منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13 - 09 - 2024, 03:19 PM   رقم المشاركة : ( 172991 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يسوع لن يتخلى عنكم ابدا فأنتم صنع يديه








وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:22 PM   رقم المشاركة : ( 172992 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

خلصنا الآن نتوسل إليك يا الله
يا الله نتوسل إليك أنجح مسعانا
(مز 118: 25)







وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة
 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:38 PM   رقم المشاركة : ( 172993 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إصابة يد يربعام بالفالج

يكشف لنا هذا الأصحاح عن طول أناة الله وعن عدم محاباته. فمن جهة أرسل رجل الله إلى يربعام الذي أدخل العبادة الوثنيَّة في المملكة الجديدة المنشقَّة. لقد اختاره الرب لتأديب رحبعام، لكنَّه إذ لم يكن أمينًا لله أرسل إليه نبيًا من يهوذا ينذره بسبب ارتداده عن الرب، ويؤدِّبه. اليد التي امتدَّت لتحطيم العبادة لله يبست.
والعجيب في طول أناة الله أنَّه إذ ندم الملك نال غفرانًا وشُفيت يده اليابسة.
طُلب من رجل الله الذي أُرسل للملك لتحذيره ألاَّ يأكل ولا يشرب في ذلك الموضع. إذ أطاع صنع الله به معجزات، وإذ لم يطع بغواية آخر افترسه أسد. ليس عند الله محاباة، فهو يؤدِّب من أخطأ، سواء كان ملكًا أو نبيًا.



1. إصابة يد يربعام بالفالج:

1 وَإِذَا بِرَجُلِ اللهِ قَدْ أَتَى مِنْ يَهُوذَا بِكَلاَمِ الرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، وَيَرُبْعَامُ وَاقِفٌ لَدَى الْمَذْبَحِ لِكَيْ يُوقِدَ. 2 فَنَادَى نَحْوَ الْمَذْبَحِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا مَذْبَحُ، يَا مَذْبَحُ، هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ابْنٌ اسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّذِينَ يُوقِدُونَ عَلَيْكَ، وَتُحْرَقُ عَلَيْكَ عِظَامُ النَّاسِ». 3 وَأَعْطَى فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَلاَمَةً قَائِلًا: «هذِهِ هِيَ الْعَلاَمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ: هُوَذَا الْمَذْبَحُ يَنْشَقُّ وَيُذْرَى الرَّمَادُ الَّذِي عَلَيْهِ». 4 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ رَجُلِ اللهِ الَّذِي نَادَى نَحْوَ الْمَذْبَحِ فِي بَيْتِ إِيلَ، مَدَّ يَرُبْعَامُ يَدَهُ عَنِ الْمَذْبَحِ قَائِلًا: «أَمْسِكُوهُ». فَيَبِسَتْ يَدُهُ الَّتِي مَدَّهَا نَحْوَهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ. 5 وَانْشَقَّ الْمَذْبَحُ وَذُرِيَ الرَّمَادُ مِن عَلىَ الْمَذبَحِ حَسَبَ الْعَلاَمَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا رَجُلُ اللهِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ.

"وإذا برجل الله قدأتى من يهوذا بكلام الربإلى بيت إيل،
ويربعام واقف لدى المذبح لكي يوقد" [1].
كان يربعام يعلم تمامًا أن ما فعله فيه مقاومة للحق الإلهي، ومعصية للوصيَّة، مع هذا فقد بدأ عمله كرئيس كهنة يوقد، إذ أقام نفسه بنفسه. أرسل إليه الرب من يهوذا نبيًا يحذِّره بعلامة ظاهرة حتى لا يكون ليربعام عذر.
"فنادى نحو المذبح بكلام الرب وقال:
يا مذبح يا مذبح هكذا قال الرب،
هوذا سيولد لبيت داود ابن اسمه يوشيا.
ويذبح عليك كهنة المرتفعات الذين يوقدون عليك،
وتحرق عليك عظام الناس" [2].
لم يهمس رجل الله بما قاله الرب له بخصوص الملك لكنَّه بكل شجاعة "نادى" بصوتٍ عالٍ، فإنَّه لم يخشَ الملك، ولا خجل من رسالة الله له. لم يخشَ رجل الله بطش الملك، فإن من يخاف الله لا يخاف وجه إنسان مهما كان سلطانه أو مركزه.


* خوف الله هو الحارس لممارسة الوصايا، وهو ثمرة الإيمان السليم.
الأب أوغريس
* خوف الله يحثّ النفس على حفظ الوصايا، وعن طريق حفظ الوصايا يُشيد منزل النفس.
إذًا ليتنا نخاف الله ونُشيد منازل لأنفسنا، حتى نجد مأوى في الشتاء حيث المطر والرعد، لأن من لا منزل له يعاني من مخاطر عظيمة في وقت الشتاء.
* كيف نقتنى مخافة الله؟
قال الآباء إن الإنسان ينال مخافة الله وذلك:
أ. إن تذكَّر الموت والعذابات،
ب. وسأل نفسه كل مساء كيف قضى يومه، وكل صباح كيف قضى الليل.
ج. ولا يكون وقحًا (مهزارًا).
د. وأخيرًا إن بقى في علاقة (صداقة) مع إنسان يخاف الله. فإنَّه يُروى عن أخ سأل ناسكًا: ماذا أصنع أيُّها الأب لكي أخاف الله؟ فأجابه الناسك:"اذهب واسكن مع إنسان يخاف الله، فبسلوكه كخائف لله تتعلَّم مخافة الله".
ونحن نطرد خوف الله عن أنفسنا بصنعنا ما هو نقيض للأمور السابقة. فلا نذكر الموت ولا العذابات، ولا ندقِّق مع أنفسنا ونحاسبها كيف نقضي زماننا بل نعيش مستهترين، ونصادق أناسًا ليس فيهم خوف الله، كذلك نسلك بوقاحة.
وهذه الأخيرة "الوقاحة" (أو الهزل السخيف) هي أشرّ الكل، إذ تدمِّرنا إلى التمام. فليس شيء ينزع خوف الله عن النفس أكثر من الوقاحة.
الأب دوروثيؤس
بكل غيرة أراد أن يقدِّمها للملك كما لكل الحاضرين الذين كانوا من عظماء المملكة ومن الشعب، إذ كانت مناسبة لها أهميَّتها العظمى لدى الملك ورجال الدولة.
لم يوجِّه حديثه للملك ولا لرجاله ولا للكهنة أو الشعب بل إلى الحجارة، صارخًا: "يا مذبح يا مذبح". فقد صارت قلوب الكل بلا إحساس نحو الرسالة الإلهيَّة، فالأمل في الحجارة أن تسمع أكثر ممَّا في قلوب الناس. لقد أغلقت البشريَّة آذانها عن أن تسمع الرسالة الإلهيَّة، لذا صرخ إلى الحجارة لعلّها تنصت وتستجيب.
ظنَّ يربعام أن خطَّته تنجح حتمًا، تعطيه هو وبنيه من بعده استقرارًا وأمانًا فلا يعود الشعب إلى ملوك يهوذا. لكن رجل الله أكَّد أن الشرّ لن يدوم، وخطَّة الله تتحقَّق حتمًا. لهذا فقد تنبَّأ رجل الله عن يوشيا قبل ميلاده بثلاثة قرون ونصف، الذي يقوم ويهدم المذابح الوثنيَّة ويحرق عظام الذين يوقدون عليها.
كثيرًا ما نظن أن الشرّ أقوى وأبقى، لكن الله يؤكِّد أنَّه إلى حين. فالنور يبدِّد الظلمة، والحق يحطِّم الباطل. العبادة الوثنيَّة حتمًا ستنتهي، أمَّا كلمة الرب فباقية إلى الأبد.
"وأعطى في ذلك اليوم علامة قائلًا:
هذه هي العلامة التي تكلَّم بها الرب،
هوذا المذبح ينشق ويذرَّى الرماد الذي عليه" [3].
يؤكِّد الله رسالته بعلامة، وهي أن يهتز كيان المذبح وينشق ويذرَّى الرماد الذي عليه. بهذه العلامة يؤكِّد أن المتحدِّث معهم هو رجل الله حقيقة، وأن الله لن يُسرّ بذبائح تقدَّم على مذبحٍ رجس، عاجز عن أن يقدِّس الذبيحة. ومن جانب آخر فإنَّه إن كانت قلوبهم قد تحجَّرت كالمذبح الوثني، فإن كلمة الله وحدها قادرة أن تهز هذه القلوب الحجريَّة وتُذرِّي ما لصق بها من رماد الرجاسة.


"فلما سمع الملك كلام رجل الله الذي نادى نحو المذبح في بيت إيل
مدَّ يربعام يده عن المذبح قائلًا: امسكوه.
فيبست يده التي مدَّها نحوه، ولم يستطع أن يردَّها إليه" [4].
اهتم الله بيربعام فأرسل إليه رجل الله لكي ينذره. بسط الله يده بالحب لعلَّ يربعام يتوب ويرجع إليه. ردّ يربعام الحب بالعجرفة، فمدّ يده لا ليضعها في يد الله الممتدَّة إليه بل ليُقاوم. عِوض أن يقدِّم يربعام توبة ازداد حماقة، وظن أنَّه قادر أن يمسك رجل الله ويقتله. لم يسمح الله بأن تُصاب يد الملك بالفالج حينما امتدَّت لتقدَّم بخورًا للأوثان، لكنَّه سمح بذلك حين امتدَّت لتُمسك رجل الله. فإن كل مقاومة لرجاله تُحسب مقاومة له، وهو لا يسمح أن تستقرّ عصا الأشرار على نصيب الأبرار (مز 125: 3). لقد حذَّر "لا تمسُّوا مسحائي" (1 أي 16: 22؛ مز 105: 15).
* يوجد مثال كامل، ففي شخصٍ واحدٍ ظهرت مراحم الله وغضبه. وذلك عندما فقد يمينه فجأة وهو يقدِّم ذبيحة، وإذ ندم نال الغفران.
القديس أمبروسيوس
* الخطيَّة هي جموح حقيقي وإفساد في الإنسان، هي انحراف بعيد عن الخالق الأسمى وتوجُّه نحو الخليقة الأقل.
القديس أغسطينوس
"وانشق المذبح وذرِّيَ الرماد من على المذبح
حسب العلامة التي أعطاها رجل الله بكلام الرب" [5].


لقد أعطى الله ليربعام أكثر من فرصة لعلَّه يرجع عن شرِّه، لكنَّه كان مصرًّا على الفساد، فتحوَّلت كل الأمور لهلاكه. كما أن كل الأمور تعمل معًا للخير للذين يحبُّون الله (رو 8: 28)، هكذا كل الأمور تؤول لهلاك الشرِّير المُصرّ على شرِّه. لقد أعطاه الله عشرة أسباط، وأرسل له نبيًا من يهوذا ينذره، وسمح بانشقاق المذبح وتذرِية الرماد من عليه، وشفى يده اليابسة عندما تاب، لكن كل هذه الأمور صارت شهادة ضدَّه لدينونته. لم ينتفع بطول أناة الله بل أساء استخدامها.
2. ندم يربعام:

6 فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِرَجُلِ اللهِ: «تَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِكَ وَصَلِّ مِنْ أَجْلِي فَتَرْجعَ يَدِي إِلَيَّ». فَتَضَرَّعَ رَجُلُ اللهِ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ فَرَجَعَتْ يَدُ الْمَلِكِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ كَمَا فِي الأَوَّلِ.

"فأجاب الملك وقال لرجل الله:
تضرَّع إلى وجه الرب إلهك وصلِّ من أجلي،
فترجع يديَّ إليَّ.
فتضرَّع رجل اللهإلى وجه الرب،
فرجعت يد الملك إليه، وكانت كما في الأول" [6].
الله الذي يجرح هو وحده قادر أن يشفي الجراحات. لم يحمل النبي روح الانتقام ولا التشفِّي، بل في محبَّة ردّ شرّ الملك بالخير، وفتح له طريق الرجاء في الرب الطبيب الحقيقي للنفس والجسد.
تمتَّع الملك بالشفاء بالرجوع إلى الله وطلب شفاعات النبي عنه، فإن الله يسمع لطلبات أولاده. استجاب لطلبات موسى النبي عن فرعون (خر 10: 17)، وطلبات أيُّوب عن أصدقائه المقاومين له، وأيضًا لرجل الله هنا عن يربعام الذي عرف كيف يصلِّي من أجل مقاومه [6].
سأل الملك رجل الله أن يأكل في بيته فيقدِّم له أجرة، لكن رجل الله رفض أن يأكل أو يشرب في بيته، حتى وإن قدَّم له نصف ممتلكاته. أنَّه قرار حازم تسلَّمه من الرب نفسه، خاص بعدم الشركة مع الأشرار. مع ما تحمَّله النبي من مشاق وغالبًا ما كان في حاجة إلى طعام وشراب، وربَّما لم يكن معه من المال لشراء طعام رفض استضافة الملك له وقبول أيَّة هديَّة منه. بحسب الفكر البشري كان يمكنه قبول الدعوة لكي تتوفَّر فرصة أطول للحديث مع الملك لعلَّه يرجع ويقدِّم توبة صادقة، لكنَّه لم يفعل ذلك طاعة للرب الذي هو أحكم من الجميع. كرسول أطاع مرسله.
الله في طول أناته يريد خلاص الخطاة لا موتهم. فمع سابق معرفته أن يربعام يعود فيقدِّم ذبائح للأوثان، عندما قدَّم توبة غُفر له وشُفي يده اليابسة. إنَّه لم يسمح بموته في الحال لعلَّه يرجع ويتوب فيحيا. هكذا يشتهي الرب خلاص الكل.


