منتدى الفرح المسيحى  


العودة  

الملاحظات

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 29 - 07 - 2024, 02:44 PM   رقم المشاركة : ( 168341 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يقول المرتل: "لأنه هوذا الملوك اجتمعوا... لما رأوا بهتوا ارتاعوا
فروا، أخذتهم الرعدة هناك والمخاض كالوالدة" (مز 48: 4-6).
يرى القديس أغسطينوس

أن الملوك هم جماعة المؤمنين الذين يحبلون من مخافة الله
ويدخلون في حالة طلق لينجبوا خلاصًا خلال الإيمان.
عندما نسمع آلامهم نتوقع ميلادًا جديدًا، حيث يموت الإنسان
القديم بكل أعماله ويولد الإنسان الجديد الذي على صورة خالقه.
 
قديم 29 - 07 - 2024, 02:45 PM   رقم المشاركة : ( 168342 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

يُناجي القديس أغسطينوس

النفس البتول المرتبطة بالمسيح عريسها، قائلًا:
[حسن لكِ أيتها النفس البتول... فببتوليتكِ تحتفظي في قلبك ما قد
ولدته ثانية (الإنسان الجديد)، وتحتفظي في جسدك ما أنجبتيه
إذ حبلتي بمخافة الرب وولدتي روح الخلاص].
 
قديم 29 - 07 - 2024, 02:46 PM   رقم المشاركة : ( 168343 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

القديس أغسطينوس


[توجد راحة في الموت، يتحدث عنها النبي قائلًا
"هلم يا شعبي أدخل مخادعك وأغلق أبوابك خلفك،
اختبئي نحو لحيظة حتى يعبر الغضب"].
 
قديم 29 - 07 - 2024, 03:01 PM   رقم المشاركة : ( 168344 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




المزمور المئة والْحَادِي والثلاثون
الاتضاع والجهاد والرجاء

ترنيمة المصاعد . لداود

"يا رب لم يرتفع قلبى ولم تستعل عيناى .." (ع1)


مقدمة:

1. كاتبه: داود النبي كما يذكر عنوان المزمور.

2. متى كتب ؟

هناك رأيان:

أ - عندما نزل داود ليفتقد إخوته الذين يحاربون الفلسطينيين، فوبخه أخوه الأكبر أليآب متهمًا إياه بالكبرياء، فكتب هذا المزمور، معلنًا اتضاعه أمام الله (1 صم17: 28).

ب- كتبه داود عندما اتهمه عبيد شاول بأنه ينبغى الاستيلاء على الملك عندما كان قائدًا حربيًا، أو من أشجع القادة عند شاول؛ ليعلن عدم سعيه لهذا الملك، رغم أن صموئيل النبي كان قد مسحه ملكًا منذ سنوات.

ج - عندما احتقرت ميكال زوجها داود لرقصه أمام تابوت عهد الله، فأعلن أنه يتصاغر أكثر من هذا أمام الرب (2 صم6: 22).

3. يناسب هذا المزمور كل من يهرب من مجد العالم، ويتضع ويترجى الله.

4. لعل هذا المزمور نبوة عن مشاعر المسبيين في بابل، أو الراجعين من السبي في اتضاع أمام الله، ويترجونه أن يساعدهم في بناء الهيكل وقبول عبادتهم.

5. هذا المزمور يظهر مشاعر الإنسان الروحي المؤمن بالله، فيتضع، ويظهر خطية الشيطان المتكبر الذي سقط لكبريائه، ومحاولته أن يرفع كرسيه ومكانته مثل الله (حز28: 16-17). وهكذا أيضًا يوبخ كبرياء الإنسان الأول آدم وحواء اللذين حاولا أن يصيرا مثل الله (تك3: 5).

6. يصلى هذا المزمور على الدرجة الثانية عشر في طريق الصعود إلى الهيكل. ويلاحظ أنه عند الارتفاع والاقتراب إلى الهيكل يصلى هذا المزمور الذي يدعو إلى الاتضاع. وكلما ارتفعنا نحو الله نحتاج لاتضاع أكبر، ويزداد الجهاد الروحي والرجاء في الرب.

7. يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم؛ ليعلن فيها الإنسان اتضاعه أمام الله مترجيًا خلاصه بعد انقضاء يوم كامل؛ ليسامحه عن كل خطاياه، ويعطيه نومًا هادئًا ومكانًا في الأبدية.



(1) الاتضاع (ع1)



ع1: يَا رَبُّ، لَمْ يَرْتَفِعْ قَلْبِي، وَلَمْ تَسْتَعْلِ عَيْنَايَ،

وَلَمْ أَسْلُكْ فِي الْعَظَائِمِ، وَلاَ فِي عَجَائِبَ فَوْقِي.

لم تستعل:
لم تتعالَ ولم تتكبر.

يعلن داود أنه لم يسقط في الكبرياء بمشاعره، فلم ينظر بعينه إلى الملك، أو مكانة أسمى مما هو فيها؛ ليس ليتفاخر باتضاعه، ولكن ليشكر الله على نعمة الاتضاع التي وهبها له، سواء في قلبه، أو في نظرة عينيه، أو في سلوكه وأعماله.

لم يشته داود أن يجلس على العرش ويزيح شاول، مع أنه كان ممسوحًا بيد صموئيل، وكان الله قد رفض شاول لأجل خطاياه، ولكنه ظل خاضعًا لشاول. بل عندما سقط شاول تحت يد داود مرتين، قال كيف أمد يدى إلى مسيح الرب (1 صم 24: 6) ولم يقتله، مع أن شاول كان يحاول مرات كثيرة قتل داود.

يشبه داود هنا المسيح في اتضاعه، فداود يرمز للمسيح، ولذا فقد طوب الله داود عندما قال عنه "وجدت داود بن يسى رجلًا حسب قلبى" (أع13: 22).


(2) الجهاد الروحي (ع2):

بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ


كان داود يعيش ببساطة كراعى غنم، ولكن قوة الله كانت تسانده، فقتل الأسد والدب. ومسحه صموئيل ملكًا، وقتل جليات الجبار، وكان قائدًا حربيًا ناجحًا، وقتل الكثير من الفلسطينيين، ولكنه حُرم من كل راحة، إذ حاول شاول قتله مرات كثيرة واستمر مدة طويلة، وقبل هذا الفطام من كل راحة. فهو قد فُطم من المُلك وأيضًا من الراحة الطبيعية والاستقرار الذي يناله كل إنسان يسكن في بيته مع زوجته وأولاده. قبل هذا بشكر، فمتعه الله الذي رفع عينيه نحوه وأعطاه الاستقرار الداخلي.

"نفسى نحوى كفطيم" لم يحدث هذا الهدوء وقبول نفسه الفطام بسهولة، بل جاهد داود كثيرًا، وكانت نفسه تتعب من صعوبة هذا الفطام. فكان يهدئها بالرجوع إلى الله والرجاء فيه؛ لأن تهديدات، وشر شاول كان مثيرًا جدًا، ورغم شعور شاول بخطئه عندما كان يسامحه داود، يعود ثانية ويحاول قتله، ولكن داود قاوم رغباته في الانتقام أو في اشتهاء الملك، وقبل الخضوع باتضاع شديد أمام شاول، بل شبه نفسه بكلب ميت وبرغوث واحد، وهنا يشبه نفسه بطفل صغير جدًا تم فطامه عن اللبن؛ ليعلن مدى معاناته.

لقد حقق داود في نفسه ما قاله المسيح بعد سنوات طويلة، عندما أعلن أنه "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت18: 3).

حرمان الفطيم من اللبن يؤهله أن يأكل طعام البالغين، كما أن بني إسرائيل في برية سيناء شعروا بحرمانهم من اللحم والبصل والكرات، ولكن كان هذا ضروريًا ليتمتعوا بخيرات أرض كنعان. وداود إن كان قد حرم من الراحة الجسدية، وعانى متاعب كثيرة من شاول وأبشالوم، ولكنه تمتع بعشرة الله، وصار قلبه مثل الله.


(3) الرجاء (ع3):

بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ

إسرائيل هو شعب الله الذي تميز بوجود الله في وسطه، لذلك كان يرجوه في كل خطواته، وينبغى أن يظل هكذا إلى أن يصل إلى الملكوت (إلى الدهر).

