14 - 10 - 2024, 01:49 PM | رقم المشاركة : ( 175571 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يهب الذكاء والتدبير الحسن "أنا الحكمة أسكن الذكاء، وأجد معرفة التدابير" [12]. إذ يسكن حكمة الله فينا يسكن معه الذكاء، فيهب المؤمن فكرًا صادقًا وإدراكا واعيًا. كل ذكاء أو مهارة هو من عند الرب. فقد اخترع الإنسان طرق كثيرة للتدبير، والرب يهب كل طرقٍ للبنيان. ذكاء الإنسان الذاتي يُدمر إذ ينقصه الصلاح، وأما الذي يهبه الله فيبني. من جانب آخر يهبه معرفة اختبارية عملية يدعوها "معرفة التدابير mezimnoth emsta". كلما حمل الإنسان الحكمة الروحية، تترجم في حياته الداخلية وسلوكه الظاهر إلى تدابير عملية بارة ومقدسة في الرب. الذكاء هو قدرة على التفكير بمهارة، أما الحكمة فتحمل مع الذكاء ممارسة، فالحكمة تقود الإنسان إلى العمل بأسلوب لائق تقوي. هذا هو الجانب الإيجابي لعمل الحكمة، أما الجانب السلبي فهو كراهية الحكيم للشر والجهالة. |
||||
14 - 10 - 2024, 01:50 PM | رقم المشاركة : ( 175572 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يهب مخافة الرب التي ترفض الشر "مخافة الرب بغض الشر، الكبرياء والتعظم وطريق الشر وفم الأكاذيب أبغضت" [13]. تفيض الحكمة على مقتنيها ليس فقط بالذكاء والتدبير الحسن وإنما تملك على مشاعر القلب وأحاسيسه، فيكره المؤمن أربعة أمور: الشر، والكبرياء، والعجرفة والخداع. بمعنى آخر. إن كانت مخافة الرب هي رأس الحكمة، فإنه بالحكمة ننعم بالمخافة التي بدونها لن نحب البر والصلاح ونبغض الخطية والشر. الخوف من العقوبة ربما يُلزمنا ألا نخطئ، لكنه قد يولِّد اشتياقًا أكثر نحو الخطية، لأن "المياه المسروقة حلوة، وخبز الخفية لذيذ" (أم17:9). أما مخافة الرب التي تقوم على دالة الحب وإدراك بنوتنا لله فتجعلنا نكره الخطية، ليس خوفًا من العقوبة،وإنما حبًا في الله أبينا إذ نرى في الخطية جرحًا لمحبة الله الذي لا يقبل الظلمة. الإنسان وقد فسدت طبيعته بعد السقوط صار يميل إلى الخطية وينجذب إليها بالرغم من إدراكه لخطورتها على حياته، لذا يحتاج إلى حكمة الله، المخلص، ليجدد بروحه القدوس طبيعته، ويهبه بغضة داخلية للخطية. لقد صرخ رجال العهدين القديم والجديد بسبب ميل الإنسان إلى الشر: "القلب أخدع من كل شيء، وهو نجيس، من يعرفه؟!" (إر9:17). "كما هو مكتوب إنه ليس بار ولا واحد، ليس من يفهم، ليس من يطلب الله. الجميع زاغوا وفسدوا معًا. ليس من يعمل صلاحًا، ليس ولا واحد" (رو10:3-12). يستحيل على الإنسان أن يبغض الشر ما لم يحب الصلاح، ولما كان بغض الشر يقود الإنسان إلى هجر الطريق الشرير، ومحبة الصلاح تقوده إلى عمل ما هو حق في عيني الله، وذلك بفعل الروح القدس الذي يهب كراهية للشر وحب الصلاح، لذلك فإن هذا من جانبه يلهب فينا مخافة الرب. إن كانت مخافة الرب تمثل صلاحًا عميقًا في القلب يقوده بعيدًا عن الشر، بل يهبه بغضة للشر، فإن هذا العمل الداخلي يحمل ترجمة عملية في السلوك الظاهر برفض الكبرياء والتشامخ والنطق بالكذب. في حديث البابا أثناسيوس الرسولي عن القديس أنبا أنطونيوس الكبير يقول: [إذ كانت نفسه حرة من القلاقل، كان مظهره الخارجي هادئًا؛ هكذا من فرح نفسه حمل ملامح باشة؛ ومن حركات جسده يمكن إدراك حالة نفسه، كما هو مكتوب: "القلب الفرحان يجعل الوجه طلقًا، وبحزنه ينسحق (الوجه)" (أم13:15). |