3. امتناع رجل الله عن الأكل:

7 ثُمَّ قَالَ الْمَلِكُ لِرَجُلِ اللهِ: «ادْخُلْ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ وَتَقَوَّتْ فَأُعْطِيَكَ أُجْرَةً». 8 فَقَالَ رَجُلُ اللهِ لِلْمَلِكِ: «لَوْ أَعْطَيْتَنِي نِصْفَ بَيْتِكَ لاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَاءً فِي هذَا الْمَوْضِعِ. 9 لأَنِّي هكَذَا أُوصِيتُ بِكَلاَمِ الرَّبِّ قَائِلًا: لاَ تَأْكُلْ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً وَلاَ تَرْجعْ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبْتَ فِيهِ».

"ثم قال الملك لرجل الله:
ادخل معي إلى البيت وتقوَّت فأعطيك أجرة" [7].
يرى البعض أن هذه الدعوة هي عرض من الملك للنبي لكي يقبل أن يكون كاهنًا لديه، فيقدِّم له أجرة مجزية ومغرية. ربَّما كانت الدعوة هي مكافأة أراد أن يقدِّمها الملك للنبي مقابل شفاء يده.
جاء الأمر الإلهي ألاَّ يرجع من نفس الطريق الذي جاء منه، أولًا كاختبار عملي لطاعته لله. ومن جانب آخر لكي لا يعطي فرصة أن يتعرَّف عليه أحد ويسيء معاملته بعدما وبَّخ الملك ورفض قبول الدعوة للدخول إلى بيته والجلوس على مائدته الملوكيَّة.
"فقال رجل الله للملك:
لو أعطيتني نصف بيتك لا ادخل معك،
ولا أكل خبزًا ولا أشرب ماء في هذا الموضع.
لأنِّي هكذا أوصيت بكلام الرب قائلًا:
لا تأكل خبزًا ولا تشرب ماء ولا ترجع في الطريق الذي ذهبت فيه" [8-9].


تنفيذ الوصيَّة أو الطاعة لله في عيني الله أفضل من اقتناء نصف مملكة يربعام. هكذا يرى المؤمن في الوصيَّة الإلهيَّة ليس مجالًا للحوار والنقاش، لكنَّها فرصة لقاء حب مع الله يشبع كل كيانه. لا يرى في تنفيذها حرمانًا من لذَّة معيَّنة، أو كبتًا لمشاعر معيَّنة، إنَّما يرى فيها لذَّة تفوق كل لذَّة في العالم كلُّه. يرى فيها اقتناء لمواهب كل الخيرات، وتمتُّع بخالق السماء والأرض. الوصيَّة مشبعة لأعماقه ومفرحة للغاية، فهي كنزه الذي يحرص عليه فيحوط به بكل قلبه لتبقى مستقرَّة في أعماقه الداخليَّة.
يقول المرتِّل:"إن كلماتك حلوة في حلقي، أفضل من العسل والشهد في فمي" (مز 119: 103). لكلمة الله عذوبة خاصة، أحلى من كل فلسفات العالم ومعرفته وحكمته. شتَّان بين من يدرس كلمة الله بطريقة عقلانيَّة بشريَّة جافة، وبين من يأكلها ليغتذي بها، فيجدها طعامًا مشبعًا وحلوًا، أشهى من العسل والشهد. إنَّها تعطي عذوبة للنفس، فتحوِّل جفاف قلبنا القاسي إلى عذوبة الحب المتَّسع والمترفِّق! كأن كلمة الله في عذوبتها تحوِّل المؤمن إلى الحياة العذبة، فيستعذب الآخرون الشركة معه.
* إذا أكل إنسان حصرمًا تضرَّست أسنانه وصارت تعاني من فرط الحساسيَّة فلا يقوى على أكل الخبز، هكذا أيضًا إذا ما اقتات إنسان على دنس هذا العالم بإفراط وانغمس في أحاديث النميمة الباطلة فإنَّه يحتقر ويرفض الدرس الإلهي الحلو حتى إذا ما قرأه هذا الإنسان لا يستطيع أن يقول مع النبي: "ما أحلي قولك يا رب".
* تبقى حلاوة كلمة الله دائمة فينا شريطة أن نرغب في غرسها في الآخرين بتكرارها وترديدها دومًا بحبٍ كاملٍ متدفِّقٍ.
الأب قيصريوس أسقف آرل
* أحيانًا يكون لعبارات كتابيَّة عذوبة متزايدة في الفم (مز 119: 103) كما يكرِّر المرء عبارة بسيطة في الصلاة عدَّة مرَّات دون أن يشبع منها وينتقل منها إلى عبارة أخرى.
مار اسحق أسقف نينوى
* الآن تعليم الحكمة المُعلن يشبه العسل، وكالشهد الذي يُضغط عليه من الأسرار الغامضة كما يُفعل بخلايا الشمع بفم المُعلِّم كمن يمضغه، فيكون حلوًا في فم القلب لا الفم الجسدي.
القديس أغسطينوس
* إنَّه سحر الحق الذي عبَّر عنه المرتِّل مؤكِّدًا ذلك عند قوله: "كم هي حلوة كلماتك لحلقي، إنَّها أحلى من العسل في فمي".
القدِّيس باسيليوس
* صارت كلمات الله حلوة لي مثل عسل الشهد، وصرخت من أجل المعرفة، ورفعت صوتي لأجل الحكمة.
القديس غريغوريوس النزينزي
* أيضًا "اذهب إلى النحلة وتعلَّم منها مقدار نشاطها". تأمَّل كيف تنتقل بين كل أنواع الزهور المختلفة لتجمع لك عسلها. هكذا لتنتقل أنت بين الكتب المقدَّسة وتتمسَّك بخلاص نفسك، وإذ تشبع منها تقول: "وجدت كلامك حلوًا في حلقي، أحلى من العسل والشهد في فمي".
القديس كيرلس الأورشليمي
يرى القديس يوحنا الذهبي الفم أنَّه ليس كل نفسٍ تجد عذوبة في كلمة الله، بل النفس السويَّة غير المريضة، فإن المريض لا يشعر بطعم الطعام وعذوبته.
* مع هذا... لا يعرف البعض حتى أنَّه توجد كتب مقدَّسة لا نهائيًا. لهذا السبب صدِّقوني ليس شيء سليمًا، ليس من أمرٍ نافعٍ يصدر عنَّا.
القديس يوحنا الذهبي الفم
إذ يكتب القديس جيرومعن الأرملة Furia تحدَّث عن دبُّورة بكونها النحلة التي تجمع من زهور الكتاب المقدَّس عسل النحل.
[حسنًا دُعيت نحلة (دبُّورة)، لأنَّها تتغذَّى على زهور الكتاب، وكانت تُحاط برائحة الروح القدس الذكيَّة، وتجمع معًا في وحدة مع الشفاه النبوي عصير النكتارين الحلو].
4. افتراس رجل الله:

10 فَذَهَبَ فِي طَرِيق آخَرَ، وَلَمْ يَرْجعْ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جَاءَ فِيهِ إِلَى بَيْتِ إِيلَ. 11 وَكَانَ نَبِيٌّ شَيْخٌ سَاكِنًا فِي بَيْتِ إِيلَ، فَأَتَى بَنُوهُ وَقَصُّوا عَلَيْهِ كُلَّ الْعَمَلِ الَّذِي عَمِلَهُ رَجُلُ اللهِ ذلِكَ الْيَوْمَ فِي بَيْتِ إِيلَ، وَقَصُّوا عَلَى أَبِيهِمِ الْكَلاَمَ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ إِلَى الْمَلِكِ. 12 فَقَالَ لَهُمْ أَبُوهُمْ: «مِنْ أَيِّ طَرِيق ذَهَبَ؟» وَكَانَ بَنُوهُ قَدْ رَأَوْا الطَّرِيقَ الَّذِي سَارَ فِيهِ رَجُلُ اللهِ الذَّي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا. 13 فَقَالَ لِبَنِيهِ: «شُدُّوا لِي عَلَى الْحِمَارِ». فَشَدُّوا لَهُ عَلَى الْحِمَارِ فَرَكِبَ عَلَيْهِ 14 وَسَارَ وَرَاءَ رَجُلِ اللهِ، فَوَجَدَهُ جَالِسًا تَحْتَ الْبَلُّوطَةِ، فَقَالَ لَهُ: «أَأَنْتَ رَجُلُ اللهِ الَّذِي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا؟» فَقَالَ: «أَنَا هُوَ». 15 فَقَالَ لَهُ: «سِرْ مَعِي إِلَى الْبَيْتِ وَكُلْ خُبْزًا». 16 فَقَالَ: «لاَ أَقْدِرُ أَنْ أَرْجعَ مَعَكَ وَلاَ أَدْخُلُ مَعَكَ وَلاَ آكُلُ خُبْزًا وَلاَ أَشْرَبُ مَعَكَ مَاءً فِي هذَا الْمَوْضِعِ، 17 لأَنَّهُ قِيلَ لِي بِكَلاَمِ الرَّبِّ: لاَ تَأْكُلْ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ هُنَاكَ مَاءً. وَلاَ تَرْجعْ سَائِرًا فِي الطَّرِيقِ الَّذِي ذَهَبْتَ فِيهِ». 18 فَقَالَ لَهُ: «أَنَا أَيْضًا نَبِيٌّ مِثْلُكَ، وَقَدْ كَلَّمَنِي مَلاَكٌ بِكَلاَمِ الرَّبِّ قَائِلًا: ارْجعْ بِهِ مَعَكَ إِلَى بَيْتِكَ فَيَأْكُلَ خُبْزًا وَيَشْرَبَ مَاءً». كَذَبَ عَلَيْهِ. 19 فَرَجَعَ مَعَهُ وَأَكَلَ خُبْزًا فِي بَيْتِهِ وَشَرِبَ مَاءً. 20 وَبَيْنَمَا هُمَا جَالِسَانِ عَلَى الْمَائِدَةِ كَانَ كَلاَمُ الرَّبِّ إِلَى النَّبِيِّ الَّذِي أَرْجَعَهُ، 21 فَصَاحَ إِلَى رَجُلِ اللهِ الَّذِي جَاءَ مِنْ يَهُوذَا قَائِلًا: «هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ خَالَفْتَ قَوْلَ الرَّبِّ وَلَمْ تَحْفَظِ الْوَصِيَّةَ الَّتِي أَوْصَاكَ بِهَا الرَّبُّ إِلهُكَ، 22 فَرَجَعْتَ وَأَكَلْتَ خُبْزًا وَشَرِبْتَ مَاءً فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي قَالَ لَكَ: لاَ تَأْكُلْ فِيهِ خُبْزًا وَلاَ تَشْرَبْ مَاءً، لاَ تَدْخُلُ جُثَّتُكَ قَبْرَ آبَائِكَ». 23 ثُمَّ بَعْدَمَا أَكَلَ خُبْزًا وَبَعْدَ أَنْ شَرِبَ شَدَّ لَهُ عَلَى الْحِمَار،ِ أَيْ لِلنَّبِيِّ الَّذِي أَرْجَعَهُ، 24 وَانْطَلَقَ. فَصَادَفَهُ أَسَدٌ فِي الطَّرِيقِ وَقَتَلَهُ. وَكَانَتْ جُثَّتُهُ مَطْرُوحَةً فِي الطَّرِيقِ وَالْحِمَارُ وَاقِفٌ بِجَانِبِهَا وَالأَسَدُ وَاقِفٌ بِجَانِبِ الْجُثَّةِ.

