منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23 - 09 - 2024, 04:14 PM   رقم المشاركة : ( 173921 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




المسيح يسوع حجر الزاوية



لقد ذكرت في أكثر من مناسبة أن الإنسان المعاصر صار يهتم بالعديد من القضايا التي يجابهها في معترك الحياة ولكنه أصبح ميالاً إلى إهمال علاقته بالله. طابع الفلسفة المعاصرة هو الحادي ولا ديني. والإيديولوجية المنبعثة منها تؤكد أن البحث في موضوع الله وعلاقته بالإنسان دليل على الرجعية.

ولكننا مهما حاولنا بأن ننسى أمور الله وعلاقته بالإنسان فإننا لا ننجح لأن الحياة البشرية لا تنمو كما يجب إلا ضمن إطار يكون فيه الله صانعاً ومسيّراً لذلك الإطار. ويمكننا الإشارة إلى أن أهل القرن العشرين اختبروا في أكثرية عقوده طغيان الفلسفات المادية والإلحادية. وما إن طلع علينا عقد التسعينات حتى أخذ العديدون من الناس والذين كانوا أسرى لهكذا معتقدات, أخذوا ينظرون بكل جدّية إلى أهمية المعتقد الديني وإلى كيفية تنظيم الحياة بشكل لا تكون فيه المادة الكل في الكل.

وعلينا أن نذكر بأننا فيما لو تركنا على شأننا كبشر ضعفاء وذوي مقدرات محدودة لما استطعنا بأن ننقذ أنفسنا بأنفسنا. وكم نشكر الله لأنه لم يترك البشرية لتتيه في مجاهل الظلام بل شاء بأن يكشف لنا عن ذاته وعن برنامجه الإنقاذي منذ فجر التاريخ. وفي الوقت المعيّن من قبل الله أرسل المسيح إلى عالمنا لينقذ تدبيراً خلاصياً جبّاراً لمصلحة البشرية المعذّبة. وبعد أن تمّ ذلك في الأرض المقدّسة, أي بعد أن مات المسيح على الصليب وقام من بين الأموات في اليوم الثالث, أرسل رسله الأوفياء للمناداة في سائر أنحاء العالم المتوسّطي بالأخبار السارة. هناك خلاص لبني البشر وعليهم قبول هذا الخلاص المقدّم مجاناً من قبل المنادين به.

وهكذا اندفع رسل المسيح يبشرون بالإنجيل ويؤسسون جماعات الإيمان في بقاع مختلفة من عالم المتوسّط والذي كان خاضعاً آنئذ للإمبراطورية الرومانية. وجاء أحد رسل المسيح والمدعو باسم بولس جاء إلى إقليم آسيا الصغرى ونادى بإنجيل المسيح الخلاصي في مدينة أفسس التي كانت وسطاً تجارياً ودينياً هاماً.

علّمنا الرسول في فاتحة رسالته أن الله حسب رحمته اللامتناهية اختار أو اصطفى المؤمنين والمؤمنات في المسيح قبل إنشاء العالم. وأفهمنا الرسول بأن خلاص الناس يتمّ بواسطة الإيمان. أعمال الإنسان لا تكوّن الأساس الذي يبنى عليه قبوله لدى الله. واستطرد الرسول معلماً أهل أفسس بأنه من واجبهم أن يتذكروا ظلام حالتهم لكي يطفح شكرهم لله لإنقاذهم من وهدة الهلاك وليسلكوا كما يليق بهم كأهل بيت الله. كتب بولس في القسم الثاني من الفصل الثاني:

لذلك اذكروا (أنتم الذين كنتم قبلاً أمماً حسب الجسد, مدعوّين غلفاً ممّن يدعون ختاناً يصنع باليد في الجسد) أنكم كنتم في ذلك الوقت بدون مسيح, أجنبيين عن رعويّة إسرائيل وغرباء عن عهود الموعد, لا رجاء لكم, وبدون إله في العالم.

كان من المهم جداً لأهل الإيمان في أفسس بأن يقفوا على تشخيص واقعي لحالتهم السابقة أي قبل اهتدائهم إلى نور الإنجيل. لم يكفهم أن يعلموا بأنهم كانوا من عابدي الأوثان ثم انتقلوا إلى عبادة الله الواحد الحقيقي. ذكر الرسول أولاً أنهم كانوا بدون مسيح أي بدون مخلّص, وكذلك بعيدين عن جماعة الإيمان كما كان الله قد أسسها في أيام إبراهيم الخليل والتي كانت في أيام ما قبل الميلاد منحصرة في أبناء إبراهيم من اسحق ويعقوب. ولم تعنِ كلمات الرسول هذه بأنهم كانوا من غير نسل إبراهيم من الناحية العنصرية أو الاثنيّة, هذا أمر بديهي. ما عناه الرسول هو أنهم لم يكونوا يستفيدون من عهود الموعد الذي كان الله قد أعطاه لعبده إبراهيم عن المسيح المخلّص الذي تتبارك به جميع أمم الأرض. وبما أنهم كانوا جاهلين لهذه الأمور ونظراً لتعبّدهم لآلهة وهمية, كانوا عائشين بدون رجاء في هذه الدنيا نظراً لجهلهم لله الواحد الحقيقي.

ولم تنحصر غاية الرسول بالكلام عن حالة أهل أفسس الماضية بل تكلّم عن نوعية الخلاص العظيم الذي نالوه نظراً لمحبة الله لهم ولنعمته الفعّالة.

