منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29 - 09 - 2024, 11:09 AM   رقم المشاركة : ( 174271 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



أعمال الرسل 20: 32
وَالآنَ أَسْتَوْدِعُكُمْ يَا إِخْوَتِي للهِ وَلِكَلِمَةِ نِعْمَتِهِ،

الْقَادِرَةِ أَنْ تَبْنِيَكُمْ وَتُعْطِيَكُمْ مِيرَاثًا مَعَ جَمِيعِ الْمُقَدَّسِينَ.












 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:13 AM   رقم المشاركة : ( 174272 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



دعوة الله لإبراهيم
تكوين 11: 31 – 12: 3

رأينا في الفصل السابق من حياة إبراهيم، طريق الإيمان الذي يتجاوب مع دعوة الله، ونرى الآن المعطلات التي اعترضت هذا الطريق، وكيف تغلب الإيمان عليها، كما سنرى البركات والفشل والتجارب والمحاربات التي في هذا الطريق.
صفات الدعوة
1. دعوة إلهية


إن الحقيقة الأولى العظمى التي نتعلمها في بداية تاريخ إبراهيم هي الصفة المباركة التي تتميز بها دعوته، وعندما نرجع إلى خطاب استفانوس المدون في أعمال 7 نقرأ القول "ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين" هذا ما تتميز به الدعوة أنها من الله إله المجد. ففي هذا العالم، وفي كل مدينته، لا يوجد شيء يكلمنا عن الله، بل كل ما فيه يظهر ويعظم الإنسان ويمجده، أما القول "إله المجد" فإنه يأخذ بأفكارنا إلى مشهد آخر، حيث لا يوجد شيء على الإطلاق، بل نرى كل ما يظهر الله. هذا هو الله الذي في نعمته العجيبة ظهر للإنسان كان يعيش في عالم متجنب عن الله، غارق في الوثنية. إنه مجد ذاك الذي ظهر لإبراهيم، الأمر الذي يعطي أهمية بالغة لهذه الدعوة، بل ويعطي للإيمان سلطانه وقوته لتلبية هذه الدعوة الإلهية.
2. دعوة فاصلة

ونتعلم ثانياً أن هذه الدعوة هي دعوة فاصلة، لأن الكلمة التي وجهت لإبراهيم هي هذه "اذهب من أرضك وعشيرتك ومن بيت أبيك". لم يطلب الله من إبراهيم أن يبقى في مدينة أور حيث يتعامل مع شر الناس، كما لم يطلب الله منه أن يعمل على تحسين حالة العالم الاجتماعية، أو إصلاح علاقاته العائلية، أو ليجعله عالماً حسناً لامعاً. إن الدعوة تطلبت من إبراهيم الخروج من العالم بكل صوره، كان عليه أن يترك العالم السياسي "أرضك"، والعالم الاجتماعي "عشيرتك"، وعالم العائلة "بيت أبيك".

والدعوة في الوقت الحاضر ليست أقل من ذلك. إن العالم الذي حولنا له صورة التقوى، بدون قوتها، هذا هو عالم المسيحية الفاسد. والرسالة التي تخبرنا بأننا شركاء الدعوة السماوية، هي بعينها التي تطلب منا أن نخرج بعيداً عن فسادها "فلنخرج إذاً إليه [إلى يسوع] خارج المحلة حاملين عاره" (عب 13: 13) ليس معنى هذا أننا نحتقر الحكومات فهي لا تزال من تعيين الله، ولا بمقدورنا أن نتجاهل الروابط العائلية لأنها مرتبة من الله. ولا يلزمنا أن نكف عن اللطف والرحمة وأن نعمل الخير للجميع حسبما لنا الفرصة لكننا كمؤمنين نحن مدعوون أن ننفصل عن أن نشارك في أنشطة العالم السياسية والعالم الاجتماعي المحيط بنا، وكل مجالات أعضاء عائلاتنا غي المتجددين الذين يجدون مسرتهم بعيداً عن الله، وهذا المقصود من الخروج من العالم، هذا ولا يزال الروح القدس يوجه إلينا نحن المؤمنين هذه الكلمات "لذلك اخرجوا من وسطه واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجساً فأقبلكم وأكون أباً وأنتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء" (2 كو 6: 17 و 18).
3. دعوة مؤكدة

وثالثاً إن كانت دعوة الله قد فصلت إبراهيم عن هذا العالم الحاضر، فذلك للإتيان به إلى عالم آخر كم قال الله "إلى الأرض التي أريك". فإذا كان إله المجد قد ظهر لإبراهيم فذلك لكي يحضر إبراهيم إلى مجد الله، ونلاحظ أن الخطاب العجيب الذي تكلم به اسطفانوس بدأ بإله المجد ظاهراً لإنسان على الأرض، وانتهى بمشهد إنسان ظاهر في مجد الله في السماء، وفي ختام خطابه يتطلع اسطفانوس بثبات إلى السماء ويرى مجد الله ويسوع قائماً عن يمين الله، ويقول "ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله". ونحن إذ نتطلع إلى المسيح في المجد نرى القصد العجيب الذي قصده الله في قلبه عندما دعانا من هذا العالم الحاضر، إنه دعانا إلى مجده لنكون مثل المسيح ومعه في مشهد يتكلم عن الله ومحبة قلبه غير المحدودة.