"فذهب في طريق آخر ولم يرجع في الطريق الذي جاء فيهإلى بيت إيل.
وكان نبي شيخ ساكنًا في بيت إيل،
فأتى بنوه وقصُّوا عليه كل العمل الذي عمله رجل الله ذلك اليوم في بيت إيل،
وقصُّوا على أبيهم الكلام الذي تكلَّم بهإلى الملك.
فقال لهم أبوهم: من أي طريق ذهب؟


وكان بنوه قد رأوا الطريق الذي سار فيه رجل الله الذي جاء من يهوذا" [8-12].
ما أكثر حيل إبليس وخداعاته. استطاع النبي أن يقف أمام الملك، وبكل جرأة رفض الدخول إلى بيته والجلوس على مائدته. وفي طاعة لله عاد في طريق آخر غير الذي جاء منه. ومع هذا لم يتركه عدوّ الخير يتمتَّع بما ناله من بركات الطاعة. أرسل إليه من يخدعه حتى لا يتمِّم وصيَّة الله له. أرسل إليه نبي شيخ مخادع وكاذب، قدَّم مشورة لرجل الله، ناسبًا إيَّاها لإعلان سماوي.
ربَّما نشأ هذا النبي الكاذب في مدرسة الأنبياء التي أسَّسها صموئيل النبي، لكن العالم أغواه، ففارقه روح النبوَّة بسبب شرِّه، لأنَّه يليق بأنبياء الله الحقيقيِّين أن يكونوا قدِّيسين (2 بط 1: 21). يرى البعض أن ما فعله هذا المخادع كان بحسن نيَّة فقد أراد أن يقدِّم طعامًا لرجل الله الجائع والمرهق. لكن الرأي الغالب أنَّه نبي كذاب، وكان من طبيعة هؤلاء الأنبياء أن يُسرُّوا بسقوط الأنبياء الحقيقيِّين.
حقًا إنَّه لم يذهب ليشترك مع الملك في تقديم العبادة، إنَّما ذهب أولاده وعادوا يحكون له ما قد حدث. ربَّما ذهبوا من أجل حب الاستطلاع وليس للاشتراك في العبادة الوثنيَّة. على أي الأحوال لم يقف هذا النبي ضد العبادة الوثنيَّة، ولم يقف ضد الملك في هذا الشأن. كان غير مخلصٍ للرب، سكن في مدينة وثنيَّة، ولم يشهد للإله الحق.
كان يليق برجل الله أن يكون له روح التمييز، فيفرز ما هو حق ممَّا هو باطل، فلا يقدر النبي الكاذب أن يخدعه.
* صلوا لكي يهبكم الله نعمة الإدراك السليم في كل الأمور، فتقدروا أن تميِّزوا بين الخير والشرّ تمييزًا حسنًا.
* لقد كتب الرسول بولس: "وأمَّا الطعام القوي فللبالغين" (عب 5: 14). هؤلاء الذين بواسطة العمل المتواصل والجهاد" تُدرَّب حواسهم وميولهم على التمييز بين الخير والشرّ، وقد أُحصوا كأبناء الملكوت وصاروا من عداد أبناء الله، هؤلاء يعطيهم الله الحكمة والتمييز الحسن في كل أعمالهم، فلا يقدر إنسان أو شيطان أن يخدعهم.
فالعدوّ يحارب المؤمنين تحت صورة الخير، وينجح في خداع كثيرين، هؤلاء الذين ليس لهم حكمة ولا تمييز حسن. لهذا علَّم الرسول بولس عن غنى الفهم الذي لا حد لعظمته، المخصَّص للمؤمنين، إذ كتب إلى أهل أفسس يقول: "كي يعطيكم إله ربنا يسوع المسيح أبو المجد روح الحكمة والإعلان في معرفته مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه مع القدِّيسين" (أف 1: 17-18)، كاتبًا هذا بدافع حبُّه العظيم المتزايد نحوهم، ولعلمه أنَّهم إن اقتنوا الفهم لا يعود يكون بالنسبة لهم شيء فيه صعوبة، ولا يمسُّهم خوف، بل يعزِّيهم فرح الرب نهارًا وليلًا، وتصير الأعمال بالنسبة لهم عذبة في كل حين.
حقًا إن كثيرين من الرهبان والعذارى في المجمع لم يقتنوا الفهم بهذه الدرجة، وأمَّا أنتم فإن أردتم أن تحصلوا عليه بهذا المقدار الذي فيه كمال، فاهربوا من أولئك الذين يحملون اسم "رهبان وبتوليُّون" دون أن يكون لهم الإدراك الحقيقي والتمييز الحسن. لأنَّكم إن اختلطتم بهم، لن يدعكم تتقدَّمون بل وربَّما يطفئون حرارة غيرتكم، إذ لا حرارة لهم بل برودة وهم يسيرون وراء أهوائهم. فإن أتوا إليكم وتحدَّثوا معكم في أمور أرضيَّة حسب أهوائهم الخاصة، لا تستكينوا لهذا؟، إذ كتب الرسول بولس: "لا تطفئوا الروح، لا تحتقروا النبوَّات" (1 تس 5: 20)، عالمين أنَّه لا شيء يطفئ الروح أكثر من الكلام الباطل.
القديس أنبا أنطونيوس
"فقال لبنيه: شِدُّوا لي على الحمار.
فشَدُّوا له على الحمار، فركب عليه.
وسار وراء رجل الله،
فوجده جالسًا تحت البلُّوطة.
فقال له: أأنت رجل الله الذي جاء من يهوذا؟ فقالأنا هو.
فقال له: سر معيإلى البيت وكل خبزًا" [13-15].
لم يكن رفضه مثل هذه الدعوة مقبولًا في الشرق، إذ تحمل معنى الاستهانة بالمضيف. كانت العادة عندما يصل إنسان إلى مدينة يستضيفه أحد سكَّانها، فيقدِّم له طعامًا ويعطيه مأوى يحميه من الجو كما من اللصوص أو الأعداء، ويشارك الضيف المضيف العبادة أو يتمتَّع بآلهة العائلة. كان ينظر إلى الضيف أنَّه قد صار أحد أفراد الأسرة يشاركها كل شيء، وأنَّه "ضيف الله".
"فقال: لا أقدر أن أرجع معك، ولا أدخل معك،
ولا أكل خبزًا ولا أشرب معك ماء في هذا الموضع.
لأنَّه قيل لي بكلام الرب:
لا تأكل خبزًا ولا تشرب هناك ماء،
ولا ترجع سائرًا في الطريق الذي ذهبت فيه.
فقال له: أنا أيضًا نبي مثلك،
وقد كلَّمني ملاك بكلام الرب قائلًا:
ارجع به معك إلى بيتك فيأكل خبزًا ويشرب ماء.
كذب عليه" [16-18].
يرى البعض أنَّه من المستحيل أن يكون هذا النبي كذَّابًا، لكنَّه إذ قال بأن ملاكًا تحدَّث معه بكلمة الرب [18]، فإن كلمة "ملاك" معناها "رسول". فهو يقصد بالملاك ابنيه اللذين قدُما إليه من عند الملك وأخبراه بكل ما حدث مع رجل الله، وأنَّهما اشتهيا أن يستضيفاه. لهذا فما قاله النبي إنَّما هو تورية عن ابنيه اللذين أرسلهما له الرب لكي يحثَّاه على استضافته، خاصة وأنَّه إذ شاهد رجل الله تحت الشجرة في تعب شديد، شعر بأنَّه محتاج إلى طعام وشراب ليتقوَّى جسده. لهذا فإن النبي الشيخ هو نفسه قد خدعه عدوّ الخير، لكن بدافع الشفقة أغوى رجل الله ليخالف وصيَّة الرب له. "ولا عجب لأن الشيطان نفسه يغيِّر شكله إلى شبه ملاك نور (2 كو 14: 11). إنَّه يخدع الآخرين، ويحثُّهم على خداع الغير تحت ثوب الفضيلة.
على أي الأحوال كان يمكن لرجل الله أن يكتشف كذب هذا النبي، أولًا لأن الوصيَّة الإلهيَّة التي بلغته جاءت مباشرة من الله، فلماذا يطالب الله بما يخالفها عن طريق شخص آخر؟ لو أن هذا النبي أمينًا لماذا لم يشهد ضد العبادة الوثنيَّة في يوم الاحتفال العظيم الذي أعدَّه الملك؟ لماذا لم يرجع رجل الله إلى الله يسأله قبل أن يعصي الوصيَّة ويأكل؟
كان كلاهما في حاجة إلى روح التمييز، فإن كان النبي المُسنّ قد انخدع تحت الرغبة في استضافة رجل الله المرهق، فهو بلا عذر. كان رجل الله - الذي جاء من يهوذا بدعوة إلهيَّة مباشرة وتنبَّأ للملك وتحقَّقت نبوَّته، وعلى يديه أُصيبت يد الملك بالفالج وشُفيت - في حاجة إلى روح التمييز ليفرز الحق من الباطل.
روح التمييز والإفراز هو الطريق الآمن، هو عطيَّة الروح القدس الذي يقودنا في طريقه الملوكي حتى يعبر بنا إلى حضن الآب.


"فرجع معه وأكل خبزًا في بيته وشرب ماء.
وبينما هما جالسان على المائدة كان كلام الربإلى النبي الذي أرجعه" [19-20].
لمن جاءت كلمة الرب؟ جاء النص العبري يحمل المعنيين، أمَّا ذاك الذي رجع أي رجل الله أو ذاك الذي جاء به أي النبي الشيخ، ويرى يوسيفوس المؤرخ أن الكلمة الربانيَّة قد جاءت للنبي الأصلي الحقيقي.
"فصاح إلى رجل الله الذي جاء من يهوذا قائلًا:
هكذا قال الرب من أجل أنَّك خالفت قول الرب،
ولم تحفظ الوصيَّة التي أوصاك بها الرب إلهك" [21].
الذي صرخ هو "كلمة الرب"؛ سابقًا جاءته كلمة الرب ليحمل روح القوَّة والنصرة فلا يرهب الملك ولا كل حاشيته. الآن وقد خالف الوصيَّة جاءته الكلمة ترعبه وتذيب قلبه. إنَّها السيف ذو الحدِّين، تحمل روح القوَّة لكي تسند، وتقدِّم تأديبًا إلهيًا.
"فرجعت وأكلت خبزًا وشربت ماء في الموضع الذي قال لك لا تأكل فيه خبزًا ولا تشرب ماء
لا تدخل جثَّتك قبر آبائك.
ثم بعدما أكل خبزًا وبعد أن شرب،
شدَّ له على الحمار أي للنبي الذي أرجعه.
وانطلق فصادفه أسد في الطريق وقتله،
وكانت جثَّته مطروحة في الطريق،


والحمار واقف بجانبها والأسد واقف بجانب الجثَّة" [22-24].
جاء افتراس الأسد للنبي شهادة حيَّة لعدم محاباة الله لأحد، فإذ أخطأ رجل الله وعصا سقط تحت التأديب.
ما قد حدث كان بأمر إلهي وليس مصادفة، فالأسد قتل رجل الله لكنَّه لم يأكله، ولم يقترب الأسد نحو الحمار. والعجيب أن وقف بجوار الجثَّة كمن يحرسها مع الحمار. إن يدّ الله واضحة!
يسمح الله بقتل الجسد لكي يتعلَّم الكل أن المعصية تدفع إلى موت النفس وهلاكها. أمَّا عدم التهام الجسد فكشف عن شوق الله أن يتمجَّد الإنسان روحًا وجسدًا، فلا يحطِّمه الفساد إلى الأبد.
* إنَّه لأمر عجيب أن الأسد الذي ترك الحمار في أمان وسلام لم يترك النبي يقوم منطعامه! ذاك الذي حين كان صائمًا صنع عجائب، لكن ما أن أكل حتى دفع العقوبة عن اللذَّة. يوئيل أيضًا يصرخ بصوتٍ عالٍ: "قدِّسوا صومًا، نادوا بوقت شفاء" (يوئيل1: 14، 2: 15)، لكي يظهر أن الصوم يتقدَّس بأعمال أخرى، وأن الصوم المقدَّس يجلب شفاء من الخطيَّة.
القديس جيروم
5. دفن رجل الله:

25 وَإِذَا بِقَوْمٍ يَعْبُرُونَ فَرَأَوْا الْجُثَّةَ، مَطْرُوحَةً فِي الطَّرِيقِ وَالأَسَدُ وَاقِفٌ بِجَانِبِ الْجُثَّةِ. فَأَتَوْا وَأَخْبَرُوا فِي الْمَدِينَةِ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ الشَّيْخُ سَاكِنًا بِهَا. 26 وَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيُّ الَّذِي أَرْجَعَهُ عَنِ الطَّرِيقِ قَالَ: «هُوَ رَجُلُ اللهِ الَّذِي خَالَفَ قَوْلَ الرَّبِّ، فَدَفَعَهُ الرَّبُّ لِلأَسَدِ فَافْتَرَسَهُ وَقَتَلَهُ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَهُ بِهِ». 27 وَكَلَّمَ بَنِيهِ قَائِلًا: «شُدُّوا لِي عَلَى الْحِمَارِ». فَشَدُّوا. 28 فَذَهَبَ وَوَجَدَ جُثَّتَهُ مَطْرُوحَةً فِي الطَّرِيقِ، وَالْحِمَارَ وَالأَسَدَ وَاقِفَيْنِ بِجَانِبِ الْجُثَّةِ، وَلَمْ يَأْكُلِ الأَسَدُ الْجُثَّةَ وَلاَ افْتَرَسَ الْحِمَارَ. 29 فَرَفَعَ النَّبِيُّ جُثَّةَ رَجُلِ اللهِ وَوَضَعَهَا عَلَى الْحِمَارِ وَرَجَعَ بِهَا، وَدَخَلَ النَّبِيُّ الشَّيْخُ الْمَدِينَةَ لِيَنْدُبَهُ وَيَدْفِنَهُ 30 فَوَضَعَ جُثَّتَهُ فِي قَبْرِهِ وَنَاحُوا عَلَيْهِ قَائِلِينَ: «آهُ يَا أَخِي». 31 وَبَعْدَ دَفْنِهِ إِيَّاهُ كَلَّمَ بَنِيهِ قَائِلًا: «عِنْدَ وَفَاتِي ادْفِنُونِي فِي الْقَبْرِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ رَجُلُ اللهِ. بِجَانِبِ عِظَامِهِ ضَعُوا عِظَامِي. 32 لأَنَّهُ تَمَامًا سَيَتِمُّ الْكَلاَمُ الَّذِي نَادَى بِهِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ نَحْوَ الْمَذْبَحِ الَّذِي فِي بَيْتِ إِيلَ، وَنَحْوَ جَمِيعِ بُيُوتِ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّتِي فِي مُدُنِ السَّامِرَةِ».