أما الآن ففي المسيح يسوع, أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين, قد صرتم قريبين بدم المسيح, لأنه هو سلامنا الذي جعل الفريقين واحداً ونقض حائط الحاجز المتوسّط, أي العداوة, إذ أبطل بجسده ناموس الوصايا المتضمّنة في فرائض لكي يخلق في نفسه من الاثنين إنساناً واحداً جديداً ويصنع بذلك سلاماً, ولكي يصالحهما كليهما مع الله في جسد واحد بالصليب الذي به قتل العداوة.

إن خلفية هذه الكلمات الرسولية تشير إلى الفصل التام الذي صار في أيام ما قبل الميلاد بين اليهود وغير اليهود والذين يعرفون في تلك الأيام بالأمم. إيمان اليهود ونمط حياتهم جعلهم مختلفين كل الاختلاف عن بقية الناس والذين كانوا من عابدي الأوثان. ولكن جماعة الإيمان في أفسس والتي كانت متكوّنة من يهود وأمم مهتدين إلى المسيح, صارت إنساناً واحداً جديداً. فنقض حائط الحاجز المتوسّط, أي العداوة, إذ أبطل بجسده ناموس الوصايا المتضمّنة في فرائض. فلقد كانت الفرائض العديدة المسيّرة لحياة اليهود تفصلهم فصلاً تاماً عن الآخرين. وعلى أي أساس تمّ ذلك؟ على أساس دم المسيح أي دمه الزكي الذي سفك على الصليب. فأساس الصلح, الصلح مع الله والصلح بين من كانوا أعداء, هو الصليب, أي موت المسيح الكفّاري على الصليب.

تمّ صلب المسيح من الناحية التاريخية قبل بضعة سنين من تأسيس جماعة الإيمان في أفسس. لم يكن مؤمنو تلك المدينة شهود عيان لحادثة الصليب. كيف يستفيد الناس من الصليب؟ يستفيدون من صلب المسيح عندما يؤمنون بغاية تلك الحادثة الفريدة بعد وصول خبرها المفرح إلى مسامعهم. كتب عن هذا الموضوع الرسول بولس في نهاية الفصل الثاني من الرسالة قائلاً:

فلقد جاء وبشّركم بالسلام, أنتم البعيدين وبالسلام أيضاً للقريبين, لأن به لكلينا اقتراباً من الآب بروح واحد. فلستم إذن بعد غرباء أو نـزلاء, بل أنتم مواطنون مع القدّيسين ومن أهل بيت الله. وقد بنيتم على أساس الرسل والأنبياء, والمسيح يسوع نفسه حجر الزاوية, الذي فيه ينسّق كل البناء معاً فيرتفع هيكلاً مقدّساً في الرب. وفيه أنتم أيضاً مبنيّون معاً مسكناً لله في الروح.

كان الله قد اصطفى المؤمنين والمؤمنات في المسيح قبل إنشاء العالم, فجاء المسيح لتنفيذ برنامج الله الخلاصي. عيّن الله المناداة بالإنجيل كالواسطة التي يصبح بها الخلاص أمراً واقعاً في حياة الناس. وبعبارة أخرى لم يكن أهل أفسس ليختبروا الخلاص لو لم يأت إليهم الرسول منادياً بخبر الإنجيل. أهمية المناداة بالإنجيل ظاهرة بكل وضوح في كلمات الرسول, المناداة لازمة لمن كانوا بعيدين أي لعابدي الأصنام وللذين كانوا قريبين أي لبني إسرائيل. الجميع بحاجة إلى الإنجيل لأن الجميع خطاة وأثمة ولأن الإنجيل هو قوة الله لخلاص كل من يؤمن, بغض النظر عن أصله أو فصله. لكن أساس الخلاص هو المسيح يسوع الذي دعاه الرسول بحجر الزاوية في صرح أو هيكل الإيمان. وبينما كان الله يتطلّب في أيام ما قبل الميلاد العبادة في هيكل القدس الذي بني في أيام سليمان الحكيم, صار هيكل الله في المرحلة الحالية من التاريخ مكوّناً لا من خشب وحجر بل من مؤمنين ومؤمنات بالمسيح المخلّص.

بنى الرسول بولس الحياة الجديدة على هذا الأساس العقائدي. لقد انتشل الله المؤمنين والمؤمنات من الموت الروحي بواسطة الروح القدس وبناء على العمل الخلاصي الذي أتمّه المسيح يسوع بموته على الصليب. فأصبح المؤمنون وهم من مختلف الأجناس والأقوام جسداً واحداً وهيكلاً مقدساً.

وخلاصة القول: لم يعد الناس نـزلاء أو غرباء في بيت الله, حالما يؤمنون بالمسيح المخلّص الذي هو حجر الزاوية في هيكل الله المقدّس, يصيرون مواطنين مع القدّيسين ومن أهل بيت الله. هذا امتياز عظيم وهو هبة مجانية من الله. وبما أنه لكل امتياز واجب وعلى كل من استلمه مسؤولية, حثّ بولس الرسول أتباع المسيح ليس فقط في أفسس بل في كل مكان وزمان, على العيش بطريقة متجانسة مع كونهم مواطنين في ملكوت الله. وكان لا بد لهم بأن يتذكروا ما كانت عليه حالتهم الروحية السابقة لتنبع من باطنهم آيات الشكر والحمد لله الذي أنقذهم من الضلال وجعلهم من أهل بيته!