هكذا أيضًا عاش داود مؤمنًا بالله، ويترجاه من الآن، أي على الأرض، وحتى نهاية عمره إلى أن يصل إلى الملكوت، وهذا يعلمنا أن نضع رجاءنا في الله طوال حياتنا.

† قدر ما تتضع أمام الله، وتتنازل عن شهوات العالم، يزداد رجاؤك في الله. والرجاء يسندك أيضًا في جهادك، ويثبتك في الاتضاع، فتتمتع كل أيامك بعشرة الله.





المزمور المئة والثاني والثلاثون
داود وبناء بيت الرب


ترنيمة المصاعد

"اذكر يا رب داود كل ذله ... " (ع1)


مقدمة:

كاتبه: داود النبي، وقد يكون سليمان.

متى كتب ؟ في أواخر حياة داود عندما اشتهى بناء بيت للرب، ولكن أعلمه الله أن ابنه سليمان هو الذي سيبنيه. فأعد مواد بناء الهيكل وكتب هذا المزمور. قد يكون كتبه عندما نقل تابوت عهد الله إلى أورشليم (2 صم6: 14، 15). وعلى كل الأحوال ردد سليمان هذا المزمور عند نقله تابوت العهد إلى الهيكل بعد بنائه وظهرت بعض كلمات هذه المزمور في صلاة سليمان (2 أى 6: 41، 42 ).

لعل هذا المزمور يكون نبوة عن مشاعر الراجعين من السبي إلى أورشليم لإعادة بناء هيكل الرب، وإرجاع العبادة فيه.

يناسب هذا المزمور المصلى المحب لبيت الرب في ليلة الذهاب إلى الكنيسة لحضور القداس والتناول؛ ليفكر في بركات سكنى الله في القلب.

هذا المزمور ليتورجى لأن المؤمنين رنموه عند نقل تابوت العهد، أو في الاحتفالات الدينية أمام هيكل الرب.

يعتبر هذا المزمور من المزامير المسيانية؛ لأنه يتكلم عن المسيح الملك الآتي من نسل داود ويملك في هيكله في كنيسة العهد الجديد، وإلى الأبد في الملكوت.

يصلى هذا المزمور على الدرجة الثالثة عشر في طريق الصعود إلى هيكل الرب؛ إذ أنه بعد الاتضاع على الدرجة الثانية عشر يتأهل الإنسان لمعاينة بيت الرب والتمتع بالوجود بين يديه.

يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم؛ ليتذكر الإنسان أن نفسه هي بيت الرب، ويصلى ليسكن الله داخله ويباركه.



(1) داود يشتهي بناء بيت الرب (ع1- 7):



ع1، 2: اُذْكُرْ يَا رَبُّ دَاوُدَ، كُلَّ ذُلِّهِ. كَيْفَ حَلَفَ لِلرَّبِّ، نَذَرَ لِعَزِيزِ يَعْقُوبَ:

عزيز يعقوب :
أي الله العظيم إله يعقوب.

يترجى داود الله أن يذكر اتضاعه وضعفه، فهو يعلن أنه لا شيء أمام الله ليتحنن عليه، ويباركه.

إن كان الكاتب سليمان، فهو يذكر الله بأنه تمم ما وعد به أبوه داود، الذي اتضع أمام الله، ونذر أن يبنى بيتًا له. وأنك أنت يا الله قلت له أن ابنك سليمان هو الذي سيبنى البيت، وقد بنيته فباركه، وبارك كل من يدخل للعبادة فيه.

يظهر داود أيضًا محبته في قسمه ونذره لله أن يبنى له بيتًا، لأن داود كان يسكن في بيت عظيم مصنوع من خشب الأرز، أما الله فيسكن في خيمة، فهذا يبين محبة داود لله، رغم أنه لا يملك أن يبنى البيت دون سماح من الله. ولم يسمح الله لداود أن يبنيه، ولكن داود هو أول من أعلن حبه لله في شهوته أن يبنى له بيتًا عظيمًا بدل الخيمة المتنقلة.



ع3، 4: "لاَ أَدْخُلُ خَيْمَةَ بَيْتِي. لاَ أَصْعَدُ عَلَى سَرِيرِ فِرَاشِي.
لاَ أُعْطِي وَسَنًا لِعَيْنَيَّ، وَلاَ نَوْمًا لأَجْفَانِي.

وسنا:
نعاسًا.

بذل داود كل جهده ليجد مسكنًا للرب، ويبنى له بيتًا، فلم يهدأ عن البحث وإعداد مواد البناء طول النهار، وأيضًا في الليل كان لا يكِل عن الصلاة؛ ليكمل الله اشتياقاته ويسمح ببناء البيت. فهو فلم يعطِ جسده راحة ليحقق هدفه.

كان داود يعمل بمثابرة لبناء البيت؛ لأن الشيطان يقاوم أعمال الله ويبحث عن ثغرة ليدخل منها، فلم يعطه داود فرصة باستمراره في الجهاد والصلاة. فداود يمثل الجدية في العمل، وما دام قد بدأ فلابد أن يكمل.



ع5: أَوْ أَجِدَ مَقَامًا لِلرَّبِّ، مَسْكَنًا لِعَزِيزِ يَعْقُوبَ".

عزيز :
عظيم.

أراد داود أن يجد مقامًا ومسكنًا وراحة للرب، وهو في نظره أهم من أي إنسان. فكيف يستريح داود في بيته وقصره والله لا يجد له مقامًا؟! ويقصد بالمقام مكانًا عظيمًا يتناسب مع مجد الله. ولم يقل أبنى له بيتًا؛ لأنه يعلم أن الله هو البانى، وداود يشتاق فقط أن يكون هناك مكانًا يرضى الله أن يسكن فيه.



ع6: هُوَذَا قَدْ سَمِعْنَا بِهِ فِي أَفْرَاتَةَ. وَجَدْنَاهُ فِي حُقُولِ الْوَعْرِ.

أفراته :
كلمة عبرية معناها مثمر وهي بيت لحم التي تقع جنوب غرب أورشليم على بعد 8 كم.

حقول الوعر : الوعر هو الأماكن البرية، أو أماكن الغابات. والمقصود هنا قرية يعاريم التي تقع جنوب غرب أورشليم على بعد 18 كم. وكلمة يعاريم تعنى غابات.

سمع داود أن التابوت في نواحى أفراته، فبحث عنه حتى وجده في قرية يعاريم في بيت عوبيد آدوم الجتى، فنقله باحتفال عظيم إلى أورشليم(2 أى 1: 4). وهذا يبين اجتهاد داود وجديته في البحث عن تابوت عهد الله لتعلق قلبه بالله؛ لأن تابوت العهد يمثل حضرة الله.

هذه الآية نبوة عن تجسد المسيح الذي ولد في بيت لحم التي هي أفراته (تك35: 19) وهو أتى ليخلص العالم كله؛ لأن حقول الوعر ترمز إلى الأمم. فهو ولد من سبط يهوذا في بيت لحم، ولكن هو أيضًا أتى ليخلص كل البشرية.



ع7: "لِنَدْخُلْ إِلَى مَسَاكِنِهِ. لِنَسْجُدْ عِنْدَ مَوْطِئِ قَدَمَيْهِ".

عندما وجد داود تابوت العهد نقله باحتفال عظيم إلى أورشليم، ودعى كل الشعب للسجود له، أي الخضوع لوصاياه وشريعته،، وتسليم الحياة له. وهذا يبين خضوع داود لله وقبول مشيئة في كل حياته.

هذا السجود في أفراته حدث مع المسيح المولود في المذود من الرعاة، ثم من المجوس. وموطئ قدمى الله ترمز إلى تجسده.

† اتعب جسدك في الجهاد الروحي وفى إتمام مسئولياتك، فتستريح روحك؛ لأنه كلما انضغط الجسد تقَوَّت الروح، وحينئذ يستريح الله أن يسكن فيها وهذا هو مسكن الله، وأعظم مكان يطلبه، أى قلبك ليملك عليه ويشبعك بحبه.


(2) إرجاع تابوت العهد (ع8، 9)



ع8: قُمْ يَا رَبُّ إِلَى رَاحَتِكَ، أَنْتَ وَتَابُوتُ عِزِّكَ.