لم يقل الله لإبراهيم أنك إذا أطعت دعوتي أعطيك في الحال أن تمتلك الأرض، بل قال "الأرض التي أريك" فإن الله يعطينا مع اسطفانوس إذا أطعنا دعوة الله أن نرى الملك في بهائه والأرض البعيدة، نرفع أنظارنا إلى فوق فنرى المسيح في المجد.
4. دعوة امتيازات

ورابعاً فهناك بركة عظيمة حاضرة لمن يتجاوب مع الدعوة، وإذ انفصل إبراهيم عن هذا العالم الحاضر الشرير قال له الله "أجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك". يحاول أهل العالم أن يصنعوا لأنفسهم اسماً كما قالوا قديماً "ونصنع لأنفسنا اسماً"، لكن الله يقول للرجل المنفصل "أباركك وأعظم اسمك".

إن الميل الطبيعي في قلوبنا هو أن نصنع لأنفسنا اسماً، والجسد يحاول أن يمسك بأي شيء ولو بأمور الله ليعظم ذاته، وهذا الميل ظهر حتى بين تلاميذ المسيح، إذ حدثت بينهم مشاجرة من منهم يظن أنه يكون أكبر.

إن التشتت الذي حدث في بابل، وانقسام المسيحية، وأيضاً كل مشاجرة وسط شعب الله تنسب غالباً لأصل واحد هو محاولة الجسد أن يكون عظيماً.

إن روح الاتضاع الذي في ربنا يسوع المسيح قاده أن يخلى نفسه "لذلك رفعه الله وأعطاه اسماً فوق كل اسم". الله هو الذي عظم اسمه وهكذا يعظم كل شخص متضع يتبع الرب خارج المحلة إجابة للدعوة. فإن الله يقول له "وأعظم اسمك". إن الله يستطيع أن يعظم اسم المؤمن أكثر جداً مما نحاول أن نعمله لأنفسنا في هذا العالم الحاضر الشرير.

وإذا اعترفنا بأمانة لوجدنا أن الباعث الحقيقي لبقاء كثيرين في مراكز غير صحيحة، هو الرغبة الدفينة ليكونوا عظماء، ولذا ينفرون من طريق الانزواء من هذا العالم الديني، ألا نرى في كلمة الله كما نشاهد في اختباراتنا أن الأشخاص العظماء روحياً بين شعب الله، هم الأشخاص المنفصلون، الذين استجابوا لدعوة الله لهم بالانفصال، كما نرى أن أي تحول عن كريق الانفصال إنما يؤدي إلى فقدان التأثير بل ضياع كل عظمة روحية حقيقية بين شعب الله؟
5. دعوة نافعة

وخامساً يقول الله لإبراهيم "وتكون بركة". في طريق الانفصال لا يكون إبراهيم نفسه مباركاً فحسب، بل يكون أيضاً بركة للآخرين. إننا نفعل حسناً لو لاحظنا أهمية هذه الكلمات، لأن المؤمن قد ينخدع بالبقاء في وسط ليس هو حسب كلمة الله، اعتقاداً منه أنه يكن أكثر نفعاً للآخرين مما لو اتخذ مركز الانفصال عنه. نحن لا نقرأ أن الرب قال لإبراهيم "إذا بقيت في أور الكلدانيين أو في منتصف الطريق في حاران تكون بركة"، بل عندما أطاع دعوة الله قال له "وتكون بركة".
6. دعوة حافظة

وسادساً أخبر الرب إبراهيم أنه إذا خرج فسيصبح موضوع عنايته الحافظة. إنه لا بد أن يواجه المقاومات والتجارب إذ قيل حقاً "والحائد عن الشر يسلب" (أش 59: 15)، ولكن الله يقول للمنفصل "أباركك وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه". المؤمن المنفصل يحفظ من تجارب كثيرة يتعرض لها المؤمن الذي يختلط بالعالم. إن رحمة الرب خلصت لوط من الحكم الذي وقع على سدوم ولكنه بسبب روابطه بالشر خسر كل شيء: خسر زوجته وأولاده وثروته واسمه.
7. دعوة فعالة

وسابعاً إذ تصرف إبراهيم بالإيمان، وبموجب كلمة الله، قال له "وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض". ونحن نعرف كيف استخدم روح الله هذا الوعد "والكتاب إذ سبق فرأى أن الله بالإيمان يبرر الأمم سبق فبشر إبراهيم أن فيك تتبارك جميع الأمم". (غل 3: 8) لم يكن ممكناً لإبراهيم أن يرى التأثير البعيد لمبدأ الإيمان الذي عمل بموجبه، ولكن الله سبق فرأى أن هذا هو الطريق الوحيد للبركة لجميع الأمم، وليس سوى الله الذي يرى من بعيد مدى تأثير البركة التي تصل للآخرين من إيماننا بالله إجابة لدعوته لنا.
عوائق إجابة دعوة الله

رأينا المواعيد المباركة المرتبطة بدعوة الله، وسنتعلم كيف يستجيب الإيمان لهذه الدعوة، كما سنرى في تاريخ إبراهيم كيف يمكن أن يتعوق رجل الإيمان، ولو لبعض الوقت، عن تنفيذ هذه الدعوة.

