رحلة في عقل شمشون
تُشبَّه رحلة الإيمان مع الله بموجات، بها قمم وقيعان. فكثيرًا ما يكون منسوب العِشرة والثقة مع الله عالٍ، فتكون سلوكيات المؤمن مُسِّرة وتمجِّده. بينما في أطوار كثيرة تضعف الشركة فيضعف الإيمان، وما يترتب عليه من ذلات تحزن الروح الساكن فينا.
واليوم وفي رحلتنا في عقل الإيمان من خلال سحابة شهوده في عبرانيين ظ،ظ،، نقف أمام شاهد وبطل، فيه ومضات تلمع لفائدتنا، فجاء اسمه وسط مجموعة مشهود لهم بالإيمان «أَنَّهُ يُعْوِزُنِي الْوَقْتُ إِنْ أَخْبَرْتُ عَنْ ... شَمْشُونَ... الَّذِينَ بِالإِيمَانِ قَهَرُوا مَمَالِكَ، صَنَعُوا بِرّاً، نَالُوا مَوَاعِيدَ، سَدُّوا أَفْوَاهَ أُسُودٍ» (عبرانيينظ£ظ¢:ظ،ظ،-ظ£ظ£).
مع الوضع في الاعتبار، أن عبرانيين ظ،ظ، يركِّز على قمم حياة شهود الإيمان لا على قيعان الضعف والسقطات. “شمس” هو معنى اسمه، وُلد لأبيه منوح بعد أن كانت أُمه عاقر. من سبط دان، يتميِّز منذ صباه إنه نذير للرب. استخدمه الرب وهو بعد صبي (من ظ،ظ،-ظ،ظ£ سنة)، ولمدة ظ¢ظ* عامًا كان هو القاضي الثالث عشر لإسرائيل، بعد أن دفعهم الرب ليد الفلسطينيين لمدة ظ¤ظ* سنة لأنهم صنعوا الشر في عينيه، وتُسجَّل حياته في قضاة من ظ،ظ£ إلى ظ،ظ¦، أشجِّعك على قرأتها.
ظ،-النشأة والاستخدام (قضاةظ،ظ£)
في بيت من صرعة، وفي زمان عُقم روحي لإسرائيل وأيضًا جسدي لأمه. وُلِد شمشون، وبزيارة من ملاك الرب نفسه نالت الأسرة تعليمات خاصة بتربيته. ومُنِعَت الأم من شُرب الخمر وأكل النجس طوال الحمل. بل وبعد ولادته لا يعلو موسٍى رأسه، وذلك لأنه نذير (مفروز) للرب، بحسب شريعة النذير كان عليه محاذير ثلاثة: لا مُسكر، لا يحلق شعر رأسه، ولا يمسّ ميت (عددظ¢:ظ¦-ظ¦).
كبر الصبي وباركه الرب. وتميّزت حياته بالخضوع للرب بعمل الروح القدس فيه، وحَرَكَه أولًا في بلدته «محلة دان»، بين صرعة وأشتأول. فالقلب المُكرَّس للرب خاضع له في كيف ومتى يحركه. صديقي إن العمل مع الرب مُشرِّف، ولكن له ضوابط؛ منها الخضوع لتوجيهات الرب، وأيضًا النقاوة في الحياة الروحية. وهذا ما بدأ به شمشون، فنقاوة الآنية تسمح باستخدام أوسع (ظ¢تيموثاوسظ¢ظ،:ظ¢)، لقد عمل الروح القدس في قلبه أولًا قبل أن يعمل به في حقل الخدمة. وهذه قاعدة هامة: قدر ما تتيح له العمل فيك، قدر ما يتيح لك العمل معه، بلغة أخرى يعمل فيك ثم يعمل بيك.
ظ¢-القوة ومصدرها (قضاةظ¥:ظ،ظ¤-ظ¦)
كانت قوة شمشون ليست كامنة في عضلاته، بل في روح الله. ففي لقائه مع شبل الأسد منحته السماء قوة لا ليُسّد فاه كأيام دانيال، ولا لقتله فقط كداود، بل أيضًا لشقه نصفين وبدون سلاح! يا لها من قوة يمنحها الرب عند الإتكال عليه وليس على امكانياته الشخصية. وهذا واضح من قول الكتاب وليس معه في يده شيء. إن الروح القدس في قلوبنا يعطينا قوة في مواجهة الصعوبات فمكتوب «لِكَيْ يُعْطِيَكُمْ... أَنْ تَتَأَيَّدُوا بِالْقُوَّةِ بِرُوحِهِ فِي الإِنْسَانِ الْبَاطِنِ» (أفسسظ،ظ¦:ظ£).