||||
14 - 10 - 2024, 01:53 PM | رقم المشاركة : ( 175573 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
في حديث البابا أثناسيوس الرسولي عن القديس أنبا أنطونيوس الكبير يقول: [إذ كانت نفسه حرة من القلاقل، كان مظهره الخارجي هادئًا؛ هكذا من فرح نفسه حمل ملامح باشة؛ ومن حركات جسده يمكن إدراك حالة نفسه، كما هو مكتوب: "القلب الفرحان يجعل الوجه طلقًا، وبحزنه ينسحق (الوجه)" (أم13:15).] |
||||
14 - 10 - 2024, 01:54 PM | رقم المشاركة : ( 175574 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يعطي القدرة على تقديم المشورة "فيَّ المشورة والرأي. أنا الفهم، لي القدرة" [14]. إذ للحكمة -ربنا يسوع- المشورة وأيضًا القدرة على تقديم فكرٍ صائبٍ وتدبيرٍ حكيمٍ للأمور بفهم، فإنه يهب من يقتنيه القدرة على تقديم المشورة بدوره للآخرين. لهذا فإن المؤمن التقي يصير مشيرًا روحيًا حتى في صمته، أما الشرير فيعجز عن تقديم مشورة صالحة فعّالة، حتى إن كان يجيد الحديث وله خبرات طويلة. السيد المسيح حكمة الآب (1كو14:1)، ينبوع الحكمة، ليس فقط يفيض علينا، بل يبعث فينا ينابيع مياه حيّة تفيض على من نلتقي بهم. يقول "ليَ القوة"، حتى لا نحسب أن الحياة التقوية الهادئة ضعف واستكانة، بل هي تمتع بالقوة ذاته. يعلق البابا أثناسيوس الرسولي على هذه العبارة قائلًا: * بكونه حكمة الآب ذاته... هو نفسه المشورة الحيّ للآب وقوته وخالق كل الأشياء التي رآها الآب صالحة. هذا ما يقوله عن نفسه في الأمثال: "لي المشورة والأمان (الرأي)، لي الفهم، لي القدرة". ("لان المسيح هو قوة الله وحكمة الله ") (1كو24:1). هنا يغير التعبير فيقول:"لي الفهم" و"لي القدرة". عندما يقول: "لي المشورة" هو نفسه المشورة الحيّ للآب، كما يعلمنا النبي أيضًا أنه صار "ملاك المشورة العظيم" ، ودُعي المسرة الصالحة للآب. البابا أثناسيوس الرسولي |
||||
14 - 10 - 2024, 01:56 PM | رقم المشاركة : ( 175575 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يقول "ليَ القوة"، حتى لا نحسب أن الحياة التقوية الهادئة ضعف واستكانة، بل هي تمتع بالقوة ذاته. يعلق البابا أثناسيوس الرسولي على هذه العبارة قائلًا: * بكونه حكمة الآب ذاته... هو نفسه المشورة الحيّ للآب وقوته وخالق كل الأشياء التي رآها الآب صالحة. هذا ما يقوله عن نفسه في الأمثال: "لي المشورة والأمان (الرأي)، لي الفهم، لي القدرة". ("لان المسيح هو قوة الله وحكمة الله ") (1كو24:1). هنا يغير التعبير فيقول:"لي الفهم" و"لي القدرة". عندما يقول: "لي المشورة" هو نفسه المشورة الحيّ للآب، كما يعلمنا النبي أيضًا أنه صار "ملاك المشورة العظيم" ، ودُعي المسرة الصالحة للآب. البابا أثناسيوس الرسولي |