ونتعلم من خطاب اسطفانوس المدون في أع 7 أن الدعوة وجهت إلى إبراهيم "وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران" ولكن في تنفيذ هذه الدعوة تعطل إبراهيم بسبب روابط الطبيعة. فالدعوة وجهت إلى إبراهيم لكن الطبيعة كثيراً ما تظهر الغيرة الشديدة في إجابة الدعوة فتتسلم القيادة إذ نقرأ "وأخذ تارح إبرآم ابنه .. من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان" فالطبيعة قد تدعي السير في طريق الإيمان، وعندما تبدأ سيرها تظهر أحسن النوايا فتحاول بالإرادة الذاتية أن تعمل ما ليس في طاقتها والنتيجة أنها تتوقف عن السير وهذا ما حدث فعلاً، إذ بعد ما خرج من أور الكلدانيين "ليذهبوا إلى أرض كنعان" لم يستطيعوا أن يصلوا إلى هذه الأرض، فتوقفت الطبيعة في منتصف الطريق في حاران وسكن هناك، وتوقف المسير حتى مات تارح في حاران.

ماذا عمل إبراهيم رجل الله؟ لقد سمح لنفسه أن يعاق عن طاعة دعوة الله طاعة كاملة، فلم يسمح أيضاً أن يقوده أبوه إذ نقرأ "وأخذ تارح إبرام" وماذا كانت النتيجة؟ أنه قصر عن الوصول إلى الأرض التي دعي إليها، كما نرى ذلك واضحاً في خطاب اسطفانوس "فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران. ومن هناك نقله بعد ما مات أبوه إلى هذه الأرض". كم كثيرون منا يتعوقون ولو بعض الوقت عن اتخاذ طريق الانفصال، وذلك بسبب بعض أقاربنا المحبوبين. فالدعوة تصل إلى المؤمن ولكنه يتباطأ في إجابتها، لأن قريباً له غير مهيأ لما تتطلبه من خروج، فينتظر مؤملاً أن هذا القريب يرى الدعوة في جمالها فيعمل الاثنان معاً.

إن الإيمان لا يستطيع أن يسمو بالطبيعة إلى مستواه، ولكن الطبيعة تستطيع أن تجتذب رجل الإيمان وتعطله.

قد تقدم حجج كثيرة لتبرير أن نعرج في منتصف الطريق وفي هذه الحالة توضع مطاليب الطبيعة فوق دعوة الله، وكثيراً ما يضطر الله، كما فعل في قضية إبراهيم، أن يدخل الموت في الدائرة العائلية ويأخذ الشخص المعطل ليفسح الطريق لرجل الإيمان لتنفيذ دعوة الله في طاعة كاملة.
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:16 AM   رقم المشاركة : ( 174273 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




دعوة إلهية

إن الحقيقة الأولى العظمى التي نتعلمها في بداية تاريخ إبراهيم هي الصفة المباركة التي تتميز بها دعوته، وعندما نرجع إلى خطاب استفانوس المدون في أعمال 7 نقرأ القول "ظهر إله المجد لأبينا إبراهيم وهو في ما بين النهرين" هذا ما تتميز به الدعوة أنها من الله إله المجد.
ففي هذا العالم، وفي كل مدينته، لا يوجد شيء يكلمنا عن الله، بل كل ما فيه يظهر ويعظم الإنسان ويمجده، أما القول "إله المجد" فإنه يأخذ بأفكارنا إلى مشهد آخر، حيث لا يوجد شيء على الإطلاق، بل نرى كل ما يظهر الله
هذا هو الله الذي في نعمته العجيبة ظهر للإنسان كان يعيش في عالم متجنب عن الله، غارق في الوثنية. إنه مجد ذاك الذي ظهر لإبراهيم، الأمر الذي يعطي أهمية بالغة لهذه الدعوة، بل ويعطي للإيمان سلطانه وقوته لتلبية هذه الدعوة الإلهية.
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:22 AM   رقم المشاركة : ( 174274 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




دعوة إلهية
دعوة فاصلة

ونتعلم ثانياً أن هذه الدعوة هي دعوة فاصلة، لأن الكلمة التي وجهت لإبراهيم هي هذه "اذهب من أرضك وعشيرتك ومن بيت أبيك". لم يطلب الله من إبراهيم أن يبقى في مدينة أور حيث يتعامل مع شر الناس، كما لم يطلب الله منه أن يعمل على تحسين حالة العالم الاجتماعية، أو إصلاح علاقاته العائلية، أو ليجعله عالماً حسناً لامعاً. إن الدعوة تطلبت من إبراهيم الخروج من العالم بكل صوره، كان عليه أن يترك العالم السياسي "أرضك"، والعالم الاجتماعي "عشيرتك"، وعالم العائلة "بيت أبيك".

