منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08 - 08 - 2024, 04:40 PM   رقم المشاركة : ( 169551 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس مقاريوس الكبير


عن المجد الخفي الذي يملأ حياة المؤمن ليعلن في يوم الرب العظيم، قائلًا:
[بتجديد العقل (رو 12: 3) وسلام الأفكار (في 4: 7) ومحبة الرب السماوية (أف 3: 19) تتميز خلقة المسيحيين الجديدة (2 كو 5: 17) عن باقي البشر... كل أحد بقدر ما يُحسب أهلًا لشركة الروح القدس بالإيمان والاجتهاد بقدر ذلك يتمجد جسده في ذلك اليوم، لأن كل ما خزنته النفس في داخلها في هذه الحياة الحاضرة سوف يعلن يومئذ، ويُكشف ظاهرًا في الجسد... كل ما للنفس الآن سوف يظهر في الجسد في ذلك اليوم].
يقول الرسول: "ونحن جميعًا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح" (2 كو 3: 7-18).
 
قديم 08 - 08 - 2024, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 169552 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* ليس شيء يجعل البشر منهزمين سريعًا
في التجارب ومنهارين مثل العزلة.
اخبرني؛ بَعْثِر فرقة في حرب، فإن العدو
لا يقلق في سبيهم وأسرهم كفرادى.



القديس يوحنا ذهبي الفم
 
قديم 08 - 08 - 2024, 04:42 PM   رقم المشاركة : ( 169553 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


إشباع احتياجات المؤمنين:

5 حِينَئِذٍ تَتَفَقَّحُ عُيُونُ الْعُمْيِ، وَآذَانُ الصُّمِّ تَتَفَتَّحُ. 6 حِينَئِذٍ يَقْفِزُ الأَعْرَجُ كَالإِيَّلِ وَيَتَرَنَّمُ لِسَانُ الأَخْرَسِ، لأَنَّهُ قَدِ انْفَجَرَتْ فِي الْبَرِّيَّةِ مِيَاهٌ، وَأَنْهَارٌ فِي الْقَفْرِ. 7 وَيَصِيرُ السَّرَابُ أَجَمًا، وَالْمَعْطَشَةُ يَنَابِيعَ مَاءٍ. فِي مَسْكِنِ الذِّئَابِ، فِي مَرْبِضِهَا دَارٌ لِلْقَصَبِ وَالْبَرْدِيِّ. 8 وَتَكُونُ هُنَاكَ سِكَّةٌ وَطَرِيقٌ يُقَالُ لَهَا: «الطَّرِيقُ الْمُقَدَّسَةُ». لاَ يَعْبُرُ فِيهَا نَجِسٌ، بَلْ هِيَ لَهُمْ. مَنْ سَلَكَ فِي الطَّرِيقِ حَتَّى الْجُهَّالُ، لاَ يَضِلُّ. 9 لاَ يَكُونُ هُنَاكَ أَسَدٌ. وَحْشٌ مُفْتَرِسٌ لاَ يَصْعَدُ إِلَيْهَا. لاَ يُوجَدُ هُنَاكَ. بَلْ يَسْلُكُ الْمَفْدِيُّونَ فِيهَا.

أ. إذ يقول: "هو يأتي ويخلصكم، حينئذ..." [4-5]؛ أي عندما يأتي الرب المسيح المخلص تتحقق أمور فائقة، معجزات وآيات باهرة: "حينئذ تتفتح عيون العمي، وآذان الصم تتفتح؛ حينئذ يقفز الأعرج، كالآيل، ويترنم لسان الأخرس، لأنه قد انفجرت في البرية مياه وأنهار في القفر" [5-6].
يحاول المنادون بالملك الألفي أن ينسبوا ذلك للملك الألفي، مع أن السيد المسيح نفسه استخدم هذا النص عندما أجاب تلميذي يوحنا المعمدان مؤكدًا أنه هو المسيا المنتظر (مت 11: 4-6).
يعلق القديس أغسطينوسعلى ذلك قائلًا: [كأنه يقول لهما: لقد رأيتماني فلتعرفاني! لقد رأيتما أعمالي، إذن فلتعرفا صانعها...وطوبى لمن لا يعثر فيّ].
الله الذي خلق كل شيء حسنًا جاء بنفسه إلى العالم ليجدد خليقته مصلحًا ما قد فسد، ولكي يرد للإنسان سلامه وصحته وبهجته.. يفتح بصيرته الداخلية لمعاينة الأسرار الإلهية، والآذان لكي تستعذب الصوت الإلهي وتستجيب لوصاياه، ويهب الأعرج قدرة للسير في الطريق السماوي، وينطق الأخرس بتسابيح داخلية... هذا كله بفعل الروح القدس (المياه والأنهار) الذي أرسله السيد المسيح من عند الآب...
* تتحقق نبوة إشعياء ليس فقط في الأمور الجسدية بل وفي الروحيات... فالذين كانوا قبلًا عرج صاروا يقفزون بقوة يسوع كالآيل. قورنوا بالآيل ليس بدون قصد، فأنه حيوان طاهر معادٍ للحيات التي لن تؤذيه بسمها. وهكذا أيضًا بالنسبة للخرس فإنهم يتكلمون...
العلامة أوريجانوس
ب. "ويصير السراب أجمًا، والمعطشة ينابيع ماء. في مسكن الذئاب في مربضها دار للقصب والبردي" [7]. يعني بهذا أنه عوض الجفاف يصير فيض ماء؛ إذ تصير الأرض الجافة (السراب) بركة ماء والأرض الظمآنة ينابيع مياه متفجرة؛ في مسكن الذئاب حيث القفر يوجد ماء فتنبت الحشائش ويظهر البردي الذي لا يوجد إلاَّ في الأماكن التي بها وفرة ماء.
كثيرًا ما يُحدثنا الأنبياء عن العصر المسياني كعصر مياه (إش 41: 17-20؛ 43: 18-20؛ 44: 3-4؛ حز 47: 1-12). يقول المرتل: "نهر سواقيه تفرح مدينة الله مقدس مساكن العلي، الله في وسطها فلن تتزعزع" (مز 46: 4-5).
* ما هي نهر سواقية هذه؟ أنه فيض الروح القدس الذي قال عنه الرب: "إن عطش أحد فليقبل إليّ ويشرب، مَنْ آمن بيّ كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ" (يو 7: 37-38). هذه الأنهار فاضت من حضن بولس وبطرس ويوحنا وبقية الرسل، ومن الإنجيليين المؤمنين. وحيث أن هذه الأنهار فاضت عن نهر واحد لذلك فإن "نهر سواقيه تفرح مدينة الله"....
واضح أن مجاري النهر تُفهم بمعنى الروح القدس الذي به تتقدس كل نفس تقية تؤمن بالمسيح لتصير مواطنة في مدينة الله.
القديس أغسطينوس
ج. "وتكون هناك سكة وطريق يُقال لها الطريق المقدسة، لا يعبر فيها نجس، بل هي لهم، من سلك في الطريق حتى الجهال لا يضل، لا يكون هناك أسد... بل يسلك المفديون فيها" [8-9]. ما هو هذا "الطريق" إلاَّ السيد المسيح نفسه الذي قدم نفسه لمؤمنيه طريقًا آمنًا لا يعبر فيه نجس، بل يكون الكل فيه قديسين، حتى الجهال ينالون فهمًا وحكمة فلا يضلون، ولا يستطيع عدو الخير (الأسد المفترس) أن يقترب إلى السالكين فيه.
يحدثنا القديس كيرلس الأورشليمي عن إيماننا بالسيد المسيح كدرع ضد عدو الخير إبليس، قائلًا:
[هل يوجد أكثر رعبًا من الشيطان؟ ومع ذلك لا نجد درعًا ضده سوى الإيمان، إذ هو ترس غير منظور ضد عدو غير منظور، يصوب أسهمًا مختلفة في وسط الليل نحو الذين هم بلا حذر.
لكن إذ هو عدو غير منظور فلنا الإيمان عُدَّة قوية كقول الرسول: "حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة" (أف 16: 6).
فإذ يُلقى الشيطان شرارة ملتهبة من الشهوة المنحطة، يُظهر الإيمان صورة الدينونة فيطفئ الذهن الشريرة].
 