 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:15 PM   رقم المشاركة : ( 173922 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




في المسيح يسوع أنتم الذين كنتم قبلاً بعيدين, قد صرتم قريبين بدم المسيح, لأنه هو سلامنا الذي جعل الفريقين واحداً ونقض حائط الحاجز المتوسّط, أي العداوة, إذ أبطل بجسده ناموس الوصايا المتضمّنة في فرائض لكي يخلق في نفسه من الاثنين إنساناً واحداً جديداً ويصنع بذلك سلاماً, ولكي يصالحهما كليهما مع الله في جسد واحد بالصليب الذي به قتل العداوة.

إن خلفية هذه الكلمات الرسولية تشير إلى الفصل التام الذي صار في أيام ما قبل الميلاد بين اليهود وغير اليهود والذين يعرفون في تلك الأيام بالأمم. إيمان اليهود ونمط حياتهم جعلهم مختلفين كل الاختلاف عن بقية الناس والذين كانوا من عابدي الأوثان. ولكن جماعة الإيمان في أفسس والتي كانت متكوّنة من يهود وأمم مهتدين إلى المسيح, صارت إنساناً واحداً جديداً. فنقض حائط الحاجز المتوسّط, أي العداوة, إذ أبطل بجسده ناموس الوصايا المتضمّنة في فرائض. فلقد كانت الفرائض العديدة المسيّرة لحياة اليهود تفصلهم فصلاً تاماً عن الآخرين. وعلى أي أساس تمّ ذلك؟ على أساس دم المسيح أي دمه الزكي الذي سفك على الصليب. فأساس الصلح, الصلح مع الله والصلح بين من كانوا أعداء, هو الصليب, أي موت المسيح الكفّاري على الصليب.
 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:17 PM   رقم المشاركة : ( 173923 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




تمّ صلب المسيح من الناحية التاريخية قبل بضعة سنين من تأسيس جماعة الإيمان في أفسس. لم يكن مؤمنو تلك المدينة شهود عيان لحادثة الصليب. كيف يستفيد الناس من الصليب؟ يستفيدون من صلب المسيح عندما يؤمنون بغاية تلك الحادثة الفريدة بعد وصول خبرها المفرح إلى مسامعهم. كتب عن هذا الموضوع الرسول بولس في نهاية الفصل الثاني من الرسالة قائلاً:

فلقد جاء وبشّركم بالسلام, أنتم البعيدين وبالسلام أيضاً للقريبين, لأن به لكلينا اقتراباً من الآب بروح واحد. فلستم إذن بعد غرباء أو نـزلاء, بل أنتم مواطنون مع القدّيسين ومن أهل بيت الله. وقد بنيتم على أساس الرسل والأنبياء, والمسيح يسوع نفسه حجر الزاوية, الذي فيه ينسّق كل البناء معاً فيرتفع هيكلاً مقدّساً في الرب. وفيه أنتم أيضاً مبنيّون معاً مسكناً لله في الروح.

 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:18 PM   رقم المشاركة : ( 173924 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




كان الله قد اصطفى المؤمنين والمؤمنات في المسيح قبل إنشاء العالم, فجاء المسيح لتنفيذ برنامج الله الخلاصي. عيّن الله المناداة بالإنجيل كالواسطة التي يصبح بها الخلاص أمراً واقعاً في حياة الناس. وبعبارة أخرى لم يكن أهل أفسس ليختبروا الخلاص لو لم يأت إليهم الرسول منادياً بخبر الإنجيل. أهمية المناداة بالإنجيل ظاهرة بكل وضوح في كلمات الرسول, المناداة لازمة لمن كانوا بعيدين أي لعابدي الأصنام وللذين كانوا قريبين أي لبني إسرائيل. الجميع بحاجة إلى الإنجيل لأن الجميع خطاة وأثمة ولأن الإنجيل هو قوة الله لخلاص كل من يؤمن, بغض النظر عن أصله أو فصله. لكن أساس الخلاص هو المسيح يسوع الذي دعاه الرسول بحجر الزاوية في صرح أو هيكل الإيمان. وبينما كان الله يتطلّب في أيام ما قبل الميلاد العبادة في هيكل القدس الذي بني في أيام سليمان الحكيم, صار هيكل الله في المرحلة الحالية من التاريخ مكوّناً لا من خشب وحجر بل من مؤمنين ومؤمنات بالمسيح المخلّص.

بنى الرسول بولس الحياة الجديدة على هذا الأساس العقائدي. لقد انتشل الله المؤمنين والمؤمنات من الموت الروحي بواسطة الروح القدس وبناء على العمل الخلاصي الذي أتمّه المسيح يسوع بموته على الصليب. فأصبح المؤمنون وهم من مختلف الأجناس والأقوام جسداً واحداً وهيكلاً مقدساً.
 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:22 PM   رقم المشاركة : ( 173925 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






لم يعد الناس نـزلاء أو غرباء في بيت الله, حالما يؤمنون بالمسيح المخلّص الذي هو حجر الزاوية في هيكل الله المقدّس, يصيرون مواطنين مع القدّيسين ومن أهل بيت الله.
هذا امتياز عظيم وهو هبة مجانية من الله. وبما أنه لكل امتياز واجب وعلى كل من استلمه مسؤولية, حثّ بولس الرسول أتباع المسيح ليس فقط في أفسس بل في كل مكان وزمان, على العيش بطريقة متجانسة مع كونهم مواطنين في ملكوت الله.
وكان لا بد لهم بأن يتذكروا ما كانت عليه حالتهم الروحية السابقة لتنبع من باطنهم آيات الشكر والحمد لله الذي أنقذهم من الضلال وجعلهم من أهل بيته!
 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:23 PM   رقم المشاركة : ( 173926 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