||||
14 - 10 - 2024, 01:57 PM | رقم المشاركة : ( 175576 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يهب روح الملوكية والسلطة إذ يملك السيد المسيح "الحكمة" فينا، لا يجعلنا عبيدًا بل ملوكًا، فنحمل سمته فينا، نحمل روح الملوكية التي لا تقبل العبودية لشهوةٍ ما، ولا نرتعب أمام أحداث زمنية، ولا نخاف كائنًا، بل نحمل حرية مجد أولاد الله. لنا سلطان على أفكارنا وأحاسيسنا ومشاعرنا وحواسنا كما على تصرفاتنا الظاهرة، فنسلك كأبناء ملوك سمائيين، بحكمة علوية فائقة. "بيَ تملك الملوك، وتقضي العظماء عدلًا. بيَ تترأس الرؤساء والشرفاء. كل قضاة الأرض" [15-16]. هكذا يُقيم ملك الملوك، "حكمة الله" من شعبه ملوكًا وعظماء ورؤساء وأشراف وقضاة. إنه إذ يسألهم أن يسلكوا بروح الاتضاع، إنما ليحملوا اتضاعه فيهم، فيصيروا عظماء في عيني الله، وفي أعين السماء والبشر. إنه جاء ليرد الإنسان المحطم بالخطية إلى الملوكية المجيدة! الله في محبته للبشر ينسب نفسه للمتألمين، فيُدعى أب الأيتام وقاضي الأرامل، يبحث عن المطرودين، ويسند البائسين، ويرفع المتواضعين، ويهتم بالذين ليس لهم من يسأل عنهم. إن كان قد أقام الملوك والرؤساء والأشراف والقضاة إنما ليعملوا لحساب هؤلاء جميعًا، أقامهم لا لفضلٍ فيهم، وإنما للعمل لحساب المجتمع كله، خاصة المظلومين والمحتاجين.. هكذا يليق بمن هو في موقع المسئولية أن يُدرك أنه تسلمها من يد الله ليعمل لحساب المجتمع بروح الحب والاتضاع. * الحديث الإلهي في هذا الأمر واضح ، فإن حكمة الله هكذا يتحدث: "بي يملك الملوك، ويملك العظماء الأرض". لكن لا يُفهم بذلك أنهم ملوك أشرار وغير اتقياء، بل ملوك شجعان. القديس أغسطينوس |
||||
14 - 10 - 2024, 01:58 PM | رقم المشاركة : ( 175577 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
* الحديث الإلهي في هذا الأمر واضح فإن حكمة الله هكذا يتحدث: "بي يملك الملوك، ويملك العظماء الأرض". لكن لا يُفهم بذلك أنهم ملوك أشرار وغير اتقياء، بل ملوك شجعان. القديس أغسطينوس |
||||
14 - 10 - 2024, 01:59 PM | رقم المشاركة : ( 175578 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يصيرون موضوع حب السماء! "أنا أحب الذين يحبونني، والذين يبكرون إليَّ يجدونني" [17]. إذ يقدم "الحكمة" نفسه للبشرية، معلنًا أنه المشورة والرأي والفهم والقدرة، من يقتنيه يدرك أسرار الآب، ويتعرف على إرادته، ويحمل قوة من عنده، فيحيا في هذا العالم كوكيل الله، يحمل أيقونة السماء، ويشهد لعمل الله الفائق. الآن يؤكد مبدأين خطيرين متكاملين: المبدأ الأول هو تقديس الحرية الإنسانية، فهو لا يدفع بنفسه في حياة إنسان بغير اختياره، مؤكدًا "أنا أحب الذين يحبونني". إنه الحب كله، يفتح ذراعيه على الصليب للعالم كله، ويتسع صدره ليتكئ كل بشر عليه، لكن ليس الكل يقبله! لنحبه فندرك أنه أحبنا أولًا! لنرتمي على صدره، فنجده مُعدًا لنا! لنشتاق إليه فنلمس اشتياقاته الفائقة نحونا. حبه لنا ليس ثمرة لحبنا له، لأنه أحبنا أولًا. بادر بالحب قبل أن نعرف؛ ونحن أعداء صالحنا مع الله أبيه. لكن حبنا هو مفتاح معرفتنا لحبه القائم الغامر لكل البشرية. أما المبدأ الثاني والمكمِّل للسابق فهو التزامنا بالتبكير إليه لكي نجده. ماذا يعني: "والذين يبكرون إليَّ يجدونني"؟ التبكير هنا يحمل مفهوم الأولوية، فقد وضع لخلاصنا وتجديدنا أولوية خاصة، فقدم الآب ابنه الحبيب ذبيحة حب لأجلنا. وكأنه يقول: "الإنسان أولًا!" إن كان هذه هو العمل الإلهي العجيب، أفلا يليق أن نبكر إليه قائلين: "الله أولًا" في حياتنا اليومية وفي أفكارنا الداخلية، وفي سلوكنا الأسري إلخ. في كل تصرف، خفي وظاهر، ليكن الله محور تفكيرنا، نبكر إليه، فقد بكَّر إلينا، وجعلنا في قمة اهتمامه وهو خالق السماء والأرض! لنبكر إليه فنعطيه أفضل أوقاتنا للقاء معه، فلا يكون في آخر القائمة، نتعبد له في فضلات أوقاتنا. يليق بنا أن نعطي للقائنا معه اهتمامًا خاصًا، فنجري إليه في الصباح المبكر، ونقدم له اليوم الأول من الأسبوع (الأحد)، ونفضل اللقاء معه عن أية رباطات بشرية أو مجاملات. الله فوق الكل! لنبكر إليه فنذكر خالقنا في أيام شبابنا، مقدمين له بكور عمرنا كي يقدس العمر كله. |
||||
14 - 10 - 2024, 02:00 PM | رقم المشاركة : ( 175579 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
يهبنا ذاته كنزًا ومجدًا وشبعًا "عندي الغنى والكرامة، قنية فاخرة وحظ. ثمري خير من الذهب ومن الإبريز، وغلتي خير من الفضة المختارة" [18-19]. عادة يصير الحكماء أغنياء ومكرمين في أعين الناس، لكن ليس لهذا المبدأ استثناءات كثيرة. ما يتحدث عنه سليمان الحكيم هنا ليس الغنى المادي ولا الكرامة الزمنية ولا شبع البطن، بل ما هو أعظم، التمتع بشخص السيد المسيح الذي فيه كفايتنا! يوجد غنى ومجد وشبع يملأ كيان الحكيم، لا يستطيع العالم كله ولا قوات الظلمة ولا أحداث المستقبل أن تنتزعها منه، لأن هذا كله لن يقدر أن يفصل المؤمن الحكيم التقي عن شخص السيد المسيح الذي لنا فيه كنز ومجد وشبع. الإنسان الحكيم يردد مع القديس بولس الرسول: "من يقدر أي يفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف..؟!" (رو25:8). * إن كان يجب أن نميز بين ذاك الذي يُحسب غنيًا لأن ممتلكاته كثيرة ومثقلة بالذهب مثل محفظة قذرة، وبين البار الذي وحده مملوء نعمة، لأن للنعمة تدبيرها، تلاحظ المقاييس اللائقة والجميلة في التنظيم والتوزيع. القديس إكليمنضس السكندري |
||||
14 - 10 - 2024, 02:02 PM | رقم المشاركة : ( 175580 ) | ||||
† Admin Woman †
|
رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
"من يقدر أي يفصلنا عن محبة المسيح؟ أشدة أم ضيق أم اضطهاد أم جوع أم عري أم خطر أم سيف..؟!" (رو25:8). * إن كان يجب أن نميز بين ذاك الذي يُحسب غنيًا لأن ممتلكاته كثيرة ومثقلة بالذهب مثل محفظة قذرة، وبين البار الذي وحده مملوء نعمة، لأن للنعمة تدبيرها، تلاحظ المقاييس اللائقة والجميلة في التنظيم والتوزيع. القديس إكليمنضس السكندري |
||||