قديم 08 - 08 - 2024, 04:44 PM   رقم المشاركة : ( 169554 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أغسطينوس



[كأنه يقول لهما: لقد رأيتماني فلتعرفاني! لقد رأيتما أعمالي، إذن فلتعرفا صانعها...وطوبى لمن لا يعثر فيّ].
الله الذي خلق كل شيء حسنًا جاء بنفسه إلى العالم ليجدد خليقته مصلحًا ما قد فسد، ولكي يرد للإنسان سلامه وصحته وبهجته.. يفتح بصيرته الداخلية لمعاينة الأسرار الإلهية، والآذان لكي تستعذب الصوت الإلهي وتستجيب لوصاياه، ويهب الأعرج قدرة للسير في الطريق السماوي، وينطق الأخرس بتسابيح داخلية... هذا كله بفعل الروح القدس (المياه والأنهار) الذي أرسله السيد المسيح من عند الآب...
 
قديم 08 - 08 - 2024, 05:00 PM   رقم المشاركة : ( 169555 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* تتحقق نبوة إشعياء ليس فقط في الأمور الجسدية بل وفي الروحيات...
فالذين كانوا قبلًا عرج صاروا يقفزون بقوة يسوع كالآيل.
قورنوا بالآيل ليس بدون قصد، فأنه حيوان طاهر معادٍ للحيات
التي لن تؤذيه بسمها. وهكذا أيضًا بالنسبة للخرس فإنهم يتكلمون...





العلامة أوريجانوس
 
قديم 08 - 08 - 2024, 05:06 PM   رقم المشاركة : ( 169556 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


مملكة فرح وبهجة:

10 وَمَفْدِيُّو الرَّبِّ يَرْجِعُونَ وَيَأْتُونَ إِلَى صِهْيَوْنَ بِتَرَنُّمٍ، وَفَرَحٌ أَبَدِيٌّ عَلَى رُؤُوسِهِمِ. ابْتِهَاجٌ وَفَرَحٌ يُدْرِكَانِهِمْ. وَيَهْرُبُ الْحُزْنُ وَالتَّنَهُّدُ.

تُمسح كل شعوب الأمم القادمة إليه بدهن الفرح، فتصير أمة مقدسة متوّجة بأكاليل البهجة النابعة عن النصرة. لا يستطيع الحزن والتنهد أن يجدا لهما موضعًا في قلوبهم بل من الخارج فقط.
هذه هي مسحة كنيسة العهد الجديد بكونها أيقونة السماء المتهللة بالرب. لذا قيل: "ومفديو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بترنم وفرح أبدي على رؤوسهم، ابتهاج وفرح يدركانهم. ويهرب الحزن والتنهد" [10].
* توجد بالحقيقة راحة حيث لا يوجد ألم أو حزن أو تنهد، حيث لا توجد ارتباكات أو متاعب أو صراعات أو خوف من ذهول النفس واضطرابها، وإنما توجد مخافة الله المملوءة بهجة.
القديس يوحنا ذهبي الفم
* لنحزن هنا متأملين في الأمر حتى لا نحزن هناك في العقاب بل نتمتع بالبركات الأبدية... لننعم بالأمور الفائقة للعقل في المسيح يسوع ربنا (فلا نضطرب من الحزن).
القديس يوحنا ذهبي الفم

 
قديم 08 - 08 - 2024, 05:07 PM   رقم المشاركة : ( 169557 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* توجد بالحقيقة راحة حيث لا يوجد ألم أو حزن أو تنهد،
حيث لا توجد ارتباكات أو متاعب أو صراعات أو خوف
من ذهول النفس واضطرابها، وإنما توجد مخافة الله المملوءة بهجة.



القديس يوحنا ذهبي الفم
 
قديم 08 - 08 - 2024, 05:08 PM   رقم المشاركة : ( 169558 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

* لنحزن هنا متأملين في الأمر حتى لا نحزن
هناك في العقاب بل نتمتع بالبركات الأبدية...
لننعم بالأمور الفائقة للعقل في المسيح يسوع ربنا
(فلا نضطرب من الحزن).



القديس يوحنا ذهبي الفم
 
قديم 08 - 08 - 2024, 05:21 PM   رقم المشاركة : ( 169559 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

Rose رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



المزمور المئة والخامس والأربعون
تمجيد عظمة الرب


تسبيحة. لداود

"أرفعك يا إلهي الملك وأبارك أسمك إلى الدهر والأبد" ع1



كاتبه: داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

هذا المزمور تسبيحه لله كما يظهر من العنوان. وكل آياته تسبح الله.

هذا المزمور والمزامير التالية هي مزامير تسابيح، أي من المزمور 145 إلى المزمور 150. فسفر المزامير ينتهى بتسبيح الله، الذي هو الاستعداد والدخول إلى الأبدية.

هذا المزمور مرتب على الأبجدية العبرية، وتبدأ كل آية بأحد الحروف الهجائية. وكل آية مكونة من قسمين، كما سيظهر عند شرح المزمور.

هذا المزمور ليتورجى، أي كان يصلى في العبادة اليهودية الجماعية. فيصلى مرتين في النهار، ومرة في المساء، أي ثلاث مرات كل يوم لتمجيد الله وتسبيحه.

هذا المزمور يقتبس منه القداس الإلهي في الكنيسة (ع15)، أي أنه يصلى في العبادة الجماعية في العهد الجديد.

يبدأ هذا المزمور بتسبيح داود الله، وينتهى بتسبيح الخليقة كلها له، فالمزمور يدعو الكل لتسبيح الله.

لا يوجد هذاالمزمور في الأجبية.


(1) تسبيح الرب (ع1-7):



ع1، 2: أَرْفَعُكَ يَا إِلهِي الْمَلِكَ، وَأُبَارِكُ اسْمَكَ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.

فِي كُلِّ يَوْمٍ أُبَارِكُكَ، وَأُسَبِّحُ اسْمَكَ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.

يشعر داود الملك أن الله هو الملك الحقيقي، وهو ملك الملوك؛ لذا يعلن خضوعه لله في أن يرفعه، ويباركه، ويسبحه، بل يعبر عن شعوره على الدوام كل يوم، أي طوال أيام حياته، بل على مدى اليوم كله في أفراحه، وأحزانه، في وقت الراحة ووقت الضيقة.

يشعر داود بعلاقة خاصة بينه وبين الله، فيقول إلهى، فله دالة البنوة والمحبة القوية لله، وتسبيحه الدائم يستمر إلى الأبد. فهو إذ تمتع بالتسبيح على الأرض يشتاق للتسبيح الدائم بعد خلع الجسد، ليفرح إلى الأبد مع الله. ويفهم ضمنيًا أن من لم يختبر التسبيح على الأرض لن يشتاق إلى التسبيح الدائم في السموات، أو لن يكون له نصيب في ملكوت السموات.

تُقْرَأ هاتان الآيتان في اليوم الثاني لعيد الصليب (18 توت) لأن المسيح ملك على الصليب؛ لذا نسبحه ونباركه لأنه الفادى والمخلص للبشرية. ويفهم من هذا أن هذا المزمور ليتورجى في الكنيسة، أى يستخدم في العبادة الجماعية.



ع3: عَظِيمٌ هُوَ الرَّبُّ وَحَمِيدٌ جِدًّا، وَلَيْسَ لِعَظَمَتِهِ اسْتِقْصَاءٌ.