والدعوة في الوقت الحاضر ليست أقل من ذلك. إن العالم الذي حولنا له صورة التقوى، بدون قوتها، هذا هو عالم المسيحية الفاسد. والرسالة التي تخبرنا بأننا شركاء الدعوة السماوية، هي بعينها التي تطلب منا أن نخرج بعيداً عن فسادها "فلنخرج إذاً إليه [إلى يسوع] خارج المحلة حاملين عاره" (عب 13: 13) ليس معنى هذا أننا نحتقر الحكومات فهي لا تزال من تعيين الله، ولا بمقدورنا أن نتجاهل الروابط العائلية لأنها مرتبة من الله. ولا يلزمنا أن نكف عن اللطف والرحمة وأن نعمل الخير للجميع حسبما لنا الفرصة لكننا كمؤمنين نحن مدعوون أن ننفصل عن أن نشارك في أنشطة العالم السياسية والعالم الاجتماعي المحيط بنا، وكل مجالات أعضاء عائلاتنا غي المتجددين الذين يجدون مسرتهم بعيداً عن الله، وهذا المقصود من الخروج من العالم، هذا ولا يزال الروح القدس يوجه إلينا نحن المؤمنين هذه الكلمات "لذلك اخرجوا من وسطه واعتزلوا يقول الرب ولا تمسوا نجساً فأقبلكم وأكون أباً وأنتم تكونون لي بنين وبنات يقول الرب القادر على كل شيء" (2 كو 6: 17 و 18).
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:24 AM   رقم المشاركة : ( 174275 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



دعوة مؤكدة

إن كانت دعوة الله قد فصلت إبراهيم عن هذا العالم الحاضر، فذلك للإتيان به إلى عالم آخر كم قال الله "إلى الأرض التي أريك". فإذا كان إله المجد قد ظهر لإبراهيم فذلك لكي يحضر إبراهيم إلى مجد الله، ونلاحظ أن الخطاب العجيب الذي تكلم به اسطفانوس بدأ بإله المجد ظاهراً لإنسان على الأرض، وانتهى بمشهد إنسان ظاهر في مجد الله في السماء، وفي ختام خطابه يتطلع اسطفانوس بثبات إلى السماء ويرى مجد الله ويسوع قائماً عن يمين الله، ويقول "ها أنا أنظر السموات مفتوحة وابن الإنسان قائماً عن يمين الله". ونحن إذ نتطلع إلى المسيح في المجد نرى القصد العجيب الذي قصده الله في قلبه عندما دعانا من هذا العالم الحاضر، إنه دعانا إلى مجده لنكون مثل المسيح ومعه في مشهد يتكلم عن الله ومحبة قلبه غير المحدودة.

لم يقل الله لإبراهيم أنك إذا أطعت دعوتي أعطيك في الحال أن تمتلك الأرض، بل قال "الأرض التي أريك" فإن الله يعطينا مع اسطفانوس إذا أطعنا دعوة الله أن نرى الملك في بهائه والأرض البعيدة، نرفع أنظارنا إلى فوق فنرى المسيح في المجد.
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:25 AM   رقم المشاركة : ( 174276 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


دعوة امتيازات

هناك بركة عظيمة حاضرة لمن يتجاوب مع الدعوة، وإذ انفصل إبراهيم عن هذا العالم الحاضر الشرير قال له الله "أجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك". يحاول أهل العالم أن يصنعوا لأنفسهم اسماً كما قالوا قديماً "ونصنع لأنفسنا اسماً"، لكن الله يقول للرجل المنفصل "أباركك وأعظم اسمك".

إن الميل الطبيعي في قلوبنا هو أن نصنع لأنفسنا اسماً، والجسد يحاول أن يمسك بأي شيء ولو بأمور الله ليعظم ذاته، وهذا الميل ظهر حتى بين تلاميذ المسيح، إذ حدثت بينهم مشاجرة من منهم يظن أنه يكون أكبر.

إن التشتت الذي حدث في بابل، وانقسام المسيحية، وأيضاً كل مشاجرة وسط شعب الله تنسب غالباً لأصل واحد هو محاولة الجسد أن يكون عظيماً.

إن روح الاتضاع الذي في ربنا يسوع المسيح قاده أن يخلى نفسه "لذلك رفعه الله وأعطاه اسماً فوق كل اسم". الله هو الذي عظم اسمه وهكذا يعظم كل شخص متضع يتبع الرب خارج المحلة إجابة للدعوة. فإن الله يقول له "وأعظم اسمك". إن الله يستطيع أن يعظم اسم المؤمن أكثر جداً مما نحاول أن نعمله لأنفسنا في هذا العالم الحاضر الشرير.