عزيزي إن حياة الإيمان ليست خالية من الصعوبات، بل قادرة بالله على مواجهة الصعوبات والخروج منها باختبارات النصرة. فشمشون حينما عاد بعد أيام وجد في جوف الأسد الذي قتله خلية نحل ومعها عسل، فأخذ العسل من جوف الأسد، وقال احجيته الشهيرة التي هي مصدر تشجيع لنا «مِنَ الآكِلِ خَرَجَ أَكْلٌ وَمِنَ الْجَافِي خَرَجَتْ حَلاَوَةٌ» (قضاةظ،ظ¤:ظ،ظ¤). فكما أن وحده الرب قادر على هذا الفعل كذلك الإيمان هو القادر على التمتع بهذا الاختبار، أدعوك لتستحضر الله بالإيمان في ظروف حياتك وإن كانت جافية، حتمًا سيخرج منها حلاوة في نعمته.
ظ£-المحبة الأخوية (قضاةظ©:ظ،ظ¥-ظ،ظ¦)
إن عمل الإيمان في القلب ينعكس خارجيًا على محبتنا بعضنا لبعض، لقد ظهرت في حياة شمشون تجاه إخوته بني يهوذا، لقد أتوا ليوثقوه ويسلموا للفلسطينيين، لم يستخدم قوته ضد إخوته. لعله في هذا الموقف كان مختلفًا عن إيليا الذي توسل إلى الله ضد إسرائيل (روميةظ¢:ظ،ظ،)، وكان متشبهًا بيوسف الذي باعه إخوته ولم يستخدم قوته فيما بعد ضدهم. بل والأعظم صار شبه الرب يسوع الذي جُرح في بيت الأحباء (زكرياظ¦:ظ،ظ£) حينما أسلموه للصلب.
يالها من ومضة في حياة بطلنا، عنوانها قوتي لصالح إخوتي، أما الأعداء فبالاتكال على الرب أنا كفيل بهم. وقد كان استخدمه الرب ليقتل ظ،ظ*ظ*ظ* شخص بلحي حمار. نعم هي قوة الله لكن الإيمان وظّف القدرة لصالح إخوته لا ضدهم.
ظ¤-العطش والرمز (قضظ،ظ§:ظ،ظ¥-ظ¢ظ*)
بعد أن صنع خلاصًا عظيمًا ودعي المكان “رمت لحي” أي تل عظمة الفك، هناك حيث واجه العدو وانتصر عليه. لكنه عطش فصلى، فكانت استجابة الرب أن فتح له من جوف لحي عين ماء ظلت فيما بعد حتى كتابة سفر القضاة؛ شاهدة على استجابة الصلاة. وقد أسماها شمشمون “عين هَقُّورِي” أي ينبوع الذي دعا. يا لها من ثقة إيمان وقت الاحتياج، إنها تستغيث بالرب القادر. ففي وقت سابق من جفاء الأسد أخرج العسل ليسد جوعه، وها هو الأن يخرج من جفاف أرض لحي ينبوع ماء جعله يشرب وينتعش.
ولعلك بفطنة عزيزي وجدت تشابه بين قصة شمشون صانع الخلاص الأرضي وبعدها عَطَشَ، بسيدي رب شمشون الذي صنع الخلاص الأبدي وبعدها قال أنا عطشان، مع مفارقة بسيطة الأول صنع خلاص زمني، وفتح ينبوع ماء أرضي، أما سيدي فصنع خلاص أبديًا وفتح لنا ينبوع أبدي للتطهير من الخطية والنجاسة.
صديقي كل منتجات الله في مصنع الإيمان جميلة الطعم والرائحة، حتى وإن مرت بضعفات، لكن تظل ومضات حياة الإيمان مضيئة ومؤثرة، وشمشون واحد من هؤلاء الأبطال. أشجعك على التقاط عمل الإيمان من حياته والتمتع بها. وإلى أن نبحث في منتج آخر من منتجات مصنع الإيمان. الرب معك.