منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات
قديم 12 - 08 - 2024, 05:42 PM   رقم المشاركة : ( 170061 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* نسمع هذا وما يشبهه كل يوم ومع هذا لا نزال مسمرين في الأرض.



القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:43 PM   رقم المشاركة : ( 170062 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* إنني أعرف أن البعض يحاول إظهار أن هذه الكلمات
(كل جسد هو عشب) تُشير إلى حالة الناس الهمجيين من أمم مختلفة
ولهم عادات مختلفة، جاءوا إلى الإيمان (بكلمة الرب) فصاروا في انسجام الأبرار.



القديس إيريناؤس
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:44 PM   رقم المشاركة : ( 170063 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




خطة الله فائقة الإدراك:

9 عَلَى جَبَل عَال اصْعَدِي، يَا مُبَشِّرَةَ صِهْيَوْنَ. ارْفَعِي صَوْتَكِ بِقُوَّةٍ، يَا مُبَشِّرَةَ أُورُشَلِيمَ. ارْفَعِي لاَ تَخَافِي. قُولِي لِمُدُنِ يَهُوذَا: «هُوَذَا إِلهُكِ. 10 هُوَذَا السَّيِّدُ الرَّبُّ بِقُوَّةٍ يَأْتِي وَذِرَاعُهُ تَحْكُمُ لَهُ. هُوَذَا أُجْرَتُهُ مَعَهُ وَعُمْلَتُهُ قُدَّامَهُ. 11 كَرَاعٍ يَرْعَى قَطِيعَهُ. بِذِرَاعِهِ يَجْمَعُ الْحُمْلاَنَ، وَفِي حِضْنِهِ يَحْمِلُهَا، وَيَقُودُ الْمُرْضِعَاتِ». 12 مَنْ كَالَ بِكَفِّهِ الْمِيَاهَ، وَقَاسَ السَّمَاوَاتِ بِالشِّبْرِ، وَكَالَ بِالْكَيْلِ تُرَابَ الأَرْضِ، وَوَزَنَ الْجِبَالَ بِالْقَبَّانِ، وَالآكَامَ بِالْمِيزَانِ؟ 13 مَنْ قَاسَ رُوحَ الرَّبِّ، وَمَنْ مُشِيرُهُ يُعَلِّمُهُ؟ 14 مَنِ اسْتَشَارَهُ فَأَفْهَمَهُ وَعَلَّمَهُ فِي طَرِيقِ الْحَقِّ، وَعَلَّمَهُ مَعْرِفَةً وَعَرَّفَهُ سَبِيلَ الْفَهْمِ.؟ 15 هُوَذَا الأُمَمُ كَنُقْطَةٍ مِنْ دَلْوٍ، وَكَغُبَارِ الْمِيزَانِ تُحْسَبُ. هُوَذَا الْجَزَائِرُ يَرْفَعُهَا كَدُقَّةٍ! 16 وَلُبْنَانُ لَيْسَ كَافِيًا لِلإِيقَادِ، وَحَيَوَانُهُ لَيْسَ كَافِيًا لِمُحْرَقَةٍ. 17 كُلُّ الأُمَمِ كَلاَ شَيْءٍ قُدَّامَهُ. مِنَ الْعَدَمِ وَالْبَاطِلِ تُحْسَبُ عِنْدَهُ. 18 فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَ اللهَ، وَأَيَّ شَبَهٍ تُعَادِلُونَ بِهِ؟ 19 اَلصَّنَمُ يَسْبِكُهُ الصَّانِعُ، وَالصَّائِغُ يُغَشِّيهِ بِذَهَبٍ وَيَصُوغُ سَلاَسِلَ فِضَّةٍ. 20 الْفَقِيرُ عَنِ التَّقْدِمَةِ يَنْتَخِبُ خَشَبًا لاَ يُسَوِّسُ، يَطْلُبُ لَهُ صَانِعًا مَاهِرًا لِيَنْصُبَ صَنَمًا لاَ يَتَزَعْزَعُ! 21 أَلاَ تَعْلَمُونَ؟ أَلاَ تَسْمَعُونَ؟ أَلَمْ تُخْبَرُوا مِنَ الْبَدَاءَةِ؟ أَلَمْ تَفْهَمُوا مِنْ أَسَاسَاتِ الأَرْضِ؟ 22 الْجَالِسُ عَلَى كُرَةِ الأَرْضِ وَسُكَّانُهَا كَالْجُنْدُبِ. الَّذِي يَنْشُرُ السَّمَاوَاتِ كَسَرَادِقَ، وَيَبْسُطُهَا كَخَيْمَةٍ لِلسَّكَنِ. 23 الَّذِي يَجْعَلُ الْعُظَمَاءَ لاَ شَيْئًا، وَيُصَيِّرُ قُضَاةَ الأَرْضِ كَالْبَاطِلِ. 24 لَمْ يُغْرَسُوا بَلْ لَمْ يُزْرَعُوا وَلَمْ يَتَأَصَّلْ فِي الأَرْضِ سَاقُهُمْ. فَنَفَخَ أَيْضًا عَلَيْهِمْ فَجَفُّوا، وَالْعَاصِفُ كَالْعَصْفِ يَحْمِلُهُمْ. 25 «فَبِمَنْ تُشَبِّهُونَنِي فَأُسَاوِيهِ؟» يَقُولُ الْقُدُّوسُ. 26 ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ.

