معروفين بالاسم، وغيرهم مجهولي الاسم. وفي معظم الأحيان - وبتشجيع من إِيزَابَلَ امرأته“ - أظهر تجاهلاً تامًا لما قاله الرب له. وقد لوحظ بالفعل أن أَخْآبُ تسبَّب في تحويل النصر إلى هزيمة، من خلال الفشل في تنفيذ وصايا الرب فيما يتعلق بتحريم أعدائه (ظ،ملظ¢ظ*). وقد واجهته عواقب هذا الفشل عندما كان بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ المهزوم، والذي كان يجب أن يُقتَل، فعالاً في تمهيد الطريق لتمرد أَخْآب الأخير على كلمة الرب وموته اللاحق. ونحن لا نُفاجأ بسلوك أَخْآب في هذا الفصل الختامي من حياته. ولكن تصرفات يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا كانت مُخيبة للآمال إلى أقصى الحدود. وبعد انتصار أَخْآب على بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ (ظ،ملظ¢ظ*)، «أَقَامُوا ثَلاَثَ سِنِينَ بِدُونِ حَرْبٍ بَيْنَ أَرَامَ وَإِسْرَائِيلَ» (عظ،). ومما لا شك فيه أن تخاذل أَخْآب في تحريم بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ، وفشله في تحقيق الانتصار الكامل، أدى إلى بقاء رَامُوتَ جِلْعَادَ، إحدى المدن التي وعد على بَنْهَدَدُ مَلِكُ أَرَامَ بإعادتها إلى إسرائيل (ظ،ملظ¢ظ*: ظ£ظ¤)، تحت سيطرة الأخير. وكانت رَامُوتَ جِلْعَادَ مدينة ذات أهمية استراتيجية، بسبب طرق التجارة المختلفة التي تمر عبرها. وكانت تقع على بعد حوالي خمسة وعشرين ميلاً، إلى الشرق من نهر الأردن، على الطريق المؤدي إلى دمشق. وكانت قلاعها تمنع الأعداء من دخول أراضي إسرائيل. لذلك جاء الوقت الذي قرر فيه أَخْآبُ استعادة السيطرة على المدينة: «فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِعَبِيدِهِ: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَامُوتَ جِلْعَادَ لَنَا وَنَحْنُ سَاكِتُونَ عَنْ أَخْذِهَا مِنْ يَدِ مَلِكِ أَرَامَ؟» (عظ£). للأسف، لم يلجأ أَخْآبُ إلى خدامه فحسب ، بل وجه أيضًا نداء ناجحًا إلى يَهُوشَافَاط مَلِكُ يَهُوذَا من أجل مساعدته في القتال: «وَقَالَ لِيَهُوشَافَاطَ: أَتَذْهَبُ مَعِي لِلْحَرْبِ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ؟» (عظ¤). وبالرغم من أن يَهُوشَافَاط كان ملكًا تقيًا «عَمِلَ الْمُسْتَقِيمَ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ» (عظ¤ظ£)، لكنه من خلال استجابته لأَخْآب أظهر مساومة في حقائق كلمة الله: «فَقَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: مَثَلِي مَثَلُكَ. شَعْبِي كَشَعْبِكَ، وَخَيْلِي كَخَيْلِكَ» (عظ¤). كان قد قام بالفعل بالنزول لزيارة أَخْآب: «فِي السَّنَةِ الثَّالِثَةِ نَزَلَ يَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا إِلَى مَلِكِ إِسْرَائِيلَ» (عظ¢). لقد نزل من أورشليم؛ ”الْمَكَانِ الَّذِي اخْتَارُهُ الرَّبُّ لِيُحِلَّ اسْمَهُ فِيهِ“، والذي فيه مَلك الملوك الداوديين. وهكذا فإن أي رحلة من هناك إلى مملكة إسرائيل المتمردة كانت ستُعتبر انحدارًا. كان على يَهُوشَافَاط أن يعرف أنه من المخالف لكلمة الرب أن يرتبط برجل شرير ووثني مثل أَخْآب. كلمات بولس ذات صلة وثيقة بموضوعنا: «أَيُّ نَصِيبٍ لِلْمُؤْمِنِ مَعَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ؟ وَأَيَّةُ مُوَافَقَةٍ لِهَيْكَلِ اللهِ مَعَ الأَوْثَانِ؟ ... لِذلِكَ اخْرُجُوا مِنْ وَسْطِهِمْ وَاعْتَزِلُوا، يَقُولُ الرَّبُّ. وَلاَ تَمَسُّوا نَجِسًا فَأَقْبَلَكُمْ» (ظ¢كوظ¦: ظ،ظ¥-ظ،ظ§). لقد عرَّض يَهُوشَافَاطُ حقيقة الانفصال للخطر، وكان عليه أن يعاني من عواقب القيام بذلك. لم يكشف الوحي عن السبب الرئيسي الكامن وراء أفعاله غير الحكيمة في هذه المرحلة، ولكنه في وقت لاحق كشف لنا أن ”يَهُورَامُ بْنُ يَهُوشَافَاطَ مَلِكِ يَهُوذَا“ كان متزوجًا من بِنْتَ أَخْآبَ (ظ¢ملظ¨: ظ،ظ¨، ظ¢ظ§). ومن الواضح إذن أنه قد زرع بالفعل البذور التي أثمرت هذا التحالف غير المقدس، من خلال الموافقة أولاً على مثل هذه المصاهرة. وكم تسبَّب النير المتخالف في العلاقات الأسرية في غرق العديد من الشهادات الروحية بين شعب الرب على مر السنين، وهذا ما صار مع يَهُوشَافَاط. لقد ألقى هذا النير المُتخالف بظلاله على مُلكه، مما قاده ليكون في المكان الخطأ، في الوقت الخطأ، ومع الشخص الخطأ. |
||||
22 - 10 - 2024, 12:45 PM | رقم المشاركة : ( 176280 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
أَخْآبُ ويَهُوشَافَاطُ تجنب كلمة الرب (عظ¥-ظ،ظ¢) على الرغم من أن يَهُوشَافَاط قد سمح لنفسه بالتورط في هذا التحالف الضار مع أَخْآب، إلا أنه كان لديه الذكاء الروحي ليعرف أنهم بحاجة إلى كلمة الرب لتأكيد أنه كان من الصواب أن يخوضوا معركة لاستعادة رَامُوتَ جِلْعَادَ: «ثُمَّ قَالَ يَهُوشَافَاطُ لِمَلِكِ إِسْرَائِيلَ: اسْأَلِ الْيَوْمَ عَنْ كَلاَمِ الرَّبِّ» (عظ¥). ولو كان يَهُوشَافَاط قد سأل أولاً عن كَلاَمِ الرَّبِّ، لأخبرته كلمة الرب أنه في تحالف – سياسي وروحي - مع الرجل الخطأ. آخر شيء كان يريد أَخْآبُ أن يقبله هو كلمة الرب، لأنه كان يعلم أنها لن تتغاضى عن أفعاله. لذلك جمع الأنبياء الذين كانوا يخبرونه بما يريد سماعه، بدلاً مما يحتاج إلى سماعه، ولم يكونوا يخيبون أمله. وردا على سؤاله: «أَأَذْهَبُ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ لِلْقِتَالِ أَمْ أَمْتَنِعُ؟»، أجاب أنبياؤه الأربعمائة: «اصْعَدْ فَيَدْفَعَهَا السَّيِّدُ لِيَدِ الْمَلِكِ» (عظ¦). وقد اقترح بعض الشراح أنهم أنبياء البعل. ولكن لغتهم وأفعالهم لا تدعم هذا الرأي؛ فلم يكن أنبياء البعل ليتحدثوا عن ” الرَّبّ (أدوناي)“ (عظ¦) أو « الرَّبّ (يهوه)“ (عظ،ظ،، ظ،ظ¢). كما أن صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ - الذي يبدو أنه كان زعيمهم – تحدث عن ”رُوحُ الرَّبِّ“ (عظ¢ظ¤). لذلك من المرجح أن هؤلاء الأنبياء كانوا نتاج عهد يَرُبْعَامُ بْنُ نَبَاطَ ونظامه الديني الزائف (ظ،ملظ،ظ¢: ظ¢ظ¦-ظ£ظ¦). كان تراثهم الديني يجعلهم قادرين على استخدام المصطلحات الصحيحة، والتحدث بنغمة متحدة، بينما «كَانَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ وَيَهُوشَافَاطُ مَلِكُ يَهُوذَا جَالِسَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى كُرْسِيِّهِ، لاَبِسَيْنِ ثِيَابَهُمَا فِي سَاحَةٍ عِنْدَ مَدْخَلِ بَابِ السَّامِرَةِ، وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ يَتَنَبَّأُونَ أَمَامَهُمَا» (عظ،ظ*)، «وَتَنَبَّأَ جَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ هكَذَا قَائِلِينَ: اصْعَدْ إِلَى