استقصاء : كمال الفحص والبحث.

تسبيح الله دائم إلى الأبد؛ لأن عظمته لا نهاية لها، لا يستطيع إنسان أن يستقصيها أو يصل إلى نهايتها.

عندما يعظم داود الله يرفع عينيه إلى السماء فيتعلق بالسماويات، ويرتفع عن الشهوات الأرضية، ويتضع أمام الله الذي لا يصل إلى أعماق عظمته اللانهائية.



ع4-7: دَوْرٌ إِلَى دَوْرٍ يُسَبِّحُ أَعْمَالَكَ، وَبِجَبَرُوتِكَ يُخْبِرُونَ.
بِجَلاَلِ مَجْدِ حَمْدِكَ وَأُمُورِ عَجَائِبِكَ أَلْهَجُ. بِقُوَّةِ مَخَاوِفِكَ يَنْطِقُونَ،
وَبِعَظَمَتِكَ أُحَدِّثُ. ذِكْرَ كَثْرَةِ صَلاَحِكَ يُبْدُونَ، وَبِعَدْلِكَ يُرَنِّمُونَ.

ألهج: أتأمل وأتكلم على الدوام.

يبدون : يظهرون.

تسبيح الله هو من دور إلى دور، أي من جيل إلى جيل، فهو دائم على مدى الأجيال، بل وإلى الدور الآتي، أي في السماء وذلك لأسباب كثيرة هي:

أعمالك : وهي كثيرة جدًا تظهر في خليقته؛ الحية والجامدة؛ الإنسان والحيوان والنبات.

جبروتك : أي قوتك العظيمة التي هي فوق كل قوة في العالم، التي حطمت آلهة مصر، وشقت البحر الأحمر، وتغلبت على كل آلهة الأمم الوثنية.

جلالك ومجدك : المسبح من السمائيين والأرضيين، ولا يستطيع أي إنسان أن يحتمل رؤيته، كما شعر موسى عندما ألح لكي يرى الله (خر33: 20-23).

عجائبك : التي تظهر في ترتيب خلائقك سواء في جسم الإنسان وروحه، وترتيب نظام الأجرام السماوية، والتوازن البيئى بين الحيوانات بأنواعها والنباتات المختلفة.

مخاوفك : الله مخوف ومهوب جدًا، وظهر هذا في أوقات قليلة؛ لأجل أن الإنسان لم يحتمل، وظهر لموسى والشعب على الجبل بالدخان والنار، والسحاب الثقيل، وصوت البوق والرعد. ومخافته تقود الإنسان لترك الخطية والحياة النقية. وتظهر مخاوفه في أعمال كثيرة عظيمة، مثل الأجرام السماوية والبحر المتسع والرعود والبروق.

عظمتك: التي تظهر في اتحاد المخافة العظيمة بالحنان الكبير، فرغم أن الملائكة تغطى وجوهها من بهاء مجده، فهو في نفس الوقت يعتنى بأصغر خلائقه مثل الحشرات، والنباتات الصغيرة. إنه الكمال في كل شيء.

صلاحك : أي الخير كله الذي يطعم كل ذى جسد، ويعتنى بكل خلائقه، وفيه كمال الطهارة والحب وكل فضيلة.

عدلك: فأنت ترفض الشر، وتتنافر معه، ورغم رحمتك العظيمة، فأنت أيضًا عظيم في عدلك. واقترن العدل والرحمة في المسيح يسوع على الصليب.

† ما أعظم، وما أحلى التأمل في صفات الله وإحساناته الكثيرة، حتى يتحول التأمل إلى شكر وتسبيح يملأ القلب فرحًا، ويشيع السعادة في كل الجو المحيط به.


(2) صفات الله (ع8-13):



ع8، 9: اَلرَّبُّ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ، طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ.
الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ، وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ.

إن كان الله مهوب وعادل وعظيم، لكنه في نفس الوقت محب ورحيم وتظهر محبته في طول أناته وحنانه. وتختلط رحمة الله بكل أعماله. فعندما يكون عادلًا ومخوفًا، وحازمًا يكون أيضًا رحيمًا، كما سمح بعبودية شعبه في مصر، ولكن أخرجهم بقوة عظيمة. وكما سمح بذلهم في عصر القضاة لأجل عبادتهم الأوثان، رحمهم عندما صرخوا إليه، وأرسل إليهم قضاة حرروهم من العبودية.

إن صلاح الله ورحمته هي على كل البشر الأبرار والأشرار، فشمسه وهواؤه، وعطاياه للكل، ليعرفوه ويحيوا معه، بل هو صالح مع كل خلائقه، فيطعم الوحوش، والحيوانات الأليفة. إنه يرحم ويهتم بأصغر المخلوقات.



ع10-13: يَحْمَدُكَ يَا رَبُّ كُلُّ أَعْمَالِكَ، وَيُبَارِكُكَ أَتْقِيَاؤُكَ.
بِمَجْدِ مُلْكِكَ يَنْطِقُونَ، وَبِجَبَرُوتِكَ يَتَكَلَّمُونَ، لِيُعَرِّفُوا بَنِي آدَمَ قُدْرَتَكَ
وَمَجْدَ جَلاَلِ مُلْكِكَ. مُلْكُكَ مُلْكُ كُلِّ الدُّهُورِ، وَسُلْطَانُكَ فِي كُلِّ دَوْرٍ فَدَوْرٍ.

كل أعمال الله، أي خلائقه تمجده من خلال خضوعها للنظام الإلهي، فتسير في النظام المرسوم لها وهذا يبهر البشر، فيحمدون الله. أما الأتقياء، فيعرفون الله، وينطقون بتسبيحه، فيتمتعون بعشرته. ويتحدثون عن ملك الله على كل الخلائق، ويسبحون قوتك العظيمة.

إذ يسبح الأتقياء بكلماتهم وأعمالهم يبشرون كل البشر بعظمة الله، التي تدوم طوال الحياة، بل وإلى الأبد.

† إن شكرك لله كل يوم على معاملاته معك هي بشارة هادئة بالله العظيم، المعطى بركات لكل البشر. فأنت بهذا الشكر تدعو الكل بهدوء لتمجيد الله.

(3) رحمة الرب لخائفيه (ع14-21):



ع14: اَلرَّبُّ عَاضِدٌ كُلَّ السَّاقِطِينَ، وَمُقَوِّمٌ كُلَّ الْمُنْحَنِينَ.

عاضد:
مساند.

مقوم: يرده إلى الطريق المستقيم.

تظهر رحمة الله في أول صورها وهي مساندة الساقطين، والمنحنين التائبين الراجعين إلى الله. فالله يفرح بالتائبين، بل ويحنو أيضًا على غير التائبين، وينبههم لعلهم يتوبون. فهو أب حنون يسعى لخلاص أولاده، ويسامحهم على سقطاتهم إن تابوا.



ع15، 16: أَعْيُنُ الْكُلِّ إِيَّاكَ تَتَرَجَّى، وَأَنْتَ تُعْطِيهِمْ
طَعَامَهُمْ فِي حِينِهِ. تَفْتَحُ يَدَكَ فَتُشْبعُ كُلَّ حَيٍّ رِضًى.

الصورة الثانية لرحمة الله هي إشباع احتياجات البشر، بل وكل الكائنات الحية. فهو يشبع الكل من الحشرة الصغيرة إلى الوحوش المفترسة، وفوق الكل الإنسان رأس الخليقة، بل ويهب الإنسان ليس فقط الشبع المادي، بل النفسى أيضًا، فيكون راضيًا، وشاكرًا الله، وفوق كل شبع يعطيه الشبع الروحي. فيشبع من محبته لله كلما اقترب إليه.

هذه الآيات نصليها في القداسات الإلهي في أوشية أهوية السماء والمياه والزروع، كما نصليها أيضًا في نهاية الهوس الثاني وهو (مز136).