الآن بعدما أبرز أن من يرتبط بالزمنيات الفانيات يصير كعشب الأرض الذي يذبل ومن يلتصق بكلمة الله الأبدي يبقى معه أبديًا، يعلن عن معنى الارتباط بكلمة الرب.
أ. قبول البشارة الإنجيلية المفرحة: "على جبل عالٍ اصعدي يا مبشرة صهيون، ارفعي صوتك بقوة يا مبشرة أورشليم. ارفعي لا تخافي. قولي لمدن يهوذا: هوذا إلهك. هوذا السيد الرب بقوة يأتي وذراعه تحكم له" [9-10].
من هذه التي ترفع صوتها إلاَّ كنيسة العهد الجديد التي تصعد بالبشرية كما على جبل كلمة الله خلال كرازة التلاميذ والرسل بل وشهادة كل الشعب، تصعد بالنفوس إلى الحياة السماوية أو الحياة الجديدة التي صارت لنا في المسيح يسوع لتلتقي بالله مخلصنا كمصدر فرح وتهليل. تراه قادمًا إليها ليحكم في أعماقها ويقيم ملكوته بذراعه الرفيعة.
ب. أدراك حقيقة الله؛ فإننا إذ نرتفع إلى الحياة الجديدة نلتقي مع الرب على مستوى شخصي، فلا نجده قوة خفية مجهولة وإنما كائنًا يتعامل معنا: "يأتي ويحكم ويجازي ويراعي إلخ...
وكما يقول القديس غريغوريوس النيسيفي رده على أونوميوس: [هل الله إذن طاقة وليس شخصًا].
يقول القديس يوحنا كاسيان:[إنه يليق بنا عندما نسمع كلمة "ذراعه" أو ما أشبهها لا نفهمها بمعنى جسماني مادي.
ج. اكتشاف رعاية الله لنا بكونه الراعي المهتم بقطيعه [11]، وهو فريد في شخصه كما في رعايته:
* أنه الخالق القدير في رعايته: "من كال بكفه المياه؟! وقاس السموات بالشبر؟! وكال بالكيل تراب الأرض؟! ووزن الجبال بالقبان والآكام بالميزان؟!" إنه خالق المياه
والسموات كما التراب والجبال الصلدة. الذي خلق يقدر أن يُجدد الخليقة.
تُشير المياه إلى الشعوب، والسموات إلى النفس، والأرض إلى الجسد، والجبال والتلال إلى قدرات الإنسان ومواهبه، وكأن الله في رعايته قدير، يُجدد الكنيسة ككل بضم الشعوب إليها، كما يُجدد كل نفس مع الجسد بطاقاته وأحاسيسه ومشاعره وإمكانياته.
إنه يقيس ويزن كل شيء، إذ هو كلي القدرة.
لعله أراد أن يؤكد أن الله يهتم بخليقته الجامدة من مياه وجلد السماء حتى التراب والجبال والتلال، فكيف لا يهتم بنا نحن الذين على صورته ومثاله، وقد خلق العالم كله من أجلنا.
* إن كنت تشك في عناية الله سلْ الأرض والسماء والشمس والقمر. سلْ الكائنات غير العاقلة والزروع... سلْ الصخور والجبال والكثبان الرملية والتلال. سلْ الليل والنهار؛ فإن عناية الله أوضح من الشمس وأشعتها، في كل مكان: في البراري والمدن والمسكونة، على الأرض وفي البحار... أينما ذهبت تسمع شهادة ناطقة بهذه العناية الصارخة.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* كلي الحكمة: "من قاسَ روح الربِّ ومن مُشيرُهُ يُعلِّمه؟! من استشاَرهُ فأفهمَه وعلَّمه في طريق الحق وعلَّمه مَعْرفةّ وعَرَّفهُ سبيل الفهم؟!" [13-14].
مع كونه الخالق القدير الذي أوجد الطبيعة من أجلنا يرعاها ويهتم بها، هو أيضًا كلي الحكمة يعرف ما هو لخلاصنا وبنياننا، خطته غير خطتنا، وتدابيره تعلو عن تدابيرنا (رو 11: 34).
* لم يقل (الرسول بولس- رو 11) إن أحكامه بعيدة عن الفحص فحسب، وإنما بعيدة أيضًا عن الاستقصاء. ليس فقط لا يقدر الإنسان أن يفهمها بل ولا حتى أن يبدأ في استقصائها. يستحيل عليه أن يدرك غايتها أو حتى يكتشف كيف بدأ تخطيطها.
* يُريد أن يقول إنه ينبوع كل الخيرات ومصدرها، ليس في حاجة إلى شريك أو مشير.
القديس يوحنا الذهبي الفم
* ضابط الكل لا يفلت شيء من يده: "هوذا الأمم كنقطة من دلو وكغبار الميزان تُحسب، هوذا الجزائر يرفعها كدفة..." [15].
إنه ضابط الكل... فإن كانت الأمم تُريد أن تحكم العالم وتسوده خلال العنف والقوة فهي ضعيفة للغاية، يراها الله نقطة ماء في دلو وغبار ميزان... أما الله ففي ضعف الصليب وجهالته يحكم ويملك بقوة وسلطان على الأعماق.
الأرض بكل شعوبها صغيرة للغاية بالنسبة للمخلص، يحملها كغبار في مقياس صغير، أما سكان الجزائر المفتخرون بسفنهم التجارية والحربية فجميعهم معًا أشبه بدفة يمسكها الرب بيده!
* يدرك (الله) في ذاته كل الخليقة العاقلة لكي تبقى كل الأشياء موجودة مضبوطة بقوته التي تضم الكل.
القديس غريغوريوس النيسي
* اهتمامه بالأمم: "ولبنان ليس كافيًا للإيقاد وحيوانه ليس كافيًا لمحرقة. كل الأمم كلا شيء قدامه، من العدم والباطل تُحسب عنده" [16-17]. تصوير شعري عن قبول الأمم الإيمان بالله حتى أن كل شجر لبنان (الأرز) لا يكفي للإيقاد لمذبح الرب وجميع حيواناته لا تكفي لتقديم محرقات... لقد صارت الحاجة إلى خشبة الصليب التي تسمو فوق كل أرز لبنان، وذبيحة المسيح التي لا تقارن بالذبائح الحيوانية جميعها. خلال هذا المذبح (الصليب) وهذه الذبيحة يتمتع الأمم بالخلاص.
* بلغ الخروف الحيّ الإلهي إلى الصعيدة، وقام الصالبون كالأحبار يقدمونه ضحية...!
* صُلب ربنا وحمل ذنوب المسكونة، وسمر الخطية بالمسامير حتى لا تملك. لما صلبوه صلبها معه على الجلجثة لئلا تقتل أجيالًا أخرى.
ماريعقوب السروجي
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:46 PM   رقم المشاركة : ( 170064 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




عظمة السيد المسيح المخلص والذبيح:
"فبمن تشبهون الله وأي شيء تعادلون به؟!" [18]؛ تكاليف الأوثان باهظة تحتاج إلى ذهب وفضة أو خشب لا يسوس مع تكلفة للصانع الماهر الذي يقوم بعملها [20]، يُقابل ذلك شوق اللصوص لسرقتها، أما مسيحنا فيقدم خلاصًا مجانيًا، يعلن ملكوته في القلب حيث لا يقدر أحد أن يسرقه من أعماقنا.
* "الجالس على كرة الأرض" [22]. كان الاعتقاد السائد أن الأرض مسطحة وليست كرة، لكن إشعياء رأى الرب جالسًا على كرة الأرض كملك يجلس على عرشه، يُقيم مملكته في قلوب البشر.
* "سكانها كالجندب، الذي ينشر السموات كسرادق ويبسطها كخيمة للسكن" [22]. إنه لا يملك عن احتياج خدمة الأرضيين أو السمائيين، إنما عن حب ورعاية أبوية. فالأرضيون بالنسبة له كالجندب (الجراد)، والسماء أشبه بقطعة قماش أو خيمة. العظماء عنده كلا شيء والقضاة كالباطل ينحلون.
الأرض والسماء كلا شيء بالنسبة لقدرته؛ لكنه في حبه يملك ويقود الأرضيين والسمائيين كملك ومخلص..
انشغل المنجمون بحسابات الفلك وأنظمتها أما الله فيعلم كل دقائقها كخالق لها، يدعوها بأسماء [26]، فكيف لا يعرف كل إنسان ويهتم بخلاصه؟!
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:48 PM   رقم المشاركة : ( 170065 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

أدراك حقيقة الله؛ فإننا إذ نرتفع إلى الحياة الجديدة نلتقي مع الرب
على مستوى شخصي، فلا نجده قوة خفية مجهولة وإنما كائنًا يتعامل معنا:
"يأتي ويحكم ويجازي ويراعي إلخ...
وكما يقول القديس غريغوريوس النيسي
في رده على أونوميوس: [هل الله إذن طاقة وليس شخصًا].
يقول القديس يوحنا كاسيان

إنه يليق بنا عندما نسمع كلمة "ذراعه"
أو ما أشبهها لا نفهمها بمعنى جسماني مادي.
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:50 PM   رقم المشاركة : ( 170066 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* أنه الخالق القدير في رعايته: "من كال بكفه المياه؟! وقاس السموات بالشبر؟! وكال بالكيل تراب الأرض؟! ووزن الجبال بالقبان والآكام بالميزان؟!" إنه خالق المياه والسموات كما التراب والجبال الصلدة. الذي خلق يقدر أن يُجدد الخليقة.
تُشير المياه إلى الشعوب، والسموات إلى النفس، والأرض إلى الجسد، والجبال والتلال إلى قدرات الإنسان ومواهبه، وكأن الله في رعايته قدير، يُجدد الكنيسة ككل بضم الشعوب إليها، كما يُجدد كل نفس مع الجسد بطاقاته وأحاسيسه ومشاعره وإمكانياته.
إنه يقيس ويزن كل شيء، إذ هو كلي القدرة.
لعله أراد أن يؤكد أن الله يهتم بخليقته الجامدة من مياه وجلد السماء حتى التراب والجبال والتلال، فكيف لا يهتم بنا نحن الذين على صورته ومثاله، وقد خلق العالم كله من أجلنا.

* إن كنت تشك في عناية الله سلْ الأرض والسماء والشمس والقمر. سلْ الكائنات غير العاقلة والزروع... سلْ الصخور والجبال والكثبان الرملية والتلال. سلْ الليل والنهار؛ فإن عناية الله أوضح من الشمس وأشعتها، في كل مكان: في البراري والمدن والمسكونة، على الأرض وفي البحار... أينما ذهبت تسمع شهادة ناطقة بهذه العناية الصارخة.



القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:52 PM   رقم المشاركة : ( 170067 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* كلي الحكمة: "من قاسَ روح الربِّ ومن مُشيرُهُ يُعلِّمه؟! من استشاَرهُ فأفهمَه وعلَّمه في طريق الحق وعلَّمه مَعْرفةّ وعَرَّفهُ سبيل الفهم؟!" [13-14].
مع كونه الخالق القدير الذي أوجد الطبيعة من أجلنا يرعاها ويهتم بها، هو أيضًا كلي الحكمة يعرف ما هو لخلاصنا وبنياننا، خطته غير خطتنا، وتدابيره تعلو عن تدابيرنا (رو 11: 34).
* لم يقل (الرسول بولس- رو 11) إن أحكامه بعيدة عن الفحص فحسب، وإنما بعيدة أيضًا عن الاستقصاء. ليس فقط لا يقدر الإنسان أن يفهمها بل ولا حتى أن يبدأ في استقصائها. يستحيل عليه أن يدرك غايتها أو حتى يكتشف كيف بدأ تخطيطها.