"وإذا بقوم يعبرون فرأوا الجثَّة مطروحة في الطريق،
والأسد واقف بجانب الجثَّة،
فأتوا واخبروا في المدينة التي كان النبي الشيخ ساكنًا بها.
ولما سمع النبي الذي أرجعه عن الطريق قال:
هو رجل الله الذي خالف قول الرب،
فدفعه الرب للأسد، فافترسه وقتله حسب كلام الرب الذي كلَّمه به.
وكلَّم بنيه قائلًا: شدُّوا لي على الحمار، فشدُّوا.
فذهب ووجد جثَّته مطروحة في الطريق والحمار والأسد واقفين بجانب الجثَّة،
ولم يأكل الأسد الجثَّة ولا افترس الحمار" [25-28].
كان العبرانيُّون يهتمُّون جدًا بدفنهم مع آبائهم (تك 47: 30؛ 49: 29؛ 2 صم 19: 37 إلخ).
"فرفع النبي جثَّة رجل الله ووضعها على الحمار،
ورجع بها،
ودخل النبي الشيخ المدينة ليندبه ويدفنه.
فوضع جثَّته في قبره وناحوا عليه قائلين: آه يا أخي.
وبعد دفنه إيَّاه كلَّم بنيه قائلًا:
عند وفاتي ادفنوني في القبر الذي دُفن فيه رجل الله، بجانب عظامه ضعوا عظامي" [29-31].
مع كونه نبيًا كاذبًا لكنَّه أراد عند موته أن يدفن مع النبي فيكون موته موت نبي حقيقي. شعر النبي بخطئه وأدرك مسئوليَّته عمَّا أصاب رجل الله. اشتهى أن يُدفن معه لكي يقوم أيضًا معه.
"لأنَّه تمامًا سيتم الكلام الذي نادى به بكلام الرب نحو المذبح الذي في بيت إيل ونحو جميع بيوت المرتفعات التي في مدن السامرة" [32].
لم تكن السامرة بعد قد بناها عمري (1 مل 16: 24)، فقد أشار إليها النبي بروح النبوَّة كما أشار رجل الله إلى يوشيا باسمه قبل ميلاده بثلاثة قرون ونصف.
6. إصرار يربعام على الشرّ:

33 بَعْدَ هذَا الأَمْرِ لَمْ يَرْجعْ يَرُبْعَامُ عَنْ طَرِيقِهِ الرَّدِيَّةِ، بَلْ عَادَ فَعَمِلَ مِنْ أَطْرَافِ الشَّعْبِ كَهَنَةَ مُرْتَفَعَاتٍ. مَنْ شَاءَ مَلأَ يَدَهُ فَصَارَ مِنْ كَهَنَةِ الْمُرْتَفَعَاتِ. 34 وَكَانَ مِنْ هذَا الأَمْرِ خَطِيَّةٌ لِبَيْتِ يَرُبْعَامَ، وَكَانَ لإِبَادَتِهِ وَخَرَابِهِ عَنْ وَجْهِ الأَرْضِ.

"بعد هذا الأمر لم يرجع يربعام عن طريقه الرديَّة،
بل عاد فعمل من أطراف الشعب كهنة مرتفعات،
من شاء ملأ يده فصار من كهنة المرتفعات.
وكان من هذا الأمر خطيَّة لبيت يربعام،
وكان لإبادته وخرابه عن وجه الأرض" [33-34].
قدَّم الله ليربعام كل وسيلة لعلَّه يرجع عن الشرّ الذي يمارسه، لكنَّه لم ينتفع من هذا كلُّه.
* عِوض تقديم ذبيحة شكر لله الذي وهبه العشرة أسباط انحرف بالشعب نحو العبادة الوثنيَّة.
* لم يسمع لصوت النبي القادم من يهوذا بل أراد أن يقتله.
* تحقَّقت النبوَّة وانشقَّ المذبح وذرِّيَ الرماد الذي عليه، أمَّا قلبه فلم يهتز أمام كلمة الله.
* تمتَّع بشفاء يده اليابسة ولم يُشفَ قلبه من فالجه الروحي.
* سمع عن افتراس رجل الله بسبب عصيانه في وصيَّة تبدو غير أساسيَّة، ومع هذا لم يتَّعظ يربعام ولا رجع عن طريق شرِّه.
من وحي 1 ملوك 13

مَنْ يشفي يدي اليابسة؟

مَنْ يخلِّصني من قسوة قلبي؟


* أقمت يربعام ملكًا، فجحد الغبي حبَّك.
عوض ذبيحة الشكر أقام عجلين ذهبيِّين خلافا للوصيَّة.
بمحبَّتك أرسلت إليه نبيًا من يهوذا يهز المذبح.
وبغباوة مدَّ يربعام يده على نبيَّك فيبست.
صلَّى إليك النبي فشفيتها.
أما هو فأصرَّ إن يبقى بقلبه الحجري.
في طاعة رفض النبي أن يأكل لدى الملك ولا يقبل هديَّته.
خدعه نبي كاذب فعصى الوصيَّة.
افترسه أسد في الطريق لعدم طاعته.
* انزع جحود قلبي فأشكرك يا من أقمتني ملكًا.
لن يدخل قلبي عجل ذهبي،
بل تقطن أنت في أعماقي.
* هب لي قلبًا رقيقًا لا يرفض تحذيراتك،
فلا تمتدّ يدي بالشرّ، فتفقد حيويَّتها.
لأرفض مع هذا النبي طعام الشرّ،
ولا اشتهي كل غنى العالم.
لتبقَ وصيَّتك محفورة في قلبي،
مرسومة أمام عينيّ.
وصيَّتك تحملني إلى الطريق الملوكي.
وصيَّتك تحفظني من إبليس، الأسد المفترس.
وصيَّتك تشفي جراحاتي وتجدِّد قلبي.


موت أبيَّا بن يربعام

إذ انقسمت المملكة إلى مملكتيّ يهوذا وإسرائيل يقدِّم لنا سفرًا الملوك صورة حيَّة عن الفساد الذي حلّ بهما، وإن كان قد قام بعض ملوك مصلحين في مملكة يهوذا.
في هذا الأصحاح يحدِّثنا عن إحدى ثمار الفساد الذي دبَّ في إسرائيل، ونهب خزينة الهيكل في يهوذا.



1. مرض أبيَّا بن يربعام:

1 فِي ذلِكَ الزَّمَانِ مَرِضَ أَبِيَّا بْنُ يَرُبْعَامَ. 2 فَقَالَ يَرُبْعَامُ لامْرَأَتِهِ: «قُومِي غَيِّرِي شَكْلَكِ حَتَّى لاَ يَعْلَمُوا أَنَّكِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ وَاذْهَبِي إِلَى شِيلُوهَ. هُوَذَا هُنَاكَ أَخِيَّا النَّبِيُّ الَّذِي قَالَ عَنِّي إِنِّي أَمْلِكُ عَلَى هذَا الشَّعْبِ. 3 وَخُذِي بِيَدِكِ عَشَرَةَ أَرْغِفَةٍ وَكَعْكًا وَجَرَّةَ عَسَل، وَسِيرِي إِلَيْهِ وَهُوَ يُخْبِرُكِ مَاذَا يَكُونُ لِلْغُلاَمِ». 4 فَفَعَلَتِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ هكَذَا، وَقَامَتْ وَذَهَبَتْ إِلَى شِيلُوهَ وَدَخَلَتْ بَيْتَ أَخِيَّا. وَكَانَ أَخِيَّا لاَ يَقْدِرُ أَنْ يُبْصِرَ لأَنَّهُ قَدْ قَامَتْ عَيْنَاهُ بِسَبَبِ شَيْخُوخَتِهِ. 5 وَقَالَ الرَّبُّ لأَخِيَّا: «هُوَذَا امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ آتِيَةٌ لِتَسْأَلَ مِنْكَ شَيْئًا مِنْ جِهَةِ ابْنِهَا لأَنَّهُ مَرِيضٌ. فَقُلْ لَهَا: كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّهَا عِنْدَ دُخُولِهَا تَتَنَكَّرُ». 6 فَلَمَّا سَمِعَ أَخِيَّا حِسَّ رِجْلَيْهَا وَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي الْبَابِ قَالَ: «ادْخُلِي يَا امْرَأَةَ يَرُبْعَامَ. لِمَاذَا تَتَنَكَّرِينَ وَأَنَا مُرْسَلٌ إِلَيْكِ بِقَوْل قَاسٍ؟

لم يتعلَّم يربعام من الدرس الذي قدَّمه له الرب على يد رجل الله القادم من يهوذا. لقد تنبَّأ عن ارتجاف المذبح وتذريته، كما يبست يدّ الملك التي امتدَّت لتؤذي رجل الله. وإذ ندم صلَّى له رجل الله فشُفيت. الآن يسمح الله له بتأديب أقسى وهو مرض ابنه، وإذ لم يُظهر توبة سمح الله لابنه بموته وتنبَّأ أخيَّا النبي عن نزع المُلك عن بيت يربعام. النبي الذي قدَّم وعدًا إلهيًّا مشروطًا ليربعام، الآن هو نفسه يسحب هذا الوعد لعدم تحقُّق الشرط، أيّ عدم أمانة بربعام.
"في ذلك الزمان مرض أبيَّا بن يربعام.
فقال يربعام لامرأته:
قومي غيِّري شكلك، حتى لا يعلموا أنَّك امرأة يربعام،
واذهبي إلى شيلوه.
هوذا هناك أخيَّا النبي الذي قال عنِّي إنِّي أملك على هذا الشعب.
وخذي بيدك عشرة أرغفة وكعكًا وجرَّة عسل،
وسيري إليه، وهو يخبرك ماذا يكون للغلام" [1-3].
دعا يربعام ابنه "أبيّا" ومعناه "يهوه هو أبي" أو "يهوه هو شهوتي". وكأنَّه كان يود أن يبقى مرتبطًا بالله إلهه، لكن رغبته في تثبيت مملكته بعيدًا عن أورشليم والهيكل هناك دفعته للانحراف وعدم الأمانة لله.
طلب يربعام الملك من زوجته أن تذهب إلى شيلوه لتلتقي بأخيَّا النبي بشأن مرض ابنه ويلاحظ في حديثه معها الآتي:
أولًا: اعترف بأن هذا النبي هو الذي سبق فأخبره بأنَّه سيملك على الشعب، لكنَّه لم يعترف أنَّه أخطأ في حق الله الذي اختاره ليملك. كان يليق به وهو يذكر عطيَّة الله له أن يقدِّم الشكر له ممتزجًا بروح التوبة والطاعة.
ثانيًا: طلب منها أن تُغيِّر شكلها، وكان يليق بهما أن يُغيِّرا قلبيهما وأفكارهما وتصرُّفاتهما، لا أن تغيِّر هي شكلها. ففي تغيير الشكل ربَّما أراد ألاَّ يعرف أحد أنَّه يلجأ إلى النبي، فيترك الشعب عبادة الأوثان ويلجأون مثله إلى رجل الله الذي يحثُّهم على الرجوع إلى الله. ربَّما ظنَّ يربعام أن أخيَّا يرفض مقابلتها لأنَّه يعلم تمامًا أنَّه متألِّم على ارتداده عن الله. طلب الملك من زوجته أن تتخفَّى، يكشف عن إدراكه لمدى ما ارتكبه من عصيان للرب وانحراف عن عبادته، لكنَّه لم يفكِّر في العلاج العملي السليم، يا للغباوة!
لقد آمن يربعام بأن الله قادر أن يكشف للنبي عن مستقبل ابنه ومصيره، وعاجز عن أن يكشف عن هذا التخفِّي الواهن.
ثالثًا: إذ سبق فتنبَّأ أخيَّا ليربعام أنَّه سيملك، مقدِّما له أخبارًا سارة، ظنَّ أنَّه على الدوام يقدِّم أخبارًا مفرحة، ولم يُدرك أنَّه إنَّما ينطق بما يعلنه الله، سواء كانت الأخبار مفرحة أو محزنة.
هذا وإنَّنا لا نعجب إن الملك لم يجد من يثق فيه من مشيريه، فأرسل زوجته التي وحدها قادرة أن تهتم بابنها المريض جدًا. لقد خشي أن يرسل أحد مشيريه فلا يرد له الإجابة صادقة بل يخدعه. هكذا عندما ينحرف الإنسان عن طريق الحق يتشكَّك فيمن هم حوله لأنَّهم مخادعون مثله.
كان من عادة الملوك أن يكرموا النبي ويقدِّموا له هدايا لائقة يستخدمها للخدمة، أمَّا وقد أرادت الملكة أن تتخفَّى أخذت هدايا بسيطة لعلَّها تخدع النبي بأنَّها سيِّدة ريفيَّة من وسط الشعب وليست الملكة. لقد رفض أخيَّا قبول هدايا يربعام، كما رفض إليشع النبي هدايا حزائيل (2مل 13)، إذ حسبوا هذه الهديا أشبه بثمن كلب أو أجرة زانية لن تدخل بيت الرب كشريعة الله. لهذا تحذِّر الدسقوليَّة الأسقف من قبول هدايا وتقدمات الأشرار كما رفض القدِّيس بطرس مال سيمون الساحر (أع 8).
"ففعلت امرأة يربعام هكذا، وقامت وذهبتإلى شيلوه،
ودخلت بيت أخيَّا،
وكان أخيَّا لا يقدر أن يبصر، لأنَّه قد قامت عيناه بسبب شيخوخته.
وقال الرب لأخيَّا:
هوذا امرأة يربعام آتية لتسأل منك شيئًا من جهة ابنها لأنَّه مريض،
فقل لها كذا وكذا فإنَّها عند دخولها تتنكَّر.
فلما سمع أخيَّا حس رجليها وهي داخلة في الباب قال:
ادخلي يا امرأة يربعام، لماذا تتنكَّرين وأنا مرسَل إليك بقولٍ قاسٍ؟" [4-6].