ع17: الرَّبُّ بَارٌّ فِي كُلِّ طُرُقِهِ، وَرَحِيمٌ فِي كُلِّ أَعْمَالِهِ.

الصورة الثالثة لرحمة الله هي اقترانها بالبر. فرحمة الله ليست لتدليل الإنسان وإفساده، بل لتقوده إلى البر والصلاح. وقد يحتاج الإنسان من رحمة الله أن تؤدبه أحيانًا، أو تمنع عنه بعض مشتهياته؛ حتى تسمو به، فيحيا في البر.



ع18، 19: الرَّبُّ قَرِيبٌ لِكُلِّ الَّذِينَ يَدْعُونَهُ، الَّذِينَ يَدْعُونَهُ بِالْحَقِّ.
يَعْمَلُ رِضَى خَائِفِيهِ، وَيَسْمَعُ تَضَرُّعَهُمْ، فَيُخَلِّصُهُمْ.

الصورة الرابعة لرحمة الله هي اقترابه من البشر، فهو ليس إله يترفع ويتباعد عن خليقته، بل أب محب يقترب من أولاده؛ ليعطيهم حبه.

الذين يتمتعون بالإحساس أن الله قريب منهم هم:

أ - من يدعونه بالحق، أي يطلبون طلبات بحسب مشيئة الله، فيستجيب لهم.

ب - يخافونه، فيسلكون باستقامة ويرفضون الخطية، وإن سقطوا يسرعون للتوبة.

فالله موجود في كل مكان ولكن يشعر بقربه كل من يقترب إليه، ويدعوه بالحق، ويخافه. ومن يقترب من الله يقترب الله إليه ويستجيب لطلباته. ومن يعمل مشيئة الله يحقق له الله رغباته ويغفر خطاياه.



ع20: يَحْفَظُ الرَّبُّ كُلَّ مُحِبِّيهِ، وَيُهْلِكُ جَمِيعَ الأَشْرَارِ.

الصورة الخامسة لرحمة الله هي حفظه لكل من يحبه، فيحفظه من الأخطار والمشاكل التي تفوق قدرته، ويعبر به بسلام في طريق الحياة. وعلى العكس هو عادل فيهلك جميع الأشرار الذين يضايقون أولاده، فيساند أولاده في كل خطواتهم.



ع21: بِتَسْبِيحِ الرَّبِّ يَنْطِقُ فَمِي،
وَلِيُبَارِكْ كُلُّ بَشَرٍ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ إِلَى الدَّهْرِ وَالأَبَدِ.

يختم المزمور بتسبيح الله بفهمه وقلبه، وبهذا التسبيح يحرك قلوب سامعيه، فيباركهم أيضًا الله، وهكذا تمتلئ الأرض من تسبيح الله.

† أنظر رحمة الله عليك وتأملها حتى تقودك إلى رحمة من حولك فلا تدينهم أو تغضب عليهم، بل تلتمس لهم الأعذار، وإن استطعت تصلى لأجلهم وتساندهم بأعمال محبتك فتجتذب قلوبهم لله.





المزمور المئة والسادس والأربعون
تسبيح الله الراعي


"هللويا سبحى يا نفسي الرب" ع1



1. كاتبه: غير معروف لأنه لا يوجد عنوان لهذا المزمور، فهو من المزامير اليتيمة الغير معروف كاتبها، ولكن هناك رأيين آخرين هما:

أ - أن كاتبه هو داود.

ب - يوجد عنوان في الترجمة السبعينية هو "مرسوم بهللويا لحجى وزكريا"، فيرى البعض أن الكاتب هو حجى وزكريا.

2. متى كتب؟ بحسب ما ذكرنا في كاتبه؛ يوجد رأيان:

أ - أيام داود.

ب- بعد الرجوع من السبي.

3. هذا المزمور من ضمن مزامير الهليل وهي الخمسة مزامير من (مز146 - مز150) وهي غير مزامير الهليل المصرية (مز113-118) وغير مزمورى الهليل الكبير (مز135، 136).

4. مزامير الهليل هذه (مز146 - مز150) تبدأ وتنتهي بكلمة هللويا، ماعدا (مز147) الذي يبدأ بكلمة "سبحوا" وهي تعنى أيضًا التهليل.

5. وهناك بعض مزامير أخرى بخلاف مزامير الهليل (مز146- مز150) تبدأ وتنتهي بكلمة هللويا وهي: (مز106، مز113، مز135). وتوجد مزامير أخرى تبدأ فقط بكلمة هللويا وهي: (مز111، مز112). كما توجد مزامير أخرى تنتهي فقط بكلمة هللويا وهي (مز104، 105، 116، 117).

6. يعتبر هذا المزمور ومزامير الهليل كلها ليتورجية، إذ كانت تصلى بعد الرجوع من السبي وأيضًا كانت تصلى في المجامع اليهودية التي انتشرت في بلاد اليهودية في القرنين السابقين لميلاد المسيح، وظلت موجودة حتى القرن الأول الميلادى.

7. يناسب هذا المزمور كل مؤمن يشعر برعاية الله له أثناء احتياجاته وضعفاته فيسبحه، ويشكره على إحساناته.

8. يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم، حيث يشكر الإنسان الله، ويسبحه على عطاياه طوال اليوم.



(1) التسبيح الدائم لله (ع1، 2):



ع3، 4: هَلِّلُويَا. سَبِّحِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ.
أُسَبِّحُ الرَّبَّ فِي حَيَاتِي، وَأُرَنِّمُ لإِلهِي مَا دُمْتُ مَوْجُودًا.

يدعو كاتب المزمور نفسه للتسبيح قبل أن يدعو الآخرين له؛ لأن من يختبر التسبيح ويحبه عندما يدعو غيره يكون كلامه مؤثرًا فيه.

أحب كاتب المزمور التسبيح، حتى أنه اعتاده، فصار يسبح طوال حياته ما دام هو حيًا وموجودًا. والله يسانده ويشجعه ويشجعنا جميعًا في العهد الجديد بروحه القدوس على الدوام.

† أعطى نفسك فرصة لتسبيح الله في صلاتك كل يوم؛ بترديد جزء صغير من التسبحة، أو مزمور شكر؛ لتتذوق حلاوة جديدة في إحساسك بالله أثناء الصلاة.


(2) الاتكال على الرب (ع3-5):



ع3، 4: لاَ تَتَّكِلُوا عَلَى الرُّؤَسَاءِ، وَلاَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَيْثُ لاَ خَلاَصَ
عِنْدَهُ. تَخْرُجُ رُوحُهُ فَيَعُودُ إِلَى تُرَابِهِ.
فِي ذلِكَ الْيَوْمِ نَفْسِهِ تَهْلِكُ أَفْكَارُهُ.

يوضح كاتب المزمور ضعف البشر حتى لو كانوا رؤساء وعظماء في العالم، فلا يمكن الاتكال عليهم؛ لأنهم بشر معرضون للموت والدفن في التراب الذي خلقوا منه.

يؤكد إرميا عدم الاتكال على البشر فيقول "ملعون الرجل الذي يتكل على الإنسان ويجعل البشر ذراعه وعن الرب يحيد قلبه" .. (إر17: 5-75)، وكذلك (أش31: 1-3؛ 20: 1-6). لأن أفكار الإنسان المادية مهما بدت عظيمة يمكن أن تهلك فجأة بموت الإنسان ومثل الغنى الغبى يؤكد نفس المعنى (لو12: 16-21).



ع5: طُوبَى لِمَنْ إِلهُ يَعْقُوبَ مُعِينُهُ، وَرَجَاؤُهُ عَلَى الرَّبِّ إِلهِهِ.