ينادى داود الله ليقوم من يعاريم، أى تابوت عهد الله، وينتقل إلى أورشليم ليستقر هناك، فهو يعلم أن الله هو محرك العالم كله، وهو سمح أن يوجد وسط شعبه عن طريق تابوت عهده، لذلك يقول له قم وانتقل وقلبه مملوء فرحًا بأن الله سيسكن في أورشليم بجواره، أو بمعنى أدق سيكون داود بجوار الله الذي يسكن في أورشليم. ويشعر داود أن تابوت عز الله هو تابوت الفخر والمجد؛ لأن الله فوق جميع الآلهة.

كان موسى يردد هذه الآية عند ارتحال التابوت في برية سيناء (عد10: 35-36)، وقالها أيضًا سليمان بعد بناء الهيكل عند تدشينه (2 أى6: 41-42).

تنطبق هذه الآية على المسبيين الراجعين إلى أورشليم، فكانت مشاعرهم تردد هذه الآية بعد إعادة بناء الهيكل.

ينادى داود بروح النبوة المسيح ليقوم من حضن الآب ويتنازل ويتجسد لفداء شعبه. ويناديه أيضًا وهو في القبر بعد موته على الصليب ليقوم من الأموات معلنًا انتصاره على الموت لصالح شعبه؛ ليعطى قيامًا لكل من يؤمن به.

راحة الرب هي أيضًا الكنيسة التي يقوم الله ويسكن فيها وسط شعبه وتابوت العز أيضًا هو بطن العذراء الذي ولد منها المسيح.



ع9: كَهَنَتُكَ يَلْبَسُونَ الْبِرَّ، وَأَتْقِيَاؤُكَ يَهْتِفُونَ.

إذ استقر التابوت في أورشليم، ينادى المرتل على الكهنة ليحيوا في البر والنقاوة؛ حتى يستطيعوا أن يقفوا أمام الله لخدمته. أما شعبه فيكونوا في فرح عظيم، ويسبحوا الله بهتاف وتمجيد دائم. وهذا يتم بروح النبوة بشكل أوضح في كنيسة العهد الجديد.

† ليتك يا أخى تنادى الله الذي أهملت روحه القدوس الساكن فيك ليقوم، ويشتعل في داخلك وتعطيه مكانًا في حياتك أكبر، وتتمسك بوصاياه، فيجد راحته دائمًا فيك، ويعمل بحرية في كل أفكارك وكلامك وأعمالك.


(3) وعد الله لنسل داود (ع10-12)



ع10: مِنْ أَجْلِ دَاوُدَ عَبْدِكَ لاَ تَرُدَّ وَجْهَ مَسِيحِكَ.


يقول داود النبي بروح النبوة، مترجيًا الله الذي وعد أن يقيم سليمان ابنه ملكًا بعده، ويبنى هيكلًا للرب ويطلب إليه داود ألا يرد وجه مسيحه، أي سليمان الممسوح ملكًا ويعينه على بناء هيكل له.

إذا كان كاتب المزمور هو سليمان، فهو يترجى الله، متشفعًا بأبيه داود، الذي كان قد مات وقتذاك؛ حتى لا يرد وجه مسيحه؛ أي سليمان نفسه، ويباركه ليبنى ويدشن الهيكل. وهذه الآية موجودة بنفس النص في صلاة سليمان عند تدشين الهيكل (2 أى6: 42).



ع11، 12: أَقْسَمَ الرَّبُّ لِدَاوُدَ بِالْحَقِّ لاَ يَرْجعُ عَنْهُ: "مِنْ ثَمَرَةِ بَطْنِكَ أَجْعَلُ
عَلَى كُرْسِيِّكَ. إِنْ حَفِظَ بَنُوكَ عَهْدِي وَشَهَادَاتِي الَّتِي أُعَلِّمُهُمْ إِيَّاهَا،
فَبَنُوهُمْ أَيْضًا إِلَى الأَبَدِ يَجْلِسُونَ عَلَى كُرْسِيِّكَ".

هاتان الآيتان هما وعد الله لداود أن يجعل نسله على كرسى داود، أي عرش مملكة يهوذا إلى الأبد (2 صم7: 12-13). وفعلًا تم هذا حتى السبي البابلي، وكمل في المسيح الآتي من نسل داود ليملك إلى الأبد.

شرط جلوس نسل داود على عرشه إلى الأبد حفظهم عهد الله وشهاداته. وبعض هذا النسل عاش في البر وعبادة الله، وبعضهم لم يحفظوا وصاياه، ولذا سمح الله بالسبي عقابا لهم. ولما عادوا إلى التوبة أمام الله تجدد وعد الله في المسيح المتجسد في ملء الزمان. وهكذا أعلن الملاك للعذراء أن المولود منها يعطيه الرب كرسى داود أبيه (لو1: 31) فالمسيح جلس على كرسى داود أبيه، وسيظل يملك على قلوب المؤمنين به إلى الأبد في ملكوت السموات.

† تشفع بالقديسين يرحمك الله كماتشفع سليمان بداود أبيه (ع10) لأن الشفاعة غالية عند الله، إذ تعلن محبتك لأولاده، واشتيقاك لله، واتضاعك أمامه، فيهبك بركات وفيرة.


(4) الله يختار صهيون (ع13-18)



ع13، 14: لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ صِهْيَوْنَ. اشْتَهَاهَا مَسْكَنًا لَهُ:
"هذِهِ هِيَ رَاحَتِي إِلَى الأَبَدِ. ههُنَا أَسْكُنُ لأَنِّي اشْتَهَيْتُهَا.

اختار الله صهيون، أي أورشليم؛ لأن هيكله فيها، واستراح أن يكون مسكنه فيها. وراحة الله في صلوات أولاده وتسابيحهم المرفوعة إليه، فهو يفرح بإيمان أولاده ومحبته لهم.

يقول ِأن راحته في أورشليم إلى الأبد، وبالطبع لا يقصد مدينة أورشليم التي في اليهودية؛ لأنه قد تم تخريبها عام 70 م بيد تيطس الروماني. ولكن يقصد أورشليم التي هي كنيسة العهد الجديد، والتي تمتد إلى الأبد في أورشليم السمائية، أي ملكوت السموات.

نادى كاتب المزمور على الرب وقال له "قم يا رب إلى راحتك" (ع8)، فيرد الرب في (ع14) ويقول أن راحتى في أورشليم، أى في صلوات أولادى وتسابيحهم.

أورشليم هي النفس المؤمنة بالله في العهد القديم والعهد الجديد، وهو يستريح فيها إلى الأبد، لأن هذه النفس تخلد إلى الأبد معه في الملكوت.



ع15: طَعَامَهَا أُبَارِكُ بَرَكَةً. مَسَاكِينَهَا أُشْبعُ خُبْزًا.

ما دام الله ساكن وسط شعبه، فهو يبارك في احتياجاتهم المادية، ويشبع كل الفقراء فيها، فالكل يكتفى ماديًا ويشكر الله.

المسيح في كنيسته يشبع أولاده المساكين بالروح؛ أي المتضعين، ويعطيهم احتياجاتهم الروحية، بالإضافة للمادية، ويعطيهم فوق الكل جسده ودمه.

طعام الكنيسة (أو صيدها في الترجمة السبعينية) هو أولادها ومن ينضمون إليها، ويؤمنون بالمسيح يباركهم ويشبعهم روحيًا وماديًا.



ع16: كَهَنَتَهَا أُلْبِسُ خَلاَصًا، وَأَتْقِيَاؤُهَا يَهْتِفُونَ هُتَافًا.

يعطى الله بركة خاصة لأولاده الكهنة؛ لأنهم يخدمون في هيكله، ويقودون شعبه في الطريق الروحي، فيهبهم الخلاص، أى التخلص من الخطايا وانشغالات العالم، ليتمتعوا بعشرة الله. أما كل المؤمنين الأتقياء فيسبحون الله، بل ويهتفون من كل قلوبهم فرحين. هذه البركات للكهنة الأتقياء يعطيها لهم في العهد القديم، وبالأحرى في العهد الجديد من بركات الروح القدس الغزيرة.

في العدد التاسع ينادى كاتب المزمور الرب ويطلب منه أن يلبس الكهنة البر ويجعل الأتقياء يهتفون. فيرد الله في (ع16) مستجيبًا لنداء كاتب المزمور، ويؤكد أن يلبس الكهنة الخلاص، ويجعل الأتقياء يهتفون هتافًا.