بسبب الشيخوخة فقد أخيَّا قدرته على البصر، لكنَّه كان يتمتَّع ببصيرة داخليَّة، فعرف شخصيَّة امرأة يربعام المتنكِّرة.
أرادت أن تتنكَّر من النبي نفسه فتسأله عن مصير ابنها دون أن تخبره عن شخصيَّتها حتى لا يتحدَّث في موضوع انحراف زوجها، لكنَّها سمعت كلامًا قاسيًا صادرًا من الرب نفسه، الأمر الذي كانت تخشاه دون الرغبة في علاجه.
كانت لحظات مُرَّة حين أدركت أن خداعها قد اِنكشف. هكذا ستكون لحظات مُرَّة حين يُنزع عن الأشرار ثوب الرياء الحامل صورة القداسة دون قوَّتها، وتزول عنهم الألوان الخادعة، فتنكشف أعماقهم الفاسدة أمام الديَّان وجميع السمائيِّين وكل المؤمنين! فإن الله سيديننا حسب ما عليه قلوبنا لا حسبما نبدو من الظاهر.
عجزت عينا أخيَّا عن أن تفرز الملكة، لكن أذنيه اللتين تدرَّبتا على سماع صوت الله شعرتا بصوت رجليّ الملكة وأدركتا شخصيَّتها، وذلك بكشف إلهي.
من يدرِّب عينيه على رؤية الله وأذنيه على الاستماع إلى صوته الإلهي لن يقدر أحد ما أن يخدعه، إذ يكشف له الرب الخفيَّات، ليست مطلقًا، وإنَّما ما فيه بنيان نفسه ونفوس الآخرين.
لقد سمح الله بالتأديب يحل على الابن الذي كان الملك يرجو أن يرثه على عرش المملكة. يمكننا القول بأن مرض أبيَّا كان آخر عطيَّة قدَّمها الرب برحمته للملك لعلَّه خلال هذا التأديب الحال بأعزّ من لديه، ابنه، يرجع إلى نفسه ويقدِّم توبة فينال رحمة من قبل الرب.

2. نبوَّة أخيَّا عن دمار بيت يربعام:

7 اِذْهَبِي قُولِي لِيَرُبْعَامَ: هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: مِنْ أَجْلِ أَنِّي قَدْ رَفَعْتُكَ مِنْ وَسَطِ الشَّعْبِ وَجَعَلْتُكَ رَئِيسًا عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، 8 وَشَقَقْتُ الْمَمْلَكَةَ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَأَعْطَيْتُكَ إِيَّاهَا، وَلَمْ تَكُنْ كَعَبْدِي دَاوُدَ الَّذِي حَفِظَ وَصَايَايَ وَالَّذِي سَارَ وَرَائِي بِكُلِّ قَلْبِهِ لِيَفْعَلَ مَا هُوَ مُسْتَقِيمٌ فَقَطْ فِي عَيْنَيَّ، 9 وَقَدْ سَاءَ عَمَلُكَ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكَ، فَسِرْتَ وَعَمِلْتَ لِنَفْسِكَ آلِهَةً أُخْرَى وَمَسْبُوكَاتٍ لِتُغِيظَنِي، وَقَدْ طَرَحْتَنِي وَرَاءَ ظَهْرِكَ. 10 لِذلِكَ هأَنَذَا جَالِبٌ شَرًّا عَلَى بَيْتِ يَرُبْعَامَ، وَأَقْطَعُ لِيَرُبْعَامَ كُلَّ بَائِلٍ بِحَائِطٍ مَحْجُوزًا وَمُطْلَقًا فِي إِسْرَائِيلَ، وَأَنْزِعُ آخِرَ بَيْتِ يَرُبْعَامَ كَمَا يُنْزَعُ الْبَعْرُ حَتَّى يَفْنَى. 11 مَنْ مَاتَ لِيَرُبْعَامَ فِي الْمَدِينَةِ تَأْكُلُهُ الْكِلاَبُ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْحَقْلِ تَأْكُلُهُ طُيُورُ السَّمَاءِ، لأَنَّ الرَّبَّ تَكَلَّمَ. 12 وَأَنْتِ فَقُومِي وَانْطَلِقِي إِلَى بَيْتِكِ، وَعِنْدَ دُخُولِ رِجْلَيْكِ الْمَدِينَةَ يَمُوتُ الْوَلَدُ، 13 وَيَنْدُبُهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ وَيَدْفِنُونَهُ، لأَنَّ هذَا وَحْدَهُ مِنْ يَرُبْعَامَ يَدْخُلُ الْقَبْرَ، لأَنَّهُ وُجِدَ فِيهِ أَمْرٌ صَالِحٌ نَحْوَ الرَّبِّ إِلهِ إِسْرَائِيلَ فِي بَيْتِ يَرُبْعَامَ. 14 وَيُقِيمُ الرَّبُّ لِنَفْسِهِ مَلِكًا عَلَى إِسْرَائِيلَ يَقْرِضُ بَيْتَ يَرُبْعَامَ هذَا الْيَوْمَ. وَمَاذَا؟ اَلآنَ أَيْضًا! 15 وَيَضْرِبُ الرَّبُّ إِسْرَائِيلَ كَاهْتِزَازِ الْقَصَبِ فِي الْمَاءِ، وَيَسْتَأْصِلُ إِسْرَائِيلَ عَنْ هذِهِ الأَرْضِ الصَّالِحَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا لآبَائِهِمْ، وَيُبَدِّدُهُمْ إِلَى عَبْرِ النَّهْرِ لأَنَّهُمْ عَمِلُوا سَوَارِيَهُمْ وَأَغَاظُوا الرَّبَّ. 16 وَيَدْفَعُ إِسْرَائِيلَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَا يَرُبْعَامَ الَّذِي أَخْطَأَ وَجَعَلَ إِسْرَائِيلَ يُخْطِئُ».