يفهم من الآيتين السابقتين أن الله هو الوحيد الذي يمكن الاتكال عليه، فهو المعين والسند الحقيقي، وهو الرجاء الوحيد للبشر الذين يؤمنون به، ولذا نسبحه في كل حين. ومن يعتاد على تسبيح الله يتعلم الاتكال عليه وليس سواه.

ذكر اسم يعقوب الذي اتكل على الله فباركه وجعله أمة عظيمة هي الأمة اليهودية.

† لا تنبهر بوعود الناس، ولا تضع رجاءك على كلامهم فهم بشر زائلون مثلك، لكن ضع رجاءك على الله وحده في كل شيء.


(3) الله راعي المحتاجين (ع6-10):




ع6: الصَّانِعِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ، الْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا.
الْحَافِظِ الأَمَانَةَ إِلَى الأَبَدِ.

يستعرض كاتب المزمور في هذه الآية والآيات التالية أسباب ودواعى الاتكال على الرب وهي:

"الصانع السموات والأرض والبحر" وهو أزلي أبدى، وهذه المخلوقات ضخمة جدًا إذا ما قورنت بالإنسان الصغير، فهذا يدعو الإنسان للاتكال على خالق كل الخليقة.

أمانه الله في وعوده التي تستمر طوال الحياة وإلى الأبد. لكن وعود البشر كلها مهزوزة وغير مضمونة؛ لأنهم معرضون للموت، أما الله فثابت بدليل أن خلائقه الضخمة ثابتة، مثل السماء والأرض والبحر، وخاضعة للقوانين التي وضعها لها.



ع7: الْمُجْرِي حُكْمًا لِلْمَظْلُومِينَ، الْمُعْطِي خُبْزًا لِلْجِيَاعِ. الرَّبُّ يُطْلِقُ الأَسْرَى.

يواصل المزمور عرض أسباب الاتكال على الله فيقول:

"المجزى حكمًا للمظلومين" :
والمقصود بالطبع المظلوم هو من احتمل متاعب دون أي خطأ منه، فالله يظهر حقهم ولو بعد حين، ويباركهم ويعوضهم. لهذا يظهر حنانه ويدعونا للاتكال عليه.

"المعطى خبزًا للجياع": فهو يطعم البشر والحيوانات حتى الصغير منها وهم الطيور، وكذا النباتات. فهو أب يشعر بكل خلائقه، وخاصة الإنسان، وفوق كل هذا يهتم بأولاده المتكلين عليه. وأولاده المؤمنون به يهبهم أعظم شيء وهو الطعام الروحي، أي جسده ودمه، ويغذيهم بكلمته المحيية.

"يطلق الأسرى": والمقصود بالأسرى كل إنسان محبوس ومذلول، فعندما يتضرع إلى الله ينقذه ويطلقه، كما حدث مع لوط وكل الأسرى الذين أخذهم كدرلعومر الملك (تك14: 17). والأسرى أيضًا هم أسرى الخطية الذين حررهم المسيح بفدائه على الصليب.



ع8: الرَّبُّ يَفْتَحُ أَعْيُنَ الْعُمْيِ. الرَّبُّ يُقَوِّمُ الْمُنْحَنِينَ. الرَّبُّ يُحِبُّ الصِّدِّيقِينَ.

يضيف المزمور أسبابًا جديدة للاتكال على الله وهي:

"يفتح أعين العمى":
الله الذي خلق الأعين قادر أن يعالجها ويعطيها نورًا فترى، كما فتح عينى طوبيا. ولكن لا يقتصر الأمر على الأعين الجسدية، بل يتخطاها إلى الأعين الروحية، فيهب البصيرة والتمييز لأولاده المتكلين عليه، مثل رجال الله في العهد القديم والأنبياء. أما في العهد الجديد فالمسيح فتح أعين كثير من العميان، وأعطى بالروح القدس استنارة للرسل وخدام العهد الجديد.

"يقوم المنحنين": أي يجعلهم منتصبين ومستقيمين وأقوياء. والمنحنين هم كل من سقطوا تحت ضغوط صعبة جعلتهم عاجزين عن القيام بأعمالهم، أو مواصلة حياتهم، مثل يهوديت وشعبها الذي كان معرضًا للموت عطشًا. وفى العهد الجديد شفى المسيح المرأة المنحنية بفعل إبليس لمدة ثمانية عشر عامًا (لو13: 13).

"يحب الصديقين": وهم الأبرار المتكلين عليه، فساندهم ورعاهم بمحبته، مثل الآباء البطاركة إبراهيم وإسحق ويعقوب. وكما اهتم المسيح برعاية تلاميذه الاثنى عشر والرسل، وكل تابعيه.



ع9: الرَّبُّ يَحْفَظُ الْغُرَبَاءَ. يَعْضُدُ الْيَتِيمَ وَالأَرْمَلَةَ، أَمَّا طَرِيقُ الأَشْرَارِ فَيُعَوِّجُهُ.

ويزيد المزمور على الأسباب السابقة للاتكال على الله ما يلي:

"يحفظ الغرباء": والغريب هو الشخص الذي ليس له استقرار في المكان، ولا يجد احتياجاته، فيهتم به ويباركه، كما حفظ إبراهيم في مصر (تك12: 17)، وبارك اسحق في جرار (تك26: 12)، ويعقوب في مصر (تك47: 27).

"يعضد اليتيم والأرملة":
اليتيم هو الذي ليس له أب يرعاه، والأرملة هي التي ليست لها زوج يساندها، فاهتم الله برعايتهم، كما اهتم بيوآش الطفل فرعاه يهوياداع الكاهن، وحماه من بطش عثليا الملكة؛ حتى جلس على العرش (2 مل11: 17-21). وبارك أرملة صرفة صيدا بإقامة إيليا عندها، وبارك كوز الزيت وكوار الدقيق طوال المجاعة (1 مل17: 14). والمسيح تحنن على أرملة نايين وأقام ابنها (لو7: 11-15). والله يهتم باليتيم والأرملة بالمعنى الروحي، أي الذين ليس لهم قوة، أو سند، فيعضدهم الله ويسندهم روحيًا وفى مواجهة كل مشاكل الحياة.

"طريق الأشرار فيعوجه":
الله لا يسمح للأشرار أن تكون طرقهم دائمًا في نجاح، فيحمى الأبرار منهم، وإذا عوج طرقهم يعطيهم فرصة للتوبة والرجوع إليه، عندما يرون فشلهم، كما أظهر لفرعون ضعفه بالضربات العشر أيام موسى، وكما أظهر ضعف الملوك الوثنيين أيام القضاة، وحرر شعبه من تحت سلطانهم، وكما قيد المسيح الشيطان على الصليب، فطريق الأشرار هو الشيطان كما أن طريق الأبرار هو المسيح.



ع10: يَمْلِكُ الرَّبُّ إِلَى الأَبَدِ، إِلهُكِ يَا صِهْيَوْنُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. هَلِّلُويَا.

الله الراعى لأولاده كما ظهر في الآيات السابقة يملك على قلوبهم، ويعتنى بهم؛ ليس فقط في هذا الدهر، أي هذا الدور، بل في الدور الآتي وهو الحياة الأبدية. وكل نواحى عناية الله بالبشر تجلت في المسيح في العهد الجديد، كما أشرنا في الآيات السابقة. ولذا يطمئن أولاد الله، ويتكلوا عليه، فيسندهم طوال حياتهم وإلى الأبد.

† في كل احتياجاتك التجئ إلى الله، واتكل عليه، واثقًا من محبته فتحيا مطمئنًا ولا تنزعج من تقلبات البشر المحيطين بك.





المزمور المئة والسابع والأربعون
تسبيح الله المعتنى بشعبه


"سبحوا الرب لأن الترنم لإلهنا صالح .." ع1



1. كاتبه: غير معروف، إذ ليس له عنوان، فهو من المزامير اليتيمة، ولكن هناك رأيين آخرين :

أ - داود هو الذي كتبه بروح النبوة عن العودة من السبي وبناء أورشليم والهيكل.