ع17، 18: هُنَاكَ أُنْبِتُ قَرْنًا لِدَاوُدَ. رَتَّبْتُ سِرَاجًا لِمَسِيحِي.
أَعْدَاءَهُ أُلْبِسُ خِزْيًا، وَعَلَيْهِ يُزْهِرُ إِكْلِيلُهُ".

قرن داود الذي ينبته الله هو المسيح الآتي من نسل داود. و"رتبت سراجًا لمسيحى" المقصود بها نبوة داود عن المسيح بالإضافة لنبوات الأنبياء، مثل أشعياء وإرميا ... ثم يوحنا المعمدان السابق للمسيح الذي هيأ الطريق له.

ترتيب السراج للمسيح هو جسد المسيح الذي أخذه من العذراء، لأن المسيح هو نور العالم. وبتجسد المسيح وفدائه صار الخزي لأعداء المسيح، أي الشياطين. وإكليل المسيح المزهر هو الكنيسة ورأس هذا الإكليل المزهر هو المسيح.

المسيح الذي هو سراج العالم نور ظهر لاهوته من خلال حياته على الأرض من خلال كلامه ومعجزاته، وظهرت قداسته في أنه لم يخطئ، وظهرت قداسته بالأكثر ونوره في تجليه على الجبل، ثم في قيامته وصعوده.

إن كان المزمور قد بدأ بالذل في (ع1) لكنه ينتهى بالمجد والنور والقداسة في المسيح الآتي من نسل داود، الذي ينير العالم كله، وجميع المؤمنين به.

† الله يريد أن ينير حياتك فيطرد كل ظلمة الخطية منك عندما تتوب ويزينك بالفضائل، فتكون نورًا للعالم، وملحًا للأرض، ويسندك في جهادك الروحي، حتى تصل لأمجاد السماء.







المزمور المئة والثالث والثلاثون
الحب الأخوي

ترنيمة المصاعد لداود

"هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معًا" (ع1)


مقدمة:

كاتبه: داود النبي كما يظهر من عنوان المزمور.

متى كتب ؟ بعدما تملك داود على كل بني إسرائيل، ليدعوهم إلى المحبة والتآخى في عبادتهم لله.

هذا المزمور نبوة عن مشاعر اليهود الراجعين من السبي بفرح؛ ليسكنوا معًا في أورشليم واليهودية، ويبنوا الهيكل؛ ليعبدوا الله فيه بقلب واحد.

هذا المزمور ليتورجى؛ لأنه كان يرنم في الأعياد الثلاثة الكبرى لليهود وهي الفصح، والخمسين، والمظال، التي يأتى فيها جميع ذكور بني إسرائيل أمام هيكل الله لعبادته، ويصحبون معهم أسرهم.

يعلن هذا المزمور أهمية الحب الأخوى، وسكن الإخوة معًا، فيناسب أن يرنمه كل مؤمن وسط الكنيسة في كل جو روحي، أو في مجال يجتمع فيه المؤمنون.

يعلن هذا المزمور عمل الروح القدس في الكنيسة بين الإخوة الذين هم أعضاء الجسد الواحد. والمرتبطين بالمحبة والوحدانية. فإن كان المزمور السابق يحدثنا عن عمل المسيح الخلاصى وراحته في كنيسته، فهذا المزمور يعلن عمل الروح القدس في الخلاص الذي يفيضه على الكنيسة.

كان هذا المزمور يصلى على الدرجة الرابعة عشر من درجات الصعود إلى هيكل الرب.

يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم ليذكر المؤمنين بأهمية الحب الأخوى بينهم، فإن وجدت أية اختلافات، أو ضيق في القلوب يتخلون عنه ويتسامحون؛ حتى يجدوا راحة بين يدى الله.


ع1: هُوَذَا مَا أَحْسَنَ وَمَا أَجْمَلَ أَنْ يَسْكُنَ الإِخْوَةُ مَعًا!

أفضل شيء في العلاقة بين البشر أن يسكن الإخوة معًا، والمقصود ليس السكن في بيوت، ولكن السكن الروحي، أي الوحدانية في العبادة، فيعبدون الله بقلب واحد. وهذا كان يحدث في الهيكل، فيرنم الكهنة واللاويون هذا المزمور عند دخولهم للعبادة وممارسة خدمتهم. وكان هذا أيضًا شعور الراجعين من السبي ليبنوا الهيكل، ويستعيدوا عبادة الله بقلب واحد، إذ صاروا شعبًا واحدًا، ولم يعودوا منقسمين إلى مملكة شمالية وجنوبية كما كان قبل السبي.

حتى يستطيع الإخوة أن يجتمعوا ويسكنوا معًا ينبغى على كل واحد أن يتنقى من خطاياه، ويؤمن بالله ويحيا معه، وحينئذ يستطيع أن يحب الإخوة. ويسهل العبادة بوحدانية في كنيسة العهد الجديد عندما يلد الروح القدس المؤمنين من بطن واحدة هي المعمودية، ويوحدهم في سر التناول من جسد الرب ودمه، فيصبح من الطبيعي أن يعبدوا الله بقلب واحد، كما كان الرسل يواظبون على العبادة بنفس واحدة (أع1: 14).





ع2: مِثْلُ الدُّهْنِ الطَّيِّبِ عَلَى الرَّأْسِ، النَّازِلِ عَلَى اللِّحْيَةِ،
لِحْيَةِ هَارُونَ، النَّازِلِ إِلَى طَرَفِ ثِيَابِهِ.

يشبه داود محبة الإخوة لبعضهم البعض بالطيب، أو الدهن، الذي سكبه موسى على رأس هارون عندما مسحه رئيسًا للكهنة. فسال هذا الدهن من على الرأس، ونزل على اللحية، ثم سال من على اللحية إلى جيب الجلباب، فكان منظرًا جميلًا.

وهارون رئيس الكهنة يرمز للمسيح رئيس كهنتنا في العهد الجديد، وهو رأس الجسد الذي ينسكب عليه روحه القدوس، فيسيل منه إلى اللحية، التي ترمز للرسل؛ لأن اللحية تنبت للبالغين والكبار والناضجين، واللحية ترمز للرسل لأنها ملتصقة بالرأس وهو المسيح. ثم يسيل الدهن من اللحية إلى ثيابه كلها حتى أطرافها. والثياب ترمز للمؤمنين، والأطراف ترمز إلى كل المؤمنين، وهكذا يتحدون جميعًا من خلال انسكاب الروح القدس عليهم.

والدهن النازل على اللحية آتٍ من الرأس ويحمل رائحة الرأس التي للمسيح، فينال كل المؤمنين رائحة المسيح الزكية (2 كو2: 15).

الروح القدس كان ينسكب على أشخاص معينين في العهد القديم، مثل رئيس الكهنة، والنبى والملك، ولكن في العهد الجديد يوهب لكل المؤمنين، ويسكن فيهم سكنى دائمة، وليس مؤقتة كما في العهد القديم. وحتى يعمل الروح القدس في المؤمنين يحتاج لتوبة دائمة وارتباط بأسرار الكنيسة ووسائط النعمة.



ع3: مِثْلُ نَدَى حَرْمُونَ النَّازِلِ عَلَى جَبَلِ صِهْيَوْنَ.
لأَنَّهُ هُنَاكَ أَمَرَ الرَّبُّ بِالْبَرَكَةِ، حَيَاةٍ إِلَى الأَبَدِ.

يوجد جبل حرمون في شرق لبنان وقمته عالية ترتفع عن سطح البحر 9200 قدمًا. وقمة الجبل تتغطى بالثلج، ويسيل من قمة الجبل ندى غزير ينحدر على الجبل إلى التلال الصغيرة المجاورة له، مثل تل سيئون، أو صهيون، وهو غير تل صهيون الذي بُنيت عليه أورشليم في اليهودية. هذا الندى ينبت غابات وكروم، والندى يلطف الجو في حر الصيف.

يرمز ندى حرمون المنحدر بغزارة على الجبل والتلال المحيطة إلى انسكاب الروح القدس على المؤمنين في الكنيسة. وكما يعطى ندى حرمون حياة للنباتات والأشجار، فهو يعطى المؤمنين نموًا روحيًا، وثمارًاً هي الفضائل.

إن كان كاتب المزمور يشبه محبة الإخوة بندى حرمون، والذي يرمز لانسكاب الروح القدس على الكنيسة، فهذه كلها تعطى حياة روحية نامية للمؤمنين، وتمتد معهم إلى الأبد في ملكوت السموات. فمحبة الإخوة تهبهم حياة نقية مع الله، وتتغلب على كل حيل إبليس بالخصام، أو الشقاقات، وبهذا تعدهم هذه المحبة لملكوت السموات.