غنى المسيح


تشمل اهتمامات الإنسان المعاصر حقولاً عديدة من الحياة. وإذا ما تصفحّنا الصحف اليومية أو المجلات الأسبوعية نقف على أخبار تختص بالمؤتمرات والندوات التي تعقد للبحث في كيفية مواجهة تحدّيات العصر. ومن أهم ما نجابهه في عقد التسعينات هو موضوع البيئة وكيفية الحفاظ عليها والتغلّب على مشكلة التلوّث. لم يعط الناس أية أهمية لموضوع البيئة والتلوث في مطلع القرن العشرين. ولكننا الآن وقد تزايد عدد سكان الأرض بشكل لم يعرف له مثيل منذ فجر التاريخ وكثرت استعمالات الطاقة في عدة نواحي الحياة ولاسيما في المواصلات البرية والبحرية والجوية, صرنا نلاحظ تأثير التلوّث على الأرض بأسرها.

وكم تأسّفت لدى مطالعتي لبحث ورد فيه بأن البحر المتوسط هو أكثر بحار الدنيا تلوّثاً. ولقد قدّرت إحدى الجهات المسئولة بأن أزمة التلوّث في هذا البحر الجميل وصلت إلى درجة لا تطاق وذلك لأن كمية المواد الملوّثة التي تلقى في المتوسط تقارب 12 مليون طن في كل سنة!

وتابعت الأخبار عن خطر آخر يهدد جميع سكان الأرض ألا وهو وجود فجوة في غطاء الأوزون الذي يحيط بالكرة الأرضية والذي يحمينا من الإشعاعات الضارة. وما أعنيه هو أن الغاز المستعمل للتبريد قد سبّب الفجوة المذكورة فصارت أشعة الشمس فوق البنفسجية تخترق جوّنا وتسبّب أمراضاً خطيرة كسرطان بشرة الجسد.

ولست أود الاسترسال في إضافة تحدّيات أخرى نواجهها في العقد الأخير من القرن بل أود معالجة هذا الموضوع الحيوي الهام: هل البشر هم الوحيدون المهتمون بمصير أرضنا أم هل هناك من يهتك بنا ويعمل لخيرنا؟ وإذا ما تفحصنا ما يكتبه مفكّرون وعلماء عديدون لا بد لنا من الإقرار بأنهم ينظرون إلى عالمنا هذا كعالم خاضع للإنسان وللإنسان فقط. وبعبارة أخرى النظرة الحياتية الشاملة التي يدين بها الكثيرون من أقراننا بني البشر هي نظرة لا دينية بحتة لا مجال فيها لله ولا لبرنامجه الإنقاذي.

وعندما أنادي باتكالية عالمنا هذا على الله لا أكون ملغياً للدور الهام الذي يلعبه الإنسان في تسيير أمور عالمنا. فمن جراء تأثير الفلسفات الإلحادية المتعدّدة التي طغت على العالم الفكري, صار البعض يخالون بأن الإقرار بالله وبتيسيره لأمور العالم يتطلّب إلغاء الإنسان. هذه التهمة باطلة من أساسها. لا يلغي الله الإنسان الذي خلقه ومنحه السلطة بان يهيمن على العالم بطريقة رشيدة ومسؤولة. التفوه بهكذا آراء إنما يدل على مقدار ابتعاد الإنسان عن خالقه وتوغّله في دياجير الظلام. لا يهمل الله الإنسان بل يسعى لخيره منذ فجر التاريخ. فما أن ثار الإنسان الأول على صانعه حتى بادر الله بالكلام عن تدبيره الخلاصي العظيم الذي كان سيظهر بكل وضوح لدى مجيء المخلّص المسيح.

وما أن وفد المسيح عالمنا وأتمّ عمله الفدائي بموته على الصليب وقيامته من بين الأموات حتى أرسل رسله للمناداة بالخبر السار المعروف أيضاً بالإنجيل. كان الله القدير قد صمّم على إنقاذ دنياه من براثن الشيطان حتى قبل إنشاء العالم. موضوع الخلاص إذن قديم ويسبق التاريخ البشري- بالنسبة لله.

ذهب بولس إلى البلاد المتوسطية ونادى بالخبر المفرح فآمن العديدون من أهل تلك البلاد بالمسيح وانضموا إلى عضوية جماعة الإيمان التي عرفت أيضاً باسم الكنيسة. ومن هذه الكنائس الفتية التي تأسست كانت كنيسة أفسس في إقليم آسيا الصغرى. وبعد أن ترك بولس ذلك الإقليم وتابع مسيرته الإنجيلية تعرّض لاضطهادات شديدة أدّت به إلى السجن. كتبت الرسالة إلى أفسس إبان سجنه من قبل السلطات الرومانية. وظن البعض من مؤمني أفسس أن حالة بولس هذه كانت تتعارض كلياً مع كونه رسولاً للمسيح وخادماً لله القدير. فكتب لهم بولس في فاتحة الفصل الثالث لتطمينهم على مصير الإنجيل وعن النصر النهائي الذي كان سيتمّمه انتشار الإنجيل في سائر أنحاء المعمورة.