ب - في الترجمة السبعينية والقبطية له عنوان هو "مرسوم بهللويا لحجى وزكريا" مثل المزمور السابق؛ أي أن كاتبه حجى أو زكريا.

2. متى كتب ؟ هناك رأيان:

أ - أيام داود.

ب - بعد العودة من السبي.

3. هذا المزمور من مزامير الهليل، وهو ينتهى بكلمة هللويا، وبدايته كلمة سبحوا وهي تشبه كلمة هللويا.

4. في الترجمة السبعينية، أي الأجبية هذا المزمور يحوى مزمورين هما مز146، مز147؛ أي أن هذا المزمور في الترجمة السبعينية عبارة عن مزمورين وفى هذه الترجمة العبرية مزمورًا واحدًا.

5. يتكلم هذا المزمور عن العودة من السبي وبناء أورشليم، التي ترمز لكنيسة العهد الجديد.

6. يناسب هذا المزمور كل تائب يشعر بأن الله حول الخراب الذي فيه بفعل الخطية إلى بناء روحي عظيم وفرح؛ لذا يسبح الله.

7. هذا المزمور ليتورجى مع باقي مزامير الهليل الخمسة (مز146-150) فكان يصلى في الهيكل صباحًا، وبعد الرجوع من السبي، وكذلك في المجامع اليهودية التي أقيمت قبل ميلاد المسيح بقرنين تقريبًا.

8. يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم، ويشمل كما قلنا المزمورين الأخيرين حيث يشكر المصلى الله من أجل عنايته به، وقبول توبته وإعادته كعضو حى في الكنيسة.





(1) العودة من السبي (ع1-6):



ع1: سَبِّحُوا الرَّبَّ، لأَنَّ التَّرَنُّمَ لإِلهِنَا صَالِحٌ. لأَنَّهُ مُلِذٌّ. التَّسْبِيحُ لاَئِقٌ.


يدعو كاتب المزمور المؤمنين الراجعين من السبي إلى أورشليم ليسبحوا الرب؛ لأن التسبيح والترنم بالمزامير صالح، إذ يرفع النفس إلى السماويات، ويخلصها من رباطات الشهوات الأرضية.

التسبيح أيضًا لذيذ للنفس (ملذ) يجعلها تفرح وتتمتع. ومن ناحية أخرى يليق بالنفس المؤمنة بالله التي تحبه، أن تعبر عن حبها بالتسبيح والترنم. أما النفس التي لا تسبح فهي تعلن إهمالها لله وضعف محبتها، خاصة لو أن الله عمل معها عملًا عظيمًا، مثل جمع شتات اليهود المسبيين، وإرجاعهم إلى بلادهم؛ ليبنوا هيكل الرب ويعبدوه فيه، وبالطبع يلزم التسبيح والشكر.



ع2، 3: الرَّبُّ يَبْنِي أُورُشَلِيمَ. يَجْمَعُ مَنْفِيِّي إِسْرَائِيلَ.
يَشْفِي الْمُنْكَسِرِي الْقُلُوبِ، وَيَجْبُرُ كَسْرَهُمْ.

محبة الله تظهر في مساعدة أولاده الراجعين من السبي ليبنوا مدينتهم المقدسة أورشليم. وبهذا جمع الله شعبه بنى إسرائيل الذين كانوا مشتتين في بلاد العالم التابعة لأشور وبابل، وبهذا يشفى قلوب شعبه المنكسرة بالذل والعبودية، ويجبر نفوسهم المكسورة، فتتقوى وتصير صلبة، ويمجدوا بفخر إلههم الذي أنقذهم وحررهم، وأنعم عليهم ببناء هيكله والعبادة فيه.

المسيح الفادى بنى كنيسة جسده بموته على الصليب، وجمع اليهود والأمم الذين آمنوا به، ووحدهم في الإيمان به، وشفى نفوسهم المكسورة بذل الخطية، فرفعوا رؤوسهم في فرح وتمجيد له.



ع4، 5: يُحْصِي عَدَدَ الْكَوَاكِبِ. يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ.
عَظِيمٌ هُوَ رَبُّنَا، وَعَظِيمُ الْقُوَّةِ. لِفَهْمِهِ لاَ إِحْصَاءَ.

إن كان الله يحصى الكواكب الضخمة والكثيرة العدد، ويدعوها بأسماء، فقوته عظيمة لا يمكن حصرها، أو إحصاء فهمه، أو معلوماته. فإن كان الله بهذه القوة والعظمة فهو قادر بالطبع أن يجمع شعبه المشتت ويعيده إلى أورشليم واليهودية؛ ليبنوا الهيكل.

الكواكب هم الأتقياء والقديسون الذين كانوا منكسرين في ظل العبودية، وجبر نفوسهم وساندهم الله، فسبحوه، وصاروا قديسين بقوة الله.

المسيح قادر أن يجمع أولاده من أرجاء العالم؛ ليؤمنوا به، ويصيروا قديسين، أي كواكب عظيمة، ويحول البعيدين إلى قريبين، والمقاومين إلى رسل مثل بولس.



ع6: الرَّبُّ يَرْفَعُ الْوُدَعَاءَ، وَيَضَعُ الأَشْرَارَ إِلَى الأَرْضِ.

الودعاء هم بنو إسرائيل الذين كانوا مسبيين، فرفعهم الله بإعادتهم من السبي بأمر كورش الإمبراطور ملك مادي وفارس؛ ليبنوا مدينتهم أورشليم، وهيكلها المقدس. أما الأشرار فهم البابليون الذين أذلوا شعب الله، فيضعهم إلى الأرض، ويذلهم بواسطة مادي وفارس. وهذا نفسه حدث مع فرعون مصر وجيشه الذي تحطم بالضربات العشر، وغرق في البحر الأحمر، أما شعب الله فحررهم من عبودية مصر، وعبر بهم وسط البحر الأحمر، وعالهم في برية سيناء.

المسيح اتضع وقيد الشيطان الشرير، ورفع الرسل فبشروا المسكونة، ووضع الأشرار المقاومين، ففشلوا في مقاومة المسيحية.

† اشكر الله على أعماله العظيمة التي عملها معك طوال حياتك، وإن استطعت فاكتبها في مذكرات روحية؛ حتى لا تنساها؛ كل هذا يثبت إيمانك ويفرح قلبك.


(2) عناية الله بأتقيائه (ع7-11):



ع7: أَجِيبُوا الرَّبَّ بِحَمْدٍ. رَنِّمُوا لإِلهِنَا بِعُودٍ.


بعد أن أنعم الله على شعبه بالعودة من السبي كان من الطبيعي أن يدعوهم المزمور إلى شكر الله، بل مصاحبة الشكر بالآلات الموسيقية تعبيرًا عن شدة الفرح والتسبيح.

التسبيح هو أرقى وأعلى درجات الصلاة؛ لأنه حب خالص لله دون أي طلب. ومن يحب الله يكلمه بالكلمات التي يحبها وهي التسبيح.



ع8، 9: الْكَاسِي السَّمَاوَاتِ سَحَابًا، الْمُهَيِّئِ لِلأَرْضِ مَطَرًا، الْمُنْبِتِ
الْجِبَالَ عُشْبًا. الْمُعْطِي لِلْبَهَائِمِ طَعَامَهَا، لِفِرَاخِ الْغِرْبَانِ الَّتِي تَصْرُخُ.

مما يدفعنا إلى تسبيح الله اهتمامه بكل خلائقه الذي يظهر في:

"الكاسى السموات سحابا": فالسموات العالية يغطيها الله بالسحاب الأبيض الذي يعطى إحساس الغموض، ولكن الله يفيض منه أمطارًا على الأرض. فهو يغطى السموات بمنظر جميل، ويشبع الإنسان وباقى الخلائق عن طريق الأمطار. والسحاب يرمز للقديسين الذين يتميزون بالبهاء الروحي ويفيضون على من حولهم بالقدوة والتعاليم الصالحة كما تنزل الأمطار من السحاب.