كما يلطف ندى حرمون النباتات والأشجار النامية على الجبل، وعند سفوحه، هكذا أيضًا محبة الإخوة تلطف العلاقة بينهم، وتسندهم أمام التجارب، التي ترمز إليها أشعة الشمس الشديدة، وتعطيهم إحساسًا جميلًا يسعدهم في حياتهم، وينميهم في محبتهم لله.

† إن حاول الشيطان أن يزعجك بأخطاء وإساءات من حولك، فأسرع إلى الصلاة باتضاع، فيهبك الروح القدس الساكن فيك هدوءًا، بل يحولك من الضيق إلى الإشفاق عليهم، فتصلى لأجلهم.







المزمور المئة والرابع والثلاثون
الصلاة الليلية في المقادس

ترنيمة المصاعد

"هوذا باركوا الرب يا جميع عبيد الرب ..." ع1


مقدمة:

1. كاتبه: غير معروف فهو من المزامير اليتيمة؛ لأنه لا يوجد اسم الكاتب في عنوان المزمور.

2. متى كتب؟ غير معروف بالتحديد، وقد يكون:

أ- في أيام داود، أو سليمان لتشجيع الكهنة واللاويين والمؤمنين على العبادة وتسبيح الله في هيكله.

ب- أيام نحميا الذي اهتم بإعادة وتنظيم الخدمة في هيكل الرب، وهو يشجع الكهنة واللاويين على التسبيح.

3. هذا المزمور دعوة للكهنة واللاويين لتقديم العبادة المسائية، وهي ذبيحة المحرقة المسائية، والصلوات والتسابيح المقدمة في الهيكل، وذلك في (ع1، 2). ويرد عليهم رئيس الكهنة في (ع3) ويعطيهم البركة من الرب. فهو بالتالى مزمور ليتورجى تقدمه جماعة الكهنة واللاويين، والمؤمنين.

4. توجد علاقة بين هذا المزمور والمزمور السابق له الذي يحدثنا عن عمل الروح القدس في المؤمنين، أما هذا المزمور فيحدثنا عن أثر الروح القدس النهائى وهو محبة التسبيح والوجود مع الله.

5. يقدم هذا المزمور ويصلى على الدرجة الأخيرة من درجات الصعود إلى هيكل الرب، وهي الدرجة الخامسة عشر، حيث يصلون إلى الهيكل، ويدخلون إليه، ويقدمون الصلوات والتسابيح.

6. يناسب هذا المزمور المؤمنين في كل وقت، وخاصة في الليالى لتشجيعهم على الصلاة والتسبيح.

7. يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم، ومقدمة صلاة نصف الليل، حيث يدعو المصلين لتسبيح الله، والتمتع بالوجود أمامه بعد مشاغل النهار الطويل.


ع1: هُوَذَا بَارِكُوا الرَّبَّ يَا جَمِيعَ عَبِيدِ الرَّبِّ، الْوَاقِفِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ بِاللَّيَالِي.

يخاطب المزمور عبيد الرب الذين يحبون بيته، ويقفون أمامه للصلاة والتسبيح ومباركة الرب، وذلك في الليل حينما يهدأ الناس وينامون. ولكن الكهنة واللاويين والمؤمنين المحبين لله، يقدمون ذبيحة المحرقة المسائية، التي تعبر عن محبتهم لله، إذ تحترق كل الذبيحة لإرضائه، ويصحب تقديم الذبيحة الصلوات المعبرة عن محبتهم لله. والصلاة في الليل تعلن أن هؤلاء المصلين أحبوا الله أكثر من النوم وراحة الجسد، فقضوا جزءًا من الليل في الصلاة لتعلق قلوبهم به، مثل داود الذي قال "في منتصف الليل أقوم لأحمدك على أحكام برك"(مز119: 62).

إن كان في العهد القديم عند دخول الهيكل يلزم أن يكون الإنسان طاهرًا، فبالأولى في العهد الجديد يلزم للإنسان أن يكون تائبًا ونقيًا؛ حتى يشترك في صلوات الكنيسة، وتسابيحها، سواء في القداسات، أو باقي الصلوات.

بعض الناس أحبوا الله والصلاة والتسبيح في بيته، حتى أنهم عاشوا حياتهم ليلًا ونهارًا في التسبيح مثل حنة بنت فنوئيل (لو2: 36-37).



ع2: ارْفَعُوا أَيْدِيَكُمْ نَحْوَ الْقُدْسِ، وَبَارِكُوا الرَّبَّ.

رفع اليدين في الصلاة يعنى:

أ - إعلان التوبة، وطلب النقاوة والغفران من الله.

ب - التضرع لله، وهذا معناه الاحتياج والاتضاع.

جـ- الإيمان بالله الذي نرفع إليه أيدينا، فهو منقذنا وسندنا الوحيد.

د - ربط الصلاة برفع اليدين يعنى استعدادنا للعمل، وليس فقط الكلام، أي نجاهد ونعمل كل ما في وسعنا للتخلص من خطايانا واكتساب كل فضيلة.

هـ- رفع اليدين يعنى علامة الصليب، كما رفع موسى يديه، فانتصر بنو إسرائيل على عماليق(خر17: 11). فرفع اليدين هو التمسك بالصليب الذي يعطينا النصرة الروحية.

لذا يدعونا بولس الرسول في العهد الجديد إلى رفع أيادى طاهرة أمام الله في الصلاة (1 تيمو2: 8).

كان المؤمنون يصلون رافعين أيادى طاهرة وناظرين نحو القدس لخيمة الاجتماع، أو هيكل الرب، أي النظر نحو المكان المقدس، كما فعل دانيال (دا6: 10)، وكما نصلى نحو الهيكل الذي في الشرق في كنيسة العهد الجديد.

رفع اليدين والنظر إلى القدس يصحبه مباركة الرب، أي التسبيح والشكر على كل ماعمله الله معنا طوال اليوم، أو طوال عمرنا.



ع3: يُبَارِكُكَ الرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، الصَّانِعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ.

إذا كان كاتب المزمور يدعو الكهنة واللاويين، والمؤمنين لمباركة الرب فإنهم ينالون بركة بعد هذا في (ع3). وإن كان رئيس الكهنة هو الذي يدعو لمباركة الرب في (ع1، 2) فإنهم يردون عليه في (ع3). والخلاصة أن هذا المزمور يختتم ببركة تأتى من الرب للمصلين الواقفين في القدس في الليالى. وهذه البركة تعنى:

أ - الغفران الإلهي والنقاوة الممنوحة من الله للكهنة.

ب - التجديد الداخلي والامتلاء بالله.

جـ- يصير الإنسان نفسه بركة لمن حوله.

أوصت الشريعة هارون وبنيه الكهنة بمباركة الشعب المؤمن بالله (عد6: 23-26).

هذه البركة تأتى من الله صانع السماء والأرض، أي الذي بيده كل شيء، ويعطى هذه البركة من صهيون، أي من هيكله، أو من الكنيسة، أو من السماء. فهي بركة عظيمة بل وأسمى عطية في العالم. وهذا معناه أن هاك بركة خاصة في الكنيسة، ولكن الله يبارك أولاده أيضًا في كل مكان؛ لأنه خالق السموات والأرض.

† ليتك تهتم بصلاتك كل يوم ليلًا؛ لتعلن محبتك لله، وتشكره على رعايته لك طوال اليوم، وتقدم توبة عن خطاياك، وتطلب نومًا هادئا بين يديه، حتى تصحو للتسبيح والصلوات.







المزمور المئة والخامس والثلاثون
تسبيح الله القوي المبارك

"هللويا سبحوا اسم الرب سبحوا يا عبيد الرب ..." (ع1)


مقدمة:

كاتبه: غير معروف، فهو من المزامير اليتيمة التي لا يذكر في عنوانها اسم كاتبها. لكن يميل البعض إلى أن الكاتب هو داود النبي.

يدعو هذا المزمور إلى تسبيح الله، ويناسب كل من يحب الله، وينمو روحيًا. فينبغى التمتع بالوجود بين يديه، وشكره على أعماله معه. لذا فهذا المزمور يدعو للتسبيح ثلاث مرات في بدايته (ع1-3) ومباركة الله أربع مرات في نهايته (ع19-21).