وإذا اعترفنا بأمانة لوجدنا أن الباعث الحقيقي لبقاء كثيرين في مراكز غير صحيحة، هو الرغبة الدفينة ليكونوا عظماء، ولذا ينفرون من طريق الانزواء من هذا العالم الديني، ألا نرى في كلمة الله كما نشاهد في اختباراتنا أن الأشخاص العظماء روحياً بين شعب الله، هم الأشخاص المنفصلون، الذين استجابوا لدعوة الله لهم بالانفصال، كما نرى أن أي تحول عن كريق الانفصال إنما يؤدي إلى فقدان التأثير بل ضياع كل عظمة روحية حقيقية بين شعب الله؟
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:25 AM   رقم المشاركة : ( 174277 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

دعوة نافعة

يقول الله لإبراهيم "وتكون بركة". في طريق الانفصال لا يكون إبراهيم نفسه مباركاً فحسب، بل يكون أيضاً بركة للآخرين.

إننا نفعل حسناً لو لاحظنا أهمية هذه الكلمات، لأن المؤمن قد ينخدع بالبقاء في وسط ليس هو حسب كلمة الله، اعتقاداً منه أنه يكن أكثر نفعاً للآخرين مما لو اتخذ مركز الانفصال عنه.
نحن لا نقرأ أن الرب قال لإبراهيم "إذا بقيت في أور الكلدانيين أو في منتصف الطريق في حاران تكون بركة"، بل عندما أطاع دعوة الله قال له "وتكون بركة".
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:26 AM   رقم المشاركة : ( 174278 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





دعوة حافظة

أخبر الرب إبراهيم أنه إذا خرج فسيصبح موضوع عنايته الحافظة. إنه لا بد أن يواجه المقاومات والتجارب إذ قيل حقاً "والحائد عن الشر يسلب" (أش 59: 15)، ولكن الله يقول للمنفصل "أباركك وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه".

المؤمن المنفصل يحفظ من تجارب كثيرة يتعرض لها المؤمن الذي يختلط بالعالم. إن رحمة الرب خلصت لوط من الحكم الذي وقع على سدوم ولكنه بسبب روابطه بالشر خسر كل شيء: خسر زوجته وأولاده وثروته واسمه.
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:27 AM   رقم المشاركة : ( 174279 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة





دعوة فعالة




تصرف إبراهيم بالإيمان وبموجب كلمة الله، قال له "وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض". ونحن نعرف كيف استخدم روح الله هذا الوعد "والكتاب إذ سبق فرأى أن الله بالإيمان يبرر الأمم سبق فبشر إبراهيم أن فيك تتبارك جميع الأمم". (غل 3: 8) لم يكن ممكناً لإبراهيم أن يرى التأثير البعيد لمبدأ الإيمان الذي عمل بموجبه، ولكن الله سبق فرأى أن هذا هو الطريق الوحيد للبركة لجميع الأمم، وليس سوى الله الذي يرى من بعيد مدى تأثير البركة التي تصل للآخرين من إيماننا بالله إجابة لدعوته لنا.
عوائق إجابة دعوة الله

رأينا المواعيد المباركة المرتبطة بدعوة الله، وسنتعلم كيف يستجيب الإيمان لهذه الدعوة، كما سنرى في تاريخ إبراهيم كيف يمكن أن يتعوق رجل الإيمان، ولو لبعض الوقت، عن تنفيذ هذه الدعوة.

ونتعلم من خطاب اسطفانوس المدون في أع 7 أن الدعوة وجهت إلى إبراهيم "وهو في ما بين النهرين قبلما سكن في حاران" ولكن في تنفيذ هذه الدعوة تعطل إبراهيم بسبب روابط الطبيعة. فالدعوة وجهت إلى إبراهيم لكن الطبيعة كثيراً ما تظهر الغيرة الشديدة في إجابة الدعوة فتتسلم القيادة إذ نقرأ "وأخذ تارح إبرآم ابنه .. من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان" فالطبيعة قد تدعي السير في طريق الإيمان، وعندما تبدأ سيرها تظهر أحسن النوايا فتحاول بالإرادة الذاتية أن تعمل ما ليس في طاقتها والنتيجة أنها تتوقف عن السير وهذا ما حدث فعلاً، إذ بعد ما خرج من أور الكلدانيين "ليذهبوا إلى أرض كنعان" لم يستطيعوا أن يصلوا إلى هذه الأرض، فتوقفت الطبيعة في منتصف الطريق في حاران وسكن هناك، وتوقف المسير حتى مات تارح في حاران.