لهذا السبب, أنا بولس, أسير المسيح يسوع من أجلكم قد سمعتم بتدبير نعمة الله التي وهبت لي لأجلكم. فإني بوحي أوتيت معرفة السرّ كما كتبت قبلاً بالإيجاز, ومنه إذا ما قرأتموه تقدرون أن تدركوا فهمي لسرّ المسيح. وهذا السر لم يعلن لبني البشر في أجيال أخرى, كما قد أعلن الآن بالروح لرسله القدّيسين وأنبيائه, أي أن الأمم بالإنجيل من أهل الميراث وأعضاء في الجسد وشركاء الموعد في المسيح يسوع, الذي صرت أنا خادماً له, بحسب موهبة نعمة الله التي أعطيت لي بعمل قدرته. فلقد أعطيت لي , أنا أصغر القديسين جميعاً, هذه النعمة أن أبشّر بين الأمم بغنى المسيح الذي لا يستقصى, وأنير الجميع فيما هو تدبير السرّ المكتوم منذ الدهور في الله خالق كل شيء بيسوع المسيح. لكي تعلم الآن حكمة الله المتنوّعة لدى الرئاسات والسلطات في علياء السماوات بواسطة الكنيسة, بحسب القصد الأبدي الذي أجراه في المسيح يسوع ربّنا, الذي بإيماننا به لنا فيه جراءة وثقة في الاقتراب منه. فلذلك أطلب إليكم أن لا تيأسوا بسبب آلامي لأجلكم التي هي مجدكم.

كان الرسول قد أتى على ذكر تدبير الله الأزلي في فاتحة الرسالة ولكنه عاد الآن للكلام عن هذا الموضوع لتشجيع أهل الإيمان في أفسس وخاصة بعد سماعهم أن السلطات الرومانية كانت قد زجّته في السجن بدون سبب شرعي. فمع أهمية تفاصيل الحياة الدنيا التي يحياها المؤمنون والمؤمنات إلا أن مسيرة التاريخ ليست تحت سيطرة وهيمنة أعداء الله من شياطين وبشر. وبالرغم من كثرة المآسي والفواجع التي ألمّت ولا تزال تلّم بعالمنا هذا, إلا أنه يبقى تحت سلطة الله. والتاريخ بأسره سائر باتجاه ذلك اليوم العظيم, يوم إعلان نصر الله النهائي على سائر قوى الشرّ والظلام. وإلى أن يأتي ذلك اليوم, على سائر المؤمنين والمؤمنات, إن كانوا من أهل القرن الأول الميلادي أو من معاصرينا في أواخر القرن العشرين, أن يتحلّوا بالصبر ويكتسوا بالرجاء المنبعث من يقينهم بأن الله كان ولا يزال المسيطر على الموقف.

وكما ذكرنا في أكثر من مناسبة, انحصرت معرفة الله في أيام ما قبل المسيح في ذريّة إبراهيم من اسحق ويعقوب. كان ذلك الترتيب مرحلياً مقتصراً على أيام ما قبل الميلاد. وكان الله قد صمّم في أزمنة ما قبل التاريخ بأن يصبح شعبه من سائر الأقوام والأجناس بعد قدوم المسيح إلى عالمنا. لم يدر بهذا الموضوع بنو البشر ودعاه بولس سراً بمعنى أنه لم يكن أي بشري قادر على التكهّن به. أوحى الله بهذا الموضوع لعبيده الأنبياء والرسل. وكما قال الرسول بولس:

قد أعلن الآن بالروح لرسله القديسين وأنبيائه, أي أن الأمم بالإنجيل من أهل الميراث وأعضاء في الجسد وشركاء الموعد في المسيح يسوع.

فالسرّ الذي أوحى به الله لبولس ولغيره من الرسل والأنبياء هو أن الأمم, أي الشعوب المختلفة والغير منبثقة من صلب إبراهيم واسحق ويعقوب, هم من أهل الميراث أي الحصول عل تتميم مواعيد الله في حياتهم أي اختبار الخلاص العظيم الذي أتمّه المسيح يسوع.

كان هذا التعليم الرسولي هاماً للغاية لأن بني إسرائيل, كانوا ينظرون شذراً إلى بقية الشعوب والأقوام. فكان من الضروري جداً أن يشاركهم بولس الرسول بمحتويات الوحي الإلهي التي أظهرت بكل وضوح أن كل من آمن بالمسيح كمخلّصه من الخطية حصل على جميع نعم الله وصار من أهل الميراث وعضواً في جسد المسيح وشريكاً في الموعد. لا يجوز لأي إنسان أو عرق بأن يحتكر معرفة الله ولا طريقه الخلاصي.

علّمنا الرسول بأن الخلاص هو من الله وكان ضمن برنامج الله الأزلي وأن أساس الخلاص تحقّق في ملء الزمان أي عندما وفد عالمنا المسيح المخلّص ومات على الصليب وقام من بين الموت. ولم يلغ الرسول الدور الذي يلعبه الإنسان في هذا الموضوع الهام بل وصفه قائلاً:

ما عناه الرسول هو أن الله شاء وأسند إلى من اصطفاهم من عباده بأن ينادوا بالإنجيل أي أن ينشروا بشارة الأخبار السارة في كل مكان طالبين من الناس التوبة والإيمان بالمسيح. هذه هي مشيئة الله أن ينادي بإنجيله الطاهر في سائر أنحاء الدنيا ليقف الناس على غنى المسيح الذي لا يستقصى. فجميع ما نحتاجه نحن بني البشر هو في المسيح الذي عيّنه الله الوسيط والشفيع الوحيد بين الله والإنسان. من آمن بالمخلّص واختبر جدة الحياة في صميم قلبه يكتسب جراءة في صلواته وأدعيته وثقة كبيرة للاقتراب من الله باريه وصانع خلاصه.