* يُريد أن يقول إنه ينبوع كل الخيرات ومصدرها، ليس في حاجة إلى شريك أو مشير.



القديس يوحنا الذهبي الفم
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:53 PM   رقم المشاركة : ( 170068 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* يدرك (الله) في ذاته كل الخليقة العاقلة
لكي تبقى كل الأشياء موجودة مضبوطة بقوته التي تضم الكل.





القديس غريغوريوس النيسي
 
قديم 12 - 08 - 2024, 05:54 PM   رقم المشاركة : ( 170069 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* ضابط الكل لا يفلت شيء من يده: "هوذا الأمم كنقطة من دلو وكغبار الميزان تُحسب، هوذا الجزائر يرفعها كدفة..." [15].
إنه ضابط الكل... فإن كانت الأمم تُريد أن تحكم العالم وتسوده خلال العنف والقوة فهي ضعيفة للغاية، يراها الله نقطة ماء في دلو وغبار ميزان... أما الله ففي ضعف الصليب وجهالته يحكم ويملك بقوة وسلطان على الأعماق.
الأرض بكل شعوبها صغيرة للغاية بالنسبة للمخلص، يحملها كغبار في مقياس صغير، أما سكان الجزائر المفتخرون بسفنهم التجارية والحربية فجميعهم معًا أشبه بدفة يمسكها الرب بيده!





القديس غريغوريوس النيسي
 
قديم 12 - 08 - 2024, 06:07 PM   رقم المشاركة : ( 170070 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,273,738

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة






المزمور المئة والثامن والأربعون
العالم كله يسبح الله


"هللويا سبحوا الرب من السموات سبحوه في الأعالى" ع1




كاتبه: غير معروف لأن المزمور ليس له عنوان، فهو من المزامير اليتيمة.

هذا المزمور يبدأ وينتهى بكلمة هللويا، فهو من مزامير الهليل الخمسة (مز146-150).

هذا المزمور ليتورجى عند اليهود، وكان يصلى في العبادة الجماعية.

هذا المزمور من المزامير الليتورجية الهامة في الكنيسة. فهو الجزء الأول من الهوس الرابع؛ أي التسبيح الرابع الذي يصلى قبل صلاة عشية، أو في أواخر تسبحة نصف الليل.

يعتبر هذا المزمور من أعظم مزامير التسبيح؛ لأنه يضم الخليقة كلها في تسبيح واحد لله.

يناسب هذا المزمور كل مصلى يحب الله، ويريد التعبير عن مشاعره له، وكقائد للخليقة في تسبيح الله.

لا يوجد هذا المزمور بالأجبية.

(1) السموات (ع1-6):



ع1، 2: هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا الرَّبَّ مِنَ السَّمَاوَاتِ. سَبِّحُوهُ فِي الأَعَالِي
سَبِّحُوهُ يَا جَمِيعَ مَلاَئِكَتِهِ. سَبِّحُوهُ يَا كُلَّ جُنُودِهِ.

يدعو كاتب المزمور السموات أولًا لتسبيح الله. فالسموات تمثل ما يسمو عن الأرض وسكانها. وفى السموات عرش الله لسموه العظيم.

أول مجموعة يدعوها لتسبيح الله هم الملائكة، وجنود الله هم رتب الملائكة المختلفة. ويبدأ بالملائكة التي تسبح في السموات، وفى الأعالى؛ لأن عملهم الأساسى هو التسبيح، فهم أقدر المخلوقات على تسبيح الله، ولأنهم أرواح بلا أجساد، وينظرون الله في كل حين. ورغم أن كاتب المزمور يعلم أن الملائكة يسبحون الله دائمًا، لكنه يدعوهم للتسبيح، إذ اشتعل بالحب الإلهي، واشتاق للتسبيح فأول مجموعة خطرت على باله هم الملائكة المسبحين في كل حين.

قدر ما يحيا الإنسان سماويًا يصير مثل الملائكة، فيتذوق حلاوة أكبر في التسبيح إذ يتعلم من الملائكة كيف يكون التسبيح، ويرتفع عن الشهوات المادية، ويكتسب فضائل روحية كثيرة.



ع3، 4: سَبِّحِيهِ يَا أَيَّتُهَا الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ.
سَبِّحِيهِ يَا جَمِيعَ كَوَاكِبِ النُّورِ. سَبِّحِيهِ يَا سَمَاءَ السَّمَاوَاتِ،
وَيَا أَيَّتُهَا الْمِيَاهُ الَّتِي فَوْقَ السَّمَاوَاتِ.

بعد أن دعى كاتب المزمور الملائكة لتسبح الله، وهم يمثلون المجموعة الأولى من المسبحين، أي الخورس الأول، يدعو المجموعة الثانية، أي الخورس الثاني في التسبيح، وهو الأجرام السماوية، فيدعو الشمس والقمر وكواكب النور. وينادى أيضًا على سماء السموات، ونفهم من هذا أن هناك عدد من السموات يناديها كلها لتسبيح الله، والمعروف عندنا ثلاث سموات؛ هي سماء الطيور، ثم سماء الفراغ الكونى، أي الأجرام السماوية، وبعد ذلك سماء الملائكة وتسمى السماء الثالثة التي ارتفع إليها بولس. وينادى أيضًا على المياه التي فوق السموات، وهي التي تبخرت من الأرض، وارتفعت إلى السماء، ثم تعود فتنزل على الأرض بشكل أمطار. وتسبيح هذه الكائنات لله يكون بسير هذه الكواكب بالنظام الذي وضعه الله لها. كما يمجد الإنسان الله ليس فقط بكلامه، بل أيضًا بأعماله. والسموات أيضًا تعمل أعمالًا مفيدة للإنسان، مثل الإنارة والأمطار. كل هذه أعمال تسبح الله.

السموات ترمز للإنسان الروحي الذي بسلوكه الحسن ينير لمن حوله، مثل الشمس، والقمر والكواكب، ويفيض على غيره بمحبة وخدمات مثل الأمطار؛ كل هذه تسابيح مقدمة لله من خلال أعمال الناس الروحيين.



ع5، 6: لِتُسَبِّحِ اسْمَ الرَّبِّ لأَنَّهُ أَمَرَ فَخُلِقَتْ،
وَثَبَّتَهَا إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ، وَضَعَ لَهَا حَدًّا فَلَنْ تَتَعَدَّاهُ.

الله يفرح بخليقته التي تسبحه، وهي تسبحه لأجل ثلاثة أمور:

"لأنه أمر فخلقت":
لأنه خلق السموات بأمره وكلمته، والتي نحاول الآن بالدراسات والأبحاث أن نفهم شيئًا عنها وعن نظامها؛ كل هذا تم في الحال بأمر الله.

وهكذا أيضًا يأمر الله فيهب الإنسان مواهب الروح القدس لسد احتياجات الكنيسة، مثل الوعظ والتعليم، وثمار الروح القدس، أي الفضائل لبنيان الإنسان الروحي.

"ثبتها إلى الدهر": فالله وضع لها نظامًا ثابتًا تسير عليه، مستمرًا طوال الحياة.

وهكذا أيضًا وضع الله نظامًا في الكنيسة للعبادة تسمى الطقوس؛ ليساعد الإنسان في علاقته مع الله. وعندما يثبت الإنسان الروحي في الكنيسة، يساعده الله فيثبت إلى الأبد في ملكوته السماوى.

"وضع لها حدًا فلن تتعداه" : لم يكتف الله أن يضع لها نظامًا، بل أيضًا حدودًا لا تتعداها؛ حتى لا تصطدم الكواكب مع بعضها، فتحدث كوارث في الكون. وأيضًا وضع الشمس بعيدة عن الأرض بمقدار لا يحرق البشر، وأيضًا الله يضع حدودًا للبشر حتى لا يسيئوا لغيرهم فوق الطاقة، ويسمح ببعض العجز؛ حتى لا يتمادى الإنسان في شره.

† السماوات وما فيها تمثل حضرة الله، وخضوعها له يدعوك يا أخى أن تحيا بوصايا الله، وتكون أمينًا في أعمالك فتمجد الله، وتسبحه مثل مخلوقاته السماوية.



(2) الأرض (ع7-10):



ع7: سَبِّحِي الرَّبَّ مِنَ الأَرْضِ، يَا أَيَّتُهَا التَّنَانِينُ وَكُلَّ اللُّجَجِ.