ماذا عمل إبراهيم رجل الله؟ لقد سمح لنفسه أن يعاق عن طاعة دعوة الله طاعة كاملة، فلم يسمح أيضاً أن يقوده أبوه إذ نقرأ "وأخذ تارح إبرام" وماذا كانت النتيجة؟ أنه قصر عن الوصول إلى الأرض التي دعي إليها، كما نرى ذلك واضحاً في خطاب اسطفانوس "فخرج حينئذ من أرض الكلدانيين وسكن في حاران. ومن هناك نقله بعد ما مات أبوه إلى هذه الأرض". كم كثيرون منا يتعوقون ولو بعض الوقت عن اتخاذ طريق الانفصال، وذلك بسبب بعض أقاربنا المحبوبين. فالدعوة تصل إلى المؤمن ولكنه يتباطأ في إجابتها، لأن قريباً له غير مهيأ لما تتطلبه من خروج، فينتظر مؤملاً أن هذا القريب يرى الدعوة في جمالها فيعمل الاثنان معاً.

إن الإيمان لا يستطيع أن يسمو بالطبيعة إلى مستواه، ولكن الطبيعة تستطيع أن تجتذب رجل الإيمان وتعطله.

قد تقدم حجج كثيرة لتبرير أن نعرج في منتصف الطريق وفي هذه الحالة توضع مطاليب الطبيعة فوق دعوة الله، وكثيراً ما يضطر الله، كما فعل في قضية إبراهيم، أن يدخل الموت في الدائرة العائلية ويأخذ الشخص المعطل ليفسح الطريق لرجل الإيمان لتنفيذ دعوة الله في طاعة كاملة.
 
قديم 29 - 09 - 2024, 11:30 AM   رقم المشاركة : ( 174280 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,048

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إبراهيم الإيمان وعدم الإيمان
تكوين 12: 4 – 20



لقد تحرر إبرام من روابط الطبيعة، وإن كان ذلك بكلفة مؤلمة وغالية، إذ دخل الموت إلى العائلة وسحب تارح أبوه من المشهد، عندئذ أطاع إبرام الدعوة "فذهب إبرام كما قال له الرب".

لكنه أخذ لوطاً ابن أخيه معه ولوط العالمي كان ثقلاً على إبرام. في موضوع أبيه، رأينا إبرام سمح للطبيعة أن تتسلم زمام القيادة "وأخذ تارح إبرام" وانتهى الأمر بالموت أما في موضوع ابن أخيه فإن إبرام هو الذي تسلم القيادة "فأخذ إبرام .. لوطاً ابن أخيه" ومع أن لوطاً كان ثقلاً على إبرام إلا أن هذا لم يعطل إيمانه عن طاعته لله.

هذا ونلاحظ أنه لما تسلمت الطبيعة زمام القيادة نقرأ أنهم "خرجوا من أور الكلدانيين ليذهبوا إلى أرض كنعان" لكنهم لم يصلوا إلى تلك الأرض بقيادة تارح. لكن لما تسلم الإيمان القيادة نقرأ أنهم "خرجوا ليذهبوا إلى أرض كنعان" (ع 5)
مباينة

وإذ وصلوا إلى أرض كنعان، وجدوا الكنعانيين حينئذ في الأرض، وهذه العبارة لها معناها العميق. فلقد قال الله لإبراهيم "وأباركك" أما عن كنعان فقال الله "ملعون كنعان". فإذا كان الله قد أتى بإبراهيم – رجل البركة – إلى أرض الوعد، فإنه يكتشف أن الشيطان قد استحضر ابن اللعنة إلى ذات الأرض. وبهذه الطريقة فإن الشيطان يسعى لتقويض مقاصد الله ويمنع رجل الإيمان من الدخول لامتلاك الأرض.
مقارنة

والمسيحي إنسان مدعو من العالم الحاضر ليكون شريك الدعوة السماوية، ولقد بورك بكل بركة روحية في السماويات في المسيح. فإذ يلبي المؤمن الدعوة تاركاً العالم، يجد نفسه مقاوماً من "أجناد الشر الروحية في السماويات" (أف 6: 12) وهكذا إذ تتوق نفسه إلى التمتع بالبركات الروحية، فإنه يجد قوات الشر الروحية تصطف أمامه وتعمل على منعه حتى لا يتمتع بمركزه السماوي – وهو النصيب الحقيقي الوحيد للكنيسة.

كانت أور الكلدانيين بالنسبة لإبرام شيئاً ماضياً، كما كان امتلاك الأرض شيئاً مستقبلاً – وهكذا لم يدرك العالم الذي تركه ولا العالم الأفضل الذي يسعى إليه – وهذا هو أيضاً مركز المسيحي الذي يستجيب لدعوة الله لقد ترك العالم الحاضر الشرير ولكنه لم يصل بعد إلى العالم الآتي.