يشبه هذا المزمور المزمور السابق له في تسبيح الله، ولكن يتميز هذا المزمور في أنه يعطى دوافع هذا التسبيح وهي أعمال الله مع أولاده وضعف وحقارة عبادة الأصنام. فهو يعلن بوضوح رفض العبادة الوثنية، وتسبيح الله وحده.

يعتبر هذا المزمور من مزامير الهليل العظمى التي تسبح وتمجد الله مع المزمور التالي له. وكانا يرنمان في الخدمة الصباحية في يوم السبت وفى عيد الفصح. فهو بالتالى مزمور ليتورجى. وكان يرنم أيضًا بعد الرجوع من السبي، وأيضًا أثناء السبي ليرفض المؤمنون عبادة الأوثان.

يبدأ هذا المزمور بكلمة "هللويا" وينتهى أيضا بها مثل المزامير (106، 113، 146، 148، 149، 150).

يتشابه هذا المزمور مع الأصحاح التاسع من سفر نحميا في أنهما يدعوان اللاويين لمباركة الله وشكره على أعماله العظيمة مع شعبه.

لا يوجد هذا المزمور بالأجبية.



(1) تسبيح إسرائيل لله (ع1-4):



ع1: هَلِّلُويَا. سَبِّحُوا اسْمَ الرَّبِّ. سَبِّحُوا يَا عَبِيدَ الرَّبِّ.

ينادى كاتب المزمور عبيد الرب ليسبحوه؛ إذ أنه اختبر حلاوة التسبيح؛ لذا يريد أن كل المؤمنين بالله يتمتعون بتسبيحه. فالعلامة التي تعلن إيمان عبيد الرب به أن يحبوه، ويشعروا بفضله، فيشكروه، ويسبحوه.

إذا رفع عبيد الرب قلوبهم بالتسبيح لله يتعلقون به، فيهبهم الله نعمة البنوة التي أعلنت بوضوح في العهد الجديد؛ لأن المسيح الابن الوحيد في الجوهر بفدائه لنا صار بكرًا بين إخوة كثيرين، فصرنا نحن بالتالى أبناء لله ملتصقين به نسعى لتسبيحه، مثل الملائكة الذين يسبحونه في كل حين، بل إن بعض البشر قد كرسوا حياتهم لتسبيح اسمه القدوس، وهم الآباء الرهبان.

تسبيح اسم الرب يعنى شخصه، وهذا يحوى كل جمال الرب من فضائل وبركات يراها ويختبرها أولاده.



ع2: الْوَاقِفِينَ فِي بَيْتِ الرَّبِّ، فِي دِيَارِ بَيْتِ إِلهِنَا.

ينادى هنا كاتب المزمور الواقفين في بيت الرب، وهم كل المؤمنين الذين يقدمون عبادة في بيت الرب، وخاصة الكهنة واللاويين الذين يقفون أوقاتًا طويلة لتقديم عبادة وصلوات وتسبيح للرب.

"الواقفين" تعنى اليقظة الروحية والانتباه، وتعنى أيضًا الخشوع في حضرة الله العظيم. وكذلك تعنى الاستقامة في الإيمان أمام الله. كل هذا يجذب قلوب أولاد الله للحياة معه في عبادة مقدسة في هيكله، وبالتالي يبعدهم تمامًا عن معابد الأوثان.



ع3: سَبِّحُوا الرَّبَّ لأَنَّ الرَّبَّ صَالِحٌ. رَنِّمُوا لاسْمِهِ لأَنَّ ذَاكَ حُلْوٌ.

كاتب المزمور الذي اختبر حلاوة التسبيح يدعو الكهنة واللاويين ليسبحوا الله، والذي يشجعهم على التسبيح هو أنه صالح. ومن يتقدم ليسبح الله الصالح ينبغى أن يكون ساعيًا في طريق الصلاح.

عندما يسبح المؤمنون الله الصالح فإنهم يسبحونه لأجل صلاحه، فهو يعاملهم بحسب صلاحه ويباركهم. ويسبحونه أيضًا ليس فقط لأجل المنفعة والاستجابة لطلباتهم، لكن لأنه حلو ويستحق التسبيح.



ع4: لأَنَّ الرَّبَّ قَدِ اخْتَارَ يَعْقُوبَ لِذَاتِهِ، وَإِسْرَائِيلَ لِخَاصَّتِهِ.

اختار الله يعقوب، أو إسرائيل أب الأسباط، وكل شعب بني إسرائيل؛ لأجل إيمانه، وسعيه في طريق الكمال، ومحبته لله، فرعاه، واهتم به؛ ليكون هذا الشعب نورًا للعالم، وقدوة لباقى الشعوب وإذ يتمجد الله في شعبه يدعو باقي الشعوب للإيمان به.

اختيار الله لشعبه فخر عظيم يجعل هذا الشعب متميزًا عن باقي الشعوب، كما أعلنت الشريعة (تث7: 6). ويدعو الشعب للتمسك بالشريعة والوصايا؛ ليتمتعوا بعشرة الله وعمله المتزايد فيهم. وبالأحرى في العهد الجديد يتميز المسيحيون في الكنيسة باختيار الله لهم، وهذا يجعلهم يتمسكون بكلامه، ويتحدون به من خلال الأسرار المقدسة، ويكتسبون فضائله، فيتمتعون بوجوده الدائم معهم.

† إن الله حلو، وبالتالي من الطبيعي أن نسبحه، ومن غير الطبيعي أن نهمل تسبيحه؛ لأن التسبيح يعبر عن إيماننا به، ومحبتنا له، وتقديرنا لعطاياه التي نشكره عليها. لذا ليتنا نهتم أن نخصص وقتًا ولو صغير كل يوم للتسبيح.


(2) قوة الله مع شعبه (ع5-12):



ع5-7: لأَنِّي أَنَا قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ الرَّبَّ عَظِيمٌ، وَرَبَّنَا فَوْقَ جَمِيعِ الآلِهَةِ.
كُلَّ مَا شَاءَ الرَّبُّ صَنَعَ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ، فِي الْبِحَارِ وَفِي كُلِّ اللُّجَجِ.
الْمُصْعِدُ السَّحَابَ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ. الصَّانِعُ بُرُوقًا لِلْمَطَرِ.
الْمُخْرِجُ الرِّيحِ مِنْ خَزَائِنِهِ.

اللجج :
الأمواج.

يعلن كاتب المزمور خبرته مع الله، فيقول أنه عظيم، بل أعظم من كل الآلهة الوثنية التي تتبعها شعوب العالم. وأنه قادر على كل شيء في كل مكان؛ سواء في السماء، أو الأرض، أو البحر؛ لأنه خالق الكل، وبالتالي هو وحده الذي يستحق الصلاة والتمجيد والعبادة.

يقدم كاتب المزمور أمثلة لقوة الله، فهو وحده المصعد السحاب من أقصى الأرض إلى أقصاها. وهو محمل بالخيرات الكثيرة وهي الأمطار التي تفيضها على البشر بحكمة الله بالمقدار المناسب. ويعطى نورًا للسماء وهي البروق، وكذا يحرك الرياح في اتجاهاتها المختلفة. وهذه الأمثلة ترمز لقوة الله التي ترسل الرسل والكهنة والخدام إلى العالم ليفيضوا عليه ببركات كلام الله وأسراره، وهم السحب. أما البروق فترمز للاستنارة الروحية التي يهبها الله لأولاده. والرياح ترمز لعمل الروح القدس المتعدد في كل اتجاه لإشباع احتياجات الكنيسة والمؤمنين.



ع8، 9: الَّذِي ضَرَبَ أَبْكَارَ مِصْرَ مِنَ النَّاسِ إِلَى الْبَهَائِمِ.
أَرْسَلَ آيَاتٍ وَعَجَائِبَ فِي وَسَطِكِ يَا مِصْرُ، عَلَى فِرْعَوْنَ وَعَلَى كُلِّ عَبِيدِهِ.

ضرب الله المصريين بعشر ضربات ليظهر لهم ضعف آلهتهم التي يعبدوها؛ حتى ينتبهوا ويرجعوا إليه ويعرفوا أنه هو الإله الواحد.