ينتقل كاتب المزمور إلى مجموعة جديدة، هي مجموعة ثالثة تسبح الله، وهي الأرض وما عليها، وكذا البحار وما فيها. ويذكر في هذه الآية التنانين وهي جمع تنين، الذي هو حيوان ضخم قوى؛ يعيش إما على الأرض مثل الثعبان الضخم، أو في اللجج وهي أعماق المياه، أو على شواطئها، مثل الحيتان والتماسيح. وقد اختار هذه الحيوانات المفترسة والضخمة؛ ليعلن أن كل الحيوانات؛ حتى المفترسة منها تسبح الله بسيرها في نظامها الذي حدده الله.

التنانين تمثل الحيوانات الضخمة والمفترسة وترمز للغضب. وإذ يرى الإنسان - مهما كانت قوته، أو مركزه - هذه التنانين تسير في نظامها، يخضع الإنسان لله، ويضبط غضبه، ويسعى للصلاة والتسبيح ومحبة الآخرين. واللجج أيضًا ترمز للأعماق، فينبغى أن يسبح الإنسان الله في أعماقه، أي بكل مشاعره.



ع8: النَّارُ وَالْبَرَدُ، الثَّلْجُ وَالضَّبَابُ، الرِّيحُ الْعَاصِفَةُ الصَّانِعَةُ كَلِمَتَهُ.

يذكر مجموعة من الظواهر الطبيعية التي تؤثر في الأرض، مثل النار والبرد والثلج والضباب والريح العاصفة؛ كل هذه تسير في النظام الذي وضعه الله لها. ولا تخرج عن طبيعتها إلا بأمر الله، مثل النار التي لم تضر الثلاث فتية.

هذه الظواهر الطبيعية تمثل التجارب في حياة الإنسان، والله عندما يسمح بهذه التجارب يكون لخير الإنسان، إذ أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله. وإذ يقبلها الإنسان ويستمر في صلواته وتسبيحه، يعطيه الله بركات كثيرة من أجل احتماله. خاصة وأن كل هذه الظواهر تصنع كلمة الله، أي تنفذ أوامره، وهي كلها لفائدة الإنسان الذي لا يفهم معناها لأول وهلة، ولكن بخضوعه لمشيئة الله يفهم مع الوقت قصد الله وينال بركته.



ع9: الْجِبَالُ وَكُلُّ الآكَامِ، الشَّجَرُ الْمُثْمِرُ وَكُلُّ الأَرْزِ.

الجبال والآكام :
أي الأماكن العالية جدًا والمتوسطة الارتفاع تسبح الله، فهي تمثل الثبات والقوة التي يقتدى بها الإنسان في علاقته مع الله، وكذا السمو والاقتراب من الله، فهذه الجبال والآكام رتب الله وجودها لتمجده بثباتها؛ حتى يقتدى بها الإنسان ويتعلم منها.

الأشجار المثمرة، أو غير المثمرة : مثل الأرز كلها تمجد الله وكل شجرة لها فائدتها، فأخشاب شجر الأرز عظيمة جدًا؛ ليعلم الإنسان أنه يستطيع أن يمجد الله باستخدام إمكانياته، ولا يقارن نفسه بغيره، بل يعمل واجبه بأمانة، والله يفرح بعمل الإنسان كتمجيد له.



ع10: الْوُحُوشُ وَكُلُّ الْبَهَائِمِ، الدَّبَّابَاتُ وَالطُّيُورُ ذَوَاتُ الأَجْنِحَةِ.

الوحوش :
وهي الحيوانات المفترسة تمجد الله في سيرها بغرائز وطباع معينة وضعها لها الله. وينبغى على الإنسان الروحي أن يضبط ويوجه غرائزه لمجد الله، فيغضب على نفسه ليتوب، ويكون قويًا مسرعًا لإنقاذ المسجونين، أي يستخدم إمكانياته القوية لمجد الله. هذا هو التسبيح الذي يطلبه الله.

وكل البهائم الدبابات : ويقصد بها كل الحيوانات الأليفة التي تدب على الأرض، وهي مفيدة للإنسان بشكل، أو بآخر. هكذا أيضًا يتعلم الإنسان أن يخدم غيره قدر ما يستطيع فيمجد الله.

الطيور ذوات الأجنحة : الطيور ترمز للسمو والارتفاع نحو السماء، فترمز لترك الشهوات الأرضية، وكلما حاول الإنسان أن يرتفع بالصلاة إلى السماء ويضبط شهواته، يتمجد الله فيه.

† تأمل يا أخى الكائنات المحيطة على الأرض؛ لتتعلم من سلوكها شيئًا لمنفعتك، فتفرح قلب الله وتشكره، وتسبحه.

(3) البشر (ع11-14):



ع11-13: مُلُوكُ الأَرْضِ وَكُلُّ الشُّعُوبِ، الرُّؤَسَاءُ وَكُلُّ قُضَاةِ

الأَرْضِ، الأَحْدَاثُ وَالْعَذَارَى أَيْضًا، الشُّيُوخُ مَعَ الْفِتْيَانِ، لِيُسَبِّحُوا
اسْمَ الرَّبِّ، لأَنَّهُ قَدْ تَعَالَى اسْمُهُ وَحْدَهُ. مَجْدُهُ فَوْقَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ.

إن كان المزمور تكلم أولًا عن الملائكة المسبحين لله في كل حين في السموات، فهو يختم المزمور بالتكلم عن تسبيح البشر، الذين ينبغى أن يتشبهوا بالملائكة في التسبيح، وإن كانت أجسادهم تعطلهم جزئيًا، ولكن هدفهم الذي ينبغى أن يكون أمامهم دائمًا هو تسبيح الله.

إن كانت الخليقة الجامدة المذكورة في (ع7-10) تسبح الله بخضوعها للنظام الذي خلقها الله عليه، فإن الإنسان يسمو عنها، إذ له عقل واختيار، فتظهر محبته لله عندما يسبحه، ولا يتعلق بماديات الأرض الزائلة.

يدعو المزمور كل فئات الشعب لتسبيح الله؛ سواء الملوك، أو الرؤساء، أو القضاة، وعلى الجانب الآخر المرؤوسين، أو المحكومين، الذين تحت قيادة هؤلاء السابق ذكرهم، فالكل يشكر الله على ما رتبه ووهبه له. فالشعوب في كل مكان تسبح الله الذي نظم لها دولًا، ورؤساء، وملوك، وقضاة يحكمون حياتهم بقوانين منظمة. وكذلك كل من له مكان قيادى يسبح الله على نعمة القيادة والحكم.

يدعو أيضًا المزمور الشعب بأعماره المختلفة؛ سواء الشباب ذكورًا وإناثًا فهؤلاء ينبغى أن يسبحوا الله أولًا، لإمتلائهم بالحيوية والنشاط، وكذلك أيضًا الشيوخ ذوى الخبرة مع الله، والفتيان الذين لم يبلغوا سن الشباب ولكنهم يدركون عظمة الله، فيسبحوا مع الشباب والشيوخ؛ إذ أن الإنسان ينبغى أن يسبح الله في كل مراحل حياته؛ لأنه يتمتع في كل مرحلة برعاية الله.

إن الله وحده هو الذي يستحق التسبيح من كل البشر؛ لأنه أعلى من كل ما يدعى إله، وفوق كل ما على السماء والأرض؛ لأنه هو خالقها ومدبرها كلها. فالخلائق العظيمة كلها تعلن أن خالقها أعظم بالطبع منها.



ع14: وَيَنْصِبُ قَرْنًا لِشَعْبِهِ، فَخْرًا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ،
لِبَنِي إِسْرَائِيلَ الشَّعْبِ الْقَرِيبِ إِلَيْهِ. هَلِّلُويَا.

ينصب :
يقيم.

يختتم المزمور بدعوة شعب الله لتسبيحه، وذلك لما يلي:

أ - يهبهم قوة عظيمة تميزهم عن باقى الشعوب، والتي يرمز إليها بالقرن الذي يظهر للحيوان عندما يبلغ. فالله يعطى شعبه قوة بين جميع الشعوب؛ إذ يحميهم ويدافع عنهم، بل بقوته يهزموا أعداءهم الشياطين.

ب - يعطيهم الله مجدًا يفتخرون به، ويشكرون الله عليه. فيتمجد في كلامهم، وأفعالهم. ويخص بالمجد شعبه لأنهم يتقونه، أي يخافونه، فيحيوا في توبة، ويبتعدوا عن الشر، فيتمتعوا بالطهارة.

جـ- يمنحهم الله نعمة الاقتراب إليه، فيتمتعوا ليس فقط بحمايته، ومساندته لهم في كل حياتهم، بل فوق هذا يتلذذوا بعشرته، ويفرحوا ليس فقط على الأرض، بل يأخذهم معه إلى السماء؛ ليفرحوا معه إلى الأبد في ملكوته.