"المهئ للأرض مطرًا" لا يترك الله الأرض جافة، خاصة البعيدة عن الأنهار، فيشبعها هي والإنسان والحيوان، والنبات الذي عليها بالأمطار النازلة من السماء. وهكذا تخدم الخلائق كلها الإنسان، فالأمطار من السماء، والأرض تحمل النباتات والحيوانات.

"المنبت الجبال عشبًا": الجبال التي تبدو جافة، ويصعب تسلقها، إذ يمطر الله عليها أمطارًا ينبت عليها عشبًا، فيصير منظرها أخضر جميل، بل وترعى عليها الأغنام والبهائم، فتأكل وتشبع، وتشكر الله. فالجبال التي تبدو يابسة مقفرة يعطيها الله حياة وهي العشب، فتتطعم الحيوانات. كما يحول الله النفوس المقفرة الناشفة إلى نفوس حية مثمرة، بل وتشبع وتخدم من حولها.

"المعطى للبهائم طعامًا" إن البهائم لا تستطيع الكلام، ولكنها تعبر عن جوعها بأصوات يسمعها الله، فيسرع لإطعامها بالنباتات المختلفة. وأنت كلما اتضعت صورت كبهيم عند الله، كما قال المزمور (مز73) ليس فقط ماديًا، بل روحيًا أيضًا.

"لفراخ الغربان التي تصرخ" إن الله يطعم أيضًا فراخ الغربان التي تصرخ إليه؛ لأن الغراب إذ خرجت أفراخه من البيض تكون بيضاء فيخاف منها ويتضايق أبواها الغربان الكبيرة، فتطير بعيدًا وتتركها. وهنا تفتح الأفراخ أفواهها وتصرخ إلى الله بأصوات ضعيفة، فيرسل لها أعدادًا كبيرة من الحشرات التي تنجذب نحو رائحة أفواهها، فتأكلها، وتكبر الأفراخ، ويتغير لون ريشها إلى السواد، فيألفها أبواها الغربان وتأتى إليها لتساعدها وتهتم بها.



ع10، 11: لاَ يُسَرُّ بِقُوَّةِ الْخَيْلِ. لاَ يَرْضَى بِسَاقَيِ الرَّجُلِ.
يَرْضَى الرَّبُّ بِأَتْقِيَائِهِ، بِالرَّاجِينَ رَحْمَتَهُ.

الله الذي نسبحه يفرح بالمتضعين المتكلين عليه ويشتاق لتسبيحهم، فهو لا يفضل من يعتمد على قوة المعدات الحربية، وكانت قديمًا أهمها الخيل، ويضاف إليها القوة البدنية للرجل، التي تظهر في ساقيه القادرتين على الجرى السريع لمهاجمة وسحق الأعداء، بل يسر الله بأتقيائه الراجين رحمته باتضاع. فالشيطان يدعو البشر للاعتماد على قوتهم وأسلحتهم وترك الله، والعلاج هو مخافة الله، وترك الخطية، والاتضاع أمامه بصلوات كثيرة، طالبين رحمته، فننتصر على أعدائنا الشياطين مهما كانت قوتهم. فسليمان الذي اعتمد على كثرة الخيل (2 أى9: 25، 28) مخالفًا الشريعة (تث17: 16) انشقت المملكة بعده، أما جدعون الذي خاف الله واعتمد عليه انتصر على عشرات الآلاف من الأعداء بثلاث مئة رجل بدون أسلحة (قض7: 7).

† لا تنزعج من ضعف إمكانياتك، أو قوة من يهاجمونك؛ لأن قوة الله التي معك تعطيك نصرة على كل المعوقات التي أمامكِ، أسلك في مخافة الله، وترجى رحمته تنال كل البركات التي تحتاجها.

(3) بركة الله لأورشليم (ع12-20):



ع12-14: سَبِّحِي يَا أُورُشَلِيمُ الرَّبَّ، سَبِّحِي إِلهَكِ يَا صِهْيَوْنُ.
لأَنَّهُ قَدْ شَدَّدَ عَوَارِضَ أَبْوَابِكِ. بَارَكَ أَبْنَاءَكِ دَاخِلَكِ.
الَّذِي يَجْعَلُ تُخُومَكِ سَلاَمًا، وَيُشْبِعُكِ مِنْ شَحْمِ الْحِنْطَةِ.

عوارض أبوابك :
قوائم أبوابك، أي ألواح الخشب الرئيسية التي تكون الأبواب.

تخومك :
حدودك.

شحم الحنطة : أفضل أنواع القمح المشبعة وكأنها طعام دسم.

بدءًا من (ع12) يبدأ المزمور 147 في الترجمة السبعينية وهو المزمور الأخير من صلاة النوم.

من أجل كل البركات السابق ذكرها يدعو المزمور أورشليم - التي هي صهيون - لتسبح الرب إلهها، فهو إله خاص بها يحبها؛ لأنها مدينته المقدسة، وسكانها أولاده، الذين يعبدونه في هيكله العظيم القائم داخل أورشليم.

أسباب تسبيح أورشليم لله كثيرة أهمها:

أ - "شدد عوارض أبوابك":
والمقصود أنه جعل أبوابك قوية وحصينة، فتحمى المؤمنين الساكنين داخل أورشليم. وهذا يعلن قوة الله التي تحمى أولاده. والباب هو المسيح، كما أعلن ذلك بنفسه (يو10: 7). والأبواب أيضًا ترمز لحواس الإنسان، فالله يشددها لتصير طاهرة ونقية، وتدخل للإنسان كل ما هو طاهر.

ب -
"بارك أبناءك داخلك": وذلك بأن يكثر الأبناء المؤمنين، وأيضًا يقدسهم، ويملأهم بقوته. والأبناء أيضًا ترمز لحواس الإنسان وفضائله، فالله يبارك الحواس ويكثر الفضائل.

جـ-
"يجعل تخومك سلامًا" أى يحفظ الله حدود الأراضي التابعة لأورشليم، وهي منطقة اليهودية، فيحيا سكانها بسلام، ويرد عنهم الأعداء، فتستطيع أورشليم ومن فيها أن يحبوا لله ويسبحوه.

د -
"يشبعك من شحم الحنطة" : يعطيها الله بركات مادية، وطعام مشبع، فيهبها أفضل أنواع القمح، فتأكل وتشبع بغنى، وهذا من نعمة الله، وليس بسبب جودة الأرض، أو الظروف الجوية. وشحم الحنطة يرمز لجسد المسيح ودمه، وهو أفضل طعام روحي.



ع15: يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فِي الأَرْضِ. سَرِيعًا جِدًا يُجْرِي قَوْلَهُ.

كلمة الله هي أمره لكل خليقته أن تخدم الإنسان، وهي وصاياه وشريعته التي أعطيت للإنسان ليحيا بها، وهي أيضًا كلمته على لسان الأنبياء، وكلمته الحية في رجاله الأتقياء في العهد القديم، مثل إبراهيم واسحق ويعقوب.

كلمة الله هي المسيح المتجسد في ملء الزمان، الذي أعطى الخلاص للبشرية، وهي كلمة الله على لسان الرسل، الذين بشروا المسكونة كلها. وكذلك الآباء الأساقفة والكهنة والخدام في كل الأجيال.



ع16، 17: الَّذِي يُعطِي الثَّلْجَ كَالصُّوفِ، وَيُذَرِّي الصَّقِيعَ كَالرَّمَادِ.
يُلْقِي جَمْدَهُ كَفُتَاتٍ. قُدَّامَ بَرْدِهِ مَنْ يَقِفُ؟

يذرى :
ينثر.