إذن – ما هو نصيب الشخص الذي يلبي دعوة الله، وما هو الشيء الذي يسنده في مركزه خارج العالم؟ هذا ما نجده في قصة إبرام هنا الغنية بالتعليم والتشجيع.
طاعة الإيمان

لنلاحظ أولاً أن المبدأ العظيم الذي عمل إبرام بموجبه كان مبدأ الإيمان، ومن الواضح أنه ترك أرضه واتجه إلى أرض لم يصل إليها بعد، دون أن يكون شيء على الإطلاق أمام نظره الطبيعي وليس معنى هذا أنه لم ير شيئاً، بل أن ما رآه بالإيمان ولذلك نقرأ "بالإيمان إبراهيم لما دعي أطاع أن يخرج إلى المكان الذي كان عتيداً أن يأخذه ميراثاً"، وأيضاً "بالإيمان تغرب في أرض الموعد"، وأخيراً "في الإيمان مات هؤلاء أجمعون" (عب 11: 8 و 9 و 13).
طريق الإيمان

وثانياً إذ أطاع دعوة الله على مبدأ الإيمان، صار هو والذين معه "غرباء ونزلاء" كما يقول الروح القدس في العهد الجديد عن هؤلاء "أقروا بأنهم غرباء ونزلاء على الأرض" (عب 11: 13)، وهذا يجيء واضحاً عند قراءة الحادثة تاريخياً. ففي حاران حيث تعوق إبرام بعض الوقت نقرأ القول "فأتوا إلى حاران وأقاموا هناك" لكن إذ وصلوا إلى الأرض نقرأ أن إبرام "نصب خيمته" كشخص ليس له مكان معين في الأرض، ونقرأ أيضاً "واجتاز إبرام في الأرض" وأمامه وطن آخر. فهو كغريب لم يكن له إلا خيمة في هذا العالم وكنزيل كان يجتاز إلى عالم آخر.
نصيب الإيمان

وثالثاً نتعلم ما الذي كان يسند إبرام في طريق غربته فنقرأ هذه الكلمات "وظهر الرب لإبرام وقال لنسلك أعطي هذه الأرض" ولنلاحظ هنا شيئين أولهما تكرار العبارة مرتين في عد7 "وظهر الرب له". وثانياً أن امتلاك الأرض وضع أمام إبرام كشيء مستقبل. لقد رأى الملك في بهائه، كما رأى الأرض من بعيد، فواصل مسيره كغريب ونزيل في نور مجد الله الذي دعاه، وبركات الأرض التي كان ذاهباً إليها. ولذلك نقرأ في العهد الجديد "لأنه كان ينتظر المدينة التي لها الأساسات"، وأيضاً "يبتغون وطناً أفضل أي سماوياً" (عب 11: 10 و 16).

أليس هكذا الحال معنا فإن المسيح وحده أمامنا في مجده وبركات البيت السماوي الذي نحن ذاهبون إليه تجعلنا نحمل ولو بقدر محدود طابع أناس غرباء ونزلاء، فلا يكفينا أن نعرف تعليم المسيح، وأن السماء أمامنا في نهاية المطاف، لكن ينبغي أن يكون في كل منا ذات الشوق الذي كان في قلب الرسول الذي قال "لأعرفه" و"أدرك الذي لأجله أدركني أيضاً المسيح يسوع" (في 3: 10 و 12).

وعندما نأخذ مركزنا اللائق خارج العالم إجابة للدعوة الإلهية، عندئذ نستطيع أن ننمو شخصياً في معرفة الرب نفسه صدقاً لقوله "الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه أبي وأنا أحبه وأظهر له ذاتي" (يوحنا 14: 21).
تجاوب الإيمان

ورابعاً بعدما ظهر الرب لإبرام نقرأ إنه في الحال "فبنى هناك مذبحاً" وهذا العمل يكلمنا حقاً عن السجود. وفي الرسالة إلى العبرانيين نرى أن الذين يخرجون إلى المسيح خارج المحلة لا يحملون فقط صفة الغرباء كأناس ليس لهم هنا مدينة باقية، بل سيصبحون أيضاً ساجدين يقدمون به لله في كل حين ذبيحة التسبيح (عب 13: 13 - 15).

هذا ونلاحظ أن إبرام لم يتحقق فقط مجد ذلك الوطن الذي رآه من بعيد، بل رأى أيضاً مجد ذلك الشخص الذي ظهر له. لقد قادته العطية إلى الشكر، لكن ظهور المعطى قاده إلى السجود، من هذا نفهم أن السجود هو فيض القلب الذي امتلأ بمجد الشخص الذي تعبد له.
ينابيع الإيمان

وخامساً إبرام "دعا باسم الرب"، وهذا يكلمنا عن الاستناد على الرب، فمهما كانت حاجات إبرام، ومهما كانت أعواز رحلته كغريب، ومهما كانت المقاومات التي تعترض طريقه، ومهما كانت التجارب، فقد كان له مصدر واحد لا ينضب وهو الرب فاستطاع أن يدعو باسم الرب.