كانت الضربات تدريجية حتى يرجعوا إليه، ولكن لأجل قساوة قلوبهم تزايدت قوة الضربات حتى وصلت للضربة العاشرة، وهي أصعبها، التي ضرب فيها أبكار الناس، وأيضًا البهائم؛ لأن البهائم بركة من الله، فإذا انحرف الإنسان يسحب الله عطيته منه.

كل هذه الضربات أتت على المصريين، ولم تأت على بني إسرائيل، إذ عاشوا في سلام وبركات إلهية؛ كل هذا لينتبه المصريون، ويعرفوا قوة الله الذي يرعى شعبه ويحميهم لعلهم يؤمنون، ويتوبون، ويرجعون إليه.



ع10-12: الَّذِي ضَرَبَ أُمَمًا كَثِيرَةً، وَقَتَلَ مُلُوكًا أَعِزَّاءَ:
سِيحُونَ مَلِكَ الأَمُورِيِّينَ، وَعُوجَ مَلِكَ بَاشَانَ، وَكُلَّ مَمَالِكِ كَنْعَانَ.
وَأَعْطَى أَرْضَهُمْ مِيرَاثًا، مِيرَاثًا لإِسْرَائِيلَ شَعْبِهِ.

بعد تحرير شعب الله من عبودية مصر، واجتيازهم برية سيناء، وصلوا إلى أرض كنعان، فواجهوا في مقدمتها شرق نهر الأردن شعوب قوية من العمالقة، وهم الأموريون، وعلى رأسهم سيحون - الذي يرمز للكبرياء والتشامخ - وعوج، الذي يرمز للاعتماد على البركات والقوة المادية. فقتلهم بنو إسرائيل بقوة الله، واجتازوا نهر الأردن، وانتصروا أيضًا بقوة الله على كل الملوك والممالك التي واجهوها في أرض كنعان، وامتلكوا أرضها.

انتصر بنو إسرائيل بقوة الله على الشعوب الكنعانية، وقتلوهم لأجل شرهم،وهم يرمزون للشياطين، لأنهم أشرار ويعبدون الأوثان، وامتلكوا أرضهم بدلًا منهم؛ لأن شعب الله يؤمن به، ويسلك بوصاياه وشريعته. وإذا ابتعد شعب الله وسلكوا في الشر، أدبهم الله بالضيقات والسبي. وسبب كل البركات هو الإيمان بالله، والسلوك بوصاياه.

† قوة الله معك تحميك وتطمئنك، بل وتملأ قلبك فرحًا طالما أنت تجاهد في طريق وصاياه، وتتوب إن أخطأت، ولكن إحذر التهاون لئلا يتخلى عنك الله وتعانى من متاعب كثيرة، وتفقد مكانك الأبدي.


(3) الله المبارك وفساد الأصنام (ع13-21):



ع13: يَا رَبُّ، اسْمُكَ إِلَى الدَّهْرِ. يَا رَبُّ، ذِكْرُكَ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ.

الله أزلي أبدى، فهو مختلف عن كل الآلهة الوثنية الضعيفة، ولأجل أعماله العظيمة مع شعبه، فينبغى أن يذكروه، ويشكروه. وهذا يثبت إيمانهم، وينمى محبتهم له، ثم يهبهم بركات جديدة من الله، ويحيون دائمًا في فرح مطمئنين؛ لأن إلههم قوى، وثابت إلى الأبد، ليس في هذا الدور، أي العمر الذي يقضونه على الأرض، بل أيضًا في الدور الآتي وهو الحياة الأبدية.



ع14: لأَنَّ الرَّبَّ يَدِينُ شَعْبَهُ، وَعَلَى عَبِيدِهِ يُشْفِقُ.

الله يدين الأشرار من شعبه على خطاياهم إذ هو عادل، ويؤدبهم ليرجعوا إليه. أما إن تابوا فيشفق عليهم، ويباركهم ويعوضهم عما فات، كما أدب شعبه في السبي، ثم ساندهم وباركهم وأرجعهم من السبي.

الله يدين الأشرار من شعبه ليتوبوا، ويشفق على عبيده المؤمنين به الحافظين وصاياه، ويحفظهم من كل شر.



ع15-18: أَصْنَامُ الأُمَمِ فِضَّةٌ وَذَهَبٌ، عَمَلُ أَيْدِي النَّاسِ. لَهَا أَفْوَاهٌ وَلاَ تَتَكَلَّمُ.
لَهَا أَعْيُنٌ وَلاَ تُبْصِرُ. لَهَا آذَانٌ وَلاَ تَسْمَعُ. كَذلِكَ لَيْسَ فِي أَفْوَاهِهَا نَفَسٌ!
مِثْلَهَا يَكُونُ صَانِعُوهَا، وَكُلُّ مَنْ يَتَّكِلُ عَلَيْهَا.

هذه الآيات موجودة في (مز115: 4-6، 8) وهذا المزمور موجود في نفس هذا الكتاب فقد سبق شرحها، فليت القارئ يرجع إليها. وخلاصة الشرح أن الأصنام، أي الآلهة الوثنية تماثيل صنعها البشر بأيديهم، وهي عاجزة عن الكلام والبصر، والسمع والتنفس، فهي تماثيل جامدة لها شكل إنسان، أو حيوان، وهي ملعونة ومسكن للشياطين وكذلك يكون صانعوها، أشرار، ملعونين، وأدوات في يد الشيطان، أي فاقدى القدرة على الكلام والبصر .. والمقصود الكلام الروحي والبصيرة، فصانعوها أحياء بالجسد مائتون بالروح وليس لهم حياة أبدية.



ع19، 20: يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا بَيْتَ هَارُونَ، بَارِكُوا الرَّبَّ.
يَا بَيْتَ لاَوِي، بَارِكُوا الرَّبَّ. يَا خَائِفِي الرَّبِّ، بَارِكُوا الرَّبَّ.

يختتم المزمور بدعوة لمباركة الرب وتمجيده، فيدعو شعب الله كله أولًا، ثم الكهنة قادة الخدمة، وبعدهم اللاويين خدام الهيكل، وفى النهاية خائفى الرب، أي الأبرار والصديقين فكل فئات الشعب تسبح الله.

يذكر هذه الفئات المختلفة، ويدعوهم للتسبيح لأن كل فئة تختلف عن الأخرى في تسبيح الله، والله في محبته يقبل كل المستويات الروحية. بالإضافة إلى أنه يخصص الكهنة واللاويين؛ لأنهم قدوة للشعب. أما خائفو الرب فهي دعوة لهم لأن ليزيدوا تسبيحهم ومباركتهم لله، إذ أنهم أحبوا البر والتقوى.

هناك تشابه بين هاتين الآيتين ومزمور 115 (ع9-11)، ففى المزمور 115 يدعو هذه الفئات للاتكال على الله، وهنا يدعوهم لمباركة الله. وتتشابه هاتان الآيتان أيضًا مع مزمور 118 (ع2-4) التي يدعو فيها لحمد الله.



ع21: مُبَارَكٌ الرَّبُّ مِنْ صِهْيَوْنَ، السَّاكِنُ فِي أُورُشَلِيمَ. هَلِّلُويَا.


الله مبارك من صهيون، أي من هيكله المقدس، فمن الهيكل ترتفع تسابيح كثيرة أكثر مما ترتفع في بيوت المؤمنين. ويعبر الداخلون إلى الهيكل عن مباركتهم لله بتقديم الذبائح والصلوات الكثيرة.

الله مبارك وسط شعبه إسرائيل؛ لأنه ساكن بينهم. وهذا يحرك قلوب كل الشعب للطمأنينة والفرح، والفخر، وفى النهاية التسبيح، بل هي دعوة للتسبيح الدائم؛ لأن الله ساكن دائمًا في وسطهم. ويعبر عن هذا التسبيح عندما يختم المزمور بكلمة هللويا.

† الله ساكن في قلبك لأنك تتناول جسده ودمه، بل هو متحد بك، أفلا يدعوك هذا للتمجيد والصلوات الدائمة لله من قلبك ولسانك، سواء بترديد المزامير أو التسابيح، أو صلاة يسوع؟!


 
قديم 29 - 07 - 2024, 03:02 PM   رقم المشاركة : ( 168345 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




المزمور المئة والْحَادِي والثلاثون
الاتضاع والجهاد والرجاء

ترنيمة المصاعد . لداود

"يا رب لم يرتفع قلبى ولم تستعل عيناى .." (ع1)



1. كاتبه: داود النبي كما يذكر عنوان المزمور.