"اذهبي قولي ليربعام:
هكذا قال الرب إله إسرائيل من أجل إنِّي قد رفعتك من وسط الشعب،
وجعلتك رئيسًا على شعبي إسرائيل" [7].
يدعو الله نفسه "الرب إله إسرائيل" [7]، فإن كان يربعام قد أعطى ظهره لله، فلم يعد الله إلهه، لكنَّه لا يزال يطلب الله شعبه، وينسب نفسه إليهم لعلَّهم يرجعون عن الوثنيَّة. إذ لم يكن بعد قد كتب لهم صك الطلاق بسبب زناهم.
"وشققت المملكة من بيت داود وأعطيتك إيَّاها،
ولم تكن كعبدي داود الذي حفظ وصاياي،
والذي سار ورائي بكل قلبه ليفعل ما هو مستقيم فقط في عينيَّ.
وقد ساء عملك أكثر من جميع الذين كانوا قبلك،
فسرت وعملت لنفسك آلهة أخرى ومسبوكات لتغيظني،
وقد طرحتني وراء ظهرك" [8-9].
يذكِّر الله يربعام بعطاياه الإلهيَّة السخيَّة، التي قابلها بالجحود والارتداد عنه. أقام الله يربعام ملكًا، وكان يمكن له أن يحفظ بيته آمنًا بأمانته للعهد مع الله، لكنَّه صنع شرورًا أكثر من كل سابقيه. لقد أخطأ شاول الملك وداود وسليمان، لكن يربعام ارتكب شرورًا أعظم من الكل.
لم يقتدِ يربعام بداود الملك الذي وإن كان قد ارتكب خطايا مُرَّة، لكنَّه عرف طريق التوبة، ورجع إلى الله بكل قلبه.
جاء الصوت الإلهي يوبِّخ يربعام وزوجته لأن يربعام لم يقتدِ بداود الملك. كلاهما نالا وعدًا باستلام العرش، لكن شتَّان ما بين الرجلين:
* كان قلب داود شاكرًا حتى وسط الضيق، مترنِّمًا: "أبارك الرب في كل وقت، وفي كل حين تسبحته في فمي" (مز 34: 1).
يقول القديس أغسطينوس: [لقد صار المسيح إنسانًا لهذه الغاية: أن يصير المسيحي ملاكًا، يصرخ: "أبارك الرب"... يلزمكم أن تباركوه حين يمنحكم عطايا، وتباركوه حين يأخذها منكم، فإنَّه هو الذي يعطي وهو الذي يأخذ، لكنَّه لن يأخذ "ذاته" ممَّن يباركونه. لا يبارك الرب كل حين إلاَّ الودعاء؛ هذه الوداعة التي علَّمنا إيَّاها ربنا في جسده ودمه، فإنَّه حينما بذل جسده ودمه لأجلنا وضع أمامنا وداعته مثالًا].
ويقول البابا أثناسيوس الرسولي: [كما سبَّح داود الوديع في زمن الضيق: قائلًا: "أبارك الرب في كل وقت"، لم يكف الطوباوي بولس عن شكر الله في كل رسائله. ففي وقت الفرج لم يتوقَّف عن التسبيح، وفي وقت الشدَّة كان يمجِّد الله، عالمًا أن الضيق ينشئ صبرًا، وفي الصبر تزكية، وفي التزكية رجاء، والرجاء لا يُخزي (رو 5: 3). ليتنا نحن أيضًا تابعي هؤلاء القدِّيسين لا نكف عن الشكر في كل وقت].
ويقول القديس غريغوريوس النزينزي: [شكرنا لله أهم من تنفُّسنا... لكل شيء وقت كما يُعلِّم سليمان، وكما أعتقد أنا أيضًا... (أما الشكر ففي كل وقت)].
* لم يسْعَ داود لاستلام العرش، بل كان يشتهي خدمة شعب الله، أمَّا يربعام فسعى بطرق بشريَّة حتى فكر سليمان في قتله، فهرب إلى مصر.
* أراد يربعام أن يثبِّت كرسيه لا بالتقوى بل بإقامة مركزين للعبادة حتى وأن كان في هذا مخالفة للوصيَّة.
"لذلك هانذا جالب شرًا على بيت يربعام،
واقطع ليربعام كل بائلٍ بحائطٍ محجوزًا ومطلقًا في إسرائيل،
وانزع آخر بيت يربعام كما ينزع البعر حتى يفنى" [10].
أخفت الملكة وجهها ببرقع، فكشف الله لنبيِّه ليس فقط وجهها ليتعرَّف عليها، بل وما في قلبها ليقدِّم لها ولزوجها رسالة إلهيَّة خطيرة.
صار يربعام مثلًا خطيرًا للقلب الجاحد، يراه القدِّيس ايريناؤس مثلًا لمن يشق الكنيسة ويهدم وحدتها.
* الذين ينزعون وحدة الكنيسة ويمزِّقونها سينالون من الله ذات العقوبة التي حلَّت بيربعام.
القدِّيس ايرنياؤس
"من مات ليربعام في المدينة تأكله الكلاب،
ومن مات في الحقل تأكله طيور السماء،
لأن الرب تكلَّم" [11].
إذ أهان يربعام الله، ارتدَّ العار عليه وعلى بيته، فصارت جثَّتهم مأكلًا للكلاب والطيور الجارحة.
كانت الكلاب أكثر الحيوانات التي تعيش على الجثث الرميمة في القرى بالشرق الأوسط، والنسور هي أكثر الطيور الجارحة المنتشرة في فلسطين، تعيش على الجثث. إلى وقت قريب كنَّا نجد في بعض قرى الشرق الأوسط الكلاب الضالة التي ليس لها مالك، تتَّسم بالضراوة، تجول لتأكل حتى الجثث الميِّتة.
الموت بالنسبة للأبرار عطيَّة إلهيَّة، أمَّا بالنسبة للأشرار فمخيف. لذا قيل: "لتمت نفسي موت الأبرار، ولتكن آخرتي كآخرتهم" (عدد 13: 3). "أيضًا إذا سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شرًا، لأنَّك أنت معي" (مز 23: 4). "طوبى لمن اخترته وقبلته ليسكن في ديارك إلى الأبد" (مز 65: 4).
* "ليس في موتهم راحة" (مز 73: 4)... لإنَّنا حين نكد في عملٍ ما، وننحني انشغالًا به وميلًا إليه، فإنَّنا نستلقي عادة ونستريح. لكن الخطاة الذين اقترفوا آثامًا شنعاء، خاصة الأشرار منهم، لا يمكن أن يستلقوا ويستريحوا. إذ قيل عنهم: "اِحنِ ظهورهم دائمًا" (مز 69: 24). لأن الذين لا يلتصقون بالمسيح، لا يرتفعون بأنفسهم إلى السماويَّات، من ثم لا يرتفع معه الذين موتهم شرِّير جدًا، كما هو مكتوب "موت الأشرار شرِّير للغاية" (مز 34: 21)، "لكن الإنسان الذي يموت مع المسيح، ويُدفن مع المسيح، لا يجد راحة فقط بل قيامة أيضًا" (رو 6: 4). وعن هذا الإنسان قيل بحق "شفيت كل ضعفاته في مرضه" (مز 41: 3). خاصة إذا كان شهيدًا، تنكشف ضعفاته بالآلام وموته بالقيامة.
القديس أمبروسيوس
"وأنتِ فقومي وانطلقي إلى بيتك،
وعند دخول رجليك المدينة يموت الولد.
ويندبه جميع إسرائيل ويدفنونه،
لأن هذا وحده من يربعام يدخل القبر،
لأنَّه وجد فيه أمر صالح نحو الرب إله إسرائيل في بيت يربعام" [12-13].
لقد أخطأ شاول أول ملك لإسرائيل لكنَّه لم يعبد الأوثان، ولا دفع شعبه إلى ذلك. وأخطأ داود الملك، لكنَّه قدَّم توبة ورجع إلى الله. وأخطأ سليمان وبنى المرتفعات لنسائه، لكنَّه لم يدفع الشعب إلى ذلك. أمَّا يربعام فصنع العجلين الذهبيِّين وعاد بقلوب الشعب إلى أرض العبوديَّة حيث عجل إبيس وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة ، وبذل كل جهده لكي لا يعبدوا الرب في الهيكل بأورشليم.
لقد وُجد في أبيَّا شيء صالح، لكن لم يكن قلبه كاملًا مع الله، لهذا رحمه الله بموته لكي يُدفن في كرامة وليس في عارٍ وخزي كأبيه وبقيَّة عائلته. فالموت في أزمنة الشرّ يحسب عطيَّة من الله حيث يُضمّ وجه الصدِّيق من الشرّ.
يرى الكُتَّاب اليهود أن شعب إسرائيل حزن على أبيَّا لأنَّه وقف معارضًا والده في إقامة العجلين الذهبيِّين، وكان يساعد الراغبين في الذهاب إلى أورشليم للعبادة في الهيكل على تحقيق ذلك.
"ويقيم الرب لنفسه ملكًا على إسرائيل،
يقرض بيت يربعام هذا اليوم،
وماذا الآن أيضًا.
ويضرب الرب إسرائيل كاهتزاز القصب في الماء،
ويستأصل إسرائيل عن هذه الأرض الصالحة التي أعطاها لآبائهم،
ويبدِّدهم إلى عبر النهر،
لأنَّهم عملوا سواريهم، وأغاظوا الرب" [14-15].
طرح يربعام الله وراء ظهره، فتجاهل الحضرة الإلهيَّة، ولم يبالِ بالوصيَّة الإلهيَّة ولا بالمخافة الربِّيَّة. لقد فضَّل عمله السياسي بفكر بشري عن مملكة الله.
سبق فحذَّر موسى النبي الشعب بأن الله سيقتلعهم من أرض الموعد إن عصوه (تث 29: 27). هنا لأول مرة يتكرَّر نفس التهديد. إن كان الله قد سلَّمهم الأرض بيدٍ قويَّة وذراعٍ رفيعة ليحتلُّوا الأمم المقيمة هناك. الآن تصيِّرهم الخطيَّة كالقصب ويسحبونهم إلى أرض السبي في أشور (2 مل 15: 29؛ 17: 23؛ 18: 11).
"ويدفع إسرائيل من أجل خطايا يربعام الذي أخطأ،
وجعل إسرائيل يخطئ" [16].


3. موت أبيّا:

17 فَقَامَتِ امْرَأَةُ يَرُبْعَامَ وَذَهَبَتْ وَجَاءَتْ إِلَى تِرْصَةَ، وَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَى عَتَبَةِ الْبَابِ مَاتَ الْغُلاَمُ، 18 فَدَفَنَهُ وَنَدَبَهُ جَمِيعُ إِسْرَائِيلَ حَسَبَ كَلاَمِ الرَّبِّ الَّذِي تَكَلَّمَ بِهِ عَنْ يَدِ عَبْدِهِ أَخِيَّا النَّبِيِّ.

"فقامت امرأة يربعام وذهبت وجاءت إلى ترصة،
ولما وصلت إلى عتبة الباب مات الغلام.
فدفنه وندبه جميع إسرائيل حسب كلام الرب الذي تكلَّم به عن يد عبده أخيَّا النبي" [17-18].
قدَّم لها علامة ملموسة لكي تتأكَّد هي وزوجها من صدق ما تنبَّأ به، وهي إنَّها لن تعود ترى ابنها حيًّا، فإنَّه عندما تلمس قدماها أرض المدينة يموت ابنها. حدَّثها عن أمور خاصة بالمستقبل حيث يتدمَّر بيت يربعام، وقدَّم لها عملًا سريعًا حتى تتأكَّد من صدق النبوَّة، لعلَّها ترجع هي وزوجها عمَّا فعلاه.
كان يربعام في ذلك قد نقل العاصمة من شكيم إلى ترصة، إحدى المدن الكنعانيَّة القديمة (يش 12: 24). تشتهر هذه المدينة بالمسحة الجماليَّة. وهي وسط الجبال، تبعد حوالي 9 أميال من شكيم (نابلس). ربَّما كانت مركز إقامة الملك للاستجمام الصحِّي، أكثر منها عاصمة للدولة. وقد بقيت عاصمة حتى بنى عمري السامرة (1 مل 16: 23-24). قبل السبيّ ظهرت هذه المدينة مرة أخرى بكونها مدينة منحيم الذي اغتال شالوم واحتل مركزه (2 مل 15: 14).
عادت الملكة إلى ترصة التي امتازت بجمالها (نش 16: 4). لكن موت ابنها يحرمها من التمتُّع بجمال الموضع ومباهجه. ترصة غالبًا هي تالوزه Talluza شمال شكيم Shachem (يش 12: 24).
شتَّان ما بين دخول امرأة يربعام المدينة ودخول القدِّيسة مريم إلى مدينة يهوذا (لو 1: 39). إذ لمست رِجل امرأة يربعام المدينة مات ابنها، وخيّم الحزن على القصر الملكي وكل إسرائيل. وإذ لمست رِجل القدِّيسة مريم بيت زكريا تهلَّل الجنين في بطن أليصابات، وامتلأت من الروح القدس، واشترك لسانها مع قلبها في التسبيح لله.
جاءت امرأة يربعام تحمل أخبارًا مُرَّة وتأديبات قاسية وجاءت مريم تحمل أخبارًا سارة للعالم كلُّه!
أبناء الظلمة يبعثون روح المرارة في وسط البشريَّة، أمَّا أبناء النور فيقدِّمون السيِّد المسيح مصدر الفرح، ويبعثون روح التسبيح والتهليل، ويفتحون باب الرجاء أمام الجميع.
ليتنا في زياراتنا للآخرين نحمل إليهم مسيحنا القدُّوس الذي يُبهج أحشاءهم الداخليَّة، ويُلهب روحه القدُّوس فيهم، فتتهلَّل نفوسهم به. عِوض أن نحمل معنا أفكارًا شرِّيرة وكلمات إدانة، فنملأهم بروح الظلمة ونُطفئ الروح في داخلهم.
4. موت يربعام:

19 وَأَمَّا بَقِيَّةُ أُمُورِ يَرُبْعَامَ، كَيْفَ حَارَبَ وَكَيْفَ مَلَكَ، فَإِنَّهَا مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ إِسْرَائِيلَ. 20 وَالزَّمَانُ الَّذِي مَلَكَ فِيهِ يَرُبْعَامُ هُوَ اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ سَنَةً، ثُمَّ اضْطَجَعَ مَعَ آبَائِهِ، وَمَلَكَ نَادَابُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.

"وأمَّا بقيَّة أمور يربعام كيف حارب وكيف ملك،
فإنَّها مكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك إسرائيل.
والزمان الذي ملك فيه يربعام هو اثنتان وعشرون سنة،
ثم اضطجع مع آبائه وملك ناداب ابنه عوضًا عنه" [19-20].
مات يربعام بعده بمدَّة قصيرة (2 أي 13: 20) بعد أن ضربه الرب بمرض خطير. مات بائسًا حيث ملك 22 عامًا وفقد ابنه الذي كان يود أن يتسلَّم منه العرش والتاج الملكي.


5. شر رحبعام ويهوذا:

21 وَأَمَّا رَحُبْعَامُ بْنُ سُلَيْمَانَ فَمَلَكَ فِي يَهُوذَا. وَكَانَ رَحُبْعَامُ ابْنَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ سَنَةً حِينَ مَلَكَ، وَمَلَكَ سَبْعَ عَشَرَةَ سَنَةً فِي أُورُشَلِيمَ، الْمَدِينَةِ الَّتِي اخْتَارَهَا الرَّبُّ لِوَضْعِ اسْمِهِ فِيهَا مِنْ جَمِيعِ أَسْبَاطِ إِسْرَائِيلَ، وَاسْمُ أُمِّهِ نِعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ. 22 وَعَمِلَ يَهُوذَا الشَّرَّ فِي عَيْنَيِ الرَّبِّ وَأَغَارُوهُ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ مَا عَمِلَ آبَاؤُهُمْ بِخَطَايَاهُمُ الَّتِي أَخْطَأُوا بِهَا. 23 وَبَنَوْا هُمْ أَيْضًا لأَنْفُسِهِمْ مُرْتَفَعَاتٍ وَأَنْصَابًا وَسَوَارِيَ عَلَى كُلِّ تَلّ مُرْتَفِعٍ وَتَحْتَ كُلِّ شَجَرَةٍ خَضْرَاءَ. 24 وَكَانَ أَيْضًا مَأْبُونُونَ فِي الأَرْضِ، فَعَلُوا حَسَبَ كُلِّ أَرْجَاسِ الأُمَمِ الَّذِينَ طَرَدَهُمُ الرَّبُّ مِنْ أَمَامِ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

"وأمَّا رحبعام بن سليمان فملك في يهوذا،
وكان رحبعام ابن إحدى وأربعين سنة حين ملك
وملك سبع عشرة سنة في أورشليم المدينة التي اختارها الرب لوضع اسمه فيها من جميع أسباط إسرائيل،
واسم أمُّه نعمة العمونيَّة.
وعمل يهوذا الشرّ في عيني الرب،
وأغاروه أكثر من جميع ما عمل آباؤهم بخطاياهم التي أخطأوا به" [21-22].
سمح الله بتمزيق المملكة من بيت داود بسبب غباوة رحبعام وعنفه، والآن يسمح بتمزيق بيت يربعام لأنَّه صنع شرورًا أعظم وأخطر. كان يليق به أن يقتدي بداود الملك الذي أخطأ، لكنَّه تمتَّع بالوعود الإلهيَّة والعطايا الفائقة خلال التوبة الصادقة.
"وبنوا هم أيضًا لأنفسهم مرتفعات وأنصابًا وسواري على كل تل مرتفعٍ وتحت كل شجرة خضراء" [23].
لقد أخطأ كثير من قادة الشعب سواء من القضاة أو الملوك، لكن لم يوجد من بينهم من دفع الشعب بكل قوَّته للعبادة الوثنيَّة. وإن تسلَّلت العبادة الوثنيَّة أحيانًا لم يقم منها القضاة أو الملوك العبادة الحقَّة، والعبادة الرسميَّة للشعب. ليس فقط إسرائيل وإنَّما يهوذا أيضًا بنوا مرتفعات وأيضًا (أعمدة مقدَّسة) وسواري وهي تماثيل خشبيَّة. أقيمت على كل تالٍ مرتفع وتحت كل شجرة خضراء. كانوا يمارسون العبادة الوثنيَّة جنبًا إلى جنب مع عبادة الله في الهيكل. اختاروا قمم التلال العاليَّة لكي تجتذب أنظار الأماكن المحيطة بها. وكانوا يقيمونها تحت كل شجرة خضراء في الطريق، حتى متى جلس المسافرون للراحة يجدون العبادة الوثنيَّة بين أيديهم.
"وكان أيضًا مأبونون في الأرض فعلوا حسب كل أرجاس الأمم الذين طردهم الرب من أمام بني إسرائيل" [24].
تحقَّق ذلك حيث قتل بعشا كل ذكور بيت يربعام (1 مل 15: 28-29).