وخلاصة الأمر أننا عندما نقرّ بكثرة مشكلات عالمنا لا نرغب بأن نبعث اليأس في قلوب الناس. غايتنا هي المناداة بتدبير الله الخلاصي الذي ينفّذه تعالى على مرّ العصور بقوة روحه القدوس وبواسطة خبر إنجيله المفرح. لم ينس الله عالمه بل كان ولا يزال مهتماً به كل الاهتمام. كفانا أن ننظر بعين الإيمان إلى المسيح المخلّص لنتأكد من محبة الله لنا ورغبته في خلاصنا. ساعدنا القدير لكي نفلت من شباك الإلحاد المعاصر ونسير على طريقه المستقيم.


 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:24 PM   رقم المشاركة : ( 173927 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




محبة المسيح

كيف نصف عالمنا اليوم؟ هل هو في سلام ووئام؟ وماذا سيكون مستقبل البشرية ونحن نقترب بخطى وئيدة من نهاية القرن العشرين؟ تراودنا أفكار كثيرة ومبعثرة عندما نتأمل في حالتنا الحاضرة وقد صرنا عاجزين عن وصف عالمنا إذ تكاثرت فيه المشاكل البشرية وتشابكت إلى درجة لم تعرف في الماضي. وقد دبّ اليأس في قلوب الناس إذ نلاحظ هذه الظاهرة في بعض الكتابات النثرية منها والشعرية والتي يعرب فيها أصحابها عن قنوط تام وعن تشاؤم هائل بخصوص عالمنا.

كيف نصف عالمنا اليوم؟ يكمن جوابنا في النظرية الحياتية التي ندين بها. هل نحن كائنات نعيش على أرض لا تتحكم فيها إلا قوى بشرية؟ أم هل هناك من يشرف على أمور دنيانا ويسيّر دفّة التاريخ بمقتضى برنامج معيّن؟ إن كنا قد قبلنا النظرة الحياتية السائدة في كثير من أصقاع العالم والتي تصف العامل البشري وكأنه واقع وحداني برز إلى حيّز الوجود نظراً لقوّة عبثية, فإنه من البديهي أن يكون جوّنا الفكري ملبّداً بالغيوم السوداء. ونكون مضطرين آنئذ إلى التكهن عن مصير البشرية بناء على اختباراتنا في هذا القرن ولاسيما في القسم الثاني منه. وما نتعلّمه من حوادث التاريخ المعاصر هو أن الإنسان لا يعامل قرينه الإنسان بصورة إنسانية بل صار متفنّناً في طرق الاضطهاد والتنكيل بغيره من بني البشر.

ولكننا إذا تسلّحنا بإيماننا بالله القدير وأخذنا ننظر إلى التاريخ البشري القديم منه والحديث والمعاصر من منظور الوحي الإلهي تحرّرنا من نظرة تشاؤمية للمستقبل وصرنا عاملين على نشر خبر الله المفرح بأنه تعالى لم يترك عالمنا لمصير مخيف بل كان ولا يزال يعمل لإنقاذ الناس من شرورهم وآثامهم جاعلاً منهم أكثر إنسانية في معاملاتهم مع بعضهم البعض.

وهذه النظرة الحياتية تنبعث من الوحي الإلهي الوارد على صفحات رسالة بولس الرسول إلى جماعة الإيمان في مدينة أفسس الكائنة في آسيا الصغرى. كان بولس الرسول قد كرّس حياته للمناداة بالإنجيل في سائر بقاع المتوسّط. ولكن المناداة بالإنجيل وقبول المسيح يسوع كمخلّص من الخطية وكسيّد للحياة لا يعني أن مشكلات الحياة تختفي فجأة. من صار من أتباع المخلّص يعيش ضمن إطار حياتي من صنع الله والذي ينبئ بمجيء ذلك اليوم الذي يكمّل فيه الله جميع مواعيده التي أعطاها للمؤمنين به. ومع أن معضلات الحياة لا تختفي كما ذكرنا آنفاً, إلا أن المؤمن يعلم علم اليقين أن سياسة أمور الدنيا والهيمنة على تاريخ البشرية هي تحت سلطة الله المطلقة. هذا لا يعني أننا نكون قد ألغينا العامل البشريّ في التاريخ. ما نعنيه هو أنّ كل شيء في دنيانا يبقى ضمن نطاق سلطة الله وإن تمرّد الإنسان وثورته على النظام الإلهي لن يمنع القدير من تتميم برنامجه الإنقاذي والخلاصي لهذا العالم. يقوم الله بتتميم وتنفيذ برنامجه هذا من فرط محنتّه الفائقة لنا نحن البشر. على هذا الأساس نلاحظ أن الرسول بولس أنهى القسم الأول من رسالته إلى أهل الإيمان في أفسس (وهو القسم العقائدي) قائلاً:

لهذا السبب, أجثو على ركبتيّ أمام الآب, الذي منه تسمّى كل أسرة في السماوات وعلى الأرض, ليهب لكم بحسب غنى مجده, أن تتأيّدوا بالقوّة بروحه في الإنسان الباطن, ليحلّ المسيح بالإيمان في قلوبكم.