إن القوة والمجد والعشرة القريبة من الله قد ظهرت واضحة بتجسد المسيح، ونعم الروح القدس في الكنيسة، والتي تكمل لأولاد الله في الحياة الأبدية.

ينتهى المزمور كله بكلمة هللويا، أى دعوة لكل الخلائق أن تتهلل أمام الله، وتفرح وتسبحه؛ لأن التسبيح يملأ القلب فرحًا.

† تأمل بركات الله التي وهبها لك في العهد الجديد في كنيسته، وفى حياتك الشخصية، حتى تحرك قلبك، وتدفعك لتسبيحه، ليس فقط في الكنيسة مع باقي المؤمنين، بل أيضًا في مخدعك، وبعد هذا تمتد لتكون معك في كل خطواتك، أي تحيا حياة التسبيح على الدوام.







المزمور المئة والتاسع والأربعون
تسبيح شعب الله

"هللويا غنوا للرب ترنيمة جديدة تسبيحته في جماعة الأتقياء" ع1




1. كاتبه: غير معروف، إذ لا يوجد للمزمور عنوان، أو ذكر للكاتب، فهو من المزامير اليتيمة الغير معروف كاتبها.

2. متى كتب؟ يوجد هناك رأيان في زمن كتابته هي:

أ - أيام المكابيين، إذ يذكر الإنتصار على الشعوب المقاومة.

ب - بعد الرجوع من السبي، عندما عاش شعب الله في أمان، بعدما هدأت مقاومات الأشرار.

3. هذا المزمور من مزامير التسبيح التي تدعو شعب الله لتسبيحه؛ لأجل خلاصه، وإخضاع الأعداء له، ويلاحظ أنه يبدأ، وينتهى بكلمة هللويا. وهو واحد من مزامير الهليل الخمسة (مز146-150).

4. يناسب هذا المزمور كل مؤمن يريد أن يفرح بتسبيح الله، ويثبت إيمانه بقوة الله المساندة له.

5. هذا المزمور نبوة عن المسيح المخلص للكنيسة، والنصرة على الشياطين بالصليب.

6. يُصَلَّى بهذا المزمور في الكنيسة يوميًا في التسبحة، إذ هو جزء من الهوس الرابع الذي تبدأ به تسبحة اليوم.

7. لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية.

(1) ترنيمة جديدة (ع1-5):



ع1: هَلِّلُويَا. غَنُّوا لِلرَّبِّ تَرْنِيمَةً جَدِيدَةً،

تَسْبِيحَتَهُ فِي جَمَاعَةِ الأَتْقِيَاءِ.

يدعو المزمور شعب الله الأتقياء، أى الذين يخافونه، ويبتعدون عن الشر، ويخشعون أمامه بصلوات، أن يسبحوه تسبيحة جديدة. والمقصود أن من يتعود الترنيم، ينمو في معرفة الله، وفى تسبيحه، فيقدم كل يوم ترانيم بإحساس جديد أكثر عمقًا، بحسب إدراكه لمخافة الله ومعاينته لمحبته.

هذه الآية نبوة عن الترنيم للمسيح المخلص، الذي نرنم له ترنيمة جديدة ونشعر فيها بتحقيق الرمز فيه، ونرى تنفيذ وعوده، فتفرح قلوبنا، ونخافه لأجل عظمة خلاصه، فنرنم الترنيم الجديد، خاصة بعد أن تذوقنا الميلاد الجديد في المعمودية، وتعلقت قلوبنا بميراثنا الأبدي، فنرنم ترنيمة أعمق من الترانيم المعتادة.



ع2: لِيَفْرَحْ إِسْرَائِيلُ بِخَالِقِهِ. لِيَبْتَهِجْ بَنُو صِهْيَوْنَ بِمَلِكِهِمْ.

يدعو المزمور شعب الله إسرائيل أن يفرح بالله خالقه من العدم، ويترنموا له لأنه جعلهم شعبًا خاصًا له، فصارهو ملكهم وإلههم، الذي يرعاهم ويحفظهم، ويدافع عنهم، ويدبر احتياجاتهم على الدوام.

هذه الآية أيضًا نبوة عن المسيح الذي يهب المؤمنين به نعمة الخلقة الجديدة بالميلاد الثاني بالمعمودية، ويفرحون بالمسيح ملكهم، الذي يملك على قلوبهم. وقدر ما تتعلق قلوبهم بمحبته يشتاقون أن يملك عليهم إلى الأبد في ملكوت السموات.



ع3: لِيُسَبِّحُوا اسْمَهُ بِرَقْصٍ. بِدُفّ وَعُودٍ لِيُرَنِّمُوا لَهُ.

إن كانت العبادات الوثنية تقدم فيها عبادة برقص، وآلات موسيقية، فالمزمور ينقل شعب الله إلى عبادته بوقار من خلال رقص تعبدى، مثل رقص النسوة خلف مريم أخت موسى عند الخروج من البحر الأحمر (خر15: 20)، ومثل رقص داود أمام تابوت عهد الله عند نقله إلى أورشليم (2 صم6: 14). والمقصود التعبير عن الفرح بحركة الجسد والآلات الموسيقية، بالإضافة إلى اللسان، وكل مشاعر القلب. وهذا الرقص التعبدى الذي كان يتم في العهد القديم يختلف تمامًا عن رقص الخلاعة، والشهوات التي يحركها الشيطان لإبعاد الناس عن الله؛ سواء قديمًا كما فعل بنو إسرائيل أمام العجل الذهبى الذي صنعه هارون، فأباده موسى (خر32: 19، 20)، أو الرقص في أيامنا المعاصرة الذي يتم في أماكن اللهو ولإرضاء الشهوات، ويبعد الإنسان عن الله؛ إذ ليس فيه وقار، أو مخافة لله.

في الترجمة السبعينية والقبطية نجد بداية هذه الآية "فليسبحوا اسمه القدوس بالمصاف (في خورس)". فالمصاف جمع صف، أي بنظام صفوف وخوارس لتقديم ترانيم منظمة لله، ولا يذكر كلمة رقص.



ع4: لأَنَّ الرَّبَّ رَاضٍ عَنْ شَعْبِهِ. يُجَمِّلُ الْوُدَعَاءَ بِالْخَلاَصِ.

الذى يدفع شعب الله إلى تسبيحه أن الله راضٍ عنه. فالله بتواضعه يهتم بشعبه، ويفرح، ويرضى بشعبه الذين يحبونه، ويسبحونه، فيباركهم، بل أيضًا يهبهم خلاصه؛ لأنهم ودعاء ومتضعين أمامه، فيخلصهم من أعدائهم، ويحفظهم من كل شر، فالوداعة شرط لنوال الخلاص. الجزء الإنسانى هو الجهاد للسلوك باتضاع ووداعة، والجزء الإلهي - أي عمل النعمة - هو أن يهبهم الله الخلاص.

الرضا الإلهي صار واضحًا بالإيمان بالمسيح، ونوال المؤمنين الخلاص بدايته في سر المعمودية، إذ يتقدم المعمدون بوداعة واتضاع وتوبة إن كانوا كبارًا، فينالوا الميلاد الجديد، ويصيروا أعضاء في جسد المسيح؛ أي الكنيسة.



ع5: لِيَبْتَهِجِ الأَتْقِيَاءُ بِمَجْدٍ. لِيُرَنِّمُوا عَلَى مَضَاجِعِهِمْ.

مضاجعهم :
جمع مضجع وهو الفراش.

إن الذين يخافون الله يحيون في طهارة وابتعاد عن الخطية، وتبتهج قلوبهم، ويعاينون مجد الله، ويفرحون بعشرته، ويظهر هذا الفرح في تسبيح الله طوال اليوم، ثم في المخدع، بل بعد الاضطجاع على الفراش، يظل الإنسان يسبح حتى يستغرق في نومه. وبهذا يبتعد عن كل فكر شرير، أو تهاون وكسل.

الله يتمجد في الأتقياء بكلامهم وأعمالهم، الذين يحتفظون بطهارتهم حتى في مخادعهم وعلى مضاجعهم؛ وحتى نهاية حياتهم عندما يضطجعون نهائيًا بالموت، فترتفع أرواحهم لتواصل تسبيح الله في السماء.

† أنظر إلى عطايا الله وأعماله الجديدة معك؛ حتى ترنم له بروح جديدة، وتتمتع تمتعًا أعمق بعشرته.


(2) تأديب الأشرار (ع6-9):



ع6: تَنْوِيهَاتُ اللهِ فِي أَفْوَاهِهِمْ، وَسَيْفٌ ذُو حَدَّيْنِ فِي يَدِهِمْ.

