* يشير إلى الله بكونه روحًا وحضورًا، بمعنى أين أذهب منك؟ أنت تملأ كل شيءٍ، وحاضر بالنسبة لكل أحدٍ، ولكن ليس كجزءٍ، بل بكليتك لكل واحدٍ. بإشارته إلى ما هو فوق وما هو أسفل، الطول والعرض، والارتفاع والعمق يشير إلى أنه حاضر في كل مكانٍ. لم يقل: "أينما أذهب تتبعني وتمسكني"، إنما "أينما أذهب أنت هناك"، أجدك سابقًا لي. هذا هو السبب لقوله: "معرفتك عجيبة لي".
ربما يعترض أحد: ما لم تعرفها تمامًا كيف تكون عجيبة؟ لأنها تفوق عقلي، تبتلع ذهني، فإننا لا نستطيع أن نمسك بوضوح أشعة الشمس، لذلك فنحن ندهش تمامًا لها.
هكذا في حالة معرفة الله، فإننا لا نجهله تمامًا، فنحن نعرف أنه موجود، وأنه محب، وأنه صالح، وأنه لطيف ورقيق، وأنه في كل مكان. أما عن كيانه هو أو ما هي عظمة أقواله أو كيف هو في كل مكان، فهذا نجهله.
لهذا بعد إشارته إلى الأشياء التي معرفتك تدهشني وتكريم معرفة كيانه، وقوته الخالقة، وعنايته الإلهية، وعدم القدرة على إدراكه وعدم إمكانية فحصه، تباعًا يصف إلى حدٍ ما قوته، هكذا فإنها تحمل قوة محيِّرة تمامًا لمن يبحث عنها بعقله البشري.
القديس يوحنا الذهبي الفم