ضمن عالم مليء بالمشاكل والمعضلات, نادى الرسول بولس بكلمة الإنجيل أي بالخبر المفرح عن خلاص الله الذي أتمّه في المسيح يسوع, فآمن البعض وانضموا إلى جماعة الإيمان في أفسس. كان ذلك بمثابة الخطوة الأولى في مسيرتهم الإيمانية. وإذ كان الرسول قد أعلمهم عن غنى المسيح في القسم الأول من الفصل الثالث من رسالته, كان لا بد له من أن يتجه إلى الله القدير بدعاء حارّ ليهب الله المؤمنين والمؤمنات نعمه وبركاته التي كانت ستساعد أهل الإيمان للبلوغ إلى غايتهم. هبات الله هي مجانية ونعمه لا تعدّ ولا تحصى. ابتهل الرسول إلى ربه خالق الكون وباري البشر, بشتى أصنافهم وأوطانهم, ليهب المؤمنين بأن يتأيدوا بالقوّة بروحه في الإنسان الباطن ومعنى هذه العبارة هي أن يتسلح المؤمنون بروح الله القدوس في حياتهم الداخلية أي في باطنهم ليختبروا ما وعدهم به الله. وإذا قاموا بذلك يحلّ المسيح في قلوبهم بالإيمان. هذه الكلمات هامة للغاية, فهي لا تعلّم حلولاً تنعدم فيه الشخصية البشرية أو تصبح بدون إرادة خاصة بها. ذكر الرسول أن هذا الحلول يتمّ بواسطة الإيمان. أي أن حلقة الوصل بين المؤمن ومخلّصه المسيح هي الإيمان الذي يحفظ للمؤمن بتمام شخصيته وللمسيح يسوع بتمام أقنومه. ليس في هذا المفهوم الرسولي للحلول أي مجال لذوبان الشخصية البشرية في المسيح المخلّص!

تشير هذه الكلمات إذن إلى بدء علاقة روحية حيوية بين المخلّص والمؤمن, علاقة بدأت بالإيمان وتستمر بالإيمان وتكمل بالإيمان. وهذه العلاقة الروحية تنمو وتترعرع بصورة مستمرة. وتكلّم الرسول عن غايتها قائلاً:

حتى إذا ما تأصّلتم في المحبة وتأسّستم عليها, تستطيعون أن تدركوا مع جميع القدّيسين ما هو العرض والطول والعلّو والعمق, وتعرفوا محبة المسيح التي تفوق المعرفة, لكي تمتلئوا إلى ملء الله. وللقادر أن يصنع ما يفوق جداً كل ما نطلب أو نفتكر, بحسب القوة العاملة فينا, المجد في الكنيسة, وفي المسيح يسوع, إلى جميع أجيال أبد الدهور, آمين.

فحلول المسيح في قلوب المؤمنين والمؤمنات وبواسطة الروح القدس له غاية معيّنة ألا وهي أن يعرفوا محبة المسيح التي تفوق المعرفة! المحبة هي أساس ودافع الحياة, أي تلك المحبة النابعة من معرفة واختبار محبة المسيح لنا نحن البشر تلك المحبة التي تفوق المعرفة. فمهما حاولنا وجاهدنا لن نستطيع سبر غور المحبة اللانهائية التي بها أحبنا يسوع المسيح. لقد أحبنا المخلّص نحن بني البشر الذين أخطأنا ضد الله وكسرنا وصاياه وتعدّينا على شرائعه وأحكامه. فمع أننا كنا نستحق غضب الله وعقابه الأبدي, عاملنا الله معاملة تفوق تصوّراتنا عندما أرسل ابنه الوحيد إلى عالمنا ليموت عنّا مكفّراً عن جميع خطايانا وآثامنا ومعاصينا. يناشدنا الرسول بولس بأن نتأمل ملياً في محبة المسيح لنا لكي نمتلئ إلى ملء الله. وهذه العبارة تشبه ما ورد سابقاً عن حلول المسيح في قلوب وأفئدة المؤمنين والمؤمنات. لا يعني هذا الامتلاء إلى ملء الله ما علّمه بعض الفلاسفة والمجتهدين أي ذوبان الشخصية البشرية في الذات الإلهية. هكذا آراء بعيدة كل البعد عن تعاليم الكتاب المقدس التي تشدّد على وجود فارق جوهري وحدّ لا يخترق بين الذات الإلهية والذات البشرية المخلوقة. فما يعنيه الرسول هو أن تتحقق في حياة المؤمن تلك العلاقة الحيوية الإيمانية بين الله والذين اختبروا خلاصه الجبّار الذي تمّ في المسيح يسوع والذي ينادي به في خبر الإنجيل.

وبعد أن تفوّه الرسول بولس بهذه الكلمات الباهرة أنهى القسم الأول من رسالته ممجّداً الله الذي يمنح عباده وخائفيه فوق كل ما يحلمون به وقائلاً:

وللقادر أن يصنع ما يفوق جداً كل ما نطلب أو نفتكر, بحسب القوّة العاملة فينا, المجد في الكنيسة وفي المسيح يسوع, إلى جميع أجيال أبد الدهور, آمين.