6. السطو على بنك إسرائيل:

25 وَفِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ لِلْمَلِكِ رَحُبْعَامَ، صَعِدَ شِيشَقُ مَلِكُ مِصْرَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، 26 وَأَخَذَ خَزَائِنَ بَيْتِ الرَّبِّ وَخَزَائِنَ بَيْتِ الْمَلِكِ، وَأَخَذَ كُلَّ شَيْءٍ. وَأَخَذَ جَمِيعَ أَتْرَاسِ الذَّهَبِ الَّتِي عَمِلَهَا سُلَيْمَانُ. 27 فَعَمِلَ الْمَلِكُ رَحُبْعَامُ عِوَضًا عَنْهَا أَتْرَاسَ نُحَاسٍ وَسَلَّمَهَا لِيَدِ رُؤَسَاءِ السُّعَاةِ الْحَافِظِينَ بَابَ بَيْتِ الْمَلِكِ. 28 وَكَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَلِكُ بَيْتَ الرَّبِّ يَحْمِلُهَا السُّعَاةُ، ثُمَّ يُرْجِعُونَهَا إِلَى غُرْفَةِ السُّعَاةِ. 29 وَبَقِيَّةُ أُمُورِ رَحُبْعَامَ وَكُلُّ مَا فَعَلَ، أَمَا هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي سِفْرِ أَخْبَارِ الأَيَّامِ لِمُلُوكِ يَهُوذَا؟ 30 وَكَانَتْ حَرْبٌ بَيْنَ رَحُبْعَامَ وَيَرُبْعَامَ كُلَّ الأَيَّامِ. 31 ثُمَّ اضْطَجَعَ رَحُبْعَامُ مَعَ آبَائِهِ، وَدُفِنَ مَعَ آبَائِهِ فِي مَدِينَةِ دَاوُدَ. وَاسْمُ أُمِّهِ نِعْمَةُ الْعَمُّونِيَّةُ. وَمَلَكَ أَبِيَامُ ابْنُهُ عِوَضًا عَنْهُ.

"وفي السنة الخامسة للملك رحبعام صعد شيشق ملك مصر إلى أورشليم" [25].
تدعوه الترجمة السبعينيَّة Sousakim ودعاه يوسابيوس Aesonchosis (أيسونكوسيس).جاء في المستندات المصريَّة أن Sheshonk شيشونق (945-924 ق.م) هو مؤسِّس الأسرة الثانية والعشرين. كان أخطر عدوّ خارجي غزا أرض إسرائيل منذ أيَّام شاول الملك. جاء في معبد الكرنك صور عن نصرة مصر على يهوذا. كان شيشقSishak يفتخر بأنَّه سبب متاعب لملك يهوذا. بفحص النقوش الخاصة بشيشق في الكرنك أكَّدت أن الرحلة وُجِّهت ضد فلسطين، وقد أوضحت العلاقة بين المملكتين في ذلك الحين. من بين 15 مدينة التي حصَّنهم رحبعام في بدء مُلكه (2 أي 11: 5-12) ثلاث مدن فتحها شيشق وهي سوكو Shoco وأدورايم Adoraim وأيلون Aijalon. كذلك فتح مدينتين أخريتين من يهوذا أو بنيامين. بعد ذلك افتتح عددًا كبيرًا من المدن كانت تحت سيادة يربعام سواء كانت كنعانيَّة أو من مدن اللآويِّين. ففي السنوات الأربع بعد حدوث الانشقاق كان لرحبعام سطوة كبرى ضدّ منافسة يربعام. قامت بعض المدن الكنعانيَّة ومدن اللآويِّين بالثورة ضد يربعام، فلجأ الأخير إلى شيشق لمساندته في إخضاع هذه المدن حتى أخضعها تمامًا.
جاء نقش في أول قصر بالكرنك، حيث أكثر من 130 شخصًا تغطيهم الدروع منقادين ومربوطين بواسطة الإله آمون Ammon والإله Muth وأياديهم مربوطة وراء ظهورهم. هؤلاء الأشخاص يرمزون إلى المدن المحصَّنة التي فتحها الملك. أحد هؤلاء المدرَّعين المقيَّدين كأسرى نقش تحته "ملك يهوذا". Yudeh-Malek، يرى البعض إنَّها لا تعني ملك يهوذا بل هي اسم مدينة فلسطين غير معروفة لدينا.
"وأخذ خزائن بيت الرب وخزائن بيت الملك،
وأخذ كل شيء، وأخذ جميع أتراس الذهب التي عملها سليمان" [26].
كان الشعب عادة يحتفظ بالمجوهرات وكل الأشياء الثمينة إمَّا بإخفائها تحت الأرض، أو بإيداعها في الهيكل كأمانة. فكان الهيكل أشبه بخزنة بنك عام لإسرائيل يحتفظ بكثير من الأشياء الثمينة. لقد سطا شيشق على خزائن البنك وسلبها.
"فعمل الملك رحبعام عوضًا عنها أتراس نحاس،
وسلَّمها ليد رؤساء السعاة الحافظين باب بيت الملك.
وكان إذا دخل الملك بيت الرب يحملها السعاة ثم يرجعونهاإلى غرفة السعاة" [27-28].
ربَّما كان عدد السعاة 300 على حسب عدد الأتراس.
"وبقيَّة أمور رحبعام وكل ما فعل أمَّا هي فمكتوبة في سفر أخبار الأيَّام لملوك يهوذا.
وكانت حرب بين رحبعام ويربعام كل الأيَّام" [29-30].
تحقَّق ذلك حين سقطت السامرة عام 722 ق.م على يد الأشوريِّين؛ وسقطت أورشليم عام 5/586 ق.م. على يد البابليِّين.
"ثم اضطجع رحبعام مع آبائه ودفن مع آبائه في مدينة داود،
واسم أمُّه نعمة العمونيَّة،
وملَك أبيام ابنه عوضًا عنه" [31].
ذكر اسم الأم هنا "نعمة" وهي عمُّونيَّة، ليشير إلى تأثيرها الشخصي على ابنها الملك وعلى حكومته. للمرة الثانية يشير لاسم الملكة الأم وذلك لأهميَّة دورها. وقد ظهرت ملكتان في يهوذا لهما دورهما الخطير (1 مل 15: 13؛ 2 مل 11: 1-20).
من وحي 1 ملوك 14

ليتبدَّد بيت يربعام، ويفقد رحبعام نفوذه!


* ظنَّت امرأة يربعام أنَّها قادرة أن تتخفي أمام أخيَّا النبي،
هذا الذي لا يختفي المستقبل أمامه،
بل تنبَّأ لزوجها أن يكون ملكًا.
جاءت تسأل عن أبيَّا ابنها المريض،
ولم تبالِ بالشعب الذي أصابه المرض بسبب زوجها.
طرح زوجها الرب وراءه، ودفع الشعب للشرّ.
هوذا يموت ابنها عند دخولها المدينة،
ويقرض الرب بيت يربعام في عارٍ وخزيٍ.
* سلك رحبعام بن سليمان طريق أمُّه العمونيَّة.
هوذا شيشق ملك مصر يسلب خزائن أورشليم.
يربعام ورحبعام في حرب مستمرَّة،
كلاهما أبغضا الرب وأحبَّا الشرّ.
* لماذا أظن إنَّني قادر على التنكُّر أمام رجال الله.
لأرجع إلى الرب بكل قلبي، فيشفي نفسي المريضة.
يدخل بي إلى مدينتي المقدَّسة، ولا أكون بعد في عارٍ.
لأعطي للرب الوجه لا القفا،
فأحيا وتحيا كل عائلتي.
أتمتَّع مع أحبَّائي بالرب سرّ حياتي.
* لن يقدر غريب أن يدخل إلى أورشليمي المقدَّسة.
لن يمس العدوّ خزائن نفسي.
إنَّها في يد مخلِّصي، حافظي وتُرسي.
يحتل السلام أعماقي، وتتهلَّل نفسي بفرح السماء.





 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:39 PM   رقم المشاركة : ( 172994 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




إصابة يد يربعام بالفالج

يكشف لنا هذا الأصحاح عن طول أناة الله وعن عدم محاباته. فمن جهة أرسل رجل الله إلى يربعام الذي أدخل العبادة الوثنيَّة في المملكة الجديدة المنشقَّة. لقد اختاره الرب لتأديب رحبعام، لكنَّه إذ لم يكن أمينًا لله أرسل إليه نبيًا من يهوذا ينذره بسبب ارتداده عن الرب، ويؤدِّبه. اليد التي امتدَّت لتحطيم العبادة لله يبست.
والعجيب في طول أناة الله أنَّه إذ ندم الملك نال غفرانًا وشُفيت يده اليابسة.
طُلب من رجل الله الذي أُرسل للملك لتحذيره ألاَّ يأكل ولا يشرب في ذلك الموضع. إذ أطاع صنع الله به معجزات، وإذ لم يطع بغواية آخر افترسه أسد. ليس عند الله محاباة، فهو يؤدِّب من أخطأ، سواء كان ملكًا أو نبيًا.



إصابة يد يربعام بالفالج:

1 وَإِذَا بِرَجُلِ اللهِ قَدْ أَتَى مِنْ يَهُوذَا بِكَلاَمِ الرَّبِّ إِلَى بَيْتِ إِيلَ، وَيَرُبْعَامُ وَاقِفٌ لَدَى الْمَذْبَحِ لِكَيْ يُوقِدَ. 2 فَنَادَى نَحْوَ الْمَذْبَحِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ وَقَالَ: «يَا مَذْبَحُ، يَا مَذْبَحُ، هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: هُوَذَا سَيُولَدُ لِبَيْتِ دَاوُدَ ابْنٌ اسْمُهُ يُوشِيَّا، وَيَذْبَحُ عَلَيْكَ كَهَنَةَ الْمُرْتَفَعَاتِ الَّذِينَ يُوقِدُونَ عَلَيْكَ، وَتُحْرَقُ عَلَيْكَ عِظَامُ النَّاسِ». 3 وَأَعْطَى فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عَلاَمَةً قَائِلًا: «هذِهِ هِيَ الْعَلاَمَةُ الَّتِي تَكَلَّمَ بِهَا الرَّبُّ: هُوَذَا الْمَذْبَحُ يَنْشَقُّ وَيُذْرَى الرَّمَادُ الَّذِي عَلَيْهِ». 4 فَلَمَّا سَمِعَ الْمَلِكُ كَلاَمَ رَجُلِ اللهِ الَّذِي نَادَى نَحْوَ الْمَذْبَحِ فِي بَيْتِ إِيلَ، مَدَّ يَرُبْعَامُ يَدَهُ عَنِ الْمَذْبَحِ قَائِلًا: «أَمْسِكُوهُ». فَيَبِسَتْ يَدُهُ الَّتِي مَدَّهَا نَحْوَهُ وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَرُدَّهَا إِلَيْهِ. 5 وَانْشَقَّ الْمَذْبَحُ وَذُرِيَ الرَّمَادُ مِن عَلىَ الْمَذبَحِ حَسَبَ الْعَلاَمَةِ الَّتِي أَعْطَاهَا رَجُلُ اللهِ بِكَلاَمِ الرَّبِّ.

"وإذا برجل الله قدأتى من يهوذا بكلام الربإلى بيت إيل،
ويربعام واقف لدى المذبح لكي يوقد" [1].
كان يربعام يعلم تمامًا أن ما فعله فيه مقاومة للحق الإلهي، ومعصية للوصيَّة، مع هذا فقد بدأ عمله كرئيس كهنة يوقد، إذ أقام نفسه بنفسه. أرسل إليه الرب من يهوذا نبيًا يحذِّره بعلامة ظاهرة حتى لا يكون ليربعام عذر.
"فنادى نحو المذبح بكلام الرب وقال:
يا مذبح يا مذبح هكذا قال الرب،
هوذا سيولد لبيت داود ابن اسمه يوشيا.
ويذبح عليك كهنة المرتفعات الذين يوقدون عليك،
وتحرق عليك عظام الناس" [2].
لم يهمس رجل الله بما قاله الرب له بخصوص الملك لكنَّه بكل شجاعة "نادى" بصوتٍ عالٍ، فإنَّه لم يخشَ الملك، ولا خجل من رسالة الله له. لم يخشَ رجل الله بطش الملك، فإن من يخاف الله لا يخاف وجه إنسان مهما كان سلطانه أو مركزه.