تنويهات :
جمع تنويه وهو المدح والتعظيم، وفى الترجمة السبعينية تعليات، وتعطى نفس المعنى.

إذ تعود المؤمنون التسبيح طوال اليوم، وحتى عندما ينامون على مضاجعهم، أصبح تسبيح الله وتعظيمه في أفواههم دائمًا، فهو شغلهم الشاغل بالفكر والقلب واللسان.

إلى جانب التسبيح يعطيهم الله قوة يعبر عنها بالسيف ذو الحدين، الذي يضرب يمينًا، ويسارًا ليصرع الأعداء الشياطين، أي يهبهم الله قوة للانتصار على الأعداء. والسيف يرمز أيضًا إلى كلمة الله القوية، التي تخيف وتصرع الشياطين.

تنطبق هذه الآية على المسيح الذي كان يمجد الآب، وكلمته كسيف ذو حدين يصرع الشياطين ويخلص بنى البشر منهم.



ع7، 8: لِيَصْنَعُوا نَقْمَةً فِي الأُمَمِ، وَتَأْدِيبَاتٍ فِي الشُّعُوبِ.
لأَسْرِ مُلُوكِهِمْ بِقُيُودٍ، وَشُرَفَائِهِمْ بِكُبُول مِنْ حَدِيدٍ.

كبول:
قيود.

الله يعطى أولاده قوة لينتقموا من الشيطان، ويؤدبوا الأشرار الذين تبعوا إبليس، وابتعدوا عن الله. فالمؤمنين أداة يؤدب بها الله الأشرار؛ حتى يرجعوا إليه، ويقيدوا ملوكهم الشياطين، وأشرافهم الأشرار التابعين للشياطين، فيمنعوهم بقوة الصليب من الإساءة إلى الأبرار.

إن كانت النصرة تمت لشعب الله على الشعوب الوثنية، التي أمر الله بإبادتها في كنعان أيام يشوع، وفى عصر القضاة، ثم أيام داود، وامتدت طوال العهد القديم حتى أيام المكابيين، إلا أنها ظهرت بالأكثر في النصرة على حروب الشياطين في العهد الجديد، كما في تجربة المسيح على الجبل، وفى حياة القديسين على مدى الأجيال حتى الآن.

تقييد وتأديب الأشرار ورؤسائهم تم مع الهراطقة، الذين قطعتهم المجامع المسكونية، ووقفت الكنيسة أمامهم على مر الأجيال، وحتى الآن.



ع9: لِيُجْرُوا بِهِمِ الْحُكْمَ الْمَكْتُوبَ. كَرَامَةٌ هذَا لِجَمِيعِ أَتْقِيَائِهِ. هَلِّلُويَا.

أولاد الله بتأديبهم الأشرار، وانتصارهم عليهم، يجرون وينفذون حكم الله الصادر ضد الأشرار، الذي أعلنه في الكتاب المقدس (إش10: 1؛ رو6: 23). بل إن الكتاب المقدس كله يعلن رفض الله للخطية؛ سواء في الوثنيين الرافضين عبادة الله، أو الهراطقة الذين يحركون الإيمان.

عندما يؤدب الله الأشرار يعيد لأتقيائه كرامتهم؛ إذ أن الأشرار أساءوا إليهم كثيرًا، ولكن في النهاية لابد أن يكرم الأتقياء ويؤدب، ثم ينتقم من الأشرار. وهذا يبين عدل الله، فيثبت الأبرار في حياة البر.

يختم المزمور بكلمة هللويا كما بدأ بها، أي يتهلل أتقياء الله بتسابيحهم له، وفى شكرهم لله الذي ينتقم من الأشرار ويكرم أولاده.

† لا تنزعج من النجاح المؤقت للأشرار الذي يخدعون به أنفسهم، فلا تنخدع مثلهم، بل تمسك بوصايا الله، ومخافته، فتحيا مطمئنًا، بل أيضًا في فرح عظيم.



المزمور المئة والخمسون
التسبيح بهجة القديسين


"هللويا سبحوا الله في قدسه سبحوه في فلك قوته" ع1


كاتبه: غير معروف، إذ ليس للمزمور عنوان، ولا ذكر للكاتب، فهو من المزامير اليتيمة الغير معروف كاتبها.

هذا المزمور ختام مزامير الهليل (مز146-150). ويتميز هذا المزمور بتسبيح الله محبة فيه، وليس لطلبة، أو شكر، أو اعتراف.

هذا المزمور مزمور نبوى، يتنبأ عن التسبيح في العهد الجديد، وأيضًا التسبيح في ملكوت السموات.

هذا المزمور ليتورجى، إذ هو الجزء الأخير من الهوس الرابع، الذي يصلى في بداية تسبحة اليوم. وكذلك يقال في ختام القداس الإلهي عند توزيع الأسرار.

يدعو هذ المزمور لاستخدام كل الآلات الموسيقية لتسبيح الله، وهي ترمز لكل إمكانيات الإنسان، أي يسبح الإنسان الله بكل كيانه قدر ما يستطيع على الأرض، ثم بالكمال في السموات.

لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية.


(1) لماذا نسبح؟ (ع1، 2):



ع1: هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا اللهَ فِي قُدْسِهِ. سَبِّحُوهُ فِي فَلَكِ قُوَّتِهِ.

في البداية يدعو المزمور كل المؤمنين أن يسبحوا الله في قدسه. والقدس هو هيكل الرب في أورشليم، الذي يرمز إلى كنيسة العهد الجديد، وإلى أورشليم السماوية حيث عرش الله العظيم. والتسبيح في القدس يعنى الوجود أمام الله، والتمتع برؤيته، وكذا نجد في حضرة الله الملائكة والقديسين، فالله مقدس في أولاده الذين يحيون بالقداسة.

الفلك يعنى سماء الكواكب والنجوم، والتي تظهر فيها قوة الله الخالق المدبر لدورانها وحركاتها، فرغم ضخامتها تتحرك بدقة حتى لا يصطدم أحدها بالآخر، ولا تؤذى سكان الأرض، الذين هم البشر المحبوبين من الله. والفلك يرمز أيضًا للكنيسة التي فيها نجوم كثيرة، أي قديسين عظماء. والكنيسة في روحانيتها تسمو عن العالم المادي. فلنسبح الله في كنائسه وفى المؤمنين القديسين المصلين بها، أي نرى الله في حياة هؤلاء المصلين ونمجد الله. وهذا ثانى أمر يدعو فيه المرتل المؤمنين ليسبحوا الله عليه.



ع2: سَبِّحُوهُ عَلَى قُوَّاتِهِ. سَبِّحُوهُ حَسَبَ كَثْرَةِ عَظَمَتِهِ.

أما الأمر الثالث فهو دعوة المؤمنين لتسبيح الله في قواته، أي ملائكته برتبهم المختلفة، والذين عملهم الأساسى هو التسبيح، فإذ نتأمل حياتهم، وتسبيحهم نقتدى بهم، فنحيا في طهارة وحب لله كملائكة أرضية.

رابع أمر نسبح الله عليه هو كثرة عظمته. فهو عظيم جدًا يفوق عظمته كل شيء على الأرض. وعظمة الله تظهر في أعماله وخلائقه المختلفة التي يظهر فيها الإبداع العظيم والحكمة الإلهية، التي ما زال الإنسان يبحث عن آثارها حتى الآن، خاصة في خلقة الإنسان، ولكن أعظم أعمال الله هي محبته، التي ظهرت في تجسده وفدائه للإنسان.

† ليتك تتأمل ولو قليلًا كل يوم في الصليب والفداء، الذي هو الحب الفائق للعقول، فيدعوك هذا لشكر الله وتسبيحه.


(2) كيف نسبح؟ (ع3-5):



ع3: سَبِّحُوهُ بِصَوْتِ الصُّورِ. سَبِّحُوهُ بِرَبَابٍ وَعُودٍ.

صور :
البوق ويصنع من قرن الكبش، أو من الفضة، وله صوت عالٍ.

رباب: آلة وترية لها عشر أو اثنا عشر وترًا.

العود : آلة وترية وهي المعروفة بهذا الإسم حتى الآن، وهي صندوق خشبى يشد فوقه خمسة أوتار مزدوجة.

أول وسيلة نسبح بها الله هو استخدام الصور، وهو يرمز لقوة كلمة الله، وتنادى الإنسان لينتبه من غفلته، ويستعد لمحاربة إبليس، والانتصار عليه. وبالإضافة للانتباه في الصلوات والتسابيح، يكون أيضًا الإحساس بالآخرين وخدمتهم. وسيبوق الملاك في يوم الدينونة ليعلن مجئ المسيح الثاني، وإعلان عدله في مكافأة الأبرار وإدانة الأشرار (1 تس4: 16-17؛ 1 كو15: 52).