في كل أيام التجارب يجد الأتقياء مصدرهم الوحيد في الرب. ففي أيام الخراب قبل الطوفان كان هناك من يشبه قايين الذي "خرج من لدن الرب"، لكن كان هناك أيضاً أتقياء كما نقرأ "حينئذ ابتدئ أن يدعي باسم الرب" (تك 4: 16 و 26) وهكذا في أيام ملاخي المظلمة وجد المتقون ينابيعهم في الرب إذ نقرأ عنهم هذا القول "المفكرين في اسمه" (ملا 3: 16) وفي الأيام الأولى من تاريخ الكنيسة كان المؤمنون معروفين هكذا "الذين يدعون بهذا الاسم" (أعمال 9: 21)، وفي وسط اضطهاداتهم كانوا يلجأون إلى الرب، وفي وسط خراب الأيام الأخيرة يؤكد لنا الكتاب أنه يوجد "الذين يدعون الرب من قلب نقي" (2 تي 2: 22).

لكن مهما كان إيمان إبرام، فإنه كان إنساناً تحت الآلام مثلنا، وليس أحد يسلك طريق الإيمان إلا ويمتحن إيمانه، والامتحان يكشف لنا من الناحية الواحدة ضعفنا، ومن الناحية الأخرى يكشف لنا نعمة الله وأمانته نحونا.
عدم إيمان إبرام

في تاريخ أبرام جاء الامتحان في صورة جوع، فكان جوع شديد، كما نقرأ "لأن الجوع في الأرض كان شديداً". لكن إن كان الرب قد سمح بالجوع فإن الرب أيضاً يستطيع أن يسد حاجة خاصته مهما كان الجوع. وعلى كل حال فإن إبرام تحت تأثير الحاجة الشديدة سمح للظروف أن تقف بين نفسه وبين الرب، وبدلاً من أن يدعو باسم الرب انقاد لما أملاه عليه عقله والمنطق الطبيعي وتوقف السير بالإيمان "وانحدر إلى مصر" وعوضاً عن أن يتكل على الله ليعوله انحدر إلى العالم طالباً العون منه.

ولما اتخذ إبرام هذه الخطوة الخاطئة، وجد ما يسد حاجته، نعم، ولكنه وجد نفسه أمام صعوبات جديدة تعرض لها بسبب المركز الخاطئ الذي وجد نفسه فيه، إذ خاف أن يقتل من أجل سارة امرأته إرضاء لشهوات مصر.

ولم يعد بإمكان إبرام في هذه الحالة أن يعتمد على الله لحفظه، وترك ليواجه بنفسه هذه الصعوبة الجديدة، فبدأ يفكر في الحيل ونزل إلى مستوى العالم، وأجاز نفسه أن يكذب قاصداً أن يحمي نفسه على حساب زوجته.

إن عدم الإيمان إذ يحمل في طياته ذات الحكم يقود دائماً إلى ذات الشر وهو الشيء الذي نحاول أن نتفاداه بسلوكنا الذي تمليه علينا إرادتنا، فقبائل بني نوح إذ أرادوا أن يبنوا برجاً لئلا يتبددوا على وجه كل الأرض، ماذا حدث لهم؟ بددهم الرب من هناك على وجه كل الأرض. وإبرام إذ خاف أن يأخذ فرعون زوجته منه فقال إنها أخته، ونسي أن الله قادر أن يحفظه، ماذا كانت النتيجة؟ "أخذت المرأة إلى بيت فرعون". وبعد ذلك في ظروف مشابهة ترك أليمالك أيضاً الأرض وهرب خوفاً من الموت جوعاً ماذا وجد؟ وجد الموت ينتظره في موآب (راعوث 1: 1 - 3).

صحيح أن إبرام حصل بتصرفه هذا على سداد حاجته وصار غنياً، لكن ما كان أغلى الثمن الذي دفعه، لأنه في مصر لم يقدر أن ينصب خيمته، كما ولم يستطع أن يقيم مذبحاً، ويدعو باسم الرب.
أمانة إله إبراهيم

لكن على الرغم من كل الفشل، فإن الله أظهر أمانته له "لأن دعوة الله وهباته هي بلا ندامة" فالله لا يتخل عن شعبه لفشلهم، بل يعمل لأجلهم وإن كان في سياسته القضائية يدعهم يؤدبون لجهلهم. وهذا ما فعله الرب مع عبده الفاشل، لذلك نقرأ: "فضرب الرب فرعون وكل بيته ضربات عظيمة بسبب ساراي امرأة إبرام"، وفي النهاية بعدما اكتشف الكذب طرد فرعون إبرام من مصر وقال له "هوذا امرأتك خذها واذهب". هذا وقد اتخذ فرعون التدبيرات التي تكفل خروج إبرام من مصر "فأوصى عليه فرعون رجالاً فشيعوه وامرأته وكل ما كان له". ما أردأ أن يطرد العالم شعب الله لا بسبب شهادتهم الأمينة لله بل بسبب التصرفات المخجلة.

وهكذا – في صلاح الله – خرج عبده من المركز الخاطئ، ولكن لا يفوتنا أنه خرج منها موبخاً في خجل.


 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 04:37 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024