* خوف الله هو الحارس لممارسة الوصايا، وهو ثمرة الإيمان السليم.
الأب أوغريس
* خوف الله يحثّ النفس على حفظ الوصايا، وعن طريق حفظ الوصايا يُشيد منزل النفس.
إذًا ليتنا نخاف الله ونُشيد منازل لأنفسنا، حتى نجد مأوى في الشتاء حيث المطر والرعد، لأن من لا منزل له يعاني من مخاطر عظيمة في وقت الشتاء.
* كيف نقتنى مخافة الله؟
قال الآباء إن الإنسان ينال مخافة الله وذلك:
أ. إن تذكَّر الموت والعذابات،
ب. وسأل نفسه كل مساء كيف قضى يومه، وكل صباح كيف قضى الليل.
ج. ولا يكون وقحًا (مهزارًا).
د. وأخيرًا إن بقى في علاقة (صداقة) مع إنسان يخاف الله. فإنَّه يُروى عن أخ سأل ناسكًا: ماذا أصنع أيُّها الأب لكي أخاف الله؟ فأجابه الناسك:"اذهب واسكن مع إنسان يخاف الله، فبسلوكه كخائف لله تتعلَّم مخافة الله".
ونحن نطرد خوف الله عن أنفسنا بصنعنا ما هو نقيض للأمور السابقة. فلا نذكر الموت ولا العذابات، ولا ندقِّق مع أنفسنا ونحاسبها كيف نقضي زماننا بل نعيش مستهترين، ونصادق أناسًا ليس فيهم خوف الله، كذلك نسلك بوقاحة.
وهذه الأخيرة "الوقاحة" (أو الهزل السخيف) هي أشرّ الكل، إذ تدمِّرنا إلى التمام. فليس شيء ينزع خوف الله عن النفس أكثر من الوقاحة.
الأب دوروثيؤس
بكل غيرة أراد أن يقدِّمها للملك كما لكل الحاضرين الذين كانوا من عظماء المملكة ومن الشعب، إذ كانت مناسبة لها أهميَّتها العظمى لدى الملك ورجال الدولة.
لم يوجِّه حديثه للملك ولا لرجاله ولا للكهنة أو الشعب بل إلى الحجارة، صارخًا: "يا مذبح يا مذبح". فقد صارت قلوب الكل بلا إحساس نحو الرسالة الإلهيَّة، فالأمل في الحجارة أن تسمع أكثر ممَّا في قلوب الناس. لقد أغلقت البشريَّة آذانها عن أن تسمع الرسالة الإلهيَّة، لذا صرخ إلى الحجارة لعلّها تنصت وتستجيب.
ظنَّ يربعام أن خطَّته تنجح حتمًا، تعطيه هو وبنيه من بعده استقرارًا وأمانًا فلا يعود الشعب إلى ملوك يهوذا. لكن رجل الله أكَّد أن الشرّ لن يدوم، وخطَّة الله تتحقَّق حتمًا. لهذا فقد تنبَّأ رجل الله عن يوشيا قبل ميلاده بثلاثة قرون ونصف، الذي يقوم ويهدم المذابح الوثنيَّة ويحرق عظام الذين يوقدون عليها.
كثيرًا ما نظن أن الشرّ أقوى وأبقى، لكن الله يؤكِّد أنَّه إلى حين. فالنور يبدِّد الظلمة، والحق يحطِّم الباطل. العبادة الوثنيَّة حتمًا ستنتهي، أمَّا كلمة الرب فباقية إلى الأبد.
"وأعطى في ذلك اليوم علامة قائلًا:
هذه هي العلامة التي تكلَّم بها الرب،
هوذا المذبح ينشق ويذرَّى الرماد الذي عليه" [3].
يؤكِّد الله رسالته بعلامة، وهي أن يهتز كيان المذبح وينشق ويذرَّى الرماد الذي عليه. بهذه العلامة يؤكِّد أن المتحدِّث معهم هو رجل الله حقيقة، وأن الله لن يُسرّ بذبائح تقدَّم على مذبحٍ رجس، عاجز عن أن يقدِّس الذبيحة. ومن جانب آخر فإنَّه إن كانت قلوبهم قد تحجَّرت كالمذبح الوثني، فإن كلمة الله وحدها قادرة أن تهز هذه القلوب الحجريَّة وتُذرِّي ما لصق بها من رماد الرجاسة.


"فلما سمع الملك كلام رجل الله الذي نادى نحو المذبح في بيت إيل
مدَّ يربعام يده عن المذبح قائلًا: امسكوه.
فيبست يده التي مدَّها نحوه، ولم يستطع أن يردَّها إليه" [4].
اهتم الله بيربعام فأرسل إليه رجل الله لكي ينذره. بسط الله يده بالحب لعلَّ يربعام يتوب ويرجع إليه. ردّ يربعام الحب بالعجرفة، فمدّ يده لا ليضعها في يد الله الممتدَّة إليه بل ليُقاوم. عِوض أن يقدِّم يربعام توبة ازداد حماقة، وظن أنَّه قادر أن يمسك رجل الله ويقتله. لم يسمح الله بأن تُصاب يد الملك بالفالج حينما امتدَّت لتقدَّم بخورًا للأوثان، لكنَّه سمح بذلك حين امتدَّت لتُمسك رجل الله. فإن كل مقاومة لرجاله تُحسب مقاومة له، وهو لا يسمح أن تستقرّ عصا الأشرار على نصيب الأبرار (مز 125: 3). لقد حذَّر "لا تمسُّوا مسحائي" (1 أي 16: 22؛ مز 105: 15).
* يوجد مثال كامل، ففي شخصٍ واحدٍ ظهرت مراحم الله وغضبه. وذلك عندما فقد يمينه فجأة وهو يقدِّم ذبيحة، وإذ ندم نال الغفران.
القديس أمبروسيوس
* الخطيَّة هي جموح حقيقي وإفساد في الإنسان، هي انحراف بعيد عن الخالق الأسمى وتوجُّه نحو الخليقة الأقل.
القديس أغسطينوس
"وانشق المذبح وذرِّيَ الرماد من على المذبح
حسب العلامة التي أعطاها رجل الله بكلام الرب" [5].


لقد أعطى الله ليربعام أكثر من فرصة لعلَّه يرجع عن شرِّه، لكنَّه كان مصرًّا على الفساد، فتحوَّلت كل الأمور لهلاكه. كما أن كل الأمور تعمل معًا للخير للذين يحبُّون الله (رو 8: 28)، هكذا كل الأمور تؤول لهلاك الشرِّير المُصرّ على شرِّه. لقد أعطاه الله عشرة أسباط، وأرسل له نبيًا من يهوذا ينذره، وسمح بانشقاق المذبح وتذرِية الرماد من عليه، وشفى يده اليابسة عندما تاب، لكن كل هذه الأمور صارت شهادة ضدَّه لدينونته. لم ينتفع بطول أناة الله بل أساء استخدامها.



 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:40 PM   رقم المشاركة : ( 172995 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* خوف الله هو الحارس لممارسة الوصايا،
وهو ثمرة الإيمان السليم.


الأب أوغريس
 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:41 PM   رقم المشاركة : ( 172996 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

كيف نقتنى مخافة الله؟
قال الآباء إن الإنسان ينال مخافة الله وذلك:
أ. إن تذكَّر الموت والعذابات،
ب. وسأل نفسه كل مساء كيف قضى يومه، وكل صباح كيف قضى الليل.
ج. ولا يكون وقحًا (مهزارًا).
د. وأخيرًا إن بقى في علاقة (صداقة) مع إنسان يخاف الله. فإنَّه يُروى عن أخ سأل ناسكًا: ماذا أصنع أيُّها الأب لكي أخاف الله؟ فأجابه الناسك:"اذهب واسكن مع إنسان يخاف الله، فبسلوكه كخائف لله تتعلَّم مخافة الله".
ونحن نطرد خوف الله عن أنفسنا بصنعنا ما هو نقيض للأمور السابقة. فلا نذكر الموت ولا العذابات، ولا ندقِّق مع أنفسنا ونحاسبها كيف نقضي زماننا بل نعيش مستهترين، ونصادق أناسًا ليس فيهم خوف الله، كذلك نسلك بوقاحة.

وهذه الأخيرة "الوقاحة" (أو الهزل السخيف) هي أشرّ الكل، إذ تدمِّرنا إلى التمام. فليس شيء ينزع خوف الله عن النفس أكثر من الوقاحة.


الأب دوروثيؤس
 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:43 PM   رقم المشاركة : ( 172997 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* خوف الله يحثّ النفس على حفظ الوصايا،
وعن طريق حفظ الوصايا يُشيد منزل النفس.
إذًا ليتنا نخاف الله ونُشيد منازل لأنفسنا،
حتى نجد مأوى في الشتاء حيث المطر والرعد،
لأن من لا منزل له يعاني من مخاطر عظيمة في وقت الشتاء.


الأب دوروثيؤس
 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:44 PM   رقم المشاركة : ( 172998 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* يوجد مثال كامل، ففي شخصٍ واحدٍ ظهرت مراحم الله وغضبه.
وذلك عندما فقد يمينه فجأة وهو يقدِّم ذبيحة، وإذ ندم نال الغفران.


القديس أمبروسيوس
 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:45 PM   رقم المشاركة : ( 172999 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* الخطيَّة هي جموح حقيقي وإفساد في الإنسان،
هي انحراف بعيد عن الخالق الأسمى وتوجُّه نحو الخليقة الأقل.




القديس أغسطينوس
 
قديم 13 - 09 - 2024, 03:46 PM   رقم المشاركة : ( 173000 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,256,741

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




ندم يربعام:

6 فَأَجَابَ الْمَلِكُ وَقَالَ لِرَجُلِ اللهِ: «تَضَرَّعْ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ إِلهِكَ وَصَلِّ مِنْ أَجْلِي فَتَرْجعَ يَدِي إِلَيَّ». فَتَضَرَّعَ رَجُلُ اللهِ إِلَى وَجْهِ الرَّبِّ فَرَجَعَتْ يَدُ الْمَلِكِ إِلَيْهِ وَكَانَتْ كَمَا فِي الأَوَّلِ.

"فأجاب الملك وقال لرجل الله:
تضرَّع إلى وجه الرب إلهك وصلِّ من أجلي،
فترجع يديَّ إليَّ.
فتضرَّع رجل اللهإلى وجه الرب،
فرجعت يد الملك إليه، وكانت كما في الأول" [6].
الله الذي يجرح هو وحده قادر أن يشفي الجراحات. لم يحمل النبي روح الانتقام ولا التشفِّي، بل في محبَّة ردّ شرّ الملك بالخير، وفتح له طريق الرجاء في الرب الطبيب الحقيقي للنفس والجسد.
تمتَّع الملك بالشفاء بالرجوع إلى الله وطلب شفاعات النبي عنه، فإن الله يسمع لطلبات أولاده. استجاب لطلبات موسى النبي عن فرعون (خر 10: 17)، وطلبات أيُّوب عن أصدقائه المقاومين له، وأيضًا لرجل الله هنا عن يربعام الذي عرف كيف يصلِّي من أجل مقاومه [6].
سأل الملك رجل الله أن يأكل في بيته فيقدِّم له أجرة، لكن رجل الله رفض أن يأكل أو يشرب في بيته، حتى وإن قدَّم له نصف ممتلكاته. أنَّه قرار حازم تسلَّمه من الرب نفسه، خاص بعدم الشركة مع الأشرار. مع ما تحمَّله النبي من مشاق وغالبًا ما كان في حاجة إلى طعام وشراب، وربَّما لم يكن معه من المال لشراء طعام رفض استضافة الملك له وقبول أيَّة هديَّة منه. بحسب الفكر البشري كان يمكنه قبول الدعوة لكي تتوفَّر فرصة أطول للحديث مع الملك لعلَّه يرجع ويقدِّم توبة صادقة، لكنَّه لم يفعل ذلك طاعة للرب الذي هو أحكم من الجميع. كرسول أطاع مرسله.
الله في طول أناته يريد خلاص الخطاة لا موتهم. فمع سابق معرفته أن يربعام يعود فيقدِّم ذبائح للأوثان، عندما قدَّم توبة غُفر له وشُفي يده اليابسة. إنَّه لم يسمح بموته في الحال لعلَّه يرجع ويتوب فيحيا. هكذا يشتهي الرب خلاص الكل.

 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 12:00 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024