الوسيلة الثانية لتسبيح الله هي استخدام الرباب والعود. والأوتار الإثنى عشر المستخدمة في الربابة يرمزون للرسل، فنقتدى بسيرتهم في محبة الله وخدمته. قد تتكون من عشرة أوتار فترمز للوصايا العشر، التي بحفظها نتشجع في تسبيح الله. أما العود ذو الخمسة أوتار المزدوجة فترمز لتسبيح الإنسان بحواسه الخمسة الداخلية والخارجية، أي يسبح الإنسان الله بكل حواسه.



ع4: سَبِّحُوهُ بِدُفّ وَرَقْصٍ. سَبِّحُوهُ بِأَوْتَارٍ وَمِزْمَارٍ.

الدُف :
هو يشبه الطبلة، أو الرق. وهو عبارة عن جلد حيوان مشدود على إطار خشبى، وقد تركب في الإطار صاجات، أو أجراس ويعزف عليه بالضرب بواسطة اليدين.

الأوتار :
هي الآلات الوترية ويضرب عليها بالأصابع.

المزمار : من آلات النفخ، وهو عبارة عن قطعة من البوص، أو قطع تركب مع بعضها، بها ثقوب وبالنفخ مع وضع الأصابع على الثوب يصدر الصوت.

الوسيلة الثالثة التي نسبح بها الله هي الدُف والرقص. والدُف بجلده المشدود على الخشب يرمز لضبط الجسد؛ لتنمو الروح؛ أي الجدية والجهاد الروحي اللذين بهما نقترب من الله، فترتفع أرواحنا بالتسبيح. أما الرقص فهو حركات الجسد التي تقدم في الرقص التعبدى تعبيرًا عن اشتراك الجسد في تمجيد الله. فالروح والجسد يشتركان في تسبيح الله. ولكن الكلمة العبرية المترجمة هنا الرقص ليس لها معنى معروف، وتترجم في الترجمة القبطية المستخدمة في الكنيسة بصفوف، وهي جمع صف، أي مجموعات تشترك معًا في التسبيح، وهذه الكلمة تعنى اشتراك الكنيسة كلها في تسبيح الله.

الوسيلة الرابعة لتسبيح الله هي بمصاحبة الأوتار والمزمار. والأوتار ترمز لأعصاب الإنسان، أي أن الإنسان يسبح بمشاعره؛ لأن الأعصاب تمثل الإحساس في الإنسان، أما المزمار الذي يصدر الصوت بواسطة النفخ، فيرمز للسان الإنسان، فيكون التسبيح بالمشاعر، وباللسان؛ أي الكلمات، فيشترك الإنسان بكل إمكانياته في تسبيح الله.



ع5: سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ التَّصْوِيتِ. سَبِّحُوهُ بِصُنُوجِ الْهُتَافِ..

صنوج التصويت :
عبارة عن دائرتين من المعدن توضع كل منهما في الإصبع ويصدران الأصوات بطرقهما معًا.

صنوج الهتاف : هي إطاران أو صفيحتان مستديرتان يصدران الصوت بضرب كل منهما بالأخرى، وهو ما يسمى الآن بالدف المستخدم في الكنيسة.

الوسيلة الخامسة والاخيرة التي نسبح بها الله هي الصنوج، وهي تنظم أصوات جماعة المسبحين؛ ليتحدوا معًا في التسبيح المقدم لله، فهي ترمز لجمع المسبحين في تسبيح واحد، أي الوحدانية بين المسبحين.

ويقول القديس يوحنا ذهبى الفم "أن الله أوصى باستخدام الآلات الموسيقية في العهد القديم من أجل ضعفهم الروحي، حتى تثيرهم للغيرة المقدسة والتسبيح لله. أما الآن (العهد الجديد) وقد بلغ الإنسان النضوج الروحي، فإنه يستخدم كل أعضاء جسده كآلات موسيقية تعبر عما في قلبه من حب وشكر لله"، ويفهم من هذا أن الكنيسة تميل إلى استخدام حنجرة الإنسان ولسانه في التسبيح، ويمكن تنظيم هذه الأصوات عن طريق الدف والمثلث، أما الآلات الموسيقية المختلفة فلا تستخدمها في صلواتها الطقسية.

† ليتك عندما تسبح الله كل يوم تسبحه بكل كيانك، أي بمشاعرك، وفكرك، ولسانك؛ حتى ترتفع عن الأرضيات، وتبدأ تذوق حلاوة السماويات.


(3) مَنْ الذي يسبح؟ (ع6):

كُلُّ نَسَمَةٍ فَلْتُسَبِّحِ الرَّبَّ. هَلِّلُويَا.


يختم المزمور كلماته بدعوة كل إنسان حى لتسبيح الله؛ لأنه من المنطقي أن يشكر ويسبح الإنسان خالقه، ومدبر حياته، وراعيه الذي يهتم باحتياجاته. والعكس أي عدم التسبيح معناه انغماس الإنسان في أنانيته، وابتعاده عن الله.

تسبيح اسم الرب معناه التأمل في شخصه العظيم بمحبته، ومخافته، وكل الفضائل الكاملة فيه. فالتسبيح هو تعلق القلب بالله، والارتفاع إليه فوق كل الماديات الزائلة.

ينتهى المزمور بكلمة هللويا كما بدأ أيضًا بها؛ لأن المزمور كله عبارة عن تسبيحة لله وتهليل أمام عظمته.


† اهتم بالتسابيح في بيتك ودعوة الآخرين المقيمين معك في المكان، وكذا في الكنيسة اهتم أن تشجع الآخرين لتقفوا معًا، مسبحين الله بصوت واحد، فيزداد قلبك فرحًا، وتفرح من حولك، وفوق الكل تفرح قلب الله.




المزمور المئة والحادى والخمسون
المتضع ينتصر على الجبار


"أنا صغيرًا كنت في إخوتي وحدثًا في بيت أبي كنت راعيًا غنم أبي" ع1



كاتبه: داود النبي كما تذكر مقدمة الترجمة السبعينية إذ تقول "هذا مزمور لداود مكتوب بيده بعد خروجه منتصرًا من حربه مع جليات".

متى كتب؟ بالتأكيد بعد أن مسحه صموئيل النبي ملكًا وهو في بيت أبيه، وبعد انتصاره على جليات الجبار، وإن كان غير معروف بالضبط زمن كتابته.

يوجد هذا المزمور في الترجمات السبعينية والقبطية والفاتيكانية والحبشية والسريانية. ولا يوجد في الترجمة العبرية، إذ لم يجمع عزرا هذا المزمور وغيره من أسفار الكتاب المقدس، مثل طوبيا ويهوديت، ولكنه موجود في النسخ القديمة للكتاب.

يوجد أيضا هذا المزمور في النسخ القديمة للكتاب المقدس، مثل النسخة السينائية والإسكندرانية.

أشار القديسون الأوائل إلى هذا المزمور، مثل القديس أثناسيوس الرسولى والقديس يوحنا ذهبى الفم.

يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية؛ لأن داود يرمز للمسيح، فكما كان داود راعيًا للغنم، هكذا المسيح ولد باتضاع في المزود، وعمل كنجار. وكما كان إخوة داود حسان وكبار؛ هكذا أيضًا كان البشر فيهم عظماء كثيرون، لكن الآب لم يسر إلا بالإبن الوحيد يسوع المسيح. وكما انتصر داود على جليات انتصر المسيح على الشيطان في التجربة على الجبل، ثم قيده بالصليب.

هذا المزمور ليتورجى يستخدم في الصلوات الطقسية في الكنيسة، بل له أهمية خاصة في طقس الكنيسة، إذ تفتح به صلوات القيامة، فهو أول صلاة من صلوات سبت الفرح، الذي يعدنا للاحتفال بقيامة رب المجد يسوع المسيح، وله لحنه الخاص الجميل، ويصاحبه طقس بديع، وهو أن يمسك الكاهن بسفر المزامير الملفوف بكتان أبيض، ويخلع غطاء رأسه (الطيلسانه) احترامًا وتوقيرًا لهذا المزمور، ثم يدور بعد أن يصليه في الكنيسة كلها، ثم يعود أمام الهيكل.

لا يوجد هذا المزمور في صلوات الأجبية.