رَامُوتَ جِلْعَادَ وَأَفْلِحْ، فَيَدْفَعَهَا الرَّبُّ لِيَدِ الْمَلِكِ» (عظ،ظ¢). حتى أن صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ استخدم وسيلة رمزية لتوضيح وتعزيز رسالته، ولم يكن هذا غريبًا على الأنبياء الحقيقيين (إرظ¢ظ§: ظ،-ظ£؛ ظ¢ظ¨: ظ،ظ*، ظ،ظ،؛ حزظ¤: ظ،-ظ،ظ§)، «وَعَمِلَ صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ لِنَفْسِهِ قَرْنَيْ حَدِيدٍ وَقَالَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: بِهذِهِ تَنْطَحُ الأَرَامِيِّينَ حَتَّى يَفْنَوْا» (عظ،ظ،). كتب ”كيل“: ”كان هذا العمل الرمزي تجسيدًا للاستعارة التي استخدمها موسى في بركة يوسف «بِكْرُ ثَوْرِهِ زِينَةٌ لَهُ، وَقَرْنَاهُ قَرْنَا رِئْمٍ. بِهِمَا يَنْطَحُ الشُّعُوبَ مَعًا إِلَى أَقَاصِي الأَرْضِ. هُمَا رِبْوَاتُ أَفْرَايِمَ وَأُلُوفُ مَنَسَّى» (تثظ£ظ£: ظ،ظ§)، أو «فَهُوَ فِي جَلالِهِ كَالثَّوْرِ الْبِكْرِ، وَقَرْنَاهُ مِثْلُ قَرْنَيْ ثَوْرٍ وَحْشِيٍّ، يَنْطَحُ بِهِمَا الشُّعُوبَ، حَتَّى أُولَئِكَ الْمُقِيمِينَ فِي أَقَاصِي الأَرْضِ. لِتَكُنْ هَكَذَا عَشَرَاتُ أُلُوفِ أَفْرَايِمَ، لِتَكُنْ هَكَذَا أُلُوفُ مَنَسَّى» (تثظ£ظ£: ظ،ظ§ – ترجمة الحياة). وكان المقصود أن ينقل ”صِدْقِيَّا بْنُ كَنْعَنَةَ“ إلى أَخْآب - في القضية المعروضة عليهم - ذلك الوعد الرائع الذي ينطبق على يوسف. لكن هذا النبي الكذاب تجاهل حقيقة أن إتمام كل بركة موسى للأسباط، كان يعتمد على الأمانة للرب“. وهكذا كان سيبدو للشخص غير المستنير كما لو أن كلمة الرب كانت تسمع من خلال الأربعمائة نبي، وكان هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. وهكذا كان القادة الدينيون في أيام الرب يسوع، الذين يُمكن القول عنهم: «هذَا الشَّعْبُ يُكْرِمُنِي بِشَفَتَيْهِ، وَأَمَّا قَلْبُهُ فَمُبْتَعِدٌ عَنِّي بَعِيدًا» (مرظ§: ظ¦). وبدعوته لهؤلاء الأنبياء الكذبة، كان أَخْآبُ يتعمد تجنب سماع كلمة الرب! لقد فهم يَهُوشَافَاطُ منذ اللحظة الأولى أن هؤلاء الأنبياء الذين تكلَّموا، لا ينبغي الوثوق بهم. وهكذا طرح سؤالاً: «أَمَا يُوجَدُ هُنَا بَعْدُ نَبِيٌّ لِلرَّبِّ فَنَسْأَلَ مِنْهُ؟» (عظ§). إذا كانت هناك حاجة إلى أي دليل آخر لإثبات ازدراء أَخْآب لكلمة الرب، فقد قدمه من خلال إجابته على سؤال يَهُوشَافَاط: «فَقَالَ مَلِكُ إِسْرَائِيلَ لِيَهُوشَافَاطَ: إِنَّهُ يُوجَدُ بَعْدُ رَجُلٌ وَاحِدٌ لِسُؤَالِ الرَّبِّ بِهِ، وَلكِنِّي أُبْغِضُهُ لأَنَّهُ لاَ يَتَنَبَّأُ عَلَيَّ خَيْرًا بَلْ شَرًّا، وَهُوَ مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ» (عظ¨). وكان توبيخ يَهُوشَافَاط الدمث: «لاَ يَقُلِ الْمَلِكُ هكَذَا» (عظ¨)، هو ما دفعه إلى إرسال رسول لإحضار مِيخَا بْنُ يَمْلَةَ (عظ©). لقد كان سلوكًا مُستهجنًا حقًا أن يعرف أَخْآب أن هناك نبيًا للرب في المنطقة، يعلن بأمانة كلمة الرب، ومع ذلك يتعمد تجنب دعوته. وقد لوحظ بالفعل من قبل أنه على الرغم من أن الرب تحدث إليه من خلال الأنبياء، في العديد من المناسبات، خلال فترة حكمه، إلا أنه لم يقترب من الرب مباشرة لطلب إرشاده. إنه يقف كتحذير للمؤمنين، وغير المؤمنين، من جميع الأجيال، بأنه من الخطير جدًا تعمّد إغلاق كلمة الله في حياتهم. |
||||