الصقيع : الجليد.

جمده : ثلجه.

برده : شرائح ثلجية مدببة تقتل من تسقط عليه، إذ تسقط بكثرة من علو كبير.

أسباب أخرى يقدمها المزمور لتسبيح الله، وهي:

"يعطى الثلج كالصوف":
قدرته على تحويل الطبيعة لتعمل عكس غرضها. فالثلج البارد جدًا يصير كالصوف الذي يدفئ من يلتصق به، كما عبر بنو إسرائيل بثيابهم البسيطة أربعين سنة في برية سيناء القاسية البرودة ليلًا، والتي يتحول فيها الماء إلى ثلج، ولكن أعطاهم الله دفئًا كمن يتغطون بالصوف. وهذا يرمز إلى أن الله يحول البرودة الروحية إلى حياة روحية دافئة، بل حارة.

"يذرى الصقيع كالرماد": الصقيع بارد والرماد هو ناتج الاحتراق، أي ساخن. وهذا يرمز لتحويل الله البرودة الروحية إلى توبة وانسحاق أمام الله، فتحترق الخطية وتصير رمادًا، كما أحرق الروح القدس الخطية داخل المؤمنين عندما حل عليهم، فأحرق فيهم كل شهوة وخطية بالتوبة.

"يلقى جمده كفتات": فالجمد هو الثلج الصلب يتفتت إلى أجزاء صغيرة. وهذا يرمز إلى انسحاق القلوب الحجرية القاسية فتصير كالفتات. بل إن الفتات أيضًا يرمز لفتات الخبز، أي يصيروا نافعين لغيرهم، فيكونوا مأكلًا وشبعًا روحيًا لمن حولهم، مثل شاول الطرسوسى القاسى القلب الذي صار بولس الرسول وبذل حياته لأجل المسيح؛ ليشبع النفوس الجائعة من الأمم، وصار قلبًا حساسًا يشعر بكل أولاده إذ قال "من يضعف وأنا لا أضعف ومن يعثر وأنا لا ألتهب" (2 كو11: 29).

"قدام برده من يقف": فالبرد يمثل عدل الله، وعقابه للأشرار، فمن لا يتعلم من كل ما سبق ويقبل إلى الله، أي يتمادى في شره، يأتي عليه غضب الله، فيهلكه. كما حدث مع الشعوب الوثنية التي سكنت أرض كنعان وزاد شرها فأهلكهم الله، (يش2: 8)، وكما حدث مع سدوم وعمورة (تك19: 28).



ع18: يُرْسِلُ كَلِمَتَهُ فَيُذِيبُهَا. يَهُبُّ بِرِيحِهِ فَتَسِيلُ الْمِيَاهُ.

الله قادر بكلمته أن يأمر الخلائق، فتعمل عكس طبيعتها، فالثلج والصقيع والجمد والبرد مواد صلبة، ولكن الله قادر أن يغيرها، فتتحول إلى سوائل تفيض على البشر والبهائم، فتشرب منها، ولا تؤذيهم، بل تفيدهم. كما غير الله طبيعة النار في الآتون مع الثلاث فتية فلم تؤذهم (دا3)، والأسود المفترسة أصبحت حيوانات أليفة طيعة مع دانيال (دا6: 22)، وماء البحر الأحمر السائل صار كحائط جامد ليعبر بنو إسرائيل (خر14: 22) أما الأرض الناشفة تحت أرجل داثان وأبيرام صارت لينة كماء البحر، فسقطوا وابتلعتهم الأرض (عد16: 31-33). وعصا هارون الجافة صارت لينة وأزهرت وأثمرت (عد17: 8)، أما حمارة بلعام الغير ناطقة فقد تكلمت بحكمة أفضل من فهم بلعام نفسه (عد22: 28).

كلمة الله هو المسيح الذي بفدائه وروحه القدوس يغير النفوس القاسية عندما تتوب، فتصير لينة، مطيعة لوصايا الله، بل وتصير خادمة تفيد وتشبع الآخرين.



ع19، 20: يُخْبِرُ يَعْقُوبَ بِكَلِمَتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ بِفَرَائِضِهِ وَأَحْكَامِهِ.
لَمْ يَصْنَعْ هكَذَا بِإِحْدَى الأُمَمِ، وَأَحْكَامُهُ لَمْ يَعْرِفُوهَا. هَلِّلُويَا.

فرائضه :
طقوس العبادة.

أحكامه : وصاياه وشريعته.

أعطى الله لشعبه كلمته، أي وصاياه، وعلمهم شريعته، أي أحكامه، وفرائض عبادته في الهيكل، وعلمهم كيف يسلكون أمامه عن طريق الآباء والأنبياء، بينما كان كل العالم وثني غارق في الجهل وعبادة الأصنام، منغمسين في شهواتهم، فاختار الله شعبه بني إسرائيل، وعلمهم الحياة معه؛ ليكونوا بعد هذا نورا للعالم.

أعطى أيضًا الله كلمته المتجسد، أى ربنا يسوع المسيح؛ ليولد في يعقوب، أي بيت لحم اليهودية، وليبشر إسرائيل، أي كل شعب اليهود بشريعة العهد الجديد التي هي استكمال لشريعة العهد القديم، لكي يحيا حياة سامية في المسيح، ثم نشر البشارة بواسطة الرسل للعالم كله.

بدأ المزمور بإرجاع شعبه إسرائيل من السبي؛ ليبنوا الهيكل ويعبدوه. ثم خاطب البشر جميعًا، فرفع الودعاء ورفض الأشرار، واعتنى بالطبيعة كلها لمنفعة الإنسان، وبعد ذلك عاد للكلام عن شعبه إسرائيل، فأظهر أنه أعطاهم بركات مادية وأخيرًا يتحدث عن بركاته الروحية التي وهبها لشعبه. كل هذا ليكون شعبه نورًا لكل العالم. فالله يحب شعبه، ويحب كل البشر؛ لأنهم أولاده.

† تأمل البركات المادية التي وهبك الله إياها، واشكره عليها. وليتك تكتبها عندك، ثم تأمل بركاته الروحية، واكتبها أيضًا عندك، وارفع قلبك بالتسبيح؛ ليرتفع قلبك إلى الله، وتسمو عن الخطية والشهوات الزائلة.



 
قديم 08 - 08 - 2024, 05:22 PM   رقم المشاركة : ( 169560 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,271,330

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة



المزمور المئة والخامس والأربعون
تمجيد عظمة الرب

تسبيحة. لداود

"أرفعك يا إلهي الملك وأبارك أسمك إلى الدهر والأبد" ع1



كاتبه: داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

هذا المزمور تسبيحه لله كما يظهر من العنوان. وكل آياته تسبح الله.

هذا المزمور والمزامير التالية هي مزامير تسابيح، أي من المزمور 145 إلى المزمور 150. فسفر المزامير ينتهى بتسبيح الله، الذي هو الاستعداد والدخول إلى الأبدية.

هذا المزمور مرتب على الأبجدية العبرية، وتبدأ كل آية بأحد الحروف الهجائية. وكل آية مكونة من قسمين، كما سيظهر عند شرح المزمور.

هذا المزمور ليتورجى، أي كان يصلى في العبادة اليهودية الجماعية. فيصلى مرتين في النهار، ومرة في المساء، أي ثلاث مرات كل يوم لتمجيد الله وتسبيحه.

هذا المزمور يقتبس منه القداس الإلهي في الكنيسة (ع15)، أي أنه يصلى في العبادة الجماعية في العهد الجديد.

يبدأ هذا المزمور بتسبيح داود الله، وينتهى بتسبيح الخليقة كلها له، فالمزمور يدعو الكل لتسبيح الله.

لا يوجد هذاالمزمور في الأجبية.
 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 06:56 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024