(1) الراعي يصير ملكًا (ع1-5):



ع1: أَنَا صَغِيرًا كُنْتُ فِي إِخْوَتِي، وَحَدَثًا فِي بَيْتِ أَبِي، كُنْتُ رَاعِيًا غَنَمَ أَبِي.

حدثًا :
صغيرًا.

يصف داود نفسه بأنه كان الصغير بين أبناء يسى أبيه. إذ كان له سبعة إخوة أكبر منه، وهو الثامن. وكان يرعى غنم أبيه وهي الحرفة الشائعة بين اليهود. أما إخوته الكبار آليآب وأبيناداب وشمة فكانوا رجالًا أقوياء، خرجوا للحرب ضد الفلسطينيين (1 صم17: 13).

وصف داود نفسه بالأصغر وراعى الغنم تبين اتضاعه، وفى نفس الوقت تظهر تعلمه الأبوة والمحبة والرعاية من خلال رعاية الغنم، فتأهل بهذا ليكون راعيًا لشعبه عندما تملك عليهم.



ع2: يَدَايَ صَنَعَتَا الْأُرْغُنَ، وَأَصَابِعِي أَلِفَتِ الْمِزْمَارَ. هَلِّلُويَا.

الأرغن : بوصة مفرغة طويلة، وقد تكون مزدوجة وفيها ثقوب وهي من آلات النفخ، وتشبه المزمار ولكنها أطول منه.

المزمار : قطعة من البوص بها ثقوب وتصدر صوتًا بالنفخ مع تحريك الأصابع فوق الثقوب.

اعتاد الرعاة أثناء جلوسهم ورعايتهم للغنم في المرعى أن يستخدموا المزمار، أو الناى. وكان داود بارعًا في استخدام الآلات الموسيقية؛ حتى أن شاول الملك اختاره؛ ليعزف أمامه، فتهدأ نفسه المنزعجة من الشياطين (1 صم16: 23).

من محبة داود للتسبيح صنع بيديه الأرغن الذي يضرب عليه الموسيقى، وألف المزامير ولحنها، وكان يرددها ويضرب الموسيقى على آلات؛ الأرغن والمزمار، التي تعود العزف عليها.

تنتهي الآية بكلمة هللويا تعبيرًا عن الفرح والتهليل بتسبيح الرب الذي يبارك المتضعين، ويستحق التمجيد الدائم.



ع3: مَنْ هُوَ الَّذِي يُخَبِّرُ سَيِّدِي،
هُوَ الرَّبُّ الَّذِي يَسْتَجِيبُ لِلَّذِينَ يَصْرُخُونَ إِلَيْهِ.

عندما غنت النساء لداود بعد قتله جليات، دبت الغيرة في قلب شاول الملك، وحاول قتله؛ حتى أنه هرب منه، وطارده شاول؛ حتى مات شاول في الحرب. ولذا يتساءل داود في هذه الآية ويقول، من هو الذي يخبر سيدى الملك شاول أنى أحبه وخاضع له، خاصة وأن محبة داود ظهرت أثناء مطاردة شاول له، إذ سقط شاول مرتين تحت يد داود، ولم يمسه بأذى. وقد يكون المقصود بسيدى الرب، أي من يخبر الرب أنى أحب شاول، فيجيب داود على نفسه ويقول الرب نفسه هو القادر وحده أن يخبر شاول ويعرفه أنى أحبه؛ لأن الرب يستجيب للذين يصرخون إليه، وداود كان يصلى ويصرخ إلى الله من أجل هذا الأمر. وهذه الآية تبين مدى معاناة داود من اضطهاد شاول له، وتظهر أيضًا إيمان داود بالله ومحبته للصلاة.



ع4: هُوَ أَرْسَلَ مَلاَكَهُ، وَحَمَلَنِي (وَأَخَذَنِي)
مِنْ غَنَمِ أَبِي وَمَسَحَنِي بِدُهْنِ مَسْحَتِهِ. هَلِّلُويَا.

الرب أرسل ملاكه وأخذ داود، وحمله، ورفعه من رعاية الغنم، ومسحه بدهن المسحة كملك، وهو ما زال في بيته أبيه يسى (1 صم16: 13). والملاك الذي أخذ داود ومسحه هو صموئيل النبى؛ لأن كلمة ملاك تعنى مرسل، فالله أرسل صموئيل ومسح داود بيد صموئيل. فداود يمجد الله الذي يرفع البائس من المزبلة ويجلسه مع رؤساء شعبه (مز113: 7).

المسيح الذي يرمز إليه داود ولد باتضاع في المزود، ومسح بالروح القدس عند عماده، والمؤمنون بالمسيح يمسحون بزيت الميرون بعد معموديتهم، فيصيروا أعضاء في جسد المسيح؛ ليثبتوا فيه.



ع5: إِخْوَتِي حِسَانٌ وَهُمْ أَكْبَرُ مِنِّي وَالرَّبُّ لَمْ يُسَرُّ بِهِمْ.

كان إخوة داود أكبر منه، ومنظرهم جميل وعظيم؛ حتى أن صموئيل النبي أعجب بالإبن الاكبر ليسى وهو آليآب، وظن أنه المقصود من الله ليكون ملكًا، ولكن الرب نبه صموئيل أن الإنسان ينظر إلى العينين أما الرب فإنه ينظر إلى القلب (1 صم16: 7). ومن أجل نقاوة قلب داود اختاره الله، وسر به، بل وشهد عنه أن قلبه مثل قلب الله (أع13: 22).

† الله يحب المتضعين؛ لأنهم لا يسرقون مجده؛ لذا اتضع امام الله في صلواتك، وليظهر تواضعك أيضًا أمام الناس. وإذ تثبت في الاتضاع تنال بركات الله الوفيرة.


(2) الانتصار على جليات (ع6-8):



ع6، 7: خَرَجْتُ لِلِقَاءِ الْفِلِسْطِينِيِّ فَلَعَنَنِي بِأَوْثَانِهِ.
وَلكِنْ أَنَا سَلَلْتُ سَيْفَهُ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ، وَقَطَعْتُ رَأْسَهُ.

وقف جليات الفلسطينى يعير صفوف شعب الله أربعين يومًا، متحديًا أن يستطيع أحد أن يبارزه. والكل في خوف من ضخامة جسمه، ولكن داود الصغير المتكل على الرب تقدم في شجاعة، وبيده عصا ترمز للصليب، وداود يرمز للمسيح الداخل في معركة مع الشيطان، وهزمه بالصليب. وكان جليات يلعن داود بآلهته الوثنية، واحتقر شاول داود. أما داود فلم يخف منه.

رمى داود جليات بحجر، والحجر يرمز للمسيح حجر الزاوية، فاصطدم وانغرس في جبهة جليات وسقط على وجهه. فأسرع داود الشجاع، وجرى ووقف على ظهر جليات الساقط على وجهه على الأرض، وأخذ سيفه (جليات)، وقطع به رأسه، ورفع رأسه في يده، فخاف الفلسطينيون وهربوا، وتتبعهم بنو إسرائيل وانتصروا عليهم.

وهكذا أيضًا ضرب المسيح الشيطان بالصليب، وبموته على الصليب داس الموت الذي تسلط به الشيطان على كل بنى البشر في العهد القديم. ولكن بفداء المسيح وموته حررهم، وقيد الشيطان، ونزل إلى الجحيم من قبل الصليب، ورفع آدم وبنيه المؤمنين بالله إلى الفردوس. فكما قتل داود جليات بسيفه (جليات) هكذا المسيح قيد الشيطان بموته على الصليب؛ هذا الموت الذي تسلط به الشيطان على بنى البشر.



ع8: وَنَزَعْتُ الْعَارَ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ. هَلِّلُويَا.

كان الشيطان متملكًا على البشر من أجل خطاياهم، فكانوا جميعًا ينزلون إلى الجحيم بعد الموت، ولكن المسيح بموته على الصليب نزع العار عن إسرائيل الجديد، أي المسيحيين المؤمنين بالفداء، وجعل العار على الشيطان، فصار في خزى أمام أولاد الله المؤمنين. وهكذا عاش المؤمنون في العهد الجديد في فرح ومجد، مستندين على داود الجديد؛ أي المسيح؛ حتى يكمل فرحهم معه في الملكوت.

ينتهى المزمور بكلمة هللويا التي نعبر بها عن فرحنا وتهليلنا بالله الذي ينصرنا على الشيطان.

† تذكر دائمًا قوة الله التي تساندك، وارشم ذاتك بعلامة الصليب عندما تحارب بخطية، أو تمر في ضيقة، وثق أن الله قادر ان يخرجك منها بسلام وقوة.




 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 11:16 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024