2. متى كتب ؟

هناك رأيان:

أ - عندما نزل داود ليفتقد إخوته الذين يحاربون الفلسطينيين، فوبخه أخوه الأكبر أليآب متهمًا إياه بالكبرياء، فكتب هذا المزمور، معلنًا اتضاعه أمام الله (1 صم17: 28).

ب- كتبه داود عندما اتهمه عبيد شاول بأنه ينبغى الاستيلاء على الملك عندما كان قائدًا حربيًا، أو من أشجع القادة عند شاول؛ ليعلن عدم سعيه لهذا الملك، رغم أن صموئيل النبي كان قد مسحه ملكًا منذ سنوات.

ج - عندما احتقرت ميكال زوجها داود لرقصه أمام تابوت عهد الله، فأعلن أنه يتصاغر أكثر من هذا أمام الرب (2 صم6: 22).

3. يناسب هذا المزمور كل من يهرب من مجد العالم، ويتضع ويترجى الله.

4. لعل هذا المزمور نبوة عن مشاعر المسبيين في بابل، أو الراجعين من السبي في اتضاع أمام الله، ويترجونه أن يساعدهم في بناء الهيكل وقبول عبادتهم.

5. هذا المزمور يظهر مشاعر الإنسان الروحي المؤمن بالله، فيتضع، ويظهر خطية الشيطان المتكبر الذي سقط لكبريائه، ومحاولته أن يرفع كرسيه ومكانته مثل الله (حز28: 16-17). وهكذا أيضًا يوبخ كبرياء الإنسان الأول آدم وحواء اللذين حاولا أن يصيرا مثل الله (تك3: 5).

6. يصلى هذا المزمور على الدرجة الثانية عشر في طريق الصعود إلى الهيكل. ويلاحظ أنه عند الارتفاع والاقتراب إلى الهيكل يصلى هذا المزمور الذي يدعو إلى الاتضاع. وكلما ارتفعنا نحو الله نحتاج لاتضاع أكبر، ويزداد الجهاد الروحي والرجاء في الرب.

7. يوجد هذا المزمور بالأجبية في صلاة النوم؛ ليعلن فيها الإنسان اتضاعه أمام الله مترجيًا خلاصه بعد انقضاء يوم كامل؛ ليسامحه عن كل خطاياه، ويعطيه نومًا هادئًا ومكانًا في الأبدية.

 
قديم 29 - 07 - 2024, 03:04 PM   رقم المشاركة : ( 168346 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




يَا رَبُّ، لَمْ يَرْتَفِعْ قَلْبِي، وَلَمْ تَسْتَعْلِ عَيْنَايَ،
وَلَمْ أَسْلُكْ فِي الْعَظَائِمِ، وَلاَ فِي عَجَائِبَ فَوْقِي.

لم تستعل:
لم تتعالَ ولم تتكبر.

يعلن داود أنه لم يسقط في الكبرياء بمشاعره، فلم ينظر بعينه إلى الملك، أو مكانة أسمى مما هو فيها؛ ليس ليتفاخر باتضاعه، ولكن ليشكر الله على نعمة الاتضاع التي وهبها له، سواء في قلبه، أو في نظرة عينيه، أو في سلوكه وأعماله.

لم يشته داود أن يجلس على العرش ويزيح شاول، مع أنه كان ممسوحًا بيد صموئيل، وكان الله قد رفض شاول لأجل خطاياه، ولكنه ظل خاضعًا لشاول. بل عندما سقط شاول تحت يد داود مرتين، قال كيف أمد يدى إلى مسيح الرب (1 صم 24: 6) ولم يقتله، مع أن شاول كان يحاول مرات كثيرة قتل داود.

يشبه داود هنا المسيح في اتضاعه، فداود يرمز للمسيح، ولذا فقد طوب الله داود عندما قال عنه "وجدت داود بن يسى رجلًا حسب قلبى" (أع13: 22).
 
قديم 29 - 07 - 2024, 03:04 PM   رقم المشاركة : ( 168347 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة




بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ

كان داود يعيش ببساطة كراعى غنم، ولكن قوة الله كانت تسانده، فقتل الأسد والدب. ومسحه صموئيل ملكًا، وقتل جليات الجبار، وكان قائدًا حربيًا ناجحًا، وقتل الكثير من الفلسطينيين، ولكنه حُرم من كل راحة، إذ حاول شاول قتله مرات كثيرة واستمر مدة طويلة، وقبل هذا الفطام من كل راحة. فهو قد فُطم من المُلك وأيضًا من الراحة الطبيعية والاستقرار الذي يناله كل إنسان يسكن في بيته مع زوجته وأولاده. قبل هذا بشكر، فمتعه الله الذي رفع عينيه نحوه وأعطاه الاستقرار الداخلي.

"نفسى نحوى كفطيم" لم يحدث هذا الهدوء وقبول نفسه الفطام بسهولة، بل جاهد داود كثيرًا، وكانت نفسه تتعب من صعوبة هذا الفطام. فكان يهدئها بالرجوع إلى الله والرجاء فيه؛ لأن تهديدات، وشر شاول كان مثيرًا جدًا، ورغم شعور شاول بخطئه عندما كان يسامحه داود، يعود ثانية ويحاول قتله، ولكن داود قاوم رغباته في الانتقام أو في اشتهاء الملك، وقبل الخضوع باتضاع شديد أمام شاول، بل شبه نفسه بكلب ميت وبرغوث واحد، وهنا يشبه نفسه بطفل صغير جدًا تم فطامه عن اللبن؛ ليعلن مدى معاناته.

لقد حقق داود في نفسه ما قاله المسيح بعد سنوات طويلة، عندما أعلن أنه "إن لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا ملكوت السموات" (مت18: 3).

حرمان الفطيم من اللبن يؤهله أن يأكل طعام البالغين، كما أن بني إسرائيل في برية سيناء شعروا بحرمانهم من اللحم والبصل والكرات، ولكن كان هذا ضروريًا ليتمتعوا بخيرات أرض كنعان. وداود إن كان قد حرم من الراحة الجسدية، وعانى متاعب كثيرة من شاول وأبشالوم، ولكنه تمتع بعشرة الله، وصار قلبه مثل الله.

 
قديم 29 - 07 - 2024, 03:06 PM   رقم المشاركة : ( 168348 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


بَلْ هَدَّأْتُ وَسَكَّتُّ نَفْسِي كَفَطِيمٍ نَحْوَ أُمِّهِ. نَفْسِي نَحْوِي كَفَطِيمٍ

إسرائيل هو شعب الله الذي تميز بوجود الله في وسطه، لذلك كان يرجوه في كل خطواته، وينبغى أن يظل هكذا إلى أن يصل إلى الملكوت (إلى الدهر).

هكذا أيضًا عاش داود مؤمنًا بالله، ويترجاه من الآن، أي على الأرض، وحتى نهاية عمره إلى أن يصل إلى الملكوت، وهذا يعلمنا أن نضع رجاءنا في الله طوال حياتنا.
 
قديم 29 - 07 - 2024, 03:07 PM   رقم المشاركة : ( 168349 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


† قدر ما تتضع أمام الله، وتتنازل عن شهوات العالم،
يزداد رجاؤك في الله.
والرجاء يسندك أيضًا في جهادك،
ويثبتك في الاتضاع، فتتمتع كل أيامك بعشرة الله.

 
قديم 29 - 07 - 2024, 03:07 PM   رقم المشاركة : ( 168350 )
Mary Naeem Female
† Admin Woman †

الصورة الرمزية Mary Naeem

الملف الشخصي
رقــم العضويـــة : 9
تـاريخ التسجيـل : May 2012
العــــــــمـــــــــر :
الـــــدولـــــــــــة : Egypt
المشاركـــــــات : 1,270,328

 الأوسمة و جوائز
 بينات الاتصال بالعضو
 اخر مواضيع العضو

Mary Naeem متواجد حالياً

افتراضي رد: وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة

وجبـــــــة روحيـــــ(†)ــــــــــة يوميـــــــــة


† قدر ما تتضع أمام الله، وتتنازل عن شهوات العالم،
يزداد رجاؤك في الله.
والرجاء يسندك أيضًا في جهادك،
ويثبتك في الاتضاع، فتتمتع كل أيامك بعشرة الله.

 
موضوع مغلق


الانتقال السريع


الساعة الآن 12:10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024