 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:25 PM   رقم المشاركة : ( 173928 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






كيف نصف عالمنا اليوم؟


يكمن جوابنا في النظرية الحياتية التي ندين بها. هل نحن كائنات نعيش على أرض لا تتحكم فيها إلا قوى بشرية؟ أم هل هناك من يشرف على أمور دنيانا ويسيّر دفّة التاريخ بمقتضى برنامج معيّن؟ إن كنا قد قبلنا النظرة الحياتية السائدة في كثير من أصقاع العالم والتي تصف العامل البشري وكأنه واقع وحداني برز إلى حيّز الوجود نظراً لقوّة عبثية, فإنه من البديهي أن يكون جوّنا الفكري ملبّداً بالغيوم السوداء. ونكون مضطرين آنئذ إلى التكهن عن مصير البشرية بناء على اختباراتنا في هذا القرن ولاسيما في القسم الثاني منه. وما نتعلّمه من حوادث التاريخ المعاصر هو أن الإنسان لا يعامل قرينه الإنسان بصورة إنسانية بل صار متفنّناً في طرق الاضطهاد والتنكيل بغيره من بني البشر.
 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:26 PM   رقم المشاركة : ( 173929 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إذا تسلّحنا بإيماننا بالله القدير وأخذنا ننظر إلى التاريخ البشري القديم منه والحديث والمعاصر من منظور الوحي الإلهي تحرّرنا من نظرة تشاؤمية للمستقبل وصرنا عاملين على نشر خبر الله المفرح بأنه تعالى لم يترك عالمنا لمصير مخيف بل كان ولا يزال يعمل لإنقاذ الناس من شرورهم وآثامهم جاعلاً منهم أكثر إنسانية في معاملاتهم مع بعضهم البعض.

وهذه النظرة الحياتية تنبعث من الوحي الإلهي الوارد على صفحات رسالة بولس الرسول إلى جماعة الإيمان في مدينة أفسس الكائنة في آسيا الصغرى. كان بولس الرسول قد كرّس حياته للمناداة بالإنجيل في سائر بقاع المتوسّط. ولكن المناداة بالإنجيل وقبول المسيح يسوع كمخلّص من الخطية وكسيّد للحياة لا يعني أن مشكلات الحياة تختفي فجأة. من صار من أتباع المخلّص يعيش ضمن إطار حياتي من صنع الله والذي ينبئ بمجيء ذلك اليوم الذي يكمّل فيه الله جميع مواعيده التي أعطاها للمؤمنين به. ومع أن معضلات الحياة لا تختفي كما ذكرنا آنفاً, إلا أن المؤمن يعلم علم اليقين أن سياسة أمور الدنيا والهيمنة على تاريخ البشرية هي تحت سلطة الله المطلقة. هذا لا يعني أننا نكون قد ألغينا العامل البشريّ في التاريخ. ما نعنيه هو أنّ كل شيء في دنيانا يبقى ضمن نطاق سلطة الله وإن تمرّد الإنسان وثورته على النظام الإلهي لن يمنع القدير من تتميم برنامجه الإنقاذي والخلاصي لهذا العالم.
 
قديم 23 - 09 - 2024, 04:29 PM   رقم المشاركة : ( 173930 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,272,205

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يقوم الله بتتميم وتنفيذ برنامجه هذا من فرط محنتّه الفائقة لنا نحن البشر. على هذا الأساس نلاحظ أن الرسول بولس أنهى القسم الأول من رسالته إلى أهل الإيمان في أفسس (وهو القسم العقائدي) قائلاً:

لهذا السبب, أجثو على ركبتيّ أمام الآب, الذي منه تسمّى كل أسرة في السماوات وعلى الأرض, ليهب لكم بحسب غنى مجده, أن تتأيّدوا بالقوّة بروحه في الإنسان الباطن, ليحلّ المسيح بالإيمان في قلوبكم.

ضمن عالم مليء بالمشاكل والمعضلات, نادى الرسول بولس بكلمة الإنجيل أي بالخبر المفرح عن خلاص الله الذي أتمّه في المسيح يسوع, فآمن البعض وانضموا إلى جماعة الإيمان في أفسس. كان ذلك بمثابة الخطوة الأولى في مسيرتهم الإيمانية. وإذ كان الرسول قد أعلمهم عن غنى المسيح في القسم الأول من الفصل الثالث من رسالته, كان لا بد له من أن يتجه إلى الله القدير بدعاء حارّ ليهب الله المؤمنين والمؤمنات نعمه وبركاته التي كانت ستساعد أهل الإيمان للبلوغ إلى غايتهم. هبات الله هي مجانية ونعمه لا تعدّ ولا تحصى. ابتهل الرسول إلى ربه خالق الكون وباري البشر, بشتى أصنافهم وأوطانهم, ليهب المؤمنين بأن يتأيدوا بالقوّة بروحه في الإنسان الباطن ومعنى هذه العبارة هي أن يتسلح المؤمنون بروح الله القدوس في حياتهم الداخلية أي في باطنهم ليختبروا ما وعدهم به الله. وإذا قاموا بذلك يحلّ المسيح في قلوبهم بالإيمان. هذه الكلمات هامة للغاية, فهي لا تعلّم حلولاً تنعدم فيه الشخصية البشرية أو تصبح بدون إرادة خاصة بها. ذكر الرسول أن هذا الحلول يتمّ بواسطة الإيمان. أي أن حلقة الوصل بين المؤمن ومخلّصه المسيح هي الإيمان الذي يحفظ للمؤمن بتمام شخصيته وللمسيح يسوع بتمام أقنومه. ليس في هذا المفهوم الرسولي للحلول أي مجال لذوبان الشخصية البشرية في المسيح المخلّص!
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024